دقائق
أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات [كِتَابُ الْإِيلَاءِ وَأَحْكَامِ
الْمُولِي]
وَهُوَ إفْعَالٌ مِنْ الْأَلِيَّةِ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ
التَّحْتِيَّةِ يُقَالُ: آلَى يُولِي إيلَاءً وَأَلِيَّةً وَجَمْعُ
الْأَلِيَّةِ أَلَايَا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ
يَحْلِفُونَ يُقَال آلَيْتُ مِنْ امْرَأَتِي أُولِي إيلَاءً إذَا حَلَفَ
لَا يُجَامِعُهَا حَكَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ (يُحْرَمُ) الْإِيلَاءُ
لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ (كَظِهَارٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى
-: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا}
[المجادلة: 2] (وَكَانَ كُلٌّ) مِنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ (طَلَاقًا
فِي الْجَاهِلِيَّةِ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ آخَرُونَ فِي ظِهَارِ
الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي الظِّهَارِ عَنْ أَبِي
قِلَابَةَ وَقَتَادَةَ (وَهُوَ) أَيْ الْإِيلَاءُ شَرْعًا (حَلِفُ زَوْجٍ
يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَتِهِ) أَيْ اللَّهِ
تَعَالَى كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَخَالِقِهِمْ
(عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) لَا أَمَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ
(الْمُمْكِنِ جِمَاعُهَا فِي قُبُلٍ أَبَدًا أَوْ يُطْلِقُ أَوْ فَوْقَ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) مُصَرِّحًا بِهَا (أَوْ يَنْوِيَهَا) بِأَنْ يَحْلِفَ
أَنْ لَا يَطَأَهَا وَيَنْوِيَ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَسَوَاءٌ
حَلَفَ فِي حَالِ الرِّضَا أَوْ غَيْرِهِ وَالزَّوْجَةُ مَدْخُولٌ بِهَا
أَوْ لَا نَصًّا وَتَأْتِي مُحْتَرَزَاتُ هَذِهِ الْقُيُودِ، وَالْأَصْلُ
فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَكَانَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ
وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَآنِ " يُقْسِمُونَ " مَكَانَ " يُؤْلُونَ " قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَ الرَّجُلُ مِنْ
امْرَأَتِهِ شَيْئًا فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبهَا
السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَيَدَعَهَا لَا أَيِّمًا وَلَا
ذَاتَ بَعْلٍ فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ
لِلْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: كَانَ الْإِيلَاءُ ضِرَارًا عَلَى أَهْلِ
الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
(وَيَتَرَتَّبُ حُكْمُهُ) أَيْ الْإِيلَاءِ (مَعَ خِصَاءِ) زَوْجٍ أَيْ
قَطْعِ خَصْيَتِهِ دُونَ ذَكَرِهِ (و) مَعَ (جَبٍّ) أَيْ قَطْعِ (بَعْضِ
ذَكَرِ) زَوْجٍ إنْ بَقِيَ
(3/155)
مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ بِهِ.
(وَ) مَعَ (عَارِضٍ) بِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ (يُرْجَى زَوَالُهُ كَحَبْسٍ
لَا عَكْسُهُ) فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ مَعَ عَارِضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ
بِأَحَدِهِمَا (كَرَتْقٍ) وَجَبٍّ. (وَيُبْطِلُهُ) أَيْ الْإِيلَاءَ
(جَبُّ) ذَكَرِهِ (كُلِّهِ) بَعْدَ إيلَائِهِ ; لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ
مَعَهُ ابْتِدَاءُ شَيْءٍ امْتَنَعَ مَعَ حُدُوثِهِ دَوَامُ ذَلِكَ
الشَّيْءِ (و) يُبْطِلُهُ (شَلَلُهُ) أَيْ الذَّكَرِ بَعْدَ إيلَائِهِ
لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) يُبْطِلُهُ (نَحْوُهُمَا) كَمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ (بَعْدَهُ)
أَيْ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ (وَكَمُولٍ فِي
الْحُكْمِ) مَنْ ضَرَبَ الْمُدَّةَ وَطَلَبَ الْفَيْئَةَ بَعْدَهَا
وَالْأَمْرُ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَفِ وَنَحْوُهُ (مَنْ تَرَكَ
الْوَطْءَ) فِي قُبُلِ زَوْجَتِهِ (ضِرَارًا) بِهَا (بِلَا عُذْرٍ) لَهُ
(أَوْ) أَيْ وَبِلَا (حَلِفٍ) عَلَى تَرْك وَطْءٍ (وَ) مِثْلُهُ (مَنْ
ظَاهَرَ) مِنْ امْرَأَتِهِ (وَلَمْ يُكَفِّرْ) لِظِهَارِهِ ; لِأَنَّهُ
ضَرَّهَا بِتَرْكِ وَطْئِهَا فِي مُدَّةٍ بِقَدْرِ مُدَّةِ الْمُولِي
فَلَزِمَهُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ بِحَلِفِهِ وَلِأَنَّ مَا
وَجَبَ أَدَاؤُهُ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَجَبَ أَدَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ
يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِهِ كَالنَّفَقَةِ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ وَلِأَنَّ
الْيَمِينَ لَا تَجْعَلُ غَيْرَ الْوَاجِبِ وَاجِبًا إذَا حَلَفَ عَلَى
تَرْكِهِ ; وَلِأَنَّ وُجُوبَهُ فِي الْإِيلَاءِ لِدَفْعِ حَاجَةِ
الْمَرْأَةِ وَإِزَالَةِ ضَرَرِهَا وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْإِيلَاءِ
وَعَدَمِهِ.
فَإِنْ قِيلَ فَلَا يَبْقَى لِلْإِيلَاءِ أَثَرٌ فَلِمَ أُفْرِدَ بِبَابٍ؟
أُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ أَثَرًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى قَصْدِ الْإِضْرَارِ
فَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدُ
الْإِضْرَارِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْإِيلَاءُ احْتَجْنَا إلَى دَلِيلٍ
سَوَاءٌ يَدُلُّ عَلَى الْمُضَارَةِ.
(وَإِنْ حَلَفَ) عَلَى زَوْجَتِهِ (لَا يَطَؤُهَا فِي دُبُرِهَا) لَمْ
يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ
وَلَا تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِهِ (أَوْ) حَلَفَ لَا وَطِئَهَا (دُونَ
فَرْجٍ أَوْ) حَلَفَ (لَا جَامَعَهَا إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ يُرِيدُ)
جِمَاعًا (ضَعِيفًا لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَمْ
يَكُنْ مُولِيًا) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ
بِلَا حِنْثٍ (وَإِنْ أَرَادَ) بِقَوْلِهِ إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ كَوْنُهُ
(فِي الدُّبُرِ أَوْ دُونَ الْفَرْجِ صَارَ مُولِيًا) لِأَنَّهُ لَا
يُمْكِنُهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْفَيْئَةِ إلَّا بِالْحِنْثِ فَإِنْ
لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ
الْأَمْرَيْنِ.
(وَمَنْ عَرَفَ مَعْنَى مَا) أَيْ لَفْظٍ (لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ) أَيْ
الْوَطْءِ (وَأَتَى بِهِ) أَيْ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْوَطْءِ
(وَهُوَ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ (لَا نِكْتُكِ) وَكَذَا مَا يُرَادِفُهُ
بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مِمَّنْ يُعْرَفُ مَعْنَاهُ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ
لَا أَدْخَلْتُ ذَكَرِي فِي فَرْجِكِ (أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ لَا
أَدْخَلْتُ (حَشَفَتِي فِي فَرْجِكِ و) قَوْلُهُ (لِلْبِكْرِ خَاصَّةً)
وَاَللَّهِ (لَا اقْتَضَضْتُكِ) بِالْقَافِ صَارَ مُولِيًا فَإِنْ قَالَ
أَرَدْتُ غَيْرَ الْوَطْءِ (لَمْ يُدَيَّنْ مُطْلَقًا) ; لِأَنَّ هَذِهِ
(3/156)
الْأَلْفَاظَ نَصٌّ فِي الْوَطْءِ لَا
تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ
الْأَلْفَاظِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
(وَ) إنْ قَالَ وَاَللَّهِ (لَا اغْتَسَلْتُ مِنْك أَوْ) لَا (أَفْضَيْتُ
إلَيْكِ أَوْ) لَا (غَشَيْتُكِ أَوْ) لَا (لَمَسْتُكِ أَوْ) لَا
(أَصَبْتُكِ أَوْ) لَا (افْتَرَشْتُكِ أَوْ) لَا (وَطِئْتُكِ أَوْ) لَا
(جَامَعْتُكِ أَوْ) لَا (بَاضَعْتُكِ أَوْ) لَا (بَاشَرْتُكِ أَوْ) لَا
(بَاعَلْتُك أَوْ) لَا (قَرُبْتُكِ أَوْ) لَا (مَسَسْتُكِ أَوْ) لَا
(أَتَيْتُك صَرِيحٌ حُكْمًا لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة) حَيْثُ عُرِفَ
مَعْنَاهَا لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ عُرْفًا فِي الْوَطْءِ وَفِي
الْقُرْآنِ {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222] {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ
فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ
أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] وَأَمَّا الْوَطْءُ وَالْجِمَاعُ
فَهُمَا أَشْهَرُ أَلْفَاظِهِ (وَيُدَيَّنُ) فِي لَا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ
وَمَا بَعْدَهُ إنْ قَالَ أَرَدْتُ غَيْرَ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ (مَعَ
عَدَمِ قَرِينَةِ) إيلَاءٍ كَقَوْلِهِ أَرَدْتُ بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ
بِالْقَدَمِ أَوْ بِاللَّمْسِ أَوْ الْإِصَابَةِ فِعْلَهُمَا بِالْيَدِ
وَنَحْوَهُ وُكِّلَ إلَى دِينِهِ (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ إنْ صَدَقَ
(بَاطِنًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا وَاَللَّهِ (لَا ضَاجَعْتُكِ أَوْ) لَا (دَخَلْتُ
إلَيْكِ أَوْ) لَا قَرُبْتُ فِرَاشَكِ أَوْ لَا (بِتُّ عِنْدَكِ
وَنَحْوَهُ) كَلَا نِمْتُ عِنْدَكِ أَوْ لَا مَسَّ جِلْدِي جِلْدَك أَوْ
لَا جَمَعَ رَأْسِي وَرَأْسَكِ شَيْءٌ (لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلَّا
بِنِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةِ) إيلَاءٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَيْسَتْ
ظَاهِرَةً فِي الْجِمَاعِ كَظُهُورِ مَا قَبْلَهَا، وَلَمْ يَرِدْ النَّصُّ
بِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ (وَلَا إيلَاءَ بِحَلِفٍ) عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ
(بِنَذْرٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ) ; لِأَنَّ الْإِيلَاءَ الْمُطْلَقَ
هُوَ الْقَسَمُ، وَلِهَذَا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ " يُقْسِمُونَ
" بَدَلَ " يُؤْلُونَ " وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ
فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] وَإِنَّمَا
يَدْخُلُ الْغُفْرَانُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
(وَلَا) إيلَاءَ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ
زَانِيَةٌ) ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ (وَ) إنْ وَطِئْتُكِ (فَلِلَّهِ
عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ) لِمَا مَرَّ (أَوْ) فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ
(هَذَا الشَّهْرِ) لِأَنَّهُ حَلَفَ بِنَذْرٍ.
وَفِي الْإِقْنَاعِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ بِحَلِفٍ
بِنَذْرٍ فَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ
عِشْرِينَ رَكْعَةً كَانَ مُولِيًا (أَوْ) بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ (لَا
وَطِئْتُكِ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ) لَا وَطِئْتُكِ (مَغْصُوبَةً أَوْ
حَتَّى تَصُومِي نَفْلًا أَوْ) حَتَّى (تَقُومِي أَوْ) حَتَّى (يَأْذَنَ
زَيْدٌ فَيَمُوتَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ
أَشْهُرٍ، وَلِإِمْكَانِ وَطْئِهَا بِدُونِ حِنْثٍ.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ
ظِهَارِي وَكَانَ ظَاهَرَ فَوَطِئَ عَتَقَ عَبْدُهُ عَنْ الظِّهَارِ)
لِوُجُودِ شَرْطِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ ظَاهَرَ (فَوَطِئَ لَمْ يَعْتِقْ)
لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَنْ ظِهَارِهِ،
وَلَمْ يُوجَدْ.
(3/157)
[فَصْلٌ وَإِنْ جَعَلَ الْمَوْلَى
غَايَتَهُ شَيْئًا لَا يُوجَدُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ غَالِبًا]
فَصْلٌ (وَإِنْ جَعَلَ غَايَتَهُ مَا أَيْ) شَيْئًا (لَا يُوجَدُ فِي
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ غَالِبًا كَ) قَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ
حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى أَوْ يَخْرُجَ الدَّجَالُ) أَوْ الدَّابَّةُ
وَنَحْوَهُ، أَوْ يَمُوتَ وَلَدُكِ، أَوْ تَمْرَضِي أَوْ يَمْرَضَ زَيْدٌ،
أَوْ آتِي إلَى الْهِنْدِ، أَوْ يَنْزِلَ الثَّلْجُ فِي الصَّيْفِ (أَوْ)
حَتَّى (تَحْبَلَ وَهِيَ آيِسَةٌ أَوْ لَا) أَيْ غَيْرُ آيِسَةٍ (وَلَمْ
يَطَأْ أَوْ) كَانَ (يَطَأُ وَنِيَّتُهُ حَبَلٌ مُتَجَدِّدٌ) فَمُولٍ
لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ لَا يُوجَدَ خُرُوجُ الدَّجَّالِ وَنُزُولُ عِيسَى
وَنَحْوَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَحَبَلُ الْآيِسَةِ وَمَنْ لَا
تُوطَأُ مُسْتَحِيلٌ أَشْبَهَ لَا وَطِئْتُكِ حَتَّى تَصْعَدِي السَّمَاءَ
فَإِنْ أَرَادَ بِحَتَّى تَحْبَلِي السَّبَبِيَّةَ أَيْ لَا أَطَؤُكِ
لِتَحْبَلِي مِنْ وَطْءٍ قُبِلَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ
لَيْسَ بِحَالِفٍ عَلَى تَرْك قَصْدِ الْحَبَلِ بِهِ ; لِأَنَّ حَتَّى
تُسْتَعْمَلُ لِلتَّعْلِيلِ.
(أَوْ) جَعَلَ غَايَةَ الْإِيلَاءِ فِعْلَهَا (مُحَرَّمًا) كَقَوْلِهِ:
وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ (حَتَّى تَشْرَبِي خَمْرًا) أَوْ تَأْكُلِي
لَحْمَ خِنْزِيرٍ، فَمُولٍ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ شَرْعًا يُشْبِهُ
الْمُمْتَنِعَ حِسًّا (أَوْ) جَعَلَ غَايَتَهُ (إسْقَاطَ مَالِهَا) عَنْهُ
أَوْ عَنْ غَيْرِهِ (أَوْ) جَعَلَ غَايَتَهُ (هِبَتَهُ) أَيْ مَالِهَا لَهُ
أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ) جَعَلَ غَايَتَهُ (إضَاعَتَهُ) أَيْ مَالِهَا
(وَنَحْوَهُ) كَإِلْقَاءِ نَفْسِهَا فِي مُهْلِكَةٍ (فَمُولٍ) لِأَنَّ
إسْقَاطَ مَالِهَا وَهِبَتَهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا مُحَرَّمٌ، وَكَذَا
إضَاعَتُهُ فَجَرَى مَجْرَى جَعْلِ غَايَتِهِ شُرْبَهَا الْخَمْرَ.
وَ (ك) قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ (حَيَاتِي أَوْ حَيَاتُك أَوْ
مَا عِشْتُ) أَنَا (أَوْ) (مَا عِشْتِ) أَنْتِ و (لَا) يَكُونُ مُولِيًا
(إنْ غَيَّاهُ) أَيْ تَرْكَ الْوَطْءِ (بِمَا لَا يُظَنُّ خُلُوُّ
الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ (مِنْهُ) أَيْ مِمَّا عَلَّقَ
عَلَيْهِ الْيَمِينَ.
(وَلَوْ خَلَتْ) الْمُدَّةُ مِنْهُ (كَ) قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا
وَطِئْتُكِ (حَتَّى يَرْكَبَ زَيْدٌ وَنَحْوَهُ) كَحَتَّى يُسَافِرَ أَوْ
يَتَزَوَّجَ أَوْ يُطَلِّقَ (أَوْ) غَيَّا تَرْكَ الْوَطْءِ (بِالْمُدَّةِ)
أَيْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (كَ) قَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أَوْ لَا وَطِئْتُكِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَنَحْوَهُ،
فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مُدَّةٍ دُونَ مُدَّةِ
الْإِيلَاءِ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ
يَمِينٍ عَقِبَ مُدَّتِهَا بِلَا حِنْثٍ فِيهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ
اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لَكِنْ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ الْمُضَارَّةِ
فَكَمُولٍ كَمَا سَبَقَ.
(أَوْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ (إلَّا بِرِضَاك أَوْ) إلَّا بِ
(اخْتِيَارِكِ أَوْ إلَّا أَنْ) تَخْتَارِي (أَوْ) إلَّا أَنْ (تَشَائِي.
وَلَوْ لَمْ تَشَأْ بِالْمَجْلِسِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُجُودُهُ مِنْهَا
بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهَا فِيهِ، فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) لَهَا (وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ مُدَّةً
(3/158)
أَوْ لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِكِ
لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَنْوِيَ) بِذَلِكَ تَرْكَ وَطْئِهَا (فَوْقَ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ; لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
(وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الْإِيلَاءَ (بِشَرْطٍ كَ) قَوْلِهِ (إنْ
وَطِئْتُكِ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ، أَوْ إنْ قُمْتُ) فَوَاَللَّهِ
لَا وَطِئْتُكِ (أَوْ إنْ شِئْتُ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ لَمْ يَصِرْ
مُولِيًا حَتَّى يُوجَدَ) شَرْطُهُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ
فَقَبْلَهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ فَإِنْ وُجِدَ شَرْطُهُ صَارَ مُولِيًا.
(وَمَتَى أَوْلَجَ زَائِدًا عَلَى الْحَشَفَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى)
وَهِيَ إنْ وَطِئْتُكِ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ (وَلَا نِيَّةَ) لَهُ
حِينَ قَوْلِهِ ذَلِكَ (حَنِثَ) لِأَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ وَطْءٌ
فَيَحْنَثُ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَوَى وَطْئًا كَامِلًا عَلَى
الْعَادَةِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْمُعْتَادِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ فِي السَّنَةِ)
إلَّا يَوْمًا أَوْ مَرَّةً (أَوْ) قَالَ لَهَا: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ
(سَنَةً إلَّا يَوْمًا أَوْ) إلَّا (مَرَّةً فَلَا إيلَاءَ) عَلَيْهِ
(حَتَّى يَطَأَ وَقَدْ بَقِيَ فَوْقَ ثُلُثِهَا) أَيْ السَّنَةِ لِأَنَّ
يَمِينَهُ مُعَلَّقَةٌ بِالْإِضَافَةِ فَقَبْلَهَا لَا يَكُونُ حَالِفًا ;
لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْإِضَافَةِ حِنْثٌ فَإِنْ
وَطِئَ وَالْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ صَارَ
مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا.
(وَيَكُونُ مُولِيًا مِنْ أَرْبَعِ) زَوْجَاتِهِ (ب) قَوْلِهِ لَهُنَّ
(وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْكُنَّ (أَوْ) وَاَللَّهِ
لَا وَطِئْتُ (وَاحِدَةً مِنْكُنَّ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ وَطْءُ
إحْدَاهُنَّ بِلَا حِنْثٍ (فَيَحْنَثُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (فِي
الصُّورَتَيْنِ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ) بِوَطْءِ الْأُولَى لِأَنَّهَا
يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَتَعَدَّدُ الْحِنْثُ فِيهَا وَلَا يَبْقَى
حُكْمُهَا بَعْدَ حِنْثِهِ فِيهَا (وَيُقْبَلُ مِنْهُ فِي) الصُّورَةِ
(الثَّانِيَةِ) وَهِيَ لَا وَطِئْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ (إرَادَةُ)
وَاحِدَةٍ (مُعَيَّنَةٍ) مِنْهُنَّ كَفَاطِمَةَ فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا
وَحْدَهَا ; لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ بِلَا بُعْدٍ.
(وَ) يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ إرَادَةُ وَاحِدَةٍ (مُبْهَمَةٍ)
مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ (وَتَخْرُجُ)
الْمُبْهَمَةُ مِنْهُنَّ (بِقُرْعَةٍ) فَيَصِيرُ مُولِيًا مِنْهَا ;
لِأَنَّهُ لَا مُرَجَّحَ غَيْرِهَا.
(وَ) مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسَائِهِ (وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكُنَّ أَوْ)
قَالَ لَهُنَّ (لَا وَطِئْتُكُنَّ لَمْ يَصِرْ مُولِيًا) فِي الْحَالِ
لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وَطْءُ بَعْضِهِنَّ بِلَا حِنْثٍ (حَتَّى يَطَأَ
ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ (فَتَتَعَيَّنُ الْبَاقِيَةُ) الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا
لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا بِلَا حِنْثٍ (فَلَوْ عَدِمَتْ
إحْدَاهُنَّ) بِمَوْتٍ أَوْ إبَانَةٍ (انْحَلَّتْ يَمِينُهُ) لِأَنَّهُ لَا
يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْءِ الْأَرْبَعِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ الْبَائِنَ عَادَ
حُكْمُ يَمِينِهِ (بِخِلَافِ مَا قَبْلَ) أَيْ قَوْلُهُ لَا وَطِئْتُ كُلَّ
وَاحِدَةٍ أَوْ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَلَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِمَوْتِ
إحْدَاهُنَّ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ) مِنْ نِسَائِهِ (وَقَالَ لِأُخْرَى
أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا) وَنَحْوَهُ (لَمْ يَصِرْ مُولِيًا مِنْ
الثَّانِيَةِ)
(3/159)
لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ - تَعَالَى
- لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظٍ صَرِيحٍ مِنْ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ
وَالتَّشْرِيكُ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كِنَايَةٌ (بِخِلَافِ الظِّهَارِ)
وَالطَّلَاقِ فَإِذَا ظَاهَرَ مِنْ إحْدَى نِسَائِهِ أَوْ طَلَّقَهَا
وَقَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا وَقَعَ بِالْأُخْرَى كَذَلِكَ ;
لِأَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ فِي التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ فَكَذَا
فِي التَّشْرِيكِ.
[فَصْلٌ وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ
وَيُمْكِنُهُ الْوَطْءُ]
(مِنْ) مُسْلِمٍ و (كَافِرٍ) وَحُرٍّ (وَقِنٍّ) وَبَالِغٍ (وَمُمَيِّزٍ)
يَعْقِلُهُ وَسَكْرَانَ وَغَضْبَانَ وَمَرِيضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَمَنْ
لَمْ (يَدْخُلْ) بِزَوْجَتِهِ و (لَا) يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى -: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة:
226] وَلَا (مِنْ مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) ; لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ
لَهُمَا (و) لَا مِنْ (عَاجِزٍ عَنْ وَطْءٍ لِجَبٍّ كَامِلٍ أَوْ شَلَلٍ)
أَوْ غَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْوَطْءُ لِامْتِنَاعِهِ
بِعَجْزِهِ (وَيُضْرَبُ لِمُولٍ وَلَوْ) كَانَ (قِنًّا) لِدُخُولِهِ فِي
عُمُومِ الْآيَةِ (مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَمِينِهِ) لِلْآيَةِ
فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى ضَرْبِ حَاكِمٍ كَالْعِدَّةِ (وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ
زَمَنُ عُذْرِهِ) فِيهَا كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَإِحْرَامٍ وَحَبْسٍ ; لِأَنَّ
الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ وُجِدَ التَّمْكِينُ مِنْهَا.
و (لَا) يُحْسَبُ زَمَنُ (عُذْرِهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ
وَإِحْرَامٍ وَنِفَاسٍ) وَمَرَضِهَا وَحَبْسِهَا وَسَفَرِهَا وَلَا
تُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ، لِأَنَّ
الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَالْمَنْعُ هُنَا مِنْ
قِبَلِهَا (بِخِلَافِ حَيْضِهَا) فَيُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ وَلَا
يَقْطَعُهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى إسْقَاطِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ
إذْ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَيْضِ شَهْرٌ غَالِبًا (وَإِنْ حَدَثَ عُذْرُهَا)
أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ (اُسْتُؤْنِفَتْ) الْمُدَّةُ (لِزَوَالِهِ) وَلَمْ
تَبِنْ عَلَى مَا مَضَى لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْله تَعَالَى: {تَرَبُّصُ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] يَقْتَضِي أَنَّهَا مُتَوَالِيَةٌ
فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِحُدُوثِ عُذْرِهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا كَمُدَّةِ
الصَّوْمِ فِي الْكَفَّارَةِ (وَلَا) تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ (إنْ حَدَثَ
عُذْرُهُ) فِي أَثْنَائِهَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ.
(وَإِنْ ارْتَدَّا أَوْ) ارْتَدَّ (أَحَدُهُمَا بَعْدَ دُخُولٍ ثُمَّ
أَسْلَمَا) فِي الْعِدَّةِ إنْ ارْتَدَّا (أَوْ أَسْلَمَ) مَنْ ارْتَدَّ
مِنْهُمَا (فِي الْعِدَّةِ اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ) وَكَذَا إنْ
أَسْلَمَ كَافِرَانِ أَوْ زَوْجُ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ بَعْدَ دُخُولٍ فِي
الْعِدَّةِ (كَمَنْ بَانَتْ) فِي الْمُدَّةِ (ثُمَّ عَادَتْ فِي
أَثْنَائِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ بَانَتْ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ
انْقِضَاءِ عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ; لِأَنَّهَا بِالْبَيْنُونَةِ
صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلَمَّا عَادَ
(3/160)
وَتَزَوَّجَهَا عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ
مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَاسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ إذَنْ (وَإِنْ طَلُقَتْ
رَجْعِيًّا فِي الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (لَمْ تَنْقَطِعْ)
الْمُدَّةُ (مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ) نَصًّا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ
عَلَى نِكَاحِهَا وَهِيَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ.
(وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ (وَ) قَدْ حَدَثَ
(بِهَا عُذْرٌ) بَعْدَهَا (يَمْنَعُ وَطْأَهَا) كَإِحْرَامٍ وَنِفَاسٍ
(لَمْ تَمْلِكْ طَلَبَ الْفِيئَةِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ
مِنْ جِهَتِهَا فَطَلَبُهَا بِهِ عَبَثٌ (وَإِنْ كَانَ) الْعُذْرُ (بِهِ
وَهُوَ) أَيْ الْعُذْرُ (مِمَّا يَعْجَزُ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ) كَالْمَرَضِ
وَالْإِحْرَامِ (أُمِرَ) أَيْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (أَنْ يَفِيءَ
بِلِسَانِهِ فَيَقُولَ مَتَى قَدِرْتُ جَامَعْتُكِ) ; لِأَنَّ الْقَصْدَ
بِالْفِيئَةِ تَرْكُ مَا قَصَدَهُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْإِيلَاءِ
وَاعْتِذَارُهُ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْإِضْرَارِ (ثُمَّ مَتَى قَدِرَ)
أَنْ يُجَامِعَ (وَطِئَ أَوْ طَلَّقَ) لِزَوَالِ عَجْزِهِ الَّذِي أُخِّرَ
لِأَجْلِهِ كَالدَّيْنِ يُوسِرُ بِهِ الْمُعْسِرُ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا
حِنْثَ فِي الْفِيئَةِ بِاللِّسَانِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ
الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَلْ وَعَدَ بِهِ.
(وَيُمْهَلُ مُولٍ) طُلِبَتْ فِيئَتُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ (لِصَلَاةِ
فَرْضٍ وَتَغَدٍّ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَوْمٍ عَنْ نُعَاسٍ وَتَحَلُّلٍ مِنْ
إحْرَامٍ وَنَحْوَهُ) كَفِطْرٍ مِنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ وَدُخُولِ خَلَاءٍ
وَرُجُوعٍ إلَى بَيْتِهِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَقَطْ
لِأَنَّهُ الْعَادَةُ (وَ) يُمْهَلُ مُولٍ (مُظَاهِرٍ لِطَلَبِ رَقَبَةٍ)
يَعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِهِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ; لِأَنَّهُ يَسِيرٌ و
(لَا) يُمْهَلُ مُظَاهِرٌ (لِصَوْمٍ) عَنْ كَفَّارَتِهِ بَلْ يُطَلِّقُ
الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ زَمَنَ الصَّوْمِ كَثِيرٌ.
(فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِمُولٍ عُذْرٌ وَطَلَبَتْ) زَوْجَتُهُ (وَلَوْ)
كَانَتْ (أَمَةً الْفِيئَةَ وَهِيَ الْجِمَاعُ لَزِمَ الْقَادِرُ) عَلَى
وَطْءٍ (مَعَ حِلِّ وَطْئِهَا) أَنْ يَطَأَ وَأَصْلُ الْفَيْءِ الرُّجُوعُ
وَمِنْهُ سُمِّيَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ فَيْئًا لِأَنَّهُ رَجَعَ
مِنْ الْمَغْرِبِ إلَى الْمَشْرِقِ فَسُمِّيَ الْجِمَاعُ مِنْ الْمُولِي
فَيْئَةً لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى فِعْلِ مَا تَرَكَهُ بِحَلِفِهِ
(وَتُطَالِبُ) زَوْجَةٌ (غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ (إذَا
كُلِّفَتْ) لِتَصِحَّ دَعْوَاهَا (وَلَا مُطَالَبَةَ لِوَلِيِّ) صَغِيرَةٍ
أَوْ مَجْنُونَةٍ (وَ) لَا (سَيِّدِ) أَمَةٍ ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِي
الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ دُونَ وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهَا.
(وَيُؤْمَرُ بِطَلَاقِ مَنْ عُلِّقَ) الطَّلَاقُ (الثَّلَاثُ بِوَطْئِهَا
وَيَحْرُمُ) وَطْؤُهَا لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِإِدْخَالِ ذَكَرِهِ
فَيَكُونُ نَزْعُهُ فِي أَجْنَبِيَّةٍ وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ (وَمَتَى
أَوْلَجَ) حَشَفَةً فِي زَوْجَةٍ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الثَّلَاثَ
بِوَطْئِهَا (وَتَمَّمَ) وَطْأَهُ (أَوْ لَبِثَ) وَهُوَ مُولِجٌ (لَحِقَهُ
نَسَبُهُ) أَيْ مَا وَلَدَتْهُ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ (وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ
وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِمَا لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ فَلَا
حَدَّ وَلَا مَهْرَ لِأَنَّهُ تَارِكٌ وَإِنْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ فَإِنْ
جَهِلَا التَّحْرِيمَ فَالْمَهْرُ وَالنَّسَبُ وَلَا حَدَّ وَإِنْ عَلِمَا
التَّحْرِيمَ فَلَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ وَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ
(3/161)
وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَتْهُ
لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَالْحَدُّ وَلَا نَسَبَ وَإِنْ عَلِمَتْ التَّحْرِيمَ
وَجَهِلَهُ لَزِمَهَا الْحَدُّ وَلَحِقَهُ النَّسَبُ وَلَا مَهْرَ،
وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرَ
مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا فَوَطِئَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا. قُلْتُ
وَحَصَلَتْ رَجْعَتُهَا بِنَزْعِهِ إذْ النَّزْعُ جِمَاعٌ.
(وَتَنْحَلُّ يَمِينٌ مَنْ) أَيْ مُولٍ (جَامَعَ وَلَوْ مَعَ تَحْرِيمِهِ)
أَيْ الْجِمَاعِ (ك) جِمَاعِهِ (فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ
أَوْ صِيَامِ فَرْضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى
تَرْكِهِ فَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ بِهِ وَقَدْ وَفَّى الزَّوْجَةَ حَقَّهَا
مِنْ الْوَطْءِ فَخَرَجَ مِنْ الْفَيْئَةِ كَالْوَطْءِ الْمُبَاحِ
(وَيُكَفِّرُ) لِحِنْثِهِ (وَأَدْنَى مَا يَكْفِي) مُولٍ فِي خُرُوجِهِ
مِنْ فَيْئِهِ (تَغَيُّبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا) مِنْ مَقْطُوعِهَا
(وَلَوْ مِنْ مُكْرَهٍ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إذْ الْإِكْرَاهُ عَلَى
الْوَطْءِ لَا يُتَصَوَّرُ (وَنَاسٍ وَجَاهِلٍ وَنَائِمٍ وَمَجْنُونٍ أَوْ
أُدْخِلَ ذَكَرُ نَائِمٍ) لِوُجُودِ الْوَطْءِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَرْأَةِ
بِهِ حَقَّهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَهُ قَصْدًا (وَلَا كَفَّارَةَ
فِيهِنَّ) أَيْ هَذِهِ الصُّوَرِ لِعَدَمِ حِنْثِهِ فَلَا تَنْحَلُّ
يَمِينُهُ (فِي الْقُبُلِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَغْيِيبِ أَيْ قُبُلِ مَنْ آلَى
مِنْهَا (فَلَا يَخْرُجُ) مُولٍ (مِنْ الْفَيْئَةِ بِوَطْءٍ دُونَ فَرْجٍ
أَوْ) وَطْءٍ (فِي دُبُرٍ) لِأَنَّ الْفَيْئَةَ الرُّجُوعُ إلَى
الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ. كَمَا لَوْ
قَبَّلَهَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِهِ ضَرَرُ الْمَرْأَةِ.
(وَإِنْ لَمْ يَفِ) مُولٍ بِوَطْءِ مَنْ آلَى مِنْهَا (وَأَعَفَّتْهُ
سَقَطَ حَقُّهَا) لِرِضَاهَا بِإِسْقَاطِهِ (كَعَفْوِهَا) أَيْ زَوْجَةِ
الْعِنِّينِ (بَعْدَ زَمَنِ الْعُنَّةِ) عَنْ الْفَسْخِ فَيَسْقُطُ
(وَإِلَّا) تَعُفُّهُ الْمَرْأَةُ (أُمِرَ) أَيْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (أَنْ
يُطَلِّقَ) إنْ طَلَبَتْهُ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى -: {فَإِنْ فَاءُوا
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ
اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226] وَقَوْلِهِ: {فَإِمْسَاكٌ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَمَنْ امْتَنَعَ
مِنْ بَذْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَمْ يُمْسِكْ بِمَعْرُوفٍ فَيُؤْمَرُ
بِالتَّسْرِيحِ بِإِحْسَانٍ.
(وَلَا تَبِينُ زَوْجَةُ) مُولٍ مِنْهُ (بِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ) سَوَاءٌ
أَوْقَعَهُ هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ كَغَيْرِ مُولٍ (فَإِنْ أَبَى) مُولٍ أَنْ
يَفِيءَ وَأَنْ يُطَلِّقَ (طَلَّقَ حَاكِمٌ عَلَيْهِ طَلْقَةً أَوْ
ثَلَاثًا أَوْ فَسَخَ) ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَدْخُلهُ النِّيَابَةُ وَقَدْ
تَعَيَّنَ مُسْتَحَقُّهُ فَقَامَ الْحَاكِمُ فِيهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ
كَأَدَاءِ الدَّيْنِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ رَأَى أَنْ يُطَلِّقَ
ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُولِي فَيَقَعُ مَا
يُوقِعُهُ مِنْ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ الْمُطَلِّقِ. اهـ. وَقَدْ سَبَقَ
أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُطَلِّقَ لَا يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ،
إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى وَكِيلٍ قِيلَ لَهُ: طَلِّقْ مَا شِئْتَ مَعَ
أَنَّ الْمُولِي نَفْسَهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاعُ ثَلَاثٍ بِكَلِمَةٍ
فَكَيْفَ تَجُوزُ لِغَيْرِهِ؟ .
(وَإِنْ قَالَ) حَاكِمٌ (فَرَّقْتُ
(3/162)
بَيْنَكُمَا) وَلَمْ يَنْوِ طَلَاقًا
(فَهُوَ فَسْخٌ) لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ
لَيْسَتْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّتِهِ، أَشْبَهَ قَوْلَهُ:
فَسَخْتُ النِّكَاحَ.
(وَإِنْ ادَّعَى) مُولٍ طَلَبَتْهُ زَوْجَتُهُ بِالْفَيْئَةِ (بَقَاءَ
الْمُدَّةِ) قُبِلَ قَوْلُهُ، لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى
الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ حَلِفِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ لِصُدُورِهِ مِنْ
جِهَتِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِيلَاءِ (أَوْ) ادَّعَى
(وَطْأَهَا) بَعْدَ إيلَائِهِ (وَهِيَ ثَيِّبٌ قُبِلَ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ
خَفِيٌّ تَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ غَالِبًا، وَلِأَنَّهُ
لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ كَقَوْلِ امْرَأَةٍ فِي حَيْضِهَا.
(وَإِنْ ادَّعَتْ) زَوْجَةُ مُولٍ ادَّعَى وَطْأَهَا (بَكَارَةً فَشَهِدَ
بِهَا) أَيْ بِبَكَارَتِهَا امْرَأَةٌ (ثِقَةٌ قُبِلَتْ) كَسَائِرِ عُيُوبِ
النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ (وَإِلَّا) يَشْهَدْ بِبَكَارَتِهَا أَحَدٌ
ثِقَةٌ (قُبِلَ) قَوْلُهُ فِي وَطْئِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا لِمَا
مَرَّ (وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ فِيهِنَّ) أَيْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ
لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ أَشْبَهَ الدَّيْنَ، وَلِعُمُومِ حَدِيثِ "
«وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» .
(3/163)
|