شرح التلقين

شرح التلقين
للإمام أبي عبد الله محمَّد بن علي بن عمر التميمي المازري
(536 - 453)
(1061 - 1141)

الجزءُ الأوّل
الصَّلاَة وَمُقَدِّمَاتها
المجلد الأول

تحقيق
سماحة الشيخ محمَّد المختار السّلامي
مُفْتي الجمهُوريَّة التونسِّيَة
دار الغرب الإِسلامي

(1/1)


1997 (c) دار الغرب الإِسلامي
الطبعة الأولى

دار الغرب الإِسلامي
ص. ب. 5787 - 113 بيروت
جميع الحقوق محفوظة. لا يسمع بإعادة إصدار الكتاب أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل كان أو بواسطة وسائل إلكترونية أو كهروستاتية، أو أشرطة ممغنطة، أو وسائل ميكانيكية، أو الاستنساخ الفوتوغرافي، أو التسجيل وغيره دون إذن خطى من الناشر.

(1/2)


شرح التلقين
للإمام أبي عبد الله محمَّد بن علي بن عمر التميمي المازري
المجلد الأول

(1/3)


استفتاح
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

الحمد لله الذي أنزل وحيه هدى وذكرى لأولي الألباب. وفتح بصائر أولي النهي على أسرار ما أودعه في صحيح السنة ومحكم الكتاب. ويسّر لمن أراد بهم خيراً التفقه في الدين فارتقوا في الأسباب.
أحمده حق حمده وهو ولي الحمد في الأولى ويوم المآب. فبحمده تنزاح الحجب وتلمع بوارق الصواب. والله ولي المؤمنين في هذه الدار ويوم الحساب.
وأشكره أبان بقويم شرعه للسالكين مأمون المحجة، ووفق علماء الأمة في متشابك الدروب لصادق الفلجة (1). فانزاحت الشبه وظهر الحق لئلا يكون للناس على الله بعد ذلك حجة.
ثم أصلي وأسلم على سيدنا محمَّد نبي الأمة وإمامها. ورافع لواء الحقيقة وناشر أعلامها، ومنقذ البشرية بهدى ربه ومحقق أمنها وسلامها. من طاهر سنته امتلأت العقول بالحكمة. وبحرصه على البيان وإبلاغ وحي الله كملت الرحمة.
وبإكرام رب العزة لأمته تمت النعمة.
ثبتني الله وإياك على الالتزام بسنته. وضاعف في قلبي وقلبك زكي محبته. وفوَّزني وإياك بالورد من حوضه وخاص شفاعته.
أما بعد، فإن كتاب شرح التلقين كتاب مفرد في طريقته. نوه به أهل
__________
(1) الظفر والفوز.

(1/5)


عصره وعرّف بمنزلته في الفقه المالكي حذاق المذهب وأئمته. إذ هو نتاج الإمامين الجليلين = القاضي أبي محمَّد عبد الوهاب صاحب المتن الذي ختم مدرسة العراق في الفقه المالكي. والإمام أبي عبد الله المازري الذي شرحه.
وهو إن ظهر فقهه بالمهدية إلا أنه يعتبر وارث المدرسة القيروانية. فاجتمع في هذا الكتاب المنهج العراقي بالمنهج القيرواني في كتاب واحد. كما اجتمع المنهجان من قبل في شرح القاضي عبد الوهاب على رسالة الشيخ أبي محمَّد بن أبي زيد القيرواني.
وهذا الكتاب يعلّم الناظر فيه طريقة التفقه، ويأخذ بيده لربط الحكم الفرعي بأصله. فهو يفتح لك منافذ لمجاوزة التقليد. ويربي الناظر فيه على الإنصاف والبعد عن التعصب للمذاهب. وأن دين الله يجب أن يكون أعظم في النفوس من أن يكون تابعاً لرأي عالم واحد مهما سما مقامه، ودق فهمه واتسع علمه. لذا توسع الإِمام المازري في إملاء مسائله ودلائله. وذلك بعد أن بلغ في مقامات التحقيق وكلفهم السديد ما قدر له، إذ اهتم به في آخر حياته. والمظنون أنه لم يكمله.
وقد ابتدأت بتحقيق كتاب الصلاة ومقدماتها. وأدعو الله أن يسعفني بعونه لإخراج ما بقي من الأجزاء. التي بمقابلتها بمتن التلقين تبين لي أن بعض ما أملاه الإِمام المازري لم تصله يدي بعد. ففي آخر الجزء الأول من المخطوطة -و- يقول الناسخ انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني. وأوله باب الزكاة. ولحد الآن لا أعرف مكان وجود شرح هذا الباب. فالله يتولى بفضله جزاء من يدلني على ما هو باق من نسخ هذا الكنز الفقهي إنه لا يضيع عنده أجر من أحسن عملاً.
وإنِّي في خاتمة فاتحة قولي هذا أتقدم بوافر الشكر، والثناء العطر، لكل من ساعدني على إنجازه وإخراجه للطالبين. وأخص بالاعتراف بفضل أياديه صديقنا العلامة صاحب السماحة الشيخ محمَّد الحبيب ابن الحوَجة الأمين العام لمجمع الفقه الإِسلامي. فقد حرص أجزل الله مثوبته، فمكنني من صورة

(1/6)


للأجزَاء الأربعة المحفوظة بمكتبة الحرم المدني، وكذلك صديقنا الفاضل الشيخ محمَّد الحاج الناصر. الذي بذل جهده شكر الله له. فصور لي المخطوطات الموجودة بمكتبات المملكة المغربية.
وستجدون في وصف المخطوطات التي اعتمدتها أني لم أجد نسخة وافية ولا تامة ولا مقابلة ولا مصححة. فاجتهدت في إخراج النص حسبما فتح الله علي ويسّره لي من الفهم. والكمال لله وحده. ورحم الله من إذا وجد خطأ بادر إلى الاعتذار، وسلك سبيل الكُمَّل من فقهاء الأمصار، كما ستتبينه من أدب المازري فيما بين يديك من أسفار. ومواطن القصور في البشر تربو عن التعداد.
وأدب الإِسلام أن لا يتولى المؤمنون بعضهم بعضاً بألسنة حداد. نسأله سبحانه أن يغفر ما زل فيه اللسان والأقدام وأن يختم لنا بالحسنى ويُفَوِّزَنَا بِدار السلام.

كتبه في حاضرة تونس يوم الثلاثاء 4 صفر 1418 - 10جوان 1997.

محمَّد المختار السلامي
مفتي الجمهورية التونسية

(1/7)