الذخيرة للقرافي

 (الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)
وَالِاسْتِفْعَالُ غَالِبًا لِطَلَبِ الْفِعْلِ نَحْوُ الِاسْتِفْهَامِ لِطَلَبِ الْفَهْمِ والاسترشاد لطلب الرشد وَالِاسْتِسْقَاء طلب السَّقْي وَهِي عندنَا سنة خلافًا (ح) لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شَكَا النَّاسُ إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَحْطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ وَحَمَدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين الرحمان الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ أنزل علينا الْغَيْث وَاجعَل مَا انزلت علينا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا

(2/432)


بَيَاضُ إِبْطَيْهِ ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَقَلَبَ أَوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَنْشَأَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتْ السُّيُول وَفِي الْكتاب صلى ضَحْوَةً فَقَطْ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقتهَا وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ش تُفْعَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْعِيدَيْنِ وَنَقَلَ أَبُو الطَّاهِرِ إِيقَاعَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَفِي الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِسْقَاءِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ قَالَ يُرِيدُ بِهِ الدُّعَاءَ لَا الْبُرُوزَ إِلَى الْمُصَلَّى لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ الضُّحَى وَفِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ قَبْلَهَا بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ وَتَحَلُّلِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِأَنَّ الذُّنُوبَ سَبَبُ الْمَصَائِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} وَسَبَبُ مَنْعِ الْإِجَابَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ لِلْفُقَرَاءِ فَالْعَبْدُ يُجَازَى مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ فَمَنْ أَطْعَمَ أُطْعِمَ وَمَنْ أَحْسَنَ أُحْسِنَ إِلَيْهِ وَلَا يَزَالُ اللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الصَّوْمِ قَبْلَ الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُصْبِحُونَ صِيَامًا وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ وَاسْتَحَبَّهُ ش ثَلَاثًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ دَعْوَةَ الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ وَيَخْرُجُونَ مَعَ الْإِمَامِ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ شِعَارُهُمُ الْخُشُوعُ وَالْخَوْفُ قَالَ ابو الطَّاهِر

(2/433)


وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُكَبِّرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ إِلَيْهَا وَقِيلَ يُكَبِّرُ قِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَخْرُجُ بِمِنْبَرٍ وَلَكِنْ يَتَوَكَّأُ الْإِمَامُ عَلَى عَصًا وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْمِنْبَرَ مِنْ طِينٍ فِي الْمُصَلَّى لِلْعِيدَيْنِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّان وَقَالَ اشهب فِي الْمَجْمُوعَة ذَاك وَاسِعٌ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ إِخْرَاجُ الصّبيان والبهائم وَالنِّسَاء الَّتِي لَا تُخْشَى فِتْنَتُهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَقِيلَ مَشْرُوعٌ لِتَكْثِيرِ أَسْبَابِ الرَّحْمَةِ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ مَنْ تُخْشَى فِتْنَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ وَمَنَعَ فِي الْكِتَابِ الْحُيَّضَ وَجَوَّزَ أَهْلَ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ يُرْزَقُونَ كَمَا نُرْزَقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنَعَهُ أَشْهَبُ دَفْعًا لِلْفِتْنَةِ عَنْ ضُعَفَاءِ الْإِسْلَامِ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَعْدَائِهِ وَجَوَّزَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَ (ش) خُرُوجَهُمْ مُنْفَرِدِينَ بِيَوْمٍ إِخْفَاءً لِشَعَائِرِهِمْ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِئَلَّا يَحْصُلَ السَّقْيُ فِي يَوْمِهِمْ فَيُفْتَنَ النَّاسُ وَيُسْتَسْقَى لِلْجَدْبِ وَحَيَاةِ الزَّرْع ولشرب النَّاس اَوْ شرب الْبَهَائِم اَوْ لتكامل الْكِفَايَة بِالْمَاءِ اَوْ لمجئ النِّيلِ وَلِتَكْرِيرِ الِاسْتِسْقَاءِ إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ لِحُصُولِ الْحَاجَةِ فِي الْجَمِيعِ وَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الْمَيِّت وَجوز اللَّخْمِيّ وش اسْتِسْقَاءَ الْمُخْصِبِ لِلْمُجْدِبِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْمَازِرِيُّ دُونَ الدُّعَاءِ الْمُجَرَّدِ لِكَوْنِهِ بِدْعَةً وَفِي الْكِتَابِ يَقْرَأُ فيهمَا بسبح وَالشَّمْس وَضُحَاهَا وَنَحْوهمَا وَقَالَهُ ابْن

(2/434)


حَنْبَل وَقَالَ (ش) ب (ق) وَفِي الثَّانِيَة ب {اقْتَرَبت السَّاعَة} لنا الْمَقْصُود الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار فيوجد فِي الصَّلَاةِ وَلَا يُكَبَّرُ فِيهَا عِنْدَنَا خِلَافًا (ش) لانه لم يرو ويبدل التَّكْبِير بالاستغفار قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا} فَجُعِلَ الِاسْتِغْفَارُ سَبَبَ الْإِمْطَارِ وَفِي الْكِتَابِ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ كَالْعِيدَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَكَانَ يَقُولُ يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَكِلَاهُمَا مَرْوِيٌّ فِي الْحَدِيثِ وَالْأَشْهَرُ أَلَّا يُطَوِّلَ لِأَنَّ التَّقَرُّبَ قبل المسئلة أَنْسَبُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَبَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدَيْنِ أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِهِمَا وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَحْدَثَ فِي الْخُطْبَةِ تَمَادَى لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا تَتَّصِلُ بِصَلَاةٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ مَكَانَهُ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلُ الَّذِي عَلَى الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ وَالَّذِي عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الْيَمين خلافًا (ح) وَلَا يُقَلِّبُهُ فَيَجْعَلُ الْأَسْفَلَ أَعْلَى وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُحَوَّلُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى خُطْبَةٌ وَنَقَلَ ابو الطَّاهِر التَّحْوِيل بعد الْخطْبَتَيْنِ لِئَلَّا تفصل الْخُطْبَةَ بِعَمَلٍ لَيْسَ مِنْهَا وَفِي الْكِتَابِ يُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ إِذَا حَوَّلَ الْإِمَامُ لِلتَّفَاؤُلِ بِتَحْوِيلِ الْحَالِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْمَاجشون وَلَا يحول النِّسَاءُ وَصِفَةُ التَّحْوِيلِ أَنْ يَأْخُذَ بِيَمِينِهِ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَيُمِرَّهُ مِنْ وَرَائِهِ فَيَضَعَهُ عَلَى الْأَيْمَنِ وَمَا عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَفِي الْكِتَابِ ثُمَّ يَدْعُو

(2/435)


قَائِمًا وَيَدْعُونَ وَهُمْ قُعُودٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُدْعَى لِلْأَمِيرِ بَلْ يُخْلَصُ الْأَمْرُ لِلَّهِ قَالَ سَنَدٌ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إِلَى الْأَرْضِ وَرُوِيَ عَنْهُ بُطُونُهُمَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَفْعَلُ النَّاسُ مِثْلَهُ جُلُوسًا وَيَجْهَرُ بِالدُّعَاءِ لِأَنَّ دُعَاءَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُمِعَ فَنُقِلَ وَيَكُونُ الدُّعَاءُ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَفِي الْكِتَابِ يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا قَالَ سَنَدٌ كَرِهَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْعِيدَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ طَلَبٌ لِلْغُفْرَانِ فَإِنَّ الْجَدْبَ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ فَحسن فِيهِ الْقُرُبَاتُ وَمَنْ أَدْرَكَ الْخُطْبَةَ وَفَاتَتْهُ الصَّلَاةُ جَلَسَ لَهَا وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا بَقِيَّةُ نَافِلَةٍ مُطْلَقَةٍ

(2/436)


(الْبَاب الْعشْرُونَ فِي صَلَاة الْخَوْف)
قَالَ سَنَدٌ وَهِيَ عِنْدَنَا رُخْصَةٌ لَا سُنَّةٌ وَيجوز فعل الثَّلَاثَة لَهَا خلافًا ش مُحْتَجًّا بِأَنَّ أَقَلَّ الطَّائِفَةِ ثَلَاثَةٌ وَالْقُرْآنُ دَلَّ عَلَى طَائِفَتَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ فَيَحْرُسُ وَاحِدٌ وَيُصَلِّي اثْنَانِ وَالْقِتَالُ ثَلَاثَةٌ وَاجِبٌ كَقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْبَغْيِ وَمَنْ يُرِيدُ الدَّمَ عَلَى الْخِلَافِ وَمُبَاحٌ كَمُرِيدِ الْمَالِ وَحَرَامٌ كَقِتَالِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَالْحِرَابَةِ فَالْوَاجِبُ وَالْمُبَاحُ سَوَاءٌ فِي هَذِهِ الرُّخْصَةِ وَلَا يُتَرَخَّصُ فِي الْحَرَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي جَوَازِ إِقَامَتِهَا فِي اتِّبَاعِ الْكُفَّارِ مُنْهَزِمِينَ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ خَوْفِ عَوْدَتِهِمْ وَأَمْنِهَا وَالْمَشْهُورُ اسْتِوَاءُ الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ فِي رُخْصَتِهَا لِضَرُورَةِ الِاحْتِرَاسِ مِنَ الْعَدُوِّ فِي الْحَالَتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقِيمُهَا الْحَضَرِيُّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَكَانَ فِي غَزَوَاتِهِ يُصَلِّيهَا جَوَابُهُ أَنَّ آيَةَ الْخَوْفِ إِنَّمَا نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَضَابِطُهَا أَنَّ الْخَوْفَ الْمُبِيحَ إِذَا حَصَلَ قَسَمَ الْإِمَامُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا تَحْرُسُ وَالْأُخْرَى يُصَلِّي بِهَا شَطْرَ الصَّلَاةِ إِنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً فِي الْحَضَر أَو ثنائية فِي السّفر وَفِي الصُّبْح والثلاثية فِي

(2/437)


الْمَغْرِبِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْبَعْضُ بِإِمَامٍ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ أَفْذَاذًا وَأَخَذَ الْبَاجِيُّ مِنْ هَذَا جَوَازَ طَائِفَتَيْنِ بِإِمَامَيْنِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ يُخَالِفَ الْإِمَامُ فَيصَلي وَمِنْه جَازَ أَنْ يُجَمِّعَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} الْآيَة وَفِي القبس صلاهَا عَلَيْهِ السَّلَام أَرْبَعَة وَعشْرين مرّة
فروع سَبْعَة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى مِنَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَهُوَ قَائِمٌ لِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ فَلَوْ صلى بالاولى رَكْعَة لاحتاجت الثَّانِيَة الى ثَلَاث تَشَهُّدَاتٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ الرُّخْصَةِ التَّشْطِيرُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَكَانَتِ الْأُولَى أَوْلَى بِتَكْمِيلِ الرَّكْعَةِ الْوُسْطَى لِسَبْقِهَا وَلِأَنَّهَا أُعْطِيَتْ حُكْمَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ الْقِرَاءَةِ وَالْجَهْرِ قَالَ وَيُصَلِّي بِالثَّانِيَةِ رَكْعَة وَيسلم ويقضون بِالْحَمْد وَسُورَةٍ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً جَهْلًا أَوْ عَمْدًا قَالَ سَحْنُونٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصِلَاتُهُمْ لِتَرْكِهِ سُنَّتَهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَصِحُّ لِأَنَّ طُولَ الْقِيَامِ مَشْرُوعٌ وَإِذَا قُلْنَا تَصِحُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْأُولَى لِمُفَارَقَتِهَا الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْمُفَارَقَةِ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِمُفَارَقَتِهِمْ فِي مَوْضِعِ الْمُفَارَقَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَحَّحْنَا صَلَاةَ الْأَخِيرَةِ فيجتمع عَلَيْهَا الْبناء وَالْقَضَاء فتبدأ بِالْبِنَاءِ عِنْد ابْن الْقَاسِم وبالقضاء عِنْدَ أَشْهَبَ وَأَمَّا انْتِظَارُهُ قَائِمًا إِذَا صَلَّى بالاولى رَكْعَتَيْنِ

(2/438)


فَلِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّخْفِيفُ بِخِلَافِ الْقِيَامِ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يَنْتَظِرُهُمْ جَالِسًا لِتُدْرِكَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ أَوَّلَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْعُوَ أَوْ يَسْكُتَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِحْرَامِ الثَّانِيَة وَألا يقْرَأ لَان قِرَاءَته بِالْحَمْد وَحْدَهُ فَلَوْ كَانَ انْتِظَارُهُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الصُّبْحِ أَوْ صَلَاةِ السَّفَرِ خُيِّرَ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةِ الَّتِي لَا تَتِمُّ حَتَّى تُدْرِكَهَا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ لَأَجْزَأَهُ لِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ رُخْصَةٌ فَلَهُ تَرْكُهَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الاولى وان وَقع الْخلاف فِي كَوْنِهِ صَلَّى صَلَاةَ أَمْنٍ وَصَلَّوْا صَلَاةَ خَوْفٍ لِمُفَارَقَتِهِمْ قَبْلَ الْمُخَالَفَةِ قَالَ وَالطَّائِفَةُ الْأُولَى يُصَلُّونَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ أَفْذَاذًا فَلَوْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ صَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ بِخِلَافِ مَنْ أَمَّهُمْ وَهُوَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَسْبُوقِ فَإِنْ فَاتَ بَعْضَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةُ الْأُولَى مِنَ الْمَغْرِبِ فَلَا تُقْضَى الرَّكْعَةُ إِلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَقِفُ حَتَّى يَفْرُغَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ مَعَهُ نِصْفَ الصَّلَاةِ وَالْمُخَالَفَةُ إِنَّمَا شُرِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَجَعَ سَحْنُونٌ إِلَى هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَنْتَظِرُهُ لِأَنَّهُ مِنَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَرَكْعَتَا الْإِمَامِ فِي حُكْمِ صَلَاةٍ تَامَّةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يَثْبُتُ الْإِمَامُ حَتَّى يُتِمُّوا صَلَاتَهُمْ إِلَّا أَشْهَبَ قَالَ يَنْصَرِفُونَ إِلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَتَأْتِي الثَّانِيَةُ فَيُصَلِّي بِهَا بَقِيَّةَ الصَّلَاةِ وَتَرْجِعُ إِلَى الْعَدُوِّ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ تَأْتِي الْأُولَى إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ فَتُتِمُّ صَلَاتَهَا مُنْفَرِدَةً ثُمَّ تَنْصَرِف إِلَى الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الْأُخْرَى إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ فَيُتِمُّ وَقَالَهُ (ح) وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ

(2/439)


الْحَنَفِيَّةُ وَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُفَارِقُ إِمَامَهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ؛ وَالْمَشْيُ مَعْهُودٌ فِي الرُّعَافِ 0 وَجَوَابُهُمْ أَنَّ إِمَامَتَهُ انْقَضَتْ فِي حُكْمِ هَذِهِ الصَّلَاةِ 0 وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} وَهُوَ يبطل قَول الشَّافِعِي فِي إِحْرَامِهِ بِالْجَمِيعِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِمْ كَثْرَةٌ وَلَا مَانِعَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْكُفَّارِ وَقَوْلُهُ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يصلوا فليصلوا مَعَك} يَقْتَضِي كَمَالَ الصَّلَاةِ مَعَهُ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ وَهُوَ أحوط للصَّلَاة؛ فان عَلَى قَوْلِهِمْ يَدْخُلُ فِعْلٌ كَثِيرٌ فِي الصَّلَاةِ ويستدبر الْقبْلَة وَهُوَ أحوط للحرب فان الحرس اذا لم يَكُونُوا فِي صَلَاة تَمَكَّنُوا مِنَ الْقِتَالِ التَّامِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ زَالَ الْخَوْفُ أَتَمَّ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى صَلَاةَ أَمْنٍ وَتُصَلِّي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى بِإِمَامٍ آخَرَ لِأَنَّهُ احرم بنية صَلَاة الْخَوْف وَهُوَ لَا يحرم بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْأَمْنِ كَالْمَرِيضِ يُحْرِمُ جَالِسًا ثُمَّ يَصِحُّ فَيَقُومُ فَلَا يُحْرِمُ أَحَدٌ مَعَهُ ثُمَّ رَجَعَ فجوز الدُّخُولَ مَعَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلًا انْعَقَدَتْ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَهَذَا الْأَمْنُ عَارِضٌ فَإِنْ قَامَ ينْتَظر الطَّائِفَة الثَّانِيَة فوالى الْخَوْفَ قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ مَنْ أَتَمَّ وَانْصَرَفَ أَجْزَتْهُ وَمَنْ لَمْ يُتِمَّ لَمْ يُفَارِقِ الْإِمَامَ وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ أَحَدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ ذهب الْخَوْف بعد رَكْعَتَيْنِ وَهِيَ رُبَاعِيَّةٌ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا وَبَعْضُهُمْ صَلَّى رَكْعَةً وَبَعْضُهُمْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ اتَّبَعَهُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ

(2/440)


وَيُمْهِلُ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً حَتَّى يُصَلِّيَهَا الْإِمَامُ ثُمَّ يَتْبَعُهُ فِي الرَّابِعَةِ وَيُمْهِلُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُسَلِّمَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ قَالَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَإِذَا صَلَّى بِالثَّانِيَةِ فَفِي الْكِتَابِ يُتِمُّونَ بَعْدَ سَلَامِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْبُوقِ وَرَوَى عَنْهُ يُتِمُّونَ قبل سَلَامه وَسلم بهم اجمعين لتجوز التَّحْلِيل كَمَا جَازَتِ الْأُولَى لِلْإِحْرَامِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مُتَعَارِضَةٌ تَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي التَّرْجِيحِ وَإِذَا قُلْنَا بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ قَالَ مَالِكٌ يَقُومُونَ بِإِشَارَتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً إِنْ كَانَ مُسَافِرًا لِأَنَّهَا شَطْرُ صَلَاتِهِ وَاثْنَتَيْنِ فِي غير الثَّانِيَة إِنْ كَانَ حَضَرِيًّا لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْمَتْبُوعُ وَأَتَمَّ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاةِ نَفسه الثَّالِثُ إِذَا لَمْ تُمْكِنِ التَّفْرِقَةُ وَخَافُوا إِنِ اشْتَغَلُوا بِالصَّلَاةِ دَهَمَهُمُ الْعَدُوُّ وَانْهَزَمُوا صَلَّوْا عَلَى مَا يُمْكِنُهُمْ رِجَالًا وَرُكْبَانًا إِلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى الدَّوَابِّ وَعَلَى الْأَرْضِ وَإِيمَاءً إِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَالَهُ (ش) وَمَنَعَهُمْ مُشَاةً وَفِي حَالَةِ الْمُسَايَفَةِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ وَلِانْصِرَافِ النُّفُوسِ عَنِ الصَّلَاةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فرجالا أَو ركبانا} معضودا بقول ابْن عُمَرَ فِي الْمُوَطَّأِ فَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ

(2/441)


مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ لَا أَرَاهُ حَدَّثَهُ إِلَّا عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيَاسًا عَلَى مَنْ لَازَمَتْهُ النَّجَاسَةُ أَوِ الْمَرَضُ وَاشْتَرَطَ فِي الْجَوَاهِرِ صَلَاةَ الْمُسَايَفَةِ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ وَأَبَاحَ كُلَّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ حَمْلِ سِلَاحٍ مُتَلَطِّخٍ بِالدَّمِ إِلَّا عِنْدَ الْغَنِيِّ عَنْهُ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ رَكْعَةً ثُمَّ أَمِنَ نَزَلَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ كَالْمَرِيضِ يَقْوَى فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً بِالْأَرْضِ ثمَّ اشْتَدَّ الْخَوْف ركب وَبنى خلافًا (ش) مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَنَحْنُ نَقِيسُ الرُّكُوبَ عَلَى الْمَشْيِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا عَلَى الدَّوَابِّ بِطَائِفَتَيْنِ إِنْ أُحْوِجُوا لِذَلِكَ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَجْمَعُونَ وَإِنْ أَتَاهُمُ الْعَدُوُّ فِي الصَّلَاةِ فَرَمَوْهُ بِالنَّبْلِ وَانْهَزَمُوا لم تبطل الرَّابِع قَالَ لَو ظنُّوا سوادا عدوا فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ قَالَ أَشهب أجزتهم وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ الْخَوْفَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَقَالَ (ح وش) تَجِبُ كَظَانِّ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ وَالْخَوْفَ سَبَبٌ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَلَوْ تَحَقَّقُوا الْعَدُوَّ فَصَلَّوْا ثُمَّ تَبَيَّنَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ بَيْنَهُمْ نَهْرًا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْوُصُول أجزتهم عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لِوُجُودِ الْخِلَافِ وَلَا تُجْزِيهِمْ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُمْ مُفَرِّطُونَ فِي تَعَرُّفِ النَّهْرِ الْخَامِسُ قَالَ لَوِ انْهَزَمُوا مِنَ الْعَدُوِّ وَكَانَ الْعَدو مُنْهَزِمًا مِنَ اثْنَيْنِ كَانُوا عُصَاةً فَلَا يَتَرَخَّصُونَ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَحَرِّفًا لِقَتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ وَإِلَّا جَازَ التَّرَخُّصُ وَلَوْ وَقَعَتِ الْمُسَايَفَةُ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَانْهَزَمَ الْعَدُوُّ قَالَ

(2/442)


مَالِكٌ إِنْ كَانُوا طَالِبِينَ صَلَّوْا إِيمَاءً لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْمَنُوا يَقِينًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَ (ش) يُصَلُّونَ عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهُمْ طَالِبُونَ وَالْخلاف فِي تَحْقِيق منَاط السَّادِسُ قَالَ فَإِنْ حَضَرَ الْخَوْفُ فِي الْبَحْرِ وَهُمْ فِي مَرْكَبٍ وَاحِدٍ فَهُمْ كَأَهْلِ الْبَرِّ أَو فِي مركبين صَلَّتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَقَسَّمَ إِمَامُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَهْلَهَا طَائِفَتَيْنِ فَإِنْ أَمِنُوا إِذَا صَلَّوْا بِإِمَامٍ وَاحِدٍ جَازَ وَيُقَسَّمُ أَهْلُ كُلِّ قِطْعَةٍ طَائِفَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ عِدَّةَ قَطَائِعَ جَازَ أَنْ يَقْسِمَهُمْ وَيُصَلِّيَ نِصْفُ الْقَطَائِعِ وَيَحْرُسَ الْآخَرُ وَأَمَّا الْقِطْعَةُ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ فَتُقَسَّمُ طَائِفَتَيْنِ وَإِنْ قسموا كل قِطْعَة طائفتين فَهُوَ أحسن السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَهَا الْإِمَامُ فِي أَوَّلِ صَلَاةِ الْخَوْفِ سَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى بَعْدَ إِتْمَامِهَا كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا أَتَمَّ بِالثَّانِيَةِ جَلَسَ حَتَّى يُتِمُّوا فَسَجَدَ بِهِمْ ثُمَّ يُسَلِّمُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَ السُّجُودُ مِمَّا يَخْفَى أَشَارَ إِلَى الْأُولَى فَلَوْ سَهَا فِي انْتِظَارِ الثَّانِيَةِ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ لَمْ يَلْزَمِ الْأُولَى شَيْءٌ لِكَمَالِ صَلَاتِهِمْ بِخِلَافِ الثَّانِيَة فَإِنَّهَا تسْجد مُطلقًا كالمسبوق
تَنْبِيه شَرْعِيَّة صَلَاةِ الْخَوْفِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْلَحَةَ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ أَعْظَمُ مِنْ مَصَالِحِ اسْتِيفَاءِ الْأَرْكَانِ وَحُصُولِ الْخُشُوعِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَإِلَّا لَجَوَّزَ الشَّرْعُ التَّأْخِيرَ لِلْأَمْنِ مَعَ أَنَّا لَمْ نَشْعُرْ بِمَصْلَحَةِ الْوَقْتِ أَلْبَتَّة وَتحقّق شَرَفُ هَذِهِ الْمَصَالِحِ وَنَظِيرُهُ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ تَدُلُّ على ان مصلحَة الْوَقْت أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَةِ طَهَارَةِ الْمَاءِ

(2/443)