الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الصداق
وهو العوض في النكاح ونحوه1 ويسن تخفيفه وتسميته في العقد ويسن أن يكون من أربعمائة درهم إلى خمسمائة وإن زاد فلا بأس ويكره ترك التسمية فيه قاله في التبصرة ويستحب ألا ينقص عن عشرة دراهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد من قوله ونحوه وطء الشبهة والزنا بالمكرهة منه.

 

ج / 3 ص -209-  بلا مهر وكل ما صح ثمنا أو أجرة صح مهرا وإن قل من عين ودين ومعجل ومؤجل ومنفعة معلومة كرعاية غنمها مدة وخياطة ثوبها ورد آبقها من موضع معين فإن طلقها قبل الدخول وقبل استيفاء المنفعة فعليه نصف أجرة ذلك وإن كانت مجهولة كرد آبقها أين كان وخدمتها فيما شاءت شهرا لم يصح وإن تزوجها على منافعه أو منافع غيره المعلومة مدة معلومة صح ويصح على عمل معلوم منه ومن غيره ودين سلم أو غيره وعلى غير مقدور له كآبق ومغتصب يحصلهما ومبيع اشتراه ولم يقبضه نصا ولو مكيلا ونحوه وعليه تحصيله فإن تعذر فقيمته وعلى أن يشتري لها عبد زيد أو على أن يعتق إباها فإن تعذر شراؤه أو طلب ربه به أكثر من قيمته فلها قيمته فإن جاءها بقيمته مع إمكان شرائه لم يلزمها قبوله وكل موضع لا تصح فيه التسمية أو خلا العقد عن ذكره حتى في التفويض ويأتي يجب مهر المثل بالعقد وإن أصدقها تعليم أبواب فقه أو حديث أو شيء من شعر مباح أو أدب أو صنعة أو كتابة أو ما يجوز أخذ الأجرة على تعليمه وهو معين صح حتى ولو كان لا يحفظه ويتعلمه ثم يعلمها وإن تعلمته من غيره أو تعذر عليه تعليمها لزمته أجرة العليم وإن علمها ثم نيستها فلا شيء عليه وإن لقنها الجميع وكلما لقنها شيئا انستيه لم يعتد بذلك تعليما وإن أدعى الزوج أنه علمها وادعت أن غيره علمها فالقول قولها وإن جاءته بغيرها ليعلمه ما كان يريد يعلمها لم يلزمه أو أتاها بغير يعلمها لم يلزمها قبوله وإن طلقها قبل الدخول وقبل

 

ج / 3 ص -210-  تعليمها فعليه نصف الأجرة وبعد الدخول كلها وإن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجرة ولو حصلت الفرقة من جهتها رجع عليها بالأجرة كاملة وأن أصدقها تعليم شيء معين من القرآن لم يصح1 وأن أصدقها تعليم التوراة والإنجيل أو شيء منهما لم يصح ولو كانت كتابية أو المصدق كتابيا لأنه منسوخ مبدل محرم فهو كما لو أصدقها محرما وإذا تزوج نساء بمهر واحد أو خالعهن بعوض واحد صح امرأتين بصداق واحد ونكاح إحداهما فاسد لكونها محرمة عليه فلمن صح نكاحها حصتها من المسمى وإن جمع بين نكاح وبيع فقال زوجتك ابنتي وبعتك داري هذه بألف صح ويقسط الألف على قدر مهر مثلها وقيمة الدار وإن قال زوجتك ابنتي واشتريت منك عبدك هذا بألف فقال بعتك وقبلت النكاح صح ويقسط الألف على قدر قيمة العبد ومهر مثلها فإن قال زوجتك ولك هذا الألف بألفين لم يصح لأنه كمد عجوة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وجه ذلك أن الفروج تستباح بمال، والقرآن فضلا عن كونه ليس بمال فهو من القرب التي لا يصح أخذ الأجرة عليه ولا جلعها بدل مال.

فصل: - ويشترط أن يكون الصداق معلوما
فصل: - ويشترط أن يكون الصداق معلوما كالثمن فإن أصدقها دارا غير معينة أو دابة أو عبدا مطلقا أو شيئا معلوما: كما يثمر شجره ونحوه أو مجهولا كمتاع بيته وما يحكم به أحد الزوجين أو زيد أو مالا منفعة فيه أو ما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء والسمك في الماء ومالا يتمول عادة كقشرة جوزة وحبة حنطة لم يصح ويجب أن يكون له نصف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وجه ذلك أن الفروج تستباح بمال، والقرآن فضلا عن كونه ليس بمال فهو من القرب التي لا يصح أخذ الأجرة عليه ولا جلعها بدل مال.

 

ج / 3 ص -211-  يتمول عاد ويبذل العوض في مثله عرفا والمراد نصف القيمة لا نصف عين الصداق فإنه قد يصدقها مالا ينقسم العبد ولو نكحها على أن يحج بها لم تصح التسمية ولا يضر جهل يسي ولا غرر يرجى زواله كما تقدم في الباب وأن أصدقها عبدا من عبيده أو دابة من دوابه أو قميصا من قميصان ونحوه صح لأن الجهالة فيه يسيرة ولها أحدهم بقرعة نصا وأن أصدقها عبدا موصوفا صح فإن جاءها بقيمته أو صدقها عبدا وسطا ثم جاءها بقيمته أو خالعته على ذلك لعنته فجاءته بقيمته لم يلزمهما قبول وإن أصدقها عتق أمته صح وإن أصدقها طلاق امرأة له أخرى أو أن يجعل إليها طلاق ضرتها إلى سنة لم يصح كما لو أصدقها خمرا ولها مهر مثلها وإن تزوجها على ألف أن كان أبوها حيا وألفين إن كان ميتا لم يصح1 وإن تزوجها على ألف إن لم تكن له زوجة أو إن لم يخرجها من دارها أو بلدها وألفين إن كان له زوجة أو أن أخرجها صح إذا قال لسيدته اعتقيني على أن أتزوجك فاعتقته أو قالت أعتقتك على أن تتزوج بي عتق ولم يلزمه شيء وإذا فرض الصداق وأطلق صح ويكون حالا وإن فرضه أو بعضه مؤجلا إلى وقت معلوم أو إلى أوقات: كل جزء منه إلى وقت معلوم صح وهو إلى أجله وإن أجله أو بعضه ولم يذكر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عدم الصحة في ذلك مبني أولا على أن حالة الأب مجهولة فيكون الصداق مجهولا وثانيا أن موت الأب ليس فيه غرض صحيح في نظر الشارع حتى يكون التعليق عليه صحيحا ومهما كان التعليق غير صحيح في تقدير الصداق فإن عقد النكاح صحيح لما عرفت من أن تسمية الصداق ليست شرطا في صحة العقد.

 

ج / 3 ص -212-  محل الأجل صح نصا ومحله الفرقة البائنة فلا يحل مهر الرجعية إلا بانقضاء عدتها.

 

فصل: وإن تزوجها على خمر
فصل: وإن تزوجها على خمر أو خنزير أو مال مغصوب صح النكاح ولها مهر مثلها وإن تزوجها على عبد بعينه فظنه مملوكا له فخرج حرا أو مغصوبا فلها قيمته يوم العقد وإن وجدت به عيبا فلها الخيار بين إمساكه وأخذ أرشه أو رده وأخذ قيمته: أو مثله إن كان مثليا كمبيع وكذا إن تزوجها على عبد معين وشرط فيه صفات فبان ناقصا صفة شرطتها وعلى جرة خل فخرجت خمرا أو مغصوبا فلها مثله وعلى هذا الخمر وأشار إلى خل: أو عبد فلان هذا وأشار إلى عبده صحت التسمية ولها المشار إليه كما لو قال بعتك هذا الأسود وأشار إلى أبيض أو هذا الطويل وأشار إلى قصير وعلى عبدين فخرج أحدهما حرا فلها قيمة الحر وتأخذ الرقيق وعلى عبد فبان نصفه حرا أو مستحقا أو على ألف ذراع فبانت تسعمائة خيرت بين أخذه وقيمة الفائت: وبين رده وأخذ قيمة الكل وإن تزوجها على عصير فبان خمرا فلها مثل العصير فإن كان معدوما فقيمته.

فصل: - ولأبي المرأة أن يشترط شيئا من صداقها
فصل: - ولأبي المرأة أن يشترط شيئا من صداقها لنفسه بل ولو الكل إذا كان ممن يصح تملكه ويكون ذلك أخذا من مالها فإذا تزوجها على ألف لها وألف لأبيها صح وكانا جميعا مهرها وعلى أن الكل له يصح أيضا وكان مهرها ولا يملكه الأب إلا بالقبض مع النية

 

ج / 3 ص -213-  وشرطه ألا يجحف بمال البنت - قاله في المجرد1 و ابن عقيل و الموفق و الشارح - فإن طلقها قبل الدخول بعد قبضه رجع عليها في الأولى بألف وفي الثانية بقدر نصفه ولا شيء على الأب فيما أخذه أن قبضه بنية التملك وقبل القبض يأخذ من الباقي ما شاء بشرطه2 وإن فعل ذلك غير الأب صحت التسمية والكل لها وللأب تزويج ابنته البكر والثيب بدون صداق مثلها وإن كرهت: كبيرة كانت أو صغيرة وليس لها إلا ما وقع عليه العقد وإن فعل ذلك غير الأب بإذنها صح ولم يكن لغيره الاعتراض إن كانت رشيدة وإن فعله بغير إذنها وجب مهر المثل ويكمله ويكون الولي ضامنا وإن زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أكثر صح ولزم ذمه الابن وإن كان معسرا إلا أن يضمنه أبوه كثمن مبيعه وإن تزوج امرأة فضمن أبوه أو غير نفقتها عشر سنين صح: موسرا كان الأب أو معسرا وإن دفع الأب الصداق عن ابنه الصغير أو الكبير ثم طلق الابن قبل الدخول فنصف الصداق للابن دون الأب وكذا لو ارتدت قبل الدخول فرجع جميعه وليس للأب وكذا لو ارتدت قبل الدخول فرجع جميعه وليس للأب الرجوع فيه بمعنى الرجوع في الهبة لأن الابن ملكه من غير أبيه3 وللأب قبض صداق ابنته المحجور عليها لا الكبيرة الرشيدة ولو بكرا إلا بإذنها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لعل صواب الاسم "المحرر" فإنه المعروف والكثير الذكر. ما لم يكن المجرد أيضا كتابا في المذهب غير مشهور لنا.
2 يريد إذا طلقها قبل القبض فللأب أن يأخذ من النصف الذي استحقته بنته إذا توفرت الشروط التي ذكرت في باب الهبة حين الكلام على أخذ الوالد من مال ولده – فلتراجع.
3 إذا لم يمكن للأب أن يرجع على نحو الرجوع في الهبة فذلك لا يمنع أن يتملكه بمقتضى ماله من حق التملك لمال الابن.

 

ج / 3 ص -214-  فصل: - وإن تزوج عبد بإذن سيده
فصل: - وإن تزوج عبد بإذن سيده صح وله نكاح أمة ولو أمكنه حرة وتعلق صداق ونفقة وكسوة ومسكن بذمة السيد نصا ولا ينكح مع الأذن المطلق إلا واحدة وزيادته على مهر المثل في رقبته وإن طلق رجعيا فله ارتجاعها بغير إذن سيده: لا إعادة البائن إلا بإذن سيده وإن تزوج بغير إذن أو إذن له في التزويج بمعينة أو من بلد معين أو من جنس معين فنكح غير ذلك لم يصح النكاح ويجب بوطئها في رقبته مهر مثلها لا بمجرد الدخول والخلوة1 يفديه السيد بالأقل من قيمته أو المهر الواجب وإن إذن له في تزويج صحيح أو أطلق فنكح نكاحا فاسدا فغير مأذون فيه وإن أذن في نكاح فاسد وحصلت إصابة فالمهر على السيد وإن زوجه أمته وجب مهر المثل ويتبع به بعد عتقه نصا وإن زوجه حرة ثم باعه لها بثمن في الذمة صح وانفسخ النكاح ولها على سيده المهر إن كان بعد الدخول فإن كان المهر وثمنه من جنس تقاصا بشرطه وتقدمت في السلم وإن كان الشراء قبل الدخول سقط نصف الصداق وإن باعها إياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده وانفسخ النكاح ويرجع سيده عليها بنصفه إن كان قبل الدخول ولو جعل السيد العبد مهرها بطل العقد كمن زوج ابنه على رقبة من يعتق على الابن لو ملكه لتعذره له قبلها2

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نكاح العبد فاسد لعدم إذن السيد والنكاح الفاسد لا يوجب الصداق إلا بالوطء بخلاف الصحيح فإنه يوجبه ولو بمجرد الخلوة أو الدخول.
2 يريد إذا زوج السيد عبده أمة جعل صداقها رقبة العبد بمعنى أن السيد=

 

ج / 3 ص -215-  فصل: - وتملك الزوجة الصداق المسمى بالعقد
فصل: - وتملك الزوجة الصداق المسمى بالعقد فإن كان معينا كالعبد والدار والماشية فلها التصرف فيه ونماؤه المتصل والمنفصل لها وزكاته ونقصه وضمانه عليها سواء قبضته أو لم تقبضه فإن زكته ثم طلقت قبل الدخول كان ضمان الزكاة كله عليها إلا أن يمنعها قبضه فيكون ضمانه عليه لأنه بمنزلة الغاصب إلا أن يتلف بفعلها فيكون ذلك قبضا منها ويسقط عنه ضمانه وإن كان غير معين كقفيز من صبرة ملكته وإن لم يدخل في ضمانها ولم تملك التصرف فيه إلا بقبضه كمبيع وكل موضع قلنا هو من ضمان الزوج إذا تلف لم يبطل الصداق بتلفه وإن قبضت صداقها ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصف عينه إن كان باقيا ولو النصف فقط ولو النصف مشاعا ويدخل في ملكه قهرا ولو لم يختره كالميراث فما حصل من نمائه كله بعد دخول نصفه في ملكه فهو بينهما نصفين فإن كانت تصرفت في الصداق ببيع أو هبة مقبوضة أو عتق أو رهن أو كتابة منع الرجوع في نصفه ويثبت حقه في القيمة إن لم يكن مثليا ولا تمنع الوصية والشركة والمضاربة والتدبير وإن تصرفت بإجارة أو تزويج رقيق خير الزوج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= يمنحها إياه بطل العقد لأن الملك لا يجامع الزوجية. ونظير ذلك من زوج ابنه وجعل صداق زوجته عبداً يعتق على الولد بمجرد ملكه فإن ذلك يبطل العقد حيث يتعذر لعتقه على الولد قبل أن يدخل في ملك الزوجة. وهذا توضيح كلامه. وقد عرقت أنت مما شيء منها بطلان عقد النكاح، ويرجع في مثل هذه الأحوال إلى قيمة العبد أو مهر المثل إن كانت حرة وهو ما قرره محققوا المذهب.

 

ج / 3 ص -216-  بين الرجوع في نصفه ناقصا وبين الرجوع في نصف قيمته فإن رجع في نصف المستأجر صبر حتى تنقضي الإجارة ولو طلقها على أن المهر كله لها لم يصح الشرط وإن طلق ثم عفا صح وإن زاد الصداق زياد منفصلة رجع في نصف الأصل والزيادة لها ولو كانت الزيادة ولد أمة وإن كانت الزيادة متصلة كطلع نخل وثمر شجر وحرث أرض فهي لها أيضا فإن كانت غير محجور عليها خيرت بين دفع نصفه زائدا أو بين دفع نصف قيمته يوم العقد إن كان متميزا وغير المتميز له قيمة نصفه يوم الفرقة على أدنى صفة من وقت العقد إلى وقت قبضه والمحجور عليها لا تعطيه إلا نصف القيمة وإن كان ناقصا بغير جناية عليه خير زوج غير محجور عليه: بين أخذه ناقصا ولا شيء له غيره وبين أخذ نصف قيمته يوم العقد إن كان متميزا وغيره يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العقد إلى يوم القبض وإن كان نقصه بجناية جان عليه فله مع ذلك نصف الأرش وإن زاد من وجه ونقص من وجه كعبد صغير كبر ومصوغ كسرته وإعادته صياغة أخرى وحمل الأمة ومثل أن يتعلم صنعة وينسى أخرى أو هزل وتعلم فلكل منهما الخيار ولا أثر لمصوغ كسرته وإعادته كما كان أو أمة سمنت ثم هزلت ثم سمنت ولا لارتفاع سوق وحمل البهيمة زيادة: ما لم يفسد اللحم وزرع وغرس نقص للأرض1 ولو أصدقها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد أن يقول إذا اصدقها قطعة أرض ثم افترقا قبل الدخول مثلا وكانت غرست في الأرض أو زرعت فيها فإن ذلك نقص للأرض وسيبين لك قريباً كيف يسترد المستحق له.

 

ج / 3 ص -217-  صيدا ثم طلق وهو محرم دخل ملكه ضرورة كإرث فله إمساكه وإن كان ثوبا فصبغته أو أرضا فبنتها فبذلك الزوج قيمة زيادته ليملكه فله ذلك فلو بذلت المرأة النصف بزيادته لزمه قبوله1 وإن كان تالفا أو مستحقا بدين أو شفعة رجع في المثل بنصف مثله وفي غيره بنصف قيمته يوم العقد إن كان متميزا: أو غير متميز يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العقد إلى يوم القبض ولو طلق قبل أخذ الشفيع إن قلنا تثبت الشفعة فيما أخذ صداقا قدم الشفيع وإن نقص الصداق أو تلف في يدها بعد الطلاق قبل المطالبة أو بعدها ضمنته وإن قبضت المسمى في الذمة كالمعين إلا أنه لا يرجع بنمائه ويعتبر في تقويمه صفته يوم قبضته ويجب رده بعينه والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح فإذا طلق قبل الدخول فأيهما عفا لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الإبراء في ماله برئ منه صاحبه سواء كان المعفو عنه عينا أو دينا فإن كان دينا سقط بلفظ الهبة والتمليك والإسقاط و الإبراء والعفو والصدقة والترك ولا يفتقر إلى قبول وإن كان عينا في يد أحدهما فعفا الذي هو في يده فهو هبة يصح بلفظ العفو والهبة التملك ولا يصح بلفظ الإبراء والإسقاط ويفتقر إلى القبض فيما يشترط القبض فيه وإن عفا غير الذي هو في يده صح العفو بهذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إنما لزمه القبول لأنها زادته نفعا ولامة عليه في ذلك. وقد نظر بعضهم في ذلك الالزام بأن الغاصب إذا رد خشبا كان غصبه وسمره لم يلزم المغصوب منه القبول ولعل سبيل التوفيق أن يقال بعدم لزوم القبول في الموضعين.

 

ج / 3 ص -218-  الألفاظ كلها ولا يملك الأب العفو عن نصف مهر ابنته الصغيرة إذا طلقت ولو قبل الدخول ولا الكبيرة ولا غيره من الأولياء ولو بانت امرأة الصغيرة أو السفيه أو المجنون على وجه يسقط صداقها عنهم مثل أن تفعل امرأته ما يفسخ نكاحها برضاعه أو ردة أو نصفه كطلاق من السفيه أو رضاع من أجنبية لمن ينفسخ نكاحها برضاعه أو نحو ذلك لم يكن لوليها العفو عن شيء من الصداق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني أن ما يرجع من الصداق حق للزوج لا للأجنبي الذي دفعه فإنه خرج عن ملك ذلك الأجنبي من حين تبرعه، وقد عاد إلى الزوج من طريق الزوجة.

فصل: - وإذا أبرأته من صداقها
فصل: - وإذا أبرأته من صداقها أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه وإن أبرأته من نصفه أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع في النصف الباقي ولو اشترى عبدا بمائة ثم أبرأه البائع من الثمن أو قبضه ثم وهبه إياه وجد المشتري به عيبا فله رد المبيع والمطالبة بالثمن أو أخذ أرش العيب مع إمساكه فإن وهب المشتري العبد للبائع ثم أفلس المشتري والثمن في ذمته ضرب البائع الثمن مع الغرماء ولو كاتب عبدا ثم أسقط عنه مال الكتابة برئ وعتق - قال الموفق وغيره لم يرجع المكاتب على سيده بما كان عليه من الإيتاء - وكذلك لو أسقط عن المكاتب القدر الذي يلزمه إيتاؤه إياه واستوفى الباقي ولو قضى المهر أجنبي متبرعا ثم سقط أو تنصف فالراجع للزوج1 ولو خالعها بنصف صداقها قبل الدخول صح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني أن ما يرجع من الصداق حق للزوج لا للأجنبي الذي دفعه فإنه خرج عن ملك ذلك الأجنبي من حين تبرعه، وقد عاد إلى الزوج من طريق الزوجة.

 

ج / 3 ص -219-  وصار الصداق كله له: نصفه بالطلاق ونصفه بالخلع وإن خالعها على مثل نصف الصداق في ذمتها صح وسقط جميع الصداق: نصفه بالطلاق ونصفه بالمقاصة ولو قالت له اخلعني بما يسلم إلى من صداقي أو على ألا تبعه عليك في المهر ففعل صح وبرئ من جميعه وإن خالعها بمثل جميع الصداق في ذمتها أو بصداقها كله صح ويرجع عليها بنصفه وإن أبرأت مفوضة المهر أو البضع أو من سمى لها مهر فاسد كالخمر والمجهول من المهر صح قبل الدخول وبعده فإن طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف مهر المثل فإن كانت البراءة من نصفه ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف مهر المثل الباقي ولا متعة لها وإن ارتدت من وهبت زوجها الصداق أو أبرأته منه قبل الدخول رجع عليها بجميعه أي الصداق ولا يبرأ الزوج من الصداق إلا بتسليمه إليها أو إلى وكيلها إذا كانت رشيدة ولو بكرا ولا يبرأ بالتسليم إلى أبيها ولا إلى غيره فإن فعل وأنكرت وصوله إليها حلفها الزوج ورجعت عليه ورجع على أبيها وإن كانت غير رشيدة سلمه إلى وليها في مالها من أبيها أو وصيها أو الحاكم أو من أقامه الحاكم.

فصل: - وكل فرقة جاءت من قبل الزوج
فصل: - وكل فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول كطلاقه وخلعه ولو بسؤالها وإسلامه وردته أو من أجنبي كرضاع ونحوه تنصف المهر وتجب بها المتعة لغير من سمى لها وكذا تعليق طلاقها على فعلها وكذا توكيلها في ففعلته - وقال الشيخ: لو علق طلاقها على صفة من فعلها الذي لها منه بد وفعلته فلا مهر لها وقواه ابن رجب

 

ج / 3 ص -220-  ولو أقر الزوج بنسب أو رضاع أو غير ذلك من المفسدات قبل منه في انفساخ النكاح دون سقوط النصف فإن صدقته أو ثبت ببينة سقط ولو وطئ أم زوجته أو ابنتها بشبهة أو زنا انفسخ النكاح ولها نصف الصداق وكل فرقة جاءت من قبلها قبل الدخول كإسلامها وردتها أو إرضاعها من ينفسخ نكاحها برضاعه وإرتضاعها وهي صغيرة وفسخها لعيبه وبإعساره بمهر أو نفقة أو غيرهما أو لعتقها تحت عبد وفسخه لعيبها أو لفقد صفة شرطها فيها فإنه يسقط به مهرها ومتعتها إن كانت مفوضة وكذا فسخها بشرط صحيح شرط عليه حالة العقد فلم يف به وفرقة اللعان تسقط كل المهر ويتنصف بشراء زوج لزوجته ولو من مستحق مهرها وبشرائها له ولو جعل لها الخيار بسؤالها فاختارت نفسها فلا مهر لها نصا وإن كان بغير سؤالها لم يسقط.

فصل: ويقرر الصداق كاملا
فصل: - ويقرر الصداق المسمى كاملا حرة كانت الزوجة أو أمة موت وقتل كالدخول حتى ولو قتل أحدهما الآخر أو قتل نفسه ووطؤها في فرج ولو دبرا وطلاق في مرض موت قبل دخوله وخلوة بها عن بالغ ومميز ولو كافرا وأعمى نصا ولو كان الخالي أعمى أو نائما مع علمه أن لم تمنعه: إن كان ممن يطأ مثلها وبمن يوطأ مثلها ولا يقبل دعواه عدم علمه بها ولو كان أعمى نصا: إن لم تصدقه لأن العادة إنه لا يخفى عليه ذلك فقدمت العادة هنا على الأصل - قال الشيخ فكذا دعوى إنفاقه فإن العادة هناك أقوى انتهى - ويقبل قول مدعي الوطء في الخلوة وتقرره الخلوة المذكورة ولو لم يطأ: ولو كان بهما مانع أو بأحدهما مانع

 

ج / 3 ص -221-  حسي كجب ورتق ونضاوة أو شرعي كإحرام وحيض وصوم وحكم الخلوة حكم الوطء في تكميل المهر ووجوب العدة وتحريم أختها وأربع سواها إذا طلقها حتى تنقضي عدتها وثبوت الرجعة عليها في عدتها ونفقة العدة وثبوت النسب لا في الإحصان والإباحة لمطلقها ثلاثا ولا يجب بها الغسل ولا الكفارة ولا يخرج بها من العنة ولا تحصل بها الفيئة ولا تفسد به العبادات ولا تحرم بها الربيبة ويقرره لمس ونظر إلى فرجها بشهوة فيهما وتقبيلها ولو بحضرة الناس: لا بالنظر إليها ولا تحملها ماء الزوج ويثبت به النسب وهدية زوج ليست من المهر نصا فما قبل العقد إن وعدوه بالعقد ولم يفوا رجع بها - قاله الشيخ: وقال: فيما إن اتفقوا على النكاح من غير عقد فأعطى إياها لأجل ذلك شيئا فماتت قبل العقد ليس له استرجاع ما أعطاهم انتهى - وما قبض بسبب النكاح فكمهر وما كتب فيه المهر لها ولو طلقت - قاله الشيخ - ولو فسخ في فرقة قهرية كفقد كفاءة قبل الدخول رد إليه الكل ولو هدية نصا وكذا في فرقة اختيارية مسقطة للمهر وتثبت الهدية مع فسخ مقرر له أو لنصفه وإن كانت العطية لغير العاقدين بسبب العقد كأجرة الدلال ونحوها - قال ابن عقيل: إن فسخ بإقالة ونحوها مما يقف على تراض لم يرده وإلا رده - وقياسه نكاح فسخ لفقد كفاءة أو عيب فيرده لا لردة ورضاع ومخالعة.

فصل: وان اختلفا الزوجان
فصل: - وإن اختلفا الزوجان أو ورثتهما أو الزوج وولي غير مكلفة في قدر الصداق أو عينه أو صفته أو جنسه أو ما يستقر به: فقول

 

ج / 3 ص -222-  زوج أو وراثه بيمينه ولو لم يكن مهر مثل وفي تسميته فقوله بيمينه ولها مهر مثل فإن طلق ولم يدخل بها فلها المتعة ومن حلف على فعل نفسه حلف على البت وعلى فعل غيره على نفي العلم وإن أنكر أن يكون لها عليه صداق فالقول قبل الدخول وبعده فيما يوافق مهر مثلها سواء ادعى أنه وفاها أو أبرأته منه أو قال لا تستحق على شيئا وإن دفع إليها ألفا أو عرضا فقال: دفعته صداقا وقالت: هبة فقوله مع يمينه لكن إن كان من غير جنس الواجب فلها رده ومطالبته بصداقها وإن اختلفا في قبض المهر فقولها وإذا كرر العقد على صداقين: سر وعلانية: أخذ بالزائد وإن قال هو عقد أسررته ثم أظهرته وقالت بل عقدان بينهما فرقة فقولها ولها المهر في العقد الثاني إن كان دخل بها ونصفه في العقد الأول أن أدعى سقوط نصفه بالطلاق قبل الدخول وإن أصر على الإنكار سئلت: فإن ادعت إنه دخل بها في النكاح الأول ثم طلقها طلاقا بائنا ثم نكحها نكاحا ثانيا حلفت على ذلك واستحقت ولو اتفقا قبل العقد على مهر وعقداه بأكثر منه أخذ بما عقد به كعقده هزلا وتلجئة ويستحب أن تفي بما وعدت به وشرطته ولو وقع مثل ذلك في البيع فالثمن ما اتفقا عليه والزيادة على الصداق بعد العقد تلحق به حكمها حكم الأصل المعقود عليه فيما يقرره وينصفه وتملك الزيادة من حينها وزيادة مهر أمة بعد عتقها لها نصا.

فصل: في المفوضة
فصل: - في المفوضة - وهو على ضربين - تفويض البضع وهو إن يزوجه الأب ابنته المجبرة بغير صداق أو تأذن المرأة لوليها إن

 

ج / 3 ص -223-  يزوجها بغير صداق سواء سكت عن الصداق أو شرط نفيه - والثاني تفويض المهر وهو أن يتزوجها على ما شاءت أو على ما شاء أو شاء أجنبي أو يقول على ما شئنا أو حكمنا ونحوه فالنكاح صحيح ويجب مهر المثل بالعقد فلو فوض مهر أمته أعتقها أو باعها ثم فرض لها المهر كان لمعتقها أو بائعها لأن المهر وجب بالعقد في ملكه ولو فوضت المرأة نفسها ثم طالبت بفرض مهرها بعد تقدير مهر مثلها أو دخوله بها وجب مهر المثل حالة العقد ولها المطالبة بفرضه هنا وفي كل موضع فسدت فيه التسمية فإن تراضيا على فرضه جاز وصار حكمه حكم المسمى قليلا كان أو كثيرا سواء كانا عالمين مهر المثل أولا وإلا فرضه حاكم بقدر مهر المثل وصار كالمسمى يتنصف بالطلاق قبل الدخول ولا تجب المتعة معه فإذا فرضه لزمهما فرضه كحكمه فدل على أن ثبوت سبب المطالبة كتقديره أجرة المثل والنفقة ونحوه حكم فلا يغيره حاكم آخر ما لم يتغير السبب وإن فرض لها غير الزوج والحاكم مهر مثلها فرضيته لم يصح فرضه وإن مات أحدهما قبل الإصابة وقبل الفرض ورثه صاحبه وكان لها مهر نسائها فإن فارقها قبل الدخول بطلاق أو غيره لم يكن لها إلا المتعة وهي معتبرة بحال الزوج في يساره وإعساره: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره فأعلاها خادم إذا كان موسرا وأدناها إذا كان فقيرا كسوة تجزئها في صلاتها فإن دخل بها قبل الفرض استقر مهر المثل فإن طلقها بعد ذلك لم تجب المتعة والمتعة تجب على كل زوج حر وعبد مسلم وذمي لكل زوجة مفوضة حرة أو

 

ج / 3 ص -224-  أمة مسلمة أو ذمية طلقت قبل الدخول وقبل أن يفرض لها مهر وتستحب لكل مطلقة غيرها ومتعة الأمة لسيدها كمهرها وتسقط المتعة في كل موضع يسقط فيه كل المهر وتجب في كل موضع يتنصف فيه المسمى ويجوز الدخول بالمرأة قبل إعطاؤها شيئا مفوضة كانت أو مسمى لها ويستحب إعطاؤها شيئا قبل الدخول بها وإن سمى لها صداقا فاسدا وطلقها قبل الدخول وجب عليه نصف مهر المثل وأختار القاضي وأصحابه و المجد وغيرهم المتعة.

فصل: - ومهر المثل معتبر
فصل: - ومهر المثل معتبر بمن يساويها من جميع أقاربها من جهة أبيها وأمها: كأختها وعمتها وبنت أخيها وبنت عمها وأمها وخالتها وغيرهن: القربى فالقربى وتعتبر المساواة في المال والجمال والعقل والأدب والسن والبكارة والثيوبة والبلد وصراحة نسبها وكل ما يختلف لأجله الصداق فإن لم يوجد إلا دونها زيدت بقدر فضيلتها القربى فالقربى1 وإن لم يوجد إلا فوقها نقصت بقدر نقصها وإن كان عادتهم التخفيف على عشيرتهم دون غيرهم اعتبر ذلك وإن كانت عادتهم التأجيل فرض مؤجلا وإلا حالا وإن لم يكن لها أقارب اعتبر من يشبهها من نساء بلدها فإن عدمن فبأقرب نساء شبها بها من أقرب البلاد إليها فإن اختلفت عادتهن أو مهورهن أخذ بالوسط الحال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد أن يزاد في مهرها يقدر زيادتها في الفضيلة على أقرب النساء إليها.

فصل: واذا افترقا في النكاح الفاسد
فصل: واذا افترقا في النكاح الفاسد قبل الدخول بطلاق أو

 

ج / 3 ص -225-  موت أو غيرهما فلا مهر فيه وإن دخل أو خلا به استقر المسمى بخلاف البيع الفاسد إذا تلف فإنه يضمن بقيمته لا بثمنه ولا يصح تزويج من نكاحها فاسد قبل طلاق أو فسخ فإن أبى الزوج الطلاق فسخه حاكم ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهة ولمكرهة على زنا في قبل ولو كانت من محارمه أو ميتة ولو من مجنون ويتعدد المهر بتعدد الشبهة مثل أن تشتبه بزوجته ثم يتبين الحال ويعرف إنها ليست زوجته ثم تشتبه الموطوءة عليه مرة أخرى أو تشتبه عليه بزوجته ثم تشتبه بزوجته الأخرى أو بأمته ونحو ذلك ويتعدد بوطء الزنا إذا كانت مكرهة أو أمة مطاوعة بغير إذن سيدها لا بتعدد وطء شبهة: مثل إن اشتبهت عليه بزوجته ودامت تلك الشبهة حتى وطئ مرارا ولا بتعدده في نكاح فاسد ولا مهر بوطئها في دبر ولا في اللواط بالذكر ولا المطاوعة على الزنا: كما لو أذنت له في قطع يدها فقطعها: إلا الأمة1 وإذا وطئ في نكاح باطل بالإجماع كنكاح زوجة الغير أو المعتدة وهو عالم بالحال وتحريم الوطء وهي مطاوعة عالمة فلا مهر لأنه زنا يوجب الحد وهي مطاوعة عليه وإن جهلت تحريم ذلك أو كونها في عدة فلها مهر المثل كالموطوء بشبهة ولا يجب أرش بكارة مع وجوب المهر للحرة الموطوءة بشبهة أو زنا ومن طلق امرأته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إذا كانت الأمة راضية بالزنا فرضاها لا يسقط المهر لأنه حق السيد.

 

ج / 3 ص -226-  قبل الدخول طلقة وظن أنها لا تبين بها فوطئها لزمه مهر المثل ونصف المسمى1 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مهر المثل وجب بسبب وطئها وهي غير حلال له. ونصف المسمى واجب بسبب العقد السابق على الطلاق.

فصل: - وإن دفع أجنبية
فصل: - وإن دفع أجنبية فأذهب عذرتها أو فعل ذلك بأصبعه أو غيرها فعليه أرش بكارتها: وهو ما بين مهر البكر والثيب وإن فعل ذلك الزوج ثم طلق قبل الدخول لم يكن لها عليه إلا نصف المسمى وللمرأة منع نفسها قبل الدخول حتى تقبض مهرها الحال كله أو الحال منه ولها المطالبة به ولو لم تصح للاستمتاع فإن وطئها مكرهة لم يسقط به حقها من الامتناع وحيث قلنا لها منع نفسها فلها السفر بغير إذن ولها النفقة إن صلحت للاستمتاع فإن كانت محبوسة أو لها عذر يمنع التسليم وجب تسليم الصداق وإن كان مؤجلا لم تملك منع نفسها ولو حل قبل الدخول وإن قبضته وسلمت نفسها ثم بان معيبا كان لها منع نفسها ولو أبى كل من الزوجين التسليم الواجب أجبر زوج ثم زوجة وإن بادر أحدهما به أجبر الآخر وإن بادر هو فسلم الصداق فله طلب التمكين فإن أبت بلا عذر فله استرجاعه وإن تبرعت بتسليم نفسها ثم أرادت الامتناع بعد دخول أو خلوة لم تملكه فإن امتنعت فلا نفقة لها وإن أعسر بالمهر الحال قبل الدخول أو بعده فلحرة مكلفة الفسخ فلو رضيت بالمقام معه مع عسرتها او تزوجته عالمة بعسرته امتنع الفسخ ولها منع نفسها ويأتي في النفقات والخيرة

 

ج / 3 ص -227-  لسيد الأمة لا لولي صغيرة ومجنونة ولا يصح الفسخ في ذلك كله إلا بحكم حاكم.

باب الوليمة وآداب الأكل والشرب
وما يتعلق بذلك1
وهي اسم لطعام العرس خاصة - قال الشيخ: وتستحب بالدخول انتهى - وجرت العادة قبله بيسير وشندخية2 لطعام أملاك على زوجة وعذيرة واعذار لختان وخرسة وخرس لطعام ولادة أي لخلاصها وسلامتها من الطلق وعقيقة: الذبح للمولود وكيرة لبناء ونقيعة تصنع للقادم من سفر والتحفة طعام القادم يصنعه هو - وقال ابن القيم في تحفة الودود: هو الزائر - وحذاق: لطعام عند حذاق صبي 3 ووضمة وهي طعام المآتم مشتدخ: المأكول من ختمة القارئ والعتيرة: تذبح أول يوم في رجب والإخاء والتسري "ذكرهما بعض الشافعية" والقرى اسم لطعام الضيفان والمأدبة اسم لكل دعوة بسبب أو غيره والآدب صاحب المأدبة فإن عم الداعي فقال: أيها الناس هلموا إلى الطعام أو يقول الرسول: قد إذن لي أن ادعوا من لقيت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكر المصنف هنا طائفة نم الولائم التي لها أصل في الشرع من دليل سنة أو جواز وبين أسماءها على حسب اختلاف أسبابها كما هو في استعمال العرب.
2 شندخية بضم الشين والدال وكسر الخاء نسبة إلى الشندخ بإسكان النون وضم ما عداها الوليمة التي يقيمها من بني دارا أو قدم من سفر.
3 حذاق الصبى: ختمه القرآن.

 

ج / 3 ص -228-  أو من شئت وقد شئت أن تحضروا: فهي الجفلى وأن خص قوما للدعوة دون قوم فهي النقرى وجميعها جائزة وليس منها شيء واحد ووليمة العرس سنة مؤكدة ولو بشيء قليل كمدين من شعير ويسن ألا تنقص عن شاة والأولى الزيادة عليها وإن نكح أكثر من واحدة في عقد أو عقود أجزأته وليمة واحدة إذا نواها عن الكل والإجابة إليها واجبة إذا عينه داع مسلم يحرم هجره ومكسبه طيب في اليوم الأول وهي حق الداعي تسقط بعفوة وقدم في الترغيب لا يلزم القاضي حضور وليمة عرس ومنه ابن الجوزي في المنهاج من إجابة ظالم وفاسق ومبتدع ومتفاخر بها أو فيها مبتدع يتكلم ببدعة: إلا لراد عليه وكذا إن كان فيها مضحك بفحش أو كذب وإلا أبيح إذا كان قليلا وإن كان المدعو مريضا أو ممرضا أو مشغولا لا بحفظ مال أو كان في شدة حر أو برد أو مطر يبل الثياب أو وحل أو كان أجيرا ولم يأذن له المستأجر: لم تجب الإجابة والعبد كالحر إن إذن له سيده والمكاتب إن ضر بكسبه لم يلزمه الحضور إلا أن يأذن له سيده وفي الترغيب إن علم حضور الأراذل ومن مجالستهم تزرى بمثله لم تجب إجابته وتكره إجابة من في ماله حلال وحرام كأكله منه ومعاملته وقبول هديته وهبته ونحوه وقيل يحرم كما لو كان كله حراما - وقال الآزجي وهو قياس المذهب: وسئل أحمد عن الذي يعامل بالربا أيؤكل عند أم لا؟ قال لا: وفي الرعاية ولا يأكل مختلطا بحرام بلا ضرورة - وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته وإن لم يعلم إن في المال حراما فالأصل الإباحة وإن كان تركه أولى للشك

 

ج / 3 ص -229-  وينبغي صرف الشبهات في الأبعد عن المنفعة فالأقرب ما يدخل في الباطن من الطعام والشراب ونحوه ثم ما ولى الظاهر من اللباس فإن دعاه الجفلى أو في اليوم الثالث أو ذمي كرهت الإجابة وتستحب في اليوم الثاني وإن دعته امرأة فكرجل إلا مع خلوة محرمة وسائر الدعوات مباحة نصا غير عقيقة فتسن ومأتم فتكره ويكره لأهل الفضل والعلم الإسراع إلى الإجابة والتسامح فيه لأن فيه بذلة ودناءة وشرها لا سيما الحاكم وإن حضر وهو صائم صوما واجبا لم يفطر ودعا وأخبرهم أنه صائم ثم انصرف وإن كان مفطرا استحب الأكل وإن كان صائما تطوعا وفي تركه الأكل كسر قلب الداعي: استحب له أن يفطر وإلا كان تمام الصوم أولى من الفطر - قاله الشيخ: وهو أعدل الأقوال: وقال: ولا ينبغي لصاحب الدعوة الإلحاح في الطعام للمدعو إذا امتنع فإن كلا الأمرين جائز وإذا لزمه بما لا يلزمه كان من نوع المسألة لمنهي عنها ولا يحلف عليه ولا ليأكل ولا ينبغي للمدعو إذا رأى أنه يترتب على امتناعه مفاسد أن يمتنع فإن فطره جائز انتهى ويحرم أخذ طعام بغير إذن صاحبه فإن علم بقرينة رضاه ففي الترغيب يكره فمع الظن أولى وإن دعاه اثنان إلى وليمتين أجاب أسبقهما بالقول فإن استويا أجاب أدينهما ثم أقر بهما رحما ثم جوارا ثم يقرع ولا يجب الثاني إلا أن يتسع الوقت لأجابتهما فإن اتسع لهما وجبا.

فصل: وإن علم إن في الدعوة منكر
فصل: - وإن علم إن في الدعوة منكر كالزمر والخمر والعود والطبل ونحوه وآنية ذهب أو فضة أو فرش محرمة وأمكنه إزالة المنكر لزمه الحضور والإنكار وإن لم يقدر لم يحضر فإن لم يعلم حتى حضر وشاهده

 

ج / 3 ص -230-  إزالة وجلس فإن لم يقدر انصرف وإن علم به ولم يره لم يسمعه فله الجلوس والأكل نصا وله الانصراف وإن شاهد ستورا معلقة فيها صور حيوان وأمكنه حطها أو قطع رؤسها فعل وجلس وإن لم يمكنه ذلك كره الجلوس: إلا أن تزال وإن علم بها قبل الدخول كره الدخول وإن كانت مبسوطة أو على وسادة فلا بأس بها ويحرم تعليق ما فيه صورة حيوان وستر الجدر به وتصويره فإن قطع رأس الصورة أو قطع منها ما لا تبقى الحياة بعد ذهابه فهو كقطع الرأس: كصدرها وبطنها أو أصدرها بلا رأس أو بلا صدر أو بلا بطن أو جعل لها رأسا منفصلا عن بدنها أو رأسا سابلا بدن فلا كراهة وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده كالعين واليد والرجل حرم وتقدم بعض ذلك في باب ستر العورة ويكره ستر حيطان بستور لا صور فيها أو فيها صور غير حيوان إن كانت غير حرير نصا: إن لم تكن ضرورة من حر أو برد كالستر على الباب للحاجة ويحرم ستر بحرير والجلوس معه: لا مع الستر بغيره ولا يجوز الأكل بغير إذن صريح أو قرينة ولو من بيت قريبه أو صديقه ولم يحرزه عنه: كأخذ الدراهم1 والدعاء إلى الوليمة أو تقديم الطعام: أذن فيه إذا أكمل وضعه ولم يلحظ انتظار من يأتي لا في الدخول إلا بقرينة فلا يشترط إذن ثان للأكل كالخياط إذا دعي للتفصيل والطبيب للفصد وغير ذلك من الصنائع فيكون إذنا في التصرف ولا يملك الطعام الذي قدم إليه بل يملك على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وقال كثير من علماء المذهب بجواز الأكل من طعام القريب والصديق إذا علم رضاه ولم يحرزه: عملا بالعادة الجارية بين الأقرباء ومن في معناهم.

 

ج / 3 ص -231-  ملك صاحبه1 ولا يجوز للضيفان قسمه ولو حلف ألا يهبه فأضافه لم يحنث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني لا يملك المدعو حمل الطعام معه. فإن الدعوة ليس تمليكا. وإنما يملك الأكل وهو باق على ملك صاحبه.

فصل: في آداب الأكل
يستحب غسل اليد قبل الطعام وبعده ولو كان على وضوء وإن يتوضأ الجنب قبل الأكل ولا يكره غسل يديه في الإناء الذي أكل فيه ويكره بطعام وهو القوت ولو بدقيق حمص وعدس وباقلاء ونحوه - قال الشيخ: الملح ليس بقوت وإنما يصلح به القوت - ولا بأس بنخالة وإن دعت الحاجة إلى استعمال القوت: مثل الدبغ بدقيق الشعير والتطبب للجرب باللبن والدقيق ونحو ذلك رخص فيه وغسل الفم بعد الطعام مستحب ويسن أن يتمضمض من شرب اللبن ويسن أن يلعق أصابعه قبل الغسل والمسح أو يلعقها غيره ويعرض رب الطعام الماء لغسلهما ويقدمه بقرب طعامه ولا يعرض الطعام2 وتسن التسمية على الطعام والشراب ويجهر بها فيقول: بسم الله - قال الشيخ: ولو زاد الرحمن الرحيم لكان حسنا - وإن يأكل بيمينه ومما يليه ويكره تركهما والأكل والشرب بشماله إلا من ضرورة وإن جعل بيمينه خبزا وبشماله شيئا يأتدم به وجعل يأكل من هذا كره لأنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 السنة تقديم الطعام من غير أن يعرضه أولا باستشارة المدعو فقد يستحي الضيف أن يطلبه.

 

ج / 3 ص -232-  أكل بشماله ولما فيه من الشره فإن أكل أو شرب بشماله أكل وشرب معه الشيطان وإن نسي التسمية في أوله قال إذا ذكر: بسم الله أوله وآخره فإن كانوا جماعة سموا كلهم ويسمى المميز ويسمى عمن لا عقل له ولا تمييز ويحمد الله جهرا إذا فرغ ويقول ما ورد: ومنه الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين ويسن الدعاء لصاحب الطعام ومنه: أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة ويستحب إذا فرغ من الأكل ألا يطيل الجلوس من غير حاجة بل يستأذن رب المنزل وينصرف ويسمى الشارب عند كل ابتداء ويحمد عند كل قطع وقد يقال مثله في أكل كل لقمة فعله أحمد وقال ك أكل وحمد خير من أكل وصمت ويكره الأكل من ذروة الطعام والشراب والتنفس في إناءيهما وأكله حارا إن لم تكن حاجة ومما يلي غيره إن كان الطعام نوعا واحدا فإن كان أنواعا أو فاكهة قال الآمدي: أو كان يأكل وحده فلا بأس وكره أحمد أن يتعمد القومن حين وضع الطعام فيفجأهم وكذا من غير أن يدعي: وهو الطفيلي وفي الشرح لا يجوز وإن فجأهم بلا تعمد أكل نصا وكره الخبز الكبار وقال ليس فيه بركة ويكره أن يستبدله فلا يمسح يده ولا السكين به ولا يضعه تحت القصعة ولا تحت المملحة بل يوضع الملح وحده على الخبز ويستحب أن يصغر اللقمة ويجيد المضغ ويطيل البلع قال الشيخ: إلا أن يكون هناك ما هو أهم من الإطالة واستحب بعض الأصحاب

 

ج / 3 ص -233-  تصغير الكسر وينوي بأكله وشربه التقوى على الطاعة ويبدأ الأكبر والأعلم وصاحب البيت ويكره لغيرهما السبق إلى الأكل وإذا أكل معه ضرير استحب أن يعلمه بما بين يديه ويسن مسح الصحفة وأكل ما تناثر منه والأكل عند حضور رب الطعام وإذنه والأكل بثلاث أصابع ويكره بما دونها وبما فوقها ما لم تكن حاجة ولا بأس بالأكل بالملعقة.

فصل: - ويكره القرآن في التمر
فصل: - ويكره القرآن في التمر ونحوه مما جرت العادة بتناوله إفرادا وفعل ما يستقذر من بصاق ومخاط وغيره وإن ينفض يده في القصعة وإن يقدم إليها رأسه عند وضع اللقمة في فيه وإن يغمس اللقمة الدسمة في الخل أو الخل في الدسم فقد يكره غيره ولا بأس بوضع الخل والبقول على المائدة: غير الثوم والبصل وماله رائحة كريهة ويكون ما يدفع به الغصة وينبغي أن يحول وجهه عند السعال والعطاس عن الطعام و يبعده عنه أو يجعل على فيه شيئا لئلا يخرج منه بصاق فيقع في الطعام وإن خرج من فيه شيء ليرى به صرف وجهه عن الطعام وأخذه بيساره ويكره رده إلى القصعة وإن يغمس بقية اللقمة التي أكل منها في المرقة وكذا هندسة اللقمة وهو إن بقضم بأسنانه بعض أطرافها ثم يضعها في الأدم وإن يتكلم بما يستقذر أو بما يضحكهم أو يخزيهم وإن يأكل متكئا أو مضطجعا أو منبطحا وفي الغنية وغيرها أو على الطريق وإن يعيب الطعام وإن يحتقره: بل إن اشتهاه أكله وإلا تركه ولا بأس بمدحه ويستحب أن

 

ج / 3 ص -234-  يجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى أويتربع - قال ابن الجوزي ولا يشرب الماء في أثناء الطعام فإنه أجود في الطب - وينبغي أن يقال إلا أن يكون ثم عادة ولا يعب الماء عبا وإن يأخذ إناء الماء بيمينه ويسمي وينظر فيه ثم يشرب منه مصا مقطعا ثلاثا ويتنفس خارج الإناء ويكره أن يتنفس فيه وإن يشرب من السقاء وثلة الإناء او محاذيا للعروة المتصلة برأس الإناء ولا يكره الشرب قائما: وقاعدا أكمل وإما ماء آبار ثمود فلا يباح شربه ولا الطبخ به ولا استعماله فإن طبخ أو عجن أكفأ القدور وعلف العجين النواضح ويباح منها بئر الناقة: وتقدم في الطهارة وديار قوم لوط مسخوط عليها فيكره شرب مائها واستعماله وظاهر كلامهم لا يكره أكله قائما وإذا شرب سن أن يناوله الأيمن وكذا في غسل يده ورش لماء ورد ونحوه ويبدأ في ذلك بأفضلهم ثم بمن على اليمين ويستحب أن يغض طرفه عن جليسه ويؤثر على نفسه المحتاج ويخلل أسنانه أن علق بها شيء لا في أثناء الطعام لا بعود يضره وتقدم في باب السواك ويلقي ما أخرجه الخلال ويكره أن يبتلعه وأن قلعه بلسانه لم يكره ابتلاعه ولا يأكل مما شرب عليه الخمر لا مختلطا بحرام ولا يلقم جليسه ولا يفسح لغيره إلا أن يأذن رب الطعام وفي معنى ذلك تقديم بعض الضيفان ما لديه ونقله إلى البعض الآخر - قال في الفروع: وما جرت العادة به كإطعام سائل وسنور ونحوه وتلقيم وتقديم: يحتمل كلامهم وجهين وجوازه أظهر لحديث أنس في الدباء ولا يخلط طعاما بطعام ولا يكره قطع اللحم

 

ج / 3 ص -235-  بالسكين والنهي عنه لا يصح وينبغي ألا يبادر إلى تقطيع اللحم الذي يقدم للضيفان حتى يأذنوا له في ذلك ولا بأس بالنهد: وتقدم في ما يلزم الإمام والجيش وإن تصدق منه بعضهم: قال أحمد "أرجو ألا يكون به بأس" لم يزل الناس يفعلون ذلك: وعلى هذا يتوجه صدقة أحد الشريكين بما يسامح به عادة وعرفا وكذا المضارب والضيف ونحو ذلك والسنة أن يكون البطن أثلاثا: ثلثا للطعام: وثلثا للشراب: وثلثا للنفس ويجوز أكله أكثر بحيث لا يؤذيه ومع خوف أذى وتخمة يحرم ويكره أدمان أكل اللحم وتقليل الطعام بحيث يضره وليس من السنة ترك أكل الطيبات ولا بأس بالجمع بين طعامين ومن السرف أن تأكل كل ما اشتهيت ومن أذهب طيباته في حياته الدنيا واستمتع بها نقصت درجاته في الآخرة وقال أحمد "يؤجر في ترك الشهوات" ومراده ما لم يخالف الشرع ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب والمروءة ويأكل مع الفقراء بالإيثار ومع الأخوان بالانبساط ومع العلماء بالتعلم ولا يتصنع بالانقباض ولا يكثر النظر إلى المكان الذي يخرج منه الطعام ويستحب الأكل مع الزوجة والولد ولو طفلا والمملوك وإن تكثر الأيدي على الطعام ولو من أهله وولده ويسن أن يجلس غلامه معه على الطعام وأن يجلسه أطعمه منه وألا يرفع يده قبلهم حتى يكتفوا ويكره لصاحب الطعام مدح طعامه وتقويمه لأنه دناءة.

فصل: - ويستحب أن يباسط الأخوان
فصل: - ويستحب أن يباسط الأخوان بالحديث الطيب والحكايات التي تليق بالحال إذا كانوا منقبضين ويقدم رب الدار ما حضر من

 

ج / 3 ص -236-  الطعام من غير تكلف ولا يحتقره وإذا كان الطعام قليلا والضيوف كثيرة فالأولى ترك الدعوة: لا سيما إذا كان قليلا ويسن أن يخص بدعوته الأتقياء والصالحين وإذا طبخ مرقة فليكثر من مائها ويتعاهد منه بعض جيرانه وإذا حضر الطعام والصلاة فقد تقدم آخر باب صفة الصلاة ولا خير فيمن لا يضيف ومن آداب إحضار الطعام تعجيله لا سيما إذا كان الطعام قليلا وتقدم الفاكهة قبل غيرها لأنه أصلح في باب الطب ويكره أكل ما لم يطب أكله منها ولا يستأذنهم في التقديم ومن التكلف أن يقدم جميع ما عنده - قال الشيخ: إذا دعي إلى أكل دخل بيته فأكل ما يكسر نهمته قبل ذهابه انتهى ولا يجمع بين النوى والتمر في طبق واحد ولا يجمعه في كفه بل يضعه من فيه على ظهر كفه وكذا كل ما فيه عجم وتفل ولا يخلط قشر البطيخ الذي أكله بما لم يؤكل ولا يرمي به لأن في جمعه ليطرح كلفة وربما صدم رأس الجليس أو قطر منه شيء في حالة الرمي ولرب الطعام أن يخص بعض الضيفان بشيء طيب إذا لم يتأذ غيره ويستحب للضيف أن يفضل شيئا لا سيما إن أكل ممن يتبرك بفضلته أو كان ثم حاجة وفي شرح مسلم يستحب لصاحب الطعام وأهل الطعام الأكل بعد فراغ الضيفان: لحديث أبي طلحة الأنصاري في الصحيح والأولى النظر في قرائن الحال ولا يشرع تقبيل الخبز ولا الجمادات إلا ما استثناه الشرع ويكره أن يأكل ما انتفخ من الخبز ووجهه ويترك الباقي ولا يقترح طعاما بعينه وإن خير بين طعامين أختار الأيسر: إلا أن يعلم أن مضيفه يسر

 

ج / 3 ص -237-  باقتراحه ولا يقصر وينبغي ألا يقصد بالإجابة إلى الدعوة نفس الأكل بل ينوي به الإقتداء بالسنة وإكرام أخيه المؤمن وينوي صيانة نفسه عن مسيء به الظن والتكبير ويكره أكل الثوم والبصل ونحوهما ويستحب أن يجعل ماء الأيدي في طشت واحد فلا يرفعه إلا أن يمتلئ ولا يضع الصابون في ماء الطشت بعد غسل يديه وظاهر كلامهم لا يكره غسل اليد بالطيب ومن أكل طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا شرب لبنا قال: بارك لنا فيه وزدنا منه وإذا وقع الذباب ونحوه في طعام أو شراب سن غمسه كله ثم ليطرحه ويغسل يديه وفمه من ثوم وبصل وزهومة ورائحة كريهة ويتأكد عند النوم وفي الثريد فضل على غيره من الطعام وهو أن يثرد الخبز أي يفته يبله بمرق لحم أو غيره وإذا ثرد غطاه شيئا يذهب فوره فإنه أعظم للبركة ويكره رفع يده قبلهم بلا قرينة وأن يقيم غيره عن الطعام قبل فراغه لما فيه من قطع لذته ولا يقوم عن الطعام حتى يرفع وأن أكل تمرا عتيقا ونحوه فتشه وأخرج سوسه وإطعام الخبز البهيمة تركه أولى إلا لحاجة أو كان يسيرا: ومن السنة إن يخرج مع ضيفه إلى باب الدار ويحسن أن يأخذ بركابه وروي مرفوعا "من أخذ بركاب من لا يرجوه ولا يخافه غفر له" قال ابن الجوزي وينبغي أن يتواضع في مجلسه وإذا حضر ألا يتصدر وإن عين له صاحب البيت مكانا لم يتعده والنثار في العرس وغيره والتقاطه مكروهان لأنه شبه النهبة والتقاطه دناءة وإسقاط مروءة ومن أخذ منه شيئا ملكه ومن حصل

 

ج / 3 ص -238-  في حجره منه شيئا فهو له وليس لأحد أخذه منه فإن قسم على الحاضرين لم يكره وكذلك أن وضعه بين أيديهم وأذن لهم في أخذه على وجه لا يقع فيه تناهب ويسن إعلانه النكاح والضرب عليه بدف لا حلق ولا صنوج: للنساء ويكره للرجال وتقدم بعضه في كتاب النكاح ولا بأس بالغزل بالعرس وضرب الدف في الختان وقدوم الغائب ونحوهما كالعرس ويحرم كل ملهاة سوى الدف كمزمار وطنبور ورباب وحنك وناي ومعرفة وجفانة وعود و زمارة الراعي ونحوها: سواء استعملت لحزن أو سرور.

باب عشرة النساء والقسم والنشوز
وما يتعلق بها
وهي ما يكون بين الزوجين من الألفة والانضمام يلزم كل واحد منهما معاشرة الآخر بالمعروف من الصحبة الجميلة وكف الأذى وألا يمطله بحقه مع قدرته ولا يظهر الكراهة لبذله بل ببشر وطلاقة ولا يتبعه منة ولا أذى وحقه عليها أعظم من حقها عليه ويسن تحسين الخلق لصاحبه والرفق به واحتمال أذاه - قال ابن الجوزي "معاشرة المرأة بالتلطف مع إقامة هيبة ولا ينبغي أن يعلمها قدر ماله ولا يفشي إليها سرا يخاف إذاعته ولا يكثر من الهبة لها وليكن غيورا من غير إفراط لئلا ترمي بالشر من أجله" وإذا تم العقد وجب تسليم المرأة في بيت الزوج ما لم تشترط بيتها إذا طلبها وكانت حرة يمكن الاستمتاع بها ونصه "بنت تسع سنين فأكثر ولو كانت نضوة الخلقة" لكن إن خافت على نفسها الإفضاء

 

ج / 3 ص -239-  من عظمه فلها منعه من جماعها وعليه النفقة ولا يثبت له خيار الفسخ ويستمتع بها كما يستمتع من الحائض وإن أنكر أن وطأه يؤذيها لزمتها البينة ويقبل قول امرأة ثقة في ضيق فرجها وعبالة ذكره ونحوه وإن تنظرهما وقت اجتماعهما للحاجة ويلزمه تسليمها إن بذلته ولا يلزم ابتداء تسليم مع ما يمنع الاستمتاع بالكلية ويرجى زواله كإحرام ومرض وصغر وحيض ولو قال لا أطأ ومتى امتنعت قبل المرض ثم حدث فلا نفقة وإن كان المرض غير مرجو الزوال لزم تسليمها إذا طلبها ولزم تسلمها إذا بذلته وإن سالت الأنظار مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها كاليومين والثلاثة: لا لعمل جهاز وكذا لو سال هو الأنظار: وولى من به صغر أو جنون مثله وإن كانت أمة لم يجب تسليمها إلا ليلا مع الإطلاق نصا وللسيد استخدامها نهارا فلو شرط التسليم نهارا أو بذله سيدها وجب تسليمها ليلا ونهارا وللزوج حتى العبد السفر بلا إذنها وبها: إلا أن يكون السفر مخوفا أو شرطت بلدها أو تكون أمة فليس له ولا لسيدها ولو صحبة الزوج السفر بها بغير إذن الآخر ولو بوأها أي بذل لها السيد مسكنا ليأتيها الزوج فيه لم يلزمه وللسيد بيعها وله السفر بعبده المزوج واستخدامه نهارا ولو قال السيد بعتكها فقال: بل زوجتنيها فسيأتي في باب ما إذا وصل بإقراره ما يغيره وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت على أي صفة كانت إذا كان في القبل ولو من جهة عجيزتها: ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها ولو كانت على التنور أو على ظهر قتب وله الاستمناء

 

ج / 3 ص -240-  بيدها ويأتي في التعزير فإن زاد عليها في الجماع صولح على شيء منه - قال القاضي "لأنه غير مقدر فرجع إلى اجتهاد الإمام" وجعل ابن الزبير أربعا وأربعا بالنهار وصالح أنس رجلا استعدى على امرأته على ستة ولا يكره الجماع في ليلة من الليالي ولا يوم من الأيام وكذا السفر والتفصيل والخياطة والغزل أو الصفات كلها ولا يجوز لها تطوع بصلاة ولا صوم وهو مشاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ويحرم وطؤها في الحيض وتقدم وحكم المستحاضة في باب الحيض ويحرم في الدبر فإن فعل عزر وأن تطاوعا عليه أو أكرهها ونهى فلم ينته فرق بينهما قال الشيخ كما يفرق بين الرجل الفاجر ومن يفجر به انتهى - وله التلذذ بين الاليتين من غير إيلاج وليس لها استدخال ذكره وهو نائم بلا إذنه ولها لمسه وتقبيله بشهوة وقال القاضي "يجوز تقبيل فرج المرأة قبل الجماع ويكره بعده" وتقدم في كتاب النكاح ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها وعن الأمة إلا بإذن سيدها ويعزل عن سريته بلا إذنها ويعزل وجوبا عن الكل بدار حرب بلا إذن وإذا عن له قبل الإنزال أن ينزع لا على قصد الإنزال خارج الفرج لم يحرم في الكل وله إجبارها ولو ذمية ومملوكة على غسل حيض ونفاس وإجبار المسلمة البالغة على غسل جنابة: لا الذمية كالمسلمة التي دون البلوغ وله إجبارها على غسل نجاسة واجتناب محرم وأخذ شعر وظفر تعافه النفس وإزالة وسخ فإن احتاجت إلى شراء الماء فثمنه عليه وتمنع من أكل ماله رائحة كريهة كبصل وثوم وكراث ومن تناول ما يمرضها ولا تجب النية

 

ج / 3 ص -241-  ولا التسمية في غسل ذمية ولا تعبد به لو أسلمت بعده وتمنع الذمية من دخول كنيسة وبيعة وتناول محرم وشرب ما يسكرها ولا دونه نصا وكذا مسلمة تعتقد إباحة يسير النبيذ وله إجبارهما على غسل أفواههما ومن سائر النجاسات كما تقدم ولا تكره الذمية على الوطء في صومها نصا ولا إفساد صلاتها وسبتها ولا يشتري لها ولا لأمته الذمية زنارا بل تخرج هي تشتري لنفسها نصا.

 

ج / 3 ص -242-  غيبة ظاهرها السلامة ولم يعلم خبره وتضررت زوجته بترك النكاح لم يفسخ نكاحها ويسن أن يقوم عند الوطء: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا قال ابن نصر الله: وتقوم المرأة أيضا وإن يلاعبها قبل الجماع لتنهض شهوتها وإن يغطي رأسه عند الجماع وعند الخلاء وإلا يستقبل القبلة يستحب للمرأة أن تتخذ خرقة تناولها للزوج بعد فراغه من جماعها قال أبو حفص: ينبغي إلا تظهر الخرقة بين يدي امرأة من أهل دارها وقال الحلواني في التبصرة: يكره أن يمسح ذكره بالخرقة التي تمسح بها فرجها وقال أبو الحسن بن القطان في كتبا أحكام النساء: لا يكره نخرها للجماع وحال الجماع ولا نخره وقال مالك لا بأس بالنخر عند الجماع وأراد سفها في غير ذلك يعاب على فاعله وتكره كثرة الكلام حال الوطء ويستحب أن لا ينزع إذا فرغ قبلها حتى تفرغ فلو خالف كره ويكره وهما متجردان تحدثهما به ولو لضرتها وحرمه في الغنية لأنه من السر وإفشاء السر حرام ويكره وطؤها بحيث يراه غير طفل لا يعقل أو يسمع حسهما ولو رضيا إن كانا مستوري العورة وإلا حرم مع رؤيتها ويكره أن يقبلها ويباشرها عند الناس وله الجمع بين نسائه وإمائه بغسل واحد ويسن أن يتوضأ لمعاودة الوطء والغسل أفضل وليس عليها خدمة زوجها في عجن وخبز وطبخ ونحوه نصا لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة بقيا مهابه وأوجب الشيخ المعروف من مثلها لمثله وأما خدمة نفسها في ذلك فعليها إلا أن يكون مثلها لا يخدم نفسها ويأتي في النفقات ولا يصح إجارتها لرضاع وخدمة إلا بإذنه ولو

 

ج / 3 ص -243-  لعمل في ذمتها فإن عملت بنفسها من إقامته مقامها استحقت الأجرة فإن أجرت ثم تزوجت صح العقد ولم يملك الزوج فسخ الإجارة ولا يمنعها من الرضاعة حتى تنقضي المدة أشبه ما لو اشترى أمة مستأجرة أو دارا مستعارة فإذا نام الصبي أو اشتغل فللزوج الاستمتاع بها وليس ولولي الصبي منعه وله الاستمتاع بها ولو أضر اللبن وله منعها من رضاع ولدها من غيره ومن رضاع ولد غيرها: لا ولدها منه إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه نصا ويأتي في نفقة الأقارب ولا يجوز الجمع بين زوجته في مسكن واحد أي بيت واحد بغير رضاهما لأن كل واحدة منهما تسمع حسه إذا أتى الأخرى أو ترى ذلك فإن رضيتا ذلك أو بنومه بينهما في لحاف واحد جاز وإن اسكنهما في دار واحدة كل واحدة منهما في بيت جاز إذا كان مسكن مثلها وكذلك الجمع بين الزوجة والسرية إلا برضا الزوجة ويجوز نومه مع امرأته بلا جماع بحضرة محرم لها وله منعها من الخروج من منزله إلى ما لها منه بد سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما أو حضور جنازة أحدهما أو غير ذلك ويحرم عليها الخروج بلا إذنه فإن فعلت فلا نفقة لها إذن هذا إذا قام بحوائجها وإلا فلا بد لها - قال الشيخ فيمن حبسته امرأته بحقها إن خاف خروجها بلا إذنه اسكنها حيث لا يمكنها الخروج فإن لم يكن له من يحفظها غير نفسه حبست معه - يعني إذا كان الحبس مسكن مثلها كما يأتي في الباب فإن عجز عن حفظها أو خيف حدوث شر أسكنت في رباط ونحوه ومتى كان خروجها مظنة

 

ج / 3 ص -244-  الفاحشة صار حقا لله يجب على ولي الأمر رعايته فإن مرض بعض محارمها أو مات غيره من أقاربها استحب له أن يأذن لها في الخروج إليه لا لزيارة أبويها ولا يملك منعها من كلامهما ولا منعها من زيارتهما إلا مع ظن حصول ضرر يعرف بقرائن الحال ولا يلزمها طاعة أبويها في فراقه ولا زيارة ونحوها بل طاعة زوجها أحق.

فصل: - في القسم
فصل: - في القسم: وهو توزيع الزمان على زوجاته ويلزم غير طفل أن يساوي بين زوجاته في القسم إذا كن حرائر كلهن أو أماء كلهن ليلة ليلة إلا أن يرضين بالزيادة وعماد القسم الليل ويخرج في نهاره في معاشه وقضاء حقوق الناس وما جرت العادة به ولصلاة العشاء والفجر ولو قبل طلوعه كصلاة النهار وحكم السبعة والثلاث التي يقيمها عند المزفوفة حكم سائر القسم فإن تعذر عليه المقام عندها ليلا لشغل أو حبس أو ترك ذلك لغير عذر قضاء لها ويدخل النهار تبعا لليلة الماضية وأن أحب أن يجعل النهار مضافا إلى الليل الذي يتعقبه جاز لأن ذلك لا يتفاوت إلا لمن معيشته بالليل كالحارس فإنه يقسم بالنهار لأنه محل سكنه ويكون الليل تبعا للنهار وليس له البداءة بإحداهن ولا السفر بها أو بأكثر من واحدة إلا بقرعة أو رضاهن ورضاه فإن رضين ولم يرض وأراد خروج غيرها أقرع وأذابات عند إحداهن بقرعة أو غيرها لزمه المبيت عند الثانية أن كن اثنتين فإن كن ثلاثا أقرع في الليلة الثانية فإن كن أربعا أقرع في الليلة الثالثة ويصير في الليلة الرابعة إلى الرابعة بغير

 

ج / 3 ص -245-  قرعة ولو أقرع في الليلة الأولى فجعل سهما للأولى وسهما للثانية وسهما للثالثة وسهما للرابعة ثم أخرج عليهن مرة واحدة جاز وكل لكل امرأة ما يخرج لها ويقسم لمعتق بالحساب ويقسم المريض والمجنون والعنين والخصي كالصحيح فإن شق على المريض استأذن أزواجه أن يكون عند إحداهن فإن لم يأذن له أقام عند إحداهن بقرعة أو اعتزلهن جميعا أن أحب ويطوف بمجنون مأمون وليه وجوبا فإن خيف منه فلا قسم عليه لأنه لا يحصل منه أنس ولا قسم لمجنونة يخاف منها وأن لم يعدل الولي في القسم ثم أفاق الزوج قضى للمظلومة ويحرم تخصيص بإفاقته وإذا أفاق في نوبة واحدة قضي يوم جنونه للأخرى ولا يجب عليه التسوية بينهن في وطء ودواعيه ولا في نفقه وشهوات وكسوة إذا قام بالواجب وأن أمكنه ذلك وفعله كان أحسن وأولى ويقسم لزوجته الأمة ليلة لأنها على النصف من الحرة والحرة ليلتين وإن كانت كتابية فإن عتقت الأمة في نوبتها أو في نوبة حرة متقدمة قبلها فلها قسم حرة وإن عتقت في نوبة حرة متأخرة أتم للحرة نوبتها على حكم الرق ولا تزاد الأمة شيئا ويكون للحرة ضعف مدة الأمة والحق في القسم للأمة دون سيدها فلها أن تهب ليلتها لزوجها أو لبعض ضرائرها كالحرة وليس لسيدها الاعتراض عليها ولا أن يهبه دونها ويقسم لحائض ونفساء ومريضة ومعيبة ولرتقاء وصغيرة يمكن وطؤها ومن آلى أو ظاهر منها ومحرمة وزمنة ومجنونة مأمونة نصا ولا قسم لرجعية صرح به في المغني و الشرح

 

ج / 3 ص -246-  و الزركشي في الحضانة ومأثم صريح يخالفه ولأنها ترجع حضانتها على ولدها وهي رجعية ويقسم لمن سافر بها بقرعة إذا قدم ولا يحتسب عليها مدة السفر وإن كان بغير قرعة لزمه القضاء مدة غيبته ما لم تكن الضرة رضيت بسفرها ويقضي مع قرعة ما تعقبه السفر أو تخلله من مدة إقامة وإن قلت وإذا خرجت القرعة لإحداهن لم يجب عليه السفر بها وله تركها والسفر وحده لا بغير من خرجت لها القرعة وأن وهبت حقها من ذلك جاز إذا رضي الزوج وإن وهبته للزوج أو الجميع أو امتنعت من السفر سقط حقها إذا رضي الزوج واستأنف القرعة بين البواقي وإن أبى فله إكراهها على السفر معه والسفر الطويل والقصير سواء ومتى سافر بإحداهن بقرعة إلى مكان كالقدس مثلا ثم بداله إلى مصر فله استصحابها معه وإذا سافر بزوجتين بقرعة آوى إلى كل واحدة ليلة في رحلها من خيمة أو خركاة أو خباء شعر فهو كبيت المقيمة وإن كانتا جميعا في رحله فلا قسم إلا في الفراش فلا يحل أن يخص فراش واحدة بالبيتوتة فيه دون فراش الأخرى ويحرم دخوله في ليلتها إلى غيرها إلا لضرورة مثل أن تكون منزولا بها أو توصى إليه أو ما لا بد منه فإن لم يلبث عندها لم يقض شيئا وإن لبث أو جامع لزمه أن يقضي لها مثل ذلك من حق الأخرى ولو قبل أو باشر أو نحوه لم يقض والعدل القضاء وكذا يحرم دخوله نهارا إلى غيرها إلا لحاجة ويجوز أن يقضي ليلة صيف عن ليلة شتاء وأول الليل عن آخره وعكسه والأولى أن يكون لكل واحدة من نسائه مسكن يأتيها فيه فإن أتخذ لنفسه مسكنا يدعو إليه كل واحدة

 

ج / 3 ص -247-  في ليلتها ويومها ويخليه من ضرتها جاز وله دعاء البعض إلى مسكنه ويأتي البعض وأن امتنعت من دعاها عن إجابته سقط حقها من القسم وإن أقام عند واحدة ودعا الباقيات إلى بيتها لم يجب عليهن الإجابة وإن حبس فاستدعى كل واحدة في ليلتها فعليهن طاعته أن كان مسكن مثلهن وإلا لم يلزمهن فإن أطعنه لم يكن له أن يترك العدل بينهن ولا استدعاء بعضهن دون بعض كما في غير الحبس فإن كانت امرأتاه في بلدين فعليه العدل بينهما فإن يمضي إلى الغائبة في أيامها أو يقدمها إليه فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان سقط حقها لنشوزها وإن قسم في بلديهما جعل المدة بحسب ما يمكن كشهر وشهر أو أكثر أو أقل على حسب تفاوت البلدين وأن قسم لإحدى زوجاته ثم جاء ليقسم للثانية فاغلقت الباب دونه أو منعته من الاستمتاع بها أو قالت لا تدخل علي أو لا تبت أو أدعت الطلاق - سقط حقها من القسم والنفقة فإن عادت إلى المطاوعة استأنف القسم بينهما ولم يقض للناشر فلو كان له أربع نسوة فأقام عند ثلاث منهن ثلاثين ليلة لزمه أن يقيم عند الرابعة عشرا فإن نشزت إحداهن وظلم واحدة ولم يقسم لها وأقام عند الاثنين ثلاثين ليلة ثم أطاعته الناشز وأراد القضاء للمظلومة قسم لها ثلاثا وللناشز ليلة خمسة أدوار ليكمل للمظلومة خمسة عشر ليلة ويحصل للناشز خمس ثم يقسم بين الجميع فإن كان له ثلاث نسوة فقسم بين اثنين ثلاثين ليلة وظلم الثالثة ثم تزوج جديدة ثم أراد أن يقضي للمظلومة

 

ج / 3 ص -248-  فإنه يخص الجديدة بسبع إن كانت بكرا أو بثلاث أن كانت ثيبا ثم يقسم بينها وبين المظلومة خمسة أدوار للمظلومة من كل دور ثلاث وواحدة للجديدة.

فصل: - وإن أراد النقلة من بلد إلى بلد
فصل: - وإن أراد النقلة من بلد إلى بلد بنسائه فأمكنه استصحاب الكل في سفره فعل ولا يجوز له إفراد إحداهن بغير قرعة فإن فعل قضى للباقيات وإن لم يمكنه أو شق عليه وبعث بهن جميعا مع غيره ممن هو محرم لهن جاز ولا يقضي لأحد وإن انفرد بإحداهن بقرعة: فإذا وصل البلد الذي انتقل إليه فأقامت معه فيه قضى للباقيات مدة كونها معه في البلد خاصة وإن امتنعت من السفر معه أو من المبيت عنده أو سافرت بغير إذنه أو بإذنه لحاجتها سقط حقها من قسم ونفقة وإن بعثها لحاجته أو انتقلت من بلد إلى بلد بإذنه لم يسقط حقها من نفقة ولا قسم ويقضي لها بحسب ما أقام عند ضرتها وللمرأة أن تهب حقها من القسم في جميع الزمان وفي بعضه لبعض ضرائرها بإذنه أو لهن كلهن أو له فيجعله لمن شاء منهن ولو أبت الموهوب لها ولا يجوز هبة ذلك بمال فإن أخذت عليه مالا لزمها رده وعليه أن يقضي لها لأنها تركته بشرط العوض ولم يسلم لها فإن كان غرضها غير المال: كإرضاء زوجها عنها أو غير جاز - وقال الشيخ: قياس المذهب جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم وغيره ووقع في كلام القاضي ما يقتضي جوازه - ثم إن كانت تلك الليلة الموهوبة تلي الليلة الموهوبة لها

 

ج / 3 ص -249-  وإلى بينهما وإلا لم يجز إلا برضا الباقيات ومتى رجعت في الهبة عاد حقها في المستقبل فقط ولو في بعض الليل ولا يقضيه إن لم يعلم إلا بعد فراغ الليلة ولها هبة ذلك ونفقتها وغيرهما لزوجها ليمسكها ولها الرجوع في المستقبل ولا قسم عليه في ملك اليمين وله الاستمتاع بهن وإن نقص زمن زوجاته - لكن يساوي بينهن في حرمانهن أي الزوجات كما إذا بات عند أمته أو دكانه أو عند صديقه ويستمتع بهن كيف شاء كالزوجات أو أقل أو أكثر وإن شاء ساوى وإن شاء فضل وإن شاء استمتع ببعضهن دون بعض وتستحب التسوية بينهن وألا يعضلهن بأن لم يرد الاستمتاع وإذا احتاجت الأمة إلى النكاح وجب عليه إعفافها إما بوطئها أو تزويجها أو بيعها.

فصل: - وإذا تزوج بكرا
فصل: - وإذا تزوج بكرا ولو أمة أقام عندها سبعا وثيبا ولو أمة ثلاثا ولا يحتسب عليهما بما أقام عندهما فإذا انتهت مدة إقامته عند الجديدة عاد إلى القسم بين زوجاته كما كان ودخلت بينهن فصارت آخرهن نوبة وإن أحبت الثيب أن يقيم عندها سبعا فعل وقضى للبواقي سبعا سبعا وإن تزوج امرأتين فزفتا إليه في ليلة واحدة كره له ذلك بكرين كانتا أو ثيبتين أو بكرا وثيبا ويقدم اسبقهما دخولا فيوفيها حق العقد ثم يعود إلى الثانية فيوفيها حق العقد ثم يبتدئ القسم فإن ادخلتا عليه معا قدم إحداهما بقرعة ويكره أن تزف إليه امرأة في مدة حق امرأة زفت إليه قبلها وعليه أن يتمم

 

ج / 3 ص -250-  للأولى ثم يقضي حق الثانية وإن أراد السفر فخرجت القرعة لإحدى الجديدتين سافر بها ودخل حق العقد في قسم السفر فإذا قدم بدأ بالأخرى فوفاها حق العقد فإن قدم من سفره قبل مضي مدة ينقضي فيها حق الأولى تممه في الحضر وقضى للحاضرة حقها فإن خرجت القرعة لغير الجديدتين وسافر بها قضى للجديدتين حقهما واحدة بعد واحدة يقدم السابقة دخولا أو بقرعة إن دخلتا معا وإن سافر بجديدة وقديمة بقرعة أو رضى تمم للجديدة حق العقد ثم قسم بينها وبين الأخرى وإذا طلق إحدى نسائه في ليلتها أو الحارس في نهارها أثم فإن تزوجها بعد - قضى لها ليلتها ولو كان قد تزوج غيرها بعد طلاقها وإذا كان له امرأتان فبات عند إحداهما ليلة ثم تزوج ثالثة قبل ليلة الثانية قدم المزفوفة بلياليها ثم يبيت ليلة عند المظلومة ثم نصف ليلة للجديدة ثم يبتدئ وأختار الموفق و الشارح: لا يبيت نصفها بل ليلة كاملة لأنه حرج ولو سافر بإحدى زوجتيه بقرعة ثم تزوج في سفره بامرأة أخرى وزفت إليه فعليه تقديمها بأيامها ثم يقسم.

فصل: - في النشوز
فصل: - في النشوز وهو معصيتها إياه فيما يجب عليها إذا ظهر منها إمارات النشوز بأن تتثاقل أو تتدافع إذا دعاها إلى الاستمتاع أو تجيبه متبرمة متكرهة ويختل أدبها في حقه وعظها فإن رجعت إلى الطاعة والأدب حرم الهجر والضرب وإن أصرت وأظهرت النشوز: بأن عصته وامتنعت من إجابته إلى الفراش أو

 

ج / 3 ص -251-  خرجت من بيته بغير إذنه ونحو ذلك هجرها في المضجع ما شاء وفي الكلام ثلاثة أيام لا فوقها فإن أصرت ولم ترتدع فله أن يضربها فيكون الضرب بعد الهجر في الفراش وتركها من الكلام ضربا غير مبرح أي غير شديد ويجتنب الوجه والبطن والمواضع المخوفة والمستحسنة: عشرة أسواط فأقل وقيل بدرة أو مخراق منديل ملفوف لا بسوط ولا بخشب فإن تلفت من ذلك فلا ضمان عليه ويمنع منها من علم بمنعه حقها حتى يؤديه ويحسن عشرتها ولا يسأله أحد لم ضربها؟ ولا أبوها ولأن فيه إبقاء للمودة وله تأديبها على ترك فرائض الله تعالى نصا فإن أدعى كل منهما ظلم صاحبه اسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة يشرف عليهما ويكشف حالهما كما يكشف عن عدالة وإفلاس من خبرة باطنه ويلزمهما الإنصاف ويكون الإسكان المذكور قبل بعث الحكمين فإن خرجا إلى الشقاق والعداوة وبلغا إلى المشاتمة بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين: ذكرين عدلين مكلفين فقيهين عالمين بالجمع والتفريق يفعلان ما يريانه من جمع بينهما أو تفريق بطلاق أو خلع والأولى أن يكونا من أهلهما وينبغي لهما أن ينويا الإصلاح لقوله تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} وإن يلطفا وينصفا ويرغبا ويخوفا ولا يخصا بذلك أحدهما دون الآخر وهما وكيلان عن الزوجين في ذلك لا يرسلان إلا برضاهما وتوكيلهما فلا يملكان تفريقا إلا بإذنهما فيأذن الرجل لوكيله فيما يراه من طلاق أو إصلاح وتأذن المرأة لوكيلها في الخلع والصلح على ما يراه ولا ينقطع نظرهما

 

ج / 3 ص -252-  بغيبة الزوجين أو أحدهما وينقطع بجنونهما أو أحدهما ونحوه مما يبطل الوكالة وإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا عليه لكن لا يزال الحاكم يبحث ويستبحث حتى يظهر له من الظالم فيردعه ويستوفي منه الحق ولا يصح الإبراء من الحكمين إلا في الخلع خاصة من وكيل المرأة فقط وإن خافت امرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها لكبر أو غيره فوضعت عنه بعض حقوقها أو كلها تسترضيه بذلك جاز وإن شاءت رجعت في ذلك في المستقبل لا الماضي ويأتي إذا اختلفا في النشوز أو بذل التسليم في كتاب النفقات.

باب الخلع
وهو فراق امرأته بعوض يأخذه الزوج بألفاظ مخصوصة وإذا كرهت المرأة زوجها لخلقة أو خلقه أو لنقص دينه أو لكبره أو ضعفه أو نحو ذلك وخافت أثما بترك حقه فيباح لها أن تخالعه على عوض تفتدي به نفسها منه ويسن إجابتها إلا أن يكون له إليها ميل ومحبة فيستحب صبرها وعدم أفتدائها وإن خالعته مع استقامة الحال كره ووقع الخلع وإن عضلها أي ضارها بالضرب والتضييق عليها أو منعها حقوقها من القسم والنفقة ونحو ذلك ظلما لتفدي نفسها فالخلع باطل والعوض مردود والزوجية بحالها إلا أن يكون بلفظ طلاق أو نيته فيقع رجعيا وإلا لغوا وإن فعل ذلك لا لتفتدي أو فعله لزناها أو نشوزها أو تركها فرضا فالخلع صحيح

 

ج / 3 ص -253-  ولا يفتقر الخلع إلى حاكم نصا ولا بأس به في الحيض والطهر الذي أصابها فيه إذا كان بسؤالها وتقدم في الحيض ويصح لكل زوج يصح طلاقه وأن يتوكل فيه مسلما كان أو ذميا ويقض عوضه وإن كان مكاتبا ومحجورا عليه لفلس فإن كان محجورا عليه لغير ذلك كعبد وصغير ومميز وسفيه دفع المال إلى سيد وولي وليس للأب خلع زوجة ابنه الصغير والمجنون ولا طلاقها وكذا سيدهما وليس لأب خلع ابنته الصغيرة ولا طلاقها بشيء من مالها ويصح الخلع مع الزوجة البالغة الرشيدة ومع الأجنبي لجائز التصرف بغير إذنها ويصح بذل العوض فيه منهما بأن يقول الأجنبي: أخلع زوجتك أو طلقها على ألف أو بألف أو على سلعتي هذه فيجيبه فيصح ويلزم الأجنبي وحده العوض وإن قال: على مهرها أو سلعتها وأنا ضامن أو على ألف في ذمتها وأنا ضامن فيجيبه صح وإن لم يضمن حيث سمى العوض منها لم يصح وإن قالت له طلقني وضرتي بألف فطلقهما وقع بائنا واستحق الألف على باذلته وأن طلق إحداهما لم يستحق شيئا وإن قالت: طلقني بألف على أن تطلق ضرتي أو على إلا تطلق ضرتي ففعل فالخلع صحيح والشرط والبذل لا زمان فأن لم يف لها بشرطها استحق على السائلة الأقل من الألف ومن صداقها المسمى وإن خالعته أمة بغير إذن سيدها على شيء لم يصح وبإذنه يصح ويكون العوض في ذمته كاستدانتها بإذنه وكذا الحكم في المكاتبة إلا إنه إن كان بإذن سيدها سلمته مما في يدها وإن لم يكن في يدها شيء فهو في ذمة

 

ج / 3 ص -254-  سيدها فإن خالعته لمحجور عليها لسفه أو صغير أو جنون لم يصح الخلع ولو إذن فيه الولي فيقع رجعيا إن كان بلفظ طلاق أو نيته دون ثلاث وإلا كان لغوا وإن تخالعا هازلين بلفظ طلاق أو نيته صح وإلا فلا كمبيع ولا يبطل إبراء من أدعت سفها حالة لخلع بلا بينة ويصح من محجور عليها لفلس ويكون في ذمتها يؤخذ منها إذا أنفك عنها الحجر وأيسرت.

فصل: - والخلع طلاق بائن
فصل: - والخلع طلاق بائن إلا أن يقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولا ينوي به الطلاق فيكون فسخا لا ينقص به عدد الطلاق ولو لم ينو الخلع لأنها صريحة فيه وكناياته باريتك وأبرأتك وابنتك فمع سؤال الخلع وبذل العوض يصح من غير نية لأن دلالة الحال من سؤال الخلع وبذل العوض صارفة إليه ولا بد في الكنايات من نية الخلع ممن أتى بها منهما وإن تواطآ على أن تهبه الصداق وتبرئه على إن يطلقها فأبرأته ثم طلقها كان بائنا وكذلك لو قال لها أبرئيني وأنا أطلقك أو إن أبرأتيني طلقتك ونحو ذلك من عبارات الخاصة والعامة التي يفهم منها أنه سأل الإبراء على أن يطلقها وإنها أبرأته على أن يطلقها قاله الشيخ ويأتي نظيره في كنايات الطلاق وقال أيضا: إن كانت أبرأته براءة لا تتعلق بالطلاق ثم طلقها بعد ذلك فهو رجعي وتصح ترجمة الخلع بلك لغة من أهلها وإن قال: خالعت يدك أو رجلك على كذا فقالت: قبلت فإن نوى به طلاقا وقع وإلا فلغو هذا معنى كلام الأزجي ولا يقع بالمعتدة

 

ج / 3 ص -255-  من الخلع طلاق ولو واجهها به وإن شرط الرجعة أو الخيار فيه صح ولم يصح الشرط ويستحق المسمى فيه ولا يصح تعليقه على شرط قال ابن نصر الله: كالبيع فلو قال: إن بذلت لي كذا فقد خلعتك لم يصح وإن قالت: اجعل أمري في يدي وأعطيك عبدي هذا ففعل وقبض العبد ملكه وله التصرف فيه ولو قبل اختيارها ومتى شاءت تختار مالم يطأ أو يرجع فإن رجع فلها أن ترجع عليه بالعوض ولو قال: إذا جاء رأس الشهر فأمرك بيدك ملك إبطال هذه الصفة - قال أحمد: ولو جعلت له ألف درهم على أن يخيرها فاختارت الزوج لا يرد شيئا - وإن قالت: طلقني بدينار فطلقها ثم ارتدت لزمها الدينار ووقع الطلاق بائنا ولا تؤثر الردة وإن كان بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة فإن أقامت على ردتها حتى انقضت عدتها تبينا عدم وقوع الطلاق لأنها لم تكن بزوجة وإن أسلمت فيها وقع.

فصل: - ولا يصح إلا بعوض
فصل: - ولا يصح إلا بعوض فإن خالعها بغير عوض لم يقع خلع ولا طلاق: إلا أن يكون بلفظ طلاق أو نيته فيقع رجعيا ولا يصح بمجرد بذلك المال وقبوله بل لا بد من الإيجاب والقبول في المجلس فإن قالت: بعني عبدك هذا وطلقني بألف ففعل صح وكان بيعا وخلعا ويقسط الألف على الصداق المسمى وقيمة العبد فيكون عوض الخلع ما يخص المسمى أي المهر وعوض العبد ما يخص قيمته حتى لو ردته بعيب رجعت بذلك وإن وجدته حرا أو مغصوبا رجعت به لأنه

 

ج / 3 ص -256-  عوضها فإن كان مكان العبد شقص مشفوع وثبتت فيه الشفعة يأخذه الشفيع بحصة قيمته من الألف ولا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها فإن فعل كره وصح نصا والعوض في الخلع كالعوض في الصداق والبيع إن كان مكيلا أو موزونا أو معدودا أو مذروعا لم يدخل في ضمان الزوج ولا يملك التصرف فيه إلا بقبضه وإن تلف قبله فله عوضه وإن كان غير ذلك دخل في ضمانه بمجرد الخلع وصح تصرفه فيه وإن خالعها بمجرم: كالخمر والحر فكخلع بلا عوض إن كانا يعلمانه وإن كانا يجهلانه صح وكان له بدله وإن قال أن أعطيتني خمرا أو ميتة فأنت طالق فأعطته ذلك طلقت رجعيا ولا شيء عليها وإن تخالع كافران بمحرم ثم أسلما أو أحدهما قبل قبضه فلا شيء له وإن خالعها على عبد فبان حرا أو مستحقا فله قيمته عليها وعلى خل فبان خمرا رجع عليها بمثله خلا وإن كان العوض مثليا فله مثله وصح الخلع وإن بان معيبا فإن شاء أمسكه وأخذ أرشه وإن شاء رده وأخذ قيمته أو مثله إن كان مثليا وإن خالعها على رضاع ولده المعين أو على سكني دار معينة مدة معلومة صح فإن مات الولد أو خربت الدار أو ماتت المرضعة أو جف لبنها رجع بأجرة المثل لباقي المدة يوما فيوما وإن أطلق الرضاع فحولان أو بقيتهما وكذا لو خالعته على كفالته أو نفقته مدة معينة: كعشر سنين ونحوها والأولى أن يذكر مدة الرضاع وصفة النفقة: بأن يقول ترضعيه من العشر سنين حولين أو أقل بحسب ما يتفقان عليه ويذكر ما يقتاته من طعام وأدم فيقول: حنطة أو غيرها كذا

 

ج / 3 ص -257-  وكذا قفيزا وجنس الأدم فإن لم يذكر مدة الرضاع منهما ولا قدر الطعام والأدم صح ويرجع إلى العرف والعادة وللوالد أن يأخذ منها ما يستحقه من مؤنة الولد وما يحتاج إليه فإن أحب أنفقه بعينه وإن أحب أخذه لنفسه وأنفق على الولد غيره وإن أذن لها في الإنفاق عليه جاز فإن مات الولد بعد مدة الرضاعة فلأبيه أن يأخذ ما بقي من المؤنة يوما فيوما كما تقدم ولو أراد الزوج أن يقيم بدل الرضيع آخر ترضعه أو تكفله فأبت ذلك أو أرادته هي فأبي لم يلزما وأن خالع حاملا على نفقة حملها صح وسقطت نصا ولو خالعها وأبرأته من نفقة حملها بأن جعلت ذلك عوضا في الخلع صح ولا نفقة لها ولا للولد حتى تفطمه فإذا فطمته فله طلبه بنفقته وتعتبر الصيغة منهما في ذلك كله فيقول: خلعتك أو فسخت نكاحك على كذا أو فاديتك على كذا فتقول: قبلت أو رضيت أو تسأله هي فتقول: أخلعني أو طلقني على كذا فيقول: خلعتك ونحوه أو يقول الأجنبي: أخلعها أو طلقها على ألف علي ونحوه فيجيب.

فصل: - ويصح الخلع بالمجهول
فصل: - ويصح الخلع بالمجهول وبالمعدوم الذي ينتظر وجوده وللزوج ما جعل له فإن خالعها على ما في يدها من الدراهم صح وله ما في يدها ولو كان أقل من ثلاثة دراهم ولا يستحق غيره وإن لم يكن في يدها شيء فله ثلاثة دراهم كما لو وصى له بدراهم وعلى ما في بيتها من المتاع فله ما فيه قليلا كان أو كثيرا وإن لم يكن فيه متاع فله أقل ما يسمى متاعا وإن خالعها على حمل أمتها أو غنمها أو غيره أو ما

 

ج / 3 ص -258-  تحمل شجرتها فله ذلك فإن لم يكن حمل أرضته بشيء نصا والواجب ما يتناوله الاسم وكذا على ما في ضروع ما شيتها ونحوه وإن خالعها على عبد مطلق فله أقل ما يسمى عبدا وإن قال: أن أعطيتني عبدا فأنت طالق - طلقت بأي عبد أعطته يصح تمليكه ولو مدبرا أو معلقا عتقه بصفة طلاقا بائنا وملك العبد نصا والبعير والبقرة والشاة والثوب ونحو ذلك كالعبد فإن بان مغصوبا أو العبد حرا أو مكاتبا أو مرهونا لم تطلق وإن أعطيتني هذا العبد أو أعطيتني عبدا فأنت طالق فأعطته إياه طلقت وإن خرج معيبا فلا شيء له غيره وإن خرج مغصوبا أو بان حرا أو بعضه لم يقع الطلاق وعلى عبيد فله ثلاثة وكل موضع علق طلاقها على عطيتها إياه فمتى أعطته على صفة يمكنه القبض وقع الطلاق سواء قبضه منها أو لم يقبضه فإن هرب الزوج أو غاب قبل عطيتها أو قالت: يضمنه لك زيد أو أجعله قصاصا بمالي عليك أو أعطته به رهنا أو أحالته به لم يقع الطلاق وإن قالت طلقني بألف فطلقها استحق الألف وبانت وإن لم يقبض وإن أعطيتني ثوبا صفته كذا وكذا فأنت طالق فأعطته ثوبا على تلك الصفات طلقت وملكه وإن أعطته ناقصا لم يقع الطلاق ولم يملكه وإن كان على الصفة لكن به عيب وقع الطلاق ويتخير بين إمساكه ورده والرجوع بقيمته وإن أعطيتني ثوبا هرويا فأنت طالق فأعطته مرويا لم تطلق وإن أعطته هرويا طلقت وإن خالعته على عينه بان قالت: اخلعني على هذا الثوب المروي فبان هرويا صح وليس له غيره وإن خالعته على

 

ج / 3 ص -259-  مروي في الذمة فأتته بهروي صح وخير بين رده وأخذه مرويا وبين إمساكه.

فصل: - وطلاق معين أو منجز بعوض كخلع في الإبانة
فصل: - وطلاق معين أو منجز بعوض كخلع في الإبانة فإذا قال: إن أو إذا أو متى أعطيتني ألفا فأنت طالق فالشرط لازم من جهته لا يصح إبطاله وكان على التراخي: أي وقت أعطته - على صفة يمكنه القبض ألفا فأكثر: وازنة إن كان شرطها وزنية وإلا فما شرط فإن اختلفا فقولها كما يأتي: بإحضار الألف: ولو كانت ناقصة في العدد: وأذنها في قبضه - طلقت بائنا وملكه وإن لم يقبضه1 لا أن أعطته دون ذلك وسبيكة تبلغ ألفا لأن السبيكة لا تسمى دراهم وإن قال أنت طالق بألف إن شئت لم تطلق حتى تشاء بالقول فإن شاءت ولو على التراخي وقع بائنا ويستحق الألف وإن قالت: أخلعني بألف أو على ألف أو طلقني بألف أو على ألف وإن قالت: أخلعني بألف أو على ألف أو طلقني بألف أو على ألف أو قالت: ولك ألف إن طلقتني أو خلعتني أو طلقتك وإن لم يذكر الألف بانت واستحق الألف من غالب نقد البلد ولها أن ترجع قبل أن يجيبها ولو قالت: طلقني بألف إلى شهر فطلقها قبله فلا شيء لها نصا وإن قالت من الآن إلى شهر فطلقها قبله استحقه وطلقني بألف: طلقتك ينوي به الطلاق صح واستحق الألف وإلا لم يصح الخلع ولم يستحق شيئا لأنه ما أجابها إلى ما بذلت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي وقت: اسم شرط. جونبه طلقت بائنا، وأما قوله بإحضار الألف وقوله بعد وأذنها فمتعلقان بقوله اعطته وهما بيان للإعطاء.

 

ج / 3 ص -260-  العوض فيه واخلعني بألف فقال طلقتك لم يستحقه لأنه أوقع طلاقا ما طلبته ووقع رجعيا وطلقني واحدة بألف أو على ألف أو ولك ألف ونحوه فطلقها ثلاثا أو اثنتين استحقه وطلقني واحدة بألف فقال: أنت طالق وطالق وطالق بانت الأولى وإن ذكر الألف عقيب الثانية بانت بها والأولى رجعية ولغت الثالثة وقيل تطلق ثلاثا وهو موافق لقواعد المذهب وإن قالت طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة لا يستحق شيئا ووقعت رجعية وإن لم يكن بقي من طلاقها إلا واحدة ففعل استحق الألف علمت أو لم تعلم فإن قال والحالة هذه أنت طالق طلقتين والأولى بألف والثانية بغير شيء وقعت الأولى واستحق الألف ولم تقع الثانية وإن قال: الأولى بغير شيء وقعت وحدها ولم يستحق شيئا لأنه لم يجعل لها عوضا وكملت الثلاث وإن قال: إحداهما بألف لزمها الألف وطلقني عشرا بألف فطلقها واحدة أو اثنتين فلا شيء له وإن طلقها ثلاثا استحق الألف وإن كان له امرأتان إحداهما رشيدة فقال: أنتما طالقتان بألف إن شئتما فقالتا: قد شئنا لزم الرشيدة نصف الألف وطلقت بائنا ووقع بالأخرى رجعيا ولا شيء عليها وقوله لرشيدتين أنتما طالقتان بألف فقبلت واحدة طلقت بقسطها وإن قالتا قد شئنا طلقتا بائنا ولزمهما العوض بينهما وقول امرأتيه طلقنا بألف فطلق واحدة بانت بقسطها من الألف ولو قالت إحداهما فرجعي ولا شيء له ولو قال: أنت طالق وعليك ألف أو على ألف أو بألف فقبلت في المجلس بانت واستحقه وإن لم تقبل وقع رجعيا وله الرجوع قبل قبولها,

 

ج / 3 ص -261-  ولا ينقلب بائنا ببذلها الألف في المجلس بعد عدم قبولها وأنت طالق ثلاثا بألف فقالت: قبلت واحدة بألف أو بألفين وقع الثلاث واسحق الألف وإن قالت قبلت بخمسمائة أو قبلت واحدة من الثلاث بثلث الألف لم يقع وأنت طالق طلقتين إحداهما بألف وقعت بها واحدة ووقفت الأخرى على قبولها وإن قال الأب طلق ابنتي وأنت برئ من صداقها فطلقها وقع رجعيا ولم يبرأ ولم يرجع على الأب ولم يضمن له وإن قال الزوج: هي طالق أن أبرأتني من صداقها فقال: قد أبرأتك لم يقع إلا إذا قصد الزوج مجرد اللفظ بالإبراء وإن قال هي طالق أن برئت من صداقها لم يقع وإن قال الأب طلقها على ألف من مالها وعلى الدرك فطلقها طلقت بائنا وتقدم في كتاب الصداق لو خالعته على صداقها أو بعضه أو أبرأته منه فليعاود.

فصل: - وإذا خالعته الزوجة في مرض موتها
فصل: - وإذا خالعته الزوجة في مرض موتها صح وله الأقل من المسمى في الخلع أو ميراثه منها وإن صحت من مرضها ذلك فله جميع ما خالعها به وإن طلقها في مرض موته أو وصى لها بأكثر من ميراثها لم تستحق أكثر من ميراثها وإن خالعها وحاباها فمن رأس المال ولك من صح أن يتصرف في الخلع لنفسه صح توكيله ووكالته فيه: من حر وعبد وذكر وأنثى ومسلم وكافر ومحجور عليه ورشيد فإذا وكل الزوج في خلع امرأته مطلقا فإن خالعها بمهرها فما زاد صح وإن نقص من المهر رجع على الوكيل بالنقص وصح الخلع ولو خالع وكيله بلا مال كان الخلع لغوا وإن عين للوكيل العوض فنقص منه لم يصح

 

ج / 3 ص -262-  الخلع وإن وكلت المرأة في ذلك فخالع بمهرها فما دونه أو بما عينته فما دونه صح وإن زاد صح ولزمت الوكيل الزيادة وإن خالف وكيل الزوج أو الزوجة جنسا أو حلولا أو نقد البلد لم يصح الخلع ولو كان وكيل الزوج والزوجة واحدا فله أن يتولى طرفي العقد كالنكاح وإذا تخالعا أو تطالقا تراجعا بما بينهما من حقوق النكاح فلا يسقط شيء منها ولو سكت عنها كالديون ولا تسقط نفقة عدة الحامل لا بقية ما خولع ببعضه.

فصل: - وإذا قال: خالعتك بألف
فصل: - وإذا قال: خالعتك بألف فأنكرته أو قالت: إنما خالعك غيري بانت والقول قولها بيمينها في العوض وإن قالت: نعم لكن ضمنه غيري لزمها الألف وعوض الخلع حال ومن نقد البلد وإن اختلفا في قدر العوض أو عينه أو ناجيله أو جنسه أو صفته أو هل هو وزني أو عددي فقولها مع يمينها غوان علق طلاقها أو عتقه بصفة ثم خالعها أو ابانها بثلاث أو دونها وباعه فوجدت الصفة أو لم توجد ثم عاد فتزوجها وملكه فوجدت الصفة طلقت وعتق وكذا الحكم لو قال: أن بنت مني ثم تزوجتك فأنت طالق فبانت ثم تزوجها ويحرم الخلع حيلة لإسقاط بمين طلاق ولا يصح قال الشيخ: كما لا يصح نكاح المحلل وقال: و لو أعتقد البينونة بذلك ثم فعل ما حلف عليه فكطلاق أجنبية فتبين امرأته على ما يأتي في آخر باب الشك في الطلاق ولو خالع وفعل المحلوف عليه بعد الخلع معتقد إن الفعل بعد الخلع لم تتناوله يمينه أو فعل المحلوف عليه معتقدا زوال النكاح لم يكن كذلك وهو كما لو حلف

 

ج / 3 ص -263-  على شيء يظنه فبان بخلاف ظنه1 ولو أشهد على نفسه بطلاق ثلاث ثم استفتى فأفتى بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة مستنده ويقبل بيمينه إن مستنده في إقراره ذلك ممن يجهله مثله انتهى ويأتي في صريح الطلاق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد أنه يحنث في طلاقه ومجرد ظنه السابق لا يعفيه من طائلة الحنث من قبيل هذا جميع صور الخلع التي يأتيها الناس في زمننا على زعمهم أنها مخرج لهم من الأيمان التي تورطوا فيها. وأنت تعلم أن جميع الحيل عندنا باطلة.


وقد تم بحمد الله الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع وأوله
كتاب الطلاق