الذخيرة
للقرافي (الْبَابُ الثَّامِنُ فِي السَّهْوِ)
وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَسِتَّةُ فُصُولٍ أَمَّا الْمُقْدِمَةُ فَفِيهَا
عَشْرُ قَوَاعِدَ يَنْبَنِي عَلَيْهَا فَصُولُ هَذَا الْبَابِ الْقَاعِدَةُ
الْأُولَى لِلصَّلَاةِ فَرَائِضُ وَسُنَنٌ وَفَضَائِلُ كَمَا تَقَدَّمَ
فَالْفَرَائِضُ لَا بُدَّ مِنْهَا وَالسُّنَنَ يَنُوبُ السُّجُودُ عَنْهَا
إِنْ سَهَا عَنْهَا وَالْفَضَائِلُ لَا يَسْجُدْ لِسَهْوِهَا وَلَا تُعَادُ
الصَّلَاةُ لَهَا تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ يَجِبُ السُّجُودُ
لِلسُّنَنِ الَّتِي أَحْصَيْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا
أُحْصِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى مِقْدَارِ الْوَاجِبِ مِنَ الْجُلُوسِ
الْأَخِيرِ وَالِاعْتِدَالُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ
وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَذِهِ لَا خِلَافَ
فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لَهَا وَإِنَّمَا يَسْجُدُ كَمَا
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لِتَرْكِ ثَمَانٍ
(2/289)
السُّورَةُ وَالْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ
وَالتَّكْبِيرُ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالتَّشَهُّدُ
الْأَوَّلُ وَالْجُلُوسُ لَهُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ الْقَاعِدَةُ
الثَّانِيَةُ يَسْجُدُ عِنْدَنَا لِنَقْصِ الْأَقْوَالِ الْمَحْدُودَةِ
الْمُتَعَلِّقَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَلِنَقْصِ الْأَفْعَالِ عَلَى
تَفْصِيلٍ يَأْتِي وَقَوْلُنَا الْمَحْدُودَةُ احْتِرَازٌ مِنَ الْقُنُوتِ
وَالتَّسْبِيحِ وَقَوْلنَا الْمُتَعَلّقَة بِاللَّه تَعَالَى احْتِرَازٌ
مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأَدْعِيَةِ
وَقَالَ ش لَا يَسْجُدُ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَقْوَالِ إِلَّا التَّشَهُّدَ
وَالْقُنُوتَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وَيَسْجُدُ
لِلْأَفْعَالِ وَوَافَقَهُ أَشْهَبُ فِي التَّكْبِيرِ وَقَالَ ح يَسْجُدُ
لِلْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ فَإِذَا أَتَى بِالْفَاتِحَةِ فَقَدْ أَتَى
بِالْوَاجِبِ فَلَا يَسْجُدُ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالرُّكْنِ
فَالْوَاجِبُ مَا لَهُ جَابِرٌ وَالرُّكْنُ مَا لَا جَابر لَهُ كَمَا
نقُوله نَحن فِي الْحَجِّ وَقَالَ بِالسُّجُودِ لِتَرْكِ تَكْبِيرَاتِ
الْعِيدَيْنِ وَاعْتَبَرَهَا بِالتَّشَهُّدِ لِتَكَرُّرِهَا فِي مَحَلٍّ
وَاحِدٍ لَنَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لكل سَهْو سَجْدَتَانِ احْتَجُّوا
بِأَنَّ التَّكْبِيرَ كَلِمَتَانِ فَهُوَ خَفِيفٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى
التَّسْبِيحِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ
كَلِمَتَانِ وَكَذَلِكَ السَّلَامُ وَهُمَا رُكْنَانِ وَعَنِ الثَّانِي
أَنَّ مَحِلَّ النِّزَاعِ فِي الْقَوْلِ الْمَحْدُودِ وَالتَّسْبِيحِ
لَيْسَ بمحدود
(2/290)
الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ صَاحِبُ
الطَّرَّازِ الزِّيَادَةُ الَّتِي يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهَا مُوجِبَةٌ
لِلسُّجُودِ خِلَافًا لِعَلْقَمَةَ والاسود فِي تخصيصهم السُّجُود
بِالنُّقْصَانِ وَقَوْلنَا يبطل عمدها كَالرَّكْعَةِ وَالسَّجْدَةِ مَثَلًا
احْتِرَازٌ مِنَ التَّطْوِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ
الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ أَنَّ السَّهْوَ إِذَا
تَكَرَّرَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَمِنْ جِنْسَيْنِ أَجْزَأَتْ فِيهِ
سَجْدَتَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ إِذَا
اجْتَمَعَ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ سَجَدَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تَدَاخَلَ كَجَمَرَاتِ
الْحَجِّ وَإِلَّا فَلَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ سَهْوٍ
سَجْدَتَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّجُودَ وَجَبَ
لِوَصْفِ السَّهْوِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذا سَهَا أحدكُم
فليسجد سَجْدَتَيْنِ وترتيب الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يُوجِبُ عَلَيْهِ
ذَلِكَ الْوَصْفَ لِذَلِكَ الْحُكْمِ وَإِذَا كَانَ وَصْفُ السَّهْوِ هُوَ
الْعِلَّةُ انْدَرَجَتْ سَائِرُ أَفْرَادِهِ تَحْتَ سَجْدَتَيْنِ كَمَا
أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ فِي الْحَجِّ لِوَصْفِ الطِّيبِ
انْدَرَجَ أَفْرَادُهُ فِي الْفِدْيَةِ الْوَاحِدَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَن
المُرَاد لكل سَهْو سَجْدَتَانِ فِيهِ سَائِرَ أَفْرَادِ السَّهْوِ
بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَهُوَ
سَهْوٌ وَقَامَ وَهُوَ سَهْوٌ وَقَامَ وَتَكَلَّمَ وَهُوَ سَهْوٌ وَرَجَعَ
إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ سَهْوٌ وَسَجَدَ لِجَمِيعِ ذَلِكَ
(2/291)
سَجْدَتَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَرْتِيبَ
الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا فلولا ذَلِكَ لَسَجَدَ عَقِيبَ كُلِّ
سَهْوٍ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فرعان الْأَوَّلُ لَوْ تَيَقَّنَ السُّجُودَ
وَشَكَّ هَلْ هُوَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ؟ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ سَجَدَ
قَبْلُ وَيَبْنِي عَلَى النُّقْصَانِ دُونَ الزِّيَادَةِ كَالشَّكِّ فِي
الرَّكْعَات الثَّانِي لوكثر سَهْوُهُ وَاسْتَنْكَحَهُ قَالَ صَاحِبُ
الْمُنْتَقَى لِمَالِكٍ تَرْكُ السُّجُودِ لِلِاسْتِنْكَاحِ وَالسُّجُودُ
لِمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا
قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ
كَمْ صَلَّى؟ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ
وَهُوَ جَالِسٌ الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ سُجُودُ السَّهْوِ عِنْد
الْمَالِك للنقصان قبل وللزيادة على سَبِيل الأولى وَقَالَ ش كِلَاهُمَا
قَبْلُ وَقَالَ ح كِلَاهُمَا بَعْدُ وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ
مَسْعُودٍ وَعَمَّارٍ وَابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
أَجْمَعِينَ وَقَالَ ابْن حبيب كِلَاهُمَا قبل الأمورد النَّصِّ لَنَا مَا
فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَسَجَدَ
قَبْلُ وَسَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَمِنْ ثَلَاثٍ فَسَجَدَ بَعْدُ
وَلِأَنَّ النُّقْصَانَ بَدَلٌ مِمَّا هُوَ قَبْلَ السَّلَامِ فَيَكُونُ
قَبْلَ السَّلَامِ وَالزِّيَادَةُ زَجْرٌ لِلشَّيْطَانِ عَنِ الْوَسْوَسَةِ
فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْغِيمِهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا
سَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيَقُولُ يَا وَيْلَهْ أُمِرَ
ابْنُ آدَمَ
(2/292)
بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ
وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ الْحَدِيثَ فَيَكُونُ
بَعْدَ السَّلَامِ حَذَرًا مِنَ الزِّيَادَةِ احْتَجَّ ش بِمَا فِي
مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ
فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ
وَلْيَبْنِ عَلَى مَا يَتَيَقَّنُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ
يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى
وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا لَهُ تَرْغِيمًا
لِلشَّيْطَانِ وَهُوَ مُضْطَرِبُ الطّرق وَأكْثر الْحفاظ يرونه مُرْسلا
وَيحْتَمل أَنه غير بِالسُّجُودِ عَنْ سَجْدَتِي الرَّكْعَةِ
الْمُكَمِّلَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ
أَشْهَبُ إِنْ تَعَمَّدَ التَّقْدِيمَ فِيمَا بَعْدَ السَّلَامِ فَسَدَتْ
صَلَاتُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُهَا بَعْدُ وَتَصِحُّ
الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ فِي الْكِتَابِ السَّهْوُ فِي النَّافِلَةِ
كَالْفَرِيضَةِ وَقَالَ ش فِي أحد قوليه وَابْن سِيرِين لَا سُجُودَ فِي
النَّافِلَةِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ سَهْوٍ
سَجْدَتَانِ وَلِأَنَّهُ جَائِزٌ لِمَا اخْتَلَّ مِنْ مُوجِبِ الْإِحْرَامِ
وَهُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ لَوْ سَهَا
عَنِ السُّورَةِ فِي النَّافِلَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ
إِنْ شَاءَ زَادَ فِي النَّافِلَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَإِن شَاءَ اقْتصر
عَلَيْهَا بِخِلَاف الْفَرِيضَة فَإِنَّهُمَا مَحْدُودَةٌ فِيهَا فَكَمَا
كَانَ مِنَ الْمَحْدُودَاتِ كَالتَّكْبِيرِ وَعدد الرَّكْعَات اسْتَويَا
فِيهِ وَإِلَّا فَلَا الثَّانِي لَوْ سَهَا عَنِ السَّلَامِ فِي
النَّافِلَةِ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيد
(2/293)
وَإِن لم يعْتَمد فَسَادَهَا فَلَا تَجِبُ
الْإِعَادَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْجُدَ مَتَى مَا
ذَكَرَ لِأَنَّ السُّجُود ثَبت عَلَيْهِ بِالتَّرْكِ وَلَا نَأْمُرُهُ
بِالسَّلَامِ لِأَنَّ الطُّولَ أَوْجَبَ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ
الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّكَالِيفِ أَنْ تَقَعَ
بِالْعِلْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم}
وَلَمَّا تَعَذَّرَ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ أَقَامَ الشَّرْعُ الظَّنَّ
مَقَامَهُ لِغَلَبَةِ إِصَابَتِهِ وَنُدْرَةِ خَطَئِهِ تَقْدِيمًا
لِلْمَصْلَحَةِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ وَبَقِيَ
الشَّكُّ مُلْغًى إِجْمَاعًا فَكُلُّ مَا شَكَكْنَا فِي وُجُودِهِ مِنْ
سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ مَانِعٍ اسْتَصْحَبْنَا عَدَمَهُ إِنْ كَانَ
مَعْدُومًا قَبْلَ الشَّكِّ أَوْ شَكَكْنَا فِي عَدَمِهِ اسْتَصْحَبْنَا
وُجُوَدَهُ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الشَّكِّ فَعَلَى هَذِهِ
الْقَاعِدَةِ إِذَا شَكَّ فِي إِكْمَالِ صَلَاتِهِ فَقَدْ شَكَّ فِي
وُجُودِ السَّبَبِ الْمُبَرِّئِ لِلذِّمَّةِ فَيَسْتَصْحِبُ عَدَمَهُ
وَيُلْغِي الْمَشْكُوكُ فِيهِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَلِكَ إِنْ
شَكَّ فِي طريان الْحَدَثِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ فَقَدْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي
حُصُولِ الشَّرْطِ حَالَةَ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ فَيَسْتَصْحِبُ عَدَمَ
الشَّرْطِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ وَإِذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أم لَا فقد شكّ
فِي طريان السَّبَبِ الْوَاقِعِ فَيَسْتَصْحِبُ عَدَمَهُ فَتَثْبُتُ
الْعِصْمَةَ وَإِذَا طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا؟ فَقَدْ
شَكَّ فِي بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَهِيَ شَرْطٌ فِي الرَّجْعَةِ فَلَا
تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ هَذِهِ
الْفُرُوعُ وَلَا يَبْقَى فِيهَا تَنَاقُضٌ ألْبَتَّةَ سُؤَالَانِ
الْأَوَّلُ مُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اسْتِصْحَابُ وجود الطَّهَارَة
لتقدمه على الشَّك فَلم يَسْتَصْحِبُ الثَّانِي إِذَا شَكَّ فِي
الْإِكْمَالِ أَكْمَلَ وَسَجَدَ وَقَدْ ثَبَتَ السُّجُودُ مَعَ الشَّكِّ
فِي سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الزِّيَادَةُ أَوِ النَّقْصُ
(2/294)
فَقَدِ اعْتُبِرَ الْمَشْكُوكُ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ مُسْتَلْزِمٌ
لِلشَّكِّ فِي الْمَشْرُوطِ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي صُدُورِ السَّبَبِ
الْمُبَرِّئِ لِلذِّمَّةِ مِنَ الْمُكَلَّفِ وَهَذَا السَّبَبُ كَانَ
مَعْدُومًا فَيَسْتَصْحِبُ عَدمه وَعَن الثَّانِي أَن الشَّك هَهُنَا هُوَ
السَّبَبُ وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِوُجُودِهِ وَلِلشَّرْعِ أَنْ يَنْصِبَ أَيَّ
شَيْءٍ شَاءَ سَبَبًا وَشَرْطًا وَمَانِعًا فَرْعٌ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَنَا
فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الْيَقِينُ دُونَ الظَّنِّ وَعِنْدَ ش لِإِمْكَانِ
تَحْصِيلِهِ وَقَالَ ح إِنْ لَمْ يَكُنْ مُوَسْوَسًا وَشَكَّ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ
الْمُنْفَرِدُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَالْإِمَامُ عَلَى غَالِبِ
الظَّنِّ الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ أَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا
يَتَنَاوَلُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنَ التَّرْتِيبِ
وَالنِّظَامِ الْمَخْصُوصِ فَإِنْ غَيَّرَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْقَصْدَ
إِلَى إِيقَاعِهِ قُرْبَةً لِكَوْنِهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَعَلَى هَذَا
يَفْتَقِرُ التَّلْفِيقُ إِلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَلَا تَكْفِي صُورَةُ
الْفِعْلِ فَلَا يَضُمُّ سُجُودَ الثَّانِيَةِ إِلَى رُكُوعِ الْأُولَى
وَهَذَا الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِ ش وَأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ
الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ الْإِمَامُ يَحْمِلُ عَنِ الْمَأْمُومِ سُجُودَ
السَّهْوِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَضَمَانُهُ
لَيْسَ بِالذِّمَّةِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ زَيْدٍ
لَا تنوب عَن عَمْرو وَإِنَّمَا الضَّمَان يحمل الْقِرَاءَةَ وَالسُّجُودَ
أَوْ مِنَ التَّضَمُّنِ فَتَكُونُ صَلَاةُ الإِمَام
(2/295)
مُتَضَمِّنَةً لِصِفَاتِ صَلَاةِ
الْمَأْمُومِ مِنْ فَرْضٍ وَأَدَاءٍ وَقَضَاء وَقِرَاءَة وَسُجُود وَهُوَ
مَطْلُوب الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
بِالصَّلَاةِ الْمُرَقَّعَةِ الْمَجْبُورَةِ إِذَا عَرَضَ فِيهَا الشَّكُّ
أَوْلَى مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنْ تَرْقِيعِهَا أَوِ الشُّرُوعِ فِي
غَيْرِهَا وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَيْضًا بَعْدَ التَّرْقِيعِ أَوْلَى
من إِعَادَتهَا فانه مناهجه عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِنْهَاجُ أَصْحَابِهِ
وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ بَعْدَهُمْ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الِاتِّبَاعِ
وَالشَّرُّ كُلُّهُ فِي الِابْتِدَاعِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لَا صَلَاتَيْنِ فِي يَوْمٍ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ الِاسْتِظْهَارُ
عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ
لَنَبَّهَ عَلَيْهِ وَقَرَّرَهُ فِي الشَّرْعِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى لَا يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِمُنَاسَبَاتِ الْعُقُولِ وَإِنَّمَا
يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالشَّرْعِ الْمَنْقُولِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي نُقْصَان الْأَفْعَال
وَفِيه ثَلَاثَة عشر فرعا الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ سَهَا
عَنْ سُجُودِ الْأُولَى وَذَكَرَ قَبْلَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ يَسْجُدُ
وَيَبْتَدِئُ الْقِرَاءَةَ أَوْ بَعْدَ رُكُوعِهَا أَلْغَى الْأُولَى
وَجَعَلَ الثَّانِيَةَ أُولَى وَفِي الْجَوَاهِرِ يَرْجِعُ إِلَى
الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَا لَمْ يَعْقِدِ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَعْدَهَا
بِالرَّفْعِ مِنْهَا وَقِيلَ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْقِيَامِ
(2/296)
أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ
وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ بَطَلَتِ الْأُولَى
وَوَافَقْنَا ح لَنَا أَنَّهَا انْعَقَدَتْ بِالرُّكُوعِ فَمُرَاعَاتُهَا
أولى من غَيرهَا وَقَالَ ح وش يَرْجِعُ إِلَيْهَا وَلَوْ رَكَعَ
الثَّانِيَةَ لِأَنَّ فِعْلَ الثَّانِيَة وَقع سَهوا فمراعاة الأولى
المشروعية أولى لَنَا أَنَّ إِلْغَاءَ الْأُولَى يُفْضِي إِلَى تَتَابُعِ
الْبِنَاءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَقِيَاسًا عَلَى ذِكْرِهَا آخِرَ
الصَّلَاةِ وَلَوْ سَجَدَ مِنَ الثَّانِيَةِ سَجْدَةً لَمْ يَرْجِعْ
وِفَاقًا إِلَّا أَنَّ ش يَضُمُّ سَجْدَةَ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى وَقَالَ
ح إِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنَ الْأُولَى سَجْدَتَيْنِ بَطَلَتْ أَوْ
سَجْدَةً أَتَى بِسَجْدَة فِي آخر صلَاته فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي الْبِنَاءِ
الْأَكْثَرِ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ
السُّجُودَ لَمَّا كَانَ يَتَكَرَّرُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّرْتِيبُ
كَصِيَامِ رَمَضَان جَوَابه أَن السَّجْدَة فرض يَتَرَتَّب كَالسُّجُودِ
مَعَ الرُّكُوعِ وَالْإِمَامُ نَابَ عَنِ الْمَسْبُوقِ فِي الْقِرَاءَة
وَلنَا عَلَى ش أَنَّ التَّرْقِيعَ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ قبل الْفِعْل
وَقد وَافَقنَا فِي الرجوح عَنْ سُجُودِ الْأُولَى حَتَّى رَكَعَ
الْإِمَامُ فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا
يَنْصَرِفُ للأولى وَكَذَلِكَ هَهُنَا تَفْرِيعٌ قَالَ إِنْ ذَكَرَ
سَجْدَتَيْنِ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُطِلْ سَجَدَهُمَا فَإِنْ
طَالَتِ الْقِرَاءَةُ يَتَخَرَّجُ سُجُودُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ
نَسِيَ الْحَمْدَ فَأَعَادَهَا بَعْدَ السُّورَةِ وَأَعَادَ السُّورَةَ
فَإِنَّهُ يَسْجُدُ عِنْدَ سَحْنُونٍ بِخِلَافِ ابْنِ حَبِيبٍ وَإِنْ
ذَكَرَ فِي انْحِطَاطِهِ لِلرُّكُوعِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وِفَاقًا وَهَلْ
يَرْفَعُ قَبْلَ السُّجُودِ أَمْ لَا؟ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ
إِذَا صَادَفَ مَحِلَّهُ وَنَوَى بِهِ غَيْرَهُ هَلْ يَعْتَدُّ بِهِ أَمْ
لَا وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَرَأَ سَجْدَةً فَلَمَّا قَصَدَ
(2/297)
السُّجُود لَهَا ركع ثمَّ ذكر تجزيه عَن
ركعته وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا تجزيه فَإِنْ قُلْنَا يَنْحَطُّ فَلَا
سُجُودَ وَإِنْ قُلْنَا يَرْفَعُ وَكَانَ بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ عَلَيْهِ
السُّجُودُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ ذَكَرَ حِينَ اطْمَأَنَّ رَاكِعًا
فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الرُّجُوعَ إِلَى الْأُولَى
وروى أَشهب عَدمه وَأَن تمكن الْيَدَيْنِ من الرُّكْبَتَيْنِ فَوت وَابْنُ
الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الرُّكُوعَ إِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالرَّفْعِ قَالَ
اللَّخْمِيُّ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الرُّكُوعِ
التَّوَاضُعُ وَقَدْ حَصَلَ بِالتَّمَكُّنِ وَخَيَّرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ
وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُدْرِكُ فِي حَالَة الرّفْع
الرَّكْعَة فَيكون مِنْهَا وَلَمْ يُوجَدْ فَيَسْتَدْرِكُ لِأَنَّ
الْمَانِعَ مِنَ الِاسْتِدْرَاكِ انْعِقَادُ رُكْنٍ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ
الرَّفْعِ جعل الثَّانِيَة الاولى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَثَانِيَةً
عِنْدَ مَالِكٍ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِرَاءَةِ
هَلْ يَقْرَأُ فِيمَا بعْدهَا بِالْحَمْد وَسورَة أم بِالْحَمْد فَقَطْ؟
قَالَ وَالسَّجْدَةُ مِثْلُ السَّجْدَتَيْنِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ
الْأَوَّلُ إِذَا ذَكَرَ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ وَقُلْنَا يَسْجُدُ
فَرَوَى أَشْهَبُ يَخِرُّ سَاجِدًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ
وَهْبٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الرُّكُوعَ لِأَجْلِ السُّجُودِ فَلَا
يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْجِلْسَةَ إِنَّمَا تُرَادُ لِلْفِعْلِ
وَقَدْ حَصَلَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجْلِسُ ثُمَّ يَسْجُدُ
لِيَرْجِعَ إِلَى أَوَّلِ الْخَلَلِ فَيَبْنِي عَلَى الصِّحَّةِ وَيَرْجِعُ
بِلَا تَكْبِيرٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ الثَّانِي أَنَّ
فِي السَّجْدَتَيْنِ إِذَا ذَكَرَ رَافِعًا يَرْفَعُ ثُمَّ يَهْبِطُ وَفِي
السَّجْدَةِ لَا حَاجَةَ إِلَى الرَّفْعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ يُؤْتَى بِهَا
مِنْ غَيْرِ قيام الثَّانِي قَالَ لَوْ رَكَعَ وَسَهَا عَنِ الرَّفْعِ
وَتَمَادَى فَثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ مَالك
(2/298)
يجْزِيه وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا
يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَقَالَ أَيْضًا يَرْجِعُ مَا لَمْ
يَعْقِدِ الرُّكُوعَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى فَإِنْ ذَكَرَ فِي سُجُودِهِ
قَالَ ابْن الْمَوَّاز يرجع إِلَى الرُّكُوع محدوبا ثُمَّ يَرْفَعُ
وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْقِيَامِ أَعَادَ
صَلَاتَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ إِلَى الْقِيَامِ مُعْتَدِلًا
لِئَلَّا يَحْصُلَ رُكُوعَانِ وَهَذَا الْفَرْعُ يُلَاحَظُ فِيهِ وُجُوبُ
الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ فَلَوْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَلَمْ يَعْتَدِلْ قَالَ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الِاعْتِدَالَ سُنَةٌ يَسْجُدُ قَبْلَ
السَّلَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ يُعِيدُ الرَّكْعَةَ وَكَذَلِكَ
لَوْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَوْ جَلَسَ بَينهمَا
وَلم يرفع يَدَيْهِ فَالْمَشْهُور يجْزِيه وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ
يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَهَلْ يَرْجِعُ فَيَضَعُ
يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ ثمَّ يرفعهما أَو يضعهما على فخديه فَقَطْ
يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوع اذا ترك
الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَخَلَّ بِالسُّجُودِ مِنَ الْأُولَى
وَبِالرُّكُوعِ مِنَ الثَّانِيَةِ لَمْ يُجْزِهِ سُجُودُ الثَّانِيَةِ عَنِ
الْأُولَى وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَلَّ بِالرُّكُوعِ مِنَ الْأُولَى
وَالسُّجُودِ مِنَ الثَّانِيَةِ لِافْتِقَارِ التَّرْقِيعِ إِلَى نِيَّةٍ
تُقَارِنُ الْفِعْلَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ
الْمَاجِشُونِ يُجْزِئُ سُجُودُ الثَّانِيَةِ وَيُلْغِي الرُّكُوعَ
وَرُكُوعُ الثَّانِيَةِ عَنْ رُكُوعِ الْأُولَى اكْتِفَاء بِصُورَة
الْفِعْل الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَجْلِسْ بَعْدَ
اثْنَتَيْنِ وَاسْتَقَلَّ قَائِمًا لَا يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ
السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ ذَكَرَ وَهُوَ يَتَزَحْزَحُ
لِلْقِيَامِ جَلَسَ وَسَجَدَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ ارْتَفَعَ عَنِ
الْأَرْضِ وَلَمْ يَعْتَدِلْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ وَهُوَ
(2/299)
ظَاهِرُ الْكِتَابِ لِأَنَّ السُّجُودَ
وَجَبَ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَرَوَى ابْنُ
حَبِيبٍ يرجع لانه لم يتلبس بِرُكْنٍ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ إِذَا قَامَ الامام فِي الرَّكْعَتَيْنِ فان ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ
يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ وَإِنِ اسْتَوَى قَائِما فَلَا يجلس
وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو فَإِنِ اعْتَدَلَ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعُ
عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْأَوْلَى الرُّجُوعُ
وَقَالَ الْحَسَنُ مَا لَمْ يَرْكَعْ تَفْرِيعٌ إِنْ رَجَعَ بَعْدَ
النُّهُوضِ وَقَبْلَ الِاسْتِوَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يسْجد بعد
السَّلَام لإنجاز الْخَلَلِ وَلِحُصُولِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ
الِاعْتِدَالِ جَاهِلًا قَالَ سَحْنُونٌ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ يَسْجُدُ وَتَصِحُّ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي الصِّحَّةِ إِذَا
رَجَعَ سَاهِيًا وَفِي الْفَسَادِ إِذَا رَجَعَ عَامِدًا مَعَ الْعلم
والمتأول يجْزِيه وَإِذَا قُلْنَا لَا تَفْسُدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
يَتِمُّ جُلُوسُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَعْتَدُّ بِجُلُوسِهِ
وَقَالَ أَشْهَبُ قِيلَ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَإِذَا كَانَ إِمَامًا
فَاعْتَدَلَ فَلْيَتْبَعْهُ الْمَأْمُومُ وَإِنْ رَجَعَ فَعَلَى قَوْلِ
ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْقَى جَالِسًا مَعَهُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ يَعْتَدُّ
بِجُلُوسِهِ قَالَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا
يَقُومُ بِقِيَامِهِ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ عَلَى حُكْمِ جُلُوسِهِ فِي
الْأَرْضِ أَو يقوم لَان بِقِيَامِ الْإِمَامِ وَجَبَ قِيَامٌ الْمَأْمُومِ
فَإِذَا أَخْطَأَ لَمْ يَتْبَعْهُ كَمَا لَوْ جَلَسَ مِنْ رَكْعَةٍ قَالَ
وَهُوَ قِيَاس فَلَو قاما مَعًا وَرجع الْإِمَامُ لَا يَتْبَعُهُ عَلَى
قَوْلِ أَشْهَبَ وَيَتْبَعُهُ على قَول ابْن الْقَاسِم لانه يَعْتَدُّ بِهِ
فَلَوْ جَلَسَ وَنَسِيَ التَّشَهُّدَ حَتَّى اعْتَدَلَ فَفِي الْجُلَّابِ
لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الْمُقدمَات يسْجد وَبِه قَالَ ح وش لَنَا
أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فَلَا يَسْجُدُ
(2/300)
كَالتَّسْبِيحِ وَقِيَاسًا عَلَى
السُّورَةِ وَالتَّكْبِيرِ عِنْدَهُمَا فَلَوْ رَجَعَ لِلتَّشَهُّدِ بَعْدَ
النُّهُوضِ وَقَدْ كَانَ جَلَسَ يخرج على الرُّجُوع الى الْجُلُوس
الْخَامِس فِي الْكتاب إِذا ظن الْمَسْبُوق سَلَامَ الْإِمَامِ فَقَامَ
لِلْقَضَاءِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ
فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا
صلى قبل سَلَامِهِ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا
ابْتَدَأَ الْقِرَاءَة وَيسْجد قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ
الطَّرَّازِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ إِذَا رَجَعَ قَبْلَ السَّلَامِ
سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي سَهَا فِيهِ هُوَ مَا
سَبَقَ وَالْإِمَامُ لَا يَحْمِلُ السَّهْوَ فِيهِ أَمَّا إِذَا سَلَّمَ
عَلَيْهِ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ سَهَا عَنِ
الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى فَذَكَرَهَا قَائِمًا وَيَسْجُدُ قَبْلُ لِنَقْصِهِ
النُّهُوضَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلِمَالِكٍ يَسْجُدُ بَعْدُ
احْتِيَاطًا لِتَرْكِ الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ بِسُجُودِ السَّهْوِ
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَهْوَهُ مَعَ
الْإِمَامِ وَيَرْجِعُ مِنَ الْقِيَامِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِغَيْرِ
تَكْبِيرٍ كَالرُّجُوعِ مِنَ الْخَامِسَةِ وَلَوْ تَكَلَّمَ غَيْرُ
الْمَسْبُوقِ عَقِبَ سَلَامِ إِمَامِهِ سَاهِيًا قَالَ مَالِكٌ يَسْجُدُ
لِبُطْلَانِ الْإِمَامَةِ بِالسَّلَامِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ سَلَّمَ
وَانْصَرَفَ فَرَجَعَ قَبْلَ سَلَامِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ
قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ إِنَّ عَلَيْهِ
السُّجُودَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى سَلَّمَ رَجَعَ وَجَلَسَ وَسَلَّمَ
وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِنُقْصَانِ الْجُلُوسِ لِلسَّلَامِ السَّادِسُ
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ سَهَا الْإِمَامُ عَنْ سَجْدَةٍ فِي
الْأُولَى قَالَ سَحْنُونٌ يُسَبِّحُونَ بِهِ مَا لَمْ يَعْقِدِ
الرَّكْعَةَ فَيَتْبَعُونَهُ وَكُلُّ حَالَةٍ لَوْ ذُكِّرَ فِيهَا رَجَعَ
لَا
(2/301)
يتبعونه فِيهَا فاذا عقد الثَّانِيَة
كَانَت أُولَاهُمْ فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا وَيَقُومُونَ مَعَهُ فِي
الثَّالِثَةِ كَإِمَامٍ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَيَقُومُونَ فِي
رَابِعَتِهِ كَإِمَامٍ قَعَدَ فِي ثَالِثَةٍ وَيَأْتُونَ بِرَكْعَةٍ
يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ أَوْ أَفْذَاذًا وَيَسْجُدُونَ قَبْلَ السَّلَامِ
وَلَوْ دَخَلَ يَؤُمُّ فِي الثَّانِيَةِ فَذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهَا
سَجْدَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهِمَا؟ قَالَ سَحْنُونٌ يَسْجُدُ
سَجْدَةً وَيَتَشَهَّدُ وَيَجْعَلُهَا أُولَى فَإِنْ تيقنوا خِلَافه لم
يسجدوا مَعَه ويقومون بثالثة ويسجدون مَعَه للسَّهْو وَإِن شكوا اتَّبعُوهُ
الا فِي الجلسة وَيَثْبُتُونَ قِيَامًا وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا جُلُوسًا
وَهُوَ أَحْسَنُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اتِّبَاعِهِمْ فِي الْخَامِسَةِ
لاحْتِمَال أَن تكون رَابِعَة فَلَا يخالفونه بِالشَّكِّ وَيَقْضُونَهَا
لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا خَامِسَةً فِي حَقِّهِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ
وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَتَخَرَّجُ عَلَى
الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِيمَنْ ذَكَرَ سَجْدَةً
فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم
يسْجد الْآن لتصح الرَّابِعَة وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ
يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَقَطْ فَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَحْتَسِبُ
بِرَكْعَةٍ وَلَا يَسْجُدُ سَجْدَةً خِلَافَ مَا قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَاكِرِ السَّجْدَةِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لَا يَدْرِي
مِنْ أَيِّهَا؟ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ
مَعْلُومَةٌ وَالنَّقْصَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ قَبْلَ
السَّلَامِ تَغْلِيبًا لِلنَّقْصِ وَلَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً فِي الثَّانِيَةِ
لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهِمَا يسْجد الْآنَ وَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ
عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ تَتْمِيمًا لِلثَّانِيَةِ مَا أَمْكَنَ وَقَالَ
ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَجْلِسُ لِأَنَّهُ كَمَنْ قَالَ لَا أَدْرِي
أَصَلَّيْتُ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ وَهُوَ أَبْيَنُ عَلَى قَوْلِنَا
يَأْتِي بثانية بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنَ
الْأُولَى وَقَامَ فسجدها وَاتبعهُ ساهون عامدون فَذَكَرَ قَبْلَ
الرُّكُوعِ فَسَجَدَهَا فَلَا يُعِيدُهَا مَنْ سجدها وان
(2/302)
لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ مَضَى مَعَ
السَّاجِدِينَ فَإِذَا قَامَ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَدَلًا مِنَ الْأُولَى
لَا يَتْبَعُهُ السَّاجِدُونَ وَيَتْبَعُهُ السَّاهُونَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ
السَّلَامِ هُوَ وَالسَّاجِدُونَ وَغَيْرُهُمْ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ
الْعَامِدِينَ وَالْأَحْسَنُ إِعَادَةُ السَّاجِدِينَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ
فَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِسْقَاطِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ
صَحَّتِ الصَّلَاةُ لَهُ وَلِلسَّاهِينَ وَبَطَلَتْ عَلَى الْعَامِدِينَ
وَالسَّاجِدِينَ لِاخْتِلَافِ النِّيَّاتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِمَامِهِمْ
السَّابِع قَالَ صَاحب الطّراز وَلَو أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ
فَذَكَرَ سَجْدَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ؟ وَذَكَرَ الْمَأْمُومُ
سَجْدَةً لَا يدْرِي من أَي رَكْعَتَيْنِ؟ فَلْيَسْجُدْ مَعَ الْإِمَامِ
سَجْدَةً وَيَتْبَعُهُ فِي رَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَيَسْجُدُ مَعَهُ
قَبْلَ السَّلَامِ وَيَقْضِي بَعْدُ رَكْعَةً قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ
وَقِيلَ يَتْبَعُهُ فِي سجدته وركعته وَسجد مَعَه السَّهْو وَسلم بسلامه
ويبتدئ الصَّلَاة للِاخْتِلَاف فِي الِابْتِدَاء الثَّامِنُ قَالَ لَوْ
ذَكَرَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ سَجْدَتَيْنِ لَا يَدْرِي مُجْتَمِعَتَيْنِ
أَوْ مُفْتَرِقَتَيْنِ؟ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَتشهد ثمَّ أَتَى
بِرَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْد فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ
لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنَ الْأُولَيَيْنِ فَتَنْتَقِصُ الْقِرَاءَةُ
وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَوْ كَانَ
مَأْمُومًا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ واتى بعد الامام بِرَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْد
وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّهُمَا إِنْ كَانَتَا مِنَ
الْأُولَيَيْنِ فَقَدْ فَاتَهُ أَوَّلُ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ
الْفَذِّ وَكَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ أَنَّ إِمَامَهُ تَرَكَ ذَلِكَ دُونَهُ
وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ فِي المسئلتين لزِيَادَة مثل
النّصْف التَّاسِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ سَهَا عَنْ أَرْبَعِ سَجدَات من
أَربع رَكْعَات أَو عَن
(2/303)
الثمان سَجدَات اصلح الْأَخِيرَة وَخرجت
المسئلة عَلَى كَثْرَةِ السَّهْوِ هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَمْ لَا؟
الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ سَبَّحَ الْمَأْمُومُ
بِالْإِمَامِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى سَلَّمَ فَلَا يُسَلِّمْ مَعَهُ
فَإِنْ فَاوَضَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَضُرُّهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ
فَلَوْ سَلَّمَ مَعَهُ عَلَى يَقِينِ النَّقْصِ أَوْ شَكٍّ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ فَإِنْ ذَكَرَ بعد ذَلِك الْإِتْمَام فَقَوْلَانِ الْحَادِيَ
عَشَرَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ قَوْمٌ لِلْفَذِّ لَمْ تُصَلِّ إِلَّا
ثَلَاثًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ إَنْ تَيَقَّنَ
الْإِتْمَامَ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ
رَجَعَ إِلَيْهِمَا فَإِنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَفِي الْكِتَابِ يُعِيدُ
الصَّلَاةَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْ فَظَاهِرٌ
وَإِنْ كَانَ سَلَّمَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَشَكَّكَ وَأَنَّ
الشَّكَّ بعد السَّلَام يُؤثر الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي
كِتَابِ نَوَازِلِهِ لَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً فِي آخِرِ وِتْرِهِ لَا يَدْرِي
هَلْ هِيَ مِنْهُ أَوْ مِنَ الشَّفْعِ؟ سَجَدَ الْآنَ وَتَشَهَّدَ
وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَجْزَأَهُ إِنْ كَانَ صَلَّى
شَفْعًا وَإِلَّا شَفَعَ وتره بِرَكْعَة بعد السُّجُود وَأَعَادَهُ فَلَو
ذكره من الشفع وَتَرَهُ وَيُعِيدُهُ إِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إِشْفَاعٌ
وَإِلَّا كمله فَقَط الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ ذَكَرَ
سَجْدَةً مِنَ الرَّابِعَةِ وَصَلَّى خَامِسَةً سَاهِيًا قِيلَ يَسْجُدُ
الرَّابِعَة لَأَنَّ الْخَامِسَةَ مُلْغَاةٌ شَرْعًا فَلَا تَحُولُ وَقِيلَ
تَحُولُ وَتَبْطُلُ الرَّابِعَةُ وَتَنُوبُ عَنْهَا الْخَامِسَةُ وَقِيلَ
لَا تَنُوبُ وَيَأْتِي بِهَا فَإِنْ شَكَّ هَلْ من الرَّابِعَة أَو
الْخَامِسَةِ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي بِسَجْدَةٍ لِاحْتِمَالِ
كَوْنِهَا مِنَ الرَّابِعَةِ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ
وَعَلَى الثَّانِي يَأْتِي بِرَكْعَة لاحْتِمَال كَونهَا من
(2/304)
الرَّابِعَةِ وَقَدْ بَطَلَتْ
بِحَيْلُولَةِ الْخَامِسَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُسَلِّمُ
وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِنِيَابَةِ الْخَامِسَةِ عَنْهَا وَإِحْدَى
الرَّكْعَتَيْنِ صَحِيحَةٌ ضَرُورَةً فَإِنْ شَكَّ هَلْ هِيَ سَجْدَةٌ أَوْ
سَجْدَتَانِ مُجْتَمِعَتَانِ أَوْ مُفْتَرِقَتَانِ؟ يَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ
يَنْوِي بِهِمَا الرَّابِعَةَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ
وَعَلَى الثَّانِي يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الآخر يَأْتِي
بِسَجْدَة يَنْوِي بِهَا الْخَامِسَةَ لِإِمْكَانِ افْتِرَاقِهِمَا
وَالرَّابِعَةُ بَطَلَتْ بِالْخَامِسَةِ وَنَابَتِ الْخَامِسَةُ عَنْهَا
بَعْدَ تَرْقِيعِهَا
الْفَصْلُ الثَّانِي فِي زِيَادَةِ الْفِعْلِ
فَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَزَادَ فِي
الرُّبَاعِيَّةِ رَكْعَةً صَحَّتْ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَفِي الصِّحَّةِ
قَوْلَانِ أَوْ أَرْبَعًا فَالْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ وَرُوِيَتِ
الصِّحَّةُ وَإِنْ زَادَ فِي الصُّبْحِ مِثْلَهَا فَإِنْ قُلْنَا
بِالْبُطْلَانِ فِي الرّبَاعِيّة فِي الرَّكْعَتَيْنِ فههنا أولى لتَفَاوت
النِّسْبَة وَإِلَّا فَفِي الْبُطْلَانِ قَوْلَانِ وَإِنْ زَادَ فِيهَا
رَكْعَة فَقَوْلَانِ نظرا الى يسَاره الزِّيَادَةِ أَوْ عِظَمِ النِّسْبَةِ
وَفِي إِلْحَاقِ الثُّلَاثِيَّةِ بِالرُّبَاعِيَّةِ أَوِ الثُّنَائِيَّةِ
قَوْلَانِ وَحَيْثُ صَحَّحْنَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَتَبْطُلُ
بِزِيَادَةِ الْعَمْدِ وَلَوْ بِسَجْدَةٍ وَفِي إِلْحَاق الْجَهْل بالعمد
أَو بِالنِّسْيَانِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ
(2/305)
جِنْسِهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ
إِنْ كَثُرَ جِدًّا أَبْطَلَهَا وَإِنْ قَلَّ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ
جَائِزٌ كَحَيَّةٍ تريده فيقتلها وَيَبْنِي أَنه فِي صَلَاة فَلَا سُجُودَ
وَمَكْرُوهٌ كَحَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ يَقْتُلُهَا إِذَا مَرَّتْ بَيْنَ
يَدَيْهِ فَفِي السُّجُودِ قَوْلَانِ وَمُحَرَّمٌ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ
فَقِيلَ يَسْجُدُ وَقِيلَ تَبْطُلُ وَفِي الْفَصْل سِتَّة فروع الأول إِذَا
اعْتَقَدَ ثَلَاثًا فَأَتَمَّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَرْبَعٌ رَجَعَ
حِينَ ذَكَرَهُ وَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح
يرجع من لَمْ يَسْجُدْ فِي الْخَامِسَةِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ جَلَسَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَتَكُونُ
الْخَامِسَةُ تَطَوُّعًا يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيُسَلِّمُ لَنَا مَا
فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا
فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ وَمَا ذَاكَ؟
قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ
قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تنسون فاذا نسي
أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي
الْكِتَابِ إِذَا قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا وَاتَّبَعَهُ سَاهٍ
وَمُتَعَمِّدٌ وَجلسَ آخر صحت صلَاتهم إِلَّا الْعَامِد لقصده لزِيَادَة
وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح إِنْ قَامَ قَبْلَ التَّشَهُّدِ بَطَلَتَ صَلَاتُهُ
وَإِلَّا صَحَّتْ وَيَجُوزُ عِنْدَهُ ان يتَنَفَّل بِإِحْرَام الْفَرْضَ
بَعْدَ تَمَامِهِ لِأَنَّ السَّلَامَ عِنْدَهُ لَيْسَ من
(2/306)
الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ مُنَافٍ لَهَا
وَنَحْنُ نَمْنَعُهُ ذَلِكَ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ
الصَّلَاةِ فَهُوَ شَرْطُ التَّحْلِيلِ وَمُفَارَقَةِ الْعِبَادَةِ
الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ فِي
الْكِتَابِ أَن الْجَالِس يسبح بِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ أَعَادَ أَبَدًا
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ قَالَ كُنْتُ أَسْقَطْتُ سَجْدَةً مِنَ
الْأُولَى وَلَمْ أُنَبَّهْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ تَبْطُلُ عَلَى مَنْ
لَمْ يَتْبَعْهُ وَتَصِحُّ لِمَنِ اتَّبَعَهُ مُطْلَقًا قَالَ يُرِيدُ
إِذَا شَكُّوا أَوْ تَيَقَّنُوا النُّقْصَانَ وَقَالَ سَحْنُونٌ صَلَاةُ
السَّاهِينَ تَامَّةٌ وَالْعَامِدِينَ بَاطِلَةٌ إِنْ تَيَقَّنُوا
الزِّيَادَةَ إِلَّا أَنْ يَتَأَوَّلُوا وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ لِأَنَّ
الْفِعْلَ تَبَعٌ لِلِاعْتِقَادِ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا إِذَا
تَعَمَّدَ خَمْسًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَرْبَعٌ قَالَ ابْنُ
الْمَاجِشُونِ لَا يَضُرُّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا صَلَّى
خَمْسًا سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى يَأْتِي بِرَكْعَةٍ
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالصَّوَابُ الِاكْتِفَاءُ بِالْخَامِسَةِ
وَإِذَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا سَهْوًا فَأَوْلَى عَمْدًا قَالَ
وَيَتَخَرَّجُ فَرْعُ الْخِلَافِ إِذَا أَحْرَمَ بِفَرِيضَةٍ ثُمَّ
اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِنَافِلَةٍ وَتَمَادَى فَفِي الْإِجْزَاءِ
قَوْلَانِ فَلَوْ أَنَّ مَعَهُ مَسْبُوقًا بِرَكْعَةٍ فَجَلَسَ وَقَالَ
الْإِمَامُ أَسْقَطْتُ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ
إِنْ صَدَّقَهُ كُلُّ مَنْ خَلْفَهُ أَعَادَ هَذَا صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ
يُصَدِّقْهُ أَحَدٌ لَمْ يُعِدْ فَلَوْ قَامَ لِلْخَامِسَةِ سَهْوًا
فَدَخَلَ مَعَهُ فِيهَا مَسْبُوقٌ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا ش
لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا وَقَدْ سَلَّمَ ش اذا رَجَعَ الْإِمَامُ
فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ سَهَا فَرَكَعَ وَرَفَعَ الدَّاخِل مَعَه ان ذَلِك
لَا يجْزِيه وَكِلَاهُمَا سَوَاءٌ فَلَوْ قَامَ مَعَهُ فِيهَا مَسْبُوقٌ لم
يجزه وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ
بَطَلَتَ صَلَاتُهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ كُنْتُ أَسْقَطْتُ سَجْدَةً مِنَ
الْأُولَى إِلَّا أَنْ يُخَالِفَهُ من خَلفه
(2/307)
فرع مُرَتّب إِذا قَامَ الى خَامِسَة بعد
التَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ رَجَعَ وَتَشَهَّدَ وَإِلَّا يَتَخَرَّجْ
عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي التَّشَهُّدِ لِسُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ
السَّلَام قَالَ وَيُمكن الْفرق بِأَن السَّهْو يلغي وَيَتَّصِلُ
الْجُلُوسُ بِالتَّشَهُّدِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنَّهُ مَشْرُوع
وَهُوَ الظَّاهِر عِنْد الشَّافِعِيَّة الثَّالِثُ لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ
أَرْبَعًا سَهْوًا أَجْزَأَتْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَعِنْدَ
قَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيَسْجُدُ لَنَا
أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا الْحَدِيثَ
الْمُتَقَدِّمَ فَلَوْ صَلَّاهَا خمْسا سَهوا أجزته عِنْدَ أَشْهَبَ
وَيَسْجُدُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَلَيْهِ الْإِعَادَة وَقَالَ ابْن
الْمَاجشون لَا أَقُول يُبْطِلهَا مِثْلُ نِصْفِهَا سَهْوًا كَمَا قِيلَ
بَلْ رَكْعَتَانِ يُبْطِلَانِهَا لِأَنَّ كَثِيرَ الْفَسَادِ يُبْطِلُ
كَالْغَرَرِ فِي الْبَيْعُ الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي
الْكِتَابِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَاهِيًا سَجَدَ وَقَدْ تقدم ابطالهما
للصَّلَاة لشدَّة منافاتهما للصَّلَاة الْخَامِس اذا تفكر فِي اتمام صلَاته
ثمَّ يتَيَقَّن فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ
تَفَكَّرَ قَائِمًا أَوْ جَالِسًا أَوْ سَاجِدًا فَلَا سُجُودَ اتِّفَاقًا
لِأَنَّ زِيَادَةَ اللَّبْثِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ لَا يُبْطِلُ
عَمْدُهُ وَأَمَّا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إِنْ طَالَ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ لَا
(2/308)
سُجُود وَقَالَ اشهب يسْجد كَانَ جَالِسا
بَينهمَا مستوفرا على قَدَمَيْهِ أَو ركبيته السَّادِسُ قَالَ فِي
الْكِتَابِ إِذَا صَلَّى النَّافِلَةَ ثَلَاثًا شَفَعَهَا وَسَجَدَ قَبْلَ
السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ
يَجْلِسْ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ فَلِنُقْصَانِ الْجَلْسَةِ وَقِيلَ لِنَقْصِ
السَّلَامِ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَعَدَمِهِ
وَيَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ إِنْ قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ فَقَدْ
أَخَلَّ بِالسَّلَامِ مِنْ مَوْضِعِهِ سَاهِيًا مَعَ أَنَّهُ يَسْجُدُ
بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ
فِي النَّافِلَةِ رَجَعَ وَلَا يُكْمِلُهَا سَادِسَةً وَيَسْجُدُ بَعْدَ
السَّلَامِ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَادَّةُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي
النَّافِلَةِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ
ثَلَاثًا قَالَ اخْتُلِفَ فِي بُطْلَانِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَجْرَ
مَحْدُودٌ بِالِاتِّفَاقِ فَزِيَادَةُ نِصْفِهِ تُبْطِلُهُ واذا قُلْنَا
لَا تبطله فَصلَاته أَرْبَعًا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْإِعَادَةَ خِلَافًا
لِمُطَرِّفٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَامَ فِي النَّافِلَةِ إِلَى
ثَالِثَةٍ سَاهِيًا رَجَعَ فَجَلَسَ وَكَذَلِكَ إِنْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِع
وَبِه أخد ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا يُتِمُّهَا أَرْبَعًا
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي نُقْصَانِ الْأَقْوَالِ
وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ الْأَوَّلُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقَدْ
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْأَركان
(2/309)
الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ
ذَكَرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَنَّهُ سَهَا عَنِ الْفَاتِحَةِ قَرَأَهَا
وَيُعِيدُ السُّورَة على مَذْهَب الْكتاب وش وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ
لَا يُعِيدُهَا لِحُصُولِهَا قَبْلُ وَالتَّرْتِيبُ مِنْ بَابِ
الْفَضِيلَةِ وَأَمَّا الْمُسْتَنْكِحُ فَلَا يُعِيدُهَا وَحَيْثُ قُلْنَا
بِالْإِعَادَةِ فَلَا يَسْجُدُ عِنْدَ مَالك وش لِأَنَّ زِيَادَةَ
الْقِرَاءَةِ مَشْرُوعَةٌ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدُهَا خِلَافًا
لِسَحْنُونٍ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ وَرَفَعَ أَوْ سَجَدَ
سَجْدَةً فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْفَعُ
فَيَقْرَأُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ بِنَاءً عَلَى إِلْغَاءِ
الرَّكْعَةِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ عِنْدَ سَحْنُونٍ
احْتِيَاطًا لِأَنَّ مَنْ يَقُول لَا يجْزِيه سُجُود السَّهْو يبطل
الصَّلَاةَ وَيَقْطَعُ بِسَلَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْنِي على
الصِّحَّة وَيَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَهُ ابْنُ
الْمَاجِشُونِ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ فَأَرْبَعَةُ
أَقْوَالٍ يُضِيفُ لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ أُخْرَى وَيُسَلِّمُ بَعْدَ أَنْ
يَسْجُدَ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَتَمَادَى
وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُعِيدُ وَيُلْغِي
الرَّكْعَةَ وَيَجْعَلُ الثَّالِثَةَ ثَانِيَةً فِي الْقِرَاءَةِ
وَالْجُلُوسِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ
ذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ فِي الثَّالِثَةِ
أَنَّهُ أَسْقَطَهَا مِنْ إِحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ
يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُعِيد
الصَّلَاة وَيَجْعَلُ الثَّالِثَةَ ثَانِيَةً وَيَجْلِسُ وَيُكْمِلُ
وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ السُّورَةِ مِنْ هَذِهِ
الثَّانِيَةِ وَيَتَمَادَى على صلَاته وَيَقْضِي رَكْعَة بِالْحَمْد
وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَرْجِعُ إِلَى الْجُلُوسِ
وَيسْجد وَيسلم يَجْعَلهَا نَافِلَةً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ
يَذْكُرْ حَتَّى رَفَعَ مِنَ الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ
التَّشَهُّدِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يََسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ
أَصْحَابُ مَالِكٍ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ وَهُوَ
ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ كَانَ
مَالِكٌ يُحِبُّ أَنْ يُعِيدَ إِذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مِنْ رَكْعَةٍ
وَاحِدَةٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مِنْ أَيِّ الصَّلَوَات كَانَت ثمَّ قَالَ
أَرْجُو أَن يُجزئهُ سُجُود
(2/310)
السَّهْو وَمَا هُوَ بالبين وَيَأْتِي
بِرَكْعَة بِالْحَمْد فَقَطْ بِنَاءً عَلَى الْإِلْغَاءِ وَجَعْلِ
الثَّالِثَةِ ثَانِيَةً وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ الْجُلُوسِ
وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِلْغَاءِ
وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْد وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ
بِنَاءً عَلَى الْقَضَاءِ فِي الرَّكْعَةِ وَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي
الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ فَفِيهَا الْأَقْوَالُ الَّتِي
فِي الْأُولَى إِلَّا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَالَ هَهُنَا
يتمادى بِخِلَاف الأولى لقَوْله الْعَمَل هَهُنَا بِالْكَثْرَةِ وَلَا
فَرْقَ عِنْدَهُ فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي
رُكُوعِهَا أَوْ سُجُودِهَا أَوْ قَبْلَ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ
يَتَشَهَّدُ وَيَجْعَلُهَا نَافِلَةً فَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مِنَ
الْأَخِيرَتَيْنِ كَانَ كالترك من الْأَوليين وَلَو ترك فِي رَكْعَة من
الْأَخِيرَة فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَسْجُدُ وَيُعِيدُ يَسْجُدُ فَقَطْ
يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ سُؤَالٌ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا يَتَمَادَى وَفِيمَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةَ
الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَالْكُلُّ
مُخْتَلَفٌ فِيهِ جَوَابُهُ أَنَّهُ احْتِيَاطٌ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا
فِي الْقِرَاءَةِ فَلِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الصِّحَّةِ أَحْوَطُ فَإِنَّ
كُلَّ قَائِلٍ يَقُولُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِاعْتِبَارِ السُّجُودِ
أَوْ بِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ رَكْعَةٍ أَوْ بِاعْتِبَارِ تَرْكِ
الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَرْعٌ لَوْ تَرَكَ آيَةً مِنَ
الْفَاتِحَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ عَلَى
الْمَذْهَبِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَام وَقيل لَا يسْجد الثَّالِثُ قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَمَّدَ تَرْكَ السُّورَةِ فِي
الْأُولَيَيْنِ يَسْتَغْفِرُ
(2/311)
اللَّهَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ
قَوْلُ (ح ش) لِمَا فِي مُسْلِمٍ مَنْ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ أَجْزَتْ
عَنْهُ وَمَنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ وَفِي الْجُلَّابِ يَسْجُدُ قَبْلَ
السَّلَامِ وَيُجْزِيهِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى
فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ السُّجُودَ
إِنَّمَا شُرِعَ لِوَصْفِ السَّهْوِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ فَلَا يُسْجَدُ لِلْعَمْدِ وَرَأَى غَيْرُهُ
أَنه يشرع لجبر الْخلَل وَهُوَ مَشْرُوع فِي الْحَالَتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ
الطَّرَّازِ فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ السُّورَةِ فَلَا سُجُودَ اتِّفَاقًا
وَفِي الْكِتَابِ لَا يقْضِي قِرَاءَة رَكْعَة فِي رَكْعَة الرَّابِعُ فِي
الْكِتَابِ إِذَا سَهَا عَنِ التَّشَهُّدِ أَوِ التَّشَهُّدَيْنِ سَجَدَ
إِنْ ذَكَرَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ
إِنْ ذَكَرَ قبل السَّلَام تشهدا أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ رَجَعَ
إِلَى الصَّلَاةِ بِإِحْرَامٍ قَوْلَانِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ
وَالتَّشَهُّدُ عِنْدَ مَالِكٍ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ
مَأْمُومًا وَذَكَرَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَبَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ
وَقِيَامِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ فَإِنْ قَامَ
إِمَامُهُ فَلَا يَتَشَهَّدُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
تَنْبِيهٌ كَيْفَ يَقُولُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَهَا عَنِ التَّشَهُّدَيْنِ
سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ سَهْوُهُ عَنِ
التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ إِذَا سَلَّمَ فَإِنْ قِيلَ السَّلَامُ كُلُّهُ
مُكَمِّلٌ لِلتَّشَهُّدِ فَتَصَوُّرُهُ مُشْكِلٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ قَوْلُ
صَاحِبِ الْجُلَّابِ وَوُجُوبُ سُجُود
(2/312)
السَّهْوِ عَنْ فِعْلٍ كَتَرْكِ
الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَمَا أَشْبَهَهَا وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ
يُشْبِهُ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى مِنَ الْأَفْعَالِ فِي إِيجَابِ
السُّجُودِ وَالْجَوَابُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي
الرَّاعِفِ الْمَسْبُوقِ بِرَكْعَةٍ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْمُقِيمِ
الْمَسْبُوقِ يُصَلِّي خَلْفَ مُسَافِرٍ وَالْمُقِيمِ يُصَلِّي صَلَاةَ
الْخَوْفِ خَلْفَ إِمَامٍ مُسَافِرٍ فَيَجْتَمِعُ لِهَؤُلَاءِ
الْمَسْبُوقِينَ الْقَضَاءُ وَهُوَ مَا فَاتَهُمْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ
وَالْبِنَاءِ وَهُوَ مَا فَاتَهُمْ بِالرُّعَافِ وَمَذْهَبُ ابْنِ
الْقَاسِمِ تَقْدِيمُ الْبِنَاءِ فَيَأْتُونَ بِرَكْعَةٍ وَيَجْلِسُونَ
لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُمْ وَبِأُخْرَى وَيَجْلِسُونَ لِأَنَّهَا رَابِعَةُ
إِمَامِهِمْ وَبِأُخْرَى وَيَجْلِسُونَ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِمْ
فَإِذَا سَهَوَا عَنْ جَلْسَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الجلسات تصورت هَذِه
الْمسَائِل فِي السَّهْو الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَهَا عَنْ
أَكْثَرَ مِنْ تَكْبِيرَتَيْنِ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجُلَّابِ
عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَن
التَّكْبِير كلمتان فتخف الْوَاحِدَة مِنْهُمَا أَو إِلَى كَونهَا
مَشْرُوعَة محدودة فَيسْجد السَّادِس قَالَ فِي الْكتاب إِذا أبدل سمع الله
لمن حَمده بِالتَّكْبِيرِ أَو بِالْعَكْسِ يَرْجِعُ إِلَى الْمَشْرُوعِ
وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ نَسِيَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا
فَذَلِكَ خَفِيفٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَعْنَاهُ تَرَكَ مَوْضِعَيْنِ
وَأَبْدَلَهُمَا فَلَمْ يَثْبُتِ الْبَدَلُ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ
فَإِنْ أَبْدَلَ مَوْضِعًا وَاحِدًا فَالْمَرْوِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَيَتَخَرَّجُ
(2/313)
عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّجُودِ
لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ السُّجُودُ وَلَوْ رَجَعَ إِلَى التَّحْمِيدِ
وَالتَّكْبِيرِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقيل يسْجد بعد
الزِّيَادَة وَهُوَ يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ
الذِّكْرَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ زِيَادَةٌ فَيُرَاعَى زِيَادَةُ
اثْنَتَيْنِ كَمَا يُرَاعَى نُقْصَانُهُمَا قَالَ وَمَنْ يُرَاعِي
نُقْصَانَ تَكْبِيرَةٍ أَمْكَنَ أَنْ يُرَاعِيَ زِيَادَتَهَا بِطَرِيقِ
الْأَوْلَى لِانْفِصَالِ سُجُودِ الزِّيَادَةِ عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ
وَالْمذهب لَا سُجُودَ لِزِيَادَةِ التَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ لِأَنَّهُ
لَا تبطل الصَّلَاةُ عِنْدَهُ فَإِنْ فَاتَ الْمَحَلُّ قَالَ بَعْضُ
الشُّيُوخ إِن حمد لإنحطاطه وَكبر لرفعه يَأْتِي بِتَكْبِيرٍ يَنْوِي بِهِ
الْخَفْضَ وَتَحْمِيدٍ يَنْوِي بِهِ الرَّفْعَ وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنَ
الشُّيُوخِ لِأَجْلِ الْفَوْتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَسْجُدُ قَبْلَ
السَّلَامِ فَقَالَ ابْنُ عبد الحكم يُعِيد خوف الزِّيَادَة فِي الصَّلَاة
بِالسُّجُود قبل السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ أَسَرَّ فِيمَا
يجْهر فِيهِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ
وَنَحْوهَا خلافًا (ح ش) لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ
سَهْوٍ سَجْدَتَانِ فَلَوْ كَثُرَ ذَلِكَ فَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ جَهْرًا
فَرَوَى أَشْهَبُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ
قَبْلُ لِتَرَتُّبِ السُّجُودِ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ
أَنَّهُ يَسْجُدُ إِذَا أَسَرَّ بعد جهر من الزِّيَادَة فِي الصَّلَاة
فالسجود لقُوَّة الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك الثَّامِنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
فِي الْكِتَابِ إِذَا شَكَّ هَلْ سَلَّمَ أَمْ لَا يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ
عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ سَهَا عَنِ السَّلَامِ وَلَمْ
يَعْتَقِدْ أَنَّهُ سَلَّمَ وَطَالَ الْجُلُوسُ جِدًّا ثُمَّ ذَكَرَ
فَسَلَّمَ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا سُجُودَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ
سَحْنُونٍ يَسْجُدُ لِزِيَادَةِ الطُّولِ فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَلَّمَ
ثُمَّ ذَكَرَ وَهُوَ بَاقٍ فِي مَوْضِعِهِ لَمْ يَنْحَرِفْ عَنِ
الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُحْدِثْ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ سَلَّمَ وَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِ فَإِنْ تَحَوَّلَ عَنِ
(2/314)
الْقبْلَة وَهُوَ قريب اسْتَقْبلهَا
بِغَيْر إِحْرَام وَسلم مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ وَيَسْجُدُ بَعْدُ
لِزِيَادَةِ التَّحَوُّلِ وَأَن تباعدا أَوْ أَحْدَثَ ابْتَدَأَ صَلَاتَهُ
وَيُخْتَلَفُ فِي السُّجُودِ إِذَا تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَتِهِ وَفِي
الْإِحْرَامِ كَمَا إِذَا قَامَ وَإِذَا قُلْنَا يُكَبِّرُ إِذَا قَامَ
قَالَ مَالِكٌ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَجْلِسُ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ
الْإِحْرَامِ فِي الْقِيَامِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجْلِسُ وَيكبر
وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِيَتَّصِلَ
التَّكْبِيرُ بِالْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا فَإِنْ أَحْرَمَ
بِنَافِلَةٍ رَجَعَ إِنْ لَمْ يَرْكَعْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا يَرْجِعُ
لِلسُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَلِمَالِكٍ تَبْطُلُ صلَاته لِأَن
إِحْرَام النَّافِلَة يبطل إِلَّا بِسَلام وَهُوَ مُبْطل للفريضة فَإِذا
قُلْنَا يَرْجِعُ فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
يَرْجِعُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَرْجِعُ وَالْمَشْهُورُ الرُّجُوعُ إِذَا
خَرَجَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ إِلَى النَّافِلَةِ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي زِيَادَةِ الْأَقْوَالِ
وَفِيهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَنْ قَرَأَ
السُّورَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِلَافَ
فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبْدِ
الْحَكَمِ وَ (ش) وَفِي الْجلاب عَن أَشهب يسْجد الثَّانِي فِي الْكِتَابِ
مَنْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا سَجَدَ بعد وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح)
(2/315)
الْكَلَامُ سَهْوٌ يُبْطِلُ وَمُسَلَّمٌ
أَنَّ السَّلَامَ فِي أَثْنَائِهَا سَهوا لَا يُبْطِلُ لَنَا الْقِيَاسُ
عَلَيْهِ وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ
يُوجِبُ السُّجُود سَهْوه الثَّالِثُ إِذَا جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ
سَجَدَ بعد فِي الْبَيَانِ وَلَا خِلَافَ أَحْفَظُهُ فِي أَنَّهُ سَجَدَ
بَعْدَ السَّلَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالْعَكْسِ أَنَّ فِعْلَ مَا
تَرْكُهُ سُنَّةٌ أَشَدُّ مِنْ ترك مَا فعله سنة لفعله عَلَيْهِ السَّلَامُ
إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ وَإِن أَمرتكُم بِشَيْء
فائتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ وَنَحْوهَا
خلافًا (ح ش) لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ يُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ
وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِهِ السُّنَّةَ فَلَوْ
تَعَمَّدَ تَرْكَ الْإِسْرَارِ أَوِ الْجَهْرِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ لَا
سُجُودَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفِقْدَانِ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ
السَّهْوُ عِنْدَهُ وَالسُّجُودُ لِوُجُودِ الْخَلَلِ وَالسُّجُودُ جَائِزٌ
وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَهَذِهِ جَارِيَةٌ فِي كُلِّ
سُنَّةٍ تُعُمِّدَ تَرْكُهَا وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْجَهْرِ
كَزِيَادَةِ الْكَلَامِ وَلَا تَبْطُلُ بِالسِّرِّ لِأَنَّهُ نَقَصَ وَمَا
زَاد الرَّابِعُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ
سَاهِيًا فَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَفْقَهْ فَقَالَ لَهُ أحد الْمَأْمُومين
سَهَوْت فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا نعم فَإِنَّهُ يتمم بِهِمْ لِمَا فِي
الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صلى إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء
إِمَّا الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى
جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَاسْتَنَدَ إِلَيْهِ كَهَيْئَةِ
الْغَضْبَانِ
(2/316)
وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
فَهَابَا أَنْ يتكلما فَخرج سرعَان النَّاس فَقَالُوا أَقَصُرَتِ
الصَّلَاةُ فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ فَنَظَرَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام
يَمِينا وَشمَالًا فَقَالَ احقاما يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا
صَدَقَ وَلَمْ تُصَلِّ إِلَّا ركعيتن فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم ثمَّ سجد
وَالْمَشْهُورُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الِاثْنَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ
سَحْنُونٌ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالِاثْنَتَيْنِ قَصْرًا لِلْحَدِيثِ عَلَى
مَوْرِدِهِ لِمُخَالَفَةِ الْأُصُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ
بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ فَيَتَعَدَّى وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْكَلَامِ فَفِي
الْجَوَاهِرِ مَا لَمْ يَكْثُرْ وَقِيلَ يُبْنَى وَإِنْ كَثُرَ قَالَ
صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَكَرَاهَةُ الْكَلَامِ لِلْمَأْمُومِ فِي هَذَا عَنِ
ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إِعَادَةَ
وَالْإِعَادَةُ أَبَدًا عَنِ ابْنِ كِنَانَةَ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ خَاصًّا
بِصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَقَالَهُ (ح ش) وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ
إِبَاحَةَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ نُسِخَتْ قَبْلَ خُرُوجِ ابْنِ
مَسْعُودٍ مِنَ الْحَبَشَة وراوي هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ
مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ
سُؤَالَانِ الْأَوَّلُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْتَقِدُ إِتْمَامَ
الصَّلَاةِ وَالْقَوْمُ يَعْتَقِدُونَ النَّسْخَ وَيُجَوِّزُونَهُ
فَلِذَلِكَ تَكَلَّمُوا بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ الثَّانِي رُوِيَ فِي
الْحَدِيثِ مَا قُصِرَتِ الصَّلَاةُ وَلَا نَسِيتُ وَيُرْوَى كُلُّ ذَلِكَ
لَمْ يَكُنْ وَالْخُلْفُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ محَال
(2/317)
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُمْ
تَكَلَّمُوا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ النَّسْخِ بِقَوْلِهِ كُلُّ ذَلِكَ
لَمْ يَكُنْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
قَصْدًا أُذِنَ لَهُ فِيهِ لِلتَّعْلِيمِ فَالْكَلَامُ صِدْقٌ وَقَوْلُهُ
عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَقًّا مَا يَقُولُ لِلتَّثَبُّتِ على الْقَضِيَّة
أَو هُوَ إِخْبَار عَن اعْتِقَاد وَهُوَ كَذَلِك فَلَا خلاف
فرع فَلَو كَانَ الْإِمَامُ يَعْتَقِدُ الْإِتْمَامَ قَالَ صَاحِبُ
الطَّرَّازِ لمَالِك قَولَانِ يرجع وَقيل يرجع إِن كَثُرُوا وَفِي
الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لَا يَرْجِعُ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ
يَقِينَهُ يَضْطَرِبُ وَجْهُ الثَّانِي تَرْجِيحُ الْيَقِينِ عَلَى
غَيْرِهِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَرْجِعُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَرْجِعُ
بِإِحْرَامٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ لِلثَّالِثَةِ وَقَالَ
بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ جَالِسا فِي
مقَامه وَإِنَّمَا يفْتَقر للْإِحْرَام لَوْ قَامَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَوْ
فَعَلَ مَا يُوجِبُ حَاجَتَهُ لِلْإِحْرَامِ وَاعْتَرَضَهُ أَبُو
الْوَلِيدِ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْإِحْرَامِ هُوَ السَّلَامُ وَغَيْرُهُ
وَإِذَا قُلْنَا يحرم مِنْهَا قَائِمًا كَالْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ قَالَهُ
بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ جَالِسًا لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي
فَارَقَ فِيهَا الصَّلَاةَ قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ وَإِذَا قُلْنَا
يُحْرِمُ قَائِمًا جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ
لِيَأْتِيَ بالنهضة وروى ابْنُ نَافِعٍ لَا يَجْلِسُ لِأَنَّ النَّهْضَةَ
غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَقَدْ فَاتَ مَحَلُّهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتَ
إِنْ سَلَّمَ سَاهِيًا قَبْلَ إِتْمَامِ صَلَاتِهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ
صَلَاتِهِ بِذَلِكَ إِجْمَاعًا وَيُتِمُّهَا وَيَسْجُدُ إِنْ كَانَ فَذًّا
أَوْ إِمَامًا وَإِنْ سَلَّمَ شَاكًّا فِي إِتْمَامِ صَلَاتِهِ لَمْ
يَصِحَّ رُجُوعُهُ إِلَى تَمَامِهَا فَإِنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ
تَمَامَهَا أَجْزَأَتْهُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لِبَيَانِ الصِّحَّةِ
وَقِيلَ فَاسِدَةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ
(2/318)
وَإِنْ سَلَّمَ قَاصِدًا لِلتَّحْلِيلِ
مُعْتَقِدًا تَمَامَهَا ثُمَّ شَكَّ أَوْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ
رَجَعَ لِإِصْلَاحِهَا وَهَلْ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ
عَلَى أَنَّ السَّلَامَ سَهْوًا هَلْ يُخْرِجُ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا
يَدْخُلُ إِلَّا بِإِحْرَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ أَوْ لَا
يُخْرِجُ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِحْرَامٍ قَالَهُ
أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَبْنِي قَالَ وَالصَّوَابُ
يَجْلِسُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَبْنِي لِئَلَّا يَزِيدَ الِانْحِطَاطُ
بَيْنَ الْقِيَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّلَامَ يُخْرِجُ يَرْجِعُ
إِلَى مَوْضِعِ الْمُفَارَقَةِ فَإِنْ سَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ رَجَعَ
لِلْجُلُوسِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَذَكَرَ قَائِمًا رَجَعَ إِلَى حَالِ
رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ السُّجُودِ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ
جُلُوسٍ
الْفَصْلُ الْخَامِس فِي الشَّك
وَفِيه فروع خَمْسَة الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَكَّ فِي رُكْنٍ
وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ موسوسا الثَّانِي
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ بَعْدَ سَلَامِهِ قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ فَإِنْ سَأَلَ مَنْ خَلْفَهُ
فَأَخْبَرُوهُ فَقَدْ أَحْسَنَ وَيُتِمُّ بِهِمْ فَلَوْ شَكَّ فِي
التَّشَهُّدِ فَالْمَذْهَبُ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ وَلَا يَسْأَلُهُمْ
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ سَأَلَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ لَوْ
سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ وَسَأَلَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم
(2/319)
وَأَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ
يُجْزِيهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْأَلُهُمْ وَإِنْ لَمْ
يُسَلِّمْ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّاكَّ مَأْمُورٌ بِالْبِنَاءِ عَلَى
الْيَقِينِ فَتَعَمُّدُ الْكَلَامِ يُبْطِلُ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ
سَلَامٌ لَوْ قَارَنَهُ اعْتِقَادُ الْإِتْمَامِ كَمُلَتِ الصَّلَاةُ
وَأَوْلَى الشَّك الثَّالِثُ قَالَ لَوْ شَكَّ الْمَأْمُومُ فِي
التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي رُكُوعِ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
يُسَلِّمُ مَعَهُ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ حَذَرًا مِنَ الْخَامِسَةِ
وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ وَقَالَ مَالِكٌ يُتِمُّ عَلَى الْيَقِين وَيسْجد بعد
السَّلَام الرَّابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ وَمَنْ
خَلْفَهُ فَأَخْبَرَهُمْ عَدْلَانِ رَجَعُوا إِلَيْهِمَا وَفِي الْعَدْلِ
قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْخَبَرِ أَوِ
الشَّهَادَةِ
سُؤَالٌ لَنَا مَا يَكْفِي فِيهِ الْخَبَرُ اتِّفَاقًا كَالْفُتْيَا
وَالرِّوَايَةِ وَمَا لَا يَكْفِي فِيهِ الْخَبَر اتِّفَاقًا كالحدود
والدعاوي وَلنَا مَا اخْتلف فِيهِ بِمَا ضَابِطُ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى
تُرَدَّ إِلَيْهِمَا فُرُوعُهُمَا وَيُقْضَى عَلَى الْخِلَافِ بِالْوِفَاقِ
جَوَابُهُ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ أَنَّ
الْأَحْكَامَ مِنْهَا عَامٌّ لِلْبَشَرِ فَهُوَ مَوْطِنُ الْخَبَرِ إِذْ
لَا بَاعِثَ عَلَى عَدَاوَةِ الْجَمِيعِ فَيَسْتَظْهِرُ بِالْعَدَدِ
وَخَاصٌّ بِمُعَيَّنٍ كَالدَّعَاوَى فَهُوَ مَوْطِنُ الشَّهَادَةِ
لِاحْتِمَالِ الْعَدَاوَةِ وَمُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ
كَإِثْبَاتِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ عَامٌّ بِالْقِيَاسِ إِلَى
الْبَلَدِ وَخَاصٌّ بِالْقِيَاسِ إِلَى أَنَّهُ لَا يتَنَاوَل غَيرهم وَلَا
زَمَانا آخر فَاخْتلف النَّاس أَي الثنائيتين تغلب وَكَذَلِكَ هَهُنَا لَا
أَثَرَ لِلْعَدَاوَةِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّقْلِيدِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ
تَبْرَأُ فَيُقْبَلُ الْخَبَرُ أَوْ يُلَاحَظُ الْخُصُوصُ فَيحْتَاج إِلَى
الشَّهَادَة الْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُفَارِقُ
الشَّكُّ الْيَقِينَ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إِذَا شَكَّ
فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ أَجْزَأَهُ السُّجُودُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ
تَيَقُّنِهَا وَإِذَا كَثُرَ الشَّكُّ لُهِّي عَنْهُ وَلِمَالِكٍ فِي
السُّجُودِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ ذَلِك
(2/320)
بِاخْتِلَافٍ بَلِ السُّجُودُ عَلَى مَنْ
أَعْرَضَ عَنِ الشَّكِّ وَعَدَمِهِ عَمَّنْ أَصْلَحَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ
اخْتِلَافٌ
الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ
وَفِيهِ فُرُوعٌ سَبْعَة الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَهَا عَنِ
السُّجُودِ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا
اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ
وَجُوبُ السُّجُودِ لِلنُّقْصَانِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ عَبْدُ
الْمَلِكِ وَ (ش) لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا وَقَالَ (ح) هُمَا
وَاجِبَتَانِ وَلَيْسَتَا شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِمَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ فَقَالَ وَمَا ذَاك فَقُلْنَا لَهُ
الَّذِي صدر فَقَالَ إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ
سَجْدَتَيْنِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَكُلُّ مَا يَجِبُ دَاخِلَ
الصَّلَاةِ بَطَلَتْ لِأَجْلِ عَدَمِهِ حُجَّةُ (ش) أَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ
تَرْكِ السُّنَّةِ وَالْفَرْعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ جَوَابُهُ
أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ سَبَبِ الْوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا
فَضْلًا عَنِ الْوُجُوب بل يَكُونُ حَرَامًا كَالْجِنَايَاتِ مَعَ
الْعُقُوبَاتِ وَمُبَاحًا كَشِرَاءِ الرَّقِيقِ مَعَ النَّفَقَاتِ
وَمَنْدُوبًا كَالنِّكَاحِ مَعَ سَدِّ الْخُلَّاتِ مِنَ الزَّوْجَاتِ
(2/321)
تَفْرِيع إِذا قُلْنَا إِن الصَّلَاة تجزيء
بِدُونِهِ وَذَكَرَهُ بِالْقُرْبِ سَجَدَ تَكَلَّمَ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ
قَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ
وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ إِنْ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ
لَمْ يَسْجُدْ لَنَا الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَإِنْ ذَكَرَهُ
بَعْدَ الطُّولِ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ
مِنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَوِ التَّكْبِيرِ حَتَّى إِذَا طَالَ
كَلَامُهُ أَوْ قَامَ فَأَكْثَرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ صَاحِبُ
الطَّرَّازِ إِذا طَال سِتَّة أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ مَا فِي الْكِتَابِ
لِأَنَّ الْخَلَلَ إِذَا كَثُرَ أَفْسَدَ كَالْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ
فَيُسْتَحَبُّ السُّجُودُ لِاثْنَتَيْنِ وَيَجِبُ لِثَلَاثٍ وَلَا تَبْطُلُ
مُطْلَقًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَتَبْطُلُ
مُطْلَقًا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
لِمَالِكٍ لمشروعيته قبل السَّلَام ووجوبه فَتبْطل الصَّلَاة للطول
كالأركان وَيسْجد إِلَّا أَن ينْتَقض وضوؤه فَتَبْطُلُ لِأَشْهَبَ
لِمُشَابِهَةِ الصَّلَاةِ الطَّهَارَةَ فِي إِبْطَالِ الْحَدَثِ لَهُمَا
فَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِيهِمَا مَعَ السَّهْوِ وَيَمْنَعُ الْحَدَثُ
الْبِنَاءَ فِيهِمَا وَيَسْجُدُ مُطْلَقًا كَسُجُودِ الزِّيَادَةِ
وَتَبْطُلُ إِنْ وَجَبَ عَنِ الْأَفْعَالِ إِنْ طَالَ أَوْ أَحْدَثَ
بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ وَهَلْ يَسْقُطُ السُّجُودُ إِنْ طَالَ مَعَ
الْأَقْوَالِ أَمْ لَا قَوْلَانِ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُتَّفَقٌ عَلَى
السُّجُودِ لَهُ وَلَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ مَفْرُوضَهُ فَيَتَأَكَّدُ
وَقَوْلٌ سَابِعٌ فِي الْجَوَاهِرِ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إِنْ كَانَ عَن
الجلسة الْوُسْطَى أَو الْفَاتِحَة وركعة
فَرْعٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ ذَكَرَهُمَا بِالْقُرْبِ
يُحْرِمْ لَهُمَا وَيَسْجُدْهُمَا فِي مَوْضِعِ ذِكْرِهِ إِلَّا فِي
الْجُمُعَةِ لَا يَسْجُدُهُمَا إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ
السَّلَامُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ
(2/322)
فعل ذَلِك فِي غير الْمَسْجِد لَا تجزيه
الْجُمُعَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّعَافِ خِلَافُ ابْنِ شعْبَان فِي
ذَلِك الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يَأْتِي بِالسُّجُودِ الَّذِي بَعْدَ
السَّلَامِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ تَمَّتْ وَهُوَ
قُرْبَةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَاز على ذَلِكَ
عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَقَدْ قَالَ فِي
الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ كَانَ عَنْ نَافِلَةٍ قَالَ صَاحب النُّكَتِ عَنْ
بَعْضِ الشُّيُوخِ لَا يَأْتِي بِهِ فِي وَقْتٍ تُمْنَعُ فِيهِ
النَّافِلَةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ
التَّسْوِيَةُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مُفَارِقٌ للنوافل الثَّالِث فِي
الْجَوَاهِر الإِمَام يحمل عَنِ الْمَأْمُومِ سُجُودَ السَّهْوِ لِمَا فِي
الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ
الْإِمَامِ سَهْوٌ فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ
خَلْفَهُ وَيَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ إِنْ
كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَقَدَ مَعَهُ رَكْعَةً كَمَا يَتْبَعُهُ فِي
سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَإِنْ لم يعْقد رَكْعَة لم يتبعهُ عَن ابْنِ
الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ صَلَاتَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ
يَتْبَعُهُ كَالتَّشَهُّدِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ قَبْلُ
وَلَا بَعْدُ وَلَا يَقْضِيهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ سَهَا
الْمَأْمُومُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ حَمَلَهُ لِأَنَّهُ مَأْمُومٌ
حِينَئِذٍ فَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ فِي الْجَلْسَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ
يَسْجُدْ مَعَهُ وَلَو سهيا جَمِيعًا فِيهَا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ سُجُودِ
الْمَأْمُومِ لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَالسُّجُودُ
لِكَوْنِهِ سَهْوًا وَقَعَ فِي إِحْرَامِهِ مُضَافًا لِمُوَافَقَةِ
الْإِمَامِ فَإِنْ أَدْرَكَ وَلَمْ يَسْجُدِ الْإِمَامُ سَجَدَ
الْمَأْمُومُ وَقَالَهُ (ش) كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ ثَلَاثٍ
فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُكْمِلُ وَخَالَفَ (ح) مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَمْ
يَسْهُ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْجُدُ تَبَعًا لَا مَتْبُوعًا فَلَا سُجُودَ
وَجَوَابُهُ مَنْعُ الْحَصْرِ وَإِذَا قُلْنَا يَسْجُدُ فَقَدْ خَيَّرَهُ
مَالِكٌ وَاسْتَحَبَّ
(2/323)
لَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الِانْتِظَارَ
وَحَتَّمَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَلَوْ سَجَدَ مَعَهُ لَمْ
يُجْزِهِ وَيُعِيدُهُ بَعْدَ السَّلَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ
اسْتِحْبَابًا جَاهِلًا كَانَ أَوْ عَامِدًا فَلَوْ أَخَّرَ السُّجُودَ
فَسَهَا هُوَ فِي قَضَاءِ زِيَادَةٍ أَجْزَأَهُ سَجْدَتَانِ اتِّفَاقًا
أَوْ نُقْصَانًا سَجْدَتَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ السَّلَامِ
تَغْلِيبًا لِلنَّقْصِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ تَغْلِيبًا
لِحُكْمِ الْإِمَامِ فَلَوِ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ هَذَا الْمَسْبُوقَ
فَسَهَا فِي الْقَضَاءِ نَقْصًا فَالْقَوْلَانِ وَلَوْ سَهَا فِيمَا
اسْتَخْلَفَهُ نَقْصًا فَسَجْدَتَانِ قَبْلَ السَّلَامِ عِنْدَ ابْنِ
الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا بَعْدُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِمَامِ
الْأَوَّلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ سُجُودًا بَعْدَ
السَّلَامِ سَجَدَهُ الْمَأْمُومُ وَإِنْ كَانَ قَبْلُ قَالَ فِي
الْكِتَابِ يَسْجُدُ مَعَهُ ويجزيه وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْجُدُ حَتَّى
يَقْضِيَ فَإِنْ سَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ سَهَا فِي قَضَائِهِ سَجَدَ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَسْجُدُ لَوِ
اسْتُخْلِفَ سَجَدَ بِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ الْقَضَاءِ
وَعِنْدَ أَشْهَبَ بَعْدَهُ فَإِنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ السُّجُودَ قَبْلَ
السَّلَامِ بَعْدَهُ فَفِي الْكِتَابِ سَجَدَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ سُؤَالٌ
السُّجُودُ وَاجِبٌ فَيَكُونُ السَّلَامُ قَبْلَهُ سَلَامًا فِي أَثْنَاءِ
الصَّلَاةِ فَيَمْتَنِعُ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيهِ كَالْمُقِيمِ إِذَا
ائْتَمَّ بِمُسَافِرٍ وَكَالْمَسْبُوقِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ
مَعَهُ بِغَيْرِ سَلَامٍ جَوَابُهُ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ مَمْنُوعَةٌ
والمقيم الْمَسْبُوق لم يُخَالف الْإِمَامَ فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ
خَرَجَ مِنَ الْإِمَامَةِ مَعَهم بفعلهم وتركهم حَالَة الِانْفِرَاد
وَهَهُنَا لَوْ تَرَكَ السَّلَامَ مَعَ أَنَّهُ مُتَّبِعٌ لَهُ فِي
السُّجُودِ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهِ
تَفْرِيعٌ لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ مَعَهُ وَسَجَدَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ
الظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْإِمَامَ
(2/324)
هُوَ المخطن فِي تَأْخِيرِ السُّجُودِ
وَلَوْ شَرَعَ فِي السُّجُودِ حَالَةَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَمْ
يَتْبَعْهُ فِيهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُجْزِيهِ لِأَنَّ سُجُودَ الْإِمَامِ
لَمْ يَقَعْ فِي الصَّلَاة فَلم يُخَالِفهُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ
أَحْدَثَ فِيهِمَا أَعَادَهُمَا خلافًا (ح) قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ
وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَوَضَّأَ وَكَمَّلَهُمَا أَجْزَأَهُ فَلَوْ
أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ سَجْدَةٍ قَالَ أَشْهَبُ لِمَنْ خَلْفَهُ أَنْ
يُكْمِلَهُمَا وابتداؤهما أحسن الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ
يَدْرِ أَسَجَدَ اثْنَتَيْنِ أَمْ لَا سَجَدَ أُخْرَى وَلَا يَسْجُدُ
لسَهْوه لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكْمِلْ سُجُودَهُ تَدَاخَلَ السَّهْوُ
عَلَى الْقَاعِدَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ
السَّلَامِ وَسَهَا فَتَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ
يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ وعَلى قَول ابْن الْمَاجشون يسْجد
ثمَّ يسهو أَلا يسْجد فَلَا يسْجد هَهُنَا فَلَو ذكر أَنه نقص من صلَاته
فَسجدَ وَاحِدَة ثمَّ تذكر فَلَا يسْجد الْأُخْرَى وَيَسْجُدُ بَعْدَ
السَّلَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ سَجَدَهُمَا فَلَوْ شكّ هَل سجدهما لِفَرْضِهِ
أَوْ لِسَهْوِهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ أَرْبَعُ سَجدَات
السَّادِس فِي الْكِتَابِ إِذَا ذَكَرَ سُجُودًا بَعْدَ السَّلَامِ فِي
نَافِلَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ لَا يُفْسِدُهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَ
السَّلَامِ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهِ بِالصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا لَا يُبْطِلَانِ الصَّلَاةَ مَعَ الطُّولِ
لَا يَقْطَعُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ إِلَى السَّهْوِ مِنْ غَيْرِ
قَطْعِ مَا هُوَ فِيهِ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ
كَمَا لَوْ ذَكَرَ السُّجُودَ خَارِجَ الصَّلَاةِ يَرْجِعُ لِحِينِهِ مِنْ
غَيْرِ كَلَامٍ فَإِنْ طَالَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَاضِرَةِ بَطَلَتِ
الْأُولَى وَكَذَلِكَ إِذَا لم تطل الْقِرَاءَةَ وَرَكَعَ مُرَاعَاةً
لِلطُّولِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي
(2/325)
الرُّكُوع الرّفْع بِخِلَاف الْمَعْرُوفُ
وَإِذَا بَطَلَتِ الْأُولَى وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ كَمَّلَهَا أَوْ فِي
فَرِيضَةٍ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ صَلَّى رَكْعَةً شَفَعَهَا عِنْدَ مَالِكٍ
فَإِنْ ذَكَرَ سُجُودَ سَهْوِ نَافِلَةٍ فِي نَافِلَةٍ فَفِي الْكِتَابِ
إِن كَانَ سُجُود بعد السَّلَام تَمَادَى أَوْ قَبْلَهُ وَالْوَقْتُ
قَرِيبٌ لَمْ يَقْطَعْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرْكَعْ فَيَرْجِعُ
لِلسُّجُودِ ثُمَّ لِنَافِلَتِهِ إِنْ شَاءَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا
يَقْضِي الْحَاضِرَةَ لِأَنَّهَا فَسَدَتْ بِغَيْرِ قَصْدِهِ وَلَوْ
ذَكَرَهُ فِي مَكْتُوبَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَتَمَادَى رَكَعَ أَوْ لَمْ
يَرْكَعْ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا
يُتْرَكُ لِلنَّفْلِ وَابْنُ عَبْدِ الحكم يُلَاحظ وجوب النَّافِلَة
بِالشُّرُوعِ السَّابِع كَانَ مَالك يَقُول يكبر لِلَّتَيْنِ بَعْدَ
السَّلَامِ قِيَاسًا عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَرَجَعَ لِلْإِحْرَامِ
قِيَاسًا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَتَكْفِي تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ
لِلْإِحْرَامِ وَالدُّخُولِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُكَبِّرُ لِلِابْتِدَاءِ
وَالرَّفْعِ وَيَتَشَهَّدُ لِلَّتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَفِي
اللَّتَيْنِ قَبْلَهُ رِوَايَتَانِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَنِ
اشْتَرَطَ الْإِحْرَام اشْترط السَّلَام لِأَن الْإِحْرَام لابد لَهُ
مِنْهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَالْكُلُّ مَرْوِيٌّ فِي الْأَحَادِيثِ وَهَلْ
يَجْهَرُ بِهِ كَالصَّلَوَاتِ أَوْ يُسِرُّهُ كَالْجِنَازَةِ رِوَايَتَانِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(2/326)
|