الإقناع
في فقه الإمام أحمد بن حنبل كتاب العتق
وهو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق وهو من
أفضل القرب وأفضل الرقاب أنفسها عند أهلها
وأغلاها ثمنا وعتق الذكر ولو لأنثى أفضل من
عتق الأنثى وهما في الفكاك من النار إذا كانا
مؤمنين سواء1 والتعدد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ثواب العتق نجاة من النار سواء كان العتيق
عبدا أو أمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم
"من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل أرب منها أربا منه من النار حتى أنه
ليعتق اليد باليد".
ج /
3 ص -131-
في العتق أفضل من عتق الواحد بذلك المال
ويستحق عتق وكتابة من له كسب ودين ويكره عتق
من لا قوة له ولا كسب وأن كان ممن يخاف عليه
الرجوع إلى دار الحرب وترك إسلامه أو الفساد
من قطع طريق وسرقة أو يخاف على الجارية الزنا
والفساد كره إعتاقه وأن علم ذلك منه أو ظنه
حرم وصح ولو اعتق رقيقه واستثنى نفعه مدة
معلومة أو استثنى خدمته مدة حياته صح ويصح
العتق ممن تصح وصيته وأن لم تبلغ ولا يصح من
سفيه ولا من مجنون ولا من غير مالك بغير إذنه
ولا أن يعتق عبد ولده الصغير كالكبير ولا
المجنون ولا يتيمه الذي في حجره ولا عتق
الموقوف ولو قال رجل لعبد غيره: أنت حر من
مالي فلغو فأن اشتراه بعد ذلك فهو مملوكه ولا
شيء عليه ويحصل العتق بالقول وبالملك لا
بالنية المجردة.
فأما القول: فصريحه لفظ العتق والحرية صرفا:
نحو أنت حر أو محرر أو عتيق أو معتق أو أنت حر
في هذا الزمان أو المكان أو اعتقتك ولو هازلا
ولا تجرد عن النية لا من نائم ونحوه غير أمر
ومضارع واسم فاعل وأن قصد بلفظ الحرية عفته
وكرم أخلاقه أو بقوله ما أنت إلا حر يريد به
عدم طاعته ونحو ذلك لم يعتق ولو أراد العبد
استحلافه فله ذلك.
وكنايته: خليتك والحق بأهلك واذهب حيث شئت
وأطلقتك وحبلك على غاربك ولا سبيل ولا ملك ولا
رق ولا سلطان ولا خدمة لي عليك وفككت رقبتك
وأنت موالي وأنت لله ووهبتك
ج /
3 ص -132-
لله ورفعت يدي عنك إلى الله وأنت سائبة وملكتك
نفسك وقوله لأمته أنت طالق أو حرام وقوله
لعبده الذي لا يمكن كونه منه لكبره أو صغره
ونحوه أنت ابني أو أبي فلا يعتق ما لم ينو
عتقه أن أمكن كونه منه عتق ولو كان له نسب
معروف وأن قال: أعتقتك من ألف سنة أو أنت حر
من ألف سنة ونحوه أو قال لأمته: أنت ابني أو
لعبده أنت ابنتي لم يعتق وأن اعتق حاملا عتق
جنينها إلا أن يستثنيه وأن اعتق ما في بطنها
دونها عتق وحده ولو اعتق أمة حملها لغيره وهو
موسر كالموصي له عتق الحمل وضمن قيمته.
وأما الملك فمن ملك دار حم محرم ولو مخالفا في
الدين بميراث أو غيره ولو حملا عتق عليه لا
غير محرم ولا محرم برضاع أو مصاهرة وأن ملك
ولده وأن نزل أو أباه من الزنا لم يعتق وأن
ملك سهما ممن يعتق عليه بغير الميراث وهو موسر
هنا القادر حالة العتق على قيمته وأن يكون ذلك
كفطرة وأن كان معسرا أو ملكه بالميراث ولو
موسرا لم يعتق عليه إلا ما ملك وأن مثل برقيقه
ولو بلا قصد فقطع أنفه أو أذنه أو عضوا منه
أوجبه أو خصاه أو خرق أو أحرق عضوا منه أوجبه
أو وطئ جاريته المباحة التي لا يوطأ مثلها
فأفضاها قال الشيخ: أو استكرهه على الفاحشة
عتق بلا حكم ولو كان عليه دين وله ولاؤه ولا
عتق بضربة وخدشة ولعنة ولو مثل بعبده مشترك
سرى العتق إلى باقيه بشرطه وضمن للشريك ذكره
ابن
ج /
3 ص -133-
عقيل لا إذا مثل بعبد غيره وقال جماعة لا يعتق
الكاتب بالمثلة ولو اعتق عبده أو مكاتبه وبيده
مال فهو لسيده.
فصل ومن أعتق جزءا
فصل: ومن أعتق جزءا من رقيقه غير شعر وسن وظفر
وريق ونحوه معينا كرأسه وأصبعه أو مشاعا كنصفه
وعشر عشره ونحوه: عتق كله وأن أعتق شركا له في
عبد أو العبد كله وهو موسر بقيمة باقيه يوم
عتقه على ما ذكر في زكاة فطر: عتق كله وعليه
قيمة باقيه لشريكه وقت عتقه فأن لم يؤد القيمة
حتى أفلس كانت في ذمته ويعتق على موسر ببعضه
بقدره كما تقدم وولاؤه له وسواء كان العبد
والشركاء مسلمين أو كافرين أو بعضهم فأن أعتقه
الشريك بعد ذلك ولو قبل أخذ القيمة أو تصرف
فيه لم ينفذ وأن اختلفا في القيمة رجع إلى قول
المقومين فأن كان العبد قد مات أو غاب أو تأخر
تقويمه زمنا تختلف فيه القيمة ولم يكن بينة
فالقول قول المعتق وأن اختلفا في صناعة في
العبد توجب زيادة القيمة فقول المعتق إلا أن
يكون العبد يحسن الصناعة في الحال ولم يمض زمن
يمكن تعلمها فيه فيكون القول قول الشريك: كما
لو اختلفا في حدوثه فقول المعتق وأن كان
المعتق معسرا عتق نصيبه فقط ولو أيسر بعده
وإذا كان لرجل نصف عبد ولآخر ثلثه ولآخر سدسه
فأعتق موسران منه حقيهما معا بوكيل أو تعليق
فضمان حق الثالث وولاء حصة بينهما نصفين ولو
قال شريك أعتقت فضمان حق الثالث وولاء حصته
بينهما نصفين ولو قال شريك أعتقت نصيب شريكي
فلغو وأن قال أعتقت النصف انصرف إلى ملكه ثم
ج /
3 ص -134-
سرى ولو وكل أحدهما الآخر فأعتق نصفه ولا نية
انصرف إلى نصيبه ومن أدعى أن شريكه الموسر
أعتق حقه فأنكر عتق حق المدعي مجانا ولم يعتق
نصيب الموسر ولا تقبل شهادة المعسر عليه لأنه
يجر نفسه نفعا فأن لم تكن بينه سواه حلف
الموسر وبرئ من القيمة والعتق ولا ولاء للمعسر
في نصيبه ولا للموسر فأن عاد المعسر فأعتقه
وادعاه ثبت له وأن كان المدعي عليه معسرا
فقوله مع يمينه ولا يعتق منه شيء فأن كان
المدعي عدلا حلف العبد مع شهادته وصار نصفه
حرا وأن اشترى المدعي حق شريكه عتق عليه كله
وأن ادعى كل واحد منهما ذلك على شريكه وهما
موسران عتق عليهما ولا ولاء لهما عليه وأن كان
أحدهما معسرا عتق نصيبه فقط وأن كانا معسرين
لم يعتق منه شيء وللعبد أن يحلف مع كل واحد
منهما ويعتق أو مع أحدهما أن كان عدلا ويعتق
نصفه وأيهما اشترى نصيب صاحبه عتق ما اشترى
فقط وكذا أن كان البائع وحده معسرا وأن قال
لشريكه أن أعتقت نصيبك فنصيب حر فأعتقه عتق
الباقي بالسراية مضمونا وأن كان معسرا عتق على
كل واحد حقه وأن قال: إذا أعتقت نصيبك فنصيبي
مع نصيبك أو قبله حر فأعتق نصيبه عتق عليهما
وأن كان المعتق موسرا ولغت القبلية وأن قال
لأمته: أن صليت مكشوفة الرأس فأنت حرة قبله
فصلت كذلك عتقت وأن قال: أن أقررت بك لزيد
فأنت حر قبله فأقر له به صح إقراره فقط وأن
قال: أن أقررت بك له فأنت حر ساعة إقراري لم
يصح الإقرار ولا العتق وكل من شهد عل سيد رقيق
بعتق رقيقه ثم
ج /
3 ص -135-
اشتراه فعتق عليه أو شهد اثنان عليه بذلك فردت
شهادتهما ثم اشترياه أو أحدهما فعتق أو كان
بين شريكين فأدعى كل واحد منهما أن شريكه أعتق
حقه منه وكانا موسرين فعتق عليهما كما تقدم أو
كانا معسرين عدلين فخلف العبد مع كل واحد
منهما وعتق أو ادعى عبد أن سيده أعتقه فأنكر
وقامت بينة بعتقه فلا ولاء على الرقيق في هذه
المواضع كلها فأن عاد من ثبت إعتاقه فاعترف به
ثبت له الولاء وأما الموسران إذا عتق عليهما:
فأن صدق أحدهما صاحبه في أنه أعتق نصيبه وحده
أو أنه سبق بالعتق فالولاء له وأن اتفقا أنهما
أعتقا نصيبهما دفعة واحدة فالولاء بينهما وأن
ادعى كل واحد منهما أنه المعتق وحده أو أنه
السابق فأنكر الآخر وتحالفا فالولاء بينهما
نصفين.
فصل: ويصح تعليق العتق
فصل: ويصح تعليق العتق بصفة كدخول دار وحدوث
مطر وغيره ولا يملك إبطاله بالقول ولو أتفق
السيد والعبد على إبطاله لم يبطل وما يكتسبه
العبد قبل وجود الشرط فلسيده إلا أنه إذا علق
عتقه على أداء مال معلوم فما أخذه السيد حسبه
من المال فإذا كمل أداء المال عتق وما فضل في
يده فلسيده وله وطء أمته بعد تعليق عتقها ومتى
وجدت الصفة كاملة وهو في ملكه عتق فإذا قال
لعبده: إذا أديت إلى ألفا فأنت حر لم يعتق حتى
يؤدي الألف جميعه فأن أبرأه السيد من الألف لم
يعتق ولم يبطل التعليق فأن خرج عن ملكه قبل
وجود الصفة بيع أو غيره لم يعتق فان عاد إلى
ملكه عادت الصفة ولو وجدت في حال زوال ملكه
ويبطل بموت السيد وإذا قال: إن دخلت الدار
ج /
3 ص -136-
بعد موتي فأنت حر لم يصح ولم يعتق بوجود الشرط
وأن دخلت الدار فأنت حر بعد موتي فدخلها في
حياة السيد صار مدبرا وأن دخلها بعد موته لم
يعتق وأنت حر بعد موتي بشهر صح وما كسبت بعد
الموت وقبل وجود الشرط فللورثة وليس لهم
التصرف فيه بعد الموت وقبل وجود الشرط ببيع
ونحوه وأن قال أخدم زيدا سنة بعد موتي ثم أنت
حر صح فلو أبرأه زيد من الخدمة بعد موت السيد
عتق في الحال فأن كانت الخدمة لكنيسة وهما
كافران فأسلم العبد سقطت عنه الخدمة وعتق
مجانا وإذا قال لعبده: أن لم أضربك عشرة أسواط
فأنت حر ولم ينو وقتا لم يعتق حتى يموت أحدهما
وأن باعه قبل ذلك صح ولم ينفسخ البيع ولو قال
لجاريته: إذا خدمت ابني حتى يستغني فأنت حرة
لم تعتق حتى تخدمه إلى أن يكبر ويستغني عن
الرضاع وأن قال لهما أنت حرة أن شاء الله عتقت
ويأتي في تعليق الطلاق بالشروط وأن قال حر أن
ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر ك
صح وأن قال ذلك عبد ثم عتق وملك لم يعتق وتقدم
آخر شروط البيع إذا علق عتقه على بيعه وأن
قال: آخر مملوك أملكه فهو حر فملك عبيدا واحدا
بعد واحد لم يعتق واحد منهم حتى يموت فيعتق
آخرهم ملكا منذ ملكه وكسبه له دون سيده فأن
ملك أمة حرم وطؤها حتى يملك غيرها وكذا
الثانية وهلم جرا فأن تبين أنها آخر ما ملك
كان أولادها أحرارا من حين ولدتهم لأنهم أولاد
حرة وأن كان وطئها فعليه مهرها لكن ملك اثنين
فأكثر معا أو علق العتق على أول مملوك
ج /
3 ص -137-
يملكه فملكها أو قال لأمته: أول ولد تلدينه
فهو حر فولدت ولدين خرجا معا أو اشكل الأول
عتق واحد بقرعة وأول مملوك ملكه حر ولم يملك
إلا واحدا عتق وكذا آخر مملوك وأن قال لأمته:
آخر ولد تلدينه فهو حر فولدت حيا ثم مات لم
يعتق الأول وعكسه يعتق الحي وأن قال: أول أو
آخر مملوك أشتريه حر فملكه بإرث أو هبة ونحوها
لم يعتق وأن قال: أول ولد تلدينه أو إذا ولدت
ولدا فهو حر فولدت ميتا ثم حيا لم يعتق الحي
وعكسه يعتق وأول أمة أو امرأة تطلع حرة أو
طالق فطلع الكل وطلق واحدة بقرعة يتبع حمل
معتقه بصفة أن كان موجودا حال عتقها أو حال
تعليق عتقها لا أن حملته ووضعته بينهما كما
قبل التعليق وأن علق عتق عبده بصفة فوجدت في
صحة السيد عتق من رأس المال وأن وجدت في مرض
موته عتق من الثلث وتقدم في باب الهبة وأن قال
أنت حر وعليك ألف أو على ألف عتق في الأولى
ولا شيء عليه وفي الثانية أن قبل عتق وإلا فلا
ومثلها أن قال: على أن تعطيني ألفا أو بألف أو
بعتك نفسك بألف أو قال لأمته أعتقتك على أن
تتزوجيني وتأتي تتمتها في أركان النكاح وأنت
حر على أن تخدمني سنة عتق بلا قبول ولزمته
الخدمة فأن مات السيد أثناء السنة رجع الورثة
على العبد بقيمة ما بقي من الخدمة ولو باعه
نفسه بمال في يده صح وعتق وله عليه الولاء
ويجوز للسيد بيع هذه الخدمة من العبد أو غيره
ولعل المراد بالبيع الإجارة وأن قال: أن
أعطيتني ألفا فأنت حر
ج /
3 ص -138-
فهو تعليق محض لا يبطل ما دام ملكه ولا يعتق
بالإبراء منها بل يدفعها.
فصل: وأن قال كل مملوك أو مماليكي أو رقيقي حر عتق
فصل: وأن قال كل مملوك أو مماليكي أو رقيقي حر
عتق مدبروه ومكاتبوه وأمهات أولاده وعبيد عبده
التاجر وأشقاصه ولو لم ينوها ولو قال عبدي أو
أمتي حر أو زوجتي طالق ولم ينو معينا عتق الكل
وطلق كل نسائه لأنه مفرد مضاف فيعم وأن قال
أحد عبدي أو بعضهم حر ولم ينوه أو عينه ثم
أنسيه أعتق أحدهم بالقرعة: وكذا لو أدى أحد
مكاتبيه وجهل وأن قال لأمتيه إحداكما حرة ولم
ينو حرم وطؤها بدون قرعة فأن وطئ واحدة لم
تعتق الأخرى كما لو اعتقها ثم انسيها فأن مات
أقرع الورثة وأن مات أحد العبدين أقرع بينه
وبين الحي فأن علم ناس بعدها أن المعتق غيره
عتق وبطل عتق الأول إلا أن تكون القرعة بحكم
حاكم فيعتقان وقبل القرعة يقبل تعيينه فيعتق
من عينه وأن قال: أعتقت هذا لا بل هذا عتقا
وكذا الحكم في إقرار الوارث.
فصل: وأن أعتق في مرض موته
فصل: وأن أعتق في مرض موته المخوف جزءا من
عبده أو دبره مثل أن يقول: إذا مت فنصف عبدي
حر أو وصي بعتقه وثلثه يحتمل جميعه عتق كله
فلو مات العبد قبل سيده عتق بقدر ثلثه وكذا لو
أعتق شركا له في عبد في مرض موته أو دبره
وثلثه يحتمل باقيه ويعطي الشريك قيمة حصته وأن
أعتق في مرضه ستة أعبد قيمتهم سواء وثلثه
يحتملهم ثم ظهر عليه دين يستغرقهم بيعوا في
دينه فأن اعتقنا ثلثهم ثم ظهر له مال
ج /
3 ص -139-
يخرجون من ثلثه عتق من أذن منهم وكان حكمهم
حكم الأحرار من حين اعتقهم وكسبهم لهم منذ
عتقوا وأن كانوا قد تصرف فيهم ببيع أو هبة أو
رهن أو تزويج بغير إذن كان باطلا وأن كانوا قد
تصرفوا فحكم تصرفهم حكم تصرف الأحرار فأن لم
يظهر له مال غيرهم جزأناهم ثلاثة أجزاء كل
اثنين جزءا ثم أقرعنا بينهم بسهم حرية وسهمي
رق فمن خراج له سهم الحرية عتق ورق الباقون
فأن كانوا ثمانية فأن شاء أقرع بينهم بسهمي
حرية وخمسة رق وسهم لمن ثلثاه حر وأن شاء
جزأهم أربعة أجزاء وأقرع بينهم بسهم حرية
وثلاثة رق ثم أعاد القرعة بين الستة لإخراج من
ثلثاه حر وكيف أقرع جاز وأن أعتق في مرضه
عبدين لا يملك غيرهما قيمة أحدهما مائتان
والآخر ثلاثمائة جمعت قيمتهما وهي خمسمائة
فجعلتها الثلث ثم أقرعت بينهما فأن وقعت على
الذي قيمته مائتان ضربتها في ثلاثة تبلغ
ستمائة ثم تنسبه منه الخمسمائة يكون العتق
خمسة أسداسه وأن وقعت على الآخر عتق منه خمسة
أتساعه وكل شيء يأتي من هذا الباب فسبيله أن
يضرب في ثلاثة ليخرج بلا كسر وأن أعتق واحدا
من ثلاثة أعبد غير معين فمات أحدهم في حياته
أقرع بينه وبين الحيين فان وقعت على الميت رق
الآخران وأن وقعت على أحد الحيين عتق إذا خرج
من الثلث وأن أعتق الثلاثة في مرض فمات أحدهم
في حياة السيد أقرع بينه وبين الحيين وكذا
الحكم لو أوصى بعتقهم فمات أحدهم بعده وقبل
عتقهم أو دبرهم بعضهم ووصى بعتق الباقين فمات
أحدهم وأن قال اشترني من سيدي بهذا المال
واعتقني ففعل
ج /
3 ص -140-
عتق ولزم مشتريه المسمى أن لم يكن اشتراه بعين
المال وإلا بطلا.
باب التدبير
وهو تعليق بالموت فلا تصح الوصية به ويعتبر من
الثلث سواء دبره في الصحة أو المرض فأن لم يف
الثلث بها وبولدها أقرع بينهما فأيهما خرجت
القرعة لهي عتق أن احتمله الثلث وإلا عتق منه
بقدره وأن فضل من الثلث بعد عتقه شيء كمل من
الآخر كما لو دبر عبدا أو أمة وأن اجتمع العتق
والتدبير في المرض قدم العتق ومن التدبير
الوصية بالعتق ويصح ممن تصح وصيته وصريحه لفظ
العتق والحرية المعلقين بموت السيد ولفظ
التدبير وما تصرف منها: غير أمر ومضارع واسم
فاعل.
وكنايات العتق المنجز تكون تدبيرا إذا أضاف
إليه ذكر الموت ويصح تعليقه بالموت مطلقا نحو
أن مت فأنت حر ومقيدا نحو أن مت من مرضي هذا ا
في عامي هذا أو في هذه البلد أو الدار فأنت حر
أو مدبر وكذا أنت مدبر اليوم ويتقيد به فأن
مات السيد على الصفة التي شرطها عتق وإلا فلا
وأن قال: أن قرأت القرآن فأنت حر بعد موتي
فقرأه جميعه في حياة السيد صار مدبرا ولا
بعضه1 إلا إذا قال أن قرأت قرآنا وأن قال متى
شئت أو أن شئت فأنت مدبر أو إذا قدم زيد أو
جاء رأس الشهر ونحوه فأنت مدبر فشاء ولو
متراخيا أو قدم زيد في حياة السيد لأبعدها صار
مدبرا وأن قال: متى شئت بعد موتي فأنت حر أو
أي وقت شئت بعد موتي لم يصح التعليق ولم يعتق
وكذا لو قال: إذا مت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي لا يصير مدبرا إذا قرأ بعضه.
ج /
3 ص -141-
فأنت حر أولا أو قال فأنت حر أو لست بحر وأن
بطل التدبير أو قال رجعت فيه أو جحده أو رهن
المدبر أو أوصى به لم يبطل لأنه تعليق العتق
على صفة فأن مات السيد وهو رهن عتق وأخذ من
تركته قيمته تكون رهنا مكانه وأن غير التدبير
فكان مطلقا فجعله مقيدا لم يصح التقييد وأن
كان مقيدا فأطلقه صح لأنه زيادة وأن أرتد
المدبر ولحق بدار حرب لم يبطل تدبيره فأن سباه
المسلمون لم يملكوه ويرد إلى سيده أن علم به
قبل قسمة ويستتاب فأن تاب وإلا قتل وأن لم
يعلم به حتى قسم فأن أختاره سيده أخذه بالثمن
الذي حسب به على آخذه به وأن يختر آخذه بطل
تدبيره ومتى عاد إلى سيده بوجه من الوجوه عاد
تدبيره وأن مات سيده قبل سبيه عتق فأن سبى
بعده لم يرد إلى ورثة سيده لكن يستتاب فان تاب
وأسلم صار رقيقا يقسم بين الغانمين فأن لم يتب
قتل ولم يجز استرقاقه وأن أرتد سيده أو دبره
في ردته ثم عاد إلى الإسلام فالتدبير بحاله
وأن قتل أو مات على ردته لم يعتق وللسيد بيع
المدبر ولو أمة أو لبيع في غير الدين وهبته
ووقفه فأن عاد إليه عاد التدبير وأن جنى بيع
وأن بقي تدبيره وأن بيع بعضه فباقيه مدبر
وللسيد وطء مدبرته وأن يشترطه فأن أولها بطل
تدبيرها وله وطء أمتها أن لم يكن وطئ أمها وما
ولدته من غير سيدها بعد تدبيرها كهي يعتق
بموته سواء كان موجودا حال التعليق أو العتق
أو حادثا بينهما ويكون مدبرا بنفسه فأن بطل في
الأم لبيع أو غيره لم يبطل في الولد وأن عتقت
الأم في حياة السيد لم يعتق ولدها حتى يموت
السيد فلو قالت ولدت
ج /
3 ص -142-
بعد تدبيري وأنكر السيد فقوله وكذا ورثته بعده
ولا يعتق ما ولدته قبل التدبير لأنه لا يتبعها
فيه وولد المدبر يتبع أمه لا أباه وإذا كاتب
المدبر أو أم ولده أ دبر المكاتب صح فأن أدى
عتق وأن مات سيده قبل الأداء عتق أن حمله
الثلث وإلا عتق منه بقدره وسقط من الكتابة
بقدر ما عتقه منه وهو مكاتب فيما بقي وأن دبر
أم ولده لم يصح إذ لا فائدة فيه وإذا عتق
بالكتابة كان ما في يده له وأن عتق بالتدبير
مع العجز عن أداء مال الكتابة كان ما في يده
للورثة لأكسبه لأن كسب المدبر في حياة سيده
لسيده وبعدها له وأن مات السيد قبل العجز
وأداء جميع الكتابة عتق بالتدبير وما في يده
للورثة أيضا وإذا دبر شركا له في عبد لم يسر
التدبير إلى نصيب شريكه ولو موسرا فأن مات
المدبر عتق نصيبه أن خرج من الثلث وأن لم يف
نصيبه بقيمة حصة شريكه وأن كان يفي سري في
بقيته ويعطي لشريكه قيمة حصته وتقدم آخر الباب
قبله وأن عتق الشريك نصيبه قبل موت السيد
المدبر وهو موسر عتق وسرى إلى نصيب شريكه وغرم
قيمته لسيده وأن دبر كل واحد نصيبه فمات
أحدهما عتق نصيبه وبقي نصيب الآخر على التدبير
أن لم يف ثلث الميت بقيمة حصة شريكه وأن كان
يفي بها سرى إليها كما تقدم وأن قال لعبدهما
أن متنا فأنت حر فإذا مات أحدهما فنصيبه حر
لأنه لا يعتق إلا بموتهما جميعا وإذا أسلم
مدبر كافر أو قنه أو مكاتبه بيع عليه وأن أنكر
السيد التدبير ولا بينة حلف على البت وأن كان
المنكر ورثة السيد بعد موته حلف كل
ج /
3 ص -143-
واحد من الورثة على نفي العلم ومن نكل منهم
عتق نصيبه ولم يسر إلى باقيه وكذلك أن أقر لأن
إعتاقه بفعل المورث لا بفعل المقر ولا الناكل
وأن شهد به رجلان أو رجل وامرأتان أو حلف معه
المدبر حكم به وكذا الكتابة وأن المدبر سيده
بطل تدبيره.
باب الكتابة
وهي بيع سيد رقيقه أو بعضه بمال مؤجل في ذمته
مباح معلوم يصح فيه السلم منجم يعلم قسط كل
نجم ومدته وهي مندوبة لمن يعلم فيه خيرا أو هو
الكتب والأمانة وتكره كتابة من لا كسب له ولا
تصح كتابة المرهون والكتابة في الصحة والمرض
من رأس المال واختار الموفق وجموع أنها في
المرض المخوف من الثلث ولو كانت في الصحة
واسقط دينه أو أعتقه في مرضه اعتبر خروج الأقل
من رقبته أو دينه من الثلث ولو وصى بعتقه أو
أبرأه الدين اعتبر أيهما من ثلثه ولو حمل
الثلث بعضه عتق وباقيه على الكتابة ولا تصح
إلا بقول من جائز التصرف وأن كانت مع قبوله
وأن كاتب المميز صح لا مجنونا أو طفلا غير
مميز فأن فعل لم يعتقا بالأداء بل بتعليق
العتق به أن كان التعليق صريحا وإلا فلا وتصح
كتابة الذمي عبده فأن اسلما أو أحدهما أو
ترافعا إلينا أمضينا العقد أن كان موافقا
للشرع وأن كانت فاسدة مثل أن يكون العوض خمرا
ونحوه وقد تقابضاه في الكفر أمضيناه أيضا وحصل
العتق سواء أترافعا قبل الإسلام أو بعده وأن
تقابضاه في الإسلام فهي كتابة فاسدة
ج /
3 ص -144-
ويأتي حكمها أن شاء الله وأن ترافعا قبل قبضه
أبطلنا الكتابة وتصح كتابة الحربي في دار
الحرب ودار الإسلام فأن دخلا متسأمنين إلينا
لم يتعرض الحاكم لهما إلا أن يترافعا إليه فأن
كانت صحيحة ألزمها حكمها وأن جاء وقد قهر أحد
صاحبه بطلت الكتابة لأن دار الحرب دار قهر
وإباحة فمن قهر صاحبه ولو حرا فهو حر "أملكه"
وأن دخلا من غير قهر ثم قهر أحدهما الآخر في
دار الإسلام لم تبطل وتنعقد بقوله كاتبتك على
كذا مع قبوله وأن لم يقل فإذا أديت لي فأنت حر
ولا تصح إلا بعوض مباح منجم بنجمين فأكثر يعلم
لكل أجل نجم قسطه ومدته تساوت أولا فلا تصح
حالة ولا على عبد مطلق ولا توقيت النجمين
بساعتين ونحوه بل يعتبر ماله وقع في القدرة
على الكسب صوبه في الإنصاف وأن كان ظاهر كلام
الأصحاب خلافه وتصح على خدمة مفردة منجمة في
مدتين فأكثر كأن يكاتبه في أول المحرم على
خدمته فيه وفي رجب أو خياطة ثوب وبناء حائط
عينهما وكذا لو قال على أن تخدمني هذا الشهر
وخياطة كذا عقيب الشهر أو على أن تخدمني شهر
معين أو سنة معينة لم يصح لأنه نجم واحد وتصح
على خدمة ومال تقدمت الخدمة أو تأخرت أن كان
المال مؤجلا ولو إلى أثنائها بخلاف الخدمة
فأنه لا يشترط تأجيلها وإذا كاتب العبد وله
مال فماله لسيده إلا أن يشترطه فأن كانت له
سرية أن جوزنا للعبد التسري أو ولد منها فهو
لسيده وإذا أدى
ج /
3 ص -145-
ما كوتب عليه فقبضه السيد أو وليه أو أبرأه
منه عتق لا قبل الأداء والإبراء وأن كاتبه على
دنانير فأبرأه من دارهم أو بالعكس لم تصح
البراءة إلا أن يزيد بقدر ذلك مما لي عليك ولو
كان في ملكه ما يؤدي فهو عبد ما بقي عليه درهم
فأن أبرأه بعض ورثته من حقه منها وكان موسرا
عتق عليه كله وما فضل في يده بعد الأداء فله
فأن مات أو قتل ولو كان القاتل السيد قبل
الأداء انفسخت الكتابة ومات عبدا وكان ما في
يده لسيده وأن عجل ما عليه قبل محله لزم سيده
أخذه وعتق أن لم يكن فيه ضرر فلو أبى جعله
الإمام في بيت المال ثم أداه إلى السيد وقت
حلوله وحكم بعتق المكاتب في الحال وإذا كاتبه
على جنس كدنانير ودراهم أو عرض لم يلزمه قبض
غيره وإذا أدى العوض وعتق فبان العوض معيبا
فله أرشه أو عوضه أن رده ولم يبطل عتقه وإذا
احضر مال الكتابة فقال السيد هذا حرام أو غصب
فأن أقر به المكاتب أو ثبت ببينة لم يلزم
السيد قبوله ولا يجوز له وكذلك نفقة الزوجة
وصداقها وكل حق أو عوض في عقد فأن أنكر ولم
يكن للسيد بينة فقول العبد مع يمينه ثم يجب
أخذه ويعتق فأن نكل عن اليمين لم يلزم السيد
قبوله وأن حلف قيل للسيد: إما أن تقبضه وإما
أن تبرئه ليعتق فأن قبضه وكان تمام كتابته عتق
العبد ولم يمنع السيد من التصرف فيه أن لم يقر
به لأحد وعليه أثمه فيما بينه وبين الله وأن
أدعى أنه غصبه من فلان لزمه دفعه إليه فأن
أبرأه من مال الكتابة لم يلزمه قبضه لأنه لم
يبق عليه حق وأن لم يبرئه ولم يقبضه كان له
دفع ذلك إلى الحاكم لينوب الحاكم
ج /
3 ص -146-
في قبضه عنه ويعتق العبد ولا بأس أن يعجل
المكاتب لسيده ويضع عنه بعض كتابته وأن اتفقا
على زيادة الأجل والدين لم يجز وإذا دفع إلى
السيد مال الكتابة ظاهرا فقال له السيد أنت حر
أو قال هذا حر ثم بان العوض مستحقا لم يعتق
بذلك فلو أدعى المكاتب أن السيد قصد بذلك عتقه
وأنكر السيد فقول السيد.
فصل: ويملك المكاتب نفع نفسه
فصل: ويملك المكاتب نفع نفسه وكسبه والإقرار
وكل تصرف يصلح ماله من البيع والشراء والإجارة
والاستئجار والإنفاق على نفسه وولده التابع له
من أمته ورقيقه وله أن يقتص لنفسه ممن جنى
عليه على طرفه او جرحه بغير إذن سيده وله شراء
ذوي رحمه وقبولهم إذا وهبوا له أو وصى له بهم
ولو أضروا بماله وله أن يفديهم إذا جنوا وإذا
ملكهم لم يجز بيعهم وكسبهم له وحكمهم حكمه: أن
عتق عتقوا وان عجز رقوا لسيده إلا إذا أعتقه
سيده فلا يعتقون بل إرقاء لسيده وولده من أمته
كذلك وله تأديب رقيقه وتعزيرهم وختنهم لا
إقامة الحد عليهم وله المطالبة بالشفعة والأخذ
بها ولو من سيده وكذا السيد منه لأنه مع سيده
في البيع والشراء كالأجنبي وله الشراء نسيئة
بلا رهن وله شراء من يعتق على سيده وسفره
كمدين وتقدم في الحجر وله أخذ الصدقة ولا يسال
الناس صح فلو خالف وفعل كان لسيده تعجيزه ولا
يصح شرط نوع بحارة وليس له أن يسافر لجهاد ولا
يبيع نساء ولو برهن وضمن ولو بأضعاف قيمته وأن
باع بأكثر من قيمته حالا
ج /
3 ص -147-
وجعل الزيادة مؤجلة جاز ولا يرهن ماله ولا
يضارب ولا يتزوج ولا يتسرى ولا يقرض ولا يتبرع
ولا يدفع ماله سلما ولا يهب ولو بثواب مجهول
ولا يحابي ولا يعير دابته ولا يوصي بماله ولا
يحط عن المشتري شيئا ولا يضمن ولا يتكفل أحدا
ولا ينفق على قرينه غير ولده الذي يتبعه ولا
يتوسع في النفقة ولا يقتص إذا قتل بعض رقيقه
بعضا ولا يكاتبه ولا يعتقه ولو بمال في ذمته
ولا يزوجه ولا يكفر بمال إلا بأذن سيده في هذه
المسائل كلها وأن أذن له في التكفير بالمال لم
يلزمه وكذا تبرعه ونحوه وولاء من يعتقه أو
يكاتبه لسيده ولو مع عدم عجزه ورجوعه إلى الرق
إلا أن يؤدي هو قبل أن يؤدي مكاتبه فيكون ولاء
كل منهما لسيده الذي كاتبه وإذا كوتبت الأمة
وهي حامل أو ولدت بعدها تبعها ولدها أن عتقت
بأداء أو إبراء أمة ولا يتبعها ما ولدته قبل
الكتابة ولو أعتق السيد الولد صح عتقه وإذا
اشترى المكاتب زوجته أو اشترت المكاتبة زوجها
انفسخ النكاح وان استولد أمته صارت أم ولد له
وامتنع عليه بيعها وأن لزمته ديون معاملة
تعلقت بذمته يتبع بعد العتق ولا يملك غريمه
تعجيزه وأن عجز تعلقت بذمة سيده.
فصل: ولا يملك السيد شيئا من كسبه
فصل: ولا يملك السيد شيئا من كسبه ويحرم الربا
بينهما إلا في مال الكتابة وتقدم آخر الربا
لتجويزهم تعجيل الكتابة بشرط أن يضع بعضها
فيجوز في هذه الصورة وأن جنى السيد عليه فله
الأرش ولا
ج /
3 ص -148-
قصاص وأن حبسه فعلى السيد أرفق الأمرين
بالمكاتب من أنظاره مثل تلك المدة أو أجرة
مثله وأن جنى المكاتب على غيره ولو على سيده
تعلقت برقبته واستوى الأول والآخر ولو كان
بعضها في كتابته وبعضها بعد تعجيزه وعليه فداء
نفسه مقدما على الكتابة ولو حل نجم إلا أن
يشاء ولي الجناية من سيده وغيره التأخير إلى
بعد وفاء مال الكتابة فأن كان فيها ما يوجب
القصاص فلمستحقه استيفاؤه وتبطل حقوق الآخرين
أن كان في النفس وأن عفا على مال صار حكمه حكم
الجناية الموجبة للمال فأن أدى وعتق فالضمان
عليه وأن أعتقه سيده أو قتله فالضمان عليه وأن
عجزه فعاد قنا خير بين فدائه وتسليمه وإذا كان
أرش الجناية للسيد عجزه سقط عنه مال الكتابة
وأرش الجناية وأن بدأ المكاتب فدفع مال
الكتابة إلى سيده وكان ولي الجناية سأل الحاكم
فحجز عليه لم يصح دفعه إلى سيده ويرتجعه
ويسلمه إلى ولي الجناية فأن وفي بما لزمه من
أرشها وإلا باع الحاكم منه ما بقي وباقيه باق
على كتابته فان أدى عتق بالكتابة وسرى العتق
إلى باقيه أن كان السيد موسرا وأن لم يكن
الحاكم حجر عليه صح دفعه إلى السيد والواجب في
الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته
ولا يجبر المكاتب على الكسب لوفاء دين الكتابة
بخلاف سائر الديون.
فصل: وأن وطئ مكاتبته في مدة الكتابة
فصل: وأن وطئ مكاتبته في مدة الكتابة بشرط جاز ولا مهر وبلا
شرط يؤدب عالم بالتحريم منه ومنها ويلزمه مهر
ولو مطاوعة كأمتها ولا حد فأن تكرر وطؤه قبل
أن يؤدي مهره فمهر واحد ومتى أدى مهر
ج /
3 ص -149-
وطء لزمه مهر ما بعده فأن أولدها سواء وطئها
بشرط أو لا أو أولد أمته ثم كاتبها صارت أم
ولد له وولده حر فأن أدت عتقت وكسبها لها وأن
مات ولم تؤد أو عجزت عتقت بموته وسقط ما بقي
عليها من كتابتها وما في يدها لورثته ولو مات
قبل عجزها وكذا الحكم فيما إذا أعتق المكاتب
سيده ولا يملك السيد إجبار مكاتبته ولا ابنتها
ولا أمتها على التزويج وليس لواحدة منهن
التزويج فلا أذنه وليس له وطء بنت مكاتبته ولو
بشرط فأن فعل فلا حد عليه ويأثم ويعذر ولها
المهر حكمه حكم كسبها يكون لأمها فأن أحبلها
صارت أم ولد له والولد حر يلحقه نسبه ولا تجب
عليه قيمتها وليس له وطء جارية مكاتبته ولا
مكاتبته فان فعل أثم وعزر ولا حد وعليه مهرها
لسيدها وولده منها حر يلحقه نسبه وتصير أم ولد
له وعليه قيمتها لسيدها ولا يجب عليه قيمة
الولد ولو كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئها
أحدهما أدب فوق أدب الواطئ المكاتبة الخالصة
وعليه لها مهر مثلها فأن وطئاها فلها على كل
واحد منها مهر فأن كانت بكرا فعلى الأول مهر
بكر وعلى الآخر مهر ثيب وأن أولدها أحدهما
فولده حر وتصير أم ولدله ومكاتبة له كما لو
اشترى نصفها من شريكه وعليه له نصف قيمتها
مكاتبة له لأنه أتلفها عليه فأن كان موسرا
أداه وأن كان معسرا ففي ذمته وعليه له نصف
قيمة ولدها ونصف مهر مثلها وأن ألحق بهما فهي
أم ولدهما يعتق نصفها بموت أحدهما وباقيها
بموت الآخر ويجوز بيع المكاتب وهبته والوصية
به وولده التابع له وتقدم في الهبة والموصي
إليه
ج /
3 ص -150-
ومن أنتقل إليه يقوم مقامه مكاتبه يؤدي إليه
ما بقي من كتابته فإذا أدى إليه عتق وولاؤه
لمن انتقل إليه وأن عجز عادقنا وأن لم يعلم
مشتريه أنه مكاتب فله الرد أو الأرش ولا يجوز
بيع ما في ذمة المكاتب وتصح وصية السيد
لمكاتبه ودفع زكاته إليه وأن اشترى كل واحد من
المكاتبين الآخر صح شراء الأول فقط وسواء كانا
لواحد أو لاثنين وولاؤه للسيد على مقتضى ما
سبق فان جهل الأول بطل البيعان ويرد كل واحد
منهما إلى كتابته وأن أسر فاشتراه أحد فلسيده
أخذه بما اشترى به وهو على كتابته ولا يحتسب
عليه بمدة الأسر وأن لم يأخذه فهو لمشتريه بما
بقي من كتابته يعتق بالأداء وولاؤه له ومن مات
و في وراثه زوجة لمكاتب انفسخ نكاحها وكذا لو
ورث رجل زوجته المكاتبة أو غيرها.
فصل: الكتابة الصحيحة عقد لازم من الطرفين
فصل: الكتابة الصحيحة عقد لازم من الطرفين لا
يدخلها خيار على مستقبل ولا تنفسخ بموت السيد
ولا جنونه وال الحجر عليه ويعتق بالأداء إلى
سيده ومن يقوم مقامه من ورثته وغيرهم وتصح
الوصية بمال الكتابة فأن سلمه المكاتب إلى
الموصي له أو وكيله أو وليه كان محجورا عليه
برئ وعتق وولاؤه لسيده الذي كاتبه وأن أبرأه
الموصي له من مال الكتابة عتق فأن أعتقه لم
يعتق وأن عجز ورد في الرق صار عبدا للورثة وما
قبضه الموصي له فهو له وتبطل الوصية فيما لم
يقبضه وأن وصى به للمساكين ووصى إلى من يقبضه
ويفرقه بينهم صح ومتى سلم المال إلى الموصي
برئ وعتق وأن أبرأه منه لم يبرأ
ج /
3 ص -151-
لأن الحق لغيره وأن دفعه المكاتب إلى المساكين
لم يبرأ ولم يعتق لأن التعيين إلى الموصي وأن
وصى بدفع المال إلى غرمائه تعين القضاء منه
كما لو وصى به عطية لهم فأن كان إنما وصى
بقضاء ديونه مطلقا كان على المكاتب أن يجمع
بين الورثة والوصي بقضاء الدين ويدفعه إليهم
بحضرته لأن المال للورثة ولهم قضاء الدين منه
ومن غيره وللوصي في قضاء الدين حق لأن له
منعهم من التصرف قبل قضاء الدين وتقدم في باب
الموصي له: الوصية للمكاتب بمال الكتابة: ولا
يملك أحدهما فسخها إلا السيد له الفسخ إذا حل
نجم فلم يؤده المكاتب ولو لم يقل قد عجزت وإذا
حل النجم وماله حاضر عنده طولب به ولم يجز
الفسخ قبل الطلب فأن طلب منه فذكر أنه غائب عن
المجلس في ناحية من نواحي البلد أو قريب منه
لم يجز الفسخ وأمهل ويلزمه أنظاره ثلاثا لبيع
عرض أو لمال غائب دون مسافة قصر يرجو قدومه
ولدين حال على ملئ أو مودع وإذا حل نجم
والمكاتب غائب بغير إذن سيده فله الفسخ لا أن
غاب بإذنه لكن يرفع الأمر إلى الحاكم لكتب
كتابا إلى حاكم البلد الذي فيه المكاتب ليأمره
بالأداء أو يثبت عجزه عنده فيفسخ السيد أو
وكيله حينئذ وأن كان قادرا على الأداء أمره
بالخروج إلى البلد الذي فيه السيد ليؤدي أو
يوكل من يؤدي فأن فعله في أول حال الإمكان عند
خروج القافلة أن كان لا يمكنه الخروج إلا معها
لم يجز الفسخ وأن أخره مع الإمكان ومضى زمن
المسير فللسيد الفسخ وأن كان قد جعل السيد
للوكيل الفسخ عند امتناع المكاتب من
ج /
3 ص -152-
الدفع إليه جاز وله الفسخ إذا ثبتت وكالته
ببينة بحيث يأمن من المكاتب إنكار السيد فأن
لم يثبت ذلك لم يلزم المكاتب الدفع إليه وكان
له عذرا يمنع جواز الفسخ وحيث جاز الفسخ لم
يحتج إلى حكم حاكم وليس للعبد فسخها ولقادر
على الكسب تعجيز نفسه أن لم يملك وفاءا فأن
ملكه أجبر على وفائه ثم عتق ويجوز فسخها
باتفاقهما ويجب على سيده ولو كان العبد
المكاتب ذميا أن يؤتيه ربع مال الكتابة أن شاء
وضعه عنه من أول الكتابة أو من أثنائها وأن
شاء قبضه ثم دفعه إليه والوضع عنه أفضل وأن
مات السيد قبل الإيتاء فهو دين في تركته فأن
أعطاه السيد من جنس مال الكتابة لزمه قبوله
وأن أعطاه من غير جنسها مثل أن يكاتبه على
دراهم فيعطيه دنانير أو عروضا لم يلزمه قبوله
وأن أدى ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع لم
يعتق وللسيد فسخها لكن لو كان له على السيد
مثل ما له عليه حصل التقاص وعتق عليه.
فصل: وأن كاتب عبيده اثنين فأكثر
فصل: وأن كاتب عبيده اثنين فأكثر أو أماءه
صفقة واحدة بعوض واحد صح وقسط بينهم بقدر
قيمتهم يوم العقد ويكون كل واحد منهم مكاتبا
بقدر حصته فمن أدى ما قسط عليه عتق وحده ومن
عجز فللسيد فسخ كتابته فقط وأن شرط عليهم في
العقد ضمان كل واحد منهم عن الباقين فسد الشرط
وصح العقد وأن اختلفوا بعد أن أدوا أو عتقوا
في قدر ما أدى كل واحد منهم فقال من كثرت
قيمته: أدينا على قدر قيمتنا وقال آخر: أدينا
على السواء فبقيت لنا على
ج /
3 ص -153-
الأكثر بقية فقول من يدعي أداء قدر الواجب
عليه فأن شرط السيد على المكاتب أن يرثه دون
ورثته أو يزاحمهم في مواريثهم ففاسد ولا تفسد
الكتابة وأن شرط عليه خدمة معلومة بعد العتق
جاز وإذا كاتبه على ألفين في رأس كل شهر ألف
وشرط أن يعتق عنه أداء الأول صح ويعتق عند
أدائه ويبقى الألف الآخر دينا عليه بعد عتقه
ومن كاتب بعض عبده ملك من كسبه بقدره فأن أدى
ما عليه عتق كله وأن كاتب حصة له في عبد صح
سواء كان باقيه حرا أو ملكا لغيره بإذن شريكه
أو لا فأن أدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الآخر
عتق كله أن كان كاتبه موسرا وعليه قيمة حصة
شريكه فأن أعتق الشريك قبل أدائه عتق كله أن
كان موسرا وعليه قيمة نصيب المكاتب وأن كاتبا
عبدهما ولو متفاضلا صح ولم يؤد إليهما إلا على
قدر ملكيهما فأن قبض أحدهما دون الآخر بغير
أذنه شيئا لم يصح القبض وللآخر أن يأخذ منه
حصته فان كاتباه منفردين فأدى إلى أحدهما ما
كاتبه عليه لكون نصيبه من العوض أقل أو أبرأه
من حصة عتق نصيبه خاصة أن كان معسرا وإلا كله
وأ كاتباه كتابة واحدة فأدى إلى أحدهما مقدار
حقه بغير إذن شريكه لم يعتق منه شيء وأن كان
بإذنه عتق نصيبه وسرى إلى باقيه أن كان موسرا
وضمن نصيب شريكه بقيمته مكاتبا ولو كاتب ثلاثة
عبدا فأدعى الأداء إليهم فأنكره أحدهم شاركهما
فيما أقرا بقبضه وتقبل شهادتهما عليه نصا وأن
اختلفا في الكتابة فقول من ينكرها وأن اختلفا
في قدر عوضها أو جنسه أو أجلها فقول سيد
ج /
3 ص -154-
وأن اختلفا في وفاء مالها فقول سيد وأن أقام
العبد شاهدا وحلف معه أو شاهدا وامرأتين ثبت
الأداء وعتق وأن أقر السيد ولو في مرض موته
بقبض مال الكتابة عتق العبد ولو قال استوفيت
كتابتي كلها أن شاء الله أو شاء زيد عتق كما
لو لم يستثن.
فصل: الكتابة الفاسدة
فصل: والكتابة الفاسدة كما إذا كان العوض
حراما كخمر ونحوه أو مجهولا لا كثوب ودار تكون
جائزة من الطرفين لكل منهما فسخها ولا يلزمه
قيمة نفسه ويغلب فيها حكم الصفة في أنه إذا
أدى عتق لا أن أبرئ سواء كان فيه صفة كقوله:
أن أديت إلى فأنت حر أو لم يكن وتنفسخ بموت
السيد وجنونه والحجر عليه بسفه ويملك السيد
أخذ ما في يده قبل الأداء وما فضل بعد لأن
كسبه هنا للسيد ويتبع المكاتبة ولدها فيها من
غير سيدها ولا يجب الإيتاء وإذا شرط في كتابته
أن يوالي من شاء فالشرط باطل والولاء لمن
أعتق.
باب أحكام أمهات الأولاد
أم الولد من ولدت ما فيه صورة ولو خفية ولو
ميتا من مالك ولو بعضها ولو مكاتبا أو محرمة
عليه أو أبى مالكها أن لم يكن الابن وطئها
وتعتق بموته وأن لم يملك غيرها فأن وضعت جسما
لا تخطيط فيه كمضغة ونحوها لم تصر به أم ولد
وأن ملك حاملا من غيره فوطئها حرم بيع الولد
ويعتقه وإن أصابها في ملك غيره بنكاح
ج /
3 ص -155-
أو شبهة عتق الحمل لا بزنا ولم تصر أم ولد وأن
وطئ أمته المزوجة أدب ولا حد عيه وأن أولدها
صارت أم ولد له وتعتق بموته وولده حر وما ولدت
بعد ذلك من الزوجة فله حكم أمه وكذا لو ملك
أخته أو بنته من الرضاع فوطئها واستولدها أو
أمة مجوسية أو وثنية أو ملك الكافر أمة مسلمة
فأستولدها أو وطئ أمته المرهونة أو وطئ رب
المال أمة من مال المضاربة وأحكام أم الولد
أحكام الأمة من وطء وخدمة وإجازة ونحوها إلا
في التدبير وفيما ينقل الملك في رقبتها كبيع
وهبة ووقف أو يراد له كرهن وتصح كتابتها كما
تقدم وهي بيع ولا تورث وولدها الحادث من غير
سيدها بعد الاستيلاد حكمها في العتق بموت
سيدها سواء عتقت أو ماتت قبله إلا أنه لا يعتق
باعتاقها وولد المدبرة وولد المكاتبة بعد
تدبيرها كهي لكن إذا ماتت يعود رقيقا وإذا
عتقت أم الولد بموت سيدها فما في يدها لورثته
إلا ثياب اللبس المعتاد وكذا لو عتقت بتدبير
أو غيره وأن مات وهي حامل منه فلها النفقة
لمدة حملها من حال حملها وإلا فعلى وراثه وإذا
جنت تعلق أرش جنايتها برقبتها وعلى السيد
يفديها بأقل الأمرين من قيمتها يوم الفداء
معيبة بعيب الاستيلاد أو أرش جنايتها وسواء
كانت الجناية على بدن أو مال أو بإتلاف أو
إفساد نكاح برضاع كما يأتي في الرضاع وكلما
جنت فداها فأن كانت الجنايات كلها قبل فداء
شيء منها تعلق أرش الجميع برقبتها ولم يكن
عليه فيها كلها إلا الأقل من قيمتها أو أرش
جميعها ويشترك المجني عليهم في الواجب لهم
كالغرماء وأن كانت
ج /
3 ص -156-
الجناية الثانية بعد فدائه عن الأولى فعليه
فداؤها من التي بعدها كالأولى وأن ماتت قبل
فدائها فلا شيء على سيدها لأنه لم يتعلق بذمته
شيء إلا أن يكون هو الذي أتلفها فيكون عليه
قيمتها وله تزويجها وأن كرهت وأن قتلته ولو
عمدا عتقت ولوليه مع فقد ولدها من سيدها
القصاص وأن عفوا على مال أو كانت الجناية خطأ
فعليها الأقل من قيمتها أو دينه ولا حد على
قاذفها ويعزر.
فصل: وإذا أسلمت أم ولد الكافر
فصل: وإذا أسلمت أم ولد الكافر حيل بينه وبينها ما لم يسلم وألزم
بنفقتها أن لم يكن لها كسب إلا أن يموت فتعتق
وأن كان كسبها لا يفي بنفقتها لزمه إتمامها
ومن وطئ أمه بينه وبين آخر فلم تحبل منه لزمه
نصف مهرها لشريكه وأن أحبلها صارت أم ولد له
وولده حر ولم يلزمه لشريكه سوى نصف قيمتها وأن
كان معسرا ثبت في ذمته فأن وطئها الشريك بعد
ذلك وأحبلها لزمه مهرها ولم تصر أم ولد له وأن
جهل إيلاد الأول أو أنها مستولدة فولده حر
وعليه فداؤه يوم الولادة وإلا فولده رقيق سواء
كان الأول موسرا أو معسرا. |