كشاف
القناع عن متن الإقناع [كِتَابُ الرَّضَاعِ]
(كِتَابُ الرَّضَاعِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (وَهُوَ) مَصْدَرُ
رَضَعَ الثَّدْيَ إذَا مَصَّهُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا قَالَ ابْنُ
الْأَعْرَابِيِّ: الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَلَهُ سَبْعُ مَصَادِرَ وَقَالَ
الْمُطَرِّزُ فِي شَرْحِهِ: امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ إذَا كَانَتْ تُرْضِعَ
وَلَدَهَا سَاعَةً بَعْد سَاعَةٍ، وَامْرَأَةٌ مُرْضِعَةٌ إذَا كَانَ
ثَدْيُهَا فِي فَمِ وَلَدِهَا قَالَ ثَعْلَبٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله
تَعَالَى {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا
أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] وَقِيلَ: الْمُرْضِعَةُ الْأُمُّ وَالْمُرْضِعُ
الَّتِي مَعَهَا صَبِيٌّ تُرْضِعُهُ؛ وَالْوَلَدُ رَضِيعٌ وَرَاضِعٌ وَ
(شَرْعًا مَصُّ لَبَنٍ) أَيْ مَصُّ مَنْ لَهُ دُونَ حَوْلَيْنِ لَبَنًا
(أَوْ شُرْبُهُ وَنَحْوُهُ) كَالسَّعُوطِ وَالْوَجُورِ وَأَكْلُهُ بَعْدَ
أَنْ جَبُنَ (ثَابَ) أَيْ اجْتَمَعَ (مِنْ حَمْلٍ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَةٍ)
مُتَعَلِّقٌ بِ " مَصُّ " وَتَأْتِي مَفَاهِيمُ ذَلِكَ (يَحْرُمُ مِنْ
الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِين أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ
فَقَالَ: «إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي إنَّهَا لِابْنَةِ أَخِي مِنْ
الرَّضَاعِ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ»
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ «الرَّضَاعُ يُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ.
(وَلَا يَثْبُتُ) بِالرَّضَاعِ (بَقِيَّةُ أَحْكَامِ النَّسَب مِنْ
النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَالْعِتْقِ) إذَا مَلَكَ رَحِمُهُ الْمُحَرَّمُ
بِالرَّضَاعِ: (وَرُدَّتْ الشَّهَادَةُ) لِأَصْلِهِ وَفُرُوعِهِ مِنْ
الرَّضَاعِ (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَالْعَقْلِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ
وَالْمَالِ (لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى) مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا يُسَاوِيهِ
إلَّا فِيمَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ وَهُوَ التَّحْرِيمُ وَمَا يَتَفَرَّعُ
عَلَيْهِ مِنْ الْمَحْرَمَةِ وَالْخَلْوَةِ.
(وَإِذَا حَمَلَتْ) امْرَأَةٌ (مِنْ رَجُلٍ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا
مِنْهُ) بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ مَوْطُوءَتَهُ
لِشُبْهَةٍ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِرَجُلٍ (فَثَابَ لَهَا لَبَنٌ) عَطْفٌ
عَلَى حَمَلَتْ وَكَذَا (فَأَرْضَعَتْ بِهِ وَلَوْ مُكْرَهَةً طِفْلًا
رَضَاعًا مُحَرَّمًا) بِأَنْ يَكُونَ
(5/442)
خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ
وَيَأْتِي (صَارَ) الطِّفْلُ (وَلَدًا لَهُمَا) أَيْ لِلرَّجُلِ
وَالْمَرْأَةِ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَهُوَ إذًا (فِي تَحْرِيمِ
النِّكَاحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي
أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ.
(وَ) فِي (إبَاحَةِ النَّظَرِ وَ) إبَاحَةِ (الْخَلْوَةِ وَ) فِي (ثُبُوتِ
الْمَحْرَمِيَّةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعٌ عَنْ التَّحْرِيمِ بِسَبَبٍ
مُبَاحٍ (وَ) صَارَ (أَوْلَادُهُ) أَيْ الطِّفْلِ (مِنْ الْبَنِينَ
وَالْبَنَاتِ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادَ وَلَدِهِمَا) لِأَنَّهُمْ
أَوْلَادُ الطِّفْلِ وَهُوَ وَلَدُهُمَا (وَصَارَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ
وَصَاحِبُ اللَّبَنِ (أَبَوَيْهِ) لِأَنَّهُ وَلَدُهُمَا (وَآبَاؤُهُمَا
أَجْدَادَهُ وَجَدَّاتِهِ) لِأَنَّهُ وَلَدُ وَلَدِهِمَا (وَإِخْوَةُ
الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالَهُ وَخَالَاتَهُ) لِأَنَّهُ وَلَدُ
أُخْتِهِمْ (وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ وَأَخَوَاتِهِ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ)
لِأَنَّهُ وَلَدُ أَخِيهِمْ (وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ الَّذِينَ
ارْتَضَعَ مَعَهُمْ) الطِّفْلُ (وَالْحَادِثِينَ قَبْلَهُ وَ)
الْحَادِثِينَ (بَعْدَهُ مِنْ زَوْجِهَا وَمِنْ غَيْرِهِ وَجَمِيعُ
أَوْلَادِ الرَّجُلِ الَّذِي انْتَسَبَ الْحَمْلُ إلَيْهِ مِنْ
الْمُرْضِعَةِ وَمِنْ غَيْرِهَا إخْوَةُ الْمُرْتَضِعِ وَأَخَوَاتُهُ
وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمَا أَوْلَادُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَإِنْ
نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ) كَالنَّسَبِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ لَا بَأْسَ بِتَزْوِيجِهِ أَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ
قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ قَالَ
فِي الْإِنْصَافِ: وَلَمْ نَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ انْتَهَى.
وَإِنَّمَا ثَبَتَتْ أُبُوَّةُ الْوَاطِئِ لِلطِّفْلِ وَفُرُوعِهَا إذَا
كَانَ يَلْحَقُهُ نَسَبُ الْحَمْلِ، لِأَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي ثَابَ
لِلْمَرْأَةِ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ وَمَاءِ الْمَرْأَةِ فَنَشَرَ
التَّحْرِيمَ إلَيْهِمَا وَنَشَرَ الْحُرْمَةَ إلَى الرَّجُلِ
وَأَقَارِبِهِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى لَبَنُ الْفَحْلِ «لِقَوْلِهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ عَنْ
أَفْلَحَ حِينَ قَالَ لَهَا: أَتَحْتَجِبِينَ عَنِّي وَأَنَا عَمُّكِ
فَقَالَتْ: كَيْفَ ذَلِكَ فَقَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ
أَخِي فَقَالَ صَدَقَ أَفْلَحُ ائْذَنِي لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ جَارِيَتَانِ فَأَرْضَعَتْ
إحْدَاهُمَا جَارِيَةً وَالْأُخْرَى غُلَامًا أَيَحِلُّ لِلْغُلَامِ أَنْ
يَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةَ فَقَالَ " لَا اللِّقَاحُ وَاحِدٌ رَوَاهُ
مَالِكٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا تَفْسِيرُ لَبَنِ الْفَحْلِ.
(وَتُنْشَرُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ مِنْ الْمُرْتَضِعِ إلَى أَوْلَادِهِ
وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا فَيَصِيرُونَ أَوْلَادًا لَهُمَا)
لِأَنَّ الرَّضَاعَ كَالنَّسَبِ وَالتَّحْرِيمُ فِي النَّسَبِ يَشْمَلُ
وَلَدَ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ فَكَذَا الرَّضَاعُ (وَلَا تَنْتَشِرُ
الْحُرْمَةُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ) أَيْ الْمُرْتَضِعُ (مِنْ إخْوَتِهِ
وَأَخَوَاتِهِ) لِأَنَّهَا لَا تَنْتَشِرُ فِي النَّسَبِ فَكَذَا فِي
الرَّضَاعِ (وَلَا) تَنْتَشِرُ أَيْضًا (إلَى مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ)
أَيْ الْمُرْتَضِعُ (مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَأَعْمَامِهِ
وَعَمَّاته وَأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ)
(5/443)
لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إذَا لَمْ تَنْتَشِرْ
إلَى مَنْ هُوَ فِي الدَّرَجَةِ فَلِئَلَّا تَنْتَشِرَ إلَى مَنْ هُوَ
أَعْلَى مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (فَتَحِلُّ مُرْضِعَةٌ لِأَبِي
مُرْتَضِعٌ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَ) لِ (خَالِهِ مِنْ نَسَبٍ وَيَحِلُّ
لِأَبِيهِ) أَيْ الْمُرْتَضِعُ (مِنْ نَسَبٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهُ
مِنْ الرَّضَاعَةِ) لِأَنَّهُ لَا رَضَاعَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَسَبَ
(وَتَحِلُّ أُمُّ مُرْتَضِعٍ وَإِخْوَتُهُ وَعَمَّتُهُ وَخَالَتُهُ مِنْ
النَّسَبِ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ) قَالَ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ
أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ أُخْتَ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ لَيْسَ
بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ وَلَا نَسَبٌ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) امْرَأَةٌ (بِلَبَنِ وَلَدِهَا مِنْ الزِّنَا أَوْ)
بِلَبَنِ وَلَدِهَا (الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ طِفْلًا) رَضَاعًا مُحَرَّمًا
(صَارَ وَلَدًا لَهَا) لِأَنَّهُ رَضَعَ مِنْ لَبَنِهَا حَقِيقَةً
(وَحُرِّمَ عَلَى الزَّانِي وَالْمُلَاعِنِ تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ)
لِأَنَّهُ وَلَدُ مَوْطُوءَتِهِ وَالْوَطْءُ الْحَرَامُ كَالْحَلَالِ فِي
تَحْرِيمِ الرِّيبَةِ (وَلَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي
حَقِّهِمَا) أَيْ الزَّانِي وَالْمَلَاعِنُ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ ثُبُوتِ
حُرْمَةِ الرَّضَاعِ بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَالرَّجُلِ الَّذِي ثَابَ
اللَّبَن بِوَطْئِهِ أَنْ يُنْسَبَ الْحَمْلُ إلَى الْوَاطِئِ فَأَمَّا
وَلَدُ الزِّنَا وَنَحْوُهُ فَلَا (كَالنَّسَبِ) وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ
يَثْبُتُ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) امْرَأَةٌ (بِلَبَنِ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ
وَثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا لِلْمَوْلُودِ فَالْمُرْتَضِعُ ابْنُهُمَا)
لِأَنَّ الْمُرْتَضِعَ كُلُّ مُرْضِعٍ تَبَعٌ لِلْمُنَاسِبِ فَمَتَى لَحِقَ
الْمُنَاسِبُ بِشَخْصٍ فَالْمُرْتَضِعُ مِثْلُهُ (أَوْ) ثَبَتَتْ
(أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ) أَيْ الرَّضِيعُ (ابْنُهُ) لِمَا سَبَقَ
وَسَوَاءٌ (ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْقَافَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ نَفَتْهُ
الْقَافَةُ عَنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ قَافَةٌ
تُثْبِتُ التَّحْرِيمَ بِالرَّضَاعِ فِي حَقِّهِمَا) تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ
كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ (وَإِنْ انْتَفَى
عَنْهُمَا بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهَا
أَوْ) أَتَتْ بِهِ (لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الْآخَرِ
انْتَفَى الْمُرْتَضِعُ عَنْهُمَا) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُنَاسِبِ كَمَا
تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَضِعُ) حِينَئِذٍ (جَارِيَةً حُرِّمَتْ
عَلَيْهِمَا تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ وَتُحَرِّمُ أَوْلَادَهَا عَلَيْهِمَا)
أَيْ الْوَاطِئِينَ (أَيْضًا لِأَنَّهَا ابْنَةُ مَوْطُوءَتِهِمَا فَهِيَ
رَبِيبَةٌ لَهُمَا) وَالرَّبِيبَةُ مِنْ الرَّضَاعِ كَالنَّسَبِ.
(وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ كَلَبَنِ
الْبِكْرِ) الَّتِي لَمْ تَحْمِلْ (لَمْ يُنْشَرْ الْحُرْمَةُ نَصًّا)
لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ لِتَغْذِيَةِ الْأَطْفَالِ
أَشْبَهَ لَبَنَ الرَّجُلِ وَالْبَهِيمَةِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ
لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً بَلْ رُطُوبَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ، لِأَنَّ
اللَّبَنَ مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ وَهَذَا لَيْسَ
كَذَلِكَ.
(وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيْرُ لَبَنِ الْمَرْأَةِ فَلَوْ ارْتَضَعَ
طِفْلَانِ مِنْ بَهِيمَةٍ) لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ وَلَمْ يَصِيرَا
أَخَوَيْنِ، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْإِخْوَةِ فَرْعٌ عَلَى تَحْرِيمِ
الْأُمُومَةِ وَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْأُمُومَةِ بِهَذَا الرَّضَاعِ
فَالْأُخُوَّةُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْمَوْلُودِ
الْآدَمِيِّ لَأَشْبَهَ الْعِظَامَ (أَوْ) ارْتَضَعَ طِفْلَانِ مِنْ لَبَنِ
(5/444)
(رَجُلٍ) فَكَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا
(أَوْ) ارْتَضَعَا مِنْ لَبَنِ (خُنْثَى مُشْكِلٍ لَمْ يُنْشَرْ
الْحُرْمَةُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ امْرَأَةً فَلَا يَثْبُتُ
التَّحْرِيمُ مَعَ الشَّكِّ.
[فَصْلٌ وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ إلَّا بِشُرُوطٍ]
(فَصْلٌ وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ إلَّا بِشُرُوطٍ
أَحَدِهَا: أَنْ يَرْتَضِعَ فِي الْعَامَيْنِ وَلَوْ كَانَ قَدْ فُطِمَ
قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ الرَّضَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}
[البقرة: 233] وَحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ قَاعِدٌ
فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: هُوَ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَالَ:
اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ»
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا
فَتَقَ الْأَمْعَاءِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَصَحَّحَهُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا يُحَرِّمُ مِنْ
الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ
وَغَيْرُهُ.
(فَلَوْ ارْتَضَعَ) الطِّفْلُ (بَعْدَهُمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ
(بِلَحْظَةٍ وَلَوْ قَبْلَ فِطَامِهِ أَوْ ارْتَضَعَ الْخَامِسَةَ كُلّهَا
بَعْدَهُمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ (بِلَحْظَةٍ لَمْ يَثْبُتْ) التَّحْرِيمُ
لِأَنَّ شَرْطَهُ وَهُوَ كَوْنُهُ فِي الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُوجَدْ،
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْخَامِسَةِ فَحَالَ الْحَوْلُ
قَبْلَ كَمَالِهَا اكْتَفَى بِمَا وَجَدَ مِنْهَا فِي الْحَوْلَيْنِ كَمَا
لَوْ انْفَصَلَ عَمَّا بَعْدَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ سَهْلَةَ
بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ سَالِمًا
مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا وَقَدْ بَلَغَ مَا
يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَلِمَ مِمَّا يَعْلَمُ الرِّجَالُ فَقَالَ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فَهُوَ خَاصٌّ بِهِ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ جَمْعًا بَيْنَ
الْأَدِلَّةِ.
الشَّرَطُ (الثَّانِي أَنْ يَصِلَ اللَّبَنُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ حَلْقِهِ
فَإِنْ وَصَلَ) اللَّبَنُ (إلَى فَمِهِ ثُمَّ مَجَّهُ) أَيْ أَلْقَاهُ
(أَوْ احْتَقَنَ بِهِ أَوْ وَصَلَ إلَى جَوْفٍ لَا يُغَذِّي كَالذَّكَرِ
وَالْمَثَانَةِ لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ) لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعٍ
وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّغَذِّي فَلَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ كَمَا لَوْ
وَصَلَ مِنْ جُرْحٍ.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ فَصَاعِدًا)
وَهُوَ قَوْلُ
(5/445)
عَائِشَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ
الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: " كَانَ فِيمَا
نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضْعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ
نُسْخِنَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ " رَوَاهُ
مُسْلِمٌ.
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ
سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ «أَرْضِعِي سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ» .
(وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ) الْخَمْسُ (مُتَفَرِّقَاتٍ) لِتَتَحَقَّقَ
(فَمَتَى امْتَصَّ) الطِّفْلُ (ثُمَّ تَرَكَهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (شِبَعًا
أَوْ) تَرَكَهُ (لِتَنَفُّسٍ أَوْ) تَرَكَهُ (لِمَلِّهِ أَوْ) تَرَكَهُ
(لِانْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إلَى) ثَدْيٍ (غَيْرِهِ أَوْ) لِانْتِقَالِهِ
(مِنْ امْرَأَةٍ إلَى) امْرَأَةٍ (غَيْرِهَا أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ)
الرَّضَاعُ بِأَنْ أَخْرَجَ الثَّدْيَ مِنْ فَمِهِ (فَهِيَ رَضْعَةٌ)
لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا إلَى الْعُرْفِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ
بِهَا مُطْلَقًا وَلَمْ يَحُدَّهَا بِزَمَنٍ وَلَا مِقْدَارٍ فَدَلَّ عَلَى
أَنَّهُ رَدَّهُمْ إلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا ارْتَضَعَ ثُمَّ قَطَعَ
بِاخْتِيَارِهِ أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ (فَمَتَى عَادَ)
ارْتَضَعَ (وَلَوْ قَرِيبًا فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى) لِأَنَّ الْعَوْدَ
ارْتِضَاعٌ وَالشَّارِعُ لَمْ يَحُدَّ الرَّضْعَةَ بِزَمَانٍ فَوَجَبَ أَنْ
يَكُونَ الْقَرِيبُ كَالْبَعِيدِ فَكَانَ رَضْعَةً أُخْرَى كَالْأُولَى.
(وَسَعُوطٌ فِي أَنْفِهِ وَوُجُورٌ فِي فَمِهِ كَرِضَاعٍ) يَحْصُلُ بِهِ
مَا يَحْصُلُ بِالرَّضَاعِ مِنْ الْغِذَاءِ وَالسَّعُوطُ أَنْ يَصُبَّ
اللَّبَنَ فِي أَنْفِهِ مِنْ إنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَدْخُلَ حَلْقَهُ
وَالْوُجُورُ أَنْ يُصَبَّ فِي حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ الثَّدْيِ (وَكَذَا
جُبْنٌ عُمِلَ مِنْهُ) لِأَنَّهُ وَاصِلٌ مِنْ الْحَلْقِ يَحْصُلُ بِهِ
إنْبَاتُ اللَّحْمِ (وَيُحَرَّمُ مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ الْوُجُورُ
وَالسَّعُوطُ وَالْجُبْنُ الْمَعْمُولُ مِنْهُ (خَمْسٌ) لِأَنَّهُ فَرْعٌ
عَنْ الرَّضَاعِ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ (فَإِنْ ارْتَضَعَ دُونَهَا) أَيْ
الْخَمْسِ (وَكَمَّلَهَا) أَيْ الْخَمْسَ (سَعُوطًا أَوْ وُجُورًا أَوْ
أَسَعْطَ وَأَوْجَرَ وَكَمَّلَ الْخَمْسَ بِرَضَاعٍ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ)
لِوُجُودِ الْخَمْسِ.
(وَلَوْ حُلِبَ فِي إنَاءٍ لَبَنٌ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ دَفَعَاتٍ ثُمَّ
سُقِيَ لِطِفْلٍ فِي خَمْسِ أَوْقَاتٍ فَهِيَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ)
اعْتِبَارًا بِشُرْبِ الطِّفْلِ لَهُ.
(وَإِنْ حُلِبَ فِي إنَاءٍ خَمْسُ حَلَبَاتٍ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ ثُمَّ
سُقِيَ) لِلطِّفْلِ (دَفْعَةً وَاحِدَةً كَانَ رَضْعَةً وَاحِدَةً)
اعْتِبَارًا بِشُرْبِهِ لَهُ فَإِنْ سَقَاهُ جُرْعَةً بَعْدَ أُخْرَى
مُتَتَابِعَةٍ فَرَضْعَةٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، لِأَنَّ
الْمُعْتَبَرَ فِي الرَّضْعَةِ الْعُرْفُ وَهُمْ لَا يَعُدُّونَ هَذَا
رَضَعَاتٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخْرَجَ عَلَى مَا إذَا قُطِعَ عَلَيْهِ
الرَّضَاعُ.
(وَيُحَرَّمُ لَبَنُ الْمَيِّتَةِ إذَا حُلِبَ أَوْ اُرْتُضِعَ مِنْ
ثَدْيِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا) لِأَنَّهُ يُنْبِتُ اللَّحْمَ، قَالَ فِي
الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ وَنَجَاسَتُهُ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ حُلِبَ
فِي إنَاءٍ نَجِسٍ يَعْنِي إنْ قُلْنَا: يُنَجَّسُ الْآدَمِيُّ بِالْمَوْتِ
وَ (كَمَا لَوْ حُلِبَ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ شَرِبَهُ) الطِّفْلُ (بَعْدَ
مَوْتِهَا وَلَوْ حَلِفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ
(5/446)
فَشَرِبَ مِنْهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ حَنِثَ)
لِأَنَّهُ شَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا.
(وَيُحَرَّمُ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ) وَهُوَ الْمُخَلَّطُ بِغَيْرِهِ مِنْ
طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ
بِهِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ خَالِصِهِ وَمَشُوبِهِ كَالنَّجَاسَةِ فِي
الْمَاءِ وَالنَّجَاسَةِ الْخَالِصَةِ وَ (كَ) اللَّبَنِ (الْمَخِيضِ)
وَفِي نُسَخٍ كَالْمَحْضِ أَيْ الْخَالِصِ (إنْ كَانَتْ صِفَاتُهُ) أَيْ
الْمَشُوبِ (بَاقِيَةً) وَهِيَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرِّيحُ فَلَوْ
صَبَّهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ لَمْ يَثْبُتْ
التَّحْرِيمُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَشُوبٍ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ
التَّغَذِّي وَلَا إنْبَاتُ اللَّحْمِ وَلَا إنْشَازُ الْعِظَامِ
(وَسَوَاءٌ خُلِطَ بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ حُلِبَ
اللَّبَنُ مِنْ نِسْوَةٍ وَسُقِيَ لِطِفْلٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ ارْتَضَعَ
مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) لِاخْتِلَاطِ لَبَنِهِنَّ.
[فَصْلٌ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً ذَاتَ لَبَنٍ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ
بِهَا وَتَزَوَّجَ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ إحْدَاهُنَّ]
فَصْلٌ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً (كَبِيرَةً ذَاتَ لَبَنٍ مِنْ
غَيْرِهِ) زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَلَمْ يَدْخُلْ) الثَّانِي (بِهَا
وَ) تَزَوَّجَ (ثَلَاثَ صَغَائِرَ) دُونَ الْحَوْلَيْنِ (فَأَرْضَعَتْ
الْكَبِيرَةُ إحْدَاهُنَّ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) لِأَنَّهَا
صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ (وَبَقِيَ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ)
لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ لَمْ يُدْخَلْ بِأُمِّهَا وَفَارَقَ مَا لَوْ
ابْتَدَأَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ
الِابْتِدَاءِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْ) الْكَبِيرَةُ (اثْنَتَيْنِ) مِنْ
الصَّغَائِرِ (مُنْفَرِدَتَيْنِ أَوْ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا)
لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَاجْتَمَعَتَا فِي الزَّوْجِيَّةِ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ مُتَفَرِّقَاتٍ انْفَسَخَ نِكَاحُ
الْأُولَتَيْنِ) لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ فِي نِكَاحِهِ (دُونَ
الثَّالِثَةِ) فَيَثْبُتْ نِكَاحُهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ
إخْوَتَهَا جَمْعًا فِي النِّكَاحِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُنَّ
مُنْفَرِدَةً ثُمَّ) أَرْضَعَتْ (اثْنَتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ
نِكَاحُهُنَّ) لِأَنَّهُنَّ صِرْنَ أَخَوَاتٍ فِي نِكَاحِهِ (وَلَهُ
نِكَاحُ إحْدَى الثَّلَاثِ) الصَّغَائِرِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ تَحْرِيمُ
جَمْعٍ لِأَنَّهُنَّ رَبَائِبُ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهِنَّ (وَإِنْ كَانَ
دَخَلَ بِالْأُمِّ حُرِّمَ الْكُلُّ ابْتِدَاءً) لِأَنَّهُنَّ رَبَائِبُ
دُخِلَ بِأُمِّهِنَّ (وَلَوْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ أَجْنَبِيَّةٌ فِي
حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ حَلَبَتْهُ فِي ثَلَاثٍ أَوْ أَنْ
أَوْجَرَتْهُنَّ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَرْضَعَتْ اثْنَتَيْنِ مَعًا
وَأَوْجَرَتْ الثَّالِثَةَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ) أَوْ أَوْجَرَتْ
اثْنَتَيْنِ وَأَرْضَعَتْ الثَّالِثَةَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (حُرِّمَ
عَلَيْهِ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ أَبَدًا) لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ
نِسَائِهِ (وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الثَّلَاثِ) لِأَنَّهُنَّ صِرْنَ أَخَوَاتٍ
فِي النِّكَاحِ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) الْأَجْنَبِيَّةُ (اثْنَتَيْنِ) مِنْ الصَّغَائِرِ
مُنْفَرِدَتَيْنِ أَوْ مَعًا (انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا)
(5/447)
لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ فِي
نِكَاحِهِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ) الْأَجْنَبِيَّةُ (إحْدَاهُنَّ مُنْفَرِدَةً
ثُمَّ اثْنَتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ) لِمَا سَبَقَ
(وَلَهُ نِكَاحُ إحْدَى الثَّلَاثِ) لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لِأَجْلِ
الْجَمْعِ.
(وَكُلُّ امْرَأَةٍ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا كَأُمِّهِ وَجَدَّتِهِ
وَأُخْتِهِ وَرَبِيبَتِهِ إذَا أَرْضَعَتْ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ)
لِأَنَّهَا تَصِيرُ ابْنَتَهَا مِنْ الرَّضَاعِ فَإِذَا كَانَتْ
الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ فَالْمُرْتَضِعَةُ أُخْتَهُ وَإِنْ كَانَتْ
الْمُرْضِعَةُ جَدَّتَهُ فَالْمُرْتَضِعَةُ عَمَّتَهُ أَوْ خَالَتَهُ
وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أُخْتَهُ فَالْمُرْتَضِعَةُ ابْنَةَ
أُخْتِهِ.
(وَكُلُّ رَجُل تُحَرَّمُ ابْنَتُهُ كَأَخِيهِ وَأَبِيهِ إذَا أَرْضَعَتْ
امْرَأَتُهُ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا
تَصِيرُ ابْنَتَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ امْرَأَةَ أَخِيهِ
فَالْمُرْتَضِعَةُ ابْنَةُ أَخِيهِ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةَ أَبِيهِ
فَالْمُرْتَضِعَةُ أُخْتُهُ (وَفُسِخَ) أَيْ انْفَسَخَ (نِكَاحُهَا مِنْهُ
فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ (إنْ كَانَتْ
زَوْجَتَهُ) لِتَحْرِيمِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا) أَيْ الطِّفْلَةَ زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا
امْرَأَةُ أَحَدِ هَؤُلَاءِ بِلَبَنِ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ زَوْجِهَا لَمْ
تُحَرَّمْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَنْ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِنْتُ زَوْجِهَا
لِأَنَّهَا صَارَتْ رَبِيبَةَ زَوْجِهَا فَلَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَلَا
عَلَى ابْنِهِ وَنَحْوِهِمَا.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا) أَيْ الطِّفْلَةَ (مَنْ لَا تُحَرَّمُ بِنْتُهَا
كَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا لَمْ تُحَرِّمْهَا عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا بِنْتُ
عَمَّتِهِ أَوْ خَالَتِهِ وَكَذَا لَوْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَةُ عَمِّهِ
أَوْ زَوْجَةُ خَالِهِ بِلَبَنِهِ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ) طِفْلٌ طِفْلَةً هِيَ (بِنْتُ عَمِّهِ فَأَرْضَعَتْ
جَدَّتُهُمَا أَحَدَهُمَا صَغِيرًا) دُونَ الْحَوْلَيْنِ (انْفَسَخَ
النِّكَاحُ لِأَنَّهَا لَمَّا أَرْضَعَتْ الزَّوْجَ صَارَ عَمَّ
زَوَّجْتِهِ) لِأَنَّهُ أَخُو أَبِيهَا مِنْ الرَّضَاعِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ
الزَّوْجَةَ صَارَتْ عَمَّتَهُ) لِأَنَّهَا أُخْتُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ
(وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا) الْجَدَّةُ (جَمِيعًا صَارَ) الزَّوْجُ
(عَمَّهَا) أَيْ عَمَّ زَوْجَتِهِ (وَصَارَتْ عَمَّتَهُ) وَانْفَسَخَ
النِّكَاحُ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ فَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا أَحَدَهُمَا
صَغِيرًا) فِي الْحَوْلَيْنِ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِأَنَّهَا لَمَّا
أَرْضَعَتْ الزَّوْجَ صَارَ خَالَهَا) لِأَنَّهُ أَخُو أُمِّهَا مِنْ
الرَّضَاعَةِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ الزَّوْجَةَ صَارَتْ) الزَّوْجَةُ
(عَمَّتَهُ) لِأَنَّهَا أُخْتُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَ بِنْتَ خَالِهِ فَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا الزَّوْجَ
صَارَ) الزَّوْجُ (عَمَّ زَوْجَتِهِ) لِأَنَّهُ أَخُو أَبِيهَا مِنْ
الرَّضَاعَةِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا صَارَتْ خَالَتَهُ) لِكَوْنِهَا
أُخْتَ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ خَالَتِهِ فَأَرْضَعَتْ الزَّوْجَ صَارَ خَالَ
زَوْجَتِهِ) لِأَنَّهُ أَخُو أُمِّهَا مِنْ الرَّضَاعِ (وَإِنْ
أَرْضَعَتْهَا صَارَتْ) الزَّوْجَةُ (خَالَةَ زَوْجِهَا) لِأَنَّهَا أُخْتُ
أُمِّهِ مِنْ الرِّضَاعِ.
(5/448)
[فَصْلٌ وَكُلُّ مَنْ أَفْسَدَ نِكَاحَ
امْرَأَةٍ بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ]
(فَصْلٌ وَكُلُّ مَنْ أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِرَضَاعٍ قَبْلَ
الدُّخُولِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَهْرِهَا
الَّذِي لَزِمَهُ لَهَا) ، لِأَنَّهُ قَرَّرَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ
عُرْضَةً لِلسُّقُوطِ كَشُهُودِ الطَّلَاقِ إذَا رَجَعُوا، وَإِنَّمَا
لَزِمَ الزَّوْجُ نِصْفَ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّ نِكَاحَهَا انْفَسَخَ
قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا وَالْفَسْخُ مِنْ
أَجْنَبِيٍّ كَطَلَاقِ الزَّوْجِ فِي وُجُوبِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَفْسَدَتْ) طِفْلَةٌ (نِكَاحَ نَفْسِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ
مَهْرُهَا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّ
الْفَسْخَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ (وَإِنْ كَانَ)
إفْسَادُهَا لِنِكَاحِ نَفْسِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ (لَمْ
يَسْقُطْ وَيَجِبُ) صَدَاقُهَا إذَنْ (عَلَى زَوْجِهَا) لِأَنَّهُ
اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ، وَكَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ (وَإِنْ أَفْسَدَهُ)
أَيْ نِكَاحَهَا (غَيْرُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا مَهْرُهَا)
الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ
(وَيَرْجِعُ بِهِ) الزَّوْجُ الْمُفْسِدُ نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ
ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ كُلَّهُ عَلَى
زَوْجِهَا فَيَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ كَنِصْفِ الْمَهْرِ فِي غَيْرِ
الْمَدْخُولِ بِهَا (وَلَهَا) أَيْ لِمَنْ أَفْسَدَ غَيْرُهَا نِكَاحَهَا
قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (الْأَخْذُ مِنْ الْمُفْسِدِ نَصًّا)
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ.
(فَإِذَا ارْتَضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى فَانْفَسَخَ
نِكَاحُهُمَا) بِأَنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالْكُبْرَى (فَعَلَيْهِ
نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى) لِأَنَّ نِكَاحَهَا انْفَسَخَ بِغَيْرِ سَبَبٍ
مِنْ جِهَتِهَا، وَذَلِكَ يُوجِبُ نِصْفَ الْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا
تَقَدَّمَ (يَرْجِعُ بِهِ) الزَّوْجُ (عَلَى الْكُبْرَى) لِأَنَّهَا
الَّتِي تَسَبَّبَتْ فِي انْفِسَاخِ نِكَاحِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَفِي
رَقَبَتِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنَايَتِهَا (وَعَلَيْهِ مَهْرُ
الْكُبْرَى الْمُسَمَّى لَهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ إذَا
كَانَ أَدَّاهُ إلَيْهَا) لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ
بِهَا (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) أَيْ الْكُبْرَى
(فَلَا مَهْرَ لَهَا) أَيْ الْكُبْرَى لِأَنَّهَا الَّتِي أَفْسَدَتْ
نِكَاحَ نَفْسِهَا (وَنِكَاحُ الصُّغْرَى بِحَالِهِ) لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ
لَمْ يُدْخَلْ بِأُمِّهَا.
(وَإِنْ دَبَّتْ الصُّغْرَى إلَى الْكُبْرَى وَهِيَ) أَيْ الْكُبْرَى
(نَائِمَةٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ مَجْنُونَةٌ فَارْتَضَعَتْ)
الصُّغْرَى (مِنْهَا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْكُبْرَى) لِأَنَّهَا أُمُّ
زَوْجَتِهِ (وَيَرْجِعُ عَلَى الصُّغْرَى بِنِصْفِ مَهْرِ الْكُبْرَى
قَبْلَ الدُّخُولِ) لِأَنَّهَا تَسَبَّبَتْ إلَى فَسْخِ نِكَاحِهَا
الْمُوجِبُ لِتَقْرِيرِ نِصْفِ الْمُسَمَّى وَأَتْلَفَتْ عَلَى الزَّوْجِ
الْبُضْعَ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ مَبِيعَهَا (وَنِكَاحُ
(5/449)
الصُّغْرَى ثَابِتٌ) لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ
لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا (فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكُبْرَى حُرِّمَتَا)
عَلَى التَّأْبِيدِ أَمَّا الْكُبْرَى فَلِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ
نِسَائِهِ، وَأَمَّا الصُّغْرَى فَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ دَخَلَ بِأُمِّهَا
(وَلَا مَهْرَ لِلصُّغْرَى) لِأَنَّهَا الَّتِي أَفْسَدَتْ نِكَاحَ
نَفْسِهَا (وَعَلَيْهِ مَهْرُ الْكُبْرَى) لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ
بِدُخُولِهِ لَهَا (يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الصَّغِيرَةِ) لِأَنَّهَا
تَسَبَّبَتْ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَإِتْلَافِ الْبُضْعِ عَلَيْهِ (وَإِنْ
ارْتَضَعَتْ الصَّغِيرَةُ مِنْهَا رَضْعَتَيْنِ وَهِيَ نَائِمَةٌ ثُمَّ
انْتَبَهَتْ الْكَبِيرَةُ فَأَتَمَّتْ لَهَا ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ) فَقَدْ
حَصَلَ الْفَسَادُ بِفِعْلِهَا (فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْكَبِيرَةِ)
لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ (وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ مَهْرِ
الصَّغِيرَةِ) وَيَسْقُطُ عُشْرَانِ فِي مُقَابَلَةِ مَا ارْتَضَعَتْهُ
مِنْهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ (وَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بِمَا يَغْرَمُهُ
لِلصَّغِيرَةِ (عَلَى الْكَبِيرَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ فَعَلَيْهِ خُمْسُ مَهْرِهَا) وَيَسْقُطُ الْبَاقِي
نَظِيرَ فِعْلِهَا بَعْدَ انْتِبَاهِهَا (يَرْجِعُ بِهِ عَلَى
الصَّغِيرَةِ) لِكَوْنِهَا تَسَبَّبَتْ بِدَبِيبِهَا.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِنْتُ) الزَّوْجَةِ (الْكُبْرَى) الزَّوْجَةَ
(الصُّغْرَى فَالْحُكْمُ فِي التَّحْرِيمِ وَالْفَسْخِ، كَمَا لَوْ
أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ) فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ انْفَسَخَ
نِكَاحُهُمَا وَحُرِّمَتَا أَبَدًا، وَإِلَّا حُرِّمَتْ الْكُبْرَى
وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَحْدَهَا.
(وَ) كَذَا الْحُكْمُ فِي (الرُّجُوعِ عَلَى الْمُرْضِعَةِ الَّتِي
أَفْسَدَتْ النِّكَاحَ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا يَغْرَمُهُ لَهُمَا
أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِتَسَبُّبِهَا فِي غُرْمِهِ وَتَفْوِيتِهَا الْبُضْعَ
عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ (أُمُّ) زَوْجَتِهِ
(الْكَبِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا مَعًا) لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ
اجْتَمَعَا فِي النِّكَاحِ (فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ
فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِأَجْلِ
الْجَمْعِ (وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِنِصْفِ صَدَاقِهِمَا) الَّذِي
غَرِمَهُ لِتَسَبُّبِهَا (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ فَلَهُ
نِكَاحُهَا) فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ (وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ
الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْكَبِيرَةِ لِأَنَّهَا قَدْ
صَارَتْ أُخْتَهَا فَلَا يَنْكِحْهَا فِي عِدَّتِهَا) لِأَنَّ زَمَنَ
الْعِدَّةِ كَالزَّوْجِيَّةِ كَمَا سَبَقَ فِي النِّكَاحِ (وَكَذَلِكَ
الْحُكْمُ إنْ أَرْضَعَتْهَا جَدَّةُ الْكَبِيرَةِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ
عَمَّةَ الْكَبِيرَةِ) إنْ كَانَتْ الْجَدَّةُ لِأَبٍ (أَوْ) تَصِيرُ
(خَالَتَهَا) إنْ كَانَتْ جَدَّةً لِأُمٍّ (وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ
بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ
(مُحَرَّمٌ) كَالنَّسَبِ.
(وَكَذَلِكَ إنْ أَرْضَعَتْهَا أُخْتُهَا) أَيْ أُخْتُ الْكَبِيرَةِ (أَوْ
زَوْجَةُ أَخِيهَا بِلَبَنِهِ أَوْ أَرْضَعَتْهَا) بِنْتُ أَخِيهَا أَوْ
بِنْتُ (أُخْتِهَا) لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ أُخْتِ الْكَبِيرَةِ أَوْ
بِنْتَ أَخِيهَا أَوْ بِنْتَ بِنْتِ أَخِيهَا (أَوْ بِنْتَ أُخْتِهَا)
وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَرَّمٌ (وَلَا تَحْرِيمٌ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا
عَلَى التَّأْبِيدِ لِأَنَّهُ تَحْرِيمُ جَمْعٍ إلَّا إذَا أَرْضَعَتْهَا
بِنْتُ الْكَبِيرَةِ وَقَدْ دَخَلَ بِأُمِّهَا) فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبَدِ
كُلٌّ مِنْهُمَا أَمَّا الْكُبْرَى فَلِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ
نِسَائِهِ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلِأَنَّهَا
(5/450)
بِنْتُ رَبِيبَةٍ دَخَلَ بِأُمِّهَا.
(وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ لَهُنَّ لَبَنٌ
مِنْهُ فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً لَهُ صُغْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ
رَضْعَةً صَارَ) سَيِّدُهُنَّ (أَبًا لَهَا) لِأَنَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ
لَبَنِهِ خَمْسَ رَضْعَاتٍ، كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ
(وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ) عَلَى التَّأْبِيدِ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ، وَ (لَا)
تُحَرَّمُ عَلَيْهِ (أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ
الْأُمُومَةِ) فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُنَّ (وَإِنْ أَرْضَعْنَ) أَيْ
أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ الْخَمْسُ بِلَبَنِهِ (طِفْلًا كَذَلِكَ) أَيْ
كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَرْضَعَتْهُ رَضْعَةً (صَارَ الْمَوْلَى)
صَاحِبُ اللَّبَنِ (أَبًا لَهُ) لِأَنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِهِ خَمْسَ
رَضْعَاتٍ (وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الطِّفْلِ (الْمُرْضِعَاتُ،
لِأَنَّهُ رَبِيبُهُنَّ وَهُنَّ مَوْطُوآتُ أَبِيهِ) فَيَتَنَاوَلَهُنَّ
قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}
[النساء: 22] .
(وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (خَمْسُ بَنَاتٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ
زَوْجَتِهِ فَأَرْضَعْنَ) أَيْ بَنَاتُهُ أَوْ بَنَاتُ زَوْجَتِهِ
(امْرَأَةً لَهُ صُغْرَى) فِي الْحَوْلَيْنِ (رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا
أُمُومَةَ) لِأَنَّ إحْدَاهُنَّ لَمْ تُرْضِعْهُ خَمْسًا (وَلَا يَصِيرُ
الْكَبِيرُ) أَبُو الْبَنَاتِ (وَلَا الْكَبِيرَةُ) أُمُّ الْمُرْضِعَاتِ
(جَدًّا وَلَا جَدَّةً) لِأَنَّ الْجُدُودَةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ وَلَمْ
تَثْبُتْ (وَلَا) تَصِيرُ (إخْوَةُ الْمُرْضِعَاتِ أَخْوَالًا وَلَا
أَخَوَاتُهُنَّ خَالَاتٍ) لِأَنَّ الْخُؤُولَةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ،
وَلَمْ تَثْبُتْ (وَلَوْ كَمُلَ لِطِفْلٍ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ أُمِّ
رَجُلٍ وَأُخْتِهِ وَابْنَتِهِ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ مِنْ كُلِّ
وَاحِدَةٍ رَضْعَةً فَكَذَلِكَ، أَيْ لَا تَحْرِيمَ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ
الْأُمُومَةِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.
(وَإِذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا
ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ
فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ مِنْهُ الطِّفْلَ) الَّذِي
أَرْضَعَتْهُ أَوَّلًا فِي الْحَوْلَيْنِ (رَضْعَتَيْنِ صَارَتْ أُمًّا
لَهُ) لِأَنَّهُ كَمُلَ لَهُ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ لَبَنِهَا (وَلَمْ
يَصِرْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَبًا لَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ
خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ لَبَنِ أَحَدِهِمَا (وَيُحَرَّمُ) الطِّفْلُ
(عَلَيْهِمَا إنْ كَانَ أُنْثَى لِكَوْنِهِ رَبِيبًا لَهُمَا) قَدْ دَخَلَا
بِأُمِّهِ (لَا لِكَوْنِهِ وَلَدَهُمَا) .
(وَإِذَا كَانَ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ مِنْهُ فَأَرْضَعَتْ
امْرَأَةً لَهُ صُغْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ، لَمْ
تُحَرَّمْ الْمُرْضِعَاتُ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ (وَحُرِّمَتْ
الصُّغْرَى) عَلَى الْأَبَدِ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ (وَتَثْبُتُ
الْأُبُوَّةُ) لِأَنَّهُ كَمُلَ لَهُ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ لَبَنِهِ وَ
(لَا) تَثْبُتُ (الْأُمُومَةُ) لِوَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، لِأَنَّهَا
لَمْ تُرْضِعْهَا خَمْسًا (وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا) أَيْ الصُّغْرَى،
لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا (يَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِهِ
عَلَيْهِنَّ) أَيْ الْمُرْضِعَاتِ لِتَسَبُّبِهِنَّ فِي اسْتِقْرَارِهِ
عَلَيْهِ (عَلَى قَدْرِ رَضَاعَتِهِنَّ) الْمُحَرِّمَةِ (وَعَلَى
الْأُولَى)
(5/451)
الَّتِي ارْتَضَعَتْ أَوَّلًا (خُمْسُ
الْمَهْرِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ خُمْسُهُ وَعَلَى الثَّالِثَةِ عُشْرُهُ)
لِأَنَّ التَّحْرِيمَ حَصَلَ مِنْهَا بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ
اشْتَرَكْنَ فِي الْإِتْلَافِ فَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ بِقَدْرِ مَا
أَتْلَفَتْ.
(وَلَوْ كَانَ لِامْرَأَتِهِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ مِنْ غَيْرِهِ فَأَرْضَعْنَ
ثَلَاثَ نِسْوَةٍ لَهُ صِغَارًا) فَأَرْضَعَتْ (كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْ
بَنَاتِ الزَّوْجَةِ (وَاحِدَةً) مِنْ زَوْجَاتِهِ الصِّغَارِ (إرْضَاعًا
كَامِلًا) أَيْ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْكُبْرَى حُرِّمَتْ
عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا مِنْ جَدَّاتِ النِّسَاءِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ
الصِّغَارِ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ أَخَوَاتٍ إنَّمَا هُنَّ بَنَاتُ خَالَاتٍ)
وَلَا يُحَرَّمُ الْجَمْعُ بَيْنَ بَنَاتِ الْخَالَاتِ وَلَا يُحَرَّمْنَ
بِكَوْنِهِنَّ رَبَائِبَ (لِأَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تُحَرَّمُ إلَّا
بِالدُّخُولِ بِأُمِّهَا) أَوْ جَدَّتِهَا وَلَمْ يَحْصُلْ (وَلَا
يَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَنْ كَمُلَ رَضَاعُهَا أَوَّلًا) لِمَا ذَكَرْنَا
(وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ حُرِّمَ الصَّغَائِرُ) أَبَدًا (أَيْضًا)
لِأَنَّهُنَّ رَبَائِبُ دَخَلَ بِجَدَّتِهِنَّ (وَإِنْ أَرْضَعْنَ) أَيْ
بَنَاتُ زَوْجَتِهِ (وَاحِدَةً) مِنْ زَوْجَاتِهِ الصِّغَارِ أَرْضَعَتْهَا
(كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) رَضْعَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ حُرِّمَتْ
الْكُبْرَى) صَحَّحَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا صَارَتْ
جَدَّةً بِكَوْنِ الصَّغِيرَةِ قَدْ كَمُلَ لَهَا خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ
بَنَاتِهَا (وَقِيلَ لَا تُحَرَّمُ) الْكَبِيرَةُ (اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ
وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ) لِأَنَّ كَوْنَهَا جَدَّةً
فَرْعٌ عَلَى كَوْنِ ابْنَتِهَا أُمًّا، وَلَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ
فَمَا هُوَ فَرْعٌ عَلَيْهَا أَوْلَى وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا جُزِمَ
بِهِ فِيمَا إذَا أَرْضَعَتْهَا خَمْسُ بَنَاتِ زَوْجَتِهِ عَلَى مَا
تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
[فَصْلٌ طَلَّقَ كَبِيرَةً مَدْخُولًا بِهَا فَأَرْضَعَتْ صَغِيرَةً
بِلَبَنِهِ]
(فَصْلٌ وَإِذَا طَلَّقَ كَبِيرَةً مَدْخُولًا بِهَا فَأَرْضَعَتْ
صَغِيرَةً بِلَبَنِهِ) خَمْسَ رَضَعَاتٍ (صَارَتْ) الْمُرْضَعَةُ (بِنْتًا
لَهُ) لِارْتِضَاعِهَا مِنْ لَبَنِهِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِلَبَنِ
غَيْرِهِ) صَارَتْ رَبِيبَةً لَهُ لِأَنَّهَا بِنْتُ زَوْجَتِهِ
(وَحُرِّمَتَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ وَالرَّضِيعَةُ، أَمَّا الْمُرْضِعَةُ
فَلِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ، وَأَمَّا الرَّضِيعَةُ
فَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ دَخَلَ بِأُمِّهَا (وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ
بِنِصْفِ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ) لِأَنَّهَا تَسَبَّبَتْ فِي اسْتِقْرَارِهِ
عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ) زَوْجُ الصَّغِيرَةِ (مَا دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ
بَقِيَ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ) لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ لَمْ يَدْخُلْ
بِأُمِّهَا.
(وَإِنْ طَلَّقَ صَغِيرَةً فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ لَهُ حُرِّمَتْ
الْمُرْضِعَةُ) لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ (فَإِنْ
كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) أَيْ الْكَبِيرَةِ (فَلَا مَهْرَ لَهَا)
لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا (وَلَهُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ)
(5/452)
لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ غَيْرُ مَدْخُولٍ
بِأُمِّهَا (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا) أَيْ الْكَبِيرَةِ (فَلَهَا
مَهْرُهَا) الْمُسَمَّى لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ (وَحُرِّمَتَا) أَيْ
الْكَبِيرَةُ وَالصَّغِيرَةُ (عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ مِنْ
أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَالرَّضِيعَةَ رَبِيبَةٌ مَدْخُولٌ بِأُمِّهَا
(وَإِنْ طَلَّقَهُمَا) أَيْ الْكَبِيرَةَ وَالصَّغِيرَةَ (جَمِيعًا
فَالْحُكْمُ فِي التَّحْرِيمِ عَلَى مَا مَضَى) تَفْصِيلُهُ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ) رَجُلٌ امْرَأَةً (كَبِيرَةً وَ) تَزَوَّجَ (آخَرُ)
طِفْلَةً (صَغِيرَةً ثُمَّ طَلَّقَاهُمَا وَنَكَحَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
زَوْجَةَ الْآخَرِ ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتْ
الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ
نِسَائِهِمَا (وَإِنْ كَانَ زَوْجُ الصَّغِيرَةِ دَخَلَ) بِالْكَبِيرَةِ
(حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الصَّغِيرَةُ) لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ مَدْخُولٌ
بِأُمِّهَا (وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا بِتَحْرِيمِهَا) فِيمَا ذُكِرَ
(فَالْمُرَادُ عَلَى التَّأْبِيدِ هُوَ مَقْرُونٌ بِفَسْخِ نِكَاحِهَا) إنْ
كَانَتْ زَوْجَةً لِأَنَّ التَّحْرِيمَ الطَّارِئَ كَالْمُقَارِنِ.
[فَصْلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ
بِصَبِيٍّ فَأَرْضَعَتْهُ]
فَصْلٌ وَإِذَا (طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ
بِصَبِيٍّ) دُونَ الْحَوْلَيْنِ (فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ) خَمْسَ
رَضَعَاتٍ (انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) مِنْ الصَّبِيِّ (وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ)
أَبَدًا لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَّهُ.
(وَ) حُرِّمَتْ أَيْضًا (عَلَى الْأَوَّلِ أَبَدًا) لِأَنَّهَا صَارَتْ
مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ صَارَ ابْنًا لِلْمُطَلِّقِ
لِأَنَّهُ رَضَعَ مِنْ لَبَنِهِ رَضَاعًا مُحَرِّمًا وَهِيَ زَوْجَتُهُ
(وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الصَّبِيَّ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَخَتْ نِكَاحَهَا
لِمُقْتَضٍ) كَعَيْبٍ أَوْ فَقْدِ نَفَقَةٍ أَوْ إعْسَارٍ بِمُقَدَّمِ
صَدَاقٍ (ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ
فَأَرْضَعَتْ بِهِ الصَّبِيَّ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا) عَلَى
الْكَبِيرِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ وَعَلَى
الصَّغِيرِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّهُ.
(قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ، لِأَنَّهُ
تَحْرِيمٌ طَرَأَ لِرَضَاعِ أَجْنَبِيٍّ قَالَ) فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
(وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لِعَبْدٍ لَهُ يَرْضَعُ ثُمَّ
أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا (فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ) أَيْ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ
لِعِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ (ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ أَوْلَدَهَا
فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِ هَذَا الْوَلَدِ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ بَعْدَ
عِتْقِهِ) أَوْ قَبْلَهُ (حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا) أَمَّا
الْأَوَّلُ، فَلِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّهُ وَأَمَّا صَاحِبُ اللَّبَنِ
فَلِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ.
(وَلَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَتَهُ بِصَبِيٍّ مَمْلُوكٍ
فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ سَيِّدِهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا) أَمَّا
الْمَمْلُوكُ فَلِأَنَّهَا
(5/453)
صَارَتْ أُمَّهُ، وَأَمَّا السَّيِّدُ
فَلِأَنَّهَا مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ (وَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا) أَيْ
تَزَوُّجُ أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ الْأَمَةِ لِصَبِيٍّ (إنْ كَانَ الصَّبِيُّ
حُرًّا لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ نِكَاحِ الْحُرِّ الْأَمَةَ خَوْفَ الْعَنَتِ
وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ) أَيْ خَوْفُ الْعَنَتِ (فِي الطِّفْلِ) وَفِيهِ
تَلْوِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَرَدَّ بِأَنَّهُ غَيْرُ
مُسَلَّمٍ لِأَنَّ الشَّرْطَ خَوْفُ عَنَتِ الْعُزُوبَةِ لِحَاجَةِ
مُتْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ وَالطِّفْلُ قَدْ يَحْتَاجُ لِلْخِدْمَةِ،
فَيُتَصَوَّرُ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ (فَإِنْ تَزَوَّجَ بِهَا)
الطِّفْلُ، لِغَيْرِ حَاجَةِ خِدْمَةٍ (كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَإِنْ
أَرْضَعَتْهُ لَمْ تُحَرَّمْ عَلَى سَيِّدِهَا) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ
حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ لِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا
لِحَاجَةِ خِدْمَةٍ صَحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ أَرْضَعَتْهُ حُرِّمَتْ
عَلَيْهِمَا.
[فَصْلٌ مَتَى كَانَ مُفْسِدُ النِّكَاحِ جَمَاعَةً]
(فَصْلٌ مَتَى كَانَ مُفْسِدُ النِّكَاحِ جَمَاعَةً وُزِّعَ الْمَهْرُ
عَلَى مُرْضِعَاتِهِنَّ الْمُحَرَّمَةِ) لِأَنَّهُ إتْلَافٌ اشْتَرَكْنَ
فِيهِ فَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ بِقَدَرِ مَا أَتْلَفَتْ وَ (لَا)
يُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ (رُءُوسِهِنَّ) كَمَا لَوْ أَتْلَفْنَ مَالًا
وَتَفَاوَتْنَ فِيهِ (فَلَوْ سَقَى خَمْسٌ زَوْجَةً صَغِيرَةً مِنْ لَبَن
أُمِّ الزَّوْجِ خَمْسَ مَرَّاتٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) لِأَنَّهَا صَارَتْ
أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ (وَلَزِمَهُنَّ نِصْفُ مَهْرِهَا بَيْنَهُنَّ)
بِحَسَبِ مَا سَقَيْنَهَا لِتَسَبُّبِهِنَّ فِي اسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ
(فَإِنْ سَقَتْهَا وَاحِدَةٌ شَرْبَتَيْنِ وَ) سَقَتْهَا (أُخْرَى ثَلَاثًا
فَعَلَى الْأُولَى خُمْسُ الْمَهْرِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ خُمْسُ)
الْمَهْرِ (وَعُشْرٌ) (وَإِنْ سَقَتْهَا وَاحِدَةٌ شَرْبَتَيْنِ وَسَقَاهَا
ثَلَاثٌ) أُخَرُ (ثَلَاثَ شَرَبَاتٍ فَعَلَى الْأُولَى الْخُمْسُ وَعَلَى
كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ عُشْرٌ) .
(وَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ كِبَارٍ وَوَاحِدَةٌ صَغِيرَةٌ
فَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ) الْكِبَارِ (الصَّغِيرَةَ
أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ حَلَبْنَ فِي إنَاءٍ وَسَقَيْنَهُ لِلصُّغْرَى
حُرِّمَ الْكِبَارُ) لِأَنَّهُنَّ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ (وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَنِكَاحُ الصَّغِيرَةِ ثَابِتٌ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ
وَاحِدَةٍ ثُلُثُ صَدَاقِهَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى ضَرَّاتِهَا)
لِتَسَبُّبِهِنَّ فِي إقْرَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ السُّدُسُ
الْبَاقِي مِنْ النِّصْفِ فِي نَظِيرِ فِعْلِهَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ
مِنْهُمَا ثَالِثَةٌ لِضَرَّتَيْهَا مُشَارَكَةٌ لَهُمَا (لِأَنَّ إفْسَادَ
نِكَاحِهَا حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَفِعْلِهِمَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ
بِإِحْدَى الْكِبَارِ حُرِّمَتْ الصَّغِيرَةُ أَيْضًا) لِأَنَّهَا
رَبِيبَةُ زَوْجَةٍ دُخِلَ بِهَا (وَلَهَا) أَيْ الصَّغِيرَةِ (نِصْفُ
صَدَاقِهَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَيْهِنَّ أَثْلَاثًا) لِأَنَّهُنَّ
تَسَبَّبْنَ فِي فَسَادِ نِكَاحِهَا (وَلِلَّتِي دَخَلَ بِهَا الْمَهْرُ
كَامِلًا) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ.
(وَإِنْ حَلَبْنَ فِي إنَاءٍ فَسَقَتْهُ إحْدَاهُنَّ
(5/454)
الصَّغِيرَةَ خَمْسَ مَرَّاتٍ كَانَ
عَلَيْهِ صَدَاقُ ضَرَّتَيْهَا) يَعْنِي نِصْفَهُ (يَرْجِعُ بِهِ
عَلَيْهَا) أَيْ السَّاقِيَةِ (إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَأَنَّهَا
أَفْسَدَتْ نِكَاحَهُمَا) بِسَقْيِهَا اللَّبَنَ لِلصَّغِيرَةِ (وَيَسْقُطُ
مَهْرُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا) أَيْ بِاَلَّتِي سَقَتْ لِأَنَّ
الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرُهَا
لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ) لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ بِالدُّخُولِ (وَإِنْ
كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْكِبَارِ أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَةَ خَمْسَ
رَضَعَاتٍ حُرِّمَ الثَّلَاثُ) لِأَنَّهُنَّ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ
(فَإِنْ كَانَ لَمْ يُدْخَلْ بِهِنَّ فَلَا مَهْرَ لَهُنَّ عَلَيْهِ)
لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِنَّ (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِنَّ
فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرُهَا لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ)
لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ هِيَ الَّتِي أَفْسَدَتْ
نِكَاحَ نَفْسِهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْكِبَارِ (وَتُحَرَّمُ
الصَّغِيرَةُ) لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ قَدْ دُخِلَ بِأُمِّهَا (وَيَرْجِعُ
بِمَا لَزِمَهُ مِنْ صَدَاقِهَا) وَهُوَ نِصْفُهُ (عَلَى الْمُرْضِعَةِ
الْأُولَى) لِأَنَّهَا الَّتِي أَفْسَدَتْهُ.
[فَصْلٌ وَإِذَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ امْرَأَتَهُ
الصَّغِيرَةَ]
(فَصْلٌ وَإِذَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ امْرَأَتَهُ
الصَّغِيرَةَ) رَضَاعًا مُحَرِّمًا (فَحَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ
دَخَلَ بِالْأَمَةِ (كَانَ مَا لَزِمَهُ مِنْ صَدَاقِ الصَّغِيرَةِ) وَهُوَ
نِصْفُهُ (لَهُ فِي رَقَبَةِ الْأَمَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنَايَتِهَا
(وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ (أُمُّ وَلَدِهِ
حُرِّمَا عَلَيْهِ أَبَدًا) أَمَّا الزَّوْجَةُ فَلِأَنَّهَا صَارَتْ
بِنْتَهُ أَوْ رَبِيبَتَهُ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَلِأَنَّهَا مِنْ
أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ (وَلَا
غَرَامَةَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّهَا أَفْسَدَتْ
عَلَى سَيِّدِهَا وَلَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا غُرْمٌ (وَيَرْجِعُ عَلَى
مُكَاتَبَتِهِ) إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُفْسِدَةَ لِنِكَاحِ الزَّوْجَةِ
الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَرْشُ جِنَايَتِهَا.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ وَلَدِهِ بِلَبَنِهِ امْرَأَةَ ابْنِهِ) رَضَاعًا
مُحَرِّمًا (فَسَخَتْ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ أَبَدًا
لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ) مِنْ الرَّضَاعَةِ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) أُمُّ وَلَدِهِ (زَوْجَةَ أَبِيهِ بِلَبَنِهِ
حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ) وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا (لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ
ابْنِهِ وَيَرْجِعُ الْأَبُ لِابْنِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا
غَرِمَهُ لِزَوْجَتِهِ) وَهُوَ نِصْفُ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى أَوْ
الْمُتْعَةِ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا (أَوْ قِيمَتُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ
جِنَايَةِ أُمِّ وَلَدِهِ) وَجِنَايَتُهَا تُضْمَنُ كَذَلِكَ وَعُلِمَ
مِنْهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلِابْنِ عَلَى أَبِيهِ فِي الْمَسْأَلَةِ
قَبْلَهَا إذْ لَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ بِالدَّيْنِ وَنَحْوِهِ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ وَلَدِهِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ
زَوْجَتَيْ ابْنِهِ وَأَبِيهِ (بِغَيْرِ لَبَنِ سَيِّدِهَا لَمْ
تُحَرِّمْهَا) عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا (لِأَنَّ كُلَّ
وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَارَتْ بِنْتَ أُمِّ وَلَدِهِ) وَهِيَ غَيْرُ
مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ.
(5/455)
[فَصْلٌ وَإِذَا شَكَّ فِي الرَّضَاعِ أَوْ
شَكَّ فِي عَدَدِهِ]
(فَصْلٌ وَإِذَا شَكَّ فِي الرَّضَاعِ أَوْ) شَكَّ (فِي عَدَدِهِ) بِأَنْ
شَكَّ هَلْ أَرْضَعَتْهُ أَوْ لَا أَوْ هَلْ أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا أَوْ
دُونَهَا (بُنِيَ عَلَى الْيَقِينِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّضَاعِ
فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا شَكَّ فِي الرَّضَاعِ.
(وَ) الْأَصْلُ (عَدَمُ وُجُودِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ فِي)
الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا شَكَّ فِي عَدَدِهِ (لَكِنْ
تَكُونُ) الَّتِي لَوْ ثَبَتَ رَضَاعُهَا خَمْسًا حُرِّمَتْ (مِنْ
الشُّبُهَاتِ تَرْكَهَا أَوْلَى قَالَهُ الشَّيْخُ) لِحَدِيثٍ «مَنْ
اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» تَتِمَّةٌ
" قَالَ فِي الْمُبْدِعِ آخَرَ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ
وَإِنْ شَكَّتْ الْمُرْضِعَةُ فِي الرَّضَاعِ أَوْ كَمَالِهِ فِي
الْحَوْلَيْنِ وَلَا بَيِّنَةٌ فَلَا تَحْرِيمَ.
(وَإِنْ شَهِدَ بِهِ) أَيْ الرَّضَاعِ (امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مَرْضِيَّةٌ
عَلَى فِعْلِهَا) بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فِي
الْحَوْلَيْنِ (أَوْ) شَهِدَتْ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ عَلَى (فِعْلِ
غَيْرِهَا) بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ فُلَانَةَ أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فِي
الْحَوْلَيْنِ (أَوْ) شَهِدَ بِذَلِكَ (رَجُلٌ وَاحِدٌ ثَبَتَ) الرَّضَاعُ
(بِذَلِكَ وَلَا يَمِينَ) عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا عَلَى
الشَّاهِدَةِ لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ «تَزَوَّجْتُ:
أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ:
قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ؟
فَنَهَاهُ عَنْهَا» .
وَفِي رِوَايَةٍ " دَعْهَا عَنْكَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ
الزُّهْرِيُّ " فُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِ أَبْيَاتٍ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ
بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ " وَلِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى
عَوْرَةٍ فَتُقْبَلُ بِهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ
كَالْوِلَادَةِ، لِأَنَّهُ مَعْنَى يُقْبَل فِيهِ قَوْل النِّسَاء
الْمُنْفَرِدَات فَتُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَيُؤَيِّدُهُ
مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّلْمَانِيُّ عَنْ
أُمِّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ مِنْ الشُّهُودِ؟
فَقَالَ: رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ
إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَتْنِهِ وَالْمُتَبَرِّعَةُ
وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ وَغَيْرُ الْمَرْضِيَّةِ لَا تُقْبَلُ وَقَالَ ابْنُ
حَمْدَانَ أَنَّ الظِّئْرَ إذَا قَالَتْ أَشْهَدُ أَنِّي أَرْضَعْتُهُمَا
لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ قَالَتْ أَشْهَدُ أَنَّهُمَا ارْتَضَعَا مِنِّي
قُبِلَ.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ قَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ هِيَ أُخْتِي
مِنْ الرَّضَاعِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ
أَقَرَّ بِمَا يَتَضَمَّنُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ
بِالطَّلَاقِ أَوْ إنَّ أَمَتَهُ أُخْتُهُ
(5/456)
مِنْ النَّسَبِ (فَإِنْ صَدَّقَتْهُ)
أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ (أَوْ ثَبَتَ) ذَلِكَ (بِبَيِّنَةٍ
فَلَا مَهْرَ لَهَا) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ لَا
تَسْتَحِقُّ فِيهِ مَهْرًا (وَإِنْ أَكَذَبَتْهُ) وَلَمْ يَثْبُتْ مَا
قَالَهُ بِالْبَيِّنَةِ (فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ
غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهَا فِي إسْقَاطِ حُقُوقِهَا وَقَدْ جَاءَتْ
الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ (بَعْدَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ
النِّكَاحُ وَلَهَا الْمَهْرُ) بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ
بِالدُّخُولِ (مَا لَمْ تُقِرَّ أَنَّهَا طَاوَعَتْهُ عَالِمَةٌ
بِالتَّحْرِيمِ) لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ مُطَاوِعَةٌ.
(فَإِنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِهِ هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ
(وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ الْحُكْمُ) وَلَوْ قَالَ أَخْطَأْتُ
لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ بِحَقٍّ لِآدَمِيٍّ فَلَمْ يُقْبَلْ كَمَا
لَوْ أَقَرَّ لَهَا بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ (وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ
وَبَيْنَ اللَّهِ فَإِنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسَهُ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ)
لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْبَاطِلَ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ.
(وَإِنْ شَكَّ) الزَّوْجُ (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهَا أُخْتَهُ مِنْ
الرَّضَاعِ (لَمْ يَزُلْ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ
الْحِلُّ.
(فَإِنْ قَالَ هِيَ عَمَّتِي) مِنْ الرَّضَاعِ (أَوْ) قَالَ هِيَ
(خَالَتِي) مِنْ الرَّضَاعِ (أَوْ) قَالَ هِيَ (ابْنَةُ أَخِي أَوْ ابْنَةُ
أُخْتِي أَوْ أُمِّي مِنْ الرَّضَاعِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ فَهُوَ كَمَا
لَوْ قَالَ هِيَ أُخْتِي) مِنْ الرَّضَاعِ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ
بِلَا فَرْقٍ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهُ) فِي قَوْلِهِ هِيَ أُمِّي
(مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ هِيَ مِثْلُهُ) فِي السِّنِّ هَذِهِ أُمِّي
أَوْ ابْنَتِي (أَوْ) يَقُولَ لِمَنْ هِيَ (أَصْغَرُ مِنْهُ) سِنًّا
(هَذِهِ أُمِّي أَوْ) يَقُولَ (لِأَكْبَرَ مِنْهُ) هَذِهِ ابْنَتِي (أَوْ)
يَقُولَ (لِمِثْلِهِ هَذِهِ ابْنَتِي) مِنْ الرَّضَاعِ (لَمْ تُحَرَّمْ
عَلَيْهِ) لِتَحَقُّقِ كَذِبِهِ (كَمَا لَوْ قَالَ أَرْضَعَتْنِي
وَإِيَّاهَا سَوَاءٌ أَوْ قَالَ) هَذِهِ زَوْجَتُهُ (هَذِهِ حَوَّاءُ)
قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا وَلَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ
قَالَ ذَلِكَ وَهِيَ فِي سَنٍّ لَا يُولَدُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ، وَإِنْ
كَانَ أَصْغَرَ كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ وَهِيَ فِي سِنِّهِ
لِتَحَقُّقِ مَا ذُكِرَ فِيهِ.
(وَالْحُكْمُ فِي الْإِقْرَارِ بِقَرَابَةٍ مِنْ النَّسَبِ تُحَرِّمُهَا)
أَيْ الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُقِرِّ بِأَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ
زَوْجَتَهُ أُخْتُهُ مِنْ النَّسَبِ أَوْ عَمَّتُهُ أَوْ خَالَتُهُ
كَذَلِكَ أَوْ أُمَّهُ أَوْ بِنْتُهُ لَوْ أَمْكَنَ ذَلِكَ (كَالْحُكْمِ
فِي الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ) بِجَامِعِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ
بِمَا يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهُ.
(وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ زَوْجَتَهُ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَأَنْكَرَتْهُ
فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ أُمُّهُ أَوْ ابْنَتُهُ أَوْ أَبُوهُ لَمْ تُقْبَلْ
شَهَادَتُهُمْ) لِلْمَانِعِ وَهُوَ قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ (وَإِنْ شَهِدَ
بِذَلِكَ) أَيْ بِكَوْنِهَا أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ (أُمُّهَا أَوْ
ابْنَتُهَا أَوْ أَبُوهَا قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهَا عَلَيْهَا،
لَا لَهَا (وَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ
الرَّضَاعِ (الْمَرْأَةُ وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ فَشَهِدَتْ لَهَا
أُمُّهَا أَوْ ابْنَتُهَا أَوْ أَبُوهَا لَمْ تُقْبَلْ) الشَّهَادَةُ
لِقَرَابَةِ الْوِلَادَةِ (وَإِنْ شَهِدَتْ لَهَا أُمُّ الزَّوْجِ أَوْ
ابْنَتُهُ أَوْ أَبُوهُ قُبِلَ) مِنْهُمْ
(5/457)
مَا شَهِدُوا بِهِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ
عَلَيْهِ لَا لَهُ (وَفِي التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ، لَوْ شَهِدَ بِهِ)
أَيْ الرَّضَاعِ (أَبُوهَا لَمْ يُقْبَلْ بَلْ) يُقْبَلُ إنْ شَهِدَ بِهِ
(أَبُوهُ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: (يَعْنِي بِلَا دَعْوَى وَقَالَهُ فِي
الرِّعَايَتَيْنِ) بِأَنْ شَهِدَ بِذَلِكَ حِسْبَةٌ وَلَمْ تَتَقَدَّمْ
شَهَادَتُهُ دَعْوَى مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ الزَّوْجَةِ وَوَجْهُ
ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَشَهَادَةُ أَبِيهَا
بِالرَّضَاعِ تَقْطَعُهُ فَتَكُونُ شَهَادَةً لِابْنَتِهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ
وَشَهَادَةُ أَبِيهِ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ فَقُبِلَتْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
(وَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (هِيَ الَّتِي قَالَتْ هُوَ أَخِي مِنْ
الرَّضَاعِ فَأَكْذَبَهَا وَلَمْ تَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ) قَالَ فِي
الرِّعَايَةِ: وَحَلَفَ (فَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ لَا
يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي فَسْخِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا
(فَإِنْ كَانَ) قَوْلُهَا ذَلِكَ (قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ)
لِأَنَّهَا تُقِرُّ بِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهُ (وَإِنْ كَانَتْ
قَبَضَتْهُ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ أَخْذُهُ) مِنْهَا، وَلَا طَلَبَهَا
بِهِ لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا (وَإِنْ كَانَ) قَوْلُهَا
ذَلِكَ (بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً
أَنَّهَا أُخْتُهُ وَبِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَطَاوَعَتْهُ فِي الْوَطْءِ
فَلَا مَهْرَ لَهَا) لِإِقْرَارِهَا بِأَنَّهَا زَانِيَةٌ مُطَاوِعَةٌ
(وَإِنْ أَنْكَرَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَهَا الْمَهْرُ) لِأَنَّهُ
وَطْءٌ شُبْهَةٌ (وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّ قَوْلَهَا
غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِ (وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ،
فَإِنَّ صِحَّةَ مَا أَقَرَّتْ بِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهَا مُسَاكَنَتَهُ
وَلَا تَمْكِينَهُ مِنْ وَطْئِهَا) وَلَا مِنْ دَوَاعِيهِ لِأَنَّهَا
مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهَا أَنْ تَفْتَدِيَ وَتَفِرَّ مِنْهُ كَمَا
قُلْنَا فِي الَّتِي عَلِمْت أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا
وَتَقَدَّمَ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ وَالْإِنْصَافِ.
(وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ بَعْدَ
الدُّخُولِ أَقَلُّ الْمَهْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ)
لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي
وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ
الزَّائِدِ عَلَيْهِ لَا تَسْتَحِقُّهُ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ (وَإِنْ
كَانَ إقْرَارُهَا بِأُخُوَّتِهِ قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يَجُزْ لَهَا
نِكَاحُهُ) لِاعْتِرَافِهَا بِتَحْرِيمِهِ.
(وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا عَنْ إقْرَارِهَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إنْ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ أُخْتُهُ وَنَحْوُهُ)
كَعَمَّتِهِ، أَوْ خَالَتِهِ أَوْ بِنْتِ أَخِيهِ أَوْ أُخْتِهِ (قَبْلَ
النِّكَاحِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا
بَعْدَ ذَلِكَ فِي ظَاهِر الْحُكْمِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
(وَلَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ السَّيِّدِ بَعْدَ وَطْءٍ لَمْ
يُقْبَلْ) قَوْلُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ تَمْكِينَهَا دَلِيلُ كَذِبِهَا.
(وَ) إنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ أُخُوَّةَ سَيِّدِهَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ
الْوَطْءِ (يُقْبَلُ) قَوْلُهَا (فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ) احْتِيَاطًا وَ
(لَا) يُقْبَلُ قَوْلُهَا (فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ) لِعَدَمِ تَحْقِيقِ
مُوجِبِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلِهِ) أَوْ
أَشْتَرَى سَيِّدٌ أَمَةً لَهَا ابْنٌ مِنْ زَوْجٍ أَبَانَهَا فَوَطِئَهَا
(فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَلِدْ، وَلَمْ يَزِدْ لَبَنُهَا، أَوْ لَمْ
تَحْمِلْ فَهُوَ) أَيْ اللَّبَنُ (لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّ نِصْفَ اللَّبَنِ
كَانَ لَهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ (وَإِنْ زَادَ) اللَّبَنُ بَعْدَ
الْحَمْلِ (زِيَادَةً فِي أَوَانِهَا) فَاللَّبَنُ لَهُمَا (فَإِنْ
أَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا صَارَ ابْنًا لَهُمَا) كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ
مِنْهُمَا لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عِنْدَ حُدُوثِ الْحَمْلِ ظَاهِرٌ
(5/458)
فِي أَنَّهُ مِنْهُ وَبَقِيَ لَبَنُ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي كَوْنُ أَصْلِهِ
مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمَا.
(وَإِنْ لَمْ يَزِدْ) اللَّبَنُ بِالْحَمْلِ (أَوْ زَادَ قَبْلَ أَوَانِهِ
أَوْ لَمْ تَحْمِلْ وَزَادَ بِالْوَطْءِ فَ) اللَّبَنُ (لِلْأَوَّلِ) لِمَا
تَقَدَّمَ (وَإِنْ انْقَطَعَ لَبَنُ الْأَوَّلِ، ثُمَّ ثَابَ بِحِمْلِهَا
مِنْ الثَّانِي فَهُوَ لَهُمَا) لِأَنَّ اللَّبَنَ كَانَ لِلْأَوَّلِ
فَلَمَّا عَادَ بِحُدُوثِ الْحَمْلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَبَنَ الْأَوَّلِ
ثَابَ بِسَبَبِ الْحَمْلِ مِنْ الثَّانِي فَكَانَ مُضَافًا إلَيْهِمَا
كَمَا لَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ (وَمَتَى وَلَدَتْ فَاللَّبَنُ لِلثَّانِي
وَحْدَهُ) إذَا زَادَ، لِأَنَّ زِيَادَتَهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ تَدُلُّ
عَلَى أَنَّهُ لِحَاجَةِ الْمَوْلُودِ فَتَمْتَنِعُ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ
(إلَّا إذَا لَمْ يَزِدْ) اللَّبَنُ (أَوْ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ الْأَوَّلِ
حَتَّى وَلَدَتْ فَهُوَ) أَيْ اللَّبَنُ (لَهُمَا) لِأَنَّ اللَّبَنَ
الْأَوَّلَ أُضِيفَ إلَى الْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى
حَالِهِ أَوْجَبَ بَقَاءَهُ عَلَيْهِ وَحَاجَةُ الْوَلَدِ الثَّانِي إلَى
اللَّبَنِ أَوْجَبَتْ اشْتِرَاكَهُمَا فِيهِ كَالْعَيْنِ إذَا لَمْ
يَدْفَعْ الْمُسْتَحِقُّ الثَّانِي صَاحِبُ الْيَدِ عَنْهَا يَبْقَى
اسْتِحْقَاقُهُ لَهَا.
(وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ أَقَرَّ
أَنَّهُ أَخُو صَاحِبِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، فَأَنْكَرَ) الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ (لَمْ يُقْبَلْ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ
الْمُنْفَرِدَاتِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ) وَهُوَ مِمَّا
يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ
" كَالنِّكَاحِ وَالْقَذْفِ.
(وَيُكْرَهُ لَبَنُ الْفَاجِرَةِ وَالْمُشْرِكَةِ) لِقَوْلِ عُمَرَ
وَابْنِهِ (وَالذِّمِّيَّةُ) كَالْمُشْرِكَةِ (وَالْحَمْقَاءُ) لِقَوْلِهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَزَوَّجُوا الْحَمْقَاءَ
فَإِنَّ صُحْبَتَهَا بَلَاءٌ وَفِي وَلَدِهَا ضَيَاعٌ، وَلَا
تَسْتَرْضِعُوهَا فَإِنَّ لَبَنَهَا يُغَيِّرُ الطِّبَاعَ»
(وَالزِّنْجِيَّةُ وَسَيِّئَةُ الْخُلُقِ) فَإِنَّهُمَا فِي مَعْنَى
الْحَمْقَاءِ (وَالْجَذْمَاءُ وَالْبَرْصَاءُ) خَشْيَةَ وُصُولِ ذَلِكَ
إلَى الرَّضِيعِ.
وَفِي الْمُجَرَّدِ (وَالْبَهِيمَةُ) لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي بَلَادَةِ
الْبَهِيمَةِ (وَفِي التَّرْغِيبِ وَعَمْيَاءُ فَإِنَّهُ يُقَال الرَّضَاعُ
يُغَيِّرُ الطِّبَاعَ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ، بَلْ
يَكَادُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحْسُوسًا.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْطِيَ) الْمُوسِرُ (الظِّئْرَ) الْمُتَبَرِّعَةَ،
كَمَا قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ (عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً)
مُكَافَأَةً لَهَا فَإِنْ كَانَتْ أَمَة اُسْتُحِبَّ لَهُ عِتْقُهَا
(وَتَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ) .
(وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تُرْضِعَ غَيْرَ وَلَدِهَا إلَّا بِإِذْنِ
الزَّوْجِ قَالَهُ الشَّيْخُ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّهِ
عَلَيْهِ. |