الذخيرة للقرافي

 (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي السَّلَمِ)
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَرْطًا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ تَسْلِيمُ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ (لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) قَاعِدَة مَقْصُود صَاحب الشَّرْع صَالح ذَاتِ الْبَيْنِ وَحَسْمُ مَادَّةِ الْفِتَنِ حَتَّى بَالَغَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا) وَإِذَا اشْتَمَلَتِ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شَغْلِ الذِّمَّتَيْنِ تَوَجَّهَتِ الْمُطَالَبَةُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْعَدَاوَاتِ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مَا يُفْضِي لِذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَة عذر لِوُقُوعِهِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعًا فَائِدَةٌ الْكَالِئُ مِنَ الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ فَهُوَ اسْمُ فَاعل إِمَّا البَائِع أَو المُشْتَرِي لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَحْفَظُ صَاحِبَهُ وَيُرَاقِبُهُ لِمَا لَهُ عِنْدَهُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ بِمَالِ الْكَالِئِ لِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَعَيَّنَ

(5/225)


الْحَذْفُ فَإِمَّا لِلِاثْنَيْنِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَحْفَظُ الْآخَرَ عَنِ الضَّيَاعِ عِنْدَ التَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِ وَيُسْتَغْنَى عَنِ الْحَذف لقبولهما الْمَبِيع أَوْ يَكُونُ اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَالْمَاءِ الدَّافِقِ بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ مَجَازًا وَيُسْتَغْنَى عَنِ الْحَذْفِ أَيْضًا وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّهُ إِطْلَاقٌ بِاعْتِبَارِ مَا سَيَكُونُ فَإِنَّ النَّهْيَ وَارِدٌ قَبْلَ الْوُقُوعِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ نِصْفَ الثَّمَنِ بِطَلَ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ نَحْوَ الشَّهْرِ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ لِهَرَبِ أَحَدِهِمَا نَفَذَ مَعَ كَرَاهَةٍ قَالَ سَنَدٌ إِذَا هَرَبَ الدَّافِعُ رَفَعَ الْآخَرُ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَسَلَمَ لَهُ أَوِ الْآخِذُ سَلَمَهُ الْحَاكِمُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ مَاطَلَهُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا وَالْفَسْخِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِالثَّمَنِ فِي الْأَجَلِ وَهِي حِكْمَة السّلم مقَال اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ الْيَسِيرِ مِنَ الثّمن الْمدَّة الْبَعِيدَة هَل يفْسد الْجَمِيع قَالَ بِقَدْرِ مَا يَتَأَخَّرُ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ أَجَلُ السَّلَمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ امْتَنَعَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ أَجَزْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِذَا تَأَخَّرَ نَحْوَ النِّصْفِ قِيلَ يَمْضِي الْمُعَجَّلُ وَقِيلَ إِنْ سَمَّى لِكُلِّ قَفِيزٍ ثَمَنًا صَحَّ الْمُعَجَّلُ وَإِلَّا فَسَدَ الْجَمِيعُ كَالصَّرْفِ (وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَةُ غَرَرٍ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعًا)

(5/226)


فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا فَأَحْرَقَهُ رَجُلٌ فِي يَدِكَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ تَرَكَهُ وَدِيعَةً فِي يَدَيْكَ فَقَدْ قَبَضَهُ فَهُوَ مِنْهُ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِلَّا فَمِنْكَ وَانْفَسَخَ السَّلَمُ لِبُطْلَانِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ دَارًا اتَّبَعَ الْجَانِيَ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي فَسْخِ السَّلَمِ قَالَ سَنَد: وَعَن ابْن الْقَاسِم: إِذا لم يُقم الْبَيِّنَةُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَفُوتُ السَّلَمُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ: قَالَ التُّونُسِيُّ: فَذَلِكَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُسْلِمِ عَلَى التَّلَفِ لِاتِّهَامِهِ فِي الْكِتْمَانِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ قَالَ صَاحِبُ (النُّكَتِ) : إِذَا أَحْرَقَهُ رَجُلٌ امْتَنَعَتْ شَهَادَةُ الْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ معدماً لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِهِ فِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: فِي شَهَادَتِهِ أَقْوَالٌ: ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّتْ وَإِلَّا فَلَا وَأَصْلُهَا تَبَيُّنُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُهَا
فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : إِذَا وَجَدَ رَأْسَ الْمَالِ زُيوفاً أَوْ رَصَاصًا بَعْدَ شَهْرٍ فَلَهُ الْبَدَلُ إِلَّا أَنْ يَعْمَلَا على ذَلِك فتعيين ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إِلَيْهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِذَا وَجَدَ من رَأس المَال درهما زائفاً انتفض مِنَ السَّلَمِ بِقَدْرِهِ كَالصَّرْفِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ صَحَّ كَالصَّرْفِ وَقَدْ يَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الصَّرْفِ هَاهُنَا وَلَوْ تَرَاضَيَا بِتَأْخِيرِ الْبَدَلِ مُدَّةً طَوِيلَةً امْتَنَعَ قَالَ ابْنُ

(5/227)


يُونُسَ: يَنْتَقِضُ السَّلَمُ كُلُّهُ وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ بِقَدْرِ الزَّائِفِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْتَقِضَ شَيْءٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوَّلًا قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَإِنْ عَثَرَ عَلَيْهَا بِقُرْبِ يَوْمَيْنِ فَسَخَ الْبَاقِيَ وَامْتَنَعَ الْبَدَلُ أَو بعد الطول: فَقَالَ أَبُو بكر عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كُلُّهُ كَأَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَى تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ بِقَدْرِ الزَّائِفِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَسَادِ وَقِيلَ: لَا يفْسد من السّلم شَيْء بعد التُّهْمَةِ وَيُلَاحَظُ هَاهُنَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ أَمْ لَا؟ فَيَكُونُ عَقْدًا ثَانِيًا فَيَمْضِي الْأَوَّلُ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ (جَازَ اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِ الْبَدَلِ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ وَيَصِيرُ الَّذِي يُقْبَضُ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ) هُوَ رَأس المَال لمُدَّة بعيدَة مالم يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ وَدِيعَةً عِنْدَ الْبَائِعِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامٌ يُفْسَخُ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلتُّهْمَةِ فِي التَّأْخِيرِ وَخَيَّرَ مُحَمَّدٌ الْمُسْلَمَ إِلَيْهِ فِي الْفَسْخِ وَأَخْذِ قِيمَةِ التَّالِفِ وَتَصْدُقُ فِي أَنَّكَ مَا دَفَعْتَ إِلَّا جَيِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْغُرْمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَخذهَا ليدها فَيصدق مَعَ يميينه
فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ مَعِيبًا وَهُوَ مُعَيَّنٌ انْتَقَضَ السَّلَمُ لِبُطْلَانِ الثَّمَنِ فَإِنْ لم يكن معيبا فَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجَازَةِ السَّلَمِ الْحَالِّ فِي الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَإِذَا انْتَقَضَ السَّلَمُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحَوَالَةِ سُوقِهِ أَوْ تَغَيُّرِهِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنِ الْيَدِ وَهُوَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ رُدَّ مِثْلُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْيَدَ مُضَمَّنَةٌ لِلْحَدِيثِ أَوْ مِثْلِيًّا أَخَذَهُ إِنْ كَانَ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَفُوتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ وَعَلَى

(5/228)


قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ: إِنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ تُفِيتُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ
فَرْعٌ فِي (الْكتاب) : يمْتَنع أَن تُؤْكَل غَرِيمَكَ فِي سَلَمٍ خَشْيَةَ أَنْ يُعْطِيَكَ مِنْ عِنْدِهِ فَيَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ حَتَّى تَقْبِضَ الدَّيْنَ ثُمَّ تَدْفَعَهُ لَهُ قَالَ سَنَدٌ: وَحَيْثُ مَنَعْنَا فَأَتَى بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لَزِمَهُ أَخْذُهُ وَدَفْعُ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوكَّلِ حَالَةَ الْوَكَالَةِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَقْدُ عَنِ الْوَكَالَةِ مُنِعَ لِلتُّهْمَةِ فِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِمَنْفَعَةِ السَّلَمِ فَإِنْ وَكَّلَهُ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ وَثَبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ لَمْ يَضُرَّ التَّأْخِيرُ عَنْ حَالَةِ الْوَكَالَةِ إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ حَالَةَ الْحُلُولِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ نَفَذَ الْبَيْعُ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا حَاضِرَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: إِنْ كَانَ الْمُوَكَّلُ غَائِبًا امْتَنَعَ أَوْ حَاضِرًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ أَوْ لِذَلِكَ دُونَ الْعَقْدِ فَالْجَوَازُ فِي (الْكِتَابِ) لِأَنَّهُ شِرَاءٌ نَقْدًا وَمَنَعَ سَحْنُونٌ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ الْبَعِيدَةِ
فَرْعٌ فِي الْجَلَّابِ) : يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ إِذَا شَرَعَ فِي أَخْذِ الْمُثَمَّنِ كَالسَّلَمِ فِي الْخُبْزِ وَالْفَوَاكِهِ تَنْزِيلًا لِقَبْضِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْكُلِّ فَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ نَظِيرُهُ: قَبْضُ أَوَائِلِ الْمَنَافِعِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الدُّيُونِ وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ الْإِجَارَاتِ
فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ جِزَافًا خِلَافًا لِ (ش) و (ح) لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَجَازَ ثَمَنًا قِيَاسا على الْمُقدر وَالْجَوَاب عَن قياسمها عَلَى الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ وَعَنْ تَوَقُّعِ عَدَمِ حُصُولِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَنَّ الْقِرَاضَ وَالْقَرْضَ يَرِدُ فِيهِمَا الْمِثْلُ وَهُوَ مُتَعَذر فِي الْجزَاف الْمَرْدُود فِي السّلم

(5/229)


غَيْرُهُ وَهُوَ مَضْبُوطٌ بِالصِّفَةِ وَالْغَالِبُ: الْوَفَاءُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : مَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجِزَافَ
فَرْعٌ وَفِي (الْجَوَاهِرِ) : وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ بِتَأْخِيرِهِ بِالشَّرْطِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُسْتَثْنَاةٌ من الْمحرم فِي الْهِجْرَة والمهاجرة بالإقالة بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَنَعَ الْإِحْدَادَ لِغَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَقِيلَ: بِفَسَادِ السَّلَمِ إِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَالصَّرْفِ وَقَالَهُ (ش) و (ح) وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: هَلْ يُسَمَّى هَذَا التَّأْخِيرُ دَيْنًا أَمْ لَا؟ وَأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ هَلْ يُعْطَى حُكْمُهُ أَمْ لَا؟ وَالزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ بِالشَّرْطِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَبِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعين وَلَا يفْسد بِتَأْخِير الْعرض لِتَعَذُّرِ كَوْنِهِ دَيْنًا إِذِ الدَّيْنُ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ يُكْرَهُ إِذا كَانَ مِمَّا يعاب عَلَيْهِ لِشَبَهٍ كَالطَّعَامِ وَالثَّوْبِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إِذَا كَانَ الطَّعَامُ لَمْ يُكْتَلْ وَالثَّوْبُ غَائِبٌ عَنِ الْمَجْلِسِ وَإِلَّا تَبْقَى الْكَرَاهَةُ لِعَدَمِ بَقَاءِ حَقِّ التَّوْفِيَةِ كَمَا أَجَازُوا أَخْذَ سِلْعَةٍ حَاضِرَةٍ مِنْ دَيْنٍ يَتْرُكُهَا مُشْتَرِيهَا اخْتِيَارًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهَا وَيَسْتَوِي فِي فَسَادِ الْعَقْدِ تَأْخِيرُ الْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ
فَرْعٌ فِي (الْكِتَابِ) : يَجُوزُ الثَّمَنُ تِبْرًا وَنِقَارًا وَذَهَبًا جِزَافًا لَا يُعْلَمُ وَزْنُهُ كَالسِّلْعَةِ وَيَمْنَعُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ مَعْرُوفَةَ الْعَدَدِ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ وَلِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ

(5/230)


جِزَافًا قَالَ أَشْهَبُ: مَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجِزَافَ مُطلقًا لَيْلًا يَنْفَسِخَ السَّلَمُ فَلَا يُعْلَمُ مَا يَرْجِعُ بِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ تَطَرُّقَ الْفَسْخِ لِأَنَّ عِنْدَهُ إِذَا خَرَجَ الْإِبَّانُ صَبَرَ لِعَامٍ آخَرَ وَيَلْزَمُ الْقَاضِيَ مَنْعُ الْحَوْلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا تَضْبُطُهُ الصِّفَةُ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَ (ح) فِي جِزَافِ الْمَوْزُونِ وَيَمْتَنِعُ الْجُزَافُ فِي الثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ فِي السَّلَمِ لِمَنْعِ بَيْعِهَا جِزَافًا الشَّرْطُ الثَّانِي: السَّلَامَةُ مِنَ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَمَّا جَرَّ نَفْعًا مِنَ السَّلَفِ) قَاعِدَةٌ: شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى السَّلَفَ لِلْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَاهُ مِنَ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَيَجُوزُ دَفْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِيهِ لِيَأْخُذَ مِثْلَهُ نَسِيئَةً وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ لَكِنْ رَجَحَتْ مَصْلَحَةُ الْإِحْسَانِ عَلَى مَصْلَحَةِ الرِّبَا فَقَدَّمَهَا الشَّرْعُ عَلَيْهَا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَقْدِيمِ أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ عَلَى أَدْنَاهُمَا عِنْدَ التَّعَارُضِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَرْضُ لِيَجُرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ بطلت مصلحَة الْإِحْسَان بالمكايسة فَيبقى الرِّبَا سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ الرِّبَا فَيَحْرُمُ لِلرِّبَا وَلِكَوْنِهِمَا خَالَفَا مَقْصُودَ الشَّرْعِ وواقعا مَا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِيمَا لَا رِبًا فِيهِ كَالْعُرُوضِ لِلْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الأول فلهذه الْقَاعِد يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ جِنْسِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِأَنَّ السَّلَفَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ فَتَتَعَذَّرُ التُّهْمَةُ تَمْهِيدٌ: قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَصْلُ مَالِكٍ: حَمْلُ النَّاسِ على التُّهْمَة ومراعاة مَا

(5/231)


يرجع إِلَيْهِم مَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ دُونَ أَمْوَالِهِمْ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ إِنْ خَالَفَ الثَّمَنَ جِنْسًا أَوْ مَنْفَعَةً جَازَ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ أَوِ اتَّفَقَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الشَّيْءَ فِي مِثْلِهِ فَيَكُونَ قَرْضًا مَحْضًا وَلَا يضرنا لفظ السّلم كَمَا أَنه لَا ينْتَفع مَعَ التُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلدَّافِعِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إِنْ دَارَتْ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ لِلْقَابِضِ الْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَنْعُ لِصُورَةِ الْمُبَايَعَةِ وَلِلْمُسْلِفِ رَدُّ الْعَيْنِ وَهَاهُنَا اشْتَرَطَ الدَّافِعُ رَدَّ الْمِثْلِ دُونَ الْعين فَهُوَ عرض لَهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ لِلِاخْتِلَافِ وَالْمَنْعُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا فَهُوَ كَاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْمَنْفَعَةُ دُونَ الْجِنْسِ جَازَ لِتَحَقُّقِ الْمُبَايَعَةِ تَمْهِيدٌ: قَالَ: الْعُرُوضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا اتَّفَقَ عَلَى تَبَايُنِهَا وَمَا اتَّفَقَ عَلَى اتِّحَادِهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فَالْحَيَوَانُ نَاطِقٌ وَغير نَاطِق وَغير نَاطِق غيرمأكول كالبغال فيختلف بالصغير وَالْكثير اتِّفَاقًا وَالْمَأْكُولُ: ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْحَمْلِ وَالْعَمَلِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَيَخْتَلِفُ فِيهَا اتفاقاُ وَمَا لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَالطَّيْرِ الْمُتَّخذ للْأَكْل فَلَا يخْتَلف بهما اتِّفَاقًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْجَمِيعِ اللَّحْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا يَعْمَلُ وَلَا يَحْمِلُ لَكِنَّ مَنْفَعَتَهُ اللَّبَنُ وَالنَّسْلُ كَالْغَنَمِ فَقَوْلَانِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَة شَيْء من الْحَيَوَان الْغَيْر نَاطِق إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا الْمَنَافِعُ وَمَنْ أَسْلَمَ صَغِيرًا فِي كَبِيرٍ لِأَمَدٍ يَكْبُرُ فِيهِ الصَّغِيرُ امْتَنَعَ لِلْمُزَابَنَةِ (وَإِلَّا جَازَ أَوْ كَبِيرًا فِي صَغِير لأمد ملك فِيهِ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ امْتَنَعَ لِلْمُزَابَنَةِ) وَهِيَ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا جَازَ وَهَذَا مَأْمُون فِي

(5/232)


الْبِغَالِ قَالَ سَنَدٌ: اخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ هَلْ هُمَا جِنْسَانِ فِي جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْبَاجِيُّ: وَالْأَوَّلُ الْقِيَاسُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَإِذا فَرغْنَا عَلَيْهِ وَأَسْلَمَ صَغِيرًا فِي كَبِيرٍ وَتَرَاخَى الْأَمْرُ حَتَّى كَبِرَ الصَّغِيرُ وَصَارَ صِفَةَ الْكَبِيرِ فَالْقِيَاسُ أَلَّا يَدْفَعَهُ مَكَانَ الْكَبِيرِ سَدًّا لِبَابِ الْمُزَابَنَةِ وَالْقِيَاس أَيْضا: الدّفع بِصِحَّة العقد أَولا واقتضاءه لِذَلِكَ كَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً ثُمَّ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ فَإِنَّ وَطْأَهُ حَلَالٌ فَلَا يَمْتَنِعُ رَدُّهَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ سَلَمُ حَدِيدٍ يُخْرِجُ مِنْهُ السُّيُوفَ فِي سُيُوفٍ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَقَلَّ فَهُوَ سلف بِزِيَادَة أَو أَكثر اسْتَأْجَرَهُ بِالزَّائِدِ عَلَى عَمَلِ السُّيُوفِ فَهُوَ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ وَكَذَلِكَ سُيُوفُ يَخْرُجُ مِنْهَا حَدِيدٌ لِاتِّحَادِ النَّوْعِ وَيَمْتَنِعُ حَدِيدُ السُّيُوفِ فِي الْحَدِيدِ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ سُيُوفٌ وَالثَّانِي: الْغَلِيظُ فِي الرَّقِيقِ لِاتِّحَادِ النَّوْعِ فَيُتَوَقَّعُ السَّلَفُ لِلنَّفْعِ وَيَمْتَنِعُ الْكَتَّانُ فِي ثَوْبِ الْكَتَّانِ بِخِلَافِ ثَوْبِ كَتَّانٍ فِي كَتَّانٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ كَتَّانٌ فَانْحَسَمَتْ مَادَّةُ السَّلَفِ وَيَمْتَنِعُ سَيْفٌ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ لِتَقَارُبِ الْمَنَافِعِ إِلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْهَرِ قَالَ سَنَدٌ: أَجَازَ يَحْيَى سُيُوفًا فِي حَدِيدٍ كَالثَّوْبِ فِي الْكَتَّانِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ صَنْعَةَ السُّيُوفِ قَرِيبَةٌ يَقْرُبُ رَدُّهَا حَدِيدًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَدْنَى السُّيُوفِ بَلْ رُبَّمَا تُقْطَعُ وَتُبَاعُ بِالْوَزْنِ كَالْحَدِيدِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهَا بِشَرْطِ إِنْ نَقَصَتْ زَادَ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَلَعَلَّ مُرَادُهُ بِالْكَتَّانِ: الْغَلِيظِ الَّذِي مِنْهُ الرَّقِيقُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ إِذَا لَمْ يَصْلُحُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا يَصْلُحُ مِنَ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ الْكَتَّانُ إِنَّمَا امْتَنَعَ إِذَا كَانَ الْأَجَلُ يَتَأَتَّى فِيهِ ثَوْبٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ ذَلِكَ الْكَتَّانُ وَمَنَعَ مُحَمَّد الْكَتَّان المغزول فِي المنقوش وَبِالْعَكْسِ لِيَسَارَةِ صَنْعَةِ

(5/233)


الْغَزْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ نَقْضِهِ قَالَ: وَالصَّوَابُ: الْجَوَازُ وَإِن سهل ذَلِك فِي الصُّوف والقطن فيُنقش وَيُنْدَفُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ السَّيْفَ الْعَالِي فِي الدَّنِيءِ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْحَدِيدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا صَنَعَ مِنَ الْحَدِيدِ سَكَاكِينَ وَسُيُوفًا وَأَغْمِدَةً صَارَتْ أَجْنَاسًا لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ تَمْهِيدٌ: قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: مَهْمَا قَدُمَ الْمَصْنُوعُ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ إِلَى أَجَلٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَصْنُوعُ امْتَنَعَ وَإِلَّا جَاءَ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ ثِيَابُ الْقُطْنِ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ إِلَّا غَلِيظَ الْمَلَاحِفِ فِي الثِّيَابِ الرَّقِيقَةِ وَكَذَلِكَ غَلِيظُ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهَا إِذا عظم ذَلِك وَاخْتلف الْمَنَافِعُ قَالَ سَنَدٌ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّ اخْتِلَافَ لَا يفْسخ كَعَمَائِمِ الْقُطْنِ فِي الْمَلَاحِفِ إِذَا تُقَارِبَ الْغِلَظَ لِأَنَّ الْمِلْحَفَةَ قَدْ تُقْطَعُ عَمَائِمَ وَقِيلَ يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَتَمْتَنِعُ فُسْطَاطِيَّةٌ مُعَجَّلَةٌ وَمَرْوِيَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ فِي فُسْطَاطِيَّتَيْنِ مُؤَجَّلَتَيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَإِن كَانَت فسطاطية فِي فسطاطيتن إِحْدَاهُمَا نَقْدٌ وَالْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِصِفَةٍ فِي الْقَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي ثَوْبٍ وَكَانَ الْفَضْلُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ أَوْ مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَازَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ وَالْآخَرُ أَطْوَلَ لِأَنَّهُمَا مُتَغَيِّرَانِ وَيَجُوزُ جَيِّدٌ فِي رَدِيئَيْنِ وَنِصْفُ جَيِّدٍ فِي كَامِلٍ رَدِيءٍ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْمَنْفَعَةُ وَاخْتَلَفَتِ الْأُصُولُ كَرَقِيقِ الْكَتَّانِ وَرَقِيقِ الْقُطْنِ: أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِأُصُولِهِمَا وَمَنَعَهُ أَشهب نظرا للمنفعة

(5/234)


فِي الْكِتَابِ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْحَمِيرُ يُسْلَمُ أَحَدُهَا فِي الْجِنْسِ الْآخَرِ لِلِاخْتِلَافِ وَيُكْرَهُ سَلَمُ الْحمير فِي البغال لتقاربهما قرب حمَار يُسَاوِي أَكثر من بغل وَيحمل كثر مِنْهُ كَالْحَمِيرِ الْمِصْرِيَّةِ الفُره فِي حُمر الْأَعْرَابِ لِضَعْفِهَا وَبُعْدِهَا عَنْ ظُهُورِ الْبِغَالِ وَتُسْلَمُ فِيهَا الْحِمَارَةُ الْفَارِهَةُ وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ فِي الْحَمِيرِ وَيُسْلَمُ كِبَارُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي صِغَارِهَا وَلَا يُسْلَمُ كِبَارُهَا فِي كِبَارِهَا إِلَّا النَّجِيبَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الدُّونِ وَإِنْ كَانَ فِي سِنِّهِ وَلَا تُسْلَمُ صِغَارُ الْغَنَمِ فِي كِبَارِهَا وَلَا مَعْزُهَا فِي ضَأْنِهَا وَلَا ضَأْنُهَا فِي مَعْزِهَا لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْجَمِيعِ اللَّحْمُ لَا الْحَمُولَةُ إِلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ تُسْلَمُ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَمَتَى اخْتلف الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ أُسْلِمَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اتَّفَقَتِ الْأَسْنَانُ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يُسْلَمُ الْكَبِيرُ فِي الصَّغِيرِ وَلَا جَيِّدٌ فِي رَدِيءٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ وَرَأَى فِي الْكِتَابِ: أَنَّ الصَّغِيرَ يُخَالِفُ الْكَبِيرَ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ إِلَّا بَنِي آدَمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ فَلَا يُرِيدُ إِلَّا غَرَرَهُمَا وَمَقْصُودُ بَنِي آدَمَ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بِتِجَارَةٍ أَوْ جَمَالٍ فَائِقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّد: امْتنَاع كَبِير فِي التَّفَاوُتُ بِتِجَارَةٍ أَوْ جَمَالٍ فَائِقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: امْتِنَاعُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَصَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِجَازَةُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ وَصَغِيرٍ فِي كَبِيرَيْنِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَدَدِ مَقْصُودٌ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ: الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ صِنْفَانِ قَالَ فَضْلٌ: هَذَا لَيْسَ خِلَافًا بَلْ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَادَةِ بِلَادِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لَا تَخْتَلِفُ الْحَمِيرُ بِالسَّيْرِ وَالْحَمْلِ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْكِتَابِ: وَأَنْكَرَهُ فَضْلٌ وَقَالَ بِالِاخْتِلَافِ وَاعْتَبَرَ فِي الْكِتَابِ: قُوَّةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْحَرْثِ وَقَالَ ابْن حبيب: إِنَّمَا يُرَاعى لهَذَا فِي الذُّكُورِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ ذَلِكَ أَمَّا الْإِنَاثُ فَلَا

(5/235)


فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا أَسْلَمَ الشَّيْءَ فِي نَوْعِهِ لِلنَّفْعِ وَفَاتَ فَكَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى الْقَابِضِ الْقِيمَةُ أَوِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِ الْبَائِعِ إِنِّي قَصَدْتُ نَفْعَ نَفْسِي خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَيَفْعَلُ مَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ تَكْذِيبِهِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ: سَلَمُ الصَّغِيرِ فِي الْكَبِيرِ مِنَ الْإِبِلِ لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ وَجَعَلَ الْحَمِيرَ وَالْبِغَالَ هَاهُنَا صِنْفًا وَفِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ صِنْفَيْنِ وَمَنَعَ من قسمتهَا بالقرعى وَمَعَ مِنْ قِسْمَتِهَا بِالْقُرْعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْمَةِ رَفْعُ الْمُخَاطَرَةِ فَاحْتَاطَ بِجَعْلِهَا صِنْفَيْنِ وَفِي السَّلَمِ: جعلهَا صنفا احيتاطياً لمنع السّلف للنفع والمزابنة فَهُوَ أَحَق احْتِيَاطٌ فِي الْبَابَيْنِ
فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ عَدَدٌ كَثِيرٌ رَدِيءٌ بِجَيِّدٍ قَلِيلٍ فَيَكُونُ الْعَدَدُ قُبَالَةَ الْجَوْدَةِ وَيَجُوزُ الْفَرَسُ الْجَمِيلُ فِي السَّرِيعِ لِأَن تقَابل الصّفة مُبَالغَة فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِ وَأَحَدُهُمَا أَجْمَلُ أَوْ فِي الْجَمَالِ وَأَحَدُهُمَا أَسْبَقُ امْتَنَعَ لِأَنَّ الْفَضْلَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَأَجَازَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ سَلَمَ الضَّأْنِ فِي الْمَاعِزِ وَرَآهُمَا صِنْفَيْنِ لِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِيهِمَا
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْحَوْلِيُّ مِنَ الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ صَغِيرٌ وَالرُّبَاعِيُّ كَبِير وَيجوز سلم أَحدهمَا فِي الْآخِرَة وَكَذَلِكَ حَوْلِيُّ الْخَيْلِ فِي جَذَعِهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم:

(5/236)


مَنَعَ الْكَبِيرَ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَالصَّغِيرَ فِي الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِنَفْعٍ فِي جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ
فَرْعٌ قَالَ: وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ فِي جِنْسِ الطَّيْرِ مَا يُوجِبُ اخْتِلَافَهُ فتمتنع الدَّجَاجَة البيوضة فِي اثْنَيْنِ لَيْسَتَا مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ الْإِوَزُّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَالدِّيَكَةُ وَالدَّجَاجُ صِنْفٌ لِتَقَارُبِ الْمَقَاصِدِ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ الْبَيُوضَةَ فِي دِيكَيْنِ
فَرْعٌ قَالَ: وَمُجَرَّدُ الْفَصَاحَةِ لَا تُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الرَّقِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ الْغَزل وَعمل الطّيب اخْتِلَافا قَالَ التونس: لَعَلَّهُ يُرِيدُ الْعِلْمَ بِالطِّيبِ لَا عَمَلَهُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْحُسْنُ لَيْسَ اخْتِلَافًا فَيَمْتَنِعُ نُوبية تَبْلُغُ بِحُسْنِهَا أَلْفَ دِينَارٍ لَيْسَ لَهَا صَنْعَةٌ مِنْ طَبْخٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَمْنَعُ طَبَّاخَةً بِطَبَّاخَتَيْنِ لِتَقَارُبِ الطَّبْخ وَجعل الكتابه التحريرة اخْتِلَافًا وَكَذَلِكَ الْجَمِيلَةُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْأَوْلَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ: وَالصَّوَابُ قَوْلُ أَصْبَغَ لِاخْتِلَافِ الطَّبْخِ وَالْجَمَالِ اخْتِلَافًا شَدِيدًا وَهُمَا مِنْ أَهَمِّ مَقَاصِدِ النَّاسِ كَمَا أَنَّ أَهَمَّ الْمَقَاصِدِ مِنَ الْخَيْلِ الْجَرْيُ وَمِنَ الْإِبِلِ الْحَمُولَةُ
فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَعَرْضًا فَلم يَأْتِ بِهِ فأقاله يرد ذهبه وعرضاً أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْ عَرْضِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فِي الذَّهَبِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلَ عَرْضِهِ أَوْ أَدْنَى لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْبَيْعِ

(5/237)


فَرْعٌ قَالَ: يَجُوزُ لِمَنْ بَاعَ طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّمَنِ فِي سَلَمِ طَعَامٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَوَّلِ أَوْ قربه لَيْلًا يَرْجِعَ ثَمَنُهُ إِلَيْهِ وَيَكُونُ فَسْخُ الثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي ثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَحَيْثُ يَجُوزُ يَمْتَنِعُ أَخْذُ رَهْنٍ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ بِالرَّهْنِ فَهُوَ يَضَعُ عَنْهُ مَنْ ثَمَنِ السَّلَمِ لِأَمْرٍ لَا يَدْرِي هَلْ يَنْفَعُهُ أَمْ لَا فَإِن وَقع ذَلِك فسح السَّلَمُ وَكَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ أَوْ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ بِهِ دُونَ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ عَنْ شَيْءٍ لِبُطْلَانِهِ وَقِيلَ: يُقْسَمُ فَتَبْطُلُ حِصَّةُ الْأَوَّلِ: لِأَنَّهُ وَقَعَ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَتَنْفُذُ حِصَّةُ الثَّانِي وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الدَّيْنِ وَلَا أَثَرَ لِلْغَرَرِ لِأَنَّ الِارْتِهَانَ غَرَضٌ صَحِيحٌ هَاهُنَا الشَّرْطُ الثَّالِثُ: السَّلَامَةُ مِنَ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ فَفِي الْكِتَابِ: لَا يسلم الْخشب فِي الْخشب إِلَّا مَعَ الاختلافا فِي الْجَانِبَيْنِ كَالْحَيَوَانِ وَيَمْتَنِعُ جَذَعٌ فِي نِصْفِ جَذَعٍ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ نِصْفٍ بِنِصْفٍ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كَثَوْبٍ فِي ثَوْبٍ دُونَهُ وَرَأْسٍ فِي رَأْسٍ دُونَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَاهُ: مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ يَجُوزُ لِلِاخْتِلَافِ وَمَنَعَ ابْنُ أَبِي زَمَنَيْنِ: جَذَعَ نَخْلٍ فِي نِصْفِ جَذَعِ صَنَوْبَرٍ وَغَيْرَ الصَّنَوْبَرِ يجوز عل رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْوَاضِحَةِ: الْخَشَبُ صِنْفٌ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أُصُولُهُ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنَافِعُ لِلْأَلْوَاحِ وَالْأَبْوَابِ وَالْجَوَائِزِ لِلسُّقُوفِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخَشَبِ الْمَنَافِعُ (لَا الْجِنْسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَشَبًا لَا يَدْخُلُ فِيمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ) قَاعِدَةٌ: الْمَنَافِعُ وَالْأَعْيَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا اتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ قَبُولِهِ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالدَّارِ وسُكناها وَمِنْهَا: مَا اتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لَهَا كَالدَّمِ وَالْخِنْزِير

(5/238)


وَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْقُبَلُ وَالْعِنَاقُ وَالنَّظَرُ إِلَى الْمَحَاسِنِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَلِذَلِكَ لَا يُوجَبُ فِيهِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ مُتَقَوَّمًا لَأَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ وَمِنْهَا: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ كَالْأَزْبَالِ وَأَرْوَاثِ الْحَيَوَانِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ مِنَ الْمَنَافِعِ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ إجَازَة وَمِنْهُم من مَنعه إِذا تقرر هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَالضَّمَانُ فِي الذِّمَمِ مِنْ قَبِيلِ مَا مَنَعَ الشَّرْعُ الْمُعَاوَضَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً لِلْعُقَلَاءِ كَالْقُبَلِ وَأَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ مَقْصُودٌ لِلْعُقَلَاءِ وَلَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا فَإِنَّ صِحَّةَ الْمُعَاوَضَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَلم يدل عَلَيْهِ فَوَجَبَ نَفْيُهُ أَوْ بِالدَّلِيلِ الثَّانِي وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى تِلْكَ الصُّوَرِ لَا لِنَفْيِ الدَّلِيلِ الْمُثبت الشَّرْط الرَّابِع: السَّلامَة من النسأ فِي الرِّبَوِيِّ فَفِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ سَلَمُ النَّقْدَيْنِ فِي تُرَاب الْمَعَادِن وَإِن كَانَ منضبطاً للنسأ فِي النَّقْدَيْنِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ قَالَ سَنَدٌ: وَيُفْسَخُ فَإِنْ فَاتَ التُّرَابُ باستخراجه فللمبتاع وَعَلِيهِ قيمَة التُّرَاب قَالَه ابْنُ حَبِيبٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تُؤْخَذَ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ حِنْطَةٌ فِي شَعِيرٍ وَثَوْبٌ وَعَدَسٌ وَثَوْبٌ مُؤَجَّلٌ وَشَعِيرٌ مُعَجَّلٌ لِأَنَّ الْمَضْمُومَ إِلَى الطَّعَامِ كَالطَّعَامِ يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُهُ لِدُخُولِ الطَّعَامِ فِي الْعَقْدِ كَمَنْ صَرَفَ ذَهَبا بِفِضَّة مَعهَا سلْعَة فتعجل النقدان تَأَخَّرت السعلة فَإِنَّهُ يمْتَنع وَقد يتَعَذَّر الْوَفَاء بالمؤجل فؤدي ذَلِكَ إِلَى النَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاجُزُ قَالَ سَنَدٌ: يَتَخَرَّجُ لهَذَا عَلَى جَمْعِ الْعَقْدِ حَلَالًا وَحَرَامًا

(5/239)


قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ إِذَا تَأَخَّرَ الثَّوْبُ وَحْدَهُ: الْجَوَازُ لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ فِي النَّقْدَيْنِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَى ضَبْطِهِ بِالصِّفَةِ قَاعِدَةٌ مَقْصُودُ الشَّارِعِ ضَبْطُ الْأَمْوَالِ عَلَى الْعِبَادِ لِأَنَّهُ أَنَاطَ بِهَا مَصَالِحَ دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ فَمَنَعَ لذَلِك من تَسْلِيم الْأَمْوَال للسفهاء وَنهى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن إِ ضاعة الْمَالِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ كَذَلِكَ فَيَجِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى إِمَّا مَعْلُومًا بِالرُّؤْيَةِ - وَهُوَ الْأَصْلُ - أَوِ الصِّفَةِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَقَاصِدِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ لَكِنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْأَغْلَبِ فَلَا عِبْرَةَ بِالنَّادِرِ فَمَا لَا تَضْبُطُهُ الصِّفَةُ تَمْتَنِعُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ لِتَوَقُّعِ سُوءِ الْعَاقِبَةِ بِضَيَاعِ الْمَالِيَّةِ فِي غَيْرِ مُعْتَبَرٍ فِي تِلْكَ الْمَالِيَّةِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَفِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ لِلْجَهْلِ بِمَا فِيهِ قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ تُرَابَ الصَّوَّاغِينَ حَتَّى صَفَّى رَدَّ البَائِع وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَعَادِنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِذَا عَيَّنَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ إِذَا لَمْ يُعَيَّنْ وَلِهَذَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَهُ الْأُجْرَةُ فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا وُجِدَ فِيهِ كَالتَّمْرِ يُبَاعُ قَبْلَ الصَّلَاحِ لِلتَّبْقِيَةِ فَيُبْقِيهِ ثُمَّ يَفْسَخُ فَيَرْجِعُ بِالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قِيمَةِ الثَّمَرَةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ: قَال ابْنُ حَبِيب: إِذَا لَمْ يخرد لَهُ فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ شَيْءٌ فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَالَ: وَالصَّوَابُ: عَدَمُ الْأُجْرَةِ إِذَا لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ

(5/240)


الثَّمَنِ فَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ خُير الْبَائِعُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَدَفْعِ الْأُجْرَةِ وَجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ فَإِذَا أَفَاتَهُ بِالْعَمَلِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ عَلَى غَرَرِهِ وَقِيلَ: إِنِ ادَّعَى مُشْتَرِي الرَّمَادِ تَلَفَهُ قَبْلَ تَخْلِيصِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ: يجوز السّلم إِلَّا فِي أَرْبَعَة: مَالا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَمَجْهُولُ الصِّفَةِ كَتُرَابِ الْمَعَادِنِ والجزاف وَمَا يتَعَذَّر جوده وَمَا يمْتَنع بَيْعُهُ كَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ
فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ وَمَنَعَهُ (ح) و (ش) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ بِالصِّفَةِ لِفَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الصَّفَاءِ وَالْجَوْدَةِ وَإِنْ ضَبَطَهُ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ بِهِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ الْمَقَامَيْنِ بَلْ يُضْبَطُ بِشِدَّةِ الصَّفَاءِ وَقِلَّتِهِ وَتَوَسُّطِهِ وَكِبَرِ الْحَبَّةِ وَصِغَرِهَا وتوسطها وسلامتها من النمش وَيُشْتَرَطُ التَّدْوِيرُ وَالِاسْتِطَالَةُ وَالْوَزْنُ أَوِ الْمِقْدَارُ وَمَا هُوَ من أَعْرَاض أَرْبَاب الْجَوَاهِر وَكَذَلِكَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ كَالتِّرْيَاقَاتِ وَالْإِيَارَجَاتِ وَالْغَوَالِي وَالْقِسِيِّ وَنَحْوِهَا وَمَنَعَهُ (ش) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُفْرَدَاتِهَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ فَضَبْطُ قِسْطِ الْمُرَكَّبِ مِنْ ذَلِكَ الْمُفْرَدِ صِفَةً وَمِقْدَارًا يَتَعَذَّرُ وَيَخْتَصُّ النِّشَابُ بِنَجَاسَةِ رِيشِ النَّسْرِ عِنْدَهُ وَالتِّرْيَاقُ بِنَجَاسَةِ لُحُومِ الْأَفَاعِي وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمُرَكَّبَاتِ مَقْصُودٌ عَادَةً وَلَا عِبْرَةَ بِمَا ذَكَرُوهُ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ السِّبَاعَ وَالْحَيَّاتِ يَطْهُرَانِ عِنْدَنَا وَمَنَعَ (ح) فِي السَّفَرْجَلِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَعْدُودَاتِ لِتَفَاوُتِ أَفْرَادِهَا فِي الْكِيَالَةِ الشَّرْطُ السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسلم فِيهِ يقبل النَّقْل حَتَّى يَتَهَيَّأَ أَنْ يَكُونَ فِي

(5/241)


الذِّمَّةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ لِأَنَّ خُصُوصَ الْمَوَاضِعِ فِيهَا مَقْصُودٌ لِلْعُقَلَاءِ فَإِنْ عُيِّنَ لَمْ يَكُنْ سَلَمًا لِأَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ كَانَ سَلَمًا فِي مَجْهُولٍ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ بِهَا الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُوم الْمِقْدَار بِالْوَزْنِ والكيل أَو الْعدَد احْتِرَازًا من الْجزَاف لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْمَجْهُول وَجعل الْمِقْدَارِ كَجَهْلِ الصِّفَةِ وَفِي الْكِتَابِ: مَنَعَ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ بِقَصْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا بِمَا لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ الْأَعْرَابِ حَيْثُ لَا مِكْيَالَ عِنْدَهُمْ وَيَفْسَخُ إِذَا وَقَعَ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَكَذَلِكَ أَشْهَبُ وَأَمْضَاهُ إِذَا نَزَلَ لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ كَالْحَوْزِ قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: يجوز وصف هَذَا الْمَسْأَلَةِ بِإِجَازَةِ السَّلَمِ فِي الْكِتَابِ بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِي الثِّيَابِ وَشِرَاءِ وَيْبَةٍ وَجَفْنَةٍ وَإِذَا أَجَزْنَا الْقَصْعَةَ عِنْدَ الْأَعْرَابِ: فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْيَسِيرِ وَعَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوَازُ فِي الْكَثِيرِ وَقِيلَ: فِي الْوَيْبَةِ وَالْجَفْنَةِ حَيْثُ لَا مِكْيَالَ وَقِيلَ: لَا بَلْ هِيَ كَالذِّرَاعِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى الْمَنْعِ إِذَا كَثُرَتِ الْوَيْبَاتُ وَالْجَفْنَاتُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَقِيلَ: الْجَوَازُ قَالَ سَنَدٌ: وَحَيْثُ أَجَزْنَا الْقَصْعَةَ وَنَحْوَهَا فَيَشْهَدُ عَلَى عِيَارِ ذَلِكَ الْوِعَاءُ خَوْفًا مِنْ تَلَفِهِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّحَرِّي وَلما أجَازه ابْن الْقَاسِم فِي المكيول دُونَ الْمَوْزُونِ فَعَلَى هَاهُنَا لِذَلِكَ وَأَجَازَ السَّلَمَ فِي سلال التِّين وَمنع غرائز قَمح وَكَذَلِكَ فعل فِي بيع الْجزَاف يجوز مَلأ السلل دون مَلأ الغارورة وَالْجُمْهُور على هَذَا الْفرق لَو أخرج الخضري مِكْيَالَهُ الْمَعْلُومَ فِي الْبَادِيَةِ امْتَنَعَ لِجَهْلِهِمْ بِهِ وَكَذَلِكَ الْبَدَوِيُّ يَقْدَمُ بِمِكْيَالِهِ وَلَوْ قَدِمَ بِغَيْرِ مِكْيَالٍ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ لِلْحَاضِرَةِ بِمِكْيَالِهِمْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْبِلَاد

(5/242)


فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ الْوَزْنُ بَلِ الصِّفَاتُ تُغْنِي عَنْهُ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ اعْتُبِرَ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ وَمَنَعَ لِأَنَّهُ قَدْ يدْخل فِيهِ من الزَّرْع مَا لَا يُتَوَهَّمُ الشَّرْطُ الثَّامِنُ: ضَبْطُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تتَعَلَّق بهَا الْأَعْرَاض لدفع الْخطر مَا لم تود إِلَى غَيْرِ وُجُودِهِ قَالَ سَنَدٌ: يَذْكُرُ فِي الرَّقِيقِ سَبْعَ صِفَاتٍ: النَّوْعَ كَالرُّومِيِّ وَالسِّنَّ وَالْقَدَّ فَيَقُولُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ أَوْ سِتَّةٌ وَالذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ وَفِي الْعَلِيِّ يَذْكُرُ الْبَكَارَةَ وَالثُّيُوبَةَ وَاللَّوْنَ وَالنَّشَاطَ وَالرَّدَاءَةَ وَرُبَّمَا أَغْنَى السِّنُّ عَنِ الْقَدِّ فِي الْعُرْفِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ سِنُّ الصَّبِيِّ مِنْ قَدِّهِ وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى الْوَسَطِ الْمُتَعَارَفِ وَالنَّادِرُ لَا يَلْزَمُ وَأَلْزَمَ (ش) اشْتِرَاطَهُ وَيُغْنِي ذِكْرُ الْعَبْدِ عَنِ الذُّكُورَةِ وَالْأَمَةُ عَنِ الْأُنُوثَةِ وَالْجِنْسُ يُغْنِي عَنِ اللَّوْنِ فَإِنَّ غَالِبَ الْحَبَشَةِ السُّمْرَةُ لِلصُّفْرَةِ وَالنُّوبَةِ السَّوَادُ وَالرُّومِ الْبَيَاضُ وَلَا يُشْتَرَطُ ذكر اللَّوْن فِي جواري الْخدمَة كالبكاره وَأَلْزَمَ (ش) اشْتِرَاطَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْغَنَمِ جِنْسُهَا ضَأْنًا أَوْ مَاعِزًا وَذُكُورَتُهَا وَأُنُوثَتُهَا وَسِنُّهَا وَجَوْدَتُهَا دُونَ نِتَاجِهَا وَاشْتَرَطَ (ش) بِلَادَهَا لَنَا أَنَّ مَنِ اشْتَرَاهَا لَا يَعْرِفُ بِلَادَهَا وَلَا نِتَاجَهَا صَحَّ فَكَذَلِك السّلم لَو اشْتَرَطَ لَوْنًا لَمْ يَلْزَمْ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ يَصِحُّ بِدُونِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْخَيْلِ أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَحَوْلِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَذُكُورَتُهَا وَأُنُوثَتُهَا وَفَرَاهَتُهَا دُونَ اللَّوْنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا فِي الْجُمْلَةِ وَكَذَلِكَ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَمِيرِ بِلَادُهَا مِصْرِيَّةٌ أَوْ شَامِيَّةٌ أَوْ أَعْرَابِيَّةٌ لِأَنَّ الْحِمَارَ الْمِصْرِيَّ رُبَّمَا بَلَغَ عِدَّةً مِنَ الْخَيْلِ وَالشَّامِيَّةَ شَدِيدَةٌ وَالْأَعْرَابِيَّةَ ضَعِيفَةٌ قَلِيلَةُ الْجَرْيِ وَسِنُّهَا وَجَوْدَتُهَا وَفَرَاهَتُهَا وَوَافَقَنَا (ش) فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ دُونَ أَعْضَائِهِ من الْجُلُود والرؤوس وَمَنَعَ (ح) لِشِدَّةِ تَفَاوُتِ

(5/243)


الْحَيَوَانِ وَعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَكَذَلِكَ أَجْزَاؤُهُ وَلِقَوْلِ الْبُحْتُرِيِّ
(وَلَمْ أَرَ أَمْثَالَ الرِّجَالِ تَفَاوَتَتْ ... إِلَى الْفَضْلِ حَتَّى عُدَّ أَلْفٌ بِوَاحِدِ)
وَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ الْأمة فَرجع وَكَذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إِنَّمَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ
(وَالنَّاسُ أَلْفٌ مِنْهُمْ كَوَاحِدٍ ... وَوَاحِدٌ كَالْأَلْفِ إِنْ أَمْرٌ عَرَا)
لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَفِي الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ (مَا شَيْءٌ يَرْبُو الْوَاحِدُ عَلَى الْأَلْفِ مِنْ جِنْسِهِ إِلَّا ابْن آدم) ولنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَلِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الرِّبَا السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى تُرَابِ الصَّاغَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْتَوْصَفُوا الْبَقَرَةَ فَوُصِفَتْ لَهُمْ فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْوَصْفُ يَضْبُطُ لَمَا كَانَ فِيهِ فَائِدَةٌ وَعَلَيْهِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ ثَمَّةَ أَصْلُ التَّمْيِيز وَهُوَ

(5/244)


لَا يَكْفِي فِي الْمُعَامَلَة وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَعَنَ اللَّهُ الْمَرْأَةَ تَصِفُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) فَأَقَامَ الْوَصْفَ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ وَعِلَّتُهُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ يَقْصُرُ عَنِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَالْمَطْلُوبُ ثَمَّةَ سَدِّ ذَرِيعَةِ الرِّبَا وَهِيَ تَنْفَتِحُ بِأَيْسَرِ الْمَحَاسِنِ وَالدَّوَاعِي وَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي صِحَة المعالمة وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي صِفَاتِ السَّلَمِ إِنَّمَا هُوَ الصِّفَات الظَّاهِرَة دون أَخْلَاق النُّفُوس ثمَّ ينتقضن عَلَيْهِمْ بِالدِّيبَاجِ الْمَنْقُوشِ أَجَازُوهُ وَبِالْعَصَافِيرِ مَنَعُوهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ وَالدِّيبَاجُ شَدِيدُ الِاخْتِلَافِ وَلِأَنَّ الصِّفَاتِ الْمَقْصُودَةَ مَعْلُومَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عِبَارَةٌ فَيَقْتَصِرُ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهِ فَلَا جَهَالَةَ أَلْبَتَّةَ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَنَعَ الصِّحَّةَ وَعَنِ الرَّابِعِ انْضِبَاطُ الصِّفَاتِ الْمَالِيَّةِ فِي الْحَيَوَانِ بِخِلَافِ تُرَابِ الصَّاغَةِ ويؤكد مَذْهَبنَا: أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَقَضَى خِيَارًا) فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَمَا تَقَرَّرَ قَرْضًا تَقَرَّرَ سَلَمًا بِجَامِعِ ضَبْطِ الصِّفَةِ وَعَلَيْهِ أَنَّ الْقَرْضَ مَعْرُوفٌ فَيُسَامَحُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُمْ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَبْوَابُ تَنْمِيَةِ مَال بل مَعْرُوف ومحاسنة وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصَفَ الدِّيَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ وَالزَّكَاةُ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَذَا السَّلَمُ وَعَلَيْهِ أَنَّهَا بَابُ مَعْرُوفٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فَيَكُونُ مُثَمَّنًا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ ثَمَنًا عُلِمَ بِالرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْفَاكِهَةِ جِنْسُهَا وَصِفَتُهَا وَقَدَرُ التُّفَّاحَةِ وَالرُّمَّانَةِ وَجَوْدَتُهَا وَرَدَاءَتُهَا وَيُشْتَرَطُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ مَا عُرِفَ فِيهِ

(5/245)


فَإِنْ كَانَ يُبَاعُ عِنْدَهُمْ حُزماً: فَعَدَدُ أَعْوَادِهَا وَطُولُ الْعُودِ وَغِلَظُهُ وَجَوْدَتُهُ وَرَدَاءَتُهُ وَإِنْ كَانَ يَبِيع بِالْوَزْنِ اشْترط وَلَا يلْزمه أعلا الْعود لعدم حلاوته وَلَا أَسْفَله لفرط يبيوسته بَلْ يَطْرَحُ ذَلِكَ وَقَالَ (ش) : لَا يَصِحُّ السّلم فِيهِ إِلَّا وزنا لعدم انضابط الْعَدَدِ فِي الْمِائَةِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ يُقضي لِلْجَهَالَةِ فِي بَلَدٍ لَا يَعْرِفُونَ الْوَزْنَ فَيَتَحَمَّلُونَ أَنَّ الْوَزْنَ يَحْصُلُ عَدَدًا مِنَ الْعِيدَانِ فَيَتَخَرَّجُ خِلَافُهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ إِنَّمَا تَضْبُطُ مَعْرِفَتَهَا الْعَوَائِدُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي أَبْوَابِ الرِّبَوِيَّاتِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَكْفِي الْعَدَدُ فِي الرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ إِذَا وُصِفَتْ مَقَادِيرُهَا وَيَجُوزُ الْوَزْنُ إِذَا كَانَ عَادَةً وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَلَا يُسْلِمُ فِي الْبَيْضِ إِلَّا عَدَدًا لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَوَافَقَنَا (ح) فِي اتِّبَاعِ الْعَوَائِدِ وَجَوَّزَ (ش) فِي الْمَكِيلَاتِ الْوَزْنَ وَبِالْعَكْسِ قَالَ سَنَدٌ: وَيُذْكَرُ جِنْسُ بَيْضِ الدَّجَاجِ أَوْ غَيْرِهِ وَصِغَرِهِ وَكِبَرِهِ وَوَافَقَنَا (ح) وَمَنَعَهُ (ش) إِلَّا وَزْنًا لِشِدَّةِ التَّفَاوُتِ فِي مَقَادِيرِ الْبَيْضِ
فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَتَى اشْترط جيدا أَو ردياً حُمل عَلَى الْوَسَطِ مِنَ الْجَيِّدِ أَوِ الرَّدِيءِ وَلَو قَالَ: وسطا فوسط ذَلِك النّصْف
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَذْكُرِ الْجَيِّدَ مِنَ الرَّدِيءِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْأَرْفَعِ لِفَسَادِ أَصْلِ الْعَقْدِ

(5/246)


فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ مِصْرِيٌّ فِي حِنْطَةٍ لَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا: قُضِيَ بِالْحَمُولَةِ أَوْ بِالشَّامِ قُضِيَ بِالسَّمْرَاءِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ الصِّفَةِ بالحجار حَيْثُ يجْتَمع أَنْوَاع الْحُبُوب قيد التَّمْيِيزُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ خُصُوصِ الْإِقْلِيمِ الْقَائِمِ مَقَامَ الصِّفَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ: إِذَا أَسْلَمَ بِمِصْرَ فِي حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ رَدِيئَةٍ أَجْزَأَهُ وَكَانَ لَهُ الْوَسَطُ مِنَ الْجَيِّدِ أَوِ الرَّدِيءِ قَالَ سَنَدٌ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي صِحَّةِ الِاقْتِصَارِ على الْجَوْدَة قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: فِي غَايَةِ الْجَوْدَةِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ هَذَا يَتَعَذَّرُ وُجُودُهُ وَلِذَلِكَ مَنَعَهُ (ش) وَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْضَى بِالْغَالِبِ مِنَ الْجَيِّدِ أَوِ الرَّدِيءِ لَا بِنَادِرِهِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يَكْفِي أَصْلُ الْوَصْفِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ مَرَاتِبِهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْخُصُومَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ من الْمُسلم أَن يكون كالمربي بل حُصُول الْمَقَاصِد من حَيْثُ الْجُمْلَة ويفتقر فِي الْمُثَمَّنِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَدْخُلُ الْحَشَفُ فِي وَصْفِ الرَّدِيءِ وَقَالَ (ش) : لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ حَشَفَةً وَاحِدَةً لنا: الْقِيَاسَ عَلَى الْعَظْمِ فِي اللَّحْمِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَبِيعُ غَالِبًا وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذكر المنفى أَوِ الْمُغَلَّثِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الثَّمَنِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ السَّلَامَةُ فَإِنْ أَتَاهُ بَغَلُوثٍ كَانَ عَيْبًا وَيُخْتَلَفُ فِي اشْتِرَاطِ اللَّوْنِ فِي الشَّعِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَشْتَرِطُ أَصْفَرَ أَوْ أَبْيَضَ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ وَإِلَّا فُسِخَ وَخَالَفَ أَشْهَبُ
فَرْعٌ قَالَ سَنَدٌ: يَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ الْجِنْسَ كَالْكَتَّانِ وَالْبَلَدَ لاخْتِلَاف نسج

(5/247)


الْبِلَاد والطول الصفاقة وَالْخِفَّةَ وَالْغِلَظَ وَالرِّقَّةَ زَادَ الشَّافِعِيَّةُ: النُّعُومَةَ وَالْخُشُونَةَ والجودة والرداءة وَلم يشْتَرط ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ يُخرجهَا إِلَى الْعدة وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ اللَّبِيسِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّة فِي الصبوغ بَعْدَ نَسْجِهِ لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي ثَوْبٍ وَصِفَةٍ لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى الْمَصْبُوغِ قَبْلَ نَسْجِهِ وَيَجُودُ فِي الْعَتَّابِيِّ وَنَحْوِهِ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ كَالْغَوَالِي وَالْمَعَاجِينِ عَلَى أَصْلِهِمْ لَنَا: أَنَّ الْقُطْنَ الْمُسَدَّى بِالْكَتَّانِ جَائِزٌ إِجْمَاعًا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ فِي الْقَصِيلِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْبُقُولِ إِذَا اشْترط جزراً أَوْ حُزَمًا أَوْ أَحْمَالًا مَعْلُومَةً وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَخْذُ إِلَّا فِي الْإِبَّانِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ إِلَّا أَن يكون لَا يَنْقَطِع وَكَذَلِكَ الْقصب والقرط الْأَخْضَرُ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ فَدَادِينَ مَوْصُوفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الجُرز بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء وَضم الزَّاي أَيْضًا وَآخِرُهُ زَايٌ مَفْتُوحَةٌ وَرُوِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِزَايَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَهِيَ الْقُبَضُ فَإِنَّهَا لَا تخْتَلف والجزة تخْتَلف فِي اللطافة والكثافة وَمُرَادُهُ بِالْفَدَادِينِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ والقرط بِضَمِّ الْقَافِ وَأَرَاهُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَالْقَضْبُ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الضَّادِ قَالَ سَنَدٌ مَنَعَ (ش) السَّلَمَ فِي هَذِهِ إِلَّا وَزْنًا وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَتَجُوزُ الْفَدَادِينُ الْمُعَيَّنَةُ إِذَا عُلِمَتْ صِفَتُهَا وَالْمَمْنُوعُ غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ لِأَنَّ السَّلَمَ لَا بُدَّ فِيهِ

(5/248)


مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالرَّيَّاحِ وَالسَّقْيِ وَالْجَوْدَةِ فِي الْحَبِّ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ غَرَرًا وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ بِنَاءً عَلَى غَالِبِ تِلْكَ الأَرْض وَيمْتَنع هَا هُنَا تَأْخِير لنقد كَمَا قُلْنَا فِي السَّلَمِ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ وَهَذَا سَلَمٌ وَالْفَرْقُ عِنْدَ أَشْهَبَ بَيْنَ الْفَدَادِينِ وَالسَّلَمِ فِي الدُّورِ وَإِنِ اشْتَرَطَ نَفْسَ الْبُقْعَةِ أَنَّ أَشْهَبَ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْفَدَادِينِ إِلَّا الْقَرْيَةَ دُونَ صَقْعٍ مُعَيَّنٍ وَالدُّورُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَشْخِيصِ الْأَرْضِ فَيَمْتَنِعُ لِاحْتِمَالِ التَّعَذُّرِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ يَصِفُ فِي الرَّأْس والكارع صِنْفَهَا وَكِبَرَهَا وَفِي اللَّحْمِ ضَأْنًا أَوْ مَاعِزًا وَزْنًا أَوْ تَحَرِّيًا مَعْرُوفًا لِجَوَازِ بَيْعِهِ تَحَرِّيًا وَفِي الْحيتَان الطرية نوعها وطولها وصفتها ووزنا أَوْ تَحَرِّيًا وَلَهُمَا بَعْدَ الْأَجَلِ الرِّضَا بِغَيْرِ النَّوْعِ الَّذِي يُسْلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الرِّبَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يَشْتَرِطُ فِي اللَّحْمِ أَرْبَعَةً: الْجِنْسَ كَالضَّأْنِ وَالسِّنَّ كَالْجَذَعِ وَالصِّنْفَ كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَالْهَيْئَةَ مِنَ السِّمَنِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْعُضْوَ وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ الْبَطْنَ فِي اللَّحْمِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَى أَن ذَلِك عَادَتهم أما الْيَوْم فَلَا وتسمة النَّاحِيَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْهَا أَجْوَدُ قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَ (ح) السّلم فِي اللَّحْم والرؤوس لِامْتِنَاعِهِ فِي اللَّحْمِ وَمَنَعَ (ش) فِيهِمَا لِأَنَّ أَكْثَرَهَا عِظَامٌ فَيَمْتَنِعُ كَرَمَادِ الصَّاغَةِ وَجَوَّزَ فِي اللَّحْمِ أَمَّا مَا مَسَّتْهُ النَّارُ: فَمَنَعَهُ (ش) فِي اللَّحْمِ لِاخْتِلَافِ عَمَلِ النَّارِ وَنَقَضَ عَلَيْهِ بِالسَّمْنِ وَالتَّمْرِ لِاخْتِلَافِ عَمَلِ النَّارِ فِي السَّمْنِ وَالشَّمْسِ فِي التَّمْرِ وَأَنْ تَمْتَنِعَ الْإِجَارَةُ فِي ذَلِك لِأَنَّهَا مَجْهُولَة وللرؤوس سِتَّةُ شُرُوطٍ: النَّوْعُ مِنْ غَنَمٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالسِّنُّ وَالذُّكُورَةُ الْأُنُوثَةُ وَالسِّمَنُ مَشْوِيٌّ أَوْ

(5/249)


مَغْمُومٌ وَإِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْوَزْنِ كَانَ أَضْبَطَ وَمَنَعَ (ش) و (ح) الْأَكَارِعَ وَيُزَادُ فِي الْأَكَارِعِ: مُقَدَّمٌ أَوْ مُؤَخَّرٌ وَلِلْحِيتَانِ سِتَّةُ شُرُوطٍ: النَّوْعُ: لَاجٌ أَوْ بُورِيٌّ وَالسِّمَنُ وَالصِّغَرُ وَالْكِبَرُ الْجيد وَالرَّدِيءُ وَمَوْضِعُ الصَّيْدِ فَإِنَّ نَوَاحِيَ الْبَحْرِ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الْمَرْعَى وَالْوَزْنُ أَوِ التَّحَرِّي وَيَذْكُرُ فِي الْكَثِيرِ: الطُّولَ وَالْغِلَظَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَقُولُ فِي التَّحَرِّي: أُسْلِمُ لَكَ فِيمَا إِذَا تَحَرَّى كَانَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ يُعَيِّنُ إِنَاءً وَيَتَحَرَّى مِلَاؤُهُ وَيَقُولُ آخر بِهَذَا وَكَذَا وَكَذَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْخُفِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعْمَلُ فِي الْأَسْوَاقِ إِذَا وَصَفَهُ إِلَى أَجَلِ السَّلَمِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ صَانِعًا بِعَيْنِه لَيْلًا يَتَعَذَّرَ وَلَا بِمَا يَعْمَلُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ قَالَ سَنَدٌ: قَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ اشْتِرَاطُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إِذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ حِينَئِذٍ وَمَنَعَ (ش) فِي خَشَبِ النِّشَابِ لِاخْتِلَافِ نَجَابَتِهِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا كَالْإِجَارَةِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُشْتَرَطَ عَمَلُ فُلَانٍ إِذَا كَانَ كَثِيرًا فِي الْأَسْوَاقِ وَيَجُوزُ فِي سَيْفٍ صِفَتُهُ كَذَا يَضْرِبُهُ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيدِ وَالْحَدِيدُ لَا يَخْتَلِفُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ: مَعَ هَذَا الْحَدِيدِ: تَضْرِبُهُ لِي سَيْفًا لِأَنَّهُ سَلَمٌ وَالْأَوَّلُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَوَافَقَنَا (ح) فِي السَّلَمِ فِي الْمَضْرُوبِ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارَ إِذَا حَضَرَ الْمَضْرُوبُ لِأَنَّهُ عَمَلُ النَّاسِ خَلَفًا وَسَلَفًا وَمَنَعَ (ش) لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَلَا صِفَةً فِي الذِّمَّةِ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ صِفَةٌ فِي الذِّمَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ مِنَ الْمُعَيَّنِ إِنْ كَانَ لَا يَخْتَلِفُ صِفَةٌ كَالْقَمْحِ يُطْحَنُ وَالثَّوْبِ يُخَاطُ أَوْ يَخْتَلِفُ إِلَّا أَنْ يُمكن إِعَادَتُهُ لِلْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ كَالْحَدِيدِ فِي السَّيْفِ جَازَ فَإِنِ اشْتَرَى الرَّصَاصَ

(5/250)


امْتَنَعَ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ فِي السَّبْكِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْضَبِطُ فِي صِفَتِهِ أَوْ يَخْتَلِفُ خُرُوجُهُ امْتَنَعَ كَالثَّوْبِ يُشْتَرَطُ صَبْغُهُ وَالْغَزْلُ يُشْتَرَطُ نَسْجُهُ وَإِن كَانَ كثيرا حَتَّى إِذا خَالف بعضه عُمِلَ مِنَ الْبَعْضِ الْآخَرِ جَازَ وَحَيْثُ أَجَزْنَا فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ أَوْ يَخْتَلِفُ وَيُعَادُ فَلَا بُدَّ مِنَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ أَوِ الْقَمْحُ قَبْلَ الْعَمَلِ جَرَى عَلَى التَّفْصِيلِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ
فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي صِفَاتِ السَّلَمِ: أَنْ يُرِيَهُ عَيْنًا وَيَقُولَ: عَلَى صِفَةِ هَذَا فَتَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْمَنْعُ لِأَنَّ مِثْلَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَعْسُرُ وَهُوَ مُقْتَضَى الرُّؤْيَةِ الَّتِي دَخَلَا عَلَيْهَا
فَرْعٌ قَالَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدَّنَانِيرِ خِلَافًا لِ (ح) لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ ثَمَنًا جَازَ مُثْمَنًا كَالْعَرْضِ
فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ: مُقْتَضَى أُصُولِنَا: جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْأَجْوَدِ مِنَ الطَّعَامِ أَوْ أَدْنَاهُ خِلَافًا لِ (ش) فِي الْأَجْوَدِ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ بَلْ مَعْلُومٌ مُتَيَسَّرٌ عِنْدَ النَّاسِ
الشَّرْطُ التَّاسِعُ: أَنْ يكون إِلَى أجل وَيمْتَنع السّلم الْحَال وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَوَّزَ (ش) الْحَالَّ لقَوْله تَعَالَى {وَأحل الله البيع} وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اشْتَرَى جَمَلًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بوسقٍ مِنْ تمرٍ قَلما دخل الْبَيْت لم

(5/251)


يجد التَّمْر فَقَالَ الْأَعرَابِي: لَمْ أَجِدِ التَّمْرَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاغَدْرَاهُ فَاسْتَقْرَضَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَعْطَاهُ) فَجَعَلَ الْجَمَلَ قُبَالَةَ وَسْقٍ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا السَّلَمُ الْحَالُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ فِي الْبُيُوعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَجَلُ وَلِأَنَّهُ إِذَا جَازَ مُؤَجَّلًا فَحَالًّا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الأول: أَنه مَخْصُوص بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْآيَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَهُوَ أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَعَنِ الثَّانِي: إِنْ صَحَّ فَلَيْسَ بِسَلَمٍ بَلْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى تَمْرٍ مُعَيَّنٍ مَوْصُوفٍ فَلِذَلِكَ قَالَ: لَمْ أَجِدْ شَيْئًا وَالَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ لِيُسْرِهِ بِالشِّرَاءِ لَكِنْ لَمَّا رَأَى رَغْبَةَ الْبَدَوِيِّ فِي التَّمْرِ اشْتَرَى لَهُ تَمْرًا آخَرَ وَلِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى التَّمْرِ فَيَكُونُ ثَمَنًا لَا مُثْمَنًا لِأَنَّ الْبَاءَ مِنْ خَصَائِصِ الثَّمَنِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعُهُ الْمُكَايَسَةُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَاسِبُهَا وَالسَّلَمَ مَوْضُوعُهُ الرِّفْقُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَافِيهِ وَيَبْطُلُ مَدْلُولُ الِاسْمِ بِالْحُلُولِ فِي السَّلَمِ وَلَا يَبْطُلُ مَدْلُولُ الْبَيْعِ بِالتَّأْجِيلِ فَلِذَلِكَ صَحَّتْ مُخَالَفَةُ قَاعِدَةِ الْبَيْعُ فِي الْمُكَايَسَةِ بِالتَّأْجِيلِ وَلَمْ يَصِحَّ مُخَالَفَةُ السَّلَمِ بِالتَّعْجِيلِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّهُ جَوَابُ الثَّالِثِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّ الْأَوَّلَوِيَّةَ فَرْعُ الشَّرِكَةِ وَلَا شَرِكَةَ هَاهُنَا بَلِ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ جَازَ مُؤَجَّلًا لِلرِّفْقِ وَالرِّفْقُ لَا يَحْصُلُ بِالْحُلُولِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ يَنْتَفِي أَلْبَتَّةَ سَلَّمْنَا الشَّرِكَةَ لَكَنْ لَا نُسلم عَدَمَ الْغَرَرِ مَعَ الْحُلُولِ بَلِ الْحُلُولُ غَرَرٌ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهِ حَالا

(5/252)


فَعُدُولُهُ إِلَى السَّلَمِ قَصْدٌ لِلْغَرَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ: فَالْأَجَلُ يُعِينُهُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَالْحُلُولُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَبَقِيَ الْغَرَرُ وَلِهَذَا هُوَ الْغَالِبُ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُعَيَّنِ أَكْثَرُ وَالْغَالِبُ: أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْأَكْثَرِ فَتَرَكَهُ الْآنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فَيَنْدَرِجُ الْحَالُّ فِي الْغَرَرِ فَيَمْتَنِعُ فِي فَيَنْعَكِسُ عَلَيْهِمُ الْمَقْصُودُ ثُمَّ نَقُولُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي السَّلَمِ فَلَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى وَاحِدٍ كَالثَّمَنِ تَفْرِيعٌ: فِي الْكِتَابِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْعِشْرِينَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَقَالَ (ح) : الْأَجَلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَالْخِيَارِ أَوْ نِصْفُ يَوْمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ مِنَ الْمَجْلِسِ فَيخرج علن السَّلَمِ الْحَالِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ الْحَالُّ وَإِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ كَاللَّحَّامِ وَالْفَكَّاهِ وَالرَّطَّابِ وَالْحَالُ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَبَيْنَهُمَا قَرِيبٌ وَعَن مَالك: إِجَارَته إِلَى الْيَوْمِ مُطْلَقًا وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ: إِلَى الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ أَحْسَنُ مِنْ بَعِيدِ الْأَجَلِ وَتَسْمِيَةُ الْأَجَلِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ وَسَاقِطَةٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا إِذَا شُرِطَ الْقَبْضُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ يُقْبَضُ الْمُشْتَرَى فِيهِ عَادَةً وَسَاقِطٌ إِذَا كَانَتْ عَادَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ عَادَة وَشرط الْقَبْض فِي غير بلد فَقِيلَ: الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ كَالْأَجَلِ إِذَا خَرَجَا على الْفَوْر ويجيران عَلَى الْقَبْضِ عِنْدَ الْوُصُولِ وَقِيلَ: فَاسِدٌ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ السَّلَمَ يَتَضَمَّنُ الْمَكَانَ وَالزَّمَانَ فَذِكْرُ أَحَدِهِمَا لَا يُغْنِي عَنِ الْآخَرِ قَالَ سَنَدٌ: وَإِذا قُلْنَا: لابد مِنْ أَجَلٍ تَتَغَيَّرُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ فَعَقَدَا عَلَى خِلَافِهِ اسْتَحَبَّ مُحَمَّدٌ فَسْخَهُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا يَجِبُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَمْ يَفْسَخْهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ: وَالْقِيَاسُ: الْفَسَادُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ السَّلَمُ إِلَى

(5/253)


يَوْمٍ فَقِيلَ: هِيَ رِوَايَةٌ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ وَقِيلَ: بَلِ الْمَذْهَبُ لَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِهِ وَإِنَّمَا هَذَا خِلَافٌ فِي مِقْدَارِهِ الشَّرْطُ الْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَنِ فَهُوَ مَبِيعٌ فَيَكُونُ مَعْلُومًا قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِذَا قَالَ: إِلَى يَوْمِ كَذَا فَالْحَدُّ طُلُوعُ الْفَجْرِ أَوْ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ غُرُورٌ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: يُكْرَهُ فَقَطْ لِاقْتِضَائِهِ الْمُخَاصَمَةَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ الشَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ نَقْلًا قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَأَجَازَهُ (ح) وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ إِلَى الْحَصَادِ وَمَا تَضْبِطُهُ الْعَادَةُ وَمَنَعَ (ش) و (ح) إِلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ عِنْدَهُمَا عَادَةً وَيَكُونُ الْأَجَلُ مُعْظَمَ ذَلِكَ دُونَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ تُحْسَبُ بِالْأَهِلَّةِ وَيُكَمَّلُ الْكَسْرُ مِنَ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ وَإِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ رَمَضَانَ فَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَفِي الْجُمُعَةِ أَوْ فِي رَمَضَانَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَيُكْرَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: إِنِ اخْتَلَفَ بِذَلِكَ الثَّمَنُ فُسِخَ وَإِلَّا فَلَا وَإِلَى أَوَّلِ يَوْمٍ فِي آخِرِهِ فَهُوَ السَّادِسَ عَشَرَ وَإِلَى آخَرِ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ الْخَامِسَ عَشَرَ الشَّرْطُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ الْمُشْتَرط زمَان وجوده احْتِرَازًا مِنَ السَّلَمِ فِي فَاكِهَةِ الشِّتَاءِ لِأَجَلٍ فِي الصَّيْفِ وَبِالْعَكْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْهُ غَرَرٌ فَيَمْتِنَعُ الشَّرْطُ الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ مَأْمُونَ التَّسْلِيم عِنْد الْأَجَل احْتِرَازًا مِنَ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْأَجَلِ لَكَنَّهُ يَتَوَقَّعُ الْعَجز عَنهُ لَيْلًا يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا

(5/254)


قَاعِدَةٌ: السَّلَفُ رَخَّصَ فِيهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ لِمَصْلَحَةِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الْعِبَادِ فَاسْتَثْنَاهُ لِذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لِعَدَمِ التَّنَاجُزِ فِيهِ فَإِنْ فُعِلَ لِغَيْرِ الْمَعْرُوفِ امْتَنَعَ فَإِذَا آلَ أَمْرُ الثَّمَنِ إِلَى السَّلَفِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْرُوفَ أَوَّلًا امْتَنَعَ لِفُقْدَانِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ أَوْ لِأَنَّ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ إِذَا وَقَعَ لِغَيْرِ اللَّهِ امْتَنَعَ وَيُفِيدُنَا هَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُعَلِّلُ الْأَصْحَابُ بِقَوْلِهِمْ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سلفا فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ زَهْوِهِ لِيَأْخُذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لِتَوَقُّعِ هَلَاكِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ أَزْهَى لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ
فَرْعٌ قَالَ يُمْنَعُ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ بِصِفَةٍ وَإِنْ كَانَتْ حوامل لعدم الوثوق بنسله وَإِنَّمَا يَصِحُّ مَضْمُونًا وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَالصُّوفُ إِلَّا فِي الْإِبَّانِ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ ويُشترط الْأَخْذُ فِي الْإِبَّانِ وَإِنْ لَمْ يُنَفَّذْ إِذَا شُرِعَ فِي الْأَخْذِ فِي يَوْمِهِ إِلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ فَإِنْ سَلَفَ فِي لَبَنِهَا قَبْلَ الْإِبَّانِ وَاشْتَرَطَ الْأَخْذَ فِيهِ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالتَّسْلِيمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ الْمُعَيَّنِ الْمَوْصُوفِ إِذَا لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ وَكَانَ الْوَضْعُ قَرِيبًا فَإِنْ خَرَجَ عَلَى الصِّفَةِ دَفَعَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَلَا غَرَرَ وَلَا يَكُونُ الثَّمَنُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا فَيَجُوزُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَ الْوَضْعُ بَعِيدًا فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْمَنْعُ لِتَرَدُّدِ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالثَّمَنِ وَأَصْلُ غَيْرِهِ: الْجَوَازُ إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ كَثِيرَةً فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي

(5/255)


لَبَنِهَا فِي الْإِبَّانِ وَشِرَاؤُهُ جِزَافًا بَعْدَ اخْتِبَارِهِ وَإِنْ كَانَتْ كَالشَّاتَيْنِ جَازَ السَّلَمُ فِي نِصْفِ لَبَنِهَا وَمَا الْغَالِبُ حُصُولُهُ مِنْهَا وَكُرِهَ شِرَاءُ جُمْلَتِهِ لِتَوَقُّعِ اخْتِلَافِهِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ يُحَصِّلُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَمْ يُكْرَهْ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا عَنِ الْمُعْتَادِ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ أَضَرَّ بِهَا الْحَلَّابُ جُمْلَةً كَانَ لِصَاحِبِهَا الْفَسْخُ وَكَذَلِكَ الْغنم الْكَثِيرَة إِذا أَخذهَا الجرب وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي جُبْنِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ وَزُبْدِهَا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ صِفَتَهُ وَاخْتُلِفَ فِي السَّمْنِ وَالْأَقِطِّ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ لِاخْتِلَافِهِمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُرْهُهُ لِبُعْدِهِ كَاشْتِرَاطِ أَخْذِ الزَّهْوِ تَمْرًا أَوْ كَشِرَاءِ الزَّيْتُونِ عَلَى أَنَّ عَلَى بَائِعِهِ عَصْرَهُ فَلَا تُعْلَمُ صِفَتُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي نَسْلِ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ وَصفه وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم السيوري: إِذَا لَمْ يَنْقُدْ وَشَرَطَ: إِنْ وَافَقَ الْعَقْدَ أَخَذَهُ جَازَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ يَتَخَرَّجَانِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ الْغَرِقَةِ
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى جِزَازَ كِبَاشٍ مُعَيَّنَةٍ فَيُصَابُ بَعْضُهَا قَبْلَ الْجَزِّ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ مَقَالٌ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: ذَلِكَ إِذَا فُقِدَتْ أَعْيَانُهَا بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا بِالْمَوْتِ: فَلِلْمُشْتَرِي صُوفُهَا لِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا عِنْدَ النَّاسِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَعَلَّهُ يَعْنِي إِذَا اشْتَرَاهُ وَزْنًا أَمَّا جِزَافًا فَلَا يُوضَعُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ

(5/256)


فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا يَنْقَطِعُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَيُشْتَرَطُ (أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ قَالَ سَنَدٌ: لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: يُسَلَّمُ فِي الْإِبَّانِ بِشَرْطِ) الْأَخْذِ فِيهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِنِ اشْتَرَطَ أَخَذَهُ فِي غَيْرِ إِبَّانِهِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا السّلم فِي الإبان أم لَا قَولَانِ وَإِن أسلم فِي غير الإبان وَاشْتَرَطَ أَخْذَهُ فِي الْإِبَّانِ أَجَازَهُ مَالِكٌ و (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَاشْتَرَطَ (ح) : اسْتِقْرَارَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إِلَى زَمَانِ التَّسْلِيمِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْبَائِعِ فَيَحِلُّ السَّلَمُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُؤْخَذ السّلم فِيهِ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْدُومًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عِنْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ فَيَكُونُ غَرَرًا فَيَمْتَنِعُ إِجْمَاعًا وَلِأَنَّهُ غَائِبٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعْدُومِ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ وَلِأَنَّ الْعَدَمَ أَبْلَغُ مِنَ الْجَهَالَةِ فَيَبْطُلُ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْمَجْهُولَ الْمَوْجُودَ لَهُ ثُبُوتٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ نَفْيٌ مَحْضٌ وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ مِنِ انْتِهَائِهَا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَمُنَافَاةِ اشْتِرَاطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيهِ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فَيُنَافِي التَّحْرِيمَ أَوَّلُهُ دُونَ آخِرِهِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا مَعَ شُرُوطٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكُلُّ مَا نَافَى آخِرَ الْعَقْدِ نَافَى أَوَّلَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَالْعَدَمُ يُنَافِي عَقْدَ الْأَجَلِ فَيُنَافِي الْعَقْدَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ لَكَانَ الْأَجَلُ فِي السَّلَمِ مَجْهُولًا لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ كُلِّ سَلَمٍ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ بَلِ الْأَصْلُ: الْعَدَمُ إِلَى حِينِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ وَقَعَ وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ إِلَى الْإِبَّانِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا

(5/257)


يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلِعَدَمِ الْوُجُودِ يَمْتَنِعُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمِ الْغُرَمَاءَ الصَّبْرُ إِلَى الْإِبَّانِ وَيُحَاصِصُوا الْمُشْتَرِيَ فَمَا نَابَهُ وَقَفَ فَإِن اتّفق الْوَرَثَةِ عَلَى أَصْلِ الْقِيمَةِ جَازَ إِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ إِلَى الْإِبَّانِ فَيَشْتَرِي بِهَا مَالَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْفَصْلِ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ يُعَارَضُ بِالْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ الْأَعْيَانِ فِي إِبَّانِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى الْعَدَمِ فِي السَّلَمِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى ادِّعَاءِ وَجُودِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ سَلَمًا فَلَا يَلْزَمُ مِنَ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ لِلْحَاجَةِ ارْتِكَابُهُ لِغَيْرِهَا فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الشَّرْعِ مِنَ الرِّفْقِ فِي السَّلَمِ إِلَّا مَعَ الْعَدَمِ وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ السَّلَمِ وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُنْضَبِطَةٌ مَعَ الْعَدَمِ بِالصِّفَاتِ وَهِيَ مَقْصُودُ عُقُودِ التَّنْمِيَةِ بِخِلَافِ الْجَهَالَةِ ثُمَّ ينْتَقض مَا ذكر الْمَعْقُود بِالْإِجَارَةِ تَمْنَعُهَا الْجَهَالَةُ دُونَ الْعَدَمِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ آكَدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لَكَنْ آكَدُ مِنَ اسْتِمْرَارِ آثَارِهَا وَنَظِيرُهَا هُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ الْعَقْدِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ وَعَدَمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ التَّسْلِيمِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمَالِيَّةِ أَلْبَتَّةَ بَلِ الْمَالِيَّةُ مَضْمُونَةٌ بِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسَلُّمِ فَهَذَا الْعَدَمُ حينئذٍ طَرْدِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ مُطْلَقًا ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قدِم الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسلفون فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ والسنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ووزنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) يَدُلُّ مِنْ وُجُوهٍ: أَحدهَا: أَن تمر السَّنَتَيْنِ مَعْدُومٌ وَثَانِيهَا: أَنَّهُ أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَثَالِثِهَا: أَنَّ الْوُجُودَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لَمْ يَجْعَلْهُ الْمُتَعَاقِدَانِ مَحَلًّا

(5/258)


للْمُسلمِ فِيهِ فَلَا يعْتَبر وجوده كَمَا بعد الْأَجَل لَان الْقُدْرَة على التسلم إِذا بطلبت فِي وَقت اقْتَضَاهُ العقد أما مَا يَقْتَضِيهِ فَيَسْتَوِي قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَوَقُّعِ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ الْوُجُودِ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ وَكَمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُلغى إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الْآخَرُ وَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ أَثْمَانِ بُيُوعِ الْآجَالِ قَبْلَ مَحَلِّهَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي طَعَامِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ ثَمَرِهَا أَوْ غَيْرِهِمَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَيُشْتَرَطُ الْأَخْذُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ إِذَا كَانَتْ لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا يَنْقَطِعُ كَالْبُسْرِ فَيُشْتَرَطُ أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي ذَلِكَ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهَا الشَّرْطُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْمُسلم فِيهِ دينا فِي الذِّمَّة احْتِرَازًا مِنْ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَفِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا أَجَلًا بَعِيدًا خَشْيَةَ هَلَاكِهَا قَبْلَهُ وَيَجُوزُ لِلْيَوْمَيْنِ لِقُرْبِهِمَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فَيَجُوزُ مَا لَا غَرَرَ فِيهِ كَالْيَوْمَيْنِ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّلَاثِ فِي الثَّوْبِ وَالشَّهْرِ فِي الدَّارِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ أُسْقِطَ الْأَجَلُ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسَادِ اخْتُلِفَ فِي الْإِمْضَاءِ قَالَ: وَأَرَاهُ جَائِزًا إِذَا رَضِيَا وَكَأَنَّهُ عَقْدٌ مُبْتَدَأٌ وَإِذا قَالَ: هُوَ مِنْ ضَمَانِي عِنْدَكَ جَازَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: بَلْ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ زَادَ الضَّمَانَ ثَمَنًا وَالضَّمَانُ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ قَالَ سَنَدٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْبِضَ إِلَى شهر بل أَنَّ الْأَصْلَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَبَقَاؤُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ وَالْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مَنَافِعُهَا لِلْأَجِيرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ فَلَمْ يُنَاقِضِ الْعَقْدَ وَإِذَا صَحَّحْنَا الشَّرْطَ: فَالضَّمَانُ فِي الْمُدَّةِ مِنَ الْبَائِعِ اسْتِصْحَابًا لِضَمَانِهِ لِسِلْعَتِهِ وَكَذَلِكَ حَيْثُ اسْتَثْنَى مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الْمُدَّةِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي

(5/259)


بَعْدَ الْمُدَّةِ فَهِيَ مِنْهُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَتَّصِلُ بِهِ الْقَبْضُ ثُمَّ يَهْلِكُ وَإِنْ هَلَكَتْ بِيَدِهِ وَقَدْ قَبَضَهَا فِي الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَعَلَهُ كَالْقَبْضِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ فِي الْعَيْنِ الْمُتَأَخِّرِ قَبْضُهَا وَقَالَ: إِنْ صَارَتْ فِي مِلْكِي فَهِيَ لِي بِكَذَا قَالَ: وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ لِعَدَمِ الْغَرَرِ قَاعِدَةٌ: الْغَرَرُ فِي الْمَبِيعِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ: فِي الْوُجُودِ: كالآبق والحصول: كالطائر فِي الْهَوَاء وَالْجِنْس: كسعلة لَمْ يسمِّها وَالنَّوْعِ: كَعَبْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَالْمِقْدَارِ: كَبيع مَا تَصِلْ إِلَيْهِ رَمْيَةُ الْحَجْرِ وَالتَّعْيِينِ: كَبَيْعِ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَالْبَقَاءِ: كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَبَيْعِ الْمُعَيَّنِ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ مِنْ غَرَرِ الْبَقَاءِ كَالثِّمَارِ فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ قَاعِدَةٌ: السَّلَفُ شُرِعَ للمعروف مُسْتَثْنى من قَوَاعِد الرِّبَا قَرْيَة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَمْنَعُ فِي الْمُكَايَسَةِ حَيْثُ انْتَفَى الْمَعْرُوفُ لِوُقُوعِ الْمَفْسَدَةِ مَعَ عَدَمِ مُعَارَضَتِهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَوْقَعُوا مَا لِلَّهِ لغيره وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مبينَة عَلَيْهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ يَكُونُ الثَّمَنُ سَلَفًا قَاعِدَةٌ: الْأَصْلُ فِي الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّة أَن تترتب عَلَيْهَا مُسَبِّبَاتُهَا تَحْصِيلًا لِحُكْمِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ فَإِذَا تَأَخّر قبض الْمعِين توقعنا هَلَاكه قبل تَرْتِيب حُكْمِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالْمِلْكَ قَدْ ثَبَتَ حُكْمُ السَّبَبِ مُضَافًا إِلَى تُهْمَةِ

(5/260)


الْبَائِعِ فِي التَّعَدِّي
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ زَهْوِهِ لِيَأْخُذَهُ بُسراً أَوْ تَمْرًا لِتَوَقُّعِ الْهَلَاكَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا أَزْهَى لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ حِينَئِذٍ وَيُضْرَبُ أَجَلًا وَمَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَهَلْ يَأْخُذُ بُسراً أَوْ رُطَبًا نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ وَسَوَاءٌ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْأَخْذِ وَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ لِأَنَّ السَّلَمَ يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَتَأَخُّرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَرِيبٌ لِأَنَّهَا عَوَائِدُ النَّاسِ فِي قَبْضِ مِثْلِ هَذَا شَيْئًا فَشَيْئًا لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ شَرَطَ أَخْذَهُ تَمْرًا امْتَنَعَ لِبُعْدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ مَا شَاءَ لِلْجَهَالَةِ فِي الْأَجَلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ لَكَنْ يَجِبُ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ فِيهَا لِأَنَّ بَيْعَهُ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ سَلَمٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلْحَائِطِ سِتَّةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزْهَى وَأَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ بُسراً أَوْ رُطَبًا وَأَنْ يُبَيَّنَ أَجَلُ الْأَخْذِ فَإِنْ ذَكَرَ أَيَّامًا بَيَّنَ أَعْدَادَهَا وَتَوَالِيَهَا وَمَبْدَأَهَا وَمُنْتَهَاهَا وَأَنْ يَذْكُرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَأَنْ لَا يَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ فِي وَقْتِهِ وَأَنْ يَبْقَى ذَلِكَ إِلَى آخِرِ الْأَيَّام فَإِن شكّ فِي تَبْيِين ذَلِكَ فِي وَقْتِهِ أَوْ بَقَائِهِ إِلَى آخِرِ الْأَيَّامِ امْتَنَعَ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي تَمْرِ حَائِطٍ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَالْإِرْطَابِ لِيَأْخُذَهُ تَمْرًا كَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَكُنْ يَبْيَضُّ
فَرْعٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ لِيَأْخُذَ زَهْوًا أَوْ رُطَبًا فِي

(5/261)


يَوْمٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ رَضِيَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ جَازَ إِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ صِفَتُهُ فَأَجَازَهُ مَعَ أَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ لَيْسَ يَدًا بِيَدٍ (وَإِنْ قَصَدَ الْمُبَايَعَةَ) لَكَنْ رَاعَى الْمَعْرُوفَ لِيَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي حَائِطِهِ وَيَأْمَنَ الرُّجُوعَ بِالْجَوَائِحِ جَازَ أَيْضًا وَإِنْ قَصَدَ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ مَا دَفَعَ امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَلَفًا
فَرْعٌ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ فِي رُطب حَائِطٍ بِعَيْنِهِ فَأُجِيحَ انْفَسَخَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ كَالْعُرُوضِ وَكَذَلِكَ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مَالِكًا لِتَمْرِهَا كَالْحَائِطِ؟ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ أَجْرَى عَلَيْهِمَا ابْنُ مُحْرِزٍ تَقْدِيمَ رَأْسِ الْمَالِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ لَا يَلْزَمُ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَى الْآخَرِ: يَلْزَمُ لِأَنَّهُ سَلَمٌ وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَال إِن أمكن الْمُسلم إِلَيْهِ لشراء كَانَ سَلَمًا وَإِلَّا فَكَالْحَائِطِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: يَجِبُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ جَزْمًا وَسَوَّى أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْجَوَابِ بَيْنَ إِسْلَامِهِ فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ أَزْهَى أَوْ أَرْطَبَ وَقَالَ: مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ: يُكْرَهُ بَدْءًا وَيُمْضَى إِذَا تُرِكَ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: بَلِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْكِتَابِ فَيُفْسَخُ إِذَا أَزْهَى بِخِلَافِ إِذَا أَرْطَبَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْكِتَابِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي زَرْعِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ بَدَا صَلَاحُهَا بِخِلَافِ التَّمْرِ لِأَنَّ التَّمْرَ يُشْتَرَطُ أَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا وَيُمْتَنَعُ تَأْخِيرُ الزَّرْعِ حَتَّى يَيْبَسَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونِ الْآفَاتِ قَبْلَ الْيُبْسِ فَإِنْ فَاتَ مَضَى قَالَ سَنَدٌ: اخْتُلِفَ بِمَا يَفُوتُ: فَرَوَى أَشْهَبُ: بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْإِفْرَاكَ صَلَاحُهُ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ خَفِيفَة وَقيل:

(5/262)


بِالْقَبْضِ لِقُوَّةِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُفْسَخُ مُطْلَقًا كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحهَا وَصَلَاح الْحبّ يبسه لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَبْيَضَّ الشَّرْطُ الرَّابِعَ عشر: تعْيين مَكَان الْقَبْض قَالَ الْمَازِرِيُّ: يُسْتَحَبُّ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ مَبْسُوطٌ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَكَانِ الْقَبْضِ فَلْيُطَالَعْ مِنْ هُنَاكَ وَأَوْجَبَهُ (ح) لِأَنَّ الْأَسْعَارَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ كَالِاخْتِلَافِ بِالْأَزْمَانِ فَيَجِبُ الْمَكَانُ قِيَاسًا عَلَى الزَّمَانِ وَجَوَابُهُ: الْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ مَقْصُودِ السَّلَمِ الزَّمَانَ دُونَ الْمَكَانِ فِي الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ لِأَنَّ النَّاسَ يَسْتَلِفُونَ لِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ وَيُسَلِّمُونَ لَهُ دُونَ الْمَكَانِ فَإِن الْمَقْصُود تجرد الأزراق الْمُعِينَةِ عَلَى الْوَفَاءِ وَالرِّزْقُ فِي الْغَالِبِ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَكَانِ فَهُوَ لِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ وَكَذَلِكَ إِنْ تَعَلَّقَ الْأَمَلُ بِالسَّعَادَةِ وَالْأَرْزَاقُ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَكَانِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يُؤَمِّلُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يُؤَمِّلُونَ مَكَانًا مُعَيَّنًا فَلِذَلِكَ كَانَ الزَّمَان مَقْصُودا دون الْمَكَان وَلذَلِك لم ينْه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ بَلْ قَالَ: إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ

(5/263)


النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا يَقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ مِنْ وِكَالَةٍ وَكِفَالَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلْتَهُ فَأَسْلَمَ لِوَلَدِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (صَحَّ فِي كُلِّ أَحَدٍ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ إِلَّا فِي نَفْسِهِ أَوْ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ لَهُ لِأَنَّهُ كَنَفْسِهِ) أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ من ولدن أَوْ يَتِيمٍ أَوْ سَفِيهٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَكِيلِ تَوْفِيرُ النَّظَرِ لِلْمُوَكَّلِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَالْوَكِيلُ مَعْزُولٌ عَنْهَا فَلَا يَنْعَقِدُ التَّصَرُّفُ مَعَ الْعَزْلِ وَقَالَهُ (ش) و (ح) قَالَ سَنَدٌ وَيُخْتَلَفُ فِيهِ كَالْمَرْأَةِ تَقُولُ لِوَلِيِّهَا زَوجنِي مِمَّن شِئْت وَمنع أَبُو عمرَان عَبْدِهُ وَمُدَبَّرِهُ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَأَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ إِذا انْتَفَت الحاباة فَإِنْ بَاعَهَا مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ بَاعَ فَرَبِحَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرِّبْحُ لِلْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ وَإِنْ أَعْطَيْنَاهُ حُكْمَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نُفِّذَ الْبَيْعُ الثَّانِي
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلْتَهُ لِيُسْلِمَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَأَسْلَمَهَا فِي بِسَاطٍ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ غَيْرَ الْمُعْتَادِ لَا تُجِيزُ فِعْلَهُ لِصَيْرُورَةِ الدَّرَاهِمِ دَيْنًا عَلَيْهِ بِالتَّعَدِّي فيفسخا فِي السَّلَمِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَبِيعَ مِنْهُ الطَّعَامُ الَّذِي وَجَبَ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ دَرَاهِمَ صَحَّتِ الْإِجَارَةُ وَامْتَنَعَ تَأْخِيرُهُ إِيَّاكَ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ دين بِهِ بَدَيْنٍ عَلَيْكَ قَالَ سَنَدٌ إِنْ عَلِمَ بِالْعَقْدِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ فَهُوَ رِضًا بِهِ أَوْ عَلِمَ بَعْدُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ خُيِّرَ فِي الْإِمْضَاءِ فَإِنِ امْتَنَعَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الْوَكِيلُ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ كَانَ عَقْدًا مَوْقُوفًا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يَنْقُدْ خُيِّرَ الْآمِرُ لِعَدَمِ التَّعَدِّي عَلَى الثَّمَنِ فَإِنْ تَعَدَّى فِيهِ وَشُهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ وَبَقِيَ الْبِسَاطُ لِلْمَأْمُورِ وَيبين تَرْكِهِ وَتَغْرِيمِهِ لِلْوَكِيلِ لَا

(5/264)


بِسَبَبِ التَّعَدِّي وَلَهُ إِمْضَاءُ الْعَقْدِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ دَيْنًا فَإِنْ فَاتَتْ عَيْنُ الثَّمَنِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ لَهُ إِجَازَةُ العقد غي الْبِسَاطِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ لَهُ أَخْذُهُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَتَى كَانَ فِي الْبِسَاطِ فَضْلٌ إِنْ بِيعَ بِنَقْدٍ فَلَهُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ الْفَضْلِ واتفاقا لِأَنَّ كُلَّ مَأْذُونٍ لَهُ فِي تَحْرِيكَ الْمَالِ لَا يكون لَهُ فضل وَالْآمِرُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِيهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا هَلَكَ رَهْنُ السَّلَمِ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِنْكَ وَلَهُ مُقَاصَّتُهُ مِنَ السَّلَمِ بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ (الرَّهْنُ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ) رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ فِي طَعَامٍ امْتَنَعَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَيْسَ إِقَالَة وَإِلَّا شَرِكَةً وَلَا تَوْلِيَةً قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَتِ الْمُقَاصَّةُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ اعْتُبِرَ أَمْرَانِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الرَّهْنِ يَجُوزُ أَخْذُهَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ يُرَاعَى مَعَهُمَا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ وَالثَّمَنُ عَيْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَكَانَ الرَّهْنُ فِي الْعَقْدِ أَجَازَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إِذَا طَبَعَ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ التُّونُسِيُّ لِأَنَّهُ آلَ الرَّهْنُ إِلَى تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ بِشَرْطٍ فَيَفْسُدُ وَجَوَابُهُ إِنَّ الْخَتْمَ يُبْطِلُ هَذِهِ التُّهْمَةَ وَمَنْعُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ مَحْمُولٌ عَلَى تَأْخِيرِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْمُخَالَفَةِ فِي الصِّفَةِ لِلتُّهْمَةِ فِي الصّرْف الْفَاسِد فَإِن اسْتَوَت الصّفة وَالْجِنْس انتقت التُّهْمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ فِي طَعَامِ قَرْضٍ جَازَتِ الْمُقَاصَّةُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمْتَنِعُ الْمُقَاصَّةُ مُطْلَقًا كَيْفَ كَانَ الرَّهْنُ وَكَيْفَ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَوْ ثَبَتَ تَلَفُهُ بِالْبَيِّنَةِ سَقَطَ فَلَا مُقَاصَّةَ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ فَهُوَ عِنْدَكَ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَقُولَ لَهُ احْبِسْ مَا

(5/265)


عِنْدَكَ مِنَ الطَّعَامِ بِسِلْعَةٍ هِيَ لَكَ قَالَ سَنَدٌ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مِنْ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ جَازَ أَخْذُهُ عَنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِكَ أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ رَهْنَ طَعَامٍ فِي سَلَمٍ فِي مِثْلِهِ فَتَأَوَّلَ ابْنُ الْكَاتِبِ فِيهَا جَوَازَ رَهْنٍ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ وَخَالَفَهُ لِأَنَّهُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ كَفِيلُ السَّلَمِ قَبْلَ الْأَجَلِ حَلَّ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ كَالْغَرِيمِ وَالذِّمَمُ تَخْرَبُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَحُلُّ بِمَوْتِكَ وَرَثَتُكَ مَكَانَكَ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْأَمْوَالِ فَتَنْتَقِلُ إِلَيْهِمْ قَالَ سَنَدٌ مَنَعَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْكَفَالَةَ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى اسْتِيفَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ كَالْحَوَالَةِ وَهُوَ يَلْزَمُ (ش) و (ح) لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ بَيْعَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مُطْلَقًا وَنَحْنُ نُجِيزُ الْبَيْعَ وَالْحَوَالَةَ فِي الْجُمْلَةِ وَفَرَّقَا بِأَنَّ الْحَوَالَةَ تُطَالِبُ فِيهَا بِبَدَلِ حَقِّكَ وَفِي الْحِمَالَةِ بِنَفْسِ حَقِّكَ وَبِحُلُولِ الؤجلات بِالْمَوْتِ قَالَه الْأَئِمَّة قَاعِدَة الْحُقُوق قِسْمَانِ مَالا يَنْتَقِلُ بِالْمَوْتِ كَالنِّكَاحِ وَالتَّمْلِيكِ وَالتَّخْيِيرِ وَالْوَكَالَةِ وَمَا يَنْتَقِلُ كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالرَّهْنِ وَضَابِطُ الْبَابَيْنِ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ الْأَمْوَالُ وَحُقُوقُهَا لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الْأَمْوَالَ فيرثون مَا يتبعهَا والخاصة بِبدنِهِ وآرائه قَالَ لَا تَنْتَقِلُ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ بَدَنَهُ وَلَا عَقْلَهُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لِلْكَفِيلِ مُصَالَحَتُكَ عَنِ الْعُرُوضِ بِالْعُرُوضِ الْمُخَالِفَةِ لَهَا وَبِالطَّعَامِ وَالْعَيْنِ نَقْدًا إِذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مُقِرًّا نَفْيًا لِلْغَرَرِ لِأَنَّ بَيْعَ الْعُرُوضِ قَبْلَ قَبْضِهَا جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ

(5/266)


أَعْطَاهُ مَا عَلَيْهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمَنَعَ (ش) و (ح) بَيْعَ الدَّيْنِ قَبْلَ أَجَلِهِ لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام " فِي أبي دَاوُود: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفُهُ إِلَى غَيره وجوابهما الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ فَنَهَى عَنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ قَالَ سَنَدٌ فِي الْمُوازِية وَلَا تَجُوزُ مُصَالَحَةُ الْغَرِيمِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَتَكَ وَجَوَّزَهُ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَنْزِيلًا لِلْكَفِيلِ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَالشَّبَهَانِ فِي الْكَفِيلِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ وَعُلِمَ حَيَاةُ الْغَرِيمِ جَازَ بَيْعُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تُحَقِّقُهُ فَالْغَرَرُ مُنْتَفٍ وَإِذَا اشْتَرَطْنَا الْحُضُورَ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَمَعْنَاهُ: إِذَا كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَمَّا عِنْدَ الْأَجَلِ فَقَدْ تَوَجَّهَ الْحَقُّ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَهُ تَخْلِيصُ نَفْسِهِ فَإِنْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الْغَرِيمَ لَا لنَفسِهِ بأَمْره جَازَ بِمَا تَجُوزُ بِهِ مُصَالَحَةُ الْغَرِيمِ أَوْ بِغَيْر أَمرك وعلمك فَهُوَ عَقْدٌ مَوْقُوفٌ يَمْتَنِعُ فِيمَا يَمْتَنِعُ فِيهِ الْخِيَارُ وَيَمْتَنِعُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا كَمَا تَمْتَنِعُ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ عَلَى الْخِيَارِ وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي شَيْءٍ فِيهِ خِيَارٌ وَيَجُوزُ عَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْكَ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً وَأَلْزَمَ الْغَرِيمَ الْأَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ مَا صَالَحَ بِهِ الْكَفِيلَ وَمَنَعَهُ مَرَّةً وَرَآهُ غَرَرًا وَمَنَعَهُ مَرَّةً لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَعْلَمُ مَا يَخْتَارُ الْغَرِيمُ وَجَعَلَهُ مُحَمَّدٌ كَالْوَكِيلِ يُنَفِّذُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَقَبَضَ السَّلَمَ بيع اشْترى الْكَفِيلُ مَا دَفَعَ وَالزِّيَادَةُ لِلْمَكْفُولِ أَوِ النَّقْصُ مِنَ الْكَفِيلِ وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا دَفَعَ مِثْلِيًّا أَمَّا الْمُقَدَّمُ وَالَّذِي يُقْتَضَى فِيهِ بِجِنْسٍ غَيْرِ قِيمَتِهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ مَا صُولِحَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ جَازَ قَوْلًا وَاحِدًا لِنَفْيِ الْغَرَرِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ مَعْنَى قَوْلِهِ إِنْ كَانَ الْغَرِيمُ بِالْخِيَارِ: أَيْ يُصَالِحُ عَنْهُ ثُمَّ يُعَرِّفُهُ فَإِنْ تَصَالَحَ عَنْهُ بِعُرُوضٍ خِلَافِ الْعُرُوضِ الَّتِي عَلَيْهِ

(5/267)


أَوْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُعْطِيهِ الْغَرِيمُ إِلَّا أَنْ يُعْطَى مِثْلَ مَا عَلَيْهِ دُونَ مَا يَرْجِعُ فِيهِ إِلَى التَّقْوِيمِ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِالتَّقْوِيمِ مَمْنُوعٌ
فَرْعٌ فِي الْكتاب إِن صلحه الْكَفِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى مِثْلِ عُرُوضِ السَّلَمِ جَار أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فِي الْأَدْنَى سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَالْأَعْلَى زِيَادَةٌ عَلَى ضَمَانِ الْأَدْنَى قَالَ سَنَدٌ: والمصالحة لغير الْبَلَد كَفِيل الْأَجَلِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يُصَالَحُ الْمُتَكَفِّلُ بِطَعَامٍ قَبْلَ الْأَجَلِ إِلَّا بِمَثَلِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونُ تَوْلِيَةً أَوْ إِقَالَةً لِلْغَرِيمِ بِرِضَاهُ وَتَمْتَنِعُ إِقَالَةُ الْكَفِيلِ وَالْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِأَنَّهُ يُتَخَيَّرُ فَإِن رَضِي الله يَبِيع الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ
فَرْعٌ قَالَ يَجُوزُ أَخْذُكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ مِثْلَ طَعَامِكَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ وَيَمْتَنِعُ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوِ اقْتَرَضَ مِثْلَ طَعَامِكَ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ وَأَحَالَهُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ تَسَلْ أَنْتَ الْأَجْنَبِيَّ جَازَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الطَّعَامَ بِالْقَرْضِ فَلَهُ تَعْجِيلُهُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْتَرِضَ مِثْلَ طَعَامِكَ وَيُحِيلَ بِهِ عَلَى طَعَامِكَ لِأَنَّ الْحِوَالَةَ بَيْعٌ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُكَ مِنَ الْغَرِيمِ أَوْ مِنَ الْكَفِيلِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَضَعْ وَتَعَجَّلْ

(5/268)


وَيَجُوزُ مِنَ الْغَرِيمِ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ أَوِ اقْتِضَاءٍ دُونَ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ بيع لَا يرجع بِمَا ودى قَالَ سَنَدٌ: إِذَا دَفَعَ الْكَفِيلُ مَا عَلَيْهِ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ دَفَعَ طَعَامًا رَجَعَ بِهِ أَوِ اشْتَرَى طَعَامًا رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْحَفَ بِهِ إِذَا تَغَيَّبَ الْغَرِيمُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي الشِّرَاء إِن كَانَت الْكَفَّارَة بِإِذْنِهِ وَإِلَّا بِمَا عَلَيْهِ فَقَطْ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُجِيزُهُ مُتَّجِرًا بَلْ مَعْرُوفًا وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُ مَعَ الْغَرِيمِ عَلَى ثَمَنِ الطَّعَامِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ كَالْقَرْضِ لِذَلِكَ الطَّعَامِ لَا كَالْبَائِعِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ الْأَجَلِ الْمُطَالَبَةُ دُونَ قَبْضِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا فَإِنْ قَبَضَهُ لَكَ فَتَلَفَ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا (ينْزع الْغَرِيمُ بِذَلِكَ أَمْ لَا) طَالَبَهُ الْكَفِيلُ بِقَضَاءِ السُّلْطَانِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَمِينًا وَلَا وَكيلا فيده مضمنة وَإِن أَخذه بطرِيق الرسَالَة لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْغَرِيمِ وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ طَرَحَ سَحْنُونٌ (أَيْضا) السُّلْطَانِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هَاهُنَا وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ يَكُونُ صَاحِبُ الْحَقِّ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَحَلَّ الْأَجَلُ فَتَقَاضَاهُ الْكَفِيلُ وَخَشِيَ أَنْ يُغَرِّمَ هَذَا الْغَرِيمَ الْحَاضِرَ قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَإِلَّا قَضَى السُّلْطَانُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَأَخَذَهُ مِنْهُ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ أَوِ الْكَفِيلِ إِنْ كَانَ أَمِينًا قَالَ سَنَدٌ لَيْسَ لِلْمَكْفُولِ مُطَالَبَتُهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ اقْتِضَاءٌ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ إِنْ بَاعَهُ وَلَهُ ذَلِكَ فِي الرِّسَالَةِ لِتَعَدِّيهِ بِالْبَيْعِ فَلَوْ بَاعَ الْمَقْبُوضَ بِالرِّسَالَةِ

(5/269)


وَغَرَمَهُ لِلطَّالِبِ: فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ طَعَامًا مِثْلَ مَا قَضَى عَنْهُ وَيُطَالِبُهُ بِالثَّمَنِ وَلَوْ وَكَّلَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَقَبَضَ وَبَاعَ فَلِلطَّالِبِ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ دُونَ الْمَكْفُولِ لِتَعَيُّنِ الطَّعَامِ لِلطَّالِبِ بِالْقَبْضِ وَيَمْنَعَ أَنْ يُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَ الطَّالِبَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَأَحَالَ عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ دَنَانِيرَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَيَقْضِيهِ عَنْهُ فَدَفَعَ الْكَفِيلُ الطَّعَامَ مِنْ عِنْدِهِ وَحَبَسَ الثَّمَنَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ الْغَرِيمُ بِذَلِكَ قَبْلَ كَيْلِ الطَّعَامِ فَرَضِيَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَأَجَازَهُ جَازَ لِأَنَّهُ مُقْرَضٌ وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمَكْفُولُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالدَفْعِ وَوَكَّلَهُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبْضِ: مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِأَحَدِهِمَا قَبْضٌ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لِلطَّالِبِ أَنَا أَشْتَرِي هَذَا الطَّعَامَ وَاقْبِضْهُ أَنْتَ وَهُوَ بَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ الطَّالِبُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَوْ بَاعَهُ الْكَفِيلُ امْتَنَعَتْ إِجَازَتُكَ الْبَيْعَ لِأَنَّكَ لَمْ تُوَكِّلُهُ عَلَى الْبَيْعِ فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَكَ مُطَالَبَةُ الْغَرِيمِ وَالْكَفِيلِ فَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ إِنْ دَفَعَهُ عَلَى الرِّسَالَةِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِمِثْلِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَإِنْ أَخَذْتَ الْكَفِيلَ بِالطَّعَامِ فَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ وَدَفَعَ مِثْلَ الطَّعَامِ إِنْ قَبَضَهُ اقْتِضَاءً لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ فَلَهُ الثَّمَنُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ الْكَفَّارَةُ بِرَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَا يَدْرِي أَيُحَصَّلُ لَهُ رَأْسُ الْمَالِ أَوِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: لَوْ كَانَتِ الْحَمَالَةُ بَعْدَ

(5/270)


الْعَقْدِ فُسِخَتْ كَمَا قَبْلَ الْعَقْدِ لِأَنَّ مَعْنَاهَا إِنْ لَمْ يُوجَدِ الطَّعَامُ دَفَعْتُ لَكَ رَأْسَ مَالِكَ فَهِيَ إِقَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ النَّقْدَ وَقِيلَ إِنْ فَهِمَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ طَعَامًا جَازَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِنْ لَمْ آتِ بِهِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ اشْتَرَى بِالْمِائَةِ طَعَامَ الطَّالِبِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ رُدَّ لِلْكَفِيلِ وَإِنْ نَقُصَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ ضَاعَتْ قبل لشراء فَهِيَ مِنَ الْمَكْفُولِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْكَفِيلِ مِنْهَا شَيْءٌ لِلطَّالِبِ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ قَصَدَ بِضَمَانِ الثَّمَنِ ضَمَانَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ بِمَعْنَى إِنْ لَمْ يُوَفِّكَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَفَّيْتُكَ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ وَمَا نَقَصَ الثَّمَنُ عَنْهُ لَا يَلْزَمُنِي أَجَازَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ حَاصِلٌ جَزْمًا أَوْ أَكْثَرُهُ بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ هَذَا لِلْجَهْلِ بِمَا يَشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا كَالرَّهْنِ لَا يُدْرَى هَلْ يُوَفَّى أَمْ لَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ إِجْمَاعًا وَإِذَا وَقَعَتِ الْكَفَالَةُ الْفَاسِدَةُ فُسِخَ الْعَقْدُ وَرُدَّ الثَّمَنُ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفَسَادِ الْحِمَالَةِ وَيَلْزَمُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ أَطْوَلَ مِنْ ثَوْبِكَ أَوْ أَحْسَنَ صِفَةً إِذَا تَعَجَّلْتَ الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى رَأْسِ الْمَالِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِرْجَاعُ بَعْضِ الثَّمَنِ لِيَأْخُذَ أَدْنَى إِنْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ غَابَ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنَّكَ أَسْلَفْتَهُ هَذَا الْمَرْدُودَ فَيَكُونُ بَيْعًا وَسَلَفًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا زِدْتَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَأْخُذَ أَطْوَلَ: جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى مِنَ الْأَجَلِ مِثْلُ أَجْلِ السَّلَمِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ

(5/271)


سلم حَال فِيمَا لَيْسَ عِنْد وَلَوْ كَانَ لِتُعْطِيَهُ أَرَقَّ أَوْ أَصْفَقَ امْتَنَعَ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنِ الصَّفْقَةِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَفِي زِيَادَةِ الْأَطْوَلِ حَصَلَ الْأَوَّلُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَمْ يُفْسَخْ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ مُطْلَقًا وَرَآهُ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَجَوَّزَهُ فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَو مَاتَ الْأَجِير أوصى على ذَلِك من مَاله فَهِيَ وَالسَّلَمُ سَوَاءٌ قَالَ سَنَدٌ: قَوْلُهُ: يَمْتَنِعُ اسْتِرْجَاعُ بَعْضِ الثَّمَنِ لِيَأْخُذَ أَدْنَى لَيْسَ شَرْطًا بَلِ الْمِثْلُ وَالْأَجْوَدُ كَذَلِكَ فِي الْفَسَادِ فِي الِاسْتِرْجَاعِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا وَاسْتَرْجَعْتُ مِنْ صِنْفِهِ وَأَخَذْتُ أُدَوِّنُ امْتَنَعَ لِأَنَّ الْمُسْتَرْجَعَ سَلَفٌ أَوْ مِنْ صِنْفِهِ جَازَ لِأَنَّ شَرَطَ السَّلَفِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَعْطَاكَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ جَمِيعَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بعضه مَعَ جَمِيع الْمُسلم على أَن يَجْعَل لَكَ السَّلَمَ قَبْلَ أَجَلِهِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى أَجَلِهِ امْتَنَعَ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ غَابَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ المَال يُعرف بِعَيْنِه فتقابلتما فِي نصفه وَنصف السّلم عى أَنْ تَأْخُذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِكَ جَازَ تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي أَوَّلِ الْفَرْعِ: أَوْ يُؤَخِّرَكَ إِلَى أَبْعَدِ أَجْلِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ لِلْأَجَلِ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْجِيلٍ لِأَجَلِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِذَا أَعْطَاكَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُعَجِّلَ لَكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ إِلَى الْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنَ الْأَجَلِ لَا يَسْتَقِيمُ فَإِنَّ الدَفْعَ بَعْدَ الْأَجَلِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِقَصْدِ

(5/272)


التَّعْجِيلِ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لِيُؤَخِّرَهُ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ وَسِرُّ الْفَسَادِ بَعْدَ التَّصْحِيحِ: أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إِذَا كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَكَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ لِيُؤَخِّرَهُ أَوْ يُوَافِقَهُ عَلَى التَّعْجِيلِ فَهُوَ: حُط عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدَكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَقَوَّمًا جَازَتِ الْإِقَالَةُ عَلَى عَيْنِهِ إِذَا كَانَ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَتُمْنَعُ عَلَى مِثْلِهِ وَقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا إِقَالَةٌ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَهِيَ مُبَايَعَةٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِقَالَةَ عَلَى مِثْلِهِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ فِيهِ الْأَعْرَاض كَالْكَتَّانِ وَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فِي الْعَبْدِ فَالثَّمَنُ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنِ الْعَيْنِ وَتَغْيِيرُهُ بِالزِّيَادَةِ أَوِ النَّقْصِ فِي بَدَنِهِ يَمْنَعُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَخَذْتَ بَعْضَ رَأْسِ مَالِكَ بِعَيْنِه وَجَمِيع السّلم بَعْدَ الْأَجَلِ جَازَ لِأَنَّهُ إِحْسَانٌ مَحْضٌ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُكَ بَعْضَ سَلَمِكَ وَتَسْتَرْجِعُ عُرُوضًا مِنْ صِنْفِ رَأْسِ مَالِكَ لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مِثْلَ عَدَدِهِ فَهُوَ سَلَفٌ لِمَنْفَعَةٍ أَوْ أَقَلَّ فَبَيْعٌ وَسَلَفٌ وَمِنْ غَيْرِ صِنْفِ رَأْسِ مَالِكَ يَجُوزُ لِتَعَذُّرِ السَّلَفِ مَعَ الْمُغَايَرَةِ
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ: لَكَ أَنْ تستزيد أحد الْعقْدَيْنِ لَهُ بالتعجل أَوْ تُؤَجِّلَهُ إِلَى الْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ لاستغلالك الْمَبِيعَ كَأَنَّهُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَيْضًا: ذَلِكَ مَمْنُوعٌ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: يَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ إِنْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِ الزِّيَادَةِ أَنْ تَبْطُلَ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ

(5/273)


وَقِيلَ: هَذِهِ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فَتَمْتَنِعُ قَالَ سَنَدٌ: تَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ رَأس المَال الْمُسلم عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا فِي طَعَامٍ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ تَغَيُّرُ سُوقِهِ لِأَنَّهُ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْحَيَوَانِ بِخِلَافِ التَّغْيِيرِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مبايعة فِي طَعَام قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْهُزَالُ وَالسِّمَنُ فِي الْجَارِيَةِ لَا يَمْنَعُ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُمَا مَقْصُودَانِ فِيهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: هَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ فَوْتٌ أَمْ لَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ فَأَقَالَ أَحَدُهُمَا جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَفَاوِضَيْنِ فِيمَا أَسْلَمَا فِيهِ أَوْ مُطْلَقًا وَلَا حُجَّةَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ فَأَقَالَهُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ ضَمَانَ كِلَيْهِمَا لِصَاحِبِهِ جَازَ وَلَا حُجَّةَ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ امْتَنَعَ وَكَأَنَّهُ سَلِمَ مِنَ النَّقْصِ قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَ سَحْنُونٌ إِقَالَةَ أَحَدِهِمَا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا لَا يَقْبِضُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْإِقَالَةَ يَمْتَنِعُ فِيهَا الْخِيَارُ فَلَو خيرنا الشَّرِيك كَانَت إِقَالَة على الْخِيَار فَتَفْسُدُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَبَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا لَهُ عِتْقُ نَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ بِغَيْر إِذْنه

(5/274)


فرع فِي الْكتاب: إِذا اشْتريت بِدَرَاهِم فتقابلتما وَهِيَ فِي يَدَيْهِ فَأَرَادَ دَفَعَ غَيْرِهَا فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَرِهْتَ شَرَطْتَ اسْتِرْجَاعِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَا تتَعَيَّن وَقَالَ (ح) وَمَنَعَ (ش) قَالَ سَنَدٌ: قَالَ سَحْنُونٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ لَا يُبَدَّلُ بِقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ تَحْرِيرُ ذَلِكَ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمْتَ ثَوْبًا فِي طَعَامٍ ثُمَّ أَقَلْتَهُ فَهَلَكَ الثَّوْبُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ انْفَسَخَتِ الْإِقَالَةُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلِيًّا وَإِذَا ابْتَعْتَ مِثْلِيًّا فَقَبَضْتَهُ وَأَتْلَفْتَهُ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ بَعْدَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِهَلَاكِهِ وَقَبْضِهِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِي الْإِقَالَةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ مُكَايَسَةٌ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمَ إِلَيْكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي مِائَتَيْ إِرْدَبٍّ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَالَكَ: فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَلِلْوَرَثَةِ الْإِجَازَةُ وَإِعْطَاؤُكَ ثُلُثَ مَا عَلَيْكَ مِنَ الطَّعَامِ وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ جَمِيعَ الطَّعَامِ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: قَوْلُهُ: جَمِيعُ الطَّعَامِ يُرِيدُ طَعَامَ الْمُحَابَاةِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ هَذِهِ الْإِقَالَةَ لِتَأَخُّرِهَا إِلَى الْمَوْتِ وَقِيلَ: مَعْنَاهَا: أَقَالَهُ وَمَاتَ مَكَانَهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا انْعَقَدَتْ عَلَى فَسَاد فَإِن تعقب الْمَوْت غَيْرِ مَعْلُومٍ وَقِيلَ: وَصَّى لَهُ بِالْإِقَالَةِ وَقِيلَ: أما إجَازَة ابْن الْقَاسِم لَهَا فَلِأَنَّهَا لَمْ يَقْصِدَا ذَلِكَ بَلْ أَدَّتْ إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ لَهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ: إِنْ أَوْصَى بِأَنْ

(5/275)


يُقَالَ صَحَّتْ وِفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ تَأْخِيرٌ فِي الْإِقَالَة وَإِن تَجِد الْإِقَالَةَ وَلَمْ يَتَأَخَّرِ الطَّلَبُ جَازَتِ اتِّفَاقًا وَإِنْ تَأَخَّرَ فَقَوْلَانِ فَإِنْ كَانَ الْمَقِيلُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَالْمَالُ لَهُ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِذَا قُلْنَا تَمْضِي وَفِيهِ مُحَابَاةٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ إِلَيْهِ غَيْرُ رَأْسِ مَالِهِ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يُشْتَرَى بِمَا عَدَا الْمُحَابَاةِ طَعَامٌ فَيُوَفَّاهُ وَثُلُثُ الْمُحَابَاةِ لِتَصْحِيحِ أَخْذِ مَا يُشترى بِهِ وَثُلُثُ الْمُحَابَاةِ الْكُلُّ عَيْنًا وَقِيلَ: يُشْتَرَى لَهُ بِالْأَصْلِ وَثُلُثُ الْمُحَابَاةِ طَعَامٌ وَالْمُدْرَكُ: مُحَاذِرَةُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَيُعْطَى الْجَمِيعُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ غَلَّبْنَا حُكْمَ الْإِقَالَةِ أَعْطَيْنَا الْجَمِيعَ عَيْنًا أَوْ إِبْطَالَ الْإِقَالَةِ أَعْطَيْنَا الْكُلَّ طَعَامًا أَوْ لَا يحاذر البيع وَالسَّلَف لتعذر الْقَصْد فَيُعْطَى الطَّعَامَ وَثُلُثَ الْمُحَابَاةِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: الِاسْتِغْلَالُ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ إِلَّا وَلَدُ الْأَمَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ كَالنَّمَاءِ فِي الْبَدَنِ وَالدَّيْنُ يَلْحَقُ الْمَأْذُونَ لَهُ يَمْنَعُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي النَّذْرِ وَإِنْ أَسْلَمْتَ ثَوْبًا فِي حَيَوَانٍ فَقَطَعْتَهُ جَازَتِ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْحَيَوَانِ فِي نِصْفِ الثَّوْبِ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا زَادَهُ الْقَطْعُ أَوْ نَقَصَهُ إِذَا تَعَجَّلْتَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ لِأَنَّهُ نِصْفُ ثَوْبِهِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ أَخَذْتَ ثَوْبًا مُعَيَّنًا وَزَادَكَ ثَوْبًا مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ جَازَتِ الْإِقَالَةُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَزِيدَ مِنْ نِصْفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَجَلِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ: حط عني الضَّمَان وأريدك وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الْإِقَالَةِ جُمْلَةٌ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَصِحَّتِهِ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَحُكْمِ العقد قبل

(5/276)


الْقَبْض مَا اقْتَضَاهُ ذَانك البابان مِنْهَا فَلْيُرَاجَعْ هُنَاكَ النَّظَرُ الثَّالِثُ: فِي أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ الْبَحْثُ عَنْ مِقْدَارِهِ وَصِفَتِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ: الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي مِقْدَارِهِ وَفِي الْكِتَابِ: مَا اشْتُرِطَ أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ فَانْقَطَعَ إِبَّانُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ بِتَأْخِيرِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ بَقِيَّةِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمَا فَذَلِكَ لَهُ نَظَرًا لِلْمُدْرَكَيْنِ فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ جَازَ قَالَ سَنَد: إِن لم يقْض مِنَ الْمَبِيعِ شَيْئًا جَازَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّهُ إِقَالَة وَإِن اتفقَا على التَّأْخِير حَاز عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَعَلُّقِ الضَّرَرِ بِهِمَا وَامْتَنَعَ عِنْد أَشهب كَأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَوْلَانِ: أَحدهمَا: يقدم من طلب المحاسبة لِأَنَّهُ نفي لِلضَّرَرِ وَثَانِيهَا: طَالَبُ التَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ الْعَقْدِ حَتَّى يُوفِيَ بِهِ فَإِنْ قَبَضَ الْبَعْض فَالْمَشْهُور: عدم الْفَسْخ فِي الْبَاقِي تَوْفِيَة بِالْعقدِ قَالَه (ش) و (ح) وَيُفْسَخُ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْبَاقِي لِأَن العقد يتَنَاوَل ثَمَرَة عَام بَيْعه فَتَعَذُّرُهُ يُوجِبُ الْفَسْخَ كَالْعَقْدِ عَلَى الصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَخْتَصُّ خِيَارُ الْفَسْخِ بِالْمُشْتَرِي وَقَالَهُ مَالك (ش) و (ح) لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمُثْمَنِ الَّذِي هُوَ مَقْصِدُ الْعَقْدِ وَالثَّمَنُ إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ وَقَالَ أصبغ: تكلفهما الْمُحَاسَبَةُ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى التَّأْخِيرِ لِشُمُولِ الضَّرَرِ لَهُمَا وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّرَاضِي عَلَى الْفَسْخِ شَيْئًا فَهَلْ يَجُوزُ فِي الْبَعْضِ؟ وَهُوَ الَّذِي حَكَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي

(5/277)


الْكِتَابِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ غَيْرَ الطَّعَامِ مَنَعَهُ أَشْهَبُ وَكَرِهَهُ ابْنُ وَهْبٍ لِأَنَّهُ طَعَامٌ نَقْدًا مِنْ طَعَامٍ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِوُقُوعِ الْفَسْخِ فَيَبْطُلُ الطَّعَامُ الْأَوَّلُ وَعَنِ ابْنِ الْكَاتِبِ: إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ إِذا حكم بِالْفَسْخِ وَأشْهد عَلَيْهِ بالحكم بتحقق الْإِبْطَالُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: يَكْفِي الْحُكْمُ دُونَ الْإِشْهَادِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الفُتيا عَلَيْهِ فَأَمَّا السَّلَمُ فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثّمن وَيمْنَع التَّأْخِيرُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا كَذَهَابِ بَعْضِ الصُّبْرَةِ وَلِقُوَّةِ شِبْهِهِ بِالْعُرُوضِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْأَوَّلُ فِي الذِّمَّةِ جَزْمًا إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي خُرُوجِ الْإِبَّانِ وَإِذَا فَاتَ بَعْضُ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ: فَفِي الْكِتَابِ: يُرْجَعُ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: ذَلِكَ إِذَا اشْتَرَطَ أَخْذَ الْمَبِيعِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَمَّا فِي أَيَّامٍ تَخْتَلِفُ فِيهَا الْقِيَمُ: فَالْحِسَابُ بِالْقِيمَةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَا خَصَّهُ فِي سِلْعَةٍ تَتَأَخَّرُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بَلْ فِي سِلْعَةٍ مُعجلَة فَإِن تَأَخَّرت لمَنْفَعَة من إِشْهَاد أَو اسْتِخْدَام أجَازه الباحي بِغَيْر شَرط إِن شَرَطَ حَبْسَهَا لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ: فَفِي الْكِتَابِ: لَا يُعْجِبُنِي وَلَا أَفْسَخُهُ لِأَنَّ المعيَّن لَيْسَ بِدَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَعْجِيلُهُ كَالْخَادِمِ فِيهَا العُهدة وَالْبيع بِالْخِيَارِ قبل جذاذها وَسُكْنَى الدَّارِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِشِبْهِهِ بِالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الذِّمَمِ دُونَ الْأَعْيَانِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِذَا خَرَجَ إِبَّانُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا فَسِتَّةُ أَقْوَالٍ: يَتَأَخَّرُ لِإِبَّانٍ ثانٍ لَهُ أَخْذُ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ الْآنَ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ: يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي التَّأْخِيرِ دُونَ الْبَائِعِ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ قَبْضِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِقَابِلٍ وَإِلَّا فَالْمُحَاسَبَةُ الْآنَ لِمَالِكٍ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَقَلِّ مُغْتَفَرٌ وَتَتَغَيَّرُ الْمُحَاسَبَةُ الْآنَ لِأَشْهَبَ وَالْمُحَاسَبَةُ الْآنَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَصْبَغَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَصَحُّ إِذَا ذَهَبَتِ

(5/278)


الثِّمَارُ بِالْجَوَائِحِ السَّمَاوِيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِرَدِّ الْبَائِعِ حَتَّى خَرَجَ الْإِبَّانُ كَانَ لِلطَّالِبِ الْخِيَارُ فِي التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ لِهَرَبِ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ الْبَائِعُ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ التَّمْرَ أَوِ الرُّطَبَ إِلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ إِذَا خَشِيَ فَسَادَهُ قَالَ: وَإِذَا أَخْذَ وَرِقًا فِيمَا بَقِيَ وَرَأْسُ الْمَالِ ذَهَبٌ جَازَ إِنْ كَانَ الذَّهَابُ بِالْجَوَائِحِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ عَلَى الصَّرْفِ المتسأخر وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُهُ إِذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِخُرُوجِ الْإِبَّانِ وَكَذَلِكَ أَخْذُ الطَّعَامِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا السَّلَمُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَيَتَعَذَّرُ الْأَخْذُ وَالْقِرْيَةُ يَنْفَسِخُ اتِّفَاقًا كَالصُّبْرَةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: فِي الْقِرْيَةِ وَالصُّبْرَةِ قَوْلَانِ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَإِلْحَاقُهَا بِالْمَضْمُونِ فِي الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ لِحُصُولِ الشَّبَهَيْنِ فِيهَا
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَ فِي الْكِتَابِ: أَخْذَ نَوْعٍ مِنَ الْحُبُوبِ بَدَلًا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ لِأَنَّهَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ لَحَمُ الْبَقَرِ فِي الضَّأْنِ فِي يَوْمِ أَجْلِهِ وَلَا يعجل فِي ذَلِك الْيَوْم اكثر مَا لَهُ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ وَزَادَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَام قبل قَبضه أَو دنى وَعَرْضًا امْتَنَعَ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُ طَيْرِ الْمَاءِ فِي الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلِّحْمِ وَهُمَا لِلتَّرْبِيَةِ فَهُوَ بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ وَيمْتَنع أَخذ الْعَصَافِيرَ الْمَذْبُوحَةَ فِي الْحَيَّةِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ أَخْذُ الْقَمِيصَيْنِ فِي الرَّايِطَةِ وُجِدَتِ الرَّايِطَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ الرَّايِطَةَ لَيست طَعَاما وَلَا رَبًّا بَينهمَا وَبَين القميصين فَائِدَة: قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: الرابطة مِثْلَ الْمُلَاءَةِ وَالْمِلْحَفَةِ إِذَا لَمْ تُلْبَسْ وَالْمَعْرُوفُ فِي الْعَرَبيَّة: ريْطة

(5/279)


فِي
فرع الْكِتَابِ: لَكَ فِي السَّلَمِ الْفَاسِدِ أَخْذُ كُلِّ شَيْءٍ بِرَأْسِ مَالِكَ إِلَّا مَا أَسْلَمْتَ فِيهِ لَيْلًا يَكُونَ تَتْمِيمًا لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ قَالَ سَنَدٌ: قَالَ أَشْهَبُ: هَذَا فِي الْحَرَامِ الْبَيِّنِ أَمَّا الَّذِي يُمْكِنُ إِجَازَتُهُ لَا يَصْلُحُ كَذَلِكَ حَتَّى يَفْسَخَهُ الْحَاكِم أَو يشهدَا على التفاسخ لَيْلًا يَكُونَ إِقَالَةً عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ مُحَمَّدٌ: كُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يَمْتَنِعُ فِيهِ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ فَسْخِ السُّلْطَانِ وَإِذَا كَانَ الْمُسْلَمِ فِيهِ حِنْطَة فَقَالَ: أَعْطِنِي بثمني ثمراً جَازَ إِن علم الْفساد دون إِن جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ لِدَفْعِ الثَّمَنِ فِي الْحِنْطَةِ وَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ: لَهُ أَخْذُ النَّوْعِ المسلَم فِيهِ نَظَرًا لِلْبُطْلَانِ وَإِذَا مَنَعْنَاهُ فَهَلْ لَهُ أَخْذُ مَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ فِيهِ كَالسَّمْرَاءِ مِنَ الْحَمُولَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الشَّعِيرِ فِيهِ خِلَافٌ وَهَلْ لَهُ أَخْذُ مَا يَمْتَنِعُ سَلَمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ؟ مَنَعَهُ مُحَمَّدٌ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَعَنْ مَالِكٍ: لَهُ أَخْذُ الْوَرِقِ فِي الذَّهَبِ وَإِذَا رَاعَيْنَا التُّهْمَةَ قَطَعْنَا فَسْخَ الْإِمَامِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا كَانَ الْعَقْدُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ: فَهَلْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ جِنْسِ سَلَمِهِ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ فِي الْكِتَابِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَقَالَ الْفَضْلُ: لَهُ أَخذ مَحْمُولَة وَمن سمراء وقمماً مِنْ شَعِيرٍ وَيَمْتَنِعُ مَحْمُولَةٌ مِنْ مَحْمُولَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ تُهْمَةِ الْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ مُخَتَلَفًا فِيهِ امْتَنَعَ أَخْذُ خِلَافِ الْجِنْسِ قَبْلَ الحكم وَتَأْخِير رَأس المَال وَبَعضه سداً للذريعة فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَوْ إِقَالَةٍ بِتَأْخِيرٍ أَوْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَأْيٍ وَفِي الْأَخْذِ مِنَ الْجِنْسِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ

(5/280)


فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَمَرْتَهُ بِالْكَيْلِ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِكَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ بَعْدَ الْكَيْلِ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْبَيِّنَةُ أَوْ أَنْتَ عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ حِينَئِذٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: يَجُوزُ الْقَبْضُ عَلَى التَّصْدِيقِ فِي النَّقْدِ اتِّفَاقًا وَفِي السَّلَمِ قَوْلَانِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِدَ نَقْصًا فَيَتَخَاصَمَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلْهَلَاكِ فِي يَدِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ مَكَّنَهُ مِنَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَحْكَامُ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ حَبَسَهُ لِلْإِشْهَادِ وَهُوَ يُغَابُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ حَبَسَهُ لِمَنْفَعَةٍ اسْتَثْنَاهَا صُدق لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ وَهُوَ حَاضِرٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَمَضَى وَتَرَكَهُ فالكالوديعة لِأَنَّهُ لم يكن حَبْسُهُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إِلَى أَجَلٍ بِخِلَافِ النَّقْدِ وَإِن كَانَ غَائِبا عَنهُ لَمْ يُصدق إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ وَإِنْ تَعَدَّى فَبَاعَهُ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ أَوْ إِغْرَامِ الْقِيمَةِ مَا بَلَغَتْ وَيَمْتَنِعُ فَسْخُ السَّلَمِ خَشْيَةً مِنَ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ السَّلَمِ وَكَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَسْلَمْتَ عَبْدًا فِي عُرُوضٍ لَا تَأْخُذُ عِنْدَ الْأَجَلِ عَوْضَ الْعُرُوضِ عَبْدَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ لِأَنَّهُ سَلَمُ عَبْدٍ فِي عَبْدَيْنِ من جنسه فَيمْتَنع وَيمْتَنع الْفَسْخ الْمَحْمُولَةِ فِي سَمْرَاءَ إِلَى أَجَلِهَا لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْهَا عِنْدَ أَجَلِهَا لِأَنَّهُ حُسن قَضَاءٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: يَجُوزُ سَمْرَاءُ فِي سَمْرَاءَ أَجْوَدَ مِنْهَا أَوْ أَدْنَى إِلَى أَجْلِهَا لِبَقَاءِ الصِّفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِنْ أَخَذَ عَبْدًا أَدْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَنَعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ

(5/281)


لِأَنَّهُ لَا يُسْلَمُ فِيهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ تَمْهِيدٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: لِصِحَّةِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَنْ يَصِحَّ سَلَمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ وَأَنْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ بِالدَّيْنِ الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي الصِّفَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا دَفَعَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَجْوَدَ وَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حُسن قَضَاءٍ أَوْ أَدْنَى جَازَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حسن اقْتِضَاء لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لِقُصُورِهِ عَنِ الْحَقِّ وَيَجُوزُ أَخْذُ الذَّهَبِ الْأَسْوَدِ عَنِ الْأَبْيَضِ
فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا وَجَدَهُ مَعِيبًا رَجَعَ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضِ الْمَبِيعَ فَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ بِهِبَةٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَعِيبًا وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَعِيبٍ وَيَرْجِعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْعَيْبِ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ لَمْ يَقْبِضْهُ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ رَدِّ الْقِيمَةِ وَالرُّجُوعِ بِالْمِثْلِ أَوْ يَنْتَقِصَ مِنَ السَّلَمِ قَدْرَ الْعَيْبِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: لَا تَأْخُذُ دَقِيقَ الْحِنْطَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِخِلَافِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ وَحَيْثُ أَجَزْنَا فِي الْقَرْضِ فَيَخْتَلِفُ هَلْ يَجُوزُ بِالْوَزْنِ أَوِ الْكَيْلِ؟ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وتمتنع زِيَادَة كيل الدَّقِيق على الْقَمْح لَيْلًا يَكُونَ مُبَايَعَةً لَا مُبَادَلَةً وَهَلْ يَنْقُصُ؟ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَجْوَدَ وَيَجُوزُ مِثْلُ كَيْلِهِ أَجْوَدَ

(5/282)


وَأَرْدَأَ الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي زَمَانِهِ وَفِي الْكِتَابِ: لَا يجْبر على القَوْل فِي الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ لَكَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُمَا بِخِلَافِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُقْتَرِضِ فَلَهُ إِسْقَاطُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَلْزَمُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ قَبُولَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَعَدَمِ تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي كِبَاشٍ لِيَأْخُذَهَا فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ فَأَتَاهُ بَعْدَ الْأَضْحَى: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا وَكَذَلِكَ فِي قَطَائِفِ الشِّتَاءِ فَأَتَى بِهَا فِي الصَّيْفِ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا تَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَسْلَمَ لِأَجْلِهَا وَوَافَقَهُ فِي الْكِرَاءِ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَتَاهُ بَعْدَ إِبَّانِ الْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ (ش) : كُلُّ شَيْءٍ أَتَى بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ مِنَ النُّحَاسِ وَالتِّبْرِ وَالْعَرْضِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى بَرَاءَةِ الذِّمَمِ بِخِلَافِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لِأَنَّهُمَا تَخْتَصُّ مَنَافِعُهُمَا بِبَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْعَلَفِ وَكُلُّ مَا فَاتَ مَوْسِمُهُ وَمَا قُصِدَ الشِّرَاءُ لِأَجْلِهِ كَالضَّحَايَا وَنَحْوِهَا لِفَوَاتِ الْفَائِدَةِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ: فِي مَكَانِهِ وَفِي الْكِتَابِ: لَا بُدَّ مِنَ اشْتِرَاطِ مَكَانِ الْقَبْضِ وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ مِصْرَ لِأَنَّهُ اسْمٌ " لجُملة الْإِقْلِيمِ وَيَكْفِي الْفُسْطَاطُ (فَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّ

(5/283)


مَوْضِعٍ ... ... إِنْ عَلِمَ وَلَا يَخْفَى الْبَائِعُ فِي الْفسْطَاط) قَالَ أَو الطَّاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمَوْضِعِ بَلْ تَكْفِي الْعَادَةُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَحَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ أَوْ قُبِضَ رَأْسُ الْمَالِ لِاسْتِلْزَامِ السَّبَبِ الْمُسَبِّبَ وَإِنْ شَرَطَ بَلَدًا فَبِأَيِّ مَوْضِعٍ؟ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: سُوقُ السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا أَيُّ مَوْضِعٍ مِنَ الْبَلَدِ لِعَدَمِ التَّخْصِيصِ وَإِنْ كَانَتْ عَادَةً تَعَيَّنَتْ وَإِنِ اخْتَلَفَ السِّعْرُ فِي نَوَاحِي الْبَلَدِ تَعَيَّنَ ذِكْرُ مَوْضِعٍ مِنْهُ فَإِن اخْتلفَا فِي أَي مَوضِع اشْترطَا صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَاهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِعَدَمِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا وَإِنِ ادَّعَيَاهُ قُدم الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَقْصِدِ وَالثَّمَنُ وَسِيلَةٌ وَقَدَّمَ سَحْنُونٌ الْمُشْتَرِيَ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحق وَقيل: يَتَحَالَفَانِ ويفاسخان لِتَسَاوِيهِمَا وَإِنْ طَلَبَ الْقَبْضَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ وَدَفَعَ ثَمَنَ الْحِمْلِ وَالْمَبِيعُ طَعَامٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ مَال كَالْمُعَجَّلِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِزِيَادَةٍ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَ الْحِمْلِ وَاخْتَلَفَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ: ضَعْ وتعجَّل إِنْ كَانَ سِعْرُ هَذَا الْبَلَدِ أَنْقَصَ أَوْ حُط عني الضَّمَان وَأَزِيدك إِن كَانَ أعلا فَإِنِ اتَّفَقَ السِّعْرَانِ فَقَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى أُجْرَةِ الْحِمْلِ وَتَسَاوِي السِّعْرِ قَالَ سَنَدٌ: لَا يَجِبُ عندنَا ذكر وضع التَّسْلِيمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بِمَفَازَةٍ لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ فِيهَا فَيَجِبُ اشْتِرَاطُهُ وَإِلَّا فَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي مَوْضِعَ التَّعَاقُدِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَزَاد: إِن شرطا غير موضح الْعَقْدِ بَطَلَ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَاهُ وَقَالَ (ش) : إِنْ كَانَ يُحَمِّلُهُ مُؤْنَةً وَجَبَ وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ بِغَيْرِ مَوْضِعِ السُّوقِ بَلْ يَكْفِي مَوْضِعٌ مِنَ الْبَلَدِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلسِّلْعَةِ سُوقٌ فَبَيْتُ الْمُشْتَرِي قِيَاسًا عَلَى الْكِرَاءِ وَهُوَ الْعَادَةُ الْيَوْمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَسْلَمَ حَضَرِيٌّ لِقَرَوِيٍّ فَالْقَرْيَةُ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ الْيَوْمَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ غَيْرُهَا قَالَ سَنَدٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي أَوْ أَجِيرِي فِي حَمْلِهِ فَإِذَا بَلَغْتَ الْبَلَد فاقبضه لنَفسك امْتنع سداً لذريعة وَأَنْتِ وَكِيلِي فِي قَبْضِهِ لِوَكِيلِي يَجُوزُ وَمَتَى وَقَعَ الْمَمْنُوعُ فَسَخَ وَرَدَّ الطَّعَامَ إِلَى مَوْضِعِهِ وَطَالَبَ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ فَاتَ فَعَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ سَبَبُ الضَّمَانِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِد وَالْغَصْب وَإِذا انْفَسَخ صَحَّ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الطَّعَامَ مِمَّا لَهُ فِي بَلَدِ السَّلَمِ وَإِلَّا فَلَا

(5/284)