الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ الثّاني عشر: العَول: معنى العول ومشروعيته، ما يعول وما لا يعول من أصول المسائل (1):
أولاً ـ معنى العول: العول لغة: الجور والظلم وتجاوز الحد، يقال: عال الرجل: ظلم، وفي الاصطلاح: زيادة في مجموع السهام، من أصل المسألة، ونقص واقعي في الأنصبة.
ويترتب عليه أن ما زاد يقسم في فرائض جميع الورثة على نسبة واحدة. فإذا ضاق المَخْرَج (أصل المسألة) عن الوفاة بالفروض المجتمعة فيه، مثل (6)، ترفع
_________
(1) السراجية: ص 97 - 103، تبيين الحقائق: 244/ 6 وما بعدها، الدر المختار: 555/ 5 - 558، الشرح الصغير: 645/ 4 - 648، القوانين الفقهية: ص 395، مغني المحتاج: 32/ 3 - 34، المغني: 189/ 6 - 192، كشاف القناع: 476/ 4، الرحبية: ص 58 - 63.

(10/7819)


التركة إلى عدد أكثر من المخرج، مثل (7)، ثم تقسم حتى يدخل النقصان في فرائض جميع الورثة على نسبة واحدة. وذلك بأن يضرب رقم العول في أصل المسألة، ويعطى كل واحد حصته من نتيجة الضرب.
وتسمى المسألة التي تكون فيها سهام الفريضة أكثر من أصل المسألة (عائلة) كزوج وشقيقتين، فإن أصل المسألة (6) ومجموع السهام سبعة، وسميت بذلك أخذاً من العدل بمعنى الزيادة والارتفاع، يقال: عال الميزان: إذا ارتفع؛ لأن بهذه الزيادة قد ارتفعت السهام، إلى أكثر من أصل المسألة.
وأما المسألة التي تكون فيها سهام الفريضة مساوية لأصل المسألة؛ فتسمى (عادلة)؛ لأن كل صاحب فرض أخذ حقه كاملاً غير منقوص. كما في زوجة، وأم، وأخ شقيق: للزوجة الربع فرضاً، وللأم الثلث فرضاً، والباقي للأخ تعصيباً، فهي لا عول فيها ولا رد.
والمسألة التي تكون فيها سهام الفريضة أقل من أصل المسألة، وليس بين الورثة عاصب يستحق الباقي، تسمى (قاصرة) وفيها يرد الباقي على أصحاب الفروض ما عدا الزوجين، مثل أخت شقيقة، وأم، للأخت النصف فرضاً، وللأم الثلث فرضاً، والمسألة من (6)، ويرد الباقي وهو (واحد) عليهما.

ثانياً ـ مشروعية العول: أول من حكم بالعول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد وقعت في عهده مسألة ضاق أصلها عن فروضها وهي زوج وأختان، أو زوج وأم وأخت، فشاور الصحابة فيها، فأشار العباس أو زيد بن ثابت إلى العول، وقال: أعيلوا الفرائض، فأقره عمر على ذلك وقضى به، وتابعه الصحابة عليه، ولم ينكره إلا ابن عباس بعد وفاة عمر، فسأله رجل عما يصنع بالفريضة إذا عالت، فقال: أدخل النقص

(10/7820)


على من هو أسوأ حالاً، وهن البنات والأخوات، فإنهن يُنْقلن من فرض مقدر إلى فرض غير مقدر، وقال: هلا تجتمعون حتى نبتهل، فنجعل لعنة الله على الكاذبين، إن الذي أحصى رَمْل عالج (1) عدداً، لم يجعل في مال نصفين وثلثاً.
والحق ما فعله عمر والصحابة؛ لأن أصحاب الفروض المجتمعة في التركة، قد تساووا في سبب الاستحقاق، فيتساوون في الاستحقاق، فيأخذ كل واحد منهم جميع حقه إذا اتسع المحل لذلك، وإلا دخل النقص عليهم جميعاً بنسبة سهام كل واحد منهم، كالدائنين إذا ضاق المال عن الوفاء بجميع ديونهم، فإنهم يتقاسمونه بالحصص، وكأصحاب الوصايا إذا ضاق الثلث عن الوفاء بها كاملة، فإنهم يتحاصون فيه.
لهذا أخذ القانون في مصر وسورية برأي عمر وجمهور الصحابة والمذاهب الأربعة.

ثالثاً ـ ما يعول وما لا يعول من أصول المسائل: الفروض المذكورة في كتاب الله تعالى ستة، ومخارجها خمسة أعداد: الاثنان، والثلاثة، والأربعة، والستة، والثمانية، وذلك لاتحاد الثلث والثلثين في المخرج، والاختلاط بين نوعين من هذه المخارج يقتضي وجود مخرجين آخرين هما (12، 24)، فصار المجموع سبعة أعداد.
ما لا يعول من الأصول: أربعة من تلك السبعة لا تعول أصلاً: وهي الاثنان والثلاثة والأربعة والثمانية (2، 3، 4، 8) لأن الفروض فيها لا تزيد عن أصل المسألة.
_________
(1) عالج: موضع في البادية كثير الرمل.

(10/7821)


فلا عول في الاثنين كزوج وأخت لأب؛ لأن المسألة تكون من اثنين.
ولا عول في الثلاثة كبنتين وأخ لأب؛ لأن المسألة من ثلاثة، والباقي فيها للأخ.
ولاعول في الأربعة كزوج وابن؛ لأن المسألة من أربعة: للزوج الربع والباقي للابن.
ولا عول في الثمانية كزوجة وابن؛ لأن المسألة من ثمانية، للزوجة الثمن والباقي للابن.

ما يعول من الأصول:
الباقي من الأعداد السابقة قد يعول، وهو الستة والاثنا عشر، والأربعة والعشرون (6، 12، 24).

1 ً - الستة: قد تعول إلى سبعة: مثل زوج، وأختين شقيقتين: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، المسألة من (6)، وتعول إلى (7).
وقد تعول الستة إلى ثمانية، كما في مسألة المباهلة: وهي زوج وشقيقتان، وأم: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، وللأم السدس (1)، المسألة من (6، وتعول إلى 8)، وهي أول مسألة عالت في الإسلام.
وقد تعول الستة إلى (9)، كما في المسألة المروانية: وهي زوج، وشقيقتان، وأختان لأم: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، ولأختي الأم الثلث (2)، والمسألة من (6، وتعول إلى 9).
_________
(1) لقضاء شريح فيها بأن للزوج 3 من 10، فجعل الزوج يطوف في البلاد، ويسأل عن امرأة تركت زوجاً، ولم تترك ولداً، فيقولون: النصف، فيقول: لم يعطني شريح لا نصفاً ولا ثلثاً، فطلبه شريح وعزره، وقال له: أسأت القول، وكتمت العول، وقد سبقني بهذا الحكم إمام عادل ذو ورع، أي عمر رضي الله عنه.

(10/7822)


ومثل: زوج، وأخت شقيقة، وأم، وأخت لأب، وأخت لأم: للزوج النصف (3)، وللشقيقة النصف (3)، وللأم السدس (1)، وللأخت لأب السدس (1)، وللأخت لأم السدس (1).

وقد تعول الستة إلى (10)، كما في المسألة الشريحية (1)، وتسمى أم الفروخ لكثرة ما فرخت في العول، وهي: زوج، وشقيقتان، وأختان لأم، وأم: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، وللأختين لأم الثلث (2)، وللأم السدس (1)، المسألة من (6، وتعول إلى 10).
ومثل: زوج وأم، وأختين لأم، وشقيقة، وأخت لأب: للزوج النصف (3)، وللأم السدس (1)، وللأختين لأم الثلث (2)،وللشقيقة النصف (3)، وللأخت لأب السدس (1)، المسألة من (6، وتعول إلى 10).

2 - والاثنا عشر: قد تعول إلى عشر، كما في:
زوجة، وشقيقتين، وأخت لأم: للزوجة الربع (3)، وللشقيقتين الثلثان (8)، وللأخت لأم السدس (2)، والمسألة من (12، وتعول إلى 13).
ومثل: زوج، وبنتين، وأم: للزوج الربع (3)، وللبنتين الثلثان (8)، وللأم السدس (2، تعول إلى 13).
وقد تعول الاثنا عشر إلى خمسة عشر، كما في:

(10/7823)


زوج، وبنتين، وأب: للزوج الربع (3)، وللبنتين الثلثان (8)، وللأم السدس (2)، وللأب السدس (2)، والمسألة من (12، وتعول إلى 15).
ومثل: زوجة، وشقيقتين، وأختين لأم: للزوجة الربع (3)، وللشقيقتين الثلثان (8)، وللأختين لأم الثلث (4)، المسألة من (12، وتعول إلى 15).
وقد تعول الاثنا عشر إلى سبعة عشر، مثل:
زوجة، وشقيقتين، وأختين لأم، وأم: للزوجة الربع (3)، وللشقيقتين الثلثان (8)، وللأختين لأم الثلث (4)، وللأم السدس (2)، المسألة من (12، وتعول إلى 17).

3 - والأربعة وعشرون: تعول عولاً واحداً أو مرة واحدة إلى سبعة وعشرين، مثل المنبرية: زوجة، وبنتين، وأب، وأم: للزوجة الثمن (3)، وللبنتين الثلثان (16)، وللأب السدس (4)، وللأم السدس (4)، والمسألة من (24)، وتعول إلى (27).
وسميت بالمنبرية؛ لأن الإمام علي رضي الله عنه أجاب عنها وهو على منبر الكوفة بديهة، فور سؤال السائل، فقال: «والمرأة صار ثمنها تسعاً».
موقف القانون: نص القانون المصري (م 15) والسوري (م 23) على العول، ونص المادة هو: «إذا زادت أنصباء الفروض على التركة، قسمت بينهم أنصباؤهم في الإرث».

(10/7824)