السنن
والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام كتاب الطلاق
5762 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أبغض الحلال إلى الله -عز وجل- الطلاق".
رواه أبو داود (1) وابن ماجه (2).
5763 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا
من خَبَّبَ (3) امرأة على زوجها، أو عبدًا على سيده".
رواه أبو داود (4) والنسائي (5).
5764 - عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة
سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) ق (8) ت (9) وقال: حديث حسن.
__________
5762 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 202 - أ) ونقل عن الدارقطني أنه
اختلف في وصله وإرساله، وأن المرسل أشبه.
(1) سنن أبي داود (2/ 255 رقم 2178) عن محارب بن دثار عن ابن عمر، ورواه
أبو داود (2/ 254 - 255 رقم 2177) عن محارب بن دثار مرسلاً.
(2) سنن ابن ماجه (1/ 650 رقم 2018).
(3) أي: خدعه وأفسده. النهاية (2/ 4).
(4) سنن أبي داود (2/ 254 رقم 2175).
(5) السنن الكبرى (5/ 385 رقم 9214).
(6) المسند (5/ 283).
(7) سنن أبي داود (2/ 268 رقم 2226).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 662 رقم 2055).
(9) جامع الترمذي (3/ 493 رقم 1187).
(5/233)
5765 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة ثم راجعها".
رواه د (1) س (2) ق (3).
5766 - عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال
قوم يلعبون بحدود الله؟ يقول: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك".
رواه ابن ماجه (4).
5767 - عن لقيط بن صبرة قال: "قلت: يا رسول الله، إن لي امرأة فذكر من
(بذائها) (5) قال: طلقها. قلت إن لها صحبة وولدًا. قال: مرها أو قل لها فإن
يكن فيها خير ستفعل، ولا تضرب ظعينتك ضربك أمتك".
رواه الإمام أحمد (6) د (7).
5768 - عن ابن عباس قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:
إن امرأتي لا تمنع يد لامسٍ. قال: غَرِّبها (8) إن شئت. قال: إني أخاف
تتبعها نفسي. قال: استمتع بها" (9).
__________
5765 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 273 - 275 رقم 161 - 165).
(1) سنن أبي داود (2/ 285 رقم 2283).
(2) سنن النسائي (6/ 213 رقم 3562).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 650 رقم 2016).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 650 رقم 2017).
(5) غير واضحة في "الأصل" والمثبت من المسند.
(6) المسند (4/ 211) واللفظ له في حديث.
(7) سنن أبي داود (1/ 35 - 36 رقم 142) مطولًا.
5768 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 173 - 174 رقم 195).
(8) أي: بعدها، يريد الطلاق. النهاية (3/ 349).
(9) سنن النسائي (6/ 169 - 170 رقم 3464)، ورواه أبو داود (2/ 220 رقم
2049) =
(5/234)
وفي لفظٍ (1): "إن رجلاً قال: يا رسول
الله، إن امراتي لا ترد يد لامسٍ. قال: طلقها. قال: إني لا أصبر عنها. قال:
أمسكها".
رواه النسائي، وقال: هذا خطأ، والصواب مرسل.
قيل: أراد به كثرة العطية (2) واللَّه أعلم.
77 - باب في سنة الطلاق
5769 - عن نافع "أن ابن عمر طلق امرأة وهي حائض تطليقة واحدة، فأمره النبي
- صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض عنده حيضة
أخرى، ثم (يمهلها) (3) حتى تطهر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها
حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها
النساء".
رواه البخاري (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5) وعنده: عن ابن عمر "أنه طلق امرأة
له" وعنده: "تطهر من حيضتها" (6) والباقي مثله سواء.
وفي لفظٍ: "كان عبد الله إذا سئل عن ذلك، قال لأحدهم: أما أنت (7)
__________
=أيضاً.
(1) سنن النسائي (6/ 170 رقم 3465).
(2) قال ابن الأثير في النهاية (4/ 270) عن هذا القول: وهذا أشبه، قال
أحمد: لم يكن ليأمره لإمساكها وهي تفجر. قال علي وابن مسعود: إذا جاءكم
الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فظنوا به الذي هو أهدى وأتقى.
(3) في "الأصل": يطلقها. والمثبت من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (9/ 393 رقم 5332).
(5) صحيح مسلم (2/ 1093 رقم 1471).
(6) وهو لفظ البخاري أيضاً.
(7) قال القاضي: قيل: إنه بفتح الهمزة من "أما" أي: إن كنت، فحذفوا الفعل
الذي يلي "إن" وجعلوا "ما" عوضًا من الفعل، وفتحوا "إن"، وادغموا النون في
"ما" وجاءوا=
(5/235)
طلقت امرأتك مرة أو مرتين؛ فإن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا، وإن كنت طلقتها ثلاثاً فقد حرمت عليك حتى
تنكح زوجًا غيرك، وعصيت الله فيما أمرك من طلاق امرأتك".
أخرجاه (1) واللفظ لمسلم، وعند البخاري: "فكان عبد الله إذا سُئل عن ذلك،
قال لأحدهم: إن كنت طلقتها ثلاثًا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك".
وزاد (فيه) (2) غيره عن الليث: حدثني نافع قال ابن عمر: "لو طلقت مرة أو
مرتين فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا".
وقال مسلم (3): جود الليث في قوله: "تطليقة واحدة".
وفي لفظٍ: عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: "طلقت امرأتي وهي
حائض، فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فتغيظ رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - قال: مره فليراجعها، حتى تحيض حيضة (أخرى) (4) مستقبلة
سوى حيضتها التي طلقها فيها، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرًا من
حيضتها قبل أن يمسها (فذلك) (4) الطلاق للعدة كما أمر الله. وكان عبد الله
طلقها (تطليقة واحدة) (4) فحسبت من طلاقها، وراجعها عبد الله كما أمره (5)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
__________
=بأنت مكان العلامة في كنت. شرح مسلم (6/ 254).
(1) البخاري (9/ 393 رقم 5332)، ومسلم (2/ 1093 - 1094 رقم 1471/ 1).
(2) في "الأصل": في. والمثبت من صحيح البخاري، والمراد أن غير قتيبة بن
سعيد -شيخ البخاري فيه- رواه عن الليث بن سعد فزاد فيه هذه الزيادة، والله
أعلم.
(3) صحيح مسلم (2/ 1094).
(4) من صحيح مسلم.
(5) في "الأصل": قال، والمثبت من صحيح مسلم.
(5/236)
رواه البخاري (1) ومسلم (2) -وهذا لفظه-
وعند البخاري: "فتغيظ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " وإلى
قوله: "كما أمر الله".
ولمسلم (3) عن ابن عمر "أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي - صلى
الله عليه وسلم -، فقال: مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا".
وفي لفظٍ لمسلم (4): عن ابن عمر قال: "طلقت امرأتي على عهد رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم
-، فقال: مره فليراجعها، ثم ليدعها حتى تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت
فليطلقها قبل أن يجامعها، أو يمسكها؛ فإنها العدة التي أمر الله أن تطلق
لها النساء".
وفي لفظٍ له (5) أيضًا: قال: قال ابن عمر: فراجعتها وحسبت لها التطليقة
التي طلقتها".
5770 - عن يونس بن جبير قال: "سألت ابن عمر، فقال: طلق ابن عمر امرأته وهي
حائض، فسأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: مره أن يراجعها ثم يطلق
من قبل عدتها. قلت: فتعتد بتلك التطليقة؟ قال: (أرأيت) (6) إن عجز
واستحمق".
كذا خرجه البخاري (7) وعند مسلم (8): "أنه سأل ابن عمر، فحدثه أنه طلق
امرأته تطليقة وهي حائض، (فأمر أن يراجعها. قال: قلت: أفحسبت عليه؟ قال:
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 521 رقم 4908).
(2) صحيح مسلم (2/ 1095 رقم 1471/ 4).
(3) صحيح مسلم (2/ 1095 رقم 1471/ 5).
(4) صحيح مسلم (2/ 1094 رقم 1471/ 2).
(5) صحيح مسلم (2/ 1095 رقم 1471/ 4).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (9/ 394 رقم 5333).
(8) صحيح مسلم (2/ 1095 - 1096 رقم 1471/ 7).
(5/237)
فمه، أو إن عجز واستحمق".
وله (1): "فسأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك) (2) فأمره أن
يراجعها حتى يطلقها طاهرًا من غير جماع وقال: يطلقها في قبل عدتها".
ولمسلم (3): "وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليمسك. قال ابن عمر: وقرأ النبي -
صلى الله عليه وسلم - "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قُبُل
(4) عدتهن" (5).
5771 - عن عكرمة قال: قال ابن عباس: "الطلاق على أربعة أوجه: وجهان حلال
ووجهان حرام، فأما اللذان هما حلال: فأن يطلق الرجل امرأته طاهرًا من غير
جماع، أو يطلقها حاملاً مستبينًا حملها، وأما اللذان هما حرام: فأن يطلقها
حائضًا أو يطلقها عند الجماع، لا يدري أشتمل الرحم على ولد أم لا".
رواه الدارقطني (6).
78 - باب طلاق البتة ونحوه
5772 - عن فاطمة بنت قيس "أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهي (7) غائب،
فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: واللَّه مالك علينا من
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1096 رقم 1471/ 8).
(2) سقطت من "الأصل" فتداخلت الروايتان.
(3) صحيح مسلم (2/ 1098 رقم 1471/ 14).
(4) أي: في إقبالها وأولها، وحين يمكن الدخول في العدة والشروع فيها، فتكون
لها محسوبة، وذلك في حالة الطهر. النهاية (4/ 9).
(5) قال النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 257): هذه قراءة ابن عباس وابن عمر،
وهي شاذة لا تثبت قرآنًا بالإجماع.
(6) سنن الدارقطني (4/ 37 رقم 100).
(7) في صحيح مسلم: وهو.
(5/238)
شيء. فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- فذكرت ذلك له، فقال: ليس لك عليه نفقة. فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك،
ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى
تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني. قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي
سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما أبو
جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن
زيد. فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة. فنكحته، فجعل الله لي فيه خيرًا
واغتبطت".
رواه م (1).
5773 - وروى (2) عن فاطمة بنت قيس "أنه طلقها زوجها في عهد النبي - صلى
الله عليه وسلم -، وكان أنفق عليها نفقة دون، فلما رأت ذلك قالت: واللَّه
لأعلمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن كانت لي نفقة أخذت الذي
يصلحني، وإن لم يكن لي نفقة لم آخذ منه شيئاً. قالت: فذكرت ذلك لرسول الله
- صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا نفقة لك ولا سكنى".
5774 - وروى (3) أيضاً عن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس "أن أبا حفص (4)
بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثًا، ثم انطلق إلى اليمن، فقال لها أهله: ليس
لك (علينا) (5) نفقة. فانطلق خالد بن الوليد في نفر، فأتوا رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - في بيت ميمونة، فقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثاً،
فهل لها من نفقة؟
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1114 رقم 1480/ 36).
(2) صحيح مسلم (2/ 1114 - 1115 رقم 1480/ 37).
(3) صحيح مسلم (2/ 1115 - 1116 رقم 1480/ 38).
(4) في "الأصل": جعفر. والمثبت من صحيح مسلم، وستأتي على الصواب.
(5) من صحيح مسلم.
(5/239)
فقال: ليست لها نفقة وعليها العدة. وأرسل
إليها أن لا تسبقيني بنفسك، وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك، ثم أرسل إليها:
إن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون، فانطلقي إلى ابن (أم) (1) مكتوم
الأعمى فإنه (2) إذا وضعت خمارك لم يرك. فانطلقت إليه، فلما مضت عدتها
أنكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد بن حارثة".
5775 - وروى (3) عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عتبة "أن أبا عمرو بن حفص
بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى اليمن، فأرسل إلى
امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها، وأمر لها الحارث بن
هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة، فقالا لها: واللَّه ما لك نفقة إلا أن
تكوني حاملاً. فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له (قولهما) (4)
فقال: لا نفقة لك. فاستأذنته في الانتقال، فأذن لها. فقالت: أين يا رسول
الله؟ فقال: إلى ابن أم مكتوم. وكان اْعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها، فلما
مضت عدتها أنكحها النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة ابن زيد". فأرسل
إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث، فحدثته به، فقال مروان: لم
نسمع هذا الحديث إلا من امرأة، سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها.
فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان: فبيني وبينكم القرآن. قال الله -عز وجل-:
{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (5) الآية قالت: هذا لمن كانت له
مراجعة، فأي أمرٍ يحدث بعد الثلاث؟ فكيف تقولون لها إذا لم تكن حاملاً؟
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) في صحيح مسلم: فإنك.
(3) صحيح مسلم (2/ 1117 رقم 1480/ 14).
(4) في "الأصل": فراقهما. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) سورة الطلاق، الآية: 1.
(5/240)
فعلى ما تحبسونها؟
قال (أبو) (1) مسعود الدمشقي صاحب "الأطراف": حديث عبيد الله بن عبد الله
بن عتبة بقصة طلاق فاطمة مرسل.
5776 - وروى (2) عن الشعبي قال: "دخلنا على فاطمة بنت قيس، فأتحفتنا برطب
ابن طاب، وسقتنا سويق سلت (3)، فسألتها عن المطلقة ثلاثًا أين تعتد؟ قالت:
طلقني بعلي ثلاثًا، فأذن لي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أعتد في
أهلي".
وروى (4) عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في
المطلقة ثلاثاً قال: "ليس لها سكنى ولا نفقة".
5777 - وروى (5) عن أبي إسحاق قال: "كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في
المسجد الأعظم ومعنا الشعبي، فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفًّا من
حصى فحصبه به، فقال: ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة
نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة لا ندري حفظت أو نسيت، لها السكنى
والنفقة. قال الله
__________
(1) في "الأصل": بن. وهو خطأ، وأبو مسعود الدمشقي هو الحافظ المجود البارع
إبراهيم ابن محمد بن عبيد، مصنف كتاب "أطراف الصحيحين" ترجمته في سير أعلام
النبلاء (17/ 227 - 229).
(2) صحيح مسلم (2/ 1118 رقم 1480/ 43).
(3) معنى أتحفتنا: ضيفتنا، ورطب ابن طاب نوع من الرطب الذي بالمدينة، وأما
السُّلت فبسين مهملة مضمومة ثم لام ساكنة ثم مثناة فوق، وهو حب يتردد بين
الشعير والحنطة. شرح صحيح مسلم (6/ 296).
(4) صحيح مسلم (2/ 1118 رقم 1148/ 44).
(5) صحيح مسلم (2/ 1118 - 1119 رقم 1480/ 46).
(5/241)
عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ
بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ
مُبَيِّنَةٍ} (1) ".
5778 - وروى (2) عن أبي بكر بن الجهم قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: "أرسل
إليَّ زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياش بن أبي ربيعة بطلاقي، وأرسل
معه بخمسة آصع تمر، وخمسة آصع شعير، فقالت: أما لي نفقة إلا هذا، ولا أعتد
في منزلكم؟ (قال: لا. قالت) (3): فشددت عليّ ثيابي وأتيت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، فقال: كم طلقك؟ قلت: ثلاثًا. قال: صدق ليس لك نفقة،
اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم؛ فإنه ضرير البصر تلقي (4) ثيابك عنده،
فإذا انقضت عدتك فآذنيني. فخطبني خطاب منهم معاوية وأبو جهم، فقال النبي -
صلى الله عليه وسلم -: إن معاوية تَرِبٌ (5) خفيف الحال، وأبو الجهم منه
شدة على النساء -أو يضرب النساء، أو نحو هذا- ولكن عليك بأسامة بن زيد.
قالت: فتزوجته فشرفني الله بابن زيد (6) وكرمني الله بابن زيد (6) ". هذه
الألفاظ كلها عند مسلم.
5779 - عن يحيى بن سعيد عن القاسم أن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن
الحكم، فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم، فأرسلت عائشة أم
__________
(1) سورة الطلاق، الآية: 1.
(2) صحيح مسلم (2/ 1119 - 1120 رقم 48/ 1480، 49).
(3) في "الأصل": قالت لا. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخُ: "تلقي" وهي لغة صحيحة، والمشهور
في اللغة: "تلقين" بالنون. شرح صحيح مسلم (6/ 399).
(5) أي فقير النهاية (1/ 185).
(6) في صحيح مسلم المطبوع: "بأبي زيد" في الموضعين، قال النووي في شرح صحيح
مسلم (6/ 299): هكذا هو في بعض النسخ بأبي زيد في الموضعين، على أنه كنية،
وفي بعضها "بابن زيد" بالنون في الموضعين، وادعى القاضي أنها رواية
الأكثرين، وكلاهما صحيح، هو أسامة بن زيد وكنيته أبو زيد، ويقال: أبو محمد.
(5/242)
المؤمنين إلى مروان -وهو أمير المدينة- اتق
الله، وارددها إلى بيتها. قال: قال مروان في حديث سليمان بن يسار: إن عبد
الرحمن بن الحكم غلبني. وقال القاسم بن محمد: أو ما بلغك شأن فاطمة بنت
قيس؟ قالت: لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة. فقال مروان: إن كان بك شر فحسبك
ما بين هذين من الشر (1) ".
رواه البخاري (2) وعند مسلم (3) عن عروة قال: "تزوج يحيى بن سعيد بن العاص
بنت عبد الرحمن بن الحكم، فطلقها فأخرجها من عنده، فعاب ذلك عليهم عروة،
فقالوا: إن فاطمة قد خرجت. قال عروة: فأتيت عائشة فأخبرتها (بذلك) (4)
فقالت: ما لفاطمة بنت قيس خير أن تذكر هذا الحديث".
5780 - عن (عبد الرحمن بن القاسم) (5) عن أبيه قال عروة لعائشة: "ألم تر
إلى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت؟ فقالت: بئس ما صنعت. قال:
ألم تسمعي إلى قول فاطمة، قالت: أما إنه ليس لها خير في ذكر هذا الحديث".
رواه البخاري (6) ومسلم (7) وعنده: "ليس لها خير في ذكر ذلك" (8).
قال البخاري: وزاد ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة:
__________
(1) أي: إن كان عندك أن سبب خروج فاطمة ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من
الشر فهذا السبب موجود، ولذلك قال: "فحسبك ما بين هذين من الشر" وهذا مصير
من مروان إلى الرجوع عن رد خبر فاطمة. فتح الباري (9/ 388).
(2) صحيح البخاري (9/ 387 رقم 5321، 5322).
(3) صحيح مسلم (2/ 1120 رقم 1481/ 52).
(4) من صحيح مسلم.
(5) في "الأصل": القاسم بن عبد الرحمن. والمثبت من الصحيحين.
(6) صحيح البخاري (9/ 387 رقم 5325، 5326).
(7) صحيح مسلم (2/ 1121 رقم 1481).
(8) في صحيح مسلم: "أما إنه لا خير لها في ذكر ذلك".
(5/243)
"عابت عائشة أشد العيب، وقالت: إن فاطمة
كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها، فلذلك أرخص النبي - صلى الله عليه وسلم
- لها". رواه البخاري (1) تعليقًا.
5781 - وعن القاسم عن عائشة أنها قالت: "ما لفاطمة خير أن تذكر هذا -تعني:
قولها لا سكنى ولا نفقة" (2).
5782 - عن عروة عن فاطمة بنت قيس قالت: "قلت: يا رسول الله، زوجي طلقني ثلا
ثًا، وأخاف أن يُقتحم عليَّ. قال: فأمرها فتحولت".
رواه مسلم (3).
5783 - عن نافع بن عجير بن عبد يزيد بن ركانة "أن ركانة بن عبد يزيد طلق
امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وقال:
واللَّه ما أردت بها إلا واحدة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما
أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: واللَّه ما أردت إلا واحدة. فردها إليه رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان
عثمان".
رواه د (4) وفي لفظٍ (5): عن نافع بن عجير، عن ركانة بن عبد يزيد عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث.
5784 - عن ركانة "أنه طلق امرأته البتة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -، فقال: ما أردت؟ قال: واحدة. قال: آلله؟ قال: اللَّه. قال: هو (على)
(6) ما أردت".
__________
(1) صحيح البخاري (9/ 387) كتاب الطلاق، باب قصة فاطمة بنت قيس.
(2) صحيح مسلم (2/ 1112 رقم 1481/ 54).
(3) صحيح مسلم (2/ 1121 رقم 1482).
(4) سنن أبي داود (2/ 263 رقم 2206).
(5) سنن أبي داود (2/ 263 رقم 2207).
(6) من سنن أبي داود.
(5/244)
رواه د (1) -وهذا لفظه- ق (2) وعنده:
"فقال: ما أردت بها؟ قال: واحدة. قال: آللَّه ما أردت بها إلا واحدة؟ قال:
الله ما أردت بها إلا واحدة. قال: فردها عليه". ورواه ت (3) "قلت: يا رسول
الله، إني طلقت امرأتي البتة. فقال: ما أردت بها؟ قلت: واحدة. قال:
واللَّه؟ قلت: واللَّه. قال: فهو ما أردت". وقال: لا نعرفه إلا من هذا
الوجه.
قال د: وهذا أصح من حديث ابن جريج "أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا".
وقال ابن ماجه: سمعت أبا الحسن علي بن محمد الطنافسي يقول: ما أشرف هذا
الحديث. قال ابن ماجه: أبو عبيد تركه ناجية، وأحمد جَبُنَ عنه.
5785 - عن محمود بن (لبيد) (4) قال: "أُخبر (5) رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبانًا ثم قال: أيلعب
بكتاب الله -عز وجل- وأنا بين أظهركم. حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، ألا
أقتله".
رواه س (6).
5786 - عن عائشة "أن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن رفاعة طلقني فبتَّ طلاقي، وإني نكحت
بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهُدْبَة (7). قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 263 - 264 رقم 2208).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 661 رقم 2051).
(3) جامع الترمذي (3/ 480 - 481 رقم 1177).
(4) في "الأصل": أسيد. والمثبت من سنن النسائي، وهو محمود بني لبيد بن عقبة
بن رافع، ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. ترجمته في التهذيب
(27/ 309 - 311).
(5) في "الأصل": أخبرني. والمثبت من سنن النسائي.
(6) سنن النسائي (6/ 142 - 143 رقم 3401).
(7) أرادت متاعه، وأنه رخو مثل طرف الثوب؛ لا يغني عنها شيئاً. النهاية (5/
249).
(5/245)
لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى
يذوق عُسيلتك (1) وتذوقى عُسيلته".
رواه خ (2) م (3).
5787 - وعن عائشة "أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً، فتزوجتْ فطَلَّقَ، فسئل
النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتحل للأول؟ قال: لا، حتى يذوق عسيلتها كما
ذاق الأول".
أخرجاه (4) أيضًا.
5788 - عن مجاهد قال: "كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته
ثلاثًا. قال: فسكت حتى ظننت أنه رادّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب
الحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس، وإن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (5) وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجاً، عصيت
ربك وبانت منك امرأتك، وإن الله قال: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء
فطلقوهن في قُبُل عدتهن" (6).
رواه أبو داود (7) والدارقطني (8) بنحوه، وزاد: "طاهرًا من غير جماع".
__________
(1) بضم العين، تصغير عسل، هي كناية عن لذة الجماع، وأنث العسل في تصغيره
وهو مذكر كأنه أراد قطعة منه، وقيل: بل أنث على معنى النطفة، وقيل: إن
العسل يؤنث أيضًا ويذكر. مشارق الأنوار (2/ 101).
(2) صحيح البخاري (9/ 274 رقم 5260) واللفظ له.
(3) صحيح مسلم (2/ 1055 - 1057 رقم 1433).
(4) البخاري (9/ 274 رقم 5261)، ومسلم (2/ 1057 رقم 1433/ 115).
5788 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 72 - 74 رقم 113 - 116).
(5) سورة الطلاق، الآية: 2.
(6) تقدم قريباً أن النووي قال: هذه قراءة ابن عباس وابن عمر، وهي شاذة لا
تثبت قرآنًا بالإجماع. شرح صحيح مسلم (6/ 257). ووقع في "الأصل": "يا أيها
الذين آمنوا".
(7) سنن أبي داود (2/ 260 رقم 2197).
(8) سنن الدارقطني (13/ 4 - 14 رقم 38).
(5/246)
قال سيف -الراوي عن مجاهد-: وليس "طاهرًا
من غير جماع" في التلاوة، ولكنه تفسير.
5789 - وله (1) عن ابن عباس "أنه سئل عن رجل طلق (امرأته مائة) (2) قال:
عصيت ربك وفارقت امرأتك، لم تتق الله فيجعل لك مخرجًا".
5790 - عن إسماعيل بن سميع الحنفي عن أنس بن مالك قال: "قال رجل للنبي -
صلى الله عليه وسلم - إني أسمع الله يقول: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) (3)
فأين الثالثة؟ (قال: (إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)
هي الثالثة") (4).
كذا قال (عن) (4) أنس، والصواب عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين مرسل، عن
النبي - صلى الله عليه وسلم -.
رواه الدارقطني (5).
5791 - وروى (6) عن قتادة، عن أنس "أن رجلاً قال: يا رسول الله، أليس قال
الله: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) فلم صار ثلاثاً؟ قال: إمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان" (7).
__________
(1) سنن الدارقطني (4/ 13 رقم 37).
(2) في "الأصل": امرأة. والمثبت من سنن الدارقطني.
(3) سورة البقرة، الآية: 229.
(4) من سنن الدارقطني.
(5) سنن الدارقطني (4/ 4 رقم 2).
5791 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 107 - 106 رقم 2522، 2523).
(6) سنن الدارقطني (4/ 3 - 4 رقم 1).
(7) قال البيهقي في سننه (7/ 340): ورُوي عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه-
وليس بشيء.
(5/247)
5792 - عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس "أن
رجلاً طلق امرأته ألفًا، قال: يكفيك من ذلك ثلاث، وتدع تسعمائة وسبع
وتسعين".
رواه الدارقطني (1).
وروى (2) عن سعيد بن جبير قال: جاء (رجل) (3) إلى ابن عباس فقال: إني طلقت
امرأتي ألفًا. فقال: أما ثلاث فتحرم عليك امرأتك، وبقيتهن وزرًا؛ اتخذت
آيات الله هزوًا".
وروى (4) عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس "أنه سُئل عن رجل طلق امرأته عدد
النجوم، قال: أخطأ السنة، وحرمت عليه امرأته".
5793 - عن الحسن قال: ثنا عبد الله بن عمر "أنه طلق امرأته (تطليقة) (3)
وهي حائض ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين (5) عند القرءين، فبلغ ذلك
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا ابن عمر، ما هكذا أمرك الله
-تعالى- إنك قد أخطأت السنة، والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق (لكل قرء. قال:
فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراجعتها، ثم قال: إذا هي طهرت
فطلق) (3) عند ذلك أو أمسك. فقلت: يا رسول الله، أرأيت لو طلقتها ثلاثاً
كان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا، كانت تبين منك، وتكون معصية" (6).
__________
(1) سنن الدارقطني (4/ 12 رقم 35).
(2) سنن الدارقطني (4/ 13 - 14 رقم 28).
(3) من سنن الدارقطني.
(4) سنن الدارقطني (4/ 21 رقم 57).
(5) في سنن الدارقطني: أخروين.
(6) أعله البيهقي بعطاء الخراساني، وقال: إنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم
يُتابع عليها، وهو ضعيف في الحديث، لا يُقبل ما تفرد به. نصب الراية (3/
220).
(5/248)
رواه الدارقطني (1).
79 - باب
5794 - عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: "كان الطلاق على عهد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث
واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيه
أَناة (2)، فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم". رواه مسلم (3).
وروى (4) عن طاوس "أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث
تجعل واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وثلاثًا من
إمارة عمر؟ فقال ابن عباس: نعم".
وروى (5) عن طاوس "أن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك (6)، ألم
يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر
(واحدة؟ فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتايع (7) الناس في الطلاق؛
فأجازه عمر (8) ".
__________
(1) سنن الدارقطني (4/ 31 رقم 84).
(2) بفتح الهمزة، أي: مهلة وبقية استمتاع لانتظار المراجعة. شرح صحيح مسلم
(6/ 261).
(3) صحيح مسلم (2/ 1099 رقم 1472/ 15).
(4) صحيح مسلم (2/ 1099 رقم 1472/ 16).
(5) صحيح مسلم (2/ 1099 رقم 1472/ 17).
(6) المراد بهناتك أخبارك وأمورك المستغربة، والله أعلم. شرح صحيح مسلم (6/
261).
(7) هو بياء مثناة من تحت بين الألف والعين هذه رواية الجمهور، وضبطه بعضهم
بالموحدة وهما بمعنى، ومعناه أكثروا منه وأسرعوا إليه، لكن بالمثناة إنما
يستعمل في الشر، وبالموحدة يستعمل في الخير والشر؛ فالمثناة هنا أجود. شرح
صحيح مسلم (6/ 261).
(8) من صحيح مسلم.
(5/249)
لأبي داود (1) عن طاوس "أن رجلاً يقال له:
أبو الصهباء وكان كثير السؤال لابن عباس، قال: أما علمت أن الرجل كان إذا
طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر؟ (قال ابن عباس: بلى كان
الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر) (2) فلما رأى
الناس قد تتابعوا فيها، قال: أجيزهن عليهم".
روي عن الإمام أحمد (3) قال: كل أصحاب ابن عباس رووا عنه خلاف ما قال طاوس
(4): سعيد بن جبير ومجاهد ونافع، عن ابن عباس بخلافه.
وقال (أبو داود) (5): رواه حميد الأعرج وغيره، عن مجاهد، عن ابن عباس.
ورواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. (وأيوب وابن
جريج جميعًا، عن عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس) (6) وابن
جريج عن عبد الحميد بن رافع، عن عطاء، عن ابن عباس. ورواه الأعمش، عن مالك
بن الحارث، عن ابن عباس. وابن جريج، عن عَمْرو بن دينار، عن ابن عباس كلهم
قالوا في الطلاق الثلاث: أنه أجازها قال: "وبانت منك". قال أبو داود: وروى
حماد بن زيد عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس "إذا قال: أنت طالق ثلاثاً
بفمٍ واحدٍ فهي واحدة". ورواه إسماعيل بن
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 261 رقم 2199).
(2) من سنن أبي داود.
(3) نقله عنه المجد ابن تيمية في المنتقى (3/ 603 - 604).
(4) زاد بعدها في "الأصل": "وهي زيادة مقحمة.
(5) في "الأصل": ابن عباس. والمثبت هو الصواب، وكلام أبي داود هذا في سننه
(2/ 260).
(6) سنن أبي داود.
(5/250)
إبراهيم، عن أيوب، عن عكرمة هذا قوله، ولم
يذكر ابن عباس، وجعله من قول عكرمة. وصار قول ابن عباس فيما ثنا (1) أحمد
بن صالح، ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
ومحمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان، عن محمد بن إياس "أن ابن عباس وأبا هريرة
وعبد الله بن عَمْرو بن العاص سُئلوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاًّثاً،
فكلهم قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره".
قال أبو داود: وروي عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن معاوية
بن أبي عياش "أنه شهد هذه القصة حين جاء محمد بن إياس ابن البكير إلى ابن
الزبير وعاصم بن عُمَر (2) فسألهما عن ذلك، فقالا: اذهب إلى ابن عباس وأبي
هريرة. فإني تركتهما عند عائشة ... " ثم ساق هذا الخبر.
80 - باب أمرك بيدك وغيره
5795 - عن حماد بن زيد قال: "قلت لأيوب: هل علمت أحدًا قال في أمرك بيدك
أنها ثلاث غير الحسن؟ قال: لا، ثم قال: اللَّهم غفراً، إلا ما حدثني قتادة،
عن كثير مولى ابن سمرة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: ثلاث. فلقيت كثيراً فسألته فلم يعرفه، فرجعت إلى قتادة
فأخبرته فقال: نسي".
رواه د (3) س (4) -وهذا لفظه- وقال: هذا حديث منكر. ورواه ت (5)
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 260 - 261 رقم 2198).
(2) في "الأصل": عمرو. والمثبت من سنن أبي داود.
(3) سنن أبي داود (2/ 262 - 263 رقم 2204).
(4) سنن النسائي (6/ 147 رقم 3410).
(5) جامع الترمذي (3/ 481 - 482 رقم 1178)، وقال الترمذي: وسألت محمدًا
-يعني: البخاري- عن هذا الحديث، فقال: حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد
بهذا،=
(5/251)
وقال: لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب،
عن حماد بن زيد.
5796 - وروي عن علي -رضي الله عنه- قال: "الخلية والبرية والبتة والبائن
والحرام ثلاثاً، لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره".
رواه الدارقطني (1).
5797 - عن زرارة بن ربيعة (عن أبيه) (2) عن عثمان "في أمرك بيدك: القضاء ما
قضت". رواه خ في التاريخ (3).
5798 - وعن ابن عمر "أنه قال في الخلية والبرية: ثلاثاً ثلاثًا".
رواه الشافعي (4).
81 - باب في طلاق الهازل والمكره والسكران
والناسي والمعتوه
5799 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاث جدهن
جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) ق (7) ت (8) وقال: حديث حسن غريب.
__________
=وإنما هو عن أبي هريرة موقوفًا، ولم يعرف حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(1) سنن الدارقطني (4/ 32 رقم 86).
(2) من التاريخ الكبير.
(3) التاريخ الكبير (3/ 285).
(4) مسند الشافعي (ص 230).
(5) لم أقف عليه في المسند، وقد عزاه للإمام أحمد جماعة، منهم المجد ابن
تيمية في المنتقى (3/ 604) وابن كثير في إرشاد الفقيه (2/ 198)، وابن حجر
في التلخيص (3/ 424).
(6) سنن أبي داود (2/ 259 رقم 2194).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 657 - 658 رقم 2039).
(8) جامع الترمذي (3/ 490 رقم 1184).
(5/252)
5800 - عن عائشة قالت: سمعت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا طلاق ولا عتاق في غلاق".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2) د (3) -وهذا لفظه- وقال: الغلاق أظنه في الغضب
(4).
5801 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله وضع عن
أمتي (الخطأ) (5) والنسيان وما استكرهوا عليه" (6).
رواه ق (7).
5802 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله
تجاوز لأمتي ما توسوس به صدورها ما لم تعمل به أو تكلم به، وما استكرهوا
عليه".
رواه البخاري (8) ومسلم (9) حديث أبي هريرة بنحوه إلى قوله: "تكلم به"،
__________
(1) المسند (6/ 276).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 659 - 660 رقم 2046).
(3) سنن أبي داود (2/ 258 - 259 رقم 2193).
(4) قال القاضي عياض: قوله: "لا طلاق في إغلاق" قال ابن قتيبة: هو الإكراه
عليه، وهو من أغلقت الباب، وإلى هذا ذهب مالك، وقيل: الإغلاق هنا الغضب،
وإليه ذهب أهل العراق، وقيل: معناه النهي عن إيقاع الثلاث بمرة؛ فهو نهي عن
فعله لا نفي لحكمه إذا وقع، لكن ليطلق للسنة كما أمر. مشارق الأنوار (2/
134). وانظر فتح الباري (9/ 301) ورسالة العلامة ابن القيم "إغاثة اللهفان
في حكم طلاق الغضبان".
5801 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 182 - 184 رقم 169 - 171، 11/ 200 -
201 رقم 190).
(5) في "الأصل": الغضب. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(6) أجاد الحافظ ابن رجب -رحمه الله- جمع طرق هذا الحديث وبيان عللها في
جامع العلوم والحكم (2/ 361 - 365).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 659 رقم 2045).
(8) صحيح البخاري (5/ 190 رقم 2528).
(9) صحيح مسلم (1/ 116 - 117 رقم 127/ 202).
(5/253)
زاد ابن ماجه (1): "وما استكرهوا عليه"
(2).
5802م- قال عثمان: "ليس لمجنون ولا لسكران طلاق".
وقال ابن عباس: "طلاق السكران والمستكره ليس بجائز".
وقال عقبة بن عامر: "لا يجوز طلاق الموسوس".
وقال علي -رضي الله عنه-: "ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاث: عن المجنون حتى
يفيق، وعن الفتى حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ".
وقال علي: "كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه".
ذكر البخاري (3) هذه الأقوال بغير إسناد.
5803 - عن جابر "أن رجلاً من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم -وهو في
المسجد- فقال: إنه قد زنى (فأعرض عنه) (4) فتنحى لشقه الذي أعرض، فشهد على
نفسه أربعًا (5)، فدعاه فقال: هل بك جنون؟ هل أحصنت؟ قال: نعم. فأمر به أن
يرجم بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة جمز (6) حتى أدرك بالحرة فقتل".
رواه خ (7).
5804 - وأخرج هو (8) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة "في الرجل الذي أتى
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 659 رقم 2044).
(2) تكلم العلماء في هذه الزيادة، انظر جامع العلوم والحكم (2/ 365)، وفتح
الباري (5/ 192).
(3) صحيح البخاري (9/ 300) كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره.
(4) من صحيح البخاري.
(5) في صحيح البخاري: أربع شهادات.
(6) أي: أسرع هاربًا من القتل، قال: جَمَز يَجْمِز جَمْزًا. النهاية (1/
294).
(7) صحيح البخاري (9/ 300 - 301 رقم 5270).
(8) صحيح البخاري (9/ 301 رقم 5271).
(9) صحيح مسلم (3/ 1318 رقم 1691).
(5/254)
النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر على
نفسه بالزنى، هل بك جنون؟ فقال: لا"- وقال مسلم: "أبك جنون؟ قال: لا".
5805 - وعند مسلم (1) من حديث بريدة "جاء ماعز بن مالك إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، طهِّرني. فقال: ويحك، ارجع فاستغفر
الله وتب إليه"، وفيه: "حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: فيم أطهرك؟ فقال: من الزنى. فسأل رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرًا؟ فقام رجل
فاستنكهه فلم يجد به ريح خمر، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
زنيت؟ فقال: نعم. فأمر به فرجم".
5806 - عن ابن عباس "أن عمر -رضي الله عنه- أتي بمجنونةٍ قد زنت -وفي لفظٍ:
أتي عمر بامرأةٍ قد فجرت- فأمر برجمها، فمر علي -رضي الله عنه- فأخذها فخلى
سبيلها، فأخبر عمر قال: ادعوا عليًّا. فجاء علي، فقال: يا أمير المؤمنين،
لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: رفع القلم عن ثلاث: عن
الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يبرأ. وإن هذه
معتوهة بني فلان لعل (الذي أتاها أتاها) (2) وهي في بلائها. قال: فقال.
عمر: لا أدري. فقال علي: وأنا لا أدري".
كذا رواه د (3) س (4) وابن خزيمة .........................
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1321 رقم 1695).
5806 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 228 - 229 رقم 607، 608).
(2) تحرفت في "الأصل" والمثبت من سنن أبي داود.
(3) سنن أبي داود (4/ 140 رقم 4399 - 4401) ورواه أبو داود (4/ 140 - 141
رقم 4402) عن أبي ظبيان عن علي، ليس فيه ابن عباس، واللفظ الذي هنا لفظ هذه
الرواية.
(4) السنن الكبرى (4/ 323 رقم 7343).
(5/255)
في صحيحه (1) وابن حبان (2) بنحوه.
5807 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن
ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل
-أو يفيق".
رواه د (3) س (4) ق (5) واللفظ له.
5808 - عن قدامة بن إبراهيم "أن رجلاً على عهد عمر تدلى يشتار (6) عسلاً،
فأقبلت امرأته فجلست على الحبل، فقالت ليطلقنها ثلاثاً، وإلا قطعت الحبل،
فذَّكَرها الله والإسلام، فأبت، فطلقها ثلاثاً، ثم خرج إلى عمر، فذكر ذلك
له، فقال: ارجع إلى أهلك فليس بطلاق".
رواه سعيد بن منصور (7).
82 - باب في سنة طلاق العبد
5809 - عن عمرو بن معتب أن أبا الحسن مولى بني نوفل أخبره "أنه استفتى ابن
عباس في مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين، ثم عُتقا بعد ذلك، هل
يصلح له أن يخطبها؟ قال: نعم، قضى بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
__________
(1) صحيح ابن خزيمة (2/ 102 رقم 1003، 4/ 348 رقم 3048).
(2) الإحسان (1/ 356 رقم 143).
(3) سنن أبي داود (4/ 139 - 140 رقم 4398).
(4) سنن النسائي (6/ 156 رقم 3432).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 658 رقم 2041).
(6) قال أبو عبيد: معنى يشتار: يجتني. مسند الفاروق (1/ 416).
(7) سنن سعيد بن منصور (1/ 274 - 275 رقم 1128).
(5/256)
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3) د (4)
وزاد: "بقيت لك واحدة، قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
قال عبد الرزاق: قال عبد الله بن المبارك: لقد تحمل أبو الحسن هذا صخرة
عظيمة على عنقه.
رواه س (2) ق (3) د (4).
5810 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "طلاق الأمة
تطليقتان وقرؤها حيضتان".
رواه ق (5) ت (6) والدارقطني (7) وقال الترمذي: حديث غريب. د (8) وقال: هو
حديث مجهول. وروى الدارقطني (9) من رواية أبي عاصم، قال: ليس بالبصرة حديث
أنكر من حديث مظاهر هذا. قال النيسابوري -و (هو) (10) أبو بكر عبد الله -:
والصحيح عن القاسم بخلاف هذا. ورواه (11) عن القاسم قوله، قال:
__________
(1) المسند (1/ 229).
(2) سنن النسائي (6/ 155 رقم 3428).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 673 رقم 2082).
(4) سنن أبي داود (2/ 257 رقم 2187، 2188).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 672 رقم 2080).
(6) جامع الترمذي (3/ 488 رقم 1182).
(7) سنن الدارقطني (4/ 39 رقم 113).
(8) سنن أبي داود (2/ 257 - 258 رقم 2189).
(9) سنن الدارقطني (4/ 40 رقم 114).
(10) ليست في "الأصل" وأبو بكر النيسابوري هو عبد الله بن محمد بن زياد،
الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام، ترجمته في السير (15/ 65 - 68).
(11) سنن الدارقطني (4/ 40 رقم 115).
(5/257)
فقيل له: أبلغك عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - في هذا؟ فقال: لا.
5811 - عن ابن عباس قال: "أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: يا
رسول الله، سيدي زوجني أمته، وهو يريد أن يفرق بيني وبينها. قال: فصعد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر، فقال: يا أيها الناس، ما بال أحدكم
يزوج عبده أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق".
رواه ق (1) -وهذا لفظه- من رواية ابن لهيعة، والدارقطني (2) من غير رواية
ابن لهيعة.
5812 - عن عصمة بن مالك قال: "جاء مملوك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -،
فقال: إن مولاي زوجني، وهو يريد أن يفرق بيني وبين امرأتي. قال: فصعد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - (المنبر) (3) فقال: يا أيها الناس، إنما
الطلاق لمن أخذ بالساق" (4).
رواه الدارقطني (5).
5813 - وروى (6) عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - "طلاق الأمة اثنتان وعدتها حيضتان" (7).
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 672 رقم 2081).
(2) جامع الترمذي (4/ 37 رقم 101).
(3) من سنن الدارقطني.
(4) قال ابن حجر في التلخيص (3/ 441): وإسناده ضعيف.
(5) سنن الدارقطني (4/ 37 - 38 رقم 103).
(6) سنن الدارقطني (4/ 38 رقم 104، 105) من طريق عطية العوفي عن ابن عمر،
وقال الدارقطني عنه: منكر غير ثابت من وجهين: أحدهما أن عطية ضعيف، وسالم
ونافع أثبت منه وأصح رواية. والوجه الآخر: أن عمر بن شبيب ضعيف الحديث، لا
يحتج بروايته، والله أعلم.
(7) رواه ابن ماجه (1/ 671 - 672 رقم 2079) من هذا الطريق أيضًا.
(5/258)
وقال: تفرد به عمر بن شبيب مرفوعًا، وكان
ضعيفًا، والصحيح عن ابن عمر ما رواه سالم ونافع -عن قوله (1).
83 - باب الطلاق قبل النكاح
5814 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا
طلاق له فيما لا يملك".
رواه الإمام أحمد (2) ت (3) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن (4)، وهو أحسن شيء
روي في هذا الباب.
وروى أبو داود (5) "لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع
إلا فيما تملك، ولا وفاء لنذر إلا فيما تملك".
وروى ق (6) قال: "لا طلاق فيما لا تملك".
5815 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "لا طلاق قبل نكاح".
رواه ق (7) من رواية جويبر عن الضحاك، وجويبر (8) ضعفه غير واحد من
__________
(1) في سنن الدارقطني: عنه من قوله.
(2) المسند (2/ 190).
(3) جامع الترمذي (3/ 486 رقم 1181).
(4) كذا في عارضة الأحوذي (5/ 148) وتحفة الأشراف (6/ 319 رقم 8721) ووقع
في جامع الترمذي وتحفة الأحوذي (4/ 355، 356): حسن صحيح.
(5) سنن أبي داود (2/ 258 رقم 2190).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 660 رقم 2047).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 660 رقم 2049).
(8) ترجمته في التهذيب (5/ 167 - 171).
(5/259)
الأئمة.
5816 - عن المسور بن مخرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا طلاق
قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك".
رواه ق (1).
84 - باب تخيير (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - أزواجه
5817 - عن عائشة قالت: "لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير
أزواجه بدأ بي، فقال: إني ذاكر لك أمرًا، فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري
أبويك. قالت: قد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: إن
الله -عز وجل- قال لي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ
كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ
أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ
تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ
أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} (3) قالت: فقلت في أي
هذا أستأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلما فعلت".
رواه خ (4) م (5) وهذا لفظه.
5818 - وعن عائشة قالت: "خيَّرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترنا
الله ورسوله، فلم يَعُدّ ذلك علينا شيئًا".
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 660 رقم 2048).
(2) زاد بعدها في "الأصل": أزواج. وهي زيادة مقحمة، والله أعلم.
(3) سورة الأحزاب، الآيتان: 28، 29.
(4) صحيح البخاري (8/ 380 رقم 4786).
(5) صحيح مسلم (2/ 1103 رقم 1475).
(5/260)
رواه خ (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).
5819 - وعن مسروق قال: "سألت عائشة عن الخيرة، فقالت: خيرنا النبي - صلى
الله عليه وسلم -، وكان (3) طلاقًا قال مسروق: لا أبالي خيرتها واحدة أو
مائة بعد أن تختارني".
أخرجاه (4) أيضًا -وهذا لفظ البخاري- وعند مسلم: عن مسروق "ما أبالي خيرت
امرأتي واحدة أو مائة أو ألفًا بعد أن تختارني، ولقد سألت عائشة فقالت: قد
خيرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفكان طلاقًا؟ ".
5820 - عن جابر بن عبد الله قال: "دخل أبو بكر -رضي الله عنه- يستأذن على
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يؤذن لأحدٍ
منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي -
صلى الله عليه وسلم - جالسًا حوله نساؤه، واجمًا (5) ساكتًا، قال: فقال:
لأقولن شيئًا أضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: يا رسول الله، لو
رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجات (6) عنقها. فضحك رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -، وقال: هن حولي كما ترى، يسألنني النفقة. فقام أبو
بكر -رضي الله عنه- إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها،
كلاهما يقول: تسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عنده. قلن:
واللَّه لا
__________
(1) صحيح البخاري (9/ 280 رقم 5262).
(2) صحيح مسلم (2/ 1103 - 1104 رقم 1477).
(3) في صحيح البخاري: أفكان.
(4) البخاري (9/ 280 رقم 5263)، ومسلم (2/ 1104 رقم 1477/ 25).
(5) أي: مهتمًّا، والواجم: الذي أسكته الهم وعلته الكآبة، وقد وَجَمَ يَجِم
وُجُومًا، وقيل: الوجوم: الحزن. النهاية (5/ 157).
(6) هو بالجيم والهمزة، يقال: وجأ يجأ: إذا طعن. شرح صحيح مسلم (6/ 271 -
272).
(5/261)
نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
شيئًا أبدًا (1) ليس عنده. ثم اعتزلهن شهرًا -أو تسعًا وعشرين- ثم نزلت هذه
الآية (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) حتى بلغ
(لِلْمحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) (2) قال: فبدأ بعائشة فقال: يا
عائشة، إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري
أبويك. قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت: يا رسول الله،
أستشير أبوي! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة
من نسائك بالذي قلت. (قال) (3): لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله
لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنِّتًا (4)، ولكن بعئني معلمًا ميسرًا".
رواه مسلم (5).
85 - باب القول الحقي بأهلك
5821 - عن عائشة: "أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - ودنا منها، قالت: أعوذ باللَّه منك. فقال لها: لقد عذت بعظيم، الحقي
بأهلك".
رواه البخاري (6).
5822 - عن أبي أسيد قال: "خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى
انطلقنا إلى حائط
__________
(1) زاد بعدها في "الأصل": ما.
(2) سورة الأحزاب، الآيتان: 28، 29.
(3) من صحيح مسلم.
(4) العنَت -بفتح النون- أصله الهلاك والضرر ودخول المشقة، وقوله: "إن الله
لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا" أي: أضيق على الناس وأدخل عليهم المشقة،
وتكراره بين اللفظين -والله أعلم- أي: لم يأمرني بذلك ولا أتكلفه من قبل
نفسي. مشارق الأنوار (2/ 92).
(5) صحيح مسلم (2/ 1104 - 1105 رقم 1478).
(6) صحيح البخاري (9/ 268 رقم 5254).
(5/262)
-يقال له: الشَّوْط (1) - حتى انتهينا إلى
حائطين جلسنا بينهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اجلسوا ها هنا.
ودخل وقد أُتي بالجونية، فأنزلت في بيتٍ في نخلٍ -في بيت- أميمة بنت
النعمان بن شراحبيل ومعها دايتها (2)، حاضنة لها -فلما دخل عليها النبي -
صلى الله عليه وسلم -، قال: هبي نفسك لي. قالت: وهل الملكة تهب نفسها
لسُوقة (3)؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، قالت: أعوذ باللَّه منك.
فقال: قد عذت بمَعاذٍ (4). ثم خرج علينا، فقال: يا أبا أسيد، اكسها رازقيين
(5) وألحقها بأهلها".
رواه خ (6).
وفي لفظٍ له (7) عن سهل بن سعد وأبي أسيد قالا: "تزوج النبي - صلى الله
عليه وسلم - أميمة بنت شراحبيل، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها
كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين".
__________
(1) بفتح المعجمة، وسكون الواو، بعدها مهملة، وقيل: معجمة، هو بستان في
المدينة معروف. فتح الباري (9/ 270).
(2) الداية -بالتحتانية- الظئر المرضع، وقيل: الداية: المرأة التي تولد
الأولاد، وهي القابلة، وهو لفظ معرب. فتح الباري (9/ 271) وإرشاد الساري
(8/ 131).
(3) السُّوقة من الناس: الرعية ومن دون الملك، وكثير من الناس يظنون أن
السوقة أهل السواق. النهاية (2/ 424).
(4) بفتح الميم، أي: بالذي يستعاذ به، والتنوين فيه للتعظيم. فتح الباري
(9/ 272)، وإرشاد الساري (8/ 31).
(5) براء ثم زاي ثم قاف، بالتثنية، صفة موصوف محذوف للعلم به، والرازقية:
ثياب من كتان بيض طوال، قاله أبو عبيدة. فتح الباري (9/ 272).
(6) صحيح البخاري (9/ 268 - 269 رقم 5255).
(7) صحيح البخاري (9/ 269 رقم 5256، 5257).
(5/263)
5823 - عن عائشة: "أن عمرة بنت الجون (1)
تعوَّذت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أدخلت عليه، فقال: لقد
عذت بمعاذ. فطلقها، وأمر أسامة -أو أنسًا- يمتعها بثلاثة أثواب رازقية"
(2).
رواه ق (3).
86 - باب أن قول الحقي بأهلك إِن لم يرد به الطلاق لم يلزمه طلاق
5824 - في حديث كعب بن مالك وتخلفه "لما انقضت أربعون من الخمسين واستلبث
(4) الوحي، إذا (رسول) (5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيني، فقال:
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال: فقلت:
أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: بل اعتزلها فلا تقربنها (6). قال: فقلت لامرأتي:
الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله (في هذا) (7) الأمر".
أخرجاه في الصحيحين (8).
__________
(1) تشبه أن تكون في "الأصل": الحرث. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(2) قال ابن حجر في التخليص (3/ 392): وفيه عبيد بن القاسم وهو واهٍ.
(3) سنن ابن ماجه (1/ 657 رقم 2037).
(4) هو استفعل من اللَّبْث: الإبطاء والتأخير. النهاية (4/ 224).
(5) من الصحيحين.
(6) في الصحيحين بعدها: "قال: وأرسل إلى صاحبَي مثل ذلك" واللفظ للبخاري.
(7) في "الأصل": بهذا. والمثبت من الصحيحين.
(8) البخاري (7/ 717 - 719 رقم 4418)، ومسلم (4/ 2120 - 2128 رقم 2769).
(5/264)
87 - باب الطلاق بالإِشارة بالأصابع أنه
يقع ما أشار به
5825 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنا أمة أمية لا
نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا (وهكذا) (1) -وعقد الإبهام في الثالثة-
والشهر هكذا وهكذا وهكذا -يعني: تمام ثلاثين".
أخرجاه (2) واللفظ لمسلم.
88 - باب إِذا قال لغير مدخول بها أنت طالق وطالق أو طالق ثم طالق
5826 - عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا ما
شاء الله وشاء فلان، قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان".
رواه الإمام أحمد (3) د (4).
5827 - عن قتيلة بنت صيفي قالت: "أتى حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد، نعم القوم أنتم لولا أنكم (تشركون. قال:
سبحان الله، وما ذاك؟ قال: تقولون إذا حلفتم: والكعبة. قالت: فأمهل رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ثم قال: إنه قد قال، فمن حلف فليحلف
برب الكعبة. قال: يا محمد، نعم القوم أنتم لولا أنكم) (5) تجعلون للَّه
ندًّا. قال: سبحان الله، وما ذلك؟ قال: تقولون: ما شاء الله وشئت. قال:
فأمهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ثم قال: إنه
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) البخاري (4/ 151 رقم 1913)، ومسلم (2/ 761 رقم 1080/ 15).
(3) المسند (5/ 384، 394، 398).
(4) سنن أبي داود (4/ 295 رقم 4980).
(5) من المسند.
(5/265)
قد قال، فمن قال: ما شاء الله فليفصل
بينهما، ثم شئت". رواه الإمام أحمد (1).
5828 - عن عدي بن حاتم: "أن رجلاً خطب عند النبي - صلى الله عليه وسلم -،
فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال النبي - صلى
الله عليه وسلم -: بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله" (2).
89 - باب من حدث نفسه بالطلاق ولم ينطق به
5829 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله -عز
وجل- تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم".
أخرجاه (3) واللفظ للبخاري.
90 - باب فيمن يجحد الطلاق
5830 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم
- قال: "إذا ادَّعت المرأة طلاق زوجها، فجاءت على ذلك بشاهدٍ (عدلٍ) (4)
استحلف زوجها، فإن حلف بطلت شهادة الشاهد، من نكل (5) فنكوله بمنزلة شاهدٍ
آخرٍ، وجاز طلاقه".
رواه ق (6) والدارقطني (7) من رواية عَمْرو بن أبي سلمة التنيسي، ضعفه
__________
(1) المسند (6/ 371 - 372).
(2) رواه مسلم في صحيحه (2/ 594 رقم 870).
(3) البخاري (9/ 300 رقم 5269)، ومسلم (1/ 116 - 117 رقم 127).
(4) من سنن ابن ماجه.
(5) يقال: نَكَل عن الأمر يَنْكُل، ونكل يَنْكل: إذا امتنع، ومنه النكول في
اليمين: وهو الامتناع منها وترك الإقدام عليها. النهاية (5/ 116 - 117).
(6) سنن ابن ماجه (1/ 657 رقم 2038).
(7) سنن الدارقطني (4/ 64 رقم 155).
(5/266)
يحيى بن معين (1)، وقال أبو حاتم الرازي
(1): لا يحتج به. وقد روى له مسلم في صحيحه (2).
91 - باب الخُلْع (3)
5831 - عن ابن عباس: "أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم
- فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني
أكره الكفر في الإسلام (4). قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتردين
عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل
الحديقة وطلقها تطليقة". رواه البخاري (5).
5832 - وروى (6) عن عكرمة "أن جميلة أخت عبد الله بن أُبي ... " بهذا.
وفي لفظ لابن ماجه (7): "أكره الكفر في الإسلام لا أطيقه بغضًا". وفيه:
"فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد".
5833 - عن حبيبة بنت سهل: "أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، وأن
__________
(1) الجرح والتعديل (6/ 235 - 236).
(2) قال المزي في التهذيب (22/ 55): روى له الجماعة.
(3) يقال: خلع امرأته خلعًا، وخالعها مخالعة، واختلعت هي منه فهي خالع،
وأصله من خلع الثوب، والخلع أن يطلق امرأته على عوض تبذله له، وفائدته
إبطال الرجعة إلا بعقد جديد. النهاية (2/ 65).
(4) قال الطيبي: المعنى أخاف على نفسي في الإسلام ما ينافي حكمه في نشوز
وفرك وغيره مما يتوقع من الشابة الجميلة المبغضة لزوجها إذا كان بالصد
منها، فأطلقت على ما ينافي مقتضى الإسلام الكفر، ويحتمل أن يكون في كلامها
إضمار، أي: أكره لوازم الكفر من المعاداة والشقاق والخصومة. فتح الباري (9/
311).
(5) صحيح البخاري (9/ 306 رقم 5273).
(6) صحيح البخاري (9/ 307 رقم 5277).
(7) سنن ابن ماجه (1/ 663 رقم 2056).
(5/267)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى
الصبح، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس، فقال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: من هذه؟ قالت: حبيبة بنت سهل يا رسول الله. قال: ما شأنك؟
قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس -لزوجها- فلما جاء ثابت، قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر. فقالت
حبيبة: يا رسول الله، كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - لثابت: خذ منها. فأخذ منها، وجلست في أهلها".
رواه الإمام أحمد (1) وأبو داود (2) والنسائي (3) وهذا لفظه.
5834 - عن عائشة "أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شماس، فضربها
فكسر بعضها، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الصبح (فاشتكت إليه)
(4) فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - ثابتًا، فقال: خذ بعض مالها
وفارقها. فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فإني أصدقتها
حديقتين وهما بيدها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: خذهما وفارقها.
ففعل". رواه د (5).
5835 - عن الربيع بنت معوذ "أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها
-وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي- فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، فأرسل إليه فقال له: خذ الذي لها عليك وخل سبيلها. قال:
نعم. فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تتربص حيضة واحدة وتلحق
بأهلها".
رواه س (6).
__________
(1) المسند (6/ 433 - 434).
(2) سنن أبي داود (2/ 268 - 269 رقم 2227).
(3) سنن النسائي (6/ 169 رقم 3462).
(4) كما سنن أبي داود.
(5) سنن أبي داود (2/ 269 رقم 2228).
(6) سنن النسائي (6/ 186 رقم 3497).
(5/268)
5836 - وعن ابن عباس "أن امرأة ثابت بن قيس
اختلعت من زوجها (على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -) (1) فأمرها النبي
- صلى الله عليه وسلم - أن تعتد حيضة".
رواه د (2) ت (3) وقال: حديث حسن غريب.
5837 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "كانت حبيبة بنت سهل تحت
ثابت بن قيس بن شماس، وكان رجلاً دميمًا، فقالت: يا رسول الله، واللَّه
لولا مخافة الله -عز وجل- إذا دخل عليَّ لبصقت في وجهه. فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال: فردت عليه
حديقته. قال: ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما".
رواه ابن ماجه (4) من رواية حجاج بن أرطأة (5)، وفيه كلام.
5838 - عن الرُّبيع بنت معوذ بن عفراء: " (أنها) (6) اختلعت على عهد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم -أو
أُمرت- أن تعتد بحيضة".
رواه الترمذي (7) وقال: حديث الربيع الصحيح: "أنها أمرت أن تعتد بحيضة".
5839 - وعن رُبيع (بنت معوذ) (8) بن عفراء قالت: "اختلعت من زوجي، ثم
__________
(1) من جامع الترمذي، واللفظ له.
(2) سنن أبي داود (2/ 269 رقم 2229)، وقال أبو داود: وهذا الحديث رواه عبد
الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم
- مرسلاً.
(3) جامع الترمذي (3/ 491 - 492 رقم 1185م).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 663 رقم 2057).
(5) ترجمته في التهذيب (5/ 420 - 428).
(6) من جامع الترمذي.
(7) جامع الترمذي (3/ 491 رقم 1185).
(8) تحرفت في "الأصل" إلى: ابن مسعود!.
(5/269)
جئت عثمان، فسألت: ماذا علي من العدة؟
فقال: لا عدة عليك، إلا أن يكون حديث عهد بك، فتمكثين عنده حتى تحيضين
حيضة. قالت: وإنما تبع في ذلك قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
مريم المغالية وكانت تحت ثابت بن قيس، فاختلعت منه". رواه س (1) ق (2) وهذا
لفظه.
5840 - عن أبي الزبير: "أن ثابت بن قيس كانت عنده (زينب) (3) بنت عبد الله
ابن أُبي بن سلول، وكان أصدقها حديقة (فكرهته) (3)، فقال النبي - صلى الله
عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟ قالت: نعم وزيادة. فقال النبي
- صلى الله عليه وسلم -: أما الزيادة فلا، ولكن حديقته. قالت: نعم. فأخذها
له وخلى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -".
رواه الدارقطني (4) وقال: سمعه أبو الزبير من غير واحدٍ.
92 - باب
5841 - عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
"المنتزعات والمختلعات (5) هن المنافقات".
رواه الإمام أحمد (6) والنسائي (7) وقال: قال الحسن: لم نسمعه من غير
__________
(1) سنن النسائي (6/ 186 - 187 رقم 3498).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 663 - 664 رقم 2058).
(3) من سنن الدارقطني.
(4) سنن الدارقطني (3/ 255 رقم 39).
(5) يعني: اللاتي يطلبهن الخلع والطلاق من أزواجهن بغير عذر. النهاية (2/
65).
(6) المسند (2/ 414).
(7) سنن النسائي (6/ 168 - 169 رقم 3461).
(5/270)
أبي هريرة. وقال النسائي: الحسن لم يسمع من
أبي هريرة شيئًا (1).
5842 - عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المختلعات هن
المنافقات".
رواه الترمذي (2) (وقال) (3): حديث حسن غريب (4)، وليس إسناده بالقوي.
93 - باب الرجعة (5)
قد تقدم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة ثم راجعها (6)، وكذلك
أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عمر بمراجعة زوجته التي طلقها وهي
حائض (7).
5843 - عن ابن عباس " {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ
اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (8) الآية وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته
فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا، فنسخ ذلك فقال: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ)
(9) الآية" (10).
رواه د (11).
__________
(1) انظر المراسيل لابن أبي حاتم (34 - 36).
(2) جامع الترمذي (3/ 492 رقم 1186).
(3) سقطت من "الأصل".
(4) في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 162)، وتحفة الأحوذي (4/ 366 رقم
1197)، وتحفة الأشراف (2/ 133 رقم 2092): "غريب" فقط.
(5) أي: ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائنة إلى النكاح من غير استئناف
عقدٍ. النهاية (2/ 120).
(6) الحديث رقم (5765).
(7) الحديث رقم (5769).
5843 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 314 رقم 345).
(8) سورة البقرة، الآية: 228.
(9) سورة البقرة، الآية: 229.
(10) رواه النسائي (6/ 187 رقم 3499، 6/ 212 رقم 3556).
(11) سنن أبي داود (2/ 259 رقم 2195).
(5/271)
5844 - عن عائشة قالت: "كان الناس، والرجل
طلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن
طلقها مائة مرة أو أكثر حتى قال رجل لامرأته: لا أطلقنك فتبيني مني (ولا
آويك) (1) أبدًا. قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك، فكلما همت عدتك أن تنقضي
راجعتك. فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها، فسكتت عائشة حتى جاء
النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -
حتى نزل القرآن (الطَّلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ
تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (2) قالت: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلاً، من كان
طلق، ومن لم يكن طلق".
رواه الترمذي (3) ورواه عن عروة لم يذكر فيه عائشة، وقال: هذا أصح.
5845 - عن عمران بن حصين "أنه سُئل عن الرجل يطلق امرأته، ثم يقع بها، ولم
يشهد على طلاقها ولا على رجعتها، فقال: طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة،
أشهد على طلاقها، وعلى رجعتها، ولا تعد".
رواه أبو داود (4) وابن ماجه (5) وليس عنده "ولا تعد".
5846 - عن عائشة "أن امرأة رفاعة (القرظي جاءت إلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن رفاعة) (6) طلقني فبتَّ طلاقي، وإني
نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهدبة، قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) تحرفت في "الأصل" والمثبت من جامع الترمذي.
(2) سورة البقرة، الآية: 229.
(3) جامع الترمذي (3/ 497 رقم 1192).
(4) سنن أبي داود (2/ 257 رقم 2186).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 652 رقم 2025).
(6) في "الأصل": قالت. والمثبت من صحيح البخاري.
(5/272)
لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى
يذوق عسيلتك، وتذوقي عسيلته".
رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).
5847 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال) (3): "العسيلة هي
الجماع".
رواه الإمام أحمد (4) والنسائي (5).
5848 - عن ابن عمر قال: "سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل
يطلق امرأته ثلاثاً، فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخي الستر، ثم يطلقها
قبل أن يدخل بها، قال: لا تحل للأول حتى يجامعها (6) الآخر".
رواه الإمام أحمد (7) س (8) وهذا لفظه.
94 - باب الإِيلاء (9)
5849 - عن مسروق عن عائشة قالت: "آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
نسائه
__________
(1) صحيح البخاري (9/ 274 رقم 5260).
(2) صحيح مسلم (2/ 1055 - 1056 رقم 1433).
(3) من المسند.
(4) المسند (6/ 62).
(5) لم أقف عليه في سنن النسائي، وعزاه للنسائي أيضاً المجد ابن تيمية في
المنتقى (3/ 617).
5848 - خرجه الضياء في المختارة (13/ 177 - 178 رقم 282 - 284).
(6) زاد بعدها في "الأصل": الثاني. وهي زيادة مقحمة.
(7) المسند (2/ 25، 62).
(8) سنن النسائي (6/ 149 رقم 3415).
(9) الإيلاء في اللغة: الحلف، تقول: آلي يولي إيلاء وتألى تألياً، والألية:
اليمين، والجمع آلايا، كعطية وعطايا، والإيلاء في الشرع: الحلف على ترك وطء
الزوجة في القبل مطلقًا أو مدة تزيد على أربعة أشهر. تهذيب الأسماء واللغات
(3/ 10).
(5/273)
وحرم، فجعل الحرام حلالاً، وجعل في اليمين
كفارة".
رواه ابن ماجه (1) والترمذي (2) وقال: روي مرسلاً (3) وهو أصح.
5850 - عن علي -رضي الله عنه- في الإيلاء قال: "يوقف بعد الأربعة، فإما أن
يفيء (4) وإما أن يطلق".
رواه الدارقطني (5).
5851 - عن سهل بن أبي صالح، عن أبيه أنه قال: "سألت اثني عشر من أصحاب
النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يولي، قال: ليس عليه شيء حتى تمضي
أربعة أشهر فيوقف، فإن فاء وإلا طلق".
رواه الدارقظني (6).
5852 - وروى (7) عن سليمان بن يسار قال (8): "أدركت (بضعة عشر) (9) من
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم يوقف المولي".
5853 - وروى (10) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقول: "إذا مضت
أربعة أشهر فهي تطليقة (وهي أملك بردها ما دامت في عدتها".
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 670 رقم 2072).
(2) جامع الترمذي (3/ 504 - 505 رقم 1201).
(3) يعني: عن الشعبي مرسلاً، قال: وليس فيه عن مسروق عن عائشة.
(4) الفيء والفيئة: الرجوع إلى حالة محمودة. المفردات في غريب القرآن (ص
390).
(5) سنن الدارقطني (4/ 61 رقم 146).
(6) سنن الدارقطني (4/ 61 رقم 147).
(7) سنن الدارقطني (4/ 61 - 62 رقم 148).
(8) زاد بعدها في "الأصل": إذا.
(9) في "الأصل": بضع عشرة. والمثبت من سنن الدارقطني.
(10) سنن الدارقطني (4/ 63 رقم 153).
(5/274)
5853 م- وروى (1) عن عثمان وزيد بن ثابت
أنهما كانا يقولان: "إذا مضت الأربعة أشهر، فهي تطليقة) (2) بائنة" وعنده:
قد روى (عن) (3) عثمان خلافه (4).
5854 - وروى (5) عن طاوس "أن عثمان -رضي الله عنه- كان يوقف المولي".
5854 م- وعن القاسم "أن عثمان كان لا يرى الإيلاء شيئًا، وإن مضت الأربعة
الأشهر حتى يوقف" (5).
5855 - وروى (6) الدارقطني عن أيوب قال: "قلت لسعيد بن جبير: أكان ابن عباس
يقول: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة بائنة، ولا عدة عليها، وتزوج إن شاءت؟
قال: نعم".
95 - باب الظهار (7)
5856 - عن ابن عباس: "أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ظاهر
من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي فوقعت
عليها قبل أن أكَفِّر. فقال: ما حملك على ذلك يرحمك الله؟ قال: رأيت
خلخالها في ضوء القمر. قال: فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله (به) (8) "
(9).
__________
(1) سنن الدارقطني (4/ 63 رقم 151).
(2) سقطت من "الأصل".
(3) من سنن الدارقطني.
(4) هو عند الدارقطني بإسناده عن الإمام أحمد -رحمه الله.
(5) سنن الدارقطني (4/ 62 رقم 149).
(6) سنن الدارقطني (4/ 63 رقم 154).
(7) يقال: ظاهر الرجل من امرأته ظهاراً وتظهَّر وتظاهر: إذا قال لها: أنت
عليَّ كظهر أمي. النهاية (3/ 165).
5856 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 318 - 319 رقم 321، 322).
(8) من جامع الترمذي.
(9) رواه أبو داود (2/ 268 رقم 2221، 2222، 2224، 2225)، والنسائي (6/ 167
- 168 رقم 3458، 3459) عن عكرمة مرسلاً، وقال النسائي: المرسل أولى بالصواب
من المسند، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(5/275)
رواه أبو داود (1) والنسائي (2) وابن ماجه
(3) والترمذي (4) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن غريب (5).
5857 - عن سلمة بن صخر البياضي قال: "كنت امرأً أصيب من النساء ما لا يصيب
غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئًا يتابع (أبي) (6) حتى
أصبح، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف
لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوت (7) عليها، فلما أصبحت خرجت إلى قومي
فأخبرتهم الخبر، وقلت: امشوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قالوا: لا والله. فانطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال:
أنت بذلك يا سلمة؟ (قلت: أنا بذاك يا رسول الله) (6) مرتين، وأنا صابر لأمر
الله -عز وجل- فاحكم فيَّ ما أمرك الله. قال: حرر رقبة. (قلت) (6): والذي
بعثك بالحق، ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة رقبتي، قال: فصم شهرين
متتابعين. قال: وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام. قال: فأطعم وسقًا من تمر
بين ستين مسكينًا. قال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين (8) ما لنا طعام.
قال: فانطلق إلى صاحب
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 268 رقم 2223، 2225).
(2) سنن النسائي (6/ 167 رقم 3457).
(3) سنن ابن ماجه (1/ 666 - 667 رقم 2065).
(4) جامع الترمذي (3/ 503 رقم 1199).
(5) في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 177): حسن غريب صحيح. وفي تحفة
الأشراف (5/ 123 رقم 6036)، والأحاديث المختارة (1/ 320)، وتحفة الأحوذي
(4/ 380 رقم 1213): حسن صحيح غريب.
(6) من سنن أبي داود.
(7) يقال: نزوت على الشيء أنزو نزوًا: إذا وثبت عليه. النهاية (5/ 44).
(8) يقال: رجل وَحش -بالسكون- من قوم أوحاشٍ: إذا كان جائعاً لا طعام له،
وقد أوحش إذا جاع. النهاية (5/ 161).
(5/276)
صدقة بني رزيق فليدفعها إليك، فأطعم ستين
مسكينًا وسقًا من تمر، وكل أنت وعيالك بقيتها. فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت
عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السعة
وحسن الرأي، وقد أمرني -أو أمر لي- بصدقتكم".
رواه الإمام أحمد (1) وأبو داود (2) -وهذا لفظه- وابن ماجه (3) والترمذي
(4) مختصر وقال: حديث حسن. يقال: سلمان بن صخر، ويقال: سلمة بن صخر
البياضي.
وفي رواية الإمام أحمد "فأخبرتهم خبري، وقلت: انطلقوا معي إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - فأخبره خبري. فقالوا: لا واللَّه لا نفعل نتخوف أن ينزل
فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مقالة يبقى
علينا عارها) (5) ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك. قال: فخرجت حتى أتيت
النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته خبري. فقال لي: أنت بذاك؟ فقلت: أنا
بذاك. قال: أنت بذاك؟ قلت: أنا بذاك. قال: أنت بذاك؟ قلت: نعم، ها أنا ذا
فامض بحكم الله -عز وجل- فإني صابر له" وعنده: "لقد بتنا ليلتنا (هذه) (6)
وحشاء ما لنا عشاء" وعنده: "ووجدت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
السعة والبركة قد أمر لي بصدقتكم فادفعوا إليَّ. قال: فدفعوها إليَّ".
وفي لفظ لأبي داود "قال ابن إدريس: وبياضة من زريق".
__________
(1) المسند (4/ 37).
(2) سنن أبي داود (2/ 265 - 266 رقم 2213)، وسقط من: "الأصل" قوله: "أبو
داود.
(3) سنن ابن ماجه (1/ 665 - 666 رقم 2062).
(4) جامع الترمذي (3/ 503 - 504 رقم 1200).
(5) تحرفت في "الأصل" والمثبت من المسند.
(6) من المسند.
(5/277)
وعند الترمذي: "وقال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - لفروة بن عمرو: أعطه ذاك العرق -وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعًا
أو ستة عشر صاعًا- إطعام ستين مسكينًا".
5858 - وروى الدارقطني (1) عن سلمة بن صخر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم
- أعطاه مكتلاً فيه خمسة عشر صاعًا (فقال: أطعمه ستين مسكيناً) (2) وذلك
لكل مسكين مد".
5859 - وعن سلمة بن صخر البياضي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "في
المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال: كفارة واحدة".
رواه الترمذي (3) -وقال: حديث حسن غريب- وابن ماجه (4).
5860 - عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت: "ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت،
فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشكو إليه، ورسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يجادلني، ويقول: اتقي الله؛ فإنه ابن عمك. فما برحت حتى نزل
القرآن (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) (5)
إلى الفرض فقال: يعتق رقبة. قالت: لا يجد. قال: فيصوم شهرين متتابعين.
فقالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام. قال: فليطعم ستين
مسكيناً. قالت: ما عنده من شيء يتصدق به. قال: فإني سأعينه بعرق من تمر.
قلت: يا رسول الله، فإني أعينه بعرق آخر. قال: قد أحسنت، اذهبي فأطعمي بها
عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك، قال: والعرق ستون صاعًا".
__________
(1) سنن الدارقطني (3/ 316 رقم 260).
(2) من سنن الدارقطني.
(3) جامع الترمذي (3/ 502 - 503 رقم 1198).
(4) سنن ابن ماجه (1/ 666 رقم 2064).
(5) سورة المجادلة، الآيات: 1 - 4.
(5/278)
رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه-
وفي لفظٍ (3): "والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعًا". قال أبو داود: وهذا أصح.
5861 - وروى (4) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: "يعني بالعرق زنبيلاً يأخذ
خمسة عشر صاعًا".
5862 - وفي لفظٍ له (5) عن عطاء، عن أوس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أعطاه خمسة عشر صاعًا من شعير إطعام ستين مسكينًا".
قال أبو داود: هو مرسل لم (يدرك) (6) عطاء أوسًا.
فرواية الإمام أحمد عن خويلة بنت ثعلبة قالت: "فيَّ والله وفي أوس بن
الصامت أنزل الله -عز وجل- صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده، وكان شيخًا
كبيرًا قد ساء خلقه وضجر، قالت: فدخل عليَّ يومًا فراجعته بشيء، فغضب،
فقال: أنت عليَّ كظهر أمي. قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل
عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي، قالت: فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده، لا
تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت، حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه. قالت:
فواثبني وامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته
عني، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها، ثم
__________
(1) المسند (6/ 410 - 411).
(2) سنن أبي داود (2/ 266 رقم 2214).
(3) سنن أبي داود (2/ 266 - 267 رقم 2215).
(4) سنن أبي داود (2/ 267 رقم 2216).
(5) سنن أبي داود (2/ 267 رقم 2218).
(6) في "الأصل": يذكر. والمثبت من سنن أبي داود.
(5/279)
خرجت حتى جئت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه، فجعلت أشكو إليه - صلى الله
عليه وسلم - ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - (يقول) (1): يا خويلة، ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه. قالت:
فواللَّه ما برحت حتى نزل القرآن، فتغشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ما كان يتغشاه، ثم سري عنه فقال: يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك. ثم
قرأ عليَّ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا
وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ
اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} إلى قوله: (وَلِلْكَافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) (2)
قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مريه) (1) فليعتق رقبة.
قالت: فقلت: يا رسول الله، والله ما عنده ما يعتق. قال: فليصم شهرين
متتابعين. قالت: فقلت: والله يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام.
قال: فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر. قالت: فقلت: والله ما ذاك عنده.
قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنا سنعينه بعرق من تمر.
قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر. قال: فقد أصبت وأحسنت
فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا. قالت: ففعلتُ. قال سعد
-وهو ابن إبراهيم- العرق: الصَّنُّ (3) ".
5863 - عن عائشة (4) أنها قالت: "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد
جاءت خولة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشكو زوجها، فكان يخفى
عليَّ كلامها فأنزل الله -عز وجل- {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي
تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (5) الآية.
__________
(1) من المسند.
(2) سورة المجادلة، الآيات: 1 - 4.
(3) الضَن -بالفتح- زِبَّيل كبير، وقيل: هو شبه السَّلَّة المطبقة. النهاية
(3/ 57).
(4) زاد بعدها في "الأصل": قالت عائشة.
(5) سورة المجادلة، الآية: 1.
(5/280)
رواه النسائي (1) -وهذا لفظه- وابن ماجه
(2) ورواه البخاري (3) تعليقًا، وفي رواية ابن ماجه: "وهي تشتكي زوجها إلى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي نثرت
(4) له بطني، حتى إذا كبرت سنين وانقطع ولدي؛ ظاهر مني، اللهم إني أشكو
إليك. فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات (قَدْ سَمِعَ
اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى
اللَّهِ ... ) (5) ".
96 - باب فيمن حَرَّم زوجته أو أمته
5864 - عن ابن عباس قال: "إذا حرم امرأته ليس بشيء وقال: لقد كان لكم في
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة".
رواه خ (6) م (7) وللبخاري (8) قال: "في الحرام يُكفِّر"، ولمسلم (9): "إذا
حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها".
وفي لفظٍ للنسائي (10): "أنه أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عليَّ
__________
(1) سنن النسائي (6/ 168 رقم 3460).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 666 رقم 2063).
(3) صحيح البخاري (13/ 384) كتاب التوحيد، باب (وكان الله سميعاً بصيراً).
(4) أرادت أنها كانت شابة تلد الأولاد عنده، وامرأة نثور: كثيرة الولد.
النهاية (5/ 15) ووقع في "الأصل": نصرت. بالصاد، والمثبت من سنن ابن ماجه.
(5) سورة المجادلة، الآيات: 1 - 4.
(6) صحيح البخاري (9/ 287 رقم 5266).
(7) صحيح مسلم (2/ 1100 رقم 1473).
(8) صحيح البخاري (8/ 524 رقم 4911).
(9) صحيح مسلم (2/ 1100 رقم 1473/ 19).
(10) سنن النسائي (6/ 151 رقم 3420).
(5/281)
حرامًا. قال: كذبت ليست عليك بحرام. ثم تلا
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ ... ) (1)
الآية. عليك أغلظ الكفارة: عتق رقبة".
5865 - وروى (2) أيضًا عن أنس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت
له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه فأنزل الله -عز
وجل- (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تحَرِّم ... ) (1) الآية".
5866 - عن ابن عباس عن عمر قال: "دخل رسول اللَّهْ - صلى الله عليه وسلم -
بأم ولده مارية في بيت حفصة، فوجدته حفصة معها، فقالت له: تدخلها بيتي، ما
صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك. فقال لها: لا تذكري هذا
لعائشة؛ فهي عليَّ حرام إن قربتها. قالت حفصة: فكيف تحرم عليك وهي جاريتك؟
فحلف لها لا يقربها (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) (3) لحفصة: لا
تذكريه لأحدٍ. فذكرته لعائشة، فآلى لا يدخل على نسائه شهراً؛ فاعتزلهن
تسعًا وعشرين ليلة، فأنزل الله -تعالى-: (لِمَ تُحرِّمُ مَا أَحَلَّ الله
لَكَ ... ) (1) الآية".
رواه الدارقطني (4).
__________
(1) سورة التحريم، الآية: 1.
5865 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 69 - 70 رقم 1694، 1695).
(2) سنن النسائي (7/ 71 رقم 3969).
(3) تكررت في "الأصل".
(4) سنن الدارقطني (4/ 41 - 42 رقم 122).
(5/282)
|