الإشراف
على مذاهب العلماء 13 - كتاب الجمعة
1 - باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم
الجمعة
(ح 315) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة فقال:
فيها ساعة لا يوافقها إنسان وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه،
وأشار النبي- صلى الله عليه وسلم - بيده يقللها.
م 484 - واختلفوا في الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة.
روينا عن أبي هريرة أنه قال: هي بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة
العصر إلى غروب الشمس.
وقال الحسن البصري، وأبو العالية: هي عند زوال الشمس.
وفيه قول ثالث: وهو أنها إذا أذن المؤذن بصلاة الجمعة، روى ذلك عن عائشة.
وروينا عن الحسن البصري أنه قال: هي إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ.
وقال أبو بردة: هى الساعة التي اختار الله وقتها للصلاة.
وقال أبو السوار العدوي: كانوا يرون أن الدعاء يستجاب ما بين أن تزول الشمس
إلى وقت أن يدخل الصلاة.
(2/82)
وفيه قول سابع: وهو أنها ما بين أن ترجع
الشمس بشبر إلى ذراع، روينا هذا القول عن أبي ذر.
وفيه قول ثامن: وهو أنها ما بين العصر إلى أن تغرب الشمس، كذلك قال أبو
هريرة وبه قال طاؤس، وعبد الله بن سلام.
وحكى عن كعب أنه قال: لو قسم إنسان جمعة في جمع أتى على تلك الساعة.
روينا عن ابن عمر أنه قال: إن طلب حاجة في يوم [1/ 21/ب] ليسير.
2 - باب إسقاط فرض صلاة الجمعة عند النساء
والعبيد والصبيان
(ح 316) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: رفع القلم عن ثلاثة
عن الصبي حتى يحتلم.
والجمعة غير واجبة على الصبي بدلالة الكتاب والسنة والإتفاق.
م485 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا جمعة على النساء.
م 486 - وأجمعوا على أنهن إن حضرن الإمام فصلين معه إن ذلك يجزئ عنهن.
(2/83)
م 487 - وأجمعوا على أن الجمعة واجة على
الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم.
م 488 - واختلفوا في وجوب الجمعة على العبيد.
فقالت طائفة: الجمعة واجبة على العبد الذي يؤدي الضريبة، كذلك قال الحسن
البصري، وقتادة.
وقال الأوزاعى: إذا كان مجارحاً فأدى ضربته، فعليه الجمعة.
وقالت طائفة: الجمعة على العبد كهي على الأحرار، غير أن لهم أن يتخلفوا
عنها إذا منعهم السادة.
وقال أكثر أهل العلم: يشير على العبد جمعة، كذلك قال مالك، وأهل المدينة،
والثوري، وأهل الكوفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وروينا ذلك عن عطاء، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري.
وقال أبو بكر: حكم المكاتب والمدبر كحكم العبد.
3 - باب وجوب الجمعة على المسافر
م 489 - قال كثير من أهل العلم: لا جمعة على المسافر، كذلك قال ابن عمر،
(2/84)
وعمر بن عبد العزيز، وطاؤس، وعطاء، وهو قول
مالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق.
وروينا علي بن أبي طالب أنه قال: ليس على المسافر جمعة.
وأقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يجمّع.
وأقام عبد الرحمن بن سمرة بكابل شتوة أو شتوتين فكان لا يجمّع. وقال
الزهري: إذا سمع الأذان فليشهد (1) الجمعة، وقد اختلف فيه عنه.
قال أبو بكر: وصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بعرفة وكان يوم
الجمعة، دليل على أن لا جمعة على المسافر.
4 - باب الخروج إلى السفر يوم الجمعة
م 490 - اختلف أهل العلم في المقيم يريد الخروج إلى السفر يوم الجمعة.
فقالت طائفة: لا بأس به ما لم يحضر الوقت، كذلك [1/ 22/ألف] قال الحسن
البصري، وابن سيرين، ومالك.
وقال عمر: إن الجمعة لا تحبس عن سفر.
__________
(1) في الأصل "فليتشهد".
(2/85)
وروى عن أبي عبيدة: أنه خرج في بعض أسفاره
يوم اجمعة ولم ينتظر الصلاة.
وقد روينا عن ابن عمر، وعائشة، وابن المسيب، ومجاهد، أخباراً تدل على
كراهية الخروج يوم الجمعة في الصلاة.
وكان الشافعي يستحب أن لا يخرج يوم الجمعة بعد الفجر وقال: إذا زالت الشمس
فلا يسافر أحدٌ حتى يصلي الجمعة.
وقال أحمد، وإسحاق: لا يعجبنا ذلك.
وسئل الأوزاعى: عن مسافر سمع أذان الجمعة وقد أسرج دابته قال: فليمض.
قال أبو بكر: له أن يسافر ما لم يحضر الوقت.
5 - باب التخلّف عن صلاة الجمعة للعذر
م 491 - ثبت أن ابن عمر لما استصرخ على سعيد بن زيد بعد ارتفاع الضحى، أتاه
بالعتيق، وترك الجمعة، وهذا مذهب عطاء، والحسن البصري، والأوزاعى.
كذلك قال إذا خيف عليه التغير.
وكذلك قال الشافعي، قال في الولد والوالد إذا خاف فوات نفسه.
كان مالك: لا يجعل المطر عذراً في التخلف عن الجمعة.
(2/86)
وقال أحمد: في الجمعة في المطر على حديث
عبد الرحمن بن سمرة، وبه قال إسحاق.
قال أبو بكر:
(ح 317) وحديث عبد الرحمن أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا كان
المطر وابلاً فليصل
أحدكم في رحله.
6 - باب الأمصار التي يجب على أهلها الجمعة
م 492 - روينا عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون
ولا يعيب ذلك عليهم، وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب بذلك.
وفيه قول ثان: وهو أن كل قرية عليها أميرٌ يجمع فيها، روى ذلك عن عمر بن
عبد العزيز، وبنحوه قال الأزواعى، والليث بن سعد.
وفيه قول ثالث: وهو أن لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع، روى ذلك عن علي،
وبه قال النخعى.
وقال الحسن، وابن سيرين: لا جمعة إلا في مصر جامع، وبه قال النعمان، وابن
الحسن.
(2/87)
وفيه قول رابع: "وهو أن الجمعة إنما تجب
على كل قرية فيها أربعون رجلاً، أحراراً بالغين، وتكون بيوتها مجتمعة لا
يظعنون عنها شتاءً ولا صيفاً، إلا ظعن حاجة" [1/ 22/ب]، هذا قول الشافعي.
ومال أحمد، وإسحاق إلى هذا القول ولم يشترطا هذه الشروط.
وفيه قول خامس: وهو أيما قرية فيها أربعون رجلاً فصاعداً عليهم إمام حاضر
يقضي بينهم، فليخطب وليصل بهم ركعتين.
وفيه قول سادس: وهو الرواية الرابعة عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: أيما
قرية اجتمع فيها خمسون رجلاً فليصلوا الجمعة.
وفيه قول سابع: وهو إذا لم يحضر الإمام إلا ثلاثة صلى بهم الجمعة، هذا قول
الأوزاعي، وهو مذهب أبي ثور.
وقال مكحول: إذا كانت القرية فيها الجماعة صلوا الجمعة ركعتين.
وقال مالك: في القرية التي تتصل دورها، أرى أن يجمعوا الجمعة كان عليهم
والي أو لم يكن.
وحكى عن عكرمة قال: إذا كانوا سبعة جمعوا.
قال أبو بكر: قول الأوزاعي موافق لظاهر قوله: {ِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ
مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} الآية.
(2/88)
7 - باب الإمام يكون
في سفر من الأسفار فيحضر يوم الجمعة
م 493 - روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه جمع بالسويداء وهو في إمارته
على الحجاز وممن هذا مذهبه الأوزاعى، وأبو ثور.
وقالت طائفة: لا يجمّع في السفر، هذا قول ابن عمر.
وقال عطاء، ومجاهد: ليس بمنى الجمعة.
وقالت طائفة: لا يجمع.
م 494 - وقال الزهري ومالك: لا يجهر الإمام بعرفة، وإن كان يوم جمعة، وكذلك
قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي، وأحمد، ويعقوب، ومحمد: لا جمعة بمنى.
وقال النعمان: إن كان الإمام من أهل مكة جمع وكذلك الخليفة إذا كان مسافراً
وإذا كان كذلك فلا جمعة منى.
قال أبو بكر: لا يجمع الإمام في السفر وإن كان الخليفة، إستدلالاً بصلاة
النبى - صلى الله عليه وسلم - الظهر بعرفة وكان يوم الجمعة.
(2/89)
8 - باب من يجب عليه
حضور الجمعة ممن يسكن المصر وخارج المصر
م 495 - واختلفوا فيمن يجب عليه حضور الجمعة ممن يسكن المصر وخارج المصر.
فقالت طائفة: الجمعة على من آواه الليل إلى أهله، روى ذلك عن ابن عمر، وأبي
هريرة، وأنس، والحسن، ونافع مولى ابن عمر، وكذلك قال عكرمة، والحكم، وعطاء،
والأوزاعي، [1/ 23/ألف] وأبو ثور.
وفيه قول ثان: وهو أن الجمعة تجب على من بينه وبين الجامع ست أميال، وروى
ذلك عن الزهري.
وفيه قول ثالث: وهو أن الجمعة تجب من ثلاثة أميال، هذا قول مالك، والليث بن
سعد.
وفيه قول رابع: وهو أنها لا تجب إلا على من سمع النداء، روي هذا القول عن
عبد الله بن عمرو (1)، وسعيد بن المسيب، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وكان الشافعي يقول: "لا يبين عندي أن يحرج بترك الجمعة إلا من سمع النداء،
ويشبه أن يحرج أهل المصر وإن عظم بترك الجمعة".
__________
(1) في الأصل عبد الله بن عمر "بدون واو" والتصحيح من الأوسط 4/ 36.
(2/90)
وفيه قول سادس: وهو أن الجمعة تجب على من
سمع النداء ومن لم يسمعه إذا كان في المصر، وإن كان خارج المصر لم تجب عليه
الجمعة وإن سمع النداء، ويشبه هذا القول أصحاب الرأي.
وفيه قول سابع: وهو أن الجمعة إنما تجب على من كان على أربعة أميال، هذا
قول محمد بن المنكدر، والزهري، وربيعة.
وروينا عن ربيعة أنه قال: تجب الجمعة على من إذا نودي بصلاة الجمعة خرج من
بيته ماشياً أدرك الصلاة.
9 - باب الغسل للجمعة
(ح 318) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من جاء منكم الجمعة
فليغتسل.
م 496 - واختلفوا في وجوب الغسل للجمعة.
قال أبو هريرة: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم.
وتأول عمار بن ياسر رجلاً فقال: أنا إذا أشر من الذي لا يغتسل يوم الجمعة.
وقال مالك بن أنس: من اغتسل يوم الجمعة في أول نهاره وهو لا يريد به غسل
الجمعة، فإن ذلك الغسل لا يجزئ عنه حتى يغتسل لرواحه.
(2/91)
وقالت طائفة: الغسل سنة، وليس بفرض، كان
ابن مسعود يقول: هو سنة، وممن لم يره فرضاً الأوزاعي، والثوري، والشافعي،
وأحمد، والنعمان، وأصحابه.
قال أبو بكر: هكذا نقول.
10 - باب المغتسل للجنابة والجمعة غسلاً واحداً
قال أبو بكر:
م 497 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: يجزئ غسلاً واحداً للجنابة
والجمعة، روينا هذا القول عن ابن عمر، ومجاهد، ومكحول، ومالك بن أنس،
والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وقال أحمد: أرجو [1/ 23/ب]. . . .
. . . (1)
__________
(1) بدأ السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي:
«وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهُ»
(2/92)
[20 - باب سلام
الإمام على المنبر إذا استقبل الناس]
. . . . . . . . . . . . . (1) [1/ 49/ ب] المنبر وسلم، وفعل ذلك عمر بن
عبد العزيز، وبه قال الأوزاعى، والشافعي، وأحمد.
وأنكر مالك: ذلك وكان لا يراه.
21 - باب النهي عن الكلام يوم الجمعة والإمام
يخطب
(ح 324) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قلت لصاحبك أنصت
والإمام يخطب فقد لغوت.
__________
(1) انتهى السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «حَدَّثَنَا
عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ،
قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ
الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ مِنْبَرِهِ مِنَ الْجُلُوسِ
ثُمَّ يَصْعَدُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ سَلَّمَ ثُمَّ
قَعَدَ».
وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا
صَعِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَبِهِ قَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى
أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامَ عَلَى النَّاسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ،
وَأَنْكَرَ ذَلِكَ.»
(2/101)
م 509 - ونهى عثمان بن عفان، وابن عمر، عن
الكلام والإمام يخطب.
وقال ابن مسعود: إذا رأيته يتكلم والإمام يخطب فاقرع رأسه بالعصا.
وكره ذلك ابن عباس، والشافعي، وعوام أهل العلم.
وكان النخعى، وسعيد بن جبير، وإبراهيم بن مهاجر، والشعبي, وأبو بردة،
يتكلمون والحجاج يخطب.
وقال بعضهم: إنا لم نؤمر أن ننصت لهذا.
قال أبو بكر: إتباع السنة أولى.
22 - باب الإشارة وتحصيب من يتكلم والإمام يخطب
م 510 - كان ابن عمر يحصب من يتكلم والإمام يخطب، وربما أشار إليه.
وممن رأى أن يشار إلى من يتكلم والإمام يخطب، عبد الرحمن بن أبي ليلى، وزيد
بن صوحان، ومالك، والثووي، والأوزاعي.
وكره طاؤس الإشارة.
وكره الرمي علقمة: بالحصباء، وزيد بن صوحان.
(2/102)
قال أبو بكر: أكره الرمي بالحصباء لأن فيه
أذىً، ولكن يشير.
(ح 325) إستدلالا بإشارة من كان بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إلى الرجل الذي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: متى قيام الساعة.
23 - باب إنصات من لا يسمع الخطبة
م 511 - كان عثمان بن عفان يقول: "للمنصت الذي لا يسمع الخطبة مثل ما
للسامع المنصت".
روينا عن ابن عمر، وابن عباس، أنهما كانا يكرهان الصلاة والكلام بعد خروج
الإمام يوم الجمعة.
وكان الشافعي، وأبو ثور: يكرهان الكلام والإمام يخطب.
وكان عروة بن الزبير: لا يرى بأساً بالكلام إذا لم يسمع الخطبة يوم الجمعة.
(2/103)
24 - باب قراءة
القرآن والذكر في النفس إذا لم يسمع خطبة الإمام
م 512 - رخص في القراءة إذا لم يسمع خطبة الإمام، النخعي، وسعيد بن جبير،
[1/ 50/ألف].
ورخص عطاء في الذكر، وكان الشافعي، وأحمد، وإسحاق لا يرون بذلك بأساً، وقال
الأوزاعى في العاطس: يحمد الله في نفسه.
وكان الزهري يأمر بالصمت، وقال الأوزاعى مثله، وقال أصحاب الرأي: أحب إلينا
أن يسمع وينصت.
قال أبو بكر: لا بأس بالقراءة والذكر، وذلك إذا لم يسمع الخطبة.
25 - باب تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب
م 513 - ورخص في تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب، الحسن البصري،
والنخعى، وا لشعبي، والحكم، وحماد، والثوري، وأحمد، وإسحاق.
وقال قتادة: يرد السلام ويسمعه.
واختلف قول الشافعي: في هذا، فكان في العراق ينهى عنه إلا بإيماء، وقال
بمصر: "رأيت أن يرد عليه بعضهم، لأن رد السلام فرض، وقال في تشميت العاطس:
أرجو أن يسمعه".
(2/104)
وكان سعيد بن المسيب يقول: لا يشمته، وبه
قال قتادة، وهذا خلاف قوله في رد السلام.
وكان مالك، والأوزاعي: لا يريان تشميت العاطس ولا رد السلام والإمام يخطب.
وأصحاب الرأي استحبوا ما قال مالك.
وقال عطاء: إذا كنت تسمع الخطبة فاردد السلام في نفسك، وإذا كنت لا تسمع
فاردد عليه السلام وأسمعه.
وقال أحمد بن حنبل: إذا لم يسمع الخطبة شمت وردّ.
26 - باب شرب الماء والإمام يخطب
م 514 - واختلفوا في الشرب والإمام يخطب.
فرخص مجاهد، وطاؤس، والشافعي.
ونهى عنه مالك، والأوزاعى، وأحمد، وقال الأوزاعى: إن شرب فسدت جمعته.
قال أبو بكر: لا بأس به، إذ لا نعلم حجة منعت منه.
(2/105)
27 - باب استقبال
الناس الإمام إذا خطب
م 515 - روينا عن ابن عمر، وأنس بن مالك، أنهما كانا يستقبلان الإمام إذا
خطبا (1) يوم الجمعة، وكذا قول شريح، وعطاء، وبه قال مالك، وسفيان الثوري،
والأوزاعى، وسعيد بن عبد العزبز، وابن جابر، ويزيد بن أبي مريم، والشافعي،
وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهذا كالإجماع.
28 - باب الإمام يخطب ويصلي غيره
م516 - واختلفوا في الإمام يخطب ويصلى غيره.
فكان سفيان الثوري، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يقولون: لا يصلي إلا من شهد
الخطبة.
وقال الأوزاعى: يصلى الجمعة من لم يحضر الخطبة.
وقال أحمد: إن شاء قدم من شهد الخطبة أو لم يشهد، إذا كان عذر ولا يعجبني
ذلك من غير عذر.
وقال الشافعي: "إذا دخل المأموم في صلاة الإمام قبل أن يحدث فله أن يصلي
بهم ركعتين، ويكون له ولهم جمعة".
__________
(1) في الأصل "إذا خطب".
(2/106)
29 - باب نزول
الإمام عن المنبر للسجدة يقرأها
م 517 - واختلفوا في نزول الإمام للسجدة يقرأها.
فروينا عن عثمان بن عفان، وعن أبي موسى الأشعري، وعمار بن ياسر، والنعمان
بن بشير، وعقبة بن عامر، أنهم نزلوا فسجدوا، وبه قال أصحاب الرأي.
وقال مالك: ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة عند المنبر
فليسجد.
وقال الشافعي: لا ينزل ولا يسجد فإن فعل رجوت أن لا يكون به بأساً.
قال أبو بكر: إن نزل فسجد، رجوت له الثواب، وان لم ينزل فلا شىء عليه، نزل
عمر وترك أن ينزل ليدلّ نزوله على إباحة ذلك، وليدّل بتركه النزول على أن
ذلك ليس شىء.
30 - باب الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة قبل
دخوله في الصلاة
م 518 - واختلفوا في الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة قبل دخوله في
الصلاة.
فكان عطاء، وطاؤس، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله،
وإبراهم النخعى، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد، يرخصون
فيه، وروينا ذلك عن ابن عمر.
وكان الحكم بن عتيبة يكره ذلك.
(2/107)
قال أبو بكر: الكلام فيما بين نزوله عن
المنبر إلى دخوله في الصلاة مباح.
م 519 - واختلفوا في الكلام عند سكوت الإمام بين الخطبتين.
فكره ذلك مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وروى ذلك عن ابن سيرين.
وكان الحسن البصري يقول: لا بأس به.
م 520 - واختلفوا فيما يفعله المستمع للخطبة إذا قرأ الإمام: {إِنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية.
فقالت طائفة: يصلون عليه في أنفسهم ولا يرفعون أصواتهم، هذا قول مالك،
وأحمد، وإسحاق.
وكان سفيان الثوري، وأصحاب الرأي يحبون السكوت.
وقال أبو بكر: هذا أحب إلي.
31 - باب الحبوة والإمام يخطب يوم الجمعة
قال أبو بكر:
م521 - روينا عن ابن عمر أنه كان يحتبى والإمام يخطب يوم الجمعة، وممن
(2/108)
فعل ذلك ولم ير به بأساً، سعيد بن المسيب،
والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وابن سيرين، وابن الزبير، وعكرمة بن
خالد، وشريح، وسالم بن عبد الله، ونافع، ومالك بن أنس، والثوري, والأوزاعى،
الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال أحمد: أرجو ألا يكون به بأس، وبه قال إسحاق.
وكره ذلك بعض أهل الحديث، لحديث روي فيه عن النبي عليه السلام في إسناده
مقال.
32 - باب النهي عن تخطي رقاب الناس
(ح 326) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل تخطى
رقاب الناس: إجلس فقد أذيت.
م 522 - واختلفوا فيه.
فكره ذلك أبو هريرة، وسلمان الفارسى، وسعيد بن المسيب.
(2/109)
وعطاء بن أبي رباح، وأحمد بن حنبل.
وكان قتادة يقول: [1/ 30/ألف] يتخطاهم إلى مجلسه.
وقال الأوزاعى: يتخطاهم إلى السعة.
وكره مالك: تخطي رقاب الناس إذا خرج الإمام وقعد على المنبر قال: فأما قبل
ذلك فلا بأس.
وكره الشافعي: ذلك إلا أن يكون تخطؤه إلى الفرجة لواحد أو اثنين، فإني أرجو
أن يسعه، وإن كثركرهته له، إلا بأن لا يجد السبيل إلا مصلاه إلا بأن يتخطأ،
فيسعه التخطي إن شاء الله.
وفيه قول خامس: وهو أن يتخطى بإذنهم، روينا ذلك عن أبي نضرة.
قال أبو بكر: لا يجوز من ذلك شىء لأن القليل من الأذى والكثير مكروه.
33 - باب صلاة الجمعة بغير أمير
قال أبو بكر:
م 523 - مضت السنة بأن الذي يقيم الجمعة هو السلطان، أو من قام بها بأمره.
م 524 - واختلفوا في الجمعة تحضر وليس معهم أمير.
فقال الأوزاعي، وأصحاب الرأي: يصلون ظهراً أربعاً.
وقال الحسن: أربع إلى السلطان فذكر الجمعة.
وقال حبيب بن أبي ثابت: لا تكون جمعة إلا بأمير وخطبة.
(2/110)
وقالت طائفة: يصلى بهم بعضهم ويجزيهم، هذا
قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
34 - باب الصلاة قبل صلاة الجمعة
(ح 327) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار
حتى ترتفع الشمس.
م 525 - وقد اختلف في ذلك، فممن روينا عنه أنه نهى عن الصلاة نصف النهار،
عمر بن الخطاب.
وقال ابن مسعود: كنا ننهى عن ذلك.
وقال سعيد المقبري: أدركت الناس وهم يتقون ذلك.
وكان أحمد بن حنبل: يكره ذلك في الشتاء والصيف.
ورخص في ذلك الحسن البصري، وطاؤس.
وقال مالك: لا أنهى عنه ولا أحبه.
ورخص في الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ويزيد بن أبي مالك، وابن جابر،
والشافعي، وإسحاق.
(2/111)
وأباح ذلك عطاء في الشتاء، وامتنع منه في
الصيف.
وقال ابن المبارك: أكره الصلاة في الشتاء والصيف إذا علمت انتصاف النهار،
وإذا كنت في موضع لا أعلم ولا أستطيع أن انظر فإني أراه واسعاً.
قال أبو بكر: لا يجوز لنهي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عنه.
م 526 - واختلفوا في المرء يدخل يوم الجمعة المسجد والإمام يخطب، فقال
الحسن البصري: يصلي ركعتين، وبه قال مكحول، وابن عيينة، والمقبرى،
والشافعي، والحميدي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وطائفة من أهل الحديث.
وقالت طائفة: يجلس [1/ 30/ب] ولا يصلي، هذا قول محمد بن سيرين، وعطاء بن
أبي رباح، وشريح، والنخعي، وقتادة، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، وسعيد
بن عبد العزيز، والنعمان.
وقال أبومجلز: إن شئت ركعت وإن شئت جلست.
وقال الأوزاعي: من ركعهما في بيته ثم دخل المسجد والإمام يخطب، قعد ولم
يركع وإن لم يكن ركع، ركع إذا دخل المسجد.
قال أبو بكر: يركعهما.
(ح 328) للثابت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لرجل دخل المسجد،
إذا جاء أحد والإمام يخطب فليركع ركعتين.
وقد روينا عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة.
وعن ابن عباس: أنه كان يصلي قبل الجمعة ثماني ركعات.
(2/112)
وعن ابن مسعود: أنه كان يصلى أربع ركعات
ويأمر بذلك، وقال
مرة: يصلى ما يشاء.
(ح 329) وقد أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - الداخل وهو يخطب أن يصلى
ركعتين.
35 - باب عدد صلاة الجمعة وأحكامها
م 527 - أجمع أهل العلم على أن صلاة الجمعة ركعتان.
(ح 335) وجاء الحديث عن عمر بن الخطاب أنه قال: صلاة الجمعة ركعتان تمام
غير قصر على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وقد خاب من افترى.
م 528 - واختلفوا فيما يقرأ به في صلاة الجمعة، فكان الشافعي، وأبو ثور،
يقولان بحديث:
(ح 331) أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقرأ سورة الجمعة، وإذا جاءك
المنافقون، ويروى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال مالك: أما الذي جاء به الحديث، هل أتاك حديث الغاشية مع سورة الجمعة،
والذي أدركت عليه الناس {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}.
(2/113)
م 529 - واختلفوا فيمن أدرك من الجمعة ركعة
مع الإمام، فقالت طائفة: من لم يدرك الخطبة صلى أربعاً، روى هذا القول عن
عطاء، وطاؤس، ومجاهد، ومكحول.
وقالت طائفة: إذا أدرك من صلاة الجمعة ركعة أضاف إليها أخرى، وإن أدركهم
جلوساً صلى أربعاً، هذا قول ابن مسعود، وابن عمر، وأنس بن مالك، وسعيد بن
المسيب، والحسن البصري وعلقمة، والأسود، وعروة بن الزبير، والزهري،
والنخعى، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
وقال الأوزاعى: إذا أدرك التشهد صلى أربعاً.
وفيه قول ثالث: وهو أن من أدرك [1/ 31/ألف] التشهد مع الإمام صلى ركعتين،
روى هذا القول عن النخعى، وبه قال الحكم، وحماد، والنعمان.
قال أبو بكر:
(ح 332) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من أدرك من الصلاة
ركعة فقد أدرك
الصلاة.
فبهذا نقول وهو قول جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -
والتابعين.
م 530 - واختلفوا فيمن لا يقدر على السجود على الأرض من الزحام، فكان عمر
بن الخطاب يقول: يسجد على ظهر أخيه، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وقال أصحاب الرأي: إن فعل ذلك فصلاته تامة.
(2/114)
وقال عطاء، والزهري: يمسك عن السجود فإذا
رفعوا سجد.
وقال مالك: يعيد الصلاة إن فعل ذلك.
وقال نافع مولى ابن عمر: يومئ إيماءاً.
قال أبو بكر: بقول عمر نقول.
م 531 - واختلفوا فيمن زحم في يوم الجمعة عن الركوع والسجود حتى فرغ الإمام
من صلاته، فقال الحسن البصري، والنخعى، والأوزاعي، وأحمد، وأصحاب الرأي:
يصلي ركعتين.
وقال قتادة، وأيوب، ويونس، والشافعي، وأبو ثور: يصلي أربعاً.
وقال مالك: أحبّ إليّ أن يصلي أربعاً.
قال أبو بكر: يصلي أربعاً لأن هذا لم يدرك من الإمام ركعة فيكون مدركاً
للصلاة.
م 532 - واختلفوا في المسافر يدرك من صلاة الجمعة التشهد، فقال الأوزاعي،
وسفيان الثوري، وأحمد: يصلي أربعاً، وهذا على مذهب الشافعي.
وقال إسحاق: يصلي ركعتين.
م 533 - واختلفوا فيمن أدرك من صلاة الجمعة ركعة فذكر أن عليه
(2/115)
منها سجدة، فكان الشافعي يقول: "يسجد سجدة
ويأتي بثلاث ركعات".
وفي قول أحمد: يسجد سجدة إن لم يكن أخذ في عمل الثانية، ثم يضيف إليها ركعة
أخرى.
36 - باب صلاة القوم تفوتهم الجمعة
م 534 - أجمع أهل العلم على أن من فاته الجمعة من المقيمين أن يصلي أربعاً.
م 535 - واختلفوا في صلاة جماعة إذا فاتتهم الجمعة، فقال القوم: يصلون
جماعة، روى ذلك عن عبد الله بن مسعود، وفعله الحسن بن عبيد الله، وزر.
وقال الثوري: ربما فعلته أنا والأعمش، وهو قول إياس بن معاوية،
وأحمد، وإسحاق.
وكان الشافعي لا يكره ذلك، إذا لم تكن رغبة في الصلاة خلف الأئمة.
ورخص مالك: لأهل السجن، والمسافرين، والمرضى أن يجمعوا.
واختلف قوله في القوم تفوتهم الجمعة، فحكى ابن القاسم عنه أنه قال: "يصلّون
فذاذاً".
(2/116)
وحكى آخر عنه أنه قال: ذاك [1/ 31/ب] إليهم
إن شاؤا جمعوا وإن شاؤا صلّوا رادى.
وكره الحسن البصري، وأبو قلابة، والثوري، والنعمان
أن يصلوا جماعة.
قال أبو بكر: قول ابن مسعود أولى.
37 - باب الرجل يصلي الظهر وعليه فرض الجمعة
م 536 - واختلفوا فيمن لا عذر له يصلى الظهر قبل صلاة الإمام يوم الجمعة،
فكان سفيان الثوري، والشافعي، يقولان: يعيدها ظهراً.
وقال أحمد مرة: يعيد الفرض الذي صلى في بيته إذا كان الإمام يؤخر الجمعة.
وقال الحكم بن عتيبة: يصلي معهم ويصنع الله ما شاء.
وقال النعمان: إذا صلى الظهر ثم خرج يريد الجمعة انتقضت الظهر.
وقال يعقوب، ومحمد: "لا تنقض إلا أن يدخل في الجمعة".
وقال أبو ثور، إذا أدرك الجمعة صلى مع الإمام، فهي له نافلة.
(2/117)
38 - باب الإمام
يفتتح بالجماعة الجمعة ثم يفترقون عنه
م 537 - واختلفوا في الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة ثم يفترقون عنه، فقال
سفيان الثوري: إذا ذهبوا إلا رجلين، صلى ركعتين، وإن بقي معه رجل واحد صلى
أربعاً.
وقال إسحاق بن راهويه: إذا بقي معه اثنا عشر رجلاً صلى ركعتين.
وقال أبو ثور: إذا تفرقوا عنه صلى الجمعة وإن لم يبق معه إلا واحد، لأنه قد
دخل في الصلاة وهو له ولهم جمعة.
وقال الشافعي: "إذا خطب بأربعين وكبّر بهم ثم انفضوا من حوله ففيها قولان،
أحدهما: إن بقى معه إثنان فصلى الجمعة أجزأته، والقول الثاني: لا يجزيه
بحال حتى يكون معه أربعون حين يدخل وحين تكمل الصلاة".
وحكى أبو ثور عنه، أنه يصلي الجمعة وإن لم يبق معه إلا رجل واحد.
وحكى البويطي عنه أنه يصلي الجمعة إذا كان هو الثالث وإن كان هو وآخر لم
يجزه.
وقال المزني: "أشبه به عندي إن كان صلى ركعة ثم انفضوا عنه صلى أخرى".
وقال النعمان: إذا نفر الناس عنه قبل أن يركع ويسجد يستقبل الظهر، وإذا نفر
الناس عنه بعد ما ركع وسجد بني على الجمعة.
(2/118)
وقال يعقوب، ومحمد: إذا افتتح الجمعة وهم
معه، ثم نفر الناس عنه وذهبوا، صلى الجمعة على حاله.
39 - باب الجمعة تصلى في مكانين من المصر
[1/ 32/ ألف]
م 538 - روينا عن ابن عمر أنه كان يقول: لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذي
يصلي فيه الإمام.
وسئل مالك: عن إمام ترك في أقصى المدينة فصلى بمكانه واستخلف خليفة فصلى
بالقصبة، فقال مالك: لا أرى الجمعة إلا لأهل القصبة.
وفيه قول ثالث: "وهو أن من جمع أولاً بعد الزوال فهي الجمعة"، هذا قول
الشافعي.
وقال إسحاق: الإحتياط أن يجمع من جمع أولاً.
وحكى [عن] النعمان أنه قال: لا يجمع في مكانين في مصر.
وحكى عن يعقوب أنه أجاز ذلك ببغداد، وأبى أن يجيز ذلك في سائر المدن.
وقد روينا عن عطاء أنه قيل له: أهل البصرة لايسعهم المسجد الأكبر؟ قال: لكل
قوم مسجد يجتمعون فيه، ويجزئ ذلك عنهم من التجميع في المسجد الأكبر.
(2/119)
40 - باب الجمعة بعد
خروج الوقت
م 539 - كان الشافعي يقول: "إذا كان في الجمعة فدخل وقت العصر صلاها ظهراً
أربعاً".
وقال النعمان: إذا قعد في الثانية فدخل وقت العصر فعليهم أن يستقبلوا الظهر
أربع ركعات.
وقال يعقوب، ومحمد: صلاتهم تامة إذا كان قد قعد قدر التشهد قبل أن يدخل وقت
العصر.
وفيه قول ثان: قال ابن القاسم ماحب مالك: "إذا لم يصل بالناس حتى دخل وقت
العصر صلى بهم الجمعة، ما لم تغلب الشمس".
وقال أحمد: إذا تشهد قبل أن يسلم ودخل وقت العصر يجزيه صلاته.
41 - باب الصلاة في المقصورة
م 540 - روينا عن أنس أنه كان يصلي في المقصورة، وهو قول الحسن البصري،
والقاسم ابن محمد، وعلي بن الحسين، وسالم (1)، ونافع.
وقد روينا عن ابن عمر أنه كان إذا حضرت الصلاة وهو في المقصورة خرج إلى
المسجد.
__________
(1) في الأصل "سالم بن نافع" وهو خطأ, والتصحيح من الأوسط 4/ 117.
(2/120)
وممن كره ذلك في المقصورة: الأحنف بن قيس،
وابن محيريز، والشعبي، وأحمد، وإسحاق.
إلا أن إسحاق قال: تجزئ الصلاة فيها.
42 - باب الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد
والصلاة فوق المسجد بصلاة الإمام
م 541 - واختلفوا في الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد، فقالت طائفة: لا
جمعة لمن لم يصل في المسجد، كذلك قال أبو هريرة، وقيس بن عباد.
وقالت طائفة: الصلاة خارج المسجد بصلاة الإمام جائزة، هذا مذهب أنس بن
مالك، وعروة [1/ 32/ب] بن المغيرة، وإبراهيم النخعى.
وكان عروة بن الزبير، والحسن البصري، يرون الصلاة جائزة خارج المسجد بصلاة
الإمام، وهو مذهب مالك، والأوزاعي، ورخص في الصلاة في رحاب المسجد، أحمد،
وإسحاق.
وهو مذهب الشافعي إذا كان متصلاً بالمسجد.
وقال أصحاب الرأي: في رجل صلى وبينه وبين الإمام حائط يجزيه، فإن كان
بينهما طريق يمر الناس فيه لم يجزه، إلا أن تكون الصفوف متصلة.
ورخص الأوزاعي في السفينتين تأتم إحدى السفينتين بإمام الأخرى، الصلاة
جائزة، وإن كانت بينهما فرجة إذا كان أمام إحديهما إمام الأخرى، وبه قال
أبو ثور.
(2/121)
م 542 - واختلفوا في الصلاة فوق ظهر المسجد
بصلاة الإمام، فكان أبو هريرة، وسالم بن عبد الله، يفعلان ذلك، وبه قال
الشافعي، وأصحاب الرأي إذا لم يكن أمام الإمام.
وقال مالك: "يعيد إذا كانت صلاة الجمعة ظهراً أربعاً".
قال أبو بكر: بقول أبي هريرة أقول.
43 - باب القنوت في الجمعة
م 543 - واختلفوا في القنوت في الجمعة.
فممن كان لا يقنت فيها، علي بن أبي طالب، والنعمان بن بشير، والمغيرة بن
شعبة، وبه قال عطاء، والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، الشافعي،
وإسحاق.
وقال أحمد: بنو أمية كانت تقنت، وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقنت.
44 - باب الصلاة بعد الجمعة
(ح 333) جاء الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كان منكم
مصلياً بعد
(2/122)
الجمعة فليصل بعدها أربعاً".
(ح 334) وثبت أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين.
والمصلي بالخيار إن شاء صلى بعدها ركعتين وإن شاء أربعاً يفصل بين كل
ركعتين بسلام.
م 544 - وقد اختلف فيه، فكان ابن مسعود، وإبراهيم النخعى, وإسحاق، وأصحاب
الرأي يرون أن يصلي بعدها أربعاً.
وفيه قول ثان: وهو أن يصلي بعدها ركعتين، ثم أربعاً، روي ذلك عن علي بن أبي
طالب، وابن عمر، وأبي موسى الأشعري، ومجاهد، وعطاء، وحميد بن عبد الرحمن،
وبه قال الثوري.
وقال أحمد: إن شاء صلى ركعتين وإن شاء صلى أربعاً.
وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي بعدها ركعتين، فعل ذلك ابن عمر، وروى ذلك عن
النخعي.
45 - مسائل من كتاب الجمعة
م 545 - واختلفوا في إمامة العبد في الجمعة، ففي قول الشافعي، وأبي ثور،
وأصحاب الرأي: تجزئ الجمعة خلفه.
(2/123)
وقال مالك: "لايؤم في العيد [1/ 33/ألف]
ولا الجمعة.
قال أبو بكر: قول الشافعي حسن.
م 546 - واختلفوا في الرجل يدخل في صلاة الإمام ولم يدر أهي الجمعة أم
الظهر، فصلى ركعتين فإذا هي الجمعة، أو إذا هي الظهر، ففي قول
النعمان وأصحابه يجزى ذلك عند المأموم إذا نوى صلاة الإمام.
ولا يجزئ ذلك في قول الشافعي حتى ينويها.
م 547 - واختلفوا في الرجل يدخل مع الإمام في صلاة الجمعة ثم يذكر أن عليه
صلاة الفجر، ففى قول النعمان، ويعقوب: ينصرف فيصلي الغداة ثم يدخل في صلاة
الجمعة إن أدركها وإلا صلاها ظهراً أربعاً.
وفي قول ابن الحسن: يصلي الجمعة إذا خاف فوت وقتها ثم يقضى الصلاة التي
ذكر، وبه قال زفر.
وفي قول الشافعي: يتم الجمعة إذا خاف فوت وقتها ثم يصلي الفجر، ولا إعادة
عليه.
(2/124)
|