المدخل لابن الحاج

[فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ الْخَتْمِ]
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْخَتْمِ مِنْ أَنَّهُمْ يَقُومُونَ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ كُلِّهَا فِي الْغَالِبِ بِحِزْبَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْخَتْمِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِيهَا عَلَى الْقِيَامِ الْمَعْهُودِ لِفَضِيلَتِهَا فَيُصَلِّي بَعْضُهُمْ فِيهَا بِنِصْفِ حِزْبٍ لَيْسَ إلَّا وَهُوَ مِنْ سُورَةِ وَالضُّحَى إلَى آخِرِ الْخَتْمَةِ وَكَانَ السَّلَفُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يَقُومُونَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا فَجَاءَ هَؤُلَاءِ فَفَعَلُوا الضِّدَّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ

[فَصْلٌ فِي صِفَةِ قِيَامِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ]
َ وَيَنْبَغِي لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ فِي قِيَامِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إذْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ طَوَى فِرَاشَهُ وَشَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَأَحْيَا اللَّيْلَ كُلَّهُ» . وَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدْ تُرِكَتْ فِي الْغَالِبِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَتَجِدُ بَعْضَهُمْ يَقُومُونَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ تَرَكُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَخْتِمُونَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ لِلْقِيَامِ بَعْدَ خَتْمِهِمْ. وَهَذِهِ بِدْعَةٌ مِمَّنْ فَعَلَهَا وَهِيَ مُصَادِمَةٌ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَإِنْ قَامَ بَعْضُهُمْ فَبِالشَّيْءِ الْقَلِيلِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَحْيَا بَعْضُهُمْ هَذَا الْعَشْرَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَهِيَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ لَوْ سَلِمَتْ مِمَّا طَرَأَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ فَمِنْهَا أَنَّ الْأَئِمَّةَ يَأْخُذُونَ عَلَيْهَا عِوَضًا مَعْلُومًا الثَّانِي: أَنَّ الْمَسْجِدَ يَبْقَى فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ مَفْتُوحَ الْأَبْوَابِ يَدْخُلُ إلَيْهِ مِنْهَا مَنْ يَقُومُ

(2/294)


وَمَنْ لَا يَقُومُ وَظَلَامُ اللَّيْلِ يَسْتُرُهُمْ فَلَوْ كَانَ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَقَفَ عَلَى زَيْتٍ يَعُمُّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ بِضَوْئِهِ وَعَلَى رِجَالٍ يَطُوفُونَ بِالْمَسْجِدِ طُولَ لَيْلِهِمْ فَمَنْ رَأَوْهُ فِيهِ فِي غَيْرِ عِبَادَةٍ أَخْرَجُوهُ لَكَانَ ذَلِكَ حَسَنًا.
وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ هَذَا فَمَفَاسِدُهُ كَثِيرَةٌ وَفِي التَّلْوِيحِ مَا يُغْنِي عَنْ التَّصْرِيحِ أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ