المدونة

 [كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ] [الْقَضَاءُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]
ِ الْقَضَاءُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ قُلْتُ أَخْبَرَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ أَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً يَقُولُ: حَاضَتْ حَيْضَةً فَكَفَفْتُ عَنْهَا فَلَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ تِلْكَ الْحَيْضَةِ حَتَّى ظَهَرَ هَذَا الْحَمْلُ فَلَيْسَ هُوَ مِنِّي فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنَّهُ يُقِرُّ أَنَّهُ وَطِئَهَا مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ فَجَاءَتْ بِهَذَا الْوَلَدِ بَعْدَ وَطْئِهِ أَيَلْزَمُهُ هَذَا الْوَلَدُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَلَمْ يُوَقِّفْهُ عَلَى سَنَةٍ وَلَا عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ فَأَرَى أَنْ يَلْزَمَهُ الْوَلَدُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ السَّيِّدِ وَذَلِكَ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقْصَى مَا يَحْمِلُ بِهِ النِّسَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُمْ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ وَطِئَهَا إلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ.
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ ضَيَّعَهَا فَأَرْسَلَهَا تَخْرُجُ ثُمَّ وَلَدَتْ فَالْوَلَدُ مِنْهُ وَالضَّيْعَةُ عَلَيْهِ.
قَالَ نَافِعٌ: فَهَذَا قَضَاءُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ جَعَلَهَا عِنْدَ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ وَمَنَعَهَا أَنْ تَخْرُجَ

(2/529)


حَتَّى يَسْتَمِرَّ بِهَا حَمْلٌ أَوْ تَحِيضُ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ: إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ لَزِمَهُ الْوَلَدُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِمِثْلِ مَا تَحْمِلُ لَهُ النِّسَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ.

[يُقِرُّ بِوَطْءِ أَمَةٍ فِي مَرَضِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ أَيَلْزَمُهُ أَمْ لَا]
فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ بِوَطْءِ أَمَةٍ فِي مَرَضِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ السَّيِّدِ أَيَلْزَمُهُ أَمْ لَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ رَجُلٌ فِي مَرَضِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ حَمْلُهَا مِنْهُ وَأَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَةٍ لَهُ أُخْرَى فَقَالَ: وَلَدُهَا مِنِّي وَقَالَ فِي أَمَةٍ لَهُ أُخْرَى: قَدْ وَطِئْتهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ الْوَطْءِ، وَكُلُّ هَذَا فِي مَرَضِهِ فَجَاءَتْ هَذِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِوَطْئِهَا بِوَلَدٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ السَّيِّدِ قَالَ: يَلْزَمُ الْوَلَدُ فِي هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَتَعْتِقُ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُنَّ فَهُمْ أَحْرَارٌ وَأُمَّهَاتُهُمْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَيُعْتَقْنَ.
قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُقِرُّ عِنْدَ مَوْتِهِ بِالْجَارِيَةِ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ أَحَدٌ إلَّا بِقَوْلِهِ أَتَرَى أَنْ يُصَدَّقَ فِي ذَلِكَ؟
قَالَ: فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ وَرَثَتُهُ كَلَالَةٌ إنَّمَا هُمْ عَصَبَةٌ لَيْسُوا هُمْ وَلَدُهُ فَلَا أَرَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَثْبُتُ عَلَى مَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ رَأَيْتُ أَنْ يُعْتَقَ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَفَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَمْ مِنْ الثُّلُثِ؟ فَقَالَ: لَا، بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَاَلَّذِي وَرَثَتُهُ كَلَالَةٌ إنَّمَا هُمْ عَصَبَةٌ لَيْسُوا وَلَدًا أَفَلَا تَرَى أَنْ تُعْتِقَ فِي الثُّلُثِ؟ قَالَ: لَا، وَهَذِهِ أَمَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَى مَا قَالَ بَيِّنَةٌ.
قُلْتُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأَمَةِ وَلَدٌ يَدَّعِيهِ السَّيِّدُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَمَةِ وَلَدٌ يَدَّعِيهِ السَّيِّدُ جَازَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ مَالِكٍ إذَا كَانَ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً لَمْ يُصَدَّقْ إذَا قَالَ فِي جَارِيَةٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ: أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ أَيَجْعَلُ مَالِكٌ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ كَلَالَةً فِي هَذَا الْوَجْهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ عِنْدَ مَالِكٍ هُوَ كَلَالَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ الَّذِي أَخْبَرْتُكَ مُبْهَمًا قَالَ لَنَا: إنْ كَانَ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً فَالْأَخُ وَالْأُخْتُ هَهُنَا فِي أَمْرِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ الَّتِي

(2/530)


أَقَرَّ بِهَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَالَةِ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ وَرَثَتُهُ إخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ: إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِجَارِيَةٍ بِأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ كَانَ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً أَوْ وَلَدًا فَلَا عِتْقَ لَهَا مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ: قَدْ وَلَدَتْ مِنِّي وَلَا وَلَدَ مَعَهَا يَلْحَقُ نَسَبَهُ مِثْلُ قَوْلِهِ: هَذَا الْعَبْدُ قَدْ كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ فِي صِحَّتِي فَلَا يُعْتِقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا فِي رَأْسِ مَالٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ، وَقَدْ حُجِبَ عَنْ مَالِهِ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْوَصِيَّةَ وَلَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الْوَصِيَّةُ أَوْ فَعَلَهُ فِي الْمَرَضِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَائِشَةَ: لَوْ كُنْتِ حُزْتِهِ لَكَانَ لَكِ وَلَكِنَّهُ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ.

[يَبِيعُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ يَدَّعِي وَلَدَهَا]
فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ يَدَّعِي وَلَدَهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي بِعْتُ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ جَارِيَةٍ جَاءَتْ بِهِ لِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَادَّعَيْتُ وَلَدَهَا وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ وَلَدِي قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ جَارِيَةً لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ فَادَّعَى أَنَّهُ وَلَدُهُ قَالَ مَالِكٌ: أَمِثْلُ ذَلِكَ عِنْدِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تُهْمَةٌ أَنْ يُلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ وَتَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَادَّعَى الْوَلَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ مَاءَهُ فِيهَا حِينَ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ، فَإِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَاءِ جَعَلْتُهُ وَلَدَهُ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ لَهُ وَمَعَهَا الْوَلَدُ فَيَدَّعِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ كَيْفَ تَرَى فِيهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَلْحَقَ بِهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ عَلَى انْقِطَاعٍ مِنْ الْوَلَدِ إلَيْهِ يَكُونُ الرَّجُلُ لَا وَلَدَ لَهُ فَيُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَمِيلَ بِمِيرَاثِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَهُ إلَيْهِ انْقِطَاعٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا كَانَ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً لَيْسَ وَرَثَتُهُ أَوْلَادَهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِنْهُمْ أَشْهَبُ: إذَا وُلِدَ عِنْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ يَلْحَقُ بِهِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ كَانَ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً أَوْ وَلَدًا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ.

[يُقِرُّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ يُنْكِرُ وَلَدَهَا]
الرَّجُلُ يُقِرُّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ يُنْكِرُ وَلَدَهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِوَطْءِ جَارِيَتِهِ ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْئِهِ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ؟
قَالَ: هُوَ وَلَدُهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ وَلَا

(2/531)


يَقْطَعُ بَيْعُهُ إيَّاهَا مَا لَزِمَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ جَارِيَةٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ؟
قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَتَدَّعِي أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهَا قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّ الْوِلَادَةَ وَالسَّقْطَ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْجِيرَانِ وَإِنَّهَا لِوُجُوهٍ تُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِيهَا وَهُوَ الشَّأْنُ، وَلَكِنْ لَا يَكَادُ يَخْفَى هَذَا عَلَى الْجِيرَانِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي وِلَادَةِ الْأَمَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِ الرَّجُلِ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَاهُ أَيَجُوزُ نَفْيُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا نَفْيُهُ فَجَائِزٌ إذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْوَلَدُ.

[تَرَكَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَةً أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ تَأْتِي بِوَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ]
الرَّجُلُ يَهْلَكُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَةً أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، ثُمَّ تَأْتِي بِوَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَلِدُ لِمِثْلِهِ النِّسَاءُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ لِمَا تَجِيءُ بِهِ النِّسَاءُ أَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْوَلَدُ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ، الْوَلَدُ لَهُ لَازِمٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَةٍ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَمْلًا لِذَلِكَ الْوَطْءِ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ الْوَطْءِ.
قُلْتُ: وَهَذَا مُصَدَّقٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.

[الْمِدْيَانُ يُقِرُّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ]
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَقَالَ: هَذَا الْوَلَدُ وَلَدِي مِنْ أَمَتِي هَذِهِ. قَالَ: أَرَاهَا أُمَّ وَلَدِهِ وَلَا يَلْحَقُهَا الدَّيْنُ، وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: إنَّ الدَّيْنَ لَا يَلْحَقُهُنَّ وَلَا يَرُدُّهُنَّ وَلَا يَجْعَلُهُنَّ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُعْتِقُ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ كُلِّهِمْ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي الَّذِي ادَّعَى الْوَلَدَ وَوَرَثَتُهُ عَصَبَةٌ وَالْوَلَدُ لَهُ انْقِطَاعٌ إلَى الْمُدَّعِي وَنَاحِيَةٌ فَالْمُقِرُّ بِالْوَلَدِ وَالدَّيْنُ غَالِبٌ عَلَيْهِ أَوْلَى بِالتُّهْمَةِ لِإِتْلَافِهِ أَمْوَالَ النَّاسِ وَلَكِنَّ اسْتِلْحَاقَ الْوَلَدِ يَقْطَعُ كُلَّ تُهْمَةٍ. وَقَالَ ذَلِكَ بَعْضُ كِبَارِ رُوَاةِ مَالِكٍ مِنْهُمْ أَشْهَبُ: أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا فَالطَّلْقَةُ بَائِنٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ارْتِجَاعُهَا إلَّا

(2/532)


بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ لَمَّا بَانَتْ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ الظَّاهِرِ، فَإِنْ ظَهَرَ بِالْمَرْأَةِ حَمْلٌ فَادَّعَاهُ كَانَ وَلَدَهُ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ بِلَا صَدَاقٍ، وَلَا نِكَاحَ مُبْتَدًى لِاسْتِلْحَاقِهِ الْوَلَدَ فَالْوَلَدُ قَاطِعٌ لِلتُّهَمِ.

[يُزَوِّجُ أَمَتَهُ فَتَلِدُ وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ فَيَدَّعِيهِ]
فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ فَتَلِدُ وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ فَيَدَّعِيهِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَادَّعَاهُ السَّيِّدُ لِمَنْ الْوَلَدُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَطَؤُهَا السَّيِّدُ فَتَجِيءُ بِوَلَدٍ: إنَّ الْوَلَدَ وَلَدُ الزَّوْجِ وَلَا يَكُونُ وَلَدَ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا قَدْ اعْتَزَلَهَا بِبَلَدٍ يُعْرَفُ أَنَّ فِي إقَامَتِهِ مَا كَانَ اسْتِبْرَاءً لِرَحِمِهَا فِي طُولِ ذَلِكَ فَالْوَلَدُ يَلْحَقُ بِالسَّيِّدِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا السَّيِّدُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ قَالَ: الْوَلَدُ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَعْزُولًا عَنْهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالسَّيِّدِ لِأَنَّهَا أَمَتُهُ يُدْرَأُ عَنْهُ فِيهَا الْحُدُودُ وَكَذَلِكَ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَعْزُولًا عَنْهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقِلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا أَيَفْسُدُ نِكَاحُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالسَّيِّدِ إذَا كَانَ السَّيِّدُ مُقِرًّا بِالْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ.

[وَطِئَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَتَحْمِلُ]
فِي الرَّجُلِ يَطَأُ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَتَحْمِلُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَطَأُ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَتَحْمِلُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ أَيُعْتَقُ الْوَلَدُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا يَجْتَمِعُ النَّسَبُ وَالْحَدُّ، فَإِذَا دُرِئَ الْحَدُّ ثَبَتَ النَّسَبُ فَأَرَى فِي مَسْأَلَتِكَ هَذِهِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدْرَأَ الْحَدَّ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ فَإِذَا دُرِئَ الْحَدُّ ثَبَتَ النَّسَبُ. قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ لِلْمُكَاتَبِ فِي الِابْنِ الْقِيمَةُ عَلَى أَبِيهِ يَوْمَ حَمَلَتْ وَتَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ أَمْ لَا تَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَتَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتِبِ أَمَةً؟
قَالَ: أَحْسَنُ مَا جَاءَ فِيهِ عِنْدِي أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ حَمَلَتْ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ أَوْ شَرِيكِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا فِي أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَطَأُ جَارِيَةً عَلَى الشَّرِيكِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَلْحَقَ الْوَلَدُ بِهِ وَتَكُونُ أُمُّهُ أَمَةً لِمُكَاتِبِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَيْسَ فِيمَا بَقِيَ عَلَى مُكَاتِبِهِ قَدْرُ قِيمَتِهَا أَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْبَعُ سَيِّدَهُ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ أَمْ تَكُونُ أَمَةً لِلْمُكَاتِبِ وَيُقَاصُّ السَّيِّدَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ وَيُقَاصُّ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ

(2/533)


بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا كَفَافًا لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ أُعْتِقَ وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهَا فَضْلٌ رَجَعَ بِذَلِكَ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ وَأُعْتِقَ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَعْجِيلُ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَتْ الْقِيمَةُ مِنْ مَالِهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلشُّبْهَةِ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ مَالُهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ لَا يُحِيطُ بِقِيمَتِهَا بِيعَ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قِيمَتُهَا كَانَتْ أُمَّ الْوَلَدِ وَأَعْطَى الْمَكَاتِبُ ذَلِكَ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِمَا بِيعَ مِنْهُ لِتَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَإِنْ أَبَى كَانَ لَهُ الْوُقُوفُ عَلَى كِتَابَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ نِصْفِ الْجَارِيَةِ أَخَذَهُ الْمُكَاتَبُ وَبَقِيَ نِصْفُ الْجَارِيَةِ لِلْمَكَاتِبِ وَنِصْفُهَا بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ وَأُتْبِعَ سَيِّدُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ.

[وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ]
فِي الرَّجُلِ يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ وَكَيْفَ إنْ كَانَ ابْنُهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ حَمَلَتْ أَوْ لَمْ تَحْمِلْ الْجَارِيَةُ مِنْ الْأَبِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَيْهِ جَارِيَةُ ابْنِهِ إذَا وَطِئَهَا حَمَلَتْ أَوْ لَمْ تَحْمِلْ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَهَا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْجَارِيَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ: إذَا وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ حَمَلَتْ إلَّا أَنْ يُحِبَّ الشَّرِيكُ إنْ هِيَ لَمْ تَحْمِلْ أَنْ لَا تُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ فَذَلِكَ لَهُ، وَلَا أَرَى أَنَا الِابْنَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيكِ إذَا هِيَ لَمْ تَحْمِلْ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَالٌ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا وَتُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ لِابْنِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَحِلُّ جَارِيَتُهَا لِزَوْجِهَا أَوْ لِابْنِهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّونَ هُمْ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَقَدْ كَانَ ابْنُهُ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَتُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ. فَقُلْتُ: فَهَلْ لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ الْأَبِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ وَتَخْرُجُ حُرَّةً وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ الِابْنَ قَدْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْأَبِ فِيهَا الْمُتْعَةُ فَلَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ حَرَامًا عَتَقَتْ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي عَنْهُ بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَبَ إنْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ ابْنِهِ أَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ أَمْ مَاذَا يُصْنَعُ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُؤْخَذَ الْقِيمَةُ مِنْ الْأَبِ قِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ فَتُدْفَعُ

(2/534)


إلَى الِابْنِ وَتُعْتَقُ الْجَارِيَةُ عَلَى الِابْنِ وَلَا تُعْتَقُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ لِلِابْنِ وَإِنَّمَا أَلْزَمْنَا الْأَبَ الْقِيمَةَ لِلْفَسَادِ الَّذِي أَدْخَلَهُ عَلَى الِابْنِ وَلَا آمُرُ الِابْنَ أَنْ يَطَأَهَا فَإِذَا نَهَيْتُ الِابْنَ عَنْ الْوَطْءِ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْأَبِ أَعْتَقْتُهَا عَلَيْهِ وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: لِمَ حَرَّمْتَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَلَى الِابْنِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ امْرَأَةَ ابْنِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الِابْنِ؟
قَالَ: لَا تُشْبِهُ الْحُرَّةُ فِي هَذَا الْأَمَةَ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ وَطِئَ امْرَأَةَ ابْنِهِ لَرَجَمْتُهُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَإِنْ كَانَ لَمْ يُحْصِنْ بِامْرَأَةٍ قَطُّ حَدَدْتُهُ حَدَّ الْبِكْرِ وَلَسْتُ أَحُدُّهُ فِي أُمِّ وَلَدِ الِابْنِ فَلَمَّا لَمْ أَحُدَّهُ فِي أُمِّ وَلَدِ ابْنِهِ حَرَّمْتُهَا عَلَى الِابْنِ فَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِ الِابْنِ لِأَنَّهَا أَمَةٌ إذَا وَطِئَهَا الْأَبُ دَفَعْتُ عَنْهُ الْحَدَّ وَحَرَّمْتُهَا عَلَى الِابْنِ وَأَلْزَمْتُ الْأَبَ قِيمَتهَا وَأَعْتَقْتُهَا عَلَى الِابْنِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بِوَلَدٍ بَعْدَمَا وَطِئَهَا الْأَبُ. قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ غَائِبًا يَوْمَ وَطِئَهَا الْأَبُ وَقَدْ غَابَ الِابْنُ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْبَةً يُعْلَمُ أَنَّ فِي مِثْلِهَا اسْتَبْرَأَ لِطُولِ مَغِيبِهِ فَالْوَلَدُ وَلَدُ الْأَبِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ غُلَامًا لَهُ أَمَةً لَهُ فَوَطِئَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَعْزُولٍ عَنْهَا فَالْوَلَدُ لِلْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا أَوْ غَائِبًا قَدْ اسْتَيْقَنَ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ بَعْدَهُ وَاسْتَبْرَأَ رَحِمَهَا قَالَ مَالِكٌ: رَأَيْتُ أَنْ يَلْحَقَ الْوَلَدُ بِالسَّيِّدِ وَتُرَدُّ الْجَارِيَةُ إلَى زَوْجِهَا فَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي جَارِيَةِ الِابْنِ.

[يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا أَتَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا]
فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا أَتَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَةَ وَالِدهِ فَوَلَدَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَقَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَتَكُونُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَنَّهُ لِسَيِّدِهَا الَّذِي بَاعَهَا وَأَنَّ الَّذِي اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ يَكُونُ لَهُ فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا تَصِيرُ بِاَلَّذِي وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ، وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ اشْتِرَاءِ الْوَلَدِ امْرَأَتَهُ مِنْ أَبِيهِ وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنِّي لَا أَرَاهَا أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ عَتَقَ عَلَى جَدِّهِ فِي بَطْنِهَا وَإِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ بِمَنْ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا، فَأَمَّا مَا ثَبَتَتْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ يُعْتَقُ عَلَى مَنْ مَلَكَهُ فَاشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ سَيِّدَهَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا فِي بَطْنِهَا وَأَنَّ الْأُمَّةَ الَّتِي

(2/535)


لِغَيْرِ أَبِيهِ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجِهَا بَاعَهَا وَكَانَ مَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقًا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت أَمَةً قَدْ كَانَ أَبِي تَزَوَّجَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ أَبِي؟
قَالَ: يُعْتَقُ عَلَيْكَ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَبِيعَهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَا تُعْتَقُ عَلَيْكَ الْأَمَةُ.
قُلْتُ: فَإِنْ رَهِقَنِي دَيْنٌ بَعْدَمَا اشْتَرَيْتهَا أَتُبَاعُ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ تُبَاعُ عَلَيْكَ وَتُبَاعُ بِالْوَلَدِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْك إذَا خَرَجَ إلَّا أَنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَبِيعَهَا لِمَا عُقِدَ لِوَلَدِهَا مِنْ الْعِتْقِ بَعْدَ الْخُرُوجِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ بَعْضُ رُوَاةِ مَالِكٍ: لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّ عِتْقَ هَذَا لَيْسَ هُوَ عِتْقَ اقْتِرَافٍ مِنْ السَّيِّدِ إنَّمَا أَعْتَقَتْهُ السُّنَّةُ وَعِتْقُ السُّنَّةِ أَوْكَدُ مِنْ الِاقْتِرَافِ وَأَشَدُّ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَيْتهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ أَبِي وَأَبِي حَيٌّ وَهِيَ تَحْتَهُ أَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَبِي بِذَلِكَ الْوَلَدِ وَيُفْسَخَ التَّزْوِيجُ؟
قَالَ: لَا، لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ وَهِيَ أَمَةٌ لِلِابْنِ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا عَتَقَ عَلَى أَخِيهِ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ فِيهَا مِلْكٌ وَتَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ بِمِلْكِ ابْنِهِ إيَّاهَا لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ ابْنِهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ أَخِي فَاشْتَرَيْتُهَا؟
قَالَ: تَكُونُ هِيَ وَوَلَدُهَا رَقِيقًا لَكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ فِي الِابْنِ الَّذِي تَزَوَّجَ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا قَدْ عَتَقَ عَلَى جَدِّهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ، وَيُسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لِأَنَّهُ وَضَعَ مِنْ ثَمَنِهَا لَمَّا اسْتَثْنَى وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيَكُونُ لَهَا وَلَدٌ أَمْ لَا يَكُونُ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَا فِي بَطْنِهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا لِأَنَّهُ وَضَعَ مِنْ الثَّمَنِ لِمَكَانِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ عِتْقٌ مَا فِي بَطْنِهَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا يَلْحَقُهُ الرِّقُّ لِأَنَّهُ عِتْقُ سُنَّةٍ وَلَيْسَ هُوَ عِتْقَ اقْتِرَافٍ.

[أُمّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ وَمُدَبَّره]
فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ وَمُدَبَّرِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ عَبِيدٌ قَدْ دَبَّرَهُمْ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِ حِينَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ كَافِرًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي

(2/536)


الْأَسِيرِ يَتَنَصَّرُ: إنَّهُ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ الْمُرْتَدِّ لَا يُعْتَقْنَ عَلَيْهِ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ مَنْ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ فَلَمَّا كَانَ الْأَسِيرُ إنْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقْسَمْ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ إذَا ارْتَدَّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَسِيرِ الَّذِي تَنَصَّرَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَتَابَ ثُمَّ مَاتَ كَانَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُهُ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى الِارْتِدَادِ كَانَ مَالُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مُدَبَّرُوهُ فَإِنَّهُمْ يُعْتَقُونَ وَلَيْسَ هِيَ وَصِيَّةٌ اسْتَحْدَثَهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ عَقَدَهُ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْقُضَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَلِذَلِكَ جَازَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كُلُّ وَصِيَّةٍ لَوْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ رَدَّهَا فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ إذَا ارْتَدَّ وَكَذَلِكَ الْأَسِيرُ إذَا تَنَصَّرَ وَلَوْ جَازَ لَهُ مَا أَوْصَى بِهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ رَدَّهُ لَجَازَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي ارْتِدَادِهِ وَصِيُّهُ فَهَذَا وَجْهُ مَا سَمِعْتُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُرْتَدَّ إذَا ارْتَدَّ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ أَيَحْرُمْنَ عَلَيْهِ فِي حَالِ ارْتِدَادِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَهَلْ يُعْتَقْنَ عَلَيْهِ إذَا وَقَعَتْ الْحُرْمَةُ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْعِتْقِ وَلَكِنِّي لَا أَرَى أَنْ يُعْتَقْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الَّتِي وَقَعَتْ هَهُنَا مِنْ قَبْلِ ارْتِدَادِهِ لَيْسَتْ كَحُرْمَةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ عِصْمَةٌ تَنْقَطِعُ مِنْهُ بِارْتِدَادِهِ وَهَذِهِ عِصْمَةٌ لَيْسَ لَهَا مِنْ عِصْمَةٍ تَنْقَطِعُ وَهَذِهِ قَدْ تَحِلُّ لَهُ إنْ رَجَعَ عَنْ ارْتِدَادِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَرَاهَا مَوْقُوفَةً إنْ أَسْلَمَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ بِحَالِ مَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ.

[أُمّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ تُسْلِمُ]
فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ تُسْلِمُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَتْ مَا عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: تُعْتَقُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: تُوقَفُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ فَتَحِلُّ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ تُعْتَقَ.
قُلْتُ: وَلَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إنَّمَا كَانَ لَهُ فِيهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِوَطْئِهَا فَلَمَّا أَسْلَمَتْ حَرُمَ فَرْجُهَا عَلَيْهِ فَصَارَتْ حُرَّةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ ثُمَّ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ مَكَانَهُ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَتَجْعَلُهَا أُمَّ وَلَدِهِ كَمَا كَانَتْ أَمْ تُعْتِقُهَا عَلَيْهِ؟
قَالَ: إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهَا السُّلْطَانُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا أَسْلَمَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَى فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَتْ إنْ عَقَلَ عَنْهَا وَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهَا حَتَّى أَسْلَمَ سَيِّدُهَا النَّصْرَانِيُّ وَقَدْ طَالَ زَمَانُهَا أَنَّ سَيِّدَهَا أَوْلَى بِهَا إنْ أَسْلَمَ مَا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ بِعِتْقِهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ.

(2/537)


قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِ ذِمِّيٍّ وَلَدَتْ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا فَأَسْلَمَتْ فَأَعْتَقْتُهَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مَا حَالُ الْوَلَدِ وَهَلْ هُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أُمِّهِمْ إذَا كَانُوا صِغَارًا أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُعْتَقُ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى سَيِّدِهِمْ النَّصْرَانِيِّ إنْ أَسْلَمَ وَأُمُّهُ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ الْوَلَدِ وَلَمْ يُسْلِمْ مَعَهَا أَوْلَادُهَا وَهُمْ كِبَارٌ قَدْ اسْتَغْنَوْا عَنْ أُمِّهِمْ بَلَغُوا الْحُلُمَ أَوْ لَمْ يَبْلُغُوا أَتُعْتِقُهُمْ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا عِتْقَ لِلْوَلَدِ الْكِبَارِ أَسْلَمُوا مَعَ إسْلَامِ أُمِّهِمْ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَلَا إسْلَامَ لِلْوَلَدِ الصِّغَارِ بِإِسْلَامِ أُمِّهِمْ اسْتَغْنَوْا عَنْهَا أَوْ بَلَغُوا الْإِثْغَارَ أَوْ لَمْ يَبْلُغُوا، وَلَا عِتْقَ لَهُمْ وَلَا لِجَمِيعِ وَلَدِهَا إنْ أَسْلَمُوا إلَّا إلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ إلَّا الْأُمُّ وَحْدَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّ إذَا جَنَتْ أُجْبِرَ سَيِّدُهَا عَلَى افْتِكَاكِهَا وَأَنَّ وَلَدَهَا لَوْ جَنَوْا جِنَايَةً لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى افْتِكَاكِهِمْ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْخِدْمَةَ الَّتِي لَهُ فِيهِمْ فَيَخْتَدِمُهُمْ الْمَجْرُوحُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ جُرْحَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَرْجِعُونَ إلَى سَيِّدِهِمْ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا إسْلَامُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَجَّلَ لَهَا سَيِّدُهَا الْعِتْقَ دُونَ وَلَدِهَا فَلَا عِتْقَ لِوَلَدِهَا إذَا أَسْلَمُوا إلَّا إلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا. وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: الْأَوْلَادُ تَبَعٌ لِلْآبَاءِ فِي الْإِسْلَامِ فِي الْأَحْرَارِ وَقَالَ: فِي أَوْلَادِ الْعَبِيدِ فِي الرِّقِّ أَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأُمَّهَاتِ فِي الرِّقِّ وَلَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ فِي إسْلَامِهِمْ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ لَوْ أَنَّ أَمَةً لِنَصْرَانِيٍّ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ فَأَسْلَمَتْ بِيعَتْ وَمَا مَعَهَا مِنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْهَا؟
قَالَ: لَا يُبَاعُ مَعَهَا.
قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهَا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؟
قَالَ: إذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا فَلَا أَرَاهُ عِنْدِي مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا بِيعَ مَعَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فَأَمَّا إسْلَامُهُ فَلَا أَرَاهُ مُسْلِمًا إذَا كَانَ أَبُوهُ نَصْرَانِيًّا وَلَا لِسَيِّدِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَعَ أُمِّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مُسْلِمًا إذَا كَرِهَ ذَلِكَ أَبُوهُ. قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا وَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ لَهُ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَتَلِدُ أَوْلَادًا أَتَرَى أَنْ يُكْرِهَ الْأَوْلَادَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُمْ صِغَارٌ؟
قَالَ: مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ اسْتِنْكَارًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِسَيِّدِهِمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ النَّصْرَانِيَّ إذَا كَانَ مَوْلَاهُ مُسْلِمًا فَأَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ هَذَا النَّصْرَانِيِّ الْمُكَاتَبِ قَالَ: أَرَى أَنْ تُوقَفَ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَتْ حَالُهُ مِثْلَ حَالِ النَّصْرَانِيِّ يَشْتَرِي الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ أُوقِفَتْ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ كَانَتْ رَقِيقًا وَبِيعَتْ عَلَيْهِ.

[أُمُّ الْوَلَدِ يُكَاتِبُهَا سَيِّدُهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ أَيَصْلُحُ أَنْ يُكَاتِبَهَا سَيِّدُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا

(2/538)


يُكَاتِبُهَا سَيِّدُهَا إلَّا بِشَيْءٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا فَأَمَّا أَنْ يُكَاتِبَهَا يَسْتَسْعِيَهَا فِي الْكِتَابَةِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يُعْتِقَهَا عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا قَطُّ. قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ.
قُلْتُ: فَإِنْ فَاتَتْ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ أَتُعْتِقُهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ لَا تُرَدَّ فِي الرِّقِّ بَعْدَمَا عَتَقَتْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَاتَبَهَا سَيِّدُهَا عَلَى مَالٍ فَأَدَّتْهُ إلَى السَّيِّدِ فَخَرَجَتْ حُرَّةً أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ فَتَأْخُذُهُ مِنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ أُمَّ وَلَدِهِ؟
قَالَ: لَا تَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا بِشَيْءٍ مِمَّا دَفَعَتْ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ، فَإِذَا مَرِضَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا مِنْهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ الْآنَ لِوَرَثَتِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاطِعَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا وَيُعْتِقُهَا، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِمَا أَدَّتْ مِنْ ذَلِكَ إلَى السَّيِّدِ.
قُلْتُ: فَلِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ الْقَطَاعَةَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ يُجَوِّزْ الْكِتَابَةَ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْقِطَاعَةَ كَأَنَّهُ أَخَذَ مَالَهَا وَأَعْتَقَهَا، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا وَلَا يُعْتِقُهَا، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَإِذَا كَاتَبَهَا فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا خِدْمَتَهَا وَرِقَّهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَسْعِيهَا لِأَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِنَّ إنَّمَا فِيهِنَّ الْمُتْعَةُ لِسَادَاتِهِنَّ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا وَلَا يُجْهِدَهَا فِي مِثْلِ اسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَالطَّحِينِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَا يُكَاتِبَهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِأَدَائِهَا الْكِتَابَةَ فَتَكُونُ حُرَّةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَاتَبَهَا سَيِّدُهَا؛ قَالَ: تُفْسَخُ كِتَابَتُهَا وَقَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا كُوتِبَتْ فَأَدَّتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاطِعَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ فَإِذَا كَانَ لَا بَأْسَ بِالْقِطَاعَةِ فَهِيَ إذَا أَدَّتْ حُرَّةً لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي كِتَابَتُهَا ابْتِدَاءً.
قَالَ سَحْنُونٌ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَرَادَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَنْ تَتَعَجَّلَ الْعِتْقَ بِأَمْرٍ صَالَحَهَا عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَأَمَّا الْكِتَابَةُ كِتَابَةُ الْمَمْلُوكِ فَلَا، وَلَكِنْ تُصَالِحُ مِنْ ذَاتِ يَدِهَا مَا يُثْبِتُ لَهَا الْعِتْقَ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ اللَّيْثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِذَلِكَ.

(2/539)


قَالَ يَحْيَى: وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَعَلَيْهَا الدَّيْنُ الَّذِي اشْتَرَتْ بِهِ نَفْسَهَا كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهَا تُتْبَعُ بِهِ لِأَنَّهَا اشْتَرَتْ رِقًّا كَانَ عَلَيْهَا تَعَجَّلَتْ الْعِتْقَ بِمَا كُتِبَ عَلَيْهَا وَلَوْ أَنَّهَا كَاتَبَتْ عَلَى كِتَابَةٍ مَعْلُومَةٍ وَنَجَّمَ عَلَيْهَا تِلْكَ الْكِتَابَةَ الشُّهُورَ وَالسِّنِينَ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَتَقَتْ وَبَطَلَ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ الْكِتَابَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ سُرِّيَّتَهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْهُ بِمَالٍ تَدْفَعُهُ إلَيْهِ عَلَى عِتْقٍ تَتَعَجَّلُهُ يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ لِبَعْضٍ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهَا وَأَنْكَرَ رَبِيعَةُ أَنْ يُكَاتِبَهَا وَقَالَ: إنْ كَاتَبَهَا مُخَالَفَةً لِشُرُوطِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا.

[يُعْتِقُ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَجْعَلُهُ عَلَيْهَا دَيْنًا بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا]
فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَجْعَلُهُ عَلَيْهَا دَيْنًا بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى مَالٍ يَجْعَلُهُ عَلَيْهَا دَيْنًا بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا يُكَاتِبَهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا يُكَاتِبَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهَا وَيَجْعَلَ عَلَيْهَا دَيْنًا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَإِذَا كَانَ بِرِضَاهَا فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ عِنْدِي، إنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِدَيْنٍ جَعَلَهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِسَيِّدِهَا الْمَتَاعُ فِيهَا مِثْلُ مَا كَانَ لَهُ فِي الْحُرَّةِ مِنْ الْمَتَاعِ.

[أُمّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ يُكَاتِبُهَا ثُمَّ يُسْلِمُ]
فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ يُكَاتِبُهَا ثُمَّ يُسْلِمُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ نَصْرَانِيَّةً فَأَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ أَتَسْقُطُ الْكِتَابَةُ عَنْهَا وَتُعْتَقُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّهُ قَالَ: إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ عَتَقَتْ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا كَاتَبَ أُمَّ وَلَدِهِ الذِّمِّيَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ: إذَا أَسْلَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَأَرَى هَذِهِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَتَسْقُطُ عَنْهَا الْكِتَابَةُ.

[بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ وَعِتْقُهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت أُمَّ وَلَدِ رَجُلٍ فَأَعْتَقْتُهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عِتْقُكَ عِتْقًا وَيُرَدُّ هَذَا الْبَيْعُ وَتَرْجِعُ إلَى سَيِّدِهَا.

(2/540)


قُلْتُ: لِمَ وَهَذَا الْعِتْقُ آكَدُ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ؟
قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا يُشْبِهُ التَّدْبِيرَ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مِنْ الثُّلُثِ وَأُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ لَهُ فِيهَا الْمُتْعَةَ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ عَلَى كُلِّ حَالِ أُمِّ الْوَلَدِ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِي الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ تُرَدَّ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إلَى مَالِهِ فَيَأْخُذُهُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي أَيَكُونُ هَذَا فَوْتًا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا فَوْتًا وَلَا تَكُونُ حُرَّةً وَتُرَدُّ إلَى سَيِّدِهَا.
قُلْتُ: وَإِنْ مَاتَتْ فَذَهَبَ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا مَا يَصْنَعُ بِالثَّمَنِ.
قَالَ: يَتْبَعُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ أُمُّ الْوَلَدِ فِي يَدِي الْمُشْتَرِي رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إنَّمَا كَانَ لِسَيِّدِهَا فِيهَا الْمَتَاعُ بِالْوَطْءِ لَا بِغَيْرِهِ وَهِيَ مَعْتُوقَةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى سَيِّدِهَا فَلَا يَأْكُلُ ثَمَنَ حُرَّةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ؟
قَالَ: يُرَدُّ الثَّمَنُ إلَى مُشْتَرِيهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَكُونُ ثَمَنُهَا دَيْنًا عَلَى بَائِعِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ مَاتَتْ أَوْ لَمْ تَمُتْ مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ لَمْ يَمُتْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَفْلَسَ أَوْ لَمْ يُفْلِسْ.

[الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ يُعْتَقُ وَلَهُ أَمَةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ حَامِلٌ]
ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَوَلَدَتْ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبِعَتْهُ كَمَا تَبِعَهُ مَالُهُ أَتَكُونُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَكُلَّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ لَمْ تَضَعْهُ، فَإِنَّ مَا وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ وَمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ رَقِيقٌ كُلُّهُمْ لِلسَّيِّدِ وَلَا تَكُونُ بِشَيْءٍ مِنْهُمْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُمْ عَبِيدٌ، وَأَمَّا أُمُّهُمْ فَبِمَنْزِلَةِ مَالِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ تَبِعْهُ مَالُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَمْلِكَ الْعَبْدُ ذَلِكَ الْحَمْلَ الَّذِي فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَهُ فَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ حِينَ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ أَعْتَقَ هُوَ جَارِيَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا عِتْقَ لَهُ فِي جَارِيَتِهِ وَحُدُودُهَا وَحُرْمَتُهَا وَجِرَاحُهَا جِرَاحُ أَمَةٍ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا فَيَأْخُذُهُ سَيِّدُهُ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ إذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا بِالْعِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَهَا بِهِ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ وَلَا تَحْتَاجُ الْجَارِيَةُ هَاهُنَا إلَى أَنْ يُجَدِّدَ لَهَا الْعِتْقَ.
قَالَ مَالِكٌ وَنَزَلَ هَذَا بِبَلَدِنَا وَحُكِمَ بِهِ.

(2/541)


قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ابْنُ كِنَانَةَ بَعْدَمَا قَالَ لِي هَذَا الْقَوْلَ بِأَعْوَامٍ: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ عَجَّلَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ أَتَرَى وَلَدَهُ يَتْبَعُ الْمُدَبَّرَ؟
قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهَا إذَا وَضَعَتْهُ كَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ السَّيِّدُ وَالْجَارِيَةُ لِلْعَبْدِ تَبَعٌ لِأَنَّهَا مَالُهُ.
قُلْتُ: وَتَصِيرُ مِلْكًا لَهُ وَلَا تَكُونُ بِهَذَا الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؟
قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا اخْتَلَفَ فِي الْمُكَاتَبِ وَجَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْجَارِيَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِي جَارِيَتِهِ، وَاَلَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا وَلَدَتْهُ فِي التَّدْبِيرِ أَوْ فِي الْكِتَابَةِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَوْمَ تُعْتَقُ وَلَدٌ حَيٌّ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ حَيٌّ يَوْمَ تُعْتَقُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: لَا تَكُونُ أُمُّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ أُمَّ وَلَدٍ إذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ كَانَ لَهُ وَلَدٌ يَوْمَ يُعْتَقُ أَوْ لَا وَلَدَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَالِهِ وَلَيْسَ هِيَ مِثْلُ أُمِّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ كَانَ مَالُهُ مَمْنُوعًا مِنْ سَيِّدِهِ فَبِذَلِكَ افْتَرَقَا وَأُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ أُمُّ وَلَدٍ إذَا أَدَّى وَعَتَقَ.
قُلْتُ: مَا حُجَّةُ مَالِكٍ فِي الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ؟ فَقَالَ الْمُعْتِقُ: هِيَ حُرَّةٌ لِمَ جَعَلَهَا مَالِكٌ فِي جِرَاحِهَا وَحُدُودِهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ وَأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَهِيَ إذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا كَانَتْ حُرَّةً بِاللَّفْظِ الَّذِي أَعْتَقَهَا بِهِ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ. قَالَ: لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً وَمَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ هَذَا أُوقِفَتْ فَلَمْ تَنْفُذْ لَهَا حُرِّيَّتُهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا. قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْهُ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ وَلَا يَدْخُلُ فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُكَاتَبُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْتُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافًا فِي هَذَا إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْهُ دَخَلَ حَمْلُهَا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ.

[أُمّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ يَمُوتُ سَيِّدُهُ فَيُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ]
فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ يَمُوتُ سَيِّدُهُ فَيُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ فَعَتَقَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ: أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ بِالْوَلَدِ الَّذِي كَانَ فِي التَّدْبِيرِ، وَوَلَدُهُ الَّذِينَ وُلِدُوا بَعْدَ التَّدْبِيرِ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَنْزِلَتِهِ يُعْتَقُونَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ.

(2/542)


قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَرَادَ الْمُدَبَّرُ أَنْ يَبِيعَ أُمَّ وَلَدِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ أَوْ الْمُدَبَّرَ وَلَا وَلَدَ لَهُ يَوْمَ أَعْتَقَ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَاهَا أُمَّ وَلَدِهِ بِمَا وَلَدَتْ فِي التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدِهِ لِأَنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَةِ وَالِدِهِمْ فَقَدْ جَرَى فِي وَلَدِهَا مِثْلُ مَا جَرَى فِي أَبِيهِمْ، فَهَذَا يَدُلُّكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي وَلَدِهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ فَعَتَقَ فِي ثُلُثِ مَالِهِ: أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ بِالْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ فِي تَدْبِيرِهِ كَانُوا مَعَهَا يَوْمَ يُعْتَقُ أَبُوهُمْ أَوْ مَاتُوا قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ لِأَنَّهُ جَرَى الْعِتْقُ فِي الْوَلَدِ كَمَا جَرَى فِي الْوَالِدِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا يَجْرِي فِيهَا كَمَا جَرَى فِي وَلَدِهَا.
قَالَ سَحْنُونٌ: قَدْ أَعْلَمْتُكَ بِهَذَا الْأَصْلِ قَبْلَ هَذَا.

[الْمُدَبَّرُ يَمُوتُ قَبْلَ سَيِّدِهِ فَيَتْرُكُ وَلَدًا وَأُمَّ وَلَدٍ]
ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ مُدَبَّرٌ فَوُلِدَ لِلْمُدَبَّرِ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمُدَبَّرُ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْمُدَبَّرُ كَانَتْ أُمُّ وَلَدِهِ أَمَةً لِلسَّيِّدِ وَجَمِيعُ مَا تَرَكَ الْمُدَبَّرُ مَالًا لِلسَّيِّدِ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ مُدَبَّرٌ يُقَوَّمُ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.

[يَدَّعِي الصَّبِيَّ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَنَّهُ وَلَدُهُ]
الرَّجُلُ يَدَّعِي الصَّبِيَّ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَنَّهُ وَلَدُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ صَبِيًّا صَغِيرًا فِي يَدَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ ابْنُهُ أَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَيُرَدُّ الصَّبِيُّ؟
قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ قَدْ وُلِدَ عِنْدَهُ. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ دِينَارٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فَقُضِيَ بِهَا بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَمَا ادَّعَى مِمَّا يُعْرَفُ كَذِبُهُ فِيهِ فَهُوَ غَيْرُ لَاحِقٍ بِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى ابْنًا فَقَالَ: هَذَا ابْنِي، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّهُ فِي مِلْكِهِ وَلَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الِابْنُ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ادَّعَى وَلَدًا لَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ فِيمَا ادَّعَى أُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ نَسَبٌ ثَابِتٌ.
قُلْتُ: وَمَنْ يُعْرَفُ كَذِبُهُ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ؟
قَالَ: الْغُلَامُ يُولَدُ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ

(2/543)


فَيُؤْتَى بِهِ مَحْمُولًا مِثْلُ الصَّقَالِبَةِ وَالزِّنْجِ وَيُعْرَفُ أَنَّ الْمُدَّعِيَّ لَمْ يَدْخُلْ تِلْكَ الْبِلَادَ قَطُّ فَهَذَا الَّذِي يُعْرَفُ كَذِبُهُ وَمَا أَشْبَهَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ أُمَّ هَذَا الْغُلَامِ لَمْ تَزَلْ مِلْكًا لِفُلَانٍ أَوْ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ غَيْرَ هَذَا الْمُدَّعِي حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ أَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا عَلَى كَذِبِ الْمُدَّعِي؟
قَالَ: أَمَّا الْأَمَةُ فَلَعَلَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا، وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهَا زَوْجَةُ الْأَوَّلِ حَتَّى مَاتَتْ فَهِيَ مِثْلُ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِيمَا يُولَدُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْحَمْلِ: إذَا ادَّعَاهُ وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ دَخَلَ تِلْكَ الْبِلَادَ قَطُّ لَمْ يُصَدَّقُ، فَأَمَّا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ دَخَلَ تِلْكَ الْبِلَادَ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَيُصَدَّقُ أَمْ لَا؟ أَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ وَادَّعَاهُ هَذَا الرَّجُلُ أَتَجُوزُ دَعْوَاهُ إنْ أَكْذَبَهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَوْ صَدَّقَهُ؟
قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا أَكْذَبَهُ الْمُعْتِقُ وَلَا أَدْرِي أَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَمْ لَا، وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: هَذَا ابْنِي وَهُوَ ابْنُ أَمَةٍ لِرَجُلٍ وَقَالَ: زَوَّجَنِي الْأَمَةَ سَيِّدُهَا فَوَلَدَتْ لِي هَذَا الْوَلَدَ فَكَذَّبَهُ سَيِّدُهَا أَيَكُونُ وَلَدُهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يُصَدَّقَ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُ.
قَالَ: أَرَاهُ ابْنَهُ وَأَرَاهُ حُرًّا وَإِنَّمَا قُلْتُ: أَرَاهُ حُرًّا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ شَهِدَ عَلَى عِتْقِ عَبْدٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي النَّسَبِ فَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَيْت أَوْلَادَ أَمَةٍ لِرَجُلٍ فَقُلْتُ لِسَيِّدِهَا: زَوَّجْتَنِي أَمَتَكَ هَذِهِ وَوَلَدَتْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادَ مِنِّي وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ وَقَالَ: مَا زَوَّجْتُكَ وَلَا هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ مِنْكَ أَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمْ مِنْهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُمْ هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُمْ وَاشْتَرَى أُمَّهُمْ. قَالَ: إذَا اشْتَرَاهُمْ ثَبَتَ نَسَبُهُمْ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ بِنِكَاحٍ لَا بِحَرَامٍ، فَلِذَلِكَ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَلَا تَكُونُ أُمُّهُمْ بِوِلَادَتِهِمْ أُمَّ وَلَدٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَ الْأَوْلَادَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُمْ هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُمْ أَيَثْبُتُ

(2/544)


نَسَبُهُمْ مِنْ هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُمْ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمْ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ لِلَّذِي أَعْتَقَهُمْ وَلَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ عَنْهُ وَلَا تَوَارُثُهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَثْبُتُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ صَبِيًّا قَدْ وُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ.
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَدَّعِي الْغُلَامَ فَقَالَ: يُلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ غُلَامًا قَدْ وُلِدَ عِنْدَهُ فَادَّعَاهُ وَهُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ مَالِكٌ: يُلْحَقُ بِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِمِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ قَالَ مَالِكٌ: دَعْوَاهُ جَائِزٌ، وَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَتَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا لَمْ تَكُنْ تُهْمَةٌ.
قَالَ: وَلَمْ نَسْأَلْ مَالِكًا عَنْ قَوْلِكَ: لِمِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ وَهُوَ رَأْيِي

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى الْبَائِعُ وَلَدَهَا وَقَدْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ.
قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَعْتَقَهَا فَادَّعَى الْبَائِعُ إنَّمَا كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْهُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَأَرَى مَسْأَلَتَكَ مِثْلَ هَذِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ عِتْقَهَا قَدْ ثَبَتَ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي الْوَلَدِ وَيَصِيرُ ابْنَهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَمَنَ أُمِّ وَلَدِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ جَارِيَةً لِي حَامِلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَلَدَهَا فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَتَثْبُتُ دَعْوَاهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ: إذَا أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي فَادَّعَى وَلَدَهَا الْبَائِعُ مَا أَخْبَرْتُكَ فَفِي وَلَدِهَا أَيْضًا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَلَدَهَا أَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ فَلَا يُرَدُّ بِقَوْلِ الْبَائِعِ هَذَا الَّذِي قَدْ ثَبَتَ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ.
قُلْتُ: فَالْجَارِيَةُ مَا حَالُهَا هَاهُنَا؟
قَالَ: أَرَى إنْ كَانَتْ دَيِّنَةً لَا يُتَّهَمُ فِي مِثْلِهَا رَأَيْتُ أَنْ تَلْحَقَ بِهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُتَّهَمُ عَلَيْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ: إذَا ادَّعَى أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ رَأَيْتُ أَنْ تَلْحَقَ بِهِ إذَا لَمْ يُتَّهَمْ.
قُلْتُ: فَالْوَلَدُ هَهُنَا أَيُنْتَسَبُ إلَى أَبِيهِ وَيُوَارِثُهُ؟
قَالَ: يُنْتَسَبُ إلَى أَبِيهِ وَالْوَلَاءُ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُعْتَقِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ وَلَدُهَا وَمَاتَتْ

(2/545)


الْجَارِيَةُ فَادَّعَى الْبَائِعُ وَلَدَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يَرُدَّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ، وَهَذَا الْمُشْتَرِي لَمْ يُحْدِثْ فِي الْجَارِيَةِ شَيْئًا يَضْمَنُ بِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَالْوَلَدُ لَمْ يَمُوتَا وَلَكِنْ أَعْتَقَهُمَا هَذَا الْمُشْتَرِي قَالَ: يَرُدُّ الثَّمَنَ وَالْعِتْقُ مَاضٍ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَأَقَامَتْ عِنْدِي سَبْعَةَ أَشْهُرٍ فَوَضَعَتْ وَلَدًا فَادَّعَيْتُهُ أَنَا وَالْبَائِعُ جَمِيعًا؟
قَالَ: إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ فَجَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ بَعْدِ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْوَلَدُ وَلَدُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَسْتَبْرِئْ وَقَدْ وَطِئَاهَا جَمِيعًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ فَقَالَ: الْقَافَةُ هُوَ مِنْهُمَا جَمِيعًا. قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ: أَنَّهُ يُوَالِي أَيَّهُمَا شَاءَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَبِهِ نَأْخُذُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ جَارِيَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي وَوَلَدَهَا فَادَّعَيْتُ الْوَلَدَ أَتَجُوزُ دَعْوَايَ وَتُرَدُّ إلَيَّ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: أَمَّا الْوَلَدُ فَيَلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّهَا إنْ لَمْ تُعْتَقْ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ فِيهَا: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فَإِنَّ أَمْثَلَ شَأْنِهَا أَنْ تَلْحَقَ بِهِ وَتُرَدُّ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَأَمَّا إذَا أُعْتِقَتْ هِيَ فَإِنِّي لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى فِيهَا أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُرَدُّ بَعْدَ أَنْ عَتَقَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَا يُرَدُّ عِتْقُ الْجَارِيَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَثْبُتُ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَنَا أَرَى: أَنْ لَا يُفْسَخَ عِتْقُ جَارِيَةٍ قَدْ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهَا بِقَوْلِهِ، فَتُرَدُّ إلَيْهِ أَمَةً وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهَا فَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَثْبُتُ وَأَنَا أَرَى أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ وَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ الْجَارِيَةُ بِقَوْلِهِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُشْتَرِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَيْتُ الْوَلَدَ أَتُعْتَقُ عَلَيَّ أَمْ لَا؟ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدِي أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدِكَ، وَلَا تُعْتَقُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَيْتَ الْأُمَّ، فَالْحَمْلُ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ فِي مِلْكِكَ فَلَا يَجُوزُ دَعْوَاكَ فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى وَلَدًا يُسْتَيْقَنُ فِيهِ كَذِبُهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ فَهَذَا عِنْدِي مِمَّا يُسْتَيْقَنُ فِيهِ كَذِبُهُ.

(2/546)


قُلْتُ: أَتَضْرِبُهُ الْحَدَّ حِينَ قَالَ: وَلَدِي، وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَا أَرَى عَلَيْهِ الْحَدَّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي بِعْتُ أَمَةً لِي فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ فَادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ أَيَجُوزُ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَتُرَدُّ الْأَمَةُ إلَيْهِ أُمَّ وَلَدٍ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَى ذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ فَتَلِدُ فَيَدَّعِي الْوَلَدَ قَالَ: تَجُوزُ دَعْوَاهُ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا وَقَدْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ أَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إلَى مِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمُشْتَرِي وَلَا زَوْجٌ أَوْ بَاعَهَا وَبَقِيَ وَلَدُهَا الَّذِي وَلَدَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ وَحَبَسَهَا، ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا وَهِيَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ ادَّعَى الْوَلَدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأُمُّهُ عِنْدَهُ، أَوْ ادَّعَى الْجَارِيَةَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْوَلَدُ عِنْدَهُ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ وَقَدْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهُمَا أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَ أَوْ دَبَّرَ إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إذَا ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ الْمَوْلُودُ عِنْدَهُ مُنْتَزَعٌ مِنْ الْمُشْتَرِي مُنْتَقَضٌ فِيهِ الْبَيْعُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى رَبِّهِ الْبَائِعِ وَلَدًا وَأُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ، وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا وَالْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ، وَالْوَلَدُ أَوْ الْجَارِيَةُ بِغَيْرِ وَلَدٍ وَقَدْ أَحْدَثَ فِيهِمَا الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يُحْدِثْ مِنْ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا لَحِقَ النَّسَبُ رَجَعَتْ إلَيْهِ الْجَارِيَةُ وَأُتْبِعَ بِالثَّمَنِ دَيْنًا. وَقَالَ آخَرُونَ: وَمَالِكٌ يَقُولُهُ: يُرْجَعُ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ يُلْحَقُ بِالنَّسَبِ وَتَبْقَى الْأُمُّ فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ تَكُونَ بِرَدِّهَا مُتْعَةً لَهُ وَتُسْتَخْدَمُ وَلَا يَغْرَمُ ثَمَنًا وَالْوَلَدُ يَرْجِعُ إلَى حُرِّيَّةٍ لَا إلَى رِقٍّ بِاَلَّذِي يَصِيرُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْوِلَادَةُ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَمَةٍ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ اشْتَرَاهَا إلَى مَا لَا تُلْحَقُ فِيهِ الْأَنْسَابُ فَلَا تُنْقَضُ فِيهِ صَفْقَةُ مُسْلِمٍ أَحْدَثَ فِيهِمَا الْمُشْتَرِي شَيْئًا أَوْ لَمْ يُحْدِثْهُ، لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ أَمَةً كَانَتْ لَهُ وَوُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ بَاعَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَحُزْهُ نَسَبٌ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ زَوْجَةً بِقَدْرِ مَا تُلْحَقُ الْأَنْسَابُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ وَلَدَهُ مِنْ حِينِ زَالَتْ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ أَبَدًا.

[يَدَّعِي الْمَلْقُوطَ أَنَّهُ ابْنُهُ]
الرَّجُلُ يَدَّعِي الْمَلْقُوطَ أَنَّهُ ابْنُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ الْتَقَطْت لَقِيطًا فَجَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى أَنَّهُ وَلَدُهُ أَيُصَدَّقُ أَمْ لَا؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا لَا يَعِيشُ

(2/547)


لَهُ وَلَدٌ فَيَسْمَعُ قَوْلَ النَّاسِ أَنَّهُ إذَا طُرِحَ عَاشَ فَيَطْرَحُ وَلَدَهُ فَالْتُقِطَ، ثُمَّ جَاءَ يَدَّعِيهِ، فَإِنْ جَاءَ مِنْ مِثْلِ هَذَا مَا يُعْلِمُ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ وَقَدْ سُمِعَ مِنْهُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِدْقِ قَوْلِهِ أُلْحِقَ بِهِ اللَّقِيطُ وَإِلَّا لَمْ يُلْحَقْ بِهِ اللَّقِيطُ وَلَمْ يُصَدَّقْ مُدَّعِي اللَّقِيطِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَقِيطٌ لَمْ تَثْبُتْ فِيهِ دَعْوَى لِأَحَدٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ إنْ أَقَرَّ أَوْ جَحَدَ أَيَنْفَعُ إقْرَارُهُ أَوْ جُحُودُهُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَاهُ شَاهِدًا، وَشَهَادَةُ وَاحِدٍ فِي الْأَنْسَابِ لَا تَجُوزُ وَهِيَ غَيْرُ تَامَّةٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا يَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي الْأَنْسَابِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي الْتَقَطَهُ لَوْ ادَّعَاهُ هُوَ لِنَفْسِهِ أَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ هُوَ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ إذَا عُرِفَ أَنَّهُ الْتَقَطَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ لَقِيطًا أَنَّهُ وَلَدُهَا أَيُقْبَلُ قَوْلُهَا؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ: أَرَى قَوْلَهَا مَقْبُولًا، وَإِنْ ادَّعَتْهُ أَيْضًا مِنْ زِنًا إلَّا أَنْ يُعْرَفَ كَذِبُهَا.

[يَدَّعِي الصَّبِيَّ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ]
الَّذِي يَدَّعِي الصَّبِيَّ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ أَوْ لِأُمَّةٍ: هَؤُلَاءِ أَوْلَادِي أَيَكُونُونَ أَحْرَارًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ فِيهِمْ مَا لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِ السَّيِّدِ فِي قَوْلِهِ هَذَا، فَإِذَا جَاءَ بِأَمْرٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِهَؤُلَاءِ أَبٌ مَعْرُوفٌ أَوْ كَانُوا مَحْمُولِينَ مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ أَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ صَبِيًّا وُلِدَ فِي مِلْكِي ثُمَّ بِعْتُهُ وَمَكَثْت زَمَانًا ثُمَّ ادَّعَيْت أَنَّهُ وَلَدٌ لِي أَتَجُوزُ دَعْوَايَ؟
قَالَ: إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِ مَا قَالَ فَهُوَ وَلَدُهُ وَيَتَرَادَّانِ الثَّمَنَ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَعْتَقَ الْغُلَامَ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَقَدْ كَانَ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ أَتَجُوزُ دَعْوَاهُ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيُنْتَقَضُ الْعِتْقُ؟
قَالَ: قَالَ: إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِ الْبَائِعِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ.

(2/548)


قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعْدَلُ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْأَصْلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَبِيًّا وُلِدَ فِي مِلْكِي مِنْ أَمَتِي فَأَعْتَقْتُهُ ثُمَّ كَبِرَ الصَّبِيُّ فَادَّعَيْتُ أَنَّهُ وَلَدِي أَتَجُوزُ دَعْوَايَ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَكَذَبَنِي الْوَلَدُ؟
قَالَ: نَعَمْ، تَجُوزُ الدَّعْوَى وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ وَلَدِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ دَعْوَاهُ إذَا لَمْ يُتَبَيَّنْ كَذِبُهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْغَدِ فَادَّعَى الْوَلَدَ لَمْ تَجُزْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَكُونَ أَصْلُ الْحَمْلِ عِنْدَهُ وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَلَدَ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْحَمْلِ عِنْدَهُ فِي مِلْكِهِ، فَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْحَمْلِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لَمْ تَجُزْ دَعْوَاهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَهَذَا تَجُوزُ دَعْوَاهُ.

[الْأَمَةُ تَدَّعِي وَلَدًا مِنْ سَيِّدِهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَتْ أَمَةٌ لَهُ: وَلَدْت مِنْكَ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَتُحَلِّفُهُ لَهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا أُحَلِّفُهُ لَهَا لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يُحَلِّفْهُ فِي الْعِتْقِ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا شَيْءَ لَهَا إلَّا أَنْ تُقِيمَ رَجُلَيْنِ عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْوَطْءِ، ثُمَّ تُقِيمُ امْرَأَتَيْنِ عَلَى الْوِلَادَةِ فَهَذَا إذَا أَقَامَتْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا إنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ السَّيِّدُ اسْتِبْرَاءً بَعْدَ الْوَطْءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ: فَإِنْ أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْوَطْءِ وَأَقَامَتْ امْرَأَةً وَاحِدَةً عَلَى الْوِلَادَةِ أَيَحْلِفُ السَّيِّدُ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يَحْلِفَ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ امْرَأَتَيْنِ ثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ فَهِيَ إذَا أَقَامَتْ امْرَأَةً وَاحِدَةً عَلَى الْوِلَادَةِ رَأَيْتُ الْيَمِينَ عَلَى السَّيِّدِ.

[الْمُسْلِمُ يَلْتَقِطُ اللَّقِيطَ فَيَدَّعِي الذِّمِّيُّ أَنَّهُ ابْنُهُ]
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ اللَّقِيطَ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَيُقْضَى لَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ ابْنُهُ أَتَقْضِي بِهِ لِهَذَا الذِّمِّيِّ وَتَجْعَلُهُ نَصْرَانِيًّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي اللَّقِيطِ يَدَّعِيهِ رَجُلٌ: أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَكُونُ رَجُلًا قَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ فَيَزْعُمُ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِذَلِكَ فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَإِذَا عُرِفَ

(2/549)


ذَلِكَ مِنْهُ رَأَيْتُ الْقَوْلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ، فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عُدُولًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا أَحْرَى أَنْ يُلْحَقَ بِهِ نَصْرَانِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.
قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ الْوَلَدُ إذَا قَضَيْتُ بِهِ لِلنَّصْرَانِيِّ وَأَلْحَقْته بِهِ أَمُسْلِمًا أَمْ نَصْرَانِيًّا؟
قَالَ: إنْ كَانَ قَدْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ وَأَسْلَمَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْقِلْ الْإِسْلَامَ قُضِيَ بِهِ لِأَبِيهِ وَكَانَ عَلَى دِينِهِ.

[الْحُمَلَاءُ يَدَّعِي بَعْضُهُمْ مُنَاسَبَةَ بَعْضٍ]
ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحُمَلَاءَ إذَا أُعْتِقُوا فَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ إخْوَةُ بَعْضٍ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ عَصَبَةُ بَعْضٍ أَيُصَدَّقُونَ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الَّذِينَ سَبُّوا أَهْلَ الْبَيْتِ أَوْ النَّفَرُ الْيَسِيرُ يَتَحَمَّلُونَ إلَى الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ فَلَا أَرَى أَنْ يَتَوَارَثُوا بِقَوْلِهِمْ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَأَمَّا أَهْلُ حِصْنٍ يُفْتَحُ أَوْ جَمَاعَةٌ لَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ فَيَتَحَمَّلُونَ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ فَيُسْلِمُونَ فَأَنَا أَرَى أَنْ يَتَوَارَثُوا بِتِلْكَ الْوِلَادَةِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الْقَلِيلِ الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودٌ مُسْلِمُونَ قَدْ كَانُوا بِبِلَادِهِمْ.
قَالَ: فَأَرَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ بَلَغَنِي عَنْهُ وَهُوَ رَأْيِي.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَبَى أَنْ يُوَرِّثَ أَحَدًا مِنْ الْأَعَاجِمِ إلَّا أَحَدًا وُلِدَ فِي الْعَرَبِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ وَيَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.

[الْأَمَةُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَطَئَانِهَا جَمِيعًا فَتَحْمِلُ فَيَدَّعِيَانِ وَلَدَهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ تَكُونُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فَتَلِدُ وَلَدًا فَيَدَّعِيَانِ وَلَدَهَا جَمِيعًا.

(2/550)


قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْجَارِيَةِ تُوطَأُ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَيَدَّعِيَانِ جَمِيعًا وَلَدَهَا أَنَّهُ يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ أَهِيَ مِلْكٌ لَهُمَا أَمْ مَاذَا؟
قَالَ: إذَا بَاعَهَا هَذَا وَقَدْ وَطِئَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَهَذِهِ الَّتِي قَالَ مَالِكٌ: يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَمَلَتْ أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَادَّعَى وَلَدَهَا السَّيِّدَانِ جَمِيعًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي أَمَةٍ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي أَيْضًا وَاجْتَمَعَا عَلَيْهِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ: إنَّهُ يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ، فَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ عِنْدِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ، فَإِنْ قَالَتْ الْقَافَةُ: قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا قِيلَ لِلْوَلَدِ: وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ أَمَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَادَّعَيَا جَمِيعًا وَلَدَهَا أَوْ كَانَتْ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَادَّعَيَا وَلَدَهَا جَمِيعًا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنَّمَا الْقَافَةُ فِي أَوْلَادِ الْإِمَاءِ فَلَا أُبَالِي مَا كَانَ الْآبَاءُ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ فَيُلْحِقُونَهُ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ مِنْهُمْ إنْ أَلْحَقُوهُ بِالْحُرِّ فَكَسَبِيلِ ذَلِكَ وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالْعَبْدِ فَكَسَبِيلِ ذَلِكَ وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالنَّصْرَانِيِّ فَكَسَبِيلِ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَيَانِ جَمِيعًا وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ فَدُعِيَ لِهَذَا الْوَلَدِ الْقَافَةُ فَقَالَتْ الْقَافَةُ: اجْتَمَعَا فِيهِ جَمِيعًا وَهُوَ لَهُمَا، فَقَالَ الصَّبِيُّ: أَنَا أُوَالِي النَّصْرَانِيَّ أَتُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ عُمَرَ قَدْ قَالَ: مَا بَلَغَكَ أَنَّهُ يُوَالِي أَيَّهُمَا شَاءَ فَأَرَى أَنْ يُوَالِيَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالنَّسَبِ وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ إلَّا مُسْلِمًا؟
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُلِيطُ أَوْلَادَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ فِي الزِّنَا.
قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الْمَرْأَةِ تَأْتِي حَامِلًا مِنْ الْعَدُوِّ فَتُسْلِمُ فَتَلِدُ تَوْأَمَيْنِ أَنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَهُمَا أَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَبٍ. قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى الْقَافَةَ فِي الْحَرَائِرِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَاسْتَمَرَّ بِهَا حَمْلٌ كَانَ يَرَاهُ مَالِكٌ لِلْأَوَّلِ وَيَقُولُ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا فِرَاشَ لَهُ إلَّا فِرَاشٌ فَاسِدٌ، وَبَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ وَدَخَلَ بِهَا كَانَ الْوَلَدُ لِلْآخِرِ إذَا وَضَعَتْ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَ الْوَلَدُ بِالْآخِرِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا ذَكَرْتَ مِنْ قَوْلِكَ فِي الْأَمَةِ: إذَا اجْتَمَعَا عَلَيْهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَقُلْتُ:

(2/551)


إذَا قَالَتْ الْقَافَةُ: هُوَ لَهُمَا جَمِيعًا أَنَّهُ يُقَالُ لِلصَّبِيِّ: وَالِ أَيَّهمَا شِئْت أَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا أَدْرِي وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ مِثْلَ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَا أَخْبَرْتُكَ: أَنَّهُ يُدْعَى لِوَلَدِ الْأَمَةِ الْقَافَةُ إذَا اجْتَمَعَا عَلَيْهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَلَكِنَّ الَّذِي فَعَلَهُ عُمَرُ فَعَلَهُ فِي الْحَرَائِرِ فِي أَوْلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ يُوَالِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَقَدْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ مَنْ يَرِثُهُ؟ . قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَوْ نَزَلَ بِي هَذَا لَرَأَيْتُ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَلَمَّا لَمْ يُوَالِ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَتَّى مَاتَ رَأَيْتُ الْمَالَ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كُلَّ مَنْ دَعَا عُمَرُ لِأَوْلَادِهِمْ الْقَافَةَ فِي الَّذِينَ ذَكَرْتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ إنَّمَا كَانُوا أَوْلَادَ زِنًا كُلَّهُمْ؟
قَالَ: لَا أَدْرِي أَكُلُّهُمْ كَذَلِكَ أَمْ لَا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا ذَكَرَ لِي مَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِالْآبَاءِ فِي الزِّنَا.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَسْلَمُوا أَكُنْتَ تُلِيطُ أَوْلَادَهُمْ بِهِمْ مِنْ الزِّنَا وَتَدْعُو لَهُمْ الْقَافَةَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ وَجْهُ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنْ لَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ دَارٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصْنَعَ بِهِمْ ذَلِكَ لِأَنَّ عُمَرَ قَدْ فَعَلَهُ وَهُوَ رَأْيِي.

[الرَّجُلَانِ يَطَآنِ الْأَمَةَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَتَحْمِلُ]
فِي الرَّجُلَيْنِ يَطَآنِ الْأَمَةَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَتَحْمِلُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ تَكُونُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَتَلِدُ وَلَدًا فَيَدَّعِيَانِ وَلَدَهَا جَمِيعًا. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ تُوطَأُ فِي طُهْرٍ فَيَدَّعِيَانِ جَمِيعًا وَلَدَهَا أَنَّهُ يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي وَطَآهَا جَمِيعًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ أَهِيَ مِلْكٌ لَهُمَا أَمْ مَاذَا؟
قَالَ: إذَا بَاعَهَا هَذَا وَقَدْ وَطِئَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَهَذِهِ الَّتِي قَالَ مَالِكٌ: تُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ، فَاَلَّتِي هِيَ لَهُمَا جَمِيعًا فَوَطِآهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُدْعَى لَهُمَا الْقَافَةُ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَطِئَهَا هَذَا فِي طُهْرٍ ثُمَّ وَطِئَهَا هَذَا فِي طُهْرٍ.
قَالَ: الْوَلَدُ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ وَطْئِهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ فَتَحِيضُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي حَيْضَةً فَيَطَؤُهَا الْمُشْتَرِي فَتَلِدُ: إنَّ وَلَدَهَا لِلْمُشْتَرِي إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُمَا فَوَطِئَهَا هَذَا ثُمَّ وَطِئَهَا هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي طُهْرٍ آخَرَ أَنَّ الْوَلَدَ لِلَّذِي وَطِئَهَا فِي الطُّهْرِ الْآخَرِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ.

(2/552)


قُلْتُ: أَفَيَجْعَلُ مَالِكٌ عَلَيْهِ نِصْفَ الصَّدَاقِ؟
قَالَ: لَا أَعْرِفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَلَا أَرَى ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَفَتَجْعَلُ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ؟
قَالَ: إنْ كَانَ مُوسِرًا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَنِصْفُ قِيمَةِ وَلَدِهَا، وَيُبَاعُ نِصْفُهَا لِلَّذِي لَمْ يَطَأْ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ كَفَافًا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ أَتْبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ أَتْبَعَهُ بِمَا نَقَصَ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يُبَاعُ مِنْ الْوَلَدِ شَيْءٌ وَيَلْحَقُ بِأَبِيهِ وَيَكُونُ حُرًّا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجَارِيَةَ يَبِيعُهَا الرَّجُلُ فَتَلِدُ وَلَدًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَدَّعِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَقَدْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَائِعِ وَمِنْ الْمُشْتَرِي؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ يَطَؤُهَا الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَتَلِدُ وَلَدًا: أَنَّهُ يُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ فَأَرَى مَسْأَلَتَكَ إنْ كَانَ وَطِآهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ دُعِيَ لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَيْضَةٍ وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ: إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَحَدَّثَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَكَعْبِ بْنِ ثَوْرٍ الْأَزْدِيِّ وَكَانَ قَاضِيًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّهُمْ قَضَوْا بِقَوْلِ الْقَافَةِ وَأَلْحَقُوا بِهِ النَّسَبَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ يُونُسُ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: يُعَاقَبُونَ وَيُدْعَى لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ فَيَلْحَقُ بِاَلَّذِي يُلْحِقُونَهُ بِهِ مِنْهُمْ وَالْوَلِيدَةُ وَالْوَلَدُ لِلْمُلْحَقِ بِهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ سَلَفُنَا يَقْضُونَ فِي الرَّهْطِ يُتَدَاوَلُونَ الْجَارِيَةَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ فَيَطَئُونَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئُوهَا بِحَيْضَةٍ فَتَحْمِلُ فَلَا يُدْرَى مِمَّنْ حَمْلُهَا إنْ وَضَعَتْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَتُعْتَقُ فِي مَالِهِ وَيُجْلَدُونَ خَمْسِينَ خَمْسِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَإِنْ بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ وَضَعَتْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ دُعِيَ لِوَلَدِهَا الْقَافَةُ فَأَلْحَقُوهُ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ ثُمَّ

(2/553)


أُعْتِقَتْ فِي مَالِ مَنْ أَلْحَقُوا بِهِ الْوَلَدَ وَيُجْلَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ جَلْدَةٍ، وَإِنْ أَسْقَطَتْ سَقْطًا مَعْرُوفًا أَنَّهُ سَقْطٌ قُضِيَ بِثَمَنِهَا عَلَيْهِمْ وَعَتَقَتْ وَجُلِدَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ جَلْدَةٍ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ فَهِيَ مِنْهُمْ جَمِيعًا ثَمَنُهَا عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ. قَالَ: فَمَضَى بِهَذَا أَمْرُ الْوُلَاةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَغْشَ رَجُلَانِ امْرَأَةً فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِجَارِيَةٍ قَدْ تَدَاوَلَهَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ كُلُّهُمْ يَطَؤُهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَلَا يَسْتَبْرِئُهَا فَاسْتَمَرَّ حَمْلُهَا فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَحُبِسَتْ حَتَّى وَضَعَتْ ثُمَّ دَعَا لَهَا الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوهُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَلَحِقَ بِهِ، وَقَضَى عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً قَدْ بَلَغَتْ الْمَحِيضَ فَلْيَتَرَبَّصْ بِهَا حَتَّى تَحِيضَ. قَالَ: وَنَكَّلَهُمْ جَمِيعًا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَيُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ.
قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَيُّهُمْ أُلْحِقَ بِهِ كَانَ مِنْهُ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.

[الْأَمَة بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا فَتَحْمِلُ أَوْ لَا تَحْمِلُ]
فِي الْأَمَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا فَتَحْمِلُ أَوْ لَا تَحْمِلُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ جَارِيَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَلَمْ تَحْمِلْ أَيَكُونُ عَلَى الَّذِي وَطِئَهَا شَيْءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ تُقَوَّمَ عَلَى الَّذِي وَطِئَهَا حَمَلَتْ أَوْ لَمْ تَحْمِلْ إلَّا أَنْ يُحِبَّ الَّذِي لَمْ يَطَأْهَا إذَا هِيَ لَمْ تَحْمِلْ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِحَقِّهِ مِنْهَا وَلَا يُقَوِّمُهَا عَلَى الَّذِي وَطِئَهَا فَذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ: وَمَتَى تُقَوَّمُ إذَا هِيَ لَمْ تَحْمِلْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَيَوْمَ وَطِئَ أَمْ يَوْمَ يُقَوِّمُونَهَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُقَوَّمَ يَوْمَ وَطِئَهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا حَدَّ عَلَى الَّذِي وَطِئَ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ نَعْرِفُ نَحْنُ الْعُقْرَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا قُلْتُ: إنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ وَطِئَهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهَا إنْ مَاتَتْ بَعْدَ وَطْئِهِ حَمَلَتْ أَوْ لَمْ تَحْمِلْ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، رَأَيْتُ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا هِيَ حَمَلَتْ وَاَلَّذِي وَطِئَهَا مُوسِرٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي وَطِئَهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا.
قُلْتُ: وَمَتَى تُقَوَّمُ أَيَوْمَ حَمَلَتْ أَمْ يَوْمَ تَضَعُ أَمْ يَوْمَ وَطِئَهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ حَمَلَتْ.

(2/554)


قُلْتُ: فَإِذَا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ أَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَيَكُونُ وَلَدُهَا ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي وَطِئَهَا عَدِيمًا لَا مَالَ لَهُ؟
قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ قَدِيمًا وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي وَطِئَهَا وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَيَكُونُ نِصْفُ قِيمَتِهَا دَيْنًا عَلَى الَّذِي وَطِئَ يُتْبَعُ بِهِ.
قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْقَدِيمِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ.
قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا حِينَ حَمَلَتْ ضَمِنَ فَوَلَدَتْ وَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ حِينَ حَمَلَتْ كَانَ ضَامِنًا لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَأَمَّا الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مُنْذُ أَدْرَكْنَاهُ نَحْنُ وَاَلَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا بِيعَ نِصْفُهَا لِلَّذِي لَمْ يَطَأْ فَيَدْفَعُ إلَى الَّذِي لَمْ يَطَأْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ عَنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ كَانَ الَّذِي وَطِئَ ضَامِنًا لِمَا نَقَصَ وَوَلَدُهَا حُرٌّ، وَيُتْبَعُ أَيْضًا هَذَا الَّذِي وَطِئَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَا يُبَاعُ نِصْفُ الْوَلَدِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ أُمِّهِ فِي الْبَيْعِ هَذَا رَأْيِي وَاَلَّذِي آخُذُ بِهِ.
قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ هَذَا النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ فِي يَدَيْ الَّذِي وَطِئَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْ حُرَّةٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يُعْتِقَ هَذَا النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهُ فِيهَا وَلِأَنَّ سَيِّدَ أُمِّ الْوَلَدِ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الْمُتْعَةُ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا فَلَمَّا بَطَلَ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْجِمَاعِ مِنْ هَذِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا عَتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ النِّصْفُ وَصَارَ النِّصْفُ الْآخَرُ رَقِيقًا لِمَنْ اشْتَرَاهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ أَمَةً لَهُ وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ: يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِمِلْكِهِ إيَّاهَا وَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُنَّ، فَإِذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ. قَالَ: وَنَزَلَتْ بِقَوْمٍ وَحُكِمَ فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ هَذَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت أَنَا وَرَجُلٌ أَمَةً بَيْنَنَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيْتُ الْوَلَدَ.
قَالَ: تُقَوَّمُ الْأَمَةُ يَوْمَ حَمَلَتْ فَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ.
قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَعَدَا عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا فَوَطِئَهَا

(2/555)


فَوَلَدَتْ قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيُعَاقَبُ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهَالَةٍ وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَانَ الشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ثَبَتَ عَلَى حَقِّهِ مِنْهَا وَكَأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ وَأَتْبَعَ الَّذِي لَمْ يَطَأْ شَرِيكَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُضَمِّنَهُ ضَمَّنَهُ وَأَتْبَعَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يُضَمِّنَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ كَالْوَاطِئِ لِأَنَّ الْوَاطِئَ وَطِئَ حَقَّهُ وَحَقَّ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ حَقَّهُ وَحَقَّ شَرِيكِهِ، وَأَنَّ الَّذِي أَعْتَقَ لَمْ يُحْدِثْ فِي مَالِ شَرِيكِهِ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَقَدْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، فَإِنْ أَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَحْبِسَ نَصِيبَهُ وَيُبْقِيَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَى الشَّرِيكِ الْوَاطِئِ نَصِيبُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي النِّصْفَ الْبَاقِيَ إنْ وَجَدَ مَالًا فَيَكُونُ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا أَنْ يُعْتِقَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ نَصِيبَهُ، فَيُعْتَقُ عَلَى الْوَاطِئِ نَصِيبُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا وَلَيْسَ لَهُ خِدْمَتُهَا.
قُلْتُ: فَإِذَا أَيْسَرَ الشَّرِيكُ الَّذِي وَطِئَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ وَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا فَأَرَادَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ أَنْ يُضَمِّنَهُ أَوْ أَرَادَ هُوَ أَنْ يُقَوِّمَ عَلَيْهِ لِلْيُسْرِ الَّذِي حَدَثَ أَوْ أَطَاعَا بِذَلِكَ هَلْ يَكُونُ نِصْفُهَا الَّذِي كَانَ رَقِيقًا بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ حَتَّى يَكُونَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ؟
قَالَ: لَا تَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُ الْوَاطِئَ إنْ وَجَدَ مَالًا أَنْ تَلْزَمَهُ الْقِيمَةُ لِلرِّقِّ الَّذِي يَرِدُ فِيهَا فَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الَّذِي لَهُ الرِّقُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِغَيْرِ طَوْعِهِ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا بِمَا يَلْزَمُ الْوَاطِئَ بِالْحُرَّةِ وَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ بِالْقَضِيَّةِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِنَا وَهَذَا أَحْسَنُ مَا عَلِمْتُ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ.

[الرَّجُل يُقِرُّ بِالْوَلَدِ مِنْ زِنًا]
فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ بِالْوَلَدِ مِنْ زِنًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: زَنَيْت بِهَذِهِ الْأَمَةِ فَجَاءَتْ بِهَذَا الْوَلَدِ وَهُوَ مِنِّي فَجَلَدْتُهُ الْحَدَّ مِائَةَ جَلْدَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا أَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَثْبُتُ نَسَبَهُ مِنْهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ جَارِيَةً فَأَرَادَ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَمَا أَقَرَّ بِمَا أَخْبَرْتُك أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا أَبَدًا.

[الرَّجُل يُخْدِمُ الرَّجُلَ جَارِيَتَهُ سِنِينَ ثُمَّ يَطَؤُهَا السَّيِّدُ فَتَحْمِلُ]
فِي الرَّجُلِ يُخْدِمُ الرَّجُلَ جَارِيَتَهُ سِنِينَ ثُمَّ يَطَؤُهَا السَّيِّدُ فَتَحْمِلُ قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يُخْدِمُ الرَّجُلَ جَارِيَتَهُ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا فَتَحْمِلُ

(2/556)


مِنْهُ؟
قَالَ: إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَأَخَذَ مِنْهُ فِي مَكَانِهَا أَمَةً تَخْدُمُهُ فِي مِثْلِ خِدْمَتِهَا.
قُلْتُ لَهُ: فَإِنْ مَاتَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ وَالْأُولَى حَيَّةٌ؟
قَالَ: فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهُوَ أَحَبُّ قَوْلِهِ إلَيَّ وَهَذَا الَّذِي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ أَمَةٌ إذَا حَمَلَتْ الْأُولَى وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ بَعْضُ مَنْ قَالَ: يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ فَيُؤَاجَرُ لَهُ مِنْهَا، فَإِنْ مَاتَتْ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ الْقِيمَةُ رَجَعَ مَا بَقِيَ إلَى السَّيِّدِ وَإِنْ نَفِدَتْ الْقِيمَةُ وَالْأُولَى حَيَّةٌ فَلَمْ تَنْقَضِ السُّنُونَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى سَيِّدِهَا بِشَيْءٍ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ وَقَدْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ الْقِيمَةِ رُدَّتْ إلَى السَّيِّدِ الَّذِي أَخْدَمَ

(2/557)