الأحكام الشرعية الكبرى

/ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة بَاب التَّعَوُّذ من الْفِتَن
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، جَمِيعًا عَن ابْن علية - قَالَ يحيى: أبنا ابْن علية - قَالَ: وَأخْبرنَا سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن زيد بن ثَابت، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث ذكره قَالَ: " تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالَ: [تعوذوا] بِاللَّه من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال ".

بَاب الْمُبَادرَة بِالْعَمَلِ قبل نزُول الْفِتَن
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر. قَالَ ابْن أَيُّوب: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، أَخْبرنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم، يصبح الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، (و) يُمْسِي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا يَبِيع دينه بِعرْض من الدُّنْيَا ".

بَاب بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد وَابْن أبي عمر، جَمِيعًا عَن مَرْوَان الْفَزارِيّ -

(4/495)


قَالَ ابْن عباد: ثَنَا مَرْوَان - عَن يزِيد - يَعْنِي ابْن كيسَان - عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا فطوبى للغرباء ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب وَإِبْرَاهِيم بن يُوسُف قَالَا: ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ فطوبى للغرباء. قيل: من الغرباء؟ قَالَ: النزاع من الْقَبَائِل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " / فطوبى للغرباء الَّذين يصلحون مَا أفسد النَّاس بعدِي من سنتي ".
رَوَاهُ من طَرِيق كثير بن عبد الله بن عَوْف [بن] زيد، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَالْفضل بن سهل الْأَعْرَج قَالَا: ثَنَا شَبابَة ابْن سوار الْفَزارِيّ، حَدثنَا عَاصِم - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد الْعمريّ - عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْإِسْلَام بَدَأَ غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يأرز بَين المسجدين كَمَا تأرز الْحَيَّة فِي جحرها ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن أبي مَالك، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يدرس الْإِسْلَام كَمَا يدرس وشي الثَّوْب ".

(4/496)


قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ جمَاعَة عَن أبي مَالك فأوقفوه.

بَاب رفع الْأَمَانَة وَعرض الْفِتَن على الْقُلُوب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع.
وَحدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن زيد بن وهب، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حديثين قد رَأَيْت أَحدهمَا وأنتظر الآخر، حَدثنَا أَن الْأَمَانَة نزلت فِي جذر قُلُوب الرِّجَال، ثمَّ نزل الْقُرْآن فَعَلمُوا من الْقُرْآن وَعَلمُوا من السّنة، ثمَّ حَدثنَا عَن رفع الْأَمَانَة، قَالَ: ينَام الرجل النومة فتقبض الْأَمَانَة من قلبه، فيظل أَثَرهَا مثل [الوكت] ، ثمَّ ينَام النومة فتقبض الْأَمَانَة من قلبه، فيظل أَثَرهَا مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء - ثمَّ أَخذ حَصى فدحرجه على رجله - فَيُصْبِح النَّاس يتبايعون، لَا يكَاد أحد يُؤَدِّي الْأَمَانَة حَتَّى يُقَال: إِن فِي بني فلَان رجلا أَمينا. حَتَّى يُقَال للرجل: مَا أجلده مَا أظرفه مَا أعقله. وَمَا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان. وَلَقَد أَتَى عَليّ زمَان وَمَا أُبَالِي أَيّكُم بَايَعت لَئِن كَانَ مُسلما ليردنه عَليّ دينه، وَلَئِن كَانَ يَهُودِيّا (أَو نَصْرَانِيّا) ليردنه عَليّ ساعيه، وَأما الْيَوْم فَمَا كنت لأبايع مِنْكُم إِلَّا فلَانا وَفُلَانًا ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، حَدثنَا أَبُو خَالِد - يَعْنِي سُلَيْمَان ابْن حَيَّان - عَن سعد بن طَارق، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد عمر فَقَالَ: أَيّكُم سمع / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكر الْفِتَن؟ فَقَالَ قوم: نَحن سمعناه. فَقَالَ: لَعَلَّكُمْ تعنون فتْنَة الرجل فِي أَهله وجاره؟ قَالُوا: أجل. قَالَ: تِلْكَ تكفرها الصَّلَاة

(4/497)


وَالصِّيَام وَالصَّدَََقَة وَلَكِن أَيّكُم سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكر الَّتِي تموج موج الْبَحْر؟ قَالَ حُذَيْفَة: فأسكت الْقَوْم. فَقلت: أَنا. قَالَ: أَنْت، لله أَبوك؟ قَالَ حُذَيْفَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: تعرض الْفِتَن على الْقُلُوب كالحصير عودا عودا فَأَي قلب أشربها نكت فِيهِ نُكْتَة سَوْدَاء، وَأي قلب أنكرها نكت فِيهِ نُكْتَة بَيْضَاء حَتَّى تصير على قلبين، على أَبيض مثل الصَّفَا فَلَا تضره فتْنَة مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَالْآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا إِلَّا مَا أشْرب من هَوَاهُ. قَالَ حُذَيْفَة: و [حدثته] أَن بَيْنك وَبَينهَا بَابا مغلقا يُوشك أَن يكسر. قَالَ عمر: أكسرا لَا أَبَا لَك، فَلَو أَنه فتح لَعَلَّه كَانَ يُعَاد. قلت: لَا، بل يكسر، و [حدثته] أَن ذَلِك الْبَاب رجل يقتل أَو يَمُوت، حَدِيثا لَيْسَ بالأغاليط ". قَالَ أَبُو خَالِد: فَقلت لسعد: يَا أَبَا مَالك، مَا أسود مربادا؟ قَالَ: شدَّة الْبيَاض فِي سَواد. قلت: فَمَا الْكوز مجخيا؟ قَالَ: منكوسا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَمُحَمّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب، جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة. قَالَ ابْن الْعَلَاء: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد عمر فَقَالَ: أَيّكُم يحفظ حَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْفِتْنَة كَمَا قَالَ؟ قَالَ: فَقلت: أَنا. قَالَ: إِنَّك لجريء، وَكَيف قَالَ؟ قلت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: فتْنَة الرجل فِي أَهله وَمَاله وَنَفسه وَولده وجاره يكفرهَا الصّيام وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر. فَقَالَ عمر: لَيْسَ هَذَا أُرِيد إِنَّمَا أُرِيد الَّتِي تموج كموج الْبَحْر. فَقلت: مَا لَك وَلها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن بَيْنك وَبَينهَا بَابا مغلقا. قَالَ: أفيكسر الْبَاب أم يفتح؟ قَالَ: قلت: لَا بل يكسر. قَالَ: ذَلِك أَحْرَى أَن لَا يغلق أبدا. قَالَ: فَقُلْنَا لِحُذَيْفَة: هَل كَانَ عمر يعلم من الْبَاب؟ قَالَ: نعم، كَمَا يعلم أَن دون غَد اللَّيْلَة، إِنِّي حدثته حَدِيثا لَيْسَ بالأغاليط. قَالَ: فهبنا أَن نسْأَل [حُذَيْفَة] من الْبَاب، فَقُلْنَا لمسروق: سَله. فَقَالَ: عمر -

(4/498)


رَضِي الله / عَنهُ ".

بَاب نزُول الْفِتَن
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أخي، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق، عَن ابْن شهَاب، عَن هِنْد بنت الْحَارِث الفراسية، أَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " اسْتَيْقَظَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَزعًا يَقُول: سُبْحَانَ الله! مَاذَا أنزل اللَّيْلَة من خَزَائِن وماذا أنزل من الْفِتَن! من يوقظ صَوَاحِب الحجرات - يُرِيد أَزوَاجه - لكَي يصلين؟ رب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية فِي الْآخِرَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ.
وَحدثنَا مَحْمُود، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: " أشرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَطَم من آطام الْمَدِينَة، فَقَالَ: هَل ترَوْنَ مَا أرى؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنِّي [لأرى] الْفِتَن تقع خلال بُيُوتكُمْ كوقع الْقطر ".
مُسلم: أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عُرْوَة، عَن أُسَامَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشرف على أَطَم من آطام الْمَدِينَة، ثمَّ قَالَ: هَل ترَوْنَ مَا أرى؟ إِنِّي لأرى مواقع الْفِتَن خلال بُيُوتكُمْ كمواقع الْقطر ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن الْمِقْدَام، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن كرز بن عَلْقَمَة قَالَ: " سَأَلَ رجل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل لِلْإِسْلَامِ من مُنْتَهى؟ قَالَ: أَيّمَا أهل بَيت من الْعَرَب أَو الْعَجم أَرَادَ الله بهم خيرا أَدخل عَلَيْهِم الْإِسْلَام.

(4/499)


قَالَ: ثمَّ مَه؟ قَالَ: ثمَّ ترْتَفع الْفِتَن كَأَنَّهَا الظلل. فَقَالَ: كلا وَالله إِن شَاءَ الله. قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتعودن فِيهَا أساود صبا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".
تَابعه أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن سُفْيَان.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن الْبَراء بن نَاجِية، عَن عبد الله ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تَدور رحى الْإِسْلَام (بِخمْس) وَثَلَاثِينَ أَو سِتّ وَثَلَاثِينَ أَو سبع وَثَلَاثِينَ، فَإِن يهْلكُوا (فبسبيل) من هلك، وَإِن يقم لَهُم دينهم يقم لَهُم سبعين عَاما ".
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن قبيصَة، عَن سُفْيَان، بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَزَاد فِيهِ: " فَقَالَ عمر: / مِمَّا مضى يَا رَسُول الله أَو مِمَّا بَقِي؟ قَالَ: مِمَّا بَقِي ".
وروى أَبُو بكر أَيْضا عَن يزِيد بن هَارُون، عَن الْعَوام بن حَوْشَب قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ، عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَدور رحى الْإِسْلَام على خمس وَثَلَاثِينَ أَو سِتّ وَثَلَاثِينَ أَو سبع وَثَلَاثِينَ، فَإِن هَلَكُوا (فبسبيل) من هلك، وَإِن بقوا بَقِي لَهُم سبعين عَاما ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. قَالَ إِسْحَاق: أَنا. وَقَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة

(4/500)


الْعَرَب، وَلَكِن فِي التحريش بَينهم ".

بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلَاك أمتِي على يَدي غلمة من قُرَيْش
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عَمْرو بن يحيى بن سعيد بن عَمْرو بن سعيد، أَخْبرنِي جدي قَالَ: " كنت جَالِسا مَعَ أبي هُرَيْرَة فِي مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ ومعنا مَرْوَان، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت الصَّادِق المصدوق يَقُول: هلكة أمتِي على يَدي غلمة من قُرَيْش. فَقَالَ مَرْوَان: لعنة الله عَلَيْهِم غلمة. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لَو شِئْت أَن أَقُول بني فلَان وَبني فلَان لفَعَلت. فَكنت أخرج مَعَ جدي إِلَى بني مَرْوَان حِين ملكوا بِالشَّام، فَإِذا رَآهُمْ غلْمَان أَحْدَاث قَالَ لنا: عَسى هَؤُلَاءِ أَن يَكُونُوا مِنْهُم. قُلْنَا: أَنْت أعلم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، ثَنَا شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَلَاك أمتِي على يَدي أغيلمة من قُرَيْش سُفَهَاء ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، إِلَّا شَيبَان.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي التياح قَالَ: سَمِعت أَبَا زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يهْلك أمتِي هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: لَو أَن النَّاس اعتزلوهم ".

(4/501)


بَاب قَول الله تَعَالَى {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن / الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة}
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة، عَن أم حَبِيبَة، عَن زَيْنَب بنت جحش " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَيْقَظَ من نَومه وَهُوَ يَقُول " لَا إِلَه إِلَّا الله ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب، فتح من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَعقد سُفْيَان بِيَدِهِ عشرَة - قلت: يَا رَسُول الله، أنهلك وَفينَا الصالحون: قَالَ: نعم، إِذا كثر الْخبث ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر بن نَافِع وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن وَغير وَاحِد قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَان، بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " لَا إِلَه إِلَّا الله - يُرَدِّدهَا ثَلَاث مَرَّات ".

بَاب الْقعُود عَن الْفِتَن والاعتزال فِيهَا
قَاسم بن أصبغ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، ثَنَا أبي، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن الصنابح - رجل من أحمس - قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض، وَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم، فَلَا تقتتلن بعدِي ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، قَالَ عبد:

(4/502)


أَخْبرنِي. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي ابْن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سَتَكُون فتن الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي، والماشي خير من السَّاعِي، من تشرف لَهَا تستشرفه، وَمن وجد (لَهَا) ملْجأ فليعذ بِهِ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني إِسْحَاق بن مَنْصُور، أخبرنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن أَبِيه، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تكون فتْنَة النَّائِم فِيهَا خير من الْيَقظَان، وَالْيَقظَان فِيهَا خير من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خير من السَّاعِي، فَمن وجد ملْجأ أَو معَاذًا فليستعذ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا عُثْمَان الشحام قَالَ: " انْطَلَقت أَنا وفرقد السبخي إِلَى مُسلم بن أبي بكرَة وَهُوَ فِي أرضه فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: هَل سَمِعت أَبَاك يحدث / فِي الْفِتَن حَدِيثا؟ قَالَ: نعم سَمِعت أَبَا بكرَة يحدث [قَالَ] : قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّهَا سَتَكُون فتن، أَلا ثمَّ تكون (فتن) ، (أَلا ثمَّ تكن فتن) ، الْقَاعِد فِيهَا خير من الْمَاشِي، والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلا فَإِذا نزلت - أَو وَقعت - فَمن كَانَ لَهُ إبل فليلحق بإبله، وَمن كَانَت لَهُ غنم فليلحق بغنمه، وَمن كَانَت لَهُ أَرض فليلحق بأرضه. قَالَ: فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت من لم يكن لَهُ إبل وَلَا غنم وَلَا أَرض. قَالَ: يعمد إِلَى سَيْفه فَيدق على حَده بِحجر ثمَّ لينج إِن اسْتَطَاعَ النَّجَاء، اللَّهُمَّ هَل بلغت، اللَّهُمَّ هَل بلغت، اللَّهُمَّ هَل بلغت. قَالَ: فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن أكرهت

(4/503)


حَتَّى ينْطَلق بِي إِلَى أحد الصفين - أَو إِحْدَى الفئتين - فضربني رجل بِسَيْفِهِ، أَو يَجِيء سهم فَيَقْتُلنِي. قَالَ: يبوء بإثم، وإثمك، وَيكون من أَصْحَاب النَّار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن أبي كَبْشَة، سَمِعت أَبَا مُوسَى يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن بَين أَيْدِيكُم فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم، يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا، الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي، والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: كونُوا أحلاس بُيُوتكُمْ ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن جحادة، عَن عبد الرَّحْمَن بن ثروان، عَن هزيل، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن بَين يَدي السَّاعَة فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم يصبح فِيهَا الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا، الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم، والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي، فكسروا قسيكم، وَقَطعُوا أوتاركم، واضربوا سُيُوفكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِن دخل على أحد مِنْكُم فَلْيَكُن كخير ابْني آدم ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَحدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن المشعث بن طريف، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا ذَر، قلت: لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك ... " فَذكر الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " كَيفَ أَنْت إِذا أصَاب النَّاس موت يكون الْبَيْت فِيهِ بالوصيف - يَعْنِي الْقَبْر؟ قلت: الله / وَرَسُوله أعلم - أَو قَالَ: مَا خار الله [لي] وَرَسُوله - قَالَ:

(4/504)


عَلَيْك بِالصبرِ - أَو قَالَ: تصبر - ثمَّ قَالَ لي: يَا أَبَا ذَر، قلت: لبيْك وَسَعْديك. قَالَ: كَيفَ أَنْت إِذا رَأَيْت أَحْجَار الزَّيْت قد غرقت بِالدَّمِ؟ قلت: مَا خار الله لي وَرَسُوله. قَالَ: عَلَيْك بِمن أَنْت مِنْهُ. قلت: يَا رَسُول الله، أَفلا آخذ سَيفي وأضعه على عَاتِقي. قَالَ: شاركت الْقَوْم إِذا. قَالَ: قلت: فَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: تلْزم بَيْتك. قلت: فَإِن دخل عَليّ بَيْتِي؟ قَالَ: فَإِن خشيت أَن يبهرك شُعَاع السَّيْف فألق ثَوْبك على وَجهك يبوء بإثمك وإثمه ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: لم يذكر المشعث.
قبل ذكر الْمَوْت: " كَيفَ أَنْت إِذا أصَاب النَّاس جوع؟ تَأتي فراشك فَلَا تقدر أَن ترجع إِلَى مسجدك، وَتَأْتِي مسجدك فَلَا تقدر أَن ترجع إِلَى فراشك ".
رَوَاهُ عَن حَمَّاد بن زيد بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم.
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن خَالِد العسكري، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ، ثَنَا زَائِدَة، عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن نَافِع بن سرجس، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تكون فِي آخر الزَّمَان فتن كَقطع اللَّيْل المظلم، أنجى النَّاس مِنْهَا صَاحب يَأْكُل رسل غنمه - أَو من رسل غنمه - وَرجل آخذ بعنان فرسه يَأْكُل من فِي فرسه أَو رمحه ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا

(4/505)


الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم أسْند [نَافِع] بن سرجس عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا هَذَا الحَدِيث.

بَاب كف الْيَد وَاللِّسَان فِي الْفِتْنَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب، أَفْلح من كف يَده ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي [ابْن] وهب، حَدثنِي اللَّيْث، عَن يحيى بن سعيد قَالَ: قَالَ خَالِد بن أبي عمرَان: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَتَكُون فتْنَة / صماء بكماء عمياء، من استشرف لَهَا استشرفت لَهُ، وإشراف اللِّسَان [فِيهَا] كوقوع السَّيْف ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا [أَحْمد] بن بكار، ثَنَا مخلد، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن هِلَال بن خباب قَالَ: حَدثنِي عِكْرِمَة قَالَ: كنت أرافقه وَسَعِيد بن جُبَير فَقَالَ: قَالَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رَأَيْت النَّاس مرجت عهودهم وخانت أماناتهم وَكَانُوا هَكَذَا. وَشَبك بَين أَصَابِعه، فَقُمْت إِلَيْهِ فَقلت: كَيفَ أصنع عِنْد ذَلِك يَا رَسُول الله جعلني الله فدَاك؟ قَالَ: الزم بَيْتك، واملك عَلَيْك لسَانك، وَخذ مَا تعرف، ودع مَا تنكر، وَعَلَيْك بِأَمْر خَاصَّة

(4/506)


نَفسك، ودع عَنْك أَمر الْعَامَّة ".

بَاب الْفِرَار بِالدّينِ من الْفِتَن
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، [ثَنَا] الْمَاجشون، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ؛ أَنه سَمعه يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يَأْتِي على النَّاس زمَان خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر؛ يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مَالك، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنما يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر؛ يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن ".

بَاب السعيد من جنب الْفِتَن
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن، ثَنَا حجاج - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - ثَنَا اللَّيْث بن سعد، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، أَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير حَدثهُ؛ عَن أَبِيه، عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: ايم الله لقد سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن، إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن، إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن، وَلمن ابْتُلِيَ فَصَبر فواها ".

(4/507)


بَاب فضل الْعِبَادَة فِي الْهَرج
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا حَمَّاد بن زيد، عَن مُعلى بن زِيَاد، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن معقل بن يسَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
/ وَحدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " الْعِبَادَة فِي الْهَرج كهجرة إِلَيّ ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، عَن قُتَيْبَة، بِإِسْنَاد مُسلم وَقَالَ: " كالهجرة إِلَيّ ".

بَاب لُزُوم الْجَمَاعَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا النَّضر بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْمُغيرَة، عَن مُحَمَّد بن سوقة، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر قَالَ: " خَطَبنَا عمر بالجابية فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي قُمْت فِيكُم كمقام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِينَا. فَقَالَ: أوصيكم بِأَصْحَابِي، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، [ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ] ، ثمَّ يفشو الْكَذِب؛ حَتَّى يحلف الرجل وَلَا يسْتَحْلف، وَيشْهد الشَّاهِد وَلَا يستشهد، أَلا لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان، عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة، وَإِيَّاكُم والفرقة؛ فَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد، و [هُوَ] من الِاثْنَيْنِ أبعد، من أَرَادَ بحبوحة الْجنَّة فليلزم الْجَمَاعَة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم الْمُؤمن ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
وَقد رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك، عَن مُحَمَّد بن سوقة.
وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير وَجه عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

(4/508)


البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن الْجَعْد أبي عُثْمَان، عَن أبي رَجَاء العطاردي، عَن ابْن عَبَّاس يرويهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رأى من أميره شَيْئا يكرههُ فليصبر عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أحد يُفَارق الْجَمَاعَة شبْرًا فَيَمُوت إِلَّا مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق الوَاسِطِيّ، ثَنَا خَالِد، عَن الْجريرِي، عَن طريف [أبي تَمِيمَة] قَالَ: " شهِدت صَفْوَان وجندبا وَأَصْحَابه وَهُوَ يوصيهم، فَقَالُوا: هَل سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا؟ قَالَ: سمعته يَقُول: من سمع سمع الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة، وَمن [يُشَاقق] يشقق الله عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة. وَذكر كلَاما من كَلَام صَفْوَان ".

بَاب إِذا لم يكن للْمُسلمين جمَاعَة
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد [بن] جَابر، ثَنَا [بسر] بن عبيد الله الْحَضْرَمِيّ، أَنه سمع أَبَا إِدْرِيس الْخَولَانِيّ يَقُول: سَمِعت حُذَيْفَة بن الْيَمَان يَقُول: " كَانَ النَّاس / يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ مَخَافَة أَن يدركني [فَقلت] : يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّة وَشر، فجاءنا الله بِهَذَا الْخَيْر، فَهَل بعد هَذَا الْخَيْر

(4/509)


(شَرّ) ؟ قَالَ: نعم. فَقلت: هَل بعد ذَلِك الشَّرّ من خير؟ قَالَ: نعم؛ وَفِيه دخن. قَالَ: قلت: وَمَا دخنه؟ قَالَ: قوم يستنون بِغَيْر سنتي ويهدون بِغَيْر هَدْيِي، تعرف مِنْهُم وتنكر. فَقلت: هَل بعد ذَلِك الْخَيْر من شَرّ؟ قَالَ: نعم، دعاة على أَبْوَاب جَهَنَّم، من أجابهم إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. فَقلت: يَا رَسُول الله، صفهم لنا. قَالَ: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: يَا رَسُول الله، فَمَا ترى إِن أدركني ذَلِك؟ قَالَ: تلْزم جمَاعَة الْمُسلمين وإمامهم. قلت: فَإِن لم يكن لَهُم جمَاعَة وَلَا إِمَام؟ قَالَ: فاعتزل تِلْكَ الْفرق كلهَا، وَلَو أَن تعض على أصل شَجَرَة حَتَّى يدركك الْمَوْت وَأَنت كَذَلِك ".

بَاب مَا جَاءَ أَن الْفِتْنَة من قبل الْمشرق
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وَحدثنَا ابْن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول وَهُوَ مُسْتَقْبل الْمشرق: أَلا إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا، أَلا إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا؛ من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ".
وَلمُسلم فِي لفظ آخر أَنه قَالَ ثَلَاثًا: " (أَلا) إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، حَدثنِي أبي قَالَ: سَمِعت سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْفِتْنَة تَجِيء من قبل الْمشرق؛ من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان؛ وَأَنْتُم يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض، وَقد قَالَ الله - تَعَالَى - لمُوسَى: {وَقتلت نفسا فنجيناك

(4/510)


من الْغم وَفَتَنَّاك فُتُونًا} ".

بَاب التحريض على سُكْنى الشَّام عِنْد ظُهُور الْفِتَن والأشراط
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَامر، ثَنَا الرّبيع بن نَافِع، ثَنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن ثَوْر بن يزِيد، عَن [بسر] بن عبيد الله، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْت عَمُود / الْكتاب احْتمل من رَأْسِي؛ فَظَنَنْت أَنه مذهوب بِهِ، فَأَتْبَعته بَصرِي فَعمد بِهِ إِلَى الشَّام؛ أَلا وَإِن الْإِيمَان حِين تقع الْفِتَن بِالشَّام ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من أَحَادِيث أهل الشَّام.
رَوَاهُ: عبد الله بن [بسر] وَأَبُو الدَّرْدَاء وَوَحْشِي بن حَرْب ... وَلَا نعلم لَهُ إِسْنَادًا أحسن من هَذَا الْإِسْنَاد.
وَقد رُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء من غير وَجه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا بَقِيَّة، حَدثنِي بحير، عَن خَالِد - يَعْنِي ابْن معدان - عَن (أبي قتيلة) ، عَن [ابْن] حِوَالَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سيصير الْأَمر أَن تَكُونُوا جُنُودا مجندة: جند الشَّام، وجند

(4/511)


بِالْيمن، وجند بالعراق. قَالَ ابْن حِوَالَة: خر لي يَا رَسُول الله إِن أدْركْت ذَلِك. فَقَالَ: عَلَيْك بِالشَّام؛ فَإِنَّهَا خيرة الله (فِي) أرضه يجتبي إِلَيْهَا خيرته من عباده، فَأَما إِن أَبَيْتُم فَعَلَيْكُم بيمنكم، واسقوا من (غديركم) ؛ فَإِن الله توكل بِالشَّام وَأَهله ".
أَبُو قتيلة اسْمه: مرْثَد بن ودَاعَة. قَالَ البُخَارِيّ: لَهُ صُحْبَة. وَأنكر ذَلِك أَبُو حَاتِم. وَابْن حِوَالَة، هُوَ عبد الله بن حِوَالَة - رَضِي الله عَنْهُمَا.
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن الْخطاب السجسْتانِي، (ثَنَا هِشَام) ، ثَنَا سُلَيْمَان ابْن عتبَة، ثَنَا يُونُس بن ميسرَة، عَن أبي إِدْرِيس، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّكُم ستجندون أجنادا، جندا بِالشَّام ومصر وَالْعراق واليمن. قَالُوا: فَخر لنا يَا رَسُول الله. قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام. قَالُوا: إِنَّا أَصْحَاب مَاشِيَة وَلَا نطيق الشَّام. قَالَ: فَمن (لَا يلْحق) الشَّام فليلحق [بيمنه] ؛ فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَحْسَن من حَدِيث [أبي] الدَّرْدَاء. وَقد رُوِيَ عَن غير أبي الدَّرْدَاء نَحْو هَذَا الْكَلَام، فاخترنا حَدِيث أبي الدَّرْدَاء لجلالته وَحسن إِسْنَاده.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الْوَاحِد، ثَنَا مَرْوَان [الطاطري] ، ثَنَا

(4/512)


خَالِد بن يزِيد بن صَالح بن صبيح المري، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن [أبي عبلة] ، عَن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي، عَن جُبَير بن نفير، عَن سَلمَة [بن] نفَيْل الْكِنْدِيّ قَالَ: " كنت جَالِسا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أذال النَّاس الْخَيل وَوَضَعُوا السِّلَاح وَقَالُوا: لَا جِهَاد، قد وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا. / فَأقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِوَجْهِهِ فَقَالَ: كذبُوا، الْآن جَاءَ الْقِتَال وَلَا يزَال من أمتِي أمة يُقَاتلُون على الْحق [فيزيغ] الله لَهُم قُلُوب أَقوام، ويرزقهم مِنْهُم حَتَّى تقوم السَّاعَة أَو حَتَّى يَأْتِي وعد الله، وَالْخَيْل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَهُوَ يُوحى إِلَيّ أَنِّي مَقْبُوض غير ملبث وَأَنْتُم تتبعوني أفنادا؛ يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض، وعقر دَار الْمُؤمنِينَ الشَّام ".
وَفِي حَدِيث آخر: " وَلَا تضع الْحَرْب أَوزَارهَا حَتَّى يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج ".
رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا عَن هِشَام بن عمار، عَن يحيى بن حَمْزَة، عَن أبي عَلْقَمَة (نصر) بن عَلْقَمَة، عَن جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ، عَن سَلمَة بن نفَيْل.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا شَيبَان، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن [أبي] قلَابَة، عَن سَالم بن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ستخرج نَار من حَضرمَوْت - أَو من نَحْو حَضرمَوْت - قبل يَوْم الْقِيَامَة تحْشر النَّاس. قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام ".

(4/513)


التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُعَاوِيَة ابْن قُرَّة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فسد الشَّام فَلَا خير فِيكُم، لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي منصورين لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى تقوم السَّاعَة.
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: هم أهل الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنِي ابْن جَابر، حَدثنِي عُمَيْر بن هَانِئ؛ أَنه سمع مُعَاوِيَة يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تزَال من أمتِي أمة قَائِمَة بِأَمْر الله لَا يضرهم من خذلهم وَلَا من خالفهم حَتَّى يَأْتِيهم أَمر الله وهم على ذَلِك. قَالَ عُمَيْر: فَقَالَ [مَالك] بن يخَامر: سَمِعت قَالَ معَاذ: وهم بِالشَّام. فَقَالَ مُعَاوِيَة: هَذَا مَالك يزْعم أَنه سمع معَاذًا يَقُول: وهم بِالشَّام ".
وَفِي بعض طرق البُخَارِيّ: " لَا يزَال من أمتِي قوم ظَاهِرين على النَّاس حَتَّى يَأْتِيهم أَمر الله - عز وَجل ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هِشَام بن عمار، حَدثنَا يحيى بن حَمْزَة، ثَنَا [ابْن] جَابر - هُوَ عبد الرَّحْمَن - عَن زيد بن أَرْطَاة قَالَ: سَمِعت جُبَير بن نفير يحدث؛ عَن أبي الدَّرْدَاء، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فسطاط الْمُسلمين يَوْم الملحمة بالغوطة / إِلَى جَانب مَدِينَة يُقَال لَهَا: دمشق، من خير مَدَائِن الشَّام ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي، سَمِعت يحيى بن أَيُّوب يحدث؛ عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة

(4/514)


[الْمهرِي] ، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نؤلف الْقُرْآن من الرّقاع فَقَالَ: طُوبَى للشام. فَقُلْنَا: لأي ذَلِك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لِأَن مَلَائِكَة الرَّحْمَن باسطة عَلَيْهَا أَجْنِحَتهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا أَزْهَر بن سعد، عَن ابْن عون، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي يمننا. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَفِي نجدنا. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي يمننا. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَفِي نجدنا. فأظنه قَالَ الثَّالِثَة: هُنَالك الزلازل والفتن وَبهَا يطلع قرن الشَّيْطَان ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُسلمين إِذا التقيا بسيفهما
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب وَيُونُس، [عَن الْحسن] ، عَن الْأَحْنَف بن قيس قَالَ: " خرجت وَأَنا أُرِيد هَذَا الرجل فلقيني أَبُو بكرَة فَقَالَ: أَيْن تُرِيدُ يَا أحنف؟ فَقلت: أُرِيد نصر ابْن عَم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي: عليا - فَقَالَ لي: يَا أحنف، ارْجع فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فِي النَّار. قَالَ: فَقلت - أَو قيل -: يَا رَسُول الله، هَذَا الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول؟ قَالَ: إِنَّه قد أَرَادَ قتل صَاحبه ".

(4/515)


قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن أبي بكرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا المسلمان حمل أَحدهمَا على أَخِيه السِّلَاح فهما على حرف جَهَنَّم، فَإِذا قتل أَحدهمَا صَاحبه دخلاها جَمِيعًا ".

بَاب فِي الَّذِي تقتله الفئة الباغية
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي سَلمَة / سَمِعت أَبَا نَضرة يحدث، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي من هُوَ خير مني " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لعمَّار حِين جعل يحْفر الخَنْدَق جعل يمسح رَأسه وَيَقُول: بؤس ابْن سميَّة، تقتلك فِئَة باغية ".

بَاب تَعْظِيم قتل الْمُؤمن وَتَحْرِيم دَمه
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [أَحْمد] بن إشكاب، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن عِكْرِمَة، عَن بن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا ترتدوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".

(4/516)


البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، قَالَ وَاقد بن عبد الله: أَخْبرنِي عَن أَبِيه، سمع عبد الله بن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عَبْدَانِ] ، أَنا عبد الله، أخبرنَا يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي عَطاء بن يزِيد؛ أَن عبيد الله بن عدي حَدثهُ؛ أَن الْمِقْدَاد بن عَمْرو الْكِنْدِيّ حَلِيف بني زهرَة حَدثهُ - وَكَانَ شهد بَدْرًا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله [إِن] لقِيت كَافِرًا فاقتتلنا فَضرب يَدي بِالسَّيْفِ فقطعها، ثمَّ لَاذَ بشجرة وَقَالَ: أسلمت لله. أأقتله بعد أَن قَالَهَا؟ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تقتله. قَالَ: يَا رَسُول الله، فَإِنَّهُ طرح إِحْدَى يَدي، ثمَّ قَالَ ذَلِك بعد مَا قطعهَا أأقتله؟ قَالَ: لَا، فَإِن قتلته فَإِنَّهُ بمنزلتك قبل أَن تقتله، وَأَنت بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَن يَقُول كَلمته الَّتِي قَالَ ".
وَقَالَ حبيب بن أبي عمْرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلْمِقْدَادِ: إِذا كَانَ رجل مُؤمن يخفي إيمَانه [مَعَ قوم كفار فأظهر إيمَانه] فَقتلته فَكَذَلِك كنت أَنْت تخفي إيمانك بِمَكَّة من قبل ".
خرج أَبُو بكر الْبَزَّار هَذَا الْكَلَام الْأَخير، عَن حبيب، قَالَ: ثَنَا حمدَان بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا جَعْفَر بن سَلمَة، ثَنَا أَبُو بكر بن عَليّ بن مقدم، ثَنَا حبيب،

(4/517)


فَذكره مُسْندًا فِي حَدِيث بِمَعْنى مَا تقدم للْبُخَارِيّ قَالَ فِيهِ: " فَلَمَّا أَتَوا الْقَوْم وجدوهم قد تفَرقُوا وَبَقِي رجل لَهُ مَال كثير لم يبرح، فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. فَأَهوى إِلَيْهِ / الْمِقْدَاد فَقتله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن زُرَارَة، أَنا هشيم، أَنا حُصَيْن، ثَنَا أَبُو ظبْيَان، سَمِعت أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة يحدث قَالَ: " بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الحرقة من جُهَيْنَة. قَالَ: فصبحنا الْقَوْم فهزمناهم. قَالَ: وَلَحِقت أَنا وَرجل من الْأَنْصَار رجلا مِنْهُم. قَالَ: فَلَمَّا غشيناه قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ: فَكف عَنهُ الْأنْصَارِيّ فطعنته برمحي حَتَّى قتلته. قَالَ: فَلَمَّا قدمنَا بلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَقَالَ لي: يَا أُسَامَة أقتلته بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ: قتلته بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ ! قَالَ: فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت أَنِّي لم أكن أسلمت قبل ذَلِك الْيَوْم ".
لمُسلم: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " وَكَيف تصنع بِلَا إِلَه إِلَّا الله إِذا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة. أَعَادَهَا عَلَيْهِ " وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي أَحْمد بن يحيى الْكُوفِي، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد بن هِلَال قَالَ: أَتَيْنَا بشر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ فَقَالَ: حَدثنَا عقبَة ابْن مَالك - وَكَانَ من رهطه - قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة فأغارت على قوم فشذ من الْقَوْم رجل وَاتبعهُ رجل من السّريَّة مَعَه السَّيْف شاهره، فَقَالَ الشاذ من الْقَوْم: إِنِّي مُسلم. فَلم ينظر إِلَى مَا قَالَ، فَضَربهُ فَقتله، فنما الحَدِيث إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ فِيهِ قولا شَدِيدا، فَبَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب إِذْ قَالَ الْقَاتِل: وَالله مَا كَانَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوذا من الْقَتْل. فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَمن قبله من النَّاس

(4/518)


وَأخذ فِي خطبَته، ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله، وَالله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوذا من الْقَتْل. فَأَعْرض عَنهُ وَعَمن كَانَ قبله من النَّاس وَأخذ فِي خطبَته، وَلم يصبر، فَقَالَ الثَّالِثَة مثل ذَلِك فَأقبل عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تعرف المساءة فِي وَجهه قَالَ: إِن الله أَبى على الَّذِي قتل. ثَلَاث مَرَّات ".
رَوَاهُ عبد بن حميد فِي التَّفْسِير، عَن هَاشم بن الْقَاسِم، عَن سُلَيْمَان بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " إِن الله أَبى على من قتل مُؤمنا. قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة / يحيى بن خلف وَمُحَمّد بن عبد الله بن بزيع، حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لزوَال الدُّنْيَا أَهْون على الله - عز وَجل - من قتل رجل مُسلم ".
رَوَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَغير وَاحِد، عَن شُعْبَة مَوْقُوفا.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى فِي كتاب " الْعِلَل ": الْمَوْقُوف أصح. قَالَه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار من طَرِيق شُعْبَة، عَن يعلى وَزَاد فِيهِ: " بِغَيْر حق " وَبَينهمَا اخْتِلَاف فِي اللَّفْظ. قَالَ: وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ عَن شُعْبَة إِلَّا ابْن أبي عدي.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ أَيْضا: حَدثنَا هناد، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن شبيب بن غرقدة، عَن سُلَيْمَان بن عَمْرو بن الْأَحْوَص، عَن أَبِيه قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي حجَّة الْوَدَاع للنَّاس: أَي الْيَوْم هَذَا؟ قَالُوا: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر. قَالَ: فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ بَيْنكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا،

(4/519)


أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه، أَلا لَا يجني جَان على وَلَده، وَلَا مَوْلُود على وَالِده، أَلا وَإِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبد فِي بِلَادكُمْ هَذِه أبدا، وَلَكِن سَتَكُون لَهُ طَاعَة فِيمَا تَحْتَقِرُونَ من أَعمالكُم فسيرضى بِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن أبي بكرَة وَابْن عَبَّاس وَجَابِر و [حذيم] ابْن عَمْرو السَّعْدِيّ، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا قُرَّة بن خَالِد، ثَنَا ابْن سِيرِين، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أبي بكرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث ذكره قَالَ: " إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ وَأَبْشَاركُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: حَدثنَا يحيى - هُوَ ابْن سعيد - عَن شُعْبَة، حَدثنِي عَمْرو بن مرّة، سَمِعت مرّة الْهَمدَانِي قَالَ: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على نَاقَة حَمْرَاء مخضرمة، قَالَ: أَتَدْرُونَ أَي يَوْم يومكم هَذَا؟ قُلْنَا: يَوْم النَّحْر. قَالَ: صَدقْتُمْ يَوْم الْحَج الْأَكْبَر، أَتَدْرُونَ أَي شهر شهركم هَذَا؟ قُلْنَا - وَقَالَ بنْدَار: قَالُوا: - ذُو الْحجَّة. قَالَ: صَدقْتُمْ شهر الله الْأَصَم، أَتَدْرُونَ أَي بلد بلدكم هَذَا؟ / قُلْنَا: الْبَلَد الْحَرَام. قَالَ: صَدقْتُمْ: ثمَّ قَالَ: إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا، فِي بلدكم هَذَا، أَلا إِنِّي فَرَطكُمْ على الْحَوْض، وَإِنِّي [مُكَاثِر] بكم الْأُمَم، فَلَا تسودوا وَجْهي، أَلا وَقد رَأَيْتُمُونِي وسمعتم مني وستسألون عني، فَمن كذب عَليّ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".

(4/520)


النَّسَائِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن المستمر، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، حَدثنَا مُعْتَمر، عَن أَبِيه، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق بن سَلمَة، عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل، عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل، فَيَقُول: يَا رب، هَذَا قتلني. فَيَقُول الله - عز وَجل -: لم قتلته؟ فَيَقُول: قتلته لتَكون الْعِزَّة لَك. فَيَقُول: فَإِنَّهَا لي. وَيَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل فَيَقُول: إِن هَذَا قتلني. فَيَقُول الله - عز وَجل - لَهُ: لم قتلته؟ فَيَقُول: قتلته لتَكون الْعِزَّة لفُلَان. فَيَقُول: إِنَّهَا لَيست لفُلَان. فيبوء بإثمه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُؤَمل بن الْفضل، ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب، عَن خَالِد بن دهقان قَالَ: " كُنَّا فِي غَزْوَة القسطنطينة بذلقية، فَأقبل رجل من أهل فلسطين من أَشْرَافهم وخيارهم يعْرفُونَ ذَلِك لَهُ يُقَال لَهُ: هَانِئ بن كُلْثُوم بن شريك الْكِنَانِي، فَسلم على عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا وَكَانَ يعرف لَهُ حَقه. قَالَ لنا خَالِد: فحدثنا عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا قَالَ: سَمِعت أم الدَّرْدَاء تَقول: سَمِعت أَبَا الدَّرْدَاء يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا من مَاتَ مُشْركًا أَو من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا. فَقَالَ هَانِئ بن كُلْثُوم: سَمِعت مَحْمُود بن الرّبيع يحدث، عَن عبَادَة بن الصَّامِت؛ أَنه سَمعه يحدث، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: من قتل مُؤمنا فاغتبط بقتْله، لم يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا ".
قَالَ لنا خَالِد: ثمَّ حَدثنِي عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا يزَال الْمُؤمن معنقا صَالحا مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا، فَإِذا أصَاب دَمًا حَرَامًا بلح ".
وَحدث هَانِئ [بن] كُلْثُوم، عَن مَحْمُود بن الرّبيع، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله سَوَاء.

(4/521)


بَاب
مُسلم /: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، أَخْبرنِي عَامر ابْن سعد، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقبل ذَات يَوْم من الْعَالِيَة، حَتَّى إِذا مر بِمَسْجِد بني مُعَاوِيَة دخل فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وصلينا مَعَه ودعا ربه طَويلا، ثمَّ انْصَرف إِلَيْنَا فَقَالَ: سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة، سَأَلت رَبِّي أَلا يهْلك أمتِي بِالسنةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلته أَلا يهْلك أمتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلته أَلا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا ".
عبد بن حميد: حَدثنِي سُلَيْمَان بن حَرْب، عَن حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله زوى لي الأَرْض - أَو قَالَ: إِن رَبِّي زوى لي الأَرْض - فَرَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا، وَإِن ملك أمتِي سيبلغ مَا زوي مِنْهَا، وَأعْطيت كنزين: الْأَحْمَر والأبيض، وَإِنِّي سَأَلت رَبِّي لأمتي لَا يُهْلِكهُمْ بِسنة بعامة، وَلَا يُسَلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، وَإِن رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنِّي إِذا قضيت قَضَاء فَإِنَّهُ لَا يرد، وَلَا أهلكهم بِسنة عَامَّة، وَلَا أسلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، وَلَو اجْتمع عَلَيْهِم من بَين أقطارها - أَو قَالَ: من بأقطارها - حَتَّى يكون بَعضهم يهْلك بَعْضًا، وَقد يكون بَعضهم يسبي بَعْضًا، وَإِنَّمَا أَخَاف على أمتِي الْأَئِمَّة المضلين، وَإِذا وضع السَّيْف فِي أمتِي لم يرفع عَنْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تلْحق قبائل من أمتِي بالمشركين، وَحَتَّى يعبد قبائل من أمتِي الْأَوْثَان، وَإنَّهُ سَيكون فِي أمتِي كذابون كلهم يزْعم أَنه نَبِي، وَأَنا خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي، وَلَا تزَال طَائِفَة من أمتِي على الْحق ظَاهِرين لَا يضرهم من خالفهم - أَو قَالَ: من خذلهم. شكّ سُلَيْمَان - حَتَّى يَأْتِي أَمر الله ".

(4/522)


مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب؛ أَن أَبَا إِدْرِيس الْخَولَانِيّ كَانَ يَقُول: قَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان: " إِنِّي لأعْلم النَّاس بِكُل فتْنَة هِيَ كائنة فِيمَا بيني وَبَين [السَّاعَة] وَمَا بِي إِلَّا أَن يكون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسر إِلَيّ فِي ذَلِك شَيْئا لم يحدثه غَيْرِي، وَلَكِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ وَهُوَ يحدث مَجْلِسا أَنا فِيهِ عَن الْفِتَن، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يعد الْفِتَن: مِنْهُنَّ ثَلَاث لَا يكدن يذرن شَيْئا، ومنهن / فتن كرياح الصَّيف مِنْهَا صغَار وَمِنْهَا كبار. قَالَ حُذَيْفَة: فَذهب أُولَئِكَ الرَّهْط [كلهم] غَيْرِي ".

بَاب مَا يُرْجَى فِي الْقَتْل
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، [ثَنَا] أَبُو الْأَحْوَص سَلام بن سليم، ثَنَا مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن سعيد بن زيد قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر فتْنَة فَعظم أمرهَا، فَقُلْنَا - أَو قَالُوا: يَا رَسُول الله، لَئِن أدركتنا هَذِه لَنهْلكَنَّ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كلا إِن [بحسبكم] الْقَتْل. قَالَ سعيد: فَرَأَيْت إخْوَانِي قتلوا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا كثير بن هِشَام، أبنا المَسْعُودِيّ، عَن سعيد بن أبي بردة، عَن أَبِيه، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمتِي هَذِه أمة مَرْحُومَة لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَاب فِي الْآخِرَة، عَذَابهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَن والزلازل وَالْقَتْل ".

(4/523)


بَاب ذكر الْخُلَفَاء وَالْمهْدِي
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا أَبُو مسْهر، ثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب الْخَولَانِيّ، حَدثنِي الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَمْرو بن أبان، عَن جَابر؛ أَنه كَانَ يحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أرِي اللَّيْلَة رجل صَالح أَن أَبَا بكر نيط برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ونيط عمر بِأبي بكر، ونيط عُثْمَان بعمر. فَلَمَّا قمنا من عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا: أما الرجل الصَّالح فَرَسُول الله، وَأما مَا ذكر من نيط بَعضهم بِبَعْض فهم وُلَاة هَذَا الْأَمر الَّذِي بعث الله بِهِ نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، حَدثنَا عمي عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي يحيى بن أَيُّوب، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " أول من حمل حجرا لقبلة مَسْجِد قبَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ حمل أَبُو بكر آخر، ثمَّ حمل عمر آخر، ثمَّ حمل عُثْمَان آخر، فَقلت: يَا رَسُول الله، أَلا ترى هَؤُلَاءِ يتبعونك. فَقَالَ: أما إِنَّهُم أُمَرَاء الْخلَافَة بعدِي ".
يحيى بن أَيُّوب هَذَا هُوَ أَبُو الْعَبَّاس الْمصْرِيّ الغافقي، مرّة قَالَ فِيهِ ابْن معِين: ثِقَة. وَمرَّة قَالَ: صَالح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا سُرَيج بن النُّعْمَان، ثَنَا / حشرج بن نباتة، عَن سعيد بن جمْهَان، حَدثنِي سفينة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَالَ) : " الْخلَافَة فِي أمتِي ثَلَاثِينَ سنة، ثمَّ ملك بعد ذَلِك، ثمَّ قَالَ لي سفينة: أمسك خلَافَة أبي بكر، وَخِلَافَة عمر، وَخِلَافَة عُثْمَان، ثمَّ قَالَ: أمسك خلَافَة عَليّ. قَالَ:

(4/524)


فَوَجَدْنَاهَا ثَلَاثِينَ سنة. قَالَ سعيد: فَقلت لَهُ: إِن بني أُميَّة يَزْعمُونَ أَن الْخلَافَة فيهم. قَالَ: كذبُوا بَنو الزَّرْقَاء هم مُلُوك من شَرّ الْمُلُوك ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن سعيد بن جمْهَان، وَلَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث سعيد بن جمْهَان.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا دَاوُد [الوَاسِطِيّ]- وَكَانَ ثِقَة - قَالَ: سَمِعت حبيب بن سَالم قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير يَقُول: " كَانَ بشير بن سعد يكف حَدِيثه، فجَاء أَبُو ثَعْلَبَة فَقَالَ: يَا بشير بن سعد، أتحفظ حَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْأُمَرَاء؟ وَكَانَ حُذَيْفَة قَاعِدا مَعَ بشير، فَقَالَ حُذَيْفَة: أَنا أحفظ خطبَته. فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَة، فَقَالَ حُذَيْفَة: [قَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّكُم فِي النُّبُوَّة مَا شَاءَ الله أَن يكون، ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ أَن يرفعها، ثمَّ يكون خلَافَة على منهاج النُّبُوَّة (تكون مَا شَاءَ الله أَن يكون، ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ أَن يرفعها، ثمَّ جبرية مَا شَاءَ الله أَن تكون، ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ أَن يرفعها، ثمَّ تكون خلَافَة على منهاج النُّبُوَّة) ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعلي بن حجر قَالَا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة قَالَ: " كُنَّا عِنْد جَابر بن عبد الله فَقَالَ: يُوشك أهل الْعرَاق أَلا يجبى إِلَيْهِم [قفيز] وَلَا دِرْهَم. قُلْنَا: من أَيْن ذَلِك؟ قَالَ: من قبل الْعَجم، يمْنَعُونَ ذَلِك. ثمَّ قَالَ: يُوشك أهل الشَّام أَلا يجبى إِلَيْهِم دِينَار وَلَا مدي. قُلْنَا: من أَيْن ذَلِك؟ قَالَ: من قبل الرّوم ثمَّ أسكت هنيَّة. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يكون فِي آخر أمتِي خَليفَة يحثي المَال حثيا (و) لَا (يعدده) عددا.

(4/525)


قَالَ: قلت لأبي نَضرة وَأبي الْعَلَاء: أتريان أَنه عمر بن عبد الْعَزِيز؟ فَقَالَا: لَا ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا أبي، ثَنَا دَاوُد، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد وَجَابِر / بن عبد الله قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يكون فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يقسم المَال وَلَا يعده ".
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا بشر بن [الْمفضل] .
وثنا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن علية، كِلَاهُمَا عَن سعيد بن يزِيد، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من خلفائكم (من) يحثو المَال حثيا، لَا يعده (عدا) ".
وَفِي رِوَايَة ابْن حجر: " يحثي المَال ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبيد بن أَسْبَاط، ثَنَا أبي، ثَنَا سُفْيَان - هُوَ الثَّوْريّ - عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة، عَن زر، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَالَ) : " لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى يملك الْعَرَب رجل من أهل بَيْتِي يواطئ اسْمه اسْمِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد؛ أَن (عمر) بن عبيد حَدثهمْ.

(4/526)


وَحدثنَا أَحْمد بن [إِبْرَاهِيم] ، حَدثنِي عبيد الله بن مُوسَى، أَنا زَائِدَة.
وَحدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَيْضا، حَدثنِي عبيد الله بن مُوسَى، عَن فطر، الْمَعْنى وَاحِد [كلهم] عَن عَاصِم، عَن زر، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم - قَالَ زَائِدَة فِي حَدِيثه: - لطول الله ذَلِك الْيَوْم - (ثمَّ اتفقَا) - حَتَّى يبْعَث الله فِيهِ رجلا مني أَو من أهل بَيْتِي يواطئ اسْمه اسْمِي، وَاسم أَبِيه اسْم أبي ".
فِي حَدِيث فطر: " يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت ظلما وجورا ".
فطر بن خَليفَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأحمد بن حَنْبَل وَيحيى بن سعيد. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: فطر بن خَليفَة صَالح، كَانَ يحيى بن سعيد الْقطَّان يرضاه، وَيحسن القَوْل فِيهِ وَيحدث عَنهُ.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا فطر بن خَليفَة، عَن الْقَاسِم [بن] أبي بزَّة، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو لم يبْق من الدَّهْر إِلَّا يَوْم لبعث الله رجلا من أهل بَيْتِي يملؤها عدلا كَمَا ملئت جورا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا الثَّوْريّ، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يقتتل عِنْد كنزكم هَذَا ثَلَاثَة كلهم ابْن خَليفَة ثمَّ لَا يصل إِلَى وَاحِد مِنْهُم، ثمَّ تقبل الرَّايَات / السود من قبل الْمشرق فيقتلونكم قتلا لم يقْتله قوم - ثمَّ ذكر شَيْئا - فَإِذا

(4/527)


رَأَيْتُمُوهُ فتابعوه وَلَو حبوا على الثَّلج فَإِنَّهُ خَليفَة الله الْمهْدي ".
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث قد رُوِيَ نَحْو كَلَامه من غير هَذَا الْوَجْه بِهَذَا اللَّفْظ، وَهَذَا اللَّفْظ لَا نعلمهُ إِلَّا من هَذَا الحَدِيث، وَإِن كَانَ قد رُوِيَ أَكثر معنى هَذَا الحَدِيث فَإنَّا اخترنا هَذَا الحَدِيث لصِحَّته ولجلالة ثَوْبَان، وَإِسْنَاده صَحِيح.
رَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة: عَن أَحْمد بن شبويه، عَن عبد الرَّزَّاق. بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا قَالَ: " يقتل عِنْد كنزكم هَذَا ثَلَاثَة كلهم ابْن خَليفَة، ثمَّ لَا يكون - أَولا يصير - الْأَمر إِلَى وَاحِد مِنْهُم، ثمَّ تقبل الرَّايَات السود من خُرَاسَان، فَإِذا سَمِعْتُمْ بهَا فائتوها وَلَو زحفا أَو حبوا، فَإِن فِيهَا خَليفَة الله الْمهْدي ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر الرقي، ثَنَا أَبُو الْمليح الْحسن بن عَمْرو، عَن [زِيَاد] بن بَيَان، عَن عَليّ بن نفَيْل، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أم سَلمَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْمهْدي من عِتْرَتِي من ولد فَاطِمَة ".
قَالَ عبد الله: وَسمعت أَبَا الْمليح يثني [على] عَليّ بن نفَيْل وَيذكر مِنْهُ صلاحا. الْحسن بن عمر أَبُو الْمليح روى عَنهُ ابْن الْمُبَارك وَغَيره، قَالَ أَبُو زرْعَة: الْحسن بن عمر ثِقَة.
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي " تَارِيخه الْكَبِير ": حَدثنَا عبد الْغفار بن دَاوُد، ثَنَا أَبُو الْمليح الرقي، سمع زِيَاد بن بَيَان - وَذكر من فَضله - سمع عَليّ بن نفَيْل جد

(4/528)


النُّفَيْلِي، سمع سعيد بن الْمسيب، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[رَفعه] : " الْمهْدي هُوَ حق من ولد فَاطِمَة ".
قَالَ البُخَارِيّ: فِي إِسْنَاده نظر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سهل بن تَمام بن [بزيع] ، ثَنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمهْدي مني، أجلى الْجَبْهَة، أقنى الْأنف، يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت جورا وظلما، يملك سبع سِنِين ".
عمرَان الْقطَّان هُوَ عمرَان بن دوار أَبُو الْعَوام. ذكره يحيى بن سعيد الْقطَّان فَأحْسن الثَّنَاء عَلَيْهِ. وَقَالَ يحيى بن معِين: عمرَان الْقطَّان لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل / وَسُئِلَ عَنهُ: [أَرْجُو] أَن يكون صَالح الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة [قَالَ: سَمِعت زيدا الْعمي قَالَ:] سَمِعت أَبَا الصّديق النَّاجِي، يحدث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " خشينا أَن يكون بعد نَبينَا حدث فسألنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: إِن فِي أمتِي الْمهْدي يخرج يعِيش خمْسا - أَو سبعا أَو تسعا. زيد الشاك - قَالَ: قُلْنَا: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: سِنِين. قَالَ: فَيَجِيء الرجل إِلَيْهِ فَيَقُول: يَا مهْدي، أَعْطِنِي أَعْطِنِي.

(4/529)


قَالَ: فيحثي لَهُ فِي ثَوْبه مَا اسْتَطَاعَ أَن يحملهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار: عَن أَحْمد بن ثَابت، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ قَالَ فِيهِ: " ثمَّ يُرْسل الله السَّمَاء مدرارا، وَلَا تدخر الأَرْض شَيْئا، وَيكون المَال كدوسا، وَيَجِيء الرجل إِلَيْهِ فَيَقُول: يَا مهْدي، أَعْطِنِي. فيحثو لَهُ حَتَّى مَا يَسْتَطِيع أَن يحمل ".
وَرَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ: ثَنَا عبد الله بن عمر، ثَنَا مُحَمَّد بن مَرْوَان، ثَنَا عمَارَة بن أبي حَفْصَة، عَن زيد، بِالْإِسْنَادِ الأول. قَالَ فِيهِ: " وتنعم أمتِي نعْمَة لم ينعموا مثلهَا قطّ، يُرْسل الله السَّمَاء عَلَيْهِم مدرارا، وَلَا تدخر الأَرْض شَيْئا من النَّبَات ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن يزِيد الْجرْمِي، ثَنَا مُحَمَّد بن مَرْوَان الْعقيلِيّ، ثَنَا هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمهْدي، فَقَالَ: إِن قصر فسبع، وَإِلَّا فثمان، وَإِلَّا فتسع، وليملأن الأَرْض عدلا وقسطا كَمَا ملئت جورا وظلما ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام إِلَّا مُحَمَّد بن مَرْوَان وَلَا نعلم أحدا تَابعه عَلَيْهِ.
وروى قَاسم بن أصبغ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا ياسين الْعجلِيّ، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة، عَن أَبِيه، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمهْدي منا أهل الْبَيْت يصلحه الله فِي لَيْلَة ".

(4/530)


رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار، عَن مُحَمَّد بن معمر، عَن أبي نعيم، عَن ياسين. [و] ياسين بن شَيبَان لَا بَأْس بِهِ / وَقَالَ البُخَارِيّ: ياسين بن شَيبَان لَيْسَ بِذَاكَ. ذكره فِي تَارِيخه بِهَذَا الحَدِيث فِي بَاب إِبْرَاهِيم.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن [صَالح أبي الْخَلِيل] ، عَن صَاحب لَهُ، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، [عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ: " يكون اخْتِلَاف عِنْد موت خَليفَة، فَيخرج رجل من أهل الْمَدِينَة هَارِبا إِلَى مَكَّة، فيأتيه النَّاس من أهل مَكَّة فيخرجونه وَهُوَ كَارِه فيبايعونه بَين الرُّكْن وَالْمقَام، وَيبْعَث إِلَيْهِ بعث من أهل الشَّام فيخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، فَإِذا رأى النَّاس ذَلِك أَتَاهُ أبدال أهل الشَّام وعصائب أهل الْعرَاق فيبايعونه، ثمَّ ينشئ رجل من قُرَيْش أَخْوَاله كلب، فيبعث إِلَيْهِم بعثا فيظهرون عَلَيْهِم وَذَلِكَ بعث كلب والخيبة لمن لم يشْهد غنيمَة كلب، فَيقسم المَال وَيعْمل فِي النَّاس بِسنة نَبِيّهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ويلقي الْإِسْلَام بجرانه إِلَى الأَرْض، فيلبث سبع سِنِين، ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ".
حَدثنَا ابْن الْمثنى، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا أَبُو الْعَوام، ثَنَا قَتَادَة، عَن أبي الْخَلِيل، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أم سَلمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا، وَحَدِيث معَاذ أتم.

(4/531)


روى أَبُو بكر أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة - وَأَبُو خَيْثَمَة اسْمه: زُهَيْر بن حَرْب - قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن بكير الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، ثَنَا الْمُعَلَّى بن زِيَاد، عَن الْعَلَاء بن بشير، عَن أبي بكر النَّاجِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " أبشركم بالمهدي، يبْعَث فِي أمتِي على اخْتِلَاف من النَّاس وزلزال، يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت ظلما وجورا، يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض، وَيقسم المَال [صحاحا] . قلت: وَمَا [الصِّحَاح] ؟ قَالَ: بِالسَّوِيَّةِ بَين النَّاس، ويملأ الله قُلُوب أمة مُحَمَّد غنى، ويسعهم عدله حَتَّى يَأْمر مناديا فينادي من لَهُ فِي مَال الله - أرَاهُ قَالَ: حَاجَة - فَمَا يقوم من النَّاس إِلَّا رجل. قَالَ: يُقَال لَهُ: (إِلَى) السادن، [فَقل] لَهُ: إِن الْمهْدي يَأْمُرك أَن تُعْطِينِي مَالا. قَالَ: فَيَقُول: احثه. قَالَ: فيحثي حَتَّى إِذا جعله فِي حجره، قَالَ: / ينْدَم يَقُول: كنت أجشع أمة مُحَمَّد نفسا أَو أعجز [عَمَّا] وسعهم. قَالَ: فَيردهُ فَيَقُول: إِنَّا لَا نقبل شَيْئا أعطيناه. قَالَ: فَيكون ذَلِك سبعا أَو ثمانيا أَو تسع سِنِين، ثمَّ لَا خير فِي الْعَيْش بعده ".
تَابعه عبد السَّلَام بن مطهر، سمع جَعْفَر بن سُلَيْمَان فِي هَذَا الحَدِيث.
وروى الْبَزَّار قَالَ: ثَنَا عَليّ بن الْمُنْذر، ثَنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا قيس، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تذْهب أَيَّام الدُّنْيَا حَتَّى يملك رجل من أمتِي، وَلَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطول الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى تفتح قسطنطينة والديلم ".
قيس قد تقدم ذكره فِي بَاب ذمّ الرَّأْي من كتاب " الْعلم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عَطِيَّة

(4/532)


عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يخرج من أمتِي رجل من أهل بَيْتِي [عِنْد] انْقِطَاع [من] الزَّمَان وَظُهُور من الْفِتَن يُقَال لَهُ: السفاح يكون عطاؤه [حثيا] ".
قَالَ يحيى بن معِين: عَطِيَّة صَالح الحَدِيث. وَقد ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل و [أَبُو] حَاتِم.

بَاب
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. قَالَ عُثْمَان: ثَنَا. وَقَالَ إِسْحَاق: أخبرنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن حُذَيْفَة: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقَاما مَا ترك شَيْئا فِي مقَامه ذَاك إِلَى قيام السَّاعَة إِلَّا حدث بِهِ، حفظه من حفظه، ونسيه من نَسيَه، قد علمه أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُ ليَكُون مِنْهُ الشَّيْء قد نَسِيته فَأرَاهُ فأذكره كَمَا يذكر الرجل وَجه الرجل إِذا غَابَ عَنهُ، ثمَّ إِذا رَآهُ عرفه ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد بن يعِيش وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لِعبيد - قَالَ: حَدثنَا يحيى بن آدم، ثَنَا زُهَيْر، عَن سُهَيْل [بن] أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا منعت الْعرَاق درهمها

(4/533)


وقفيزها، ومنعت الشَّام مديها ودينارها، ومنعت مصر [إردبها] ودينارها، وعدتم من حَيْثُ بدأتم، وعدتم من حَيْثُ بدأتم / وعدتم من حَيْثُ بدأتم. شهد على ذَلِك لحم أبي هُرَيْرَة وَدَمه ".

بَاب ذكر مَا بَين يَدي السَّاعَة من الْفِتَن والأشراط
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يحسر الْفُرَات عَن جبل من ذهب يقتتل النَّاس عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ، وَيَقُول كل رجل مِنْهُم: لعَلي أكون أَنا الَّذِي أنجو ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن وَأَبُو معن الرقاشِي - وَاللَّفْظ [لأبي] معن - قَالَا: ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ: أَخْبرنِي أبي، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ: " كنت وَاقِفًا مَعَ أبي بن كَعْب فَقَالَ: لَا يزَال النَّاس مُخْتَلفَة أَعْنَاقهم فِي طلب الدُّنْيَا. قلت: أجل. قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: يُوشك الْفُرَات [أَن] يحسر عَن جبل من ذهب، فَإِذا سمع بِهِ النَّاس سَارُوا إِلَيْهِ، فَيَقُول من عِنْده. لَئِن تركنَا النَّاس يَأْخُذُونَ مِنْهُ ليذهبن بِهِ كُله. قَالَ: فيقتتلون عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ ".
قَالَ أَبُو كَامِل فِي حَدِيثه: " وقفت أَنا وَأبي بن كَعْب فِي ظلّ أجم حسان ".

(4/534)


قَالَ مُسلم: وَحدثنَا سهل بن عُثْمَان، أَنا عقبَة بن خَالِد، عَن عبيد الله، [عَن] أبي الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُوشك الْفُرَات أَن يحسر عَن جبل من ذهب؛ فَمن حَضَره فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا ".
وَلمُسلم فِي بعض أَلْفَاظه: " عَن كنز من الذَّهَب ".
مُسلم: حَدثنَا وَاصل بن عبد الْأَعْلَى وَأَبُو كريب وَمُحَمّد بن يزِيد الرِّفَاعِي - وَاللَّفْظ لواصل - قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تخرج الأَرْض أفلاذ كَبِدهَا أَمْثَال الأسطوان من الذَّهَب وَالْفِضَّة فيجئ الْقَاتِل فَيَقُول /: فِي هَذَا قتلت. وَيَجِيء الْقَاطِع فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت رحمي. وَيَجِيء السَّارِق فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت يَدي. ثمَّ يَدعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئا ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى [يكثر المَال وَيفِيض حَتَّى] يخرج الرجل بِزَكَاة مَاله، فَلَا يجد أحدا يقبلهَا مِنْهُ، وَحَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجا وأنهارا ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد. قَالَ عبد: أَنا. وَقَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن الْمسيب، عَن

(4/535)


أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب أليات نسَاء دوس حول ذِي الخلصة. وَكَانَت صنما تعبدها دوس فِي الْجَاهِلِيَّة بتبالة ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري وَأَبُو معن الرقاشِي - وَاللَّفْظ لأبي معن - قَالَا: ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، عَن الْأسود بن الْعَلَاء، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تعبد اللات والعزى. فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن كنت لأَظُن حِين أنزل الله - عز وَجل -: {هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدَّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} أَن ذَلِك تَاما. قَالَ: إِنَّه سَيكون من ذَلِك مَا شَاءَ الله، ثمَّ يبْعَث الله ريحًا طيبَة فتوفى كل من فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان، فَيبقى من لَا خير فِيهِ فيرجعون إِلَى دين آبَائِهِم ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن أبان بن صَالح وَمُحَمّد ابْن يزِيد الرِّفَاعِي - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبان - قَالَا: ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن أبي إِسْمَاعِيل، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى يمر الرجل على الْقَبْر فيتمرغ عَلَيْهِ وَيَقُول: يَا لَيْتَني مَكَان صَاحب هَذَا الْقَبْر. وَلَيْسَ بِهِ الدَّين إِلَّا الْبلَاء ".
/ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع بن الْجراح، ثَنَا أبي، عَن الْقَاسِم بن الْفضل، ثَنَا أَبُو نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الْإِنْس، وَحَتَّى تكلم الرجل عذبة سَوْطه وشراك نَعله، وَتُخْبِرهُ فَخذه بِمَا أحدث أَهله من بعده ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من (وَجه) الْقَاسِم

(4/536)


ابْن الْفضل. وَالقَاسِم بن الْفضل ثِقَة مَأْمُون عِنْد أهل الحَدِيث، وَثَّقَهُ يحيى بن سعيد الْقطَّان وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة بن سهل بن حنيف يَقُول: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى (تتسافدون) فِي (الطَّرِيق) تسافد الْحمير ".
وَحدثنَا فهم بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا عبد الله بن نمير، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، عَن أبي أُمَامَة بن سهل، عَن عبد الله بن عَمْرو بِمثلِهِ. وَلم يرفعهُ إِلَّا أَنه قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتسافد النَّاس فِي الطّرق تسافد الْحمير ".
وَقَالَ هَذَا الحَدِيث لَا نعلم رُوِيَ من وَجه صَحِيح إِلَّا عَن عبد الله بن عَمْرو بِهَذَا الْإِسْنَاد.
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عَيَّاش] بن الْوَلِيد، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يتقارب الزَّمَان، وَينْقص الْعَمَل، ويلقى الشُّح، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج. قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَيّمَا هُوَ؟ قَالَ: الْقَتْل الْقَتْل ".
وَقَالَ يُونُس وَشُعَيْب وَاللَّيْث وَابْن أخي الزُّهْرِيّ: عَن الزُّهْرِيّ، عَن حميد،

(4/537)


[عَن] أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا شَقِيق قَالَ: " جلس عبد الله وَأَبُو مُوسَى يتحدثان فَقَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن بَين يَدي السَّاعَة أَيَّامًا يرفع فِيهَا الْعلم، وَينزل فِيهَا الْجَهْل، وَيكثر فِيهَا الْهَرج، والهرج الْقَتْل ".
مُسلم: / حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكثر الْهَرج. قَالُوا: وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الْقَتْل الْقَتْل ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن مُنَبّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتتل فئتان عظيمتان، وَتَكون بَينهمَا مقتلة عَظِيمَة دعواهما وَاحِدَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا وهب بن جرير، حَدثنِي أبي، عَن يُونُس، عَن الْحسن، عَن عَمْرو بن تغلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يفشو المَال وَيكثر، وتفشو التِّجَارَة، وَيظْهر الْقَلَم، وَيبِيع الرجل البيع فَيَقُول: (حَتَّى) أَستَأْمر تَاجر بني فلَان. ويلتمس فِي [الْحَيّ] الْعَظِيم

(4/538)


الْكَاتِب فَلَا يُوجد ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا النَّضر بن [شُمَيْل] ، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " أحدثكُم حَدِيثا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُحَدثكُمْ [أحد] بعدِي؛ أَنه [سَمعه] من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم، وَيظْهر الْجَهْل، ويفشو الزِّنَا، وتشرب الْخمر، وَيكثر النِّسَاء، ويقل الرِّجَال حَتَّى يكون لخمسين امْرَأَة قيم وَاحِد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن أبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا سَلمَة، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، ثَنَا أَرْطَاة بن الْمُنْذر، عَن ضَمرَة بن حبيب، عَن سَلمَة بن نفَيْل السكونِي قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ قَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله، هَل أتيت بِطَعَام من السَّمَاء؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وماذا؟ قَالَ: طَعَام بمسخنة. قَالَ: هَل كَانَ فِيهَا فضل عَنْك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا فعل [بِهِ] ؟ قَالَ: رفع، وَهُوَ يُوحى إِلَيّ أَنِّي مكفوف غير لابث، ولستم لابثون بعدِي إِلَّا قَلِيلا، وستأتون / (أفنادا) يفني بَعْضكُم بَعْضًا، وَبَين يَدي السَّاعَة موتان شَدِيدَة وسنوات الزلازل ".

(4/539)


ارطاة وضمرة ثقتان.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن معبد، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا شريك ابْن عبد الله، عَن عُثْمَان بن عُمَيْر، عَن زَاذَان أبي عمر، عَن عليم قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا على سطح مَعنا رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يزِيد: لَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: عبس الْغِفَارِيّ - وَالنَّاس يخرجُون فِي الطَّاعُون. فَقَالَ عبس: يَا طاعون خذني. يَقُولهَا ثَلَاثًا. فَقَالَ عليم: لم تَقول هَذَا؟ ألم يقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت؛ فَإِنَّهُ عِنْد انْقِطَاع عمله وَلَا يرد [فيستعتب] ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: بَادرُوا سِتا: إمرة السُّفَهَاء، وَكَثْرَة الشَّرْط، وَبيع الحكم، واستخفافا بِالدَّمِ، وَقَطِيعَة الرَّحِم، وَنَشَأ يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير يقدمُونَ أحدهم لِيُغنيَهُمْ وَإِن كَانَ أقلهم فقها ".
قَالَ: وَحدثنَا فَهد بن سلميان، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد الْأَصْبَهَانِيّ، عَن شريك، عَن عُثْمَان [بن] عُمَيْر، عَن زَاذَان، عَن عليم قَالَ: " كنت مَعَ عبس الْغِفَارِيّ ... " وَذكره.
رَوَاهُ الْبَزَّار من طَرِيق لَيْث، عَن عُثْمَان بن عُمَيْر، عَن زَاذَان، عَن عليم، عَن عبس. وَإسْنَاد أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ أحسن، وَعَبس هَذَا شَامي وَيُقَال: عَابس وَهُوَ أَكثر، روى عَنهُ أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ، وروى عَنهُ أهل الْكُوفَة، مِنْهُم [حَنش] وَعَلِيم الكنديان، ويروي زَاذَان عَنهُ، وَعَن عليم عَنهُ.

(4/540)


الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله، أَنا زيد بن الْحباب، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض: الله الله، وَحَتَّى تمطر السَّمَاء، وَلَا تنْبت الأَرْض، وَحَتَّى يكون للخمسين امْرَأَة الْقيم الْوَاحِد، وَحَتَّى تمر الْمَرْأَة بالنعل فَيَقُول: لقد كَانَ لَهَا مرّة رجل ".
قَالَ الْبَزَّار: وَحدثنَا أَحْمد بن عَبدة، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن عبد الله، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يلْتَمس الرجل من أَصْحَابِي كَمَا يلْتَمس الضَّالة فَلَا تُوجد ".
وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا جَابر، عَن أبي سعيد.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي، عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتلُوا إمامكم، وتجتلدوا بأسيافكم، وَيَرِث (دنياكم) أشراركم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى (يقتتل) فئتان عظيمتان تكون بَينهمَا مقتلة عَظِيمَة، دعواهما وَاحِدَة، وَحَتَّى يبْعَث دجالون كذابون كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله، وَحَتَّى يقبض الْعلم، وتكثر الزلازل،

(4/541)


ويتقارب الزَّمَان، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج - وَهُوَ الْقَتْل - وَحَتَّى يكثر فِيكُم المَال فيفيض حَتَّى يهم رب المَال من يقبل صدقته، وَحَتَّى يعرضه فَيَقُول الَّذِي يعرضه عَلَيْهِ: لَا أرب لي (فِيهِ) وَحَتَّى يَتَطَاوَل النَّاس فِي الْبُنيان، وَحَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول: يَا لَيْتَني مَكَانَهُ، وَحَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت وَرَآهَا النَّاس [آمنُوا] أَجْمَعُونَ فَذَلِك [حِين] {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبها بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا يطعمهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفع أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا يُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة، عَن أَبِيه، عَن عَوْف، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن بَين يَدي السَّاعَة سِنِين خداعة، يصدق فِيهَا الْكَاذِب، ويكذب فِيهَا الصَّادِق، ويؤتمن فِيهَا الخائن، ويخون فِيهَا الْأمين، وينطق فِيهَا / الرويبضة. قيل: وَمَا الرويبضة؟ قَالَ: الْمَرْء التافه يتَكَلَّم فِي أَمر الْعَامَّة ".
وَبِه إِلَى ابْن إِسْحَاق: [وحَدثني عبد الله] بن دِينَار، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه.
قَالَ: وَحَدِيث عَوْف بن مَالك لَا نعرفه يرْوى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَعبد الله ابْن دِينَار لم يرو عَن أنس إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَلَا رَوَاهُ عَنهُ إِلَّا مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا يحيى بن معِين، ثَنَا حجاج

(4/542)


ابْن مُحَمَّد، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي مُحَمَّد بن الْحَارِث قَالَ: قدم رجل يُقَال لَهُ: أَبُو عَلْقَمَة حَلِيف بني هَاشم، (فسابقت) إِلَيْهِ أَنا وَعلي الْأَزْدِيّ فَكَانَ مِمَّا حَدثنَا أَن قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يظْهر الْفُحْش وَالشح، ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين، وَتظهر ثِيَاب كأفراخ الشّجر يلبسهَا نسَاء كاسيات عاريات، و (تعلو) التحوت الوعول. (كَذَلِك) يَا عبد الله بن مَسْعُود سمعته من حبي [رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] ؟ قَالَ: نعم وَرب الْكَعْبَة. قلت: وَمَا التحوت الوعول؟ قَالَ: فسول الرِّجَال وَأهل البيوتات الغامضة، يرفعون فَوق صالحيهم وَأهل البيوتات الصَّالِحَة ".
أَبُو عَلْقَمَة هَذَا تَابِعِيّ جليل، سمع أَبَا هُرَيْرَة وَعُثْمَان وَعبد الله بن مَسْعُود، سمع مِنْهُ عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر وَمُحَمّد بن الْحَارِث وَعلي الأودي ويعلى بن عَطاء وزهرة بن معبد. ذكر ذَلِك الطَّحَاوِيّ فِي أَحَادِيث صِحَاح، وَذكر أَنه ولي قَضَاء إفريقية فِي أَيَّام بني أُميَّة، وَذكره أَبُو حَاتِم وَقَالَ: أَحَادِيث أبي عَلْقَمَة صِحَاح.
وَمُحَمّد بن الْحَارِث هُوَ ابْن سُفْيَان، روى عَنهُ ابْن جريج وَابْن أبي حُسَيْن وَابْن عُيَيْنَة وَغَيرهم.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن نجدة، ثَنَا بشر بن بكر، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد بن جَابر، ثَنَا عَطِيَّة بن قيس، سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن غنم الْأَشْعَرِيّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو عَامر (و) أَبُو مَالك الْأَشْعَرِيّ وَالله يَمِين أُخْرَى مَا كَذبَنِي أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَيَكُونن من أمتِي أَقوام يسْتَحلُّونَ الْخَزّ وَالْحَرِير -

(4/543)


وَذكر كلَاما - قَالَ: يمسخ آخَرين مِنْهُم قردة وَخَنَازِير إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
رَوَاهُ أَبُو عِيسَى الرَّمْلِيّ وَابْن الْأَعرَابِي على الشَّك، أَبُو عَامر / أَو أَبُو مَالك وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَن أَبَا عَامر الْأَشْعَرِيّ قتل يَوْم اوطاس فِي قصَّة حنين.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا زيد بن الْحباب، ثَنَا الْعَلَاء بن منهال، ثَنَا مهند الْقَيْسِي - وَكَانَ ثِقَة - ثَنَا قيس بن مُسلم، عَن طَارق بن شهَاب، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم فِي نبوة وَرَحْمَة، وستكون خلَافَة وَرَحْمَة، وَيكون كَذَا وَكَذَا، وَيكون ملك عضوض، يشربون الْخُمُور وَيلبسُونَ الْحَرِير، وَفِي ذَلِك ينْصرُونَ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يبْعَث دجالون كذابون (قَرِيبا) من ثَلَاثِينَ كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء الرَّحبِي، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تلْحق قبائل من أمتِي بالمشركين، وَحَتَّى يعبدوا الْأَوْثَان، وَإنَّهُ سَيكون فِي أمتِي ثَلَاثُونَ كذابون كلهم يزْعم أَنه نَبِي، وَأَنا خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا

(4/544)


أَبُو عوَانَة، عَن الْأسود بن قيس، عَن ثَعْلَبَة بن عباد قَالَ: خَطَبنَا سَمُرَة بن جُنْدُب، فحدثنا فِي خطبَته عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لن تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ دجالًا كذابا كلهم يكذب على الله - عز وَجل - وَرَسُوله، آخِرهم الْأَعْوَر الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عين ابْن أبي تحيى ".
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، حَدثنَا [إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة] ، ثَنَا معَاذ بن هِشَام قَالَ: قَرَأت فِي كتاب أبي بِخَط يَده وَلم أسمعهُ مِنْهُ، عَن قَتَادَة، عَن أبي معشر، عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، عَن همام، عَن حُذَيْفَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي أمتِي كذابون دجالون (تِسْعَة) وَعِشْرُونَ فيهم أَربع نسْوَة، وَإِنِّي خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي (صلى الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ) ".
أَبُو معشر اسْمه: زِيَاد بن كُلَيْب، ثِقَة مَشْهُور.
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ضيعت الْأَمَانَة (فانتظروا) السَّاعَة. قَالَ: كَيفَ إضاعتها يَا رَسُول الله؟ قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله (فانتظروا) السَّاعَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن الزبير بن عدي قَالَ: " دَخَلنَا على أنس بن مَالك، قَالَ: فشكونا إِلَيْهِ

(4/545)


مَا نلقى من الْحجَّاج، فَقَالَ: مَا من عَام إِلَّا الَّذِي بعده شَرّ مِنْهُ حَتَّى تلقوا ربكُم. سَمِعت هَذَا من نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، حَدثنَا سُفْيَان، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيست السّنة بألا تمطروا وَلَكِن السّنة أَن تمطروا وتمطروا فَلَا تنْبت الأَرْض شَيْئا ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن عمر بن أبان وواصل بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أبي إِسْمَاعِيل الْأَسْلَمِيّ، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِي على النَّاس (زمَان) لَا يدْرِي الْقَاتِل فيمَ قتل، وَلَا يدْرِي الْمَقْتُول فيمَ قتل. فَقيل: كَيفَ يكون ذَلِك؟ قَالَ: الْهَرج، الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار ".
فِي رِوَايَة ابْن أبان قَالَ: هُوَ يزِيد بن كيسَان، عَن أبي إِسْمَاعِيل. وَلم يذكر الْأَسْلَمِيّ.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي: ابْن مُحَمَّد - عَن ثَوْر بن زيد، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج رجل من قحطان يَسُوق النَّاس بعصاه ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي، حَدثنَا عبد الْكَبِير بن عبد الْمجِيد أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ: سَمِعت عمر بن الحكم يحدث،

(4/546)


عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك رجل يُقَال لَهُ: الجهجاه ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى يملك رجل من الموَالِي يُقَال لَهُ: جَهْجَاه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز / بن مُحَمَّد، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو.
وَحدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن عبد الله - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي - عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون أسعد النَّاس فِي الدُّنْيَا لكع ابْن لكع ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عَمْرو بن أبي عَمْرو.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، حَدثنَا عمي عبد الله ابْن وهب، أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبد الْملك - يَعْنِي ابْن أبي بكر بن الْحَارِث بن هِشَام - عَن أَبِيه قَالَ: أَخْبرنِي رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُوشك أَن يغلب على الدُّنْيَا لكع ابْن لكع وَأفضل النَّاس يُؤمن بَين [كريمين] ".
رَوَاهُ ابْن عقيل، عَن ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَوْقُوفا.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَابْن أبي عمر - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي

(4/547)


عمر - قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة، وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر، لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما صغَارًا الْأَعْين، ذلف الأنوف ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُقَاتل الْمُسلمُونَ التّرْك، قوم وُجُوههم كالمجان المطرقة، يلبسُونَ الشّعْر ويمشون فِي الشّعْر ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع وَأَبُو أُسَامَة، عَن إِسْمَاعِيل (بن) أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تقاتلون بَين يَدي السَّاعَة قوما نعَالهمْ الشّعْر، كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة، حمر الْوُجُوه، صغَار الْأَعْين ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن همام، عَن

(4/548)


أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا خوزا وكرمان من الْأَعَاجِم، حمر الْوُجُوه، فطس الأنوف، صغَار الْأَعْين، وَكَأن وُجُوههم المجان المطرقة، نعَالهمْ الشّعْر ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَليّ بن الْمُنْذر، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَجِيء قوم صغَار الْأَعْين، عراض الْوُجُوه، كَأَن وُجُوههم المجان، فيلحقون أهل الْإِسْلَام بمنابت الشيح كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِم قد ربطوا خيولهم بِسوَارِي الْمَسْجِد. قيل: يَا رَسُول الله، من هم؟ قَالَ: هم التّرْك ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا عبيد الله، [عَن] نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لتقاتلن الْيَهُود فلتقتلنهم حَتَّى يَقُول الْحجر: يَا مُسلم، هَذَا يَهُودِيّ فتعال فاقتله ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُقَاتل الْمُسلمُونَ الْيَهُود فيقتلهم الْمُسلمُونَ، حَتَّى يختبئ من وَرَاء الْحجر وَالشَّجر، فَيَقُول الْحجر أَو الشّجر: يَا مُسلم، يَا عبد الله، هَذَا يَهُودِيّ خَلْفي فتعال فاقتله، إِلَّا الْغَرْقَد فَإِنَّهُ من شجر الْيَهُود ".

(4/549)


مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر - قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد مَاتَ كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده، وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتنفقن كنوزهما فِي سَبِيل الله - عز وَجل ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لتفتتحن عِصَابَة من الْمُسلمين كنز آل كسْرَى الَّذِي (فِيهِ) الْأَبْيَض ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: " مَال مَكْحُول وَابْن زَكَرِيَّا إِلَى خَالِد بن معدان، وملت مَعَهم، فحدثنا عَن جُبَير بن نفير عَن الْهُدْنَة، قَالَ جُبَير: انْطلق بِنَا إِلَى ذِي مخبر - أَو قَالَ: ذِي مخمر. الشَّك من أبي دَاوُد - رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فأتيناه فَسَأَلَهُ جُبَير عَن الْهُدْنَة، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: ستصالحون / الرّوم صلحا آمنا، فتغزون أَنْتُم وهم عدوا من وَرَائِكُمْ فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثمَّ ترجعون حَتَّى تنزلوا بمرج ذِي تلول فيرفع رجل من النَّصْرَانِيَّة الصَّلِيب فَيَقُول: غلب الصَّلِيب، ويغضب رجل من الْمُسلمين فيدقه؛ فَعِنْدَ ذَلِك تغدر الرّوم وَتجمع للملحمة ".
حَدثنَا مُؤَمل بن الْفضل، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا أَبُو عَمْرو، عَن حسان ابْن عَطِيَّة بِهَذَا الحَدِيث، زَاد فِيهِ: " ويثور الْمُسلمُونَ إِلَى أسلحتهم فيقتتلون،

(4/550)


فيكرم الله تِلْكَ الْعِصَابَة بِالشَّهَادَةِ " إِلَّا أَن الْوَلِيد جعل الحَدِيث عَن جُبَير، عَن ذِي مخبر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ روح [و] يحيى وَبشر بن بكر، عَن الْأَوْزَاعِيّ، كَمَا قَالَ عِيسَى.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الله بن الْعَلَاء ابْن زبر، قَالَ: سَمِعت [بسر] بن عبيد الله؛ أَنه سمع أَبَا إِدْرِيس قَالَ: سَمِعت عَوْف بن مَالك قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ فِي قبَّة من أَدَم، فَقَالَ: اعدد سِتا بَين يَدي السَّاعَة: موتِي، ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس، ثمَّ (موتتان) يَأْخُذ فِيكُم [كقعاص] الْغنم، ثمَّ استفاضة المَال حَتَّى يعْطى الرجل مائَة دِينَار فيظل ساخطا، ثمَّ فتْنَة لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته، ثمَّ هدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ غَايَة تَحت كل غَايَة (اثْنَي) عشر ألفا ".
زَاد جُبَير بن نفير، عَن عَوْف بن مَالك فِي هَذَا الحَدِيث بعد قَوْله: " اثْنَا عشر ألفا ": " فسطاط الْمُسلمين يَوْمئِذٍ الغوطة فِي مَدِينَة يُقَال لَهَا: دمشق ".

(4/551)


رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن صَفْوَان بن عَمْرو، عَن عبد الرَّحْمَن بن [جُبَير] عَن أَبِيه. وَحَدِيث إِسْمَاعِيل عَن الشاميين مُسْتَقِيم، وَهَذَا إِسْنَاد شَامي.
خرج هَذِه الزِّيَادَة والْحَدِيث: ابْن أبي خَيْثَمَة وَأَبُو بكر الْبَزَّار.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا أبي، ثَنَا سعيد بن جمْهَان (ثِقَة) ، ثَنَا مُسلم بن أبي بكرَة قَالَ: سَمِعت أبي يحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ينزل نَاس من أمتِي بغائط يسمونها الْبَصْرَة عِنْد / نهر يُقَال لَهُ: دجلة (تكون عَلَيْهِ وَعَلِيهِ جسر) يكثر أَهلهَا وَتَكون من [أَمْصَار] الْمُهَاجِرين ".
قَالَ ابْن يحيى: قَالَ أَبُو معمر: " وَتَكون من أَمْصَار الْمُسلمين فَإِذا كَانَ فِي آخر الزَّمَان جَاءَ بَنو قنطوراء، عراض الْوُجُوه [صغَار] الْأَعْين حَتَّى تنزلوا على شط النَّهر (فيفترق) أَهلهَا ثَلَاث فرق: فرقة (يَأْخُذُوا) أَذْنَاب الْبَقر والبرية وهلكوا، وَفرْقَة (يَأْخُذُوا) لأَنْفُسِهِمْ وَكَفرُوا، وَفرْقَة يجْعَلُونَ ذَرَارِيهمْ خلف ظُهُورهمْ يقاتلونهم وهم الشُّهَدَاء ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: عَن الحشرج بن نباتة، عَن سعيد بن جمْهَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه وَقَالَ فِيهِ: " فيفترق الْمُسلمُونَ ثَلَاث فرق: أما فرقة فتأخذ بأذناب الْإِبِل فتلحق بالبادية فَهَلَكت، وَأما فرقة فتأخذ على أَنْفسهَا

(4/552)


وكفرت، فَهَذِهِ وَتلك سَوَاء، وَأما فرقة فيجعلون عيالاتهم خلف ظُهُورهمْ ويقاتلون [فقتلاهم] شُهَدَاء وَيفتح الله على بَقِيَّتهمْ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا جَعْفَر بن مُسَافر، ثَنَا خَلاد بن يحيى، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، ثَنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث قَالَ: " يُقَاتِلكُمْ قوم صغَار الْأَعْين - يَعْنِي: التّرْك - قَالَ: تسوقونهم ثَلَاث مرار حَتَّى تلحقونهم بِجَزِيرَة الْعَرَب، فَأَما فِي السِّيَاقَة الأولى فينجو من هرب مِنْهُم، وَأما فِي الثَّانِيَة فينجو بعض وَيهْلك بعض، وَأما فِي الثَّالِثَة فيصطلمون ".

بَاب مِنْهُ وَفِي ذكر الدَّجَّال
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا جرير، عَن عبد الْملك، عَن جَابر بن سَمُرَة، عَن نَافِع بن عتبَة قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة، قَالَ: أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قوم من قبل الْمغرب عَلَيْهِم ثِيَاب الصُّوف فوافقوه عِنْد أكمة فَإِنَّهُم (لقِيَام) وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعد. قَالَ: (فَقلت أَو قَالَت) لي نَفسِي: ائتهم فَقُمْ بَينهم وَبَينه لَا يغتالونه. قَالَ: ثمَّ قلت: لَعَلَّه نجي مَعَهم، فأتيتهم فَقُمْت بَينهم وَبَينه. قَالَ: فَحفِظت / مِنْهُ أَربع كَلِمَات أعدهن فِي يَدي. فَقَالَ: تغزون جَزِيرَة الْعَرَب فيفتحها الله، ثمَّ فَارس فيفتحها الله، ثمَّ تغزون الرّوم فيفتحها الله، ثمَّ تغزون الدَّجَّال فيفتحها الله ". قَالَ: فَقَالَ نَافِع: يَا جَابر، لَا نرى الدَّجَّال يخرج حَتَّى تفتح الرّوم.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا مُعلى بن مَنْصُور، ثَنَا سُلَيْمَان بن

(4/553)


[بِلَال] ، ثَنَا سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى ينزل الرّوم بالأعماق أَو بدابق فَيخرج إِلَيْهِم جَيش من الْمَدِينَة من خِيَار أهل الأَرْض يَوْمئِذٍ، فَإِذا تصافوا قَالَت الرّوم: خلوا بَيْننَا وَبَين الَّذين سبوا منا نقاتلهم. فَيَقُول الْمُسلمُونَ: لَا وَالله لَا نخلي بَيْنكُم وَبَين إِخْوَاننَا. [فيقاتلونهم] (فيهزم) ثلث لَا يَتُوب الله عَلَيْهِم أبدا، وَيقتل ثلثهم، أفضل الشُّهَدَاء عِنْد الله، ويفتتح الثُّلُث لَا يفتنون فيفتتحون قسطنطينة، فَبَيْنَمَا هم يقتسمون الْغَنَائِم قد عَلقُوا سيوفهم بالزيتون (إِذا) صَاح فيهم الشَّيْطَان: إِن الْمَسِيح قد (خالفكم) فِي أهليكم. فَيخْرجُونَ وَذَلِكَ بَاطِل، فَإِذا جَاءُوا الشَّام خرج، فَبَيْنَمَا هم يعدون لِلْقِتَالِ يسوون الصُّفُوف (إِذا) أُقِيمَت الصَّلَاة، فَينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم - عَلَيْهِ السَّلَام - فَأمهمْ فَإِذا رَآهُ عَدو الله ذاب كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء، فَلَو تَركه لانذاب حَتَّى يهْلك، وَلَكِن يقْتله الله بِيَدِهِ فيريهم دَمه فِي حربته ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن حجر، كِلَاهُمَا [عَن ابْن علية - وَاللَّفْظ لِابْنِ حجر - ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال] عَن أبي قَتَادَة الْعَدوي، عَن يسير بن جَابر قَالَ: " [هَاجَتْ] ريح حَمْرَاء بِالْكُوفَةِ فجَاء رجل لَيْسَ لَهُ هجير إِلَّا: يَا عبد الله بن مَسْعُود، جَاءَت السَّاعَة.

(4/554)


قَالَ: فَقعدَ وَكَانَ مُتكئا، فَقَالَ: إِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى لَا يقسم مِيرَاث وَلَا يفرح بغنيمة. ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا [ونحاها] نَحْو الشَّام. فَقَالَ: عَدو (و) يجمعُونَ لأهل (الْإِسْلَام) وَيجمع لَهُم أهل (الْإِسْلَام) . قلت: الرّوم تَعْنِي؟ قَالَ: نعم وَيكون عِنْد ذَلِكُم الْقِتَال ردة شَدِيدَة، فَيشْتَرط الْمُسلمُونَ شرطة للْمَوْت لَا ترجع إِلَّا غالبة [فيقتتلون] حَتَّى يحجز بَينهم اللَّيْل فيفيء هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء كل غير غَالب، وتفنى الشرطة / ثمَّ يشْتَرط الْمُسلمُونَ شرطة للْمَوْت لَا ترجع إِلَّا غالبة فيقتتلون حَتَّى [يحجز بَينهم اللَّيْل فيفيئ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء كل غير غَالب وتفنى الشرطة، ثمَّ يشْتَرط الْمُسلمُونَ شرطة للْمَوْت لَا ترجع إِلَى غالبة] فيقتتلون حَتَّى يمسوا فيفيء هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء على غير غَالب وتفنى الشرطة فَإِذا كَانَ الْيَوْم الرَّابِع نهد إِلَيْهِم بَقِيَّة أهل الْإِسْلَام فَيجْعَل الله الدبرة عَلَيْهِم فيقتلون مقتلة - إِمَّا قَالَ: لَا يرى مثلهَا. وَإِمَّا قَالَ: لم ير مثلهَا - حَتَّى إِن الطَّائِر ليمر بجنباتهم فَمَا يخلفهم حَتَّى يخر مَيتا، فيتعاد بَنو الْأَب كَانُوا مائَة فَلَا يجدونه بَقِي مِنْهُم إِلَّا رجل وَاحِد فَبِأَي غنيمَة يفرح أَو أَي مِيرَاث يقاسم، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ سمعُوا (بناس هم) أكبر من ذَلِك فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخ: إِن الدَّجَّال قد (خالفهم) فِي ذَرَارِيهمْ فيرفضون مَا فِي أَيْديهم ويقبلون، فيبعثون (عشر) فوارس طَلِيعَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي

(4/555)


لأعرف أَسْمَاءَهُم وَأَسْمَاء آبَائِهِم وألوان خيولهم، [هم] خير فوارس على ظهر الأَرْض ".
قَالَ ابْن أبي شيبَة فِي رِوَايَته: عَن [أَسِير] بن جَابر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا [يحيى] بن عُثْمَان بن سعيد الْحِمصِي، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، حَدثنِي عبد الله بن سَالم، حَدثنِي الْعَلَاء بن عتبَة، عَن عُمَيْر بن هَانِئ [الْعَنسِي] الشَّامي قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عمر يَقُول: " كُنَّا قعُودا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الْفِتَن فَأكْثر فِي ذكرهَا حَتَّى ذكر فتْنَة الأحلاس فَقَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله، وَمَا فتْنَة الأحلاس؟ قَالَ: هِيَ هرب وَحرب، ثمَّ فتْنَة السَّرَّاء دخنها من تَحت قدمي رجل من أهل بَيْتِي يزْعم أَنه مني، وَلَيْسَ مني وَإِنَّمَا أوليائي المتقون، [ثمَّ] يصطلح النَّاس على رجل كورك على ضلع، ثمَّ فتْنَة الدهيماء، لَا تدع أحدا من هَذِه الْأمة إِلَّا لطمته لطمة، فَإِذا [قيل] : انْقَضتْ. تمادت، يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا حَتَّى يصير النَّاس إِلَى فسطاطين: فسطاط إِيمَان لَا نفاق فِيهِ، وفسطاط نفاق لَا إِيمَان فِيهِ، فَإِذا كَانَ ذَلِكُم فانتظروا الدَّجَّال من يَوْمه أَو من [غده] ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد وقتيبة بن سعيد - دخل حَدِيث أَحدهمَا فِي الآخر - قَالَا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن نصر بن عَاصِم، عَن سبيع بن خَالِد قَالَ:

(4/556)


" أتيت الْكُوفَة فِي زمن فتحت تستر / أجلب مِنْهَا [بغالا] فَدخلت الْمَسْجِد، فَإِذا صدع من الرِّجَال، وَإِذا رجل جَالس تعرف إِذا رَأَيْته أَنه من رجال أهل الْحجاز قَالَ: قلت: من هَذَا؟ [فتجهمني] الْقَوْم قَالُوا: أما تعرف هَذَا؟ هَذَا حُذَيْفَة صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ حُذَيْفَة: إِن النَّاس كَانُوا يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخَيْر، وَكنت أسأله عَن الشَّرّ. فأحدقه الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي قد أرى الَّذِي تنكرون، إِنِّي قلت: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت هَذَا الْخَيْر الَّذِي أَعْطَانَا الله أَيكُون بعده شَرّ كَمَا كَانَ قبله؟ قَالَ: نعم. قلت: فَمَا الْعِصْمَة من ذَلِك؟ قَالَ: السَّيْف ".
قَالَ قُتَيْبَة فِي حَدِيثه: " وَهل للسيف من بَقِيَّة؟ قَالَ: نعم. قلت: مَاذَا؟ قَالَ: هدنة على دخن. قلت: يَا رَسُول الله، [ثمَّ] مَاذَا؟ قَالَ: إِن كَانَ لله خَليفَة فِي الأَرْض فَضرب ظهرك وَأخذ مَالك فأطعه وَإِلَّا قُمْت وَأَنت عاض بجذل شَجَرَة. قلت: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثمَّ يخرج الدَّجَّال مَعَه نهر ونار، فَمن وَقع فِي ناره وَجب أجره وَحط وزره، وَمن وَقع فِي نهره وَجب وزره وَحط أجره. قَالَ: قلت: ثمَّ مَاذَا؟ [قَالَ: ثمَّ] هِيَ قيام السَّاعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد، عَن نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ قَالَ: " أَتَيْنَا الْيَشْكُرِي فِي رَهْط من بني لَيْث فَقَالَ: من الْقَوْم؟ فَقُلْنَا: بَنو لَيْث. [فَقُلْنَا] : أَتَيْنَاك نَسْأَلك عَن حَدِيث حُذَيْفَة ... " فَذكر الحَدِيث قَالَ: " سَمِعت حُذَيْفَة يَقُول: كَانَ النَّاس يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ، وَعرفت أَن الْخَيْر لم يسبقني، فَقلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة، تعلم كتاب الله وَاتبع مَا فِيهِ - ثَلَاث مرار - فَقلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ قَالَ: فتْنَة وَشر. قلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الشَّرّ خير؟ قَالَ: يَا حُذَيْفَة، تعلم كتاب الله وَاتبع مَا فِيهِ - ثَلَاث مرار - قلت: يَا

(4/557)


رَسُول الله، بعد هَذَا الشَّرّ خير؟ قَالَ: هدنة على دخن وَجَمَاعَة على أقذاء فِيهَا - أَو فيهم - فَقلت: يَا رَسُول الله، الْهُدْنَة على الدخن مَا هِيَ؟ لَا ترجع قُلُوب أَقوام على مَا كَانَت عَلَيْهِ. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، بعد / هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ قَالَ: يَا حُذَيْفَة، تعلم كتاب الله وَتعلم مَا فِيهِ - ثَلَاث مَرَّات - فَقلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ قَالَ: فتْنَة عمياء صماء عَلَيْهَا دعاة على أَبْوَاب النَّار، فَأن تَمُوت يَا حُذَيْفَة وَأَنت عاض على جذل خير لَك من أَن تتبع أحدا مِنْهُم ".
حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا أَبُو التياح، عَن صَخْر بن بدر الْعجلِيّ، عَن سبيع - بِهَذَا الحَدِيث - عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فَإِن لم تَجِد يَوْمئِذٍ خَليفَة فاهرب حَتَّى تَمُوت وَأَنت عاض. قَالَ فِي آخِره: قَالَ: قلت: فَمَا يكون بعد ذَلِك؟ قَالَ: لَو أَن رجلا نتج فرسا لم تنْتج حَتَّى تقوم السَّاعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَبَّاس الْعَنْبَري، حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم [ثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن ثَابت بن ثَوْبَان، عَن أَبِيه، عَن مَكْحُول، عَن جُبَير بن نفير] ، عَن مَالك ابْن يخَامر، عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عمرَان بَيت الْمُقَدّس خراب يثرب، وخراب يثرب خُرُوج الملحمة، وَخُرُوج الملحمة فتح القسطنطينة، وَفتح القسطنطينة خُرُوج الدَّجَّال. ثمَّ ضرب بِيَدِهِ على فَخذ الَّذِي حَدثهُ أَو مَنْكِبه ثمَّ قَالَ: إِن هَذَا لحق كَمَا أَنَّك هَا هُنَا - أَو كَمَا أَنَّك قَاعد. يَعْنِي: معَاذ بن جبل ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح الْحِمصِي، ثَنَا بَقِيَّة، عَن بحير، عَن خَالِد بن معدان، عَن [ابْن] أبي بِلَال، عَن عبد الله بن بسر، أَن رَسُول الله

(4/558)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَين الملحمة وَفتح الْمَدِينَة سِتّ سِنِين، وَيخرج الْمَسِيح الدَّجَّال فِي السَّابِعَة ".
بَقِيَّة هُوَ ابْن الْوَلِيد، إِذا روى عَن الثِّقَات فَحَدِيثه جيد، وبحير ثِقَة.
وروى التِّرْمِذِيّ: من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم، عَن أبي بكر [بن] أبي مَرْيَم، عَن الْوَلِيد بن سُفْيَان، عَن يزِيد بن قُطْبَة السكونِي، عَن أبي بحريّة صَاحب معَاذ، عَن معَاذ بن جبل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الملحمة الْعُظْمَى وَفتح القسطنطينة وَخُرُوج الدَّجَّال فِي سَبْعَة أشهر ".
وَأَبُو بكر هَذَا يضعف، وَقد وَثَّقَهُ أَبُو بكر الْبَزَّار - رَحمَه الله.
وروى الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا الْقَاسِم بن بشر بن مَعْرُوف، ثَنَا قبيصَة بن عقبَة، ثَنَا عبيد بن الطُّفَيْل، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَأْتِي على أمتِي زمَان / يتمنون الدَّجَّال. قيل: ومم ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: فَأخذ أُذُنَيْهِ - أَو قَالَ: فَأخذ أُذُنِي - فهزها، ثمَّ قَالَ: مِمَّا يلقون من الْفِتَن - أَو كلمة نَحْوهَا ".
قَالَ: وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن حُذَيْفَة بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَعبيد بن الطُّفَيْل رجل من أهل الْكُوفَة مَشْهُور.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن ثَوْر - هُوَ ابْن زيد الديلِي - عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَمِعْتُمْ بِمَدِينَة جَانب مِنْهَا فِي الْبر وجانب مِنْهَا فِي الْبَحْر؟ قَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ:

(4/559)


لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يغزوها سَبْعُونَ ألفا من بني إِسْحَاق، فَإِذا جاءوها نزلُوا فَلم يقاتلوا بسلاح، وَلم يرموا بِسَهْم، قَالُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر. فَيسْقط أحد جانبيها - قَالَ ثَوْر: لَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: الَّذِي فِي الْبَحْر - ثمَّ (يَقُول) الثَّانِيَة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط جَانبهَا الآخر، ثمَّ (يَقُول) الثَّالِثَة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فيفرج لَهُم (فيدخلونها فيغنمون) ، فَبَيْنَمَا هم يقتسمون (المَال) إِذْ جَاءَهُم الصَّرِيخ فَقَالَ: إِن الدَّجَّال قد خرج فيتركون [كل] شَيْء ويرجعون ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا جرير، أَنا حميد بن هِلَال، عَن أبي الدهماء قَالَ: سَمِعت عمرَان بن حُصَيْن يحدث قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سمع بالدجال فلينأ عَنهُ فوَاللَّه إِن الرجل ليَأْتِيه هُوَ يحْسب أَنه مُؤمن فيتبعه مِمَّا يبْعَث بِهِ من الشُّبُهَات - أَو لما يبْعَث بِهِ من الشُّبُهَات - قَالَ هَكَذَا؟ قَالَ: (نعم) ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، حَدثنَا [عبيد الله] ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر الدَّجَّال بَين ظهراني النَّاس، فَقَالَ: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَيْسَ بأعور، أَلا إِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور الْعين الْيُمْنَى كَأَن عَيْنَيْهِ عنبة طافية ".

(4/560)


مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَمُحَمّد بن الْعَلَاء وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. قَالَ إِسْحَاق: أَنا. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدَّجَّال / أَعور الْعين الْيُسْرَى، جفال الشّعْر، مَعَه (جنَّة ونار) ؛ فناره جنَّة وجنته نَار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، ثَنَا بَقِيَّة، حَدثنِي بحير، عَن خَالِد بن معدان، عَن عَمْرو بن الْأسود، عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة، عَن عبَادَة بن الصَّامِت؛ أَنه حَدثهمْ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي قد كنت حدثتكم عَن الدَّجَّال حَتَّى خشيت أَلا تعقلوا، إِن الْمَسِيح الدَّجَّال رجل قصير أفحج جعد أَعور مطموس الْعين لَيْسَ بناتئة وَلَا جحراء، فَإِن ألبس عَلَيْكُم فاعلموا أَن ربكُم - عز وَجل - لَيْسَ بأعور ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن حنان، ثَنَا بَقِيَّة، بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي هَذَا الحَدِيث إِلَّا أَنه قَالَ: " فَإِن الْتبس عَلَيْكُم؛ فاعلموا أَنكُمْ لن [تروا] ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الدَّجَّال أَعور جعد هجان أقمر كَأَن رَأسه (غُصْن) شَجَرَة، أشبه النَّاس بِعَبْد الْعُزَّى بن قطن

(4/561)


الْخُزَاعِيّ، فَأَما أهلك الهلك فَإِنَّهُ أَعور وَإِن الله لَيْسَ بأعور ".
قَالَ أَبُو بكر: وَحدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن خَاله الفلتان بن عَاصِم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أما مسيح الضَّلَالَة فَرجل أجلى الْجَبْهَة، مَمْسُوح الْعين الْيُسْرَى، عريض النَّحْر فِيهِ (دفا) ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدَّجَّال أَعور هجان كَأَن رَأسه أصلة، أشبه النَّاس بِهِ عبد الْعُزَّى بن قطن، وَأما أهلك الهلك فَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور ".
قَالَ شُعْبَة: فَحدثت بِهِ قَتَادَة، فَحَدثني نَحْو هَذَا.
وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا ابْن عَبَّاس، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا أحسن من هَذَا الطَّرِيق.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن ربعى بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " لأَنا أعلم بِمَا مَعَ الدَّجَّال مِنْهُ، مَعَه نهران يجريان، أَحدهمَا رَأْي الْعين (بِمَاء) أَبيض، وَالْأُخْرَى رَأْي الْعين نَار تأجج، فإمَّا أدركن أحد فليأت النَّهر الَّذِي يرَاهُ نَارا وليغمض، ثمَّ ليطأطئ رَأسه فيشرب [مِنْهُ] فَإِنَّهُ مَاء بَارِد، وَإِن الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين عَلَيْهَا ظفرة غَلِيظَة، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ: كَافِر، يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن

(4/562)


جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من نَبِي إِلَّا قد أنذر أمته الْأَعْوَر الْكذَّاب، أَلا إِنَّه أَعور، وَإِن ربكُم - عز وَجل - لَيْسَ بأعور، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ: كَافِر ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا ابْن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى -[قَالَا: ثَنَا معَاذ بن هِشَام] ، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدَّجَّال مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ ك. ف. ر.؛ أَي: كَافِر ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر. ثمَّ تهجاها ك. ف. ر يَقْرَؤُهُ كل مُسلم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن سُلَيْمَان بن ميسرَة، عَن طَارق بن شهَاب، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الدَّجَّال، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لفتنة بَعْضكُم أخوف عِنْدِي من فتْنَة الدَّجَّال، لَيْسَ من فتْنَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا تضع لفتنة الدَّجَّال، فَمن نجا من فتنه مَا قبلهَا نجا مِنْهَا، وَالله لَا يضر مُسلما، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر ".
رَوَاهُ مَنْصُور بن أبي الْأسود، عَن الْأَعْمَش فَقَالَ: سُلَيْمَان بن مسْهر.

(4/563)


وَكِلَاهُمَا روى عَنهُ الْأَعْمَش، وَكِلَاهُمَا ثِقَة.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن [عبد الْملك] بن / عُمَيْر [عَن ربعي] بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ فِي الدَّجَّال: " إِن مَعَه مَاء وَنَارًا، فناره مَاء بَارِد وماؤه نَار فَلَا تهلكوا ".
قَالَ [أَبُو] مَسْعُود: وَأَنا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا شُعَيْب بن صَفْوَان، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن عقبَة بن عَمْرو أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: " انْطَلَقت مَعَه إِلَى حُذَيْفَة بن الْيَمَان فَقَالَ لي عقبَة: حَدثنِي مَا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الدَّجَّال. قَالَ: إِن الدَّجَّال يخرج وَإِن مَعَه مَاء وَنَارًا، فَأَما الَّذِي يرَاهُ النَّاس مَاء فَنَار تحرق، وَأما الَّذِي يرَاهُ النَّاس نَارا فماء بَارِد عذب، فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فليقع فِي الَّذِي يرَاهُ نَارا فَإِنَّهُ مَاء عذب طيب. فَقَالَ عقبَة: وَأَنا سمعته؛ تَصْدِيقًا لِحُذَيْفَة ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان، عَن يحيى، عَن أبي سَلمَة قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أخْبركُم عَن الدَّجَّال حَدِيثا مَا حَدثهُ نَبِي قومه، إِنَّه أَعور، وَإنَّهُ يَجِيء مَعَه مثل الْجنَّة وَالنَّار، فالتي يَقُول: إِنَّهَا الْجنَّة هِيَ النَّار، وَأَنا أنذركم بِهِ كَمَا أنذر بِهِ نوح قومه ".

(4/564)


أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا حشرج بن نباتة، ثَنَا سعيد بن جمْهَان، عَن سفينة مولى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنَّه لم يكن نَبِي إِلَّا وَقد أنذر أمته الدَّجَّال أَلا وَإنَّهُ أَعور عين الشمَال، وباليمنى ظفرة غَلِيظَة، بَين عَيْنَيْهِ كَافِر - يَعْنِي: مَكْتُوب كَافِر - يخرج مَعَه واديان: أَحدهمَا جنَّة وَالْآخر نَار، فناره جنَّة وجنته نَار، فَيَقُول الدَّجَّال للنَّاس: أَلَسْت بربكم أحيي وأميت. وَمَعَهُ ملكان يشبهان بنبيين من الْأَنْبِيَاء، إِنِّي أعرف اسميهما وَأَسْمَاء آبائهما، لَو أَشَاء أَن أسميهما لسميتهما، أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن يسَاره فَيَقُول: أَلَسْت بربكم أحيي وأميت؟ فَيَقُول أَحدهمَا: كذبت فَلَا يسمعهُ من النَّاس أحد إِلَّا [صَاحبه] وَيَقُول الآخر فيسمعه النَّاس: وَذَلِكَ فتْنَة، ثمَّ يسير حَتَّى يَأْتِي الْمَدِينَة، فَيَقُول: هَذِه / قَرْيَة ذَلِك الرجل فَلَا يُؤذن لَهُ أَن يدخلهَا، ثمَّ يسير حَتَّى يَأْتِي الشَّام فيهلكه الله عَن عقبَة أفِيق ".
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة، عَن الْفضل بن دُكَيْن، عَن حشرج، بِإِسْنَاد أبي دَاوُد.
وَسَعِيد بن جمْهَان سمع سفينة وَابْن أبي أوفى. ذكر ذَلِك البُخَارِيّ فِي تَارِيخه، وَهُوَ ثِقَة مَعْرُوف، وحشرج وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن يحيى: حشرج صَالح. وَقَالَ النَّسَائِيّ: حشرج لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: حشرج لَا بَأْس بِهِ أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة.
مُسلم: حَدثنَا سُرَيج بن يُونُس، ثَنَا [هشيم] ، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: " مَا سَأَلَ [أحد] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الدَّجَّال أَكثر مِمَّا سَأَلته. قَالَ: وَمَا سؤالك؟ قَالَ: قلت: إِنَّهُم يَقُولُونَ: إِن مَعَه جبالا من خير

(4/565)


وَلحم ونهر من مَاء. قَالَ: هُوَ أَهْون على الله من ذَلِك ".
وحَدثني مُسلم: حَدثنِي أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، حَدثنِي يحيى بن جَابر الطَّائِي قَاضِي حمص قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أَبِيه جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ، أَنه سمع النواس بن سمْعَان الْكلابِي.
وحَدثني مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، عَن يحيى بن جَابر الطَّائِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه جُبَير بن نفير، عَن النواس بن سمْعَان قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الدَّجَّال ذَات غَدَاة فخفض فِيهِ وَرفع حَتَّى ظنناه فِي طَائِفَة النّخل، فَلَمَّا رحنا إِلَيْهِ عرف ذَلِك فِينَا فَقَالَ: فَمَا شَأْنكُمْ؟ قُلْنَا: يَا رَسُول الله، ذكرت الدَّجَّال غَدَاة فخفضت فِيهِ وَرفعت حَتَّى ظنناه فِي طَائِفَة النّخل. فَقَالَ: (فِي) غير الدَّجَّال أخوفني عَلَيْكُم، إِن يخرج وَأَنا فِيكُم فَأَنا حجيجه دونكم، وَإِن يخرج وَلست فِيكُم فامرؤ حجيج نَفسه، وَالله خليفتي على كل مُسلم، إِنَّه شَاب قطط عينه طافية كَأَنِّي أشبهه بِعَبْد الْعُزَّى بن قطن، فَمن أدْركهُ مِنْكُم / فليقرأ عَلَيْهِ فواتح سُورَة الْكَهْف، إِنَّه خَارج خلة بَين الشَّام وَالْعراق فعاث يَمِينا وَشمَالًا، يَا عباد الله، فاثبتوا. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا لبثه فِي الأَرْض؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْم كَسنة، وَيَوْم كشهر، وَيَوْم كجمعة، وَسَائِر أَيَّامه كأيامكم. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، فَذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَسنة أتكفينا فِيهِ صَلَاة يَوْم؟ قَالَ: لَا اقدروا لَهُ قدره. قُلْنَا: يَا رَسُول الله وَمَا إسراعه فِي الأَرْض؟ قَالَ: كالغيث استدبرته الرّيح، فَيَأْتِي على الْقَوْم فيدعوهم فيؤمنون بِهِ، فيأمر السَّمَاء فتمطر، وَالْأَرْض فتنبت، فتروح عَلَيْهِم سارحتهم أطول مَا كَانَت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر، ثمَّ يَأْتِي [الْقَوْم] فيدعوهم فيردون عَلَيْهِ قَوْله فَيَنْصَرِف عَنْهُم، فيصبحون ممحلين لَيْسَ بِأَيْدِيهِم شَيْء من أَمْوَالهم، ويمر

(4/566)


بالخربة فَيَقُول لَهَا: أَخْرِجِي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النَّحْل، ثمَّ يَدْعُو رجلا ممتلئا شبَابًا فيضربه بِالسَّيْفِ فيقطعه جزلتين رمية الْغَرَض، ثمَّ يَدعُوهُ فَيقبل ويتهلل وَجهه يضْحك، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ بعث الله الْمَسِيح ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَينزل عِنْد المنارة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق بَين مهرودتين وَاضِعا كفيه على أَجْنِحَة ملكَيْنِ، [إِذا] طأطأ رَأسه قطر وَإِذا رَفعه تحدر مِنْهُ جمان كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يحل لكَافِر يجد ريح نَفسه إِلَّا مَاتَ، وَنَفسه يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طرفه (فيظله) حَتَّى يُدْرِكهُ بِبَاب لد فيقتله، ثمَّ يَأْتِي عِيسَى قوم عصمهم الله مِنْهُ فيمسح عَن وُجُوههم ويحدثهم بدرجاتهم فِي الْجنَّة، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ أوحى الله إِلَى عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام -: إِنِّي قد أخرجت عبادا لي لَا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبَادي إِلَى الطّور. وَيبْعَث الله يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم من كل حدب يَنْسلونَ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون مَا فِيهَا ويمر آخِرهم، فَيَقُولُونَ: لقد كَانَ بِهَذَا مرّة مَاء، ويحصر نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه حَتَّى يكون رَأس الثور لأَحَدهم خير من مائَة دِينَار لأحدكم الْيَوْم، فيرغب نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه فَيُرْسل الله عَلَيْهِم النغف فِي رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس وَاحِدَة، ثمَّ يهْبط نَبِي الله عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأَصْحَابه / إِلَى الأَرْض فَلَا يَجدونَ مَوضِع شبر إِلَّا ملأَهُ زهمهم ونتنهم، فيرغب نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِيسَى وَأَصْحَابه إِلَى الله - عز وَجل - فَيُرْسل الله - عز وَجل - طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حَيْثُ شَاءَ الله، ثمَّ يُرْسل الله مَطَرا لَا يكن مِنْهُ بَيت مدر وَلَا وبر فَيغسل الأَرْض حَتَّى يَتْرُكهَا كالزلقة، ثمَّ يُقَال للْأَرْض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك. فَيَوْمئِذٍ تَأْكُل الْعِصَابَة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك فِي الرُّسُل حَتَّى إِن اللقحة من الْإِبِل لتكفي الفئام من النَّاس، واللقحة من الْبَقر لتكفي الْقَبِيلَة

(4/567)


من النَّاس، و (النعجة) من الْغنم لتكفي الْفَخْذ من النَّاس، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ بعث الله ريحًا طيبَة فتأذخهم تَحت آباطهم فتقبض روح كل مُؤمن وكل مُسلم، وَيبقى شرار النَّاس [يتهارجون] فِيهَا تهارج الْحمر، فَعَلَيْهِم تقوم السَّاعَة ".
وَحدثنَا عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، ثَنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر والوليد بن مُسلم - قَالَ ابْن حجر: دخل حَدِيث أَحدهمَا فِي الآخر - عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحْو مَا ذكرنَا وَزَاد قَوْله: " لقد كَانَ بِهَذِهِ مرّة مَاء. ثمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى ينْتَهوا إِلَى جبل الْخمر وَهُوَ جبل بَيت الْمُقَدّس، فَيَقُولُونَ: لقد قتلنَا من فِي الأَرْض فلنقتل من فِي السَّمَاء. فيرمون بنشابهم إِلَى السَّمَاء فَيرد الله عَلَيْهِم نشابهم مخضوبة دَمًا ".
وَفِي رِوَايَة ابْن حجر: " فَإِنِّي قد أنزلت عبادا لي لَا يَدي لأحد بقتالهم ".
زَاد التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " فَيَأْتِي الْقَوْم فيدعوهم فيكيدونه ويردون عَلَيْهِ قَوْله فَيَنْصَرِف عَنْهُم، فيتبعه أَمْوَالهم ويصبحون لَيْسَ بِأَيْدِيهِم شَيْء. وَقَالَ: فَيُرْسل الله طيرا كأعناق البخت. قَالَ: فتحملهم فتطرحهم بالمهبل. قَالَ: ويستوقد الْمُسلمُونَ من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سِنِين ".
رَوَاهُ عَن عَليّ بن حجر بِإِسْنَاد مُسلم. وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن عبد الله بن قهزاذ من أهل مرو قَالَ: ثَنَا عبد الله بن عُثْمَان، عَن أبي حَمْزَة، عَن قيس بن وهب، عَن أبي الوداك، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يخرج الدَّجَّال فَيتَوَجَّه قبله رجل من

(4/568)


الْمُؤمنِينَ فَتَلقاهُ المسالح / مسالح الدَّجَّال، يَقُولُونَ لَهُ: أَيْن تعمد؟ فَيَقُول: أعمد إِلَى هَذَا الرجل الَّذِي خرج. قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: أَو مَا تؤمن بربنا؟ فَيَقُول: مَا بربنا خَفَاء. فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ. فَيَقُول بَعضهم لبَعض: أَلَيْسَ قد نهاكم ربكُم أَن تقتلُوا أحدا دونه؟ قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّال فَإِذا رَآهُ الْمُؤمن قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فيأمر الدَّجَّال بِهِ فيشبح فَيَقُول: خذوه وشجوه. فيوسع ظَهره وبطنه ضربا، قَالَ: فَيَقُول: أَو مَا تؤمن بِي؟ قَالَ: فَيَقُول: أَنْت الْمَسِيح الْكذَّاب. قَالَ: فَيُؤْمَر بِهِ فيوشر بالميشار من مفرقه حَتَّى يفرق بَين رجلَيْهِ. قَالَ: ثمَّ يمشي الدَّجَّال بَين القطيعتين، ثمَّ يَقُول لَهُ: قُم. فيستوي قَائِما. قَالَ: [ثمَّ] يَقُول لَهُ: أتؤمن بِي؟ فَيَقُول: مَا ازددت فِيك إِلَّا بَصِيرَة. قَالَ: ثمَّ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّه لَا يفعل بِأحد بعدِي من النَّاس. قَالَ: فَيَأْخذهُ الدَّجَّال ليذبحه فَيجْعَل مَا بَين رقبته إِلَى ترقوته نُحَاسا فَلَا يَسْتَطِيع إِلَيْهِ سَبِيلا، قَالَ: فَيَأْخُذ بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ فيقذف بِهِ، فيحسبه النَّاس أَنما قذفه إِلَى النَّار، وَإِنَّمَا ألقِي فِي الْجنَّة. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا أعظم النَّاس شَهَادَة عِنْد رب الْعَالمين ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن، حَدثنَا زُهَيْر، عَن الْأسود بن قيس، ثَنَا ثَعْلَبَة بن عباد الْعَبْدي من أهل الْبَصْرَة، أَنه شهد يَوْمًا خطْبَة لسمرة بن جُنْدُب، فَذكر فِي خطبَته حَدِيثا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ سَمُرَة: " بَينا أَنا يَوْمًا وَغُلَامًا من الْأَنْصَار نرمي غَرضا لنا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى إِذا كَانَت الشَّمْس على قيد رُمْحَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي عين النَّاظر من الْأُفق اسودت حَتَّى أضت كَأَنَّهَا تنومة، قَالَ: فَقَالَ أَحَدنَا لصَاحبه: انْطلق بِنَا إِلَى الْمَسْجِد فوَاللَّه ليحدثن شَأْن هَذِه الشَّمْس لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أمته حَدِيثا. قَالَ: فدفعنا إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بارز. قَالَ: فَوَافَقنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين خرج إِلَى النَّاس. قَالَ: فاستقدم فصلى كأطول مَا قَامَ بِنَا فِي صَلَاة قطّ لَا نسْمع لَهُ صَوتا، ثمَّ ركع بِنَا كأطول مَا ركع بِنَا فِي صَلَاة / قطّ لَا نسْمع

(4/569)


لَهُ صَوتا، ثمَّ سجد بِنَا كأطول مَا سجد بِنَا فِي صَلَاة قطّ، لَا نسْمع لَهُ صَوتا، ثمَّ فعل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل ذَلِك. قَالَ: فَوَافَقَ تجلي الشَّمْس جُلُوسه فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة. قَالَ: فَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّمَا أَنا بشر فأذكركم بِاللَّه، إِن كُنْتُم تعلمُونَ أَنِّي قصرت عَن شَيْء من تبليغي رسالات رَبِّي لما أخبرتموني. قَالَ: فَقَامَ النَّاس فَقَالُوا: نشْهد أَنَّك قد بلغت رسالات رَبك وَنَصَحْت لأمتك وقضيت الَّذِي عَلَيْك. قَالَ: ثمَّ سكتوا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما بعد، فَإِن رجَالًا يَزْعمُونَ أَن كسوف هَذِه الشَّمْس وكسوف هَذَا الْقَمَر وَزَوَال هَذِه النُّجُوم من مطالعها لمَوْت رجال عُظَمَاء من أهل الأَرْض وَإِنَّهُم كذبُوا، وَلكنهَا آيَات من آيَات الله - أَو من آيَاته - يعْتَبر بهَا عباده لينْظر من يحدث مِنْهُم تَوْبَة، إِنِّي وَالله قد رَأَيْت مُنْذُ قُمْت أُصَلِّي مَا أَنْتُم لاقون فِي دنياكم وآخرتكم، وَإنَّهُ وَالله لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ كذابا، آخِرهم الْأَعْوَر الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين الْيُسْرَى كَأَنَّهَا عين أبي تحيى - أَو تحيى لشيخ من الْأَنْصَار - وَإنَّهُ مَتى يخرج فَإِنَّهُ يزْعم أَنه الله، فَمن آمن بِهِ وَاتبعهُ وَصدقه فَلَيْسَ يَنْفَعهُ صَالح من عمل سلف، وَمن كفر بِهِ وَكذبه فَلَيْسَ يُعَاقب بِشَيْء من عمل سلف، وَإنَّهُ سَيظْهر على الأَرْض كلهَا إِلَّا الْحرم وَبَيت الْمُقَدّس، وَإنَّهُ يحصر الْمُؤمنِينَ فِي بَيت الْمُقَدّس. قَالَ: فيهزمه الله - تَعَالَى - وَجُنُوده حَتَّى إِن جذم الْحَائِط وأصل الشَّجَرَة يُنَادي: يَا مُؤمن، هَذَا كَافِر يسْتَتر بِي تعال اقتله. قَالَ: وَلنْ يكون ذَلِك كَذَلِك حَتَّى تروا أمورا يتفاج شَأْنهَا فِي أَنفسكُم، تتساءلون بَيْنكُم هَل كَانَ بَيْنكُم ذكر لكم مِنْهَا ذكر أَو حَتَّى تَزُول جبال عَن مراتها، ثمَّ على إِثْر ذَلِك الْفَيْض. وَأَشَارَ بِيَدِهِ. قَالَ: ثمَّ شهِدت لَهُ خطْبَة أُخْرَى فَذكر هَذَا الحَدِيث مَا قدم كلمة وَلَا أَخّرهَا ".
ثَعْلَبَة سمع سَمُرَة، وَسمع زُهَيْر ثَعْلَبَة.
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنِي أَبُو عَمْرو -

(4/570)


يَعْنِي الْأَوْزَاعِيّ - عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ: حَدثنِي أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من بلد إِلَّا سيطؤه الدَّجَّال إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة، وَلَيْسَ نقب من أنقابها إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة صافين تحرسها فَينزل [بالسبخة] ، فترجف الْمَدِينَة ثَلَاث رجفات يخرج إِلَيْهِ مِنْهَا كل كَافِر ومنافق ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عَن حَمَّاد ابْن سَلمَة، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ... فَذكر نَحوه غير أَنه [قَالَ] : " فَيَأْتِي سبخَة الجرف فَيضْرب رواقه. قَالَ: فَيخرج إِلَيْهِ كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، أَخْبرنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَأْتِي الْمَسِيح من قبل الْمشرق همته الْمَدِينَة حَتَّى ينزل دبر أحد، ثمَّ تصرف الْمَلَائِكَة وَجهه قبل الشَّام وهنالك يهْلك ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَالْحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد - وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة والسياق لعبد - قَالَ: حَدثنِي. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، حَدثنِي أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[يَوْمًا] حَدِيثا طَويلا عَن الدَّجَّال فَكَانَ فِيمَا حَدثنَا قَالَ: يَأْتِي وَهُوَ محرم عَلَيْهِ أَن يدْخل

(4/571)


(أنقاب) الْمَدِينَة فينتهي إِلَى بعض السباخ الَّتِي تلِي الْمَدِينَة، فَيخرج إِلَيْهِ يَوْمئِذٍ رجل هُوَ خير النَّاس - أَو من خير النَّاس - فَيَقُول لَهُ: أشهد أَنَّك الدَّجَّال الَّذِي حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيثه. فَيَقُول الدَّجَّال: أَرَأَيْتُم إِن قتلت هَذَا ثمَّ أحييته أتشكون فِي الْأَمر؟ فَيَقُولُونَ: لَا. قَالَ: فيقتله ثمَّ يحييه، فَيَقُول حِين يحييه: وَالله مَا كنت فِيك قطّ أَشد بَصِيرَة مني الْآن. قَالَ: فيريد الدَّجَّال أَن يقْتله فَلَا يُسَلط عَلَيْهِ ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يزِيد بن سِنَان، حَدثنَا سعيد بن سُفْيَان الجحدري، ثَنَا ابْن عون، عَن مُجَاهِد قَالَ: " كُنَّا فِي الْبَحْر سنة [سِتِّينَ] علينا جُنَادَة بن أبي أُميَّة فَخَطَبنَا ذَات يَوْم فَقَالَ: أَتَيْنَا رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقُلْنَا: حَدثنَا بِمَا سَمِعت من رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم، فَقَالَ: أَنْذَرْتُكُمْ الْمَسِيح، أَنْذَرْتُكُمْ الْمَسِيح، إِنَّه رجل مَمْسُوح - أَظُنهُ قَالَ: الْيُسْرَى - يمْكث فِي الأَرْض (سَبْعُونَ) صباحا مَعَه [جبال خبز] وأنهار من مَاء يبلغ سُلْطَانه كل منهل، لَا يَأْتِي أَرْبَعَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى، وَمَسْجِد الطّور، وَمَسْجِد الرَّسُول؛ غير أَن مَا كَانَ من ذَلِك فاعلموا أَن الله - عز وَجل - لَيْسَ بأعور. قَالَهَا ثَلَاثًا ".
قَالَ البُخَارِيّ: يزِيد بن سِنَان لَا بَأْس بِهِ إِلَّا مَا كَانَ من رِوَايَة ابْنه عَنهُ.
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، قَالَ ابْن جريج:

(4/572)


حَدثنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: أَخْبَرتنِي أم شريك أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ليفرن النَّاس من الدَّجَّال فِي الْجبَال. قَالَت أم شريك: يَا رَسُول الله، فَأَيْنَ الْعَرَب يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: هم قَلِيل ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ، حَدثنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن الْمُخْتَار - ثَنَا أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن رَهْط مِنْهُم أَبُو الدهماء وَأَبُو قَتَادَة [قَالُوا:] " كُنَّا نمر على هِشَام بن عَامر [نأتي] عمرَان ابْن حُصَيْن، فَقَالَ ذَات يَوْم: إِنَّكُم لتجاوزوني إِلَى رجال مَا كَانُوا بأحضر لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مني وَلَا أعلم بحَديثه مني، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: مَا بَين خلق آدم إِلَى قيام السَّاعَة خلق أكبر من الدَّجَّال ".
وحَدثني: مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر الرقي، ثَنَا عبيد الله ابْن عَمْرو، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن ثَلَاثَة رَهْط من قومه فيهم أَبُو قَتَادَة [قَالُوا] : " كُنَّا نمر على هِشَام بن عَامر إِلَى عمرَان بن حُصَيْن ... " بِمثل حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُخْتَار [غير أَنه] قَالَ: " [أَمر أكبر] من الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، ثَنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن إِسْحَاق بن عبد الله، عَن عَمه أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يتبع الدَّجَّال من يهود أَصْبَهَان سَبْعُونَ ألفا عَلَيْهِم الطيالسة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَأحمد بن منيع قَالَا: ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن أبي التياح، عَن الْمُغيرَة بن سبيع، عَن

(4/573)


عَمْرو بن حُرَيْث، عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " الدَّجَّال يخرج من أَرض بالمشرق يُقَال لَهَا: خُرَاسَان يتبعهُ أَقوام كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة، وَهَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
قَالَ: رَوَاهُ عبد الله بن شَوْذَب عَن أبي التياح، وَلَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث أبي التياح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن حُسَيْن بن مُحَمَّد، ثَنَا جرير بن حَازِم، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لينزلن الدَّجَّال بخور كرمان فِي سبعين ألفا كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد وحجاج بن الشَّاعِر، كِلَاهُمَا عَن عبد الصَّمد قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن جدي، عَن الْحُسَيْن بن ذكْوَان، ثَنَا ابْن بُرَيْدَة، حَدثنِي عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ - شعب هَمدَان - " أَنه (سَأَلَ) فَاطِمَة بنت قيس أُخْت الضَّحَّاك بن قيس - وَكَانَت الْمُهَاجِرَات الأول - فَقَالَ: حدثيني حَدِيثا سمعتيه من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تسنديه إِلَى أحد غَيره. فَقَالَت: لَئِن شِئْت لَأَفْعَلَنَّ. فَقَالَ لَهَا: أجل حدثيني. فَقَالَت: نكحت ابْن الْمُغيرَة وَهُوَ من خِيَار الشَّبَاب قُرَيْش يَوْمئِذٍ فأصيب فِي أول الْجِهَاد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا تأيمت خطبتي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي نفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وخطبني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على مَوْلَاهُ

(4/574)


أُسَامَة بن زيد وَقد كنت حدثت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: من أَحبَّنِي فليحب أُسَامَة. فَلَمَّا كلمني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت: أَمْرِي بِيَدِك فأنكحني مِمَّن شِئْت. فَقَالَ: انْتَقِلِي إِلَى أم شريك - وَأم شريك امْرَأَة غنية من الْأَنْصَار عَظِيمَة النَّفَقَة فِي سَبِيل الله ينزل عَلَيْهَا الضيفان - فَقلت: سأفعل. فَقَالَ: لَا تفعلي إِن أم شريك امْرَأَة كَثِيرَة الضيفان، فَإِنِّي أكره أَن يسْقط عَنْك خِمَارك [أَو] ينْكَشف الثَّوْب عَن ساقيك فَيرى الْقَوْم مِنْك مَا تكرهين، وَلَكِن انْتَقِلِي إِلَى ابْن عمك عبد الله بن عَمْرو ابْن أم مَكْتُوم - وَهُوَ رجل من بني فهر - فهر قُرَيْش وَهُوَ الْبَطن الَّذِي هِيَ مِنْهُ - فانتقلت إِلَيْهِ فَلَمَّا انْقَضتْ عدتي / سَمِعت نِدَاء الْمُنَادِي، مُنَادِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الصَّلَاة جَامِعَة. فَخرجت إِلَى الْمَسْجِد فَصليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكنت فِي النِّسَاء (اللَّاتِي تلين) ظُهُور الْقَوْم، فَلَمَّا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته جلس على الْمِنْبَر وَهُوَ يضْحك، فَقَالَ: ليلزم كل إِنْسَان مُصَلَّاهُ. ثمَّ قَالَ: [أَتَدْرُونَ لم جمعتكم؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم] قَالَ: إِنِّي وَالله مَا جمعتكم لرغبة وَلَا لرهبة، وَلَكِن جمعتكم لِأَن تميما الدَّارِيّ كَانَ رجلا نَصْرَانِيّا فجَاء فَبَايع وَأسلم، وحَدثني حَدِيثا وَافق الَّذِي كنت أحدثكُم عَن مسيح الدَّجَّال، حَدثنِي أَنه ركب سفينة بحريّة مَعَ ثَلَاثِينَ رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا فِي الْبَحْر، ثمَّ (أَوْفوا) إِلَى جَزِيرَة فِي الْبَحْر [حَتَّى] مغرب الشَّمْس فجلسوا فِي أقرب السَّفِينَة، فَدَخَلُوا الجزيرة فلقيتهم دَابَّة أهلب كثير الشّعْر لَا يَدْرُونَ مَا قبله من دبره من كَثْرَة الشّعْر، فَقَالُوا: وَيلك مَا أَنْت؟ قَالَت: أَنا الْجَسَّاسَة. قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَة؟ قَالَت: أَيهَا الْقَوْم انْطَلقُوا إِلَى هَذَا الرجل فِي الدَّيْر فَإِنَّهُ إِلَى خبركم بالأشواق. قَالَ: لما سمت لنا رجلا فرقنا مِنْهَا أَن تكون شَيْطَانَة فَانْطَلَقْنَا سرَاعًا حَتَّى دَخَلنَا الدَّيْر، فَإِذا فِيهِ أعظم إِنْسَان رَأَيْنَاهُ قطّ خلقا وأشده وثاقا مَجْمُوعَة يَدَاهُ إِلَى عُنُقه مَا بَين رُكْبَتَيْهِ إِلَى كعبيه

(4/575)


بالحديد، قُلْنَا: وَيلك مَا أَنْت؟ قَالَ: قد قدرتم على خبري، فَأَخْبرُونِي مَا أَنْتُم؟ قَالُوا: نَحن أنَاس من الْعَرَب، ركبنَا فِي سفينة بحريّة فصادفنا الْبَحْر حِين اغتلم فلعب بِنَا الموج شهرا، ثمَّ أرفأنا إِلَى جزيرتك هَذِه، فَجَلَسْنَا فِي أقربها فَدَخَلْنَا الجزيرة فلقيتنا دَابَّة أهلت كثير الشّعْر لَا تَدْرِي مَا قبله من دبره من كَثْرَة الشّعْر، فَقُلْنَا: وَيلك مَا أَنْت؟ فَقَالَت: أَنا الْجَسَّاسَة. فَقُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَة؟ قَالَت: اعمدوا إِلَى هَذَا الرجل فِي الدَّيْر فَإِنَّهُ إِلَى خبركم بالأشواق. فأقبلنا إِلَيْك سرَاعًا وفزعنا مِنْهَا وَلم نَأْمَن أَن تكون شَيْطَانَة. فَقَالَ: أخبروني عَن نخل بيسان. قُلْنَا: عَن أَي شَأْنهَا تستخبر؟ قَالَ: أَسأَلكُم عَن نخلها هَل يُثمر؟ قُلْنَا لَهُ: نعم. قَالَ: أما إِنَّهَا يُوشك أَلا تثمر. قَالَ: أخبروني عَن / بحيرة الطبرية. قُلْنَا: عَن أَي شَأْنهَا تستخبر؟ قَالَ: هَل فِيهَا مَاء؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَة المَاء. قَالَ: إِن ماءها يُوشك أَن يذهب. قَالَ: أخبروني عَن عين زعر. قُلْنَا: عَن أَي شَأْنهَا تستخبر؟ قَالَ: هَل فِي الْعين مَاء وَهل يزرع أَهلهَا بِمَاء الْعين؟ قُلْنَا لَهُ: نعم، هِيَ كَثِيرَة المَاء وَأَهْلهَا يزرعون من مَائِهَا. قَالَ: أخبروني عَن نَبِي الْأُمِّيين مَا فعل؟ قَالُوا: قد خرج من مَكَّة وَنزل يثرب. قَالَ: (أقاتلته) الْعَرَب؟ قُلْنَا: نعم. قَالَ: كَيفَ صنع بهم؟ فَأَخْبَرنَاهُ أَنه قد ظهر على من يَلِيهِ من الْعَرَب وأطاعوه. قَالَ لَهُم: قد كَانَ ذَلِك؟ قُلْنَا: نعم. قَالَ: أما إِن ذَاك خير لَهُم أَن يطيعوه وَإِنِّي مخبركم عني إِنِّي أَنا الْمَسِيح، وَإِنِّي أوشك أَن يُؤذن لي فِي الْخُرُوج فَأخْرج فأسير فِي الأَرْض فَلَا أدع قَرْيَة إِلَّا هبطتها فِي [أَرْبَعِينَ] لَيْلَة غير مَكَّة وطيبة فهما محرمتان عَليّ كلتاهما، كلما أردْت أَن أَدخل وَاحِدَة مِنْهُمَا استقبلني ملك بِيَدِهِ السَّيْف صَلتا يصدني عَنْهُمَا، وَإِن على كل نقب مِنْهَا مَلَائِكَة يحرسونها. قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَطعن بمخصرته فِي الْمِنْبَر: هَذِه طيبَة، هَذِه طيبَة، هَذِه طيبَة - يَعْنِي: الْمَدِينَة - أَلا هَل كنت حدثتكم ذَلِك؟ قَالَ النَّاس: نعم. قَالَ: فَإِنَّهُ أعجبني حَدِيث تَمِيم أَنه وَافق الَّذِي كنت أحدثكُم عَنهُ وَعَن الْمَدِينَة وَمَكَّة، أَلا إِنَّه فِي بَحر الشَّام أَو [بَحر] الْيمن، لَا بل من قبل الْمشرق مَا هُوَ،

(4/576)


من قبل الْمشرق [مَا هُوَ، من قبل الْمشرق مَا هُوَ] . وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمشرق. قَالَت: فَحفِظت هَذَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
حَدثنَا الْحسن بن عَليّ وَأحمد بن عُثْمَان النَّوْفَلِي قَالَا: ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي، سَمِعت غيلَان بن جرير يحدث، عَن الشّعبِيّ، عَن فَاطِمَة ابْنة قيس قَالَت: " قدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَمِيم الدَّارِيّ فَأخْبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه ركب الْبَحْر فتاهت بِهِ سفينته فَسقط إِلَى جَزِيرَة، فَخرج إِلَيْهَا يلْتَمس المَاء فلقي إنْسَانا يجر شعره ... " واقتص الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: " ثمَّ قَالَ: أما إِنَّه لَو قد أذن لي فِي الْخُرُوج قد وطِئت الْبِلَاد كلهَا غير طيبَة فَأخْرجهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى النَّاس فَحَدثهُمْ. قَالَ: هَذِه طيبَة، وَذَاكَ الدَّجَّال ".
/ حَدثنِي أَبُو بكر بن [إِسْحَاق] ، ثَنَا يحيى بن بكير، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي [الْحزَامِي]- عَن أبي الزِّنَاد، عَن الشّعبِيّ، عَن فَاطِمَة ابْنة قيس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قعد على الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، حَدثنِي تَمِيم الدَّارِيّ أَن نَاسا من قومه كَانُوا فِي الْبَحْر فِي سفينة لَهُم فَانْكَسَرت بهم، فَركب بَعضهم على لوح من أَلْوَاح السَّفِينَة، فَخَرجُوا إِلَى جَزِيرَة فِي الْبَحْر ... " وسَاق الحَدِيث.
وَزَاد النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث من قَول الدَّجَّال: " مَا فعلت فَارس؟ قَالُوا: لم يظْهر عَلَيْهَا بعد. قَالَ: أما إِنَّه سَيظْهر عَلَيْهَا ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن حجاج، عَن حَمَّاد، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد،

(4/577)


عَن عَامر الشّعبِيّ، عَن فَاطِمَة.
وَفِي حَدِيث مُسلم زيادات.
وَلأبي دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث: " بَيْنَمَا أنَاس يَسِيرُونَ فِي الْبَحْر فنفد طعامهم فَرفعت لَهُم جَزِيرَة فَخَرجُوا يُرِيدُونَ الْخبز فلقيتهم الْجَسَّاسَة ".
رَوَاهُ عَن وَاصل بن عبد الْأَعْلَى، عَن ابْن فُضَيْل، عَن الْوَلِيد بن جَمِيع، عَن أبي سَلمَة، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَفِي حَدِيث مُسلم زِيَادَة.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن فَاطِمَة بنت قيس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخر الْعشَاء الْآخِرَة ذَات لَيْلَة، ثمَّ خرج فَقَالَ: إِنَّه حَبَسَنِي حَدِيث كَانَ حَدَّثَنِيهِ تَمِيم الدَّارِيّ عَن رجل كَانَ فِي جَزِيرَة من جزائر الْبَحْر، فَإِذا أَنا بِامْرَأَة تجر شعرهَا، فَقَالَ: من أَنْت؟ قَالَت: أَنا الْجَسَّاسَة، اذْهَبْ إِلَى ذَلِك الْقصر. [فَأَتَيْته] فَإِذا رجل يجر شعره مسلسل فِي الأغلال، ينزو فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَقلت: من أَنْت؟ قَالَ: أَنا الدَّجَّال، خرج نَبِي الْأُمِّيين بعد؟ قلت: نعم. قَالَ: أطاعوه أم عصوه؟ قلت: أطاعوه. قَالَ: ذَاك خير لَهُم ".
عُثْمَان هَذَا ضعفه البُخَارِيّ وَوَثَّقَهُ يحيى بن معِين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: عُثْمَان - يَعْنِي هَذَا - صَدُوق.

بَاب مِنْهُ وَفِيه صفة عِيسَى ابْن مَرْيَم وَذكر نُزُوله ووفاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمسَيبِي، حَدثنِي أنس - يَعْنِي: ابْن

(4/578)


عِيَاض - عَن مُوسَى - وَهُوَ ابْن عقبَة - عَن نَافِع قَالَ: / قَالَ عبد الله بن عمر: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا بَين ظهراني النَّاس الْمَسِيح الدَّجَّال، فَقَالَ: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَيْسَ بأعور، أَلا إِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور عين الْيُمْنَى كَأَن عينه عنبة طافية. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَرَانِي اللَّيْلَة فِي الْمَنَام عِنْد الْكَعْبَة فَإِذا رجل آدم كأحسن مَا ترى من أَدَم الرِّجَال (تضرب لمته) بَين مَنْكِبَيْه، رجل الشّعْر، يقطر رَأسه مَاء، وَاضِعا يَدَيْهِ على مَنْكِبي رجلَيْنِ وَهُوَ بَينهمَا يطوف بِالْبَيْتِ. فَقلت: من هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيح ابْن مَرْيَم. وَرَأَيْت وَرَاءه رجلا جَعدًا قططا أَعور عين الْيُمْنَى كأشبه من رَأَيْت من النَّاس بِابْن قطن، وَاضِعا يَدَيْهِ على مَنْكِبي رجلَيْنِ يطوف بِالْبَيْتِ، فَقلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الْمَسِيح الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار، قَالَ ابْن الْمثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، سَمِعت أَبَا الْعَالِيَة يَقُول: حَدثنِي ابْن عَم نَبِيكُم - يَعْنِي: ابْن عَبَّاس - قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أسرِي بِهِ فَقَالَ: عِيسَى جعد مَرْبُوع. وَذكر مَالِكًا خَازِن جَهَنَّم، وَذكر الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أخبرنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: حَدثنَا ابْن عَم نَبِيكُم ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت عِيسَى مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض سبط الرَّأْس، و (رَأَيْت) مَالِكًا خَازِن النَّار والدجال فِي آيَات أراهن الله إِيَّاه {فَلَا

(4/579)


تكن فِي مرية من لِقَائِه} .
قَالَ: كَانَ قَتَادَة يُفَسِّرهَا أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد لَقِي مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَخْبرنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي أَطُوف بِالْكَعْبَةِ فَإِذا رجل آدم سبط الشّعْر بَين رجلَيْنِ، ينطف رَأسه مَاء - أَو يهراق رَأسه مَاء - فَقلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْن مَرْيَم. ثمَّ ذهبت ألتفت فَإِذا رجل أَحْمَر جسيم جعد الرَّأْس، أَعور الْعين الْيُمْنَى، كَأَن عينه عنبة طافية. / قلت: من هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّال. أقرب النَّاس بِهِ شبها ابْن قطن ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن عَطاء بن ميناء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالله لينزلن ابْن مَرْيَم حكما عادلا فليكسرن الصَّلِيب، وليقتلن الْخِنْزِير، وليضعن الْجِزْيَة، ولتتركن القلاص فَلَا يسْعَى عَلَيْهَا، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إِلَى المَال فَلَا يقبله أحد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، أَنا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب؛ أَن سعيد بن الْمسيب سمع أَبَا هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما عدلا، فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحد، حَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة خيرا من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا} ".

(4/580)


الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَاصِم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم حكما مقسطا وإماما عدلا، فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير والقردة، وَتَكون السَّجْدَة لرب الْعَالمين ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عِيسَى الضبعِي، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُوشك من عَاشَ مِنْكُم أَن يلقى عِيسَى ابْن مَرْيَم إِمَامًا مهديا وَحكما عدلا، فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وتضع (الْحَرْب) أَوزَارهَا ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن ابْن شهَاب، عَن نَافِع مولى أبي قَتَادَة، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[قَالَ] : " كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل (ابْن مَرْيَم فِيكُم) فأمكم مِنْكُم؟ " قلت لِابْنِ أبي ذِئْب: إِن الْأَوْزَاعِيّ حَدثنَا عَن الزُّهْرِيّ، عَن نَافِع، عَن أبي هُرَيْرَة: " وإمامكم مِنْكُم " قَالَ ابْن أبي ذِئْب: تَدْرِي مَا أمكُم مِنْكُم؟ [قلت] : تُخبرنِي. قَالَ: فأمكم بِكِتَاب ربكُم - تبَارك وَتَعَالَى - وَسنة / نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ مُسلم: حَدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، قَالَ: أَخْبرنِي نَافِع مولى أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ؛ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل ابْن مَرْيَم فِيكُم وإمامكم مِنْكُم؟ ".

(4/581)


قَالَ مُسلم: وَحدثنَا الْوَلِيد بن شُجَاع وَهَارُون بن عبد الله وحجاج بن الشَّاعِر قَالُوا: حَدثنَا حجاج - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد - عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. قَالَ: فَينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُول أَمِيرهمْ: تعال صل لنا. فَيَقُول: لَا إِن بَعْضكُم على بعض أُمَرَاء، تكرمة الله هَذِه الْأمة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليهبطن الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - عِيسَى ابْن مَرْيَم حكما عدلا وإماما مقسطا، وليسلكن الروحاء حَاجا ".
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حَنْظَلَة الْأَسْلَمِيّ، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليهلن ابْن مَرْيَم بفج الروحاء حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو ليثنينهما ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هدبة بن خَالِد، حَدثنَا همام بن يحيى (أَظُنهُ) عَن قَتَادَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن آدم، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ بيني وَبَينه - يَعْنِي وَبَين عِيسَى ابْن مَرْيَم - نَبِي وَإنَّهُ (ينزل) فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رجل مَرْبُوع إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض، بَين مُمَصَّرَتَيْنِ، كَأَن رَأسه يقطر وَإِن لم يصبهُ بَلل، فَيُقَاتل النَّاس على الْإِسْلَام، فَيدق الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيهْلك الله فِي (زَمَنه) الْملَل كلهَا إِلَّا الْإِسْلَام، وَيهْلك الْمَسِيح الدَّجَّال، فيمكث

(4/582)


فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ".
وَفِي رِوَايَة أبي عِيسَى واللؤلؤي: همام، عَن قَتَادَة؛ من غير شكّ.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا / معَاذ بن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن قَتَادَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن آدم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْأَنْبِيَاء إخْوَة لعَلَّات، أمهاتهم شَتَّى وَدينهمْ وَاحِد، وَأَنا أولى النَّاس بِعِيسَى ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لم يكن بيني وَبَينه نَبِي، وَإنَّهُ يَأْتِي فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رجل مَرْبُوع بَين الْحمرَة وَالْبَيَاض، كَأَن رَأسه يقطر وَإِن لم يصبهُ بَلل، بَين مُمَصَّرَتَيْنِ، فَيدق الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيفِيض المَال، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيهْلك الْملَل كلهَا غير الْإِسْلَام، وَيهْلك الله - تبَارك وَتَعَالَى - الْمَسِيح الدَّجَّال، وتوضع الأمنة على الأَرْض حَتَّى يرتع الْأسد مَعَ الْإِبِل، وَالذِّئْب مَعَ الْغنم، ويلعب الغلمان بالحيات فَلَا تَضُرهُمْ، فيمكث أَرْبَعِينَ سنة، ثمَّ يتوفى فَيصَلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ بعضه عَن أبي هُرَيْرَة من وُجُوه، وَهُوَ: " الْأَنْبِيَاء إخْوَة لعَلَّات " وَأما: " تُوضَع الأمنة فِي الأَرْض " فَرَوَاهُ زيد بن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة من وَجه آخر.

بَاب ذكر ابْن صياد وَمَا يذكر أَنه الدَّجَّال
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فمررنا بصبيان فيهم ابْن صياد، ففر الصّبيان وَجلسَ ابْن (الصياد) ، فَكَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كره ذَلِك، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تربت يداك أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ: لَا، بل تشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ عمر: ذَرْنِي يَا رَسُول الله حَتَّى أَقتلهُ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن يكن الَّذِي ترى فَلَنْ تَسْتَطِيع قَتله ".

(4/583)


قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن عبد الله قَالَ: " كُنَّا نمشي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمر بِابْن صياد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد خبأت لَك (خبئا) . فَقَالَ: دخ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اخْسَأْ فَلَنْ تعدو قدرك / فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله، دَعْنِي فَأَضْرب عُنُقه. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعه، فَإِن يكن الَّذِي تخَاف لن تَسْتَطِيع قَتله ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا سَالم بن نوح، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: " لقِيه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَعمر فِي بعض طرق الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ هُوَ: (تشهد) أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَكتبه / مَا ترى؟ قَالَ: أرى عرشا على المَاء. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ترى عرش إِبْلِيس على الْبَحْر، وَمَا ترى؟ قَالَ: أرى صَادِقين وكاذبا أَو كاذبين وصادقا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لبس عَلَيْهِ: دَعوه ".
حَدثنَا يحيى بن حبيب وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: ثَنَا مُعْتَمر قَالَ: سَمِعت أبي، ثَنَا أَبُو نَضرة، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " لَقِي نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (ابْن صياد) وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر، وَابْن صائد مَعَ الغلمان ... " فَذكر نَحْو حَدِيث الْجريرِي.
قَالَ مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أَخْبرنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب؛ أَن سَالم بن عبد الله أخبرهُ؛ أَن عبد الله بن عمر أخبرهُ " أَن عمر بن الْخطاب انْطلق مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رَهْط قبل ابْن صياد حَتَّى وجده

(4/584)


يعلب مَعَ الصّبيان عِنْد أَطَم بني مغالة، وَقد قَارب ابْن صياد يَوْمئِذٍ الْحلم، فَلم يشْعر حَتَّى ضرب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظَهره بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِابْنِ صياد: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَنظر إِلَيْهِ ابْن صياد فَقَالَ: [أشهد] أَنَّك رَسُول الْأُمِّيين. فَقَالَ ابْن صياد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فرفضه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَقَالَ) : آمَنت بِاللَّه وَرُسُله. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَاذَا ترى؟ قَالَ ابْن صياد: يأتيني صَادِق وكاذب. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خلط عَلَيْك الْأَمر / ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي قد خبأت لَك خبئا. فَقَالَ ابْن صياد: هُوَ الدخ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اخْسَأْ فَلَنْ تعدو قدرك. فَقَالَ عمر بن الْخطاب: ذَرْنِي يَا رَسُول الله أضْرب عُنُقه. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن يكنه فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ، وَإِن لم يكنه فَلَا خير لَك فِي قَتله ".
قَالَ سَالم بن عبد الله: سَمِعت عبد الله بن عمر يَقُول: " انْطلق بعد ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بن كَعْب إِلَى النّخل الَّتِي فِيهَا ابْن صياد حَتَّى إِذا دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النّخل طفق يَتَّقِي بجذوع النّخل، وَهُوَ يخْتل أَن يسمع من ابْن صياد شَيْئا قبل أَن يرَاهُ ابْن صياد فَرَآهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مُضْطَجع على فرَاش فِي قطيفة لَهُ فِيهَا زمزمة، فرأت أم ابْن صياد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَتَّقِي بجذوع النّخل فَقَالَت لِابْنِ صياد: يَا صَاف - وَهُوَ اسْم ابْن صياد - هَذَا مُحَمَّد. فثار ابْن صياد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو تركته بَين ".
قَالَ سَالم: قَالَ عبد الله بن عمر: " فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّاس فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ ذكر الدَّجَّال، فَقَالَ: إِنِّي لأنذركموه، مَا من نَبِي إِلَّا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، وَلَكِن أَقُول لكم فِيهِ قولا لم يقلهُ نَبِي لِقَوْمِهِ

(4/585)


(تعلمُونَ) أَنه أَعور وَإِن الله لَيْسَ بأعور ".
قَالَ: ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي عمر بن ثَابت الْأنْصَارِيّ، أَنه أخبرهُ بعض أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْم حذر النَّاس الدَّجَّال: إِنَّه مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ من كره عمله - أَو يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن - وَقَالَ: (تعلمُونَ) أَنه لن يرى أحد مِنْكُم ربه حَتَّى يَمُوت ".
الَّذِي خبأ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله تَعَالَى: {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} .
ذكره أَبُو دَاوُد: عَن خشيش بن أَصْرَم، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن / معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه.
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي وَعبد بن حميد قَالَا: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله؛ أَن عبد الله بن عمر قَالَ: " انْطلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ رَهْط من أَصْحَابه فيهم عمر بن الْخطاب حَتَّى وجد ابْن صياد غُلَاما قد ناهز (الِاحْتِلَام) يلْعَب مَعَ الغلمان عِنْد أَطَم بني مُعَاوِيَة ... " وسَاق الحَدِيث بِمثل حَدِيث يُونُس إِلَى مُنْتَهى حَدِيث عمر بن ثَابت.
وَفِي الحَدِيث عَن يَعْقُوب قَالَ: قَالَ أبي - يَعْنِي: (فِي) قَوْله: " لَو تركته بَين. قَالَ: لَو تركته أمه بَين أمره ".

(4/586)


قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا هِشَام، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع قَالَ: " لَقِي ابْن عمر ابْن صائد فِي بعض طرق الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ قولا أغضبهُ فانتفخ حَتَّى مَلأ السِّكَّة، فَدخل ابْن عمر على حَفْصَة وَقد بلغَهَا، فَقَالَت لَهُ: رَحِمك الله، مَا أردْت من ابْن صائد؟ أما علمت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنَّمَا يخرج من غضبة يغضبها ".
قَالَ مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا حُسَيْن - يَعْنِي ابْن حسن بن يسَار - ثَنَا ابْن عون، عَن نَافِع قَالَ: كَانَ نَافِع يَقُول: ابْن صياد، قَالَ: قَالَ ابْن عمر: لَقيته مرَّتَيْنِ. قَالَ: فَلَقِيته فَقلت لبَعْضهِم: هَل (تَجِدُونَ) أَنه هُوَ؟ قَالَ: لَا وَالله. قَالَ: قلت: كذبتني وَالله، لقد أَخْبرنِي بَعْضكُم أَنه لن يَمُوت حَتَّى يكون أَكْثَرَكُم مَالا وَولدا فَكَذَلِك هُوَ زَعَمُوا الْيَوْم. قَالَ: فتحدثنا، ثمَّ فارقته. قَالَ: فَلَقِيته لقية أُخْرَى وَقد نفرت عينه. قَالَ: فَقلت: مَتى فعلت عَيْنك مَا أرى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ: قلت: لَا تَدْرِي و (هُوَ) فِي رَأسك؟ قَالَ: إِن شَاءَ الله خلقهَا فِي عصاك هَذِه. قَالَ: فنخر كأشد نخير (لحِمَار) سَمِعت. قَالَ: فَزعم بعض أَصْحَابِي أَنِّي ضَربته بعصا كَانَت معي حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأما أَنا فوَاللَّه مَا شَعرت. قَالَ: وَجَاء حَتَّى دخل على أم الْمُؤمنِينَ فحدثها، فَقَالَت: (مَا تُرِيدُ؟) ألم تعلم أَنه قد قَالَ: إِن أول مَا يَبْعَثهُ على النَّاس غضب يغضبه ".
/ قَالَ مُسلم: وَحدثنَا يحيى بن حبيب وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: ثَنَا مُعْتَمر قَالَ: سَمِعت أبي يحدث، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " قَالَ لي ابْن صائد فَأَخَذَتْنِي مِنْهُ ذمَامَة: هَذَا عذرت النَّاس مَا لي وَلكم يَا أَصْحَاب مُحَمَّد؟ ألم يقل نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه يَهُودِيّ، وَقد أسلمت. قَالَ: وَلَا يُولد لَهُ وَقد

(4/587)


ولد لي. وَقَالَ: إِن الله حرم عَلَيْهِ مَكَّة، وَقد حججْت. قَالَ: فَمَا زَالَ حَتَّى كَاد أَن يَأْخُذ فِي قَوْله. قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أما وَالله إِنِّي لأعْلم الْآن حَيْثُ هُوَ، وَأعرف أَبَاهُ وَأمه. قَالَ: وَقيل لَهُ: [أَيَسُرُّك] أَنَّك ذَاك الرجل؟ قَالَ: فَقَالَ: لَو عرض عَليّ مَا كرهت ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا [عبيد الله] بن عمر القواريري وَمُحَمّد بن مثنى قَالَا: ثَنَا عبد الْأَعْلَى، ثَنَا دَاوُد، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: " صَحِبت ابْن صائد إِلَى مَكَّة فَقَالَ لي: أما قد لقِيت من النَّاس يَزْعمُونَ أَنِّي أَنا الدَّجَّال، أَلَسْت سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِنَّه لَا يُولد لَهُ؟ قَالَ: قلت: بلَى. فَقَالَ: قد ولد لي. أَو لَيْسَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يدْخل الْمَدِينَة وَلَا مَكَّة؟ قلت: بلَى. قَالَ: فقد ولدت بِالْمَدِينَةِ وَهَذَا أَنا أُرِيد مَكَّة. قَالَ: ثمَّ قَالَ فِي آخر قَوْله: أما وَالله إِنِّي لأعْلم مولده ومكانه وَأَيْنَ هُوَ. قَالَ: فلبسني ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: " رَأَيْت جَابر بن عبد الله يحلف بِاللَّه أَن ابْن (صياد) الدَّجَّال فَقلت: أتحلف بِاللَّه؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعت عمر يحلف على ذَلِك عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَلم] يُنكره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الله بن مُعَاوِيَة الجُمَحِي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يمْكث أَبُو الدَّجَّال وَأمه ثَلَاثِينَ عَاما لَا يُولد لَهما ثمَّ يُولد لَهما غُلَام أَعور، أضرّ شَيْء وَأقله مَنْفَعَة، تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه. ثمَّ نعت لنا رَسُول الله

(4/588)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَوَيْهِ. فَقَالَ: أَبوهُ طوال / ضرب اللَّحْم كَأَن أَنفه منقار، وَأمه امْرَأَة فرضاخية طَوِيلَة الْيَدَيْنِ. قَالَ [أَبُو بكرَة] : فسمعنا بمولود فِي الْيَهُود وبالمدينة فَذَهَبت أَنا وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوام حَتَّى دَخَلنَا على أَبَوَيْهِ فَإِذا نعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيهمَا، فَقُلْنَا: هَل لَكمَا ولد؟ فَقَالَا: مكثنا ثَلَاثِينَ عَاما لَا يُولد لنا ولد، ثمَّ ولد لنا غُلَام أَعور أضرّ شَيْء وَأقله مَنْفَعَة، تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه. قَالَ: فخرجنا من عِنْدهمَا فَإِذا هُوَ منجدل فِي الشَّمْس فِي قطيفة وَله همهمة، فكشف عَن رَأسه فَقَالَ: مَا قلتما؟ فَقُلْنَا: وَهل سَمِعت مَا قُلْنَا؟ قَالَ: نعم، تنام عَيْنَايَ وَلَا ينَام قلبِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة.

بَاب ذكر ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ.
وَحدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أخي، عَن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة بن الزبير؛ أَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة حدثته، عَن أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان، عَن زَيْنَب بنت جحش " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل عَلَيْهَا يَوْمًا فَزعًا يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب، فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَحلق (بإصبعه) الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا - قَالَت زَيْنَب بنت جحش: فَقلت: يَا رَسُول الله، أفنهلك وَفينَا الصالحون؟ قَالَ: نعم إِذا كثر الْخبث ".

(4/589)


التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَغير وَاحِد - وَاللَّفْظ لِابْنِ بشار - قَالُوا: أَنا هِشَام بن عبد الْملك، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي رَافع، عَن حَدِيث أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي السد قَالَ: " يحفرونه كل يَوْم حَتَّى إِذا كَادُوا [يخرقونه] قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستخرقونه غَدا. فيعيده الله أَشد مَا كَانَ، حَتَّى إِذا بلغ مدتهم وَأَرَادَ الله أَن يَبْعَثهُم على النَّاس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستخرقونه غَدا إِن شَاءَ الله. وَاسْتثنى، قَالَ: فيرجعون فيجدونه كَهَيْئَته / حِين تَرَكُوهُ فيخرقونه، فَيخْرجُونَ على النَّاس، فيستقون الْمِيَاه ويفر النَّاس مِنْهُم، ويرمون بسهامهم فِي السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قد قهرنا من فِي الأَرْض وعلونا من فِي السَّمَاء [قسرا] وعلوا، فيبعث الله عَلَيْهِم نغفا من أقفائهم [فيهلكون] ، فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن دَوَاب الأَرْض تسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم ".

بَاب من الأشراط وَذكر طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَخُرُوج الدَّابَّة وتخريب الْكَعْبَة وخراب الْمَدِينَة وَمَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْبَاب
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن فرات الْقَزاز، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ قَالَ: " اطلع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علينا وَنحن نتذاكر، فَقَالَ: مَا تذكرُونَ؟ قَالُوا: نذْكر السَّاعَة. قَالَ: إِنَّهَا لن تقوم حَتَّى (تروا) قبلهَا عشر آيَات. فَذكر الدُّخان، والدجال، وَالدَّابَّة، وطلوع

(4/590)


الشَّمْس من مغْرِبهَا، ونزول عِيسَى ابْن مَرْيَم، ويأجوج وَمَأْجُوج، وَثَلَاثَة خُسُوف: خسف بالمشرق، وَخسف بالمغرب، وَخسف بِجَزِيرَة الْعَرَب، وَآخر ذَلِك تخرج من الْيمن نَار تطرد النَّاس إِلَى [مَحْشَرهمْ] ".
وَلمُسلم: أَيْضا فِي حَدِيث آخر: " تخرج من (قَعْر) عدن ترحل النَّاس ".
رَوَاهُ عَن عبيد الله بن معَاذ، عَن أَبِيه، عَن شُعْبَة، قَالَ فرات بِهَذَا الْإِسْنَاد.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق.
وحَدثني: [مُحَمَّد] بن حَاتِم بن مَيْمُون، [ثَنَا بهز] قَالَا جَمِيعًا: حَدثنَا وهيب، ثَنَا عبد الله بن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يحْشر النَّاس على ثَلَاث طرائق راغبين راهبين وَاثْنَانِ على بعير، [وَثَلَاثَة على بعير] ، وَأَرْبَعَة على بعير، و [عشرَة] على بعير، وتحشر بَقِيَّتهمْ النَّار تبيت مَعَهم حَيْثُ باتوا، وتقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا، وتصبح مَعَهم حَيْثُ أَصْبحُوا، وتمسي مَعَهم حَيْثُ أَمْسوا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى، عَن الْوَلِيد بن جَمِيع، ثَنَا

(4/591)


أَبُو الطُّفَيْل، عَن / حُذَيْفَة بن أسيد، عَن أبي ذَر قَالَ: إِن الصَّادِق المصدوق حَدثنِي " أَن النَّاس يحشرون على ثَلَاثَة أَفْوَاج: [فَوْج] راكبين [طاعمين] كاسين، وفوج تسحبهم الْمَلَائِكَة على وُجُوههم وتحشرهم النَّار، وفوج يَمْشُونَ ويسعون، يلقى الله الآفة على الظّهْر فَلَا يبْقى، حَتَّى إِن الرجل لتَكون لَهُ الحديقة يُعْطِيهَا بِذَات القتب لَا يقدر عَلَيْهَا ".
مُسلم: وَحدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - يعنون ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، أَو الدُّخان، أَو الدَّجَّال، أَو الدَّابَّة، أَو خَاصَّة أحدكُم، أَو أَمر الْعَامَّة ".
مُسلم: حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام العيشي، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن زِيَاد بن ريَاح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ (سِتَّة) : الدَّجَّال، وَالدُّخَان، ودابة الأَرْض، وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَأمر الْعَامَّة، وَخُوَيصة أحدكُم ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَعلي بن حجر قَالُوا: أبنا إِسْمَاعِيل - يعنون ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت من مغْرِبهَا آمن النَّاس كلهم أَجْمَعُونَ، فَيَوْمئِذٍ {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} ".

(4/592)


مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب [وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم] ، جَمِيعًا عَن ابْن علية. قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا ابْن علية، ثَنَا يُونُس - هُوَ ابْن يزِيد - عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد التَّيْمِيّ، سَمعه - فِيمَا أعلم - عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْمًا: " أَتَدْرُونَ أَيْن تذْهب هَذِه الشَّمْس؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: إِن هَذِه تجْرِي حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى مستقرها تَحت الْعَرْش، فتخر سَاجِدَة، فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى يُقَال لَهَا: ارتفعي ارجعي من حَيْثُ جِئْت. فترجع فَتُصْبِح طالعة من مطْلعهَا، ثمَّ تجْرِي حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى / مستقرها تَحت الْعَرْش فتخر سَاجِدَة، فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى يُقَال لَهَا: ارتفعي ارجعي من حَيْثُ جِئْت. فترجع فَتُصْبِح طالعة من مطْلعهَا، ثمَّ تجْرِي لَا يستنكر النَّاس مِنْهَا شَيْئا حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى مستقرها ذَاك تَحت الْعَرْش، فَيُقَال لَهَا: ارتفعي (ارجعي) أصبحي طالعة من مغربك. فَتُصْبِح طالعة من مغْرِبهَا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتَدْرُونَ مَتى ذاكم؟ ذَاك حِين {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} ".
وحَدثني عبد الحميد بن بَيَان الوَاسِطِيّ، أَنا خَالِد - يَعْنِي ابْن عبد الله - قَالَ: حَدثنِي يُونُس، عَن إِبْرَاهِيم - هُوَ ابْن يزِيد التَّيْمِيّ - عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْمًا: " أَتَدْرُونَ أَيْن تذْهب هَذِه الشَّمْس؟ " وَبِمَعْنى حَدِيث ابْن علية.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، عَن أبي حَيَّان،

(4/593)


عَن أبي زرْعَة، عَن عبد الله بن [عَمْرو] قَالَ: حفظت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيثا لم أنسه بعد، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن أول الْآيَات خُرُوجًا طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَخُرُوج الدَّابَّة على النَّاس ضحى، وَأيهمَا مَا كَانَت قبل صاحبتها فالأخرى على إثْرهَا قَرِيبا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن مَالك، ثَنَا أَبُو تُمَيْلة يحيى بن وَاضح، ثَنَا خَالِد بن عبيد أَبُو عِصَام، أَخْبرنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " ذهب بِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى مَوضِع بالبادية أَرض سبخَة حولهَا قريبَة من مَكَّة، فَقَالَ: من هَذَا الْموضع تخرج الدَّابَّة. فَإِذا مَوضِع شبر فِي فتر ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن بُرَيْدَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد من هَذَا الْوَجْه.
ذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي تَارِيخه. وَقَالَ: فِيهِ نظر.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن زِيَاد ابْن سعد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يخرب الْكَعْبَة ذُو السويقتين من الْحَبَشَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا [عبيد الله] ابْن الْأَخْنَس، حَدثنِي ابْن أبي / مليكَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَأَنِّي بِهِ أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا ".

(4/594)


أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يزِيد بن هَارُون، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد ابْن سمْعَان، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثمَّ يَأْتِي الْحَبَشَة فيخربونه خرابا لَا يعمر بعده أبدا. قَالَ: وهم الَّذين يستخرجون كنزه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْقَاسِم بن أَحْمد، ثَنَا أَبُو عَامر، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن مُوسَى بن جُبَير، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اتْرُكُوا الْحَبَشَة مَا تركوكم فَإِنَّهُ لَا يسْتَخْرج كنز الْكَعْبَة إِلَّا ذُو السويقتين من الْحَبَشَة ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، أَنا سعيد بن سمْعَان مولى المشمعل قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَبَا قَتَادَة وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُبَايع لرجل بَين الرُّكْن وَالْمقَام، وَأول من يسْتَحل هَذَا الْبَيْت أَهله، فَإِذا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تسْأَل عَن هلكة الْعَرَب، ثمَّ يَجِيء الْحَبَشَة فيخربونه خرابا لَا يعمر بعده. قَالَ: وهم الَّذِي يستخرجون كنزه ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد، حَدثنَا الْأسود بن عَامر، ثَنَا زُهَيْر، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تبلغ المساكن إهَاب - أَو يهاب " قَالَ زُهَيْر: قلت لسهيل: وَكم ذَلِك من الْمَدِينَة؟ قَالَ كَذَا وَكَذَا ميلًا.
مَالك: عَن ابْن حماس، عَن عَمه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لتتركن الْمَدِينَة على أحسن مَا كَانَت حَتَّى يدْخل الْكَلْب - أَو الذِّئْب - فيعدي على بعض سواري الْمَسْجِد - أَو على الْمِنْبَر - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، فَلِمَنْ تكون الثِّمَار ذَلِك الزَّمَان؟ قَالَ: للعوافي: الطير وَالسِّبَاع ".
اخْتلف فِي اسْم ابْن حماس هَذَا، فَرَوَاهُ أَبُو المصعب عَن مَالك، وَقَالَ:

(4/595)


يُونُس بن يُوسُف بن حماس. وَكَذَلِكَ قَالَ معن بن عِيسَى وَعبد الله بن يُوسُف التنيسِي، وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: حَدثنِي مَالك، عَن يُوسُف بن يُونُس بن حماس، وَتَابعه ابْن بكير / ومطرف وَابْن نَافِع وَابْن وهب وَسَعِيد بن عفير وَمُحَمّد بن الْمُبَارك وَسليمَان بن برد وَمصْعَب الزبيرِي.
وَقَالَ القعْنبِي فِي هَذَا الحَدِيث: مَالك أَنه بلغه عَن أبي هُرَيْرَة، لم يذكر اسْم أحد، وَيحيى من آخر من عرض الْمُوَطَّأ على مَالك. فَقَالَ: عَن ابْن حماس. وَلم يسم أحدا، وَكَانَ ابْن حماس هَذَا رجلا فَاضلا مجاب الدعْوَة، ذكر هَذَا كُله [أَبُو عمر] ، وَفِيه بعض تَقْدِيم وَتَأْخِير.
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب؛ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يتركون الْمَدِينَة على خير مَا كَانَت لَا (يَغْشَاهَا) إِلَّا العوافي - يُرِيد عوافي السبَاع وَالطير - ثمَّ يخرج راعيان من مزينة يُريدَان الْمَدِينَة ينعقان بغنمهما فيجدالها وحشا حَتَّى إِذا بلغا ثنية الْوَدَاع خرا على أوجههمَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو السَّائِب سلم بن جُنَادَة، ثَنَا أبي جُنَادَة بن سلم، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " آخر قَرْيَة من قرى الْإِسْلَام خرابا الْمَدِينَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث جُنَادَة، عَن هِشَام ابْن عُرْوَة. قَالَ: تعجب مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.

(4/596)


مُسلم: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي اللَّيْث بن سعد، حَدثنِي مُوسَى بن عَليّ، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ الْمُسْتَوْرد الْقرشِي عِنْد عَمْرو بن الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " تقوم السَّاعَة وَالروم أَكثر النَّاس. فَقَالَ لَهُ عَمْرو: أبْصر مَا تَقول. قَالَ: أَقُول مَا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: لَئِن قلت ذَلِك إِن فيهم لخصالا أَرْبعا: إِنَّهُم لأحلم النَّاس عِنْد فتْنَة، وأسرعهم إفاقة بعد مُصِيبَة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وَخَيرهمْ لمسكين ويتيم وَضَعِيف، وخامسة حَسَنَة جميلَة، وأمنعهم من ظلم الْمُلُوك ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَابْن / أبي عمر قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أُميَّة بن صَفْوَان، سمع جده عبد الله بن صَفْوَان يَقُول: أَخْبَرتنِي حَفْصَة أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ليؤمن هَذَا الْبَيْت جَيش يغزونه حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض يخسف بأوسطهم، وينادي أَوَّلهمْ آخِرهم، ثمَّ يخسف بهم وَلَا يبْقى إِلَّا الشريد الَّذِي يخبر عَنْهُم ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون، ثَنَا الْوَلِيد بن [صَالح] ، أَنا عبيد الله بن عَمْرو، ثَنَا زيد بن أبي أنيسَة، عَن عبد الْملك العامري، عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن صَفْوَان، عَن أم الْمُؤمنِينَ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سيعوذ بِهَذَا الْبَيْت - يَعْنِي الْكَعْبَة - قوم لَيست لَهُم مَنْعَة وَلَا عدد وَلَا عدَّة، يبْعَث إِلَيْهِم جَيش حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض خسف بهم ".
قَالَ يُوسُف: وَأهل الشَّام يَوْمئِذٍ يَسِيرُونَ إِلَى مَكَّة. فَقَالَ عبد الله بن صَفْوَان: أما وَالله مَا هُوَ بِهَذَا الْجَيْش.

(4/597)


قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا الْقَاسِم بن الْفضل، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن عبد الله بن الزبير أَن عَائِشَة قَالَت: " عَبث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَنَامه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، صنعت شَيْئا فِي مَنَامك لم [تكن] تَفْعَلهُ. فَقَالَ الْعجب إِن نَاسا من أمتِي يؤمُّونَ (هَذَا الْبَيْت) بِرَجُل من قُرَيْش قد لَجأ بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم. فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِن الطَّرِيق قد يجمع النَّاس. قَالَ: نعم فيهم المستبصر [وَالْمَجْبُور] وَابْن السَّبِيل، يهْلكُونَ مهْلكا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مصَادر شَتَّى، يَبْعَثهُم الله على نياتهم ".
قَالَ النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " قلت: أَرَأَيْت إِن كَانَ فيهم مُؤمنُونَ. قَالَ: تكون لَهُم قبورا ".
رَوَاهُ من طَرِيق غير طَرِيق مُسلم.
وَقَالَ النَّسَائِيّ أَيْضا: أَنا مُحَمَّد بن إِدْرِيس، ثَنَا عمر بن حَفْص بن غياث، حَدثنِي أبي، عَن مسعر، أَخْبرنِي طَلْحَة بن مصرف، عَن أبي مُسلم الْأَغَر، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَنْتَهِي الْبعُوث عَن غَزْو بَيت الله حَتَّى يخسف بِجَيْش مِنْهُم ".
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج: وَحدثت عَن أبي أُسَامَة. وَمِمَّنْ روى ذَلِك عَنهُ / إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا [بريد] بن عبد الله، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله إِذا أَرَادَ رَحْمَة أمة من عباده

(4/598)


قبض نبيها قبلهَا، فَجعله لَهَا فرطا وسلفا بَين يَديهَا، وَإِذا أَرَادَ هلكة أمة عذبها ونبيها حَيّ، فأهلكها وَهُوَ ينظر فَأقر عينه بهلكتها حِين كذبوه وعصوا أمره ".
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو أُسَامَة بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
أَبُو دَاوُد: [ثَنَا مُوسَى بن سهل] ، حَدثنَا حجاج بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا ابْن وهب، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لن يعجز الله هَذِه الْأمة من نصف يَوْم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، حَدثنِي صَفْوَان، عَن شُرَيْح بن عبيد، عَن سعد بن أبي وَقاص، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي [لأرجو] أَلا (يعجز الله أمتِي) أَن يؤخرهم نصف يَوْم. قيل لسعد: وَكم نصف يَوْم: قَالَ: خَمْسمِائَة سنة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ الْأَعْرَاب إِذا قدمُوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلُوهُ عَن السَّاعَة مَتى السَّاعَة؟ فَنظر إِلَى أحدث إِنْسَان مِنْهُم، فَقَالَ: إِن يَعش هَذَا لم يُدْرِكهُ الْهَرم قَامَت عَلَيْكُم سَاعَتكُمْ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حجاج بن الشَّاعِر، حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي: ابْن زيد - ثَنَا معبد بن هِلَال الْعَنزي، عَن أنس بن مَالك " أَن

(4/599)


رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَتى السَّاعَة؟ قَالَ: فَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (هنيَّة) ثمَّ نظر إِلَى غُلَام بَين يَدَيْهِ من أزذ شنُوءَة، فَقَالَ: إِن عمر هَذَا لم يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم السَّاعَة. قَالَ أنس: وَذَلِكَ الْغُلَام من أترابي يَوْمئِذٍ ".
مُسلم: حَدثنَا [مُحَمَّد] بن رَافع وَعبد بن حميد. قَالَ مُحَمَّد بن رَافع: حَدثنَا. وَقَالَ [عبد] : أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله وَأَبُو بكر بن سُلَيْمَان، أَن عبد الله / بن عمر قَالَ: " صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة صَلَاة الْعشَاء فِي آخر حَيَاته فَلَمَّا سلم قَامَ فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، فَإِن على رَأس مائَة سنة لَا يبْقى مِمَّن هُوَ على ظهر الأَرْض أحد. قَالَ ابْن عمر: فوهل النَّاس فِي مقَالَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِلْكَ فِيمَا يتحدثون من هَذِه الْأَحَادِيث عَن مائَة سنة، وَإِنَّمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يبْقى مِمَّن هُوَ الْيَوْم على ظهر الأَرْض أحد. يُرِيد بذلك أَن ينخرم ذَلِك الْقرن ".
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن حبيب، ثَنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، سَمِعت أبي قَالَ: ثَنَا أَبُو نَضرة، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَالَ ذَلِك قبل مَوته بِشَهْر أَو نَحْو ذَلِك: مَا من نفس منفوسة الْيَوْم يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنة (وَهِي يَوْمئِذٍ حَيَّة) ".
وَعَن عبد الرَّحْمَن صَاحب السِّقَايَة، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل ذَلِك. وفسرها عبد الرَّحْمَن قَالَ: نقص الْعُمر.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن ابْن

(4/600)


شهَاب، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه أَنه أخبرهُ، أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من الْأُمَم كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة التَّوْرَاة فعملوا حَتَّى [إِذا] انتصف النَّهَار عجزوا فأعطوا قيراطا قيرطا، ثمَّ أُوتِيَ أهل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل فعملوا إِلَى صَلَاة الْعَصْر، ثمَّ عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا، ثمَّ أعطينا الْقُرْآن، فَعلمنَا إِلَى غرُوب الشَّمْس فأعطيناه قيراطين قيراطين، فَقَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ: أَي رَبنَا أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا، وَنحن كُنَّا أَكثر عملا! قَالَ الله: هَل ظلمتكم من أجوركم من شَيْء؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهُوَ فضلي أوتيه من أَشَاء ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن هياج، ثَنَا مُحَمَّد بن (سعد) ، ثَنَا شريك، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالشَّمْس على قعيقعان فَقَالَ: مَا أعماركم فِي أَعمار من مضى إِلَّا كَمَا بَقِي من يومكم فيمَ مضى مِنْهُ ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن ابْن عمر بِإِسْنَاد حسن من هَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن مُجَاهِد / إِلَّا سَلمَة بن كهيل، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن سَلمَة إِلَّا شريك.
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَأَبُو عَلْقَمَة الْفَروِي قَالَا: ثَنَا صَفْوَان بن سليم، عَن عبد الله بن سلمَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يبْعَث الله ريحًا من الْيمن أَلين من الْحَرِير فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة - وَقَالَ عبد الْعَزِيز: مِثْقَال ذرة - من إِيمَان إِلَّا قَبضته ".

(4/601)


الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لله - تبَارك وَتَعَالَى - ريحًا يبعثها عِنْد رَأس (كل) مائَة سنة فتقبض روح كل مُؤمن ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن بُرَيْدَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن بشير بن المُهَاجر، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِلَى مائَة سنة يبْعَث الله ريحًا بَارِدَة طيبَة يقبض فِيهَا روح كل مُؤمن ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن أبي حَازِم؛ أَنه سمع سهلا يَقُول: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُشِير بإصبعه الَّتِي تلِي الْإِبْهَام وَالْوُسْطَى وَهُوَ يَقُول: بعثت أَنا والساعة هَكَذَا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا مُعْتَمر، عَن أَبِيه، عَن معبد، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بعثت أَنا والساعة كهاتين. قَالَ: وَضم السبابَة وَالْوُسْطَى ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا بشير بن المُهَاجر الغنوي، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " بعثت أَنا والساعة جَمِيعًا أَن كَادَت لتسبقني ".

بَاب فِي قيام السَّاعَة وعَلى من تقوم
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عَفَّان، [ثَنَا حَمَّاد] ، أَنا ثَابت، عَن

(4/602)


أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض: الله الله ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا / معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة على أحد يَقُول: الله الله ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي ابْن مهْدي - حَدثنَا شُعْبَة، عَن عَليّ بن الْأَقْمَر، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن [بشار، ثَنَا] غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن وَاصل، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من شرار النَّاس من تُدْرِكهُمْ السَّاعَة (أَحيَاء) ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ قَالَ: " تقوم السَّاعَة وَالرجل يحلب اللقحة فَمَا يصل الْإِنَاء إِلَى فِيهِ حَتَّى تقوم، وَالرجلَانِ يتبايعان الثَّوْب فَمَا يتبايعانه حَتَّى تقوم، وَالرجل يلوط فِي حَوْضه فَمَا يصدر حَتَّى تقوم ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن النُّعْمَان بن سَالم قَالَ سَمِعت يَعْقُوب بن عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ يَقُول: " سَمِعت عبد الله بن عَمْرو، وَجَاء رجل فَقَالَ: مَا هَذَا الحَدِيث الَّذِي تحدث بِهِ تَقول إِن السَّاعَة تقوم إِلَى كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله - أَو: لَا إِلَه إِلَّا الله. أَو

(4/603)


كلمة نَحْوهَا - لقد هَمَمْت أَنِّي لَا أحدث [أحدا] شَيْئا أبدا، إِنَّمَا قلت: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ بعد قَلِيل أمرا عَظِيما (يحرق) الْبَيْت وَيكون وَيكون. ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يخرج الدَّجَّال فِي أمتِي فيمكث أَرْبَعِينَ - لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو أَرْبَعِينَ شهرا أَو أَرْبَعِينَ عَاما - فيبعث الله - عز وَجل - عِيسَى ابْن مَرْيَم كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود فيطلبه فيهلكه، ثمَّ يمْكث النَّاس سبع سِنِين لَيْسَ بَين اثْنَيْنِ عَدَاوَة، ثمَّ يُرْسل الله ريحًا بَارِدَة من قبل الشَّام، فَلَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد فِي قلبه مِثْقَال ذرة من خير أَو إِيمَان إِلَّا قَبضته حَتَّى (إِن أحدكُم لَو) دخل فِي كبد جبل لدخلته عَلَيْهِ حَتَّى تقبضه. قَالَ: (سمعته) من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَيبقى شرار النَّاس فِي خفَّة / الطير وأحلام السبَاع، لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا. قَالَ: فيتمثل لَهُم الشَّيْطَان، فَيَقُول: أَلا تستجيبون؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرنَا؟ فيأمرهم بِعبَادة الْأَوْثَان وهم فِي ذَلِك دَار رزقهم حسن عيشهم، ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور فَلَا يسمعهُ أحد إِلَّا أصغى ليتا وَرفع ليتا. قَالَ: وَأول من يسمعهُ رجل يلوط حَوْض إبِله. قَالَ: فيصعق ويصعق النَّاس، ثمَّ يُرْسل الله - أَو قَالَ: ينزل الله - مَطَرا كَأَنَّهُ الطل - أَو الظل. نعْمَان الشاك - فتنبت مِنْهُ أجساد النَّاس، ثمَّ ينْفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ ثمَّ يُقَال: يَا أَيهَا النَّاس، هلموا إِلَى ربكُم {وقفوهم إِنَّهُم مسئولون} ثمَّ يُقَال: أخرجُوا بعث النَّار. فَيُقَال: من كم؟ فَيُقَال: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ قَالَ: فَذَلِك يَوْم {يَجْعَل الْولدَان شيبا} وَذَلِكَ {يَوْم يكْشف عَن سَاق} ".

(4/604)


تمّ كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة، وبتمامه تمّ جَمِيع الْكتاب، وَالْحَمْد لله حق حَمده، وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا.
وَكَانَ الْفَرَاغ من نُسْخَة أول الثُّلُث الآخر من اللَّيْلَة المسفر صباحها، وَهِي سلخ شهر جمادي الْآخِرَة من شهور سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة أحسن الله تقضيها.
غفر الله لكَاتبه وقارئه والناظر فِيهِ، بِرَحْمَتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ، آمين يَا رب الْعَالمين، أحينا على الْكتاب وَالسّنة وتوفنا عَلَيْهَا.

(4/605)