مواهب الجليل في شرح مختصر خليل ط دار الفكر

[فَرْعٌ لَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ أَوَّلًا بِغَيْرِ مِيزَانٍ ثُمَّ حَدَثَ الْمِيزَانُ]
(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ أَوَّلًا بِغَيْرِ مِيزَانٍ، ثُمَّ حَدَثَ الْمِيزَانُ فَلَهُ الْمُتَعَارَفُ مِنْ تِلْكَ السِّكَّةِ قَبْلَ حُدُوثِ الْمِيزَانِ فَإِنْ جَهِلَ مِقْدَارَ ذَلِكَ كَانَ كَمَسْأَلَةِ آخِرِ كِتَابِ الصُّلْحِ فِيمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ نَسِيَا مَبْلَغَهَا جَازَ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى مَا شَاءَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَإِنْ أَبَيَا أَعْرَضَ عَنْهُمَا الْحَاكِمُ حَتَّى يَصْطَلِحَا اهـ. وَمَسْأَلَةُ الصُّلْحِ فِي بَابِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ إذَا أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ فَلَمْ يَجِدْهَا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ الْآنَ أَصْلًا]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ حَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إذَا أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ فَلَمْ يَجِدْهَا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ الْآنَ أَصْلًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا بِمَوْضِعِ مَا أَقْرَضَهُ إيَّاهَا يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ دَفْعِهَا إلَيْهِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لَهُ حِينَئِذٍ فَإِذَا فُقِدَتْ وَجَبَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ يُقْضَى بِهَا، ثُمَّ قَالَ وَنَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَهِيَ مَنْ تَسَلَّفَ دَرَاهِمَ فُلُوسًا أَوْ نُقْرَةً بِالْبِلَادِ الْمَشْرِقِيَّةِ، ثُمَّ جَاءَ مَعَ الْمُقْرِضِ إلَى بَلَدِ الْمَغْرِبِ، وَوَقَعَ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فِي بَلَدِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَهَذَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ وَأَبِي حَفْصٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الرُّهُونِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ: يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فِي بَلَدِهَا يَوْمَ فُقِدَتْ وَقُطِعَتْ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ قِيمَتُهَا يَوْمَ خُرُوجِهِ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي هِيَ جَارِيَةٌ فِيهِ إذْ هُوَ وَقْتُ فَقْدِهَا وَقَطْعِهَا انْتَهَى.
(فَرْعٌ) ثُمَّ قَالَ: وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُصُولِ حَالَتْ السِّكَّةُ وَالْفُلُوسُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، وَوَقَعَتْ الْفَتْوَى بِأَنَّهُ يُعْطَى قِيمَةَ الْفُلُوسِ أَوْ الدَّرَاهِمِ الْمُقْرَضَةِ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ ذَهَبًا.

[فَرْعٌ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ أَثْمَانِ مُسْتَغَلَّاتِ ضَيْعَتِهِ وَفِي الْبَلَدِ سِكَكٌ مُخْتَلِفَةٌ]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْوَكَالَاتِ: سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَمَّنْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ أَثْمَانِ مُسْتَغَلَّاتِ ضَيْعَتِهِ، ثُمَّ كَتَبَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ أَنْ ادْفَعْ لِابْنَةِ أَخِي

(4/341)


مِنْ مُسْتَغَلَّاتِي خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَفِي الْبَلَدِ سِكَكٌ مُخْتَلِفَةٌ وَوَقْتُ الْكَتْبِ وَالْوُصُولِ سِكَّةٌ وَاحِدَةٌ وَابْتِدَاءُ الْوَكَالَةِ سِكَّةٌ أُخْرَى، فَقَالَ الْوَكِيلُ: لَمْ يَفْضُلْ لِي شَيْءٌ إلَّا مِنْ السِّكَّةِ عِنْدَ سَفَرِهِ وَطَلَبَ أَخُو الْغَائِبِ لِابْنَتِهِ سِكَّةَ يَوْمِ الْكَتْبِ وَالْوُصُولِ فَأَجَابَ إنَّمَا لَهُ سِكَّةُ يَوْمِ الْكَتْبِ فَتُصْرَفُ تِلْكَ السِّكَّةُ الْأُولَى عَلَى سِكَّةِ يَوْمِ الْكَتْبِ وَيُقْضَى.
(قُلْت) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ يَوْمَ عَقْدِ الْهِبَةِ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ تَزَلْ مُخْتَلِفَةً مُنْذُ الْوَكَالَةِ إلَى يَوْمِ الْكَتْبِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْغَالِبَةِ وَلَوْ اسْتَوَى الصَّرْفُ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ قَرِيبًا كَتَبَ إلَيْهِ لِيَتَعَرَّفَ مَا عِنْدَهُ، وَإِنْ بَعُدَ فَتَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ وَالزَّكَاةِ أَنَّ لَهُ الْوَسَطَ وَقِيلَ: يَقْضِي عَلَى عَدَدِ السِّكَكِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الزَّكَاةِ اهـ.