الوجيز
في فقه السنة والكتاب العزيز كتاب الأيمان
والنذور
(1/383)
الأيمان:
تعريفها:
الأيمان -بفتح الهمزة- جمع يمين. وأصل
اليمين في اللغة: اليد. وأطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كلٌّ
بيمين صاحبه.
وهي في الشرع: توكيد الشيء بذكر اسمٍ أو صفةٍ لله.
بم تنعقد اليمين:
ولا تنعقد اليمين إلا بالله تعالى، أو اسم من أسمائه، أو صفة من صفاته:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أدرك عمر بن الخطاب هو يسير في ركب يحلف بأبيه، فقال: ألا إن الله ينهاكم
أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت (1).
عن أنس بن مالك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال جهنّم تقول:
هل من مزيد، حتى يضع ربّ العزة فيها قدمه، فتقول: قط قط وعزتك، ويُزوى
بعضها إلى بعض" (2).
الحلف بغير الله شرك:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول:
"من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" (3).
__________
(1) متفق عليه: خ (6646/ 530/ 11)، م (1646 - 3 - / 1267/ 3)، د (3233/ 77/
9)، ت (1573/ 45/ 3).
(2) متفق عليه: خ (6661/ 545/ 11)، م (2848/ 2187/ 4)، ت (3326/ 65/ 5).
(3) صحيح: [ص. ج 6204]، ت (1574/ 45/ 3)
(1/385)
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: "من حلف منكم فقال في حلفه: باللات. فليقل لا إله إلا
الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك. فليتصدق" (1).
شبهة وجوابها:
يعتذر البعض عن حلفهم بغير الله أنهم يخافون الكذب، مع قول الله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ .. } (2).
وجواب هذه الشبهة: ما رواه مسعر بن كدام عن وبرة بن عبد الرحمن قال:
قال عبد الله: "لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلىّ من أن أحلف بغيره صادقًا"
(3).
أما الآية فمعناها كما ذكر ابن كثير - رحمه الله - عن ابن عباس قال:
لا تجعلنّ عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفّر عن يمينك واصنع الخير.
قال ابن كثير: وكذا قال مسروق والشعبى وإبراهيم النخعى ومجاهد وطاوس وسعيد
بن جبير وعطاء وعكرمة ومكحول والزهرى والحسن وقتادة ومقاتل بن حيان والربيع
بن أنس والضحاك وعطاء الخراسانى والسدّى رحمهم الله. أهـ (4).
من حلف بملّة غير الإِسلام:
عن ثابت بن الضحاك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) متفق عليه: م (1647/ 1267/ 3)، نس (7/ 7)، د (3231/ 74/ 9) بزيادة:
"فليتصدق بشئ". خ (6650/ 536/ 11) بزيادة "باللات والعزى".
(2) البقرة: 224.
(3) الطبراني في الكبير (8902/ 205/ 9).
(4) تفسير ابن كثير (266/ 1).
(1/386)
"من حلف بملّة سوى الإِسلام كاذبًا
متعمّدًا، فهو كما قال" (1).
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من قال: إنى برئ من الإِسلام، فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا
لم يَعُد إليه الإِسلامُ سالمًا" (2).
من حُلِف له بالله فليرض:
عن ابن عمر قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يحلف بأبيه فقال:
"لا تحلفوا بآبائكم. من حَلَفَ بالله فليصدق. ومن حُلِفَ له بالله فليرض،
ومن لم يرض بالله فليس من الله" (3).
وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأى عيسى بن مريم
رجلًا يسرق، فقال: أسرقت؟ قال: لا. والذي لا إله إلا هو. فقال عيسى: آمنت
بالله، وكذّبت بصرى" (4).
أقسام اليمين:
تنقسم الأيمان أقسامًا ثلاثة:
1 - اليمين اللغو.
2 - اليمين الغموس.
3 - اليمين المنعقدة.
__________
(1) متفق عليه: م (110 - 177 - / 105/ 1) وهذا لفظه، خ (6652/ 537/ 11)، د
(3240/ 83/ 9) ت (1583/ 50/ 3)، نس (6/ 7) جه (2098/ 678/ 1).
(2) صحيح: [الإرواء 2576]، د (3241/ 85/ 9)، نس (6/ 7)، جه (2100/ 679/ 1).
(3) صحيح: [ص. جه 1708]، جه (2101/ 679/ 1).
(4) متفق عليه: خ (3444/ 478/ 6)، م (2368/ 1838/ 4)، نس (249/ 8)، جه
(2102/ 679/ 1).
(1/387)
اليمين اللغو وحكمها:
لغو اليمين: هو الحلف من غير قصد اليمين، كقول الرجل: والله لتأكلنّ، أو
لتشربنّ ونحو ذلك، لا يريد به يمينا.
ولا ينعقد هذا اليمين، ولا يؤاخذ به الحالف.
قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ
وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (1).
وقال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ
وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (2).
وعن عائشة رضي الله عنها: "لا يؤاخذكم الله باللغو" قالت: أنزلت في قوله:
لا والله، وبلى والله" (3).
اليمين الغموس وحكمها:
هى اليمين الكاذبة التي تُهضم بها الحقوق، أو التي يقصد بها الفسق
والخيانة.
وسميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار.
وهى من أكبر الكبائر، ولا كفارة فيها, لأن الله يقول {وَلَكِنْ
يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (2)، وهذه يمين غير منعقدة
لأن المنعقد ما يمكن حلّه، ولا يتأتى في اليمين الغموس البرُّ أصلًا.
قال تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ
قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (4).
قال الطبرى - رحمه الله -:
__________
(1) البقرة: 225.
(2) المائدة: 89.
(*) اليمين الغَمُوس: قيل سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في
النار.
(3) صحيح: [ص. د 2789]، خ (6663/ 547/ 11).
(4) النحل: 94.
(1/388)
معنى الآية: لا تجعلوا أيمانكم التي تحلفون
بها على أنكم توفون بالعهد لمن عاهدتموه، دخلًا أي خديعة وغدرا، ليطمئنوا
إليكم وأنتم تضمرون لهم الغدر" أهـ (1).
وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبائر:
الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس" (2).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله عَزَّ وَجَلَّ، وقتل النفس بغير حق، أو
نهب مؤمن، أو الفرار من الزحف، أو يمين صابرة يقتطع بها مالًا بغير حق"
(3).
اليمين المنعقدة وحكمها:
اليمين المنعقدة هى اليمين التي يقصدها الحالف ويصمّم عليها، توكيدًا لفعل
شيء أو تركه.
فإن برّ بيمينه فلا شىء عليه، وإن حنث فعليه الكفارة، لقوله تعالى:
{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (4). وقوله {وَلَكِنْ
يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (5).
مبنى الأيمان على النية:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "إنما
الأعمال بالنية" (6) فمن حلف على شيء، وورّى بغيره، فالعبرة بنيته لا
بلفظه:
عن سُويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا
وائل بن حجر،
__________
(1) تفسير الطبرى (166/ 14).
(2) صحيح: [ص. ج 4601]، خ (6675/ 555/ 11)، نس (89/ 7)، ت (5010/ 303/ 4).
(3) حسن: [ص. ج 3247]، أ (220/ 68/ 14).
(4) البقرة: 225.
(5) المائدة: 89.
(6) سبق.
(1/389)
فأخذه عدوُّ له. فتحرّج الناس أن يحلفوا،
فحلفت أنا أنه أخي فخلّى سبيله. فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا، وحلفت أنا أنه أخي. فقال: "صدقت المسلم
أخو المسلم" (1). وإنما تعتبر نية الحالف إذا لم يُستحلف، فإذا استُحلف
فاليمين على نية المستحلِف.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما اليمين على
نية المستحلِف" (2).
وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يمينك على ما يصدقك به
صاحبك" (3).
لا حنث مع النسيان أو الخطأ:
من حلف أن لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا أو خطأ فإنه لا يحنث:
لقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}
وفي الحديث أن الله قال: "نعم" (4).
الاستثناء في اليمين:
ومن حلف فقال: إن شاء الله فقد استثنى ولا حنث عليه:
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال سليمان بن داود نبى
الله: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، كلهم تأتى بغلام يقاتل في سبيل الله.
فقال له صاحبه، أو الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل ونسى، فلم تأت واحدة من
نسائه، إلا واحدة
__________
(1) صحيح: [ص. جه 1722]، جه (2119/ 685/ 1)، د (3239/ 82/ 9).
(2) صحيح: [ص. جه 1723]، جه (2120/ 685/ 1)، م (1653 - 21 - / 1274/ 73)
بدون "إنما".
(3) صحيح: [ص. جه 1724]، م (1653/ 1274/ 3)، جه (2121/ 686/ 1)، د (3238/
80/ 9)، ت (1365/ 404/ 2).
(4) صحيح: [ص. نس 3588]، م (125/ 115/ 1).
(1/390)
جاءت بشق غلام". فقال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - "ولو قال: إن شاء الله، لم يحنث، وكان دَرَكًا له في حاجته"
(1).
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف واستثنى،
إن شاء رجع، وإن شاء ترك غير حانث" (2).
من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفّر عن
يمينه" (3).
النهى عن الإصرار على اليمين:
قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ} (4).
قال ابن عباس: لا تجعلنّ عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفّر عن يمينك
واصنع الخير (5).
وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والله لأن يلج
(*) أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطى كفارته التي فرض
الله" (6).
__________
(1) متفق عليه: م (1654 - 23 - / 1275/ 3) وهذا لفظه، خ (6639/ 534/ 11)،
نس (25/ 7).
(2) صحيح: [ص. جه 1711]، جه (2105/ 680/ 1)، د (3245/ 88/ 9)، نس (12/ 7).
(3) صحيح: [الإرواء 2084]، م (1650 - 13 - / 1272/ 3)، ت (1569/ 43/ 3).
(4) البقرة: 224.
(5) سبق.
(*) يلج: من اللجاج وهو أن يتمادى في الأمر ولو تبين له خطؤه وأصل اللجاج
في اللغة هو الإصرار على الشىء مطلقًا. قال النووى ومعنى الحديث أن من حلف
يمينًا يتعلق بأهله بحيث يتضررون بعدم حنثه فيه فينبغى أن يحنث فيفعل ذلك
الشيء ويكفر عن يمينه، فإن قال لا أحنث بل أتورع عن ارتكاب الحنث خشية
الإثم فهو مخطىء بهذا القول بل استمراره على عدم الحنث وإقامة الضرر لأهله
أكثر إثمًا من الحنث، ولا بد من تنزيله على ما إذا كان الحنث لا معصية فيه.
(6) متفق عليه: خ (6625/ 517/ / 11)، م (1655/ 1276/ 3).
(1/391)
كفارة اليمين:
من حنث في يمينه فكفارته إحدى هذه الخصال:
1 - إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم.
2 - أو كسوتهم.
3 - أو تحرير رقبة.
فمن عجز عن هذه الخصال فكفارته صيام ثلاثة أيام، ولا يجوز التكفير بالصوم
مع القدرة على إحدى الخصال الثلاث السابقة.
قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ
وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ
إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ
أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}
(1).
الحلف بالحرام:
ومن قال: طعامى علىّ حرام، أو دخول دار فلان علىّ حرام، ونحو ذلك، لم يحرم،
وعليه إن فعل كفارة يمين:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ
لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ
فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (2).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب
عسلا عند زينب ابنة جحش ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها
فلتقل له أكلت مغافير؟ إنى أجد منك ريح مغافير. قال: لا, ولكنى كنت أشرب
عسلا عند زينب ابنة جحش فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبرى بذلك أحدًا" (3).
وعن ابن عباس قال: في الحرام يكَفّر "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"
(4).
__________
(1) المائدة: 89.
(2) التحريم: 1.
(3) صحيح: [ص. نس 3553]، خ (4912/ 656/ 8).
(4) سبق.
(1/392)
النذور
تعريفها:
النذور: جمع نذر، وأصله الإنذار بمعنى التخويف.
وعرّفه الراغب بأنه إيجاب ما ليس بواجب لحدوث أمر.
مشروعيتها:
قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ
فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (1).
وقال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ
وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2).
وقد مدح الله الموفين بالنذر فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ
يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} (3).
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" (4).
النهى عن النذر المعلّق:
عن عبد الله بن عمر قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النذر وقال:
إنه لا يردُّ شيئًا، ولكنه يستخرج به من البخيل" (5).
وعن سعيد بن الحارث أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول: أولم ينهوا عن
النذر؟ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن النذر لا يقدّم شيئًا ولا
يؤخّر، وإنما يستخرج بالنذر من البخيل" (6).
__________
(1) البقرة: 270.
(2) الحج: 29.
(3) الإنسان: 7.
(4) صحيح: [ص. ج 6565]، خ (6696/ 581/ 11)، د (3265/ 113/ 9)، ت (1564/ 41/
3)، نس (17/ 7)، جه (2126/ 687/ 1).
(5) متفق عليه: خ (6693/ 576/ 11)، م (1639/ 360/ 3) د (3263/ 109/ 9)، نس
(16/ 7).
(6) متفق عليه: خ (6692/ 575/ 11)، م (1639 - 3 - / 1261/ 3) بدون قول ابن
عمر.
(1/393)
متى يصح ومتى لا يصح:
يصح النذر وينعقد إذا كان قربة يتقرب بها إلى الله سبحانه، ويجب الوفاء به،
لحديث عائشة السابق "من نذر أن يطيع الله فليطعه".
ولا يصح النذر في المعصية، ولكن تجب به كفارة اليمين:
عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نذر في معصية،
وكفارته كفارة يمين" (1).
وأما النذر المباح مثل أن ينذر أن يحج ماشيًا أو يقوم في الشمس، فلا ينعقد،
ولا يجب به شيء:
عن أبي هريرة قال: "رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيخًا يمشي بين
ابنيه يتوكأ عليهما فقال: ما شأن هذا؟ قال ابناه: يا رسول الله كان عليه
نذر فقال - صلى الله عليه وسلم -: اركب أيها الشيخ، فإن الله غنى عنك وعن
نذرك" (2).
وعن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ برجل بمكة وهو قائم
في الشمس، فقال: ما هذا؟ قالوا: نذر أن يصوم ولا يستظل إلى الليل، ولا
يتكلم، ولا يزال قائما. قال: "ليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صومه" (3).
من نذر ثم عجز عن الوفاء:
من نذر طاعة ثم عجز عن الوفاء بما نذر فعليه كفارة يمين:
عن عقبة بن عامر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كفارة النذر
كفارة اليمين" (4).
من نذر ثم مات:
ومن نذر نذرًا ثم مات قبل أن يقضيه قضاه عنه وليّه:
عن ابن عباس أنه قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- في نذر كان على أمه تُوفيت قبل أن تقضيه. قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "فاقضه عنها" (5).
__________
(1) صحيح: [الإرواء 2590]، د (3267/ 115/ 9)، ت (1562/ 40/ 3)، نس (26/ 7)،
جه (2125/ 686/ 1).
(2) صحيح: [مختصر م 1005]، م (1643/ 1264/3).
(3) صحيح: [الإرواء 2591]، خ (4/ 276)، د (3300).
(4) صحيح: [ص. ج 4488]، م (1645/ 1265/3)، نس (26/ 7).
(5) متفق عليه: م (1638/ 1260/ 3) وهذا لفظه، خ (6698/ 583/ 11)، د (3283/
134/9) ت (1586/ 51/ 3)، نس (21/ 7)، جه (2132/ 689/ 1).
(1/394)
|