كشف
المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات 3 - (فصل فِي أَحْكَام الْحيض وَالنّفاس
والاستحاضة)
. وَالْحيض لُغَة السيلان مصدر حاض مَأْخُوذ من حاض الْوَادي إِذا سَالَ،
وَشرعا دم طبيعة وجبلية ترخية الرَّحِم يعْتَاد أُنْثَى إِذا بلغت فِي
أَوْقَات مَعْلُومَة لَا حيض مَعَ حمل، وَلَا حيض بعد خمسين سنة لقَوْل 16
(عَائِشَة) رَضِي الله عَنْهَا (: إِذا بلغت الْمَرْأَة خمسين سنة خرجت من
حد الْحيض) . ذكره الإِمَام أَحْمد. وعنها أَيْضا: لم تَرَ الْمَرْأَة فِي
بَطنهَا ولدا بعد الْخمسين. وَلَا حيض قبل تَمام تسع سِنِين هلالية:
فَمَتَى رَأَتْ دَمًا قبل بُلُوغ ذَلِك السن لم يكن حيضا، لِأَنَّهُ لم
يثبت فِي الْوُجُود وَالْعَادَة لأنثى حيض قبل استكمالها، وَلَا فرق فِي
ذَلِك الْبِلَاد الحارة كتهامة والباردة كالصين. قَالَ فِي الْإِقْنَاع:
وَيمْنَع الْحيض خَمْسَة عشر شَيْئا: الطَّهَارَة لَهُ، وَالْوُضُوء،
وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَمَسّ الْمُصحف وَالطّواف، وَفعل الصَّلَاة،
ووجوبها فَلَا تقضيها، وَفعل الصّيام لَا وُجُوبه فتقضيه، وَالِاعْتِكَاف،
(1/92)
واللبث فِي الْمَسْجِد، وَالْوَطْء فِي
الْفرج إِلَّا لمن شبق بِشَرْطِهِ، وسنية طَلَاق مَا لم تسأله طَلَاقا بعوض
أَو خلعا فَإِن سَأَلته بِغَيْر عوض لم يبح، والاعتداد بِالْأَشْهرِ إِلَّا
لمتوفى عَنْهَا زَوجهَا، وَابْتِدَاء الْعدة فِي أَثْنَائِهِ، ومرورها فِي
الْمَسْجِد إِن خَافت تلويثه، وَلَا يمْنَع الْغسْل للجنابة وَالْإِحْرَام
بل يسْتَحبّ، ومرورها فِي الْمَسْجِد إِن أمنت تلويثه. وَيُوجب خَمْسَة
أَشْيَاء: الِاعْتِدَاد، وَالْغسْل، وَالْبُلُوغ، ولحكم بِبَرَاءَة
الرَّحِم فِي الِاعْتِدَاد، واستبراء الْإِمَاء، وَالْكَفَّارَة
بِالْوَطْءِ فِيهِ. ونفاس مثله حَتَّى فِي الْكَفَّارَة بِالْوَطْءِ فِيهِ
نصا إِلَّا فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء: الِاعْتِدَاد بِهِ، وَكَونه لَا يُوجب
الْبلُوغ لحصوله قبله بِالْحملِ، وَلَا يحْتَسب بِهِ عَلَيْهِ فِي مُدَّة
الْإِيلَاء. انْتهى.
وَأقله أَي أقل زمن يصلح أَن يكون الدَّم فِيهِ دم حيض يَوْم وَلَيْلَة
وَأَكْثَره خَمْسَة عشر يَوْمًا بلياليها، وَلَا يكره وَطْء من انْقَطع
دَمهَا فِي أثْنَاء عَادَتهَا بعد غسلهَا زمن طهرهَا وغالبه أَي الْحيض
سِتّ أَو سبع أَي سِتَّة أَيَّام أَو سَبْعَة أَيَّام بلياليها وَأَقل طهر
بَين حيضتين ثَلَاثَة عشر يَوْمًا، وغالبه بَقِيَّة الشَّهْر الْهِلَالِي
وَلَا حد لأكثره أَي الطُّهْر لِأَنَّهُ لم يرد تحديده شرعا، لِأَن
الْمَرْأَة قد لَا تحيض أصلا، وَقد تحيض فِي السّنة مرّة وَاحِدَة. وَحرم
عَلَيْهَا أَي الْحَائِض فعل صَلَاة وَفعل صَوْم. ويلزمها أَي الْحَائِض
قَضَاؤُهُ أَي الصَّوْم إِجْمَاعًا وَتقدم قَرِيبا. وَيجب بِوَطْئِهَا أَي
الْحَائِض فِي الْفرج قبل انْقِطَاع الدَّم مِمَّن يطَأ مثله وَلَو غير
بَالغ، سَوَاء كَانَ الْوَطْء فِي أول الْحيض أَو آخِره أَو بِحَائِل
(1/93)
أَو وَطئهَا وَهِي طَاهِرَة فَحَاضَت فِي
أثْنَاء وَطئه وَلَو لم يستدم دِينَار فَاعل يجب، زنته مِثْقَال خَالِيا من
الْغِشّ وَلَو غير مَضْرُوب خلافًا للشَّيْخ تَقِيّ الدّين، وتجزئ قِيمَته
من الْفضة فَقَط. أَو نصفه أَي الدِّينَار على التخير كَفَّارَة وتخييره
بَين الشَّيْء وَنصفه كتخيير الْمُسَافِر بَين الْقصر والإتمام وَلَو كَانَ
الواطىء مكْرها أَو نَاسِيا أَو جَاهِل الْحيض أَو التَّحْرِيم أَو هما،
وتجزئ إِلَى وَاحِد، وَكَذَا هِيَ إِن طاوعته على الْوَطْء، وَتسقط بعجز
ككفارة الْوَطْء فِي نَهَار رَمَضَان. وَلَا تجب بِوَطْئِهَا فِي الدبر،
وَلَا بعد انْقِطَاع الدَّم وَقبل الْغسْل، وَإِن كرر الْوَطْء فِي حَيْضَة
أَو حيضتين فكالصوم. وبدن الْحَائِض طَاهِر، وَلَا يكره عجنها وَنَحْوه
وَلَا وضع يَدهَا فِي شئ مَائِع. وتباح الْمُبَاشرَة لسَيِّد وَزوج،
والاستمتاع بالقبلة واللمس وَالْوَطْء فِي مَا دونه أَي الْفرج. زَاد فِي
الاختيارات: والاستمناء بِيَدِهَا. وَيسن ستر الْفرج حَال استمتاعه بهَا
بِغَيْر الْفرج، ووطؤها فِيهِ لَيْسَ بكبيرة، قَالَه فِي الْإِقْنَاع.
والمبتدأة بِدَم صفرَة أَو كدرة تجْلِس لمُجَرّد مَا ترَاهُ أَقَله أَي
الْحيض يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ تَغْتَسِل بعده سَوَاء انْقَطع لذَلِك أَو لَا
وَتصلي وتصوم، لِأَن مَا زَاد على أَقَله يحْتَمل الِاسْتِحَاضَة، فَلَا
تتْرك الْوَاجِب بِالشَّكِّ، وَلَا تصلي قبل الْغسْل لوُجُوبه بِالْحيضِ
فَإِن لم يُجَاوز دَمهَا أَكْثَره أَي الْحيض بِأَن انْقَطع لخمسة عشر
يَوْمًا فَمَا دونه اغْتَسَلت أَيْضا إِذا انْقَطع الدَّم فَإِن تكَرر
الدَّم ثَلَاثًا أَي فِي ثَلَاثَة أشهر وَلم يخْتَلف وَلَا تثبت
(1/94)
الْعَادة بِدُونِ الثَّلَاث فَهُوَ حيض
وَصَارَ عَادَة وتقضى مَا وَجب فِيهِ من صَوْم فرض وَطواف وَنَحْوه، لأَنا
تَبينا فَسَاده. وَيحرم وَطْؤُهَا قبل تكراره. وَلَا يكره إِن طهرت فِي
أَثْنَائِهِ يَوْمًا فَأكْثر بعد غسلهَا، لِأَنَّهَا رَأَتْ النَّقَاء
الْخَالِص. صَححهُ فِي الْإِنْصَاف وَتَصْحِيح الْفُرُوع. وَمَفْهُومه يكره
إِن كَانَ دون يَوْم، وَلَا يُعَارضهُ مَا سبق لِأَنَّهُ فِي الْمُعْتَادَة
وَهَذَا فِي المبتدأة. وَظَاهر الْإِقْنَاع: لَا فرق، ذكره فِي شرح
الْمُنْتَهى. وَإِن أَيِست قبله أَي التّكْرَار ثَلَاثًا أَو لم يعد الدَّم
إِلَيْهَا فَلَا تقضي لأَنا لم نتحقق كَونه حيضا وَالْأَصْل براءتها وَإِن
جاوزه أَي جَاوز دم المبتدأة أَكثر الْحيض فَهِيَ مُسْتَحَاضَة لِأَنَّهُ
لَا يصلح أَن يكون حيضا. والاستحاضة سيلان الدَّم فِي غير زمن الْحيض من
عرق يُقَال لَهُ العاذل، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَقيل الْمُهْملَة حكامها
ابْن سيدة العاذر بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء. تجْلِس
الْمُسْتَحَاضَة أَي تدع نَحْو صَوْم وَصَلَاة. الدَّم المتميز إِن كَانَ
أَي وجدهناك تميز بِأَن كَانَ بعض دَمهَا ثخينا أَو أسود أَو منتنا،
وَبَعضه رَقِيقا أَو أَحْمَر أَو غير منتن وَصلح بِضَم اللَّام وَفتحهَا،
الثخين أَو الْأسود أَو المنتن حيضا بِأَن لم ينقص من الْيَوْم
وَاللَّيْلَة وَلم يزدْ على
(1/95)
الْخَمْسَة عشر يَوْمًا فِي الشَّهْر
الثَّانِي مُتَعَلق ب (تجْلِس) زمن الدَّم الصَّالح حيضا، وَلَا تتَوَقَّف
على تكراره. وَإِلَّا يكن هُنَاكَ تَمْيِيز بِأَن لم يكن بعضه ثخينا أَو
أسود أَو منتنا وَصلح حيضا بِأَن كُله على صفة وَاحِدَة، أَو الْأسود
مِنْهُ وَنَحْوه دون الْيَوْم وَاللَّيْلَة، أَو جَاوز الْخَمْسَة عشر
يَوْمًا فتجلس أقل الْحيض حَتَّى تَتَكَرَّر استحاضتها ثَلَاثَة أشهر لِأَن
الْعَادة لَا تثبت بِدُونِهِ ثمَّ إِذا تكَرر تجْلِس غالبه أَي الْحيض سِتا
أَو سبعا بتحر من أول وَقت ابتدائها إِن عَلمته، أَو من أول كل شهر هلالي
إِن جهلته، أَي وَقت ابتدائها بِالدَّمِ ومستحاضة مُعْتَادَة أَي لَهَا
عَادَة تقدم عَادَتهَا وَلَو كَانَ لَهَا تَمْيِيز ويلزمها الْمُسْتَحَاضَة
وَنَحْوهَا كمن بِهِ سَلس بَوْل أَو مذى أَو جرح لَا يرقأ دَمه أَو رُعَاف
دَائِم غسل الْمحل فَاعل يلْزم الملوث بِالْحَدَثِ لإزالته عَنهُ وعصبه
بِإِسْكَان الْمُهْملَة أَي فعل يمْنَع الْخَارِج حسب الْإِمْكَان من حَشْو
بِقطن، وَشد بِخرقَة مشقوقة الطَّرفَيْنِ تشدها على جنبيها ووسطها على
الْفرج. وَلَا يلْزمهَا إِعَادَة الْغسْل والعصب لكل صَلَاة إِن لم تفرط
ويلزمها الْوضُوء لكل صَلَاة إِن خرج شَيْء وَيسْتَحب لَهَا فَقَط الْغسْل
لكل صَلَاة، وَلَا يَصح وضوؤها وَنَحْوهَا لفرض قبل دُخُول وقته،
لِأَنَّهَا طَهَارَة ضَرُورَة فتقيدت بِالْوَقْتِ كالتيمم وتلزمها
وَنَحْوهَا نِيَّة الاستباحة، وَحرم وَطْؤُهَا أَي الْمُسْتَحَاضَة إِلَّا
مَعَ خوف زنا مِنْهُ أَو مِنْهَا فَإِن
(1/96)
كَانَ خوف أُبِيح وَطْؤُهَا، وَلَو لواجد
الطول لنكاح غَيرهَا خلافًا لِابْنِ عقيل، لِأَن حكمه أخف من حكم الْحيض
ومدته تطول. قَالَ فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه: والشبق الشَّديد كخوف الْعَنَت
فيبيح وَطْؤُهَا وَلَو لم يصل إِلَى حَال تبيح وَطْء الْحَائِض. انْتهى
وَلأَجل شرب دَوَاء مُبَاح يمْنَع الْجِمَاع، ولأنثى شربه لإلقاء نُطْفَة
قبل أَرْبَعِينَ يَوْمًا كَمَا يَأْتِي فِي الْعدَد، ولحصول حيض لأَقْرَب
رَمَضَان لتفطره، ولقطعه لَا فعل الْأَخير بهَا بِلَا علمهَا قَالَه فِي
الْمُنْتَهى. وَقَالَ فِي الْإِقْنَاع. وَلَا يجوز مَا يقطع الْحمل.
وَأكْثر مُدَّة النّفاس وَهُوَ دم ترخيه الرَّحِم مَعَ ولادَة أَو قبلهَا
بيومين أَو ثَلَاث بأمارة أَرْبَعُونَ يَوْمًا من ابْتِدَاء خُرُوج بعض
الْوَلَد. وَلَا تدخل اسْتِحَاضَة فِي مُدَّة نفَاسهَا كَمَا لَا تدخل فِي
مُدَّة حيض لِأَن الحكم للأقوى. وَيثبت حكمه وَلَو بتعديها على نَفسهَا
بِضَرْب أَو شرب دَوَاء غَيرهمَا بِوَضْع مَا يتَبَيَّن فِيهِ خلق
الْإِنْسَان نصا، وَلَو خفِيا، وَيَأْتِي فِي الْعدَد أَن أقل مَا
يتَبَيَّن فِيهِ خلق الْإِنْسَان أحد وَثَمَانُونَ يَوْمًا. وَلَا حد لأقله
فَيثبت حكمه وَلَو بقطرة والنقاء زَمَنه أَي النّفاس طهر كالحيض فتغتسل
وَتفعل مَا تَفْعَلهُ الطاهرات وَيكرهُ الْوَطْء فِيهِ أَي النَّقَاء
زَمَنه بعد الْغسْل لِأَنَّهُ لَا يُؤمن من عود الدَّم فِي زمن الْوَطْء
وَإِن عَاد الدَّم فِي الْأَرْبَعين أَو لم تره عِنْد الْولادَة ثمَّ
رَأَتْهُ فِيهَا فمشكوك فِيهِ أَي فِي كَونه نفاسا أَو فَسَادًا لتعارض
الأمارتين فِيهِ، فتصوم وَتصلي مَعَه وتقضي الصَّوْم الْمَفْرُوض وَنَحْوه
احْتِيَاطًا، وَلَا تُوطأ فِي الْفرج فِي هَذَا الدَّم كالمبتدأة فِي
الدَّم الزَّائِد على أقل الْحيض قبل تكراره.
(1/97)
قَالَ فِي الْمُنْتَهى: وَإِن صَارَت
نفسَاء بتعديها لم تقض الصَّلَاة زمن نفَاسهَا كَمَا لَو كَانَ التَّعَدِّي
من غَيرهَا لِأَن وجود الدَّم لَيْسَ مَعْصِيّة من جِهَتهَا وَلَا يُمكنهَا
قطعه بِخِلَاف سفر الْمعْصِيَة فَإِنَّهُ يُمكنهُ قطعه بِالتَّوْبَةِ أَي
النّفاس كحيض فِي جَمِيع أَحْكَامه من وَطْء وَكَفَّارَة وَنَحْوهمَا
قِيَاسا عَلَيْهِ غير عدَّة أَي فالنفاس لَا يَصح الِاعْتِدَاد بِهِ، وَغير
بُلُوغ فَلَا يحكم ببلوغها من حِين النّفاس كَمَا تقدم ذكر ذَلِك فِي أول
الْحيض، بل من حِين الْإِنْزَال. وَمن ولدت توأمين فَأكْثر، فَأول النّفاس
وَآخره من ابْتِدَاء خُرُوج بعض الْوَلَد الأول، لِأَنَّهُ خرج عقب
الْولادَة فَكَانَ نفاسا وَاحِدًا كحمل وَاحِد وَوَضعه، فَلَو كَانَ
بَينهمَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَأكْثر فَلَا نِفَاس للثَّانِي نصا، لِأَن
الثَّانِي تبع الأول فَلم يعْتَبر فِي آخر النّفاس كأوله بل هُوَ دم فَسَاد
لِأَنَّهُ لَا يصلح حيضا وَلَا نفاسا.
(1/98)
|