كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات

 (كتاب الزَّكَاة)
كتاب الزَّكَاة. واشتقاقها لُغَة من زكا يزكو إِذا نما أَو تطهر، يُقَال زكا الزَّرْع إِذا نما وَزَاد، وَقَالَ تَعَالَى 19 ((قد أَفْلح من زكاها)) أَي طهرهَا من الأدناس وَتطلق على الْمَدْح قَالَ تَعَالَى 19 ((وَلَا تزكوا أَنفسكُم)) ، وعَلى الصّلاح يُقَال: رجل زكى أَي زَائِد الْخَيْر من قوم أزكياء، وزكى القَاضِي الشُّهُود إِذا بَين زيادتهم فِي الْخَيْر، وَسمي المَال الْمخْرج زَكَاة لِأَنَّهُ يزِيد فِي الْمخْرج مِنْهُ ويقيه الْآفَات. وأصل التَّسْمِيَة قَوْله تَعَالَى 19 ((خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا)) . وَهِي أحد أَرْكَان الْإِسْلَام ومبانيه لقَوْله: (بني الْإِسْلَام على خمس. .) فَذكر مِنْهَا إيتَاء الزَّكَاة، وفرضت بِالْمَدِينَةِ وَقيل: فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة بعد زَكَاة الْفطر، وَفِي تَارِيخ ابْن جرير الطَّبَرِيّ أَنَّهَا فرضت فِي السّنة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة، وَقيل فرضت قبل الْهِجْرَة وبينت بعْدهَا. وَهِي حق وَاجِب فِي مَال مَخْصُوص لطائفة مَخْصُوصَة فِي وَقت مَخْصُوص.

(1/243)


تجب الزَّكَاة فِي خَمْسَة أَشْيَاء: أَحدهَا بَهِيمَة الْأَنْعَام وَهِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم، وَالثَّانِي نقد وَهُوَ الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَالثَّالِث عرض تِجَارَة وَيَأْتِي بَيَانهَا، وَالرَّابِع خَارج من الأَرْض وَمَا فِي مَعْنَاهُ كالعسل الْخَارِج من النَّحْل وَالْخَامِس ثمار. فَهَذِهِ الْخَمْسَة تجب فِيهِ الزَّكَاة بِشَرْط إِسْلَام الْمَالِك، فَلَا تجب على الْكَافِر وَلَو مُرْتَدا سَوَاء حكمنَا بِبَقَاء الْملك مَعَ الرِّدَّة أَو بزواله لقَوْله تَعَالَى 19 ((قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف)) وَقَوله (الْإِسْلَام يجب مَا قبله) وبشرط حريَّة لإكمالها فَتجب على الْمبعض بِقدر ملكه، وَلَا تجب على رَقِيق وَلَو مكَاتبا، وَلَا يملك غير الْمكَاتب وَلَو ملك. وبشرط ملك نِصَاب فَلَا زَكَاة فِي مَال غير بَالغ نِصَابا كَمَا يَأْتِي، تَقْرِيبًا فِي الْأَثْمَان وقيم عرُوض التِّجَارَة وتحديدا فِي غَيرهَا، لغير مَحْجُور عَلَيْهِ، فَلَا تجب عَلَيْهِ وَإِن قُلْنَا الدّين غير مَانع، لِأَنَّهُ مَمْنُوع من التَّصَرُّف فِي مَاله حكما وَلَا يحْتَمل الْمُوَاسَاة، حَتَّى لَو كَانَ النّصاب مَغْصُوبًا فَتجب زَكَاته على ربه إِذا قَبضه لما مضى وَيرجع بهَا على غَاصِب. أَو كَانَ ضَالًّا فيزكيه إِذا وجده وبشرط استقراره أَي ذَلِك النّصاب بِوَضْعِهِ فِي نَحْو جرين

(1/244)


وبشرط سَلامَة الْمَالِك من دين ينقص النّصاب، وبشرط مُضِيّ حول كَامِل على نِصَاب تَامّ ويعفى عَن نصف يَوْم إِلَّا فِي معشر وَنَحْوه كالعسل والركاز والمعدن فَلَا يشْتَرط فِيهِ مُضِيّ حول وَإِلَّا فِي نتاج سَائِمَة بِكَسْر النُّون فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط فِيهِ مُضِيّ حول أَيْضا، لِأَنَّهُ يُزكي مَعَ أَصله إِن كَانَ نِصَابا إِذا حَال حوله وَإِلَّا فِي ربح تِجَارَة فَإِن الرِّبْح تبع الرَّأْس فِي حوله إِن كَانَ نِصَابا وَإِن نقص النّصاب فِي بعض الْحول بِبيع صَحِيح وَلَو بِخِيَار أَو ب غَيره أَي البيع كَمَا لَو أبدل نِصَابا تجب الزَّكَاة فِي عينه بِغَيْر جنسه كبقر أَو إبل بغَيْرهَا بِشَرْط أَن لَا يكون فعل ذَلِك قرارا من الزَّكَاة انْقَطع حول النّصاب وَإِن أبدله أَي النّصاب أَو بَاعه بِجِنْسِهِ كغنم بِمثلِهِ وَنَحْوه فَلَا يَنْقَطِع حوله نصا وَإِن اخْتلف نَوعه وَإِذا قبض رب الدّين زَكَّاهُ لما مضى وَإِن كَانَ غَائِبا مَعَ عَبده أَو وَكيله أَو مودعا أَو مسروقا أَو مَدْفُونا منسيا بداره أَو غَيرهَا أَو أَنه وَرثهُ وجهله لعدم علمه بِمَوْت مُوَرِثه أَو جهل عِنْد من هُوَ، فَتجب عَلَيْهِ زَكَاته إِذا قدر عَلَيْهِ. وَشرط لَهَا أَي الزَّكَاة فِي بَهِيمَة أنعام أَي تتَّخذ لدر ونسل وتسمين لَا لعمل، وَشرط لَهَا مَعَ مُضِيّ حول سوم أَيْضا وَهُوَ أَن ترعى الْمُبَاح كل الْحول أَو كثره نصا طرفاأووسطا، فَلَو اشْترى لَهَا مَا ترعاه أَو
جمع لَهَا مَا تَأْكُل من مُبَاح أَو اعتلفت ينفسها أَو عَلفهَا غَاصِب أَو رَبهَا وَلَو حَرَامًا فَلَا زَكَاة فِيهَا لعدم السّوم وَلَا يعْتَبر لَهُ نِيَّة، وَكَذَا الْعلف فَلَو سامت بِنَفسِهَا أَو أسامها غَاصِب وَجَبت الزَّكَاة كغصبه حبا وزرعه فِي أَرض ربه، فِيهِ الْعشْر على مَالِكه كَمَا لَو نبت بِلَا زرع

(1/245)


وَأَقل نِصَاب إبل سَائِمَة بَخَاتِي أَو عراب خمس وفيهَا شَاة إِجْمَاعًا وَفِي الْإِبِل المعيبة شَاة صَحِيحَة تنقص قيمتهَا بِقدر نقص الْإِبِل كشاة الْغنم، فمثلا لَو كَانَت صحاحا بِمِائَة وَكَانَت الشَّاة فِيهَا قيمتهَا خَمْسَة ثمَّ قومت مراضا بِثَمَانِينَ كَانَ نَقصهَا بِسَبَب الْمَرَض عشْرين وَذَلِكَ خمس قيمتهَا لَو كَانَت صحاحا، فَتجب فِيهَا شَاة قيمتهَا أَرْبَعَة بِقدر نقص الْإِبِل وَهُوَ الْخمس من قيمَة الشَّاة وَلَا يُجزئ عَنْهَا بعير نصا وَلَا بقرة وَلَا نصفا شَاة. وَفِي عشر من الْإِبِل شَاتَان، وَفِي خمس عشرَة بَعِيرًا ثَلَاث شِيَاه، وَفِي عشْرين أَربع شِيَاه إِجْمَاعًا، وَالشَّاة إِن كَانَت من الضَّأْن اعْتبر أَن يكون لَهَا سِتَّة أشهر فَأكْثر، وَمن الْمعز اعْتبر لَهَا سنة فَأكْثر كالأضحية، وَتَكون الشَّاة أُنْثَى فَلَا يجزىء الذّكر وَفِي خمس وَعشْرين بنت مَخَاض وَهِي الَّتِي لَهَا سنة وَدخلت فِي الثَّانِيَة سميت بذلك لِأَن أمهَا قد حملت غَالِبا، وَلَيْسَ حمل أمهَا شرطا فِي إجزائها والماخض الْحَامِل وَفِي سِتّ وَثَلَاثِينَ بنت لبون وَهِي الَّتِي لَهَا سنتَانِ سميت بذلك لِأَن أمهَا وضعت غَالِبا، وَلَيْسَ وَضعهَا شرطا أَيْضا. وَفِي سِتّ وَأَرْبَعين حقة، وَهِي الَّتِي لَهَا ثَلَاث سِنِين وَدخلت فِي الرَّابِعَة، لِأَنَّهَا اسْتحقَّت أَن يطرقها الْفَحْل وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جذعه بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهِي الَّتِي لَهَا أَربع سِنِين وَدخلت فِي الْخَامِسَة سميت بذلك لإِسْقَاط سنّهَا، وتجزىء عَنْهَا ثينة بِلَا جيران وَفِي سِتّ وَسبعين بِنْتا لبون إِجْمَاعًا وَفِي إِحْدَى وَتِسْعين حقتان إِجْمَاعًا وَفِي مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين ثَلَاث بَنَات لبون وَلَا شَيْء فِيمَا بَين

(1/246)


الفرضين، وَيُسمى الوقص وَالْعَفو ثمَّ فِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون وَفِي كل خمسين حَقه. وَيتَعَيَّن على ولى صَغِير وَمَجْنُون إِخْرَاج أدون مجزىء، وَلغيره دفع سنّ أَعلَى إِن كَانَ النّصاب معيبا بِلَا أَخذ جبران، وَلَا مدْخل لجبران فِي غير إبل، وَتُؤْخَذ من المراض من إبل وبقر وغنم مَرِيضَة إِذا كَانَ النّصاب كُله كَذَلِك، لِأَن الزَّكَاة مواساة، وَلَيْسَ مِنْهَا أَن يُكَلف غير الَّذِي فِي مَاله، وَلَا اعْتِبَار بقلة الْعَيْب وكثرته لِأَن الْقيمَة تَأتي على ذَلِك لكَون الْمخْرج وسطا فِي الْقيمَة. وَأَقل نِصَاب الْبَقر أَهْلِيَّة كَانَت أَو وحشية ثَلَاثُونَ وفيهَا تبيع، وَهُوَ الَّذِي لَهُ سنة، أَو تبيعه لَهَا سنة سمى بذلك لِأَنَّهُ يتبع أمه، والتبيع قد حَاذَى قرنه أُذُنه غَالِبا وَهُوَ جذع الْبَقر، وَيُجزئ إِخْرَاج مسن عَنهُ: ظَاهره وَلَو كَانَ التبيع عِنْده، لِأَنَّهُ أَنْفَع مِنْهُ وَفِي أَرْبَعِينَ بقرة مُسِنَّة وَهِي الَّتِي لَهَا سنتَانِ وَلَا فرض فِي الْبَقر غير هذَيْن السنين، وتجزىء أُنْثَى أَعلَى مِنْهَا بدلهَا لَا مسن عَنْهَا وَفِي سِتِّينَ تبيعان، ثمَّ إِن زَادَت فَيجب فِي كل ثَلَاثِينَ تبيع وَفِي كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّة وَلَا يجزىء ذكر فِي الذَّكَاة إِلَّا هَذَا وَهُوَ التبيع لوُرُود النَّص فِيهِ، والمسن عَنهُ لِأَنَّهُ خير مِنْهُ، وَإِلَّا ابْن لبون وَحقّ وجذع وَمَا فَوْقه عِنْد عدم بنت مَخَاض عَنْهَا، وَإِلَّا إِذا كَانَ النّصاب من إبل وبقر وغنم كُله ذُكُورا لِأَن الذَّكَاة وَجَبت مواساة فَلَا يكلفها من غير مَاله. وَأَقل نِصَاب الْغنم أَهْلِيَّة كَانَت أَو وحشية أَرْبَعُونَ إِجْمَاعًا فِي الْأَهْلِيَّة فَلَا شَيْء فِيمَا دونهَا وفيهَا أَي الْأَرْبَعين شَاة إِجْمَاعًا (سقط: فِي الْأَهْلِيَّة)

(1/247)


وَفِي مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين شَاتَان وَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَة ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَرْبَعمِائَة شَاة ثمَّ يسْتَقرّ فِي كل مائَة شَاة شَاة وَالشَّاة بنت سنة من الْمعز، وَبنت نصفهَا أَي السّنة وَهُوَ سِتَّة أشهر من الضَّأْن وجوبا فيهمَا، وَتقدم فِي زَكَاة الْإِبِل وَلَا يُؤْخَذ تَيْس حَيْثُ يجزىء ذكر إِلَّا تَيْس ضراب فلساع أَخذه لخيره بِرِضا ربه، وَلَا تُؤْخَذ هرمة وَلَا مَعِيبَة لَا يضحى بهَا نصا إِلَّا أَن يكون الْكل كَذَلِك، وَلَا الربى وَهِي الَّتِي تربي وَلَدهَا وَلَا حَامِل وَلَا طروقة الْفَحْل وَلَا كَرِيمَة وَهِي النفيسة لشرفها وَلَا أكولة إِلَّا إِن شَاءَ رَبهَا الربى وَمَا بعْدهَا لِأَن الْمَنْع لحقه وَله إِسْقَاطه، وَتُؤْخَذ صَغِيرَة من صغَار غنم نَص عَلَيْهِ لَا من إبل وبقر، فَلَا يجزىء فصلان وعجاجيل فَيقوم النّصاب من الْكِبَار وَيقوم الصغار وَتُؤْخَذ عَنْهَا كَبِيرَة بِالْقِسْطِ. والخلطة بِضَم الْخَاء: الشّركَة فِي بَهِيمَة الْأَنْعَام دون غَيرهَا من الْأَمْوَال لَهَا تَأْثِير فِي الزَّكَاة إِيجَابا وإسقاطا وتغليظا وتخفيفا إِن تكن بشرطها تصير الْمَالَيْنِ ك المَال وَالْوَاحد فَإِذا خلط اثْنَان أَو أَكثر من أهل الزَّكَاة فِي نِصَاب من الْمَاشِيَة حولا لم يثبت لَهما حكم الإنفراد فِي بعضه، فحكمهما فِي الزَّكَاة حكم الْوَاحِد، وَيشْتَرط فِي تَأْثِير خلْطَة أَوْصَاف: وَهِي أَن يتَمَيَّز مَا لكل من الخليطين أَو الخلطاء كَأَن يكون لأَحَدهمَا شَاة وَلآخر تِسْعَة وَثَلَاثُونَ، أَو لأربعين إنْسَانا أَرْبَعُونَ شَاة لكل وَاحِد شَاة، نَص عَلَيْهِمَا واشتراكهما فِي مراح بِضَم الْمِيم، وَهُوَ الْمبيت والمأوى، ومسرح

(1/248)


وَهُوَ مَا يجْتَمع فِيهِ ليذْهب إِلَى المراعي، ومحلب وَهُوَ مَوضِع الْحَلب، وفحل، وَهُوَ عدم اخْتِصَاصه فِي طرقه بِأحد الْمَالَيْنِ إِن اتَّحد النَّوْع فَإِن اخْتلف لم يضر اخْتِلَاف فَحل للضَّرُورَة، ومرعى وَهُوَ مَوضِع الرَّعْي وَوَقته، لَا الرَّاعِي وَلَا المشرب وَاشْترط فيهمَا فِي الْإِقْنَاع، وَلَا تعْتَبر نِيَّة الْخلطَة فَلَو كَانَ لأربعين نفسا ذُكُور أَو إناث أَو مُخْتَلفين من أهل الزَّكَاة أَرْبَعُونَ شَاة مختلطة لَزِمَهُم شَاة بِالسَّوِيَّةِ، وَمَعَ انفرادهم لَا يلْزمهُم شَيْء، وَهَذِه الصُّورَة أفادت تَغْلِيظًا، وَلَو كَانَ لثَلَاثَة أنفس مائَة وَعِشْرُونَ شَاة لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ شَاة لَزِمَهُم شَاة وَاحِدَة على كل وَاحِد مِنْهُم ثلثهَا كالشخص الْوَاحِد، وَمَعَ انفرادهم عَلَيْهِم ثَلَاث شِيَاه، وَهَذِه الصُّورَة أفادت تَخْفِيفًا. وَلَا أثر لخلطة من لَيْسَ من أهل الزَّكَاة كالكافر وَالْمكَاتب والمدين دينا يسْتَغْرق مَا بِيَدِهِ وَلَا لخلطة دون نِصَاب، وَلَا لتفرقة الْبلدَانِ فِي غير الْمَاشِيَة وَلَا لخلطة فِي غير السَّائِمَة، نَص عَلَيْهِ. ويجزىء إِخْرَاج بعض الخلطاء بِدُونِ إِذن بَقِيَّتهمْ مَعَ حضورهم وغيبتهم، وَالِاحْتِيَاط بإذنهم خُرُوجًا من خلاف ابْن حمدَان وَنَحْوه. وَمن أخرج مِنْهُم فَوق الْوَاجِب لم يرجع بِالزِّيَادَةِ على خلطائه، وَإِذا كَانَ لرجل سِتُّونَ شَاة بِمحل وَاحِد أَو بمحال مُتَقَارِبَة مَسَافَة قصر كل عشْرين مِنْهُمَا مختلطة بِعشْرين لآخر فعلى الشُّرَكَاء الْجَمِيع شَاة وَاحِدَة نصفهَا على صَاحب السِّتين لِأَن لَهُ نصف المَال، نصفهَا على خلطائه على كل وَاحِد مِنْهُم سدس شَاة مِنْهَا ضما لمَال كل خليط إِلَى مَال الْكل فَيصير كَمَال وَاحِد.

(1/249)


وَإِن كَانَت كل عشْرين من السِّتين مختلطة بِعشر لآخر فعلى رب السِّتين شَاة وَلَا شَيْء على خلطائه لأَنهم لم يختلطوا فِي نِصَاب. وَإِذا كَانَت مَاشِيَة الرجل مُتَفَرِّقَة فِي بلدين فَأكْثر لَا تقصر بَينهمَا الصَّلَاة فَهِيَ كالمجتمعة، وَإِن كَانَ بَينهمَا مَسَافَة قصر فَلِكُل مَال حكم نَفسه فَإِن كَانَ نِصَابا وَجَبت الزَّكَاة وَإِلَّا فَلَا مَا لم تكن خلْطَة.

(1/250)


3 - (فصل)
: فِي زَكَاة الْخَارِج من الأَرْض من الزَّرْع وَالثِّمَار والمعدن والركاز وَالْخَارِج من النَّحْل وَهُوَ عسله. وَتجب الزَّكَاة فِي كل مَكِيل مدخر خرج من الأَرْض نصا فِي حبه من قوت وَغَيره فَتجب فِي كل الْحُبُوب كالحنطة وَالشعِير والذرة والقطنيات بِتَثْلِيث الْقَاف وَتَشْديد الْيَاء وتخفيفها كالباقلاء والحمص والعدس واللوبياء والماش والدخن والجلبانة والكرسنة والحلبة والخشخاش والسمسم وبزر الْبُقُول كلهَا كالهندبا والكرفس وبزر قطونا وَنَحْوهَا وبزر الرياحين جَمِيعهَا وأبازير الْقدر كالكمون والكراويا والحبة السَّوْدَاء والشمر والأنيسون وَحب القنب والخردل والأشنان وبذر القثاء وَالْخيَار والبطيخ والرشاد والفجل وَفِي كل ثَمَر يُكَال ويدخر كالتمر وَالزَّبِيب واللوز والفستق والبندق والسماق، وَمن غير حب كصعتر وأشنان، أَو من ورق شجر يقْصد كسدر وخطمى وآسن والمرسين لَا فِي عناب وتين وتوت وَجوز ومشمش ونبق وزعرور ورمان وخوخ، وخضر كيقطين ولفت وجزر وَنَحْو ذَلِك

(1/251)


وَيشْتَرط لما تجب فِيهِ شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن يبلغ نصابه خَمْسَة أوسق فَلَا تجب فِيمَا دون ذَلِك، والوسق بِكَسْر الْوَاو وَفتحهَا سِتُّونَ صَاعا إِجْمَاعًا لنَصّ الْخَبَر، وَهُوَ خَمْسَة أَرْطَال وَثلث بالعراقي، فَيكون الْخَمْسَة أوسق فِي الْكل ألفا وسِتمِائَة رَطْل بالعراقي، وَهِي ألف وَأَرْبَعمِائَة وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ رطلا وَأَرْبَعَة أَسْبَاع رَطْل بالمصري وَمَا وَافقه. وثلثمائة رَطْل وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رطلا وَسِتَّة أَسْبَاع رَطْل بالدمشقي وَمَا وَافقه، ومائتان وَخَمْسَة وَثَمَانُونَ رطلا وَخَمْسَة أَسْبَاع رَطْل بالحلبي وَمَا وَافقه، ومائتان وَسَبْعَة وَخَمْسُونَ رطلا وَسبع رَطْل بالقدسي وَمَا وَافقه. وبالأرادب جمع أردب وَهُوَ كيل مَعْرُوف بِمصْر سِتَّة أرادب وَربع أردب تَقْرِيبًا. وَالشّرط الثَّانِي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَشرط بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول ملكه أَي النّصاب وَقت وجوب زَكَاة وَهُوَ أَي وَقت الْوُجُوب اشتداد حب وبدو صَلَاح ثَمَر وَهُوَ طيب أكله وَظُهُور نضجه فَلَا تجب فِي مكتسب لقاط وَأُجْرَة حصاد ودياس وَنَحْوه وَلَا فِيمَا يملك إِلَّا بِأَخْذِهِ من الْمُبَاحَات كبطم وزعبل وَهُوَ شعير الْجَبَل وبزر قطونا وكزبرة وعفص وأشنان وسماق سَوَاء أَخذه من موَات أَو نبت فِي أرضه، لِأَنَّهُ لَا يملك إِلَّا بِأَخْذِهِ فَلم يكن وَقت الْوُجُوب فِي ملكه. وتضم ثَمَرَة الْعَام الْوَاحِد بَعْضهَا إِلَى بعض فِي تَكْمِيل نِصَاب

(1/252)


كل مِنْهُمَا إِذا اتَّحد الْجِنْس فَإِن كَانَ لَهُ نخل تحمل فِي السّنة حملين ضم أَحدهمَا إِلَى الآخر كزرع الْعَام الْوَاحِد. وَلَا يسْتَقرّ وجوب الزَّكَاة فِي هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي وَجَبت فِيهَا إِلَّا بجعلها أَي وَضعهَا فِي بيدر وَنَحْوه أَي كجرين ومسطاح. قَالَ فِي الْإِنْصَاف: الجرين يكون بِمصْر وَالْعراق، والبيدر يكون بالمشرق وَالشَّام، والمربد يكون بالحجاز وَهُوَ الْموضع الَّذِي تجمع فِيهِ الثَّمَرَة ليتكامل جفافها، والجوجان يكون بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ مَوضِع تشميسها وتيبيسها ذكره فِي الرِّعَايَة وَغَيرهَا، وَيُسمى بلغَة آخَرين المسطاح وبلغة آخَرين الطبابة. انْتهى. فَدلَّ على أَن مُسَمّى الْجَمِيع وَاحِد. قَالَ فِي شرح الْإِقْنَاع. وَالْوَاجِب من الزَّكَاة عشر أَي وَاحِد من عشرَة إِجْمَاعًا فِي مَا أَي فِي ثَمَر أَو زرع سقى بِلَا مئونة أَي كلفة كَالَّذي يشرب وَهُوَ البعل أَو بغيث أَو سيح وَلَو بإجراء مَاء حفيرة شراه رب الزَّرْع وَالثَّمَر لَهما، وَلَا يُؤثر مئونة حفر نهر وَلَا تَحْويل مَاء فِي سواق وَإِصْلَاح طرقه لِأَنَّهُ لَا بُد مِنْهُ حَتَّى فِي السَّقْي بكلفة وَهُوَ كحرث الأَرْض، وَالْوَاجِب نصفه أَي الْعشْر فِيمَا سقى بهَا أَي المئونة كدوالي وَهِي الدولاب بديره الْبَقر ودلاء صغَار يسْقِي بهَا، ونواضح وَاحِدهَا نَاضِح وناضحة اسْم الْبَعِير الَّذِي يسْقِي عَلَيْهِ، وناعورة يديرها المَاء. وَالْوَاجِب ثَلَاثَة أَرْبَاعه أَي الْعشْر فِيمَا بهما أَي بالمئونة وَغَيرهَا نِصْفَيْنِ فَإِن تَفَاوتا أَي السقى بالمئونة وبغيرها بِأَن سقى بِأَحَدِهِمَا أَكثر من الآخر اعْتبر الْأَكْثَر من السقيتين نفعا ونموا نصا. فَلَا

(1/253)


اعْتِبَار بِعَدَد السقيات وَمَعَ الْجَهْل أَي الْجَهْل بِمِقْدَار السقى فَلم يدر أَيهمَا أَكثر أَو جهل الْأَكْثَر نفعا ونموا فَالْوَاجِب الْعشْر. وَسن لإِمَام بعث خارص لثمرة الْكَرم وَالنَّخْل إِذا بدا صَلَاحهَا، وَيَكْفِي خارص وَاحِد، وَيعْتَبر كَونه مُسلما أَمينا لَا يتهم، وأجرته على رب المَال، وَإِن لم يبْعَث الإِمَام خارصا فعلى رب المَال مَا يَفْعَله خارص ليعرف قدر مَا يجب عَلَيْهِ قبل تصرفه وَله الْخرص كَيفَ شَاءَ، وَيجب خرص متنوع وتزكيته كل نوع على حِدة، وَلَو شقا وَيجب أَن يتْرك الخارص لرب المَال الثُّلُث أَو الرّبع فيجتهد بِحَسب الْمصلحَة، فَإِن أَبى الخارص فلرب المَال أكل قدر ذَلِك من ثَمَر نصا لَهُ ولعياله وَمَا يَحْتَاجهُ لَهُ ولعياله لَا يحْتَسب عَلَيْهِ. وَلَا يهدى من الْحُبُوب شَيْئا قبل إِخْرَاج الزَّكَاة، وَأما الثِّمَار فَالثُّلُث أَو الرّبع الَّذِي ترك لَهُ يتَصَرَّف فِيهِ كَيفَ شَاءَ، وَلَا يكمل النّصاب بِالْقدرِ الْمَتْرُوك لرب المَال إِن أكله نصا. وَإِن لم يَأْكُلهُ كمل بِهِ النّصاب ثمَّ يَأْخُذ زَكَاة مَا سواهُ بِالْقِسْطِ، وَلَا يخرص غير كرم ونخل زَكَاة، يجب إِخْرَاج الْحبّ مصفى وَالثَّمَر يَابسا، فَلَو خَالف فَأخْرج سنبلا ورطبا وَعِنَبًا لم يُجزئهُ وَوَقع نفلا، فَلَو كَانَ الْآخِذ السَّاعِي فَإِن جففه وصفاه فجَاء قدر الْوَاجِب أَجْزَأَ وَإِلَّا رد الْفَاضِل إِن زَاد واخذ النَّقْص، إِن نقص، وَإِن بَقِي بِيَدِهِ وَلم يجففه رده

(1/254)


لمَالِكه لفساد الْقَبْض وطالبه بِالْوَاجِبِ، وَإِن تلف بيد السَّاعِي رد بدله فَيكون مَضْمُونا على السَّاعِي. وَيجب فِي الْعَسَل من النَّحْل الْعشْر نصا سَوَاء أَخذه من موَات كرءوس الْجبَال أَو من أَرض مَمْلُوكَة لَهُ وَلغيره وَعشر أَو خَرَاجِيَّة لِأَن الْعَسَل لَا يملك الأَرْض كالصيد، وَمحل الْوُجُوب فِيهِ إِذا بلغ نِصَابا مائَة وَسِتِّينَ رطلا عراقية وَهِي أَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ رطلا وَسبعا رَطْل دمشقي، وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ رطلا وَسِتَّة أَسْبَاع رَطْل حَلَبِيّ وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ رطلا وَخَمْسَة أَسْبَاع رَطْل قدسي وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ رطلا وَسِتَّة أَسْبَاع رَطْل بعلي. وَلَا تكَرر زَكَاة معشرات فَمَتَى زَكَّاهُ فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَلَو بقيت عِنْده أحوالا. وتضمين أَمْوَال الْعشْر وَالْخَرَاج بِقدر مَعْلُوم بَاطِل. وَلَا زَكَاة فِيمَا ينزل من السَّمَاء كالمن وَنَحْوه. وَمن اسْتِخْرَاج من مَعْدن بِكَسْر الدَّال وَهُوَ كل متولد فِي الأَرْض من غير جِنْسهَا نِصَابا من ذهب أَو فضَّة أَو مَا يبلغ فيمة أَحدهمَا من غَيرهمَا بعد سبك وتصفية، منطبعا كَانَ كصفر ورصاص وحديد، أَو غير منطبع كياقوت وبلخش وعقيق وَزَبَرْجَد ومومياء ونورة وبشم وزاج وبلور وزفت وكحل ومغرة وملح وزئبق وزجاج وقار ونفط وسندورس فَفِيهِ أَي فِي مَا استخرج مِمَّا ذكر الزَّكَاة وَهِي ربع الْعشْر يجب إِخْرَاجه فِي الْحَال من عينهَا إِن كَانَت أثمانا، أَو من قيمتهَا إِن لم

(1/255)


تكن أثمانا، سَوَاء استخرجه فِي دفْعَة أَو دفعات لم يتْرك الْعَمَل فِيهَا ترك إهمال. وَحده ثَلَاثَة أَيَّام. حَكَاهُ فِي الْمُبْدع عَن ابْن المنجى، إِن لم يكن عذر، فَإِن كَانَ فبزواله فَلَا أثر لتَركه لإِصْلَاح آلَة وَمرض وسفر يسير وَنَحْو ذَلِك. وَلَا زَكَاة فِيمَا يخرج من الْبَحْر كَاللُّؤْلُؤِ والمرجان والعنبر وَغَيره وَلَا فِي حيوانه وَيجب فِي الرِّكَاز وَهُوَ الْكَنْز الْخمس فِي الْحَال مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ قَلِيلا أَو كثيرا، نَقْدا أَو عرضا، وَسَوَاء كَانَ واجده مُسلما أَو ذَمِيمًا، كَبِيرا أَو صَغِيرا، حرا أَو مكَاتبا، عَاقِلا أَو مَجْنُونا، فَإِن وجده عبد فَهُوَ من كَسبه فَيكون لسَيِّده، وَهُوَ أَي الرِّكَاز من ركز يركز كغرز يغرز إِذا أُخْفِي، وَمِنْه ركزت الرمْح إِذا أخفيت أَصله، وَمِنْه الركز وَهُوَ الصَّوْت الْخَفي، فَهُوَ لُغَة المَال المدفون، وَاصْطِلَاحا مَا وجد من دفن الْجَاهِلِيَّة أَو مِمَّن تقدم من كفار فِي الْجُمْلَة، عَلَيْهِ أَو على بعضه عَلامَة كفر فَقَط كأسمائهم وَأَسْمَاء مُلُوكهمْ. وَلَا يمْنَع وُجُوبه دين، ومصرفه مصرف الْفَيْء الْمُطلق للْمصَالح كلهَا، وباقية لواجده وَلَو أَجِيرا لنَحْو نقض حَائِض أَو حفر بِئْر، إِلَّا أَن يكون أَجِيرا لطلبه فَيكون لمستأجره.

(1/256)


3 - (فصل)
فِي زَكَاة الذَّهَب وَالْفِضَّة وَحكم التحلي بهما للرِّجَال وَالنِّسَاء. وَأَقل نِصَاب ذهب عشرُون مِثْقَالا فِيهَا ربع الْعشْر وَيَأْتِي، والمثقال دِرْهَم وَثَلَاثَة أَسْبَاع دِرْهَم. وَلم تغير المثاقيل فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام، وبالدراهم الإسلامية ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ درهما وَأَرْبَعَة أَسْبَاع دِرْهَم، وبدينار الْوَقْت الْآن الَّذِي زنته دِرْهَم وَثمن دِرْهَم على التَّحْدِيد خَمْسَة وَعِشْرُونَ دِينَارا وَسبعا دِينَار وَتِسْعَة وَأَقل نِصَاب فضَّة مِائَتَا دِرْهَم إسلامي إِجْمَاعًا، فالاعتبار بالدرهم الإسلامي الَّذِي زنته سِتَّة دوانق وَهِي بالمثاقيل مائَة وَأَرْبَعُونَ مِثْقَالا، وَفِيهِمَا ريع الْعشْر. ويضمان الذَّهَب وَالْفِضَّة، يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فِي تَكْمِيل النّصاب لِأَن زكاتهما ومقاصدهما متفقة، فَمن ملك عشرَة مَثَاقِيل ذهب وَمِائَة دِرْهَم زكاهما، وَمن ملك مائَة دِرْهَم وَتِسْعَة مَثَاقِيل تَسَاوِي مائَة دِرْهَم، أَو ملك عشرَة مَثَاقِيل ذهب وَتِسْعين درهما تبلغ قيمتهَا عشرَة مَثَاقِيل

(1/257)


ذهب، وعروض تِجَارَة تَسَاوِي خَمْسَة مَثَاقِيل وَخمسين درهما أَو ملك مائَة دِرْهَم وعروض تِجَارَة تَسَاوِي خمسين درهما وَخَمْسَة مَثَاقِيل ذَهَبا، ضمهَا وزكاها وجوبا. وتضم الْعرُوض أَيْضا إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَي الذَّهَب وَالْفِضَّة كمن ملك عشرَة مَثَاقِيل ذَهَبا وعروضا تَسَاوِي عشرَة أُخْرَى، أَو كَانَ لَهُ مائَة دِرْهَم ومتاع يُسَاوِي مائَة أُخْرَى. ويزكي مغشوش، واتخاذه نَص عَلَيْهِ وَيجوز الْمُعَامَلَة بِهِ مَعَ الْكَرَاهَة إِذا أعلمهُ مغشوشة وَإِن جهل قدر الْغِشّ. قَالَ الشَّيْخ 16 (تَقِيّ الدّين) : والكيمياء غش فَتحرم، وَهِي تَشْبِيه الْمَصْنُوع من ذهب أَو فضَّة بالمخلوق، بَاطِلَة فِي الْعقل مُحرمَة بِلَا نزاع بَين عُلَمَاء الْمُسلمين وَإِن ثبتَتْ على الروباص، وَالْقَوْل بِأَن قَارون عَملهَا بَاطِل. وَالْوَاجِب فيهمَا أَي الذَّهَب وَالْفِضَّة ربع الْعشْر مضروبين أَو غير مضروبين، وَتقدم، وَلَا تدخل فيهمَا الْفُلُوس وَلَو رائجة.
وأبيح لرجل وَخُنْثَى من الْفضة خَاتم لِأَنَّهُ اتخذ خَاتمًا من ورق مُتَّفق عَلَيْهِ. ويخنصر يسَار أفضل، نصا. وَيجْعَل فصه مِمَّا يَلِي كَفه، وَكره بسبابة ووسطى، وَظَاهره لَا يكره بالإبهام والبنصر، وَلَا بَأْس بجعله مِثْقَالا فَأكْثر مَا لم يخرج عَن الْعَادة وَإِلَّا حرم، وَله جعل فصل مِنْهُ أَو من غَيره وَلَو من ذهب إِن كَانَ يَسِيرا، قَالَه فِي

(1/258)


الْإِقْنَاع، وَلبس خاتمين فَأكْثر الْأَظْهر الْجَوَاز وَعدم وجوب الزَّكَاة قَالَه فِي الْإِنْصَاف. وَكره أَن يكْتب على خَاتم ذكر الله تَعَالَى قُرْآنًا أَو غَيره نصا. وَكره لرجل وَامْرَأَة تختم بحديد ونحاس ورصاص وصفر، وَيسْتَحب بعقيق وأبيح لرجل من الْفضة أَيْضا قبيعة سيف وَحلية منْطقَة وَهُوَ مَا يشد بِهِ الْوسط وتسميها الْعَامَّة حياصة وعَلى قِيَاسه حلية جوشن وَنَحْوه كخف وران وَهُوَ شَيْء يلبس تَحت الْخُف، وخوذة وحمائل وَسيف وأبيح من الذَّهَب قبيعة سيف وَقد ذكر ابْن عقيل أَن قبيعة سيف النَّبِي ثَمَانِيَة مَثَاقِيل وَحَكَاهُ فِي الْمُبْدع عَن الإِمَام أَحْمد، وَقَالَ: يحْتَمل أَنَّهَا كَانَت ذَهَبا وَفِضة وأبيح من الذَّهَب أَيْضا مَا دعت إِلَيْهِ الْحَاجة لضَرُورَة كأنف وَإِن أمكن اتِّخَاذه من فضَّة، وَشد سنّ وأبيح لِنسَاء مِنْهُمَا الذَّهَب وَالْفِضَّة مَا جرت عادتهن بلبسه وَلَو زَاد على ألف مِثْقَال كسوار ودملج وقرط وطوق وخلخال وَخَاتم وَمَا فِي المخانق والمقالد من حرائز وتعاويذ وأكر، قَالَ جمع: والتاج حَتَّى دَرَاهِم ودنانير معراة أَو فِي مُرْسلَة. وللرجل وَالْمَرْأَة التحلي بالجوهر والياقوت والزبرجد والزمرد والبلخش واللؤلؤ وَنَحْوه من المعانة وَلَا زَكَاة فِيهِ إِلَّا أَن يعد للكرى أَو للتِّجَارَة وَلَا زَكَاة فِي حلى مُبَاح أعد لاستعمال أَو عَارِية وَلَو لم يعر

(1/259)


أَو يلبس أَو لمن يحرم عَلَيْهِ كَرجل يتَّخذ حلى النِّسَاء لإعارتهن وَامْرَأَة تتَّخذ حلى الرِّجَال لإعارتهم لَا فَارًّا مِنْهَا، وَإِن كَانَ الْحلِيّ ليتيم لَا يلبس فلولية إعارته فَإِن أَعَارَهُ فَلَا زَكَاة وَإِلَّا فَفِيهِ الزَّكَاة نصا، وَأما الْحلِيّ الْمحرم كطوق الرجل وخاتمه الذَّهَب وحليه مراكب الْحَيَوَان ولباس الْخَيل كاللجم والسرج والمرآة والمشط والمكحلة والميل والمسرجة والمروحة والمشربة والمدهنة والمسعط والمجمرة والملعقة والقنديل والآنية وَحلية كتب الْعلم لَا الْمُصحف بل مَكْرُوهَة والمقلمة والدواة، وَمَا أعد للكرى كحلي المواشط نصا سَوَاء حل لبسه لمتخذه أم لَا فَفِيهِ الزَّكَاة إِن بلغ نِصَابا،. وَإِن انْكَسَرَ الْحلِيّ وَأمكن لبسه كانشقاقه وَنَحْوه فكالصحيح، وَإِن لم يُمكن لبسه فَإِن لم يحْتَج فِي إِصْلَاحه إِلَى سبك وتجديد صَنْعَة وَنوى إِصْلَاحه فَلَا زَكَاة فِيهِ وَإِن نوى كَسره أَو لم ينْو شَيْئا فَفِيهِ الزَّكَاة، وَإِن احْتَاجَ إِلَى تَجْدِيد صَنْعَة زَكَاة إِلَى أَن يجدد صنعه كالسبيكة الَّتِي يُرِيد يَجْعَلهَا حليا. وَيجب تَقْوِيم عرُوض التِّجَارَة وَالْعرض بِإِسْكَان الرَّاء مَا يعد للْبيع وَالشِّرَاء لأجل الرِّبْح، وَبِفَتْحِهَا كَثْرَة المَال وَالْمَتَاع، عِنْد تَمام الْحول بالأحظ للْفُقَرَاء مِنْهُمَا أَي الذَّهَب وَالْفِضَّة كَأَن تبلغ قِيمَته نِصَابا بِأَحَدِهِمَا دون الآخر فَيقوم بِهِ لَا بِمَا اشْترى بِهِ وَتخرج من قِيمَته أَي الْعرض. وَمن عِنْده عرض للتِّجَارَة فنواه للْقنية ثمَّ نَوَاه للتِّجَارَة لم يصر للتِّجَارَة بِمُجَرَّد النِّيَّة إِلَّا حلي لبس إِذا نوى بِهِ التِّجَارَة فَإِنَّهُ يصير لَهَا لمُجَرّد النِّيَّة.

(1/260)


وَلَا عِبْرَة بنقصه بعد تقويمه وَلَا بِزِيَادَتِهِ، إِلَّا المقنية فتقوم ساذجة، وَلَا بِقِيمَة آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة بل بوزنها، وَلَا بِمَا فِيهِ صناعَة مُحرمَة فَيقوم عَارِيا عَنْهَا، وَإِن اشْترى إِنْسَان أَو بَاعَ عرضا للتِّجَارَة بنصاب من الْأَثْمَان أَو من الْعرُوض غير سَائِمَة بني على حوله الأول وفَاقا، وَإِن اشْترى عرض تِجَارَة بنصاب سَائِمَة أَو بَاعه بنصاب مِنْهَا لم يبن على حوله لاختلافهما فِي النّصاب وَالْوَاجِب قَالَه فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه.

(1/261)


3 - (فصل)
فِي بينان أَحْكَام الْفطْرَة. وَتجب الْفطْرَة وَهِي صَدَقَة وَاجِبَة بِالْفطرِ من آخر رَمَضَان طهرة للصَّائِم من الرَّفَث واللغو وطعمة للْمَسَاكِين وَتسَمى فرضا ومصرفها كَزَكَاة على كل مُسلم حر وَلَو من أهل الْبَادِيَة ومكاتب ذكرا أَو أُنْثَى كَبِيرا أَو صَغِيرا وَلَو يَتِيما فَتجب فِي مَاله، نَص عَلَيْهِ، كَزَكَاة المَال وَيخرج عَنهُ وليه من مَاله، وعَلى سيد مُسلم عَن عَبده الْمُسلم وَلَو للتِّجَارَة حَتَّى زَوْجَة عبد حرَّة، وَكَذَا زَوْجَة وَالِده وَولده إِذا كَانَت تجب عَلَيْهِ إِذا كَانَت الْفطْرَة فاضلة مُتَعَلق بتجب عَن نَفَقَة وَاجِبَة كَنَفَقَة زَوْجَة وَعبد يَوْم الْعِيد وَلَيْلَته مُتَعَلق بفاضلة وَإِذا كَانَت فاضلة عَن حوائج أَصْلِيَّة، كمسكن وخادم ودابة وَثيَاب بذلة وَكتب علم يحتاجها لنظر وَحفظ وَفرض وغطاء وَنَحْوه فَيخرج عَن نَفسه وَعَن كل مُسلم يمونه، فَإِن لم يجد لجميعهم بَدَأَ بِنَفسِهِ لُزُوما ثمَّ بامرأته وَلَو أمة سلمهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لوُجُوب نَفَقَتهَا مَعَ يسر الزَّوْج وعسره وحضوره وغيببته ثمَّ برقيقه، ثمَّ بِأُمِّهِ ثمَّ بِأَبِيهِ، ثمَّ بولده ثمَّ على تَرْتِيب الْمِيرَاث،

(1/262)


وَمن تبرع بمئونة شخص رَمَضَان كُله لَزِمته فطرته نصا، لَا إِن مانه بعضه، أَو جمَاعَة وَلَا يلْزم الزَّوْج فطْرَة نَاشِزَة وَقت الْوُجُوب وَلَو حَامِلا. وَتسن الْفطْرَة عَن جَنِين. وَتجب بغروب الشَّمْس لَيْلَة عيد الْفطر فَمن أسلم بعد ذَلِك أَو تزوج أَو ولد لَهُ ولد أَو ملك عبدا أَو كَانَ مُعسرا وَقت الْوُجُوب ثمَّ أيسر بعده، فَلَا فطْرَة عَلَيْهِ. وَإِن وجد ذَلِك قبل الْغُرُوب وَجَبت.
تَتِمَّة قَالَ فِي الاختيارات: من عجز عَن صَدَقَة الْفطر وَقت وُجُوبهَا عَلَيْهِ ثمَّ أيسر وأداها فقد أحسن. انْتهى
وَإِن مَاتَ قبل الْغُرُوب هُوَ أَو زَوجته أَو رَقِيقه أَو قَرِيبه وَنَحْوه أَو عسر أَو أبان الزَّوْجَة أَو أعتق العَبْد أَو بَاعه أَو وهبه وَنَحْوه فَلَا فطر عَلَيْهِ. وَلَا تسْقط بعد وُجُوبهَا بِمَوْت وَلَا غَيره، وَلَا يمْنَع وُجُوبهَا دين إِلَّا أَن يكون مطالبا بِهِ. وَتجوز الْفطْرَة أَي إخْرَاجهَا قبله أَي قبيل يَوْم الْعِيد بِيَوْم أَو بيومين فَقَط نَص عَلَيْهِ وَآخر وَقتهَا غرُوب شمس يَوْم الْفطر وإخراجها يَوْمه أَي يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة أفضل، وَتكره أَي يكره إخْرَاجهَا فِي بَاقِيه أَي بَاقِي يَوْم الْعِيد لكَونه خَالف الْأَمر بِالْإِخْرَاجِ قبل الْخُرُوج إِلَى الْمصلى وَيحرم تَأْخِيرهَا الْفطْرَة عَنهُ أَي يَوْم الْعِيد وتقضى بعده

(1/263)


وجوبا، وَهِي صَاع عراقي على كل شخص، لِأَنَّهُ الَّذِي أخرج بِهِ على عهد رَسُول الله. وَهِي أَربع حفنات بكفي رجل معتدل الْقَامَة. وحكمته كِفَايَة الْفَقِير أَيَّام الْعِيد من بر بَيَان لصاع أَو من شعير أَو من سويقهما أَي الْبر وَالشعِير أَو من دقيقهما إِذا كَانَ وزن الْحبّ فَيُجزئ وَلَو بِلَا نخل كحب بِلَا تنقية أَو من تمر أَو زبيب أَو أقط قَالَ الْأَزْهَرِي: هُوَ اللَّبن المخيض يطْبخ وَيتْرك حَتَّى يمصل، وَقيل: من لبن الْإِبِل فَقَط، ويجزىء صَاع من مَجْمُوع ذَلِك. فَإِن خالط الْمخْرج مَالا يجزىء وَكثر لم يُجزئهُ، وَإِن قل زَاد بِقدر مَا يكون مصفى صاعاوالأفضل تمر مُطلقًا نصا لِأَنَّهُ قوت وحلاوة أقرب تناولا وَأَقل كلفة فزبيب لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فبر لِأَنَّهُ أَنْفَع فِي الأقتيات وأبلغ فِي دفع حَاجَة الْفَقِير فأنفع للْفَقِير، ثمَّ شعير، ثمَّ دَقِيق بر، ثمَّ دَقِيق شعير، ثمَّ سويق بر، ثمَّ سويق شعير، ثمَّ أقط.
وَلَا يجزىء غير هَذِه الْأَصْنَاف الْخَمْسَة مَعَ قدرَة على تَحْصِيلهَا كالدبس والمصل والجبن فَإِن عدمت هَذِه الْخَمْسَة أجزأء كل حب وثمر يقتات كذرة ودخن وأرز وماش، وتين وتوت يابسين، وَلَا يجزىء حب مبلول وَلَا قديم تغير طعمه وَلَا خبز. وَيجوز إِعْطَاء جمَاعَة من الْفُقَرَاء مَا يلْزم الْوَاحِد من الْفطْرَة وَيجوز عَكسه أَي إِعْطَاء فَقير وَاحِد مَا يلْزم الْجَمَاعَة، ولفقير إِخْرَاج فطْرَة وَزَكَاة عَن نَفسه إِلَى من أخذتا مِنْهُ مَا لم تكن حِيلَة.

(1/264)


3 - (فصل)
فِي بَيَان إِخْرَاج الزَّكَاة وَمن تصرف إِلَيْهِ الزَّكَاة وَصدقَة التَّطَوُّع. وَيجب إِخْرَاج زَكَاة على الْفَوْر مَعَ إِمْكَانه أَي الْإِخْرَاج، وَلَا يجوز تَأْخِيرهَا عَن وَقت الْوُجُوب كنذر مُطلق وَكَفَّارَة إِلَّا أَن يخَاف ضَرَرا كرجوع ساع أَو خوف على نَفسه أَو مَاله وَنَحْوه، أَو كَانَ فَقِيرا مُحْتَاجا إِلَى زَكَاته تختل كِفَايَته ومعيشته بإخراجها نَص عَلَيْهِ، وَتُؤْخَذ مِنْهُ عِنْد يسَاره لما مضى، قَالَ فِي الْإِقْنَاع أَو أَخّرهَا ليعطيها لمن حَاجته أَشد من غَيره أَو قريب أَو جَار لتعذر إخْرَاجهَا من النّصاب لغيبة المَال، وَلَو قدر على الْإِخْرَاج من غَيره. فَلَو جحد وُجُوبهَا جهلا بِهِ وَمثله يجهله كقريب عهد بِالْإِسْلَامِ أَو نشوئه ببادية بعيدَة عرف ذَلِك وَنهى عَن المعاودة، فَإِن أصر وَكَانَ عَالما بِوُجُوبِهَا كفر إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ مكذب الله وَرَسُول الله وَإِجْمَاع الْأمة. وَلَو أخرجهَا جاحدا، وَأخذت مِنْهُ إِن كَانَت وَجَبت استتيب ثَلَاثَة أَيَّام وجوبا فَإِن لم يتب قتل كفرا وجوبا. وَمن منعهَا بخلا وتهاونا أخذت مِنْهُ وعزره إِمَام عدل فِيهَا أَو عَامل

(1/265)


زَكَاة مَا لم يكن جَاهِلا بِتَحْرِيم ذَلِك. وَإِن غيب مَاله أَو كتمه وَأمكن أَخذهَا أخذت من غير زِيَادَة. وَإِن لم يكن يُمكن استتيب ثَلَاثَة أَيَّام وجوبا فَإِن تَابَ وَأخرج كف عَنهُ وَإِلَّا قتل حدا لَا كفرا وَأخذت من تركته وَيخرج ولي صَغِير وَولي مَجْنُون فِي مَال عَنْهُمَا نَص عَلَيْهِ. وَشرط لَهُ الْإِخْرَاج نِيَّة من مُكَلّف إِلَّا أَن تُؤْخَذ قهرا أَو يغيب مَاله أَو يتَعَذَّر الْوُصُول إِلَى الْمَالِك بِحَبْس أَو أسر فيأخذها السَّاعِي فتجزىء طَاهِرا. وَبَاطنا فِي الْأَخِيرَة، وَفِي الْأَوليين ظَاهرا فَقَط. وَالْأولَى قرن النِّيَّة بِالدفع. وَله تَقْدِيمهَا بِزَمن يسير كَصَلَاة فينوي الزَّكَاة أَو الصَّدَقَة الْوَاجِبَة أَو صَدَقَة المَال لَا صَدَقَة مُطلقَة وَلَو تصدق بِجَمِيعِ مَاله. وَلَا تجب نِيَّة فرض. وَلَو وكل رب المَال فِي إخْرَاجهَا مُسلما ثِقَة نصا أَجْزَأت نِيَّة الْمُوكل مَعَ قرب الْإِخْرَاج، وَإِلَّا نوى الْوَكِيل أَيْضا. وَالْأَفْضَل جعل زَكَاة كل مَال فِي فُقَرَاء بَلَده. وَحرم نقلهَا أَي الزَّكَاة سَوَاء كَانَ لرحم أَو لشدَّة حَاجَة أَو ثغر أَو غَيره إِلَى مَسَافَة قصر إِن وجد أَهلهَا فِي بلد المَال، فَإِن خَالف وَفعل أَجْزَأت. وَله نقل كَفَّارَة وَنذر وَصدقَة نقل وَوَصِيَّة مُطلقَة إِلَى مَسَافَة قصر فَإِن كَانَ الْمُزَكي فِي بلد وَكَانَ مَاله فِي بلد آخر أَو فِي أَكثر أخرج زَكَاة المَال فِي بلد المَال وَأخرج فطرته وفطرة لَزِمته فِي بلد نَفسه أَي الْمُزَكي.

(1/266)


وَيجوز تَعْجِيلهَا أَي الزَّكَاة لحولين فَقَط بعد كَمَال النّصاب لَا مِنْهُ للحولين، وَتَركه أفضل وَلَا تدفع الزَّكَاة إِلَّا إِلَى الْأَصْنَاف الثَّمَانِية الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن، فَلَا يجوز صرفهَا إِلَى غَيرهم من الْأَصْنَاف كبناء الْمَسَاجِد والقناطر وتكفين الْمَوْتَى وسد البثوق ووقف الْمَصَاحِف وَنَحْوهَا لقَوْله تَعَالَى 19 ((إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء)) الْآيَة وهم الْأَصْنَاف الثَّمَانِية: الْفُقَرَاء جمع فَقير وَهُوَ من لَا يجد شَيْئا أَلْبَتَّة أَو يَجدونَ نصف كِفَايَة، وَالثَّانِي الْمَسَاكِين جمع مِسْكين وَهُوَ من يجد مُعظم الْكِفَايَة أَو نصفهَا، وَإِن تفرغ قَادر على التكسب للْعلم الشَّرْعِيّ لَا لعبادة وَتعذر الْجمع أعْطى، وَالثَّالِث الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا أَي الزَّكَاة، جمع عَامل كجاب وَكَاتب وقاسم وحافظ، وَشرط كَون الْعَامِل مُكَلّفا مُسلما أَمينا كَافِيا من غير ذَوي الْقُرْبَى وَلَو غَنِيا أَو قِنَا، وَالرَّابِع الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم جمع مؤلف وَهُوَ السَّيِّد المطاع فِي عشريته مِمَّن يُرْجَى إِسْلَامه أَو يخْشَى شَره بعطيته قُوَّة إيمَانه أَو إِسْلَام نَظِيره أَو جبايتها مِمَّن لَا يُعْطِيهَا، وَيُعْطى مَا يحصل بِهِ التَّأْلِيف. وَالْخَامِس فِي الرّقاب وهم المكاتبون الْمُسلمُونَ الَّذين لَا يَجدونَ وَفَاء دين وَلَو مَعَ قدرتهم على التكسب، وَالسَّادِس الغارمون جمع غَارِم وَهُوَ ضَرْبَان، الأول من تدين لإِصْلَاح ذَات الْبَين أَو تحمل إتلافا أَو نهبا من غَيره وَلَو غَنِيا وَلم يدْفع من مَاله،

(1/267)


وَالثَّانِي إِذا تدين لشراء نَفسه من كفار أَو تدين لنَفسِهِ فِي مُبَاح، أَو محرم وَتَابَ عَنهُ وأعسر فيعطي وَفَاء دينه، وَلَا يقْضِي مِنْهَا دين على ميت، وَالسَّابِع فِي سَبِيل الله وَهُوَ الْغَازِي فَيعْطى وَلَو غَنِيا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ لغزوه، ويجزىء لحج فرض فَقير وعمرته، وَالثَّامِن ابْن السَّبِيل وَهُوَ الْغَرِيب الْمُنْقَطع بِغَيْر بَلَده فِي سفر مُبَاح أَو محرم وَتَابَ مِنْهُ لَا فِي مَكْرُوه وتنزهه، وَيُعْطى وَلَو وجد من يقْرضهُ مَا يبلغهُ بَلَده أَو مُنْتَهى قَصده وَعوده، وَمن أُبِيح لَهُ أَخذ الشَّيْء أُبِيح لَهُ سُؤَاله. وَيجب قبُول مَال أَتَى بِلَا مَسْأَلَة وَلَا استشراف نفس، وَيجوز الِاقْتِصَار فِي إيتَاء الزَّكَاة على إِنْسَان وَاحِد من صنف وَهُوَ قَول عمر وَحُذَيْفَة وَابْن عَبَّاس وَلَو غَرِيمه أَو مكَاتبه مَا لم تكن حِيلَة، قَالَ القَاضِي: معنى الْحِيلَة أَن يُعْطِيهِ بِشَرْط أَن يردهَا عَلَيْهِ من دينه لِأَن من شَرطهَا تَمْلِيكًا صَحِيحا. فَإِذا شَرط الرُّجُوع لم يُوجد وَإِن رد الْغَرِيم من نَفسه مَا قَبضه وَفَاء عَن دينه من غير شَرط وَلَا مواطأة جَازَ، ذكره فِي الْإِقْنَاع، وَمن فِيهِ سببان أَخذ بهما كفقير غَارِم أَو ابْن سَبِيل وَالْأَفْضَل تعميمهم أَي أهل الزَّكَاة والتسوية بَينهم، وَتسن الزَّكَاة أَي دَفعهَا إِلَى من لَا تلْزمهُ مُؤْنَته من أَقَاربه كذوي رَحمَه من نَحْو أَخ أَو ابْن عَم على قدر حَاجَة فيزيد ذَا الْحَاجة

(1/268)


بِقدر حَاجته لحَدِيث (صدقتك على ذِي الْقَرَابَة صَدَقَة وصلَة) وَيبدأ بأقرب فأقرب، وَلَا تدفع الزَّكَاة لبني هَاشم وهم سلالته، فَدخل آل عَبَّاس بن عبد الْمطلب وَآل عَليّ وَآل جَعْفَر وَآل عقيل وَآل حَارِث بن عبد الْمطلب وَآل أبي لَهب، فَلَا يُعْطون من الزَّكَاة سَوَاء أعْطوا من الْخمس أَو لَا مَا لم يَكُونُوا غزَاة أَو مؤلفة أَو غارمين لإِصْلَاح ذَات الْبَين. وَلَا تدفع الزَّكَاة أَيْضا ل مواليهم أَي موَالِي بني هَاشم، ويجزىء دَفعهَا لموَالِي مواليهم وهم عتقاؤهم وَلَا تدفع الزَّكَاة لأصل أَي آبَاء الْمُزَكي وأمهاته وَإِن علوا وَلَا لفرع أَي لأولاده وَإِن سلفوا، وَالْوَارِث وَغَيره سَوَاء نصا إِلَّا أَن يَكُونُوا عمالا أَو مؤلفة أَو غارمين لإِصْلَاح ذَات الْبَين أَو غزَاة، وَلَا تدفع أَيْضا إِلَى عبد كَامِل الرّقّ غير الْعَامِل وَالْمكَاتب وَلَا إِلَى كَافِر غير الْمُؤلف حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر إِجْمَاعًا فَإِن دَفعهَا أَي الزَّكَاة لمن ظَنّه أَهلا لَهَا فَتبين أَنه لم يكن من أَهلهَا كَعبد وَكَافِر وهاشمي ووارث لم تُجزئه، أَو بِالْعَكْسِ بِأَن دَفعهَا لمن ظَنّه غير أهل فَبَان أَهلا لم تُجزئه، إِلَّا إِن دَفعهَا لَغَنِيّ ظَنّه فَقِيرا فَتبين أَنه غَنِي فَإِنَّهَا تجزىء.

(1/269)


وَصدقَة التَّطَوُّع بالفاضل عَن كِفَايَته وَعَن كِفَايَة من يمونه سنة كل وَقت لَا سِيمَا سرا وَكَونهَا فِي رَمَضَان أفضل وَكَونهَا فِي زمن فَاضل كالعشر الأول من ذِي الْحجَّة وَكَونهَا فِي مَكَان فَاضل كالحرمين أفضل وَكَونهَا فِي وَقت حَاجَة كمجاعة أفضل لقَوْله تَعَالَى: 19 ((وإطعام فِي يَوْم ذِي مسبغة)) وَكَذَا على جَار لقَوْله تَعَالَى: 19 ((وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى وَالْجَار الْجنب)) وَحَدِيث (مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه) وعَلى ذِي رحم فَهِيَ صَدَقَة وصلَة وَلَا سِيمَا مَعَ الْعَدَاوَة، وَمن تصدق بِمَا ينقص مُؤنَة تلْزمهُ أَو أضرّ بِنَفسِهِ أَو غريمة أَثم بذلك، وَكره لمن لَا يصبر أَو لَا عَادَة (لَهُ) على الضّيق أَن ينقص نَفسه عَن الْكِفَايَة التَّامَّة. الْمَنّ بِالصَّدَقَةِ كَبِيرَة وَيبْطل الثَّوَاب.

(1/270)