السنن
والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام كتاب الحج
1 - باب في فضائل الحج
3853 - عن أبي هريرة قال: "سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال
أفضل؟ (قال) (1): إيمان باللَّه ورسوله. (قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في
سبيل الله) (1). قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور".
رواه خ (2) ومسلم (3).
3854 - وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حج
للَّه فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".
أخرجاه (4) أيضًا، ولفظ مسلم: "من أتى هذا البيت". وفي لفظ: من حج فلم
يرفث".
3855 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرة
إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
أخرجاه (5) أيضًا.
3856 - عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: "يا رسول الله،
نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: لَكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور".
رواه خ (6).
__________
(1) من صحيح البخاري، واللفظ له.
(2) صحيح البخاري (3/ 446 رقم 1519).
(3) صحيح مسلم (1/ 88 رقم 83).
(4) البخاري (3/ 446 رقم 1521)، ومسلم (2/ 983 رقم 1350).
(5) البخاري (3/ 698 رقم 1773)، ومسلم (2/ 983 رقم 1349).
(6) صحيح البخاري (3/ 446 رقم 1520).
(4/5)
ورواه س (1) وفيه: "ألا نخرج فنجاهد معك؛
فإني لا أرى عملاً في القرآن أفضل من الجهاد؟ قال: لا، ولَكُنَّ أحسن
الجهاد وأجمله: حج البيت، حج مبرور".
3857 - عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من يوم أكثر
من أن يعتق الله -عز وجل- فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم
يباهي بهم الملائكة؛ فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ".
رواه م (2)، ورواه س (3) وزاد فيه: "عبدًا أو أمة".
3858 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي
الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب دون الجنة".
رواه س (4) ت (5)، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
3859 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تابعوا
بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث
الحديد".
رواه س (6).
3860 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وفد الله
-تعالى- ثلاثة: الغازي، والحاج، والمعتمر".
__________
(1) سنن النسائي (5/ 114 - 115 رقم 2627).
(2) صحيح مسلم (2/ 982 رقم 1348).
(3) سنن النسائي (5/ 251 - 252 رقم 3003).
(4) سنن النسائي (5/ 116 رقم 2630).
(5) جامع الترمذي (3/ 175 رقم 810).
3859 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 17 رقم 14، 15).
(6) سنن النسائي (5/ 115 - 116 رقم 2629).
(4/6)
رواه س (1).
3861 - وروى (2) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جهاد
الكبير والصغير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة".
3862 - عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تابعوا بين الحج
والعمرة؛ فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث
الحديد".
رواه الإمام أحمد (3) ق (4).
3863 - عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الحاج
والعمار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم".
رواه ق (5).
3864 - وروى (6) عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الغازي
في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم".
3865 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أضحى يومًا
محرمًا ملبيًا حتى غربت الشمس غربت بذنوبه كما ولدته أمه".
رواه الإمام أحمد (7) ق (8).
__________
(1) سنن النسائي (5/ 113 رقم 2624).
(2) سنن النسائي (5/ 113 - 114 رقم 2625).
3862 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 252 - 253 رقم 143) ونقل عن الدارقطني
أنه ذكر فيه اضطراباً، وضعف عاصم بن عبيد الله راويه.
(3) المسند (1/ 25).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 964 رقم 2887).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 966 رقم 2892).
3864 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 199 - أ) ونقل عن الدارقطني قوله:
ولا يصح رفعه.
(6) سنن ابن ماجه (2/ 966 رقم 2893).
(7) المسند (3/ 373).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 976 رقم 2925).
(4/7)
3866 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. قالوا يا نبي
الله، ما بر الحج المبرور؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام".
رواه الإمام أحمد (1) من رواية محمد بن ثابت، وفيه كلام (2).
3867 - عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف".
رواه الإمام أحمد (3).
2 - باب وجوب الحج
3868 - عن أبي هريرة قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
أيها الناس، قد فُرض الحج فحجوا. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى
قالها ثلاثاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو قلت نعم لوجبت
ولما استطعتم. ثم قال: ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة
سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمرٍ فائتوا منه ما استطعتم،
وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
رواه م (4).
3869 - عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقال: إن
الله -تبارك وتعالى- كتب عليكم الحج. فقال الأقرع بن حابس التميمي: كل عام
يا رسول الله؟ فسكت، فقال: لو قلت نعم لوجبت؛ ثم إذًا لا تسمعون ولا
تطيعون، ولكن حجة واحدة".
__________
(1) المسند (3/ 325، 334).
(2) رواه العقيلي في الضعفاء (4/ 40) في ترجمة محمد بن ثابت بن أسلم
البناني، ورواه ابن عدي في الكامل (7/ 309) في ترجمة محمد بن ثابت العبدي،
وكلاهما البناني والعبدي فيه كلام.
(3) المسند (5/ 354).
(4) صحيح مسلم (2/ 975 رقم 1337).
(4/8)
رواه الإمام أحمد (1) س (2) واللفظ له.
3870 - وروى الإمام أحمد (3) د (4) ق (5) عن ابن عباس "أن الأقرع بن حابس
سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، الحج في كل سنة أو
مرة واحدة؟ فقال: بل مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع".
وفي رواية ابن ماجه: "بل مرة واحدة، فما زاد فتطوع".
3871 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "لما نزلت {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (6) قالوا (7): يا
رسول الله، الحج في كل عام؟ فسكت، ثم (قالوا) (7): في كل عام؟ فقال: لا،
ولو قلت نعم لوجبت. فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا
عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (8) ".
رواه ق (9) ت (10)، وقال: حديث غريب.
روياه من رواية أبي البختري، واسمه سعيد بن فيروز، قال البخاري (11): أبو
البختري لم يدرك عليًّا.
3872 - عن أنس بن مالك قال: "قالوا: يا رسول الله، الحج في كل عام؟
__________
(1) المسند (1/ 290 - 291، 370 - 371).
(2) سنن النسائي (5/ 111 رقم 2619).
(3) المسند (1/ 255، 352، 371 - 372).
(4) سنن أبي داود (2/ 139 رقم 1721).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 963 رقم 2886).
(6) سورة آل عمران، الآية: 97.
(7) في "الأصل": قال. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(8) سورة المائدة، الآية: 101.
(9) سنن ابن ماجه (2/ 963 رقم 2884) واللفظ له.
(10) جامع الترمذي (3/ 178 رقم 814).
(11) نقله الترمذي في العلل الكبير (386 رقم 26).
3872 - خرجه الضياء في المختارة (6/ 215 - 217 رقم 2228 - 2229).
(4/9)
قال: لو قلت نعم لوجبت؛ ولو وجبت لم تقوموا
بها، ولو لم تقوموا بها عُذِّبتم".
رواه ق (1).
3873 - عن ابن (أبي) (2) واقد الليثي، عن أبيه قال: "سمعت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - يقول لأزواجه في حجة الوداع: هذه ثم ظهور الحُصرِ (3) ".
رواه الإمام أحمد (4) د (5).
وفي لفظ للإمام أحمد (6): عن واقد بن أبي واقد عن أبيه "أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - قال لنسائه في حجته: هذه ثم ظهور الحُصر".
3 - باب ذكر أن الحج أحد أركان الإِسلام
3874 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بُني
الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام
الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان".
رواه خ (7) -وهذا لفظه- م (8).
3875 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن عند رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ذات يوم؛ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد
سواد الشعر، لا
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 963 رقم 2885).
(2) من المسند وسنن أبي داود.
(3) أي: أنكُنَّ لا تعدن تخرجن من بيوتكن وتلزمن الحصر، هي جمع الحصير الذي
يبسط في البيوت، وتضم الصاد، وتسكن تخفيفًا. النهاية (1/ 395).
(4) المسند (5/ 219).
(5) سنن أبي داود (2/ 140 رقم 1722).
(6) المسند (5/ 218).
(7) صحيح البخاري (1/ 64 رقم 8).
(8) صحيح مسلم (1/ 45 رقم 16).
(4/10)
يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد،
حتى إذا جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه
ووضع يديه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول
الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال:
صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه ... ". فذكر الحديث وفي آخره "قال: ثم
انطلق فلبثت مليًّا، ثم قال: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله
أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" (1).
رواه م (2)، ورواه الدارقطني (3) وعنده: "وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة
وتتم الوضوء". وقال: إسناد صحيح.
3876 - عن أنس بن مالك قال: "نُهينا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - عن شيء، وكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله
ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم أنك
تزعم أن الله أرسلك. قال: صدق. قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله. قال: فمن
خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال:
الله. قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال، آللَّه أرسلك؟
قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال: صدق.
قال: فبالذي أرسلك، آللَّه أمرك بهذا؟ قال: نعم. (قال: وزعم رسولك أن علينا
__________
(1) زاد الناسخ هنا: رواه الإمام أحمد: سأل الأقرع بن حابس رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - قال: "يا رسول الله مرةً الحج أو في كل عام؟ قال: لا، بل
مرة فما زاد فتطوع".
وهي زيادة مقحمة لا محل لها هنا، وقد تقدم هذا الحديث (3869، 3870) والله
أعلم.
(2) صحيح مسلم (1/ 36 رقم 8).
(3) سنن الدارقطني (2/ 282 - 283 رقم 207).
(4/11)
زكاة في أموالنا؟ قال: صدق. قال: فبالذي
أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم) (1) قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر
رمضان في سنتنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم.
قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً. قال: صدق. قال:
ثم ولى، قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن. فقال النبي -
صلى الله عليه وسلم -: لئن صدق ليدخلن الجنة".
رواه م (2) وقد روى خ (3) نحوه ولم يذكر فيه الحج، وقد سبق في الصوم (4).
4 - باب فيمن يجب عليه الحج
3877 - عن ابن عمر قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:
يا رسول الله، ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والرحلة" (5).
رواه ت (6) ق (7) وزاد: "قال: يا رسول الله فما الحاج؟ قال: الشعث التفل
(8). وقام رجل فقال: يا رسول الله ما الحج؟ قال: العج والثج".
__________
(1) سقطت من "الأصل" وأثبتها من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (1/ 14 - 42 رقم 12).
(3) صحيح البخاري (1/ 179 رقم 63).
(4) الحديث رقم (3474).
(5) قال ابن المنذر: لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة مسندًا،
والصحيح رواية الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، وأما المسند
فإنما رواه إبراهيم بن يزيد، وهو متروك، ضعفه ابن معين وغيره. اهـ. نقله
الزيلعي في نصب الراية (3/ 9).
(6) جامع الترمذي (3/ 177 رقم 813).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 967 رقم 2896).
(8) التَّفِل الذي قد ترك استعمال الطيب، من التَّفَل وهي الريح الكريهة.
النهاية (1/ 191).
(4/12)
قال وكيع: يعني بالعج: العجيج بالتلبية،
والثج: نحر البدن. وقال الترمذي: هذا حسن، وإبراهيم بن يزيد الخوزي المكي
قد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه (1).
قلت: وهو عندهم من روايته.
3878 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الزاد
والراحلة" يعني قوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (2) ".
رواه ق (3) فيه: عن ابن جرير وحدثنيه ابن عطاء عن عكرمة. ولا أدري من هو
ابن عطاء (4).
3879 - وقد رواه أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في كتاب التفسير له عن أنس
بن مالك "سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما السبيل إليه؟ قال: الزاد
والراحلة".
رواه من غير طريق، ولا أرى ببعض طرقه بأسًا (5).
__________
(1) ترجمته في التهذيب (2/ 242 - 244).
3878 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 180 رقم 202).
(2) سورة آل عمران، الآية: (97).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 967 رقم 2897).
(4) هو عمر بن عطاء بن وراز، صرح باسمه في رواية الطبراني لهذا الحديث في
المعجم الكبير (11/ 188 رقم 11596) ففيه: "عن ابن جريج عن عمر بن عطاء"،
وذكره المزي في ترجمة عمر بن عطاء بن وراز من التهذيب (21/ 465 - 466) وكذا
في مسند عمر ابن عطاء بن وراز عن عكرمة عن ابن عباس في تحفة الأشراف (5/
153 رقم 6163)، وروى الدوري في تاريخه (3/ 98، 101) عن ابن معين قال: عمر
بن عطاء الذي يروي عنه ابن جريج يحدث عن عكرمة ليس هو بشيء، وهو ابن وراز،
وهم يضعفونه. اهـ، وقال نحوه الإمام أحمد، انظر التهذيب (21/ 464) وظنه
الضياء عمر ابن عطاء بن أبي الخوار؛ فأخرج الحديث في المختارة.
(5) لكن أعله العلماء، وصححوا كونه مرسلاً، وقد نقلت بعض كلامهم عليه في
تخريجي لأحاديث "تفسير القرآن العزيز" لابن أبي زمنين (1/ 304 - 306)، عند
تفسير الآية: 97، من سورة آل عمران، والله أعلم.
(4/13)
ورواه أيضًا من طريق عبد الله بن مسعود
وعائشة وغيرهما (1).
ورواه الدارقطني (2) أيضًا من حديث أنس قال: "قيل: يا رسول الله، ما
السبيل؟ قال: الزاد والراحلة".
5 - باب في الخروج إِلى الحج
3880 - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل -أو أحدهما عن الآخر- قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد الحج فليتعجل؛ فإنه قد
يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة".
رواه الإمام أحمد (3) ق (4)، وهو من رواية أبي إسرائيل إسماعيل بن أبي
إسحاق الملائي العبسي، وقد تُكلم فيه (5).
3881 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تعجلوا إلى
الحج -يعني: الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يُعرض له".
رواه الإمام أحمد (6).
3882 - وروى د (7) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من أراد الحج فليتعجل".
__________
(1) ورواه الدارقطني في سننه (2/ 215 - 217) عن جابر بن عبد الله وعبد الله
بن عمرو وابن مسعود وعائشة وغيرهم، قال الإمام ابن دقيق العيد: وقد خرج
الدارقطني هذا الحديث عن جابر وأنس وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود
وعائشة، وليس فيها إسناد يُحتج به. اهـ. نقله الزيلعي في نصب الراية (3/
10).
(2) سنن الدارقطني (2/ 216 رقم 6، 7).
(3) المسند (1/ 214، 323، 355).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 962 رقم 2883).
(5) ترجمته في التهذيب (3/ 77 - 83).
(6) المسند (1/ 313).
(7) سنن أبي داود (2/ 141 رقم 1732).
(4/14)
6 - باب ما جاء في إِثم من ترك الحج مع
الإِمكان
3883 - عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من
ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًّا أو
نصرانيًّا؛ وذلك أن الله -تعالى- يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ
الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (1) ".
رواه ت (2) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده مقال،
وهلال بن عبد الله مولى ربيعة مجهول (3)، والحارث يضعف في الحديث (4).
3884 - عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه
الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية ما هم
بمسلمين، ما هم بمسلمين".
رواه سعيد بن منصور.
قال الحافظ: والحسن لم يسمع من عمر بن الخطاب.
3885 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صرورة
(5) في الإسلام".
__________
(1) سورة آل عمران، الآية: 97.
(2) جامع الترمذي (3/ 176 رقم 812).
(3) ترجمته في التهذيب (30/ 342 - 343).
(4) ترجمته في التهذيب (5/ 244 - 253).
3885 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 178 - 179 رقم 200 - 201).
(5) قال أبو عبيد في غريب الحديث (1/ 421): في حديث النبي - صلى الله عليه
وسلم -: "لا صَرورة في الإسلام"، الصرورة في هذا الحديث هو التبتل وترك
النكاح، يقول: ليس ينبغي لأحد أن يقول: لا أتزوج، يقول: هذا ليس من أخلاق
المسلمين، وهو مشهور في كلام العرب؛ قال النابغة الذبياني:
لو أنها عرضت لأشمط راهب ... عبد الإله صرورة مُتَعبِّدِ
لرنا لبهجتها وحسن حديثها ... ولخاله رشدا وإن لم يرشدِ=
(4/15)
رواه الإمام أحمد (1) د (2).
3886 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"لا يركب البحر إلا حاجًّا أو معتمرًا أو غازيًا في سبيل الله؛ فإن تحت
البحر نارًا، وتحت النار بحرًا" (3).
رواه د (4).
3887 - وعن (أبي) (5) عمران الجوني قال: حدثني بعض أصحاب محمد - صلى الله
عليه وسلم - وغزونا نحو فارس، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من بات فوق بيت ليس (له) (6) إِجَّار (7) فوقع فمات فقد برئت منه الذمة،
ومن ركب البحر عند ارتجاجه فمات فقد برئت منه الذمة".
رواه الإمام أحمد (8).
__________
=يرشَد ويرشُد -يعني: الراهب التارك للنساء، يقول: لو نظر إلى هذه المرأة
افتتن بها، والمعروف في كلام الناس أن الرجل الصرورة هو الذي لم يحج قط،
وقد علمنا أن ذلك يسمى بهذا الاسم إلا أنه ليس واحد منهما يدافع الآخر،
والأول أحسنهما وأعربهما. اهـ.
(1) المسند (1/ 312).
(2) سنن أبي داود (2/ 141 رقم 1729).
(3) قال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (1/ 344): وهو ضعيف باتفاق
الأئمة، قال البخاري: ليس بصحيح. وقال أحمد: غريب. وقال أبو داود: رواته
مجهولون. وقال الخطابي: ضعفوا إسناده. وقال صاحب الإمام: اختلف في إسناده.
اهـ.
(4) سنن أبي داود (3/ 6 رقم 2489).
(5) في "الأصل": به. وهو تحريف، والمثبت من المسند، وأبو عمران هو الجوني.
(6) من المسند.
(7) الإجَّار بالكسر والتشديد: السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه.
النهاية (1/ 26).
(8) المسند (5/ 79).
(4/16)
7 - باب أن الحج
جهاد النساء
3888 - عن عائشة قالت: "قلت: يا رسول الله، على النساء جهاد؟ قال: عليهن
جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" (1).
رواه الإمام أحمد (2) ق (3) وهذا لفظه.
3889 - عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحج جهاد
كل ضعيف".
رواه الإمام أحمد (4) ق (5).
8 - باب قضاء الدين قبل الحج
3890 - عن أبي هريرة قال: "يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ حجة
الإسلام وعليَّ دين. قال: فاقض دينك".
رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (6).
9 - باب في توديع الإِخوان
3891 - عن قزعة قال: "قال عبد الله بن عمر -وأرسلني في حاجة له- فقال: تعال
حتى أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأرسلني في حاجة له-
فأخذ بيدي فقال: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك".
__________
(1) روى البخاري (3/ 446 رقم 1520) عن عائشة -رضي الله عنها قالت: "يا رسول
الله، نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: لا، ولكُنَّ أفضل الجهاد:
حج مبرور".
(2) المسند (6/ 75).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 968 رقم 2901).
(4) المسند (6/ 294، 303، 314).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 968 رقم 2902).
(6) مسند أبي يعلى (11/ 54 رقم 6191).
(4/17)
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2) س
في كتاب عمل يوم وليلة (3)، وفي لفظ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يودعنا فيقول: أستودع الله ... " وذكره.
رواه س (4) ت (5) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
3892 - عن أبي هريرة "أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر
فأوصني. قال: عليك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف. فلما أن ولى الرجل
قال: اللَّهم اطو له البعد، وهون عليه السفر".
رواه الإمام أحمد (6) ت (7) س في كتاب عمل يوم وليلة (8).
وروى ق (9): "أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف".
وقال الترمذي: حديث حسن.
3893 - عن أنس قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا
رسول الله، أريد سفرًا فزودني. قال: زودك الله التقوى. قال: زدني. قال:
وغفر ذنبك. قال: زدني بأبي أنت وأمي. قال: ويسر لك الخير حيثما كنت".
رواه ت (10)، وقال: حديث حسن غريب.
__________
(1) المسند (1/ 38).
(2) سنن أبي داود (3/ 34 رقم 2600).
(3) السنن الكبرى (6/ 131 رقم 10346، 10347).
(4) السنن الكبرى (6/ 130 رقم 10340، 10341).
(5) جامع الترمذي (5/ 465 رقم 3443).
(6) المسند (2/ 325، 331، 476).
(7) جامع الترمذي (5/ 466 رقم 3445).
(8) السنن الكبرى (6/ 130 رقم 10339).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 976 رقم 2771).
3893 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 421 - 422 رقم 1597، 1598).
(10) جامع الترمذي (5/ 466 رقم 3444).
(4/18)
3894 - عن ابن عمر قال: "جاء غلام إلى
النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أريد هذه الناحية
الحج. فمشى معه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا غلام، زودك الله
التقوى، ووجهك للخير، وكفاك الهم. فلما رجع الغلام سلم على النبي - صلى
الله عليه وسلم - فرفع رأسه إليه، وقال: يا غلام، قبل الله حجك، وغفر ذنبك،
وأخلف نفقتك".
رواه الطبراني في المناسك (1).
3895 - عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه استأذنه في العمرة
فأذن له، فقال: عمر أخي، لا تنسنا في دعائك".
وفي لفظ: "يا أخي أشركنا في دعائك". فقال عمر -رضي الله عنه-: ما أحب أن لي
بها ما طلعت عليه الشمس لقوله: يا أخي".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) ت (4) - وقال: حديث حسن صحيح- وروى ابن ماجه
(5) بعضه.
10 - باب في الحج عن العاجز والميت
3896 - عن عبد الله بن عباس قال: "كان الفضل رديف رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل
النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا
رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا
يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع".
__________
3894 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 154 أ- ب).
(1) ورواه في المعجم الكبير (12/ 292 رقم 13151) أيضًا.
3985 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 292 - 294 رقم 181 - 184).
(2) المسند (1/ 29).
(3) سنن أبي داود (2/ 80 رقم 1498).
(4) جامع الترمذي (5/ 523 رقم 3562).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 966 رقم 2894).
(4/19)
رواه خ (1) م (2)، ولفظه للبخاري.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (3) ت (4) س (5) ق (6).
3897 - عن أبي رزين العقيلي -وهو لقيط بن عامر بن المنتفق- "أنه أتى النبي
- صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة
ولا الظعن. قال: حج عن أبيك واعتمر".
رواه الإمام أحمد (7) -وهذا لفظه- د (8) س (9) ق (10) ت (11)، وقال: حديث
حسن صحيح.
3898 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ذكر عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - وذكر حديثًا فيه "واستفتته جارية شابة من خثعم (فقالت) (12): إن أبي
شيخ كبير قد أَفْنَد (13) وقد أدركته فريضة الله في الحج فهل يجزئ عنه أن
أؤدي عنه. قال:
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 442 رقم 1513).
(2) صحيح مسلم (3/ 973 رقم 1334).
(3) المسند (1/ 219، 251، 329، 346، 359).
(4) جامع الترمذي (5/ 367 رقم 928).
(5) سنن النسائي (5/ 116 - 117 رقم 2633).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 970 رقم 2907).
(7) المسند (4/ 10، 11، 12).
(8) سنن أبي داود (2/ 162 رقم 1810).
(9) سنن النسائي (5/ 111 - 112 رقم 2620).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 970 رقم 2906).
(11) جامع الترمذي (3/ 269 رقم 930).
3898 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 240 - 241 رقم 619).
(12) تشبه أن تكون في "الأصل": فسألت. والمثبت من المسند.
(13) الفند في "الأصل": الكذب، وأفند تكلم بالفند، ثم قالوا للشيخ إذا هرم:
قد أفند؛ لأنه يتكلم بالمحرف من الكلام على سنن الصحة، وأفنده الكبر إذا
أوقعه في الفند. النهاية (3/ 474 - 475).
(4/20)
نعم فأدي عن أبيك".
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- ت (2)، وقال: حديث حسن صحيح.
3899 - عن عبد الله بن الزبير قال: "جاء رجل من خثعم إلى رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فقال: إن أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب
الرحل، والحج مكتوب عليه، أفأحج عنه؟ قال: أنت أكبر ولده؟ قال: نعم. قال:
أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان ذلك يجزئ عنه؟ قال: نعم. قال:
فاحجج عنه". رواه الإمام أحمد (3) -وهذا لفظه- س (4).
3900 - عن ابن عباس "أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه
وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: حجي
عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق
بالوفاء".
رواه خ (5).
3901 - عن بريدة قال: "بينا أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إذ أتت امرأة، فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت. فقال: وجب
أجرك، وردها عليك الميراث. قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صوم شهر،
أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها. قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال: حجي
عنها".
رواه م (6).
__________
(1) المسند (1/ 75 - 76).
(2) جامع الترمذي (3/ 232 رقم 885).
3899 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 351 - 352 رقم 318 - 319).
(3) المسند (3/ 4، 5).
(4) سنن النسائي (5/ 117 - 118 رقم 2637).
(5) صحيح البخاري (4/ 77 رقم 1852).
(6) صحيح مسلم (2/ 805 رقم 1149).
(4/21)
3902 - وعن ابن عباس قال: "أمرت امرأة
سنانَ بن سلمة الجهني أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أمها
ماتت ولم تحج، أفيجزئ أنها تحج عنها؟ قال: نعم، لو كان على أمها دين فقضته
عنها ألم يكن يجزئ عنها فلتحج عن أمها".
رواه س (1).
3903 - وروى (2) عن ابن عباس عن امرأة "سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -
عن أبيها مات ولم يحج، قال: حجي عن أبيك".
3904 - وروى (3) أيضًا عن ابن عباس قال: "قال رجل: يا نبي الله، إن أبي مات
ولم يحج، أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضية؟ قال: نعم.
قال: فدين الله أحق".
3905 - وروى (4) أيضًا عن الفضل بن عباس "أنه كان رديف رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال: يا رسول الله، إن أمي عجوز كبيرة، وإن
حملتها لم تستمسك، وإن ربطتها خشيت أن أقتلها. فقال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم. قال: فحج عن
أمك".
رواه من رواية سليمان بن يسار عن الفضل بن عباس، قال: ولم يسمع سليمان بن
يسار (5) من الفضل.
3906 - عن حصين بن عوف قال: "قلت: يا رسول الله، إن أبي أدركه الحج ولا
يستطيع أن يحج إلا معترضًا. فصمت ساعة ثم قال: حج عن أبيك".
__________
(1) سنن النسائي (5/ 116 رقم 2632).
(2) سنن النسائي (5/ 116 - 117 رقم 2633).
(3) سنن النسائي (5/ 118 رقم 2638).
(4) سنن النسائي (5/ 119 - 120 رقم 2642)، (8/ 229 رقم 5409، 5410).
(5) ترجمته في التهذيب (12/ 100 - 105).
(4/22)
رواه ق (1).
3907 - عن ابن عباس قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:
أحج عن أبي؟ قال: حج عن أبيك؛ فإن لم تزده خيرًا لم تزده شرًّا" (2).
رواه ق (3).
3908 - وعن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول:
لبيك عن شبرمة. قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي -أو قريب لي- قال: حججت عن نفسك؟
(قال: لا. قال: حج عن نفسك) (4) ثم حج عن شبرمة".
رواه د (5) -وهذا لفظه- ق (6) والدارقطني (7).
وفي لفظ: "فاجعل هذه عن نفسك ثم حج عنه".
ذكر الإمام أحمد (8) عن رفعه خطأ، وقال: رواه عدة (موقوفًا) (9) يعني: على
ابن عباس.
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 970 رقم 2908).
(2) قال ابن عبد البر في التمهيد (9/ 129 - 130): وهو عندهم خطأ، فقالوا:
هذا لفظ منكر لا تشبهه ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر بما لا
يدري هل ينفع أم لا ينفع.
(3) سنن ابن ماجه (2/ 969 رقم 2904).
3908 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 245 - 248 رقم 260 - 2026).
(4) تكررت في "الأصل".
(5) سنن أبي داود (2/ 162 رقم 1811).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 969 رقم 2903).
(7) سنن الدارقطني (2/ 269 رقم 148).
(8) في رواية الأثرم ومهنا عنه. كما في المختارة (10/ 249).
(9) في "الأصل": مرفوعًا. والمثبت من المختارة.
(4/23)
11 - باب في حج
الصبيان
3909 - عن السائب بن يزيد قال: "حُجَّ بي مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين".
رواه خ (1).
3910 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لقي ركبًا بالروحاء
فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون. فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله. فرفعت
امرأة صبيًّا فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر".
رواه م (2).
3911 - عن جابر قال: "حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنا
النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم".
رواه الإمام أحمد (3) ق (4).
3912 - وعن جابر قال: "رفعت امرأة صبيًّا لها إلى النبي - صلى الله عليه
وسلم - في حجته فقالت: يا رسول الله، ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر".
رواه م (5).
3913 - عن محمد بن كعب القرظي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما
صبي حج به
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 85 رقم 1858).
(2) صحيح مسلم (2/ 974 رقم 1336).
(3) المسند (3/ 314).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 1010 رقم 3038).
(5) كذا وقع هذا الرمز في "الأصل"، وهو خطأ من الناسخ، إذ لو كان هذا
الحديث في صحيح مسلم لقدم على الحديث السابق له، وقد روى هذا الحديث
الترمذي (3/ 264 - 265 رقم 924، 926)، وابن ماجه (2/ 971 رقم 2911)، وقال
الترمذي: حديث جابر حديث غريب. ثم قال: وقد رُوي عن محمد بن المنكدر عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً.
(4/24)
أهله فمات أجزأت عنه، فإن أدرك فعليه الحج،
وأيما رجل مملوك حج به أهله فمات أجزأت عنه، فإن أعتق فعليه الحج".
رواه عبد الله بن أحمد (1) كذا مرسلاً.
3914 - عن أبي السفر قال: قال ابن عباس: "أسمعوني ما تقولون، وافهموا ما
أقول لكم، أيما مملوك حج به أهله فمات قبل أن يُعتق فقد قضى حجته، فإن
أُعتق قبل أن يموت فليحج، وأيما غلام حج به أهله فمات قبل أن يدرك فقد قضى
حجته، وإن بلغ فليحج". رواه الإمام الشافعي (2).
12 - باب في ذكر المحرم للمرأة في السفر
3915 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسافر
المرأة ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم".
رواه خ (3) م (4) وفي لفظ له (5): "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم
الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليالٍ إلا ومعها ذو محرم".
3916 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسافر
امرأة إلا مع (ذي) (6) محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم. فقال
(رجل) (6): يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد
الحج. قال: اخرج معها".
رواه خ (7) -وهذا لفظه- م (8).
__________
(1) ورواه أبو داود في المراسيل (144 رقم 134) أيضًا.
(2) مسند الشافعي (ص 107) ومعرفة السنن والآثار (4/ 140 - 141 رقم 3084).
(3) صحيح البخاري (2/ 656 رقم 1086، 1087).
(4) صحيح مسلم (5/ 972 رقم 1338).
(5) صحيح مسلم (2/ 975 رقم 1338/ 414).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (4/ 86 رقم 1862).
(8) صحيح مسلم (2/ 978 رقم 1341).
(4/25)
3917 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: "لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو
محرم".
رواه خ (1) م (2)، وعنده (3) لفظ آخر: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة
أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرمٍ
منها".
3918 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل
لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة".
رواه خ (4) وروى مسلم (5) مثله إلا أنه قال: "ذي محرم منها".
وعنده (6) أيضًا: "مسيرة يوم إلا مع ذي محرم".
وفي لفظ له (7) أيضًا "لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل
ذو محرم منها".
وعند د (8) فذكر نحوه إلا أنه قال: "برييداً".
13 - باب أن الحج في أشهر الحج
3919 - قال ابن عمر: "أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة" (9).
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 283 رقم 1995).
(2) صحيح مسلم (2/ 975 - 976 رقم 827).
(3) صحيح مسلم (2/ 977 رقم 1340).
(4) صحيح البخاري (2/ 659 رقم 1088).
(5) صحيح مسلم (2/ 977 رقم 1339).
(6) صحيح مسلم (2/ 977 رقم 1339/ 420).
(7) صحيح مسلم (2/ 977 رقم 1339/ 419).
(8) سنن أبي داود (2/ 140 رقم 1725).
(9) وصله الطبري والدارقطني من طريق عبد الله بن دينار عنه، ورواه البيهقي
من طريق نافع عنه، قال ابن حجر: والإسنادان صحيحان. فتح الباري (3/ 491).
(4/26)
وقال ابن عباس: "من السنة أن لا يحرم بالحج
إلا في أشهر الحج" (1).
وكره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان (2).
وروى هذا البخاري (3) تعليقًا بلا إسناد.
3920 - وروى الدارقطني عن عبد الله بن مسعود (4) وعبد الله بن عمر (5) وابن
عباس (6) وعبد الله بن الزبير (7): "أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي
الحجة".
14 - باب قول الله تعالى (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَى) (8)
3921 - عن ابن عباس قال: "كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، يقولون: نحن
المتوكلون. فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله -عز وجل-:
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (8) ".
رواه خ (9).
__________
(1) وصله ابن خزيمة والحاكم والدارقطني. فتح الباري (3/ 491).
(2) له طرق عنه قال ابن حجر: وهذه أسانيد يقوي بعضها بعضاً. فتح الباري (3/
492).
(3) صحيح البخاري (3/ 490) كتاب الحج، باب قول الله تعالى: (الحج أشهر
معلومات).
(4) سنن الدارقطني (2/ 226 رقم 42).
(5) سنن الدارقطني (2/ 226 رقم 45، 46).
(6) سنن الدارقطني (2/ 226 - 227 رقم 43، 47، 48).
(7) سنن الدارقطني (2/ 226 رقم 44).
(8) سورة البقرة، الآية: 197.
(9) صحيح البخاري (3/ 449 رقم 1523).
(4/27)
15 - باب الحج على الرَّحْل (1)
3922 - عن ثمامة بن عبد الله بن أنس قال: "حج أنس على رحل؛ فلم (2) يكن
شحيحاً، وحدَّث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج على رحلٍ، وكانت
زامِلته (3) ".
رواه خ (4).
3923 - عن الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك قال: "حج النبي
- صلى الله عليه وسلم - على رحل رَثٍّ (5) وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو لا
تساوي، ثم قال: اللَّهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة".
رواه ق (6)، والربيع (7) ويزيد (8) فيهما كلام.
16 - باب الاغتسال عند الإِحرام
3924 - عن زيد بن ثابت "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله
واغتسل".
رواه ت (9) -وقال: حديث حسن غريب- والدارقطني (10).
__________
(1) قال ابن حجر: بفتح الراء، وسكون المهملة، وهو للبعير كالسرج للفرس،
أشار بهذه إلى أن التقشف أفضل من الترفه. فتح الباري (3/ 445).
(2) قال ابن حجرة وقوله فيه: "ولم يكن شحيحًا" إشارة إلى أنه فعل ذلك
تواضعًا واتباعًا لا عن قلة وبخل. فتح الباري (3/ 446).
(3) الزاملة: البعير الذي يُحمل عليه الطعام والمتاع، من الزَّمْل وهو
الحمل، والمراد أنه لم تكن معه زاملة تحمل طعامه وشرابه، بل كان ذلك
محمولاً معه على راحلته، وكانت هي الراحلة والزاملة. فتح الباري (3/ 445).
(4) صحيح البخاري (3/ 445 رقم 1517).
(5) أي: خَلَق بالِ. النهاية (2/ 195).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 965 رقم 2890).
(7) ترجمته في التهذيب (9/ 88 - 94).
(8) ترجمته في التهذيب (32/ 64 - 77).
(9) جامع الترمذي (3/ 192 - 193 رقم 830).
(10) سنن الدارقطني (2/ 220 رقم 23).
(4/28)
3925 - عن ابن عمر قال: "إن من السنة أن
يغتسل إذا أراد أن يحرم، وإذا أراد أن يدخل مكة".
رواه الدارقطني (1).
3926 - وروى (2) عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا
أراد أن يحرم غسل رأسه بخَطمي (3) وأُشنان (4) دهنه بزيت غير كثير".
3927 - وروى (5) أيضًا عن ابن عباس قال: "اغتسل رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - ثم لبس ثيابه، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعير،
فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج".
هو من رواية يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن أبيه، ويعقوب ضعفه بعض الأئمة
(6).
17 - باب جواز التجارة في أيام الحج
3928 - عن ابن عباس قال: "كانت عُكاظ (7) ومجنة وذو المجاز أسواقًا في
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 220 رقم 22).
(2) سنن الدارقطني (2/ 226 رقم 41).
(3) الخطمي: نبات من الفصيلة الخُبازية، كثير النفع، يُدَق ورقه يابساً
ويجعل غسلا للرأس فينقيه. المعجم الوسيط (1/ 254).
(4) الأشنان: شجر من الفصيلة الرمرامية ينبت في الأرض الرملية، يستعمل هو
أو رماده في غسل الثياب والأيدي. المعجم الوسيط (1/ 19 - 20).
(5) سنن الدارقطني (2/ 219 رقم 21).
(6) ترجمته في التهذيب (32/ 353 - 356).
(7) بضم أوله، وآخره ظاء معجمة، قال الواقدي: عكاظ بين نخلة والطائف، وذو
المجاز خلف عرفة، ومجنّة بمرِّ الظهران، وهذه أسواق قريش والعرب ولم يكن
فيها أعظم من عكاظ. معجم البلدان (4/ 160).
(4/29)
الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم،
فنزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}
(1) في مواسم الحج".
رواه خ (2).
3929 - عن أبي أمامة التيمي قال: "كنت رجلاً أكري في هذا الوجه، وكان ناس
يقولون: إنه ليس لك حج. فلقيت ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إني رجل
أكري في هذا الوجه، وإن ناسًا يقولون: إنه ليس لك حج. فقال ابن عمر: أليس
تحرم، وتلبي، وتطوف بالبيت، وتفيض من عرفات، وترمي الجمار؟ قال: قلت: بلى.
قال: فإن لك حجًّا؛ جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله مثلما
سألتني عنه، فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يجبه حتى نزلت
هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ
رَبِّكُمْ} (1) فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرأ عليه هذه
الآية وقال: لك حج" (3).
رواه الإمام أحمد (4) د (5) -وهذا لفظه- والدارقطني (6).
وعند الإمام أحمد قال: "قلت لابن عمر: إنا نكري فهل لنا من حج؟ قال: أليس
تطوفون بالبيت، وتأتون الموقف، وترمون الجمار، وتحلقون رءوسكم؟ قال: قلت:
بلى. قال: فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله
عن الذي سألتني عنه، فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل -رضي الله عنه- بهذه
الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ
رَبِّكُمْ} (1) قال: فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنتم حجاج
لله".
__________
(1) سورة البقرة، الآية: 198.
(2) صحيح البخاري (8/ 34 رقم 4519).
3929 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 251 - ب).
(3) صححه ابن خزيمة (4/ 350 رقم 3051)، والحاكم (1/ 449).
(4) المسند (2/ 155).
(5) سنن أبي داود (2/ 142 رقم 1733).
(6) سنن الدارقطني (2/ 293 رقم 255).
(4/30)
18 - باب مواقيت
الحج
3930 - عن ابن عباس قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل
المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل
اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن
كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة" (1).
وفي لفظ (2): "فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون
منها". رواه خ م (3).
3931 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُهل أهل
المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن. قال عبد
الله: وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ويهل أهل اليمن من
يلملم".
وفي لفظ (4): "ومهل أهل الشام مهيعة، وهي الجحفة".
وأخرجاه (5) أيضًا.
3932 - وعن عبد الله بن عمر قال: "لما فتح هذان المصران (6) (أتوا) (7)
عمر،
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 450 رقم 1524).
(2) صحيح البخاري (3/ 453 رقم 1526).
(3) صحيح مسلم (2/ 838 - 839 رقم 1181).
(4) صحيح مسلم (2/ 840 رقم 1182/ 14).
(5) البخاري (3/ 453 رقم 1525)، ومسلم (2/ 839 - 840 رقم 1182).
(6) المصران تثنية مصر، والمراد بهما الكوفة والبصرة وهما سرتا العراق،
والمراد بفتحهما غلبة المسلمين على مكان أرضهما، وإلا فهما من تمصير
المسلمين. فتح الباري (3/ 455).
وقال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: وهذا الحديث يدل على أن ذات عرق مجتهد
فيها لا منصوصة اهـ. نصب الراية (3/ 15).
وانظر الكلام على الأحاديث الآتية في تحديد "ذات عرق" لأهل العراق في نصب
الراية (3/ 12 - 15).
(7) في "الأصل": اقرا. والمثبت من صحيح البخاري.
(4/31)
فقال: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - حد لأهل نجد قرنًا، وهو جَورٌ (1) عن طريقنا، وإنا إن
أردنا قرنًا شق علينا. قال: فانظروا حذوها من طريقكم. فحدَّ لهم ذات عرق".
رواه خ (2).
3933 - عن (أبي) (3) الزبير "أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل
-فقال: سمعت. أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم -فقال: مهل أهل
المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر من الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات
عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم".
رواه م (4)، ورواه ق (5) بلا شك من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي، وقد
تُكلم فيه (6).
3934 - عن جابر -هو ابن عبد الله- وعبد الله بن عمرو -واللفظ له- قال: "وقت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام
الجحفة، ولأهل اليمن وأهل تهامة يلملم، ولأهل الطائف -وهي نجد- قرن، ولأهل
العراق ذات عرق".
رواه الإمام أحمد (7)، من رواية حجاج بن أرطأة، وقد تُكلم فيه (8).
__________
(1) بفتح الجيم، وسكون الواو بعدها راء، أي: ميل، والجور الميل عن القصد،
ومنه قوله تعالى: (ومنها جائر). فتح الباري (3/ 455).
(2) صحيح البخاري (3/ 455 رقم 1531).
(3) في "الأصل": ابن. والمثبت هو الصواب، وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن
تدرس، ترجمته في التهذيب (26/ 402 - 411).
(4) صحيح مسلم (2/ 841 رقم 1183).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 972 رقم 2915).
(6) ترجمته في التهذيب (2/ 242 - 244).
(7) المسند (2/ 181).
(8) ترجمته في التهذيب (5/ 420 - 428).
(4/32)
3935 - عن عائشة "أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - وقت لأهل العراق ذات عرق" (1).
رواه د (2) س (3) والدارقطني (4).
وفي رواية النسائي: "ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق".
3936 - عن ابن عباس قال: "وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل
المشرق العقيق".
رواه د (5) ت (6) وقال: حديث حسن.
قال الحافظ: هو من رواية يزيد بن أبي زياد (7) وقد ضعفه غير واحد من
الأئمة.
3937 - عن الحارث بن عمرو السهمي قال: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وهو بمنى -أو بعرفات- وقد طاف به الناس، قال: فتجيء الأعراب فإذا
رأوا وجهه قالوا: هذا وجه مبارك. قال: ووقت ذات عرق لأهل العراق".
رواه د (8) والدارقطني (9) ولفظه: "وقت لأهل اليمن يلملم أن يهلوا منها،
وذات عرق لأهل العراق".
__________
(1) كان الإمام أحمد ينكر هذا الحديث على أفلح بن حميد راويه. الكامل (2/
123).
(2) سنن أبي داود (2/ 143 رقم 1739).
(3) سنن النسائي (5/ 125 رقم 2655).
(4) سنن الدارقطني (2/ 236 رقم 5).
(5) سنن أبي داود (2/ 143 رقم 1740).
(6) جامع الترمذي (3/ 194 رقم 832).
(7) ترجمته في التهذيب (32/ 135 - 140).
(8) سنن أبي داود (2/ 144 رقم 1742).
(9) سنن الدارقطني (2/ 236 رقم 6).
(4/33)
19 - باب من أي طريق
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج ومن أي طريق يدخل
3938 - عن عبد الله بن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج
من طريق الشجرة (1)، ويدخل من طريق المُعَرَّس (2)، وأن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة، وإذا رجع صلى
بذي الحليفة ببطن الوادي، وبات حتى يصبح".
أخرجه خ (3) وأخرج منه مسلم (4) إلى قوله: "المعرس".
3939 - عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه
رُئي وهو في معرس بذي الحليفة ببطن الوادي، قيل له: إنك ببطحاء مباركة، وقد
أناخ (بنا) (5) سالم يتوخى المناخ الذي كان عبد الله يُنيخ يتحرى معرس رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي، بينه
وبين الطريق وسط (6) من ذلك".
رواه خ (7) -وهذا لفظه- م (8).
__________
(1) الشجرة -بلفظ واحدة الشجر- هي الشجرة التي ولدت عندها أسماء بنت عميس
محمد ابن أبي بكر بذي الحليفة، وكانت سَمُرة، وكان النبي - صلى الله عليه
وسلم - ينزلها من المدينة ويحرم منها، وهي على ستة أميال من المدينة. معجم
البلدان (3/ 369).
(2) المُعَرش -بالضم ثم الفتح وتشديد الراء وفتحها- مسجد ذي الحليفة، على
ستة أميال من المدينة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرس فيه ثم يرحل
لغزاةٍ أو غيرها. معجم البلدان (5/ 180).
(3) صحيح البخاري (3/ 458 رقم 1533).
(4) صحيح مسلم (2/ 918 رقم 1257).
(5) من صحيح البخاري.
(6) أي: متوسط بين بطن الوادي وبين الطريق. فتح الباري (3/ 460).
(7) صحيح البخاري (3/ 458 - 459 رقم 1535).
(8) صحيح مسلم (2/ 198 - 982 رقم 1346).
(4/34)
20 - باب في التلبية
3940 - عن عبد الله بن عمر "أن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد (والنعمة لك) (1) والملك
لا شريك لك. قال: وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: لبيك وسعديك والخير
بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل". أخرجه خ (2) م (3).
3941 - وعن عبد الله بن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا
استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال: لبيك (اللَّهم لبيك)
(4) لبيك لا شريك (لك) (5) لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
قال: وكان عبد الله يقول: (هذه) (5) تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قال نافع: كان عبد الله يزيد (مع) (5) هذا: لبيك لبيك وسعديك والخير
بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل".
كذا رواه مسلم (6).
وروى البخاري (7): "ما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند المسجد
-يعني: من مسجد ذي الحليفة".
3942 - عن عائشة قالت: "إني لأعلم كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
يلبي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك (لبيك) (8) إن الحمد والنعمة لك".
__________
(1) من الصحيحين.
(2) صحيح البخاري (3/ 477 رقم 1549).
(3) صحيح مسلم (2/ 841 - 842 رقم 1184).
(4) تكررت في "الأصل".
(5) من صحيح مسلم.
(6) صحيح مسلم (2/ 842 رقم 1184/ 2).
(7) صحيح البخاري (3/ 468 رقم 1541).
(8) من صحيح البخاري.
(4/35)
رواه خ (1).
3943 - عن جابر بن عبد الله ذكر في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم -
"فأهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة
لك والملك، لا شريك لك. وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - تلبيته".
رواه م (2) وعند أبي داود (3) قال: "والناس (يزيدون) (4): ذا المعارج.
ونحوه من الكلام والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع فلا يقول لهم شيئًا".
3944 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في تلبيته: "لبيك
إله الحق لبيك".
رواه الإمام أحمد (5) س (6) ق (7) وهذا لفظه.
3945 - عن عبد الله بن مسعود قال: "كان من تلبية رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك".
رواه س (8).
3946 - عن عبد الله بن أبي سلمة أن سعدًا سمع رجلاً يقول: لبيك ذا المعارج.
فقال: إنه لذا المعارج، ولكنا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا
نقول ذلك".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 478 رقم 1550).
(2) صحيح مسلم (2/ 887 رقم 1218).
(3) سنن أبي داود (2/ 162 رقم 1813).
(4) في "الأصل": يرددون. والمثبت من سنن أبي داود.
(5) المسند (2/ 341، 352، 476).
(6) سنن النسائي (5/ 161 رقم 2751) وقال النسائي: لا أعلم أحداً أسند هذا
عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز، رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلاً.
(7) سنن ابن ماجه (2/ 974 رقم 2920).
(8) سنن النسائي (5/ 161 رقم 2750).
3946 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 170 - 171 رقم 967 - 968) ونقل عن أبي
زرعة=
(4/36)
رواه الإمام أحمد (1).
21 - باب الأمر برفع الصوت بالتلبية
3947 - عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال: "أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم
بالإهلال -أو قال: بالتلبية. يريد أحدهما".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- س (4) ق (5) ت (6)، وقال: حديث حسن
صحيح.
3948 - عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"جاءني جبريل فقال: يا محمد، مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية؛ فإنها
من شعائر الحج".
رواه ق (7) وأبو حاتم البستي (8)، وروى أيضًا الذي قبله (9).
وقال الترمذي: وروى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب عن زيد ابن خالد عن
النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولا يصح، والصحيح هو خلاد بن السائب عن
أبيه.
__________
=الرازي قوله: عبد الله بن أبي سلمة عن سعد مرسل.
(1) المسند (1/ 171 - 172).
(2) المسند (4/ 55).
(3) سنن أبي داود (2/ 162 رقم 1814).
(4) سنن النسائي (5/ 162 رقم 2752).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 975 رقم 2922).
(6) جامع الترمذي (3/ 191 - 192 رقم 829).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 975 رقم 2923).
(8) الإحسان (9/ 112 - 113 رقم 3803).
(9) الإحسان (9/ 111 - 112 رقم 3802).
(4/37)
3949 - عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-
"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل أي الأعمال أفضل؟ قال: العج (1)
والثج (2) ".
رواه ق (3) -وهذا لفظه- ت (4) وعنده: "أي الحج أفضل" وقال: حديث غريب لا
نعرفه إلا من حديث ابن أبي فديك، وابن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن ابن
يربوع.
قال الحافظ: وقد رواه الطبراني (5) من طريق محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد
الرحمن بن يربوع عن أبيه عن أبي بكر الصديق (6).
3950 - عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من
مسلم يُلبِّي إلا لبَّى (مَنْ) (7) عن يمينه وعن شماله من حجرٍ أو شجرٍ أو
مدرٍ، حتى تنقطع الأرض من ها هنا (وها هنا) (7) ".
رواه ت (8) ق (9).
__________
3949 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 153 - 154 رقم 65).
(1) العج: رفع الصوت بالتلبية. النهاية (3/ 184).
(2) الثج: سيلان دماء الهدي والأضاحي. النهاية (1/ 207).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 975 رقم 2924).
(4) جامع الترمذي (3/ 189 رقم 827).
(5) ومن طريق الطبراني رواه المؤلف في المختارة (1/ 153 - 154 رقم 65).
(6) قال الترمذي: سمعت أحمد بن الحسن يقول: قال أحمد بن حنبل: من قال في
هذا الحديث: عن محمد بن المنكدر عن ابن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه فقد
أخطأ.
جامع الترمذي (3/ 190)، ثم نقل عن البخاري قوله عن هذه الرواية: لا شيء،
إنما رووه عن ابن أبي فديك، ولم يذكروا فيه عن سعيد بن عبد الرحمن. اهـ.
وقد نقل المؤلف في المختارة قول الإمام أحمد من عند الترمذي.
(7) من جامع الترمذي وسنن ابن ماجه.
(8) جامع الترمذي (3/ 189 - 190 رقم 828).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 974 - 975 رقم 2921).
(4/38)
3951 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من محرم يضحى يومه يُلبِّي حتى تغيب
الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه".
رواه ق (1).
22 - باب متى يقطع الملبي التلبية
3952 - عن الفضل بن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يُلبِّي
حتى رمى الجمرة".
رواه خ (2) م (3).
3953 - عن ابن عباس "أن أسامة بن زيد كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم -
من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى مني. قال: فكلاهما
قال: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - (يُلبِّي) (4) حتى رمى جمرة
العقبة".
رواه خ (5) م (6).
3954 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُلبِّي
المعتمر حتى يستلم الحجر".
رواه د (7) ت (8) ولفظه: عن ابن عباس (يرفع الحديث) (9): "أنه كان (يمسك
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 976 رقم 2925).
(2) صحيح البخاري (3/ 622 رقم 1685).
(3) صحيح مسلم (2/ 931 رقم 1281).
(4) من صحيح البخاري، واللفظ له.
(5) صحيح البخاري (3/ 473 رقم 1543، 1544، 3/ 622 رقم 1686، 1687).
(6) صحيح مسلم (2/ 931 رقم 1281) ليس فيه حديث ابن عباس عن أسامة بن زيد.
(7) سنن أبي داود (2/ 163 رقم 1817).
(8) جامع الترمذي (3/ 261 رقم 919).
(9) من جامع الترمذي، وسيأتي الحديث برقم (4074)، وفيه هذه الجملة.
(4/39)
عن) (1) التلبية في العمرة إذا استلم
الحجر". وقال: حديث صحيح (2).
23 - باب في الإِهلال من أي موضع
3955 - عن عبد الله بن عمر قال: "أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين
استوت به راحلته قائمة". رواه خ (3) م (4)، وعنده: "ناقته".
3956 - وعن ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وضع
رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهل من ذي الحليفة".
رواه خ (5) م (6) وهذا لفظه.
وفي لفظ (7) عن سالم قال: "كان ابن عمر إذا قيل له: الإحرام من البيداء.
قال: البيداء التي يكذبون فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما
أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند الشجرة حين قام (به) (8)
بعيره".
وفي لفظ (9): "إلا من عند المسجد -يعني: ذا الحليفة".
كذا رواه م وقد روى البخاري (10) نحوه و (ليس) (11) عنده ذكر البيداء،
واللَّه أعلم.
__________
(1) في "الأصل": في. والمثبت من جامع الترمذي، وسيأتي على الصواب.
(2) كذا في تحفة الأشراف (5/ 99 رقم 5958)، وفي جامع الترمذي وعارضة
الأحوذي (4/ 151): حسن صحيح.
(3) صحيح البخاري (3/ 482 رقم 1552).
(4) صحيح مسلم (2/ 825 رقم 1187/ 28).
(5) صحيح البخاري (3/ 482 - 483 رقم 1554).
(6) صحيح مسلم (2/ 845 رقم 1187/ 27).
(7) صحيح مسلم (2/ 843 رقم 1186/ 24).
(8) من صحيح مسلم.
(9) صحيح مسلم (2/ 843 رقم 1186/ 23).
(10) صحيح البخاري (3/ 468 رقم 1541).
(11) ليست في "الأصل" ولا بد منها؛ فليس عند البخاري ذكر البيداء، والله
أعلم.
(4/40)
3957 - وعن نافع قال: "كان ابن عمر إذا
أراد الخروج إلى مكة ادهن بدهن ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد الحليفة،
ثم يركب إذا استوت به راحلته قائمة أحرم. ثم قال: هكذا رأيت النبي - صلى
الله عليه وسلم - يفعل".
رواه خ (1).
وفي لفظ له (2): قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركب راحلته
بذي الحليفة، ثم يهل حين تستوي به قائمة".
3958 - وعن ابن عمر أنه قال: "بات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذي
الحليفة مبدأه (3)، وصلى في مسجدها".
رواه مسلم (4).
3959 - وعن أنس بن مالك "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر ثم ركب
راحلته، فلما علا على جبل البيداء أهل".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) س (7)، وقد روى خ (8) نحوه.
3960 - عن خزيمة بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان إذا فرغ
من تلبيته سأل الله رضوانه والجنة، واستعفا برحمته من النار".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 482 - 483 رقم 1554).
(2) صحيح البخاري (3/ 443 رقم 1514).
(3) قال القاضي: هو بفتح الميم وضمها والباء ساكنة فيهما، أي: ابتداء حجه،
ومبدأه منصوب على الظرف أي: في ابتدائه. شرح صحيح مسلم (5/ 210).
(4) صحيح مسلم (2/ 846 رقم 1188).
3959 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 217 رقم 1846).
(5) المسند (3/ 207، 268).
(6) سنن أبي داود (2/ 157 رقم 1796).
(7) سنن النسائي (5/ 127 رقم 2661).
(8) صحيح البخاري (3/ 648 رقم 1715).
(4/41)
رواه الإمام الشافعي (1) عن إبراهيم بن
محمد (2) عن صالح بن محمد بن زائدة (3)، وفيهما كلام.
3961 - عن القاسم بن محمد قال: "كان يُستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن
يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -".
رواه الدارقطني (4).
3962 - عن جابر بن عبد الله "أن إهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
ذي الحليفة حين استوت به راحلته".
رواه خ (5)، وقال: رواه أنس (6) وابن عباس (7).
3963 - وعن جابر بن عبد الله قال: "لما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم -
الحج أذن في الناس فاجتمعوا، فلما أتى البيداء أحرم".
رواه ت (8)، وقال: حديث حسن صحيح.
وقد روى مسلم (9) معناه في الحديث الطويل في صفة الحج.
__________
(1) مسند الشافعي (ص 123).
(2) ترجمته في التهذيب (2/ 184 - 191).
(3) ترجمته في التهذيب (13/ 84 - 89).
(4) سنن الدارقطني (2/ 238 رقم 11).
قلت: هذا الحديث وما قبله ليس هذا محلهما، وسيأتيان آخر الباب أيضًا، والله
أعلم.
(5) صحيح البخاري (3/ 443 رقم 1515).
(6) حديث أنس رواه البخاري، وتقدم برقم (3959).
(7) حديث ابن عباس رواه البخاري (3/ 473 - 474 رقم 1545).
(8) جامع الترمذي (3/ 181 رقم 817).
(9) صحيح مسلم (2/ 886 - 892 رقم 1218).
(4/42)
3964 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: "كان نبي
الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ طريق الفُرع أهلَّ إذا استقلت به
راحلته، وإذا أخذ طريق أُحد أَهَّل إذا أشرف على جبل البيداء".
رواه د (1).
3965 - وعن سعيد بن جبير قال: "قلت لعبد الله بن عباس: يا أبا العباس، عجبت
لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - حين أوجب. فقال: إني لأعلم الناس بذلك؛ إنها إنما كانت من
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة واحدة فمن هناك اختلفوا، خرج رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه
أوجب في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظته
عنه، ثم ركب فلما استقلت به ناقته فأهل وأدرك ذلك منه أقوام -وذلك أن الناس
إنما كانوا يأتون أرسالاً- فسمعوه حين استقلت به ناقته يُهلُّ، فقالوا:
إنما أهل حين استقلت. ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما علا
شرف البيداء أهل وأدرك ذلك منه (أقوام) (2) فقالوا: إنما أهلَّ حين علا شرف
البيداء. وايم الله، لقد أوجب في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته، وأهل
حين علا شرف البيداء، فمن أخذ بقول ابن عباس أهل في مصلاه إذا فرغ من
ركعتيه". رواه د (3).
وروى س (4) ت (5) عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل (في) (6) دبر
الصلاة".
__________
3964 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 211 رقم 1012).
(1) سنن أبي داود (2/ 151 رقم 1775).
(2) من سنن أبي داود.
(3) سنن أبي داود (2/ 150 رقم 1770).
(4) سنن النسائي (5/ 162 رقم 2753).
(5) جامع الترمذي (3/ 182 رقم 819).
(6) من سنن النسائي وجامع الترمذي.
(4/43)
وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
3966 - عن صالح بن محمد بن زائدة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه "أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من تلبيته سأل الله -تعالى-
مغفرته ورضوانه، واستعاذ برحمته من النار". قال صالح: سمعت القاسم بن محمد
يقول: "وكان يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي - صلى الله
عليه وسلم -".
رواه الدارقطني (1) وصالح قد تكلم فيه بعضهم (2)، وقال الإمام أحمد (3): ما
أرى به بأسًا.
24 - باب في إِهلال النفساء والحائض
3967 - عن عائشة قالت: "نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر (يأمرها) (4) أن تغتسل وتُهل".
رواه مسلم (5).
3968 - عن جابر بن عبد الله "في حديث أسماء بنت عميس حين نفست بذي الحليفة
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر فأمرها أن تغتسل وتُهل".
رواه مسلم (6).
3969 - عن أسماء بنت عميس "أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء، فذكر
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 238 رقم 11).
(2) ترجمته في التهذيب (13/ 84 - 89).
(3) الجرح والتعديل (4/ 412 رقم 1810).
(4) من صحيح مسلم.
(5) صحيح مسلم (2/ 869 رقم 1209).
(6) صحيح مسلم (2/ 869 رقم 1210).
3969 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 139 - 142 رقم 50 - 53).
(4/44)
(ذلك) (1) أبو بكر لرسول الله - صلى الله
عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مرها فلتغتسل لتُهل".
رواه الإمام مالك (2) والإمام أحمد (3) س (4).
3970 - عن القاسم بن محمد، عن أبيه، عن أبي بكر -رضي الله عنهم- "أنه خرج
حاجًّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعه أسماء بنت عميس، فولدت
محمد بن أبي بكر، فأتى أبو بكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأمره
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرها، أن تغتسل ثم تُهل بالحج،
وتصنع ما يصنع الناس إلا أنها لا تطوف بالبيت".
رواه س (5) ق (6) ومحمد هو ابن أبي بكر، لم يسمع من أبيه (7).
3971 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "خرجنا مع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فأهللنا بعمرة، ثم قال النبي -
صلى الله عليه وسلم -: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل
حتى يحل منهما جميعًا. فقدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا
والمروة، فشكوت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: انقضي رأسك
وامشطي، وأهلي بالحج ودعي العمرة. ففعلت، فلما قضيت الحج أرسلني النبي -
صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت (فقال:
هذه مكان عمرتك) (8) قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين
الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا واحدًا (9) (بعد أن) (10) رجعوا
من مني، وأما
__________
(1) من الموطأ ومسند أحمد وسنن النسائي.
(2) الموطأ (1/ 264 رقم 1).
(3) المسند (6/ 369).
(4) سنن النسائي (5/ 127 رقم 2662).
(5) سنن النسائي (5/ 127 - 128 رقم 2663).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 972 رقم 2912).
(7) قال أبو حاتم: روى عن أبيه، مرسل. الجرح والتعديل (7/ 301).
(8) من صحيح البخاري.
(9) في رواية الكشميهني والجرجاني للصحيح: "طافوا طوافًا آخر". قال ابن حجر
في الفتح (3/ 486): ولغيرهما: "طوافًا واحدًا". والأول هو الصواب، قاله
عياض.
(10) في "الأصل": ثم. والمثبت من صحيح البخاري.
(4/45)
الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا
طوافًا واحدًا".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) وعنده: "فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت
وبالصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من مني
لحجهم".
3972 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحائض والنفساء
إذا أتتا على الوقت تغتسلان وتحرمان، وتقضيان المناسك كلها غير الطواف
بالبيت حتى تطهر".
رواه د (3) ت (4) وقال: حديث حسن غريب.
25 - باب الاشتراط في الإِحرام
3973 - عن عائشة قالت: "دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت
الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج وأنا شاكية. فقال
النبي - صلى الله عليه وسلم -: حجي، واشترطي أن محلي حيث حبستني. وكانت تحت
المقداد".
رواه خ (5) م (6) وهذا لفظه.
3974 - عن ابن عباس "أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت النبي - صلى
الله عليه وسلم - فقالت: إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج فما تأمرني؟ قال:
أهلي بالحج واشترطي أن محلي حيث حبستني. قال: فأدركت".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 485 - 486 رقم 1556).
(2) صحيح مسلم (2/ 870 رقم 1211).
(3) سنن أبي داود (2/ 144 رقم 1744).
(4) جامع الترمذي (3/ 282 رقم 945م).
(5) صحيح البخاري (9/ 34 - 35 رقم 5089).
(6) صحيح مسلم (2/ 867 - 868 رقم 1207).
(4/46)
رواه مسلم (1).
3975 - عن عكرمة عن ابن عباس "أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت النبي
- صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج فأشترط؟ قال:
نعم. قلت: فكيف أقول؟ قال: قولي: لبيك اللهم لبيك محلي من الأرض حيث
حبستني".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) س (4) ولفظه: "إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال:
قولي: لبيك اللَّهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث حبستني. فإن لك على ربك ما
استثنيت".
ت (5) وقال: حديث حسن صحيح.
3976 - عن عكرمة عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب قالت: "قال لي النبي -
صلى الله عليه وسلم -: أحرمي، وقولي: إن محلي حيث تحبسني. فإن حبست أو مرضت
فقد حللت من ذلك، شرطك على ربك -عز وجل".
رواه الإمام أحمد (6).
3977 - عن أبي بكر بن عبد الله بن الزبير عن (جدته) (7) - قال: لا أدري
أسماء بنت أبي بكر أو سُعدَى بنت عوف- "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- دخل على ضباعة بنت عبد المطلب، فقال: ما يمنعك يا عمتاه من الحج؟ فقالت:
أنا امرأة سقيمة، وأنا أخاف الحبس. قال: فأحرمي واشترطي أن محلك حيث حبست".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 868 رقم 1208).
(2) المسند (1/ 352).
(3) سنن أبي داود (2/ 151 - 152 رقم 1776).
(4) سنن النسائي (5/ 167 - 168 رقم 2765).
(5) جامع الترمذي (3/ 278 - 279 رقم 941).
(6) المسند (6/ 419 - 420).
(7) تحرفت في الأصل، والمثبت من سنن ابن ماجه.
(4/47)
رواه ق (1).
26 - باب الطيب للمحرم قبل أن يُحرم
3978 - عن عائشة أنها قالت: "كنت أُطيب النبي - صلى الله عليه وسلم -
لإحرامه قبل أن يُحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت".
رواه خ (2) م (3).
3979 - وعن عائشة قالت: "كأني انظر إلى وَبِيص (4) الطيب في مفارق رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم".
رواه خ (5) م (6).
وفي لفظ (7): "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يحرم
يتطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص الدهن في رأسه ولحيته بعد ذلك". لفظ مسلم.
ولفظ خ (8): "كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - باطيب ما يجد حتى أجد
وبيص الطيب في رأسه ولحيته".
ولمسلم (9): قالت عائشة: "كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -". وهو محرم".
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 979 - 980 رقم 2936).
(2) صحيح البخاري (3/ 463 رقم 1539).
(3) صحيح مسلم (2/ 846 - 847 رقم 1189).
(4) الوبيص: البريق. النهاية (5/ 146).
(5) صحيح البخاري (3/ 463 رقم 1538).
(6) صحيح مسلم (2/ 847 رقم 1190).
(7) صحيح مسلم (2/ 848 رقم 1190/ 44).
(8) صحيح البخاري (10/ 379 رقم 5923).
(9) صحيح مسلم (2/ 849 رقم 1190/ 45).
(4/48)
وفي لفظ له (1) أيضًا: "كنت أطيب النبي -
صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُحرم، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب
فيه مسك".
3980 - عن عائشة قالت: "كنا نخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
مكة فنضمد (2) جباهنا بالسُّك (3) المطيب عند الإحرام؛ فإذا عرقت إحدانا
سأل على وجهها، فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهانا".
رواه د (4).
3981 - عن ابن (عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (5) ادهن بزيت
غير مقتت (6) وهو محرم".
رواه الإمام أحمد (7) ق (8) ت (9) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث
فرقد السبخي، وقد تكلم يحيى بن (سعيد) (10) في فرقد، وقد روى عنه الناس.
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 849 رقم 1191).
(2) يقال: ضمد رأسه وخرحه إذا سنده بالضماد، وهي خرقة يشد بها العضو.
النهاية (3/ 99).
(3) هو طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل. النهاية (2/ 384).
(4) سنن أبي داود (2/ 166 رقم 1830).
(5) في "الأصل": عباس. وسقط ما بعده؛ فجعل الحديث من مسند ابن عباس، إنما
هو من مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب عند الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه،
وسيأتي على الصواب رقم (4012) واللَّه أعلم.
(6) أي: غير مطيب، وهو الذي يُطبخ فيه الرياحين حتى تطيب ريحه. النهاية (4/
11).
(7) المسند (2/ 29، 72، 143).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 1030 رقم 3083).
(9) جامع الترمذي (3/ 294 - 295 رقم 962).
(10) في "الأصل": معين. والمثبت من جامع الترمذي، وقد اختلف قول ابن معين
في فرقد السبخي فوثقه في رواية الدارمي -تاريخ الدارمي (693) - وابن الجنيد
-سؤالاته- وقال في رواية عبد الله بن أحمد: ليس به بأس. العلل ومعرفة
الرجال (2/ 118)، وقال في رواية ابن أبي خيثمة عنه: ليس بذاك. الجرح
والتعديل (7/ 82).
(4/49)
3981م- قال ابن عباس: "يشم المحرم الريحان،
وينظر في المرآة، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن".
رواه خ (1) بغير إسناد.
27 - باب في التلبيد (2)
3982 - عن سالم عن أبيه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يُهلُّ ملبِّداً (3) ".
رواه خ (4) م (5).
3983 - عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: "يا رسول
الله، ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ قال: إني لبَّدت
رأسي، وقلَّدت هديى" فلا أحِلُّ حتى أنحر".
رواه خ (6) م (7).
3984 - وعن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبد رأسه بالعسل (8)
". رواه د (9).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 463) كتاب الحج، باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا
أراد أن يحرم ويترجل ويدهن.
(2) تلبيد الشعر: أن يُجعل فيه شيء من صمغ عند الإحرام لئلا يشعث ويَقْمَل
إبقاءً على الشعر، إنما يُلبد من يطول مكثه في الأحرام. النهاية (4/ 224).
(3) أي: سمعته يُهل في حال كونه ملبِّدًا. فتح الباري (3/ 469).
(4) صحيح البخاري (3/ 468 رقم 1540).
(5) صحيح مسلم (2/ 842 رقم 1184).
(6) صحيح البخاري (3/ 493 رقم 1566).
(7) صحيح مسلم (2/ 902 رقم 1229).
(8) قال ابن عبد السلام: يحتمل أنه بفتح المهملتين، ويحتمل أنه بكسر
المعجمة وسكون المهملة، وهو ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره. قال ابن حجر:
ضبطناه في روايتنا في سنن أبي داود بالمهملتين. فتح الباري (3/ 469).
(9) سنن أبي داود (2/ 145 رقم 1748).
(4/50)
28 - باب في غسل
المخلوق عن المحرم
3985 - عن صفوان بن يعلى بن أمية "أن يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب: ليتني
أرى نبي الله حين يُنزَل عليه. فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
بالجعرانة -وعلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوب قد أظل به عليه معه ناس
من أصحابه، فيهم عمر- إذ جاءه رجل عليه جبة متضمخ (1) بطيب، فقال: يا رسول
الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي
- صلى الله عليه وسلم - ساعة، ثم سكت فجاءه الوحي، فأشار عمر بيده إلى يعلى
بن أمية: تعال. فجاء يعلى فأدخل رأسه؛ فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم -
مخمر يغط (2) ساعة، ثم سُرِّي عنه، فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفًا؟
فالتُمس الرجل فجيء به، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما الطيب
الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع
في حجك".
رواه خ (3) م (4) وهذا لفظه.
29 - باب في لبس المحرم
3986 - عن ابن عمر "أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس
المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تلبسوا القمص
ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس، ولا الخفاف لا أحد إلا يجد
النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئاً من
الثياب مسه الزعفران ولا الورس".
__________
(1) التضمخ: التلطخ بالطيب وغيره. والإكثار منه. النهاية (3/ 99).
(2) الغطيط: الصوت الذي يخرج مع نفس النائم، وهو ترديده حيث لا يجد مساغاً.
النهاية (3/ 372).
(3) صحيح البخاري (3/ 460 رقم 1536).
(4) صحيح مسلم (2/ 837 رقم 1180/ 8).
(4/51)
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
وفي لفظ للبخاري (3): "ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين".
وعند الإمام أحمد (4) د (5) "أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى
النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب،
ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرًا أو خزًا أو حلياً أو
سراويل أو قميصًا".
هو من رواية ابن إسحاق قال: "قال نافع" كأنه لم يسمعه منه (6)، والله أعلم.
3987 - عن سالم بن عبد الله "أن عبد الله -يعني: ابن عمر- (كان) (7) يصنع
ذلك -يعني: يقطع الخفين للمرأة المحرمة- ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد أن
عائشة حدثتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان رخص للنساء في
الخفين؛ فترك ذلك".
رواه د (8).
3988 - عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب
بعرفات يقول: "السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفاف لمن لم يجد النعلين.
يعني: للمحرم".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 469 رقم 1542).
(2) صحيح مسلم (2/ 834 رقم 1177).
(3) صحيح البخاري (4/ 63 رقم 1838).
(4) المسند (2/ 22، 32).
(5) سنن أبي داود (2/ 166 رقم 1827).
(6) صرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية أبي داود، واللَّه أعلم.
(7) في "الأصل": قال. والمثبت من سنن أبي داود.
(8) سننْ أبي داود (2/ 176 رقم 1831).
(4/52)
رواه خ (1) م (2) واللفظ له.
3989 - عن جابر -هو ابن عبد الله- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل".
رواه م (3).
3990 - قال الدارقطني (4): سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: في حديث ابن جريج
وليث بن سعد وجويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال: "نادى رجل رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - في المسجد ما يترك المحرم من الثياب" وهذا يدل على
أنه قبل الإحرام بالمدينة، وحديث شعبة وسعيد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن
أبي الشعثاء، عن ابن عباس "أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب
بعرفات" هذا بعد حديث ابن عمر.
30 - باب في تغطية المرأة وجهها وفي المحرم
يظلل عليه
3991 - عن عائشة قالت: "كان الركبان يمرون بنا -ونحن مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - محرمات- فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على
وجهها، وإذا جاوزونا كشفناه".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) -وهذا لفظه- ق (7)، وهو من رواية يزيد بن أبي
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 69 رقم 1841).
(2) صحيح مسلم (2/ 833 رقم 1178).
(3) صحيح مسلم (2/ 836 رقم 1179).
(4) سنن الدارقطني (2/ 230 رقم 61).
(5) المسند (6/ 30).
(6) سنن أبي داود (2/ 167 رقم 1833).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 979 رقم 2935).
(4/53)
زياد، وفيه كلام (1).
3991م- ورواه الدارقطني (2) من حديث عائشة وأم سلمة من رواية يزيد أيضًا.
3992 - عن ابن عمر قال: "إحرام المرأة في وجهها، وإحرام الرجل في رأسه".
رواه الدارقطني (3).
3993 - وروى (4) عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على
المرأة حرم إلا في وجهها" (5).
هو من رواية أيوب بن محمد (6) أبي الجمل، وقد ضعفه يحيى بن معين (7).
3994 - عن أم الحصين قالت: "حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة
الوداع فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه
وسلم -، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة". رواه مسلم
(8).
__________
(1) ترجمته في التهذيب (32/ 135 - 140).
(2) سنن الدارقطني (2/ 294 - 295 رقم 261 - 263).
(3) سنن الدارقطني (2/ 294 رقم 260).
(4) سنن الدارقطني (2/ 294 رقم 259).
(5) قال العقيلي في الضعفاء (1/ 116): لا يُتابع -يعني: أيوب بن محمد- على
رفعه، إنما هو موقوف. اهـ.
(6) زاد بعدها في "الأصل": به. وهي زيادة مقحمة ليست في سنن الدارقطني، فإن
أيوب ابن محمد هو أبو الجمل، قال ابن عدي في الكامل (2/ 18): أيوب بن محمد
يكنى أبا سهل يمامي، لقبه أبو الجمل. اهـ. وانظر الكنى لأبي أحمد الحاكم
(3/ 198)، ونزهة الألباب في الألقاب لابن حجر (2/ 255).
(7) في رواية الدارمي كما في تاريخ الدارمي (179 رقم 645)، وفي رواية ابن
أبي خيثمة كما في الجرح والتعديل (2/ 257)، وفي رواية ابن أبي مريم، كما في
لسان الميزان (2/ 118)، ونقل أبو أحمد الحاكم في الكنى (3/ 198) عن المفضل
قال يحيى بن معين: هذا ثقة.
(8) صحيح مسلم (2/ 944 رقم 1298).
(4/54)
31 - باب لبس السلاح
للمحرم
3995 - عن البراء "اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة
فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم لا يُدْخِل مكة سلاحًا إلا في
القراب".
رواه خ (1) م (2)، وفي لفظ (3): "ولا يدخلها إلا بجلبان (4) (السلاح) (5):
السيف وقرابه".
32 - باب ما يقتل المحرم من الدواب
3996 - عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس من الدواب
كلهن فاسق يقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأر، والكلب
العقور (6) ".
رواه خ (7) م (8) وفي لفظ: "في الحل والحرم"، ولمسلم (9): "والغراب
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 70 رقم 1844).
(2) صحيح مسلم (3/ 1409 - 1411 رقم 1783).
(3) صحيح مسلم (3/ 1410 رقم 1783/ 92).
(4) الجُلْبان -بضم الجيم وسكون اللام- شبه الجراب من الأدَم يُوضع فيه
السيف مغمودًا، ويطرح الراكب سوطه وأداته، ويعلقه في آخرة الكور، أو
واسطته، واشتقاقه من الجُلبة، وهي الجلدة التي تُجعل على القتب، ورواه
القيبي بضم الجيم واللام وتشديد الباء، وقال: هو أوعية السلاح بما فيها،
ولا أُراه سُمي به إلا لجفائه، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الجافية: جُلبانة،
وفي بعض الروايات: "ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح: السيف والقوس ونحوه"
يريد ما يحتاج في إظهاره والقتال به إلى معاناة، كالرماح لأنها مظهرة يمكن
تعجيل الأذى بها، وإنما اشترطوا ذلك ليكون عَلَماً وأمارة للسلم، إذ كان
دخولهم صُلحاً. النهاية (1/ 282).
(5) من صحيح مسلم.
(6) هو كل سبع يعقر: أي يجرح ويقتل ويفترس، كالأسد والنمر والذئب، سماها
كلباً لاشتراكها في السبعية، والعقور: من أبنية المبالغة. النهاية (3/
275).
(7) صحيح البخاري (4/ 42 رقم 1829).
(8) صحيح مسلم (2/ 856 رقم 1198).
(9) صحيح مسلم (2/ 856 رقم 1198/ 67).
(4/55)
الأبقع (1) ".
وعند النسائي (2) وابن ماجه (3) قال: "خمس يقتلهن المحرم: الحية، والفأرة،
والحدأة، والغراب الأبقع، والكلب العقور".
3997 - عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: "خمس من الدواب كلها فواسق لا حرج على من قتلهن:
العقرب، والغراب، والحدأة، والفأرة، والكلب العقور".
رواه خ (4) م (5).
3998 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس من
الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة،
والكلب العقور".
أخرجاه (6) واللفظ لمسلم، وله (7): "في الحرم والإحرام".
3999 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: "بينا نحن مع النبي - صلى الله
عليه وسلم - في غار بمنى إذ نزلت عليه "والمرسلات" وإنه ليتلوها وإني
لأتبقاها من فيه وإن فاه لرطب بها، إذ وثبت حية فقال النبي - صلى الله عليه
وسلم -: اقتلوها. فابتدرناها، فذهبت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
وقيت شركم كما وقيتم شرها".
رواه خ (8) -وهذا لفظه- ومسلم (9)، وزاد مسلم (10): "أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -
__________
(1) هو الذي في ظهره أو بطنه بياض. فتح الباري (4/ 46).
(2) سنن النسائي (5/ 188 - 189 رقم 2829).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1031 رقم 3087).
(4) صحيح البخاري (4/ 42 رقم 1828).
(5) صحيح مسلم (2/ 858 رقم 1200).
(6) البخاري (4/ 42 رقم 1826)، ومسلم (2/ 858 - 859 رقم 1199).
(7) صحيح مسلم (2/ 857 رقم 1199).
(8) صحيح البخاري (4/ 42 رقم 1830).
(9) صحيح مسلم (4/ 1755 رقم 2234).
(10) صحيح مسلم (4/ 1755 رقم 2235).
(4/56)
أمر محرمًا بقتل حية بمنى".
4000 - عن زيد بن جبير قال: "سأل رجل ابن عمر ما يقتل الرجل من الدواب وهو
محرم؟ قال: حدثتني إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر
بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدأة والغراب والحية. قال: وفي
الصلاة أيضًا".
رواه (1).
4001 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس قتلهن
حلال في الحرم: الحية، والعقرب، والحدأة، والفأرة، والكلب العقور".
رواه د (2).
4002 - عن أبي سعيد الخدري "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عما يقتل
المحرم؟ قال: الحية، والعقرب، والفويسقة، ويرمي الغراب ولا يقتله، والكلب
العقور، والحدأة والسبع الضاري".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) ق (5) ت (6)، وقال: حديث حسن.
4003 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس كلهن فاسقة
يقتلهن المحرم ويقتلهن في الحرم: الفأرة، والعقرب، والحية، والكلب العقور،
والغراب".
رواه الإمام أحمد (7).
__________
(1) كذا في "الأصل" والحديث رواه البخاري (4/ 42 رقم 1827)، ومسلم (2/ 858
رقم 1200/ 75) واللفظ له.
(2) سنن داود (2/ 170 رقم 1847).
(3) المسند (3/ 3، 32، 79).
(4) سنن أبي داود (2/ 170 رقم 1848).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1032 رقم 3089).
(6) جامع الترمذي (3/ 198 رقم 838).
(7) المسند (1/ 257).
(4/57)
33 - باب في المحرم إِذا توفي
4004 - عن ابن عباس قال: "بينما رجل واقف مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - بعرفة إذ وقع من راحلته -قال أيوب: فأوقصته. أو قال: (فأقمصته) (1)
وقال عمرو: فوقصته- فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اغسلوه
بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه. قال أيوب: فإن
الله -تعالى- يبعثه يوم القيامة ملبياً. وقال عمرو: فإن الله يبعثه يوم
القيامة يُلبِّي".
وفي لفظ: "وكفنوه في ثوبيه".
أخرجاه (2) واللفظ لمسلم.
وفي لفظ (3): "فإن الله -عز وجل- يبعثه يوم القيامة ملبيًا".
وقال مسلم (4) "فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا".
وفي لفظ لهما (5) "فإنه يبعث يُهلَّ".
ولمسلم (6): "ولا تغطوا وجهه؛ فإنه يُبعث يُلبِّي".
وله (7) أيضًا: "خارج رأسه ووجهه".
4005 - عن عائشة قالت: (قال) (8) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من مات
في هذا الوجه من حاج أو معتمر لم يعرض ولم يحاسب وقيل له: ادخل الجنة" (9).
__________
(1) في "الأصل": فأوقصته. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) البخاري (4/ 76 رقم 1849، 1850)، ومسلم (2/ 865 رقم 1206/ 94).
(3) صحيح مسلم (5/ 862 رقم 1206/ 93).
(4) صحيح مسلم (2/ 866 - 867 رقم 1206/ 99، 100).
(5) البخاري (4/ 63 رقم 1839)، ومسلم (2/ 867 رقم 1206/ 102).
(6) صحيح مسلم (2/ 867 رقم 1206/ 103).
(7) صحيح مسلم (2/ 867 رقم 1206/ 101).
(8) في "الأصل": كان. والمثبت من مسند أبي يعلى.
(9) رواه أبو يعلى (8/ 79 رقم 4608) من طريق عائذ بن نُسير عن عطاء عن
عائشة.=
(4/58)
34 - باب الحجامة
للمحرم وما يفعل الذي يشتكي عينيه
4006 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم".
أخرجه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
4007 - عن عبد الله ابن بحينة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم
بلحي جمل (3) من طريق مكة وهو محرم في وسط رأسه".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5) وليس عنده: "بلحي جمل".
4008 - وعن ابن عباس: "احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في رأسه وهو
محرم من وجع كان به، بماء يقال له: لحي جمل".
رواه خ (6).
وروى (7) تعليقًا: "في رأسه من شقيقة (8) كانت به".
__________
=وعائذ ضعفه ابن معين، وعدَّ هذا الحديث من منكراته العقيلي في الضعفاء (3/
410)، وابن عدي في الكامل (7/ 60)، وقال ابن عدي: هذا حديث غير محفوظ.
ورواه العقيلي من طريق عائذ عن محمد البصري عن عطاء مرسلاً، ثم قال: هذا
أولى.
(1) صحيح البخاري (4/ 60 رقم 1835).
(2) صحيح مسلم (2/ 862 رقم 1202).
(3) قد روي فيه "لَحي جمل" بالفتح، "ولِحْي جمل" بالكسر، والفتح أشهر، وهي
عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا. معجم البلدان (5/ 17).
(4) صحيح البخاري (4/ 60 رقم 1836).
(5) صحيح مسلم (2/ 862 رقم 1203).
(6) صحيح البخاري (10/ 162 رقم 5700).
(7) صحيح البخاري (10/ 162 رقم 5701).
(8) الشَّقيقة: نوع من صداع يعرض في مقدم الرأس وإلى أحد جانبيه. النهاية
(2/ 492).
(4/59)
4009 - عن أنس "أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وثء (1) كان به".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وعنده "من وجع كان به"- س (4) ت في كتاب
الشمائل (5).
4010 - وعن جابر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم من وثء
كان به".
رواه س (6) ق (7) وعنده: "احتجم وهو محرم من رهصة (8) أخذته".
4011 - عن عثمان -هو ابن عفان رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - "في الرجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم يضمدهما بالصبر".
رواه م (9).
35 - باب ما يدهن به المحرم
4012 - عن فرقد السبخي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله
عليه وسلم -
__________
4009 - خرجه الضياء في المختارة (7/ 11 - 12 رقم 2381 - 2384).
(1) بفتح الواو وسكون المثلثة، آخره همزة، وهو وهن في الرجل دون الخلع
والكسر. حاشية سنن النسائي.
(2) المسند (3/ 164).
(3) سنن أبي داود (2/ 168 رقم 1837).
(4) سنن النسائي (5/ 194 رقم 2849).
(5) الشمائل المحمدية (304 رقم 366).
(6) سنن النسائي (5/ 193 - 194 رقم 2848).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1029 رقم 3082).
(8) أصل الرهص: أن يصيب باطن حافر الدابة شيء يوهنه، أو ينزل فيه الماء من
الإعياء، وأصل الرهص: شدة العصر. النهاية (2/ 282).
(9) صحيح مسلم (2/ 863 رقم 1204).
(4/60)
كان يدهن رأسه بالزيت وهو محرم غير المقتت"
(1).
رواه ق (2) وقد تُكلم فيه.
36 - باب في غسل المحرم رأسه وما يجوز أن يفعله
4013 - عن عبد الله بن حنين عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة "أنهما
اختلفا بالأبواء (3)، فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه (وقال
المسور: لا يغسل المحرم رأسه) (4) فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري
أسأله عن ذلك فوجدته يغتسل بين القَرنين (5) وهو يستر بثوب. قال: فسلمت
عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن
عباس أسالك كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه وهو محرم؟
فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب:
(اصبب) (4) فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، ثم قال:
هكذا رأيته - صلى الله عليه وسلم - يفعل".
رواه خ (6) م (7) وهذا لفظه.
__________
(1) ورواه الإمام أحمد (2/ 25، 29، 72، 145)، والترمذي (3/ 294 - 295 رقم
962)، وقال الترمذي: حديث غريب إلا من حديث فرقد السبخي، وقد تكلم يحيى ابن
سعيد في فرقد، وقد روى عنه الناس. اهـ. وقد تقدم هذا الحديث برقم (3981).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1030 رقم 3083).
(3) الأبواء: قرية من أعمال الفُرع في المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي
المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً. معجم البلدان (1/ 102).
(4) من صحيح مسلم.
(5) بفتح القاف، تثنية قرن، وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر وشبههما
من البناء، وتمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به وتعلق عليها
البكرة. شرح صحيح مسلم (5/ 241).
(6) صحيح البجاري (4/ 660 رقم 1840).
(7) صحيح مسلم (2/ 864 رقم 1205/ 91).
(4/61)
وفي لفظ له (1): "فأمَرَّ أبو أيوب بيديه
على رأسه جميعًا على جميع رأسه فأقبل بهما وأدبر. فقال المسور لابن عباس:
لا أماريك أبدًا".
4014 - عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه "أنها سمعت عائشة زوج النبي - صلى
الله عليه وسلم - تُسأل عن المحرم: أيحك جسده؟ فقالت: نعم فليحكُك وليشدد.
وقالت عائشة: لو رُبطت يداي ولم أجد إلا (أن تحك برجلي) (2) لحككت".
رواه الإمام مالك في الموطأ (3).
37 - باب الإِقران في الحج
4015 - عن سعيد بن المسيب قال: "اختلف علي وعثمان -رضي الله عنهما- وهما
بعسفان في المتعة، فقال علي: ما تريد إلى أن تنهى عن أمر فعله رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعًا".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5) وعنده: "اجتمع علي وعثمان بعسفان، فكان
عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة. فقال علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - تنهى عنه. فقال عثمان: دعنا منك. قال: إني لا
أستطيع أن أدعك. فلما رأى علي ذلك أهلَّ بهما جميعًا".
4016 - وعن مروان بن الحكم قال: "شهدت عثمان وعليًّا، وعثمان ينهى عن
المتعة وأن يُجمع بينهما، فلما رأى علي أهل بهما: لبيك بعمرة وحجة. قال:
(كنت لا أدع) (6) سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 864 رقم 1205/ 92).
(2) في الموطأ: رجلي.
(3) الموطأ (1/ 290 رقم 93).
(4) صحيح البخاري (3/ 494 رقم 1569).
(5) صحيح مسلم (2/ 897 رقم 1223/ 159).
(6) في صحيح البخاري: ما كنت لأدع.
(4/62)
رواه خ (1).
4017 - عن بكر -هو ابن عبد الله المزني- عن أنس قال: "سمعت النبي - صلى
الله عليه وسلم - يلبي بالحج والعمرة جميعًا. قال بكر: (فحدثت بذلك ابن
عمر، فقال: لبَّى بالحج وحده. فلقيت أنسًا) (2) فحدثته بقول ابن عمر، فقال
أنس: ما تعدونا إلا صبيانًا، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لبيك
عمرة وحجًّا".
رواه خ (3) م (4) وهذا لفظه.
4018 - وعن أبي قلابة عن أنس قال: "صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
بالمدينة ونحن معه الظهر أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى
أصبح، ثم ركب حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر، ثم أهل بحج
وعمرة وأهل الناس بهما".
رواه خ (5).
4019 - وعن يحيى بن أبي إسحاق وعبد العزيز بن صهيب وحميد أنهم سمعوا أنسًا
قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بهما: لبيك عمرة وحجًّا،
لبيك عمرة وحجًّا".
رواه م (6).
4020 - عن مطرف -هو ابن عبد الله - قال: قال لي عمران بن حصين أحدثك بحديث
عسى الله أن ينفعك به "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين حجة
وعمرة، ثم
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 493 رقم 1563).
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح البخاري (7/ 669 رقم 4353، 4354).
(4) صحيح مسلم (5/ 902 رقم 1232).
(5) صحيح البخاري (3/ 481 رقم 1551).
(6) صحيح مسلم (2/ 915 رقم 1251).
(4/63)
لم ينه عنه حتى مات، ولم ينزل فيه قرآن
يحرمه، وقد كان يُسلم [عليَّ] (1) حتى اكتويت فتُركت، ثم تَركت الكي فعاد
(2) " (3).
وفي لفظ (4) "قال فيها رجل برأيه ما شاء".
كذا رواه مسلم، وروى هو (5) والبخاري (6) قال: "تمتعنا على عهد النبي - صلى
الله عليه وسلم - ونزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء".
4021 - عن عمر -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بوادي العقيق (7) يقول: "أتاني الليلة آت من ربي -عز وجل- فقال: صلِّ في
هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة".
رواه خ (8).
4022 - عن البراء بن عازب قال: "كنت مع علي حين أمره رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - على اليمن، قال: فأصبت معه أواقًا. قال: فلما قدم علي من اليمن
على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وجدت فاطمة قد لبست ثيابًا
صبيغًا، وقد نضحت البيت بنضوح. فقالت: ما لك، فإن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قد أمر أصحابه فأحلوا؟ قال: قلت لها: إني أهللت بإهلال النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: "فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لي رسول
الله
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) معنى الحديث أن عمران بن الحصين -رضي الله عنه- كانت به بواسير فكان
يصبر على ألمها؛ وكانت الملائكة تُسلم عليه، فاكتوى فانقطع سلامهم عليه، ثم
ترك الكي فعاد سلامهم عليه. شرح صحيح مسلم (5/ 341).
(3) صحيح مسلم (2/ 899 رقم 1226/ 167).
(4) صحيح مسلم (2/ 899 رقم 1226/ 169).
(5) صحيح مسلم (2/ 900 رقم 1226/ 170) أيضًا.
(6) صحيح البخاري (3/ 505 رقم 1571).
(7) هو بقرب البقيع، بينه وبين المدينة أربعة أميال. فتح الباري (3/ 459).
(8) صحيح البخاري (3/ 458 رقم 1534).
(4/64)
- صلى الله عليه وسلم - كيف صنعت؟ قلت:
أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - (1). قال: فإني سقت الهدي
وقرنت. قال: فقال لي: انحر من البدن سبعًا وستين أو ستًّا وستين، وأمسك
لنفسك ثلاثًا وثلاثين أو أربعًا وثلاثين، وأمسك لي من كل بدنة منها بضعة".
رواه د (2).
4023 - عن الصبي بن (معبد) (3) قال: "كنت رجلاً نصرانيًّا فأسلمت، فأهللت
بالحج والعمرة، فسمعني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وأنا أهل بهما جميعًا
بالقادسية، فقالا: لهذا أضل من بعيره. فكأنما حملا علي جبلاً بكلمتهما،
فقدمت على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فذكرت ذلك له، فأقبل عليهما
فلامهما، ثم أقبل عليَّ فقال: هُديت لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -،
هُديت لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) -مختصر- ق (6) -وهذا لفظه- س (7) قال الدارقطني
في كتاب العلل (8): وهو حديث صحيح.
4024 - عن سراقة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "دخلت
العمرة في الحج إلى يوم القيامة. وقرن رسول الله في حجة الوداع".
__________
(1) من سنن أبي داود.
(2) سنن أبي داود (2/ 158 رقم 1797).
4023 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 240 - 242 رقم 135 - 137).
(3) تحرفت في "الأصل" إلى: سعيد.
(4) المسند (1/ 14، 25، 34، 37، 53).
(5) سنن أبي داود (2/ 158 رقم 1798).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 989 رقم 2970).
(7) سنن النسائي (5/ 160 رقم 2718).
(8) علل الدارقطني (2/ 166).
(4/65)
رواه الإمام أحمد (1).
4025 - عن أبي قتادة قال: "إنما جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين
الحج والعمرة؛ لأنه علم أنه ليس بحاج بعدها".
رواه الدارقطني (2).
4026 - عن أبي طلحة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الحج
والعمرة".
رواه الإمام أحمد (3) ق (4) من رواية حجاج بن أرطأة، وقد تكلم فيه غير
واحدٍ من الأئمة (5).
4027 - عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن الحج والعمرة
فطاف لهما طوافًا واحدًا".
رواه ت (6) من حديث الحجاج أيضًا، وقال: حديث حسن.
38 - باب التمتع بالعمرة إلى الحج
4028 - عن عبد الله بن عمر قال: "تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، وتمتع الناس
مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من
أهدى فساق الهدي، ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - مكة قال للناس: من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء
__________
(1) المسند (4/ 175).
(2) سنن الدارقطني (2/ 288 رقم 224).
(3) المسند (4/ 28، 29).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 990 رقم 2971).
(5) ترجمته في التهذيب (5/ 420 - 428).
(6) جامع الترمذي (3/ 283 رقم 947).
(4/66)
حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم
أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد،
فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. وطاف
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء، ثم
خَبَّ (1) ثلاثة أطواف من السبع، ومشى أربعة، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت
عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف، فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة
أطواف، ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه، وأفاض فطاف
بالبيت، ثم حل من كل شيء حرم منه، وفعل مثلما فعل رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - من أهدى فساق الهدي من الناس".
رواه خ (2) م (3) وهذا لفظه.
4029 - عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - في تمتعه بالحج (إلى العمرة) (4) وتمتع الناس معه، قال ابن
شهاب: بمثل الذي أخبرني سالم عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجاه (5) أيضًا.
4030 - عن أبي موسى قال: "بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومي
باليمن، فجئت وهو بالبطحاء قال: بما أهللت؟ قلت: كإهلال النبي - صلى الله
عليه وسلم -. قال: هل معك من هدي؟ قلت: لا. فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا
والمروة، ثم أمرني فأحللت، فأتيت امرأة من قومي فمشطتني أو غسّلت رأسي،
فقدم عمر فقال: إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام؛ قال الله -تعالى-:
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (6) وإن نأخذ بسنة
__________
(1) الخبب: ضرب من العَدْو. النهاية (2/ 3).
(2) صحيح البخاري (3/ 631 رقم 1691).
(3) صحيح مسلم (1/ 902 رقم 1227).
(4) في "الأصل": بالعمرة. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) البخاري (3/ 630 رقم 1692)، ومسلم (2/ 902 رقم 1228).
(6) سورة البقرة، الآية: 196.
(4/67)
النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يحل
حتى ينحر الهدي".
أخرجاه (1) لفظ خ.
وقد تقدم (2) حديث عمر وفيه: "قل: عُمرة في حجة".
4031 - عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب
"أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما
يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر
الله. (فقال سعد) (3) بئس ما قلت يا ابن أخي. قال الضحاك: فإن عمر ابن
الخطاب نهى عن ذلك. قال سعد: قد صنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وصنعناها معه".
رواه س (4) ت (5)، وقال: حديث صحيح.
4032 - عن أبي عمران أسلم أنه قال: "حججت مع موالي فدخلت على أم سلمة زوج
النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أعتمر قبل أن أحج؟ قالت: إن شئت فاعتمر
قبل أن تحج، وإن شئت فبعد أن تحج. قال: فقلت: إنهم يقولون: من كان صرورة
(6) فلا يصلح أن يعتمر قبل (أن) (7) يحج. قال: فسألت أمهات المؤمنين فقلن
مثلما قالت، فرجعت إليها فأخبرتها بقولهن، قال: فقالت: نعم وأشفيك، سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أهلوا يا آل محمدٍ بعمرة في حج".
رواه الإمام أحمد (8).
__________
(1) البخاري (3/ 487 رقم 1559)، ومسلم (2/ 894 - 896 رقم 1221).
(2) الحديث رقم (4021).
(3) من سنني النسائي والترمذي.
(4) سنن النسائي (5/ 152 - 153 رقم 2733).
(5) جامع الترمذي (3/ 185 رقم 823).
(6) الصرورة: الذي لم يحج قط. النهاية (3/ 22).
(7) من المسند.
(8) المسند (6/ 297).
(4/68)
4033 - عن سالم بن عبد الله "أنه سمع رجلاً
من أهل الشام وهو يسأل عبد الله ابن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال
عبد الله بن عمر: هي حلال. قال الشامي: إن أباك قد نهى عنها. فقال عبد الله
بن عمر: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقال الرجل: بل
أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: لقد صنعها رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -".
رواه ت (1).
وروى س (2): "العمرة في أشهر الحج تامة؛ قد عمل بها رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - وأنزلها الله -تعالى- في كتابه".
39 - باب الإِفراد
4034 - عن عائشة أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهلَّ (بحجة وعمرة ومنا من
أهلَّ) (3) بحج، وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج، فأما من أهل
بالحج أو جمع الحج والعمرة لم يحلوا حتى كان يوم النحر".
رواه خ (3) م (4) وعنده: "وأهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج،
فأما من أهلَّ بعمرة فحل".
وروى مسلم (5) أيضًا: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج".
وله (6): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ بالحج مفردًا".
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 185 رقم 824) وسكت عنه.
(2) السنن الكبرى (2/ 473 رقم 4229).
(3) صحيح البخاري (3/ 490 رقم 156).
(4) صحيح مسلم (2/ 873 رقم 1211/ 118).
(5) صحيح مسلم (2/ 875 رقم 1211/ 122).
(6) صحيح مسلم (4/ 902 رقم 1231) عن نافع عن ابن عمر.
(4/69)
وقد تقدم (1) حديث بكر بن عبد الله عن ابن
عمر قال: "لبَّى بالحج وحده".
4035 - عن ابن عباس قال: "أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج،
فقدم لأربع مضين من ذي الحجة فصلى الصبح، وقال لما صلى الصبح: من شاء أن
يجعلها عمرة فليجعلها عمرة". رواه مسلم (2).
4036 - عن جابر -هو ابن عبد الله - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أفرد الحج".
رواه ق (3).
4037 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أهل الرجل
بالحج ثم قدم مكة فطاف بالبيت والصفا والمروة فقد حلَّ، وهي عمرة".
رواه د (4) من رواية نهَّاس بن فهم وقد ضعفه يحيى بن معين (5) س (6).
40 - باب في ذكر المتعة
قد تقدم غير حديث فيها.
4038 - عن غنيم بن قيس قال: "سألت سعد بن أبي وقاص عن المتعة، فقال:
فعلناها. وهذا يومئذ كافر بالعُرُش (7). يعني: بيوت مكة، يعني: معاوية".
__________
(1) الحديث رقم (4017).
(2) صحيح مسلم (2/ 910 رقم 1240/ 199).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 988 رقم 2966).
(4) سنن أبي داود (2/ 156 رقم 1791).
(5) تاريخ الدارمي (219 رقم 824) وغيره.
(6) كتاب الضعفاء والمتروكين (237 رقم 627).
(7) قال أبو عبيد في غريب الحديث (2/ 172): العُرُش: يعني: بيوت مكة،
وسُميت العرش لأنها عيدان تنصب ويظلل عليها، وقد يقال لها أيضاً: عُروش ...
فمن قال: عُرُش فواحدها عريش وجمعه عرش، مثل قليب وقُلُب، وسبيل وسُبُل،
وطريق وطُرُق، ومن قال: عُروش فواحدها عَرش وجمعه عُروش مثل فَلس وفُلُوس،
وسَرج وسُرُوخ.
(4/70)
رواه م (1).
4039 - عن عمران بن حصين قال: "تمتع نبي الله - صلى الله عليه وسلم -
وتمتعنا معه".
كذا رواه مسلم (2)، وروى البخاري (3): "تمتعنا على عهد رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ونزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء".
4040 - وعن مسلم القُري سمع ابن عباس يقول: "أهلَّ النبي - صلى الله عليه
وسلم - بعمرةٍ وأهلَّ أصحابه بحج، فلم يحلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -
ولا من ساق الهدي من أصحابه، وحلَّ بقيتهم، فكان طلحة بن عبيد الله فيمن
ساق الهدي فلم يحل".
رواه مسلم (4).
4041 - عن أبي جمرة قال: "تمتعت فنهاني ناس، فسألت ابن عباس فأمرني، فرأيت
في المنام كان رجلاً يقول لي: حج مبرور وعمرة متقبلة. فأخبرت ابن عباس،
فقال: سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: أقم عندي فأجعل لك سهمًا
من مالي. قال شعبة: فقلت: لم؟ فقال: للرؤيا التي رأيت".
رواه خ (5) -وهذا لفظه- م (6) وعنده: "تمتعت فنهاني ناس عن ذلك فأتيت ابن
عباس (فسألته) (7) عن ذلك فأمرني بها، قال: ثم (أتيت) (8) إلى البيت فنمت
فأتاني آت في منامي، فقال: عمرة متقبلة وحج مبرور: قال: فأتيت ابن عباس
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 898 رقم 1225).
(2) صحيح مسلم (2/ 898 رقم 1226).
(3) صحيح البخاري (3/ 505 رقم 1571).
(4) صحيح مسلم (2/ 909 رقم 1239).
(5) صحيح البخاري (3/ 494 رقم 1567).
(6) صحيح مسلم (2/ 911 رقم 1242).
(7) في "الأصل": فأخبرته با. والمثبت من صحيح مسلم.
(8) في صحيح مسلم: انطلقت.
(4/71)
فأخبرته بالذي رأيت، فقال: الله أكبر الله
أكبر سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -".
وقد رواه البخاري (1) أيضًا: "سألت ابن عباس عن المتعة فأمرني بها، وسألته
عن الهدي فيها جزور أو بقرة أو شرك في دم. قال: وكأن ناسًا كرهوها فنمت
فرأيت في المنام كأن النادي (2) ينادي: حج مبرور ومتعة متقبلة. فأتيت ابن
عباس فحدثته فقال: الله أكبر، سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -".
4042 - وعن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"هذه عمرة استمتعنا بها، فمن لم يكن عنده الهدي فليحل الحل كله؛ فإن العمرة
قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة".
رواه مسلم (3).
4043 - عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: "يا رسول
الله، ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال: إني لبدت رأسي
وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5).
4044 - عن ابن عباس عن معاوية قال: "قصرت عن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - بمِشْقَص (6) ".
رواه البخاري (7) -وهذا لفظه- ومسلم (8).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 623 - 624 رقم 1688).
(2) في صحيح البخاري: إنسانًا.
(3) صحيح مسلم (2/ 911 رقم 1241).
(4) صحيح البخاري (3/ 493 رقم 1566).
(5) صحيح مسلم (2/ 902 رقم 1229).
(6) الِمشْقَص: نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض، فإذا كان عريضًا فهو
المِعْبَلة. النهاية (2/ 490).
(7) صحيح البخاري (3/ 656 رقم 1130).
(8) صحيح مسلم (2/ 913 رقم 1246).
(4/72)
وعنده "قال لي معاوية: (أعلمت) (1) أني
قصرت (من) (1) رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص؟
فقلت له: لا أعلم هذه إلا حجة عليك".
4045 - وعن عطاء، عن معاوية قال: "أخذت من أطراف شعر رأس رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بمشقص كان معي بعدما طاف بالبيت وبالصفا والمروة في أيام
العشر".
قال قيس -هو ابن سعد الراوي عن عطاء-: "والناس ينكرون هذا على معاوية".
رواه س (2).
4046 - عن ابن عباس قال: "تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر
وعمر وعثمان، وأول من نهى عنها معاوية".
رواه الإمام أحمد (3) ت (4) وقال: حديث حسن.
41 - باب فيمن أهل كإِهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -
4047 - عن أنس بن مالك قال: "قدم عليٌّ على النبي - صلى الله عليه وسلم -
من اليمن فقال: بم أهللت؟ قال: بما أهلَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فقال: لولا أن معي الهدي لأحللت".
وزاد محمد بن بكر عن ابن جريج: "قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بم
أهللت يا علي؟ قال: بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فأهد
وامكث (حرامًا) (5) كما أنت".
رواه خ (6) -وهذا لفظه- ومسلم (7) إلى قوله: "لأحللت".
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) سنن النسائي (5/ 245 رقم 2989).
(3) المسند (1/ 292، 313، 314).
(4) جامع الترمذي (3/ 184 رقم 822).
(5) تحرفت في "الأصل"، وصوبتها من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (3/ 486 - 487 رقم 1558).
(7) صحيح مسلم (2/ 914 رقم 1250).
(4/73)
4048 - وقد روى جابر بن عبد الله حديثًا
وفيه: "وقدم علي من اليمن ببدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفيه أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت:
اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فإن معي
الهدي فلا تحل".
كذا رواه مسلماً (1) وروى البخاري (2): "أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
عليًّا أن يُقيم على إحرامه".
وقد رواه (3) أيضًا -يأتي (4) في الباب بعده- أطول من هذا.
وقد تقدم حديث أبي موسى (5).
4048م- عن أنس بن مالك "أن عليًّا قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- من اليمن فقال: بم أهللت؟ فقال: أهللت بما أهل به رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -. فقال: لولا أن معي هديًا لأحللت".
42 - باب
4049 - عن أبي ذر قال: "كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد - صلى الله عليه
وسلم - خاصة".
رواه م (6) من قول أبي ذر.
5040 - وعن بلال بن الحارث قال: "قلت: يا رسول الله، أرأيت فسخ الحج
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 886 رقم 1218).
(2) صحيح البخاري (3/ 486 رقم 1557).
(3) صحيح البخاري (3/ 588 - 589 رقم 1651، 3/ 709 رقم 1785).
(4) الحديث رقم (4054).
(5) الحديث رقم (4030).
(6) صحيح مسلم (2/ 897 رقم 1224).
(4/74)
في العمرة لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل لنا خاصة".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3) ق (4).
وروي عن الإمام أحمد (5) قال: حديث بلال بن الحارث عندي ليس يثبت، ولا أقول
به. وقال: إن أحد عشر رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يروون
ما يروون من الفسخ، أين يقع الحارث، وأين بلال منهم؟!
43 - باب فسخ الحج إِلى العمرة
4051 - عن ابن عباس قال: "كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر
الفجور في الأرض، ويجعلون المحرمَ صفر (6) ويقولون: إذا برأ الدَّبَر (7)،
وعفا الأثر (8)، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر. قدم النبي - صلى الله
عليه وسلم - وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة،
فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: حل كله".
__________
(1) المسند (3/ 469).
(2) سنن أبي داود (2/ 161 رقم 1808).
(3) سنن النسائي (5/ 189 رقم 2807).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 994 رقم 2984).
(5) انظر تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (2/ 425)، ونصب الراية (3/ 105).
(6) قال ابن حجر في الفتح (3/ 498): كذا هو في جميع الأصول من الصحيحين،
قال النووي: كان ينبغي أن يكتب بالألف، ولكن على تقدير حذفها لا بد من
قراءته منصوبًا لأنه مصروف بلا خلاف. يعني: والمشهور عن اللغة الربيعية
كتابة المنصوب بغير ألف، فلا يلزم من كتابته بغير ألف أن لا يصرف فيقرأ
بالألف، وسبقه عياض إلى نفي الخلاف فيه، لكن في "المحكم" كان أبو عبيدة لا
يصرفه. اهـ.
(7) بفتح المهملة والموحدة، أي: ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها
ومشقة السفر، فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج. فتح الباري (3/ 498).
(8) أي: اندرس أثر الإبل وغيرها في سيرها، ويحتمل أثر الدبر المذكور. فتح
الباري (3/ 498).
(4/75)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) وعنده:
"من أفجر الفجور" وعنده: "قال: الحل كله".
4052 - عن أبي العالية البراء عن ابن عباس قال: "قدم النبي - صلى الله عليه
وسلم - وأصحابه لأربع خلون من العشر وهم يلبون بالحج، فأمرهم أن يجعلوها
عمرة" (3).
وفي لفظ (4): "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح بذي طوى وقدم
لأربع مضين من ذي الحجة، وأمر أصحابه أن يحلوا (5) إحرامهم بعمرة إلا من
كان معه الهدي".
كذا رواه مسلم. وعند البخاري (6) "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة إلا من كان معه
هدي".
4053 - وعن مجاهد عن ابن عباس قال: "أهلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -
بالحج، فلما قدم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة ولم يقصر ولم يحل من أجل
الهدي، وأمر من لم يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعى، ويقصر أو يحلق ثم يحل".
رواه د (7) هو من رواية يزيد بن أبي زياد، وفيه كلام (8).
4054 - عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: "أَهلَّ النبي - صلى الله عليه
وسلم - هو وأصحابه بالحج، وليس مع أحد منهم هدي غير النبي - صلى الله عليه
وسلم - وطلحة، وقدم عليّ من اليمن
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 493 رقم 1564).
(2) صحيح مسلم (2/ 909 رقم 1240).
(3) صحيح مسلم (2/ 911 رقم 1240/ 201).
(4) صحيح مسلم (2/ 911 رقم 1240/ 202).
(5) في صحيح مسلم: يحولوا.
(6) صحيح البخاري (2/ 658 رقم 1085).
(7) سنن أبي داود (2/ 156 رقم 1792).
(8) ترجمته في التهذيب (32/ 135 - 140).
(4/76)
ومعه هدي، فقال: أهللت بما أهل به النبي -
صلى الله عليه وسلم -. فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن
يجعلوها عمرة، ويطوفوا ويقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي، قالوا: ننطلق
إلى مني وذكر أحدنا يقطر! فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو
استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت. وحاضت
عائشة فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طهرت طافت بالبيت.
قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة وأنطلق بحج. فأمر عبد الرحمن بن
أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج (1) في ذي الحجة، وإن
سراقة بن مالك بن جعشم لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة وهو
يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ قال: لا، بل للأبد".
رواه خ -وهذا لفظه- م (2) وعنده: "فقلنا لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا
خمس: أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني! قال: يقول
جابر بيده كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها. قال: فقام النبي - صلى الله
عليه وسلم - فينا فقال: قد علمتم أني أتقاكم للَّه وأصدقكم وأبركم، ولولا
هدي لأحللت كما تحلون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي،
فحلوا. فحللنا وسمعنا وأطعنا".
وعنده (3): قال: "أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أحللنا أن نحرم
إذا توجهنا إلى مني، قال: فأهللنا من الأبطح". (وعنده) (4): "فقال سراقة بن
مالك بن جعشم: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ قال: لأبد".
__________
(1) إلى هنا لفظ رواية البخاري (3/ 588 - 589 رقم 1651)، وباقيه في رواية
البخاري (3/ 709 رقم 1785).
(2) صحيح مسلم (2/ 883 - 884 رقم 1216).
(3) صحيح مسلم (2/ 882 رقم 1214/ 139) عن أبي الزبير عن جابر.
(4) ليست في "الأصل"، والحديث في صحيح مسلم (2/ 884 رقم 1216/ 141) عن عطاء
عن جابر.
(4/77)
4055 - عن سراقة قال: "تمتع رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - وتمتعنا معه، فقلنا: ألنا خاصة أم لأبد؟ قال: بل
لأبد".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2) س (3) -واللفظ له- والدارقطني (4) ولفظه: "قال:
قلت: يا رسول الله، عمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ قال: بل للأبد، دخلت
العمرة في الحج إلى يوم القيامة".
وقال: كلهم ثقات.
4056 - عن ابن عمر قال: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (مكة)
(5) مهلين بالحج، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شاء أن يجعلها
عمرة إلا من كان معه الهدي. قالوا: يا رسول الله، أيروح أحدنا إلى مني
وذكره يقطر منيًّا؟ قال: نعم. وسطعت المجامر".
رواه الإمام أحمد (6).
4057 - عن الربيع بن سبرة عن أبيه قال: "خرجنا مع رسول اللَّه - صلى الله
عليه وسلم - حتى إذا كان بعسفان، قال له سراقة بن مالك المدلجي: يا رسول
الله، اقض لنا قضاء قوم كأنما وفدوا اليوم. فقال: إن الله -عز وجل- قد أدخل
عليكم في حجكم عمرة، فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة
فقد حل، إلا من كان معه هدي". رواه د (7).
__________
(1) المسند (4/ 175).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 991 رقم 2977).
(3) سنن النسائي (5/ 178 - 179 رقم 2805، 2806).
(4) سنن الدارقطني (2/ 283 رقم 208).
(5) من المسند.
(6) المسند (2/ 28).
(7) سنن أبي داود (2/ 159 رقم 1801).
(4/78)
4058 - عن عائشة قالت: "خرجنا مع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت، فدخل عليَّ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت:
واللَّه لوددت أني لم أكن خرجت العام. قال: ما لك، لعلك نفست؟ قلت: نعم.
قال: هذا شيء كتبه الله -عز وجل- على بنات آدم -رضي الله عنه- افعلي ما
يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. قالت: فلما قدمت مكة قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: اجعلوها عمرة. فأحل الناس إلا
من كان معه الهدي، قالت: فكان الهدي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأبي بكر وعمر وذوي اليسار ثم أهلوا حين راحوا قالت: فلما كان يوم النحر
طهرت فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفضت، قالت: فأتينا بلحم
بقر فقلت: ما هذا؟ فقالوا: أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه
البقر. فلما كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بحجة وعمرة
وأرجع بحجة. قالت: فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله. قالت:
فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السنن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل، حتى جئنا
إلى التنعيم فأهللت منها بعمرة، جزاء لعمرة الناس الذي اعتمروا".
كذا رواه م (1)، وقد رواه خ (2) بنحوه.
4059 - عن عائشة أنها قالت: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأربع مضين
من ذي الحجة -أو خمس- ودخل عليَّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله؟
أدخله الله النار. قال: أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون،
ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه، ثم أحل كما
حلوا". أخرجه مسلم (3).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 873 - 874 رقم 1211/ 120).
(2) صحيح البخاري (3/ 490 رقم 1560).
(3) صحيح مسلم (2/ 879 رقم 1211/ 130).
(4/79)
4060 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: "خرجنا
محرمين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كان معه هدي فليقم على
إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحلل. فلم يكن معي هدي فحللت وكان مع (1)
الزبير هدي فلم يحل، قالت: فلبست ثيابي، ثم خرجت فجلست إلى الزبير فقال:
قومي عني. فقلت: أتخشى أن أثب عليك".
رواه م (2).
4061 - عن أبي سعيد قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصرخ
بالحج صراخًا، فلما قدمنا مكة أمرنا أن نجعلها عمرة إلا من ساق الهدي، فلما
كان يوم التروية ورحنا إلى منًى أهللنا بالحج".
رواه م (3).
4062 - عن عكرمة عن ابن عباس "أنه سُئل عن متعة الحج، فقال: أهلَّ
المهاجرون والأنصار وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع
وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا
إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي. طفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينا
النساء ولبسنا الثياب، وقال: من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي
محله. ثم أمرنا عشية التروية أن نهلَّ بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا
فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، فقد تم حجنا وعلينا الهدي كما قال الله -عز
وجل-: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (3) إلى
أمصاركم الشاة تجزئ (4) فجمعوا نسكين في عام
__________
(1) زاد بعدها في "الأصل": ابن. وهي زيادة مقحمة لم ترد في صحيح مسلم،
والزبير هو ابن العوام حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، زوج أسماء
بنت أبي بكر، والله أعلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 914 - 915 رقم 1247).
(3) سورة البقرة، الآية: 196.
(4) زاد بعدها في "الأصل": عن. وهي زيادة مقحمة ليست في الصحيح.
(4/80)
بين الحج والعمرة فإن الله -عز وجل- أنزله
في كتابه وسنه نبيه وأباحه للناس غير أهل مكة قال الله -عز وجل-: {ذَلِكَ
لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وأشهر الحج
التي ذكر الله -تعالى- شوال وذو القعدة وذو الحجة فمن تمتع في هذه الأشهر
فعليه دم أو صوم، والرفث: الجماع، والفسوق: المعاصي والجدال: المراء".
رواه خ (1) تعليقًا فقال: وقال أبو كمال: حدثنا أبو معشر، ثنا عثمان بن
غياث، عن عكرمة. قال أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي صاحب "الأطراف":
هذا حديث غريب، ولم أره عند أحد إلا عند مسلم بن الحجاج، ولم يخرجه مسلم في
صحيحه من أجل عكرمة، وعندي أن البخاري أخذه عن مسلم (2)، واللَّه أعلم.
4063 - عن البراء بن عازب قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأصحابه فأحرمنا بالحج، فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة. فقال الناس:
يا رسول الله، قد أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟! قال: انظروا ما آمركم به
فافعلوا. فردوا عليه القول، فغضب، ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان، فرأت
الغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك؟ أغضبه الله. قال: وما لي لا أغضب وأنا آمر
أمرًا فلا أتبع".
رواه الإمام أحمد (3) س في عمل يوم وليلة (4) ق (5) وهذا لفظه.
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 506 - 507 رقم 1572).
(2) رواه الإسماعيلي من طريق أحمد بن سنان عن أبي كامل، وقد خطَّأ الضياءُ
أبا مسعود في المختارة (11/ 60)، ولما نقل ابن حجر كلام أبي مسعود هذا في
الفتح (3/ 507) تعقبه بقوله: كذا قال، وتُعقب باحتمال أن يكون البخاري أخذه
عن أحمد بن سنان؛ فإنه أحد مشايخه، ويُحتمل أيضاً أن يكون أخذه عن أبي كامل
نفسه؛ فإنه أدركه، وهو من الطبقة الوسطى من شيوخه، ولم نجد له ذكرًا في
كتابه غير هذا الموضع.
(3) المسند (4/ 286).
(4) السنن الكبرى (6/ 56 رقم 10017).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 993 رقم 2982).
(4/81)
44 - باب في عُمر النبي - صلى الله عليه
وسلم -
4064 - عن أنس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر كلهن
في ذي القعدة إلا التي مع حجته: عمرة من الحديبية -أو زمن الحديبية- في ذي
القعدة، وعمرة من (العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من) (1) جعرانة حيث
قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته".
رواه خ (2) م (3) وهذا لفظه.
ولفظ البخاري: "اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعًا: عمرة
الحديبية في ذي القعدة حيث صدَّه المشركون، وعمرة في العام المقبل في ذي
القعدة حيث صالحهم، وعمرة الجعرانة إذ قسم غنيمة أراه حنين. قلت: كم حج؟
قال: واحدة -وفي لفظ (4): "ومن الجعرانة حيث قسم (غنائم) (5) حنين- وعمرة
مع حجته".
4065 - عن البراء بن عازب قال: "اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
ذي القعدة قبل أن يحج مرتين".
رواه خ (6) بهذا اللفظ، وقد روى مسلم (7) معناه.
4066 - عن مجاهد قال: "دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن
عمر جالس إلى حجرة عائشة، وإذا أناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال:
فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة. ثم قال له: كم اعتمر رسول الله
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح البخاري (7/ 504 رقم 4148).
(3) صحيح مسلم (2/ 916 رقم 1253).
(4) صحيح البخاري (3/ 702 رقم 1780).
(5) من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (3/ 702 رقم 1781).
(7) لم أقف عليه في صحيح مسلم، والله أعلم.
(4/82)
- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أربع إحداهن
في رجب. فكرهنا أن نرد عليه قال: وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين -رضي
الله عنها- في الحجرة فقال عروة: يا أمه، يا أم المؤمنين، أما تسمعي ما
يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - اعتمر أربع عمر إحداهن في رجب. قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن
ما اعتمر عمرة قط إلا وهو شاهد، وما اعتمر في رجب قط".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).
4067 - عن ابن عباس قال: "اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر:
عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة مع
حجته".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) ق (5) ت (6) وقال: حديث غريب.
4068 - عن زيد بن أرقم "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا تسع عشرة،
وأنه حج بعدما هاجر حجة واحدة، حجة الوداع". قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى.
رواه مسلم (7).
وفي لفظ: "قال أبو إسحاق: سألت زيد بن أرقم كم غزوت مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -؟ قال: سبع عشرة".
أبو إسحاق هو عَمْرو بن عبد الله السبيعي.
4069 - عن عائشة قالت: "لم يعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي
القعدة".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 701 رقم 1775، 1776).
(2) صحيح مسلم (2/ 916 رقم 1255).
4067 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 181 - 182 رقم 203 - 207).
(3) المسند (1/ 246).
(4) سنن أبي داود (2/ 205 - 206 رقم 1993).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 999 رقم 2003).
(6) جامع الترمذي (3/ 180 رقم 816).
(7) صحيح مسلم (2/ 916 رقم 1354).
(4/83)
رواه ق (1).
4070 - وروى (2) عن ابن عباس قال: "لم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - إلا في ذي القعدة".
4071 - عن محرش الكعبي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من
الجعرانة ليلاً معتمرًا فدخل (مكة) (3) ليلاً فقضى عمرته، ثم خرج من ليلته
فأصبح بالجعرانة كبائت، فلما زالت الشمس من الغد خرج في بطن سرف حتى جاء مع
الطريق طريق جمع وبطن سرف، فمن أجل ذلك خفيت عمرته على الناس - صلى الله
عليه وسلم -".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) س (6) ت (7) -وهذا لفظه- وقال: حديث غريب
(أولاً) (3) نعرف لمحرش عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث.
4072 - عن جابر بن عبد الله قال: "حج النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث
حجج: حجتين قبل أن يهاجر، وحجة قرن معها عمرة".
رواه الدارقطني (8).
4072م- وروى ت (9) عن جابر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج ثلاث حجج:
حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعدما هاجر، معها عمرة، فساق (ثلاثة وستين بدنة،
وجاء) (3) عليٌّ من اليمن ببقيتها (فيها) (3) جمل لأبي جهل في أنفه برة من
فضة
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 997 رقم 2997).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 997 رقم 2996).
(3) من جامع الترمذي.
(4) المسند (3/ 426، 4/ 69، 5/ 380).
(5) سنن أبي داود (2/ 206 رقم 1996).
(6) سنن النسائي (5/ 219 رقم 2863).
(7) جامع الترمذي (3/ 273 - 274 رقم 935).
(8) سنن الدارقطني (2/ 278 رقم 195).
(9) جامع الترمذي (3/ 178 - 179 رقم 815).
(4/84)
فنحرها وأمر رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - من كل بدنة ببضعة فطبخت وشرب من مرقها".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من حديث سفيان قال: وسألت محمدًا -يعني:
البخاري- عن هذا فلم يعرفه من حديث الثوري و (رأيته) (1) لا يعد هذا الحديث
محفوظًا.
ورواه ق (2) أيضًا.
4073 - عن ابن عباس قال: "لا يمسك المعتمر عن التلبية حتى يفتتح الطواف".
رواه الدارقطني (3).
4074 - وعن ابن عباس يرفع الحديث "أنه كان يمسك عن التلبية (في) (4) العمرة
إذا استلم الحجر".
رواه ت (5) وقال: حديث صحيح (6).
4075 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُلبِّي
المعتمر حتى يستلم الحجر".
رواه د (7).
__________
(1) في "الأصل": روايته. والمثبت من جامع الترمذي.
(2) سنن ابن ماجه (2/ 999 رقم 3003).
(3) سنن الدارقطني (2/ 286 رقم 229).
(4) في "الأصل": و. والمثبت من جامع الترمذي، وسبق هذا الحديث برقم (3954)
على الصواب.
(5) جامع الترمذي (3/ 261 رقم 919).
(6) كذا في تحفة الأشراف (5/ 99 رقم 5958) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي
(4/ 151) حسن صحيح.
(7) سنن أبي داود (2/ 163 رقم 1817).
(4/85)
45 - باب العمرة في
رمضان
4076 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة من
الأنصار يقال لها: أم سنان: ما منعك أن تكوني حججت معنا؟ قالت: ناضحان كانا
لأبي فلان -زوجها- حج (هو وابنه) (1) على أحدهما، وكان الآخر يسقي (غلامنا)
(2) قال: فعمرة في رمضان تقضي حجة -أو حجة معي".
رواه خ (3) ومسلم (4) واللفظ له.
4077 - وعن ابن عباس قال: أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج
فقالت امرأة لزوجها: أحجني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: ما
عندي ما أحجك عليه. قالت: أحجني على جملك فلان. قال: ذلك حبيس في سبيل
الله. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي تقرأ عليك
السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك، قالت: أحجني مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -. فقلت: ما عندي ما أحجك عليه. قالت: أحجني على جملك فلان.
فقلت: ذلك حبيس في سبيل الله. قال: أما إنك لو حججتها عليه كان في سبيل
الله. وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك؟ قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: أقرئها السلام ورحمة الله وبركاته، وأخبرها أنها تعدل حجة.
يعني: عمرة في رمضان".
رواه د (5).
__________
(1) في "الأصل": روايته. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) غير واضحة في الأصل والمثبت من صحيح مسلم، ونقل القاضي عياض أن رواية
ابن ماهان: "يسقي عليه غلامه" قال النووي: وتكون الزيادة التي ذكرها القاضي
محذوفة مقدرة.
(3) صحيح البخاري (3/ 705 رقم 1782).
(4) صحيح مسلم (2/ 917 رقم 1256).
4077 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 513 - 514 رقم 498).
(5) سنن أبي داود (2/ 205 رقم 1990).
(4/86)
4078 - عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن
جدته أم معقل قالت: "لما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع،
وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض فهلك أبو معقل،
فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما فرغ من حجه جئته، فقال: أم معقل،
ما منعك أن تخرجي معنا؟ قالت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو
الذي نحج عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله. قال: فهلا خرجت عليه فإن
الحج في سبيل الله، فأما إذ فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها
كحجة. فكانت تقول: الحج حجة والعمرة عمرة، وقد قال لي هذا رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، ما أدري ألي خاصة".
كذا رواه د (1).
4079 - وقد روى الإمام أحمد (2) س (3) عن معقل ابن أم معقل الأسدية قال:
أرادت أمي الحج، وكان جملها أعجف، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -
فقال: اعتمري في رمضان، فإن عمرة في رمضان بحجة".
4080 - وروى ت (4) عن أم معقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عمرة
في رمضان تعدل حجة". وقال: حديث حسن غريب.
4081 - عن وهب بن خنبش الطائي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"عمرة في رمضان تعدل حجة". رواه الإمام أحمد (5) س (6) ق (7).
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 204 - 205 رقم 1989).
(2) المسند (4/ 210).
(3) السنن الكبرى (2/ 472 رقم 4226).
(4) جامع الترمذي (3/ 276 رقم 939).
(5) المسند (4/ 177، 186).
(6) السنن الكبرى (2/ 472 رقم 4225).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 996 رقم 2991).
(4/87)
4082 - عن جابر أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2).
46 - ذكر عمرة شوال
4083 - عن عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر عمرتين: عمرة
في ذي القعدة، وعمرة في شوال".
رواه د (3).
47 - باب في العمرة واجبة أم لا
4084 - عن جابر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن العمرة واجبة هي؟
قال: لا، وأن تعتمروا هو أفضل".
رواه ت (4) وقال: حديث حسن صحيح (5).
__________
(1) المسند (3/ 352، 361، 397).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 997 رقم 2995).
(3) سنن أبي داود (2/ 205 رقم 1991).
(4) جامع الترمذي (3/ 270 رقم 931).
(5) قال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: هكذا وقع في رواية الكرخي، ووقع في
رواية غيره: "حديث حسن" لا غير، قال شيخنا المنذري: وفي تصحيحه له نظر؛ فإن
الحجاج لم يحتج به الشيخان في صحيح، قال ابن حبان: تركه ابن المبارك ويحيى
القطان وابن مهدي ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل، والله أعلم. ورواه
الدارقطني ثم البيهقي وضعفاء، قال الدارقطني: الحجاج بن أرطأة لا يُحتج به،
وقد رواه ابن جريج عن ابن المنكدر عن جابر موقوفًا. وقال البيهقي: رفعه
الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف. انتهى من نصب الراية (3/ 150).
وقال النووي: ينبغي أن لا يُغتر بكلام الترمذي في تصحيحه، فقد اتفق الحفاظ
على تضعيفه. من تلخيص الحبير (2/ 431).
(4/88)
قال الحافظ: هو من رواية الحجاج بن أرطأة
وفيه كلام (1)، ورواه الإمام أحمد (2) من طريقه إلى قوله "لا" ورواه
الدارقطني (3) من طريق الحجاج، ومن غير طريقه.
4085 - عن طلحة بن عُبيد الله أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "الحج جهاد، والعمرة تطوع".
رواه ق (4) من رواية الحسن بن يحيى الخشني، وقد ضعفه غير واحدٍ من الأئمة
(5).
4086 - عن عمرو بن حزم "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن
كتابًا وبعث مع عمرو بن حزم فيه: أن العمرة الحج الأصغر، ولا يمس القرآن
إلا طاهر".
رواه الدارقطني (6).
4087 - وروى (7) عن ابن عباس قال: "الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر
العمرة".
48 - باب العمرة من التنعيم
4088 - عن عائشة قالت: "يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك؟ فقيل
لها: انتظري فإذا طهرت فأخرجي إلى التنعيم فأهلي، ثم ائتنا بمكان كذا،
ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك".
__________
(1) ترجمته في التهذيب (5/ 420 - 428).
(2) المسند (3/ 316).
(3) سنن الدارقطني (2/ 285 - 286 رقم 223 - 226).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 995 رقم 2989).
(5) ترجمته في التهذيب (6/ 339 - 342).
(6) سنن الدارقطني (2/ 285 رقم 222).
(7) سنن الدارقطني (2/ 285 رقم 221).
(4/89)
رواه خ (1) م (2).
4089 - عن عبد الرحمن بن أبي بكر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن
يردف عائشة فيعمرها من التنعيم".
أخرجاه (3) أيضًا.
49 - العمرة قبل الحج
4090 - عن عكرمة بن خالد "أنه سأل ابن عمر عن العمرة قبل الحج، فقال: لا
بأس. قال عكرمة: قال ابن عمر: اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل
الحج".
رواه خ (4).
4091 - عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن
الحج والعمرة فريضتان، لا يضرك بأيهما بدأت".
رواه الدارقطني مرفوعًا (5)، وموقوفًا (6) من قول زيد بن ثابت، وطريق
المرفوع فيه ضعيف (7).
50 - العمرة من بيت المقدس
4092 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها سمعت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى
المسجد الحرام غفر الله له ما
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 714 - 715 رقم 1787).
(2) صحيح مسلم (2/ 876 - 877 رقم 1211/ 126).
(3) البخاري (3/ 709 رقم 1784)، ومسلم (2/ 880 رقم 1212).
(4) صحيح البخاري (3/ 700 رقم 1774).
(5) سنن الدارقطني (2/ 284 رقم 217).
(6) سنن الدارقطني (2/ 285 رقم 218).
(7) هو إسماعيل بن مسلم المكي، ترجمته في التهذيب (3/ 198 - 204).
(4/90)
تقدم من ذنبه وما تأخر -أو وجبت له الجنة".
شك عبد الله -يعني: ابن عبد الرحمن بن يحنس- أيتهما قال.
رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- والدارقطني (3). ورواية الإمام
أحمد: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحرم من بيت المقدس
غُفر له ما تقدم من ذنبه".
وروى ق (4): "من أهلَّ بعمرة من بيت المقدس غُفر له".
وفي لفظ (5): "من أهلَّ بعمرة من بيت المقدس كان كفارة لما قبلها من
الذنوب".
51 - باب تحريم الصيد على المحرم
4093 - عن الصعب بن جثامة الليثي "أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه
وسلم - حمارًا وحشيًّا وهو بالأبواء (6) - أو بوَدان (7) - فرده عليه رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فلما رأى ما في وجهي قال: إنا لم نرده
عليك إلا أنا حرم".
__________
(1) المسند (6/ 299).
(2) سنن أبي داود (2/ 143 رقم 1741).
(3) سنن الدارقطني (2/ 283 رقم 210).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 999 رقم 3001).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 999 رقم 3002).
(6) الأبواء: قرية من أعمال الفرع في المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي
المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً، وقيل: الأبواء جبل على يمين آرهَ، ويمين
الطريق للمصعد إلى مكة من المدينة، وهناك بلد يُنسب إلى هذا الجبل، وقد جاء
ذكره في حديث الصعب بن جثامة وغيره. معجم البلدان (1/ 102).
(7) وَدَّان: قرية جامعة من نواحي الفُرع، بينها وبين هرشى ستة أميال،
وبينها وبين الأبواء نحو من ثمانية أميال قرية من الجحفة، وهي لضمرة وغفار
وكنانة. معجم البلدان (5/ 420).
(4/91)
رواه خ (1) ومسلم (2).
4094 - وله (3) عن ابن عباس قال: "أهدى الصعب بن جثامة إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - حمار وحش وهو محرم، قال: فرده عليه، وقال: لولا أنا
محرمون لقبلناه منك".
وفي لفظ له أيضًا: "رِجْل حمار" وفي لفظ: "شق حمار"، وفي لفظ: "عجز حمار
وحش يقطر دمًا".
4095 - عن طاوس عن ابن عباس قال: "قدم زيد بن أرقم فقال له عبد الله بن
عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي إلى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وهو حرام قال: أُهدي له لحم صيد فرده، فقال: إنا لا نأكله؛ إنا
حرم".
رواه مسلم (4).
4096 - عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه: "وكان الحارث خليفة عثمان
على الطائف، فصنع لعثمان طعامًا فيه من الحَجَل (5) واليعاقيب (6) ولحم
الوحش، فبعث إلى علي، فجاءه الرسول وهو يخبط لأباعر له، فجاء وهو ينفض
الخبط عن يده، فقالوا له: كل. فقال أطعموه قومًا حلالًا فإنا حرم. فقال
علي: أنشد من كان ها هنا من أشجع أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أهدى إليه رجل حمار وحش وهو (محرم فأبى أن يأكله؟ قالوا: نعم".
رواه الإمام أحمد (7) د (8)، وعند الإمام أحمد: "أنشد الله رجلاً) (9) شهد
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 38 رقم 1825).
(2) صحيح مسلم (2/ 850 رقم 1193).
(3) صحيح مسلم (2/ 851 رقم 1194).
(4) صحيح مسلم (2/ 185 رقم 1195).
(5) الحَجَل -بالتحريك- القَبَج، الطائر المعروف، واحده حجلة. النهاية (1/
346).
(6) اليعقوب: الذكر من الحجل والقطا، والجمع اليعاقيب. لسان العرب (عقب).
(7) المسند (1/ 100).
(8) سنن أبي داود (2/ 170 رقم 1849).
(9) سقطت من "الأصل" فاجتهدت في إثباتها ليستقيم الكلام، والله أعلم.
(4/92)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أُتي
بقائمة حمار وحش، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا قوم حرم،
أطعموه أهل الحل. قال: فشهد اثنا عشر رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ثم قال علي: أنشد الله رجلاً شهد رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - حين أُتي ببيض النعام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا
قوم حرم، أطعموه أهل الحل. فشهد قال دونهم من العدة من الاثني عشر".
52 - باب في المحرم يأكل من صيد الحلال
4097 - عن عبد الله بن أبي قتادة أن أباه حدثه قال: "انطلقنا مع النبي -
صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم أحرم فأُنبئنا بعدو
بغَيْقَه (1) فتوجهنا نحوهم، فبصر أصحابي بحمار وحش، فجعل بعضهم يضحك إلى
بعض، فنظرت فرأيته، فحملت عليه (الفرس) (2) وطعنته، فاستعنتهم فأبوا أن
يعينوني، فأكلنا منه، ثم لحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخشينا أن
تُقْتَطع، أرفع (فرسي) (3) شأوًا وأسير عليه شأوًا، فلقيت رجلاً من بني
غفار في جوف الليل (فقلت له: أين تركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟)
(4) فقال: تركته بتعهن (5)، وهو قائِلٌ السقيا (6). فلحقت برسول الله
__________
(1) بالفتح ثم السكون ثم القاف ثم الهاء، موضع بين مكة والمدينة في بلاد
غفار. معجم البلدان (4/ 251).
(2) في "الأصل": القوس: والمثبت من الصحيح.
(3) في "الأصل": رأسي. والمثبت من الصحيح، وقوله "أرفع فرسي" أي: أكلفه
السير "شأوًا" أي تارة، والمراد أنه يركض تارة ويسير بسهولة أخرى. فتح
الباري (4/ 31).
(4) من صحيح البخاري.
(5) بفتح التاء والهاء، وبكسرهما، وبفتح فكسر، وفي النسخة اليونينية: ضم
الهاء أيضًا، قال القاضي عياض: هو عين ماء على ثلاثة أميال من السقيا بطريق
مكة. إرشاد الساري (3/ 295).
(6) بضم السين مقصور، وقائلٌ بالتنوين، أي قال: اقصدوا السقيا، أو من
القيلولة، أي: تركته بتعهن وعزمه إن يقبل بالسقيا. إرشاد الساري (3/ 295).
(4/93)
- صلى الله عليه وسلم - حتى أتيته، فقلت:
يا رسول الله، إن أصحابك أرسلوا يقرءون عليك السلام ورحمة (الله وبركاته)
(1) وإنهم قد خشوا أن يقتطعهم العدو دونك؛ فانْظُرْهُم. ففعل، فقلت: يا
رسول الله، إنا أصبنا (2) حمار وحش، وإن عندنا فاضلة. فقال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - لأصحابه: كلوا. وهم محرمون".
رواه خ (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4) وعنده: "فانتظِرْهم. فانتظَرَهم".
وفي لفظ: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقاحة (5) ومنا
المحرم ومنا غير المحرم، فرأيت أصحابي يتراءون شيئًا، فنظرت فإذا حمار وحش
-يعني: فوقع سوطه- فقالوا: لا نعينك عليه بشيء، إنا محرمون. فتناولته
فأخذته، ثم أتيت الحمار من وراء أكمة (6) فعقرته، فأتيت به أصحابي، فقال
بعضهم: كلوا. وقال بعضهم: لا تأكلوا. فأتينا (7) النبي - صلى الله عليه
وسلم - وهو أمامنا، فسألته، فقال: كلوه حلالاً" (8).
رواه خ (9) -وهذا لفظه- ومسلم (10) وعنده: "فإذا حمار وحش فأسرجت
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) في صحيح البخاري: اصَّدنا.
(3) صحيح البخاري (4/ 32 رقم 1822).
(4) صحيح مسلم (2/ 853 رقم 1196/ 59).
(5) القاحة: مدينة على ثلاث مراحل من المدينة قبل السقيا بنحو ميل. معجم
البلدان (4/ 329).
(6) بفتحات: هي التل من حجر واحد. فتح الباري (4/ 34).
(7) في الصحيح: فأتيت.
(8) أي: أكلاً حلالاً، وفي رواية: "كلوه حلالاً" قال ابن حجر: كذا وقع بحذف
المبتدأ، وبين ذلك أبو عوانة فقال: "كلوه فهو حلال" وفي رواية مسلم: "هو
حلال فكلوه". فتح الباري (4/ 35). وإرشاد الساري (3/ 296).
(9) صحيح البخاري (4/ 33 رقم 1823).
(10) صحيح مسلم (2/ 851 - 852 رقم 1196/ 56).
(4/94)
فرسي وأخذت رمحي، ثم ركبت فسقط مني سوطي،
فقلت لأصحابي -وكانوا محرمين-: ناولوني السوط. فقالوا: واللَّه لا نعينك
عليه بشيء. فنزلت فتناولته، ثم ركبت فأدركت الحمار" وفيه: "وكان النبي -
صلى الله عليه وسلم - أمامنا فحركت فرسي فأدركته، فقال: هو حلال فكلوه".
وفي لفظ: قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا وخرجنا معه،
فصرف من أصحابه فيهم أبو قتادة، فقال: خذوا ساحل البحر حتى تلقوني. قال:
فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أحرموا كلهم، لا أبا قتادة فإنه لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر
وحشٍ، فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانًا، فنزلوا فأكلوا من لحمها،
قال: فقالوا: أكلنا لحمًا ونحن محرمون. (قال) (1): فحملوا ما بقي من لحم
الأتان، فلما أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله،
إنا كنا أحرمنا، وكان أبو قتادة لم يحرم، فرأينا حمر وحش، فحمل عليها أبو
قتادة فعقر منها (أتانًا) (1)، فنزلنا فأكلنا من لحمها، فقلنا: أنأكل لحم
صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحمها. فقال: هل منكم أحد أمره أو أشار
إليه بشيء؟ قال: قالوا: لا. قال: فكلوا ما بقي من لحمها".
رواه خ (2) م (3) وهذا لفظه. وفي لفظ (4) "أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو
أشار إليها".
وفي رواية البخاري: "فصرف طائفة منهم"، وعنده: "فقالوا: أنأكل لحم صيد ونحن
محرمون".
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح البخاري (4/ 35 رقم 1824).
(3) صحيح مسلم (2/ 853 - 854 رقم 1196/ 60).
(4) صحيح مسلم (2/ 854 رقم 1196/ 61).
(4/95)
وفي لفظ: "فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه
(فأبوا عليه) (1) فسألهم رمحه فأبوا عليه، فأخذه، ثم شد على الحمار فقتله،
فأكل منه بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبى بعضهم، فأدركوا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن ذلك، فقال: إنما هي طعمة أطعمكموها
الله -عز وجل".
أخرجاه (2) أيضًا.
وفي لفظ للبخاري (3) قال: "كنت يومًا جالسًا مع رجال من أصحاب النبي - صلى
الله عليه وسلم - في منزله في طريق مكة -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -
نازل أمامنا- والقوم محرمون وأنا غير محرم، فأبصروا حمارًا وحشيًّا -وأنا
مشغول أخصف نعلي- فلم يؤذنوني له، وأحبوا لو أني أبصرته، فالتفت فأبصرته،
فقمت إلى الفرس فأسرجته، ثم ركبت ونسيت السوط والرمح، فقلت لهم: ناولوني
السوط والرمح. فقالوا: لا واللَّه، لا نعينك عليه بشيء. فغضبت، فنزلت
فأخذتهما، ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته، ثم جئت به وقد مات، فوقعوا فيه
يأكلونه، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم، فرحنا -وخبأت العضد معي-
فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عن ذلك، فقال: معكم معه
شيء؟ (فقلت: نعم) (4) فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها (5) وهو محرم".
وروى مسلم (6) فقال: "هل معكم منه شيء؟ قالوا: معنا رجله. قال: فأخذها رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فأكلها".
وروى الإمام أحمد (7) هذا الحديث فقال: "أطعمونا".
__________
(1) في "الأصل": وأبو. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح البخاري (6/ 115 رقم 2914) ومسلم (2/ 852 رقم 1196/ 57).
(3) صحيح البخاري (5/ 237 رقم 2570).
(4) من صحيح البخاري.
(5) في صحيح البخاري: نَفَّدها.
(6) صحيح مسلم (2/ 855 رقم 1196/ 63).
(7) المسند (5/ 307).
(4/96)
وفي لفظ له (1): "هذه العضد قد سويتها
وأنضجتها وأطبتها. قال: فهاتها. قال: فجئته بها فنهسها (2) رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - وهو حرام حتى فرغ منها".
وفي لفظ له (3): "وذكرت أني لم أكن أحرمت، وأني إنما اصطدته لك. فأمر النبي
- صلى الله عليه وسلم - أصحابه فأكلوا، ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته
له".
رواه الدارقطني (4) أيضًا.
4098 - عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال: "كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن
حرم فأهدي له طير -وطلحة راقد- فمنا من أكل ومنا من تورع، فلما استيقظ طلحة
وفَّق (5) من أكل وقال: أكلناه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه م (6).
4099 - عن المطلب عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: "صيد البر حلال ما لم تصيدوه أو يُصاد (7) لكم".
رواه الإمام أحمد (8) د (9) س (10) ت (11) وقال: المطلب لا نعرف له سماعًا
__________
(1) المسند (5/ 306).
(2) أي: أخذها بفيه. النهاية (4/ 136).
(3) المسند (5/ 304).
(4) سنن الدارقطني (2/ 291 رقم 248).
(5) أي: دعا له بالتوفيق، واستصوب فعله. النهاية (5/ 211).
(6) صحيح مسلم (2/ 855 رقم 1197).
(7) قال الشيخ ولي الدين: هكذا رواية "يُصاد" بالألف وهي جائزة على لغة،
ومنه قول الشاعر:
إذا العجوز غضبت فطلق ... ولا ترضاها ولا تملق
وقال الآخر: ألم يأتيك والأنباء تنمي.
من شرح السيوطي على سنن النسائي (5/ 187).
(8) المسند (3/ 362).
(9) سنن أبي داود (2/ 171 رقم 1851).
(10) سنن النسائي (5/ 187 رقم 2827)، وقال النسائي: عمرو بن أبي عمرو ليس
بالقوي في الحديث، هان كان قد روى عنه مالك.
(11) جامع الترمذي (3/ 203 - 304 رقم 846).
(4/97)
من جابر.
هو المطلب بن عبد الله بن عبد المطلب بن حنطب المديني.
قال أبو داود: إذا تنازع الخبران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ننظر بما
أخذ أصحابه.
4100 - عن طلحة بن عبيد الله "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه حمار
وحش، وأمره أن يفرقه في الرفاق وهم محرمون".
ورواه ق (1) والدارقطني (2) قال: والصحيح أن هذا الحديث رواه عمير بن سلمة
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (3).
4101 - ورواه الإمام أحمد (4) عن رجل ثقة من بني سلمة، عن جابر سمعت رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لحم الصيد حلال للمحرم ما لم يصده أو
يُصد له".
4102 - عن عبد الرحمن بن حاطب "أنه اعتمر مع عثمان في ركب فأهدوا له ظبية،
فأمرهم بأكله وأبى أن يأكل، فقال له عمرو بن العاص: أنأكل مما لست منه
آكلاً؟! فقال: إني لست في ذاكم مثلكم، إنما صيد لي و (أُميت) (5) باسمي".
رواه الدارقطني (6).
4103 - عن عمير بن سلمة الضمري "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر
بالعرج (7) فإذا بحمار عقير، فلم يلبث أن جاء رجل من بهز، فقال: يا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -
__________
4100 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 30 - 31 رقم 829) مطولاً.
(1) سنن ابن ماجه (2/ 1033 رقم 3092).
(2) علل الدارقطني (4/ ق 118 - أ).
(3) وانظر علل الدارقطني (4/ 209 رقم 515).
(4) المسند (3/ 389).
(5) في "الأصل": أصيب. والمثبت من سنن الدارقطني.
(6) سنن الدارقطني (2/ 291 - 292 رقم 249).
(7) العَرْجُ: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وجيم، قرية جامعة في وادٍ من نواحي
الطائف، وهي أول تهامة. معجم البلدان (4/ 111).
(4/98)
رميتي فشأنكم بها. فأمر رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أبا بكر فقسمه بين الرفاق، ثم سار حتى أتى عقبة أثاية (1)
فإذا هو بظبي فيه سهم وهو حاقف (2) في ظل صخرة، فأمر النبي - صلى الله عليه
وسلم - رجلاً (من) (3) أصحابه فقال: قف ها هنا حتى يمر الرفاق لا يرميه أحد
بشيء".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- والإمام مالك (5) - إلا أنه قال: عن عمير
عن البهزي- والنسائي (6) وعنده: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج
وهو يريد مكة وهو محرم".
4104 - عن أبي هريرة "أنه مر به قوم محرمون فاستفتوه في لحم صيد وجدوا
أناسًا يأكلونه، فأفتيتهم بأكله، قال: ثم قدمت على عمر بن الخطاب فسألته عن
ذلك، قال: بم أفتيتهم؟ قال: فقلت: أفتيتهم بأكله. فقال عمر: لو أفتيتهم
بغير ذلك لأوجعتك".
رواه الإمام مالك في الموطأ (7).
4105 - وروى (8) عن عبد الله (9) بن عامر بن ربيعة أنه قال: "رأيت عثمان بن
__________
(1) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان (1/ 114): تُفتح همزته وتكسر، وهو
موضع في طريق الجحفة وبين المدينة خمسة وعشرون فرسخًا. اهـ. وضبطها البكري
في معجم ما استعجم (1/ 96) بالضم.
(2) أي: نائم قد انحنى في نومه. النهاية (1/ 413).
(3) في "الأصل": عن. والمثبت من المسند.
(4) المسند (3/ 418).
(5) الموطأ (1/ 284 - 285 رقم 79).
(6) سنن النسائي (5/ 183 رقم 2817).
(7) الموطأ (1/ 285 رقم 81).
(8) الموطأ (1/ 287 رقم 84).
(9) في الموطأ والاستذكار (11/ 305): عبد الرحمن. وعبد الله بن عامر بن
ربيعة أبو محمد العنزي ترجمته في التهذيب (15/ 140 - 141).
(4/99)
عفان بالعرج وهو محرم في يوم صائف وقد غطى
وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أتي بلحم صيد، فقال لأصحابه: كلوا. فقالوا: أولا
تكل أنت؟ فقال: إني لست كهيئتكم؛ إنما صيد من أجلي".
4106 - وروى (1) عن عروة -هو ابن الزبير- "أن الزبير بن العوام كان يتزود
صفيف (2) الظباء في الإحرام".
53 - باب في الجراد للمحرم
4107 - عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال: "أصبنا صِرْمًا (3) من جراد، فكان
رجلٌ يضرب بسوطه وهو محرم، فقيل له: إن هذا لا يصلح. فذكر ذلك للنبي - صلى
الله عليه وسلم -، فقال: إنما هو من صيد البحر".
كذا رواه د (4).
وروى الإمام أحمد (5) عن أبي المهزم عن أبي هريرة: "كنا مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - في حج -أو عمرة- فاستقبلنا رِجْل (6) من لحم جراد فجعلنا
نضربهن بعصينا وسياطنا، فسقط في أيدينا، فقلنا: ما صنعنا ونحن محرمون!
فسألوا (7) النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: لا بأس بصيد
البحر".
ورواه الترمذي (8) بنحوه، وقال (9): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من
__________
(1) الموطأ (1/ 284 رقم 77).
(2) أي: قديدها، يقال: صففت اللحم أصفه صفًّا، إذا تركته في الشمس حتى يجف.
النهاية (3/ 37).
(3) أي: جماعة. النهاية (3/ 26).
(4) سنن أبي داود (2/ 171 رقم 1854).
(5) المسند (6/ 302، 364، 407).
(6) الرِّجْل: بالكسر، الجراد الكثير. النهاية (2/ 203).
(7) كذا في "الأصل" وفي المسند: فسألنا.
(8) جامع الترمذي (3/ 207 رقم 850).
(9) زاد بعدها في "الأصل": حديث.
(4/100)
حديث أبي المهزم عن أبي هريرة، و (أبو) (1)
المهزم اسمه يزيد بن سفيان، وقد تكلم فيه شعبة.
4108 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجراد من صيد
البحر".
رواه د (2) وقال: أبو المهزم ضعيف، والحديثان (جميعًا) (3) وهم.
54 - باب تزويج المحرم
4109 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو
محرم".
أخرجه البخاري (4) ومسلم (5).
وللبخاري (6): "وبنى بها وهو حلال، وماتت بسرف (7) ".
4110 - وروى د (8) من طريق إسماعيل بن أمية عن رجل عن سعيد بن المسيب قال:
"وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم".
4111 - عن عثمان بن عفان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَنكِح
المحرم ولا يُنْكَح".
رواه مسلم (9).
4112 - عن ميمونة (10) "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها
حلالاً، وبنى بها حلالاً،
__________
(1) في "الأصل": أبي. والمثبت من جامع الترمذي.
(2) سنن أبي داود (2/ 171 رقم 1853).
(3) في "الأصل": جميع. والمثبت من سنن أبي داود.
(4) صحيح البخاري (4/ 62 رقم 1837).
(5) صحيح مسلم (2/ 1031 رقم 1410).
(6) صحيح البخاري (7/ 581 رقم 4258).
(7) سَرِف: بفتح أوله وكسر ثانيه وآخره فاء، هو موضع على ستة أميال من مكة،
وقيل: سبعة وتسعة واثني عشر. معجم البلدان (3/ 239).
(8) سنن أبي داود (2/ 169 رقم 1845).
(9) صحيح مسلم (2/ 1030 رقم 1409).
(10) القائل هو يزيد بن الأصم ابن أخت السيدة ميمونة -رضي الله عنها.
(4/101)
وماتت بسرف فدفنها في الظلة التي بني بها
فيها، فنزلنا في قبرها أنا وابن عباس" (1).
ورواه ت (2) "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (تزوجها) (3) وهو حلال،
وبنى بها وهو حلال، (وماتت بسرف) (4) ودفناها في الظلة التي بثى بها فيها".
وقال: حديث غريب.
4113 - عن أبي رافع "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة
حلالاً، وبنى بها حلالاً، وكنت الرسول بينهما".
رواه الإمام أحمد (5) ت (6) وقال: حديث حسن.
4114 - عن ابن عمر "أنه سئل عن امرأة أراد أن يتزوجها رجل وهو (خارج) (7)
من مكة فأراد أن يعتمر أو يحج، (فقال:) (7) لا تتزوجها وأنت (محرم) (7)،
نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه".
رواه الإمام أحمد (8).
4115 - عن أبي غطفان بن طريف المري "أن أباه طريفًا تزوج امرأة وهو محرم،
فرد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نكاحه".
رواه الإمام مالك في الموطأ (9).
__________
(1) رواه مسلم (2/ 1032 رقم 1411) مختصرًا، ورواه الإمام أحمد (6/ 333)
بلفظه.
(2) جامع الترمذي (3/ 203 رقم 845).
(3) في "الأصل": كذا. والمثبت من جامع الترمذي.
(4) من جامع الترمذي.
(5) المسند (6/ 392 - 393).
(6) جامع الترمذي (3/ 200 رقم 841).
(7) من المسند.
(8) المسند (2/ 115).
(9) الموطأ (1/ 283 رقم 71).
(4/102)
55 - باب الفدية
وجزاء الصيد
4116 - عن عبد الله بن معقل قال: "جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية،
فقال: (نزلت) (1) فيَّ خاصة، وهي لكم عامة، حُملت إلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما
أرى -أو ما (كنت) (1) أُرى الجهد بلغ بك ما أرى- تجد شاة؟ فقلت: لا. قال:
فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع".
رواه خ (2) م (3).
4117 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة "أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - رآه يسقط قمله على وجهه، فقال: أيؤذيك هوامك؟ قلت: نعم. فأمره
أن يحلق -وهو بالحديبية، ولم يتبين لهم أنهم يحلون بها، وهم على طمع أن
يدخلوا مكة- فأنزل الله -تعالى- الفدية فأمره رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أن يطعم فرقًا بين ستة، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5)، وفي لفظ له (6): "إن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - مر به زمن الحديبية، فقال: آذاك هوام رأسك؟ قال: نعم.
فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: احلق ثم اذبح شاة (نسكًا) (7) أو صم
ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع (من تمر على ستة مساكين".
__________
(1) من صحيح البخاري، واللفظ له.
(2) صحيح البخاري (4/ 21 رقم 1816).
(3) صحح مسلم (2/ 861 - 862 رقم 1201/ 85).
(4) صحيح البخاري (4/ 23 رقم 1817، 1818).
(5) صحيح مسلم (2/ 860 - 861 رقم 1201/ 82).
(6) صحيح مسلم (2/ 861 رقم 1201/ 84).
(7) في "الأصل": نسك ثم. والمثبت من صحيح مسلم.
(4/103)
وفي رواية أبي داود (1): "احلق رأسك وصم
ثلاثة أيام، أو أطعم) (2) ستة مساكين فرقًا من زبيب، أو انسك شاة. فحلقت
رأسي ثم نسكت".
4118 - عن عبد الرحمن بن أبي عمارة قال: "قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال:
نعم. قلت: أقاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم".
رواه الإمام أحمد (3) -وعنده: "أسمعت ذلك من نبي الله - صلى الله عليه وسلم
-؟ قال: نعم"- والترمذي (4) -وقال: حديث حسن صحيح- والنسائي (5) والدارقطني
(6).
4119 - وروى أبو داود (7) وابن ماجه (8) عن جابر قال: "جعل رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - في الضبع يصيبه المحرم كبشًا، وجعله من الصيد".
وروى الدارقطني (9) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " (في) (10)
الضبع إذا أصابها المحرم جزاء كبش مسن، وتؤكل".
4120 - وروى (11) عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"الضبع صيد. وجعل فيها كبشًا".
4121 - عن أبي المهزم عن أبي هريرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
في بيض النعام
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 173 رقم 1860).
(2) سقطت من "الأصل"، واجتهدت في إثباتها، والله أعلم.
(3) المسند (3/ 318، 322).
(4) جامع الترمذي (3/ 207 - 208 رقم 851، 4/ 222 رقم 1791).
(5) سنن النسائي (5/ 191 رقم 2836، 7/ 200 رقم 4334).
(6) سنن الدارقطني (2/ 245 - 246 رقم 43 - 47).
(7) سنن أبي داود (3/ 355 رقم 3801).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 1030 - 1031 رقم 3085).
(9) سنن الدارقطني (2/ 245 رقم 42).
(10) في "الأصل": إن. والمثبت من سنن الدارقطني.
(11) سنن الدارقطني (2/ 245 رقم 44).
(4/104)
يصيبه المحرم: ثمنه". رواه ق (1)
والدارقطني (2).
4122 - وله (3) عن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم في بيض
النعام كسره رجل محرم صيام يوم لكل بيضة".
4123 - وروى (4) عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: "في كل بيضة نعام صيام يوم أو إطعام مسكين" (5).
4124 - وروى (6) عن معاوية بن قرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكل
بيضة صيام يوم، أو إطعام (مسكين) (7) ".
4125 - وروى (8) عن ابن عباس "في حمام الحرم في الحمام شاة، وفي بيضتين
درهم، وفي النعامة جزور، وفي البقرة بقرة، وفي الحمار بقرة".
4126 - وعن جابر بن عبد الله "أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش، وفي
الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع (9) جفرة (10) ".
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 1031 رقم 3086).
(2) سنن الدارقطني (2/ 250 رقم 64).
(3) سنن الدارقطني (2/ 250 رقم 63).
(4) سنن الدارقطني (2/ 249 رقم 60، 61).
(5) قال أبو حاتم الرازي: هذا حديث ليس بصحيح عندي، ولم يسمع ابن جريج من
أبي الزناد شيئًا يشبه أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أيي يحيى. علل
الحديث (1/ 270 رقم 794).
(6) سنن الدارقطني (2/ 249 رقم 59).
(7) في "الأصل": يوم. والمثبت من سنن الدارقطني.
(8) سنن الدارقطني (2/ 247 رقم 51).
(9) اليربوع: دُويبة لها أربعة قوائم وذَنَب، تجتر كما تجتر الشاة، وهي من
ذوات الكرش. الاستذكار (13/ 270).
(10) الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر، وفُصل عن أمه، وأخذ في
الشرعي، والأنثى جفرة. النهاية (1/ 277).
(4/105)
رواه الإمام مالك في الموطأ (1).
4127 - وروى (2) عن محمد بن سيرين "أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب، فقال:
إني أجريت أنا وصاحبي فرسين إلى ثغرة ثنية، فأصبنا ظبيًا ونحن محرمان،
فماذا ترى في ذلك؟ فقال عمر (لرجل) (3) إلى جنبه: تعال حتى أحكم أنا وأنت.
فحكما على الرجل بعنز، فولى الرجل وهو يقول: (هذا أمير المؤمنين) (4) لا
يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلاً يحكم معه. فسمع عمر قول الرجل فدعاه،
فسأله هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا. قال: فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم
معي؟ قال: لا. فقال عمر: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربًا،
ثم قال: إن الله -تعالى- قال في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ
مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (5) وهذا عبد الرحمن بن عوف".
4128 - وروى (6) عن زيد بن أسلم "أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: يا
أمير المؤمنين، إني أصبت (جرادات) (7) بسوطي وأنا محرم. فقال عمر: أطعم
قبضة من طعام".
4129 - وروى (8) عن يحيى بن سعيد "أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب فسأله عن
جرادة قتلها وهو محرم، فقال عمر لكعب: تعال نحكم. فقال كعب: درهم.
__________
(1) الموطأ (1/ 331 رقم 230) عن أبي الزبير عن عمر، ليس فيه جابر، وكذا هو
في الاستذكار (13/ 268 - 270).
(2) الموطأ (1/ 331 رقم 231).
(3) في "الأصل": إلى رجل. والمثبت من الموطأ.
(4) من الموطأ.
(5) سورة المائدة، الآية: 95.
(6) الموطأ (1/ 332 رقم 235).
(7) في "الأصل": جرادة. والمثبت من الموطأ.
(8) الموطأ (1/ 332 رقم 236).
(4/106)
فقال عمر لكعب: إنك لتجد الدراهم، لتمرة
خير من جرادة".
قال الحافظ: ومحمد بن سيرين وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد لم (يدركوا) (1)
عمر بن الخطاب، واللَّه أعلم.
4130 - عن طارق بن شهاب قال: "خرجنا حجاجًا فأوطأ رجل منا -يقال له: أربد-
ضبًّا ففزر ظهره (2)، فقدمنا على عمر فسأله أربد، فقال عمر (3): احكم يا
أربد فيه. فقال: أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم. فقال: إنما أمرتك أن
تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني. فقال أربد: أرى فيه جديًا قد جمع الماء
والشجر. فقال عمر: قولك (4) فيه".
رواه الإمام الشافعي (5).
4131 - وروى (6) أيضًا "أن عثمان بن عبد الله بن حميد قتل ابن له حمامة،
فجاء إلى ابن عباس فقال ذلك له، فقال ابن عباس: تذبح شاة فتتصدق بها".
4132 - وروى (7) عن ميمون بن مهران قال: "كنت عند ابن عباس وسأله رجل فقال:
أخذت قملة فألقيتها، ثم طلبتها فلم أجدها، فقال ابن عباس: تلك ضالة لا
تبتغى".
4133 - عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "في الضبع إذا أصابه المحرم كبش، وفي الظبي شاة، وفي الأرنب عناق، وفي
اليربوع
__________
(1) في "الأصل": يدركا!.
(2) أي: شقه وفسخه. النهاية (3/ 443).
(3) زاد بعدها في "الأصل": ما.
(4) في مسند الشافعي: ذلك.
(5) مسند الشافعي (ص 134 - 135).
(6) مسند الشافعي (ص513).
(7) مسند الشافعي (ص 136).
(4/107)
جفرة. قال: والجفرة التي قد أرتعت".
رواه الدارقطني (1)، الأجلح بن عبد الله الكندي وثقه يحيى بن معين (2)،
وقال ابن عدي (3): لم أجد له شيئًا منكرًا إلا أنه يعد في شيعة الكوفة، وهو
صدوق. وقال أبو حاتم الرازي (4): لا يُحتج بحديثه. وقال أبو حاتم بن حبان
(5): كان لا يدري ما يقول.
4134 - عن ابن عباس في المحرم يقلم أظفاره قال: يطعم عن كل كف صاعًا من
طعام".
رواه الدارقطني (6).
56 - باب الإِحصار
4135 - عن نافع "أن عبد الله (7) بن عبد الله وسالم بن عبد الله كلما عبد
الله حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير قالا: يضرك ألا تحج العام، فإنا نخشى
أن يكون بين الناس قتال يحال بينك وبين البيت؟ قال: إن حيل بيني وبينه فعلت
كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه حين حالت كفار قريش
بينه وبين البيت، أشهدكم أني قد أوجبت عمرة. فانطلق حتى إذا (كان بذي) (8)
الحليفة فلبى بالعمرة ثم
__________
(1) سنن الدارقطني (2/ 246 - 247 رقم 49).
(2) تاريخ الدوري (2/ 19).
(3) الكامل (2/ 140).
(4) الجرح والتعديل (2/ 347).
(5) كتاب المجروحين (1/ 175).
(6) سنن الدارقطني (2/ 299 رقم 284).
(7) كذا في صحيح مسلم: "عبد الله مكبراً، وفي صحيح البخاري: "عُبيد الله"
مصغراً. وانظر فتح الباري (4/ 8).
(8) في صحيح مسلم: أتى ذا.
(4/108)
قال: إن خلي سبيلي قضيت عمرتي، وإن حيل
بيني وبينه فعلت كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه ثم
تلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (1)، ثم
سار حتى إذا كان بظهر البيداء قال: ما أمرهما إلا واحد، إن خيل بيني وبين
العمرة حيل بيني وبين الحج، أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرة. فانطلق حتى
ابتاع بقديد هديًا، ثم طاف لهما طوافًا واحدًا بالبيت وبين الصفا والمروة،
ثم لم يحل منهما حتى حل منهما بحجة يوم النحر".
رواه البخاري (2) ومسلم (3) وهذا لفظه.
4136 - عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "من كسر أو عرج فقد حَلَّ، وعليه الحج من قابل. قال عكرمة: فسألت
ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقال: صدق".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) س (6) ق (7) ت (8) وقال: حديث حسن.
وفي لفظ لأبي داود (9) وابن ماجه (10): "من كسر أو مرض أو عرج".
4137 - وعن سالم قال: "كان ابن عمر يقول: أليس حسبكم سنة رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل
من كل
__________
(1) سورة الأحزاب، الآية: 21.
(2) صحيح البخاري (4/ 6 - 7 رقم 1807).
(3) صحيح مسلم (2/ 903 رقم 1230/ 181).
(4) المسند (3/ 450).
(5) سنن أبي داود (2/ 173 رقم 1862).
(6) سنن النسائي (5/ 198 - 199 رقم 2860، 2861).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1028 رقم 3077).
(8) جامع الترمذي (3/ 277 رقم 940).
(9) سنن أبي داود (2/ 173 رقم 1863).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 1028 رقم 3078).
(4/109)
شيء حتى يحج عامًا قابلاً فيهدي أو يصوم إن
لم يجد هديًا".
رواه خ (1).
4138 - وعن ابن عباس قال: "قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق
(رأسه) (2) وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عامًا قابلاً".
رواه خ (3).
4139 - عن أبي حاضر الحِمْيري قال: "خرجت معتمرًا عام حاصر أهل الشام ابن
الزبير بمكة، وبعث معي رجال من قومي بهدي، فلما انتهينا إلى أهل الشام
منعونا أن ندخل الحرم (فنحرت الهدي مكاني ثم أحللت ثم رجعت، فلما كان من
العام المقبل خرجت لأقضي عمرتي) (4) فأتيت ابن عباس فسألته فقال: أبدل
الهدي؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يبدلوا الفدي
الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء".
رواه د (5).
4140 - عن ابن عباس: "إنما البدلُ على من نقض حجه بالتلذذ، فأما من حبسه
عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محمر نحره إن كان
لا يستطيع أن يبعث به (وإن استطاع أن يبعث به) (6) لم يحل حتى يبلغ الهدي
محله". رواه خ (7) تعليقًا.
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 11 رقم 1810).
(2) من صحيح البخاري.
(3) صحيح البخاري (4/ 7 رقم 9018).
4139 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 186 رقم 173).
(4) من سنن أبي داود.
(5) سنن أبي داود (2/ 173 - 174 رقم 1864).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (4/ 14) باب من قال: ليس على المحصر بدل.
(4/110)
قال: وقال مالك وغيره: ينحر هديه ويحلق في
أي المواضع كان ولا قضاء عليه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه
(بالحديبية) (1) نحروا وحلقوا وحلوا من كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل
الهدي إلى البيت، ثم لم يذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا
أن يقضوا شيئًا ولا يعودوا له؛ والحديبية خارج من الحرم.
رواه البخاري (2) هكذا من قول مالك.
57 - باب في ذكر الهدي
4141 - عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أهدى جمل أبي
جهل الذي كان استلب يوم بدر في رأسه برة من فضة عام الحديبية في هديه".
وقال في موضع آخر: "ليغيظ بذلك المشركين" (3).
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- د (5)، وروى ق (6) نحوه.
4142 - عن عائشة قالت: "أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة إلى
البيت غنمًا فقلدها" (7).
4143 - عن جابر قال: "أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيت
غنمًا".
رواه الإمام أحمد (8).
4144 - عن عائشة قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس
بقين من ذي
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (4/ 14) باب من قال: ليس على المحصر بدل.
4141 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 70 - 71 رقم 170 - 111).
(3) صححه ابن خزيمة (4/ 286 - 287 رقم 2897، 2898)، والحاكم (1/ 467).
(4) المسند (1/ 126).
(5) سنن أبي داود (2/ 145 رقم 1749).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 1035 رقم 3100).
(7) رواه البخاري (3/ 639 رقم 1701)، ومسلم (2/ 958 رقم 1321/ 367).
(8) المسند (3/ 361).
(4/111)
القعدة لا نرى لا أنه الحج، حتى إذا دنونا
من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف
بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحل. قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر،
فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه".
رواه خ (1) م (2).
4145 - عن جابر قال: "ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة يوم
النحر".
رواه م (3).
4146 - وعن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة".
رواه د (4) ق (5).
4147 - عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح عمن اعتمر
من نسائه بقرة بينهن".
رواه د (6) ق (7).
4148 - عن ابن عباس قال: "قَلَّت الإبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فأمرهم أن ينحروا البقر". رواه ق (8).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 643 رقم 1709).
(2) صحيح مسلم (2/ 876 رقم 1121/ 152) واللفظ له.
(3) صحيح مسلم (2/ 956 رقم 1319).
(4) سنن أبي داود (2/ 145 رقم 1750).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1047 رقم 3135).
(6) سنن أبي داود (2/ 145 رقم 1751) واللفظ له.
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1047 رقم 3133).
4148 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 187 رقم 174، 175).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 1047 رقم 3134).
(4/112)
58 - باب تقليد الهدي وإِشعاره
4149 - عن عائشة قالت: "فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بيدي، ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة فما حرم
عليه شيء كان له حلال".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
4150 - وعن عائشة قالت: "كنت أفتل القلائد للنبي - صلى الله عليه وسلم -
فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالاً".
رواه خ (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4).
4151 - عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته
"أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة: إن عبد الله بن عباس قال: من أهدى
هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه. قالت عمرة: فقالت عائشة:
ليس كما قال ابن عباس؛ أنا فتلت قلائد هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -
بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه، ثم بعث بها مع
أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى
نحر الهدي".
رواه خ (5) -وهذا لفظه- ومسلم (6).
(وفي لفظ: "فتلت قلائدها من عهن كان عندي".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 636 رقم 1699).
(2) صحيح مسلم (2/ 957 رقم 1321/ 362).
(3) صحيح البخاري (3/ 639 رقم 1702).
(4) صحيح مسلم (2/ 957 - 959 رقم 1321).
(5) صحيح البخاري (3/ 637 رقم 1700).
(6) صحيح مسلم (2/ 959 رقم 1321/ 369).
(4/113)
رواه خ (1) ومسلم (2) وعنده: "أنا فتلت تلك
القلائد من عهن كان عندنا (3)، فأصبح فينا حلالاً يأتي ما يأتي الحلال من
أهله -أو يأتي ما يأتي الرجل من أهله") (4).
4152 - عن أبي هريرة "أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق
بدنة قال: اركبها. قال: إنها بدنة. قال: اركبها. فلقد رأيته راكبها يساير
النبي - صلى الله عليه وسلم - والنعل في عنقها".
رواه خ (5).
4153 - عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة ومروان قالا: "خرج النبي - صلى الله عليه
وسلم - زمن الحديبية (من) (6) المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا
كان (7) بذي الحليفة قلَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدي وأشعر وأحرم
بالعمرة".
رواه خ (8).
وعند الدارقطني (9): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساق يوم الحديبية
سبعين بدنة عن سبعمائة رجل".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 640 رقم 1705).
(2) صحيح مسلم (2/ 958 رقم 1321/ 364).
(3) زاد في "الأصل": رواه. وهي زيادة مقحمة.
(4) وضعها الناسخ بعد حديث أبي هريرة، وموطنها هنا فرددتها إلى موضعها
الصحيح، والله أعلم.
(5) صحيح البخاري (3/ 341 رقم 1706).
(6) من النسخة اليونينية للبخاري (2/ 207)، وانظر إرشاد الساري (3/ 218).
(7) في صحيح البخاري: كانوا.
(8) صحيح البخاري (3/ 634 رقم 1694، 1695).
(9) سنن الدارقطني (2/ 243 رقم 32).
(4/114)
4154 - عن ابن عباس قال: "صلى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - (الظهر) (1) بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في
صفحة سنامها اليمنى، وسلت الدم، وقلدها نعلين، ثم ركب راحلته فلما استوت به
على البيداء أهل بالحج".
رواه مسلم (2) ورواه أبو داود (3) فزاد: "ثم سلت الدم بيده". وفي لفظ له:
"بأصبعيه".
59 - باب لا يجوز إِبدال الهدي بغيره
4155 - عن عبد الله بن عمر قال: "أهدى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نجيبًا
(4) فأعطي بها ثلاثمائة دينار، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا
رسول الله، إني أهديت نجيبًا فأُعطيت بها ثلاثمائة دينار، أفأبيعها وأشتري
بثمنها بدنًا؟ قال: لا، انحرها إياها".
رواه الإمام أحمد (5) د (6).
60 - باب اشتراء الهدي من الطريق
4156 - عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى هديه من قديد".
رواه ق (7) ت (8)، وقال: حديث غريب لا نعرفه من حديث الثوري إلا من
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 912 رقم 1243).
(3) سنن أبي داود (2/ 146 رقم 1753).
4155 - خرجه الضياء في المختارة ((5/ ق 145 - أ).
(4) النجيب: الفاضل من كل حيوان، وقد نجب يَنْجُب إذا كان فاضلاً نفيسًا في
نوعه. النهاية (5/ 17).
(5) المسند (2/ 145).
(6) سنن أبي داود (2/ 146 - 147 رقم 1756).
4156 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 226 - أ).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1035 رقم 3102).
(8) جامع الترمذي (3/ 251 رقم 907).
(4/115)
حديث يحيى بن اليمان، وروى نافع أن ابن عمر
اشترى هديه بقديد" وهذا أصح.
61 - باب ركوب البدن
4157 - عن أنس قال: "مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يسوق بدنة،
فقال: اركبها. فقال: إنها بدنة. قال: اركبها. فقال: إنها بدنة. قال:
اركبها. مرتين أو ثلاثة".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
ولفظ البخاري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق بدنة،
فقال: اركبها. قال: إنها بدنة. قال: اركبها. قال: إنها بدنة. قال: اركبها.
ثلاثاً".
4158 - عن أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق
بدنة، فقال: اركبها. فقال: إنها بدنة. قال: اركبها. فقال: إنها بدنة. قال:
اركبها، ويلك. في الثالثة أو في الثانية".
رواه خ (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4) وزاد: "يسوق بدنة مقلدة" وعنده: "ويلك
اركبها ويلك اركبها".
4159 - عن أبي الزبير قال: "سمعت جابر بن عبد الله يُسأل عن ركوب البدن،
فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اركبها بالمعروف إذا أُلجئت
إليها حتى تجد ظهراً". رواه مسلم (5).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 626 رقم 1690).
(2) صحيح مسلم (2/ 960 رقم 1323).
(3) صحيح البخاري (3/ 626 رقم 1689).
(4) صحيح مسلم (2/ 960 رقم 1322/ 372).
(5) صحيح مسلم (2/ 961 رقم 1324).
(4/116)
4160 - عن أنس "أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - رأى رجلاً يسوق بدنة وقد جهده المشي، قال: اركبها. قال: إنها بدنة.
قال: اركبها وإن كانت بدنة".
رواه الإمام أحمد (1) والنسائي (2).
4161 - عن علي -رضي الله عنه- "أنه سُئل أيركب الرجل هديه؟ فقال: لا بأس به
قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر بالرجال يمشون فيأمرهم بركوب
هديه، قال: ولا تبتغون شيئًا أفضل من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -".
رواه الإمام أحمد (3).
62 - باب إِذا عطب الهدي قبل أن يبلغ
4162 - عن ابن عباس أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه "أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: إن عطب منها شيء فخشيت عليه
موتًا فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحتها، ولا تطعمها أنت
ولا أحد من أهل رفقتك". رواه مسلم (4).
4163 - عن ناجية الأسلمي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معه
بهدي فقال: إن عطب (منها شيء) (5) فانحره، ثم اصبغ نعله في دمه، ثم خل بينه
وبين الناس".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) -وهذا لفظه- س (8) ق (9) ت (10)، وقال: حديث
__________
(1) المسند (3/ 106 - 107، 167).
(2) سنن النسائي (5/ 176 - 177 رقم 2800).
(3) المسند (1/ 121).
(4) صحيح مسلم (2/ 963 رقم 1326).
(5) من سنن أبي داود.
(6) المسند (4/ 334).
(7) سنن أبي داود (2/ 148 رقم 1762).
(8) السنن الكبرى (2/ 454 رقم 4137).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 1036 - 1037 رقم 3106).
(10) جامع الترمذي (3/ 253 رقم 910).
(4/117)
صحيح (1).
ولفظ الإمام أحمد (2) عن ناجية الخزاعي -وكان صاحب بدن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - قال: "قلت: يا رسول الله، كيف أصنع بما عطب من الإبل أو
البدن؟ قال: انحرها ثم ألق نعلها في دمها، ثم خل عنها وعن الناس
فليأكلوها".
وفي لفظ (2): "واغمس نعله في دمه واضرب صفحته، وخل بين الناس وبينه
فليأكلوه".
63 - باب فيمن ساق بدنة فَضَلَّت
4164 - عن القاسم بن محمد، عن عائشة "أنها ساقت بدنتين فضلتا، فأرسل إليها
ابن الزبير ببدنتين مكانهما. قال: فنحرتهما، ثم وجدت البدنتين الأولتين
فنحرتهما أيضاً، فقالت: هكذا السنة في البدن".
رواه الدارقطني (3).
4165 - وروى (4) عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "من أهدى تطوعًا ثم ضلت فليس عليه البدل إلا أن يشاء (فإن كإن ذلك)
(5) نذرًا فعليه البدل".
هو من رواية عبد الله بن شبيب، قال ابن عدي (6): عنده مناكير.
4166 - وروى (7) أيضًا عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"من أهدى تطوعًا
__________
(1) في جامع الترمذي وتحفة الأشراف (9/ 3): حسن صحيح.
(2) المسند (4/ 334).
(3) سنن الدارقطني (2/ 242 رقم 29).
(4) سنن الدارقطني (2/ 242 رقم 30).
(5) في سنن الدارقطني: وإن كانت.
(6) الكامل (5/ 433).
(7) سنن الدارقطني (2/ 242 رقم 31).
(4/118)
ثم عطب إن شاء أبدل، وإن شاء أكل، وإن كان
نذرًا فليبدل".
هو من رواية عبد الله بن عامر، وفيه كلام (1) أيضًا.
64 - باب في ذكر جِلال (2) البدن 4167 - عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّهَ
عنه- "أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يقوم على بدنه، وأمره أن
يقسم بدنه كلها لحومها وجلودها وجلالها في المساكين، ولا يعطي في جزارتها
منها شيئًا".
رواه خ (3) م (4) وهذا لفظه.
وعنده (5) أيضًا: "وأن لا أعطي الجزار. وقال: نحن نعطيه من عندنا".
وللبخاري (6) قال: "أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة بدنة، فأمرني
بلحومها فقسمتها، ثم أمرني بجلالها فقسمتها، ثم بجلودها فقسمتها".
65 - باب الاشتراك في البدن
4168 - عن جابر بن عبد الله قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- مهلين بالحج، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل
والبقر، كل سبعة منا في بدنة (7) ".
__________
(1) ترجمته في التهذيب (15/ 150 - 153).
(2) بكسر الجيم، وتخفيف اللام، جمع جُل -بضم الجيم- وهو ما يطرح على ظهر
البعير من كساء ونحوه. فتح الباري (3/ 642).
(3) صحيح البخاري (3/ 642 رقم 1707).
(4) صحيح مسلم (2/ 954 رقم 1317/ 349).
(5) صحيح مسلم (2/ 954 رقم 1317/ 348).
(6) صحيح البخاري (3/ 651 رقم 1718).
(7) صحيح مسلم (2/ 955 رقم 1318/ 351).
(4/119)
وفي لفظ (1): "وحضر جابر الحديبية فقال:
نحرنا يومئذ سبعين بدنة، اشتركنا كل سبعة في بدنة".
رواه م (2).
4169 - وله (2) عن جابر قال: "نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة".
4170 - وله (3) عن جابر بن عبد الله قال: "اشتركنا مع النبي - صلى الله
عليه وسلم - في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة. فقال (رجل) (4) لجابر:
أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور؟! قال: ما هي إلا من البدن".
4171 - عن حذيفة قال: "شرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته بين
المسلمين في البقرة عن سبعة".
رواه الإمام أحمد (5).
4172 - عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أتاه رجل فقال: إن عليَّ بدنة وأنا موسر لها، ولا أجدها فأشتريها؟ فأمره
النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاع سبع شياة فيذبحهن".
رواه ق (6)، وقال أبو حاتم الرازي (7): عطاء الخراساني عن ابن عباس مرسل.
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 955 - 956 رقم 1318/ 353).
(2) صحيح مسلم (2/ 955 رقم 1318/ 350).
(3) صحيح مسلم (2/ 955 رقم 1318/ 353).
(4) من صحيح مسلم.
(5) المسند (5/ 405، 406).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 1048 رقم 3136).
(7) الجرح والتعديل (6/ 344 رقم 1850).
(4/120)
4173 - عن ابن عباس قال: "كنا مع النبي -
صلى الله عليه وسلم - في سفر فحضر الأضحى فاشتركنا في البقرة سبعة، وفي
الجزور عشرة".
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3) ت (4) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن غريب.
66 - باب نحر النبي - صلى الله عليه وسلم -
الهدي بيده
4174 - عن أنس قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة
(5) أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، فبات بها فلما أصبح ركب راحلته،
فجعل يهلل ويسبح، فلما علا على البيداء لبَّى بهما جميعًا، فلما دخل مكة
أمرهم أن يحلوا، ونحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده سبع بدن
قياماً، وضحى بالمدينة كبشين أملحين أقرنين".
رواه خ (6) وروى مسلم (7) أوله.
4175 - عن جابر بن عبد الله ذكر صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه:
"ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًّا -رضي الله
عنه- فنحر ما غير، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر
فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها".
رواه م (8)
__________
4173 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 165 - 166 رقم 185، 186).
(1) المسند (1/ 275).
(2) سنن النسائي (7/ 222 رقم 4404).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1047 رقم 3131).
(4) جامع الترمذي (3/ 249 رقم 905).
(5) في "الأصل": بالحديبية. والمثبت من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (3/ 647 - 648 رقم 1714).
(7) صحيح مسلم (1/ 480 رقم 690).
(8) صحيح مسلم (2/ 892 رقم 1218).
(4/121)
4176 - وعن علي -رضي الله عنه- قال: "لما
نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدنه فنحر ثلاثين بيده، وأمرني فنحرت
سائرها".
رواه الإمام أحمد (1) د (2).
4177 - عن عبد الله بن قرط عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أعظم
الأيام عند الله -تعالى- يوم النحر، ثم يوم القَرِّ (3)، وهو اليوم الثاني.
قال: وقرب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدنات خمس فطفقن يزدلفن إليه
بأيتهن يبدأ، فلما وجبت جنوبها، قال: فتكلم بكلمة خفية لم أفهمها. فقلت: ما
قال؟ قال: من شاء اقتطع".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) -وهذا لفظه- س (6).
وعند الإمام أحمد: "وقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس بدنات
أو ست ينحرهن". وعنده: "فسألت بعض من يليني: ما قال؟ قالوا: قال: من شاء
اقتطع".
4178 - عن (غرفة) (7) بن الحارث الكندي قال: "شهدت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - في حجة الوداع وأُتي بالبدن، فقال: ادعوا لي أبا حسن. فدعي له
فقال له: خذ بأسفل الحربة. وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعلاها
ثم طعن بها البدن، فلما فرغ ركب بغلته وأردف عليًّا". رواه د (8).
__________
(1) المسند (1/ 159 - 160).
(2) سنن أبي داود (2/ 148 رقم 1764).
(3) هو الغد من يوم النحر، وهو حادي عشر ذي الحجة؛ لأن الناس يَقرون فيه
بمنى: أي يسكنون ويقيمون. النهاية (4/ 37).
(4) المسند (4/ 350).
(5) سنن أبي داود (2/ 148 - 149 رقم 1765).
(6) السنن الكبرى (2/ 444 رقم 4098).
(7) في "الأصل": عرفجة. والمثبت من سنن أبي داود، وغرفة بن الحارث الكندي
صحابي ترجمته في التهذيب (23/ 95 - 97).
(8) سنن أبي داود (2/ 149 رقم 1766).
(4/122)
67 - باب كيف تنحر الإِبل
4179 - عن زياد بن جبير قال: "رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ بدنته
ينحرها، فقال: ابعثها قيامًا مقيدةً سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).
4180 - عن أبي الزبير عن جابر، وأخبرني عبد الرحمن بن سابط "أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما
بقي من قوائمها". رواه د (3).
68 - باب في النحر
4181 - عن عبيد الله بن عمر عن نافع "أن عبد الله بن عمر كان ينحر في
المنحر؛ قال: عبيد الله: منحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه خ (4).
4182 - وروى (5) عن نافع "أن ابن عمر كان يبعث هديه من جمع من آخر الليل
حتى يدخل به منحر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حُجَّاج فيهم الحر
والملوك".
4183 - عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نحرت ها هنا، ومنى
كلها منحر؛ فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا، وجمع كلها موقف".
رواه م (6).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 646 رقم 1713).
(2) صحيح مسلم (2/ 956 رقم 1320).
(3) سنن أبي داود (2/ 149 رقم 1767).
(4) صحيح البخاري (3/ 645 رقم 1710).
(5) صحيح البخاري (3/ 645 رقم 1711).
(6) صحيح مسلم (2/ 893 رقم 1218/ 149).
(4/123)
4184 - وعن جابر قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: "مني كلها منحر، وكل فجاج مكة طريق ومنحر، وكل عرفة موقف، وكل
المزدلفة موقف".
رواه ق (1).
69 - باب الأكل من البدن
4185 - عن جابر بن عبد الله قال: "كنا (لا) (2) نأكل من لحوم بدننا فوق
ثلاث مِنًى، فرخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كلوا وتزودوا.
قلت لعطاء: أقال حتى جئنا المدينة؟ قال: لا".
رواه خ (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4).
4186 - وعن جابر ذكر وصف الحج وفيه: "ثم انصرف إلى المسجد فنحر ثلاثاً
وستين بيده، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل
بدنة ببضعة فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها".
رواه مسلم (5).
70 - باب في دخول مكة وذكر الاغتسال
4187 - عن نافع "كان ابن عمر إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت
بذي طوى، ثم يصلي به الصبح ويغتسل. ويحدث أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم
- كان يفعل ذلك".
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 1013 رقم 3048).
(2) سقطت من صحيح البخاري المطبوع أعلى فتح الباري، وهي ثابتة في كلام
الحافظ في الفتح، وفي النسخة اليونينية وغيرهما، والله أعلم.
(3) صحيح البخاري (3/ 652 رقم 1719).
(4) صحيح مسلم (3/ 1562 رقم 1972).
(5) صحيح مسلم (2/ 892 رقم 1218).
(4/124)
رواه خ (1) ومسلم (2) وعنده: "ثم يغتسل، ثم
يدخل مكة نهارًا".
4188 - وعن ابن عمر قال: "اغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - لدخوله مكة
بفَخٍّ (3) ".
رواه ت (4) وقال: هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى نافع عن بن عمر "
(أنه كان) (5) يغتسل لدخول مكة". وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف الحديث،
ضعفه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وغيرهما.
4189 - وعن ابن عمر قال: "بات النبي - صلى الله عليه وسلم - في بذي طوى حتى
أصبح، ثم دخل مكة. وكان ابن عمر يفعله".
أخرجاه في الصحيحين (6).
4190 - وعن ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل من
الثنية العليا التي بالبطحاء، ويخرج من الثنية السفلى".
أخرجاه (7) أيضًا.
4191 - عن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاء مكة دخل من
أعلاها وخرج من أسفلها" (8).
وفي لفظ: "دخل عام الفتح من أعلا مكة، ودخل في العمرة من كدى".
4192 - وعن عبد الله "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينزل بذي
طوى ويبيت به
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 509 رقم 1573).
(2) صحيح مسلم (2/ 919 رقم 1259/ 227).
(3) بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وهو وادٍ بمكة. معجم البلدان (4/ 269).
(4) جامع الترمذي (3/ 208 رقم 852).
(5) من جامع الترمذي.
(6) البخاري (3/ 509 رقم 1574)، ومسلم (2/ 919 رقم 1259).
(7) البخاري (3/ 510 رقم 1575)، ومسلم (2/ 918 رقم 1257).
(8) رواه البخاري (3/ 510 - 511 رقم 1577) ومسلم (2/ 918 رقم 1258).
(4/125)
حتى (يصبح) (1) يصلي الصبح حين يقدم مكة،
ومصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك على أكمة غليظة، ليس في المسجد
الذي بُني ثَمَّ، ولكن أسفل من ذلك على أكمة غليظة" (2).
4193 - وعنه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقبل فرضتي الجبل بينه
وبين الجبل الطويل نحو الكعبة ويجعل المسجد الذي بُني ثَمَّ يسار المسجد
الذي بطرف الأكمة، ومصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسفل منه على
الأكمة السوداء تدع من الأكمة عشر (3) أذرع -أو نحوها- ثم تصلي مستقبل
الفُرْضَتين (4) من الجبل الطويل الذي بينك وبين الكعبة - صلى الله عليه
وسلم -".
أخرجاه (5) وهذا لفظ م.
4194 - عن عبد الله بن عباس قال: "كانت الأنبياء تدخل الحرم مشاةً حفاةً،
ويطوفون بالبيت ويقضون المناسك حفاةً مشاة".
رواه ق (6) موقوفًا على ابن عباس.
71 - باب في رفع اليدين عند رؤية البيت وما
يقول ومن أي باب يدخل
4195 - عن المهاجر المكي قال: "سُئل جابر بن عبد الله، عن الرجل يرى البيت
__________
(1) من الصحيحين.
(2) البخاري (1/ 677 رقم 491)، ومسلم (2/ 919 رقم 1259/ 228).
(3) في أغلب نسخ الصحيح: "عشرة" وفي بعضها: "عشر" بحذف الهاء، وهما لغتان
في الذراع التذكير والتأنيث، والتأنيث هو الأفصح الأشهر. شرح صحيح مسلم.
(4) فُرْضة الجبل: ما انحدر من وسطه وجانبه. النهاية (3/ 433).
(5) البخاري (1/ 677 رقم 492)، ومسلم (2/ 920 رقم 1260).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 980 رقم 2939).
(4/126)
يرفع يديه، فقال: ما كنت أرى أحدًا يفعل
هذا إلا اليهود؛ قد حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن
يفعله".
رواه د (1) -وهذا لفظه- س (2).
4196 - وروى ت (3) عن المهاجر المكي قال: "سُئل جابر بن عبد الله أيرفع
الرجل يديه إذا رأى البيت؟ قال: حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -
فكنا نفعله".
فقال: رفع (اليدين) (4) عند رؤية البيت إنما نعرفه من حديث شعبة، عن أبي
قزعة، وأبو قزعة اسمه سُويد بن حُجير.
قال الحافظ أبو عبد الله: في رواية أبي داود س نفي الرفع، وفي رواية ت
إثبات الرفع، وكلا الحديثين من رواية شعبة، عن أبي قزعة، عن المهاجر المكي.
4197 - عن ابن عمر قال: "دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلنا معه
من باب بني عبد مناف -وهو الذي يسميه الناس باب بني شيبة- وخرجنا معه إلى
المدينة من باب الحزورة وهو باب (الخياطين".
4197 - عن ابن عُمر وابن عباس قالا) (5): "لا تُرفع الأيدي إلا في سبعة
مواطن: في بدء الصلاة، وبعرفة وبجمع، وعند الجمرتين، وعلى الصفا والمروة،
وإذا استقبلت البيت".
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 175 رقم 1870).
(2) سنن النسائي (5/ 212 - 213 رقم 2895).
(3) جامع الترمذي (3/ 210 رقم 855).
(4) في "الأصل": البيت. والمثبت من جامع الترمذي.
(5) وقع هنا سقط، فتداخل حديثان، فحديث ابن عمر آخره: "وهو باب الخياطين"
رواه الطبراني في الأوسط (1/ 156 - 157 رقم 491) من طريق مروان بن أبي
مروان العثماني، عن عبد الله بن نافع، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن
عمر. وقال: تفرد به مروان بن أبي مروان.=
(4/127)
رواه سعيد بن منصور وهو من رواية بن أبي
ليلى وهو (1).
4198 - (عن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة) (2) عن أمه "أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - كان إذا دخل (مكة) (3) مكانًا من دار يعلى استقبل البيت فدعا".
رواه الإمام أحمد (4) س (5) د (6).
4199 - وروى سعيد (7) أيضًا، عن سعيد بن المسيب قال: "سمعت هذا من عمر ما
بقي على الأرض أحد سمع هذا منه غيري، إنه نظر إلى البيت فقال: اللهم أنت
السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام".
4200 - وروى سعيد (8) أيضًا، عن عباد بن قسامة قال: "إذا رأيت البيت فقل:
__________
= والحديث الثاني حديث "لا ترفع الأيدي"، وهو الذي يرويه ابن أبي ليلى
يرويه عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وعن نافع عن ابن عمر. مرة موقوفاً
عليهما ومرة مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - انظر سنن البيهقي
(5/ 73)، ونصب الراية (1/ 390 - 392). والله أعلم. وقد رواه سعيد موقوفاً
عليهما، كما في إرشاد الفقيه (1/ 330)، فاجتهدت في إثبات ما أثبته، والله
أعلم.
(1) وقع سقط بعدها، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وفيه
كلام، ترجمته في التهذيب (25/ 622 - 628).
وقد أعلَّه البخاري في كتاب "رفع اليدين" فقال: قال شعبة: لم يسمع الحكم من
مقسم إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها؛ فهو مرسل، وغير محفوظ. انتهى من نصب
الراية (1/ 390).
(2) من المسند، واللفظ له.
(3) ليست في المسند.
(4) المسند (6/ 436 - 437).
(5) سنن النسائي (5/ 213 رقم 2896).
(6) سنن أبي داود (2/ 209 رقم 2007).
(7) عزاه له ابن كثير في إرشاد الفقيه (1/ 331) وقال: وفي هذا إثبات سماع
سعيد من عمر، والمشهور عدم سماعه منه.
(8) نسبه له ابن حجر في التلخيص (2/ 462).
(4/128)
اللَّهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا
وتكريماً ومهابة، وزد من شرفه وكرمه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا
وتكريماً وتعظيمًا وبرًا".
4201 - عن حذيفة بن أسيد "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نظر إلى
البيت قال: اللَّهم زد بيتك تشريفًا وتكريمًا وتعظيعاً".
رواه الدارقطني في كتاب المناسك (1).
72 - باب وقت دخول النبي - صلى الله عليه وسلم
- مكة وأين نزل بها
4202 - عن عبد الله بن عباس قال: "انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من
المدينة -بعدما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه- هو وأصحابه، فلم ينه عن شيء
من الأردية والأزر تلبس إلا المزعفرة التي على الجلد، فأصبح بذي الحليفه
ركب راحلته حتى استوى على البيداء أهل (هو) (2) وأصحابه، وقلد بدنه، وذلك
لخمس بقين من ذي القعدة، فقدم مكة لأربع ليالٍ خلون من ذي الحجة، فطاف
بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحل من أجل بدنه لأنه قلدها، ثمْ نزل
بأعلى مكة عند الحجون، وهو مهل بالحج، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى
رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا
من
__________
(1) كذا وقع في "الأصل": "الدارقطني في كتاب المناسك" ولعل الصواب:
"الطبراني في المناسك" فقد عزاه ابن كثير في إرشاد الفقيه (1/ 331) إلى
الطبراني في المناسك، والله أعلم.
والحديث رواه الطبراني في الكبير (3/ 181 رقم 3053)، والأوسط (6/ 183 رقم
6132) من طريق عاصم بن سليمان الكوزي، عن زيد بن أسلم، عن أبي الطفيل، عن
حذيفة بن أسيد. وقال: لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أسلم إلا عاصم بن
سليمان، تفرد به عمر بن يحيى، ولا يروى عن أبي سريحة إلا بهذا الإسناد.
قال ابن حجر في التلخيص (2/ 462): وفي إسناده عاصم الكوزي، وهو كذاب.
(2) من صحيح البخاري.
(4/129)
رءوسهم ثم يحلوا، وذلك لمن لم يكن معه بدنة
قلدها، ومن كانت معه امرأته فهي له حلال والطيب والثياب.
رواه خ (1).
4203 - وروى م (2) عن ابن عباس قال: "أهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- بالحج فقدم لأربع مضين من ذي الحجة فصلى الصبح وقال لما صلى الصبح: من
شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها (عمرة) (3) ".
4204 - عن جابر بن عبد الله قال: "أهللنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم
- بالحج خالصًا وحده، فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - صبح رابعةٍ من ذي
الحجة فأمرنا أن نحل".
كذا رواه م (4).
ورواه خ (5): "قدمنا مكة لأربع خلون من ذي الحجة، فأمرنا النبي - صلى الله
عليه وسلم - أن نطوف بالبيت وبالصفا والمروة، ونجعلها عمرة، ونحل إلا من
معه هدي".
73 - باب استقبال الحاج
4205 - عن ابن عباس قال: "لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - استقبلته
أغيلمة بني عبد المطلب، فحمل واحدًا بين يديه، وآخر خلفه".
رواه خ (6).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 473 - 474 رقم 1545).
(2) صحيح مسلم (2/ 910 رقم 1240/ 199).
(3) من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (2/ 883 رقم 1216).
(5) صحيح البخاري (13/ 231 رقم 7230).
(6) صحيح البخاري (3/ 724 رقم 1798).
(4/130)
74 - باب ما يبدأ به
عند دخول مكة
4206 - عن محمد بن عبد الرحمن ذكرتُ لعروة قال: أخبرتني عائشة "أن أول شيء
بدأ به حين قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ ثم طاف، ثم لم تكن
ثم عمرة، ثم حج أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- مثله. ثم حججت مع أبي الزبير
فأول شيء بدأ به الطواف، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلونه. وقد أخبرتني
أمي أنها أهلت هي وأختها أو (الزبير وفلان وفلان بعمرة، فلما مسحوا الركن
حلوا".
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2) ولفظه: عن) (3) عروة بن الزبير أنه قال: "قد
حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتني عائشة أن أول شيء بدأ به حين
قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت، ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف
بالبيت ثم لم يكن غيره (4) ثم عمر مثل ذلك، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ
به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره (4) ثم معاوية وعبد الله بن عمر، ثم حججت
مع أبي الزبير بن العوام فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن
غيره، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك، ثم لم يكن غيره، ثم آخر من
رأيت فعل ذلك ابن عمر، ثم لم ينقضها بعمرة، وهذا ابن عمر عندهم أفلا
يسألونه! ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أول من
الطواف
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 557 رقم 1614، 1615).
(2) صحيح مسلم (6/ 902 - 907 رقم 1235) وهو في صحيح البخاري (3/ 580 رقم
1641، 1642) أيضًا.
(3) سقطت من "الأصل" واجتهدت في إثباتها ليستقيم الكلام، واللَّه أعلم.
(4) كذا في "الأصل"، وصحيح مسلم: "ثم لم يكن غيره" وكذا ما بعدها، وفي صحيح
البخاري: "لم تكن عمرة"، قال النووي في شرح مسلم (5/ 355 - 356): قوله: "لم
يكن غيره" وكذا فيما بعده "ولم يكن غيره" هكذا هو في جميع النسخ: "غيره"
بالغين المعجمة والياء، قال القاضي عياض: كذا هو في جميع النسخ. قال: وهو
تصحيف، وصوابه "ثم لم تكن عُمرة" بضم العين المهملة وبالميم، وكان السائل
لعروة إنما سأله=
(4/131)
بالبيت ثم لا يحلون، وقد رأيت أمي وخالتي
حين تقدمان لا تبدآن بشيء أول من البيت تطوفان ثم لا يحلون، وقد أخبرتني
أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان بعمرة. قط فلما مسحوا الركن حلوا".
4207 - عن عبد الله بن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا
طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف، ومشى أربعة، ثم سجد
سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة" (1).
وفي لفظ (2): "كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أطواف، ويمشي
أربعة، وأنه كان يسعى بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة".
رواه خ -وهذا لفظه- م (3) وعنده "ببطن المسيل".
4208 - وعن عبد الله بن عمر قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أطواف
من السبع".
رواه خ (4) م (5).
4209 - عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى
الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا". رواه م (6).
__________
=عن نسخ الحج إلى العمرة على مذهب من رأى ذلك، واحتج بأمر النبي - صلى الله
عليه وسلم - لهم بذلك في حجة الوداع، فأعلمه عروة أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - لم يفعل ذلك بنفسه ولا من جاء بعده. هذا كلام القاضي، قلت: هذا الذي
قاله من أن قولاً "غيره" تصحيف ليس كما قال، بل هو صحيح في الرواية وصحيح
في المعنى؛ لأن قوله: "غيره" يتناول العمرة وغيرها، ويكون تقدير الكلام: ثم
حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره أي لم يغير
الحج ولم ينقله وينسخه إلى غيره لا عمرة ولا قران، والله أعلم.
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 557 رقم 1616).
(2) صحيح البخاري (3/ 558 رقم 1617).
(3) صحيح مسلم (2/ 920 رقم 1261).
(4) صحيح البخاري (3/ 549 رقم 1603).
(5) صحيح مسلم (2/ 920 - 921 رقم 1261/ 232).
(6) صحيح مسلم (2/ 893 رقم 1218/ 150).
(4/132)
75 - باب فضل مسح
الركنين
4210 - عن عُبَيد بن عُمَير "أن ابن عمر كان يزاحم على الركنين زحامًا ما
رأيت أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (يفعله، فقلت: يا أبا
عبد الرحمن، إنك تزاحم على الركنين زحامًا ما رأيت أحدًا من أصحاب النبي -
صلى الله عليه وسلم -) (1) يزاحم عليه. قال: إن أفعل فإني سمعت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يقول: إن مسحهما كفارة للخطايا. وسمعته يقول: من طاف
بهذا البيت سبوعاً (2) فأحصاه كان كعتق رقبة. وسمعته يقول: لا يضع قدمًا
ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة".
رواه ت (3)، وقال: حديث حسن.
4211 - وعن ابن عمر "أنه قيل له: ما أراك تستلم إلا هذين الركنين؟ قال: إني
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن مسحهما يحط الخطيئة".
رواه الإمام أحمد (4) س (5) وهذا لفظه.
4212 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وُكل به سبعون
ملكاً -يعني: الركن اليماني- فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في
الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب
النار. قالوا: آمين. وقال
__________
4210 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 174 - ب).
(1) من جامع الترمذي.
(2) في جامع الترمذي: أسبوعًا، والسبوع لغة في الأسبوع، قليلة، أي: سبع
مرات. النهاية (2/ 336).
(3) جامع الترمذي (3/ 292 رقم 959) وقال الترمذي: وروى حماد بن زيد، عن
عطاء بن السائب، عن ابن عبيد بن عمير، عن ابن عمر نحوه، ولم يذكر فيه: عن
أبيه.
(4) المسند (2/ 3، 89).
(5) سنن النسائي (5/ 221 رقم 2919).
(4/133)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من
فاوضه -يعني: الركن الأسود- فإنما يفاوض يد الرحمن" (1).
رواه ق (2) وهو من رواية إسماعيل بن عياش وفيه كلام (3).
4213 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليأتين
هذا الحجر يوم القيامة له عينان يُبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من
استلمه بحق".
رواه الإمام أحمد (4) ق (5) ت (6)، وقال: حديث حسن.
4214 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نزل
الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم".
رواه الإمام أحمد (7) ت (8)، وقال: حديث حسن صحيح.
وروى النسائي (9) منه: "الحجر الأسود من الجنة".
4215 - عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولو لم
يطمس
__________
(1) عدَّه ابن عدي في الكامل (3/ 78) من منكرات حميد بن أبي سويد -شيخ
إسماعيل ابن عياش- وقال: إنه غير محفوظ.
(2) سنن ابن ماجه (2/ 985 - 986 رقم 2957).
(3) ترجمته في التهذيب (3/ 163 - 181) لكن البلاء من شيخه، جمما قال ابن
عدي.
4213 - خرجه الضياء في المختارة (204/ 10 - 206 رقم 208 - 212).
(4) المسند (1/ 247، 266، 291، 307).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 982 رقم 2944).
(6) جامع الترمذي (3/ 294 رقم 961).
4214 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 260 - 263 رقم 274 - 276).
(7) المسند (1/ 307، 329، 373).
(8) جامع الترمذي (3/ 226 رقم 877).
(9) سنن النسائي (5/ 226 رقم 2935).
(4/134)
نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب".
رواه ت (1) وقال: حديث غريب. قال وروي موقوفًا عن عبد الله بن عَمرو قوله.
4216 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استمتعوا من
هذا الحجر الأسود قبل أن يُرفع؛ فإنه خرج من الجنة؛ وإنه لا ينبغي لشيء خرج
من الجنة إلا رجع إليها قبل يوم القيامة".
رواه سليمان بن أحمد الطبراني (2).
4217 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مررت
على الركن إلا رأيت عليه ملكًا يقول: آمين؛ فإذا مررتم عليه فقولوا: ربنا
آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
رواه أبو بكر أحمد بن مردويه في كتاب التفسير (3).
4218 - وعن ابن عباس قال: "إن هذا الركن يمين الله في الأرض، يُصافح بها
عباده مصافحة الرجل (أخاه) (4) ".
رواه محمد بن أبي عمر العدني (5).
4219 - وروى الطبراني (6) عن ابن عباس قال: "الركن -يعني الحجر- يمين الله
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 226 رقم 878).
(2) لم أقف عليه في معاجم الطبراني؛ فلعله في مناسكه.
(3) عزاه له ابن كثير في تفسيره (1/ 244)، والسيوطي في الدر المنثور (1/
242) وذكره ابن كثير بإسناده.
(4) من المطالب العالية.
(5) ذكره ابن حجر في المطالب العالية (2/ 36 رقم 1242) من مسند العدني
بإسناده، وقال: هذا موقوف صحيح.
(6) لم أقف عليه في المعاجم الثلاثة، رواه عبد الرزاق في مصنفه (5/ 39 رقم
8919) من هذا الطريق بهذا اللفظ.
(4/135)
-تعالى- في الأرض، يُصافح بها خلقه (مصافحة
الرجل أخاه، يشهد لمن استلمه بالبر والوفاء، والذي نفس ابن عباس) (1) بيده
ما حاذى به عبد مسلم يسأل الله خيرًا إلا أعطاه إياه" (2).
غير أن في رواية الطبراني إبراهيم بن يزيد المكي، وهو مُتكلم فيه (3).
76 - باب كيف بدء الرمل وذكره
4220 - عن ابن عباس "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقال
المشركون: إنه يقدم عليكم وقد وهنتهم حمى يثرب. فأمرهم النبي صلى الله عليه
وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعه (أن
يأمرهم) (4) أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم".
__________
(1) سقطت من "الأصل" وأثبتها من مصنف عبد الرزاق.
(2) سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث، فقال: رُوي عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - بإسنادٍ لا يثبت، والمشهور إنما هو عن ابن عباس قال:
"الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل
يمينه" ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه إلا على من لم
يتدبره، فإنه قال: "يمين الله في الأرض" فقيده بقوله: "في الأرض" ولم يطلق،
فيقول يمين الله، وحكم اللفظ المقيد يخالف حكم اللفظ المطلق، ثم قال: "فمن
صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبَّل يمينه" ومعلوم أن المشبه غير المشبه
به، وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً ولكن شبه بمن يصافح
الله، فأول الحديث وآخره يبين أن الحجر ليس من صفات الله كما هو معلوم عند
كل عاقلٍ، ولكن يبين أن الله تعالى كما جعل للناس بيتًا يطوفون به جعل لهم
ما يستلمونه؛ ليكون ذلك بمنزلة تقبيل يد العظماء؛ فإن ذلك تقريب للمقبل
وتكريم له، كما جرت العادة، والله ورسوله لا يتكلمون بما فيه إضلال للناس،
بل لا بد من أن يبين لهم ما يتقون؛ فقد بين لهم في الحديث ما ينفي من
التمثيل. مجموع الفتاوى (6/ 397 - 398).
(3) ترجمته في التهذيب (2/ 242 - 244).
(4) من صحيح البخاري.
(4/136)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) وعنده. "
(لما) (3) قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مكة وقد وهنتهم
حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم (عليكم) (4) غدًا قوم قد وهنتهم الحمى،
ولقوا منها شدة. فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم
- أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين؛ ليرى المشركون جَلَدَهم،
فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا
وكذا. قال ابن عباس: ولم يمنعه (أن يأمرهم) (4) أن يرملوا الأشواط كلها إلا
الإبقاء عليهم".
4221 - وعن ابن عباس قال: "إنما سعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورمل
بالبيت ليري المشركين قوته".
أخرجاه (5) أيضًا.
4222 - عن أبي الطفيل قال: "قلت لابن عباس: أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة
أطواف، ومشى أربعة أطواف، أسنة هو؛ فإن قومك يزعمون (أنه سنة) (6)؟ قال:
فقال: صدقوا وكذبوا. قال: قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - قدم مكة فقال المشركون: إن محمدًا وأصحابه لا
يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزل. وكانوا يحسدونه. قال: فأمرهم رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا ثلاثاً ويمشوا أربعًا. قال: قلت:
أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكباً أسنة هو؛ فإن قومك يزعمون أنه
سنة؟ قال: صدقوا وكذبوا. قال: قلت: ما قولك
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 548 - 549 رقم 1602).
(2) صحيح مسلم (2/ 923 رقم 1266/ 240).
(3) ليست في صحيح مسلم.
(4) من صحيح مسلم.
(5) البخاري (7/ 581 رقم 4257)، ومسلم (2/ 923 رقم 1266/ 241).
(6) من صحيح مسلم.
(4/137)
صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - كثر عليه الناس، يقولون: هذا محمد، هذا محمد. حتى خرج
العواتق من البيوت. قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يضرب
الناس بين يديه، فلما كثر عليه ركب، والمشي والسعي أفضل".
رواه مسلم (1).
وفي لفظ له (2): عن أبي الطفيل قال: "قلت لابن عباس: أُراني قد رأيت رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فصفه لي. قال: قلت: رأيته عند المروة على
ناقةٍ وقد كثُر الناس عليه. فقال ابن عباس: ذاك رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -، إنهم كانوا لا يُدَعُّون (3) عنه ولا يُكهرون (4) ".
4223 - عن ابن عمر قال: "رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجر
إلى الحجر ثلاثاً، ومشى أربعًا".
رواه م (5).
4224 - وروى (6) عن جابر بن عبد الله أنه قال: "رأيت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف".
4225 - عن زيد بن أسلم، عن أبيه "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال
للركن: أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمك ما استلمتك. فاستلمه، ثم قال: ما لنا
والرمل؟ إنما كنا راءينا به
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 922 - 922 رقم 1264).
(2) صحيح مسلم (2/ 922 - 923 رقم 1265).
(3) الدغُّ: الطرد والدفع. النهاية (2/ 119).
(4) الكهر: الانتهار، وقد كهره يكهره إذا زبره واستقبله بوجهٍ عبوسٍ، وفي
بعض روايات صحيح مسلم "ولا يُكرهون". النهاية (4/ 213 - 214).
(5) صحيح مسلم (2/ 192 رقم 1262).
(6) صحيح مسلم (2/ 921 رقم 1263).
(4/138)
المشركين، وقد أهلكم الله. ثم قال: شيء
صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه".
رواه خ (1).
4226 - وعن عمر قال: "فيما الرملان الآن والكشف عن المناكب؟ وقد أطَّأ (2)
الله الإسلام و (بقى الكفر في أهله) (3) ومع ذلك كنا لا ندع شيئاً كنا
نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) ق (6).
4227 - عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمروا
من الجعرانة، فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على
عواتقهم اليسرى".
رواه الإمام أحمد (7) د (8).
4228 - وعن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اضطبع فكبر (فاستلم)
(9) ثم رمل ثلاثة أطواف، كانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا من قريش
مشوا ثم اطلعوا (10)
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 550 رقم 1605).
226 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 171 - 172 رقم 78، 79).
(2) أي: ثبَّته وأرساه، والهمزة فيه بدل من واو "وطَّأ". النهاية (1/ 53).
(3) في المسند وسنني أبي داود وابن ماجه: نفي الكفر وأهله.
(4) المسند (1/ 45).
(5) سنن أبي داود (2/ 178 - 179 رقم 1887).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 984 رقم 2952).
4227 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 207 - 208 رقم 213 - 214).
(7) المسند (1/ 306، 371).
(8) سنن أبي داود (2/ 177 رقم 1884).
(9) من سنن أبي داود.
(10) في سنن أبي داود: يطلعون.
(4/139)
عليهم يرملون، تقول قريش: كأنهم الغزلان.
قال ابن عباس: فكانت سنة".
رواه د (1).
4229 - عن ابن يعلى، عن أبيه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة
طاف بالبيت مضطبعًا ببرد له حضرمي".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- د (3)، ولفظه: "طاف النبي - صلى الله
عليه وسلم - مضطبعًا ببرد أخضر".
ورواه ت (4) ق (5): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت (مضطبعًا)
(6) وعليه برد" لم يقل ابن ماجه: (بالبيت.) (7) وقال الترمذي: حديث حسن
صحيح.
4230 - عن ابن عباس قال: "رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته
وفي عمره كلها، وأبو بكر وعمر والخلفاء".
رواه الإمام أحمد (8).
4231 - وعن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع
الذي أفاض فيه" (9).
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 179 رقم 1889).
(2) المسند (4/ 223، 224).
(3) سنن أبي داود (2/ 177 رقم 1883).
(4) جامع الترمذي (3/ 214 رقم 859).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 984 رقم 2954).
(6) من جامع الترمذي وسنن ابن ماجه.
(7) سقطت من "الأصل".
4230 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 203 - 204 رقم 194، 195).
(8) المسند (1/ 225).
4231 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 189 - 190 رقم 176، 177) ونقل عن
الدارقطني أن غير واحد أرسله.
(9) رواه النسائي في الكبرى (2/ 460 - 461 رقم 4170).
(4/140)
رواه د (1) ق (2).
4232 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعل
الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) ت (5) وقال: حديث حسن صحيح. واللفظ لأبي داود،
وعند الترمذي قال: "إنما جُعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة
ذكر الله".
77 - باب فضل الطواف بالبيت
4233 - عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "من طاف بالبيت وصلى ركعتين كان كعتق رقبة".
رواه الإمام أحمد (6) س (7) وعنده: "من طاف سبعاً فهو كعدل رقبة".
وروى الترمذي (8): "من طاف بالبيت سبوعاً (9) فأحصاه كان كعتق رقبة".
وقال: حديث حسن.
4234 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من طاف بالبيت
سبعاً ولا يتكلم إلا بسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله
أكبر، و (لا حول و) (10) لا قوة
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 207 رقم 2001).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1017 رقم 3060).
(3) المسند (6/ 64).
(4) سنن أبي داود (2/ 179 رقم 1888).
(5) جامع الترمذي (3/ 246 رقم 902).
(6) المسند (2/ 3) بنحوه.
(7) سنن النسائي (5/ 221 رقم 2919).
(8) جامع الترمذي (3/ 292 رقم 959).
(9) في جامع الترمذي: "أسبوعًا" وسبوع لغة في "أسبوع" قليلة. النهاية (2/
336).
(10) من سنن ابن ماجه.
(4/141)
إلا بالله؛ مُحيت عنه عشر سيئات، وكُتبت له
عشر حسنات، ورُفعت له عشر درجات، ومن طاف فتكلم في تلك الحال خاض في الرحمة
برجليه، كخائض الماء برجليه" (1).
رواه ق (2) وهو من رواية إسماعيل بن عياش الحمصي، وقد تُكلم فيه (3).
4235 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من طاف
بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
- رواه ت (4) وقال: حديث غريب. وقال خ (4): إنما يُروى هذا عن ابن عباس
قوله.
4236 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطواف حول
البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير".
رواه ت (5) س (6) غير أنه قال: عن طاوس، عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه
وسلم - ولم يسم ابن عباس، وقال ت: وقد روي عن ابن عباس موقوف.
4237 - قال أبو عقال: "طفت مع أنس بن مالك في مطر، فلما قضينا الطواف أتينا
المقام فصلينا ركعتين، فقال لنا أنس: ائتنفوا العمل فقد غُفر لكم. هكذا قال
لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطفنا معه في مطر".
__________
(1) عدَّه ابن عدي في الكامل (3/ 78) من منكرات حميد بن أبي سويد -شيخ
إسماعيل بن عياش- وقال: إنه غير محفوظ.
(2) سنن ابن ماجه (2/ 985 - 986 رقم 2957).
(3) ترجمته في التهذيب (3/ 163 - 181) لكن البلاء من شيخه، كما تقدم.
(4) جامع الترمذي (3/ 219 رقم 866).
4236 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 63 - 64 رقم 54 - 56).
(5) جامع الترمذي (3/ 293 رقم 960).
(6) سنن النسائي (5/ 222 رقم 2922).
(4/142)
رواه ق (1) وأبو عقال اسمه هلال بن زيد بن
يسار بن بولا مولى أنس، قال البخاري (2): في حديثه مناكير.
4238 - عن عبد الله بن السائب قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) وعنده: "قال بين (الركنين) (5) ".
78 - باب في تقبيل الحجر واستلامه واستلام
الركن اليماني
4239 - عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: "رأيت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
قتل الحجر، وقال: لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبَّلك
ما قبَّلتك".
أخرجاه خ (6) م (7).
4240 - وعن عابس بن ربيعة، عن عمر "أنه جاء إلى الحجر (الأسود) (8) فقبله،
فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي - صلى الله
عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك".
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 1041 رقم 3118).
(2) التاريخ الكبير (8/ 205 رقم 2722).
4238 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 390 - 392 رقم 361 - 363).
(3) المسند (3/ 411).
(4) سنن أبي داود (2/ 179 رقم 1892).
(5) تحرفت في "الأصل" إلى: الركعتين. والمثبت من سنن أبي داود.
(6) صحيح البخاري (3/ 555 رقم 1610).
(7) صحيح مسلم (2/ 925 رقم 1270).
(8) من صحيح البخاري.
(4/143)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2) ولم يقل: "لا
تضر ولا تنفع".
4241 - عن عبد الله بن سرجس قال: "رأيت الأصلع -وفي لفظ: الأصيلع يعني:
عمر- يقبل الحجر، ويقول: والله إني لأقبلك وإني أعلم أنك حجر، وأنك لا تضر
ولا تنفع؛ ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك ما
قبلتك".
رواه م (3).
4242 - وروى (4) عن سويد بن غفلة قال: "رأيت عمر قبَّل الحجر والتزمه،
وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بك حفيًّا".
4243 - عن الزبير بن عربي قال: "سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر، فقال:
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبِّله. وقال: أرأيت إن
زحمت، أرأيت إن غلبت. قال: اجعل "أرأيت" باليمن، رأيت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يستلمه ويقبّله (5) ".
رواه خ (6).
79 - باب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستلم إِلا الركنين اليمانيين
4244 - عن ابن عباس قال: "لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يستلم)
(7) غير الركنين اليمانيين". رواه م (8).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 540 رقم 1597).
(2) صحيح مسلم (2/ 925 - 926 رقم 1270/ 251).
(3) صحيح مسلم (2/ 925 رقم 1270/ 250).
(4) صحيح مسلم (2/ 926 رقم 1271).
(5) إنما قال به ذلك؛ لأنه فهم منه معارضة الحديث بالرأي، فأنكر عليه ذلك
وأمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي. فتح الباري (3/ 556).
(6) صحيح البخاري (3/ 555 رقم 1611).
(7) من صحيح مسلم.
(8) صحيح مسلم (2/ 925 رقم 1269).
(4/144)
4245 - عن ابن عمر قال: "ما تركت استلام
هذين الركنين -اليماني والحجر- مذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يستلمهما في شدة ولا رخاء".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
وعند البخاري: "قلت لنافع: أكان ابن عمر يمشي بين الركنين؟ قال: إنما كان
يمشي ليكون أيسر لاستلامه".
4246 - عن سالم بن عبد الله (عن أبيه) (3) قال: "لم أر النبي - صلى الله
عليه وسلم - يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين".
رواه خ (4) ومسلم (5) وعنده: "يمسح من البيت".
وفي لفظ له (6): "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يستلم إلا
الحجر والركن اليماني".
4247 - عن نافع، عن ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا
يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوافه. وكان عبد الله بن عمر
يفعله".
رواه د (7) س (8).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 550 رقم 1606).
(2) صحيح مسلم (2/ 924 رقم 1268).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (3/ 553 رقم 1609).
(5) صحيح مسلم (2/ 924 رقم 1267).
(6) صحيح مسلم (2/ 924 رقم 1267/ 244).
(7) سنن أبي داود (2/ 176 رقم 1876).
(8) سنن النسائي (5/ 231 رقم 2947).
(4/145)
80 - باب استلام الركن بالمحجن والإِشارة
إِليه وتقبيل المحجن واليد والبكاء عند تقبيله وتقبيل الركن اليماني
4248 - عن ابن عباس قال: "طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع
على بعير يستلم الركن بمحجن".
أخرجاه في الصحيحين (1).
4249 - عن جابر قال: "طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبيت في حجة
الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه؛ لأن يراه الناس وليشرف ويسألوه؛ فإن
الناس غشوه".
رواه م (2).
4250 - عن أبي الطفيل قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف
بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن".
رواه مسلم (3).
4251 - وروى (4) عن نافع قال: "رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم قبل يده،
وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله".
4252 - عن ابن عباس قال: "طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - (بالبيت) (5)
على بعيرٍ، كما أتى على الركن أشار إليه".
__________
(1) البخاري (3/ 552 رقم 1607)، ومسلم (2/ 926 رقم 1272).
(2) صحيح مسلم (2/ 926 رقم 1273).
(3) صحيح مسلم (2/ 927 رقم 1275).
(4) صحيح مسلم (2/ 924 رقم 1268).
(5) من صحيح البخاري.
(4/146)
رواه خ (1).
4253 - عن أبي داود الطيالسي (2) عن (جعفر بن عثمان) (3) المخزومي قال:
"رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبَّل الحجر وسجد عليه، وقال: (رأيت خالي ابن
عباس يقبِّل الحجر ويسجد عليه، وقال) (4): رأيت عمر يقبِّل الحجر ويسجد
عليه، وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يفعله) (5) ".
رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (6).
4254 - عن ابن عمر قال: "استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحجر،
ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً، ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي،
فقال: يا عمر ها هنا تسكب العبرات".
رواه ق (7) من حديث محمد بن عون قال البخاري (8) وأبو حاتم الرازي (9):
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 556 رقم 1612).
4253 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 284 رقم 173).
(2) وهو في مسند الطيالسي (7 رقم 28).
(3) كذا في "الأصل" ومسند الطيالسي والأحاديث المختارة، وفي المطالب
العالية وإتحاف الخيرة: جعفر بن عبد الله بن عثمان. ووقع في مسند أبي يعلى:
جعفر بن محمد. وهو خطأ؛ فقد رواه الضياء في المختارة من طريق أبي يعلى،
وفيه "جعفر بن عثمان" على الصواب، وقد روى هذا الحديث العقيلي في الضعفاء
(1/ 183) في ترجمة: جعفر بن عبد الله بن عثمان بن حميد القرشي الحميدي، فصح
أنه جعفر بن عبد الله بن عثمان، وأنه نُسب في الأصل ومسند الطيالسي
والأحاديث المختارة إلى جده، والله أعلم.
(4) سقطت من مسند أبي يعلى فاعله محققه بالانقطاع، وهي ثابتة في المطالب
والإتحاف والمختارة.
(5) من مسند أبي يعلى.
(6) مسند أبي يعلى (1/ 192 رقم 219).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 982 رقم 2945).
(8) في التاريخ الكبير (1/ 197)، والأوسط (2/ 109)، والضعفاء الصغير (109
رقم 335): منكر الحديث.
(9) الجرح والتعديل (8/ 47).
(4/147)
منكر الحديث، روى عن نافع حديثًا لا أصل
له.
قال الحافظ: وأظنه هذا، واللَّه أعلم (1).
4255 - عن ابن عباس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبِّل الركن
اليماني، ويضع خدَّه عليه".
رواه الدارقطني (2) هو من رواية عبد الله بن مسلم بن هرمز، ضعفه غير واحد
(3)، قال الإمام أحمد (4): صالح الحديث.
81 - باب التكبير عند الركن والتهليل
4256 - عن ابن عباس قال: "طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبيت على
بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشيء (كان) (5) عنده وكبر".
رواه خ (6).
4257 - عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا استلم الركن قال: بسم الله، والله
أكبر".
رواه الطبراني (7) بإسناد جيد.
4258 - وروى (8) أيضًا عن الحارث، عن علي "أنه كان إذا استلم الحجر قال:
__________
(1) وقال المزي في التهذيب (26/ 243): وكأنه الحديث الذي أشار إليه أبو
حاتم، والله أعلم.
(2) سنن الدارقطني (2/ 290 رقم 242).
(3) ترجمته في التهذيب (16/ 130 - 132).
(4) أسنده ابن عدي في الكامل (5/ 260) عنه.
(5) من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (3/ 557 رقم 1613).
(7) كتاب الدعاء (270 رقم 862).
(8) المعجم الأوسط (1/ 157 رقم 492).
(4/148)
اللهم إيمانًا بك، وتصديقاً بكتابك، وسنة
نبيك - صلى الله عليه وسلم -".
الحارث فيه كلام (1).
4259 - عن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: يا عمر، إنك رجل
قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله
وهلَّل وكبر".
رواه الإمام أحمد (2).
4260 - عن عبد الرحمن بن عوف قال: "قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -
حين فرغنا من الطواف بالبيت: كيف صنعت يا أبا محمد؟ قلت: استلمت وتركت.
قال: أصبت".
وفي لفظ: "يا أبا محمد، ما فعلت في استلام الركن؟ ".
رواه الطبراني (3) وابن حبان البستي (4).
82 - باب في طواف الراكب وطواف النساء مع
الرجال
4261 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "شكوت إلى النبي
- صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي. فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.
قالت: فطفت، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ يصلي، وهو يقرأ
"والطور وكتاب مسطور". رواه خ (5) م (6).
__________
(1) ترجمته في التهذيب (5/ 244 - 233).
(2) المسند (1/ 28).
4260 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 112 - 113 رقم 913، 914) ونقل عن
الدارقطني ترجيح إرساله.
(3) المعجم الكبير (1/ 127 رقم 257).
(4) الإحسان (9/ 131 - 132 رقم 3823).
(5) صحيح البخاري (3/ 560 - 561 رقم 1619).
(6) صحيح مسلم (2/ 927 رقم 1276).
(4/149)
4262 - عن عائشة قالت: "طاف رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع (حول الكعبة) (1) على بعير كراهية أن
يصرف (2) عنه الناس".
رواه م (3).
4263 - وعن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو
يشتكي، فطاف على راحلته كلما أتى (على) (4) الركن استلم الركن بمحجن، فلما
فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) وهذا لفظه.
4264 - عن صفية بنت شيبة قالت: "لما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- (بمكة) (4) عام الفتح طاف على بعير يستلم الركن بمحجن في يده. قالت: وأنا
انظر إليه".
رواه ق (7) د (8) واللفظ له.
وقد تقدم حديث ابن عباس (9) وحديث جابر (10) في طواف النبي - صلى الله عليه
وسلم - وهو راكب.
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) في صحيح مسلم: يضرب. قال النووي في شرح مسلم (5/ 393): هكذا هو في معظم
النسخ "يضرب" بالباء، وفي بعضها: "يصرف" بالصاد المهملة والفاء، وكلاهما
صحيح.
(3) صحيح مسلم (2/ 927 رقم 1274).
(4) من سنن أبي داود.
(5) المسند (1/ 214، 304).
(6) سنن أبي داود (2/ 177 رقم 1881).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 982 - 983 رقم 2947).
(8) سنن أبي داود (2/ 176 رقم 1878).
(9) الحديث رقم (4248).
(10) الحديث رقم (4249).
(4/150)
4265 - قال ابن جريج: أخبرني عطاء -إذ منع
ابن هشام النساء الطواف مع الرجال- قال: كيف يمنعهن، وقد طاف نساء رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - مع الرجال؟ قلت. أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي
لعمري لقد أدركته (1) بعد الحجاب. قلت: كيف يخالطهن (2) الرجال؟ قال: لم
يخالطهن (الرجال) (3) كانت عائشة تطوف حَجْرةً (4) من الرجال لا تخالطهم،
فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين. قالت: انطلقي عنك (5). وأبت،
يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى
يدخلن وأُخرِجَ الرجال (6)، وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير، وهي مجاورة
في جوف ثبير. قلت: وما حجابها؟ قال: هي في قبة تركية لها غشاء، وما بيننا
وبينها غير ذلك، ورأيت عليها درعًا مورَّداً (7) ".
رواه خ (8).
__________
(1) أي: طوافهن معهم. إرشاد الساري (3/ 172).
(2) في صحيح البخاري: يخالطن. قال ابن حجر: في رواية المستملي: "يخالطهن"
في الموضعين، والرجال بالرفع على الفاعلية. فتح الباري (3/ 562).
(3) ليست في صحيح البخاري.
(4) حجرة -بفتح المهملة، وسكون الجيم، بعدها راء- أي: ناحية، قال القزاز:
هو مأخوذ من قولهم: نزل فلان حجرة من الناس أي: معتزلاً، وفي رواية
الكشميهني "حجزة" بالزاي، وهي رواية عبد الرزاق فإنه فسره في آخره فقال:
يعني محجوزاً بينها وبين الرجال. فتح الباري (3/ 562).
(5) أي عن جهة نفسك. فتح الباري (3/ 562)
(6) أي: إذا أردن الدخول وقفن قائمات حتى يدخلن حال كون الرجال مخرجين منه.
فتح الباري (3/ 562)، وإرشاد الساري (3/ 172).
(7) أي: قميصاً لونه لون الورد، ولعبد الرزاق: "درعاً معصفرًا وأنا صبي".
فبين بذلك سبب رؤيته إياها. فتح الباري (3/ 562).
(8) صحيح البخاري (3/ 560 رقم 1618).
(4/151)
4266 - عن عائشة (1) قالت: يا رسول الله،
والله ما طفت طواف الخروج، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أقيمت
الصلاة طوفي على بعيرك من وراء الناس".
83 - باب أن الكفاو كانوا يطوفون عراة
4267 - عن ابن عباس قال: "كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول: من
يعيرني تَطوافًا (2) تجعله على فرجها، وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) (3) ". رواه م (4).
4268 - عن هشام -هو ابن عروة- عن أبيه قال: "كانت العرب تطوف بالبيت عراة
إلا الحمس -الحمس: قريش وما ولدت- كانوا يطوفون عراة إلا أن يعطيهم الحمس
ثيابًا، فيعطي الرجال الرجال، والنساء النساء".
رواه مسلم (5) من قول عروة.
84 - باب النهي عن طواف العريان أو مربوط بزمام
وعن حج المشركين
4269 - عن أبي هريرة "أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنهما- بعثه في الحجة
__________
(1) كذا وقع في "الأصل": عن عائشة. ولم يذكر من رواه، والحديث رواه النسائي
في سننه (5/ 223 رقم 2926) عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم سلمة رضي الله
عنها، وقال: عروة لم يسمعه من أم سلمة. والله أعلم.
(2) هذا على حذف المضاف، أي: ذا تطواف، ورواه بعضهم بكسر التاء، وقال: هو
الثوب الذي يُطاف به، ويجوز أن يكون مصدراً أيضًا. النهاية (3/ 143).
(3) سورة الأعراف، الآية 31.
(4) صحيح مسلم (4/ 2320 رقم 3028).
(5) صحيح مسلم (2/ 894 رقم 1219).
(4/152)
التي أمَّره عليها رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: ألا يحج بعد
العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان".
رواه خ (1) م (2).
4270 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر وهو يطوف بالكعبة
بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير -أو بخيط، أو بشيء غير ذلك- فقطعه النبي -
صلى الله عليه وسلم - بيده، ثم قال: قده بيده" (3). وفي لفظ (4) "بزمام".
رواه خ.
4271 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أدرك رجلين وهما مقترنان، يمشيان إلى البيت، فقال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ما بال القران؟ قالا: يا رسول الله، نذرنا أن نمشي إلى
البيت مقترنان (5). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس هذا نذرًا
-فقطع قرانهما- إنما النذر ما ابتغي به وجه الله -عز وجل".
رواهَ الإمام أحمد (6).
4272 - عن زيد بن أُثيع قال: "سألت علياً -رضي الله عنه- بأي شيء بُعثت؟
قال: بأربع، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا
يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، ومن كان (7) بينه وبين النبي -
صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 565 رقم 1622).
(2) صحيح مسلم (2/ 982 رقم 1347).
(3) صحيح البخاري (3/ 563 رقم 1620).
(4) صحيح البخاري (3/ 565 رقم 1621).
(5) كذا في "الأصل" وفي المسند: "مقترنين" على الجادة.
(6) المسند (2/ 183).
4272 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 84 - 85 رقم 461، 462).
(7) في "الأصل": كانت. والمثبت من جامع الترمذي.
(4/153)
عهد فعهده إلى مدته، ومن لا مدة له فأربعة
أشهر".
رواه الإمام أحمد (1) ت (2) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن. وروى (3) إسناده.
وقال: زيد بن يثيع. وهذا أصح.
4273 - عن المحرر بن أبي هريرة، عن أبيه قال: "كنت مع علي بن أبي طالب -رضي
الله عنه- حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة، قال ما
كنتم تنادون؟ قال: كنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف
بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد
فأجله -أو أمده- إلى أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر فإن الله بريء من
المشركين ورسوله، ولا يحج بعد العام مشرك. فكنت أنادي حتى صَحِل (4) صوتي".
رواه النسائي (5).
85 - باب أن الحائض لا تطوف بالبيت
4274 - عن عائشة أنها قالت: "قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين
الصفا والمروة. قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".
أخرجاه (6) -لفظ البخاري- وفي لفظ مسلم: "فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا
تطوفي بالبيت حتى تغتسلي".
__________
(1) المسند (1/ 79).
(2) جامع الترمذي (3/ 222 رقم 871).
(3) جامع الترمذي (3/ 222 رقم 872).
(4) بكسر الحاء، أي: ذهبت حدته. قاله السندي في حاشية سنن النسائي (5/
234).
(5) سنن النسائي (5/ 234 رقم 2958).
(6) البخاري (3/ 588 رقم 1650)، ومسلم (2/ 870 رقم 1211).
(4/154)
4275 - وعن عائشة، عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: "الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف (بالبيت) (1) ".
رواه الإمام أحمد (2).
86 - باب ذكر الحِجْر أنه من البيت
4276 - عن سالم بن عبد الله أن (عبد الله بن) (3) محمد بن أبي بكر أخبر عبد
الله ابن عمر، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - قال لها: ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن
قواعد إبراهيم. فقلت: يا رسول الله، أفلا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال:
لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت. قال عبد الله: لئن كانت عائشة سمعت هذا من
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتم على قواعد
إبراهيم".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5).
4277 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لولا حداثة
(عهد) (6) قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشًا
حين بنت البيت استقصرت ولجعلت لها خلفًا".
رواه خ (7) م (8) وهذا لفظه، وعند البخاري: "استقصرت بناءه، وجعلت له
__________
(1) من المسند.
(2) المسند (6/ 137).
(3) من الصحيحين.
(4) صحيح البخاري (3/ 513 رقم 1583) بنحوه.
(5) صحيح مسلم (2/ 969 رقم 1333/ 399) واللفظ له.
(6) من صحيح مسلم.
(7) صحيح البخاري (3/ 514 رقم 1585).
(8) صحيح مسلم (2/ 968 رقم 1333/ 398).
(4/155)
خلفًا". وقال (أبو) (1) معاوية: حدثنا
هشام: خلفًا يعني: بابًا".
4278 - وعن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: يا عائشة،
لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم (فأدخلت فيه ما أُخرج
منه، وألزقته بالأرض) (2) ولجعلت له بابين بابًا شرقيًّا وبابًا غربيًّا
فبلغت به أساس إبراهيم. فذاك الذي حمل ابن الزبير على هذه. قال يزيد -هو
ابن رومان-: وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت
أساس إبراهيم حجارة كأسنمة الإبل. قال جرير -هو ابن حاتم-: فقلت له: أين
موضعه؟ فقال: أُرِيَكَهُ الآن. فدخلت معه الحِجْر، فأشار إلى مكان فقال: ها
هنا. فحزرت من الحجر ستة أذرع أو نحوها".
رواه خ (3).
4279 - وعن عائشة قالت: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجَدْر
(4) أمن البيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما لهم لم يدخلوها في البيت؟ قال: إن
قومك قصرت بهم النفقة. قلت: فما شأن بابهم مرتفعًا؟ قال: فعل ذلك قومك
ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية
فأخاف أن تُنكر قلوبهم أن أُدخل الجدر في البيت (5)، وأن أُلصق بابه
بالأرض".
__________
(1) من صحيح البخاري، وأبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير، وهشام هو ابن
عروة، ورواية أبي معاوية هذه وصلها مسلم والنسائي، قاله ابن حجر في الفتح
(3/ 520).
(2) من صحيح البخاري.
(3) صحيح البخاري (3/ 514 رقم 1586).
(4) بفتح الجيم، وسكون المهملة، كذا للأكثر، وكذا هو في مسند مسدد شيخ
البخاري فيه، وفي رواية المستملي: "الجدار" قال الخليل: الجدر لغة في
الجدار. انتهى، ووهم من ضبطه بضمها؛ لأن المراد الحجر، ولأبي داود الطيالسي
عن أبي الأحوص شيخ مسدد فيه: "الجدر أو الحجر" بالشك، ولأبي عوانة من طريق
شيبان عن الأشعث "الحجر" بغير شك. فتح الباري (3/ 518).
(5) أي: أخاف إنكار قلوبهم إدخالي الحجر، وجواب "لولا" محذوف، وثبت جوابها
في رواية مسلم. فتح الباري (3/ 519).
(4/156)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) وعنده:
"لنظرت أن أدخل الجدر".
4280 - عن عبد الله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء، عن الحارث بن عبد
الله ابن أبي ربيعة، قال عبد الله بن عبيد: "وقد الحارث بن عبد الله على
عبد الملك ابن مروان في خلافته، فقال عبد الملك: ما أظن أبا خبيب -يعني:
ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها. قال الحارث: بلى، أنا
سمعته منها. قال: سمعتها تقول ماذا؟ (قال) (3) قالت: قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: إن قومك (استقصروا) (4) من بنيان البيت، ولولا حداثة
عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي
لأريك ما تركوا منه. فأراها قريبًا من سبعة أذرع".
هذا حديث عبد الله بن عبيد وزاد عليه الوليد بن عطاء: قال- أي رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: "ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيًّا
وغربيًّا، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ قالت: قلت: لا. قال: تعززًا
أن لا يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه
يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دعوه فسقط. قال عبد الملك للحارث: أنت سمعتها
تقول هذا؟ قال: نعم. قال: فنكت ساعة بعصاة، ثم قال: وددت أني (تركته) (5)
وما تحمل".
رواه م (6).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 153 - 514 رقم 1584).
(2) صحيح ملم (2/ 973 رقم 1333/ 405).
(3) من صحيح مسلم.
(4) في "الأصل": اقتصروا. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) في "الأصل": تركتهم. والمثبت من صحيح مسلم، والضمير يعود على عبد الله
بن الزبير رضي الله عنه.
(6) صحيح مسلم (2/ 971 - 972 رقم 1333/ 403).
(4/157)
4281 - وروى (1) أيضًا عن أبي قزعة "أن عبد
الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال: قاتل الله ابن الزبير حيث
يكذب على أم المؤمنين، يقول: سمعتها تقول: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يا عائشة، لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من
الحجر، فإن قومك قصروا في البناء. قال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: لا
تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث هذا. قال: لو كنت
سمعته قبل أن أهدمه لتركته على بناء ابن الزبير".
4282 - وعن عائشة قالت: "كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - بيدي فأدخلني الحجر، قال: صلي في الحجر إن أردتي
دخول البيت؛ فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروه حين بنوا الكعبة،
فأخرجوه من البيت" (2).
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) ت (6) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن صحيح.
87 - باب جواز الطواف في كل وقت
4283 - عن جبير بن مطعم يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا
أحدًا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو نهار" (7).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 972 رقم 1333/ 404).
(2) رواه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 335 رقم 3018).
(3) المسند (6/ 92 - 93).
(4) سنن أبي داود (2/ 214 رقم 2028).
(5) سنن النسائي (5/ 219 رقم 2912).
(6) جامع الترمذي (3/ 225 رقم 876).
(7) صححه ابن خزيمة (2/ 263 رقم 1280)، وابن حبان (3/ 420 - 421 رقم 1552 -
1554)، والحاكم (1/ 448).
(4/158)
رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- س
(3) ق (4) ت (5)، وقال: حديث حسن (6).
ولفظ الإمام أحمد (7) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "خير عطاء هذا، يا
بني عبد المطلب، يا بني عبد مناف، إن كان إليكم من هذا الأمر شيء، فلا
أعرفن ما منعتم أحداً يصلي عند هذا البيت أي ساعة شاء من ليل أو نهار".
4284 - عن عروة، عن عائشة "أن ناسًا طافوا بالبيت بعد صلاة الصبح، ثم قعدوا
إلى المذكِّر (8) حتى (إذا) (9) طلعت الشمس قاموا يصلون، فقالت عائشة:
قعدوا حتى كانت الساعة التي تُكره فيها الصلاة قاموا يصلون".
رواه خ (10).
4285 - وروى (11) عن عبد العزيز بن رفيع: "رأيت عبد الله بن الزبير يطوف
بعد الفجر ويصلي ركعتين. قال عبد العزيز: ورأيت عبد الله بن الزبير يصلي
__________
(1) المسند (4/ 80، 81، 82، 83، 84).
(2) سنن أبي داود (2/ 180 رقم 1894).
(3) سنن النسائي (1/ 484 رقم 584، 5/ 223 رقم 2924).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 398 رقم 1254).
(5) جامع الترمذي (3/ 220 رقم 868).
(6) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (4/ 99)، وتحفة الأحوذي (3/ 606 رقم
869)، وتحفة الأشراف (2/ 411 رقم 3187): حديث حسن صحيح.
(7) المسند (4/ 84).
(8) بالمعجمة وتشديد الكاف، أي الواعظ، وضبطه ابن الأثير في النهاية
بالتخفيف بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه، قال: وأرادت موضع الذكر، إما
الحَجَر وإما الحِجْر. فتح الباري (3/ 572).
(9) من صحيح البخاري.
(10) صحيح البخاري (3/ 570 رقم 1628).
(11) صحيح البخاري (3/ 571 رقم 1630، 1631).
(4/159)
ركعتين بعد العصر ويخبر أن عائشة حدثته أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل بيتها إلا صلاهما".
4286 - عن أبي الزبير "سألت جابرًا عن الطواف بالكعبة، فقال: كنا نطوف
فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة، ولم نكن نطوف بعد صلاة الصبح حتى تطلع
الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب. وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- (يقول:) (1) تطلع الشمس في قرني الشيطان".
رواه الإمام أحمد (2).
4287 - وقال البخاري (3): قال نافع: "كان ابن عمر يصلي لكل سبوع ركعتين.
وقال إسماعيل بن أمية: قلت للزهري إن عطاء يقول: تجزئه المكتوبة من ركعتي
الطواف. فقال: السنة أفضل، لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - سبوعًا قط
إلا صلى ركعتن".
4288 - عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري "أنه طاف مع عمر بن الخطابه بعد صلاة
الصبح بالكعبة فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس فركب حتى أناخ بذي طوى،
فسبح ركعتين".
رواه الإمام مالك (4).
88 - باب في ركعتي الطواف ومكان الصلاة
4289 - عن عَمْرو بن دينار سمعت ابن عُمَر يقول: "قدم رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - فطاف بالبيت سبعًا، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم خرج إلى الصفا،
وقد
__________
(1) من مسند أحمد.
(2) المسند (3/ 393).
(3) صحيح البخاري (3/ 566) كتاب الحج، باب صلى النبي - صلى الله عليه وسلم
- لسبوعه ركعتين.
(4) الموطأ (1/ 297 رقم 117).
(4/160)
قال الله -عز وجل-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (1) ".
رواه البخاري (2) ومسلم (3).
4290 - عن عبد الله بن أبي أوفى قال: "اعتمر رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين، ومعه من يستره من الناس، فقال
له رجل: أدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة؟ قال: لا".
رواه خ (4).
وفي لفظ له (5): "كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين اعتمر، فطاف
فطفنا معه، وصلى فصلينا معه، وسعى بين الصفا والمروة فكنا نستره من أهل مكة
لا يصيبه (أحدٌ) (6) بشيء".
وروى منه مسلم (7) "قلت لابن أبي أوفى: أدخل النبي - صلى الله عليه وسلم -
(البيت) (8) في عمرته؟ قال: لا".
وفي رواية لأبي داود السجستاني (9): "ثم أتى الصفا والمروة فسعى بينهما
سبعاً، ثم حلق رأسه".
4291 - عن عبد الله بن السائب "أنه كان يقود ابن عباس فيقيمه عند الشقة
__________
(1) سورة الأحزاب، الآية: 21.
(2) صحيح البخاري (3/ 566 - 567 رقم 1623).
(3) صحيح مسلم (2/ 906 رقم 1234).
(4) صحيح البخاري (3/ 546 رقم 1600).
(5) صحيح البخاري (7/ 522 رقم 4188).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح مسلم (2/ 968 رقم 1332).
(8) من صحيح مسلم.
(9) سنن أبي داود (2/ 182 رقم 1903).
4291 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 393 - 394 رقم 364، 465).
(4/161)
الثالثة مما يلي الركن الذي يلي الحجر مما
يلي الباب، فيقول له ابن عباس: أنبئت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كان يصلي ها هنا؟ فيقول:؟ نعم. فيقوم فيصلي".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- س (3).
وفي رواية الإمام أحمد: "مما يلي الباب مما يلي الحجر، فقلت -يعني: القائل
ابن عباس- لعبد الله بن السائب: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان
يقوم ها هنا -أو يصلي ها هنا-؟ فيقول: نعم. فيقوم ابن عباس فيصلي".
4292 - عن المطلب بن أبي وداعة قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -
حين فرغ من سبعه جاء حاشية المطاف فصلى ركعتين، وليس بينه وبين الطواف
أحد".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) س (6) ق (7).
4293 - عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف (سبعًا) (8) رمل
ثلاثًا ومشى أربعًا ثم قرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ
مُصَلًّى} (9) فصلى سجدتين وجعل المقام بينه وبين الكعبة، ثم استلم الركن،
ثم خرج فقال: إن الصفا والمروة من شعائر الله؛ فابدءوا بما بدأ الله به"
(10).
رواه س (11).
__________
(1) المسند (3/ 410).
(2) سنن أبي داود (2/ 181 رقم 1900).
(3) سنن النسائي (5/ 221 رقم 2918).
(4) المسند (6/ 399).
(5) سنن أبي داود (2/ 211 رقم 2016).
(6) سنن النسائي (5/ 235 رقم 2959).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 986 رقم 2958).
(8) في "الأصل": وسعى و. والمثبت من سنن النسائي.
(9) سورة البقرة، الآية: 125.
(10) رواه مسلم (2/ 887 - 888 رقم 1218) في حديث جابر الطويل، وفيه: "أبدأ
بما بدأ الله به" بصيغة المضارع لا الأمر، والله أعلم.
(11) سنن النسائي (5/ 236 رقم 2962).
(4/162)
89 - باب طواف
القارن
4294 - عن عائشة قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة
الوداع فأهللنا بعمرة، ثم قال: من (كان) (1) معه هدي فليهل بالحج والعمرة،
ثم لا يحل حتى يحل منهما. فقدمت مكة وأنا حائض، فلما قضينا حجنا أرسلني مع
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى التنعيم فاعتمرت، فقال (- صلى الله عليه
وسلم - هذه) (1) مكان عمرتك. فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا، ثم طافوا
طوافًا آخر بعد أن رجعوا من مني، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فطافوا
طوافاً واحداً".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3) وعنده: "ثم قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل
منهما جميعًا. قالت: فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا
والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: انقضي رأسك
وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة. قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم
فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك. فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا
والمروة ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من مني لحجهم، وأما
الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحداً".
4295 - ولمسلم (4) أيضاً عنها: "أنها حاضت بسرف فطهرت بعرفة، فقال لها رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك
وعمرتك".
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (3/ 577 رقم 1638).
(3) صحيح مسلم (2/ 870 رقم 1211).
(4) صحيح مسلم (2/ 880 رقم 1211/ 133).
(4/163)
4296 - وله (1) أيضًا عنها "أنها أهلت
بعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج،
فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النفر: يسعك طوافك لحجك وعمرتك.
فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج".
4297 - عن عبد الله بن عباس قال: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة
فطاف وسعى بين الصفا والمروة ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من
عرفة". رواه خ (2).
4298 - عن جابر بن عبد الله قال: "لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا
أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا، طوافه الأول". رواه م (3).
4299 - وروى (4) أيضًا عن عائشة "أنها حاضت بسرف فطهرت بعرفة، فقال لها
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك
وعمرتك".
4300 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحرم
بالحج والعمرة كفى لهما (طواف واحد، ولم يحل) (5) حتى يقضي حجه ويحل منهما
جميعًا".
رواه الإمام أحمد (6) ق (7) ت (8)، وقال: حديث حسن غريب (9). ولفظه:
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 879 رقم 1211/ 132).
(2) صحيح البخاري (3/ 568 رقم 1625).
(3) صحيح مسلم (2/ 883 رقم 1215).
(4) صحيح مسلم (2/ 880 رقم 1211/ 133).
(5) في "الأصل": طوافًا واحدًا. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(6) المسند (2/ 67).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 991 رقم 2975) واللفظ له.
(8) جامع الترمذي (3/ 284 رقم 948).
(9) كذا في تحفة الأشراف (6/ 156 رقم 8029)، وفي جامع الترمذي وعارضة
الأحوذي (4/ 174): حديث حسن صحيح غريب. وفي تحفة الأحوذي (4/ 20 رقم 955):=
(4/164)
"من أحرم بالحج والعمرة أجرأه طواف واحد
وسعي واحد منهما حتى يحل منهما جميعًا وقال: قد روى غير واحد عن عُبَيْد
الله بن عمر -يعني: (عن) (1) نافع- ولم يرفعوه، وهو أصح.
90 - باب في الملتزم
4301 - عن عبد الرحمن بن صفوان قال: "لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - مكة قلت: لألبسن ثيابي -وكانت داري على الطريق- فلأنظرن ما يصنع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلقت فوافقت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - (قد) (2) خرج من الكعبة وأصحابه قد استلموا البيت من الباب إلى
الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وسطهم، فقلت لعمر: كيف صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دخل
الكعبة؟ قال: صلى ركعتين".
رواه الإمام أحمد (3) -وهذا لفظه- د (4).
4302 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه قال: "طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر
الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: نعوذ بالله من النار. ثم مضى حتى استلم الحجر،
وأقام بين الركن والباب ووضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطًا،
ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله".
رواه د (5) -وهذا لفظه- ق (6) وهو من رواية المثنى بن الصباح (7)، وقد
تُكلم فيه.
__________
= حديث حسن غريب صحيح.
(1) ليست في "الأصل".
(2) من المسند.
(3) المسند (3/ 431).
(4) سنن أبي داود (2/ 181 رقم 1898).
(5) سنن أبي داود (2/ 181 رقم 1899).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 897 رقم 2962).
(7) ترجمته في التهذيب (27/ 203 - 207).
(4/165)
4303 - عن مجاهد، عن ابن عباس قال:
"الملتزم ما بين الركن والباب" (1).
رواه الطبراني في المناسك.
91 - باب في دخول الكعبة والصلاة فيها ومن قال
لم يصل فيها والدعاء فيها
4304 - عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أبى
أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأُخرجت وأُخرج صورة إبراهيم وإسماعيل
في أيديهما الأزلام، فقال: قاتلهم الله، لقد علموا ما استقسما بها. ثم دخل
البيت فكبر في نواحي البيت وخرج، ولم يصل فيه".
رواه خ (2).
4305 - عن جابر: "كان في الكعبة صورٌ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
عمر بن الخطاب بمحوها، فبل عمر ثوبًا ومحاها به، فدخلها رسول اللَّه - صلى
الله عليه وسلم - وما فيها منها شيء".
رواه الإمام أحمد (3).
4306 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة فيها ست
سوارٍ، فقام عند كل سارية فدعا، ولم يُصل".
رواه خ (4) م (5) وهذا لفظه.
__________
(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 164).
(2) صحيح البخاري (3/ 547 رقم 1601).
(3) المسند (3/ 396).
(4) صحيح البخاري (1/ 597 رقم 398).
(5) صحيح مسلم (2/ 968 رقم 1331).
(4/166)
ولفظ البخاري: قال: "لما دخل النبي - صلى
الله عليه وسلم - البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل حتى خرج منه، فلما خرج
منه ركع في قبل الكعبة، وقال: هذه القبلة".
4307 - وعن ابن عباس قال: "إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله، أخبرني
أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت دعا في نواحيه
كلها، ولم يصل فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين وقال: هذه
القبلة. قلت له: ما نواحيها أفي زواياها؟ قال: بل في كل (قبلة) (1) من
البيت".
رواه م (2).
4308 - عن سالم بن عبد الله، عن أبيه قال: "دخل رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة البيت، فأغلقوا عليهم، فلما
فتحوا كنت أول من ولج، فلقيت بلالاً فسألته هل صلى فيه رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، بين العمودين اليمانيين".
رواه خ (3) م (4).
وفي لفظ (5): "قال ابن عمر: فنسيت أن أسأله كم صلى".
وفي لفظ للبخاري (6): "فقلت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
الكعبة؟ فقال: نعم، ركعتين بين الساريتين (اللتين) (7) على يساره إذا دخلت،
ثم خرج فصلى في
__________
(1) في "الأصل": وصلة. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 968 رقم 1330).
(3) صحيح البخاري (3/ 541 رقم 1598).
(4) صحيح مسلم (2/ 967 رقم 1329/ 393).
(5) البخاري (6/ 153 رقم 2988، 7/ 611 رقم 4289)، ومسلم (2/ 967 رقم 1329/
391).
(6) صحيح البخاري (1/ 596 رقم 397).
(7) من صحيح البخاري.
(4/167)
وجه الكعبة ركعتين".
4309 - وعن ابن عمر "أنه كان إذا دخل الكعبة مشى قبل الوجه حين يدخل، ويجعل
الباب قبل ظهره، يمشي حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريب من
ثلاثة أذرع فيصلي، يتوخى المكان الذي أخبره بلال أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - صلى فيه، وليس على أحد بأس أن يصلي في (أي) (1) نواحي البيت
شاء".
رواه خ (2).
4310 - وعن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة هو
وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي، فأغلقها عليه ثم مكث فيها. قال ابن
عمر: فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال:
جعل عمودين عن يساره وعمودًا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت
يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى".
رواه خ (3) م (4).
4311 - وعن ابن عمر (قال: "أقبل) (5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام
الفتح وهو مردف أسامة على القصواء ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتى أناخ عند
البيت، ثم قال لعثمان: ائتنا بالمفتاح. فجاءه (بالمفتاح) (6) ففتح له
الباب، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسامة وبلال وعثمان، ثم أغلقوا
عليهم الباب، فمكث نهاراً طويلاً، ثم خرج فابتدر الناس الدخول، فسبقتهم
فوجدت بلالاً قائمًا وراء الباب، فقلت له: أين
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (3/ 545 رقم 1599).
(3) صحيح البخاري (1/ 688 - 689 رقم 505).
(4) صحيح مسلم (2/ 966 رقم 1329).
(5) في "الأصل": أن. والمثبت من صحيح البخاري.
(6) من صحيح البخاري.
(4/168)
صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال:
صلى بين ذينك العمودين المقدمين. وكان البيت على ستة أعمدة سطرين، صلى بين
العمودين من السطر المقدم، وجعل باب البيت خلف ظهره، واستقبل بوجهه الذي
يستقبلك حين تلج البيت بينه وبين الجدار، ونسيت أن أسأله كم صلى، وعند
المكان الذي صلى فيه مَرْمَرةٌ (1) حمراء".
رواه خ (2).
4312 - وعن ابن عمر قال: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح
على ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ بفناء الكعبة، ثم دعا عثمان بن طلحة فقال:
ائتني بالمفتاح. فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه، فقال: والله لتعطينيه أو
ليخرجن هذا السيف من صلبي. قال: فأعطته إياه، فجاء به إلى النبي - صلى الله
عليه وسلم - فدفعه إليه، ففتح الباب". رواه مسلم (3).
4313 - عن أسامة بن زيد: "أنه دخل هو ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -
البيت، فأمر بلالاً فأجاف الباب، والبيت إذ ذاك على ستة أعمدة، حتى إذا كان
بين الأسطوانتين، اللتين تليان الباب -باب الكعبة- جلس فحمد الله وأثنى
عليه وسأله واستغفره، ثم قام حتى أتى ما استقبل من دبر الكعبة فوضع وجهه
وخده عليه، وحمد الله وأثنى عليه وسأله واستغفر، ثم انصرف إلى كل ركن من
أركان الكعبة فاستقبله بالتكبير والتهليل والتسبيح والثناء على الله
والمسألة والاستغفار، ثم خرج فصلى ركعتين مستقبل وجه الكعبة، ثم انصرف.
فقال: (هذه القبلة) (4) ".
__________
(1) بسكون الراء والمهملتين والميمين المفتوحتين واحدة المرمر، وهو جنس من
الرخام نفيس معروف. فتح الباري (7/ 709).
(2) صحيح البخاري (7/ 709 رقم 4400).
(3) صحيح مسلم (2/ 966 رقم 1329/ 390).
(4) تكررت في سنن النسائي مرتين.
4313 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 120 - 122 رقم 1331 - 1333).
(4/169)
رواه س (1).
وفي رواية ثَمَّ (2): "دخلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - البيت، فجلس
فحمد الله وأثنى عليه وكبَّر وهلَّل، ثم قام إلى ما بين يديه من البيت فوضع
صدره عليه وخده ويديه، ثم كبر وهلَّل ودعا، فعل ذلك بالأركان كلها، ثم خرج
فأقبل على القبلة وهو على الباب، فقال: هذه (القبلة) (3) هذه القبلة".
رواه الإمام أحمد (4) بتمامه، وفي آخره عنده: "مرتين أو ثلاثًا".
4314 - عن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها وهو مسرور،
فرجع وهو كئيب، فقال: إني دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما
دخلتها؛ إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) ق (7) ت (8)، وقال: حديث حسن صحيح.
4315 - عن منصور الحجبي قال: حدثني خالي مسافع بن شيبة عن أمي قالت: سمعت
الأسلمية تقول: "قلت لعثمان: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حين دعاك؟ قال: إني نسيت أن آمرك تخمر القرنين؛ فإنه ليس ينبغي أن يكون في
البيت شيء يشغل المصلي".
__________
(1) سنن النسائي (5/ 219 - 220 رقم 2914).
(2) سنن النسائي (5/ 220 رقم 2915).
(3) من سنن النسائي.
(4) المسند (5/ 209، 210).
(5) المسند (6/ 137).
(6) سنن أبي داود (2/ 215 رقم 2029).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1018 - 1019 رقم 3064).
(8) جامع الترمذي (3/ 223 رقم 873).
(4/170)
رواه الإمام أحمد (1) د (2) واللفظ له.
4316 - عن عثمان بن طلحة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل البيت فصلى
ركعتين وجاهك بين الساريتين".
رواه الإمام أحمد (3).
وقد تقدم (4) حديث عبد الرحمن بن صفوان عن عمر -رضي الله عنهما.
92 - باب في سقاية الحاج والشرب من زمزم
والاغتسال منها
4317 - عن ابن عمر "أن العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منًى من أجل سقايته، فأذن له".
رواه خ (5) م (6) وهذا لفظه.
4318 - عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى السقاية
فاستسقى، فقال العباس: يا فضل، اذهب (إلى أمك) (7) فائت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بشراب من عندها. فقال: اسقني. قال: يا رسول الله، إنهم
يجعلون أيديهم فيه. قال: اسقني. فشرب منه، ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون
فيها فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح. ثم قال: لولا أن تُغلبوا لنزلتُ حتى
أضع الحبل على
__________
(1) المسند (5/ 380).
(2) سنن أبي داود (2/ 215 رقم 2030).
(3) المسند (3/ 410).
(4) الحديث رقم (4301).
(5) صحيح البخاري (3/ 573 - 574 رقم 1634).
(6) صحيح مسلم (2/ 953 رقم 1315).
(7) من صحيح البخاري.
(4/171)
هذه -يعني: عاتقه- وأشار إلى عاتقه".
رواه خ (1).
4319 - عن الشعبي أن ابن عباس حدثه قال: "سقيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - من زمزم، فشرب وهو قائم". قال عاصم (2): فحلف عكرمة ما كان يومئذ
إلا على بعيرٍ.
رواه خ (3) ومسلم (4) وليس عنده قول عكرمة.
وعند مسلم (5) أيضًا: "فأتيته بدلوٍ واستسقى وهو عند البيت".
4320 - عن بكر بن عبد الله المزني قال: "كنت جالساً مع ابن عباس عند الكعبة
فأتاه أعرابي، فقال: ما لي أرى بني عمكم يسقون العسل واللبن، وأنتم تسقون
النبيذ، أمن حاجة بكم أم من بخل؟ فقال ابن عباس: الحمد للَّه ما بنا من
حاجة ولا بخل، قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وخلفه أسامة،
فاستسقى فأتيناه بإناءٍ من نبيذٍ فشرب وسقى فضله أسامة؛ فقال: أحسنتم
وأجملتم كذا فاصنعوا. فلا نريد تغيير ما أمر به رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -".
رواه م (6).
4321 - عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: "كنت عند ابن عباس جالسًا
فجاءه رجل فقال: من أين جئت؟ قال: من زمزم. قال: فشربت منها كما
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 574 رقم 1635).
(2) هو عاصم بن سليمان الأحول الراوي عن الشعبي.
(3) صحيح البخاري (3/ 576 رقم 1637).
(4) صحيح مسلم (3/ 1601 - 1602 رقم 2027).
(5) صحيح مسلم (3/ 1602 رقم 2027/ 120).
(6) صحيح مسلم (2/ 953 رقم 1316).
4321 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 61 رقم 94).
(4/172)
ينبغي؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها
فاستقبل القبلة واذكر اسم الله، وتنفس ثلاثاً وتضلع (1) منها، فإذا فرغت
فاحمد الله -عز وجل- فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن آية ما
بيننا وبين المنافقين (أنهم) (2) لا يتضلعون من زمزم".
رواه ق (3).
4322 - عن أبي ذر -في ذكر إسلامه- وفيه: "وجاء رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - حتى استلم الحجر وطاف بالبيت، هو وصاحبه، ثم صلى، فلما قضى صلاته
قال أبو ذر: فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام (قال: فقلت: السلام عليك
يا رسول الله) (4) فقال: وعليك ورحمة الله". وفيه: "فقال: متى كنت ها هنا؟
قال: قلت: قد كنت ها هنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم. قال: فمن كان يطعمك؟
قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم؟ فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما أجد على
كبدي (سخفة) (5) جوع. قال: إنها مباركة؛ إنها طعام طُعْم (6).
رواه م (7) وقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده (8) وزاد فيه: "وشفاء
سُقم".
4323 - عن عبد الله بن المؤمل، أنه سمع أبا الزبير، يقول: سمعت جابر بن
__________
(1) أي: أكثر من الشرب حتى يتمدد جنبك وأضلاعك. النهاية (3/ 97).
(2) من سنن ابن ماجه.
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1017 رقم 3061).
(4) من صحيح مسلم.
(5) تُشبه أن تكون في "الأصل": سخبة. بالباء والمثبت من صحيح مسلم، وسخفة
الجوع: يعني رقته وهُزاله، والسَّخف -بالفتح- رقة العيش، وبالضم رقة العقل،
وقيل: هي الخفة التي تعتري الإنسان إذ جاع، من السخف، وهي الخفة في العقل
وغيره. النهاية (2/ 350).
(6) أي: يشبع الإنسان إذا شرب ماءها كما يشبع من الطعام. النهاية (3/ 125).
(7) صحيح مسلم (4/ 1920 - 1921 رقم 2473).
(8) مسند الطيالسي (61 رقم 457) وفيه سقط استدرك في آخر المسند (ص 377) عن
نسخة عتيقة.
(4/173)
عبد الله يقول: سمعت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يقول: "ماء زمزم لما شُرِبَ له".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2) عبد الله بن المؤمل تكلم فيه بعض الأئمة (3).
4324 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ماء زمزم
لما شرب له؛ إن شربته (تستشفي به شفاك الله، وإن شربته لشبعك أشبعك الله
به، وإن شربته) (4) لقطع ظمأك قطعه الله، وهي هَزْمَة جبريل (5)، وسقيا
الله إسماعيل".
رواه الدارقطني (6).
4325 - عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمل ثلاثة أطواف من
الحجر إلى الحجر، وصلى ركعتين، ثم عاد إلى الحجر، ثم ذهب إلى زمزم فشرب
منها، وصبَّ على رأسه، ثم رجع فاستلم الركن، ثم رجع إلى الصفا، فقال:
أبْدَأُ بما بدأ الله -عز وجل (7) ".
رواه الإمام أحمد (8).
4326 - عن عكرمة قال: "كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال: اللهم إني أسألك
علمًا نافعًا، ورزقاً واسعًا، وشفاءً من كل داء".
رواه الدارقطني (9).
__________
(1) المسند (3/ 357).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1018 رقم 3062).
(3) ترجمته في التهذيب (16/ 187 - 191).
(4) من سنن الدارقطني.
(5) أي: ضربها برجله فنبع الماء، والهَزْمة: النُّقرة في الصدر، وفي
التفاحة إذا غمزتها بيدك، وهزمت البئر إذا حفرتها. النهاية (5/ 263).
(6) سنن الدارقطني (2/ 289 رقم 238).
(7) في المسند: "ابدءوا بما بدأ الله -عز وجل- به".
(8) المسند (3/ 394).
(9) سنن الدارقطني (2/ 288 رقم 237).
(4/174)
4327 - عن عروة، عن عائشة أنها كانت تحمل
من ماء زمزم، وتخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحمله".
رواه ت (1) وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
93 - باب في ذكر الصفا والمروة والطواف بينهما
4328 - عن الزهري، عن عروة قال: "سألت عائشة فقلت لها: أرأيت قول الله
-تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ
حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ
بِهِمَا} (2) فواللَّه ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة. قالت:
بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه
أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون
لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المُشَلَّل (3)، فكان من أَهلَّ
يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة فلما (4) سألوا رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - (عن ذلك) (5) قالوا: يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا
والمروة. فأنزل الله -عز وجل- {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ
شَعَائِرِ اللَّهِ} (2) الآية. قالت عائشة: وقد سَنَّ رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - الطواف بينهما؛ فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بينهما. ثم أخبرتُ
(6) أبا بكر ابن عبد الرحمن فقال: إن هذا العلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت
رجالاً من
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 295 رقم 963).
(2) سورة البقرة، الآية: 158.
(3) المُشَلَّل: بالضم، ثم الفتح، وفتح اللام أيضاً، جبل يهبط إلى قديد من
ناحية البحر. معجم البلدان (5/ 159).
(4) زاد في نسخة صحيح البخاري المطبوع مع الفتح: "أسلموا" قال القسطلاني في
إرشاد الساري (3/ 187): وسقط لأبي ذر لفظ: "أسلموا".
(5) تكررت في "الأصل".
(6) القائل هو الزهري رحمه الله.
(4/175)
أهل العلم يذكرون أن الناس -إلا من ذكرت
عائشة ممن كان يهل بمناة- كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر
(اللَّه تعالى) (1) الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا:
يا رسول الله كنا نطوف بالصفا (والمروة) (1) وإن الله -عز وجل- أنزل الطواف
بالبيت، فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل
الله -عز وجل- {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}
الآية، قال أبو بكر: فأَسمَعُ هذه الآية نزلت في الفريقين (كليهما) (1) في
الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون
ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله أمر بالطواف بالبيت
ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3).
4329 - وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قال: "قلت لها: إني لأظن رجلاً
لو لم يطف بين الصفا والمروة ما ضره. قالت: لم؟ قلت: لأن الله يقول: {إِنَّ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ... } إلى آخر الآية،
فقالت: ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة ولو كان
كما تقول لكان فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وهل تدري فيما كان ذلك (إنما
كان ذاك) (4) أن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال
لهما: إساف ونائلة (5)، ثم يجيئون فيطوفون (بين الصفا) (4) والمروة ثم
يحلقون، فلما جاء الإسلام كرهوا أن
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (3/ 581 - 582 رقم 1643).
(3) صحيح مسلم (2/ 928 رقم 1277).
(4) من صحيح مسلم.
(5) قال القاضي عياض: هكذا وقع في هذه الرواية. قال: وهو غلط، والصواب ما
جاء في الروايات الأخر في الباب "يهلون لمناة"، وفي الرواية الأخرى: "لمناة
الطاغية التي=
(4/176)
يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في
الجاهلية، فأنزل اللَّة -عز وجل- {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ
شَعَائِرِ اللَّهِ ... } (1) إلى آخرها، قالت: فطافوا".
رواه خ (2) م (3)، وهذا لفظه.
ولفظ البخاري: "قلت لعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا يومئذ
حديث السن -أرأيت قول الله -عز وجل-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ
شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (1) فما أرى على أحد شيئًا أن لا يطوف
بهما. فقالت عائشة: كلا، لو كانت كما تقول كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف
بهما، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو
قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل الله -عز وجل-: {إِنَّ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ
أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (1) ".
وفي لفظ لمسلم (4) "إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا
أهلوا لمناة في الجاهلية فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة".
وفي لفظ (5) "إن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة،
فتحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة، وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم
لمناة
__________
=بالمشلل". قال: وهذا هو المعروف، ومناة صنم كان نصبه عمرو بن لحي في جهة
البحر بالمشلل مما يلي قديدًا، وكذا جاء مفسراً في هذا الحديث في الموطأ،
وكانت الأزد وغسان تهل له بالحج. وقال ابن الكلبي: مناة صخرة لهذيل بقديد،
وأما إساف ونائلة فلم يكونا قط في ناحية البحر. شرح صحيح مسلم (5/ 396 -
397).
(1) سورة البقرة، الآية: 158.
(2) صحيح البخاري (3/ 719 رقم 1790).
(3) صحيح مسلم (2/ 928 رقم 1277).
(4) صحيح مسلم (2/ 928 رقم 1277/ 260).
(5) صحيح مسلم (2/ 930 رقم 1277/ 263).
(4/177)
لم يطف بين الصفا والمروة".
قال الحافظ: في رواية مسلم (التي) (1) تقدمت من رواية أبي معاوية عن هشام
ابن عروة: "ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة" وباقي الروايات تخالف هذا
(2).
4330 - عن أنس قال: "كانت الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة حتى
نزلت {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ
الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}
(3).
رواه خ (4) م (5) وهذا لفظه.
ولفظ البخاري: عن عاصم بن سليمان قال: "سألت أنس بن مالك عن الصفا والمروة،
فقال: كنا نرى (أنهما) (6) من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا
عنهما، فأنزل الله -عز وجل- {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ
اللَّهِ ... } فذكر إلى {بِهِمَا} (3) ".
وفي لفظٍ له (7): "قلت لأنس بن مالك: أكنتم تكرهون السعي بين الصفا
والمروة؟ قال: نعم؛ لأنها كانت من شعائر الجاهلية حتى أنزل الله -عز وجل-:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (3).
4331 - عن ابن عباس قال: "إنما سعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بالبيت وبين الصفا
__________
(1) في "الأصل": الذي.
(2) انظر فتح الباري (3/ 583 - 585) فقد بحث هذه المخالفة وحاول الجمع بين
الروايات.
(3) سورة البقرة، الآية: 158.
(4) صحيح البخاري (8/ 25 رقم 4496).
(5) صحيح مسلم (2/ 930 رقم 1278).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (3/ 586 - 587 رقم 1648).
(4/178)
والمروة ليري المشركين قوته".
رواه خ (1) م (2).
4332 - عن ابن عمر قال: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - (مكة) (3) فطاف
بالبيت، ثم صلى ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة، ثم تلا {لَقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (4) ".
رواه خ (5) م (6).
4333 - ولهما (7) عن عَمْرو بن دينار قال: "سألنا ابن عمر عن رجل قدم لعمرة
فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ فقال: قدم رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فطاف بالبيت سبعًا، وصلى خلف المقام ركعتين، وبين
الصفا والمروة سبعًا، وقد كان لكم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أسوة حسنة".
زاد البخاري (8) "وسألنا جابر بن عبد الله فقال: لا يقربنها حتى يطوف بين
الصفا والمروة".
94 - باب الصفا والمروة
4334 - عن جابر بن عبد الله قال: "لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا
أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافه الأول".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 587 رقم 1649) واللفظ له.
(2) صحيح مسلم (2/ 923 رقم 1266/ 241).
(3) من صحيح البخاري.
(4) سورة الأحزاب، الآية: 21.
(5) صحيح البخاري (3/ 586 رقم 1647) واللفظ له.
(6) صحيح مسلم (6/ 902 رقم 1334).
(7) البخاري (3/ 586 رقم 1645)، ومسلم (2/ 906 رقم 1334).
(8) صحيح البخاري (3/ 586 رقم 1646).
(4/179)
رواه م (1).
4335 - عن نافع، عن ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إذا طاف الطواف الأول خَبَّ (2) ثلاثًا ومشى أربعًا، وكان يسعى بطنَ (3)
المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة. فقلت (4) لنافع: أكان عبد الله يمشي إذا
بلغ الركن اليماني؟ قال: لا إلا أن يزاحم على الركن، فإنه كان لا يدعه حتى
يستلمه".
رواه خ (5) م (6) وعنده: "ببطن المسيل".
4336 - عن كثير بن (جُمْهَان) (7) "أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر بين
الصفا والمروة: يا أبا عبد الرحمن، إني أراك تمشي والناس يسعون. قال: إن
أمشي فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي، وإن أسعى فقد رأيت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى، وأنا شيخ كبير".
رواه د (8) س (9) في (10) ت (11)، وقال: حديث حسن صحيح.
4337 - عن صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة قالت: "رأيت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 930 رقم 1279).
(2) الخبب: ضرب من العدو. النهاية (2/ 3).
(3) قوله: بطن منصوب على الظرف. فتح الباري (3/ 587).
(4) القائل هو: عُبَيد الله بن عمر العمري الراوي عن نافع.
(5) صحيح البخاري (3/ 586 رقم 1644).
(6) صحيح مسلم (2/ 920 رقم 1261).
4336 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 192 - ب).
(7) في "الأصل": جهمان. بتقديم الهاء، والمثبت من السنن الأربعة، وكثير بن
جمهان أبو جعفر الكوفي، ليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث. ترجمته في
التهذيب (24/ 107 - 108).
(8) سنن أبي داود (2/ 182 رقم 1904).
(9) سنن النسائي (5/ 241 - 242 رقم 2976).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 995 رقم 2988).
(11) جامع الترمذي (3/ 217 - 218 رقم 864).
(4/180)
يسعى بين الصفا والمروة، وهو يقول: لا يقطع
الأبطح إلا شدًّا".
رواه س (1) ق (2).
4338 - وروى الإمام أحمد (3): عن صفية بنت شيبة أن امرأة (أخبرتها) (4)
أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة يقول: "كُتب
عليكم السعي؛ فاسعوا".
4339 - عن علي "أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى بين الصفا
والمروة في المسعى كاشفًا عن ثوبه قد بلغ إلى ركبتيه".
رواه الإمام أحمد (5).
4340 - عن حبيبة بنت أبي تَجْراة قالت: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يطوف بين الصفا والمروة، والناس بين يديه، وهو وراءهم، وهو يسعى حتى
أرى ركبتيه من شدة السعي، يدور به إزاره، وهو يقول: "اسعوا؛ فإن الله كتب
عليكم السعي".
رواه الإمام أحمد (6) -وهذا لفظه- والدارقطني (7) وعنده: " (حتى إني لأقول
إني لأرى) (8) ركبتيه".
4341 - وروى الدارقطني (9) عن صفية بنت شيبة قالت: "كنت في خوخة (10) لي
__________
(1) سنن النسائي (5/ 242 رقم 2980).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 595 رقم 2987).
(3) المسند (6/ 437).
(4) في "الأصل": أخبرته. والمثبت من المسند.
(5) المسند (1/ 79).
(6) المسند (6/ 421 - 422).
(7) سنن الدارقطني (2/ 256 رقم 87).
(8) من سنن الدارقطني.
(9) سنن الدارقطني (2/ 256 رقم 89).
(10) الخَوْخَة: باب صغير كالنافذة الكبيرة، وتكون بين بيتين يُنصب عليها
باب. النهاية (2/ 86).
(4/181)
فرأيت رسول الله بين الصفا والمروة، ورأيته
إذا أتى على بطن الوادي سعى".
4342 - عن نافع "أنه سمع عبد الله بن عمر وهو على الصفا يدعو، ويقول: اللهم
إنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) وإنك لا تخلف الميعاد، وإني
أسألك كما هديتني للإسلام ألا تنزعه مني حتى توفاني وأنا مسلم".
رواه الإمام مالك في الموطأ (2).
4343 - وعن نافع "أن ابن عمر كان يدعو على الصفا: اللَّهم اعصمني بدينك
وطواعيتك وطواعية رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب
ملائكتك ويحب رسلك ويحب عبادك الصالحين، اللَّهم حببني إليك وإلى ملائكتك
وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين، اللَّهم يسرني لليسرى، وجنبني العسرى،
واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين، اللَّهم إنك قلت:
{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1) وإنك لا تخلف الميعاد، اللَّهم إذ
هديتني للإسلام فلا تنزعه مني ولا تنزعني منه حتى تقبضني عليه. قال: كان
يدعو بهذا مع دعاء له طويل على الصفا والمروة، وبعرفات وبجمع، وبين
الجمرتين وفي الطواف".
رواه الطبراني في كتاب المناسك، وإسناده إسناد جيد.
4344 - عن ابن عمر قال: "ليس على النساء رمل بالبيت ولا بين الصفا والمروة،
قال: لا تصعد المرأة فوق الصفا والمروة، ولا ترفع صوتها بالتلبية".
رواه الدارقطني (3).
__________
(1) سورة غافر، الآية: 60.
(2) الموطأ (1/ 311 رقم 128).
(3) سنن الدارقطني (2/ 295 رقم 265، 266).
(4/182)
95 - باب صفة الحج
4345 - عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: "دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن
القوم حتى انتهى إليّ، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين. فأهوى بيده إلى
رأسي، فنزع زري الأعلى، ثم نزع زري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ
غلام شاب -فقال: مرحبًا بك يا ابن أخي، سل عما شئت. فسألته، وهو أعمى، وحضر
وقت الصلاة فقام في نساجة (1) ملتحفًا بها، كلما وضعها على منكبه رجع طرفها
إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب (2) فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن
حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال بيده فعقد تسعاً، فقال: إن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في
العاشرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاج، فقدم المدينة بشر كثير
كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعمل مثل عمله،
فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر،
فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي
واستثفري بثوب وأحرمي. فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (في المسجد)
(3) ثم ركب القصواء، حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مَدَّ
بصري بين
__________
(1) قال النووي في شرح مسلم (5/ 295 - 296): هي بكسر النون، وتخفيف السين
المهملة، والجيم، هذا هو المشهور في نسخ بلادنا ورواياتنا لصحيح مسلم وسنن
أبي داود، ووقع في بعض النسخ: ساجة" بحذف النون، ونقله القاضي عياض عن
الجمهور. قال: وهو الصواب. قال: والساجة والساج جميعًا ثوب كالطيلسان
وشبهه. قال: ورواية النون وقعت في رواية الفارسي، قال: ومعناه ثوب ملفق.
قال: قال بعضهم: النون خطأ وتصحيف. قلت: ليس كذلك بل كلاهما صحيح، ويكون
ثوباً ملفقًا على هيئة الطيلسان.
(2) بميم مكسورة، ثم شين معجمة ساكنة، ثم جيم، ثم باء موحدة، وهو اسم
لأعوادٍ يوضع عليها الثياب ومتاع البيت. شرح مسلم (5/ 296).
(3) من صحيح مسلم.
(4/183)
يديه من راكبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك،
وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيء عملنا به،
فأهلَّ بالتوحيد: لبيك اللَّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد
والنعمة لك والملك لا شريك لك. وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (عليهم) (1) - شيئاً منه، ولزم رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - تلبيته، قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف
العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن (فرمل) (1) ثلاثاً ومشى
أربعاً، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ
إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (2) فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول
-ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يقرأ في
الركعتين "قل هو الله أحد" و"قل يا أيها الكافرون" ثم رجع إلى الركن
فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ {إِنَّ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (3) أبْدَأُ بما بَدَأَ
الله به. فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحَّد الله
وكبَّره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو
على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم
الأحزاب وحده. ثم دعا بين ذلك، ثم قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى
المروة حتى (إذا) (1) نصبت قدماه في بطن الوادي (سعى) (1)، حتى إذا صعدتا
مشى، حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر
طوافه على المروة قال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي
وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة. (فقام) (4)
سراقة بن
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) سورة البقرة، الآية: 125.
(3) سورة البقرة، الآية: 158.
(4) في "الأصل": فقال. والمثبت من صحيح مسلم.
(4/184)
جُعشم فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم
لأبد؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى وقال:
دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا، بل لأبدٍ أبدٍ. وقدم علي -رضي الله عنه-
من اليمن ببُدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد فاطمة -رضي الله
عنها- ممن حل، ولبست ثيابًا صبيغاً، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: أبي
أمرني بهذا. قال: فكان علي يقول. بالعراق: فذهبت إلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - محرشًا (1) على فاطمة للذي صنعت مستفتياً لرسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فيما ذَكَرَتْ عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها. فقال:
صدقتْ صدقتْ، ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللَّهم إني أهل بما أهل
به رسولك. قال: فإن معي الهدي فلا تحل. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به
عليٌّ من اليمن والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة، قال: فحل
الناس كلهم وقصروا (2) إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي،
فلما كان يوم التروية توجهوا إلى مني فأهلوا بالحج، وركب رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث
قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما
كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى
أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر
بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم
حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر
الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا
دم ابن ربيعة بن
__________
(1) التحريش: الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها. شرح مسلم
(5/ 306).
(2) قال النووي في شرح مسلم (5/ 306): إنما قصروا ولم يحلقوا مع أن الحلق
أفضل لأنهم أرادوا أن يبقى شعر يُحلق في الحج، فلو حلقوا لم يبق شعر فكان
التقصير هنا أحسن؛ ليحصل في النسكين إزالة شعر، واللَّه أ
(4/185)
الحارث، كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته
هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضع ربانا؛ ربا عباس بن عبد المطلب
فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله،
واستحللتم فروجهن بكلمة الله (1)، (ولكم عليهن) (2) ألا يوطئن فرشكم أحداً
تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن
بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم
تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال
بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم
اشهد -ثلاث مرات- ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل
بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقف،
فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل (3) المشاة بين يديه،
واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى
غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد
شنق (4)
__________
(1) قال النووي في شرح مسلم (5/ 311 - 312): قيل معناه قوله تعالى:
{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، وقيل: المراد كلمة
التوحيد، وهي: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" إذ لا تحل مسلمة لغير
مسلم، وقيل: المراد بإباحة الله والكلمة قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا
طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}. وهذا الثالث هو الصحيح، وبالأول قال
الخطابي والهروي وغيرهما، وقيل: المراد بالكلمة الإيجاب والقبول، ومعناه
على هذا الكلمة التي أمر الله تعالى بها، والله أعلم.
(2) من صحيح مسلم.
(3) رُوي "حَبْل" بالحاء المهملة وإسكان الباء، ورُوي "جَبَل" بالجيم وفتح
الباء، قال القاضي عياض -رحمه الله- الأول أشبه بالحديث، وحبل المشاة: أي:
مجتمعهم، وحبل الرمال ما طال منه وضخم، وأما بالجيم فمعناه طريقهم وحيث
تسلك الرجالة. شرح مسلم (5/ 315).
(4) يقال: شنقت البعير أشنقه شنقاً، وأشنقته إذا كففته بزمامه وأنت راكبه،
ويقال: شنق لها وأشنق لها. النهاية (2/ 506).
(4/186)
للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك
(1) رحله، ويقول بيديه اليمنى: أيها الناس السَّكينةَ السَّكينةَ. كما أتى
حبلاً من الحبال (2) أرخى لها قليلاً حتى تصعد حتى أتى المزدلفة، فصلى بها
المغرب والعشاء بأذان واحدٍ وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له
الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة
فدعا الله وكبَّره وهلَّله ووحَّده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا، فدفع
قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر أبيض
وسيمًا، فلما دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرت ظعن يجرين، فطفق
الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على وجه
الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يده إلى الشق الآخر على وجه الفضل، فصرف وجهه من الشق الآخر
ينظر، حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على
الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يُكبر مع
كل حصاة منها -حصى الخذف- رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر
ثلاثاً وستين بيده، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من
كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم ركب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى
بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب؛ فلولا أن
يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت
__________
(1) قال الجوهري: قال أبو عبيدة. المورك والموركة، يعني بفتح الميم وكسر
الراء: هو الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا مل من
الركوب. وضبطه القاضي بفتح الراء، قال: وهو قطعة أدم يتورك عليها الراكب
تجعل في مقدم الرحل شبه المخدة الصغيرة. شرح مسلم (5/ 316).
(2) الحبال هنا: بالحاء المهملة المكسورة جمع حبل، وهو التل اللطيف من
الرمل الضخم. شرح مسلم (5/ 316).
(4/187)
معكم. فناولوه دلوًا، فشرب منه".
رواه م (1).
وفي لفظ له (2): "وكانت العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمار عري، فلما أجاز
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشك قريش
أنه سيقتصر عليه، ويكون منزله ثَمَّ، فأجاز ولم يعرض له حتى أتى عرفات
فنزل".
4346 - عن عائشة قالت: "كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا
يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفة، فلما جاء الإسلام أمر الله
-تعالى- نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفات فيقف بها ثم يفيض منها،
فذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (3) ".
وفي لفظ: "قالت: الحمس هم الذين أنزل الله فيهم {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ
حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (3). قالت: كان الناس يفيضون من عرفات، وكان
الحمس يفيضون من المزدلفة؛ يقولون: لا نفيض إلا من الحرم. فلما نزلت
{أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (3) رجعوا إلى عرفات".
رواه خ (4) م (5) وهذا لفظه.
4347 - عن جبير بن مطعم قال: "أضللت بعيرًا لي فذهبت أطلبه يوم عرفة، فرأيت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفًا مع الناس بعرفة، فقلت: واللَّه،
إن هذا لمن الحمس فما شأنه ها هنا. وكانت قريش تعد من الحمس".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 886 - 892 رقم 1218).
(2) صحيح مسلم (2/ 892 - 893 رقم 1218/ 148).
(3) سورة البقرة، الآية: 199.
(4) صحيح البخاري (3/ 602 رقم 1665).
(5) صحيح مسلم (2/ 893 - 894 رقم 1219/ 152).
(4/188)
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
96 - باب الإِهلال والتكبير إِذا غدا من مني إِلى عرفة
4348 - عن محمد بن أبي بكر الثقفي "أنه سأل أنس بن مالك -وهما غاديان من
مني إلى عرفة-: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -؟ فقال: كان يهل منَّا المهل فلا يُنكر عليه، ويكبر المكبر منَّا فلا
يُنكر عليه".
رواه خ (3) م (4).
4349 - عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر: "يا أبا عبد الرحمن،
رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها. قال: ما هن يا ابن جريج؟
قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية،
ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم
تهل أنت حتى يكون يوم التروية. فقال عبد الله بن عمر: أما الأركان فإني لم
أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمس إلا الركنين اليمانيين، وأما
النعال السبتية فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال
التي (ليس) (5) فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصفرة فإني
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها،
وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهل حتى تنبعث
به راحلته".
رواه خ (6) م (7).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 602 رقم 1664).
(2) صحيح مسلم (2/ 894 رقم 1220).
(3) صحيح البخاري (3/ 596 رقم 1659).
(4) صحيح مسلم (2/ 933 رقم 1285).
(5) من الصحيحين.
(6) صحيح البخاري (1/ 321 - 322 رقم 166).
(7) صحيح مسلم (2/ 844 - 845 رقم 1187).
(4/189)
4350 - عن أبي شهاب -هو موسى بن نافع- قال:
"قدمت متمتعًا مكة بعمرة، ودخلنا قبل التروية بثلاثة أيام، فقال لي أناس من
أهل مكة: تصير (الآن) (1) حجتك مكية (2). فدخلت على عطاء أستفتيه، فقال:
حدثني جابر بن عبد الله أنه حج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم
ساق البدن معه، وقد أهلوا بالحج مفردًا، فقال لهم: أحلوا من إحرامكم بطواف
بالبيت وبين الصفا والمروة وقصروا، ثم أقيموا حلالاً حتى إذا كان يوم
التروية فأهلوا بالحج، واجعلوا التي قدمتم بها متعة. فقالوا: كيف نجعلها
متعة وقد سمينا الحج؟ فقال: افعلوا ما أمرتكم به؛ فلولا أني سقت الهدي
لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله.
ففعلوا".
رواه خ (3) -وهذا لفظه- م (4).
(قال أبو عبد الله -يعني: البخاري-: أبو شهاب ليس له (حديث مسنداً (5) إلا
هذا) (6).
4351 - عن عبد الرحمن بن يزيد والأسود بن يزيد قالا: سمعنا عبد الله بن
مسعود يقول بجمع: "سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة ها هنا يقول: لبيك
اللَّهم لبيك. ثم لبَّى، ولبينا معه" (7).
__________
(1) من الصحيحين.
(2) يعني: قليلة الثواب لقلة مشقتها. فتح الباري (3/ 503).
(3) صحيح البخاري (3/ 494 رقم 1568).
(4) صحيح مسلم (2/ 884 - 885 رقم 1216/ 143).
(5) في "الأصل": مسندًا. والمثبت من فتح الباري وإرشاد الساري.
(6) هذه العبارة ثابتة في رواية المستملي والكشميهني للصحيح -كما في إرشاد
الساري (3/ 135)، وهي غير موجودة في النسخة المطبوعة مع الفتح، لكنها
موجودة في نسخة ابن حجر نفسه التي عليها شرحه. فتح الباري (3/ 504).
(7) رواه البخاري (3/ 678 رقم 1747) عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
(4/190)
رواه م (1).
4352 - عن جابر بن عبد الله قال: "أهللنا مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل وأن نجعلها عمرة، فكبر ذلك
علينا، وضاقت به صدورنا، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فما ندري
شيء بلغه من السماء أم شيء من قبل الناس؟ فقال: أيها الناس، أحلوا؛ فلولا
الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم. قال: فأحللنا حتى وطئنا (النساء) (2)
وفعلنا ما يفعل الحلال، حتى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهرٍ (3)
أهللنا بالحج".
رواه م (4) وروى البخاري (5) آخره تعليقًا.
4353 - وعن جابر بن عبد الله قال: "أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - لما
أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى مني، قال: فأهللنا من الأبطح".
رواه م (6).
وقال البخاري (5): وقال أبو الزبير عن جابر: "أهللنا من الأبطح (7) ".
4354 - عن عبد الله بن عمر قال: "غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- من مني إلى عرفات، منَّا المُلبِّي ومنَّا المُكبِّر" (8).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 933 رقم 1283/ 271).
(2) من صحيح مسلم.
(3) أي: وراء ظهورنا. قاله ابن حجر في الفتح (3/ 592).
(4) صحيح مسلم (2/ 884 رقم 1216/ 142).
(5) صحيح البخاري (3/ 591) كتاب الحج، باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي
وللحاج إذا خرج إلى مني.
(6) صحيح مسلم (2/ 882 رقم 1214).
(7) في صحيح البخاري: البطحاء.
(8) صحيح مسلم (2/ 933 رقم 1284/ 272).
(4/191)
وفي لفظ (1): "كنا مع رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - في غداة عرفة، فمنا المكبر، ومنا المهلل، فأما نحن فنكبر. قال:
قلت: واللَّه، لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - يصنع؟! ".
رواه مسلم.
97 - باب أين يصلى الظهر والعصر يوم التروية
4355 - عن عبد العزيز بن رفيع قال: "سألت أنس بن مالك قلت: أخبرني بشيء
عقلته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين صلى الظهر يوم التروية؟
قال: بمنى. قلت: فأين صلى العصر يوم النفر؟ قال: بالأبطح. ثم قال: افعل كما
يفعل أمراؤك".
رواه خ (2) م (3).
4356 - عن ابن عمر "أنه كان يحب إذا استطاع أن يصلي الظهر بمنى من يوم
التروية؛ وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بمنى".
رواه الإمام أحمد (4).
4357 - عن ابن عباس قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر يوم
التروية والفجر يوم عرفة بمنى".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) ق (7).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 933 رقم 1284/ 273).
(2) صحيح البخاري (3/ 592 رقم 1653).
(3) صحيح مسلم (2/ 950 رقم 1309).
(4) المسند (2/ 129).
(5) المسند (1/ 297).
(6) سنن أبي داود (2/ 188 رقم 1911).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 999 رقم 3004).
(4/192)
4357م- وقد تقدم (1) في حديث جابر "فلما
كان يوم التروية توجهوا إلى مني فأهلوا بالحج، وركب رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً
حتى طلعت الشمس".
رواه مسلم (2).
4358 - وعن ابن عباس قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى خمس
صلوات".
رواه الإمام أحمد (3).
98 - باب أن مني مناخ من سبق
4359 - عن عائشة قالت: قلنا: يا رسول الله، ألا نبني لك بيتًا يظلك بمنى؟
قال: لا، مني مناخ من سبق".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) ق (6) ت (7) وقال: حديث حسن (8).
99 - باب الخروج إِلى عرفة
4360 - عن سالم قال: "كتب عبد الملك إلى الحجاج أن لا تخالف ابن عمر في
الحج، فجاء ابن عمر وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس فصاح عند سرادق
الحجاج، فخرج وعليه ملحفة معصفرة، فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال:
__________
(1) الحديث رقم (4345).
(2) صحيح مسلم (2/ 886 - 892 رقم 1218).
(3) المسند (1/ 296 - 297، 303).
(4) المسند (6/ 187، 206 - 207).
(5) سنن أبي داود (2/ 212 رقم 2019).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 1000 رقم 3006).
(7) جامع الترمذي (3/ 228 رقم 881).
(8) كذا في تحفة الأحوذي (3/ 620 رقم 882) وتحفة الأشراف (12/ 434 رقم
17963)، وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (4/ 111): حديث حسن صحيح.
(4/193)
الرواح (1) إن كنت تريد السُّنة. قال: هذه
الساعة؟ قال: نعم قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج. فنزل حتى خرج
الحجاج فسار بيني وبين أبي، فقلت: إن كنت تريد السنة فأقصر الخطبة وعجل
الوقوف. فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق".
رواه البخاري (2).
4361 - وعن ابن عمر قال: "لما قتل الحجاجُ ابنَ الزبير أرسل إلى ابن عمر:
أية ساعة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يروح في هذا اليوم؟ قال إذا
كان ذلك رحنا. فلما أراد ابن عمر أن يروح قالوا: لم تزغ الشمس. قال: أزاغت؟
قالوا: لم تزع. قال: فلما قالوا: قد زاغت. ارتحل".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) ق (5).
4362 - عن ابن عمر قال: "غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى حين
صلى الصبح صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة، فنزل بنمرة -وهي منزل الإمام الذي
ينزل به بعرفة- حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - مهجرًا فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على
الموقف من عرفة".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) وهذا لفظه.
__________
(1) أعاد الناسخ كتابة الورقة التي تحوي الوجهين (233 ب) و (134 أ) مرة
أخرى مع تغير لا يُذكر في الحروف، واللَّه أعلم
(2) صحيح البخاري (3/ 596 - 597 رقم 1660).
4361 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 157 أ- ب).
(3) المسند (2/ 25).
(4) سنن أبي داود (2/ 188 - 189 رقم 1914).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1001 رقم 3009).
(6) المسند (2/ 129).
(7) سنن أبي داود (2/ 188 رقم 1913).
(4/194)
100 - باب موضع
الوقوف بعرفة
4363 - عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نحرت ها هنا
ومنى كلها منحر؛ فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا وعرفة موقف كلها، وجمع
كلها موقف".
رواه مسلم (1).
4364 - وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل
عرفة موقف، وكل مني منحر، وكل المزدلفة موقف (وكل) (2)، فجاج مكة طريق
ومنحر".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) ق (5).
4365 - عن (يزيد) (6) بن شيبان قال: "أتانا ابن مربع الأنصاري -ونحن بعرفة
في مكان يباعده عمرو عن الإمام- فقال: إني رسول (رسولِ) (2) الله - صلى
الله عليه وسلم - إليكم يقول لكم: قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث
(أبيكم) (2) إبراهيم -عليه السلام".
رواه د (7) س (8) ق (9) ت (10) وقال: حديث حسن (11) لا نعرفه إلا من
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 893 رقم 1218/ 149).
(2) من سنن أبي داود.
(3) المسند (3/ 326).
(4) سنن أبي داود (2/ 193 - 194 رقم 1937) واللفظ له.
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1002 رقم 3012).
(6) في "الأصل": زيد. والمثبت من السنن الأربعة، ويزيد بن شيبان له صحبة،
ترجمته في التهذيب (32/ 161 - 162).
(7) سنن أبي داود (2/ 189 رقم 1919) واللفظ له.
(8) سنن النسائي (5/ 255 رقم 3014).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 1013 رقم 3048).
(10) جامع الترمذي (3/ 230 رقم 883).
(11) كذا في تحفة الأحوذي (3/ 624 رقم 884) وتحافة الأشراف (11/ 122 رقم
15526) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (4/ 114): حديث حسن صحيح.
(4/195)
(حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار) (1)
وابن مربع اسمه يزيد، وإنما يُعرف له هذا الحديث الواحد.
4366 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، وكل المزدلفة موقف، وارفعوا عن بطن
محسر، وكل مني منحر إلا ما وراء العقبة".
رواه ق (2) من رواية القاسم بن عبد الله بن عمر العمري (3)، وقد تكلم فيه
غير واحدٍ من العلماء.
4367 - عن جبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كل عرفات موقف
وارفعوا عن عرفات، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسر، وكل فجاج مني منحر،
وكل أيام التشريق ذبح" (4).
رواه الإمام أحمد (5) د (6) وهذا لفظه.
101 - باب في الخطبة بعرفة
قد تقدم (7) في حديث جابر الحديث الطويل -وهو رواية مسلم (8) - ذكر خطبة
النبي - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) في "الأصل": ابن عيينه عن ابن عمرو. والمثبت من جامع الترمذي.
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1002 رقم 3012).
(3) ترجمته في التهذيب (23/ 375 - 379).
(4) صححه ابن حبان، موارد الظمآن (1/ 437 - 438 رقم 1008).
(5) المسند (4/ 82).
(6) كذا وقع هذا الرمز في "الأصل" ولم أجده في سنن أبي داود، ولم يذكره
المزي في أحاديث جبير بن مطعم في التحفة، والله أعلم.
(7) الحديث رقم (4345).
(8) صحيح مسلم (2/ 886 - 892 رقم 1218).
(4/196)
4368 - عن سلمة بن نبيط، عن أبيه -وكان قد
حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيته يخطب يوم عرفة على بعيرٍ".
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2) س (3) ق (4) وعند أبي داود: عن
سلمة بن نبيط (عن رجل من الحي، عن أبيه نبيط) (5) "أنه رأى النبي - صلى
الله عليه وسلم - واقفًا بعرفة على بعير أحمر يخطب".
4369 - وعن نبيط بن (شريط) (6) الأشجعي قال: "إني لرديف أبي في حجة الوداع
حين تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقمت على عجز الراحلة، فوضعت يدي
على عاتقي أبي، فسمعته يقول: أي يوم أحرم؟ قالوا: هذا اليوم. قال: فأي بلد
أحرم؟ قالوا: هذا البلد. قال: فأي شهر أحرم؟ قالوا: هذا الشهر. قال: فإن
دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، هل
بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، اللَّهم اشهد".
رواه الإمام أحمد (7).
4370 - عن العداء بن خالد بن هوذة قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يوم عرفة (يخطب الناس) (8) على بعير قائمًا في الركابين".
__________
(1) المسند (4/ 305).
(2) سنن أبي داود (2/ 189 رقم 1916).
(3) سنن النسائي (5/ 253 - 254 رقم 3008).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 409 رقم 1286).
(5) من سنن أبي داود.
(6) في "الأصل": شريك. بالكاف، والمثبت من المسند، وهو الصواب، ونبيط بن
شريط صحابي، ترجمته في التهذيب (29/ 316 - 318).
(7) المسند (4/ 305 - 306).
(8) من سنن أبي داود.
(4/197)
رواه الإمام أحمد (1) د (2).
4371 - عن العداء بن خالد الكلابي قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يوم عرفة وهو قائم في الركابين ينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس، أي
يومكم (هذا) (3)؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فأي شهركم هذا؟ قالوا:
الله ورسوله أعلم. قال: فأي بلدكم هذا؟ قالوا: الله روسوله أعلم. قال:
(يومكم يوم حرام، و) (3) شهركم شهر حرام (وبلدكم بلد حرام) (3). قال: فقال:
ألا إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم
هذا إلى يوم تلقون ربكم -تبارك وتعالى- فيسألكم عن أعمالكم. قال: ثم رفع
يديه إلى السماء فقال: اللَّهم اشهد عليهم. ذكر مرارًا (فلا أدري) (3) كم
ذكره".
رواه الإمام أحمد (4).
4372 - عن زيد بن أسلم، عن رجل من بني ضمرة، عن أبيه -أو عمه- قال: "رأيت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر بعرفة".
رواه د (5).
4373 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو على ناقته المخضرمة (6) بعرفات: (أتدرون) (7) أي يوم هذا، وأي شهر هذا،
وأي بلد هذا؟ قالوا: هذا بلد حرام، وشهر حرام، ويوم حرام. قال: ألا وإن
أموالكم ودماءكم
__________
(1) المسند (5/ 300).
(2) سنن أبي داود (2/ 189 رقم 1917).
(3) من المسند.
(4) المسند (5/ 30).
(5) سنن أبي داود (2/ 189 رقم 1915).
(6) هي التي قُطع طرف أذنها. النهاية (2/ 42).
(7) من سنن ابن ماجه.
(4/198)
عليكم حرام كحرمة شهركم هذا في بلدكم هذا
ويومكم هذا، ألا وإني فرطكم على الحوض، وأكاثر بكم الأمم؛ فلا تسودوا وجهي
(ألا) (1) وإني مستنقذ أناسًا، ومستنقذ مني أناس، فأقول: يا رب أصحابي.
فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
رواه ق (2) وهو من رواية زافر بن سليمان (3)، وقد تُكلم فيه.
4374 - عن ابن عباس قال: "لما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة
أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته -وكان رجلاً صيتًا- فقال:
اصرخ، أيها الناس، أتدرون أي شهر هذا؟ فقال الناس: الشهر الحرام. فقال:
اصرخ أتدرون أي بلد هذا؟ قالوا: البلد الحرام. قال: أتدرون أي يوم هذا؟
(قالوا) (4): الحج الأكبر. فقال: اصرخ فقل: إن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: إن الله -عز وجل- قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة شهركم
هذا وكحرمة بلدكم هذا وكحرمة يومكم هذا. فقضى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - حجه وقال حين وقف بعرفة: هذا الموقف وكل عرفة (موقف) (5). وقال حين
وقف على قُزَح (6): هذا الموقف وكل المزدلفة موقف".
رواه سليمان بن أحمد الطبراني في معجمه (7).
__________
(1) من سنن ابن ماجه.
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1016 رقم 3057).
(3) ترجمته في التهذيب (9/ 267 - 270).
4374 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 237 - 238 رقم 236).
(4) في "الأصل": قال. والمثبت من معجم الطبراني.
(5) من المعجم الطبراني والمختارة.
(6) قُزَح: بالضم، ثم الفتح، وحاء مهملة، هو القرن الذي يقف عليه الإمام
بمزدلفة. مراصد الاطلاع (3/ 1089).
(7) المعجم الكبير (11/ 172 رقم 11399).
(4/199)
4375 - عن جابر قال: "راح النبي - صلى الله
عليه وسلم - إلى الموقف بعرفة، فخطب الناس الخطبة الأولى. ثم أذن بلال، ثم
أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية، ففرغ من الخطبة،
وبلال من الأذان، ثم أقام بلال فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر".
رواه الإمام الشافعي (1) -رضي الله عنه-.
102 - باب الدعاء بعرفة
4376 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا) (2) والنبيون من قبلي:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
قدير".
رواه الإمام أحمد (3) ت (4) وهذا لفظه وقال: حديث غريب من هذا الوجه.
ولفظ الإمام أحمد: "كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على
كل شيء قدير".
4377 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أكثر ما دعا به رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - عشية عرفة في الموقف: اللهم لك الحمد كالذي نقول:
وخيرًا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي، وإليك مآبي، ولك ربي
تراثي (5)، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر، وشتات الأمر،
اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح".
رواه ت (6) وقال: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي.
__________
(1) مسند الشافعي (ص 32).
(2) من جامع الترمذي.
(3) المسند (2/ 210).
(4) جامع الترمذي (5/ 534 رقم 3585).
(5) التراث: ما يُخَلِّفه الرجل لورثته، والتاء فيها بدل من الواو. النهاية
(1/ 186).
(6) جامع الترمذي (5/ 502 رقم 3520).
(4/200)
4378 - وعن علي -رضي الله عنه- قال: "قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل ما قلت أنا والأنبياء قبلي عشية
عرفة. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل
شيء قدير".
رواه الطبراني في المناسك (1)، وهو من رواية قيس بن الربيع، تُكلم فيه (2).
4379 - عن ابن عباس قال: "كان مما دعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في حجة الوداع: اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، لا
يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل
المشفق، المعترف بذنوبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب
الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل
جسده، ورغم أنفه لك، اللَّهم لا تجعلني بدعائك شقيًّا، وكن بي رءوفًا
رحيماً، يا خير المسئولين، ويا خير المعطين".
رواه أبو القاسم الطبراني في معجمه (3).
4380 - عن أسامة بن زيد قال: "كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بعرفات فرفع (يديه) (4) يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، قال: فتناول
الخطام بإحدى يديه، وهو رافع يده الأخرى".
رواه الإمام أحمد (5) وأحمد بن منيع في مسنديهما س (6).
__________
(1) ورواه في كتاب الدعاء (273 رقم 874) أيضاً، وذكره ابن كثير في البداية
والنهاية (3/ 223) في فصل فيما حفظ من دعائه - صلى الله عليه وسلم - وهو
واقف بعرفة من مناسك الطبراني بإسناده، وهو نفس إسناد الحديث السابق الذي
ضعفه الترمذي، والله أعلم.
(2) ترجمته في التهذيب (24/ 25 - 38).
4379 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 233 - 236 رقم 232، 233).
(3) المعجم الكبير (11/ 174 - 175 رقم 11405).
4380 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 123 - 125 رقم 1334، 1335).
(4) من المسند وسنن النسائي.
(5) المسند (5/ 209).
(6) سنن النسائي (5/ 254 رقم 3011).
(4/201)
4381 - وعن عبد الله بن الحارث "أن ابن عمر
كان يرفع صوته عشية عرفة: لا إله لا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهم اهدنا بالهدى، وزينا بالتقوى، واغفر
لنا في الآخرة والأولى. ثم يخفض صوته، ثم يقول: اللَّهم إني أسألك من فضلك
وعطائك رزقًا طيبًا مباركًا، اللَّهم إنك أمرت بالدعاء وقضيت على نفسك
بالاستجابة، وأنت لا تخلف وعدك، ولا تكذب عهدك، اللَّهم ما أحببت من خير
فحببه إلينا ويسره لنا، وما كرهت من شيء فكرهه إلينا وجنبناه، ولا تنزع
منَّا الإسلام بعد إذ أعطيتناه".
رواه سليمان بن أحمد الطبراني في كتاب المناسك (1) بإسناد جيد.
4382 - عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي إني أباه أخبره، عن
أبيه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لامته عشية عرفة بالمغفرة
فأجيب: أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم فإني آخذ للمظلوم منه. قال أي رب إن
شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت المظالم. فلم يجب عشيته، فلم أصبح
بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل، قال: فضحك رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -أو تبسم، فقال أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-: بأبي أنت وأمي،
إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك، أضحك الله سنك؟ قال: إن عدو
الله إبليس لما علم أن الله -عز وجل- قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ
التراب فجعل يحثو (على رأسه) (2) فيدعو بالويل والثبور؛ فأضحكني ما رأيت من
جزعه".
رواه عبد الله بن أحمد (3) عن غير أبيه د (4) ق (5) وهذا لفظه.
__________
(1) ورواه في كتاب الدعاء (274 - 275 رقم 878) أيضًا.
4382 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 397 - 399 رقم 490 - 493).
(2) من سنن ابن ماجه.
(3) زوائد المسند (4/ 14 - 15).
(4) سنن أبي داود (4/ 361 رقم 5234) مختصرًا جدًّا.
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1002 رقم 3013).
(4/202)
103 - باب فضل يوم
عرفة
4383 - عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- "أن رجلاً من
اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر
اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1) فقال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان
الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم بعرفة يوم
الجمعة".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3)، وفي لفظ للبخاري (4): "إني لأعلم حيث
أنزلت، وأين أنزلت، وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث أنزلت: يوم
عرفة وإنا واللَّه بعرفة".
4384 - عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من يوم أكثر
أن يعتق الله فيه عبدًا أو أمة من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي
بهم الملائكة، ويقول: ما أراد هؤلاء".
رواه م (5) س (6) وهذا لفظه، ولم يقل مسلم "أو أمة".
4385 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن دهبل بن كاره الحريمي، أبنا أبو محمد
بن عبد الباقي، ثنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء إملاءً، أبنا
عيسى ابن علي بن عيسى إملاءً، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا محمد
بن
__________
(1) سورة المائدة، الآية: 3.
(2) صحيح البخاري (1/ 129 رقم 45).
(3) صحيح مسلم (2/ 2314 رقم 3017).
(4) صحيح البخاري (8/ 119 رقم 4606).
(5) صحيح مسلم (2/ 982 - 983 رقم 1348).
(6) سنن النسائي (5/ 251 - 252 رقم 3003).
(4/203)
أيوب، ثنا (عبد الرحيم) (1) بن هارون
الغساني، عن عبد العزيز أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - "إذا كان عشية عرفة باهى الله بالحاج فيقول
لملائكته: انظروا لعبادي شعثًا غبراً، قد أتوني هن كل فج عميق، يبغون رحمتي
ومغفرتي أشهدكم أني قد غفرت لهم إلا ما كان من تبعات بعضهم بعضًا. فإذا كان
غداة المزدلفة قال الله -تعالى- للملائكة: أشهدكم أني قد غفرت لهم تبعات
بعضهم بعضًا، وضمنت لأهلها النوافل" (2).
4386 - عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم
عرفة: "أيها الناس، إن الله تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات
بينكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، فادفعوا على اسم الله.
فإذا كانوا بجمع قال: إن الله قد غفر لصالحيكم (وشفع صالحيكم) (3) في
طالحيكم، تنزل الرحمة فتعم، ثم تفرق المغفرة في الأرض، فتقع (على) (3) كل
تائب ممن حفظ لسانه ويده، وإبليس وجنوده على جبال عرفات ينظرون ما يصنع
الله بهم، فإذا أنزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل والثبور، يقول: كنت
أستفزهم حقبًا من الدهر، ثم جاءت المغفرة فغشيتهم. فيتفرقون وهم يدعون
بالويل والثبور".
__________
(1) في "الأصل" عبد الرحمن. والمثبت من حلية الأولياء (8/ 199) والموضوعات
لابن الجوزي (2/ 213)، وهو الصواب، وعبد الرحيم بن هارون الغساني هو أبو
هشام الواسطي، روى عن عبد العزيز بن أبي رواد، وعنه محمد به. أيوب الصيرفي،
ترجمته في التهذيب (18/ 44 - 46).
(2) رواه أبو نعيم في الحلية (8/ 199) -ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات
(2/ 213 - 214) - من طريق عبد الرحيم بن هارون الغساني به، ورواه الطبري في
تفسيره (4/ 193)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 199) -ومن طريقه ابن الجوزي في
الموضوعات (2/ 213 - 214) - من طريق بشار بن بكير الحنفي عن عبد العزيز بن
أبي رواد مطولاً، وقال أبو نعيم: غريب، تفرد به عبد العزيز عن نافع، ولم
يتابع عليه.
(3) من مصنف عبد الرزاق والموضوعات والبداية والنهاية و"قوة الحجاج".
(4/204)
رواه أبو القاسم الطبراني (1).
104 - باب ما جاء فيمن أدرك الإِمام بجمع فقد أدرك الحج إِذا وقف بعرفة
4387 - عن عبد الرحمن بن يعمر "أن ناسًا من أهل نجد أتوا رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - وهو بعرفة فسألوه، فأمر مناديًا فنادى: الحج عرفة، من جاء
ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين
فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. وأردف رجلاً فنادى".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) س (4) ق (5) ت (6) وهذا لفظه، وعند الإمام أحمد
وابن ماجه: "ثم أردف رجلاً خلفه فجعل ينادي بهن". قال سفيان بن عيينة: هذا
أجود حديث رواه سفيان (الثوري) (7).
4388 - عن عروة بن مضرس بن حارثة بن لام الطائي قال: "أتيت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله، إني
جئت من جبلي طيءٍ، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، واللَّه ما تركت من حَبْلٍ
(8) إلا وقفت
__________
(1) رواه في معجمه الكبير: عن الدبري، عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (5/ 17
رقم 8831) - عن معمر، عمن سمع قتادة، عن خلاس بن عَمْرو، عن عبادة. كما في
الموضوعات لابن الجوزي (2/ 215) والبداية والنهاية (3/ 225) و"قوة الحجاج
لعموم المغفرة للحجاج" للحافظ ابن حجر (ص51).
(2) المسند (4/ 309 - 310، 335).
(3) سنن أبي داود (2/ 196 رقم 1949).
(4) سنن النسائي (5/ 256 رقم 3016، 5/ 264 - 265 رقم 30044).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1003 رقم 3015).
(6) جامع الترمذي (3/ 237 رقم 889، 890).
(7) في "الأصل": ابن عيينة. والمثبت من جامع الترمذي.
(8) الحَبْل: المستطيل من الرمل، وقيل: الضخم منه، وجمعه: حِبَال، وقيل:
الحبال في=
(4/205)
عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: من شهد صلاتنا هذه فوقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة
(قبل ذلك) (1) ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) س (4) ق (5) ت (6) وقال: حديث حسن صحيح.
105 - باب الدفع من عرفة
4389 - عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "سُئل أسامة وأنا جالس: كيف كان
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في حجة الوداع حين دفع؟ قال: كان
يسير العَنَق (7) فإذا وجد فجوة نَصَّ (8) ". رواه خ (9) ومسلم (10).
__________
=الرمل كالجبال في غير الرمل. النهاية (1/ 333).
وقال الحافظ العراقي: المشهور في الرواية فتح الحاء وسكون الموحدة، وهو ما
طال من الرمل، ورُوي بالجيم وفتح الباء، قاله الترمذي في بعض النسخ. تحفة
الأحوذي (4/ 635).
(1) من جامع الترمذي.
(2) المسند (4/ 15، 261، 262).
(3) سنن أبي داود (2/ 196 - 197 رقم 1950).
(4) سنن النسائي (5/ 263 - 264 رقم 3039 - 3043).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1004 رقم 3016).
(6) جامع الترمذي (3/ 238 - 239 رقم 891) واللفظ له.
(7) العَنَق: بفتح العين والنون، قال القاضي عياض: هو سير سهل في سرعة،
وقال القزاز: العنق سير سريع، وقيل المشي الذي يتحرك به عنق الدابة. وقال
الزمخشري: العنق الخطو الفسيح. فتح الباري (3/ 605).
(8) نَصَّ: أي أسرع، قال أبو عبيد: النص تحريك الدابة حتى يستخرج به أقصى
ما عندها، وأصل النص غاية المشي، ثم استعمل في ضرب سريع من السير. فتح
الباري (3/ 605).
(9) صحيح البخاري (3/ 605 رقم 1666).
(10) صحيح مسلم (2/ 936 رقم 1286/ 283).
(4/206)
4390 - عن ابن عباس "أنه دفع (مع) (1)
النبي - صلى الله عليه وسلم - (يوم عرفة) (2) فسمع النبي - صلى الله عليه
وسلم - وراءه زجرًا شديدًا وضربًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: أيها
الناس، عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع (3) ".
رواه خ (4).
4391 - عن الفضل بن عباس وكان رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنه
قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: عليكم بالسكينة. وهو كافٌّ
ناقته حتى دخل محسرًا، وهو من مني، قال: عليكم بحصى الخذف الذي يُرمى به
الجمرة. وقال: لم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى
الجمرة" وفي لفظ: "يشير بيده كما يخذف الإنسان". رواه مسلم (5).
4392 - عن أسامة أنه قال: "ردفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
عرفات، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشعب الأيسر الذي دون
المزدلفة أناخ فبال، ثم جاء فصببت عليه الوضوء، فتوضأ وضوءًا خفيفًا، فقلت:
الصلاة يا رسول الله. قال: الصلاة أمامك. فركب رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - حتى أتى المزدلفة (فصلى) (6) ثم أردف الفضلُ رسولَ الله - صلى الله
عليه وسلم - غداة جمع. قال كريب: فأخبرني عبد الله بن عباس عن الفضل أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة".
رواه خ (7) -وهذا لفظه- ومسلم (8).
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) تكررت في "الأصل".
(3) الإيضاع: السير السريع. النهاية (5/ 196).
(4) صحيح البخاري (3/ 609 - 610 رقم 1672).
(5) صحيح مسلم (1/ 932 - 932 رقم 1282).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (3/ 606 - 607 رقم 1669، 167).
(8) صحيح مسلم (2/ 935 رقم 1280).
(4/207)
4393 - عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أفاض من عرفة وأسامة ردفه، قال أسامة: فما زال يسير على
هينته (1) حتى أتى جمعًا".
رواه مسلم (2).
4394 - عن علي بن أبي طالب قال: "وقف رسول اللهْ - صلى الله عليه وسلم -
بعرفة، فقال: هذه عرفة وهو الموقف، وعرفة كلها موقف. ثم أفاض حين غربت
الشمس، وأردف أسامة بن زيد، وجعل يشير بيده على هِينته (3) والناس يضربون
يمينًا وشمالاً (4) يلتفت إليهم، ويقول: أيها الناس، عليكم السكينة. ثم أتى
جمعًا فصلى بهم الصلاتين جميعًا فلما أصبح أتى قزح ووقف عليه، وقال: هذا
قزح وهو الموقف، وجمع كلها موقف. ثم أفاض حتى انتهى إلى وادي محسر ففزع
ناقته فخبَّت حتى جاز الوادي فوقف وأردف الفضل، ثم أتى الجمرة فرماها، ثم
أتى المنحر، فقال: هذا المنحر ومنى كلها منحر. واستفتته جارية شابة من خثعم
فقالت إن أبي شيخ كبير قد أدركه فريضة الله في الحج أفيجزئ أن أحج عنه؟
قال: حجي عن أبيك. قال: ولوى عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله (لم)
(5) لويت عنق ابن عمك. قال: رأيت شابًّا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما.
__________
(1) أي: على عادته في السكون والرفق، يقال: امش على هينتك:. أي على
رِسْلِك. النهاية (5/ 290).
(2) صحيح مسلم (2/ 936 رقم 1286).
4394 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 340 - 341 رقم 619).
(3) رويت هذه اللفظة في بعض روايات صحيح مسلم وجامع الترمذي: "هيئته" بفتح
الهاء، وسكون التحتية، وفتح الهمزة، أي حال كونه - صلى الله عليه وسلم -
على هيئته وسير المعتاد. شرح صحيح مسلم وتحفة الأحوذي (3/ 626).
(4) زاد بعدها في "الأصل": لا. وهي زيادة مقحمة هنا، وإن كانت ثابتة في
رواية أبي داود، وانظر تحفة الأحوذي (3/ 62).
(5) من جامع الترمذي.
(4/208)
ثم أتاه رجل فقال: يا رسول الله، إني أفضت
قبل أن أحلق. قال: احلق -أو قصر- ولا حرج. قال: وجاء آخر فقال: يا رسول
الله، إني ذبحت قبل أن أرمي. قال: ارم ولا حرج. قال: ثم أتى البيت وطاف به،
ثم أتى زمزم فقال: يا بني عبد المطلب لولا أن (يغلبكم) (1) عليه الناس
لنزعتُ".
رواه الإمام أحمد (2) ت (3) وقال: حديث حسن صحيح. وهذا لفظه، وعند الإمام
أحمد "حلقت قبل أن أنحر. قال: انحر ولا حرج"، وليس عنده: "إني ذبحت قبل أن
أرمي". وقد روى د (4) ق (5) طرفًا منه.
106 - باب قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين
4395 - عن حارثة بن وهب الخزاعي قال: "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه بمنى ركعتين".
رواه خ (6) -وهذا لفظه- ومسلم (7).
4396 - عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات، فقيل
ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع، (ثم) (8) قال: صليت مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-
بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بمنى ركعتين، فليت
__________
(1) من جامع الترمذي.
(2) المسند (1/ 75، 156، 157).
(3) جامع الترمذي (3/ 232 - 233 رقم 885).
(4) سنن أبي داود (2/ 190 رقم 1922، 2/ 193 رقم 1935).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1001 رقم 3010).
(6) صحيح البخاري (3/ 595 رقم 1656).
(7) صحيح مسلم (1/ 483 رقم 696).
(8) من صحيح مسلم.
(4/209)
حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
4397 - عن ابن عمر قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى
ركعتين، وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدرًا من خلافته، ثم إن
عثمان صلى بعد أربعاً. وكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعًا، وإذا
صلى وحده صلى ركعتين".
رواه خ (3) م (4) وهذا لفظه.
4398 - عن ابن عمر قال: "جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب والعشاء
بجمع، كل واحدة منهما بإقامة، ولم يسبح بينهما، ولا إثر كل واحدة منهما".
رواه خ (5) -وهذا لفظه- ومسلم (6) ولفظه: قال: "جمع رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجمع ليس بينهما سجدة، وصلى المغرب ثلاث
ركعات، وصلى العشاء ركعتين. وكان عبد الله يصلي بجمع كذلك حتى لحق
باللَّه".
4399 - عن أبي أيوب الأنصاري "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع في
حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة".
رواه خ (7) م (8).
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 595 رقم/ 1657).
(2) صحيح مسلم (1/ 483 رقم 695).
(3) صحيح البخاري (3/ 595 رقم 1655).
(4) صحيح مسلم (1/ 482 رقم 694/ 17).
(5) صحيح البخاري (3/ 611 رقم 1673).
(6) صحيح مسلم (2/ 937 رقم 1288).
(7) صحيح البخاري (3/ 611 رقم 1674).
(8) صحيح مسلم (2/ 637 رقم 1287).
(4/210)
4400 - عن أسامة بن زيد قال: "دفع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة فنزل الشعب بال، ثم توضأ ولم يسبغ
الوضوء، فقلت له: الصلاة. قال: الصلاة أمامك. فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ،
ثم أقيمت الصلاة فصلى (المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت
الصلاة فصلى) (1) ولم يصل بينهما".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3) وفي روايته: "حتى إذا كان بالشعب نزل
فبال" وعنده: "فلما جاء الزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء" وعنده: "ثم أقيمت
الصلاة (فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء)
(4) فصلاها، ولم يصل بينهما شيئًا".
4400 م- وفي حديث جابر -الذي تقدم (5) - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح
بينهما، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان
وإقامة".
رواه م (6).
4401 - عن ابن عمر قال: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب
والعشاء بجمع صلى المغرب ثلاثاً والعشاء (ركعتين) (4) بإقامة واحدة" (7).
وفي لفظ (8): "صلاهما بإقامة واحدة".
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (3/ 610 رقم 1672).
(3) صحيح مسلم (2/ 934 رقم 1280).
(4) من صحيح مسلم.
(5) الحديث رقم (4345).
(6) صحيح مسلم (2/ 886 - 892 رقم 1218).
(7) صحيح مسلم (2/ 938 رقم 1288/ 290).
(8) صحح مسلم (2/ 937 رقم 1288/ 289).
(4/211)
رواه مسلم.
4402 - وفي لفظ له (1): عن سعيد بن جبير قال: "أفضنا مع ابن عمر حتى أتينا
جمعًا، فصلى بنا المغرب والعشاء بإقامة واحدة، ثم انصرف فقال: هكذا صلى بنا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المكان".
4403 - عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "حج عبد الله فأتينا المزدلفة حين
الأذان بالعتمة -أو قريبًا من ذلك- فأمر رجلاً فأذن وأقام، ثم صلى المغرب،
وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر أُرى (2) فأذن وأقام -قال
(عَمْرو) (3): لا أعلم الشك إلا من زهير- ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع
الفجر قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي هذه الساعة (إلا
هذه) (4) الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان
تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما يأتي المزدلفة، والفجر حين يبزغ
الفجر. وقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله".
رواه خ (5) وفي لفظ له (6): "خرجت مع عبد الله إلى مكة، ثم قدمنا جمعًا
فصلى الصلاتين كل واحدة (7) وحدها بأذان وإقامة، والعَشاء بينهما، ثم صلى
الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول: طلع الفجر. وقائل يقول: لم يطلع الفجر.
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 938 رقم 1288/ 291).
(2) زاد في بعض نسخ صحيح البخاري بعدها: "رجلاً وليست هذه الزيادة في
النسخة اليونينية (2/ 202) ولا نسخة عبد الله بن سالم -رحمه الله- كما في
حاشية إرشاد الساري (3/ 205).
(3) في "الأصل": لو. والمثبت من صحيح البخاري، وعَمْرو هو ابن خالد شيخ
البخاري، وزهير هو ابن معاوية الجعفي.
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (3/ 612 رقم 1675).
(6) صحيح البخاري (3/ 619 - 620 رقم 1683).
(7) في صحيح البخاري: صلاة.
(4/212)
ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قال: "إن (هاتين) (1) الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان: المغرب
(2) فلا يقدم الناس جمعاً حتى يعتموا، وصلاة الفجر هذه الساعة. ثم وقف حتى
أسفر، ثم قال: (إنَّ أمير المؤمنين إِنْ أفاض) (3) الآن أصاب السنة. فما
أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم
النحر".
4404 - وله (4) عن عبد الله قاله: "ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -
صلى صلاة لغير وقتها (5) إلا صلاتين: جمع بين المغرب والعشاء، وصلى الفجر
قبل ميقاتها".
وروى مسلم (6) -عنه- عن عبد الله قال: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - صلى صلاة (إلا) (7) لميقاتها إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع
وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها". وفي لفظ: "قبل وقتها بغلس".
107 - باب ما يعطى الحجاج في غداة جمع
4405 - عن بلال بن رباح: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له غداة
جمع: يا بلال، أسكت الناس -أو أنصت الناس- ثم قال: إن الله -تعالى- تطاول
عليكم في جمعكم هذا؛ فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، ادفعوا بسم
الله".
رواه ق (8).
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) زاد بعدها في بعض الروايات: والعشاء. قال القسطلاني في إرشاد الساري
(3/ 209): وسقط في رواية ابن عساكر: "والعشاء".
(3) في صحيح البخاري: "لو أن أمير المؤمنين أفاض".
(4) صحيح البخاري (3/ 619 رقم 1682).
(5) في صحيح البخاري "ميقاتها".
(6) صحيح مسلم (2/ 938 رقم 1289).
(7) من صحيح مسلم.
(8) سنن ابن ماجه (2/ 1006 رقم 3024).
(4/213)
108 - باب فيمن يقدم
من جمع في رمي الجمار
4406 - عن القاسم، عن عائشة قالت: "استأذنت سودة رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - ليلة المزدلفة تدفع قبله وقبل حطمة الناس، وكانت امرأة ثبطة -يقول
القاسم: والثبطة الثقيلة- قالت: فأذن لها فخرجت قبل دفعه، وحبسنا حتى
أصبحنا فدفعنا بدفعه، ولأن أكون استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كما استأذنته سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إليّ من مفروحٍ به".
رواه خ (1) ومسلم (2) وهذا لفظه.
وفي لفظ له (3) "وددت أني كنت استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كما استأذنته سودة فأصلي الصبح بمنى، فأرمي الجمرة قبل أن يأتي الناس".
و"كانت عائشة- رضي الله عنها- لا تفيض إلا مع الإمام" (4).
4407 - عن ابن عباس قال: "أنا ممن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة
المزدلفة في ضعفة أهله".
رواه (5) م (6).
وفي لفظ له (7): عن ابن جريج، أخبرني عطاء (أن) (8) ابن عباس قال: "بعث بي
نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بسحر من جمع في ثقل نبي الله. قلت: أبلغك
أن ابن عباس
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 615 رقم 1680، 1681).
(2) صحيح مسلم (2/ 939 رقم 1290/ 293).
(3) صحيح مسلم (2/ 939 رقم 1290/ 295).
(4) صحيح مسلم (2/ 939 رقم 1290/ 294).
(5) صحيح البخاري (3/ 615 رقم 1678).
(6) صحيح مسلم (2/ 194 رقم 1293/ 301).
(7) صحيح مسلم (2/ 194 رقم 1294).
(8) سقطت من "الأصل" وأثبتها من صحيح مسلم.
(4/214)
قال: بعث بي بليل طويل؟ قال: لا، إلا كذلك
بسحر. قلت له: فقال ابن عباس: رمينا الجمرة قبل الفجر، وأين صلى الفجر؟
قال: لا، إلا كذلك".
وفي لفظ له (1): "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثقل -أو
قال: في الضعفة- من جمع بليل".
وفي لفظ للبخاري (2) "بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - من جمع بليل".
4408 - عن سالم بن عبد الله "أن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفة أهله فيقفون
عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدالهم، ثم يدفعون قبل
أن يقف الإمام، وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم مني لصلاة الفجر، ومنهم من
يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة. وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه خ (3) م (4).
4409 - عن عبد الله مولى أسماء، عن أسماء "أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة
فقامت تصلي، فصلت ساعة، ثم قالت: يا بني، غاب القمر؟ قلت: لا. فصلت ساعة ثم
قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا. فارتحلنا فمضينا حتى رمت
الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت: يا هنتاه (5)، ما أرانا إلا
قد غلسنا. قالت: يا بني، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظعن".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 941 رقم 1293/ 300).
(2) صحيح البخاري (3/ 614 رقم 1677).
(3) صحيح البخاري (3/ 614 رقم 1676).
(4) صحيح مسلم (2/ 941 رقم 1295) واللفظ له.
(5) أي: يا هذه، وتفتح النون وتسكن، وتضم الهاء الآخرة وتسكن. النهاية (5/
279 - 280).
(4/215)
رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).
4410 - عن أم حبيبة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بها من جمع
بليل".
رواه مسلم (3).
وفي لفظ له (4): عن أم حبيبة قالت: "كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - نغلس من جمع إلى مني". وفي لفظ: "من مزدلفة".
4411 - عن ابن عباس قال: "قدمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغيلمة
بني عبد المطلب على حُمُرَاتٍ لنا من جمع، فجعل يلطح (5) أفخاذنا، ويقول:
أُبيني، لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) س (8) ق (9).
وروى الترمذي (10): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم ضعفة أهله، وقال:
لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس". وقال: حديث حسن صحيح.
وروى الإمام أحمد (11): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث به مع أهله
إلى مني يوم
__________
(1) صحيح البخاري (2/ 940 رقم 1292/ 298).
(2) صحيح مسلم (2/ 940 رقم 1291).
(3) صحيح مسلم (2/ 940 رقم 1292/ 298).
(4) صحيح مسلم (2/ 940 رقم 1292/ 299).
(5) اللطح: بالحاء المهملة الضرب بالكف، وليس بالشديد. النهاية (4/ 250).
(6) المسند (1/ 234، 311، 343).
(7) سنن أبي داود (2/ 194 رقم 1940) واللفظ له. وفيه: يلطخ بالخاء المعجمة،
وقال أبو داود: اللطخ: الضرب اللين.
(8) سنن النسائي (5/ 271 - 272 رقم 3064).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 1007 رقم 3025).
(10) جامع الترمذي (3/ 240 رقم 893).
(11) المسند (1/ 320).
(4/216)
النحر فرمى (1) الجمرة مع الفجر".
4412 - عن عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر نساءه أن يخرجن
من جمع ليلة جمع فيرمين الجمرة، ثم نصبح في منزلنا. فكانت تصنع ذلك حتى
ماتت".
رواه الدارقطني (2) من رواية محمد بن حميد (3)، وقد تكلم فيه غير واحدٍ.
4413 - عن عائشة قالت: "أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - (بأم سلمة) (4)
ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم
الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني عندها".
رواه د (5).
109 - باب في رمي الجمار
4414 - عن الأعمش قال: "سمعت الحجاج بن يوسف يقول وهو يخطب على المنبر:
ألِّفوا القرآن كما ألَّفه جبريل عليه السلام السورة التي يُذكر فيها
(البقرة، والسورة التي يُذكر فيها النساء، والسورة التي يُذكر فيها) (6) آل
عمران. قال: فلقيت إبراهيم فأخبرته بقوله فسبه. ثم قال: حدثني عبد الرحمن
بن يزيد أنه كان مع عبد الله بن مسعود فأتى جمرة العقبة، فاستبطن الوادي
فاستعرضها، فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة. قال: فقلت:
يا أبا عبد الرحمن، إن الناس يرمونها من فوقها. فقال: هذا والذي لا إله إلا
هو، مقام
__________
(1) في المسند: فرموا.
(2) سنن الدارقطني (2/ 273 رقم 175).
(3) ترجمته في التهذيب (25/ 97 - 108).
(4) من سنن أبي داود.
(5) سنن أبي داود (2/ 194 رقم 1942).
(6) من صحيح مسلم.
(4/217)
الذي أُنزلت عليه سورة البقرة".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه، وعند البخاري: "فاستبطن الوادي حتى إذا (حاذى)
(3) بالشجرة اعترضها فرمى بسبع حصيات، وكبر مع كل حصاة، ثم قال: من ها هنا
والذي لا إله غيره قام الذي (أنزلت عليه) (4) سورة البقرة".
وفي لفظ له (5): "فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إن ناساً يرمونها من فوقها.
فقال: لا والذي لا إله غيره، هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة".
وفي لفظ لهما (6): عن عبد الله "أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى، جعل البيت عن
يساره، ومنى عن يمينه، ورمى بسبع، ثم قال: (هذا مقام) (7) الذي أُنزلت عليه
سورة البقرة". وهذا لفظ البخاري.
وفي لفظ للإمام أحمد (8): "أنه انتهى إلى جمرة العقبة (فقال: ناولني
أحجارًا. قال: فناولته سبعة أحجار. فقال لي: خذ بزمام الناقة. قال: ثم عاد
إليها) (9) فرمى بها من بطن الوادي بسبع حصيات وهو راكب يكبر مع كل حصاة.
وقال: اللَّهم (اجعله) (9) حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا. ثم قال: ها هنا
كان يقوم الذي أنزلت عليه سورة البقرة".
4415 - عن سالم، عن ابن عمر "أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات،
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 679 - 680 رقم 1750).
(2) صحيح مسلم (2/ 942 رقم 1296/ 306).
(3) في "الأصل": كان. والمثبت من صحيح البخاري.
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (3/ 678 رقم 1747).
(6) البخاري (3/ 679 رقم 1748)، ومسلم (2/ 943 رقم 1296/ 307).
(7) هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: "هكذا رمى".
(8) المسند (1/ 427).
(9) من المسند.
(4/218)
يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم حتى يُسْهل
(1) فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً، ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى،
ثم يآخذ بذات الشمال فيَسْتَهِل (2)، ويقوم مستقبل القبلة (فيقوم طويلاً،)
(3) ثم يدعو فيرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن
الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف، فيقول: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه
وسلم - يفعله".
رواه خ (4).
وفي لفظ له (5) "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى الجمرة
التي تلي مسجد مني يرميها بسبع حصيات، يكبر كما رمى بحصاة، ثم (تقدم) (6)
أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعًا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف، ثم يأتي
الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات
اليسار مما يلي الوادي، فيقف مستقبل القبلة رافعًا يديه (يدعو) (7) ثم يأتي
الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات، يكبر عند كل حصاة، ثم ينصرف
ولا يقف عندها، قال: وكان ابن عمر يفعله".
4416 - عن وَبرة (8) قال: "سألت ابن عمر متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمى
إمامك فارمه. فأعدت عليه المسألة، قال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رميناه".
__________
(1) بضم أوله، وسكون المهملة، أي: يقصد السهل من الأرض. فتح الباري (3/
682).
(2) أي: ينزل إلى السهل من بطن الوادي كما فعل في الأولى. إرشاد الساري (3/
249 - 250).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (3/ 681 رقم 1751).
(5) صحيح البخاري (3/ 683 رقم 1733).
(6) في "الأصل": يقوم. والمثبت من صحيح البخاري.
(7) من صحيح البخاري.
(8) هو وبرة بن عبد الرحمن الكوفي، ترجمته في التهذيب (30/ 426 - 427).
(4/219)
رواه خ (1).
4417 - عن جابر قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي على
راحلته يوم النحر، ويقول: (لتأخذوا) (2)، مناسككم؛ فإني لا أدري لعلى لا
أحج بعد حجتي هذه".
رواه م (3).
4418 - وعن جابر بن عبد الله قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى
الجمرة بمثل حصى الخذف".
رواه مسلم (4).
4419 - وروى (5) عن جابر قال: "رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الجمرة يوم النحر ضحًى، وأما بعد فإذا زالت الشمس".
4420 - وروى (6) عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"الاستجمار تَوٌّ (7)، ورمي الجمار تَوٌّ، والسعي بين الصفا والمروة تَوٌّ،
والطواف تَوٌّ، وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتَوٍّ".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 677 رقم 1746).
(2) في "الأصل": خذوا. والمثبت من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (2/ 943 رقم 1297).
(4) صحيح مسلم (2/ 944 رقم 1299/ 313).
(5) صحيح مسلم (2/ 945 رقم 1299/ 314).
(6) صحيح مسلم (2/ 945 رقم 1300).
(7) التَّوُّ: الفرد، يريد أنه يرمي الجمار في الحج فرداً، وهي سبع حصيات،
ويطوف سبعًا، ويسعى سبعاً، وقيل: أراد بفردية الطواف والسعي أن الواجب
منهما مرة واحدة لا تثنى ولا تكرر، سواء كان المحرم مفردًا أو قارناً،
وقيل: أراد بالاستجمار: الاستنجاء، والسنة أن يستنجي بثلاث، والأول أولى
لاقترانه بالطواف والسعي. النهاية (1/ 200 - 201).
(4/220)
4421 - وعن ابن عمر "أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - كان إذا رمى الجمار مشى إليه ذاهبًا وراجعًا".
رواه ت (1)، وقال: حديث حسن صحيح.
4422 - وقد روى د (2) عن ابن عمر: "أنه (كان) (3) يأتي الجمار في الأيام
الثلاثة بعد يوم النحر ماشيًا ذاهبًا وراجعًا، ويُخبر أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - كان يفعل ذلك".
وفي لفظ عنه: "كان يرمي الجمرة يوم النحر راكبًا، وسائر ذلك ماشياً.
ويخبرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك".
رواه الإمام أحمد (4).
4423 - عن ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي
الجمار إذا زالت الشمس".
رواه ت (5) - وقال: حديث حسن- من رواية الحجاج (6)، وفيه كلام.
ورواه ابن ماجه (7) وزاد: "قدر ما إذا فرغ من رميته صلى الظهر" هو من رواية
أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن شيبة (8)، وهو متروك الحديث.
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 244 - 245 رقم 900).
(2) سنن أبي داود (2/ 200 - 201 رقم 1969).
(3) من سنن أبي داود.
(4) المسند (2/ 114).
(5) جامع الترمذي (3/ 243 رقم 898).
(6) هو الحجاج بن أرطاة الكوفي ترجمته في التهذيب (5/ 420 - 428) وذهب
المباركفوري في تحفة الأحوذي (3/ 641 رقم 899) إلى أن الحجاج الذي في إسناد
هذا الحديث هو ابن دينار الواسطي، والصواب أنه ابن أرطاة، واللَّه أعلم.
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1014 رقم 3054).
(8) ترجمته في التهذيب (2/ 147 - 151) وروى هذا الحديث عنه جبارة بن
المغلس، وحاله في الضعف معروف.
(4/221)
4424 - عن جابر: "أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - أوضع في وادي محسر، وأمرهم أن يرموا بمثل حصى الخذف".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3) ق (4) ت (5) وقال: حديث حسن صحيح. وزاد
هو وابن ماجه وقال: (لعلي لا أراكم بعد عامي هذا) (6).
110 - فضل حصى الجمار
4425 - عن أبي سعيد الخدري "قلنا: يا رسول الله، هذه الجمار التي يُرمى بها
كل عام فنحتسب أنها تنتقص. قال: (إنه) (7) ما تقبل منها رفع؛ ولولا ذلك
لرأيتها أمثال الجبال". رواه الدارقطني (8).
4426 - عن أم الحصين قالت: "حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة
الوداع، فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف -وهو على راحلته- ومعه بلال
وأسامة، أحدهما يقود به راحلته، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - من الشمس، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قولاً كثيرًا، ثم سمعته يقول: إن أمر عليكم عبد مجدع -حسبتها قالت: أسود-
يقودكم بكتاب الله فاسمعوا (له) (9) وأطيعوا".
__________
(1) المسند (3/ 301، 313، 332).
(2) سنن أبي داود (2/ 195 رقم 1944).
(3) سنن النسائي (5/ 258 رقم 3021، 3022).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 1006 رقم 3033).
(5) جامع الترمذي (3/ 234 رقم 886).
(6) في "الأصل": بعد لا أرمي بعدها في هذا. والمثبت من جامع الترمذي، ونحوه
في سنن ابن ماجه.
(7) من سنن الدارقطني.
(8) سنن الدارقطني (2/ 300 رقم 288).
(9) من صحيح مسلم.
(4/222)
رواه مسلم (1)،
4427 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جُعل رمي
الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله".
رواه د (2) ت (3) وهذا لفظه، وقال: حديث حسن صحيح. وعند أبي داود: "إنما
جُعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله".
4428 - عن قدامة بن عبد الله الكلابي "أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - رمى جمرة العاتبة من بطن الوادي يوم النحر على ناقةٍ له صهباء، لا
ضرب ولا طرد ولا إليك إليك".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- س (5) ق (6) ت (7) وقال: حديث حسن صحيح.
4429 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة
وهو على ناقته: "القط لي حصى. فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف، فجعل
ينفضهن في كفه (ويقول) (8): أمثال هؤلاء فارموا. ثم قال: أيها الناس، إياكم
والغلو في الدين، فإنما أهلك الذين من قبلكم الغلو في الدين".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 944 رقم 1298).
(2) سنن أبي داود (2/ 179 رقم 1888).
(3) جامع الترمذي (3/ 246 رقم 902).
(4) المسند (3/ 413).
(5) سنن النسائي (3/ 270 رقم 3061).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 1009 رقم 3035).
(7) جامع الترمذي (3/ 247 رقم 903).
4429 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 29 - 33 رقم 20 - 23).
(8) من سنن ابن ماجه.
(4/223)
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3) وهذا
لفظه.
4430 - عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه -وكانت بايعت النبي - صلى الله
عليه وسلم - فقالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو يرمي
الجمرة من بطن الوادي يقول: "يا أيها الناس، لا يقتل بعضكم بعضًا، إذا
رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- س (5) ق (6) ولفظه: قالت: "رأيت النبي -
صلى الله عليه وسلم - يوم النحر عند جمرة العقبة، وهو راكب على بغلة، فقال:
يا أيها الناس، إذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف".
وقد روى د (7) حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه، وفيه زيادة -قال
الحافظ: وهي أم جندب- قالت: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي
الجمرة من بطن الوادي، وهو راكب يكبر مع كل حصاة، ورجل من خلفه يستره،
فسألت عن الرجل، فقالوا: الفضل بن عباس. وازدحم الناس فقال النبي - صلى
الله عليه وسلم -: (يا أيها الناس) (8) لا يقتل بعضكم بعضًا، وإذا رميتم
الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف".
وفي لفظ له (9): "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند جمرة العقبة
راكبًا، ورأيت
__________
(1) المسند (1/ 215).
(2) سنن النسائي (5/ 268 - 269 رقم 3057).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1008 رقم 3029).
(4) المسند (3/ 503).
(5) كذا وقع هذا الرمز في "الأصل" ولم أجده في سنن النسائي، ولم يعزه المزي
في تحفة الأشراف (13/ 70 رقم 18306) إلا لأبي داود وابن ماجه فقط، والله
أعلم.
(6) سنن ابن ماجه (2/ 1008 رقم 3028).
(7) سنن أبي داود (2/ 200 رقم 1966).
(8) من سنن أبي داود.
(9) سنن أبي داود (2/ 200 رقم 1967).
(4/224)
بين أصابعه حجرًا، فرمى. ورمى الناس".
4431 - عن سعد بن مالك قال: "رمينا الجمار -أو الجمرة- في حجتنا مع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم جلسنا نتذاكر فمنا من قال: رميت بست. ومنا
من قال: رميت بسبع. ومنا من قال: رميت بثمان. ومنا من قال: رميت بتسع. فلم
يروا بذلك بأسًا".
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- س (2).
4432 - عن عائشة قالت: "أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه
حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة
إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى
والثانية فيطيل القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة لا يقف عندها" (3).
رواه الإمام أحمد (4) د (5) لفظه.
111 - باب تأخير رمي الجمار من عذر
4433 - عن ابن عمر "أن العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له".
رواه خ (6) م (7).
__________
4431 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 244 - 245 رقم 1051، 1052).
(1) المسند (1/ 168).
(2) سنن النسائي (5/ 275 رقم 3077).
(3) صححه ابن خزيمة (4/ 311 رقم 2956، 4/ 317 رقم 2971).
(4) المسند (6/ 90).
(5) سنن أبي داود (2/ 201 رقم 1973).
(6) صحيح البخاري (3/ 573 - 574 رقم 1634).
(7) صحيح مسلم (2/ 953 رقم 1315).
(4/225)
4434 - عن أبي البداح (1) بن عاصم، عن أبيه
قال: "رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرعاء الإبل في البيتوتة أن
يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد النحر فيرمونه في أحدهما -قال
مالك: ظننت أنه قال: في الآخر منهما- ثم يرمون يوم النفر" (2).
رواه الإمام أحمد (3).
وفي لفظ له (3) أيضًا: "يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد أو من بعد الغد
ليومين، ثم يرمون يوم النفر".
وفي لفظ (3): "أرخص للرعاء أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يومًا
وليلة ثم يرموا الغد".
وفي لفظ سفيان بن عيينة (3): "رخص للرعاء أن يرموا يومًا ويدعوا يوماً".
رواه أيضًا من رواية مالك وسفيان بن عيينة د (4) س (5) ق (6) ت (7) وقال:
حديث حسن صحيح. وقال: هكذا روى ابن عيينة، ورواية مالك أصح.
__________
(1) هو أبو البداح بن عاصم بن عدي بن الجد بن عجلان، ترجمته في التهذيب
(33/ 65).
(2) صححه ابن خزيمة (4/ 319 - 320 رقم 2976 - 2978)، وابن حبان (9/ 200 رقم
3888).
(3) المسند (5/ 450).
(4) سنن أبي داود (2/ 202 رقم 1975، 1976).
(5) سنن النسائي (5/ 273 رقم 3068، 3069).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 1010 رقم 3036، 3037).
(7) جامع الترمذي (3/ 389 - 290 رقم 954، 955).
(4/226)
112 - باب في الرمي
عن الصبيان
4435 - عن جابر قال: "حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا
النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2) ت (3) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا
الوجه.
قال الحافظ -رحمه الله-: هو من رواية أشعث بن (سَوَّار) (4) وقد تكلم فيه
غير واحد من الأئمة.
113 - باب النحر قبل الحلق
4436 - عن ابن عمر قال: "خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - معتمرين
فحال كفار قريش دون البيت، فنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدنه،
وحلق رأسه".
رواه خ (5) -وهذا لفظه- ومسلم (6) نحوه.
4437 - عن المسور "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق،
وأمر أصحابه بذلك".
رواه البخاري (7).
__________
(1) المسند (3/ 314).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1010 رقم 3038).
(3) جامع الترمذي (3/ 266 رقم 927).
(4) سقطت من "الأصل" وأثبتها من جامع الترمذي، وأشعث بن سوار الكندي الكوفي
ترجمته في التهذيب (3/ 264 - 270).
(5) صحيح البخاري (4/ 13 رقم 1812).
(6) صحيح مسلم (2/ 904 رقم 1230/ 182).
(7) صحيح البخاري (4/ 13 رقم 1811).
(4/227)
114 - باب الحلق
والتقصير وفضل الحلق
4438 - عن نافع "كان ابن عمر يقول: حلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في حجته".
كذا رواه خ (1).
4439 - وعن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلق رأسه في حجة
الوداع".
أخرجاه (2) جميعًا، وزاد البخاري: "وزعموا أن الذي حلق النبيَّ - صلى الله
عليه وسلم - معمر ابن عبد الله بن نضلة بن عوف" (3).
4440 - عن معمر بن عبد الله قال: "كنت أرحل لرسول الله - صلى الله عليه
وسلم - في حجة الوداع. قال: فقال لي ليلة من الليالي: يا معمر، لقد وجدت
الليلة في أنساعي (4) اضطرابًا. قال: فقلت: أما والذي بعثك بالحق لقد
شددتها كما كنت أشدها ولكنه أرخاها من قد كان نَفِسَ عليَّ مكاني منك (5)
لتستبدل بي غيري. قال: أما إني غير فاعل. قال: فلما نحر رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - هديه بمنى أمرني أن أحلقه، قال: فأخذت الموسى فقمت على
رأسه، قال: فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهي وقال: يا معمر
أمكنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شحمة أذنه وفي يدك الموسى. قال:
فقلت: أما والله يا رسول الله إن ذلك لمن نعمه عليَّ ومنِّه. قال: قال: أجل
أقر
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 656 رقم 1726).
(2) البخاري (7/ 713 رقم 4410)، ومسلم (2/ 947 رقم 1304).
(3) لم أقف على هذه الزيادة في صحيح البخاري، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح
(3/ 657): تنبيه: أفاد ابن خزيمة في صحيحه من الوجه الذي أخرجه البخاري منه
في المغاري من طريق موسى بن عقبة عن نافع متصلاً بالمتن المذكور قال:
"وزعموا أن الذي حلقه معمر بن عبد الله بن نضلة" وبيَّن أبو مسعود في
"الأطراف" أن قائل: "وزعموا" ابن جريج، الراوي له عن موسى بن عقبة. اهـ.
(4) النسعة -بالكسر- سير مضفور، يُجعل زماماً للبعير وغيره، وقد تنسج عريضة
تُجعل على صدر البعير، والجمع: نُسعْ ونِسَع وأنساع. النهاية (5/ 48).
(5) نفست عليه الشيء نفاسة إذا لم تره له أهلاً. النهاية (5/ 95).
(4/228)
لك. قال: ثم حلقت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -".
رواه الإمام أحمد (1).
4441 - عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى مني، فأتى
الجمرة فرماها، ثم أتى (منزله) (2) بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ. وأشار
إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس" (3).
وفي لفظٍ (4): "قال للحلاق: ها. وأشار بيده إلى جانب الأيمن هكذا، فقسم
شعره (بين يديه) (5) قال: ثم أشار إلى الحلاق (و) (6) إلى الجانب الأيسر
فحلقه، فأعطاه أم سليم".
وفي لفظٍ (7): "فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم
قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك، ثم قال: ها هنا أبو طلحة؟ فدفعه إلى أبي
طلحة".
وفي لفظٍ (7): قال: "لما رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة،
ونحر نسكه وحلق، ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري
فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال: احلق. فحلقه فأعطاه أبا طلحة
الأنصاري فقال: اقسمه بين الناس".
هذه الروايات لمسلم.
__________
(1) المسند (6/ 400).
(2) في "الأصل": مزدلفة. والمثبت من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (2/ 947 رقم 1305/ 323).
(4) صحيح مسلم (2/ 947 رقم 1305/ 324).
(5) في صحيح مسلم: من يليه.
(6) من صحيح مسلم.
(7) صحيح مسلم (2/ 948 رقم 1305/ 326).
(4/229)
وروى البخاري (1) منه من رواية ابن عون عن
ابن سيرين، عن أنس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حلق رأسه كان
أبو طلحة أول من أخذ من شعره".
قلت: رواه مسلم من رواية حفص بن غياث (2) وعبد الأعلى بن عبد الأعلى (3) عن
هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
دفع إلى أبي طلحة شعر شقه الأيسر".
ورواه (4) من رواية سفيان بن عيينة، عن هشام بن حسان "أنه دفع إلى أبي طلحة
شعر شقه الأيمن".
ورواية ابن عون، عن ابن سيرين أراها تقوي رواية سفيان، واللَّه أعلم.
4442 - عن عبد الله بن عمر قال: "حلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وطائفة
من أصحابه وقصر بعضهم".
رواه البخاري (5) ومسلم (6).
__________
(1) صحيح البخاري (1/ 328 - 329 رقم 171).
(2) صحيح مسلم (2/ 947 رقم 1305/ 324).
(3) صحيح مسلم (2/ 947 رقم 1305/ 325).
(4) صحيح مسلم (2/ 948 رقم 1305/ 326) ولفظه: "لما رمى رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - الجمرة ونحر نسكه وحلق، ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، ثم
دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناوله شقه الأيسر، فقال: احلق.
فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: اقسمه بين الناس".
قال ابن حجر في الفتح (1/ 329): ولا تناقض في هذه الروايات، بل طريق الجمع
بينها أنه ناول أبا طلحة كلا الشقين، فأما الأيمن فوزعه أبو طلحة بأمره،
وأما الأيسر فأعطاه لأم سليم زوجته بأمره - صلى الله عليه وسلم - زاد أحمد
في رواية له: "لتجعله في طيبها" وعلى هذا فالضمير في قوله: "يقسمه" في
رواية أبي عوانة يعود على الشق الأيمن، وكذا قوله في رواية ابن عيينة:
فقال: اقسمه بين الناس". وانظر زاد المعاد (2/ 248 - 249).
(5) صحيح البخاري (3/ 656 رقم 1729).
(6) صحيح مسلم (2/ 945 رقم 1301).
(4/230)
4443 - عن محمد بن (عبد الله بن) (1) زيد
أن أباه حدثه "أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المنحر ورجل من
قريش وهو يقسم أضاحي، فلم يصبه (منها) (1) شيء ولا صاحبه، فحلق رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - رأسه في ثوبه فأعطاه، فقسم منه على رجال، وقلم أظفاره
وأعطاه صاحبه. قال: وإنه لعندنا مخضوب بالحناء والكتم -يعني: شعره".
رواه الإمام أحمد (2).
4444 - عن ابن عمر في الأصلع: "يمر الموسى على رأسه".
رواه الدارقطني (3).
4445 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على
النساء الحلق، إنما على النساء التقصير".
رواه د (4) والدارقطني (5).
4446 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أن تحلق المرأة رأسها".
رواه ت (6) وقال: حديث علي فيه اضطراب.
4447 - عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"اللهم ارحم المحلقين. قالوا: والمقصرين يا رسول الله. قال: اللَّهم ارحم
المحلقين. قالوا:
__________
4443 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 384 - 385 رقم 353 - 355).
(1) من المسند.
(2) المسند (4/ 42).
(3) سنن الدارقطني (2/ 256 - 257 رقم 90 - 92).
(4) سنن أبي داود (2/ 203 رقم 1984).
(5) سنن الدارقطني (2/ 271 رقم 165، 166).
(6) جامع الترمذي (3/ 257 رقم 914).
(4/231)
والمقصرين يا رسول الله. قال: والمقصرين".
رواه خ (1) م (2).
وله (3): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله. قال: رحم الله المحلقين. قالوا: والمقصرين
يا رسول الله. قال: والمقصرين".
وفي لفظ (4): "فلما كانت الرابعة قال: وللمقصرين".
قال البخاري (5): وقال عبيد الله: حدثني نافع: "قال في الرابعة:
وللمقصرين".
4448 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اللهم
اغفر للمحلقين. قالوا: يا رسول الله وللمقصرين. قال: اللهم اغفر للمحلقين.
قالوا: يا رسول الله وللمقصرين (6). قال: وللمقصرين".
رواه خ (7) ومسلم (8) -وهذا لفظه- ولفظ البخاري "اللَّهم اغفر للمحلقين.
قالوا: وللمقصرين. قال: اللهم اغفر للمحلقين. قالوا: وللمقصرين -قالها
ثلاثاً- قال: وللمقصرين".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 656 رقم 1727).
(2) صحيح مسلم (2/ 945 رقم 1301/ 317).
(3) صحيح مسلم (2/ 946 رقم 1301/ 318).
(4) صحيح مسلم (2/ 946 رقم 1301/ 319).
(5) صحيح البخاري (3/ 656 رقم 1727).
(6) تكرر قوله: "قال اللهم اغفر للمحلقين. قالوا: يا رسول الله، والمقصرين"
في صحيح مسلم ثلاث مرات.
(7) صحيح البخاري (3/ 656 رقم 1728).
(8) صحيح مسلم (2/ 946 رقم 1302).
(4/232)
4449 - عن يحيى بن الحصين عن جدته "أنها
سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثًا،
وللمقصرين مرة".
رواه م (1).
4450 - عن ابن عباس قال: "قيل: يا رسول الله، لم ظاهرت للمحلقين ثلاثاً
والمقصرين واحدة؟ قال: إنهم لم يشكوا".
رواه ق (2).
4451 - أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني بأصبهان، أن الحسن بن أحمد
أخبرهم -وهو حاضر- أبنا أحمد بن عبد الله، أبنا عبد الله بن جعفر، أبنا
إسماعيل بن عبد الله (3)، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن هشام بن أبي
عبد الله، عن يحيى بن أبي كثير، عن (أبي إبراهيم، عن) (4) أبي سعيد "أن أهل
(الحديبية) (5) حلقوا إلا عثمان بن عفان وأبو قتادة، فاستغفر لهم رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً، وللمقصرين مرة" (6).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 946 رقم 1303).
4450 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 81 - 82 رقم 132، 133).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1012 رقم 3045).
(3) هو أبو بشر العبدي، الشهير بـ "سمَّويه" والحديث في فوائده (ق 137 -
ب).
(4) سقطت من "الأصل" وأثبتها من "فوائد سمويه".
(5) في "الأصل": المدينة. والمثبت من "فوائد سمويه".
(6) رواه المزي في تهذيب الكمال (33/ 7 - 8) من طريق أبي جعفر الصيدلاني
به. ورواه الإمام أحمد (3/ 20، 89)، والطيالسي (295 رقم 2224)، وأبو يعلى
(2/ 453 رقم 1263)، والبيهقي في الدلائل (4/ 51) من طريق هشام بن أبي عبد
الله الدستوائي به. ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (3/ 395 - 396 رقم 1368،
1369) من طريق يحيى بن أبي كثير به.
(4/233)
4452 - وبه أبنا إسماعيل بن عبد الله (1)،
ثنا مسلم بن إبراهيم ومسدد (2)، قالا: حدثنا أوس بن عُبيد الله السلولي،
حدثني عمي بُريد بن أبي مريم، عن أبيه مالك بن ربيعة قال: سمعت النبي - صلى
الله عليه وسلم - يقول: "اللَّهم اغفر للمحلقين. قال رجل: يا رسول الله
والمقصرين. قال: والمقصرين. قال مالك ورأسى يومئذ محلوق ما يسرني به حمر
النعم، أو خَطَراً (3) عظيمًا" (4).
115 - باب فيمن قدم نسكًا قبل نسك
4453 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له في الذبح
والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج".
ورواه خ (5) م (6).
4454 - وعن ابن عباس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسأل يوم
النحر بمنى فيقول: لا حرج. فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح. قال: اذبح
ولا حرج. قال:
__________
(1) وهو في فوائد سمويه (ق 137 - ب) أيضاً ومن طريقه رواه أبو نعيم في
معرفة الصحابة (5/ 2453 - 2454 رقم 5990).
(2) رواه ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 30) من طريق مسدد، وعزاه البوصيري
في إتحاف الخيرة (3/ 223 رقم 2604) لمسدد في مسنده.
(3) الخَطَر بالتحريك: في "الأصل": الرهن وما يخاطر عليه، ومِثل الشيء
وعدله، ولا يقال إلا في الشيء الذي له قدر ومَزِية. النهاية (2/ 46).
(4) رواه الإمام أحمد (4/ 177) وابن أبي شيبة في مسنده (2/ 185 رقم 670) من
طريق أوس بن عُبيَد الله به.
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (19/ 275 رقم 604) والأوسط (3/ 198 - 199
رقم 2914) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2454 رقم 5991) وابن قانع في
معجم الصحابة (3/ 31) من طريق بُريد به.
(5) صحيح البخاري (3/ 664 رقم 1734).
(6) صحيح مسلم (2/ 950 رقم 1307).
(4/234)
رميت بعدما أمسيت. قال: لا حرج".
رواه خ (1).
4455 - وله (2) عن ابن عباس "قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: زرت
قبل أن أرمي. قال: لا حرج. قال: حلقت قبل أن أذبح. قال: لا حرج. (قال: ذبحت
قبل أن أرمي. قال: لا حرج) (3) ".
4456 - عن عبد الله بن عمرو "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في
حجة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح. قال:
اذبح ولا حرج. فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي. قال: ارم ولا
حرج. فما سُئل يومئذ عن شيء قُدم ولا أُخر لا قال: افعل ولا حرج".
رواه البخاري (4) ومسلم (5).
وفي لفظ لهما (6): "وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقته" وقال
مسلم: "على راحلته".
وعنده (7): "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته بمنى".
وفي لفظ لمسلم (8): "وأتاه آخر فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي. قال:
ارم ولا حرج. قال: فما رأيته سُئل يومئذ عن شيء إلا قال: افعلوا ولا حرج".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 664 رقم 1735).
(2) صحيح البخاري (3/ 653 رقم 1722).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (3/ 665 رقم 1736).
(5) صحيح مسلم (2/ 948 رقم 1306/ 327).
(6) البخاري (3/ 665 رقم 1738)، ومسلم (2/ 948 رقم 1306/ 328).
(7) صحيح مسلم (2/ 949 رقم 1306/ 332).
(8) صحيح مسلم (2/ 949 - 950 رقم 1306/ 333).
(4/235)
4457 - عن أسامة بن شريك قال: "خرجت مع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا، فكان الناس يأتونه فمن قائل: يا
رسول الله سعيت قبل أن أطوف، أو أخرت شيئًا أو قدمت شيئًا. فكان يقول لهم:
لا حرج إلا رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذاك الذي حرج وهلك".
رواه د (1) والدارقطني (2) وهذا لفظه.
116 - باب متى يفيض من جمع
4458 - عن عمرو بن ميمون قال: "شهدت عمر صلى بجمع الصبح، ثم وقف فقال: إن
المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس (ويقولون: أشرق ثبير. وأن النبي -
صلى الله عليه وسلم - خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس) (3) ".
رواه خ (4)، وزاد الإمام أحمد (5) ق (6): "أشرق ثبير كيما نغير (7) ".
4459 - عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر،
ثم رجع فصلى الظهر بمنى. قال نافع: وكان ابن عمر يفيض يوم النحر، ثم يرجع
فيصلي الظهر بمنى، ويذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله".
كذا رواه مسلم (8).
__________
4457 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 167 - 170 رقم 1381 - 1385).
(1) سنن أبي داود (2/ 211 رقم 2015).
(2) سنن الدارقطني (2/ 251 رقم 67).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (3/ 620 - 621 رقم 1684).
(5) المسند (1/ 42، 54).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 1006 رقم 3022).
(7) ثَبِير جبل بمنًى، أي: ادخل أيها الجبل في الشروق وهو ضوء النهار، كيما
نغير: أي ندفع للنحر. النهاية (2/ 464).
(8) صحيح مسلم (2/ 950 رقم 1308).
(4/236)
وقال البخاري (1): وقال لنا أبو نعيم: ثنا
سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه طاف طوافًا واحدًا (ثم يقيل)
(2) ثم يأتي منى -يعني يوم النحر". ورفعه عبد الرزاق أبنا عبيد الله.
4459 م- وفي حديث جابر الذي تقدم (3) وفيه بعد نحر البدن "ثم ركب رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر".
رواه م (4).
4460 - عن أم سلمة قالت: "كانت ليلتي التي يصير إليَّ فيها رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - مساء يوم النحر، فصار إليَّ فدخل عليَّ وهب بن زمعة ومعه
رجل من آل أبي أمية متقمصين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوهب:
هل أفضت أبا عبد الله؟ قال: لا، والله يا رسول الله. قال - صلى الله عليه
وسلم -: انزع عنك القميص. قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه.
ثم قال: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: إن هذا (يوم) (5) رخص لكم إذا أنتم رميتم
الجمرة أن تحلوا -يعني من كل ما حرمتم منه إلا النساء- فإذا أمسيتم قبل أن
تطوفوا هذا البيت صرتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به"
(6).
رواه الإمام أحمد (7) د (8) وهذا لفظه.
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 663 رقم 1732).
(2) من صحيح البخاري.
(3) الحديث رقم (4345).
(4) صحيح مسلم (2/ 892 رقم 1218).
(5) من سنن أبي داود.
(6) صححه ابن خزيمة (4/ 312 رقم 2958).
(7) المسند (6/ 295، 303).
(8) سنن أبي داود (2/ 207 رقم 1999).
(4/237)
4461 - عن أبي حسان الأعرج قال: "قال رجل
من بني الهجيم لابن عباس: ما هذا الفتيا (1) التي قد تشغفت (2) أو تشغبت
(3) بالناس أن من طاف بالبيت فقد حل؟ فقال: سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم
- وإن رغمتم".
رواه مسلم (4)، وروى البخاري (5) قال: ويُروى عن أبي حسان، عن ابن عباس "أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزور البيت أيام منى" (6).
4462 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفاض قبل طلوع
الشمس".
رواه ت (7) وقال: حديث حسن صحيح.
4463 - عن عائشة قالت: "حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفضنا يوم
النحر، فحاضت صفية، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ما يريد الرجل
من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض. قال: حابستنا هي؟ قالوا: يا رسول
الله، أفاضت يوم النحر. قال: اخرجوا".
رواه خ (8) -وهذا لفظه- ومسلم (9).
__________
(1) هكذا في معظم النسخ "هذا الفتيا" وفي بعضها: "هذه" وهو الأجود، ووجه
الأول أنه أراد بالفتيا الإفتاء، فوصفه مذكرًا. شرح مسلم (5/ 365).
(2) بشين ثم غين معجمتين ثم فاء، معناها علقت بالقلوب وشغفوا بها. شرح مسلم
(5/ 365).
(3) رويت بالغين المعجمة وبالعين المهملة وممن ذكر الروايتين فيها أبو عبيد
والقاضي عياض، ومعنى المهملة أنها فرقت مذاهب الناس وأوقعت الخلاف بينهم،
ومعنى المعجمة: خلطت عليهم أمرهم. شرح مسلم (5/ 365).
(4) صحيح مسلم (2/ 912 رقم 1244).
(5) صحيح البخاري (3/ 663) كتاب الحج، باب الزيارة يوم النحر.
(6) استغربه الإمام علي بن المديني والإمام أحمد رحمهما الله. فتح الباري
(3/ 663).
(7) جامع الترمذي (3/ 241 رقم 895).
(8) صحيح البخاري (3/ 663 رقم 1733).
(9) صحيح مسلم (2/ 964 رقم 1211/ 382).
(4/238)
4464 - عن ابن عباس قال: "إذا رميتم الجمرة
فقد حل لكم كل شيء إلا النساء. فقال رجل: يا أبا عباس والطيب؟ فقال: أما
أنا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضمخ رأسه بالمسك، أفطيب
ذلك أم لا؟! ".
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3) واللفظ له.
4465 - عن عائشة قالت: "كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن
يُحرم، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك".
رواه خ (4) م (5) واللفظ له، ولفظ البخاري: "كنت أطيب النبي - صلى الله
عليه وسلم - لإحرامه حين يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت".
117 - باب طواف الزيارة
4466 - عن عائشة وابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخر طواف يوم
النحر إلى الليل".
رواه د (6) -وهذا لفظه- ق (7) ت (8) وقال: حديث حسن. وعندهما: "طواف
الزيارة".
4467 - عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع
الذي
__________
(1) المسند (1/ 234، 344، 369).
(2) سنن النسائي (5/ 277 رقم 3084).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1101 رقم 3041).
(4) صحيح البخاري (3/ 463 رقم 1539).
(5) صحيح مسلم (2/ 849 رقم 1191).
(6) سنن أبي داود (2/ 207 رقم 2000).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 1017 رقم 3059).
(8) جامع الترمذي (3/ 262 رقم 920).
4467 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 189 - 190 رقم 176، 177) ونقل عن=
(4/239)
أفاض فيه".
رواه د (1) س (2) ق (3).
118 - باب الخطبة أيام منى
4468 - عن أبي بكرة قال: "خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر،
قال: أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه
بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى. قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله
ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: (أليس) (4) ذو
الحجة؟ قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا
أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى. قال: فإن
دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى
يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللَّهم اشهد، فليبلغ
الشاهدُ الغائبَ فرب مبلَّغ أوعى من سامعٍ، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب
بعضكم رقاب بعض".
رواه خ (5) وهذا لفظه.
4469 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر،
فقال: يا أيها الناس، أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام. قال: فأي بلد هذا؟
قالوا: بلد حرام. قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام. قال: فإن دماءكم
وأموالكم وأعراضكم
__________
=الدارقطني أن غير واحد أرسله.
(1) سنن أبي داود (2/ 207 رقم 2001).
(2) السنن الكبرى (2/ 460 - 461 رقم 4170).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1017 رقم 3060).
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (3/ 670 رقم 1741) والحديث في صحيح مسلم (3/ 1305 - 1306
رقم 1679) أيضاً.
(4/240)
عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا
في شهركم هذا. فأعادها مرارًا، ثم رفع رأسه فقال: اللَّهم هل بلغت اللَّهم
هل بلغت -قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته- فليبلغ
الشاهدُ الغائبَ، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".
رواه خ (1).
4470 - عن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى: "أتدرون أي
يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن هذا يوم حرام، أفتدرون أي بلد
هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: بلد حرام، أفتدرون أي شهر هذا؟ قالوا:
الله ورسوله أعلم. يعني قال: الشهر الحرام. قال: فإن الله حرم عليكم دماءكم
وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".
رواه البخاري (2)، وقال: قال هشام بن الغاز: أبنا نافع، عن ابن عمر "وقف
النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج
بهذا، وقال: هذا يوم الحج (الأكبر) (3). فطفق النبي - صلى الله عليه وسلم -
يقول: اللهم اشهد. فودع الناس قالوا: هذه حجة الوداع".
4471 - عن عمرو بن الأحوص قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في
حجة الوداع: "يا أيها الناس، ألا أي يوم أحرم -ثلاث مرات- قالوا: يوم الحج
الأكبر. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في
شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على
ولده، ولا مولود على والده، ألا إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في بلدكم هذا
أبداً،
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 670 رقم 1739).
(2) صحيح البخاري (3/ 671 رقم 1742).
(3) من صحيح البخاري.
(4/241)
ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحتقرون من
أعمالكم فيرضى بها، ألا وكل دمٍ من دماء الجاهلية موضوع، وأول ما أضع منها
دم الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضعًا في بني ليث فقتلته هذيل، ألا وإن كل
ربًا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رءوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون، ألا
يا أمتاه هل بلغت. ثلاث مرات".
رواه س (1) ق (2) -وهذا لفظه- ت (3) وقال: حديث صحيح (4). وقد روى الإمام
أحمد (5) د (6) طرفًا منه.
4472 - عن الهرماس بن زياد الباهلي قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يخطب على راحلته يوم النحر بمنى (7) وفي لفظ (8): "على ناقته
العضباء".
رواه الإمام أحمد -وهذا لفظه- د (9) ولفظه: "يخطب الناس على ناقته العضباء
يوم الأضحى بمنى".
4473 - عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ونحن بمنى، ففُتِحتْ أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في
منازلنا، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فوضع أصبعيه السبابتين ثم
قال: بحصى الخذف. ثم
__________
(1) السنن الكبرى (2/ 444 - 445 رقم 4100).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1015 رقم 3055).
(3) جامع الترمذي (4/ 401 رقم 2159).
(4) كذا في تحفة الأشراف (8/ 132 رقم 10691) وفي جامع الترمذي وتحفة
الأحوذي (8/ 484 رقم 3282): حديث حسن صحيح.
(5) المسند (3/ 426).
(6) سنن أبي داود (3/ 244 - 245 رقم 3334).
(7) المسند (3/ 385).
(8) المسند (5/ 7).
(9) سنن أبي داود (2/ 198 رقم 1954).
(4/242)
أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد، فأمر
الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس بعد ذلك".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- س (3)، ولفظ الإمام أحمد عن عبد
الرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خطب
النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى ونزلهم منازلهم، وقال: لينزل المهاجرون
ها هنا -وأشار إلى ميمنة القبلة- ثم لينزل الناس حولهم. قال: وعلمهم
مناسكهم، ففُتحت أسماع أهل منى حتى سمعوه وهم في منازلهم. قال: فسمعته
يقول: ارموا (الجمرة) (4) بمثل حصى الخذف".
ورواه (1) أيضًا عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي -قال: وكان من أصحاب رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
... " فذكر الحديث، وقد رواه د (5) عن الإمام أحمد إلى قوله: "حولهم".
4474 - عن رافع بن عمرو المزني قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -
يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعلي -رضي الله عنه- يعبر
عنه، والناس بين قائم وقاعد".
رواه د (6) -وهذا لفظه- س (7).
4475 - عن أبي أمامة قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو
يومئذ على
__________
(1) المسند (4/ 16).
(2) سنن أبي داود (2/ 198 رقم 1957).
(3) سنن النسائي (5/ 249 رقم 2996).
(4) من المسند.
(5) سنن أبي داود (2/ 197 رقم 1951).
(6) سنن داود (2/ 198 رقم 1956).
(7) السنن الكبرى (2/ 443 رقم 4094).
(4/243)
الجدعاء، واضع رجليه في الغرز يتطاول ليسمع
الناس، فقال بأعلى صوته: ألا تسمعون؟ فقال رجل من طوائف الناس: يا رسول
الله، ماذا تعهد إلينا؟ قال: اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم،
وأطيعوا ذا أمركم؛ تدخلوا جنة ربكم. فقلت: يا أبا أمامة، مثل من أنت يومئذ؟
قال: أنا يومئذ ابن ثلاثين سنة، أزاحم البعير أزحزحه لرسول الله - صلى الله
عليه وسلم -" (1).
كذا رواه الإمام أحمد (2)، وفي لفظٍ له (3): " فخطب الناس في حجة الوداع
ورواه ت (4) بنحوه -وقال: حديث حسن صحيح- والدارقطني (5) وروى أبو داود (6)
منه: "سمعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - (بمنى) (7) يوم النحر".
4476 - عن جبير بن مطعم قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو
يخطب الناس بالخيف: نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها إلى من لم
يسمعها، فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا
يغل عليهن قلب المؤمن: إخلاص العمل، وطاعة ذي الأمر، ولزوم الجماعة، فإن
دعوتهم تحيط (8) من ورائه".
رواه الإمام أحمد (9) -وهذا لفظه- ق (10) وعنده: "إخلاص العمل لله"
__________
(1) صححه ابن حبان (10/ 426 رقم 4563)، والحاكم (1/ 473).
(2) المسند (5/ 262).
(3) المسند (5/ 251).
(4) جامع الترمذي (2/ 516 رقم 616).
(5) سنن الدارقطني (2/ 294 رقم 258).
(6) سنن أبي داود (2/ 198 رقم 1955).
(7) من سنن أبي داود.
(8) في المسند: تكون.
(9) المسند (4/ 82).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 1015 - 1016 رقم 3056).
(4/244)
وعنده: "من ورائهم".
4477 - عن أبي نضرة قال: حدثني من سمع (خطبة) (1) النبي - صلى الله عليه
وسلم - في أوسط أيام التشريق فقال: "أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن
أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي، ولا أحمر على
أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -".
رواه الإمام أحمد (2).
4478 - عن جابر قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر،
فقال: أي يوم أعظم حرمة؟ قالوا: يومنا هذا. قال: فأي شهر أعظم حرمة؟ قالوا:
شهرنا هذا. قال: أي بلد أعظم حرمة؟ قالوا: بلدنا هذا. قال: فإن دماءكم
وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، هل بلغت؟
قالوا: نعم. قال: اللَّهم اشهد".
رواه الإمام أحمد (3).
4479 - عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجلين من بني بكر قالا: "رأينا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بين أوسط أيام التشريق، ونحن عند راحلته،
وهي خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي خطب بمنى".
رواه د (4).
4480 - عن سراء ابنة نبهان قالت: "خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم
الرُّءوس (5)،
__________
(1) من المسند.
(2) المسند (5/ 141).
(3) المسند (3/ 371).
(4) سنن أبي داود (2/ 197 رقم 1952).
(5) بضم الراء والهمزة بعدها، وهو اليوم الثاني من أيام التشريق، سُمي بذلك
لأنهم كانوا يأكلون فيه رءوس الأضاحي. عون المعبود (5/ 432).
(4/245)
فقال: أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.
قال: أليس أوسط أيام التشريق".
رواه د (1).
4481 - عن أبي حرة الرقاشي عن عمه قال: "كنت آخذ بزمام ناقة رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - في أوسط أيام التشريق إذ ودعته الناس، فقال: يا أيها
الناس، هل تدرون في أي شهر أنتم؟ وفي أي يوم أنتم؟ وفي أي بلد أنتم؟ قالوا:
في يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم
حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه. ثم قال:
اسمعوا مني تعيشوا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، إنه لا
يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه، ألا وإن كل دم ومال ومأثرة كانت في
الجاهلية تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة، وإن أول دم وضع دم ربيعة بن الحارث
بن عبد المطلب كان مسترضعًا في بني ليث فقتلته هذيل، ألا وإن كل (ربًا)
(كان) (2) في الجاهلية موضوع، وإن الله -عز وجل- قضى أن أول ربًا يوضع ربا
العباس بن عبد المطلب، لكم رءوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون، ألا وإن
الزمان قد استدار كهيئة (يوم) (2) خلق الله السماوات والأرض ثم قرأ {إِنَّ
عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ
اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ
حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ
أَنْفُسَكُمْ} (3) ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا إن
الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكنه في التحريش بينكم، فاتقوا الله -عز
وجل- في النساء؛ فإنهن عندكم عوان (4)، لا يملكن لأنفسهن
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 197 رقم 1953).
(2) من المسند.
(3) سورة التوبة، الآية: 36.
(4) أي: أُسَرَاء أو كالأُسَرَاء، العاني: الأسير، وكل من ذل واستكان وخضع
فقد عنا يعنو، وهو عان، والمرأة عانية، وجمعها: عوان. النهاية (3/ 314).
(4/246)
شيئًا، وإن لهن عليكم حقًّا، ولكم عليهن
حقًّا ألا يوطئن فرشكم أحدًا غيركم، ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه، فإن
خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح -قال
حميد: قلت للحسن: ما المبرح؟ قال: المؤثر- ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف،
وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله -عز وجل- ألا ومن
كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يديه فقال: ألا هل
بلغت، ألا هل بلغت، ألا هل بلغت. ثم قال: ليبلغ الشاهدُ الغائبَ؛ فإنه رب
مبلَّغٍ أسعد من سامعٍ. قال حميد: قال الحسن حين بلغ هذه الكلمة: قد
واللَّه بلغوا أقوامًا كانوا أسعد به".
رواه الإمام أحمد (1).
119 - باب يوم الحج الأكبر
4482 - عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر بين
الجمرات في الحجة التي حج، فقال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم النحر. قال: هذا
يوم الحج الأكبر".
رواه د (2) وقد رواه البخاري (3) تعليقًا.
4483 - عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: "بعثني أبو بكر -رضي الله
عنه- فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت
عريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر -وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس:
الحج الأصغر- فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة
الوداع-
__________
(1) المسند (5/ 72 - 73).
(2) سنن أبي داود (2/ 195 رقم 1945) والحديث في سنن ابن ماجه (2/ 1016 رقم
3058) مطولاً.
(3) صحيح البخاري (3/ 671) كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى.
(4/247)
الذي حج فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -
مشركٌ".
رواه خ (1) وروى مسلم (2) إلى قوله: "عريان". وكان حميد يقول: يوم النحر
يوم الحج الأكبر من أجل حديث أبي هريرة.
4484 - عن ابن عباس قال: "الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر العمرة".
رواه الدارقطني (3).
120 - باب في المحصب
4485 - عن أنس بن مالك "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر
والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به".
رواه خ (4).
4486 - (عن خالد بن الحارث قال) (5): "سُئل عُبَيد الله عن المحصب، فحدثنا
عبيد الله عن نافع قال: نزل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر
وابن عمر".
وعن نافع "أن ابن عمر كان يصلي بها -يعني: المحصب- الظهر والعصر -وأحسبه
قال: والمغرب. قال خالد: لا أشك في العشاء- ويهجع هجعة، ويذكر ذلك عن النبي
- صلى الله عليه وسلم -".
رواه البخاري (6).
4487 - عن سالم "أن أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون الأبطح" قال
__________
(1) صحيح البخاري (6/ 322 رقم 3177).
(2) صحيح مسلم (2/ 982 رقم 1347).
(3) سنن الدارقطني (2/ 285 رقم 221).
(4) صحيح البخاري (3/ 690 - 691 رقم 1764).
(5) من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (3/ 692 رقم 1768).
(4/248)
الزهري: وأخبرني عروة عن عائشة "أنها لم
تكن تفعل ذلك. وقالت: إنما نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه
كان منزلاً أسمح لخروجه إذا خرج".
رواه مسلم (1).
4488 - عن عائشة قالت: "إنما كان منزل نزله النبي - صلى الله عليه وسلم -
ليكون أسمح لخروجه -يعني الأبطح".
رواه خ (2) -وهذا لفظه- م (3) ولفظه: "قالت: نزول الأبطح ليس سنة، إنما
نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج".
4489 - عن ابن عباس قال: "ليس التحصيب بشيء (4)، إنما هو منزل نزله رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه خ (5) م (6).
4490 - عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا
ينزلون الأبطح".
رواه مسلم (7).
4491 - وله (8) عن نافع "أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة، وكان يصلي الظهر
يوم النفر بالحصبة. قال نافع: قد حصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
والخلفاء بعده".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 195 رقم 1131/ 340).
(2) صحيح البخاري (3/ 691 رقم 1765).
(3) صحيح مسلم (2/ 951 رقم 1311/ 339).
(4) أي: من أمر المناسك التي يلزم فعله، قاله ابن المنذر. فتح الباري (3/
692).
(5) صحيح البخاري (3/ 691 رقم 1766).
(6) صحيح مسلم (2/ 952 رقم 1312).
(7) صحيح مسلم (2/ 951 رقم 1310).
(8) صحيح مسلم (2/ 951 رقم 1310/ 338).
(4/249)
4492 - عن أبى رافع -وكان على ثقل (1)
النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لم يأمرني رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أن أنزل الأبطح حين خرج من مني، ولكني جئت فضربت (فيه) (2) قبته
فجاء فنزل".
رواه مسلم (3).
4493 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغد
يوم النحر وهو بمنى: "نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على
الكفر -يعني بذلك: المحصب- وذلك أن قريشًا وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني
عبد المطلب -أو بني المطلب- أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم
النبي - صلى الله عليه وسلم -".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5) ولفظه: قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ونحن بمنى: "نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على
الكفر وذلك أن قريشًا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا
يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-يعني بذلك: المحصب".
قال البخاري: روايته "بني المطلب" أشبه".
4494 - عن أسامة بن زيد قال: " (قلت) (6): يا رسول الله، أين ننزل غدًا في
حجته (حين دنونا من مكة) (7)؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل منزلاً. ثم قال: نحن
__________
(1) الثَّقل: متاع المسافر. النهاية (1/ 217).
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (2/ 952 رقم 1313).
(4) صحيح البخاري (3/ 529 رقم 1590).
(5) صحيح مسلم (2/ 952 رقم 1314/ 344).
(6) من صحيح البخاري.
(7) ليست في صحيح البخاري.
(4/250)
نازلون غدًا بخيف بني كنانة المحصب حيث
تقاسمت قريش على الكفر. وذلك أن بني كنانة حالفت قريشًا على بني هاشم أن لا
يبايعوهم ولا يؤووهم" قال الزهري: والخيف: الوادي.
رواه خ (1)، وروى منه مسلم (2) إلى قوله: "منزلا" وزاد الإمام أحمد (3) د
(4): "أن لا يناكحوهم".
121 - باب
4495 - عن ابن عباس قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف
عن المرأة الحائض".
رواه خ (5) م (6).
4496 - عن ابن عباس قال: "كان الناس ينصرفون في كل وجهة، فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت".
رواه مسلم (7).
4497 - عن عائشة قالت: "حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت، قالت عائشة: فذكرت
حيضتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أحابستنا هي؟ قالت: فقلت: يا رسول الله، إنها قد كانت أفاضت، وطافت
__________
(1) صحيح البخاري (6/ 202 - 203 رقم 3058).
(2) صحيح مسلم (2/ 984 رقم 1135/ 440).
(3) المسند (5/ 202).
(4) سنن أبي داود (2/ 210 رقم 2010)
(5) صحيح البخاري (3/ 684 رقم 1755).
(6) صحيح مسلم (2/ 963 رقم 1328).
(7) صحيح مسلم (2/ 963 رقم 1327).
(4/251)
بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة. فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فلتنفر".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه، وفي لفظ لهما (3): قالت: "لما أراد النبي -
صلى الله عليه وسلم - أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة (فقال)
(4): عقرى حلقى إنك لحابستنا. ثم قال لها: أكنت أفضت يوم النحر؟ قالت: نعم.
قال: فانفري".
4498 - عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال: "أتيت عمر بن الخطاب فسألته عن
المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض؟ قال: (ليكن) (5) آخر عهدها بالبيت.
قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فقال
عمر -رضي الله عنه- أَرِيتَ عن يديك (6) سألتني عن شيء سألت عنه رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - لكيما أخالف؟! ".
رواه الإمام أحمد (7) د (8) -وهذا لفظه- وفي لفظ للإمام أحمد (9) عن
(الحارث بن عبد الله بن أوس الثقفي) (10) قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: "من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت. فبلغ حديثه
عمر، فقال له: خررت من
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 663 رقم 1733).
(2) صحيح مسلم (2/ 964 رقم 1211).
(3) البخاري (6/ 392 رقم 5329)، ومسلم (2/ 965 رقم 1211/ 386).
(4) سقطت من "الأصل".
(5) في "الأصل": ليكون. والمثبت من سنن أبي داود.
(6) قال ابن الأثير في النهاية (1/ 35 - 36): أي سقطت آرابك من اليدين
خاصة، وقال الهروي: معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج. وفي هذا نظر؛ لأنه قد
جاء في رواية أخرى لهذا الحديث "خررت عن يديك" وهي عبارة عن الخجل مشهورة،
كأنه أراد أصابك خجل أو ذم، ومعنى خررت: سقطت.
(7) المسند (3/ 416).
(8) سنن أبي داود (2/ 208 رقم 2004).
(9) المسند (3/ 416 - 417).
(10) سقط من طبعة مسند أحمد في هذه الرواية.
(4/252)
يديك، سمعت هذا من رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - فلم تخبرنا به".
رواه ق (1) ت (2) وقال: حديث غريب.
122 - باب فيمن فاته الحج
4499 - عن سالم قال: "كان ابن عمر (يقول) (3): أليس حسبكم سنة رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم
يحل من كل شيء حتى يحج عامًا قابلاً فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديًا".
رواه خ (4) وقد تقدم هذا الحديث (5) وحديث الحجاج بن عمرو (6) في باب
الإحصار.
4500 - وعن ابن عمر أنه قال: "من حُبس دون البيت بمرضٍ فإنه لا يحل حتى
يطوف بالبيت (وبين الصفا والمروة) (7) ".
رواه الإمام مالك في الموطأ (8).
4501 - وروى (9) أيضًا عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- "أنه أمر أبا أيوب
صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج،
فأتيا يوم النحر،
__________
(1) كذا وقع هذا الرمز في "الأصل" ولم أجد هذا الحديث في سنن ابن ماجه، ولم
يعزه له المزي في تحفة الأشراف (3/ 6 رقم 3278) إنما عزاه للنسائي، وهو في
سنن النسائي الكبرى (2/ 463 - 464 رقم 4185).
(2) جامع الترمذي (3/ 282 رقم 946).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (4/ 11 رقم 1810).
(5) الحديث رقم (4137).
(6) الحديث رقم (4136).
(7) من الموطأ.
(8) الموطأ (1/ 303 رقم 103).
(9) الموطأ (1/ 304).
(4/253)
أن يحلا بعمرة، ثم يرجعا حلالاً، ثم يحجا
عامًا قابلاً ويهديا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع
إلى أهله".
4502 - وروى (1) أيضًا عن سليمان بن يسار "أن سعيدًا) (2) بن خزامة
المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم بالحج فسأل (من يلي) (2) على الماء
الذي كان عليه (فوجد) (2) عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومروان بن
الحكم، فذكر لهم الذي عرض له، وكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد منه ويفتدي،
فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه، ثم عليه أن يحج من قابل ويهدي (ما استيسر من
الهدي) (2) ".
4503 - وروى (3) عن عمر وعلي وأبي هريرة -رضي الله عنهم- "أنهم سُئلوا عن
رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج، فقالوا: ينفذان (يمضيان) (2) لوجههما حتى
يقضيا حجهما، ثم عليهما حج قابل والهدي. قال علي: فإذا أهلا بالحج من عام
قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما".
4504 - وروى (4) عن ابن عباس "أنه سُئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن
يفيض، فأمره أن ينحر بدنة".
4505 - وروى (5) أن عبد الله بن عمر كان يقول: "من لم يقف بعرفة من ليلة
المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج (فقد فاته الحج) (6) ومن وقف
بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج".
__________
(1) الموطأ (1/ 303 - 304).
(2) من الموطأ.
(3) الموطأ (1/ 318 رقم 151).
(4) الموطأ (1/ 320 رقم 155).
(5) الموطأ (1/ 324 رقم 169).
(6) لم تتكرر في الموطأ المطبوع.
(4/254)
4506 - عن جابر عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال: "لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع" (1).
رواه أبو بكر الأثرم.
123 - باب الإِقامة بمكة للمهاجر
4507 - عن العلاء بن الحضرمي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"ثلاث ليال يمكثهن المهاجر بمكة بعد الصدر" (2).
وفي لفظ (3): قال: "مكث المهاجر (بمكة) (4) بعد قضاء نسكه ثلاثًا" (5).
رواه خ (6) م وهذا لفظه.
124 - باب ما يقول إِذا وجع من الحج أو العمرة أو الغزو
4508 - عن عبد الله بن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا
قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير،
آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم
الأحزاب وحده".
__________
(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 174) عن عطاء بن أبي رباح مرسلاً.
(2) صحيح مسلم (2/ 985 رقم 1353/ 443).
(3) صحيح مسلم (2/ 986 رقم 1353/ 444).
(4) من صحيح مسلم.
(5) قال النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 53): هكذا هو في أكثر النسخ ببلادنا:
"ثلاثاً" وفي بعضها: "ثلاث" ووجه المنصوب أن يُقدر فيه محذوف، أي: مكثه
المباح أن يمكث ثلاثًا، والله أعلم.
(6) صحيح البخاري (7/ 313 رقم 3933).
(4/255)
رواه البخاري (1) -واللفظ له- ومسلم (2)
وعنده: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الجيوش أو
السرايا أو الحج أو العمرة إذا أوفى على ثنية أو فَدْفَدٍ (3) كبر ثلاثاً،
ثم قال ... " فذكره.
4509 - عن أنس بن مالك قال: "أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا
وأبو طلحة -وصفية رديفته على ناقته- حتى إذا كنا بظهر المدينة، قال: آيبون
تائبون عابدون لربنا حامدون. فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة".
رواه خ (4) م (5) وهذا لفظه.
4510 - عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على
بعيره خارجًا إلى سفر كبر ثلاثاً، ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا
له مقرنين (6)، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللَّهم نسألك في سفرنا هذا البر
والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللَّهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده،
اللَّهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من
وعثاء السفر (7) وكآبة المنظر وسوء المنقلب في (المال و) (8) الأهل. وإذا
رجع قالهن. وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 724 رقم 1797).
(2) صحيح مسلم (2/ 980 رقم 1344).
(3) الفَدْفَد: الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع. النهاية (3/ 420).
(4) صحيح البخاري (6/ 222 - 223 رقم 3085).
(5) صحيح مسلم (2/ 980 رقم 1345).
(6) معنى مقرنين: مطيقين، أي: ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله
تعالى إياه لنا. شرح صحيح مسلم (6/ 40).
(7) أي شدته ومشقته، وأصله من الوَعْث وهو الرمل، والمشي فيه يشتد على
صاحبه ويشق. النهاية (5/ 206).
(8) من صحيح مسلم.
(4/256)
رواه مسلم (1).
4511 - عن عبد الله بن سرجس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب (2)، والحور بعد الكور (3)،
ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال".
رواه م (4).
125 - باب
4512 - عن نافع عن عبد الله بن عمر "أن رسول اللَّهْ - صلى الله عليه وسلم
- أناخ بالبطحاء (التي) (5) بذي الحليفة فصلى بها. وكان عبد الله يفعل
ذلك".
رواه خ (6) م (7).
4513 - عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه "أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - أُتي (8) في
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 978 رقم 1342).
(2) الكآبة: تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن، يقال: كئب كآبة
واكتأب، فهو كئيب ومكتئب، المعنى أنه يرجع من سفره بأمر يحزنه، إما أصابه
في سفره وإما قدم عليه، مثل أن يعود غير مقضي الحاجة، أو أصابت ماله آفة،
أو يقدم على أهله فيجدهم مرضى، أو قد فُقِد بعضهم. النهاية (4/ 137).
(3) في معظم نسخ صحيح مسلم: "بعد الكون" بالنون، قال القاضي عياض: وهكذا
رواه الفارسي وغيره من رواة صحيح مسلم. قال: ورواه العذري: "بعد الكور"
بالراء. قال: والمعووف في رواية عاصم -الذي رواه مسلم عنه- بالنون. قال
الترمذي: وكلاهما له وجه. قال: ويقال هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من
الطاعة إلى المعصية، ومعناه الرجوع من شيء إلى شيء من الشر. شرح صحيح مسلم
(6/ 41 - 42).
(4) صحيح مسلم (2/ 979 رقم 1343).
(5) في "الأصل": الذي.
(6) صحيح البخاري (3/ 457 رقم 1532).
(7) صحيح مسلم (2/ 198 رقم 1257/ 430).
(8) أي في المنام. فتح الباري (3/ 459).
(4/257)
معرسه من ذي الحليفة في بطن الوادي، فقيل:
إنك ببطحاء مباركة. قال موسى: هو ابن عقبة -وقد أناخ بنا سالم في المناخ من
المسجد الذي كان عبد الله ينيخ به، يتحرى معرس رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وهو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي، بينه وبين القبلة وسطًا من
ذلك".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
4514 - عن نافع أن عبد الله -هو ابن عمر- كان إذا صدر من الحج أو العمرة
أناخ بالبطحاء (التي) (3) بذي الحليفة التي كان ينيخ بها رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -" (4).
4515 - عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى
مكة يصلي في مسجد الشجرة، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي، وبات حتى
يصبح".
رواه خ (5).
126 - باب حرمة مكة
4516 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح
فتح مكة: "لا هجرة ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا. وقال يوم الفتح
فتح مكة: إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة
الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا
ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد (6) شوكه، ولا
ينفر صيده، ولا يلتقط
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 458 - 459 رقم 1535).
(2) صحيح مسلم (2/ 198 - 982 رقم 1346/ 434).
(3) في "الأصل": الذي.
(4) رواه البخاري (3/ 692 رقم 1767)، ومسلم (2/ 981 رقم 1257/ 432) واللفظ
له.
(5) صحيح البخاري (3/ 725 رقم 1799).
(6) أي: لا يقطع. النهاية (3/ 251).
(4/258)
(لقطته) (1) إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها
(2). فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر (3) فإنه لقَينهم (4)
ولبيوتهم. فقال: إلا الإذخر".
رواه خ (5) م (6) وهذا لفظه، وفي لفظ البخاري: "فقال العباس: إلا الإذخر
لصاغتنا وقبورنا (7) ".
4517 - عن أبي شريح العدوي "أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى
مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً قام به رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي ووسماه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم
به، أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس،
فلا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها
شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا:
إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهارٍ، وقد
عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهدُ الغائبَ. فقيل لأبي
شريح: ما قال لك عَمْرو؟ قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا
يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم ولا
__________
(1) سقطت من صحيح مسلم طبعة محمد فؤاد عبد الباقي، وهي ثابتة في النسخة
المطبوعة مع شرح النووي (6/ 56).
(2) الخلا: بفتح الخاء المعجمة مقصور، هو الرطب من الكلأ، ومعنى يختلى:
يؤخذ ويقطع. شرح صحيح مسلم (6/ 56)
(3) الإذخر: نبت معروف طيب الرائحة، وهو بكسر الهمزة والخاء. شرح صحيح مسلم
(6/ 56).
(4) بفتح القاف هو الحداد والصائغ، ومعناه يحتاج إليه القين في وقود النار.
شرح صحيح مسلم (6/ 56).
(5) صحيح البخاري (3/ 253 رقم 1349).
(6) صحيح مسلم (2/ 986 - 987 رقم 1353).
(7) أي: ويحتاج إليه في القبور لتسد به فرج اللحد المتخللة بين اللبنات.
شرح صحيح مسلم (6/ 56).
(4/259)
فارًا بخربة (1) ".
رواه خ (2) م (3) وهذا لفظه.
4518 - عن أبي هريرة قال: "لما فتح الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -
مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل،
وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنها أحلت لي
ساعة من نهارٍ، وإنها لن تحل لأحدٍ بعدي، فلا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها،
ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي،
وإما أن يقتل. فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله فإنا نجعله في بيوتنا
وقبورنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إلا الإذخر. فقام أبو شاه
-رجل من أهل اليمن- فقال: اكتبوا لي يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: اكتبوا لأبي شاه. قال الوليد: فقلت للأوزاعي: ما قوله:
اكتبوا لي يا رسول الله؟ قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -".
رواه خ (4) م (5) وهذا لفظه.
وفي لفظ له (6): "وإنها ساعتي هذه حرام لا يخبط شوكها، ولا يعضد
__________
(1) الخربة: أصلها العيب، والمراد به ها هنا الذي يفر بشيء يريد أن ينفرد
له ويغلب عليه مما لا تجيزه الشريعة، والخارب أيضاً: سارق الإبل خاصة، ثم
نُقل إلى غيرها اتساعًا، وقد جاء في سياق الحديث في كتاب البخاري أن
الخربة: الجناية والبلية. قال الترمذي: وقد رُوي: "بخزية" فيجوز أن يكون
بكسر الخاء، وهو الشيء الذي يُستحيا منه، أو من الهوان والفضيحة، ويجوز أن
يكون بالفتح وهو الفعلة الواحدة منها. النهاية (2/ 17).
(2) صحيح البخاري (1/ 238 - 239 رقم 104).
(3) صحيح مسلم (2/ 987 - 988 رقم 1354).
(4) صحيح البخاري (1/ 248 رقم 112).
(5) صحيح مسلم (2/ 988 رقم 1355).
(6) صحيح مسلم (2/ 989 رقم 1355/ 448).
(4/260)
شجرها، ولا يلتقط ساقطتها إلا لمنشد، ومن
قُتل له قتيلٌ فهو بخير النظرين إما أن يُعطي -يعني: الدية- وإما أن يقاد
أهلُ القتيل".
4519 - عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح".
رواه مسلم (1).
4520 - عن صفية بنت شيبة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب عام
الفتح فقال: "يا أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي
حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تأخذ لقطتها إلا
لمنشد. فقال العباس: إلا الإذخر فإنه للبيوت والقبور. فقال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: إلا الإذخر".
رواه ق (2).
127 - باب دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة بغير إِحرام
4521 - عن أنس بن مالك "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام الفتح
وعلى رأسه مِغْفَر (3)، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خَطَل متعلق بأستار
الكعبة. فقال: اقتلوه".
رواه خ (4) م (5) وهذا لفظه.
4522 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
دخل يوم الفتح
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 989 رقم 1356).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 1038 رقم 3109).
(3) هو ما يُجعل من فضل دروع الحديد على الرأس مثل القلنسوة. فتح الباري
(4/ 72).
(4) صحيح البخاري (4/ 70 - 71 رقم 1846).
(5) صحيح مسلم (2/ 989 - 990 رقم 1357).
(4/261)
مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام".
رواه مسلم (1).
4523 - عن عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي، حدثني أبي، عن جده
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم فتح مكة: "أربعة لا أؤمنهم في
حل ولا حرم: الحويرث بن نُقيد، ومقيس، وهلال بن خطل، وعبد الله بن أبي سرح.
فأما الحويرث فقتله علي، وأما مقيس فقتله ابن عم له لحًا، وأما هلال ابن
خطل فقتله الزبير، وأما عبد الله بن أبي سرح فاستأمن له عثمان بن عفان،
وكان أخاه من الرضاعة، وقينتين كانتا لمقيس (تغنيان) (2) بهجاء رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -، فقُتلت إحداهما، وأفلتت الأخرى، فأسلمت".
رواه الدارقطني (3).
128 - باب في كسوة الكعبة ومالها
4524 - عن عائشة قالت: "كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يُفرض رمضان، وكان
يومًا تُستر فيه الكعبة، فلما فرض الله -عز وجل- رمضان قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: من شاء (أن) (4) يصومه فليصمه، ومن شاء أن يتركه
فليتركه".
رواه خ (5) م (6) ولم يذكر "تستر فيه الكعبة".
4525 - عن أبي وائل قال: جلست مع (7) شيبة على الكرسي في الكعبة، فقال:
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 990 رقم 1358).
(2) غير واضحة في "الأصل" والمثبت من سنن الدارقطني.
(3) سنن الدارقطني (2/ 301 رقم 292).
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (3/ 531 رقم 1592).
(6) صحيح مسلم (2/ 792 رقم 1125).
(7) زاد بعدها في "الأصل": أبي. وهي زيادة مقحمة ليست في صحيح البخاري،
وشيبة=
(4/262)
لقد جلس هذا المجلس عمر، فقال: لقد هممت أن
لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء (1) إلا قسمته. قلت: إن صاحبيك لم يفعلا. قال:
هما المرآن أقتدي بهما".
رواه خ (2).
4526 - وعن شقيق -هو أبو وائل- قال: "بعث رجل بدراهم هدية إلى البيت، فدخلت
البيت وشيبة جالس على كرسي، فناولته إياها، فقال: ألك هذه؟ قلت: لا، ولو
كانت لي لم آتك بها. قال: أما لئن قلت ذاك لقد جلس عمر بن الخطاب مجلسك
الذي جلست فيه، فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين.
قلت: ما أنت بفاعل. قال: لأفعلن. قال: ولم ذاك؟ قلت: لأن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قد رأى مكانه وأبو بكر -رضي الله عنه- وهما أحوج منك إلى المال
فلم يحركاه. فقام كما هو فخرج".
رواه ق (3).
129 - باب في الحج بعد خروج يأجوج ومأجوج
4527 - عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"ليُحَجَّنَّ البيت وليُعْتَمَرنَّ بعد خروج يأجوج ويأجوج".
رواه خ (4).
__________
=هو ابن عثمان بن طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الله بن عبد الدار بن
قصي الحجبي -بفتح المهملة والجيم، ثم موحدة- نسبة إلى حجب الكعبة، يكنى أبا
عثمان. قاله ابن حجر في الفتح (3/ 533).
(1) أي: ذهبًا ولا فضة. فتح الباري (3/ 533).
(2) صحيح البخاري (3/ 533 رقم 1594).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1040 رقم 3116).
(4) صحيح البخاري (3/ 531 رقم 1593).
(4/263)
130 - باب هدم
الكعبة
4528 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُخرِّب
الكعبة ذو السويقتين (1) من الحبشة".
رواه خ (2) م (3).
4529 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كأني به أسود
أفحج (4) يقلعها حجرًا حجراً".
(رواه خ (5).
4529 م- عن عبد الله بن عَمْرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "يخرب الكعبة) (6) ذو السويقتين من الحبشة ويسلبها حليتها ويجردها من
كسوتها، ولكأني انظر إليه أُصيلع (7) أُفيدع (8) يضرب عليها بمساحيه
ومعوله".
رواه الإمام أحمد (9).
__________
(1) تثنية سُويقة، وهي تصغير ساق، أي: له ساقان دقيقان. فتح الباري (3/
539).
(2) صحيح البخاري (3/ 531 رقم 1591).
(3) صحيح مسلم (4/ 2232 رقم 2909).
(4) بوزن أفعل بفاء ثم حاء ثم جيم، والفحج: تباعد ما بين الساقين. فتح
الباري (3/ 539).
(5) صحيح البخاري (3/ 538 رقم 1995).
(6) سقطت من "الأصل" فتداخل الحديثان، واجتهدت في إثباتها، والله أعلم.
(7) هو تصغير الأصلع: الذي انحسر الشعر عن رأسه. النهاية (3/ 47).
(8) تصغير أفدع، والفَدعَ بالتحريك: زيغ بين القدم وبين عظم الساق، وكذلك
اليد، وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها، ورجل أفدع بيِّن الفدع. النهاية (3/
420).
(9) المسند (2/ 220).
(4/264)
131 - باب في ذكر
بيوت مكة
4530 - عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو
بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن".
رواه ق (1)، قيل: إن علقمة بن نضلة بن عبد الرحمن بن علقمة الكناني لا تصح
له صحبة (2).
4531 - عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن عَمْرو رفع الحديث قال: "من أكل كرى
بيوت مكة أكل نارًا".
رواه الدارقطني (3)، قال الحافظ أبو عبد الله: ابن أبي نجيح (4) اسمه عبد
الله ابن يسار المكي لم يدرك عبد الله بن عمرو، والله أعلم.
4532 - عن أسامة بن زيد أنه قال: "يا رسول الله، أين تنزل غدًا في دارك
بمكة؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور. وكان عقيل ورث أبا طالب هو
وطالب، ولم يرثه جعفر ولا علي شيئًا؛ لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب
كافرين".
رواه خ (5) م (6) وعنده: "هل ترك لنا عقيل؟ " لم يقل: "شيئًا".
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 1037 رقم 3107).
(2) ترجمته في التهذيب (20/ 311 - 312) وقال المزي: وقد ظن بعضهم أن له
صحبة، وليس ذلك بشيء، ذكره ابن حبان في كتاب أتباع التابعين من الثقات.
(3) سنن الدارقطني (2/ 299 - 300 رقم 286).
(4) ترجمته في التهذيب (16/ 215 - 219).
(5) صحيح البخاري (3/ 526 رقم 1588).
(6) صحيح مسلم (2/ 984 رقم 1351).
(4/265)
132 - باب فضل مكة
4533 - عن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أنه سمع النبي - صلى الله
عليه وسلم - يقول وهو واقف بالحزورة في سوق مكة: والله إنك لخير أرض الله،
وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت".
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- س (2) ق (3) ت (4) وقال: حديث حسن صحيح
(5).
4534 - عن أبي هريرة قال: "وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على الحزورة
فقال: علمت أنك خير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله -عز وجل- ولولا أن
أهلك أخرجوني منك ما خرجت" (6).
رواه الإمام أحمد (7)، قال عبد الرزاق: الحزورة عند باب الحناطين.
4535 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكة: "ما
أطيبك من بلد وأحبك إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك".
رواه ت (8) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
__________
(1) المسند (4/ 305).
(2) السنن الكبرى (2/ 479 - 480 رقم 4252، 4253) وفي الثاني وقع تحريف في
الإسناد.
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1037 رقم 3108).
(4) جامع الترمذي (5/ 679 رقم 3925).
(5) كذا في تحفة الأشراف (5/ 316 رقم 6641) وفي جامع الترمذي وعارضة
الأحوذي (13/ 280) وتحفة الأحوذي (10/ 427 رقم 4018): حديث حسن غريب صحيح.
(6) رواه النسائي في السنن الكبرى (2/ 480 رقم 4254).
(7) المسند (4/ 305).
4535 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 208 - 210 رقم 216 - 218).
(8) جامع الترمذي (5/ 679 - 680 رقم 3926).
(4/266)
4536 - أخبرنا أبو القاسم سعيد بن محمد بن
محمد بن عطاف الموصلي -ببغداد- أن إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي
أخبرهم، أبنا عبد الله بن محمد الصَّرِيْفيني، أبنا محمد بن عمر بن علي بن
خلف بن زنبور، أبنا أبو بكر ابن أبي داود، ثنا أبو جعفر أحمد بن صالح، ثنا
عنبسة، قال: حدثنا يونس وابن سمعان، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن
عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام ببقيع الخيل (1) -وهو سوق
المدينة- فرفع يديه حتى رئي بياض ما تحتهما، ثم قال: اللهم أنت بيني وبين
فلان وفلان -لرجال من قريش سماهم- فإنهم أخرجوني من مكة، وهي أحب أرض الله
إليَّ، اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللَّهم بارك لأهل
المدينة في سوقهم، وبارك لهم في مدهم، وبارك لهم في صاعهم، وانقل إلى ما
كان فيها من وباء إلى المهيعة. وهي الجحفة. قالت عائشة: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: أُريت سوداء ردفتني حتى نزلت الجحفة فأولت حمى
المدينة".
4537 - عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إنما سمي البيت العتيق (لأن الله أعتقه من الجبابرة؛ فلم يظهر عليه جبار)
(2) ".
رواه ت (3) وقال: حديث حسن غريب (4)، وقد روي عن الزهري عن النبي - صلى
الله عليه وسلم -، مرسل.
133 - باب حرم المدينة
4538 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه
__________
(1) بقيع الخيل: عند دار زيد بن ثابت بالمدينة. معجم البلدان (2/ 561).
(2) في جامع الترمذي: لأنه لم يظهر عليه جبار.
(3) جامع الترمذي (5/ 304 رقم 3170).
(4) كذا في تحفة الأحوذي (9/ 14) وفي جامع الترمذي: حديث حسن صحيح.
(4/267)
الصحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
المدينة حرم ما بين عائر (1) إلى كذا، من أحدث فيها حَدثاً أو آوى مُحدثاً
(2) فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (3) لا يقبل الله منه صَرْفًا
ولا عَدلاً (4)، ومن تولى قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله
(والملائكة) (5) والناس أجمعين لا يقبل الله (منه) (6) صَرْفًا ولا عَدْلاً
(4) ".
رواه خ (7) -وهذا لفظه- م (8) ولفظه: عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال:
"خطبنا علي بن أبي طالب فقال: من زعم أن عندنا شيئًا نقرؤه إلا كتاب الله
__________
(1) عائر: هو جبل عير، قال ابن السيد في المثلث: عير اسم جبل بقرب المدينة
معروف. فتح الباري (4/ 98 - 99).
(2) الحدث: الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السُّنة،
والمُحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: من نصر
جانيًا أو آوَاه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه، والفتح: هو
الأمر المبتدعَ نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه، فإنه
إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم يُنكر عليه فقد آواه. النهاية (1/ 351).
وقال القاضي عياض: لم يُرو هذا الحرف إلا: "مُحدِثاً" بكسر الدال. شرح صحيح
مسلم (6/ 75).
(3) هذا وعيد شديد لمن ارتكب هذا، قال القاضي: واستدلوا بهذا على أن ذلك من
الكبائر؛ لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة، ومعناه: أن الله تعالى يلعنه
وكذا يلعنه الملائكة والناس أجمعون، وهذا مبالغة في إبعاده من رحمة الله
تعالى. شرح صحيح مسلم (6/ 75).
(4) في صحيح البخاري في الموضعين: "لا يُقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ" بالبناء
للمجهول، وزاد بعد الأولى: وقال: ذمة المسلمين واحدة؛ فمن أخفر مسلمًا
فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". وقد اختلف في تفسير الصرف
والعدل على أكثر من عشرة أقوال. وعند الجمهور الصرف: الفريضة، والعدل:
النافلة. فتح الباري (4/ 103).
(5) سقطت من نسخة صحيح البخاري المطبوعة مع فتح الباري، وهي ثابتة في
النسخة السلطانية (3/ 26) والنسخة المطبوعة مع إرشاد الساري (3/ 331).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (4/ 97 - 98 رقم 1870).
(8) صحيح مسلم (2/ 994 - 998 رقم 137).
(4/268)
وهذه الصحيفة -قال: وصحيفة (معلقة) (1) في
قراب سيفه- فقد كذب، فيها أسنان من الإبل وأشياء من الجراحات، وفيها قال
النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة حرم ما بين عير إلى ثور (2)؛ فمن
أحدث فيها حدثًا أوآوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا
يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً، وذمة (3) المسلمين واحدة يسعى
بها أدناهم (فمن أخفر (4) مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)
(5) لا يُقبل منه (يوم القيامة) (5) صرف ولا عدل) (6) ومن ادعى إلى غير
أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا
يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا".
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) أنكر بعض أكابر العلماء أن يكون ثور من جبال المدينة، وقالوا: إنما ثور
جبل بمكة، وقال المحب الطبري في أحكامه: قد أخبرني الثقة العالم أبو محمد
عبد السلام البصري أن حذاء أُحد عن يساره جانحاً إلى ورائه جبل صغير يقال
له: ثور، وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب -أي العارفين بتلك
الأرض وما فيها من الجبال- فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور، وتواردوا على
ذلك. قال: فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح، وأن عدم علم أكابر العلماء به
لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه. قال: وهذه فائدة عظيمة. فتح الباري (4/ 99).
(3) المراد بالذمة هنا الأمان، معناه أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا
أمنه أحد المسلمين حرم على غيره التعرض له ما دام في أمان المسلمين،
وللأمان شروط معروفة. شرح صحيح مسلم (6/ 79).
(4) خفرت الرجل: أجرته وحفظته، وخفرته: إذا كنت له خفيراً، أي: حاميًا
وكفيلاً، وأخفرت الرجل: إذا نقضت عهده وذمامه، والهمزة فيه للإزالة، أي:
أزلت خفارته. النهاية (2/ 52 - 53).
(5) من صحيح مسلم.
(6) وقعت هذه العبارة في صحيح مسلم (2/ 999 رقم 1370/ 468) في رواية تالية
للرواية التي ذُكرت في "الأصل" هنا، فكأن المؤلف -رحمه الله- جمعهما في
سياق واحدٍ، والله أعلم.
(4/269)
وعند البخاري (1) قال: "خطبنا علي على منبر
من آجر، وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا
كتاب الله وما في هذه الصحيفة فنشرها (فإذا) (2) فيها أسنان الإبل، وإذا
فيها: المدينة حرم من عير إلى كذا" وليس عنده ذكر قوله: "ثور" (3) ولا
قوله: "ومن ادعى إلى غير أبيه"، والله أعلم.
4539 - عن عاصم -هو الأحول- قال: قلت لأنس بن مالك: أحرم رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - المدينة؟ قال: نعم، ما بين كذا (و) (4) كذا فمن أحدث فيها
حدثًا. قال: ثم قال لي: هذه شديدة، من أحدث فيها حدثًا فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً.
قال: فقال ابن أنس: "أو آوى محدثاً" (5).
وفي لفظ (6): "لا يختلى خلاها، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين (لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً) (7) ".
رواه خ (8) م -وهذا لفظه- ولفظ البخاري: "قلت: أحرم رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - المدينة؟ قال: نعم (من) (9) كذا إلى كذا، لا يقطع شجرها، من
أحدث (فيها) (10)
__________
(1) صحيح البخاري (13/ 289 - 290 رقم 7300).
(2) من صحيح البخاري.
(3) يعني في هذه الرواية، وقد روى البخاري حديث علي في كتاب الفرائض من
صحيحه (12/ 42 - 43 رقم 6755) وفيه: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور".
(4) في صحيح مسلم: إلى.
(5) صحيح مسلم (2/ 994 رقم 1366).
(6) صحيح مسلم (2/ 994 رقم 1367).
(7) ليست في صحيح مسلم.
(8) صحيح البخاري (13/ 295 رقم 7306).
(9) في صحيح البخاري المطبوع: ما بين.
(10) من صحيح البخاري.
(4/270)
حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين" قال عاصم: فأخبرني موسى بن أنس أنه قال: "أو آوى محدثاً".
وفي لفظ له (1): عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"المدينة حرم من كذا إلى كذا، لا يُقطع شجرها، ولا يُحدث فيها حدث، من أحدث
حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
4540 - عن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: "إن إبراهيم حَرَّمَ مكة (2) ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم
إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا (به) (3) إبراهيم لأهل
مكة".
رواه خ (4) م (5) واللفظ له، وعند البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم
-: "إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة،
ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة" وفي نسخة: "مثلي".
4541 - عن أبي هريرة أنه كان يقول: "لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما
ذعرتها (6)؛
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 97 رقم 1867).
(2) تقدم في باب حرمة مكة (الباب رقم: 126) الحديث المتفق عليه عن ابن عباس
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: "إن هذا البلد
حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض" (الحديث رقم: 4516 ولا معارضة بين
الحديثين، لأن المعنى: أن إبراهيم حرم مكة بأمر الله تعالى لا باجتهاده، أو
أن الله قضى يوم خلق السماوات والأرض أن إبراهيم سيحرم مكة، أو المعنى أن
إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس وكانت قبل ذلك عند الله حراماً، أو
أول من أظهره بعد الطوفان. فتح الباري (4/ 52) وشرح صحيح مسلم (6/ 54 -
55)، وتفسير ابن كثير (1/ 173 - 174).
(3) من صحيح مسلم.
(4) صحيح البخاري (4/ 406 رقم 2129).
(5) صحيح مسلم (2/ 199 رقم 1360).
(6) معنى ترتع: ترعى، وقيل: معناه تسعى وتنبسط، ومعنى ذعرتها: أفزعتها،
وقيل: نفرتها. شرح صحيح مسلم (6/ 81).
(4/271)
قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:
ما بين لابتيها (1) حرام".
رواه خ (2) م (3) وزاد: "وجعل اثني عشر ميلاً حول المدينة حمى".
4542 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " حُرِّم ما بين
لابتي المدينة على لساني. قال: وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بني
حارثة فقال: أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم. ثم التفت، فقال: بلى
أنتم فيه".
رواه خ (4).
4543 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المدينة حرم؛
فمن أحدث فيها حدثنا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين، لا يُقبل منه يوم القيامة عدلٌ ولا صرفٌ، ذمة المسلمين واحدة يسعى
بها أدناهم؛ فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا
يُقبل منه يوم القيامة عدلٌ ولا صرفٌ" (5).
4544 - وعن أبي هريرة قال: "كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أخذه رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال: "اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في
صاعنا، وبارك لنا في مدنا، اللهم إن إبراهيم -عليه السلام- عبدك وخليلك
ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعا لمكة وإني
__________
(1) قال أهل اللغة وغريب الحديث: اللابتان: الحرتان، واحدتهما لابة، وهي
الأرض الملبسة حجارة سوداء، وللمدينة لابتان شرقية وغربية، وهي بينهما،
ويقال: لابة ولوبة ونوبة -بالنون- ثلاث لغات مشهورات، وجمع اللابة في
القلة: لابات، وفي الكثرة: لاب ولوب. شرح صحيح مسلم (4/ 68 - 69).
(2) صحيح البخاري (7/ 104 رقم 1873).
(3) صحيح مسلم (2/ 1000 رقم 1372/ 472).
(4) صحيح البخاري (4/ 97 رقم 1869).
(5) رواه مسلم (2/ 999 رقم 1371).
(4/272)
أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله
معه. ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر" (1).
وفي لفظ (2): "بركة مع بركة. ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان".
رواه م.
4545 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " (اللَّهم) (3) اجعل
بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة".
كذا رواه خ (4).
وفي مسلم (5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اللهم اجعل
بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة".
4546 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي
طلحة: "التمس لي غلاماً من غلمانكم يخدمني. فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه،
فكنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما نزل". وفي الحديث: "ثم
أقبل حتى إذا بدا له أُحد، قال: هذا جبل يحبنا ونحبه (6). فلما أشرف على
المدينة قال: اللَّهم إني أحرم ما بين
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1000 رقم 1373/ 473).
(2) صحيح مسلم (2/ 1000 رقم 1373/ 474).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (4/ 117 رقم 1885).
(5) صحيح مسلم (2/ 994 رقم 1369).
(6) قال الإمام النووي في شرح مسلم (6/ 74): الصحيح المختار أن معناه أن
أحدًا يحبنا حقيقة، جعل الله تعالى فيه تمييزًا يحب به، كما قال سبحانه:
(وإنّ منها لما يهبط من خشية الله) (سورة البقرة، الآية: 74) وكما حن الجذع
اليابس، وكما سبح الحصى، وكما فر الحجر بثوب موسى - صلى الله عليه وسلم -
وكما قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعرف حجراً كان يُسلم عليَّ"
وكما دعا الشجرتين المفترقتين فاجتمعتا، وكما رجف حراء فقال: "اسكن حراء،
فليس عليك إلا نبي وصديق ... " الحديث، وكما كلمه ذراع الشاة، وكما قال
سبحانه وتعالى: (وإنّ من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)
(سورة: الإسراء=
(4/273)
جبليها مثلما حرم (به) (1) إبراهيم -رضي
الله عنه- مكة اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم".
رواه خ (2) م (3).
وفي لفظ لهما (4): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللَّهم
بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم، وبارك لهم في مدهم" زاد خ:
"يعني: أهل المدينة".
4547 - عن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يُقطع عضاهها (5) أو يقتل صيدها. وقال:
المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله
فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها (6) وجهدها إلا (كنتُ) (7)
له شفيعًا أو شهيداً (8) يوم القيامة، ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا
أذابه الله في النار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء".
__________
=الآية: 44) والصحيح في هذه الآية أن كل شيء يسبح حقيقة بحسب حاله ولكن لا
نفقههم وهذا وما أشبهه شواهد لما اخترناه واختاره المحققون في معنى الحديث
وأن أحداً يحبنا حقيقة، وقيل: المراد يحبنا أهله، فحذف المضاف، وأقام
المضاف إليه مقامه، والله أعلم.
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح البخاري (6/ 101 - 102 رقم 2893).
(3) صحيح مسلم (2/ 993 رقم 1365).
(4) البخاري (4/ 407 رقم 2130)، ومسلم (2/ 994 رقم 1368).
(5) العضاه: شجر أم غيلان، وكل شجر عظيم له شوك، الواحدة عِضَة، وأصلها:
عِضَهة، وقيل واحدتها: عضاهة. النهاية (3/ 255).
(6) اللأواء: الشدة وضيق العيش. النهاية (4/ 221).
(7) في "الأصل": إن كانت. والمثبت من صحيح مسلم.
(8) قيل: "أو" هنا للشك، قال القاضي عياض: والأظهر عندنا أنها. ليست للشك؛
لأن هذا=
(4/274)
رواه مسلم (1).
4548 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد
أهلها بسوء -يريد المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء". رواه مسلم
(2).
4549 - وعن عامر بن سعد "أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبداً يقطع
شجرًا -أو يخبطه- فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد، فكلموه أن يرد على
غلامهم -أو عليهم- ما أخذ من غلامهم، فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرد عليهم". رواه مسلم (3).
4550 - عن سليمان بن أبي عبد الله قال: "رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلاً
يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلبه
ثيابه، فجاءه مواليه، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم هذا
الحرم، وقال: من رأيتموه يصيد فيه شيئاً فلكم سلبه. فلا أرد عليكم طعمة
أطعمنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن إن شئتم أعطيكم ثمنه
أعطيتكم".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- د (5) وعنده: "فجاء (مواليه) (6) فكلموه
__________
=الحديث رواه جابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو سعيد وأبو
هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد -رضي الله عنهم- عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - بهذا اللفظ، ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك
وتطابقهم فيه على صيغة واحدة، بل الأظهر أنه قاله - صلى الله عليه وسلم -
هكذا، فإما أن يكون أعلم بهذه الجملة هكذا، وإما أن يكون "أو" للتقسيم
ويكون شهيدًا لبعض أهل المدينة وشفيعًا لبقيتهم. شرح صحيح مسلم (6/ 70).
(1) صحيح مسلم (2/ 992 - 993 رقم 1363/ 460).
(2) صحيح مسلم (2/ 1007 رقم 1386).
(3) صحيح مسلم (3/ 993 رقم 1364).
(4) المسند (1/ 170).
(5) سنن أبي داود (2/ 217 رقم 2037).
(6) من سنن أبي داود.
(4/275)
فيه" وعنده: "فقال: من أخذ أحداً يصيد فيه
فليسلبه" وعنده: "ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه".
4551 - عن جابر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن إبراهيم حرم مكة،
وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها، ولا (ينفر) (1) صيدها".
رواه مسلم (2).
4552 - وروى (3) عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- "إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمتُ ما بين لابتيها- يريد: المدينة".
4553 - وروى (4) عن نافع بن جبير "أن مروان بن الحكم خطب الناس فذكر مكة
وأهلها وحرمتها (ولم يذكر المدينة وأهلها وحرمتها) (5) فناداه رافع بن خديج
فقال: (إني سمعتك) (6) ذكرت مكة (وأهلها) (5) وحرمتها (ولم تذكر المدينة)
(5) وأهلها (وحرمتها، و) (5) قد حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما
بين لابتيها. وذلك عندنا في أديم خولاني إن شئت اقرأتُكْ. قال: فسكت مروان،
ثم قال: قد سمعت بعض ذلك".
4554 - عن أبي سعيد مولى المهري "أنهم أصابهم بالمدينة جهد وشدة، وإنه أتى
أبا سعيد الخدري فقال له: إني كثير العيال، وقد أصابنا شدة فأردت أن أنقل
عيالي إلى بعض الريف (7). فقال أبو سعيد: لا تفعل، الزم المدينة، فإنا
خرجنا
__________
(1) في صحيح مسلم: يصاد.
(2) صحيح مسلم (2/ 992 رقم 1362).
(3) صحيح مسلم (2/ 991 رقم 1361).
(4) صحيح مسلم (2/ 199 - 992 رقم 136/ 457).
(5) من صحيح مسلم.
(6) في صحيح مسلم: ما لي أسمعك.
(7) قال أهل اللغة: الريف -بكسر الراء- هو الأرض التي فيها زرع وخصب،
وجمعه: أرياف. شرح صحيح مسلم (6/ 82).
(4/276)
مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أظن
أنه قال: حتى قدمنا عسفان -فأقام بها ليالي، فقال الناس: والله ما نحن ها
هنا في شيء وإن عيالنا لخلوف (1) ما نأمن عليهم. فبلغ ذلك النبي - صلى الله
عليه وسلم - فقال: ما هذا الذي يبلغني من حديثكم -ما أدري كيف قال- والذي
أحلف به -أو والذي نفسي بيده- لقد هممت -أو إن شئتم- لا أدري أيتهما قال-
لآمرن بناقتي ترحل ثم لا أحل لها عقدة (2) حتى أقدم المدينة. وقال: اللَّهم
إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرامًا، وإني حرمت المدينة (فجعلتها) (3) حرامًا
ما بين مأزميها (4)، ألا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا
يخبط فيها شجرةً لا لعَلف (5)، اللَّهم بارك دنا في مدينتنا (اللَّهم بارك
لنا في صاعنا، اللَّهم بارك لنا في مدنا اللَّهم بارك لنا في صاعنا،
اللَّهم بارك لنا في مدنا، اللَّهم بارك لنا في مدينتنا) (6) اللهم اجعل مع
البركة بركتين، والذي نفسي بيده ما من المدينة شِعب (7) ولا نقب إلا عليه
ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها. ثم قال للناس:
__________
(1) أي: لا راعي لهن ولا حامي، يقال: حي خُلُوف: إذا غاب الرجال وأقام
النساء، ويطلق على المقيمين والظاعنين. النهاية (2/ 68).
(2) أي: لا أحلُّ عزمي حتى أقدمها، وقيل: أراد لا أنزل فأعقلها حتى أحتاج
إلى حل عقالها. النهاية (3/ 270).
(3) ليست في صحيح مسلم.
(4) المازم: بهمزة بعد الميم وبكسر الزاي، وهو الجبل، وقيل: المضيق بين
الجبلين ونحوه، والأول هو الصواب هنا، ومعناه ما بين جبليها. شرح صحيح مسلم
(6/ 83).
(5) قال النووي في شرح مسلم (6/ 83): فيه جواز أخذ أوراق الشجر للعلف، وهو
المراد هنا، بخلاف خبط الأغصان وقطعها فإنه حرام.
(6) من صحيح مسلم.
(7) قال أهل اللغة: الشعب -بكسر الشين- هو الفرجة النافذة بين الجبلين،
وقال ابن السكيت: هو الطريق في الجبل، والنقب -بفتح النون على المشهور،
وحكى القاضي عياض ضمها أيضاً- وهو مثل الشعب، وقيل: هو الطريق في الجبل،
وقال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفجاجها. شرح صحيح مسلم (6/ 83 - 84).
(4/277)
ارتحلوا. فارتحلنا فأقبلنا إلى المدينة،
فوالذي نحلف به أو يُحلف به -الشك من حماد (1) - ما وضعنا رحالنا حين دخلنا
المدينة حتى أغار علينا بنو عبد الله بن غطفان، وما (يهيجهم) (2) قبل ذلك
شيء (3) ".
رواه مسلم (4).
وله (5) في لفظٍ: "اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا، واجعل مع البركة
بركتين".
وله (6) أيضًا: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يصبر أحد
على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة إذا كان
مسلمًا".
وله (7) أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إني حرمت ما بين
لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة. قال: ثم كان أبو سعيد يجد أحدنا في يده
الطير فيفكه من يده ثم يرسله".
4555 - عن سهل بن حنيف قال: "أهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده
إلى المدينة فقال: إنها حرم آمن".
رواه مسلم (8).
__________
(1) هو حماد بن إسماعيل بن علية، شيخ الإمام مسلم الذي روى عنه هذا الحديث.
(2) في "الأصل": يهيجكم. والمثبت من صحيح مسلم.
(3) معناه أن المدينة في حال غيبتهم عنها كانت محمية محروسة كما أخبر النبي
- صلى الله عليه وسلم - حتى أن بني عبد الله بن غطفان أغاروا عليها حين
قدمنا ولم يكن قبل ذلك يمنعهم من الإغارة عليها مانع ظاهر، ولا كان لهم عدو
يهيجهم ويشتغلون به، بل سبب منعهم قبل قدومنا حراسة الملائكة كما أخبر
النبي - صلى الله عليه وسلم - شرح صحيح مسلم (6/ 84).
(4) صحيح مسلم (2/ 1001 - 1002 رقم 1374/ 475).
(5) صحيح مسلم (2/ 1002 رقم 1374/ 476).
(6) صحيح مسلم (2/ 1002 - 1003 رقم 1374/ 477).
(7) صحيح مسلم (2/ 1003 رقم 1374/ 478).
(8) صحيح مسلم (2/ 1003 رقم 1375).
(4/278)
4556 - عن عائشة قالت: "لما قدم رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - المدينة وعك (1) أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا
أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مُصَبَّح (2) في أهلهِ ... والموت أدنى من شراك نعلهِ
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته (3) يقول:
أْلا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بوادٍ (4) وحولي إذخرٌ وجليل (5)
وهل أرِدْنَ يومًا مياه مَجَنَّة (6) ... وهل يبدون لي شامة (7) وطَفِيلُ
(وقال) (8): اللهم العن شيبة بن وبيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما
أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا،
وصححها لنا، وانقل حماها إلى الجحفة. قالت: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض
الله. قالت: فكان بطحان يجري نجلاً- تعني: ماءً آجنا". رواه خ (9) وهذا
لفظه.
__________
(1) الوَعْك: هو الحمى، وقيل ألمها، وقد وعكه المرض وعكاً، ووُعِك فهو
موعدك. النهاية (5/ 207).
(2) مصبَّح: بمهملة ثم موحدة، وزن محمد، أي: مصاب بالموت صباحًا، وقيل:
المراد أنه يقال له وهو مقيم بأهله: صبحك الله بالخير. وقد يفجؤه الموت في
بقية النهار، وهو مقيم بأهله. فتح الباري (7/ 308).
(3) أي: صوته. النهاية (3/ 275).
(4) أي: بوادي مكة. فتح الباري (7/ 309).
(5) جليل: بالجيم، نبت ضعيف يحشى به خصاص البيت وغيرها. فتح الباري (7/
903).
(6) مَجَنَّة: بالفتح وتشديد النون، اسم سوق للعرب كان في الجاهلية، قال
الأصمعي: وكانت مجنة بمر الظهران قرب جبل يقال له: الأصفر، وهو بأسفل مكة
على قدر بريد منها. معجم البلدان (5/ 70).
(7) شامة: جبل قرب مكة، يجاوره آخر يقال له: طفيل. معجم البلدان (3/ 357).
(8) من صحيح البخاري.
(9) صحيح البخاري (4/ 119 رقم 1889).
(4/279)
وروى مسلم (1) منه: "قالت: قدمنا المدينة
وهي وبئة، فاشتكى أبو بكر واشتكى بلال، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - شكوى أصحابه، قال: اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد،
وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وحول حماها إلى الجحفة".
4557 - عن أنس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر
فأبصر دوحات (2) المدينة أوضع ناقته، وإن كانت دابة حركها".
رواه خ (3) وقال: زاد الحارث بن عمير عن حميد "حركها من حبها".
4558 - عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحداً
جبلاً يحبنا ونحبه، وهو على تُرْعة (4) من ترع الجنة، وعيرٌ على تُرْعة من
ترع النار".
رواه ق (5).
4559 - عن يحنس مولى الزبير "أنه كان جالسًا عند عبد الله بن عمر في
(الفتنة، فأتته مولاة له تسلم عليه، فقالت: إني أردت الخروج يا أبا عبد
الرحمن اشتد علينا الزمن. فقال لها عبد الله: اقعدي لَكاع (6)، فإني سمعت
رسول الله
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1003 رقم 1376).
(2) بفتح المهملة وسكون الواو بعدها مهملة، جمع دوحة وهي الشجرة العظيمة،
هذه رواية المستملي، ولغيره: "درجات" بفتح المهملة، والراء، بعدها جيم،
والمراد: طرقها المرتفعة. فتح الباري (3/ 726).
(3) صحيح البخاري (3/ 726 رقم 1802).
(4) الترعة في "الأصل": الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإذا كانت مطمئنة
فهي روضة، وقيل: الترعة: الدرجة، وقيل: الباب. النهاية (1/ 187).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1040 رقم 3115).
(6) اللُّكَع عند العرب: العبد، ثم استعمل في الحمق والذل، يقال للرجل:
لُكَع، وللمرأة لكاع، وأكثر ما يقع في النداء، وهو اللئيم. النهاية (4/
268).
(4/280)
- صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يصبر على
لأواها وشدتها (أحد) (1) إلا كنت له شهيداً أو شفيعًا يوم القيامة -يعني
المدينة".
رواه مسلم (2).
4560 - وله (3) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا
يصبر على لأوى المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعًا يوم القيامة
أو شهيداً".
4561 - عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أخاف
أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي".
رواه الإمام أحمد (4).
4562 - عن عدي بن زيد قال: "حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ناحية
من المدينة بريدًا بريدًا، ألا يخبط شجره ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل".
رواه د (5).
4563 - عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا
يخبط ولا يعضد حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن يهش هشًّا
(رفيقًا) (6) ".
رواه د (7).
4564 - وعن جابر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مثل
المدينة كالكير،
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 1004 رقم 1377/ 482).
(3) صحيح مسلم (2/ 1004 رقم 1378).
(4) المسند (3/ 354، 393).
(5) سنن أبي داود (2/ 217 رقم 2036).
(6) من سنن أبي داود.
(7) سنن أبي داود (2/ 217 رقم 2039).
(4/281)
وحرم إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - مكة،
وأنا أحرم المدينة، وهي كمكة حرام ما بين حرتيها وسماها كلها، لا يقطع عنها
شجرة إلا أن يعلف رجل منها، ولا يقربها -إن شاء الله- الطاعون ولا الدجال،
والملائكة يحرسونها على أنقابها وأبوابها. قال: وإني سمعته رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - يقول: ولا يحل لأحد يحمل فيها سلاحًا لقتال".
رواه الإمام أحمد (1).
4565 - عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب الأنصاري "أنه وجد غلمانًا قد ألجئوا
ثعلبًا إلى زاوية، فطردهم عنه. قال مالك: لا أعلم إلا أنه قال: أفي حرم
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هذا".
رواه مالك في الموطأ (2).
4566 - وروى (3) عن رجل قال: "دخل عليَّ زيد بن ثابت وأنا بالأسْوَاف (4)
وقد اصطدت نُهَسًا (5) فأخذه من يدي فأرسله".
4567 - عن شرحبيل بن سعد "حدثني زيد بن ثابت في الأسواف ومعي طير اصطدته،
فلطم قفاي وأرسله من يدي، وقال: أما علمت يا عدو نفسك أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - حرم ما بين لابتيها".
رواه الإمام أحمد (6).
__________
(1) المسند (3/ 393).
(2) الموطأ (2/ 696 رقم 12).
(3) الموطأ (2/ 696 رقم 13).
(4) الأسْوَاف: هو اسم حرم المدينة، وقيل: موضع بعينه بناحية البقيع، وهو
موضع صدقة زيد بن ثابت الأنصاري، وهو من حرم المدينة. معجم البلدان (1/
227).
(5) النُّهَس: طائر يشبه الصُّرَد، يُديم تحريك رأسه وذنبه، يصطاد
العصافير، ويأوي إلى المقابر. النهاية (5/ 136 - 137).
(6) المسند (5/ 192).
(4/282)
4568 - عن أنس قال: "كان النبي - صلى الله
عليه وسلم - أحسن الناس خلقًا، وكان (لي) (1) أخ يقال له: أبو عُمَير -قال:
أحسبه- فطيم (2)، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير، ما فعل النُّغير (3) -
نغر كان يلعب به".
رواه خ (4) -وهذا لفظه- م (5).
هذا محمول -واللَّه أعلم- أنه أتى به من غير الحرم (6).
134 - باب أن الدجال لا يدخل المدينة ولا
الطاعون
4569 - عن أبي سعيد الخدري قال: "حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يومًا حديثًا طويلاً عن الدجال، فكان فيما حدثنا به أنه قال: يأتي الدجال
وهو مُحرَّمٌ عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينزل بعض السباخ (7) التي تلي
المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس -أو من خير الناس- فيقول: أشهد
أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه. فيقول
الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا.
فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحييه: واللَّه ما كنت قبل قط أشد بصيرة مني
اليوم. فيريد الدجال أن يقتله، فلا يُسلط عليه".
__________
(1) في "الأصل": له. والمثبت من صحيح البخاري.
(2) فطيم -بالرفع- صفة لقوله "لي أخ" وأحسبه اعتراض بين الصفة والموصوف، أي
مفطوم بمعنى فصل رضاعة، ولأبي ذر: "فطيمًا" بالنصب مفعولاً ثانياً لأحسب.
إرشاد الساري (9/ 116).
(3) هو تصغير النّغر، وهو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، ويجمع على
نِغران. النهاية (5/ 86).
(4) صحيح البخاري (10/ 598 رقم 6203).
(5) صحيح مسلم (3/ 1692 - 1693 رقم 2150).
(6) انظر فتح الباري (10/ 601).
(7) السباخ: جمع سبخة، وهي: الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا
بعض الشجر. النهاية (2/ 333).
(4/283)
أخرجه البخارى (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2)
وعنده: "فينتهى إلى بعض السباخ التي تلي المدينة" وعنده: "واللَّه ما كنت
فيك قط أشد بصيرة مني الآن".
4570 - عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس من
بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه
الملائكة صَافِّين تحرسها، فينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات تخرج
إليه منها كل كافر ومنافق".
رواه خ (3) م (4) وهذا لفظه، وعنده (5) أيضًا: "فيأتي سبخة الجُرف (6)
فيضرب رواقه (7). قالا: فيخرج إليه كل منافق ومنافقة".
4571 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "على أنقاب
المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال".
رواه خ (8) م (9) وفي لفظ (10): "يأتي المسيح من قبل المشرق همته المدينة
حتى ينزل دبر أُحدٍ، ثم (تضرب الملائكة قبل وجهه إلى الشام، وهناك يهلك)
(11) ".
4572 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المدينة يأتيها
الدجال فيجد الملائكة
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 114 رقم 1882، 13/ 109 رقم 7132).
(2) صحيح مسلم (4/ 2256 رقم 2938).
(3) صحيح البخاري (4/ 114 رقم 1881).
(4) صحيح مسلم (4/ 2265 رقم 2943).
(5) صحيح مسلم (4/ 2266 رقم 2943).
(6) الجُرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام، به كانت أموال
لعمر بن الخطاب ولأهل المدينة، وفيه بئر جُشم، وبئر جَمَل. معجم البلدان
(2/ 149).
(7) أي: فُسطاطه وقبته وموضع جلوسه. النهاية (2/ 278).
(8) صحيح البخاري (4/ 114 رقم 1880).
(9) صحيح مسلم (2/ 1005 رقم 1379).
(10) صحيح مسلم (2/ 1005 رقم 1380).
(11) في صحيح مسلم: تصرف الملائكة وجهه قبل الشام وهنالك يهلك.
(4/284)
يحرسونها فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن
شاء الله".
رواه خ (1).
4573 - عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل المدينة
رعب المسيح الدجال، لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان". رواه خ (2).
4574 - عن فاطمة بنت قيس قالت: " (قدم) (3) على رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - تميم الداري فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ركب البحر
في سفينة (فتاهت به) (4) فسقط إلى جزيرة، فخرج إليها يلتمس الماء، فلقي
إنسانًا يجر شعره ... " واقتص الحديث وقال فيه ذكر الدجال، وفيه: "وإني
مخبركم عني، إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير
في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في الأربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما
محرمتان عليَّ كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدًا منهما استقبلني ملك بيده
السيف صلتًا (يصدني عنها) (4) وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها. قالت:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطعن بمخصرته في المنبر: هذه طيبة،
هذه طيبة (ألا كنت أحدثكم عنه وعن المدينة) (5) ". رواه م (6).
4575 - عن جابر بن عبد الله قال: " (أشرف) (7) رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - على فَلَقٍ (8)
__________
(1) صحيح البخاري (13/ 109 رقم 7134).
(2) صحيح البخاري (4/ 113 رقم 1879).
(3) في "الأصل": قام. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) من صحيح مسلم.
(5) في صحيح مسلم: هذه طيبة يعني: المدينة، ألا هل كنت حدثتكم ذلك. كأن
المؤلف -رحمه الله- رواه بالمعنى.
(6) صحيح مسلم (4/ 2261 - 2265 رقم 2942) جمع المؤلف بين روايتين.
(7) في "الأصل": اشترى. والمثبت من المسند.
(8) الفَلَق -بالتحريك- المطمئن من الأرض بين ربوتين، ويجمع على أفلاق
وفُلقان. النهاية (3/ 472).
(4/285)
من أفلاق الحرة -ونحن معه- فقال: نعمت
الأرض المدينة، إذا خرج الدجال على كل نقب من نقابها مَلَك، لا يدخلها،
فإذا كان ذلك رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات، لا يبقى منافق ولا منافقة
إلا خرج إليه، وأكثر من يخرج إليه يعني النساء، وذلك يوم التخليص (1)، ذلك
يوم تنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، يكون معه سبعون ألفًا
من اليهود، على كل رجل منهم ساج (2) وسيف محلى، فتُضرب رقبته بهذا الضرب
الذي عند مجتمع السيول. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما كانت
فتنة ولا (تقوم) (3) حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال، ولا من نبي إلا
قد حذره أمته ولأخبرنكم بشيء ما أخبر به نبي أمته قبلي. ثم وضع يده على
عينه ثم قال: أشهد أن الله ليس بأعور".
رواه الإمام أحمد (4).
4576 - وروى (5) عن سعد بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "اللهم بارك لهم في مدينتهم، وبارك لهم في صاعهم، وبارك في مدهم،
اللَّهم إن إبراهيم عبدك وخليلك، وإني عبدك ورسولك، وإن إبراهيم سألك لأهل
مكة، وإني أسألك لأهل المدينة كما سألك إبراهيم لأهل مكة ومثله معه، إن
المدينة مشبكة
__________
(1) قال ابن الأثير في النهاية (2/ 61) "مادة: خلص"، وفيه: "أنه ذكر يوم
الخلاص، قالوا: يا رسول الله، ما يوم الخلاص؟ قال: "يوم يخرج إلى الدجال من
المدينة كل منافق ومنافقة، فيتميز المؤمنون منهم، ويخلص بعضهم من بعض".
(2) الساج: هو الطيلسان الأخضر، ويجمع على السيجان. النهاية (2/ 432).
(3) في المسند: تكون.
(4) المسند (3/ 292).
4576 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 146 - 147 رقم 943، 944)، وقال: هذا
الحديث رواه مسلم في صحيحه "من أرادها بسوء" إلى آخره.
قلت: هو في صحيح مسلم (2/ 1008 رقم 1387).
(5) المسند (1/ 183 - 184).
(4/286)
بالملائكة، على كل نقب منها ملكان
يحرسانها، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال، من أراد بها سوءاً أذابه الله كما
يذوب الملح في الماء".
4577 - عن أبي حميد "أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك حتى
أشرفنا على المدينة، فقال: هذه طابة (1) ".
رواه خ (2) م (3).
4578 - عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"إن الله سمى المدينة طابة".
رواه مسلم (4).
135 - باب الإِيمان يأرز (5) إِلى المدينة
4579 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الإيمان
ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها".
رواه خ (6) ومسلم (7).
__________
(1) وفي بعض الروايات: "طيبة"، والطاب والطيب لغتان بمعنى، واشتقاقهما من
الشيء الطيب، وقيل: لطهارة تربتها، وقيل: لطيبها لساكنها، وقيل: من طيب
العيش بها، وقيل: هو من الطيب بمعنى الطاهر؛ لخلوصها من الشرك وتطهيرها
منه. فتح الباري (4/ 106)، والنهاية (3/ 149).
(2) صحيح البخاري (4/ 106 رقم 1872).
(3) صحيح مسلم (2/ 1011 رقم 1392).
(4) صحيح مسلم (2/ 1007 رقم 1385).
(5) في "الأصل": ياوو. بواوٍ مكررة، والمثبت من الصحيحين، ويَأرِز: أي ينضم
إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها. النهاية (1/ 37).
(6) صحيح البخاري (4/ 111 رقم 1876).
(7) صحيح مسلم (1/ 131 رقم 147).
(4/287)
136 - باب المدينة
تنفي الحبث
4580 - عن جابر بن عبد الله "أن أعرابيًّا بايع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -
فقال: يا محمد، أقلني بيعتي. فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم
جاءه فقال: أقلني بيعتي. (فأبى) (1). ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي. فأبى،
فخرج الأعرابي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة كالكير تنفي
خبثها، وينصع (2) طيبها".
رواه خ (3) م (4).
4581 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أمرت
بقرية تأكل القرى (5)، يقولون يثرب (6)، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي
الكير خبث الحديد".
رواه خ (7) م (8).
4582 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يأتي على
الناس زمان يدعو
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) نصع الشيء ينصع إذا وضح وبان. النهاية (5/ 65).
(3) صحيح البخاري (4/ 115 رقم 1883).
(4) صحيح مسلم (2/ 1006 رقم 1383).
(5) أي: أمرت بالهجرة إليها واستيطانها، ومعنى "تأكل القرى"، أي: يغلب
أهلها -وهم الأنصار- بالإسلام على غيرها من القرى، وينصر الله دينه بأهلها،
ويفتح القرى عليهم ويغنمهم إياها فيأكلونها. النهاية (1/ 58).
(6) يثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، أو من الثرب وهو
الفساد، وكلاهما مستقبح وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الاسم الحسن ويكره
الاسم القبيح. فتح الباري (4/ 105).
(7) صحيح البخاري (4/ 104 رقم 1871).
(8) صحيح مسلم (2/ 1006 رقم 1382).
(4/288)
الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء، هلم
إلى الرخاء. والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرج
منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه، ألا إن المدينة كالكير
يخرج الخبث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكيرُ خبثَ
الحديد".
رواه م (1).
4583 - عن سفيان بن أبي زهير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"تفتح الشام فيخرج من المدينة قومٌ بأهلهم يبسون (2) والمدينة خير لهم لو
كانوا يعلمون، ثم تفتح اليمن فيخرج قوم بأهليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو
كانوا يعلمون (ثم تفتح العراق فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون،
والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) (3) ".
رواه خ (4) م (5) وهذا أحد ألفاظه.
وفي لفظ لهما (6): قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "تفتح
الميمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو
كانوا يعلمون، ثم تفتح الشام ... " فذكره هكذا غير أن البخاري قال: "وتفتح
الشام، وتفتح العراق".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1005 رقم 1381).
(2) قال أهل اللغة: يبسون بفتح الياء المثناة من تحت وبعدها باء موحدة تضم
وتكسر، ويقال أيضًا: بضم المثناة مع كسر الموحدة، فتكون اللفظة ثلاثية
ورباعية، فحصل في ضبطها ثلاثة أوجه، والذي عليه المحققون أن معناه الإخبار
عمن خرج من المدينة متحملاً بأهله باسًّا في سيره مسرعًا إلى الرخاء في
الأمصار التي أخبر النبي علسهتجم بفتحها. شرح صحيح مسلم (6/ 95 - 96).
(3) من صحيح مسلم.
(4) صحيح البخاري (4/ 107 رقم 1875) في هذا الموضع فقط.
(5) صحيح مسلم (2/ 1008 - 1009 رقم 1388/ 496).
(6) صحيح مسلم (2/ 1009 رقم 1388/ 497).
(4/289)
4584 - عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يقول: "يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا
العوافي (1) عوافي السباع والطير، ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة
يَنْعِقان (2) بغنمهما فيجدانها وحشًا (3)، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا
على وجوههما".
رواه خ (4) م (5) واللفظ له، وعند البخاري "وآخر من يحشر راعيان من مزينة،
وعنده" وحوشًا".
وفي لفظ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمدينة: "ليتركنها
أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي. يعني: السباع والطير".
رواه مسلم (6).
4585 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المدينة
يتركها أهلها وهي مرطبة. قالوا: فمن يأكلها يا رسول الله؟ قال: السباع
والعائف".
رواه الإمام أحمد (7).
__________
(1) العافية والعافي: كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طائر، وجمعها
عوافي. النهاية (3/ 266).
(2) أي يصيحان، يقال: نَعَق الراعي بالغم يَنْعَق نعيقاً فهو ناعق، إذا
دعاها لتعود إليه. النهاية (5/ 82).
(3) وفي رواية البخاري: "وحوشًا"، قيل: معناه يجدانها خلاء أي خالية ليس
بها أحد، قال إبراهيم الحربي: الوحش من الأرض هو الخلاء، والصحيح أن معناه
يجدانها ذات وحوش كما في رواية البخاري وكما قال - صلى الله عليه وسلم -:
"لا يغشاها إلا العوافي" ويكون وحشًا بمعنى وحوشًا، وأصل الوحش كل شيء توحش
من الحيوان، وجمعه وحوش، وقد يعبر بواحده عن جميعه كما في غيره. شرح صحيح
مسلم (6/ 98).
(4) صحيح البخاري (4/ 107 رقم 1874).
(5) صحيح مسلم (2/ 1010 رقم 1389/ 499).
(6) صحيح مسلم (2/ 1009 رقم 1389/ 498).
(7) المسند (3/ 332).
(4/290)
4586 - عن ابن عمر أن نبي الله - صلى الله
عليه وسلم - قال: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل فإني (شفيع) (1) لمن
مات بها".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- ق (3) ت (4) وقال: حديث حسن صحيح غريب
(5).
4587 - عن بلال بن الحارث قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما (سواها) (6) من البلدان، وجمعة
بالمدينة خير من ألف جمعة فيما (سواها) (6) من البلدان" (7).
رواه سليمان الطبراني في المعجم (8)، قال الدارقطني (9): تفرد به عبد الله
بن كثير بن جعفر عن أبيه عن جده.
__________
(1) في المسند: أشفع.
(2) المسند (2/ 74).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1039 رقم 3112).
(4) جامع الترمذي (5/ 676 رقم 3917).
(5) كذا في تحفة الأحوذي (10/ 417 رقم 4010) وتحفة الأشراف (6/ 75 رقم
7553) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (13/ 274): حديث حسن غريب.
(6) في "الأصل": سواهما. على التثنية في الموضعين، والمثبت من معجم
الطبراني.
(7) قال الذهبي في الميزان (2/ 473): عبد الله بن كثير بن جعفر عن أبيه عن
جده عن بلال مرفوعًا "رمضان بالمدينة خير من ألف مدينة فيما سواها" والجمعة
كذلك، لا يُدرى من ذا، وهذا باطل، والإسناد مظلم، تفرد به عنه عبد الله بن
أيوب المخزومي، لم يُحسن ضياء الدين بإخراجه في المختارة، وقيل هو عبد الله
بن كثير بن جعفر بن أبي كثير الراوي عن كثير بن عبد الله بن عوف المزني،
فلعله سقط اسم شيخه كثير، وبقي عن أبيه.
(8) المعجم الكبير (1/ 372 رقم 1144).
(9) أطراف الغرائب (2/ 283 رقم 1377).
(4/291)
117 - باب ذكر ما بين (1) بيت النبي - صلى
الله عليه وسلم - ومنبره
4588 - عن عبد الله بن زيد الأنصاري أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: "ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة (2) " (3).
وفي لفظ (4): "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".
(رواه خ (5) م واللفظ له.
4588م- عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين
بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) (6) ومنبري على حوضي (7).
أخرجاه (8) أيضًا.
__________
(1) زاد بعدها في "الأصل": قبر.
(2) قال النووي في شرح مسلم (6/ 98 - 99): ذكروا في معناه قولين: أحدهما أن
ذلك الموضع بعضه يُنقل إلى الجنة، والثاني: أن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة.
قال الطبري: في المراد ببيتي هنا قولان: أحدهما القبر، قاله زيد بن أسلم،
كما رُوي مفسرًا "بين قبري ومنبري والثاني المراد بيت سكناه على ظاهره،
وروي: "ما بين حجرتي ومنبري" قال الطبري: والقولان متفقان لأن قبره في
حجرته، وهي بيته.
(3) صحيح مسلم (2/ 1010 رقم 1390/ 501).
(4) صحيح مسلم (2/ 1010 رقم 1790/ 500).
(5) صحيح البخاري (3/ 84 رقم 1195).
(6) سقطت من "الأصل" ودل على سقوطها أمران، الأول: أن زيادة "ومنبري على
حوضي" ليست في حديث عبد الله بن زيد، والثانى قوله بعد ذلك: "أخرجاه أيضاً"
وقد اجتهدت في إثباتها ليستقيم الأمر، والله أعلم.
(7) قال القاضي: قال أكثر العلماء: المراد منبره بعينه الذي كان في الدنيا.
قال: وهذا هو الأظهر، قال: وأنكر كثير منهم غيره، قال: وقيل: إن له هناك
منبراً على حوضه، وقيل: معناه أن قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال
الصالحة يُورد صاحبه الحوض ويقتضي شربه منه، واللَّه أعلم. شرح صحيح مسلم
(6/ 99).
(8) البخاري (3/ 84 رقم 1196) ومسلم (2/ 1011 رقم 1391).
(4/292)
4589 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة".
رواه الإمام أحمد (1).
4590 - عن سهل بن سعد أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"منبري على ترعة من ترع الجنة".
رواه الإمام أحمد (2) والطبراني (3).
4591 - عن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين
بيتي ومصلاي روضة من رياض الجنة".
رواه الطبراني في معجمه (4).
4592 - وروى (5) عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - "ما بين (قبري وبيتي) (6) روضة من رياض الجنة، ومنبري على ترعة
من ترع الجنة".
غير أنه من رواية أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة، وقد تكلم فيه
(7).
4593 - وروى (8) عن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"ما بين قبري
__________
(1) المسند (3/ 64).
(2) المسند (5/ 335).
(3) المعجم الكبير (6/ 142 رقم 5779).
4591 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 216 - 217 رقم 1018، 1019).
(4) المعجم الكبير (1/ 147 رقم 332/ 1).
(5) لم أقف عليه عند الطبراني، ولم يعزه له الهيثمي في المجمع (4/ 9)، وقد
رواه أبو يعلى (1/ 109 رقم 118) والبزار (1/ 144 - 145 رقم 73).
(6) كذا في "الأصل" وهو خطأ كما لا يخفى.
(7) ترجمته في التهذيب (33/ 102 - 108) قال الأمام أحمد: كان يضع الحديث
ويكذب.
(8) المعجم الكبير (12/ 294 رقم 13156).
(4/293)
ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على
حوضي".
4594 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما
بين حجرتي ومنبري روضة من رياض الجنة، وإن منبري على ترعة من ترع الجنة".
رواه الإمام أحمد (1) وأبو يعلى الموصلي (2) والهيثم بن كليب في مسانيدهم.
138 - باب فضل مسجد رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -
4595 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في
مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، فإني آخر
الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد". وفي لفظ لمسلم: أفضل من ألف صلاة فيما
سواه إلا المسجد الحرام".
رواه مسلم (3).
4596 - عن ابن عباس (4) أنه قال: "إن امرأة اشتكت شكوى فقالت: إن شفاني
الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس. فبرأت ثم تجهزت تريد الخروج؛ فجاءت
__________
(1) المسند (3/ 389).
(2) مسند أبي يعلى (3/ 319 - 320 رقم 1784، 3/ 462 رقم 1964).
(3) صحيح مسلم (2/ 1012 - 1013 رقم 1394) والحديث رواه البخاري (3/ 76 رقم
1188). ورواه مسلم (2/ 1013 - 1014 رقم 1395) عن ابن عمر، فلا أدري أذكره
الحافظ بعد حديث أبي هريرة فسقط من الناسخ، أم أنه أعرض عنه لأن الدارقطني
استدركه على مسلم في التتبع (ص 439 - 440) وانظر شرح صحيح مسلم (6/ 104 -
105).
(4) تكلم العلماء في ذكر ابن عباس في هذا الحديث، وقال الحفاظ: ذكر ابن
عباس فيه وهم وصوابه عن إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة، هكذا هو المحفوظ،
قال البخاري: ولا يصح فيه ابن عباس. وقال الدارقطني: وقد رواه بعضهم عن ابن
عباس عن ميمونة، وليس يثبت. وقال القاضي عياض: قال بعضهم: صوابه إبراهيم بن
عبد الله بن معبد ابن عباس أنه قال: "إن امرأة اشتكت ... ". شرح صحيح مسلم
(6/ 104).
(4/294)
ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -
(تسلم عليها) (1) فأخبرتها ذلك فقالت: اجلسي فكلي ما صنعت، وصلي في مسجد
الرسول؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: صلاة فيه أفضل
من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة".
رواه مسلم (2).
4597 - عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة في مسجدي
أفضل من ألف صلاة فيما سواه".
رواه الإمام أحمد (3) ق (4).
4598 - عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه (من المساجد) (5) إلا
المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي بمائة صلاة".
رواه الإمام أحمد (6)، وإسناده على رسم الصحيح.
4599 - وروى (7) عن سعد بن أبي وقاص أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: "صلاة في مسجدي هذا" (5) خير من ألف صلاة فيما سواه إلا
المسجد الحرام".
4600 - عن أبي سعيد الخدري قال: "دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- في بيت
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) صحيح مسلم (2/ 1014 رقم 1396).
(3) المسند (3/ 343، 397).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 450 - 451 رقم 1406).
4598 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 331 - 332 رقم 297، 298).
(5) من المسند.
(6) المسند (4/ 5).
4599 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 148 رقم 945، 946).
(7) المسند (1/ 184).
(4/295)
بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أي
المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفًّا من حصباء فضرب به الأرض، ثم
قال: هو مسجدكم هذا. لمسجد المدينة".
رواه مسلم (1).
4601 - عن سهل بن سعد قال: "اختلف رجلان على عهد رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد الرسول. وقال
الآخر: هو مسجد قباء. فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألاه فقال: هو
مسجدي هذا".
رواه الإمام أحمد (2).
4602 - عن جابر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خير ما
ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا، والبيت العتيق".
رواه الإمام أحمد (3).
139 - باب فضل المساجد الثلاثة
4603 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُشد الرحال
إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى".
رواه خ (4) م (5).
4604 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُشد
الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1015 رقم 1398).
(2) المسند (5/ 331).
(3) المسند (3/ 350).
(4) صحيح البخاري (3/ 76 رقم 1189).
(5) صحيح مسلم (2/ 1014 رقم 1397).
(4/296)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).
4605 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى،
ومسجدي هذا".
رواه ق (3).
4606 - عن بصرة بن أبي بصرة الغفاري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، و (4)
مسجدي و (4) إلى مسجد إيلياء -أو بيت المقدس- يشك أيهما قال".
رواه الإمام مالك بن أنس (5) -وهذا لفظه- د (6) س (7) - وعنده: "ومسجد بيت
المقدس"- ت (8).
140 - باب الصلاة ببيت المقدس
4607 - عن ميمونة مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "يا رسول الله،
أفتنا في بيت المقدس. قال: أرض المنشر والمحشر، ائتوه فصلوا فيه؛ فإن صلاة
فيه كألف صلاة
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 84 - 85 رقم 1197).
(2) صحيح مسلم (2/ 975 - 976 رقم 827/ 415).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 452 رقم 1410) عن أبي سعيد وعبد الله بن عمرو معًا.
(4) في "الأصل" في الموضعين: أو.
(5) الموطأ (1/ 113 رقم 16) مطولاً وفيه عدة أحاديث.
(6) كذا عزاه لأبي داود المزي في تحفة الأشراف (2/ 101 رقم 2025) لكني لم
أقف عليه في سنن أبي داود، والذي وقفت عليه فيه (1/ 274 - 275 رقم 1046)
رواه عن القعنبي عن مالك بالحديث الطويل الذي في الموطأ، لكن لم يذكر فيه
حديث بصرة، والله أعلم.
(7) سنن النسائي (3/ 114 - 115 رقم 1429).
(8) روى الترمذي في جامعه (2/ 362 - 363 رقم 491) حديث الموطأ الطويل، لكن
لم يذكر حديث بصرة فيه، وإن عزاه المزي في التحفة (2/ 101 رقم 2025) له.
(4/297)
(فيما سواه) (1). قالت: أرأيت من لم يطق أن
يتحمل إليه -أو يأتيه؟ قال: فليهد إليه زيتًا يسرج فيه؛ فإنه من أهدى له
كان كمن صلى فيه".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- د (3) ق (4) وعنده: "كألف صلاة في غيره".
4608 - عن عبد الله بن عَمْرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لما
فرغ سليمان بن داود -عليهما السلام- من بناء بيت المقدس سأل الله -عز وجل-
(ثلاثًا) (5) حكمًا يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وأن لا يأتي
هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما (اثنتان) (6) فقد أعطيهما، وأرجو
أن يكون قد أعطي الثالثة" (7).
رواه الإمام أحمد (8) ق (9) وهذا لفظه.
4609 - عن أن بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة
الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته في
المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف
صلاةٍ، وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاته في المسجد الحرام بمائة
__________
(1) من المسند.
(2) المسند (6/ 463).
(3) سنن أبي داود (1/ 125 رقم 457).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 451 رقم 1407).
(5) من سنن ابن ماجه.
(6) في "الأصل": اثنتين. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(7) رواه النسائي (2/ 34 رقم 692)، وصححه ابن خزيمة (2/ 288 رقم 1334) وابن
حبان (4/ 511 - 512 رقم 1633).
(8) المسند (2/ 176).
(9) سنن ابن ماجه (1/ 451 - 452 رقم 1408).
(4/298)
ألف صلاة" (1). رواه ق (2).
141 - باب في مسجد قباء
4610 - عن عبد الله بن عمر قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي
مسجد قباء كل سبت ماشياً وراكبًا. وكان ابن عمر يفعله".
رواه خ (3) م (4) وله (5): "فيصلي فيه ركعتين" وذكره البخاري (6) بغير
إسناد، يعني الصلاة.
4611 - عن أسيد بن ظهير الأنصاري -وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه
وسلم - يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلاة في مسجد قباء
كعمرة".
رواه ق (7) ت (8) وقال: حديث حسن غريب، ولا نعرف لأسيد بن ظهير شيئًا يصح
غير هذا الحديث.
4612 - عن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من تطهر
في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة".
رواه الإمام أحمد (9) س (10) ق (11) وهذا لفظه.
__________
(1) قال الذهبي في الميزان (4/ 520): هذا منكر جدًّا.
(2) سنن ابن ماجه (1/ 453 - رقم 1413).
(3) صحيح البخاري (3/ 83 رقم 1193) واللفظ له.
(4) صحيح مسلم (2/ 1016 - 1017 رقم 1399).
(5) صحيح مسلم (2/ 1016 رقم 1399/ 516).
(6) صحيح البخاري (3/ 83 رقم 1194) معلقًا.
4611 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 281 - 282 رقم 1472 - 1474).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 452 رقم 1411).
(8) جامع الترمذي (2/ 145 - 146 رقم 324).
(9) المسند (3/ 487).
(10) سنن النسائي (2/ 37 رقم 698).
(11) سنن ابن ماجه (1/ 453 رقم 1412).
(4/299)
142 - باب في مسجد
الفتح
4613 - عن جابر -يعني: ابن عبد الله- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا
في مسجد الفتح ثلاثاً، يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فأستجيب
له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعُرف البشر في وجهه. قال جابر: فلم ينزل بي
أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها، فأعرف الإجابة".
رواه الإمام أحمد (1) من رواية كثير بن زيد، وفيه بعض الكلام (2)، اختلفت
الرواية عن يحيى بن معين فيه: فمرة وثقه (3)، ومرة ضعفه (4).
143 - باب في زيارة قبر النبي - صلى الله عليه
وسلم - وزيارة قبور الشهداء
4614 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أحد
يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام".
رواه أحمد (5) د (6).
4615 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من جاءني
زائراً لا ينزعه غير زيارتي كان حقًّا على الله أن أكون له شفيعًا يوم
القيامة".
رواه الطبراني (7) من رواية عبد الله (8) بن عمر العمري عن نافع، قال
الإمام
__________
(1) المسند (3/ 332).
(2) ترجمته في التهذيب (24/ 113 - 117).
(3) في رواية ابن أبي مريم عنه. الكامل (7/ 204).
(4) في رواية ابن أبي خيثمة عنه. الجرح والتعديل (7/ 151).
(5) المسند (2/ 527).
(6) سنن أبي داود (2/ 218 رقم 2041).
(7) المعجم الكبير (12/ 291 رقم 13149).
(8) في المعجم الكبير: "عُبيد الله" المصغر الإمام الثقة العلم، وكذا نقله
الحافظ ابن عبد الهادي=
(4/300)
أحمد (1): لا بأس به. وقال النسائي (2):
ليس بالقوي.
4616 - وروى (3) أيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - "من صلى عليَّ من قريب سمعته، ومن صلى عليَّ من بعيد أُبلغته" (4).
__________
=في الصارم المنكي (ص 68) من معجم الطبراني، وكذا هو في المعجم الأوسط (5/
16 رقم 4546) ورواه عن عبيد الله مسلمة بن سالم الجهني، وسواء كان عبد الله
أو عبيد الله فالحديث لا يصح؛ قال الحافظ ابن عبد الهادي: حديث ضعيف
الإسناد منكر المتن، لا يصح الاحتجاج به ولا يجوز الاعتماد على مثله، ولم
يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ولا رواه الإمام أحمد في مسنده، ولا أحد
من الأئمة المعتمد على ما أطلقوه في روايتهم، ولا صححه إمام يُعتمد على
تصحيحه، وقد تفرد به هذا الشيخ الذي لم يُعرف بنقل العلم، ولم يشتهر بحمله،
ولم يُعرف من حاله ما يوجب قبول خبره، وهو مسلمة بن سالم الجهني، الذي لم
يشتهر إلا برواية هذا الحديث المنكر، وحديث آخر موضوع ذكره الطبراني
بالإسناد المتقدم ومتنه: "الحجامة في الرأس أمان من المجنون والجذام والبرص
والنعاس والضرس" وروي عنه حديث آخر منكر من رواية غير العبادي، وإذا تفرد
مثل هذا الشيخ المجهول الحال القليل الرواية بمثل هذين الحديثين المنكرين
عن عبيد الله بن عمر أثبت آل عمر بن الخطاب في زمانه وأحفظهم عن نافع عن
سالم عن أبيه عبد الله بن عمر من بين سائر أصحاب عبيد الله الثقات
المشهورين والإثبات المتقنين علم أنه لا يحل الاحتجاج بخبره ولا يجوز
الاعتماد على روايته، هذا مع أن الراوي عنه وهو عبد الله بن محمد العباد
أحد الشيوخ الذين لا يحتج بما تفردوا به، قد اختلف عليه في إسناد الحديث.
الصارم المنكي (68 - 69).
(1) الجرح والتعديل (5/ 109).
(2) كتاب الضعفاء والمتروكين (146 رقم 341).
(3) لم أقف عليه في معاجم الطبراني، والله أعلم.
(4) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا الحديث قد رواه البيهقي وغيره من حديث
العلاء بن عمرو الحنفي، حدثنا أبو عبد الرحمن عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة. قال البيهقي: أبو عبد الرحمن هذا هو محمد بن مروان السدي -فيما أو-
وفيه نظر. ثم قال شيخ الإسلام: الحديث وإن كان معناه صحيحاً فإسناده لا
يحتج به، وإنما يثبت معناه بأحاديث أخر؛ فإنه لا يُعرف إلا من حديث محمد بن
مروان السدي الصغير عن الأعمش، كما ظنه البيهقي، وما ظنه في هذا هو متفق
عليه عند أهل المعرفة بالحد
(4/301)
هو من رواية العلاء بن (عَمْرو) (1) الحنفي
تكلم فيه ابن حبان البستي (2).
4617 - عن طلحة بن عبيد الله قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - نريد قبور الشهداء، حتى أشرفنا على حرة واقم (3)، فلما تدلينا (4)
منها فإذا قبور بمَحْنِيَة (5)، قال: قلنا: يا رسول الله، أقبور إخواننا
هذه؟ قال: قبور أصحابنا. فلما جئنا قبور الشهداء قال: (هذه قبور إخواننا".
رواه الإمام أحمد (6) د (7).
__________
=وهو عندهم موضوع على الأعمش. اهـ. ثم نقل كلام أئمة الجرح والتعديل في
تضعيف السدي، نقله ابن عبد الهادي في الصارم المنكي (205 - 206، 209) عن
رسالة الرد على الإخنائي لشيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر مختصر الرد على
الإخنائي من مجموع الفتاوى (27/ 241).
قلت: هذا الحديث رواه العقيلي في الضعفاء (4/ 136 - 137) من طريق العلاء بن
عَمرْو عن محمد بن مروان عن الأعمش به، وقال: لا أصل له من حديث الأعمش،
وليس بمحفوظ ولا يتابعه -يعني: السدي- إلا من هو دونه.
ورواه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 302 - 303) من طريق الأصمعي عن السدي
به، وقال: وهذا حديث لا يصح.
(1) في "الأصل": عمر. والمثبت من المجروحين وغيره.
(2) قال ابن حبان في المجروحين (2/ 185): العلاء بن عمرو شيخ يروي عن أبي
إسحاق الفزاري العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال.
4617 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 13 - 14 رقم 813).
(3) واقم: أُطم من آطام المدينة كأنه سُمي بذلك لحصانته، ومعناه أنه يرد عن
أهله، وحرة واقم إلى جنبه نُسبت إليه. معجم البلدان (5/ 408).
(4) التدلي: النزول من العلو. النهاية (2/ 130).
(5) أي بحيث ينعطف الوادي، وهو منحناه أيضًا، ومحاني الوادي معاطفه.
النهاية (1/ 454).
(6) المسند (4/ 161).
(7) سنن أبي داود (2/ 218 رقم 2043).
(4/302)
4617م- عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يأتي الشهداء، فإذا أتى فرضة الشعب يقول) (1): سلام
عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. وكان أبو بكر وعمر وعثمان -رضي الله
عنهم- يفعلونه".
رواه الطبراني (2) من رواية عبد العزيز بن عمران، وقد تكلم فيه غير واحد من
الأئمة (3).
4618 - وروى (4) أيضًا عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: "سلموا على إخوانكم هؤلاء الشهداء فإنهم يردون عليكم" (5).
هو من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني (6) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
(7)، وفيهما كلام.
144 - باب تحريم صيد وَجٍّ (8)
4619 - عن محمد بن عبد الله بن إنسان، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن
الزبير قال: "أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لِيَّة (9)
حتى إذا كنا عند السدرة وقف
__________
(1) سقطت من "الأصل" فتداخل الحديثان، واجتهدت في إثباتها ولما لم أقف على
هذا الحديث عند الطبراني ملته من دلائل النبوة للبيهقي (3/ 306) والله
أعلم.
(2) لم أقف عليه في معاجم الطبراني، والحديث رواه البيهقي في الدلائل من
هذا الوجه، والله أعلم.
(3) ترجمته في التهذيب (18/ 178 - 181).
(4) لم أقف عليه كذلك.
(5) رواه ابن عدي في الكامل (5/ 443) من هذا الطريق أيضاً.
(6) ترجمته في التهذيب (31/ 419 - 434).
(7) ترجمته في التهذيب (17/ 114 - 119).
(8) وَجّ: هو الطائف. معجم البلدان (5/ 416).
4619 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 55 - 57 رقم 859، 860).
(9) لِيَّة: بتشديد الياء، وكسر اللام، من نواحي الطائف. معجم البلدان (5/
35). وتحرفت في المسند إلى: ليلة.
(4/303)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طرف
القرن الأسود حذوها، فاستقبل نَخِبًا (1) ببصره -يعني: واديًا- ووقف حتى
اتفقت الناس كلهم، ثم قال: إن صيد وج وعضاهه حرم محرم للَّه تعالى. وذاك
قبل نزوله الطائف وحصارة ثقيف" (2).
رواه الإمام أحمد (3) د (4) وعنده: "ببصره - وقال مره: واديه" وعنده:
"وحصاره لثقيف".
__________
(1) نَخِبٌ: بالفتح، ثم الكسر، ثم باء موحدة، وهو وادٍ بالطائف، وقال
الأخفش: نخب وادٍ بأرض هذيل، وقيل: واد من الطائف على ساعةً. ورواه
بفتحتين. معجم البلدان (5/ 318).
(2) رواه البخاري في تاريخه الكبير (1/ 140) في ترجمته محمد بن عبد الله بن
إنسان، وقال: ولم يُتابع عليه.
(3) المسند (1/ 165).
(4) سنن أبي داود (2/ 215 - 216 رقم 2032).
(4/304)
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا شيخنا الإمام العالم الحافظ الناقد أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد
ابن أحمد المقدسي -رحمه الله تعالى- فيما أذن لنا في الرواية عنه قال: |