المبدع شرح المقنع ط عالم الكتب

كتاب اللعان
__________
كتاب اللعان
هو مصدر لاعن لعانا إذا فعل ما ذكر أو لعن كل واحد منهما الآخر وهو مشتق من اللعن لأن كل واحد منهما يلعن نفسه في الخامسة وقال القاضي سمي به لأن أحد الزوجين لا ينفك عن أن يكون كاذبا فتحصل اللعنة عليه وهي الطرد والإبعاد يقال لعنه الله أي باعده والتعن الرجل إذا لعن نفسه من قبل نفسه واللعان لا يكون إلا من اثنين يقال لاعن امرأته لعانا وملاعنة وتلاعنا بمعنى ولاعن الإمام بينهما ورجل لعنة بوزن همزة إذا كان يلعن الناس كثيرا أو لعنة بسكون العين إذا كان يلعنه الناس
وشرعا: شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف في جانبه وحد زنى في جانبها والأصل فيه قوله تعالى:

(8/65)


وإن قذف الرجل امرأته بالزنى ، فله إسقاط الحد باللعان . وصفته أن يبدأ الزوج فيقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى . ويشير إليها ، وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ، حتى يكمل ذلك أربع مرات ، ثم يقول في الخامسة : وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى.
__________
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الآيات نزلت سنة تسع منصرفة عليه السلام من تبوك في عويمر العجلاني أو هلال ابن أمية ويحتمل أنها نزلت فيهما ولم يقع بعدها بالمدينة إلا في زمن عمر ابن عبد العزيز والسنة شهيرة بذلك ولأن الزوج يبتلي بقذف امرأته لنفي العار والنسب الفاسد ويتعذر عليه إقامة البينة فجعل اللعان بينة له ولهذا لما نزلت آية اللعان قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أبشر يا هلال فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا" "و إذا قذف الرجل" العاقل "امرأته بالزنى" ولو في طهر وطئ فيه في قبل أو دبر فكذبته لزمه ما يلزم بقذف أجنبية من إيجاب الحد عليه وحكم بفسقه ورد شهادته إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن ولهذا أعقبه بقوله "فله إسقاط الحد باللعان" ل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: من الآية5] الآية وهو عام في الزوج وغيره وإنما خص الزوج بأن أقام لعانه مقام الشهادة في نفي الحد والفسق ورد الشهادة ويدل عليه قوله عليه السلام لهلال: "البينة وإلا حد في ظهرك" ولأنه قاذف فلزمه الحد كما لو أكذب نفسه كالأجنبي وله إسقاطه بلعانه ولو بقي سوط واحد ولو زنت قبل الحد ويسقط بلعانه وحده ذكره في "المغني" و"الترغيب" "وصفته أن يبدأ الزوج فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى ويشير إليها" ولا يحتاج مع الحضور والإشارة إلى تسمية ونسب كما لا يحتاج إلى ذلك في سائر العقود "وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها" حتى تنتفي المشاركة بينها وبين غيرها قلت ولا يبعد أن يقوم وصفها بما هي مشهورة به مقام الرفع في نسبها "حتى يكمل ذلك أربع مرات ثم يقول في الخامسة وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى" وقيل لا يشترط أن يذكر الرمي بالزنى

(8/66)


ثم تقول هي : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات ، ثم تقول في الخامسة : وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى . فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا ، أو بدأت باللعان قبله ، أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم ، أو نائبه لم يعتد به . وإن أبدل لفظة أشهد بـ أقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بـ الإبعاد أو الغضب بـ السخط فعلى وجهين .
__________
قاله في "الرعاية" "ثم تقول هي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى" أربع مرات وتشير إليه إن كان حاضرا وإن كان غائبا أسمته ونسبته "ثم تقول في الخامسة وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى" للآية والأخبار وإنما خصت هي في الخامسة بالغضب لأن النساء يكثرن اللعن كما ورد "فإن" هذا شروع في بيان شروطه هي ستة: أحدها استعماله الألفاظ الخمسة فإن "نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا" ولو قل لم يصح لأن الله تعالى علق الحكم عليها ولأنها بينة فلم يجز النقص من عددها كالشهادة "أو بدأت باللعان قبله" لم يعتد به لأنه خلاف المشروع وكذا إن قدم الرجل اللعنة على شيء من الألفاظ الأربعة أو قدمت هي الغضب عليها لأن لعان الرجل بينة لإثبات ولعانها بينة لإنكار فلم يجز تقديم الإنكار على الإثبات "أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم أو نائبه لم يعتد به" لأنه يمين في دعوى فاعتبر فيه أمر الحاكم كسائر الدعاوى.
الرابع أن يأتي كل واحد منهما باللعان بعد إلقائه عليه فإن بادر قبل أن يلقيه الإمام أو نائبه لم يصح كما لو حلف قبل أن يحلفه الحاكم.
الخامس الإشارة من كل منهما إلى صاحبه إن كان حاضرا أو يسميه وينسبه إن كان غائبا ولا يشترط حضورهما معا بل لو كان أحدهما غائبا عن صاحبه مثل أن يكون الرجل في المسجد و المرأة على بابه لعذر جاز.
"وإن أبدل لفظة أشهد بأقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بالإبعاد أو الغضب بالسخط فعلى وجهين" هذا هو الشرط السادس لصحة اللعان و هو

(8/67)


والحمل الذي تنقضي به العدة ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبتدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة؟ على روايتين.
__________
البقرة {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] الآية والخاص مقدم على العام ولأنها معتدة حامل فتنقضي عدتها بوضعه كالمطلقة إذ الوضع أدل الأشياء على براءتها فلو ظهر بعضه فهي في عدتها حتى ينفصل باقيه وإن كانا اثنين أو أكثر لم تنقض عدتها إلا بوضع الآخر وعنه بالأول ذكرها ابن أبي موسى وقاله أبو قلابة وعكرمة ولكن لا تتزوج حتى تضع الآخر منهما وهذا شاذ مخالف لظاهر الكتاب وقول أهل العلم واحتج القاضي والأزجي بأن أول النفاس من الأول وآخره منه بأن أحكام الولادة تتعلق بأحد الولدين لأن انقطاع الرجعة وانقضاء العدة تتعلق بأحدهما لا بكل واحد منهما كذلك مدة النفاس وفيه نظر فلو وضعت واحدا وشكت في آخر لم تنقض عدتها حتى تزول الريبة "والحمل الذي تنقضي به العدة" ما تصير به أم ولد وهو "ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان" كالرأس واليد والرجل فتنقضي به العدة إجماعا حكاه ابن المنذر لأنه علم أنه حمل فيدخل في عموم النص.
الثاني ألقت مضغة لم يتبين فيها شيء من الخلقة فشهد ثقات من القوابل أن فيه صورة خفية بان بها أنها خلقة آدمي فكذلك.
"فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبتدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة على روايتين" هذا هو الثالث وفيه روايتان.
إحداهما تنقضي وجزم به في الوجيز وغيره كما لو تصور والثانية لا قدمها في "الكافي" وذكر أنها المنصوص وهي اختيار أبي بكر لأنه لم يصر ولدا أشبه العلقة.
الرابع ألقت نطفة أو دما لا تدري هل هو ما يخلق منه آدمي أو لا فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام لأنه لم يثبت أنه ولد بالمشاهدة ولا بالبينة.

(8/68)


وإذا فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها ، وإلا فلا . وهل يصح لعان من اعتقل لسانه وأيس من نطقه بالإشارة على وجهين.
__________
"و إذا فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها" قاله القاضي و أبو الخطاب و ذكره في "المستوعب" و "الرعاية" و قدمه في "الفروع" و جزم به في "الوجيز" كطلاقه و عنه لا يصح اختاره المؤلف قال أحمد إذا كانت المرأة خرساء لم تلاعن لأنه لا تعلم مطالبتها ولأن اللعان يفتقر إلى الشهادة أشبه الشهادة الحقيقية ولأن الحد يدرأ بالشبهة و الإشارة ليست صريحة كالنطق ولا يخلو من احتمال و تردد و جوابه أن الشهادة يمكن حصولها من غيره فلم تدع الحاجة إليه فيها و اللعان لا يحصل إلا منه فدعت الحاجة إلى قبوله منه كالطلاق و قال المؤلف و قولنا أحسن إذ الشهادة قد لا تحصل إلا منه لاختصاصه برؤية المشهود عليه أو سماعه إياه
و جوابه بأن موجب القذف وجوب الحد و هو يدرأ بالشبهة و مقصود اللعان نفي السبب و هو يثبت بالإمكان مع ظهور انتفائه و إلا فلا أي إذا كان غير معلوم الإشارة و الكتابة لم يصح.
فرع : إذا قذف الأخرس و لاعن ثم تكلم فأنكرهما لم يقبل إنكاره للقذف لأنه يتعلق به حق لغيره بحكم الظاهر و يقبل إنكاره للعان فيما عليه فيطالب بالحد ويلحقه النسب و لا تعود الزوجة فإن قال أنا ألاعن لسقوط الحد ونفي النسب كان له ذلك وإن اعترف بالزنى ثم أنكر فكاللمعان.
"و هل يصح لعان من اعتقل لسانه و أيس من نطقه بالإشارة على وجهين" كذا في "المحرر" و "الفروع".
أحدهما و جزم به في "الوجيز" يصح كالأخرس الأصلي.
والثاني لا لأنه عجز عن النطق لعارض أشبه غير المأيوس.
فإن قال لم أرد قذفا و لعانا قبل في لعان في حد ونسب فقط و يلاعن لهما فإن رجي نطقه انتظر و في "الترغيب" ثلاثة أيام و فائدته صحة

(8/69)


فصل
و السنة أن يتلاعنا قياما بحضرة جماعة في الأوقات و الأماكن المعظمة
__________
قذف الأخرس و لعانه لأنا لا نأمرة باللعان و نحبسه إذا نكل حتى يلاعن ذكره في عيون المسائل و كلام غيره يقضي أنه يحد
فصل
"و السنة أن يتلاعنا قياما" لقوله عليه السلام لهلال بن أمية "قم فأشهد أربع شهادات" و لأنه أبلع في الردع فيبدأ الزوج فيلتعن و هو قائم فإذا فرغ قامت المرأة فالتعنت "بحضرة جماعة" لحضور ابن عباس و أبن عمر و سهل بن سعد مع حداثة أسنانهم فدل على أنه حضر جمع كثير لأن الصبيان إنما يحضرون تبعا للرجال إذ اللعان مبني على التغليظ للردع والزجر وفعله في الجماعة أبلغ في ذلك.
و يستحب ألا ينقصوا عن أربعة لأن بينة الزنى التي شرع اللعان من أجل الرمي به أربعة و ليس بواجب بغير خلاف نعلمه.
"في الأوقات و الأماكن المعظمة" هذا قول أبي الخطاب و جزم به في "المستوعب" و "المحرر" و "الوجيز" ففي الزمان بعد العصر لقول الله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106] و المراد صلاة العشاء في قول المفسرين و قال أبو الحطاب و بين الأذانين لأن الدعاء بينهما لا يرد.
و في المكان بمكة بين الركن الذي فيه الحجر الأسود و المقام و هو المسمى بالحطيم و لو قيل بالحجر لكان أولى لأنه من البيت و بالمدينة عند المنبر مما يلي القبر الشريف لقوله عليه السلام "ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة" و ببيت المقدس عند الصخرة وفي سائر البلدان في جوامعها و هل يجوز أن يرتقيا على المنابر أولا وإن كان في الناس كثرة فيه احتمال أو وجه قاله في "الواضح" و حائض و نحوها بباب المسجد لتحريم مكثها فيه.
فلو رأى الإمام تأخيره إلى انقطاع الدم و غسلها لم يبعد و الوجه الثاني : لا

(8/70)


وإذا بلغ كل و احد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلا فأمسك يده على في الرجل و امرأة تضع يدها على في المرأة ثم يعظه فيقول اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإن يكون ذلك بحضرة الحاكم
__________
يستحب التغليظ مطلقا قاله القاضي و قدمه في "الكافي" لأن الله تعالى أطلق الأمر به ولأنه عليه السلام أمر الرجل بإحضار امرأته و لم يخصه بزمن و لو خصه لنقل و أطلق الخلاف في "الفروع" و خصهما في "الترغيب" بالذمة و ظاهره على الأول و لو كانا كافرين فعلى هذا يحضرهم في أوقاتهم المعظمة و بيوت عبادتهم كالكنائس لأهل الكتاب و بيوت النار للمجوس و يحتمل أن يغلظ بالمكان فإن كانت المسلمة حائضا و قفت على باب المسجد.
"و إذا بلغ كل و احد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلا فأمسك يده على في الرجل و امرأة تضع يدها على في المرأة ثم يعظه" لما روى ابن عباس قال تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه و قال و يحك كل شيء أهون عليك من لعنة الله ثم أرسل فقال لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم دعا بها فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ثم أمر بها فأمسكت على فيها فوعظها و قال ويلك كل شيء أهون عليك من غضب الله أخرجه الجوز جاني.
و ظاهره أن الواعظ هو الحاكم وحكاه في "الرعاية" قولا "فيقول اتق الله فإنها الموجبة" للعنة و الغضب من الله "و عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة" لما روى ابن عباس قال لما كانت الخامسة قيل لهلال بن أمية اتق الله فإنها الموجبة و فيه فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة لأن عذاب الدنيا منقطع و عذاب الآخرة دائم ليتوب الكاذب منهما و يرتدع عما عزم عليه.
"وإن يكون ذلك بحضرة الحاكم" أو نائبه و قد تقدم أن هذا شرط لصحة اللعان فإن تحاكما إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فلاعن لم يصح لأن اللعان مبني على التغليظ فلم يجز لغير الحاكم كالحد و حكى المؤلف أنه ينفذ

(8/71)


فإن كانت المرأة خفرة بعث من يلاعن بينهما وإذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة بلعان و عنه يجزئه لعان واحد فعلى هذا يقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى و تقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى و عنه إن كان القذف بكلمة واحدة أجزأه لعام و احد لأنه قذف و احد فخرج عن عهدته بلعان و احد
__________
في ظاهر كلام أحمد و سواء كان الزوجان حرين أو مملوكين في ظاهر كلام الخرقي و قال الشافعي للسيد أن يلاعن بين عبده و أمته كالحد و جوابه أنه لا يملك إقامته على أمته المزوجة ثم لا يشبه اللعان الحد لأنه زجر و تأديب و اللعان إما شهادة أو يمين فافترقا "فإن كانت المرأة خفرة" بفتح الخاء و كسر الفاء يعني شديدة الحياء و هي ضد البرزة "بعث من يلاعن بينهما" يعني نائبه و عدولا فلو اقتصر على نائبه جاز لأن الجمع غير واجب كما يبعث من يستخلفهما في الحقوق و لأن الغرض يحصل ببعث من يثق الحاكم به فلا ضرورة إلى إحضارها و ترك عاداتها مع حصول الغرض بدونه وفي عيون المسائل للزوج أن يلاعن مع غيبتها و تلاعن مع غيبته "و إذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة بلعان" على المذهب سواء قذفهن بكلمة أو كلمات لأنه قاذف لكل واحدة منهن أشبه ما لو لم يقذف غيرها و يبدأ بلعان التي تبدأ بالمطالبة فإن طالبن جميعا أو تشاححن فالقرعة وإن لم يتشاححن بدأ تمن شاء بمن و لو بدأ بواحدة منهن من غير قرعة مع المشاحة جاز.
"و عنه يجزئه لعان واحد" لأن اللعان تابع للقذف و القذف وإن تعدد فكلمته واحدة "فعلى هذا يقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى و تقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى" لأن حلفهن جملة لا يمكن "و عنه إن كان القذف بكلمه واحدة أجزأه لعان و احد لأنه قذف و احد فخرج عن عهدته بلعان و احد" كما لو قذف و احدة.

(8/72)


وإن قذفهن بكلمات أفرد كل واحدة بلعان ولا يصح إلا بشروط ثلاثة أحدهما أن يكون بين زوجين عاقلين بالغين سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين و الأخرى لا يصح إلا بين زوجين مسلمين حرين عدلين .
__________
"و إن قذفهن بكلمات أفرد كل واحدة بلعان" كما لو قذف كل واحدة بعد لعان الأخرى وعنه إن طالبوا عند الحاكم مطالبة واحدة فحد واحد و إلا فحدود حكاها في "المستوعب".
فصل
"ولا يصح إلا بشروط ثلاثة: أحدهما: أن يكون بين زوجين" لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ثم خص الأزواج من عمومها بقوله {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فيبقى ما عداه على مقتضى العموم
"عاقلين بالغين" لأنه إما يمين أو شهادة و كلاهما لا يصح من مجنون و إذ لا عبرة بقولهما "سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين" أي يصح بينهما مطلقا إذا كانا مكلفين نقله و اختاره الأكثر و ذكر ابن هبيرة أنه أظهر الروايتين لعموم قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الآية و لأن اللعان يمين بدليل قوله عليه السلام "لولا الإيمان لكان لى و لها شأن" و لأنه يفتقر إلى اسم الله تعالى و يستوى فيه الذكر والأنثى ولأن الزوج يحتاج إلى نفي الولد فشرع له اللعان طريقا إلى نفيه كما لو كانت ممن يحد بقذفها
"والأخرى لا يصح إلا بين زوجين مسلمين حرين عدلين" اختاره الخرقي وعلله احمد بأنه شهادة ل قوله تعالى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فجعلهم شهداء وقال تعالى: فشهادة أحدهم أربع شهادات، بالله وعنه لا لعان المحصنة وهي الأمة والذمية والمحدودة في الزنى

(8/73)


فإن اختل شرط منها في أحدهما فلا لعان بينهما وإذا قذف أجنبية أو قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد ولم يلاعن وإن أبان زوجته ثم قذفها بزنى في النكاح
__________
لزوجها لعانها لنفي الولد خاصة وليس له لعانها لإسقاط حد القذف والتعزير ذكره القاضي وعنه المحصنة وزوجها المكلف ل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وأما تسمية شهادة فلقوله في يمينه أشهد بالله وحاصله أن الملاعنة كل زوجة عاقلة بالغة وعنه مسلمة حرة عفيفة.
"فإن اختل شرط منها في أحدهما فلا لعان بينهما" لأن المشروط يفوت بفوات شرطه والأولى هي المنصوصة عن أحمد في رواية الجماعة وما يخالفها شاذ في النقل.
"وإن قذف أجنبية" ثم تزوجها و لم يلاعن لأنه وجب في حال كونها أجنبية أشبه ما لو لم يتزوجها فلو قذفها و لم يتزوجها فعليه الحد إن كانت محصنة و إلا عزر "أو قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد ولم يلاعن" وقاله أبو ثور سواء كان ثم ولد أو لا لأنه قذفها بزني مضافا إلى حال البينونة أشبه ما لو قذفها و هي بائن و فارق قذف الزوجة لأنه محتاج إليه و عنه له لعانها لعموم الآية و عنه لنفي الولد قدمه في "الكافي" و الأول "المذهب" لأنه إن كان بينهما و لد فهو محتاج إلى نفيه و هنا إذا تزوجها و هو يعلم زناها فهو المفرط في نكاح حامل من الزنى.
فرع: إذا ملك أمة و قذفها فلا لعان و يعزر فقط.
"وإن أبان زوجته ثم قذفها بزنى في النكاح" إذا أبان زوجته ثم قذفها بزنى أضافه إلى حال الزوجية أو العدة و بينهما و لد لاعن لنفيه لأنه يلحقه نسبه بحكم عقد النكاح فكان له نفيه ويفارق إذا لم يكن له و لد فإنه لا حاجة إلى القذف لكونها أجنبية وسائر الأجنبيات لا يلحقه و لدهن فلا حاجة إلى قذفهن و حكى في "الانتصار" عن أصحابنا إن أبانها ثم قذفها بزنى في الزوجية أنه يلاعن و على الأول متى لاعنها لنفي و لدها انتفى و سقط عنه

(8/74)


أو قذفها في نكاح فاسد و بينهما و لد لاعن لنفيه و إلا حد ولم يلاعن وإن أبان امرأته بعد قذفها فله أن يلاعن سواء كان بينهما و لد أولم يكن
__________
الحد و في ثبوت التحريم المؤبد وجهان.
"أو قذفها في نكاح فاسد و بينهما و لد لاعن لنفيه و إلا حد ولم يلاعن" لما ذكرناه فلو لاعنها من غير و لد لم يسقط الحد و لم يثبت التحريم المؤبد لأنه لعان فاسد وسواء اعتقد أن النكاح صحيح أم لا.
فرع : إذا قال أنت طالق يا زانية ثلاثا لاعن نص عليه لإبانتها بعد قذفها و كقذف الرجعية قيل لأحمد فإنهم يقولون يحد و لا يلزمها إلا واحدة فقال بئس ما يقولون وإن قال أنت طالق ثلاثا يا زانية لم يلاعن نص عليه وهو محمول على من بينهما و لد لأنه يعين إضافة قذفها إلى حال الزوجية لاستحالة الزنى منها بعد طلاقه لها.
فائدة : سئل أحمد عن رجل طلق واحدة أو اثنين ثم قذفها قال ابن عباس لا يلاعن و يجلد و قال ابن عمر يلاعن ما كانت في العدة قال وقول ابن عمر أجود لأنها زوجه.
"وإن أبان امرأته بعد قذفها فله أن يلاعن سواء كان بينهما و لد أولم يكن" نص عليه وهو قول أكثر العلماء لعموم الآية فإذا لم يلاعن وجب عليه الحد لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] ولأنه قاذف لزوجته فوجب أن يلاعن كما لو بقيا على النكاح إلى حالة اللعان فلو قالت قذفني قبل أن يتزوجني و قال بل بعده أو قالت قذفني بعد ما بنت منه فقال بل قبله قبل قوله لأن القول قوله في أصل القذف فكذا في وقته.
مسألة : إذا اشترى زوجته الأمة ثم أقر بوطئها تم أتت بولد لستة أشهر كان لاحقا به إلا أن يدعي الاستبراء فينتفي عنه وإن لم يكن أقر بوطئها أو أقر به فأتت بولد لدون ستة أشهر منذ وطئ كان ملحقا بالنكاح إن أمكن وله نفيه بلعان ذكره في "المغني" و "الشرح" .

(8/75)


وإن قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عزر ولا لعان بينهما.
__________
و كل موضع قلنا لا لعان فيه فالنسب لاحق به و يجب بالقذف موجبه من الحد أو التعزير إلا أن يكون القاذف صغيرا أو مجنونا فلا شيء فيه في قول أكثر العلماء.
"وإن قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عزر" لأن القذف لا يسقط عن درجة السب و هو يوجبه فكذا هنا و ظاهره أنه لا حد و صرح به في "المغنى" و غيره لأن الحد لا يجب عليهما بفعل الزنى.
"ولا لعان بينهما" لأنه قول تحصل به الفرقة فلا يصح من غير مكلف كالطلاق أو يمين فلا يصح من غير مكلف كسائر الأيمان فإن ادعى أنه كان زائل العقل حين قذفه فأنكرت ذلك و لأحدهما بينة عمل بها و إلا قبل قولها مع يمينها لأن الأصل والظاهر السلامة و الصحة وإن عرفت له حال جنون و حالة إفاقة قبل قولها في الأصح.
وإن قذفها و هي طفلة لا يجامع مثلها فلا حد لتيقننا كذبه لكنه يعزر للسب و لا يحتاج في التعزير إلى مطالبة فإن كانت يجامع مثلها كابنة تسع حد و ليس لها و لا لوليها المطالبة به حتى تبلغ فإذا بلغت و طالبت حد و له إسقاطه باللعان و ليس له لعان قبل البلوغ لأنه يراد لإسقاط الحد أو نفي الولد.
فرع : إذا قذف امرأته المجنونة بزنى أضافه إلى حال إفاقتها أو قذفها و هي عاقلة ثم جنت لم يكن لها المطالبة و لا لوليها قبل إفاقتها لأن هذا طريقة التشفى فإذا أفاقت فلها المطالبة و له اللعان فإن أراد لعانها في حال جنونها و لا و لد ينفيه لم يكن له ذلك وإن كان ثم و لد يريد نفيه فالذي يقتضيه "المذهب" أنه لا يلاعن و يلحقه الولد و قال القاضي له أن يلاعن لنفيه لأنه محتاج إلى ذلك.

(8/76)


فصل
الشرط الثاني أن يقذفها بالزنى فيقول زنيت أو يا زانية أو رأيتك تزنين سواء قذفها بزنى في القبل أو الدبر وإن قال وطئت بشبهة أو مكرهة فلا لعان بينهما و عنه إن كان ثم و لد لاعن لنفيه و إلا فلا وإن قال لم تزن و لكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم ولا لعان بينهما
__________
فصل
"الشرط الثاني أن يقذفها بالزنى" لأن كل قذف يجب به الحد و سواء في ذلك الأعمى و البصير نص عليه و قال أبو الزناد لا يكون اللعان إلا بأحد أمرين إما رؤية و إما إنكار الحمل لأن آية اللعان نزلت في هلال بن أمية و كان قال رأيت بعيني و سمعت بأذني وجوابه عموم الآية و الأخذ بعموم اللفظ أولى من خصوص السبب.
"فيقول زنيت أو يا زانية أو رأيتك تزنين" هذا بيان لمعنى القذف فإن قال يا زانية فقالت بل أنت زان فله اللعان و تحد هي لقذفه فإن قال زنى بك زيد في الدار فلا.
"سواء قذفها بزنى في القبل" و هو ظاهر أو "الدبر" لأنه قذفها بزنى في الفرج فوجب أن يكون حكمه كالقبل و علم منه أنه إذا قذفها بالوطء دون الفرج أو بشيء من الفواحش غير الزنى فلا حد و لا لعان كما لو قذفها بضرب الناس أو أذاهم "وإن قال وطئت بشبهة أو مكرهة" أو مع نوم أو إغماء أو جنون لزمه الولد "فلا لعان بينهما" اختاره الخرقي و المؤلف و جزم به في الوجيز لأنه لم يقذفها بما يوجب الحد "و عنه إن كان ثم و لد لاعن لنفيه" اختاره الأكثر فينتفي بلعانه وحده لأنه يحتاج إليه و في المحرر روايتان منصوصتان ثم قال عن الثانية و هي الأصح عندي "و إلا فلا وإن قال لم تزن و لكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم" لقوله عليه السلام: "الولد للفراش" "و لا لعان بينهما" ؛

(8/77)


وإن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت امرأة مرضية أنه ولد على فراشه لحقه نسبه وإن ولدت توأمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقه نسبهما ويلاعن لنفي الحد وقال القاضي يحد
__________
لأن هذا ليس بقذف بظاهره لاحتمال أنه يريد أنه من زوج آخر أو من وطء شبهة أو غير ذلك.
وإن قال ما ولدته وإنما التقطته أو استعارته فقالت بل هو ولدي منك لم يقبل قولها إلا ببينة وهو قول أكثر العلماء فعلى هذا لا يلحقه الولد إلا أن تقيم بينة وهي امرأة مرضية تشهد بولادتها له وقيل يقبل قولها فيلحقه النسب وهل له نفيه باللعان فيه وجهان.
"وإن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت امرأة مرضية أنه ولد على فراشه لحقه نسبه" لأن شهادتها بالولادة مقبولة لأنها مما لا يطلع عليه الرجال.
"وإن ولدت توأمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقه نسبهما" أي إذا ولدت توأمين وبينهما أقل من ستة أشهر لأنه حمل واحد فلا يجوز أن يكون بعضه منه وبعضه من غيره لأن النسب يحتاط لإثباته لا لنفيه فإن قلت لم لم يحكم بنفي ما أقر به تبعا للذي نفاه قلت ثبوت النسب مبني على التغليب وهو يثبت بمجرد الإمكان وإن لم يثبت الوطء ولا ينتفي لإمكان النفي فافترقا.
"ويلاعن لنفي الحد" لأن اللعان تارة يراد لنفي الولد وتارة لإسقاط الحد فإذا تعذر نفي الولد لما سبق بقي اللعان لإسقاط الحد "وقال القاضي يحد" ولا يملك إسقاطه باللعان لأنه باستلحاقه اعترف بكذبه في قذفه فلم يسمع إنكاره بعد ذلك فإن ماتا معا أو أحدهما فله أن يلاعن لنفي نسبهما وقال بعض العلماء يلزمه نسب لحي ولا يلاعن إلا لنفي الحد ولأنه بالموت انقطع نسبه كموت أمه وجوابه أن الميت ينسب إليه فيقال ابن فلان ويلزمه تجهيزه وتكفينه.

(8/78)


فصل
الثالث أن تكذبه الزوجة و يستمر ذلك إلى انقضاء اللعان فإن صدقته أو سكتت لحقه نسبه و لا لعان في قياس المذهب وإن مات أحدهما قبل اللعان ورثه صاحبه و لحقه نسب الولد
__________
فصل
"الثالث أن تكذبه الزوجة ويستمر ذلك إلى انقضاء اللعان لأنه لا يتم إلا أن يوجد من الزوجين فإذا أقرت المرأة بالزنى تعذر اللعان منهما لأن الإنسان لا يستحلف على ما أقر به "فإن صدقته" مرة أو أكثر "أو سكتت" أو عفت عنه أو ثبت زناها بأربعة سواه أو قذف مجنونة بزني قبله أو محصنة فجنت أو ناطقة فخرست نقل ابن منصور أو صماء "لحقه النسب" لأن الولد للفراش وإنما ينتفي عنه اللعان ولم يوجد شرطه.
"ولا لعان في قياس المذهب" ونص عليه لأن اللعان كالبينة وهي لا تقام مع الإقرار ثم إن كان تصديقها له قبل لعانه فلا لعان لأن اللعان كالبينة إنما تقام مع الإنكار وإن كان بعد لعانه لم تلاعن هي لأنها لا تحلف مع الإقرار و حكمها كما لو امتنعت من غير إقرار وإن أقرت أربعا و جب الحد و لا لعان إذا لم يكن ثم نسب ينفي وإن رجعت سقط الحد عنها بغير خلاف علمناه لأن الرجوع عن الإقرار بالحد مقبول و لا لعان بينهما لا للحد لتصديقها إياه و لا لنفي النسب لأن نفي الولد إنما يكون بلعانهما معا و قد تعذر منهما "وإن مات أحدهما قبل اللعان" أو قبل تتمته فقد مات على الزوجية لأن الفرقة لا تحصل إلا بكمال اللعان.
"و رثه صاحبه و لحقه نسب الولد" نص عليه لأن النكاح إنما يقطعه اللعان كالطلاق و قيل ينتفي بلعانه و حده مطلقا كدرء حد و الأول المذهب لأن الشرع إنما رتب الأحكام على اللعان التام و الحكم لا يثبت قبل إكمال سببه ,

(8/79)


ولا لعان وإن مات الولد فله لعانها و نفيه وإن لاعن و نكلت الزوجة عن اللعان خلي سبيلها و لحقه الولد ذكره الخرقي و عن أحمد أنها تحبس حتى تقر أو تلاعن و لا يعرض للزوج حتى تطالبه الزوجة
__________
فإن ماتت بعد طلبها للحد قام وارثها مقامها "و لا لعان" لأن شرطه مطالبة الزوجة و قد تعذر بموتها "وإن مات الولد فله لعانها و نفيه" لأن شروط اللعان تتحقق بدون الولد فلا ينتفي بموته لأنه ينسب إليه.
"وإن لاعن و نكلت الزوجة عن اللعان خلي سبيلها و لحقه الولد ذكره الخرقي" و أبو بكر قال ابن حمدان و هي الأصح و جزم بها في "الوجيز" لأنه لم يثبت عليها شيء ويلحقه الولد لأن نكول الزوجة بمنزله إقرارها و علم منه أنه لا حد لأن زناها لم يثبت فإنه لو ثبت زناها بلعان الزوج لم يسمع لعانها كما لو قامت به البينة و لا يثبت بنكولها لأن الحد يدرأ بالشبهة و هي متمكنة منه و قال الجوزجاني و أبو الفرج و الشيخ تقي الدين تحد قال في "الفروع" و هو قوي ل قوله تعالى: { {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} و يؤيد الأول قول عمر الرجم على من زنى و قد أحصن إذا كان بينة أو كان الحمل أو الاعتراف فلم يذكر اللعان قال أحمد فإن أبت أن تلتعن بعد التعان الزوج أجبرتها على اللعان و هبت أن أحكم عليها بالرجم لأنها لو أقرت بلسانها لم أرجمها إذا رجعت فكيف إذا أبت اللعان.
"و عن أحمد أنها تحبس" قدمها في "الكافي" و "المحرر" و "الرعاية" و صححها القاضي "حتى تقر" أربعا وقيل ثلاثا "أو تلاعن" ل قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] الآية.
فإذا لم تشهد وجب ألا يدرأ عنها العذاب و لا يسقط النسب إلا بالتعانهما جميعا لأن الفراش قائم و الولد للفراش و حكى في "الفروع" الخلاف من غير ترجيح.
"و لا يعرض" بضم الياء على البناء للمفعول "للزوج حتى تطالبه الزوجة" يعنى لا يتعرض له بإقامة الحد عليه و لا طلب اللعان منه حتى تطالبه زوجته

(8/80)


فإن أراد اللعان من غير طلبها فإن كان بينهما ولد ويريد نفيه فله ذلك و إلا فلا
فصل
و إذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام أحدها سقوط الحد عنه أو التعزير
__________
بذلك لأنه حق لها فلا يقام من غير طلبها كسائر الحقوق
فإن عفت عن الحد أو لم تطالب لم تجز مطالبته بنفيه و لا حد و لا لعان و لا يملك ولي المجنونة و الصغيرة وسيد الأمة المطالبة بالتعزير من أجلهن لأن هذا حق ثبت للتشفي فلا يقوم الغير فيه مقام المستحق كالقصاص.
"فإن أراد اللعان من غير طلبها فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك" و قاله القاضي لأنه عليه السلام لاعن بين هلال بن أمية وزوجته ولم تكن طالبته و لأنه محتاج إلى نفيه فيشرع له طريق إليه كما لو طالبته و لأن نفي النسب الباطل حق له فلا يسقط برضاها به كما لو طالبت باللعان و رضيت بالولد و يحتمل ألا يشرع اللعان كما لو قذفها فصدقته لأنه أحد موجبي القذف فلا يشرع مع عدم المطالبة كالحد.
"إلا فلا" أي إذا لم يكن هناك و لد يريد نفيه لم يكن له أن يلاعن بغير خلاف نعلمه لأن الحاجة إلى اللعان لإسقاط الحد أو لنفي الولد و الحد لم يطالب به و الولد معدوم.
فصل
"و إذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام أحدها سقوط الحد عنه" أي عن الزوج إن كانت زوجته محصنة "أو التعزير" إن لم تكن محصنة لقول هلال بن أميه و الله لا يعذبني الله عليهما كما لم يجلدني عليها و لأن شهادته أقيمت مقام بينته وبينته تسقط الحد كذلك لعانه وإن نكل عن اللعان أو عن إتمامه

(8/81)


ولو قذفها برجل بعينه سقط الحد عنه لهما الثاني الفرقة بينهما و عنه لا تحصل حتى يفرق الحاكم بينهما
__________
فعليه الحد فإن ضرب بعضه فقال أنا ألاعن سمع ذلك منه لأن ما أسقط كله أسقط بعضه كالبينة ولو نكلت المرأة عن الملاعنة ثم بذلتها سمع منها كالرجل.
"ولو قذفها برجل بعينه" سواء ذكره في لعانه أو لا "سقط الحد عنه لهما" لأن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك ابن سحماء ولم يحده الني صلى الله عليه وسلم ولا عزره له ولأن اللعان بينة في أحد الطرفين فكان بينة في الآخر كالشهادة لكن إن لم يلاعن فلكل واحد منها المطالبة وأيهما طلب حد له دون من لم يطالب كما لو قذف رجلا بالزنى بامرأة معينة وقال أبو الخطاب يلاعن لإسقاط الحد لها وللمسمى.
فرع من نفى توأمين أو أكثر كفاه لعان واحد ولو بعد موت أحدهما قال في "الشرح" وإن أتت بولد فلاعن لنفيه ثم ولدت آخر لأقل من ستة أشهر لم ينتف الثاني باللعان الأول ويحتمل أن ينتفي بنفيه من غير حاجة إلى لعان ثان.
الثاني الفرقة بينهما بتمام تلاعنهما اختاره أبو بكر وقدمه في "المحرر" و"الفروع" وجزم به في "الوجيز" وقاله ابن عباس وغيره لقول ابن عمر المتلاعنان يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا رواه سعيد ولأنه معنى يقتضي التحريم المؤبد فلم يقف على حكم حاكم كالرضاع ولأنها لو وقفت على تفريق الحاكم لساغ ترك التفريق إذا لم يرضيا به كالتفريق للعنت والإعسار وتفريقه صلى الله عليه وسلم بينهما بمعنى إعلامه لهما بحصول الفرقة.
"وعنه لا تحصل حتى يفرق الحاكم بينهما" في ظاهر كلام الخرقي و اختاره القاضي و الشريف و أبو الخطاب وابن البنا والمؤلف لما روى نافع عن ابن عمر أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة رواه الجماعة وعن سعيد بن جبير قال قلت لابن عمر رجل قذف امرأته قال فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني عجلان وقال الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب - يرددها ثلاث مرات -

(8/82)


الثالث التحريم المؤبد و عنه إن أكذب نفسه حلت له وإن لاعن زوجته الأمة ثم اشتراها لم تحل له إلا أن يكذب نفسه على الرواية الأخرى و إذا قلنا تحل له الزوجة بإكذاب نفسه فإن لم يكن وجد منه طلاق فهي باقية على النكاح
__________
فأبيا ففرق بينهما متفق عليه فدل أن الفرقة لم تحصل بمجرد اللعان فعلى هذه إن طلقها قبل التفريق لحقها طلاقه ويلزم الحاكم الفرقة من غير طلب لأنه عليه السلام فرق بينهما من غير استئذانهما وعليها لو لم يفرق الحاكم بينهما كان النكاح بحاله قاله المؤلف وقال الشافعي تحصل الفرقة بلعان الزوج وحده وإن لم تلتعن هي كالطلاق قال المؤلف ولا نعلم أن أحدا وافقه على ذلك وعليهما فرقة اللعان فسخ لأنها فرقة توجب تحريما مؤبدا فكانت فسخا كالرضاع.
"الثالث التحريم المؤبد" نقله واختاره الأكثر لقول سهل بن سعد مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا رواه الجوزجاني وأبو داود ورجاله ثقات وروى الدار قطني ذلك عن علي ولأنه تحريم لا يرتفع قبل الحد والتكذيب فلم يرتفع بهما كتحريم الرضاع.
"وعنه إن أكذب نفسه حلت له" وعاد فراشه كما لو لم يلاعن ولكن هذه ا الرواية شذ بها حنبل عن أصحابه قال أبو بكر لا نعلم أحدا رواها غيره قال المؤلف وينبغي أن يحمل على ما إذا لم يفرق الحاكم فأما مع تفريقه فلا وجه لبقاء النكاح بحاله وأغرب منه قول سعيد بن المسيب إنه إذا أكذب نفسه فهو خاطب من الخطاب "وإن لاعن زوجته الأمة ثم اشتراها لم تحل له9 لأنه تحريم مؤبد كالرضاع ولأن المطلق ثلاثا إذا اشترى مطلقته لم تحل له قبل زوج وإصابة فهنا أولى لأن هذا التحريم مؤبد وتحريم الطلاق يختص النكاح "إلا أن يكذب نفسه على الرواية الأخرى" أي الضعيفة فإنها تحل له "وإذا قلنا تحل له الزوجة بإكذاب نفسه فإن لم يكن وجد منه طلاق فهي باقية على النكاح" لأن اللعان على هذا القول لا يحرم على التأبيد وإنما يؤمر بالطلاق كما يؤمر المؤلي به إذا لم يأت بالفيئة ,

(8/83)


وإن وجد منه طلاق دون الثلاثة، فله رجعتها الرابع انتفاء الولد عنه بمجرد اللعان ذكره أبو بكر و ينتفي عنه حملها وإن لم يذكره و قال الخرقي لا ينتقي عنه حتى يذكره في اللعان.
__________
فإذا لم يأت بالطلاق بقي النكاح بحاله وزال الإجبار على الطلاق لتكذيب نفسه وإن وجد منه طلاق دون الثلاث فله رجعتها كالمطلقة دون الثلاث بغير عوض.
"الرابع انتفاء الولد عنه بمجرد اللعان ذكره أبو بكر" لما روى سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بينهما وقضى ألا يدعي ولدها لأب وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لاعن بين هلال وامرأته ففرق بينهما وقضى ألا يدعى ولدها لأب ولا ترمي ولا يرمي ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد رواه أحمد وأبو داود فظاهره أنه لا يشترط ذكره فيه ولأنه أحد مقصودي اللعان فيثبت به كإسقاط الحد و"المذهب" كما اختاره الخرقي والقاضي وصححه في "الكافي" وجزم به في "الوجيز" أنه لا ينتفي إلا بذكره لأنه شخص يسقط باللعان فكان ذكره شرطا كالزوجية ورجحه في "المغني" و "الشرح" وأجابا عن حديث سهل بأن ابن عمر روى القصة وذكر فيها أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق بينهما وألحق الولد بالمرأة والزيادة من الثقة مقبولة فعلى هذا لا بد من ذكر الولد في كل لفظة ومع اللعن في الخامسة لأنها من لفظات اللعان.
"وينتفي عنه حملها وإن لم يذكره" هذا هو ظاهر كلام أبي بكر لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن على الحمل رواه أحمد ولأن الحمل تثبت له الأحكام الثابتة بعد الوضع من وجوب النفقة والمسكن ونفي طلاق البدعة ووجوب الاعتداد به فكان كالمتيقن "وقال الخرقي لا ينتفي عنه حتى يذكره في اللعان" منصوص أحمد في رواية الجماعة أنه لا يصح نفي الحمل وقال لعله يكون ريحا وعلى هذا عامة الأصحاب معتمدين بأنه قد يكون ريحا وقد يكون غيره فيصير نفيه مشروطا بوجوده ولأن الأحكام

(8/84)


فإذا قال أشهد بالله لقد زنت يقول و ما هذا الولد و لدي و تقول هي أشهد بالله لقد كذب و هذا الولد ولده وإن نفى الحمل في التعانه لم ينتف حتى ينفيه عند وضعها له ويلاعن
فصل
و من شرط نفي الولد ألا يوجد دليل على الإقرار به فإن أقر به أو بتوأمه أو نفاه و سكت عن توأمه أو هنئ به فسكت أو أمن على
__________
التي ينفرد بها الحمل تقف على ولادته بدليل الميراث والوصية فعلى هذا لا بد أن ينفيه عند وضعها له ويلاعن
"فإذا قال أشهد بالله لقد زنت يقول و ما هذا الولد ولدي وتقول هي أشهد بالله لقد كذب وهذا الولد ولده" وقال القاضي يشترط أن يقول هذا الولد من زنى وليس مني والصحيح خلافه.
"وإن نفى الحمل في التعانه لم ينتف حتى ينفيه عند وضعها له ويلاعن" لأن ذلك زمن لحوق الولد والأول أولى وأصح لأنه عليه السلام لاعن بين هلال وامرأته قبل أن تضع ونفى الحمل عنه وينبني على الخلاف واستلحاقه والمنصوص في رواية ابن القاسم أنه لا يصح استلحاقه قبل وضعه وقيل بلى وله نفيه بعده باللعان نص عليه ولا ينفيه في لعانه حتى ينفيه بعد وضعه وقت العلم به وقيل أو في مجلس العلم ويلاعن له وقيل ينتفي بذكره فيه وقيل وبدونه وإن أخر نفيه لم يسقط وقيل إن أقر به ثم نفاه بعد وضعه صح نفيه نص عليه.
فصل
ومن شرط نفي الولد ألا يوجد دليل على الإقرار به لأن الدليل على الإقرار به بمنزلة الإقرار به "فإن أقر به" لم يملك نفيه في قول أهل العلم أو أقر "بتوأمه أو نفاه وسكت عن توأمه" لحقه نسبه ولم يكن له نفيه لأنه إذا أقر بأحدهما كان إقرارا بالآخر "أو هنئ به فسكت" كان إقرارا به ذكره أبو بكر لأن السكوت دليل على الرضى في حق المنكر فهنا أولى "أو أمن على

(8/85)


الدعاء أو أخر نفيه مع إمكانه لحقه نسبه ولم يملك نفيه وإن قال أخرت نفيه رجاء موته لم يعذر بذلك وإن قال لم أعلم به أو لم أعلم أن لي نفيه أو لم أعلم أن ذلك على الفور وأمكن صدقه قبل قوله ولم يسقط نفيه وإن أخره لحبس أو مرض أو غيبة أو شيء يمنعه ذلك لم يسقط نفيه.
__________
الدعاء لزمه في قولهم جميعا وكذا إن قال أحسن الله جزاءك أو بارك الله عليك أو رزقك الله مثله أو أخر نفيه مع إمكانه.
وقيل له نفيه في مجلس علمه فقط "لحقه نسبه" لأن ذلك كله دليل على الإقرار به "ولم يملك نفيه" لأن نفيه يثبت لنفي ضرر متحقق فكان على الفور كخيار الشفعة قال أبو بكر لا يتقدر ذلك بثلاث بل هو على ما جرت به العادة إن كان ليلا فحتى يصبح وتنتشر الناس وإن كان جائعا أو ظمآن فحتى يأكل ويشرب فإن كان ناعسا فحتى ينام أو يلبس ثوبه ويسرج دابته ويركب ويصلي إن حضرت.
"وإن قال أخرت نفيه رجاء موته لم يعذر بذلك" لأن الموت قريب وغير متيقن فتعليق النفي عليه تعليق على أمر موهوم.
"وإن قال لم أعلم به" أي بالولادة وأمكن صدقه بأن يكون في مكان يخفى عليه بخلاف ما إذا كان معها في الدار لأن الأصل عدم العلم.
"أو لم أعلم أن لي نفيه أو أعلم أن ذلك على الفور" وكان ذلك مما يخفى عليه كعامة الناس قبل منه ولأنهم يخفى عليهم كحديث العهد بالإسلام والناشئ ببادية فإن كان فقيها لم يقبل منه لأنه لا يخفى عليه مثله وقيل بلى لأن الفقيه يخفى عليه كثير من الأحكام "وأمكن صدقه" بما ذكرنا "قبل قوله" لأنه محتمل "ولم يسقط نفيه" لأنه معذور "وإن أخره لحبس أو مرض أو غيبة أو شيء يمنعه ذلك لم يسقط نفيه" أي إذا كان عذر يمنعه الحضور كما مثله وكالاشتغال بحفظ مال يخاف ضيعته فإن كانت مدة ذلك قصيرة لم يبطل نفيه لأنه بمنزلة من علم ليلا فأخره

(8/86)


ومتى أكذب نفسه بعد نفيه لحقه النسب ولزمه الحد إن كانت المرأة محصنة أو التعزير إن لم تكن محصنة.
__________
إلى الصبح وإن كانت طويلة وأمكنه السفر إلى حاكم ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان والنفي فلم يفعل سقط نفيه وإن لم يمكنه أشهد على نفيه أنه ناف لولد امرأته فإن لم يفعل بطل خياره لأنه إذا لم يقدر على نفيه قام الإشهاد مقامه.
فرع إذا قال لم أصدق المخبر به وهو عدل أو قد استفاض الخبر لم يقبل قوله وإلا قبل منه وكل موضع لزمه الولد لم يكن له نفيه بعد ذلك.
"ومتى أكذب نفسه بعد نفيه لحقه النسب" أي إذا لاعن امرأته ونفى ولدها ثم أكذب نفسه لحقه الولد إذا كان حيا غنيا كان أو فقيرا بغير خلاف وكذا إن كان ميتا.
وقال الثوري إذا استلحق الولد الميت وكان ذا مال لم يلحقه لأنه إنما يدعي مالا وإلا لحقه وقال الحنفية إن كان الولد الميت ترك ولدا ثبت نسبه من المستلحق وتبعه نسب ابنه وإن لم يكن ترك ولدا لم يصح استلحاقه ولم يثبت نسبه ولا يرث منه المدعي شيئا لأن نسبه منقطع بالموت.
وجوابه أن هذا ولد نفاه باللعان فكان له استلحاقه كما لو كان حيا ولأنهم جعلوا نسب ولد الولد تابعا لنسب ابنه أي يتبع الأصل الفرع وهو مردود وعن الثوري إنما يدعي النسب والميراث تبع له.
"ولزمه الحد إن كانت المرأة محصنة" سواء أكذبها قبل لعانه أو بعده بغير خلاف نعلمه لأن اللعان أقيم مقام البينة في حق الزوج فإذا أكذب نفسه فإن لعانه كذب وزيادة في هتكها وتكرار لقذفها فلا أقل من أن يجب الحد الذي كان واجبا بالقذف المجرد فإن عاد عن إكذاب نفسه وقال لي بينة أقيمها بزناها أو أراد إسقاط الحد باللعان لم يسمع لأن البينة واللعان لتحقق ما قاله وقد أقر بكذب نفسه فلا يقبل منه خلافه "أو التعزير إن لم تكن محصنة" كقذف غير زوجته وحينئذ ينجر النسب من جهة الأم إلى جهة

(8/87)


......................................
__________
الأب كالولاء وتوارثا وقد علم منه إذ استلحقه ورثه وقد نفاه باللعان أنه لا يلحق به نص عليه وفي "المستوعب" رواية لا يحد وإن نفى من لا ينتفي وأنه من زنى حد في رواية اختارها القاضي وغيره وعنه إن لم يلاعن اختارها أبو الخطاب والمؤلف ومن نفى أولادا فلعان واحد.

(8/88)


فصل فيما يلحق من النسب
من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها ولأقل من أربع سنين منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله لحقه نسبه.
__________
فصل فيما يلحق من النسب
"من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه" ولو مع غيبته عشرين سنة ذكره في المغني وعليه نصوص أحمد والمراد ويخفى مسيره وإلا فالخلاف على ما ذكره في "التعليق" وغيره
ولا ينقطع الإمكان عنه بالحيض قاله في "الترغيب" "وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها ولأقل من أربع سنين منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله" كابن عشر سنين وقيل وتسع وقيل ثنتي عشرة واختار أبو بكر وابن عقيل وأبو الخطاب لا يلحقه حتى يبلغ كما لا يملك نفيه حتى يعلم بلوغه للشك في جهة يمينه و"المذهب" ما ذكره المؤلف كغيره "لحقه نسبه" ما لم ينفه بلعان لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش" ولأنه يمكن كونه منه لقوله عليه السلام: "واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع" وعلى هذا لا يصير بالغا ولا يتقرر به مهر ولا تثبت به عدة ولا رجعة قال في الفروع ويتوجه فيه قول كثبوت الأحكام بصوم يوم الغيم

(8/88)


وإن لم يمكن كونه منه مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها أو أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها
__________
ونقل حرب فيمن طلق قبل الدخول فأتت بولد فأنكره ينتفي بلا لعان وأخذ شيخنا من هذه الرواية أن الزوجة لا تصير فراشا إلا بالدخول واختاره وفي "الانتصار" لا يلحق بمطلق إن اتفقا أنه لم يمسها ونقل مهنا لا يلحق الولد حتى يوجد الدخول والأصح الأول لأنه زمن يمكن البلوغ فيه فيلحقه الولد كالبالغ وقد روي أن عمرو بن العاص وابنه عبد الله لم يكن بينهما إلا اثنتا عشرة سنة وما عهد بلوغ لتسع.
ويلحق النسب في النكاح الفاسد كالصحيح وقيل إن اعتقد فساده فلا.
فرع : إذا تحملت ماء زوجها لحقه نسب من ولدته منه وفي العدة والمهر وجهان فإن كان حراما أو ماء من ظنته زوجها فلا نسب ولا مهر ولا عدة في الأصح فيها.
"وإن لم يكن كونه منه مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها" لم يلحقه لأنا علمنا أنها علقت به قبل النكاح ولا يحتاج إلى نفيه باللعان ولأن اللعان يمين واليمين جعلت لتحقق أحد الجائزين ونفي أحد المحتملين وما لا يجوز لا يحتاج إلى نفيه.
"أو أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها" لم يلحقه وقال ابن شريح لأنها أتت به بعد الحكم بانقضاء عدتها في وقت يمكن ألا يكون منه فلم يلحقه كما لو انقضت عدتها بالحمل وإنما يعتبر الإمكان مع بقاء الزوجية والعدة و أما بعدهما فلا يكتفي بالإمكان للحاقه وإنما يكتفي بالإمكان لنفيه و ذلك لأن الفراش سبب ومع وجود السبب يكتفي بإمكان الحكمة فإذا انتفى السبب انتفى الحكم لانتفائه ولا يلتفت إلى مجرد الإمكان.
وظاهره أنها إذا أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ثم أتت به لأقل من ستة أشهر من آخر أقرائها يلحقه صرح به في "المغني" و"الشرح" لعلمنا أنها كانت حاملا في

(8/89)


أو فارقها حاملا فوضعت ثم أتت بآخر بعد ستة أشهر أو مع العلم بأنه لم يجتمع بها كالتي يتزوجها بحضرة الحاكم ثم يطلقها في المجلس أو يتزوجها وبينهما مسافة لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها أو يكون صبيا له دون عشر سنين أو مقطوع الذكر والأنثيين لم يلحقه نسبه.
__________
زمن رؤية الدم فيلزم ألا يكون الدم حيضا.
"أو فارقها حاملا فوضعت ثم أتت بآخر بعد ستة أشهر" لم يلحقه لأنه لا يمكن أن يكون الوالدان حملا واحدا وبينهما مدة الحمل فعلم أنها علقت به بعد زوال الزوجية وانقضاء العدة وكونها أجنبية كسائر الأجنبيات وظاهره أنها إذا وضعت لدون ستة أشهر أنه يلحقه "أو مع العلم بأنه لم يجتمع بها وله صور كالتي يتزوجها بحضرة الحاكم ثم يطلقها في المجلس قبل غيبته عنهم وتأتي به لستة أشهر وذلك علم حسي ونظري".
"أو يتزوجها وبينهما مسافة" بعيدة "لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها" كمشرقي يتزوج مغربية فإن الوقت لا يسع مدة الولادة وقدومه ووطأ ه بعده وأقل مدة الحمل للقطع بأن الوطء ليس ممكنا والمراد وعاش وإلا لحقه بالإمكان كما بعدها قاله في "الفروع" لأنه لم يحصل منه إمكان الوطء في هذا العقد فلم يلحق به كزوجة الطفل أو كما لو ولدته لدون ستة أشهر و الإمكان إذا وجد لم يعلم أنه ليس منه قطعا لجواز أن يكون وطئها من حيث لا تعلم ولا سبيل إلى معرفة حقيقة الوطء فعلقنا الحكم على إمكانه في النكاح ولم يجز حذف الإمكان عن الاعتبار لأنه إذا انتفى حصل اليقين بانتفائه عنه.
وفي "التعليق" و"الوسيلة" و"الانتصار" ولو أمكن ولا يخفى السير كأمير وتاجر كبير ومثل في "عيون المسائل" بالسلطان والحاكم ونقل ابن منصور إن علم أنه لا يصل مثله لم يقض بالفراش وهي مثله أو يكون صبيا له دون عشر سنين" وقد ذكرناه "أو مقطوع الذكر و الأنثيين لم يلحقه نسبه" في قول عامتهم لأنه يستحيل منه الإيلاج والإنزال نقل ابن هانئ

(8/90)


وإن قطع أحدهما فقال أصحابنا يلحقه نسبه وفيه بعد وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين منذ طلقها ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها فهل يلحقه نسبه؟ على وجهين
__________
فيمن قطع ذكره وأنثياه قال إن دفق فقد يكون الولد من الماء القليل فإن شك في ولده فالقافة وساقه المروزي عن خصي قال إن كان مجبوبا ليس له شيء فإن أنزل فإنه يكون الولد منه وإلا فالقافة.
"وإن قطع أحدهما فقال أصحابنا يلحقه نسبه" لأنه إذا قطع الذكر بقيت الأنثيان فساحق وأنزل وإن قطع الأنثيان بقي الذكر فأولج به "وفيه بعد" لأن الولد لا يوجد إلا من مني ومن قطعت أنثياه لا مني له وحاصله أنه إذا قطعت أنثياه فقط لا يلحقه و هو الصحيح لأنه لا ينزل إلا ماء رقيقا لا يخلق منه الولد ولا وجد ذلك ولا اعتبار بإيلاج لا يخلق منه الولد كما لو أولج الصغير وجزم الأكثر بلحوق نسبه به لما ذكرنا.
وإن قطع الذكر لحقه لأنه يمكن أن يساحق فينزل ما يخلق منه الولد ولهذا ألحقنا ولد الأمة بسيدها إذا اعترف بوطئها دون الفرج.
"وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين منذ طلقها" وقبل انقضاء عدتها "ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها فهل يلحقه نسبه على وجهين".
أحدهما يلحقه صححه في "المستوعب" وجزم به في "الوجيز" لأنها في حكم الزوجات أشبه ما قبل الطلاق والثاني لا يلحقه لأنها علقت به بعد طلاق أشبهت البائن وإن حملت الرجعية بعد أكثر مدة الحمل منذ طلقت وقبل نصف سنة منذ فرغت عدتها لحقه في الأشهر سواء أخبرت بفراغ العدة أولا.
فرع: إذا أخبرت بموت زوجها فاعتدت ثم تزوجت لحق بالثاني ما وضعته لنصف سنة فأكثر نص عليه وقاله أكثر العلماء وقال أبو حنيفة الولد للأول وما ولدت البائن بموت أو طلاق وقبل انقضاء عدة الرجعية أو فسخ لأكثر مدة الحمل فأقل منذ بانت ولم تنكح لحقه وانقضت به عدتها منه وما ولدته بعد أكثرها.

(8/91)


فصل
ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه وإن ادعى العزل إلا أن يدعي الاستبراء.
__________
لم يلحقه وفي انقضاء العدة به وجهان
مسألة إذا تزوجت في العدة وولدت قبل نصف سنة منذ تزوجت وقبل أربع سنين منذ بانت من الأول فهو له وإن كان لنصف سنة فأكثر منذ تزوجت وبعد أربع سنين من فرقة الأول فهو للثاني.
فصل
"ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه" صارت فراشا له "فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه" نقله الجماعة مطلقا لحديث عائشة في ابن زمعة و لقول عمر لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه ألم بها إلا ألحقت به ولدها فأنزلوا بعد ذلك أو اتركوا رواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر و قياسا على النكاح.
وقال أبو حنيفة لا تصير فراشا حتى يقر بولدها فإذا أقر به صارت فراشا ولحقه أولاده بعد ذلك لأنها لو صارت فراشا بالوطء لصارت فراشا بإباحته كالزوجة وجوابه بأن الملك لا يتعلق به تحريم المصاهرة و لا ينعقد في محل يحرم الوطء فيه كالمجوسية وذوات محارمه فلو وطئها في الدبر لم تصر فراشا في الأشهر لأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معناه.
"وإن ادعى العزل" لأن كل حكم تعلق بالوطء لم يعتبر فيه الإنزال فوجب ألا يعتبر هنا كسائر الأحكام وحينئذ لا ينتفي عنه بلعان ولا غيره قال أحمد الولد يكون من الريح قال ابن عقيل وهذا منه يدل على أنه لم ينزل في الفرج لأنه لا ريح يسير إليها إلا رائحة المني وذلك يكون بعد إنزاله فيتعلق بها قال وهذا من أحمد علم عظيم "إلا أن يدعي الاستبراء"لأنه دليل على براءة الرحم والقول قوله في حصوله لأنه أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه إلا بعسر ومشقة

(8/92)


وهل يحلف؟ على وجهين: فإن اعتقها أو باعها بعد اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون ستة أشهر فهو ولده والبيع باطل وكذلك إن لم يستبرئها فأتت به لأكثر من ستة أشهر فادعى المشتري أنه منه سواء ادعاه البائع أو لم يدعه
__________
"وهل يحلف على وجهين" كذا في المحرر والفروع أحدهما لا يحلف لأن من قبل قوله في الاستبراء قبل بغير يمين كما لو ادعت المرأة انقضاء عدتها.
والثاني وهو الأشهر وجزم به في "الوجيز" يستحلف للخبر ولأن الاستبراء غير مختص به أشبه سائر الحقوق وقال أبو الحسين أو يري القافة نقله الفضل وذكر أحمد عن زيد وابن عباس وأنس و في "الانتصار" ينتفي بالقافة لا بدعوى الاستبراء ونقل حنبل يلزمه الولد إذا نفاه وألحقته القافة وأقر بالوطء وعلم مما سبق أنه إذا ملكها لا تصير فراشا به لأنه قد يقصد بملكها التمول والتجارة والخدمة فلم يتعين لإرادة الوطء وإن أتت بولد ولم يعترف به لم يلحقه نسبه لأنه لم يولد على فراشه قال في "الفروع" ويتوجه احتمال في أمة تراد للتسري عادة أنها تصير فراشا بالملك وقاله بعض متأخري المالكية لقصة عبد بن زمعة واحتياطا للنسب.
فرع : إذا استلحق ولدا ففي لحوق ما بعده بدون إقرار آخر وجهان ونصوصه تدل على أنه يلحقه لثبوت فراشه
"فإن أعتقها أو باعها بعد اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون ستة أشهر فهو ولده" لأنها حملت به وهي فراش لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر "والبيع باطل" لأنها صارت أم الولد "وكذلك إن لم يستبرئها فأتت به لأكثر من ستة أشهر فادعى المشتري أنه منه" أي من البائع لحقه نسبه لأنه وجد منه سببه وهو الوطء ولم يوجد ما يعارضه ولا يمنعه فتعين إحالة الحكم عليه "سواء ادعاه البائع أو لم يدعه" لأن الموجب لإلحاقه أنها لو أتت به في ملكه في تلك المدة للحق به وانتقال الملك عنه لم يتجدد به شيء وحكاه في "الفروع" قولا وقيل يري القافة نقله صالح و حنبل و نقل الفضل هو له قلت : في

(8/93)


وإن استبرئت ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يلحقه نسبه وكذلك إن لم تستبرئ ولم يقر المشتري له به فأما إن لم يكن البائع أقر بوطئها قبل بيعها لم يلحقه الولد بحال إلا أن يتفقا عليه فيلحقه نسبه وإن ادعاه البائع فلم يصدقه المشتري فهو عبد للمشتري ويحتمل أن يلحقه نسبه مع كونه عبدا للمشتري.
__________
نفسه منه قال فالقافة وإن ادعى كل منهما أنه للآخر والمشتري مقر بالوطء فالخلاف كذلك "وإن استبرئت ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يلحقه نسبه" لأن الاستبراء يدل على براءتها من الحمل وقد أمكن أن يكون من غيره لوجود مدة الحمل بعد الاستبراء مع قيام الدليل فلو أتت به لأقل من ستة أشهر كان الاستبراء غير صحيح "وكذلك إن لم تستبرئ ولم يقر المشتري له به" لأنه ولد أمة المشتري فلا تقبل دعوى غيره له إلا بإقرار من المشتري.
"فأما إن لم يكن البائع أقر بوطئها قبل بيعها لم يلحقه الولد بحال" سواء ولدته لستة أشهر أو لأقل منها لأنه يحتمل أن يكون من غيره "إلا أن يتفقا عليه" أي على الولد أنه ابن للبائع "فيلحقه نسبه" لأن الحق لهما يثبت باتفاقهما.
"وإن ادعاه البائع فلم يصدقه المشتري فهو عبد للمشتري" ولا يقبل قول البائع في الإيلاد لأن الملك انتقل إلى المشتري في الظاهر فلا يقبل قول البائع فيما يبطل حقه كما لو باع عبدا ثم أقر أنه كان أعتقه "ويحتمل أن يلحقه نسبه مع كونه عبدا للمشتري" لأنه يجوز أن يكون ولد الواحد مملوكا لآخر كولد الأمة المزوجة والقول الآخر إنه لا يلحقه وهو الظاهر لأن فيه ضررا على المشتري فلو أعتقه كان أبوه أحق بميراثه منه.
وقال الشيخ تقي الدين فيما إذا ادعى البائع أنه ما باع حتى استبرأ أو حلف المشتري أنه ما وطئها فقال إن أتت به بعد الاستبراء لأكثر من ستة أشهر فقيل لا يقبل قوله ويلحقه النسب قال القاضي في "تعليقه" وهو ظاهر كلام أحمد.
وقيل ينتفي النسب اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل وأبو الخطاب وهل يحتاج إلى اليمين على الاستبراء فيه وجهان

(8/94)


وإذا وطئ المجنون من لا ملك له عليها ولا شبهة ملك فولدت منه لم يلحقه النسب
__________
"إذا وطئ المجنون من لا ملك له عليها ولا شبهة ملك فولدت منه لم يلحقه النسب" لأنه لا يستند إلى ملك ولا اعتقاد إباحة وعليه مهر المثل إن أكرهها على الوطء لأن الضمان يستوي فيه المكلف وغيره.
أصل تبعية النسب للأب إجماعا ما لم ينتف منه فولد قرشي من غير قرشية قرشي ولا عكس وتبعية وحرية ينوي للأم إلا من عذر للعيب أو غرور ويتبع خيرهما دينا وقال الشيخ تقي الدين ويتبع ما أكل أبواه أو أحدهما وفي "عيون المسائل" أنه يوجد عبد من حرة وهو ولد الأمة المعلق عتقها بمجيئه عبدا وفيه شيء .
مسائل
الأولى: ولد الزاني لا يلحق به وإن اعترف به نص عليه واختار الشيخ تقي الدين أنه إذا استلحق ولده من الزنى ولا فراش لحقه وفي الانتصار يسوغ فيه الاجتهاد وذكره ابن اللبان عن الحسن وابن سيرين وعروة و النخعي وإسحاق وفي "الانتصار" يلحقه بحكم الحاكم وذكر أبو يعلى الصغير مثله.
الثانية: إن أولد أمة له ولغيره أو أمة ولده لحقه نسبه وإن كان عبدا بخلاف أمة أحد أبويه وفي أمة زوجته بإذنها روايتان ومن خلا بزوجته الكتابية وهو مسلم صائم ثم طلق قبل الدخول فولدت من يمكن أنه منه لحقه على الأصح.
الثالثة: إذا زوج أمة من صغير لا يولد لمثله ثم وطئها سيدها فأتت بولد من وطئه لم يلحق نسبه به ولا بالزوج و ذكر ابن أبي موسى لا يسترقه السيد بل يعتقه قال لأنه وإن لم يلحقه نسبه فهو منه وإن اشترى أمة فوطئها قبل استبرائها فأتت بولد لأقل من ستة أشهر لم يلحقه نسبة و ذكر ابن أبي موسى أنه يعتقه و لا يبيعه لأن الماء يزيد في السمع و البصر

(8/95)