الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

المبحث الخامس ـ سنن الصوم وآدابه ومكروهاته:
فيه مطلبان:

المطلب الأول ـ سنن الصوم وآدابه:
يستحب للصائم ما يأتي (1): ....
1ً - السحور على شيء وإن قل ولو جرعة ماء، وتأخيره لآخر الليل، أما السحور: فللتقوي به على الصوم، كما دل عليه خبر الصحيحين: «تسحروا فإن في السَّحور بركة» وخبر الحاكم في صحيحه: «استعينوا بطعام السحر على صيام
_________
(1) البدائع: 105/ 2 - 108، مراقي الفلاح: ص115، الدر المختار: 157/ 2، الشرح الكبير: 515/ 1، الشرح الصغير: 689/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص115، مغني المحتاج: 434/ 1 - 436، الحضرمية: ص113 - 115، كشاف القناع: 385/ 2 - 388، المغني: 103/ 3، 169 - 171،178.

(3/1684)


النهار، وبقيلولة النهار على قيام الليل» وخبر أحمد رحمه الله: «السحور بركة، فلا تدَعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» (1). وأما تأخير السحور ما لم يقع في شك في الفجر، فلحديث الطبراني: «ثلاث من أخلاق المرسلين: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة» ولخبر الإمام أحمد: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» (2) وحديث: «دع ما يريبك إلى ما لايريبك».
2ً - تعجيل الفطرعند تيقن الغروب وقبل الصلاة، ويندب أن يكون على رطب، فتمر، فحلو، فماء، وأن يكون وتراً ثلاثة فأكثر لحديث: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (3)، والفطر قبل الصلاة أفضل، لفعله صلّى الله عليه وسلم (4). وكونه وتراً، لخبر أنس: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفطر على رُطَبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتَمَرات، فإن لم تكن تمرات، حَسَا حَسَوات من ماء» (5)، ويمكن التعجيل في غير يوم غيم، وفي حالة الغيم ينبغي تيقن الغروب والاحتياط حفظاً للصوم عن الإفساد، ورأى الشافعية أنه يحرم الوصال في الصوم: وهو صوم يومين فأكثر من غير أن يتناول بينهما في الليل مفطراً، للنهي عنه في الصحيحين، وعلة ذلك: الضعف، مع كون الوصال من خصوصياته صلّى الله عليه وسلم.
3ً - الدعاء عقب الفطر بالمأثور: بأن يقول: «اللهم إني لك صمت، وعلى
_________
(1) وفيه ضعف.
(2) رواه أحمد عن أبي ذر (نيل الأوطار: 221/ 4).
(3) متفق عليه عن سهل بن سعد، وروى أحمد والترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «يقول الله عز وجل: إن أحب عبادي إلي أعجلُهم فطراً» (نيل الأوطار:217/ 4).
(4) رواه مسلم من حديث عائشة، وابن عبد البر عن أنس.
(5) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وروى الخمسة إلا النسائي عن سلمان بن عامر: «إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء، فإنه طهور» (نيل الأوطار: 220/ 4).

(3/1685)


رزقك أفطرت، وعليك توكلت، وبك آمنت، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى. يا واسع الفضل اغفر لي، الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت».
وسنية الدعاء؛ لأن للصائم دعوة لا ترد، لحديث: «للصائم عند فطره دعوة لاتُرد» (1)، وصيغة الدعاء ثابتة هكذا في السنة (2).
4ً - تفطير صائمين ولو على تمرة أو شربة ماء أوغيرهما، والأكمل أن يشبعهم، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «من فطَّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقُص من أجر الصائم شيء» (3).
5ً - الاغتسال عن الجنابة والحيض والنفاس قبل الفجر، ليكون على طهر من أول الصوم، وليخرج من خلاف أبي هريرة حيث قال: لا يصح صومه، وخشيةمن وصول الماء إلى باطن أذن أو دبر أو نحوه. وبناء عليه: يكره عند الشافعية للصائم دخول الحمام من غير حاجة، لجواز أن يضره، فيفطر، ولأنه من الترفه الذي لايناسب حكمة الصوم. فلو لم يغتسل مطلقاً صح صومه، وأثم من حيث الصلاة.
ولو طهرت الحائض أو النفساء ليلاً، ونوت الصوم وصامت، أو صام الجنب
_________
(1) رواه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو.
(2) فقوله «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت» رواه أبو داود مرسلاً، وروى أيضاً «ذهب الظمأ ... إلخ» وروى الدارقطني من حديث أنس وابن عباس: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا، إنك أنت السميع العليم» وروى الدارقطني أيضاً عن ابن عمر «ذهب الظمأ ... » الحديث.
(3) رواه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما عن زيد بن خالد الجهني (الترغيب والترهيب: 144/ 2).

(3/1686)


بلا غسل، صح الصوم، لقوله تعالى: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} [البقرة:187/ 2] ولخبر الصحيحين المتقدم: «كان النبي صلّى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع، غير احتلام، ثم يغتسل، ويصوم» وأما خبر البخاري: «من أصبح جنباً فلا صوم له» فحملوه على من أصبح مجامعاً واستدام الجماع.
6ً - كف اللسان والجوارح عن فضول الكلام والأفعال التي لا إثم فيها. وأما الكف عن الحرام كالغيبة والنميمة والكذب فيتأكد في رمضان، وهو واجب في كل زمان، وفعله حرام في أي وقت، وقال عليه السلام: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (1)، «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر» (2) فإن شتم، سن في رمضان قوله جهراً: إني صائم، لحديث الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعاً: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم» أما في غير رمضان فيقوله سراً يزجر نفسه بذلك، خوف الرياء.
7ً - ترك الشهوات المباحة التي لا تبطل الصوم من التلذذ بمسموع ومبصر وملموس ومشموم كشم ريحان ولمسه والنظر إليه، لما في ذلك من الترفه الذي لايناسب حكمة الصوم، ويكره له ذلك كله، كدخول الحمام.
8ً - يسن عند الشافعية: ترك الفصد والحجامة لنفسه ولغيره خروجاً من خلاف من فطَّر بذلك، ويسن بالاتفاق ترك مضغ البان (العلك غير المصحوب بسكر) وغيره لأنه يجمع الريق، ويؤدي للعطش، وترك ذوق الطعام أو غيره خوف وصول شيء إلى الحلق، وترك القبلة، وتحرم القبلة إن خشي فيها الإنزال.
_________
(1) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة (الترغيب والترهيب: 146/ 2).
(2) رواه الطبراني في الكبير عن ابن عمر، وإسناده لا بأس به (المصدر السابق: ص 148).

(3/1687)


أما كون الحجامة لا تفطر عند الشافعية فلأنه صلّى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم (1). وأما حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» (2) فهو منسوخ، وتفطر الحجامة عند الحنابلة.
9ً - التوسعة على العيال (الأسرة) والإحسان إلى الأرحام، والإكثار من الصدقة على الفقراء والمساكين، لخبر الصحيحين: «أنه صلّى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل» والحكمة في ذلك تفريغ قلوب الصائمين والقائمين للعبادة بدفع حاجاتهم.
10ً - الاشتغال بالعلم وتلاوة القرآن ومدارسته، والأذكار والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم، كلما تيسر له ذلك ليلاً أو نهاراً. لخبر الصحيحين: «كان جبريل يلقى النبي صلّى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن» ومثله كل أعمال الخير؛ لأن الصدقة في رمضان تعدل فريضة فيما سواه، فتضاعف الحسنات به.
11ً - الاعتكاف لا سيما في العشر الأواخر من رمضان، لأنه أقرب إلى صيانة النفس عن المنهيات، وإتيانها بالمأمورات، ولرجاء أن يصادف ليلة القدر إذ هي منحصرة فيه، وروى مسلم أنه صلّى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره. وقالت عائشة: «كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر» (3) أي اعتزل النساء.
والسنة في ليلة القدر كما أبنت أن يقول: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» ويكتمها ويحييها ويحيي يومها كليلتها.
_________
(1) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه عن ابن عباس (نيل الأوطار: 202/ 4).
(2) رواه أحمد والترمذي عن رافع بن خديج، ولأحمد وأبي داود وابن ماجه مثله من حديث ثوبان وشداد بن أوس (نيل الأوطار:200/ 4).
(3) متفق عليه (نيل الأوطار: 270/ 4) ورواه أيضاً عبد الرزاق عن الثوري، وابن أبي شيبة عن أبي بكر ابن عياش.

(3/1688)


هذه هي سنن الصوم، أفاض في بيانها الشافعية والحنابلة وغيرهم، واقتصر الحنفية على القول باستحباب ثلاثة أمور: السحور، وتأخيره، وتعجيل الفطر في غير يوم غيم.
وقال المالكية: سننه السحور وتعجيل الفطر، وتأخير السحور، وحفظ اللسان والجوارح، والاعتكاف في آخر رمضان.
وفضائله: عمارته بالعبادة، والإكثار من الصدقة، والفطر على حلال دون شبهة، وابتداء الفطر على التمر أو الماء، وقيام لياليه وخصوصاً ليلة القدر.

المطلب الثاني ـ مكروهات الصيام:
يكره في الصوم ما يأتي:
1ً - صوم الوصال: وهو ألا يفطر بين اليومين بأكل وشرب، وهو مكروه عند أكثر العلماء (1)، ومحرم عند الشافعية، كما تقدم، إلا للنبي صلّى الله عليه وسلم فمباح له، لحديث ابن عمر: «واصل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في رمضان، فواصل الناس، فنهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الوصال، فقالوا: إنك تواصل؟ قال: إني لست كأحدكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني» (2) وهذا يقتضي اختصاصه بذلك، ومنع إلحاق غيره به. ولا يحرم عند الجمهور؛ لأن النهي وقع رفقاً ورحمة، ولهذا واصل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بهم، وواصلوا بعده. ويحرم عند الشافعية للنهي عنه، كما سبق.
2ً - القبلة، ومقدمات الجماع ولو فكراً أو نظراً، لأنه ربما أداه للفطر بالمني، وهذا إن علمت السلامة من ذلك وإلا حرم.
_________
(1) المغني: 171/ 3، كشاف القناع:399/ 2.
(2) متفق عليه، وروي مثله أيضاً حديثان آخران متفق عليهما عن أبي هريرة وعائشة، وروى البخاري وأبو داود عن أبي سعيد (نيل الأوطار: 219/ 4).

(3/1689)


3ً - الترفه بالمباحات كالتطيب نهاراً وشم الطيب والحمام.
4ً - ذوق الطعام والعلك، خوفاً من وصول شيء إلى الجوف بالذوق، ولأن العلك يجمع الريق، فإن ابتلعه أفطر في رأي، وإن ألقاه عطشه.
خلاصة المكروهات في المذاهب:

قال الحنفية (1): يكره للصائم سبعة أمور:
1ً - ذوق شيء ومضغه بلا عذر، لما فيه من تعريض الصوم للفساد.
2ً - مضغ العلك غير المصحوب بسكر (2)؛ لأنه يتهم بالإفطار بمضغه، سواء المرأة والرجل.
3ً و 4ً - القبلة، والمس والمعانقة والمباشرة الفاحشة، إن لم يأمن فيها على نفسه الإنزال أو الجماع، في ظاهر الرواية، لما في ذلك من تعريض الصوم للفساد بعاقبة الفعل. ويكره التقبيل الفاحش بمضغ شفتها. وإن أمن المفسد لا بأس.
5ً - 6ً - جمع الريق في الفم قصداً، ثم ابتلاعه، تحاشياً له عن الشبهة.
7ً - ما ظن أنه يضعفه كالفصد والحجامة.
ولا يكره للصائم تسعة أمور:
1، 2 - القبلة والمباشرة مع الأمن من الإنزال والوقاع، لما روت عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان يقبل ويباشر، وهو صائم (3).
_________
(1) الدر المختار: 153/ 2 - 155، مراقي الفلاح: ص114 ومابعدها.
(2) وهو المصطكى، وقيل: اللبان.
(3) رواه الشيخان.

(3/1690)


3، 4 - دهن الشارب بالطيب، والكحل.
5، 6 - الحجامة والفصد إذا لم يضعفه كل منهما عن الصوم.
7 - السواك آخر النهار، بل هو سنة في أول النهار وآخره، ولو كان رطباً أو مبلولاً بالماء.
8 - المضمضة والاستنشاق لغير وضوء.
9 - الاغتسال والالتفاف بثوب مبتل للتبرد، على المفتى به.

وقال المالكية (1): يكره للصائم ما يأتي:
1 - إدخال الفم كل رطب له طعم وإن مجه، وذوق شيء له طعم كملح وعسل وخل، لينظر حاله، ولو لصانعه، مخافة أن يسبق لحلقه شيء منه.
2 - مضغ عِلْك كلبان وتمرة لطفل، فإن سبقه شيء منهما لحلقه فيجب القضاء.
3 - الدخول على المرأة والنظر إليها، ومقدمة جماع ولو فكراً أو نظراً؛ لأنه ربما أداه للفطر بالمذي أو المني، وهذا إن علمت السلامة من ذلك، وإلا حرم.
4 - تطيب نهاراً وشم الطيب نهاراً.
5 - الوصال في الصوم.
6 - المبالغة في المضمضة والاستنشاق.
7 - مداواة نخر الأسنان نهاراً إلا لخوف ضرر في تأخيره لليل بحدوث مرض أو زيادته أو شدة تألم. فإن ابتلع من الدواء شيئاً قهراً، قضى اليوم.
_________
(1) الشرح الصغير: 692/ 1 - 695، الشرح الكبير: 517/ 1 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 115، 119.

(3/1691)


8 - الإكثار من النوم بالنهار.
9 - فضول القول والعمل.
10 - الحجامة.

وقال الشافعية (1):
تكره الحجامة والفصد، والقبلة وتحرم إن خشي فيها الإنزال، ويكره ذوق الطعام، والعلك، ودخول الحمام، والتلذذ بمسموع ومبصر وملموس ومشموم كشم الريحان ولمسه، والنظر إليه، لما في ذلك من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم. والأصح أن كراهة القبلة إن حركت شهوته تحريمية.
ويكره أيضاً السواك بعد الزوال إلى الغروب، للخبر الصحيح المتقدم: «لخُلوف فم الصائم يوم القيامة أفضل عند الله من ريح المسك» أي التغير، واختص بما بعد الزوال؛ لأن التغير ينشأ غالباً قبله من أثر الطعام وبعده من أثر العبادة. ومعنى أطيبيته عند الله تعالى: ثناؤه تعالى عليه، ورضاه به. وتكره المبالغة في المضمضة والاستنشاق، مخافة وصول شيء إلى الحلق.

وقال الحنابلة (2): يكره للصائم ما يأتي:
1 - أن يجمع ريقه ويبتلعه، لأنه قد اختلف في الفطر به، فإن فعله قصداً لم يفطر، لأنه يصل إلى جوفه من معدنه. وإن أخرجه لما بين شفتيه أو انفصل عن فمه، ثم ابتلعه، أفطر؛ لأنه فارق معدنه، مع إمكان التحرز منه في العادة. ولا بأس بابتلاع الصائم ريقه بحسب المعتاد، بغير خلاف؛ لأنه لا يمكن التحرز منه
_________
(1) مغني المحتاج: 431/ 1، 436.
(2) كشاف القناع: 383/ 2 - 386، المغني: 106/ 3 - 110، غاية المنتهى: 331/ 1.

(3/1692)


كغبار الطريق. ويحرم على الصائم بلع نخامة، ويفطر بها إذا بلعها، سواء أكانت من جوفه أم صدره أم دماغه، بعد أن تصل إلى فمه، لأنها من غير الفم كالقيء.
2 - المبالغة في المضمضة والاستنشاق، لقوله صلّى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماًَ» وقد تقدم في الوضوء. ولا يفطر بالمضمضة والاستنشاق المعتادين بلا خلاف، سواء كان في الطهارة أوغيرها.
3 - ذوق طعام بلا حاجة؛ لأنه لا يأمن أن يصل إلى حلقه، فيفطره، فإن وجد طعم المذوق في حلقه، أفطر لإطلاق الكراهة.
4 - مضغ العلك الذي لا يتحلل منه أجزاء؛ لأنه يجمع الريق، ويجلو الفم، ويورث العطش، فإن وجد طعمه في حلقه أفطر، لوصول شيء أجنبي يمكن التحرز منه. ويحرم مضغ ما يتحلل منه أجزاء من علك وغيره، ولو لم يبتلع ريقه إقامة للمظِنة مقام المئِنة.
5 - القبلة لمن تحرك شهوته فقط، لقول عائشة السابق: «كان النبي صلّى الله عليه وسلم يُقبِّل، وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه» (1) «ونهى النبي صلّى الله عليه وسلم عنها شاباً ورخص لشيخ» (2).
وإن ظن الإنزال مع القبلة لفرط شهوته، حرم بغير خلاف. ولا تكره القبلة، ولا مقدمات الوطء كلها من اللمس وتكرار النظر ممن لا تحرك شهوته.
6 - ترك الصائم بقية طعام بين أسنانه، خشية أن يجري ريقه بشيء منه إلى جوفه.
_________
(1) متفق عليه. والإرب: الشهوة والحاجة.
(2) حديث حسن رواه أبو داود من حديث أبي هريرة، ورواه سعيد عن أبي هريرة وأبي الدرداء، وكذا عن ابن عباس بإسناد صحيح.

(3/1693)


7 - شم ما لا يأمن أن تجذبه أنفاسه إلى حلقه، كسحيق مسك، وكافور ودهن وبخور وعنبر ونحوها.
ولا بأس أن يغتسل الصائم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة ثم يصوم (1)، ولا بأس بالسواك للصائم، قال عامر بن ربيعة: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم (2).