الشرح
الكبير على متن المقنع * (باب زكاة بهيمة الأنعام) * * (مسألة) *
(ولا تجب إلا في السائمة منها) والسائمة الراعية وقد سامت تسوم سوما اذا
رعت، وأسمتها اذا رعيتها ومنه قوله تعالى (فيه تسيمون) وذكر السائمة هاهنا
احترازاً من المعلوفة والعوامل فانه لا زكاة فيها عند أكثر أهل العلم.
وحكي عن مالك ان فيها الزكاة لعموم قوله عليه السلام " في كل خمس شاة " قال
أحمد ليس في العوامل زكاة وأهل المدينة يرون فيها الصدقة وليس عندهم في هذا
أصل
(2/467)
ولنا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث بهز
بن حكيم " في كل سائمة في أربعين بنت لبون " قيده بالسائمة فدل على أنه لا
زكاة في غيرها، وحديثهم مطلق فيحمل على المقيد.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم " ليس في
العوامل صدقة " رواه الدارقطني، ولان وصف النماء معتبر في الزكاة،
والمعلوفة يستغرق علفها نماءها ولانها تعد للانتفاع دون النماء أشبهت ثياب
البذلة إلا أن تكون للتجارة فيجب فيها زكاة التجارة على ما يأتي إن شاء
الله * (مسألة) * (وهي التي ترعى في أكثر الحول) متى كانت سائمة في أكثر
الحول وجبت فيها الزكاة وهذا مذهب أبي حنيفة.
وقال الشافعي يعتب السوم في جميع الحول لأنه شرط في الزكاة أشبه الملك
وكمال النصاب ولان العلف مسقط والسوم موجب، فاذا اجتمعا غلب الاسقاط كما لو
كان فيها سائمة ومعلوفة
(2/468)
ولنا عموم النصوص الدالة على وجوب لزكاة في
الماشية، واسم السوم لا يزول بالعلف اليسير فلم يمنع دخولها في الاخبار،
ولأنه لا يمنع خفة المؤونة أشبه السائمة في جميع الحول، ولان العلف اليسير
لا يمكن التحرز عنه، فاعتباره في جميع الحول يفضي الى اسقاط الزكاة بالكلية
لا سيما عند من يسوغ له الفرار من الزكاة فانه متى أراد إسقاط الزكاة علفها
يوما فأسقطها ولأن هذا وصف معتبر في رفع الكلفة فاعتبر فيه الاكثر كالسقي
بغير كلفة في الزروع والثمار.
قولهم السوم شرط ممنوع بل العلف في نصف الحول فما زاد مانع، كما ان السقي
بكلفة كذلك مانع من وجوب العشر، ولئن سلمنا انه شرط فيجوز أن يكون الشرط
وجوده في أكثر الحول كالقى بغير كلفة شرط في وجوب العشر.
ويكتفي فيه بالوجود في الاكثر، ويفارق ما إذا كان بعض النصاب معلوفا لأن
النصاب سبب الوجوب
(2/469)
فلا بد من وجود الشرط في جميعه، والحول
والسوم شرط الوجوب فجاز أن يعتبر الشرط في أكثره * (مسألة) * وهي ثلاثة
أنواع (أحدها الابل فلا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً فتجب فيها شاة) بدأ بذكر
الابل لانها أهم لكونها أعظم النعم قيمة وأجساما وأكثر أموال العرب، ووجوب
الزكاة فيها مما أجمع عليه علماء الاسلام وصحت فيه السنة عن النبي صلى الله
عليه وسلم، ومن أحسن ما روي فيها ما روى البخاري بإسناده عن أنس بن مالك أن
أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له كتابا لما وجهه إلى البحرين: بسم الله
الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
والتي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على
وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط في أربع وعشرين فما دونها من الإبل
في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين
(2/470)
ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستاً
وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى
ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها
جذعة، فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى
وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتها الجمل، فإذا زادت على عشرين
ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع
من الإبل فليس عليه فيها صدقه إلا أن يشاري بها، فإذا بلغت خمساً من الإبل
ففيها شاة، وتمام الحديث نذكره إن شاء الله في أبوابه.
وقول الصديق
التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني قدر، ومنه فرض الحاكم للمرأة
بمعنى التقدير وقول المصنف: ولا شئ فيها حتى تبلع خمساً مجمع عليه، وقد دل
عليه قوله في هذا الحديث " ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها
صدقة " وقوله عليه السلام " ليس فيما دون خمس ذود صدقة، فإذا بلغت خمسا
ففيها شاة " وهذا مجمع عليه أيضاً، وقد دل عليه الحديث المذكور أيضاً،
(2/471)
وانما أوجب الشارع فيما دون خمس وعشرين من
الابل الشاة لأنها لا تحتمل المواساة من جنسها لان واحدة منها كثير وايجاب
شقص منها يضر بالمالك والفقير، والاسقاط غير ممكن فعدل الى ايجاب الشاة
جمعاً بين الحقوق فصارت أصلا في الوجوب لا يجوز إخراج الإبل مكانها (فصل)
ولا يجزي في الغنم المخرجة في الزكاة إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة أشهر
فما زاد، والثني من المعز وهو ماله سنة، وكذلك شاة الجبران وأيهما أخرج
أجزأه، ولا يعتبر كونها من جنس غنمه ولا جنس غنم البلد لأن الشاة مطلقة في
الخبر الذي ثبت به وجوبها، وليس غنمه ولا غنم البلد سبباً لوجوبها فلم
يتقيد بذلك كالشاة الواجبة في الفدية وتكون أنثى ولا يجزئ الذكر كالشاة
الواجبة في نصاب الغنم، ويحتمل أن تجزئه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق
الشاة ومطلق الشاة يتناول الذكر
(2/472)
والانثى وقياساً على الأضحية، فإن لم يكن
له غنم لزمه شراء شاة.
وقال أبو بكر يخرج عشرة دراهم قياساً على شاة الجبران ولنا أن النبي صلى
الله عليه وسلم نص على الشاة فيجب العمل بنصه ولان هذا اخراج قيمه فلم يجز
كالشاة الواجبة في نصبها، وشاة الجبران مختصة بالبدل بالدراهم بدليل أنها
لا تجوز بدلا عن الشاة الواجبة في سائمة الغنم، ولان شاة الجبران يجوز
ابدالها بالدراهم مع وجودها بخلاف هذه (فصل) وتكون الشاة المخرجة كحال
الابل في الجودة والرداءة التوسط فيخرج عن السمان سمينة وعن الهزال هزيلة،
وعن الكرام كريمة، وعن اللئام ليئمة، فان كانت مراضاً أخرج شاة صحيحة على
قدر قيمة المال، فيقال لو كانت الابل صحاحا كانت قيمتها مائة وقيمة مائة
وقيمة الشاة خمسة
(2/473)
فينقص من قيمتها قدر ما نقصت الابل، فان
نقصت الابل خمس قيمتها وجب شاة قيمتها أربعة، وقيل تجزئة شاة تجزئ في
الأضحية من غير نظر الى القيمة، وعلى القولين لا يجزئه مريضة لأن المخرج من
غير جنسها وليس كله مراضاً فتنزل منزلة الصحاح، والمراض لا تجزئ فيها إلا
صحيحة * (مسألة) * (فإن أخرج بعيراً لم يجزئه) يعني اذا أخرج بعيراً عن
الشاة الواجبة في الابل لم يجزه سواء كانت قيمته أكثر من قيمة الشاة أو لم
يكن، حكي ذلك عن مالك وداود.
وقال الشافعي وأصحاب الرأي: يجزئ البعير عن العشرين فما دونها ويتخرج لنا
مثل ذلك إذا كان المخرج مما يجزي عن خمس وعشرين لانه يحزئ عن خمس وعشرين
والعشرون داخله فيها ولأن ما أجزأ عن الكثير أجزأ عما دونه كابنتي لبون عما
دون ست وسبعين
(2/474)
ولنا انه أخرج غير المنصوص عليه من غير
جنسه فلم يجزه كما لو أخرج البعير عن أربعين شاة، ولانها فريضة وجبت فيها
شاة فلم يجز عنها البعير كنصاب الغنم، ويفارق ابنتي لبون عن الجذعة لانهما
من الجنس * (مسألة) * (وفي العشر شاتان، وفي خمسة عشرة ثلاث شياه، وفي
العشرين أربع شياه) وهذا كله مجمع عليه وثابت بسنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم التي رويناها وغيرها * (مسألة) * (فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت
مخاض وهي التي لها سنة) متى بلغت الابل خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض لا
نعلم فيه خلافاً إلا أنه يحكى عن علي رضي الله عنه في خمس وعشرين خمس شياه.
قال إبن المنذر: ولا يصح ذلك عنه وحكاه إجماعا، وابنة المخاض التي لها سنة
وقد دخلت في الثانية سميت بذلك لأن أمها قد حملت، والماخض الحامل وليس كون
أمها ماخضا شرطاً وانما ذكر تعريفاً لها بغالب حالها كتعريفه الربيبة
بالحجر، وكذلك بنت اللبون
(2/475)
وبنت المخاض أدنى سن تؤخذ في الزكاة، ولا
تجب إلا في خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين خاصة لما ذكرنا من الحديث
* (مسألة) * (فإن عدمها أجزاه ابن لبون وهو الذي له سنتان، فإن عدمه لزمه
بنت مخاض) إذا لم يكن في إبله بنت مخاض أجزأه ابن لبون ولا يجزئه مع وجودها
لأن في حديث أنس " فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى أن تبلغ خمساً
وثلاثين، فإن لم يكن فيها ابنة مخاض ففيها ابن لبون ذكر " رواه أبو داود،
وهذا مجمع عليه أيضاً، فإن اشترى ابنه مخاض وأخرجها جاز لانها الأصل، وان
أراد اخراج ابن لبون بعد شرائها لم يجز لأنه صار في إبله بنت مخاض، وإن لم
يكن في إبله ابن لبون وأراد الشراء لزمه شراء بنت مخاض وهذا قول مالك.
وقال الشافعي يجزئه شراء ابن لبون لظاهر الخبر
(2/476)
ولنا انهما استويا في العدم فلزمته ابنة
مخاض كما لو استويا في الوجود، والحديث محمول على حال وجوده لأن ذلك للرفق
به اغناء له عن الشراء، ومع عدمه لا يستغني عن الشراء.
على أن في بعض ألفاظ الحديث " فمن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجها وعند ابن
لبون فإنه يقبل منه وليس معه شئ " فشرط في قبوله وجوده وعدمها وهذا في حديث
أبي بكر، وفي بعض الالفاظ أيضاً " ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده
إلا ابن لبون " وهذا تقييد يتعين حمل المطلق عليه.
وإن لم يجد الا ابنة مخاض معيبة فله الانتقال إلى ابن لبون لقوله في الخبر
" فمن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها " ولأن وجودها كعدمها لكونها لا
يجوز اخراجها فأشبه الذي لا يجد إلا ماء لا يجوز الوضوء به في انتقاله الى
البدل، وان وجد ابنة مخاض أعلا من صفة الواجب لم يجزه ابن لبون
(2/477)
لوجود بنت مخاض على وجهها ويخير بين
اخراجها وبين شراء بنت مخاض على صفة الواجب.
وقال أبو بكر: يجب عليه اخراجها بناء على قوله أنه يخرج عن المراض صحيحة
حكاه عنه ابن عقيل والأول أولى لأن الزكاة وجبت على وجه المساواة وكانت من
جنس المخرج عنه كزكاة الحبوب (فصل) ولا يجبر نقص الذكورية بزيادة سن في غير
هذا الموضع فلا يجزئه أن يخرج عن بنت لبون حقا، ولا عن الحقة جذعا مع
وجودها ولا عدمها.
وقال القاضي وابن عقيل: يجوز ذلك عند العدم
كابن لبون عن بنت مخاض ولنا أنه لا نص فيها ولا يصح قياسهما وعلى ابن لبون
مكان بنت مخاض لان زيادة سن ابن لبون على بنت مخاض يمتنع بها من صغار
السباع ويرعى الشجر بنفسه وير الماء ولا يوجد هذا في الحق
(2/478)
مع بنت لبون لانهما يشتركان في هذا فلم يبق
إلا مجرد زيادة السن فلم يقابل الانوثية، ولان تخصيصه في الحديث بالذكر دون
غيره يدل على اختصاصه بالحكم بدليل الخطاب * (مسألة) * (وفي ست وثلاثين بنت
لبون وفي ست وأربعين حقة وهي التي لها ثلاث سنين وفي إحدى وستين جذعة وهي
التي لها أربع سنين، وفي ست وسبعين ابنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى
مائة وعشرين) وهذا كله مجمع عليه، والخبر الذي رويناه يدل عليه، وبنت
اللبون التي تمت لها سنتان ودخلت في الثانية سميت بذلك لأن أمها قد وضعت
فهي ذات لبن، والحقة التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة سميت بذلك لأنها
قد استحقت أن يطرقها الفحل واستحقت أن يحمل عليها وتركب، والجذعة التي لها
أربع سنين ودخلت في الخامسة وقيل لها ذلك لانها تجذع اذا سقطت سنها، وهي
أعلا سن
(2/479)
تجب في الزكاة، وإن رضي رب المال أن يخرج
مكانها ثنية جاز وهي التي لها خمس سنين ودخلت في السادسة سميت بذلك لأنها
قد ألقت ثنيتها، وهذا المذكور في الاسنان ذكره أبو عبيد حكاية عن الاصمعي
وأبي زيد الانصاري وأبي زياد الكلابي وغيرهم * (مسألة) * (فإذا زادت على
عشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل
خمسين حقة) اذا زادت الابل على عشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون كما
ذكر في أظهر الروايتين وهذا مذهب الأوزاعي والشافعي واسحق، وفيه رواية
ثانية لا يتغير الفرض الى ثلاثين ومائة فيكون فيها حقة وبنتا لبون وهذا
مذهب محمد بن إسحق وأبي عبيد وإحدى الروايتين عن مالك لان الفرض
لا يتغير بزيادة الواحدة بدليل سائر الفروض
(2/480)
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا
زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون " والواحدة زيادة وقد جاء
مصرحاً به في حديث الصدقات الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
عند آل عمر بن الخطاب رواه أبو داود والترمذي وقال هو حديث حسن.
وقال ابن عبد البر: هو أحسن شئ روي في أحاديث الصدقات فان فيه " فإذا كانت
إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون " وهذا صريح لا يجوز العدول عنه
ولان سائر ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم غاية للفرض اذا زا عليه واحدة
تغير الفرض، كذا هذا قولهم ان الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة، قلنا هذا ما
تغير بالواحدة وحدها بل تغير بها مع ما قبلها فهي كالواحدة الزائدة على
التسعين والستين وغيرها.
وقال ابن مسعود والنخعي
(2/481)
والثوري وأبو حنيفة: اذا زادت الابل على
عشرين ومائة استؤنفت الفريضة في كل خمس شاة الى خمس وأربعين ومائة فيكون
فيها حقتان وبنت مخاض الى خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق، ويستأنف الفريضة في
كل خمس شاة لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم كتابا
ذكر فيه الصدقات والديات وذكر فيه مثل هذا.
ولنا أن في حديثي الصدقات الذي كتبه أبو بكر لأنس والذي كان عند آل عمر بن
الخطاب مثل مذهبنا وهما صحيحان وأما كتاب عمرو بن حزم فقد اختلف في صفته
فرواه الأثرم في سننه مثل مذهبنا والأخذ بذلك أولى لموافقته الاحاديث
الصحيحة مع موافقته القياس فان المال اذا وجب فيه من جنسه لم يجب من غير
جنسه كسائر بهيمة الانعام، وانما وجبت في الإبتداء من غير جنسه لانه ما
احتمل المواساة
(2/482)
من جنسه فعدلنا الى غير الجنس ضرورة وقد
زال بكثرة المال وزيادته ولانه عندهم ينتقل من بنت مخاض الى حقة بزيادة خمس
من الإبل وهي زيادة يسيرة لا تقتضي الانتقال الى حقة، فانا لم ننتقل في محل
الوفاق من بنت مخاض إلى حقه إلا بزيادة إحدى وعشرين، فإن زادت على عشرين
ومائة جزءاً من بعير لم يتغير الفرض اجماعا لأن في بعض الروايات فاذا زادت
واحدة وهذا يقيد مطلق الزيادة في الرواية الأخرى ولان سائر الفروض لا يتغير
بزيادة جزء كذا هذا.
وعلى كلتا الروايتين متى بلغت مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون، وفي مائة
وأربعين حقتان وبنت لبون، وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق، وفي مائة وستين أربع
بنات لبون، ثم كلما زادت على ذلك عشراً أبدلت بنت لبون بحقة، ففي مائة
وسبعين حقة وثلاث بنات لبون، وفي مائة وثمانين حقتان وابنتا لبون، وفي مائة
وتسعين ثلاث حقاق وبنت لبون
(2/483)
* (مسألة) * (فإذا بلغت مائتين انفق
الفرضان، فإن شاء أخرج أربع حقاق، وإن شاء خمس بنات لبون، والمنصوص انه
يخرج الحقاق) اذا بلغت إبله مائتين اجتمع الفرضان لأن فيها أربع خمسينات
وخمس أربعينات فيجب عليه أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي الفرضين شاء أخرج
لوجود المقتضي لكل واحد منهما، وإن كان أحدهما أفضل من الاخر، ومنصوص أحمد
رحمه الله أنه يخرج الحقاق وذلك محمول على أن عليه أربع حقاق بصفة التخيير
اللهم إلا أن يكون المخرج ولي يتيم أو مجنون فليس له أن يخرج من ماله إلا
أدنى الفرضين، وقال الشافعي الخيرة الى الساعي، ومقتضى قوله أن رب المال
إذا أخرج لزمه اخراج أعلا الفرضين، واحتج بقول الله تعالى (ولا تيمموا
الخبيث منه تنفقون) ولأنه وجد سبب الفرضين
(2/484)
فكانت الخيرة الى المستحق أو نائبه كفتل
العمد الموجب للقصاص أو الدية.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الصدقات الذي كان عند آل عمر بن
الخطاب " فإذا كانت مائتان ففيها أربع حقان أو خمس بنات لبون أي الشيئين
وجدت أخذت " وهذا نص لا يعرج معه على ما يخالفه ولانها زكاة ثبت فيها
الخيار فكان ذلك لرب المال، كالخيرة في الجبران بين الشياه ولدراهم وبين
النزول والصعود والآية لا تتناول ما نحن فيه لأنه إنما يأخذ الفرض بصفة
المال بدليل أنه يأخذ من الكرام كريمة ومن غيرها من الوسط فلا يكون خبيثاً
ولأن الادنى ليس بخبيث وكذلك
لو لم يكن يوجد إلا سبب وجوبه وجب إخراجه، وقياسنا أولى من قياسهم، لأن
قياس الزكاة على مثلها أولى من قياسها على الديات، فإن كان أحد الفرضين في
ماله دون الآخر فهو مخير بين اخراجه
(2/485)
وشراء الآخر، ولا يتعين عليه اخراج الموجود
لأن الزكاة لا تجب من عين المال، وقال القاضي يتعين عليه اخراح الموجود وهو
بعيد لما ذكرنا إلا أن يكون أراد إذا عجز عن شراء الاخر.
(فصل) فإن أراد إخراج الفرض من نوعين نظرنا فإن لم نحتج الى تشقيص كزكاة
الثلاثمائة يخرج عنها حقتين وخمس بنات لبون جاز، وهذا مذهب الشافعي وإن
احتاج الى تشقيص كزكاة المائتين لم يجز لأنه لا يمكن من غير تشقيص، وقيل
يحتمل أن يجوز على قياس قول أصحابنا في جواز عتق نص عبدين في الكفارة وهذا
غير صحيح فإن الشرع لم يرد بالتشقيص في زكاة السائمة إلا من حاجة ولذلك جعل
لها أوقاصاً دفعاً للتشقيص عن الواجب فيها وعدل فيما دون خمس وعشرين من
الابل عن الجنس الى الغنم فلا يجوز القول بجوازه مع امكان العدول عنه إلى
فريضة كاملة وإن وجد
(2/486)
أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا لا يمكنه
اخراجه الا بجبران معه مثل أن يجد في المائتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق
تعين أخذ الفريضة الكاملة لان الجبران بدل لا يجوز مع المبدل وإن كان كل
واحد يحتاج الى جبران، مثل أن يجد أربع بنات لبون وثلاث حقاق فهو مخير
أيهما شاء أخرج بنات اللبون وحقة وأخذ الجبران، وان شاء أخرج الحقاق وبنت
اللبون مع جبرانها، فان قال خذوا مني حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لم
يجز لأنه لا يعدل عن الفرض مع وجوده إلى الجبران ويحتمل الجواز لكونه لا بد
من الجبران، وإن لم يجد الا حقة وأربع بنات لبون أداها وأخذ الجبران ولم
يكن له دفع ثلاث بنات لبون وحقة مع الجبران في أصح الوجهين، ولأصحاب
الشافعي وجهان كهذين وان كان الفرضان معدومين أو معيبين فله العدول عنهما
مع الجبران فإن شاء أخرج أربع جذعات وأخذ
(2/487)
ثماني شياه أو ثمانين درهما وان شاء دفع
خمس بنات مخاض ومعها عشر شياه أو مائة درهم، وإن
أحب أن ينتقل عن الحقاق الى بنات المخاض أو عن بنات اللبون الى الجذع لم
يجز لأن الحقاق وبنات اللبون منصوص عليهن في هذا المال فلا يصعد الى الحقاق
بجبران ولا ينزل الى بنات اللبون بجبران * (مسألة) * (وليس فيما بين
الفريضتين شئ) ما بين الفريضتين يسمى الاوقاص ولا شئ فيها لعفو الشارع
عنها، قال الأثرم قلت لأبي عبد الله الاوقاص كما بين الثلاثين الى الاربعين
في البقر وما أشبه هذا؟ قال نعم.
والشنق ما دون الفريضة قلت له كأنه ما دون الثلاثين من البقر؟ قال نعم؟
وقال الشعبي الشنق ما بين الفريضتين أيضاً، قال أصحابنا والزكاة تتعلق
بالنصاب دون الوقص، ومعناه أنه إذا كان عنده ثلاثون من الإبل فالزكاة تتعلق
(2/488)
بخمس وعشرين دون الخمسة الزائدة فعلى هذا
لو وجبت الزكاة فيها وتلفت الخمسة قبل التمكن من أدائها، وقلنا إن تلف
المال قبل التمكن يسقط الزكاة لم يسقط ههنا منها شئ لان التالف لم تتعلق
الزكاة به، وان تلف منها عشر سقط من الزكاة خمسها لان الاعتبار بتلف جزء من
النصاب وانما تلف من النصاب، خمسة، وأما من قال: لا تأثير لتلف النصاب في
إسقاط الزكاة فلا فائدة في الخلاف عنده في هذه المسألة فيما أعلم.
* (مسألة) * (ومن وجبت عليه سن فعدمها أخرج سناً أسفل منها ومعها شاتان أو
عشرون درهما وان شاء أخرج أعلى منها وأخذ مثل ذلك من الساعي) هذا هو المذهب
إلا أنه لا يجوز أن يخرج أدنى من ابنة مخاض لانها أدنى سن تجب في الزكاة
(2/489)
ولا يخرج أعلى من الجذعة إلا أن يرضي رب
المال باخراجها بغير جبران فيقبل منه، والاختيار في الصعود والنزول والشياه
والدراهم الى رب المال، وبهذا قال النخعي والشافعي وابن المنذر واختلف فيه
عن إسحق، وقال الثوري يخرج شاتين أو عشرة دراهم لان الشاة مقومة في الشرع
بخمسة دراهم بدليل أن نصابها أربعون، ونصاب الدراهم مائتان، وقال أصحاب
الرأي يدفع قيمة ما وجب عليه أو دون السن الواجبة وفضل ما بينهما دراهم.
ولنا أن في حديث الصدقات الذي كتبه أبو بكر لأنس أنه قال: ومن بلغت عنده من
الابل صدقة الجذعة وليست عنده حقة فانها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين
إن استيسرتا له أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده
الجذعة فانها تقبل منه الجذعة
(2/490)
وبعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، ومن
بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الا ابنة لبون فانها تقبل منه بنت لبون
ويعطي شاتين أو عشرين درهما، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت
مخاض فانها نقبل منه بنت مخاض ويعطي معها عشرين درهما أو شاتين، وهذا نص
ثابت صحيح فلا يلتفت الى ما سواه، إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز العدول إلى هذا
الجبران مع وجود الاصل لانه مشروط في الخبر بعدم الاصل، فإن أراد أن يخرج
في الجبران شاة وعشرة دراهم.
فقال القاضي يجوز كما قلنا في الكفارة له إخراجها من جنسين، ولأن الشاة
مقام عشرة دراهم فإذ اختار اخراجها وعشرة جاز، ويحتمل المنع لأن النبي صلى
الله عليه وسلم " خير بين شاتين أو عشرين درهما " وهذا قسم ثالث فتجويزه
يخالف الخبر والله أعلم.
(2/491)
* (مسألة) * (فإن عد السن التي تليها انتقل
إلى الأخرى وجبرها بأربع شياه أو أربعين درهما وقال أبو الخطاب لا ينتقل
إلا الى سن تلي الواجب) وذلك كمن وجبت عليه جذعة فعدمها وعدم الحقة أو وجبت
عليه حقة فعدمها وعدم الجذعة وبنت اللبون فيجوز أن ينتقل إلى السن الثالث
مع الجبران، فيخرج في الصورة الأولى ابنة لبون ومعها أربع شياه أو أربعين
درهما ويخرج ابنة مخاض في الثانية ويخرج معها مثل ذلك ذكره القاضي وذكر أن
أحمد أومأ اليه وهو مذهب الشافعي، وقال أبو الخطاب لا ينتقل إلا الى سن تلي
الواجب فأما ان انتقل من حقة الى بنت مخاض أو من حذعة الى بنت لبون، لم يجز
لأن النص إنما ورد بالعدول الى سن واحدة فيجب الاقتصار عليه كما اقتصرنا في
أخذ الشاة عن الابل على الموضع الذي
(2/492)
ورد به النص وهذا قول ابن المنذر، ووجه
الأول أنه قد جوز الانتقال الى السن التي تليه مع الجبران وجوز العدول عنها
أيضاً اذا عدم مع الجبران إذا كان هو الفرض وههنا لو كان موجودا أجزأ فاذا
عدم جاز العدول الى ما يليه مع الجبران، والنص اذا عقل عدي وعمل بمعناه،
وعلى مقتضى هذا القول يجوز العدول عن الجذعة الى بنت مخاض مع ست شياه أو
ستين درهما، ومن بنت مخاض إلى الجذعة ويأخذ ست شياه، أو ستين درهما، وان
أراد أن يخرج عن الاربع شياه شاتين وعشرين درهما جاز لانهما جبرانان فهما
كالكفارتين وكذلك في الجبران الذي يخرجه عن فرض المائتين من الإبل إذا أخرج
عن خمس بنات لبون خمس بنات مخاض أو مكان أربع حقاق أربع بنات لبون جاز أن
يخرج بعض الجبران دراهم وبعضه شياها.
ومتى وجد سنا تلي الواجب لم يجز العدول الى
(2/493)
سن لا تليه لان الانتقال عن السن التي تليه
الى السن الاخرى بدل لا يجوز مع إمكان الاصل فلو عدم الحقة وابنة اللبون
ووجد الجذعة وابنة المخاض وكان الواجب الحقة لم يجز العدول الى بنت المخاض
وإن كان الواجب ابنة لبون لم يجز إخراج الجذعة.
(فصل) فإن كان النصاب كله مراضا وفريضته معدومة فله أن يعدل إلى السن
السفلى مع دفع الجبران، وليس له أن يصعد مع أخذ الجبران لان الجبران أكثر
من الفضل الذي بين الفرضين وقد يكون الجبران خيراً من الاصل فان قيمة
الصحيحين أكثر من قيمة المريضين وكذلك قيمة ما بينهما وإذا كان كذلك لم يجز
في الصعود وجاز في النزول لانه متطوع بالزائد، ورب المال يقبل منه الفضل
ولا يجوز للساعي أن يعطي الفضل من المساكين لذلك فإن كان المخرج ولياً
ليتيم لم يجز له النزول أيضاً
(2/494)
لأنه لا يجوز أن يعطي الفضل من مال اليتيم
فيتعين شراء الفرض من غير المال * (مسألة) * ولا مدخل للجبران في غير
الإبل.
وذلك لأن النص إنما ورد فيها ولبس غيرها في معناها لانها أكثر قيمة ولان
الغنم لا تختلف فريضتها باختلاف سنها وما بين الفريضتين في البقر يخالف ما
بين الفريضتين في الابل فامتنع القياس فمن عدم فريضة البقر أو الغنم ووجد
دونها لم يجز
له اخراجها وان وجد أعلى منها فأحب أن يدفعها متطوعا بغير جبران قبلت منه
وإن لم يفعل كلف شراءها من غير ماله.
(فصل) قال رضي الله عنه: (النوع الثاني البقر: ولا شئ فيها حتى تبلغ ثلاثين
فيجب فيها تبيع أو تبيعة وهي التي لها سنة، وفي الأربعين مسنة وهي التي لها
سنتان، وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة)
(2/495)
صدقة البقر ثابتة بالسنة والإجماع، أما
السنة فروى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " ما
من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما
كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها كلما نفدت أخراها عادت عليه
أولاها حتى يقضي بين الناس " متفق عليه.
وعن معاذ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم الى اليمن وأمرني إن أخذ من
كل حالم دينارا أو عدله معافر.
وأمرني إن أخذ من كل أربعين مسنة ومن كل ثلاثين بقرة تبيعاً حولياً.
رواه الإمام أحمد وهذا لفظه وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ولم
يذكر الترمذي حولياً وقال حديث حسن وعند النسائي قال: أمرني رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين بعثني إلى اليمن أن لا آخذ من البقر شيئاً حتى تبلغ
ثلاثين فإذا بلغت ثلاثين ففيها عجل تابع جذع أو جذعة حتى تبلغ أربعين فإذا
بلغت أربعين
(2/496)
بقرة مسنة.
وروى الإمام أحمد بإسناده عن يحيى بن الحكم إن معاذاً قال: بعثني رسول الله
صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن وأمرني إن أخذ من البقر من كل ثلاثين
تبيعا ومن كل أربعين مسنة.
قال: فعرضوا علي أن آخذ مما بين الأربعين والخمسين وبين الستين والسبعين
وما بين الثمانين والتسعين فأبيت ذلك وقلت لهم حتى أسأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن ذلك فقدمت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني إن أخذ من
كل ثلاثين تبيعا ومن أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة
وتبيعا، ومن الثمانين مسنتين ومن التسعين ثلاثة أتباع ومن المائة مسنة
وتبيعين ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو
أربعة أتباع.
وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ فيما
بين ذلك شيئاً حتى تبلغ مسنة أو جذعا يعني تبيعا.
وزعم ان الأوقاص لا فريضة فيها ولا نعلم خلافاً
(2/497)
في وجوب الزكاة في البقر قال أبو عبيد: لا
أعلم الناس يختلفون فيه اليوم، ولا تجب في البقر زكاة حتى تبلغ ثلاثين في
قول جمهور العلماء وحكي عن سعيد بن المسيب والزهري أنهما قالا في كل خمس
شاة لانها عدلت بالابل في الهدي والأضحية كذلك في الزكاة ولنا ما تقدم من
الخبر، ولأن نصب الزكاة انما تثبت بالنص والتوقيف وليس فيما ذكراه نص ولا
توقيف فلا يثبت وقياسهم منتقض بخمس وثلاثين من الغنم فانها تعدل بخمس من
الإبل في الهدي ولا زكاة فيها وانما تجب الزكاة فيها إذا كانت سائمة وحكي
عن مالك في العوامل والمعلوفة زكاة كقوله في الإبل لعموم الخبر.
(2/498)
ولنا ما روى عمر وبن شعيب عن أبيه عن جده
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس في العوامل صدقة " رواه الدارقطني.
وعن علي رضي الله عنه قال الراوي أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم في
صدقة البقر قال: " وليس في العوامل شئ " رواه أبو داود.
وهذا مقيد يحمل عليه المطلق ولأنه قول علي ومعاذ وجابر ولأن صفة النماء
معتبرة في الزكاة وإنما توجد في السائمة * (فصل) * والواجب فيها في كل
ثلاثين تبيع أو تبيعة وهو الذي له سنة ودخل في الثانية وقيل له ذلك لأنه
يتبع أمه، وفي كل أربعين مسنة وهي التي لها سنتان وهي الثنية، ولا فرض في
البقر غيرهما
(2/499)
وفي الستين تبيعان كما ذكر في أول المسألة
وهذا قول جمهور العلماء منهم الشعبي والنخعي والحسن ومالك والليث والثوري
والشافعي واسحق وأبو عبيد وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة في رواية عنه
فيما زاد على الاربعين بحسابه في كل بقرة ربع عشر مسنة فراراً من جعل الوقص
تسعة عشر فانه مخالف لجميع أوقاصها فانها عشرة عشرة ولنا حديث معاذ المذكور
وهو صريح في محل النزاع ولأن البقر أحد بهيمة الانعام فلم يجب في
زكاتها كسر كسائر الأنواع ولا ينتقل من فرضها فيها بغير وقص كسائر الفروض
وكما بين الثلاثين
(2/500)
والأربعين، ومخالفة قولهم للاصول أشد من
الوجوه التي ذكرناها وعلى ان أوقاص الابل والغنم مختلفة فجاز الاختلاف ههنا
فان رضي رب المال باعطاء المسنة عن التبيع والتبيعين عن المسنة أو أكبر
منها سنا عنها جاز والله أعلم.
* (مسألة) * ولا يجزئ الذكر في الزكاة في غير هذا إلا ابن لبون مكان بنت
مخاض إذا عدمها إلا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزئ الذكر في الغنم وجها
واحداً وفي البقر والابل في أحد
(2/501)
الوجهين.
الذكر لا يخرج في الزكاة أصلا إلا في البقر فأما ابن لبون مكان بنت مخاض
فليس بأصل ولهذا لا يجزئ مع وجودها وإنما يجزئ الذكر في البقر عن الثلاثين
وما تكرر منها كالستين والتسعين وما تركب من الثلاثين وغيرها كالسبعين فيها
تبيع ومسنة، وان شاء أخرج مكان الذكور أناثاً لورود النص بهما فأما
الاربعون وما تكرر منها كالثمانين فلا يجزئ في فرضها إلا الأناث لنص الشارع
عليها إلا أن يخرج عن المسنة تبيعين فيجوز، فاذا بلغت مائة وعشرين خير
المالك بين إخراج
(2/502)
ثلاث مسنات أو أربعة أتباع أيهما شاء أخرج
على ما نطق به الخبر، هذا التفصيل فيما إذا كان في بقر أناث * (فصل) * وإذا
كان في ماشيته إناث لم يجز اخراج الذكر وجها واحداً الا في الموضعين
المذكورين وقال أبو حنيفة: يجوز اخراج الذكر من الغنم الاناث لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم " في أربعين شاة شاة "
(2/503)
ولفظ الشاة يقع على الذكر والأنثى ولأن
الشاة اذا أمر بها مطلقاً أجزأ فيها الذكر والأنثى كالاضيحة ولنا أنه حيوان
تجب الزكاة في عينه فكانت الانوثية معتبرة في فرضه كالابل والمطلق يتقيد
بالقياس على سائر النصب، والأضحية غير معتبرة بالمال بخلاف مسئلتنا (فصل)
فإن كانت ماشيته كلها ذكوراً أجزأ الذكر في الغنم وجها واحداً ولأن الزكاة
مواساة
فلا يكلف المواساة من غير ماله، ويجوز إخراجه في البقر في أصح الوجهين
لذلك، وفيه وجه آخر أنه
(2/504)
لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص
على المسنات في الاربعينات، فيجب اتباع مورده فيكلف شراءها اذا عدمها كما
لو لم يكن في ماشيته إلا معيباً.
والصحيح الاول لانا قد جوزنا الذكر في الغنم مع انه لا مدخل له في زكاتها
مع وجود الاناث، فالبقر التي للذكر فيها مدخل أولى وفي الابل وجهان أوجههما
ما ذكرنا والفرق بين النصب الثلاثة أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على
الأنثى في فرائض الابل والبقر، وأطلق الشاة الواجبة، وقال في الابل من لم
يجد بنت مخاض أخرج ابن لبون ذكراً ومن حيث المعنى أن الابل يتغير فرضها
بزيادة السن فاذا جوزنا اخراج الذكر أفضى الى التسوية بين الفرضين لانه
يخرج ابن لبون عن خمس وعشرين للخبر وعن ست وثلاثين، وهذا المعنى يختص الابل
فعلى هذا يخرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر فان قيل فالبقر أيضاً يأخذ منها
تبيعاً عن ثلاثين وتبيعاً عن أربعين إذا كانت
(2/505)
كلها أتبعة وقلنا بأخذ الصغيرة من الصغار
قلنا هذا يلزم مثله في اخراج الانثى فلا فرق، ومن جوز اخراج الذكر في الكل
قال يأخذ ابن لبون من خمس وعشرين قيمته دون قيمة ابن لبون يأخذه من ستة
وثلاثين ويكون بينهما في القيمة كما بينهما في العدد ويكون الفرض بصفة
المال واذا اعتبرنا القيمة لم يرد إلى التسوية كما قلنا في الغنم، ويحتمل
أن يخرج ابن مخاض عن خمسة وعشرين من الابل فيقوم الذكر مقام الانثى التي في
سنة كسائر النصب.
* (مسألة) * (ويؤخذ من الصغار صغيرة ومن المراض مريض، وقال أبو بكر لا يؤخذ
إلا كبيرة صحيحة على قدر المال) .
متى كان حال نصاب كله صغاراً جاز أخذ الصغيرة في الصحيح من المذهب وانما
يتصور ذلك
(2/506)
بان تبديل كبار بصغار في أثناء الحول أو
يكون عنده نصاب من الكبار فتوالد نصابا من الصغار ثم تموت الامهات، ويحول
الحول على الصغار، وقال أبو بكر لا يؤخذ إلا كبيرة تجزي في الاضحية وهو قول
مالك لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما حقنا في الجذعة أو الثنية "
ولأن زيادة السن في المال لا يزيد بها الواجب كذلك نقصانه لا ينقص به.
ولنا قول الصديق رضي الله عنه والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها، فدل على أنهم كانوا يؤدون
العناق ولانه مال تجب فيه الزكاة من غير إعتبار قيمته فيجزي الاخذ من عينه
كسائر الأموال.
وأما زيادة السن فليس يمتنع الرفق بالمالك في الموضعين كما أن ما دون
النصاب عفو وما فوقه عفو والحديث
(2/507)
محمول على مال فيه كبار وظاهر ما ذكره
شيخنا هاهنا وقول الاصحاب أن الحكم في الفصلان والعجول كالحكم في السخال
لما ذكرنا في الغنم ويكون التعديل بالقيمة مكان زيادة السن كما قلنا في
اخراج الذكر من الذكور، قال شيخنا ويحتمل أن لا يجوز اخراج الفصلان والعجول
وهو قول الشافعي لئلا يفضي إلى التسوية بين الفروض فيخرج ابنة مخاض عن خمس
وعشرين وست وثلاثين وست وأربعين وإحدى وستين، ويخرج ابنتي اللبون عن ست
وسبعين واحدى وتسعين ومائة وعشرين ويفضي الانتقال من بنت اللبون الواحدة من
إحدى وستين الى ابنتي لبون في ست وسبعين مع تقارب الوقص بينهما وبينهما في
الاصل أربعون، والخبر ورد في السخال فيمتنع قياس الفصلان والعجول عليها لما
ذكرنا من الفرق.
(2/508)
(فصل) وكذلك إذا كان النصاب كله مراضا
فالصحيح من المذهب جواز اخراج الفرض منه ويكون وسطاً في القيمة ولا اعتبار
بقلة العيب وكثرته لأن القيمة تأتي على ذلك وهو قول الشافعي وأبي يوسف
ومحمد وقال مالك إن كانت كلها جربا اخرج جرباء وان كانت هتما كلف شراء
صحيحة وقال أبو بكر لا يجزئ إلا صحيحة لأن أحمد قال لا يؤخذ إلا ما يجوز في
الاضاحي وللنهي عن أخذ ذات العوار فعلى هذا يكلف شراء صحيحة بقدر قيمة
المريضة ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إياك وكرائم أموالهم " وقال "
إن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره " رواه
أبو داود، ولأن مبنى الزكاة على المواساة وتكليف الصحيحة عن المراض اخلال
بالمواساة ولهذا يأخذ من الردئ من الحيوان والثمار من جنسه، ومن اللئام
والهزال من المواشي من جنسه كذا هذا
(2/509)
وأما الحديث فيحممل على ما إذا كان فيه
صحيح فان الغالب الصحة وإن كان في النصاب بعض الفريضة صحيحاً أخرج الصحيحة
وتمم الفريضة من المراض على قدر المال ولا فرق في هذا بين الإبل والبقر
والغنم، والحكم في الهرمة والمعيبة كالحكم في المريضة سواء لأنها في معناها
والله أعلم (فصل) فإن اجتمع كبار وصغار وصحاح ومراض وذكور وإناث لم يؤخذ
إلا أنثى كبيرة صحيحة على قدر قيمة المالين متى كانت عنده نصاب فنتجت منه
سخال في أثناء الحول وجبت الزكاة في الجميع في قول أكثر أهل العلم وكأن حول
السخال حول أصلها، وحكي عن الحسن والنخعي لا زكاة في السخال حتى يحول عليها
الحول لقوله عليه السلام " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول "
(2/510)
ولنا قول عمر رضي الله عنه لساعيه: اعتد
عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم.
وهو مذهب علي رضي الله عنه ولا يعرف لهما مخالف في الصحابه فكان إجماعاً.
والخبر مخصوص بمال التجارة فانه يضم اليه نماؤه بالاتفاق فيقاس عليه والحكم
في فصلان الابل وعجاجيل البقر كالحكم في السخال.
إذا ثبت هذا فان السخلة لا تؤخذ في الزكاة لما ذكرنا من قول عمر ولما ذكرنا
في المسألة التي قبلها (فصل) وإن كان في النصاب ذكور وإناث لم يؤخذ الا
انثى وقد ذكرنا ذلك، وإن كان فيه صحاح وأمراض أخرج صحيحة قيمتها على قدر
قيمة المالين ولا يجوز إخراج المريضة لقوله تعالى (ولا تيمموا الخبيث منه
تنفقون) ولقوله عليه السلام " ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا
تيس إلا أن يشاء المصدق "
(2/511)
وان كان النصاب كله مراضا الا مقدار الفرض
فهو مخير بين اخراجه وبين شراء فريضة قليلة القيمة فيخرجها، ولو كانت
الصحيحة غير الفريضة بعدد الفريضة مثل من وجب عليه ابنتا لبون وعنده حواران
صحيحان فان عليه شراء صحيحتين فيخرجهما وان وجبت عليه حقتان وعنده ابنتا
لبون صحيحتان خير بين اخراجهما مع الجبران وبين شراء حقتين صحيحتين على قدر
قيمة المال، وان كان عنده جزعتان صحيحتان فله اخراجهما مع أخذ الجبران، وان
كان عليه حقتان ونصف ماله صحيح ونصفه مريض فقال ابن عقيل له اخراج حقة
صحيحة وحقة مريضة لأن النصف الذي يجب فيه احدى الحقتين مريض كله، والصحيح
في المذهب خلاف ذلك لأن في ماله صحيحاً ومريضاً فلم يملك اخراج مريضة كما
لو كان نصابا واحداً ولم يتعين النصف الذي وجبت فيه الحقة في المراض
(2/512)
وكذلك لو كان لشريكين لم يتعين حق أحدهما
في المراض دون الآخر، وإن كان النصاب كله صحيحا لم يجز اخراج المعيبة وإن
كثرت قيمتها للنهي عن أخذها، ولما فيه من الاضرار بالفقراء ولهذا يستحق
ردها في البيع وإن كثرت قيمتها * (مسألة) * (وإن كان نوعين كالبخاتي
والعراب والبقر والجواميس والضأن والمعز، أو كان فيه كرام ولئام وسمان
ومهاريل أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين.
لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في ضم أنواع الاجناس بعضها إلى بعض في إيجاب
الزكاة، قال إبن المنذر أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم على ضم الضأن الى
المعز إذا ثبت هذا فانه يخرج الزكاة من أي الأنواع أحب سواء دعت الحاجة الى
ذلك، بان يكون الواجب واحداً أو لا يكون أحد النوعين
(2/513)
موجباً لواحد أو لم تدع بأن يكون كل واحد
من النوعين فيه فريضة كاملة، وقال عكرمة ومالك واسحق يخرج من أكثر العددين
فان استويا أخرج من أيهما شاء، وقال الشافعي القياس أن يؤخذ من كل نوع ما
يخصه اختاره ابن المنذر لأنها أنواع تجب فيها الزكاة فتجب زكاة كل نوع منه
كانواع الثمرة والحبوب ولنا أنهما نوعا جنس من الماشية فجاز الاخراج من
أيهما شاء، كما لو استوى العددان وكالسمان
والمهازيل، وما ذكره الشافعي يفضي لى تشقيص الفرض، وقد عدل الى غير الجنس
فيما دون خمس وعشرين من الابل من أجل ذلك فالعدول الى النوع أولى إذا ثبت
ذلك فإنه يخرج من أحد النوعين ما قيمته كقيمة المخرج من النوعين فاذا كان
النوعان سواء وقيمة المخرج من أحدهما اثنى عشر وقيمة المخرج من الآخر خمسة
عشر أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر وان كان الثلث معزاً والثلثان ضأنا
(2/514)
أخرج ما قيمته أربعة عشر، وإن كان بالعكس
أخرج ما قيمته ثلاثة عشر، وإن كان في إبله عشر بخاتي وعشر مهرية وعشر
عرابية وقيمة ابنة المخاض البختية ثلاثون والمهرية أربعة وعشرون والعرابية
اثنى عشر أخرج ابنة مخاض قيمتها ثلث قيمة بنت مخاض بختية وهو عشرة وثلث
قيمة مهرية ثمانية وثلث قيمة عرابية أربعة فصار الجميع اثنين وعشرين وكذلك
الحكم في أنواع البقر وفي السمان مع المهازيل والكرائم مع اللئام.
(فصل) والأولى أن يخرج عن ماشيته من نوعها فيخرج عن البخاتي بختية وعن
العراب عربية وعن الكرا؟ كريمة فإن أخرج عن الكرام هزيلة بقيمة السمينة جاز
ذكره أبو بكر وحكي عن القاضي أنه لا يجوز، والصحيح الأول لأن القيمة مع
اتحاد الجنس هي المقصودة فإن أخرج عن النصاب من غير نوعه مما ليس في ما له
منه شئ ففيه وجهان أحدهما يجزي لانه أخرج عنه من جنسه فجاز كما لو أخرج
(2/515)
من أحد النوعين عنهما اختاره أبو بكر،
والثاني لا يجزي لانه أخرج من غير نوع ما له أشبه ما لو أخرج من غير الجنس
وفارق ما إذا أخرج من أحد نوعي ما له لأنه جاز فراراً من تشقيص الفرض بخلاف
مسئلتنا والله أعلم.
(فصل) قال رضي الله عنه * (النوع الثالث في الغنم) * * (مسألة) * (ولا شئ
فيها حتى تبلغ أربعين فتجب فيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها
ثلاث شياه ثم في كل مائة شاة شاة)
الأصل في وجوب صدقة الغنم السنة والإجماع، أما السنة فما روى أنس في كتاب
الصدقات الذي كتبه له ابو بكر رضي الله عنه أنه قال في صدقة الغنم في
سائمتها اذا كانت أربعين الى عشرين
(2/516)
ومائة شاة فاذا زادت على عشرين ومائة الى
مائتين ففيها شاتين فاذا زادت على مائتين الى ثلثمائة ففيها ثلاث شياه فاذا
زادت على ثلثمائة ففي كل مائة شاة واذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين
شاة واحدة فليس فيها صدقه إلا أن يشاء ربها، ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا
ذات عوار ولا تيسا إلا ما شاء المصدق واختار سوى هذا وأجمع المسمون على
وجوب الزكاة فيها وهذا المذكور هاهنا مجمع عليه حكاه اين المنذر إلا أنه
حكي عن معاذ رضي الله عنه أن الفرض لا يتغير بعد المائة واحدى وعشرين حتى
تبلغ مائتين واثنين وأربعين ليكون مثل مائة واحدى وعشرين، ورواه سعيد بن
خالد عن مغيرة عن الشعبي عن معاذ أنه كان إذا بلغت الشياه مائتين لم يغيرها
حتى تبلغ أربعين ومائتين فيأخذ منها ثلاث شياه، فاذا بلغت ثلاثمائة لم
يغيرها حتى تبلغ أربعين وثلاثمائة فيأخذ منها أربعا ولا يثبت عنه.
(2/517)
والحديث الذي رويناه دليل على خلاف ما روي
عنه، والاجماع على خلاف هذا القول دليل على فساده، وما رواه سعيد منقطع فان
الشعبي لم يلق معاذاً، وظاهر المذهب أن فرض الغنم لا يتغير بعد مائتين
وواحدة حتى يبلغ أربعمائة فيجب في كل مائة شاة ويكون ما بين مائتين وواحدة
الى أربعمائة وقصا وذلك مائة وتسعة وتسعون، وهذا قول أكثر العلماء وعن أحمد
رواية أخرى أنها إذا زادت على ثلاثمائة واحدة ففيها أربع شياه ثم لا يتغير
الفرض حتى تبلغ خمسمائة فيكون في كل مائة شاة ويكون الوقص الكبير ما بين
ثلاثمائة وواحدة الى خمسمائة اختاره أبو بكر وهو قول النخعي والحسن بن صالح
لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الثلاثمائة حداً للوقص وغاية فيجب أن
يتعقبه تغير النصاب كالمائتين.
ولنا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا زادت ففي كل مائة شاة " يقتضي
ألا يجب فيما دون المائة شئ
(2/518)
وفي كتاب الصدقات الذي كان عند آل عمر بن
الخطاب: فاذا زادت على ثلاثمائة واحدة فليس فيها
شئ حتى تبلغ أربعمائة شاة ففيها أربع شياه وهذا صريح لا يجوز خلافه وتحديد
النصاب لاستقرار الفريضة لا للغاية.
* (مسألة) * (ويؤخذ من المعز الثني ومن الضأن الجذع) لا يجزي في صدقة الغنم
إلا الجذع من الضأن وهو ما له ستة أشهر والثني من المعز وهو ما له ستة فان
تطوع المالك باعلى منهما في السن جاز لما نذكره فان كان الفرض في النصاب
أخذه للساعي وإن كان فوق القرض خير المالك بين دفع واحدة س؟ هـ وبين شراء
الفرض فيخرجه وبه قال الشافعي، وقال؟؟ وحنيفة في إحدى الروايتين عنه لا
يجزي الا ال؟ يه منهما جميعاً لانهما نوعا جنس ف؟؟ ن؟ فرض منهما واحداً
(2/519)
كالابل والبقر وقال مالك تجزي الجذعة منهما
لذلك، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما حقنا في الجذعة أو الثنية "
ولنا على أبي حنيفة هذا الخبر وقول سعد بن دليم أتاني رجلان على بعير فقالا
إنا رسولا رسول الله اليك لتودي صدقة غنمك؟ قلت فأي شئ تأحذان قالا عناق
جذعة أو ثنية أخرجه أبو داود ولنا على مالك ما روى سويد بن غفلة قال أتانا
مصدق النبي صلى الله عليه وسلم وقال أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن والثنية
من المعز، وهذا صريح وفيه بيان للمطق في الحديثين قبله، ولان جذعة الضأن
تجزي في الاضحية بخلاف جذعة المعز بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي
بردة اين دينار في جذعة المعز تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك.
* (مسألة) * (ولا يؤخذ في الصدقة تيس ولا هرمة ولا ذات عوار وهي المعيبة)
(2/520)
هذه الثلاث لا تؤخذ لدنائتها ولقول الله
تعالى (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) ولأن في حديث أنس " ولا يخرج في
الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيسا إلا أن يشاء المصدق وقد قيل لا يؤخذ تيس
الغنم لفضيلته وكان أبو عبيد يروي هذا الحديث " إلا ما شاء المصدق " بفتح
الدال يعني صاحب المال فعلى هذا يكون الاستثناء في الحديث راجعاً الى التيس
وحده، وذكر الخطابي أن جميع الرواة يخالفونه في هذا فيروونه المصدق بكسر
الدال أي العامل وقال: التيس لا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه، وعلى هذا
لا يأخذ المصدق وهو الساعي أحد هذه الثلاثة الا أن يرى ذلك بان يكون جميع
المال من جنسه فيكون له أن يأخذ من جنس المال فيأخذ هرمة من الهرمات ومعيبة
من المعيبات وتيساً من التيوس، وقال مالك والشافعي إن رأى الساعي أن أخذ
هذه الثلاث خير له وأنفع للفقراء فله أخذها لظاهر الاستثناء
(2/521)
ووجه الأول ما ذكرنا.
ولأن في أخذ المعيبة عن الصحاح اضراراً بالفقراء ولذلك يستحق ردها في البيع
ولأنها من شرار المال وقد قال عليه السلام " إن الله لم يسألكم خيره ولم
يأمركم بشره " * (مسألة) * (ولا الربي وهي التي تربي ولدها ولا الماخض ولا
كرائم المال إلا أن يشاء ربه) الربى قريبة العهد بالولادة تقول العرب في
ربائها كما تقول في نفاسها قال الشاعر: جنين أم البوفي ربائها.
قال أحمد: والماخض التي قد حان ولادها فان لم يقرب ولادها فهي خلفه، وهذه
الثلاثة لا تؤخذ لحق رب المال ولا تؤخذ أيضاً الأكولة لذلك قال عمر رضي
الله عنه لساعيه لا تأخذ الربا ولا الماخض
(2/522)
ولا الاكولة، وقال النبي صلى الله عليه
وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن " إياك وكرائم أموالهم " متفق عليه ولا فحل
الغنم، فان تطوع رب المال باخراجها جاز أخذها وله ثواب الفضل لأن الحق له
فجاز برضاه كما لو دفع فرضين مكان فرض، واذا تقرر أنه لا يجوز أخذ الردئ
لأجل الفقراء، ولا كرائم المال من أجل أربابه، ثبت إن الحق في الوسط من
المال.
قال الزهري: اذا جاء المصدق قسم الشياه ثلاثا ثلث خيار وثلث أوساط وثلث
شرار، وأخذ من الوسط، وروي نحو ذلك عن عمر رضي الله عنه، والاحاديث تدل على
نحو هذا، فروى أبو داود والنسائي باسنادهما عن سعد بن دليم قال كنت في غنم
لي فجاءني رجلان على بعير فقالا إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم
اليك لتؤدي الينا صدقة غنمك قلت وما علي فيها؟ قالا شاة فاعمد الى شاة قد
عرفت
(2/523)
مكانها ممتلئة محضاً وشحما فاخرجتها اليهما
قالا هذه شافع وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن نأخذ شاة شافعا،
والشافع الحامل سميت بذلك لأن ولدها قد شفعها والمحض اللبن، وروى أبو داود
بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم
الإيمان من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو
وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه كل عام ولم يعط الهرمة ولا
الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة ولكن من أوسط أموالكم فإن الله لم
يسألكم خيره ولم يأمركم بشره ".
رافدة معينة (1) والدرنة الجرباء والشرط رذالة المال: * (مسألة) * (ولا
يجوز إخراج القيمة وعنه يجوز) ظاهر المذهب أنه لا يجوز إخراج القيمة في شئ
من الزكوات وبه قال مالك والشافعي.
وقال الثوري
(2/524)
وأبو حنيفة يجوز، وروي ذلك عن عمر بن عبد
العزيز والحسن وعن أحمد مثل قولهم فيما عدا زكاة الفطر فاما زكاة الفطر فقد
نص على أنه لا يجوز.
قال أبو داود قيل لاحمد وأنا أعطي دراهم، يعني في صدقة الفطر قال أخاف أن
لا يجزئه، خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو طالب قال أحمد
لا يعطى قيمته قيل له قوم يقولون عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة قال
يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون قال فلان؟ قال ابن عمر فرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) وقال الله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول) ونقل عن أحمد في غير زكاة الفطر جواز اخراج القيمة، قال أبو داود
وسئل أحمد عن رجل باع ثمرة نخله قال عشره على الذي باعه قيل له فيخرج تمراً
أو ثمنه قال إن شاء أخرج تمرا وان شاء أخرج من الثمن، ووجه ذلك قول معاذ
لاهل اليمن أئتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم فانه أيسر عليكم وأنفع
(2/525)
للمهاجرين بالمدينة، وروى سعيد بإسناده قال
لما قدم معاذ إلى اليمن قال ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير
فانه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة، ولأن المقصود دفع حاجة الفقراء
ولا يختلف ذلك باختلاف صور الاموال إذا حصلت القيمة.
ولنا قول ابن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر
أو صاعا من شعير، فإذا عدل عن ذلك فقد ترك المفروض وقال النبي صلى الله
عليه وسلم " في أربعين شاة شاة وفي مائتي درهم خمسة دراهم " وهو وارد بيانا
لقوله تعالى (وآتوا الزكاة) فتكون الشاة المذكورة هي المأمور بها والأمر
للوجوب، وفي كتاب أبي بكر رضي الله عنه: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وفسرها
بالشاة والبعير، والفريضة واجبة والواجب لا يجوز تركه، وقوله عليه السلام "
فإن لم يكن بنت مخاض
(2/526)
فابن لبون ذكر " يمنع اخراج ابنة اللبون مع
وجود ابنة المخاض ويدل على أنه أراد البعير دون المالية فان خمساً وعشرين
من الابل لا تخلو من مالية بنت مخاض واخراج القيمة يخالف ذلك ويفضي إلى
اخراج الفريضة مكان الاخرى من غير جبران وهو خلاف النص، وقد روي أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن " خذ الحب من الحب والشاة
من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر " رواه أبو داود وابن ماجة،
ولان الزكاة وجبت لدفع حاجة الفقير من كل نوع ما تندفع به حاجته ويحصل شكر
النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه ولأنه عدل عن الجنس المنصوص
عليه فهو كما لو عدل عنه الى منافع دار أو عبد أو ثوب، وحديث معاذ الذي
رووه - في الجزية بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم
(2/527)
أمره بتفريق الصدقة في فقرائهم ولم يأمره
بحملها وفي حديثه هذا: فإنه أنفع للمهاجرين بالمدينة * (مسألة) * (وإن أخرج
سنا أعلى من الفرض من جنسه جاز) وذلك مثل أن يخرج بنت لبون عن بنت مخاض أو
عن الجذعة ابنتي لبون أو حقتين فإن ذلك جائز لا نعلم فيه خلافا لأنه زاد
على الواجب من جنسه ما يجزي عنه مع غيره فكان مجزيا عنه على انفراده كما لو
كانت الزيادة في العدد، وقد روى الإمام أحمد وأبو داود بإسنادهما عن أبي بن
كعب قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً فمررت برجل فلما جمع لي
ماله لم أجد عليه فيه إلا بنت مخاض فقلت أد بنت مخاض فانها صدقتك فقال ذاك
ما لا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذوها فقلت ما أنا
بآخذ ما لم أومر به وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب فان أجبت
أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي فافعل فإن قبله منك قبلته وإن رده عليك
رددته قال فإني فاعل فخرج معي وخرج بالناقة
(2/528)
التي عرض علي حتى قدمنا علي رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال له: يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة ما لي
وأيم الله ما قام في مالي رسول الله ولا رسوله قبله فجمعت له مالي فزعم أن
ما علي فيه بنت
مخاض وذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينة عظيمة
ليأخذها فأبى وقال ها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله خذها، فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم " ذاك الذي وجب عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه
وقبلناه منك " قال فها هي ذه يا رسول الله قد جئتك بها، قال فأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بقبضها ودعا له في ماله بالبركة.
(2/529)
* (فصل في الخلطة) * * (مسألة) * (وإذا
اختلط نفسان أو أكثر من أهل الزكاة في نصاب من الماشية حولا لم يثبت لهما
حكم الانفراد في بعضه فحكمها في الزكاة حكم الواحد سواء كانت خلطة أعيان
بأن يكون مشاعا بينهما أو خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد منهما متميزاً
فخلطاه واشتركا في المراح والمسرح والمشرب والراعي والفحل) الخلفة في
السائمة تجعل المالين كالمال الواحد اذا وجدت فيها الشروط المذكورة فتجب
فيها الزكاة اذا بلغ المجموع نصابا، فاذا كان لكل واحد منهما عشرون فعليهما
شاة وإن زاد المالان على النصاب
(2/530)
لم يتغير الفرض حتى يبلغا فريضة ثانية مثل
أن يكون لكل واحد منهما ستون شاة فلا يجب عليهما إلا شاة وسواء كانت خلطة
أعيان بان تكون الماشية مشتركة بينهما لكل واحد منهما نصيب مشاع مثل أن
يرثا نصاباً أو يشترياه فيبقياه بحاله أو خلطة أوصاف وهي أن يكون مال كل
واحد منهما متميزاً فخلطاه واشتركا في الأوصاف التي ذكرناها، وسواء تساويا
في الشركة أو اختلفا مثل أن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون أو يكون
لأربعين رجلا أربعون شاة لكل واحد منهم شاة نص عليهما أحمد
(2/531)
وهذا قول عطاء والاوزاعي والليث والشافعي
وإسحق وقال مالك انما تؤثر الخلطة إذا كان لكل واحد من الشركاء نصاب، وحكي
ذلك عن الثوري وأبي ثور واختاره ابن المنذر وقال أبو حنيفة لا أثر لها بحال
لأن ملك كل واحد دون النصاب فلم يجب عليه زكاة كما لو انفرد، وعلى قول مالك
أن
كل واحد منهما يملك أربعين م الغنم فوجبت عليه شاة لقوله عليه الصلاة
والسلام " في أربعين شاة شاة ".
ولنا ما روى البخاري في حديث أنس " ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع
خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " ولا يجئ
التراجع إلا على قولنا في خلطة الاوصاف
(2/532)
وقوله " لا يجمع بين متفرق " إنما يكون هذا
إذا كان لجماعة فان الواحد يضم بعض ماله الى بعض وإن كان في أماكن وهكذا
قوله " لا يفرق بين مجتمع " ولأن للخلطة تأثيراً في تخفيف المؤنة فجاز أن
تؤثر في الزكاة كالسوم، وقياسهم مع مخالفة النص غير مسموع.
(فصل) ويعتبر للخلطة شروط أربعة (أولها) أن يكون الخليطان من أهل الزكاة
فإن كان أحدهما ذمياً أو مكاتباً لم يعتد يخلطته لانه لا زكاة في ماله فلم
يكمل النصاب (الثاني) أن يختلطا في نصاب لما في خمس من الإبل أو ثلاثين من
البقر أو أربعين من الغنم فإن اختلطا فيما دون النصاب لم تؤثر الخلطة سواء
كان لهما مال سواه أو لم يكن لأن المجتمع دون النصاب فلم تجب الزكاة فيه
(2/533)
(الثالث) أن يختلطا في جميع الحول فان
اختلطوا في بعضه لم يؤثر اختلاطهم، وبه قال الشافعي في القول الجديد، وقال
مالك لا يعتبر اختلاطهم في أول الحول لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا
يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع " يعني في وقت الزكاة.
ولنا أن هذا مال ثبت له حكم الانفراد في بعض الحول أشبه ما لو انفرد في آخر
الحول ولأن الخلطة معنى يتعلق به إيجاب الزكاة فاعتبرت في جميع الحول
كالنصاب (الرابع) أن يكون اختلاطهم في السائمة وسنذكر ذلك إن شاء الله
تعالى.
(فصل) ويعتبر لخلطة الاوصاف اشتراكهم في الاوصاف المذكورة وهي ستة (المراح)
وهو الذي تروح اليه الماشية، قال الله تعالى (حين تريحون وحين تسرحون) و
(المسرح) وهو المرعى الذي
(2/534)
ترعى فيه الماشية، و (المحلب) المكان الذي
تحلب فيه الماشية، وليس المراد منه خلط اللبن في إناء واحد
لأن هذا ليس بموافق بل مشقة لما فيه من الحاجة إلى قسم اللبن (والفحل) وهو
أن لا يكون فحولة احد المالين لا نطرق غيره (والراعي) وهو أن لا يكون لكل
مال راع ينفرد برعايته دون الآخر والأصل في هذه الشروط ما روى سعد بن أبي
وقاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يجمع بين متفرق ولا
يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي
رواه الدارقطني وروي المرعى، وبنحو هذا قال الشافعي وقال بعض أصحاب مالك لا
يعتبر إلا شرطان الراعي والمرعى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا
يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق " والاجتماع يحصل بذلك ويسمى خلطة
فاكتفي به.
ولنا قوله " والخليطان ما اجتمعا في الحوض والراعي والفحل " وحكى ابن أبي
موسى عن أحمد أنه لا يعتبر إلا الحوض والراعي والمراح وهو بعيد لأنه ترك
ذكر الفحل وهو مذكور في الحديث فإن قيل
(2/535)
فلم اعتبرتم زيادة على هذا، قلنا هذا تنبيه
على بقية الشرائط وإلغاء لما ذكروه ولأن لكل واحد من هذه الأوصاف تأثيراً
فاعتبر كالمرعى، ولا تعتبر نية الخلطة وحكي عن القاضي أنه اشترطها.
ولنا قوله عليه السلام " والخليطان ما اجتمعا في الحوض والراعي والفحل "
ولأن النية لا تؤثر في الخلطة فلا تؤثر في حكمها، ولأن المقصود من الخلطة
من الارتفاق يحصل بدونها فلم يعتبر وجودها معه كما لا تعتبر نية السوم في
السائمة ولا نية السقي في الزروع والثمار.
* (مسألة) * (فان اختل شرط منها أو ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول
زكيا زكاة المنفردين فيه) متى اختل شرط من شروط الخلطة المذكورة بطل حكمها
لفوات شرطها وصار وجودها كعدمها فيزكي كل واحد ماله ان بلغ نصابا وإلا فلا،
وكذلك ان ثبت لهما حكم الانفراد في بعض الحول كرجلين لهما ثمانون شاة
بينهما نصفين وكانا منفردين فاختلطا في أثناء الحول فعلى كل واحد منهما عند
(2/536)
تمام حوله شاة، وفيما بعد ذلك من السنين
يزكيان زكاة الخلطة فان اتفق حولاهما أخرجا شاة عند تمام الحول على كل واحد
نصفها، وان اختلف فعلى الاول منهما عند تمام حوله نصف شاة، فإذا تم
حول الثاني فإن كان الأول أخرجها من غير المال فعلى الثاني نصف شاة أيضاً
وإن أخرجها من النصاب فعلى الثاني أربعون جزأ من تسعة وسبعين جزأ ونصف من
شاة * (مسألة) * (وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده فعليه زكاة المنفرد
وعلى الثاني زكاة الخلطة ثم يزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة كلما تم
حول أحدهما فعليه بقدر ما له منها) يتصور ثبوت حكم الانفراد لاحدهما بان
يملك رجلان نصابين فيخلطانهما ثم يبيع أحدهما نصيبه أجنبيا أو يكون لأحدهما
نصاب وللآخر، دون النصاب فيختلطان في أثناء الحول فإذا تم حول الاول
(2/537)
فعليه شاة، فإذا تم حول الثاني فعليه زكاة
الخلطة على التفصيل المذكور ويزكيان فيما بعد ذلك الحول زكاة الخلطة كلما
تم حول أحدهما فعليه بقدر ماله منه، فإذا كان المال جميعاً ثمانين شاة
وأخرج الاول منها شاة عن الاربعين فإذا تم حول الثاني فعليه أربعون جزأ من
تسعة وسبعين جزأ فان أخرج الشاة كلها من ملكه وحال الحول الثاني فعلى الأول
نصف شاة زكاة الخلطة فان أخرجه وحده فعلى الثاني تسعة وثلاثون جزأ من سبعة
وسبعين جزأ ونصف جزء من شاة وإن توالدت شيئاً حسب معها (فصل) وإن كان
بينهما ثمانون شاة مختلطة مضى عليها بعض الحول فتبايعاها بأن باع كل واحد
منهما غنمه صاحبه مختلطة وبقيا على الخلطة لم ينقطع حولهما ولم تزل
خلطتهما، وكذلك لو باع بعض غنمه ببعض غنمه من غير إفراد قل المبيع أو كثر
فاما إن أفرداها ثم تبايعاها ثم خلطاها وتطاول زمن الانفراد بطل حكم
الخلطة، وان خلطاها عقيب البيع ففيه وجهان أحدهما لا ينقطع لان هذا زمن
يسير فعفي عنه، والثاني ينقطع لوجود الانفراد في بعض الحول، وإن أفرد كل
واحد منهما نصف نصاب
(2/538)
وتبايعاه لم ينقطع حكم الخلطة لان ملك
الانسان يضم بعضه إلى بعض فكأن الثمانين مختلطة بحالها وكذلك إن تبايعا أقل
من النصف، وان تبايعا أكثر من النصف منفرداً بطل حكم الخلطة لأن من شرطها
كونها في نصاب فمتى بقيت فيما دون النصاب صارا منفردين، وقال القاضي تبطل
الخلطة في جميع هذه المسائل في المبيع ويصير منفرداً وهذا مذهب الشافعي لأن
عنده أن المبيع بجنسه ينقطع حكم
الحول فيه فتنقطع الخلطة بانقطاع الحول وقد بينا فيما مضى أن حكم الحول لا
ينقطع اذا باع الماشية بجنسها فلا تنقطع الخلطة لأن الزكاة إنما تجب في
المشترى ببنائه على حول المبيع فيجب أن يبنى عليه في الصفة التي كان عليها،
فأما إن كان مال كل واحد منهما منفرداً فخلطاه ثم تبايعاه فعليهما في الحول
الأول زكاة الانفراد لأن الزكاة تجب فيه ببنائه على أول الحول وهو منفرد
فيه، ولو كان لرجل نصاب منفرداً فباعه بنصاب مختلط زكا كل واحد منهما زكاة
الانفراد لان الزكاة في الثاني تجب ببنائه
(2/539)
على الاول فيهما كالمال الواحد الذي حصل
الانفراد في أحد طرفيه، فإن كان لكل واحد منهما أربعون مختلطة مع مال آخر
فتبايعاها وبقيت مختلطة لم يبطل حكم الخلطة، وإن اشترى أحدهما بالاربعين
المختلطة أربعين منفردة وخلطها في الحال، احتمل أن يزكي زكاة الخلطة لانه
يبني حولها على حول مختلطة وزمن الانفراد يسير فعفي عنه واحتمل أن يزكي
زكاة المنفرد لوجود الانفراد في بعض الحول * (مسألة) * (ولو ملك رجل نصابا
شهراً ثم باع نصفه مشاعاً أو أعلم على بعضه وباعه مختلطا فقال أبو بكر
ينقطع الحول ويستأنفانه من حين البيع) لان النصف المشترى قد انقطع الحول
فيه فكأنه لم يجر في حول الزكاة أصلا فلزم انقطاع الحول في الآخر (وقال ابن
حامد لا ينقطع حول البائع وعليه عند تمام حوله زكاة حصته) لان حدوث الخلطة
لا يمنع ابتداء الحول فلا يمنع استدامته ولانه لو خالط غيره في جميع الحول
وجبت الزكاة فاذا خالط في بعضه نفسه وفي نعضه غيره كان أولى بالايجاب وانما
بطل حول المبيعة لانتقال الملك فيها والا فهذه العشرون لم تزل مخالطة لمال
جار في حول الزكاة
(2/540)
وهكذا الحكم فيما إذا كانت الاربعون
لرجلين، فباع أحدهما نصيبه أجنبيا فعلى هذا إذا تم حول الأول فعليه نصف
شاة.
* (مسألة) * (فان أخرجها من المال انقطع حول المشتري لنقصان النصاب) في بعض
الحول إلا أن يكون الفقير مخالطا لهما بالنصف الذي صار له فلا ينقص النصاب
اذاً ويخرج الثاني نصف شاة أيضاً على قول ابن حامد.
* (مسألة) * (وإن أخرجها من غيره وقلنا الزكاة في العين فكذلك، وإن قلنا في
الذمة فعليه عند تمام حوله زكاة حصة) إذا أخرج البائع الزكاة من غير المال
في هذه المسألة وقلنا الزكاة تتعلق بالعين، فقال القاضي يجب نصف شاة أيضاً
لان تعلق الزكاة بالعين لا بمعنى أن الفقراء يملكون جزأ من النصاب بل بمعنى
(2/541)
أن تعلق حقهم به، كتعلق أرش الجناية
بالجاني فلم يمنع وجوب الزكاة، والصحيح أنه لا شئ على المشتري، ذكره شيخنا
وهو قول أبي الخطاب لان تعلق الزكاة بالعين نقص النصاب فمنع وجوب الزكاة
على المشتري، ولان فائدة قولنا الزكاة تتعلق بالعين انما تظهر في منع
الزكاة وقد ذكره القاضي في غير هذا الموضع، وإن قلنا الزكاة تتعلق بالذمة
لم يمنع وجوب الزكاة على المشتري، لأن النصاب لم ينقص وعلى قياس هذا لو كان
لرجلين نصاب خلطة فباع أحدهما خليطه في بعض الحول فهي عكس المسألة الاولى
في الصورة ومثلها في المعنى لأنه كان في الاول خليط نفسه ثم صار خليط أجنبي
وهاهنا كان خليط أجنبي ثم صار خليط نفسه، ومثله لو كان رجلان متوارثان لهما
نصاب خلطة فمات أحدهما في بعض الحول فورثه صاحبه فعلى قياس قول أبي بكر لا
يجب عليه شئ حتى يتم الحول على المالين من حين ملكه لهما إلا أن يكون
أحدهما بمفرده يبلغ نصاباً، وعلى قياس قول ابن حامد تجب الزكاة في النصف
الذي كان له خاصة إذا تم حوله.
* (مسألة) * (وإن أفرد بعضه وباعه ثم اختلطا انقطع الحول) ذكره ابن حامد
لثبوت حكم الانفراد في البعض، وقال القاضي: يحتمل أن يكون كما لو باعها
مختلطة اذا كان زمنا يسيرا لأن اليسير معفو عنه * (مسألة) * (وإن ملك
نصابين شهراً ثم باع أحدهما مشاعا فعلى قياس قول أبي بكر يثب للبائع حكم
الانفراد وعليه عند تمام حوله زكاة المنفرد (لثبوت حكم الانفراد له) وعلى
قياس
(2/542)
قول ابن حامد عليه زكاة خليط) لأنه لم يزل
مخالطا في جميع الحول (فإذا تم حول المشتري فعليه زكاة
خليط وجهاً واحدا) لكونه لم يثبت به حكم الانفراد أصلاً * (مسألة) * (ولو
مالك رجل نصابا شهراً ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض) مثل أن يملك أربعين
شاة في المحرم وأربعين في صفر فعليه زكاة الأول عند تمام حوله شاة لانه ملك
نصابا حولا، فإذا تم حول الثاني فعلى وجهين أحدهما لا زكاة فيه لأن الجميع
ملك واحد فلم يزد فرضه على شاة كما لو اتفقت أحواله، والثاني فيه زكاة خليط
لأن الاول استقل بشاة فتجب الزكاة في الثاني وهو نصف شاة لاختلاطها
بالاربعين الأولى كالاجنبي في المسألة التي قبلها (فصل) فإن كان ملك أربعين
أخرى في ربيع ففيها وجهان: أحدهما لا زكاة فيها والثاني فيها ثلث شاة لانه
ملكها مختلطة بالثمانين المتقدمة.
وذكر أبو الخطاب وجهاً ثالثاً أنه يجب في الثاني شاة وكذلك في الثالث لانه
نصاب كامل وجبت الزكاة فيه بنفسه أشبه ما لو انفرد وهذا ضعيف لأنه لو كان
مالك الثاني والثالث أجنبيين ملكاهما مختلطين لم يجب عليهما إلا زكاة خلطة،
فإذا كانا لمالك الأول كان أولى لان ضم بعض ملكه إلى بعض أولى من ضم ملك
الخليط الى خليطه * (مسألة) * (وإن كان الثاني يتغير به الفرض، مثل أن يملك
مائة شاة فعليه زكاته إذا تم حوله وجهاً واحداً) كما لو اتفقت أحواله
والواجب فيه شاة على الوجه الأول والثالث، لانه لو ملكها دفعة واحدة لم يجب
عليه أكثر من شاتين، وعلى الوجه الثاني يجب عليه شاة وثلاثة أسباع شاة لأنه
لو ملك المالين دفعة واحدة كان عليه فيهما شاتان حصة المائة منها خمسة
أسباعهما وهو شاة وثلاثة أسباع، فان كان ملك مائة أخرى في ربيع فعلى الوجه
الأول والثالث عليه فيها شاة، وعلى الوجه الثاني عليه شاة وربع لأنه لو ملك
المائتين وأربعين دفعة واحدة كان عليه فيها ثلاث شياه حصة المائة الثانية
منهن
(2/543)
ربعهن وسدسهن وذلك شاة وربع، ولو كان
المالك للاموال الثلاثة ثلاثة أشخاص وملك الثاني والثالث سائمتهما مختلطة
لكان الواجب على الثاني والثالث كالواجب على المالك في الوجه الثاني لا غير
(فصل) وإن مك عشرين من الابل في المحرم وخمساً في صفر فعليه في العشرين اذا
تم حولها أربع شياه وفي الخمس عند تمام حولها خمس بنات مخاض على الوجهين
الاولين، وعلى الوجه الثالث
عليه شاة وإن ملك في المحرم خمسا وعشرين وخمسا في صفر، فعليه في الاول عند
تمام حوله بنت مخاض ولا شئ عليه في الخمس على الأول وعلى الثاني عليه سدس
بنت مخاض، وعلى الثالث عليه شاة فان ملك مع ذلك ستا في ربيع فعليه في الأول
عند تمام حوله بنت مخاض ولا شئ عليه في الخمس على الوجه الأول حتى يتم حول
الست فيجب فيها ربع بنت لبون ونصف تسعها، وفي الوجه الثاني عليه في الخمس
سدس بنت مخاض إذا تم حولها وفي الست سدس بنت لبون، وفي الوجه الثالث عليه
في الخمس والست عند تمام حول كل واحد منهما شاة * (مسألة) * (وإذا كان
الثاني يتغير به الفرض ولا يبلغ نصابا) مثل أن يملك ثلاثين من البقر في
المحرم وعشراً في صفر فعليه في الثلاثين اذا تم حولها تبيع وفي العشر اذا
تم حولها ربع مسنة على الوجهين الاولين لان الفريضة الموجبة للمسنة قد كملت
وقد أخرج زكاة الثلاثين فوجب في العشر بقسطها من المسنة وهو ربعها، وعلى
الوجه الثالث يقتضي أن لا يجب عليه في العشر شئ كما لو ملكها منفردة *
(مسألة) * (وإن ملك مالا يغير الفرض كخمس فلا شئ فيها على الوجه الأول كما
لو ملك الجميع
(2/544)
دفعة واحدة وعلى الوجه الثاني عليه سبع
تبيع إذا تم حولها، كما لو كان المالك لها أجنبيا ولا شئ عليه فيها في
الوجه الثالث) .
* (مسألة) * (وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين فيها مختلطة بعشرين لآخر
فعلى الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على الخلطاء على كل واحد سدس
شاة) كما لو كانت لشخص واحد ولو كان رجلان لكل واحد منهما ستون فحالط كل
واحد منهما صاحبه بعشرين فقط وجب عليهما شاة بينهما نصفين لذلك فإن كان له
ستون كل عشر منها مختلطة بعشر لآخر فعليه شاة ولا شئ على خلطائه لم يختلطوا
(؟) في نصاب كذلك قال أصحابنا * (مسألة) * (وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة
في بلدين لا تقصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة يضم بعضها إلى بعض ويزكيها
كالمختلطة)
لا نعلم في ذلك خلافاً وإن كان بينهما مسافة القصر، وكذلك في إحدى
الروايتين عن أحمد.
اختارها أبو الخطاب وهو قول سائر العلماء وهو الصحيح إن شاء الله تعالى
لقوله عليه السلام " في أربعين شاة شاة " ولأنه ملك واحد أشبه ما لو كان في
بلدان متقاربة وكغير السائمة فعى هذا يخرج الفرض في أحد البلدين لأنه موضع
حاجة (والرواية الثانية) أن لكل مال حكم نفسه يعتبر على حدته إن كان نصابا
ففيه الزكاة وإلا فلا، نص عليه أحمد.
قال إبن المنذر: لا أعلم هذا القول عن غير أحمد واحتج يظاهر قوله عليه
السلام " لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " وهذا متفرق
فلا يجمع، ولأنه لا أثر لاجتماع مالين لرجلين في كونهما كالمال الواحد يجب
أن يؤثر افتراق مال الرجل الواحد حتى يجعله كالمالين والحديث محمول على
المجتمعة، ولا يصح القياس على غير السائمة لأن الخلطة لا تؤثر فيها كذلك
الافتراق والبلدان المتقاربة بمنزلة البلد الواحد، والصحيح الاول على
(2/545)
ما ببنا وكلام أحمد محمول على أن الساعي لا
يأخذها، فأما رب المال فيخرج اذا بلغ ماله نصاباً فإنه قد روي عنه فيمن له
مائة شاة في بلدان متفرقة لا يأخذ المتصدق منها شيئاً لأنه لا يجمع بين
متفرق وصاحبها اذا ضبط ذلك وعرفه أخرج هو بنفسه يضعها في الفقراء كذلك رواه
الميموني وحنبل عنه * (مسألة) * (ولا تؤثر الخلطة في غير السائمة وعنه أنها
تؤثر) لا تؤثر الخلطة في غير السائمة كالذهب والفضة والزروع والثمار وعروض
التجارة ويكون حكمهم حكم المنفردين وهذا قول أكثر أهل العلم، وعن أحمد أن
شركة الاعيان تؤثر في غير الماشية، فاذا كان بينهم نصاب يشتركون فيه فعليهم
الزكاة وهذا قول اسحق والاوزاعي في الحب والتمر قياساً على خلطة الماشية،
والمذهب الأول قال احمد: الأوزاعي يقول في الزرع اذا كانوا شركاء يخرج لهم
خمسة أوسق فيه الزكاة قاسه على الغنم ولا يعجبني قول الأوزاعي، فأما خلطة
الاوصاف فلا مدخل لها في غير الماشية بحال لان الاختلاط لا يحصل، وخرج
القاضي وجها أنها تؤثر لان المؤنة تخف اذا كان الملقح واحداً والناطور
والجرين وكذلك أموال التجارة الدكان والمخزن والميزان والبائع فأشبه
الماشية ومذهب الشافعي على نحو مذهبنا والصحيح الأول لقول النبي صلى الله
عليه وسلم " والخليطان ما اشتركا في الحوض
والفحل والراعي " فدل على أن ما لم يوجد فيه ذلك لا يكون خلطة مؤثرة، وقول
النبي صلى الله عليه وسلم " لا يجمع بين متفرق خشية الصدقة " إنما يكون في
الماشية لان الزكاة يقل جمعها تارة ويكثر أخرى، وسائر الاموال يجب فيما زاد
على النصاب بحسابه فلا أثر لجمعها، ولأن خلطة الماشية تؤثر في النفع تارة
وفي الضرر أخرى، وفي غير الماشية تؤثر ضرراً محضاً برب المال فلا يصح
القياس، فعلى هذا إذا كان لجماعة وقف أو حائط مشترك بينهم فيه ثمرة أو زرع
فلا زكاة عليهم الا ان يحصل في يد بعضهم نصابا
(2/546)
فتجب عليه الزكاة، وعلى الرواية الأخرى اذا
كان الخارج نصابا ففيه الزكاة، فإن كان الوقف نصابا من السائمة وقلنا إن
الزكاة تجب في لسائمة الموقوفة فينبغي أن تجب عليهم الزكاة لا شتراكهم في
ملك نصاب تؤثر الخلطة فيه * (مسألة) * (ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي
الخليطين شاء هذا ظاهر كلام أحمد وسواء دعت الحاجة الى ذلك بأن تكون
الفريضة عيناً واحدة لا يمكن أخذها من المالين ونحو ذلك، أو لم تدع الحاجة
إلى ذلك بأن يجد فرض كل واحد من المالين فيه.
قال أحمد: إنما يجئ المصدق فيجد الماشية فيصدقها ليس يجئ فيقول: أي شئ لك
وأي شئ لك قال الهيثم بن خارجة لأبي عبد الله: أنا رأيت مسكيناً كانت له في
غنم شاتان فجاء المصدق فأخذ احداهما.
ووجه ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان
بينهما بالسوية " يعني إذا أخذ من مال أحدهما، ولأن المالين قد صارا كالمال
الواحد في وجوب الزكاة فكذلك في إخراجها * (مسألة) * (ويرجع المأخوذ منه
على خليطه بحصته من القيمة لما ذكرنا من النص والمعنى) فإذا كان لاحدهما
ثلث المال وللآخر ثلثاه فأخذ الفرض من مال صاحب الثلث رجع بثلثي قيمة
المخرج على شريكه، وان أخذه من الآخر رجع بالثلث على شريكه * (مسألة) *
(فإن اختلفا في القيمة فالقول قول المرجوع عليه) إذا عدمت البينة لأنه غارم
فأشبه الغاصب إذا اختلفا في قيمة المغصوب بعد تلفه وعليه اليمين لأنه منكر
* (مسألة) * (وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلماً لم يرجع بالزيادة على
خلبطه) إذا أخذ الساعي أكثر من الفرض بغير تأويل مثل أن يأخذ مكان الشاة
شاتين، او جذعة
(2/547)
مكان حقة لم يكن للمأخوذ منه الرجوع الا بقدر الواجب لأن شريكه لم يظلمه
فلم يكن له الزجوع فيه كغيره، ولأنه ظلم اختص به الساعي فلم يرجع به على
غيره كما لو غصبه على غير وجه الزكاة * (مسألة) * (وإن أخذه بقول بعض
العلماء رجع عليه) وذلك مثل أن يأخذ الصحيحة عن المراض والكبيرة عن الصغار
لان ذلك إلى اجتهاد الامام فاذا أداه اجتهاده إلى أخذه وجب دفعه وصار
بمنزلة الفرض الواجب والساعي نائب الامام فعله كفعل الامام، وكذلك إذا أخذ
القيمة يرجع على شريكه بما يخصه منها لما ذكرنا والله أعلم |