تهذيب الآثار مسند عمر

716 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ: اطَّلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ بِبَدْرٍ، ثُمَّ نَادَاهُمْ فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» قَالَ نَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُنَادِي نَاسًا أَمْوَاتًا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ»

(2/489)


717 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى بَدْرٍ أَنْ يُسْحَبُوا إِلَى الْقَلِيبِ، فَطُرِحُوا فِيهِ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُكَلِّمُ قَوْمًا مَوْتَى؟ قَالَ: «لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَا وَعَدَهُمْ رَبُّهُمْ حَقٌّ» فَلَمَّا رَأَى أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ أَبَاهُ يُسْحَبُ عَلَى الْقَلِيبِ، عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا حُذَيْفَةَ، كَأَنَّكَ كَارِهٌ لِمَا رَأَيْتَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ رَجُلًا سَيِّدًا، فَرَجَوْتُ أَنْ يَهْدِيَهُ رَأْيُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا وَقَعَ الْمَوْقِعَ الَّذِي وَقَعَ أَحْزَنَنِي ذَلِكَ قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي حُذَيْفَةَ بِخَيْرٍ

(2/490)


الْقَوْلُ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ فِي مَعَانِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ يَكْثُرُ عَدَدُهَا بِتَصْحِيحِهَا، وَتَصْحِيحِ الْقَوْلِ بِظَاهِرِهَا وَعُمُومِهَا، وَقَالُوا: الْمَيِّتُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَسْمَعُ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْقَلِيبِ بَعْدَمَا أُلْقُوا فِيهِ مَا قَالَ، قَالُوا: وَفِي قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ، إِذْ قَالُوا: أَتُكَلِّمُ أَقْوَامًا قَدْ مَاتُوا وَصَارُوا أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ فَقَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» أَوْضَحُ الْبَيَانِ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ، مِنْ أَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِكَ بِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ

(2/491)


ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ، مِمَّا صَحَّ مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(2/491)


718 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ لَهُ بَعْدُ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَجَلَسْنَا مَعَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ، قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا فَقَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ كَفَنٌ وَحَنُوطٌ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ [ص:492] صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ كُلُّهَا، فَلَيْسَ مِنْهَا بَابٌ إِلَّا وَهُوَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُدْخَلَ بِهِ مِنْهُ. فَإِذَا انْتَهَى بِهِ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: رَبِّ، عَبْدُكَ فُلَانٌ قَدْ قَبَضْنَا نَفْسَهُ، قَالَ: فَيَقُولُ: ارْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. قَالَ: وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَذَكَرَ كَلَامًا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] . ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ حَسَنُ الثِّيَابِ قَالَ: فَيَقُولُ لَهُ: يَا هَذَا: أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَجَنَّاتٍ فِيهَا نُعَيْمٌ مُقِيمٌ. قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَمَنْ أَنْتَ؟ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ. قَالَ: يَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ. فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ افْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ وَافْرِشُوا لَهُ مِنْ فُرُشِ الْجَنَّةِ قَالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيُفْرَشُ لَهُ مِنْ فُرُشِ الْجَنَّةِ. قَالَ: يَقُولُ: رَبِّ، عَجِّلْ قِيَامَ السَّاعَةِ قَالَ: فَيَقُولُهَا ثَلَاثًا، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوجُوهِ، مَعَهُمْ سَرَابِيلٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَثِيَابٌ مِنَ نَارٍ، فَأَجْلَسُوهُ وَانْتَزَعُوا نَفْسَهُ مَعَهَا الْعَصَبُ وَالْعُرُوقُ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ لَعَنَهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهُ، فَلَيْسَ مِنْهَا بَابٌ [ص:493] إِلَّا وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْهُ، فَإِذَا انْتَهَى بِهِ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ رَمَى بِهِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، عَبْدُكَ فُلَانٌ قَبَضْنَا نَفْسَهُ، فَلَمْ تَقْبَلْهُ الْأَرْضُ وَلَا السَّمَاءُ قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ: ارْجِعْهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: لَا أَدْرِي. ثُمَّ يَنْتَهِرُهُ انْتِهَارَةً شَدِيدَةً، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: لَا أَدْرِي قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَا دَرَيْتَ، ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، أَبْشِرْ بِسَخَطِ اللَّهِ وَعَذَابٍ مُقِيمٍ قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ بَشَّرَكَ اللَّهُ بِالشَّرِّ، فَمَنْ أَنْتَ؟ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالشَّرِّ قَالَ: أَنَا عَمَلُكَ السَّيِّئُ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ، لَوْ ضَرَبَ بِهَا جَبَلًا لَصَارَ نَارًا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ قَالَ: قُلْنَا لِلْبَرَاءِ: أَمَلَكٌ هُوَ أَمْ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: نَحْنُ كُنَّا أَشَدَّ هَيْبَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ نَسْأَلَهُ أَمَلَكٌ هُوَ أَمْ شَيْطَانٌ قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ افْرِشُوا لَهُ لَوْحَيْنِ مِنْ نَارٍ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ النَّارِ قَالَ: فَيُفْرَشُ لَهُ لَوْحَانِ مِنَ النَّارِ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، لَا تُقِمِ السَّاعَةَ "
[ص:494]

719 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ، فَيَزِيدُ فِيهِ، وَيَنْقُصُ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَيُوضَعُ فِي سِجِّينٍ، وَسِجِّينٌ: الْأَرْضُ السُّفْلَى

(2/491)


720 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ طَوِيلًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَائِكَةً مِنَ السَّمَاءِ بِيضَ الْوجُوهِ، كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، حَتَّى يَقْعُدُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ [ص:495]، وَمَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ وَيَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَقْعُدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيُحَوِّلُوهَا فِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، ثُمَّ يَصْعَدُونَ بِهَا، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ فَيُفْتَحُ لَهَا، فَلَا يَمُرُّونَ بِأَهْلِ سَمَاءٍ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّذِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولَانِ لَهُ، وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] الْآيَةَ. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ رُوحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيَأْتِيَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، فَهَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي [ص:496] وَإِنَّ الْعَبْدَ الْفَاجِرَ أَوِ الْآخَرَ، إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوجُوهِ، مَعَهُمْ أَكْفَانُ الْمُسُوحِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، وَيَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضِبٍ. فَتَفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، تَنْقَطِعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ، كَمَا يُنْزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا وَقَعَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَضَعُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، ثُمَّ يَصْعَدُوا بِهَا، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ، فَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ، فِي سِجِّينٍ، فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ: فَتُطْرَحُ رُوحُهُ فَتَهْوِي تَتَخَطَّفُهُ الطَّيْرُ، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ [ص:497] سَحِيقٍ، فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَيَقُولَانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيَهُ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ، لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، لَا تُقِمِ السَّاعَةَ "

721 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

(2/494)


722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ [ص:498] زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَجَلَسَ تِجَاهَ الْقِبْلَةِ، فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، فَنَكَّسَ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتِ مَلَائِكَةٌ كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَ كُلِّ مَلَكٍ كَفَنٌ وَحَنُوطٌ، فَجَلَسُوا عِنْدَهُ سِمَاطَيْنِ مَدَّ الْبَصَرِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ يَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ: رَبِّ، هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوهُ إِلَى التُّرَابِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ، وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَإِذَا أُدْخِلَ الْقَبْرَ فَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا قَالَ: فَيَأْتِيهِ آتٍ فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَسْأَلُهُ الثَّانِيَةَ وَيَنْتَهِرُهُ، وَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ، فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] ، فَيَأْتِيهِ آتٍ طَيِّبُ الرِّيحِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، جَيِّدُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ، وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نُعَيْمٌ مُقِيمٌ. فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ، وَمِنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي [ص:499] طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا قَالَ: فَيَقُولُ: افْرِشُوا لَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيَّ، وَمَا عِنْدِي خَيْرٌ لَهُ قَالَ: فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: رَبِّ عَجِّلْ قِيَامَ السَّاعَةِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مَعَهُمْ سَرَابِيلٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَثِيَابٌ مِنَ نَارٍ، فَاحْتَوَشُوهُ، فَيَنْتَزِعُونَ نَفْسَهُ كَمَا يُنْتَزَعُ الصُّوفُ الْمُبْتَلُّ مِنَ السَّفُّودُ كَثِيرِ الشُّعَبِ. قَالَ: وَيَخْرُجُ مَعَهَا الْعَصَبُ وَالْعُرُوقُ، وَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلَى سَخَطِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: رَبِّ، هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوهُ إِلَى التُّرَابِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ فَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ. قَالَ: فَيَأْتِيهِ آتٍ، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَتُعَادُ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ، وَيَنْتَهِرُهُ، وَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، لَا أَدْرِي، لَا أَدْرِي، فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ. قَالَ: وَيُرْفَعُ أَعْمَى أَصَمُّ أَبْكَمُ، مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا الثَّقَلَانِ، مَا أَقَلُّوهَا، وَلَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا أَوْ رَمِيمًا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهُمْ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، فَيَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، خَبِيثُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَعَذَابٍ مُقِيمٍ، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ، فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِشْرٍ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يُبَشِّرُ بِالشَّرِّ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ السَّيِّئُ، إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا فِي طَاعَةِ [ص:500] اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، فَيَقُولُ: افْرِشُوا لَهُ لَوْحَيْنِ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ لَوْحَيْنِ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا مِنَ النَّارِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيَّ، وَمَا عِنْدِي شَرٌّ لَهُ "

(2/497)


723 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحِدُوا، فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى أَكْتَافِنَا فِلَقُ الصَّخْرِ، وَعَلَى رَءُوسِنَا الطَّيْرُ قَالَ: فَأَرَمَّ قَلِيلًا قَالَ: - وَالْإِرْمَامُ السُّكُوتُ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَدُبُرٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَحَضَرَ الْمَوْتُ، نَزَلَتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنَ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، اخْرُجِي إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ. فَتَسِيلُ نَفْسُهُ كَمَا تَقْطُرُ الْقَطْرَةُ مِنَ السِّقَاءِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يُصْعَدُ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَيُفْتَحُ لَهُ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ، وَالرَّابِعَةِ، وَالْخَامِسَةِ، وَالسَّادِسَةِ، وَإِلَى الْعَرْشِ مُقَرَّبُو كُلِّ سَمَاءٍ. فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْعَرْشِ، كُتِبَ كِتَابُهُ فِي عِلِّيِّينَ، فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: رُدُّوا عَبْدِي إِلَى مَضْجَعِهِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، فَيُرَدُّ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ، وَنكِيرٌ يُثِيرَانِ الْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا، وَيُلْحِفَانَ الْأَرْضَ بِأَشْعَارِهِمَا، فَيُجْلِسَانِهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا؟ مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ قَالَ: يَقُولَانِ: صَدَقْتَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ: صَدَقْتَ [ص:501]، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَقُولَانِ: صَدَقْتَ، قَالَ: ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيَأْتِيهِ حَسَنُ الْوَجْهِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ لَهُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَسَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي دُبُرٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَقُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَحَضَرَهُ الْمَوْتُ، نَزَلَتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنَ نَارٍ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى غَضِبِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ، فَتَتَفَرَّقُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَخْرُجَ، لِمَا تَرَى وَتُعَايِنُ، فَيَسْتَخْرِجُهَا كَمَا يُسْتَخْرَجُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ لَعَنَهُ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يَصْعَدُ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ: فَتُغْلَقُ دُونَهُ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوا عَبْدِي إِلَى مَضْجَعِهِ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ: فَيُرَدُّ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ، وَنَكِيرٌ يُثِيرَانِ الْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا، وَيُلْحِفَانِ الْأَرْضَ بِأَشْعَارِهِمَا، وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ، وَأَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، فَيُجْلِسَانِهِ ثُمَّ يَقُولَانِ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ مُنَادٍ: لَا دَرَيْتَ فَيَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ لَمْ يُقِلُّوهَا، يَشْتَعِلُ مِنْهَا قَبْرُهُ نَارًا، وَيُضَيَّقُ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، فَيَقُولُ: جَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَبَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، سَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَى مَقْعَدِهِ مِنْهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ "

(2/500)


حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ حِينَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ، وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَصْعَدُ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَأْتِيهِ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْتَخْبِرُونَهُ عَنْ مَعَارِفِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ: تَرَكْتُ فُلَانًا فِي الدُّنْيَا أَعْجَبُهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ لَهُمْ إِنَّ فُلَانًا قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا. قَالُوا: مَا جِيءَ بِرُوحِ ذَاكَ إِلَيْنَا، وَقَدْ ذَهَبَ بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاحِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجْلَسُ فِي قَبْرِهِ وَيُسْأَلُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَيُقَالُ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُقَالُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ فِي قَبْرِهِ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَجْلِسِكَ، نَمْ قَرِيرُ الْعَيْنِ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّمَا كَانَتْ رَقْدَةً. وَإِذَا كَانَ عَدُوَّ اللَّهِ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ أَبَدًا، وَاللَّهُ يَبْغَضُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا أُجْلِسَ فِي قَبْرِهِ يُقَالُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ: لَا دَرَيْتَ , يُقَالُ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، يُقَالُ: مَا دِينُكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ: لَا دَرَيْتَ وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ فِي قَبْرِهِ، بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُضْرَبُ ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يُقَالُ: نَمْ كَمَا يَنَامُ الْمَنْهُوشُ " قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَا الْمَنْهُوشُ؟ قَالَ: نَهَشَتْهُ الدَّوَابُّ، وَالْحَيَّاتُ، ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ نَصَبَ يَدَهُ، ثُمَّ كَفَأَهَا، ثُمَّ شَبَّكَ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ

(2/502)


حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطِّيبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ. قَالَ: فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى يُعْرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ فُلَانٌ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطِّيبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرُوحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَيُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٍ، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ، فَيَقُولُونَ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهُ لَنْ يُفْتَحَ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَتُرْسَلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَتَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ، فَيُقَالُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: فِي الْإِسْلَامِ , فَيُقَالُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ [ص:504] مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، فَآمَنَّا وَصَدَّقْنَا، فَيُقَالُ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ يَرَاهُ، فَتُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ: انْظُرْ مَا وَقَاكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُفَرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، ثُمَّ يُقَالُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السَّوْءُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ يُقَالُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ. فَتُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ: انْظُرْ مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ. ثُمَّ تُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، ثُمَّ يُقَالُ: عَلَى شَكٍّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُعَذَّبُ "

726 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ» ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

(2/503)


حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] قَالَ: " ذَاكَ إِذَا قِيلَ لَهُ فِي الْقَبْرِ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ. فَيُقَالُ لَهُ: صَدَقْتَ، عَلَى هَذَا عِشْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تَبْعَثُ

(2/505)


728 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ مُدْبِرِينَ، فَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَالزَّكَاةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَسَارِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى مِنْ عَنْدِ يَمِينِهِ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ، فَيَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ قَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ، فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ سَتَفْعَلُ، فَأَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَيَقُولُ: وَعَمَّ تَسْأَلُونِي، فَيُقَالُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ؟ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ وَمَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَمُحَمَّدٌ؟ فَيُقَالُ لَهُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَى ذَلِكَ مُتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ لَوْ عَصَيْتَهُ، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ يُجْعَلُ نَسَمَةً فِي النَّسَمِ الطَّيِّبِ، وَهِيَ طَيْرٌ خُضُرٌ تَعَلَّقُ شَجَرَ الْجَنَّةِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ إِلَى مَا بُدِئَ مِنْهُ مِنَ التُّرَابِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]
[ص:507] ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَنَامُ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَإِنْ كَافِرًا، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ فَزِعًا مَرْعُوبًا، فَيُقَالُ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَيَقُولُ: وَعَمَّ تَسْأَلُونَ؟ قَالُوا: إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ، مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ وَمَاذَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ؟ فَيُقَالُ: هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ فَلَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا، فَقُلْتُ كَمَا قَالُوا، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَى ذَلِكَ مُتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: ذَلِكَ مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ أَطَعْتَهُ، فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا، ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَهِيَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] "

(2/506)


729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ: " يَأْتِيَهُ فِي قَبْرِهِ، وَتَمَثَّلُ لَهُ الشَّمْسُ لِغُرُوبٍ قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيُخْبِرُهُمْ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: صَدَقْتَ، قَالَ: وَيُمَدُّ لَهُ قُدَّامَهُ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي قَبْرِهِ، فَيَقُولُ: دَعُونِي أُخْبِرُ أَهْلِي، فَيُقَالُ: اسْكُنْ، إِنَّكَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا دُفِنَ وَوَلَّى عَنْهُ الْقَوْمُ، سَمِعَ خَفْقَ نِعَالِهِمْ رَاجِعِينَ "

(2/507)


730 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ سُفْيَانُ يَرْفَعْهُ قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ»

(2/508)


731 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سُفْيَانَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: انْتَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرٍ، وَلَمَّا يُفْرَغْ مِنْهُ، فَاطَّلَعَ فِي الْقَبْرِ، فَقَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . فَعُذْنَا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً، فَقَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . فَعُذْنَا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ اطَّلَعَ ثَالِثَةً، فَقَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . فَعُذْنَا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي إِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ فَجَلَسُوا مِنْهُ قَرِيبًا، فَإِذَا هُوَ مَاتَ تَلَقَّوْهُ بِحَنُوطِهِمْ وَكَفَنِهِمْ، وَصَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ، فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ارْجِعْ عَبْدِي، مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ، فَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُهَا، فَيَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُهَا، ثُمَّ يَأْتِيهِ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَنْقَاهُ ثَوْبًا، وَأَطْيَبُهُ رِيحًا، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ، لَكَ فِيهَا نُعَيْمٌ مُقِيمٌ، فَيَقُولُ: وَجْهُكَ الْوَجْهُ جَاءَنَا بِالْخَيْرِ، وَمِثْلُكَ يُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ، فَمَنْ أَنْتَ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الطَّيِّبُ، خَرَجْتُ مِنْ جَسَدِكِ الطَّيِّبِ، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ لَسَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبٍ خَيْرًا، ثُمَّ يُخْرَقُ لَهُ خَرْقٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَأْتِيهِ رِيحُهَا وَرُوحُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَإِذَا كَانَ الْكَافِرُ فِي إِدْبَارٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ فَجَلَسُوا مِنْهُ قَرِيبًا، فَإِذَا هُوَ مَاتَ خَرَجَتْ نَفْسُهُ كَالسَّفُّودِ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، وَلَعَنُوهُ، وَلَعَنَهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ عَرَجُوا بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَهَا فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوا عَبْدِي، مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ. ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ، ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ، ثُمَّ يَأْتِيهِ أَقْبَحُ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَنْتَنُهُ رِيحًا، وَأَوْخَشُهُ ثَوْبًا [ص:510]، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَنَارٍ لَكَ فِيهَا عَذَابٌ مُقِيمٌ، فَيَقُولُ: مِثْلُكَ بَشَّرَ بِالشَّرِّ، وَجْهُكَ الْوَجْهُ جَاءَ بِالشَّرِّ، فَمَنْ أَنْتَ؟ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، خَرَجْتُ مِنْ جَسَدِكِ الْخَبِيثِ، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ لَسَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبٍ شَرًّا، ثُمَّ يَأْتِيهِ آتٍ مَعَهُ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَيَضْرِبُهُ بِهَا، ثُمَّ يُخْرَقُ لَهُ ثَقْبٌ مَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ، ثُمَّ يُخْرَقُ لَهُ إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ وَهَجُهَا وَغَمُّهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "

(2/508)


ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ السَّلَفِ، وَقَالُوا: إِنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، وَيَتَكَلَّمُونَ وَيَعْلَمُونَ

(2/510)


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى [ص:511] أَقْرِبَائِكُمْ مِنْ مَوْتَاكُمْ، فَإِنْ رَأَوْا خَيْرًا فَرِحُوا بِهِ، وَإِنْ رَأَوْا شَرًّا كَرِهُوهُ، وَإِنَّهُمْ يَسْتَخْبِرُونَ الْمَيِّتَ إِذَا أَتَاهُمْ، مَنْ مَاتَ بَعْدَهُمْ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَسْأَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَتَزَوَّجَتْ أَمْ لَا؟ وَحَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ، فَإِذَا قِيلَ: قَدْ مَاتَ قَالَ: هَيْهَاتَ، ذَهَبَ ذَاكَ، فَإِنْ لَمْ يُحِسُّوهُ عِنْدَهُمْ، قَالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَ الْمُرَبِّيَةُ "

(2/510)


733 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " إِذَا تُوُفِّيَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَائِكَةً فَقَبَضُوا رُوحَهُ فِي أَكْفَانِهِ. قَالَ: فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ فَيَنْتَهِرَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: رَبِّيَ اللَّهُ قَالَا: مَا دِينُكَ؟ قَالَ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ قَالَا: فَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَا: صَدَقْتَ، كَذَلِكَ كُنْتَ، أَفْرِشُوهُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا، وَأَرَوْهُ مَقْعَدَهُ، وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ كِسْوَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ: وَأَمَّا الْآخَرُ؛ فَيُدْخَلُ بِهِ قَبْرَهُ، فَيُقَالُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ. فَيُقَالُ: مَا دِينُكَ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي. قَالَا: لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، كَذَلِكَ كُنْتَ، أَفْرِشُوهُ مِنَ [ص:512] النَّارِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا، وَأَرَوْهُ مَقْعَدَهُ فِيهَا، وَيُضْرَبُ ضَرْبَةً يَلْتَهِبُ قَبْرُهُ نَارًا مِنْهَا، وَيُضَيَّقُ قَبْرُهُ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ أَوْ تَمَاسَّ، وَتُبْعَثُ عَلَيْهِ حَيَّاتٌ مِنْ جَوَانِبِ الْقَبْرِ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ تَنْهَشُهُ، فَإِذَا جَزِعَ قُمِعَ بِمَقْمَعٍ مِنْ نَارٍ أَوْ حَدِيدٍ "

(2/511)


734 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُجْلَسُ فِي قَبْرِهِ إِجْلَاسًا، فَيُقَالُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ: " أَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: فَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَيُرَى مَكَانَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَتُنَزَّلُ لَهُ كِسْوَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَيَلْبَسُهَا وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، لَا دَرَيْتَ، فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ أَوْ تَمَاسَّ، وَتُرْسَلُ عَلَيْهِ حَيَّاتٌ مِنْ جَانِبِ قَبْرِهِ فَتَنْهَشُهُ وَتَأْكُلُهُ. فَإِذَا فَزِعَ مِنْهَا قُمِعَ بِمَقَامِعَ مِنْ نَارٍ "

(2/512)


735 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي شَقِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " إِذَا دَخَلَ الْمَيِّتُ قَبْرَهُ أَتَاهُ مَلَكَانِ يَنْتَهِرَانِهِ، فَيَقُومُ [ص:513]، يَهُبُّ كَمَا يَهُبُّ النَّائِمُ، أَوْ نَحْوُهُ قَالَ: فَيَسْأَلَانِهِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ وَمَا دِينُكَ؟ فَيُجِيبُهُمْ قَالَ: فَيَقُولَانِ: صَدَقْتَ، كَذَلِكَ كُنْتَ، قَالَ: فَيُقَالُ: اكْسُوهُ كِسْوَةً مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْهَا قَالَ: فَيَقُولُ: دَعُونِي أُخْبِرُ أَهْلِي. قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ "

(2/512)


736 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْقَنَّادُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: " تُوُفِّيَ أَخِي عُمَيْرُ بْنُ طَرِيفٍ عَامَ الْجَمَاجِمِ، فَلَمَّا دُفِنَ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى قَبْرِهِ، فَإِنَّ أُذُنِي الْيُسْرَى عَلَى الْقَبْرِ، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ أَخِي، أَعْرِفُ صَوْتًا ضَعِيفًا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُ. فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: فَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: الْإِسْلَامُ "

(2/513)


737 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي خَالَةٌ لِي يُقَالُ لَهَا تُهْلَلُ بِنْتُ الْعَطَّافِ، وَكَانَتْ مِنَ الْعَوَابِدِ، وَكَانَتْ كَثِيرًا مَا تَرْكَبُ إِلَى الشُّهَدَاءِ، قَالَتْ: " رَكِبْتُ إِلَيْهِمْ يَوْمًا فَصَلَّيْتُ عِنْدَ قَبْرِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُصَلِّيَ، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ فَقُمْتُ، فَقُلْتُ هَكَذَا بِيَدِي، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ: فَسَمِعَتْ أُذُنَايَ السَّلَامَ يَخْرُجُ إِلَيَّ [ص:514] مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ، أَعْرِفُهُ كَمَا أَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي، وَكَمَا أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ، وَمَا فِي الْوَادِي دَاعٍ، وَلَا مُجِيبَ يَتَحَرَّكُ إِلَّا غُلَامِي نَائِمًا أَخَذَ بِرَأْسِ دَابَّتِي، فَاقْشَعَرَّتْ كُلُّ شَعْرَةٍ مِنِّي، فَدَعَوْتُ الْغُلَامَ: يَا بُنَيَّ هَلُمَّ دَابَّتِي، فَأَدْنَى دَابَّتِي فَرَكِبْتُ "

(2/513)


738 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الصِّمَّةِ الْمُهَلَّبِيُّ، حَدَّثَنِي الَّذِينَ كَانُوا يَمُرُّونَ بِالْجِصِّ بِالْأَسْحَارِ قَالَ: «كُنَّا إِذَا مَرَرْنَا بِجَنَبَاتِ قَبْرِ ثَابِتٍ سَمِعْنَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ»

(2/514)


739 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَظُنُّهُ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَادًا لَمَّا أَهْلَكَهَا اللَّهُ بِمَا أَهْلَكَهَا قَامَ فِيهِمْ نَبِيُّهُمْ، فَقَالَ: عَادٌ، «هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا، هَلْ زُلْزِلَتْ أَقْدَامُكُمْ؟ وَرَجَفَتْ قُلُوبُكُمْ؟ وَشُقَّتِ الْأَحْقَافُ عَلَيْكُمْ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَقَالَتِي»

(2/514)


740 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ وَهُوَ يَمُوتُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: «أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلَامَ»

(2/515)


741 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ قَرِينٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدًا كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى ضَيْعَتِهِ مَرَّ بِقُبُورِ الشُّهَدَاءِ، فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «أَلَا تُسَلِّمُونَ عَلَى الشُّهَدَاءِ فَيَرُدُّوا عَلَيْكُمْ»

(2/515)


742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ [ص:516]، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ السَّلَامَ قَالَ: «الْمَيِّتُ يَسْمَعُ نِعَالَكُمْ إِذَا وَلَّيْتُمْ عَنْهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: هَذِهِ أَخْبَارٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِحَاحٌ، وَلَكِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ أَنَّهُ حَقٌّ مِنْهُمْ» ، وَرَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ»

(2/515)


ذِكْرُ مَنْ لَمْ نَذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ

(2/516)


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: وقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَلِيبِ بِبَدْرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " غَفَرَ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ وَهِلَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] "

(2/516)


744 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ وَهِلَ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا فُلَانُ، يَا فُلَانُ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ الَّذِيَ كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ»

(2/517)


745 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُولَئِكَ الرَّهْطِ، عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَصْحَابِهِ، فَأُلْقُوا فِي الطُّوَى قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَزَى اللَّهُ شَرًّا مِنْ قَوْمِ نَبِيٍّ، مَا كَانَ أَسْوَأَ الطَّرْدِ، وَأَشَدَّ التَّكْذِيبِ» قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا؟ قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَفْهَمَ لِقَوْلِي مِنْهُمْ» ، أَوْ: «لَهُمْ أَفْهَمُ لِقَوْلِي مِنْكُمْ» [ص:518] قَالُوا: فَخَبَرُ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَتْهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ، إِذْ قَالُوا لَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ لِأَهْلِ الْقَلِيبِ: «أَتُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَمَا أَنْتُمْ بِأَفْهَمَ لَهُ مِنْهُمْ» يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ مَا قُلْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ: مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ، لَا أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ أَصْوَاتَ بَنِي آدَمَ وَكَلَامَهُمْ، قَالُوا: وَلَوْ كَانُوا يَسْمَعُونَ كَلَامَ النَّاسِ وَهُمْ مَوْتَى، لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى، ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، وَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] مَعْنًى قَالُوا: وَفِي فَسَادِ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ، صِحَّةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْوَاتَ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ لَا يَسْمَعُونَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ شَيْئًا. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةٌ , عُدُولٌ نَقَلَتُهَا، فَالْوَاجِبُ عَلَى مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْإِيمَانُ بِهَا وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مِنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِ مَا شَاءَ مِنْ كَلَامِ خَلْقِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا شَاءَ، وَيُفْهِمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ مَا شَاءَ، وَيُنَعِّمُ مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ بِمَا أَحَبَّ، وَيُعَذِّبُ فِي قَبْرِهِ الْكَافِرَ، وَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنْهُمُ الْعَذَابَ كَيْفَ أَرَادَ، عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآثَارُ وَصَحَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ. وَلَيْسَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: 80] ، وَلَا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [ص:519][فاطر: 22] حُجَّةٌ لِمَنِ احْتَجَّ بِهِ فِي دَفْعِ مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ إِذْ قَالُوا لَهُ فِي خِطَابِهِ أَهْلِ الْقَلِيبِ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» ، وَلَا فِي إِنْكَارِ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ مُخْبِرَهُمْ عَنِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ: «إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ» ، إِذْ كَانَ قَوْلُهُ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، مُحْتَمِلًا مِنَ التَّأْوِيلِ أَوْجُهًا سِوَى التَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ الْمُوَجِّهُ تَأْوِيلَهُ إِلَى أَنَّهُ لَا مَيِّتَ يَسْمَعُ مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ شَيْئًا. فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى بِطَاقَتِكَ وَقُدْرَتِكَ، إِذْ كَانَ خَالِقُ السَّمْعِ غَيْرَكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ هُوَ الَّذِي يُسْمِعُهُمْ إِذَا شَاءَ، إِذْ كَانَ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} [النمل: 81] . وَذَلِكَ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْفِيقَ لِلرَّشَادِ بِيَدِ اللَّهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، فَنَفَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا أَنْ يُسْمِعَ الْمَوْتَى إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ، كَمَا نَفَى أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى هِدَايَةِ الضُّلَّالِ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِسْمَاعِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} [فاطر: 22] ، ثُمَّ نَفَى عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُدْرَةَ عَلَى مَا أَثْبَتَهُ وَأَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسْمِعُهُمْ دُونَكَ، وَبِيَدِهِ الْإِفْهَامُ وَالْإِرْشَادُ وَالتَّوْفِيقُ، وَإِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ، فَبَلِّغْ مَا أَرْسِلْتَ بِهِ. فَهَذَا أَحَدُ أَوْجُهِهِ , [ص:520] وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى إِسْمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُمُ الْأَعْمَالُ، وَخَرَجُوا مِنْ دَارِ الْأَعْمَالِ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ، فَلَا يَنْفَعُهُمْ دُعَاؤُكَ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَتَبَ رَبُّكَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، لَا يُسْمِعُهُمْ دُعَاؤُكَ إِلَى الْحَقِّ إِسْمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ خَتَمَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا، كَمَا خَتَمَ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ أَنَّهُمْ لَا يَنْفَعُهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا إِلَى مَسَاكِنِهِمْ مِنَ الْقُبُورِ إِيمَانٌ وَلَا عَمَلٌ؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ امْتِحَانٍ، وَإِنَّمَا هِيَ دَارُ مُجَازَاةٍ، وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وجُوهِ الْمَعَانِي. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا مِنَ الْمَعَانِي مَا وَصَفْنَا، فَلَيْسَ لِمُوَجِّهِهِ إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَيِّتٌ شَيْئًا بِحَالٍ حُجَّةٌ، إِذْ كَانَ لَا خَبَرَ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَحِّحُهُ، وَلَا فِي الْفِعْلِ شَاهِدٌ بِحَقِيقَتِهِ، بَلْ تَأْوِيلُ مُخَالِفِيهِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِمَا رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ، عَلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ عَنْهُ الْآثَارُ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَقَوْلَهُ لَهُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، لَمَّا كَانَ عَامًّا ظَاهِرُهُ فِي كُلِّ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَفِي جَمِيعِ الْمَوْتَى، مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ بَعْضٍ مِنْهُمْ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعُوا فِي حَالِ مَا هُمْ فِي الْبَرْزَخِ شَيْئًا مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ [ص:521]. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ بَيَانَ مَا نَزَلَ إِلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ ذَكَرَ حَالَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فِي قُبُورِهِمَا حِينَ يُسْأَلَانِ عَنْ دِينِهِمَا: أَنَّهُمَا يَسْمَعَانِ خَفْقَ نِعَالِ مُتَّبِعِي جَنَائِزِهِمَا إِذَا وَلَّوْا عَنْهُمَا مُدْبِرِينَ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] ، وَقَوْلَهُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] ، مَعْنِيٌّ بِهِ إِسْمَاعُ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ جَمِيعِهَا، وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: قَدْ يَسْمَعُونَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ» ، إِنَّهُ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ، إِذْ كَانَ مَعْرُوفًا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: قَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ مَا قُلْتَ، بِمَعْنَى: فَهِمْتُ عَنْكَ مَا قُلْتَ، وَاسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ، بِمَعْنَى: افْهَمْ عَنِّي مَا أَقُولُ؟ قِيلَ لَهُ: إِنْ ذَلِكَ لَوْ وَجَّهْنَاهُ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي قُلْتُهُ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِي أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ السَّمَاعَ الْمَفْهُومَ حُجَّةٌ، وَذَلِكَ أَنَّا إِنْ قُلْنَا: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، لَمْ يَخْلُ عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ لَهُمْ عَنْ سَمَاعٍ مِنْهُمْ خَفْقَ نِعَالِهِمْ، أَوْ عَنْ خَبَرٍ أُخْبِرُوا بِهِ فِي قُبُورِهِمْ، وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَإِنَّهُ مُحَقَّقٌ قَوْلُنَا فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ يُسْمِعُ مِنْ شَاءَ مِنَ الْأَمْوَاتِ مَا شَاءَ مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ، وَيُعَرِّفُ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ، وَيُنَعِّمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فِي قَبْرِهِ بِمَا شَاءَ، وَيُعَذِّبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ كَيْفَ شَاءَ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ص:522]، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَيْضًا، أَعْنِي خَبَرَ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْحَقِّ مُوَارَاةَ جِيفَةِ كُلِّ مَيِّتٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَنْ أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ، مَا وُجِدَ إِلَى ذَلِكَ السَّبِيلُ، مُؤْمِنًا كَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ أَوْ كَافِرًا، وَذَلِكَ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى مُشْرِكِي بَدْرٍ أَنْ يُجْعَلُوا فِي قَلِيبٍ، وَلَمْ يَتْرُكْهُمْ بِالْعَرَاءِ مُطَرَّحِينَ، بَلْ أَمَرَ بِجِيَفِهِمْ أَنْ تُوَارَى فِي الْقَلِيبِ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ، فَالْحَقُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَنُّوا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَفْعَلُوا فِي مَنْ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي مَعْرَكَةِ الْحَرْبِ بِالْقَتْلِ، وَفِي غَيْرِ مَعْرَكَةِ الْحَرْبِ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلَى مُشْرِكِي بَدْرٍ فَيُوَارُوا جِيفَتَهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ يَشْغَلُهُمْ عَنْهُ مِنْ خَوْفِ كَرَّةِ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّتُهُ فِي مُشْرِكِي أَهْلِ الْحَرْبِ، فَالْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ بِحَيْثُ لَا أَحَدَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ مِلَّتِهِ بِحَضْرَتِهِ يَلِي أَمْرَهُ، وَحَضَرَهُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، أَحَقُّ وَأَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ السُّنَّةَ فِيهِمْ سُنَّتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُشْرِكِي بَدْرٍ فِي أَنْ يُوَارُوا جِيفَتَهُ وَيَدْفِنُوهُ وَلَا يَتْرُكُوهُ مَطْرُوحًا بِالْعَرَاءِ مِنَ الْأَرْضِ، وَبِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِذْ مَاتَ، فَقَالَ لَهُ: «اذْهَبْ فَوَارِهِ» وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَذِنَ بِمِثْلِ فِعْلِهِ بِمُشْرِكِي بَدْرٍ مِنْ دَفْنِهِ إِيَّاهُمْ، فِي مَوَاطِنَ أُخَرَ، وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ بَعْضُ النَّظَرِ، وَذَلِكَ مَا

(2/517)


746 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالُوا جَمِيعًا: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ هَذِهِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، أَرْدَفْتُهَا خَلْفِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَنِيَ فَقَتَلْتُهَا، فَأَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَفْنِهَا " فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ لِشَاغِلٍ شَغَلَهُمْ، أَوْ أَمْرٍ مَنَعَهُمْ مِنْهُ، لَمْ أَرَهُمْ حَرِجِينَ بِتَرْكِهِمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْقِتَالُ، لَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنْهُ بِبَدْرٍ وَفِيهِ أَيْضًا الْبَيَانُ أَنَّ الْمَوْتَ إِذَا كَثُرَ فِي مَوْضِعٍ بِطَاعُونٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ كَثُرَ الْقَتْلُ فِي مَعْرَكَةِ حَرْبٍ وَالْتِقَاءِ زُحُوفٍ حَتَّى تَعْظُمَ مَؤُونَةُ حَفْرِ قَبْرٍ لِكُلِّ رَجُلٍ وَلِكُلِّ [ص:524] إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، أَنَّ لِمَنْ حَضَرَهُمْ دَفْنَ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْهُمْ وَالْقَلِيلَةِ مِنْهُمْ فِي حَفِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، كَالَّذِي فَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى مُشْرِكِي بَدْرٍ مِنْ جَمْعِهِ جَمِيعَهُمْ، فِي قَلِيبٍ وَاحِدٍ، وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَكَذَلِكَ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ بِقَتْلَى الْمُسْلِمِينَ، إِذْ فَشَا الْقَتْلُ فِيهِمْ وَكَثُرَ، دَفَنَ الثَّلَاثَةَ مِنْهُمْ وَالِاثْنَيْنِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ

(2/523)


ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ

(2/524)


747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: «ادْفِنُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا»

(2/524)


748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ، يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَصَابَتِ النَّاسَ جِرَاحَاتٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:525]: " احْفُرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْمِقُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا "

(2/524)


749 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: شَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَرْحَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالُوا: كَيْفَ تَأْمُرُنَا بِقَتْلَانَا؟ فَقَالَ: «احْفُرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا فِي الْقَبْرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ هِشَامٌ: فَقُدِّمَ أَبِي بَيْنَ يَدَيِ اثْنَيْنِ

(2/525)


750 - حَدَّثَنِي ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَمَّنْ يُحَدِّثُهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَرْحَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تَأْمُرُنَا بِقَتْلَانَا؟ قَالَ: «احْفُرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا فِي الْقَبْرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا»

(2/525)


751 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ الْقَرْحَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُلِّ إِنْسَانٍ شَدِيدٌ؟ فَقَالَ: «احْفُرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» ، قَالُوا: فَمَنْ نُقَدِّمُ؟ قَالَ: «قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ: فَكَانَ أَبِي ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

752 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: شَكَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

(2/526)


753 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنْبَأَنَا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: «احْفُرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا»

(2/527)


754 - حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ سِنَانٍ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «احْفُرُوا، وَأَعْمِقُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا كُلَّ اثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ: فَدَفَنْتُ أَبِي وَأَخِي فِي قَبْرٍ

(2/527)


755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَدَفَنْتُهُ عَلَى حِدَةٍ»

(2/528)


756 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: «انْظُرُوا أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ فَاجْعَلُوهُ أَمَامَ أَصْحَابِهِ فِي الْقَبْرِ» وَكَانُوا يَدْفِنُونَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ [ص:529] وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ مَعَانٍ أُخَرُ لَيْسَتْ فِي خَبَرِ عُمَرَ، نَحْنُ مُثْبِتُوهَا. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْبَرَاءِ: خَرَجْنَا فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْضُرُ جَنَائِزَ أَصْحَابِهِ بِنَفْسِهِ، وَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَيَانُ الْبَيِّنُ أَنَّ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاتِهِمْ وَحُكَّامِهِمْ شُهُودَ جَنَائِزِ رَعِيَّتِهِمْ وَعِيَادَةَ مَرْضَاهُمْ وَقَضَاءَ حُقُوقِهِمْ، وَأَنَّ وَلَايَتَهُمْ مَا وَلَوْا مِنْ أُمُورِهِمْ وَالنَّظَرَ بَيْنَهُمْ وَسِيَاسَتَهُمْ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لَهُمُ الِامْتِنَاعَ مِنْ قَضَاءِ حُقُوقِهِمُ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، وَأَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ، فَلَا يَنْبَغِي لِرَعِيَّتِهِمْ أَنْ يَتَّهِمُوهُمْ بِحَيْفٍ وَجَوْرٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ حَقُّهُ مِنْهُمْ مِمَّنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِ رَعِيَّتِهِمْ مُدَارَأَةٌ وَخُصُومَةٌ قَدِ اخْتَصَمَا فِيهَا إِلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الْوَالِي أَوِ الْحَاكِمِ فِي خَاصٍّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:530] لَمْ يَكُنْ يَمْتَنِعُ مِنْ قَضَاءِ حُقُوقِ أَصْحَابِهِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرْتُ، مَعَ كَوْنِهِ النَّاظِرَ بَيْنَهُمْ فِي خُصُومَاتِهِمْ وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنْ حُقُوقِهِمْ بَيْنَهُمْ. وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلَحَدْ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْحِدُونَ لِمَوْتَاهُمْ، وَيَجْعَلُونَ قُبُورَهُمْ لُحُودًا لَا شُقُوقًا. وَبِنَحْوِ ذَلِكَ رُوِيَتْ أَخْبَارٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ

(2/528)


ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذَكَرُهُ مِنْ ذَلِكَ، مِمَّا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ

(2/530)


757 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»

(2/530)


758 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»

(2/530)


759 - حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»

(2/531)


760 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ وَنَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»
[ص:532]

761 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، وَمَهْرَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

(2/531)


762 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ بِالْمَدِينَةِ حَفَّارَانِ، فَانْتَظَرُوا - أَرَى أَحَدَهُمَا - فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

(2/532)


763 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: «لُحِدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

(2/532)


764 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبَّارَانِ، أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ، وَالْآخَرُ يَضْرَحُ، «فَلُحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

(2/533)


765 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «كُنْتُ فِيمَنْ حَفَرَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحَدْنَا لَهُ لَحْدًا»

(2/533)


766 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ سَعْدٌ: «الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
[ص:534]

767 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ

768 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ
[ص:535]

769 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ

(2/533)


770 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصُبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

(2/535)


771 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ اللَّحْدَ، وَيَكْرَهُونَ الشَّقَّ»

772 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ

(2/536)


773 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى مَنْزِلِ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ دُفِنَ، فَقُلْنَا: هَلْ أَوْصَى قَالُوا «نَعَمْ أَوْصَى» قَالَ: «الْحَدُوا لِي لَحْدًا»

(2/536)


774 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: أَوْصَى إِبْرَاهِيمُ قَالَ: «الْحَدُوا لِي لَحْدًا» [ص:537] وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ. وَفِي قَوْلِهِ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى اخْتِيَارِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَجَالِسِ مَا وَاجَهَ الْقِبْلَةَ وَقَابَلَهَا، وَبِذَلِكَ جَاءَ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْأَثَرِ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَعَلَى الْعَمَلِ بِهِ حَثَّ الصَّحَابَةَ وَأُمَّتَهُ

(2/536)


ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ

(2/537)


775 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ مَجْلِسٍ شَرَفًا، وَإِنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»

(2/537)


776 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ كِرَامٍ الْقُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو الْمِقْدَامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ» فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا، فَأَحَبُّ الْمَجَالِسِ إِلَيْنَا أَنْ يَجْلِسَهُ الْمَرْءُ مَا كَانَ مُقَابِلَ الْقِبْلَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا فِي مَجْلِسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ يَدْعُوهُ إِلَى اسْتِدْبَارِهَا , وَلَسْتُ وَإِنِ اخْتَرْتُ ذَلِكَ أَكْرَهُ الْجُلُوسَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ لِمَنْ جَلَسَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي بِهِ الْحَاجَةُ إِلَى الْجُلُوسِ كَذَلِكَ لِسَبَبٍ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ. أَمَّا الْجُلُوسُ بَيْنَ يَدَيْ عَالِمٍ أَوْ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ حَاكِمٍ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ بِهِ الْحَاجَةُ إِلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَذَلِكَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي حَالٍ يَكُونُ فِيهَا إِمَامَ قَوْمٍ [ص:539]. . . . . .، وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ الْجُلُوسَ بَيْنَ يَدَيِ الْعَالِمِ أَوْ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ دَعَا الْمَرْءَ إِلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ؛ لِلَّذِي ذَكَرَ الْبَرَاءُ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُمْ جَلَسُوا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ إِذْ جَلَسُوا حَوْلَهُ وَهُوَ جَالِسٌ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَنَّ مَنَ كَانَ مِنْهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ جَالِسًا، كَانَ لَا شَكَ جُلُوسُهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ، لِإَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُوَلُّونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظُهُورَهُمْ إِذَا جَلَسُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، بَلْ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَهُ بِوجُوهِهِمْ، وَفِي اسْتِقْبَالِهِمْ إِيَّاهُ بِوجُوهِهِمْ فِي حَالِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ اسْتِدْبَارُهُمُ الْقِبْلَةَ بِأَدْبَارِهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ. وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةَ بِالْوَجْهِ، إِنَّمَا هُوَ اخْتِيَارٌ لِمَنْ كَانَ لَا يَدْعُوهُ سَبَبٌ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَمَا أَشْبَهَهُ إِلَى اسْتِدْبَارِهَا وَأَمَّا اخْتِيَارِي لِلْإِمَامِ الَّذِي يُصَلِّي بِقَوْمٍ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُمْ بِوَجْهِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ أَنْ يَنْحَرِفَ عَنِ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ، فَلِلَّذِي

(2/538)


777 - حَدَّثَنَا بِهِ مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ [ص:540]، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ فِي إِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمُ اسْتِدْبَارًا مِنْهُ الْقِبْلَةَ»

(2/539)


778 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ قَالَ: فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، - يَعْنِي مَسْجِدَ مِنًى - قَالَ: «فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ تَحَرَّفَ»

(2/540)


779 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ انْحَرَفَ»

(2/540)


780 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى الْفَجْرَ بِمِنًى، ثُمَّ انْحَرَفَ» وَكَالَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُهُ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ

(2/541)


ذِكْرُ بَعْضِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهُمْ

(2/541)


781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْهِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: " صَلَّيْنَا الْفَجْرَ خَلْفَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ قَالَ: ثُمَّ انْحَرَفَ عَلَى يَمِينِهِ، فَجَلَسَ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ "

(2/541)


782 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «لَأَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ عَلَى رَضْفَةٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حِينَ يُسَلِّمُ وَهُوَ إِمَامٌ، لَا يَنْحَرِفُ»

(2/542)


783 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا مِيكَائِيلُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ فَقِيهِكُمْ - يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهَ -، فَكَانَ إِذَا سَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ»

(2/542)


784 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ «يُصَلِّي بِالْقَوْمِ، فَإِذَا سَلَّمَ انْحَرَفَ وَهُوَ جَالِسٌ»

(2/542)


785 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ «إِذَا سَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ»

(2/543)


786 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: كُنْتُ أَذْهَبُ إِلَى أَبِي حُصَيْنٍ فِي الْفَجْرِ، فَأَجِدُهُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَجْرَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قَالَ: «كَانَ يَنْحَرِفُ، فَإِذَا انْصَرَفَ النَّاسُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ - يَعْنِي بِذَلِكَ الْبَرَاءَ - أَنَّهُمْ جَلَسُوا حَوْلَهُ سُكُوتًا لَا يَتَكَلَّمُونَ وَلَا يَضْطَرِبُونَ؛ إِعْظَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِجْلَالًا لَهُ، وَهَيْبَةً مِنْهُ. وَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ حَقَّ كُلِّ إِمَامٍ عَادِلٍ وَعَالِمٍ وَمُؤَمٍّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ، وَبِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَمِلَ بِهِ السَّلَفُ الصَّالِحُونَ

(2/543)


ذِكْرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ ذَلِكَ

(2/543)


787 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ الْخَيْرِ الزِّيَادِيُّ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا»

(2/543)


حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ،
[ص:544]

788 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا ثَلَاثَةً: أَنْ يُكَثَّرَ لَهُمْ مِنَ الْمَالِ فَيَتَحَاسَدُوا فَيَقْتَتِلُوا، أَوْ أَنْ تُفْتَحَ لَهُمُ الْكُتُبُ فَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنُ يَبْتَغِي تَأْوِيلَهُ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} ، وَأَنْ يَرَوْا عَالِمًا فَيَضَعُوهُ، وَلَا يَتَأَلَّفُوا عَلَيْهِ "

(2/543)


789 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، قِيلَ لَهُ، حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُنْتُ أَسْمَعُ بِالرَّجُلِ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ فَآتِيهِ فَأَجْلِسُ حَتَّى يَخْرُجَ فَأَسْأَلُهُ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَسْتَخْرِجَهُ لَفَعَلْتُ»

(2/545)


790 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِبَابِ الْحَسَنِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ، فَقَالَ: مَا يُدْخَلُ عَلَى هَذَا إِلَّا كَمَا يُدْخَلُ عَلَى الْأُمَرَاءِ. قُلْنَا: «كُلُّ امْرِئٍ فِي بَيْتِهِ أَمِيرٌ»

(2/545)


791 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: «كُنَّا نَهَابُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ كَمَا نَهَابُ مِنَ الْأَمِيرِ»

(2/545)


792 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْبَرْبَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الرَّجُلُ فَقِيهًا هَابَهُ النَّاسُ» وَفِي قَوْلِ الْبَرَاءِ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ: إِنَّ لِمَنْ تَبِعَ جَنَازَةً إِلَى الْقَبْرِ الْجُلُوسَ قَبْلَ وَضْعِهَا فِي اللَّحْدِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتُ، أَفَتَقُولُ إِنَّ لِمَنْ تَبِعَ جَنَازَةً الْجُلُوسَ قَبْلَ وَضْعِهَا فِي اللَّحْدِ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَنَبْدَأُ بِذِكْرِ أَقْوَالِهِمْ فِيهِ، وَمَا اعْتَلَّ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ نُتْبِعُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ عَنِ الصَّحِيحِ لَدَيْنَا مِنْ أَقْوَالِهِمْ

(2/546)


ذِكْرُ قَوْلِ الْقَائِلِينَ: لَا يَجْلِسُ مَنْ تَبِعَهَا بَعْدَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا حَتَّى يُوضَعَ صَاحِبُهَا فِي الْقَبْرِ

(2/546)


793 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ [ص:547] قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ «يَكْرَهُ أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى تُوضَعَ الْجَنَازَةُ فِي الْقَبْرِ»

794 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَآهَا لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ

(2/546)


795 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْجَرْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَنْ تَبِعَهَا - يَعْنِي الْجَنَازَةَ - فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»

(2/547)


796 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَقْفٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ «لَا يَجْلِسُ حَتَّى تُجْعَلَ الْجَنَازَةُ فِي اللَّحْدِ»

(2/547)


797 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلْقَمَةَ فِي جَنَازَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى دُفِنَ، فَقَالَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ»

(2/548)


798 - حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ الْقِيَامِ عَلَى الْجَنَازَةِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: «إِذَا كَبَّرُوا عَلَيْهِ لَمْ يُقْعَدْ حَتَّى يُوضَعَ»

(2/548)


799 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِمُجَاهِدٍ هَذَا الْقِيَامَ فِي اللَّحْدِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا تَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِذَا صَلَّى عَلَيْهَا، لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»

(2/548)


800 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ [ص:549] سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ يَعْنِي ابْنَ حُدَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مِجْلَزٍ «إِذَا تَبِعَ جَنَازَةً فَصَلَّى عَلَيْهَا، لَمْ يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ فِي لَحْدِهَا» وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ أَمَرَ أُمَّتَهُ

(2/548)


ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي بِهَا اعْتَلَّ هَؤُلَاءِ

(2/549)


801 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعُذْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»
[ص:550]

802 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ الصُّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ

(2/549)


803 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْقَنَّادُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَبِعَهَا - يَعْنِي الْجَنَازَةَ - فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»

804 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

805 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا [ص:551] يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِهِ

(2/550)


806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً صَلَّى عَلَيْهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَعَ مَرْوَانَ، فَلَمَّا بَلَغَا الْمَقْبَرَةَ جَلَسَا، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ لِمَرْوَانَ: أَرِنِي يَدَكَ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ: قُمْ. فَقَامَ، فَقَالَ: لِمَ أَقَمْتَنِي؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى الْجِنَازَةَ قَامَ حَتَّى يَمُرَّ بِهَا، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا» ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَقَالَ مَرْوَانُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَكَذَلِكَ قَالَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنِيَ؟ قَالَ: كُنْتَ إِمَامًا فَاقْتَدَيْتُ بِكَ. قَالَ: فَإِذَا رَأَيْتَ شَيْئًا فَآذِنِّي

(2/551)


807 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْنَا جِنَازَةً مَعَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَلَمَّا جِئْتُ الْبَقِيعَ جَلَسَ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَقَالَ [ص:552]: قُمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا شَهِدَ جِنَازَةً لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ، قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَمَا مَنَعَهُ أَنْ يُخْبِرَكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: كَانَ ذَا سُلْطَانٍ لَهُ عَلَى طَاعَةٍ، فَجَلَسَ، فَجَلَسْتُ

(2/551)


808 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَبِعَ أَحَدُكُمْ جَنَازَةً، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ» ، أَوْ قَالَ: «حَتَّى تُدْفَنَ»

(2/552)


ذِكْرُ مَنْ كَانَ يَرَى الْجُلُوسَ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجَنَازَةُ

(2/553)


809 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَعُتْبَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أَبِي عَقْرَبٍ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُونَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ» ، فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَنْتَ رَأَيْتَهُمْ؟ قَالَ: «حَدَّثَنِي مَنْ رَآهُمْ»

(2/553)


810 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ «يَمْشِي خَلْفَ الْجَنَازَةِ وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا طَالَ مَا رَأَيْتُهُ، فَإِذَا شَيَّعَهَا قَعَدَ بِالْبَقِيعِ حَتَّى تَأْتِيَهُ»

(2/553)


811 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْحَكَمِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَشُرَيْحًا كَانَا «يَأْخُذَانِ طَرِيقًا سِوَى طَرِيقِ الْجَنَازَةِ فَيَسْبِقَانِهَا، ثُمَّ يَقْعُدَانِ حَتَّى تَأْتِيَهُمَا»

(2/554)


812 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ أَنَّهُ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جِنَازَةً فَتَقَدَّمَهَا عَلَى دَابَّتِهِ، ثُمَّ نَزَلَ حِينَ دَنَا مِنَ الْمَقْبَرَةِ، فَجَلَسَ قَبْلَ يُؤْتَى بِهَا، وَقَبْلَ تُوضَعَ

(2/554)


813 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ: أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ «يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ، وَيَجْلِسُ قَبْلَ تُوضَعَ»

(2/554)


814 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ وَأَنَا مَعَهُ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقَبْرِ، فَمَشَيْنَا قَدْرَ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ، قَعَدَ عُرْوَةُ وَقَعَدْنَا مَعَهُ، وَقَامَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَنَاسٌ مَعَهُ يَنْتَظِرُونَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ، فَلَمَّا وُضِعَتْ أَقْبَلَ قَالَ عُرْوَةُ لِسُلَيْمَانَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا تَرَى؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهَا لَبِدْعَةٌ» قَالَ سُلَيْمَانُ: أَجَلْ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ

(2/555)


815 - حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عُرْوَةَ، كَانَ «يَعِيبُ الْقِيَامَ عِنْدَ الْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ»

(2/555)


816 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ «يَعِيبُ الْقِيَامَ عِنْدَ الْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ»

(2/556)


817 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ، يَقُولُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَرَآهُ قَائِمًا يَنْتَظِرُ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ: «مَا يُقِيمُكَ يَا أَبَا يَسَارِ؟» قَالَ: الَّذِي يُحَدِّثُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: «أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهَا لَمِنَ الْمُحْدَثَاتِ»

(2/556)


818 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي جِنَازَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَخَذْنَا غَيْرَ طَرِيقِ الْجَنَازَةِ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَقِيعِ وَالْجَنَازَةُ مَوْضُوعَةٌ، فَقَعَدَ سَالِمٌ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ فِي الْقَبْرِ "

(2/556)


819 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: اتَّبَعَنَا جِنَازَةَ أُمِّ عَمْرٍو بِنْتِ الزُّبَيْرِ، وَمَعَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ أَرَدْتُ أَنْ لَا أَجْلِسَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: «اجْلِسْ» وَجَلَسَ، قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ. قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ»

(2/556)


820 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: صَلَّيْنَا عَلَى أُمِّ عَمْرٍو، وَهِيَ ابْنَتُ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَوَقَفْتُ، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: بَلَغَنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى تُدْفَنَ، قَالَ: «اجْلِسْ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ»

(2/557)


821 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا وَهُوَ يَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ»

(2/557)


822 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ «يَجْلِسُ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ»

(2/557)


823 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ «صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَجَلَسَ، وَجَلَسَ النَّاسُ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ فِي قَبْرِهَا»

(2/558)


824 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: «لَا بَأْسَ أَنْ تَقْعُدَ حَتَّى تَأْتِيَكَ الْجِنَازَةُ» وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنَ الْخَبَرِ بِمَا

(2/558)


825 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الِلَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً فِي بَنِي سَلَمَةَ فَقُمْتُ، فَقَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: اجْلِسْ، إِنِّي سَأُحَدِّثُكَهُ فِي هَذَا بِثَبْتٍ، أَخْبَرَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ الزُّرَقِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ»

(2/558)


826 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ وَاقِدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي جِنَازَةٍ قَالَ: فَقُمْتُ أَنْتَظِرُ أَنْ تُوضَعَ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ قَرِيبٌ مِنِّي، فَلَمَّا وُضِعَتْ جَلَسْتُ، فَقَالَ لِي نَافِعٌ: كَأَنَّكَ انْتَظَرْتَ هَذِهِ الْجِنَازَةَ أَنْ تُوضَعَ فَتَجْلِسَ؟ فَقُلْتُ: أَجَلْ؛ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ مَسْعُودَ بْنَ الْحَكَمِ يَذْكُرُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ فِي شَأْنِ الْجِنَازَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَامَ وَقَعَدَ»

(2/559)


827 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ فِي شَأْنِ الْجَنَائِزِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَامَ ثُمَّ قَعَدَ» وَإِنَّمَا حَدَّثَ بِذَلِكَ لِأَنَّ وَاقِدَ بْنَ عَمْرٍو قَامَ حَتَّى وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ

(2/560)


828 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةً بِالْعِرَاقِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رِجَالًا قِيَامًا يَنْتَظِرُونَ أَنْ تُوضَعَ، فَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يُشِيرُ إِلَيْهِمْ بِالدِّرَّةِ: أَنِ اجْلِسُوا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ «أَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ بَعْدَ الْقِيَامِ»

(2/560)


829 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ: أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةً بِالْكُوفَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَمَرَّ عَلِيٌّ بِالنَّاسِ وَهُمْ قِيَامٌ، فَأَشَارَ أَنِ اجْلِسُوا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «جَلَسَ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُومُ»

(2/561)


830 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: «رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَقُمْنَا، وَرَأَيْنَاهُ قَعَدَ فَقَعَدْنَا»

(2/561)


831 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَسْعُودَ بْنَ الْحَكَمِ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَامَ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ قَعَدَ»

(2/561)


832 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا تَبِعَ جِنَازَةً لَمْ يَجْلِسْ [ص:562] حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، فَعَرَضَ لَهُ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ، قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: خَالِفُوهُمْ قَالُوا: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تُنْبِئُ عَنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ فِي اللَّحْدِ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ، مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ يَقُومُ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ قَالُوا: وَالْمَعْمُولُ بِهِ مِنْ أَفْعَالِهِ وَسُنَّتِهِ الْآخِرُ النَّاسِخُ دُونَ الْأَوَّلِ الْمَنْسُوخِ. قَالُوا: فَالصَّوَابُ مِنْ فِعْلِ كُلِّ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً إِلَى قَبْرِهَا الْجُلُوسُ إِذَا بَلَغَ مَوْضِعَ الْقَبْرِ أَوِ الْمَقْبَرَةِ الَّتِي يُدْفَنُ فِيهَا دُونَ انْتِظَارِهَا لِتُوضَعَ فِي اللَّحْدِ [ص:563]. قَالُوا: وَأُخْرَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَوْتَى نَظِيرَةُ السُّنَّةِ فِي الْأَحْيَاءِ، قَالُوا: وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ بِالنَّهْيِ عَنِ الْقِيَامِ لِلْأَحْيَاءِ، وَذَلِكَ مَا

(2/561)


833 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصَاهُ، فَقُمْنَا لَهُ، فَقَالَ: «لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»

(2/563)


834 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ رُؤْيَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا إِلَيْهِ؛ لِمَا رَأَوْا مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ» قَالُوا: فَكَذَلِكَ السُّنَّةُ فِي الْمَوْتَى، أَنْ لَا يُقَامَ لَهَا كَمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَامَ لِلْحَيِّ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ الْقِيَامَ لِلْجَنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَالْقُعُودَ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْرَانِ قَدْ فَعَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَحَّتْ عَنْهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ الْأَخْبَارُ، وَعَمِلَ بِهَا السَّلَفُ الصَّالِحُونَ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ. وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ بِالنَّهْيِ عَنِ الْقِيَامِ وَلَا عَنِ الْقُعُودِ، فَمُتَّبِعُ الْجِنَازَةِ إِلَى قَبْرِهَا إِذْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِالْجِنَازَةِ إِذَا تَبِعَهَا فَبَلَغَ الْقَبْرَ، فِي الْقُعُودِ قَبْلَ وَضْعِ الَمَيِّتِ فِي اللَّحْدِ وَالْقِيَامِ إِلَى أَنْ تُوضَعَ، أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ، لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلَا الْفِعْلَيْنِ، وَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدَ هَذِيْنِ الْفِعْلَيْنِ بَعْدَ الْآخَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْآخَرَ [ص:565] الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَأْمُورًا بِهِ وَالْآخَرُ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظِيرَ غَيْرِهِ مِنْ نَوَافِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا إِذَا نَشِطَ لَهَا، وَيَتْرُكُ عَمَلَهَا إِذَا لَمْ يَنْشَطْ لَهَا، فَكَذَلِكَ قِيَامُهُ لِلْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، كَانَ يَكُونُ مِنْهُ إِذَا نَشِطَ لِذَلِكَ، وَالْجُلُوسُ قَبْلَ وَضْعِهَا إِذَا لَمْ يَنْشَطْ، فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ الْفَاعِلُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَقِدًا تَخْطِئَةَ مَا خَالَفَ فِعْلَهُ الَّذِي فَعَلَهُ فِيهِ فَمُصِيبٌ. وَأَمَّا اعْتِلَالُ الْمُعْتَلِّ بِأَنَّ سُنَّةَ الْأَمْوَاتِ فِي ذَلِكَ سُنَّةُ الْأَحْيَاءِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ جَائِزًا الْقِيَامُ لِلْأَحْيَاءِ كَانَ كَذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ الْقَيَامُ لِلْأَمْوَاتِ، فَعِلَّةٌ وَاهِيَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْقِيَامِ لِلْأَحْيَاءِ خَبَرٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ خَبَرٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي الدِّينِ لِوَهَاءِ سَنَدِهِ وَضَعْفِ نَقَلَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا الْعَدَبَّسِ وَأَبَا مَرْزُوقٍ غَيْرُ مَعْرُوفَيْنِ فِي نَقَلَةِ الْآثَارِ، وَلَا ثَابِتَيِ الْعَدَالَةِ فِي رُوَاةِ الْأَخْبَارِ، هَذَا مَعَ اضْطِرَابٍ مِنْ نَاقِلِيهِ فِي سَنَدِهِ، فَمِنْ قَائِلٍ فِيهِ: عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَقَائِلٍ: عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَقَائِلٍ: عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ

(2/564)


ذِكْرُ اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي ذَلِكَ

(2/565)


835 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصَاهُ، فَقُمْنَا لَهُ، فَقَالَ: «لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»

836 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ [ص:566] أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ عَلَى مِثْلِهِ لِمَا فِي إِسْنَادِهِ مِنَ الْوَهَاءِ، فَإِنَّهُ أَصَحُّ فَحْوَى فِي خَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ، بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ

(2/565)


837 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كُنَّا نَقْعُدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ بِالْغَدَوَاتِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَيْتِهِ لَمْ نَزَلْ قِيَامًا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ» [ص:567] فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنَ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ صَحِيحًا ثَابِتًا، فَلِلْمَرْءِ الْقِيَامُ لِأَخِيهِ إِعْظَامًا لَهُ وَإِكْرَامًا، إِنْ شَاءَ ذَلِكَ الْقَائِمُ وَأَحَبَّ، وَتَرْكَ الْقِيَامَ إِنْ كَرِهَ ذَلِكَ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِيمَا

(2/566)


838 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ»

(2/567)


839 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَثَبُوا فِي وَجْهِهِ قِيَامًا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اجْلِسُوا، اجْلِسُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُسْتَخِمَّ بَنُو آدَمَ قِيَامًا دَخَلَ النَّارَ» قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: الِاسْتِخْمَامُ، الْوُثُوبُ

(2/568)


840 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، جَمِيعًا، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ بَيْتًا فِيهِ ابْنُ عَامِرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمَثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ»

(2/568)


841 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ بَنُو آدَمَ قِيَامًا قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ: يَعْنِي يَقُومُونَ إِذَا رَأَوْهُ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ فِي النَّارِ "

(2/569)


842 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ يُحَدِّثُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ، خَرَجَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ قُعُودٌ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَقَعَدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ أَوْزَنَهُمَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ» حُجَّةٌ لِمَنْ أَنْكَرَ الْقِيَامَ لِلْحَيِّ أَوْ لِلْمَيِّتِ، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إِنَّمَا يُنْبِئُ عَنْ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يُقَامُ لَهُ بِالسُّرُورِ بِمَا يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ، لَا عَنْ نَهْيِهِ الْقَائِمَ عَنِ الْقِيَامِ. فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ كَرِهَ الْقِيَامَ الَّذِي قَامَ لَهُ [ص:570]. قِيلَ لَهُ: نَظِيرُ كَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ الْقِيَامَ لِلْمَيِّتِ حَتَّى يُوضَعَ فِي لَحْدِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ كَرَاهَتِهِمْ ذَلِكَ. وَمِمَّا يَبِينُ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا:

(2/569)


843 - حَدَّثَنِي بِهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِبَابِ مُعَاوِيَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ فَقُمْنَا، فَقَالَ: «لَا تَقُومُوا لِحَيٍّ وَلَا لَمَيِّتٍ» فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قِيلَ:

(2/570)


844 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ يَمُرُّ بِنَا، وَنَحْنُ غِلْمَانٌ فِي الْكُتَّابِ، فَنَقُومُ وَيَقُومُ النَّاسُ سِمَاطَيْنِ، فَيَمُرُّ رَجُلٌ جَمِيلٌ، وَيَمُرُّ بَنُوهُ مِنْ بَعْدِهِ [ص:571] وَمِنْهُ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ثَلَاثًا» وَفِي ذَلِكَ الْبَيَانُ الْبَيِّنُ عَنْ تَصْحِيحِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعَذِّبُ فِي الْقُبُورِ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ أَهْلَ عَدَاوَتِهِ وَالْكَافِرِينَ بِهِ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، وَتَكْذِيبُ مَقَالَةِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَبِنَحْوِ الَّذِي رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَظَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ

(2/570)


ذِكْرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ

(2/571)


845 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَذِهِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُنَا الْكِتَابَةَ: «اللَّهُمَّ أَنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/571)


846 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلَاءِ الْخُمُسِ، وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/572)


847 - حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ [ص:573]، قَالَا: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، كَمَا يُعَلِّمُ الْمُكْتِبُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/572)


848 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: «مِنَ الْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/573)


849 - حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ الْكُرْدِيِّ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ»

850 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/574)


851 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْعُوا بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/574)


852 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: «الْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/575)


853 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهَمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ، وَالْبُخْلِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»

854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

(2/575)


855 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/575)


856 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

857 - حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ السَّخْتِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

(2/576)


858 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»

(2/577)


859 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ حَقٌّ، وَأَنَّ لِقَاءَهُ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ جَهَنَّمَ»

(2/577)


860 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ [ص:578] سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»

(2/577)


861 - حَدَّثَنِي سَلَّمَ بْنَ جُنَادَةَ السُّوَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهَنَّمَ، اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»

(2/578)


862 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ الْعُكْلِيُّ، وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ زَيْدٌ: حَدَّثَنِي، وَقَالَ عَلِيٌّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [ص:579] بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا، وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ»

(2/578)


863 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ بَاطِنِهَا وَظَاهِرِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَعْوَرِ الْكَذَّابِ»

(2/579)


864 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [ص:581]، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نَضْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ [ص:582]، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطْنَ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْأَعْوَرِ الْكَذَّابِ»

(2/580)


865 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ مُظَاهِرٍ الْعَنَزِيُّ، عَنْ أَبِي كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهِرَمِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الصَّدْرِ»

(2/582)


866 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْقَنَّادُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»

(2/583)


867 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَشَرِّ الدَّجَّالِ»

(2/583)


868 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ [ص:584]، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/583)


869 - حَدَّثَنِي عِصَامُ بْنُ رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ»

(2/584)


870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَنَا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ أَنْفُسَنَا تَقْوَاهَا، أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا»
[ص:586]

871 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا آمُرُكُمْ إِلَّا بِمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " وَالْجُبْنِ، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَلَمْ يَقُلْ: وَالْهَرَمِ، وَقَالَ أَيْضًا: «آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا»

872 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَلَا: مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ

(2/585)


873 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ أَبِي غِفَارٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ، سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَمِّ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَعِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، أَوْ قَالَ: دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا "

(2/586)


874 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي، وَأَنَا أَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» فَقَالَ أَبِي: بُنَيَّ مَا هَذَا؟ قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُهُ فَقُلْتُهُ قَالَ: فَقُلْهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ

(2/586)


875 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي، وَأَنَا أَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْكَسَلِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ» . فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُهُنَّ. قَالَ: الْزَمْهُنِّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُنَّ

(2/587)


876 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ الشَّحَّامِ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ وَالِدَهُ يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ» . قَالَ: فَجَعَلْتُ أَدْعُو بِهِنَّ قَالَ: فَمَرَّ وَالِدِي وَأَنَا أَدْعُو بِهِنَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، أَنَّى عَلِمْتَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قُلْتُ: يَا أَبَهْ، سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ، فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْكَ. قَالَ: فَالْزَمْهُنَّ يَا بُنَيَّ، فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ

(2/587)


877 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ»

(2/587)


878 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الْجَوْزَاءِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ» . فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَعَوَّذَ مِنَ الْمَغْرَمِ فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ

(2/588)


879 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَهِيَ تَقُولُ: شَعَرْتُ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، وَقَالَ: «إِنَّمَا تُفْتَنُ الْيَهُودُ» . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَبِثَ لَيَالِيَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ شَعَرْتِ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

(2/589)


880 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ»

(2/589)


881 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَثِيرًا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»

(2/590)


882 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ أَنْ يَهُودِيَّةً أَتَتْ عَائِشَةَ تَسْتَطْعِمُ قَالَ ابْنُ وَكِيعٍ فِي حَدِيثِهِ: فَأَطْعَمَتْهَا، فَقَالَتْ: أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: فَقَالَ: «عَائِذًا بِاللَّهِ» . قَالَتْ: ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَخَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْحُجَرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَرْكَبِهِ، فَنَفَذَ إِلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: «إِنِّي رَأَيْتُكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . قَالَتْ: فَكُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

(2/590)


883 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْهَا فَقَالَتْ: أَجَارَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ لَيُعَذَّبُونَ فِي الْقُبُورِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَائِذًا بِاللَّهِ» ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ خُسِفَ بِالشَّمْسِ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ فِيمَا يَقُولُ: «إِنَّ النَّاسَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكُنَّا نَسْمَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَعَوَّذُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ "

(2/591)


884 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا يَهُودِيَّةٌ، فَقَالَتْ لَهَا: هَلْ سَمِعْتِهِ يَذْكُرُ شَيْئًا فِي عَذَابِ الْقَبْرِ؟ قَالَتْ لَهَا: وَمَا عَذَابُ الْقَبْرِ؟ قَالَتْ: فَسَلِيهِ. قَالَتْ: فَلَمَّا أَتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَتْهُ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ [ص:592]، فَقَالَ: «عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ» ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا صَلَّى صَلَاةً بِلَيْلٍ بَعْدُ إِلَّا سَمِعْتُهُ يَتَعَوَّذُ فِيهَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ أُوهِمْتُهُ مِنْهُ، فَمَا أَبِهَ لَهُ، أَمْ شَيْءٌ ذَكَرْتُهُ؟

(2/591)


885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ: اسْتَطْعَمَتْ يَهُودِيَّةٌ، فَقَالَتْ: أَطْعِمُونِي، أَعَاذَكُمُ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ؟ فَقَالَ: «وَمَا قَالَتْ؟» فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَالَتْ: أَعَاذَكُمُ اللَّهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ [ص:593]. قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَدًّا يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ

(2/592)


886 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَنَا، فَذَكَرَ الْفِتْنَةَ الَّتِي يُفْتَنُ فِيهَا الْمَرْءُ فِي قَبْرِهِ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ النَّاسُ ضَجَّةً حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَفْهَمَ آخِرَ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا سَكَنَتْ ضَجَّتُهُمْ، قُلْتُ لِرَجُلٍ قَرِيبٍ مِنِّي: أَيْ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ قَوْلِهِ؟ قَالَ: «قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ»
[ص:594]

887 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

(2/593)


888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَإِذَا النَّاسِ قِيَامٌ، وَإِذَا هِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا، أَيْ نَعَمْ. قَالَتْ: فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ، وَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي الْمَاءَ، قَالَتْ: فَحَمِدَ اللَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ، إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبًا - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ: مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ، فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٌ جَاءَنَا بِالْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ، فَأَجَبْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا، قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ. قَالَ: وَأَمَّا الْمُنَافِقُ، أَوِ الْمُرْتَابُ، لَا يَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا شَيْئًا فَقُلْتُهُ

(2/594)


889 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنَ النَّارِ» ، يُقَالُ: «هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ»
[ص:596]

890 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي: ابْنَ نُمَيْرٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

(2/595)


891 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [ص:597]، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا إِنَّ أَحَدُكُمْ إِذَا مَاتَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إِلَى مَقْعَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(2/596)


893 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(2/597)


894 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ كُلَّ غُدْوَةٍ وَعَشِيَّةٍ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنَ النَّارِ» ، يُقَالُ: «هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(2/597)


895 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ , أَنْبَأَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنَ النَّارِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ هَذَا مَقْعَدُكَ»

(2/597)


896 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي [ص:598] فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ؟ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ، حَتَّى كَانَ هَذَا حِينَ فُرِجَ لَهُ»

(2/597)


897 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ صَفِيَّةَ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلْقَبْرِ ضَغْطَةٌ لَوْ نَجَا مِنْهَا أَحَدٌ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ»

(2/599)


898 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»
[ص:601]

899 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ

(2/600)


900 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: " إِنَّ [ص:602] هَذَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي غَيْرِ كَبِيرٍ، وَبَلَى، فِي نَمِيمَةٍ وَالْبَوْلِ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا، فَوَضَعَهَا عَلَيْهِمَا، وَقَالَ: «عَسَى أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسْ»

(2/601)


901 - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ» ، ثُمَّ قَالَ: «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» . ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ كِسْرَةً، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»

(2/602)


902 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، ثُمَّ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»

(2/602)


903 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ فَوَقَفَ، فَقَالَ: «إِيتُونِي بِجَرِيدَتَيْنِ» ، فَأَتَوْهُ بِهِمَا، فَجَعَلَ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَالْأُخْرَى عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا كَانَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ» . فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يَنْفَعُهُ هَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «يُخَفَّفُ عَنْ عَذَابِهِ مَا دَامَ فِيهَا نُدُوَّةٌ»

(2/602)


904 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْقَرِيِّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ قَاسِمٍ الرِّحَالِ، سَمِعَ أَنَسًا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرِبَةً لِبَنِي النَّجَّارِ، كَأَنَّهُ يَقْضِي فِيهَا حَاجَةً، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَهُوَ كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ أَهْلِ الْقُبُورِ مَا أَسْمَعَنِي»

(2/603)


وَمِنْهُ خَبَرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ كَأَنَّ وجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ كَفَنٌ وَحَنُوطٌ، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ

(2/603)


، وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوجُوهِ مَعَهُمْ سَرَابِيلُ مِنْ قَطِرَانٍ، وَثِيَابٌ مِنْ نَارٍ، فَأَجْلَسُوهُ فَانْتَزَعُوا نَفْسَهُ» وَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّهُ لَا أَحَدَ يُفَارِقُ الدُّنْيَا مِنْ بَنِي آدَمَ، مِمَّنْ قَدْ بَلَغَ حَدَّ التَّكْلِيفِ، مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ، إِلَّا عَنْ عِلْمٍ مِنْهُ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ فِي آخِرَتِهِ، مِنْ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ تَأْتِيهُمُ الْمَلَائِكَةُ فِي حَالِ نُزُولِ الْمَوْتِ بِهِمْ فِي صُورَةٍ مُخَالِفَةٍ الصُّوَرَ الَّتِي تَأْتِي بِهَا أَهْلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَأَهْلَ النِّفَاقِ، وَبِحَالٍ خِلَافَ الْحَالَةِ الَّتِي تَأْتِي بِهَا الْكُفَّارَ، وَفِي ذَلِكَ لَا شَكَّ لِلْمُؤْمِنِ الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهِ وَمَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ، وَلِلْكَافِرِ الْيَقِينُ بِحَالِهِ عِنْدَهُ. وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] أَنَّهَا هَذِهِ الْبِشَارَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَهِيَ ظُهُورُ الْمَلَائِكَةِ لَهُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ بِهِمْ حَتَّى يُعَايِنُوهُمْ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْهُ

(2/604)


ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ،

905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قَالَ: «هِيَ الْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»

(2/604)


906 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي بِسْطَامٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَفِيهِ أَيْضًا الْبَيَانُ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» ، فِي الْمَوْتِ قَبْلَ لِقَاءِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا عَايَنَ مَلَائِكَةَ اللَّهِ قَدْ أَتَتْهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَشِّرُهُ لِنَفْسِهِ: «أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ» عَلِمَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَحَالَتَهُ فِي آخِرَتِهِ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَحُقَّ لَهُ، لِعِلْمِهِ بِمَا هُوَ إِلَيْهِ صَائِرٌ مِنَ الرَّاحَةِ وَالسُّرُورِ، وَمَا هُوَ عَنْهُ مُنْتَقِلٌ مِنَ الْعَنَاءِ وَالتَّعَبِ [ص:606] وَالْهُمُومِ وَالْحُزْنِ، وَاللَّهُ لِلِقَائِهِ أَشَدُّ حُبًّا، وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ اللَّهِ فَعَايَنَهَا بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَشِّرُهُ بِالْبَلَاءِ وَتَقُولُ لِنَفْسِهِ: «أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ» ، انْقَطَعَ مِنْهُ الرَّجَاءُ، فَأَيْقَنَ بِالْعَذَابِ وَالْبَلَاءِ، وَأَنَّهُ صَائِرٌ إِلَى الْخُلُودِ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ، وَاللَّهُ لِلِقَائِهِ أَكْرَهُ. وَقَدْ تَأَوَّلَ هَذَا الْخَبَرَ، أَعْنَى الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» نَحْوَ تَأْوِيلِنَا بَعْضُ السَّلَفِ

(2/605)


ذِكْرُ الرِّوَايَةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ بِذَلِكَ

907 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» قَالَ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ: وَأَرَى هَذَا عِنْدَ حَضْرَةِ الْمَوْتِ وَحِينَ نُزُولِ الْعَذَابِ أَوِ الْبُشْرَى، فَأَمَّا الْيَوْمَ، فَإِنَّا نَكْرَهُ الْمَوْتَ [ص:607] وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ حِينَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَانَ عَدُوَّ اللَّهِ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، وَعَايَنَ مَا يُعَايِنُ، وَدَّ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ أَبَدًا، وَاللَّهُ يَبْغِضُ لِقَاءَهُ» ، وَهَذِهِ الِاطِّلَاعَةُ هِيَ الْهَوْلُ الَّذِي قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَنَّ لِي مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ لَافْتَدَيْتُ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ، وَالَّذِي قَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: «إِنِّي الْيَوْمَ أَسِيرُ الْمَوْتِ، مَا أَدَعُ عَلَيَّ دِينَارًا، وَلَا أَدَعُ مَالًا، وَلَا أَدَعُ عِيَالًا أَخَافُ عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ، لَوْلَا هَوْلُ الْمَطْلَعِ» ، وَذَلِكَ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ، مِنْ رِضَاهُ عَنْهُ أَوْ سَخَطِهِ عَلَيْهِ، لِظُهُورِ مَلَائِكَتِهِ لَهُ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ وَنُزُولِ الْمَوْتِ بِهِ، إِمَّا بِالصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ لِمَنْ رَبُّهُ عَنْهُ رَاضٍ، وَإِمَّا بِالصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ لِمَنْ رَبُّهُ عَلَيْهِ سَاخِطٌ. فَطُوبَى لِمَنْ ظَهَرَتْ لَهُ مَلَائِكَةُ اللَّهِ عِنْدَ نُزُولِ مَنِيَّتِهِ بِهِ بِالصُّورَةِ الْحَسَنَةِ الْمَحْبُوبَةِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ ظَهَرَتْ لَهُ مَنِيَّتُهُ بِالصُّورَةِ الْقَبِيحَةِ الْمَكْرُوهَةِ.

(2/606)


الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، وَاللَّحْدُ: هُوَ الْقَبْرُ يُحْفَرُ لِلْمَوْتِ مُعْتَرِضًا فِي جَانِبٍ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: لَحْدٌ، بِفَتْحِ اللَّامِ: هِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَلُحْدٌ بِضَمِّهَا: وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ، وَكُلُّ مَائِلٍ إِلَى جَانِبٍ فَهُوَ لَاحِدٌ إِلَيْهِ وَمُلْحِدٌ. يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ لَحَدَ فُلَانٌ إِلَى كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ يَلْحَدُ إِلَيْهِ لَحْدًا، إِذَا مَالَ إِلَيْهِ وَأَلْحَدَ إِلَيْهِ، فَهُوَ يُلْحِدُ إِلْحَادًا، وَمِنْهُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَمَنْ يُرِدِ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: بِإِلْحَادٍ، يَمِيلُ إِلَى الظُّلْمِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ
[البحر الرجز]
قَدْنِي مِنْ نَصْرِ الْخُبَيْبَيْنِ قَدِي ... لَيْسَ أَمِيرِي بِالشَّحِيحِ الْمُلْحِدِ
يَعْنِي بِالْمُلْحِدِ: الْمَائِلَ إِلَى الظُّلْمِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَائِلِ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ فِي الدِّينِ مُلْحِدٌ، وَمِنَ اللَّحْدِ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:
[البحر البسيط]
أَمَّا يَزِيدُ فَإِنِّي لَسْتُ نَاسِيَهُ ... حَتَّى يُغَيِّبَنِي فِي الرَّمْسِ مَلْحُودُ
يَعْنِي بِالْمَلْحُودِ: قَبْرًا مَحْفُورًا عَلَى مَا وَصَفْتُ. وَمِنَ الْإِلْحَادِ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الكامل]

(2/608)


يَا وَيْحَ أَنْصَارِ النَّبِيِّ وَرَهْطِهِ ... بَعْدَ الْمُغَيَّبِ فِي سَوَاءِ الْمُلْحِدِ
يَعْنِي بِالْمُلْحِدِ: الْقَبْرَ الْمَحْفُورَ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَعَهُمْ سَرَابِيلُ مِنْ قَطِرَانٍ» ، وَالسَّرَابِيلُ " جَمْعُ سِرْبَالٍ، وَهُوَ الْقَمِيصُ وَمَا يُلْبَسُ مِنْ شَيْءٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
لَعَمْرُكَ مَا تَبْلَى سَرَابِيلُ عَامِرٍ ... مِنَ اللُّؤْمِ مَا دَامَتْ عَلَيْهَا جُلُودُهَا
وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
[البحر الطويل]
وَمِثْلِكِ بَيْضَاءِ الْعَوَارِضِ طَفْلَةٍ ... لَعُوبٍ تُنَسِّينِي إِذَا قُمْتُ سِرْبَالِي
وَأَمَّا الْقَطِرَانُ: فَهُوَ الَّذِي تَهْنَأُ بِهِ الْإِبِلُ، وَفِيهِ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ: قَطِرَانٌ، وَقَطْرَانٌ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ، وَقِطْرَانٌ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ، وَمِنْ الْقِطْرَانِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَسْكِينِ الطَّاءِ قَوْلُ أَبِي النَّجْمِ الْعِجْلِيِّ:
[البحر الرجز]

(2/609)


جَوْنٌ كَأَنَ الْعَرَقَ الْمَنْتُوحَا ... أَلْبَسُهُ الْقِطْرَانَ وَالْمَسُوحَا
وَأَمَّا الْقَطِرَانُ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ، فَمِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: 50] ، وَقَدْ كَانَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ تَقُولُ فِي الْقَطِرَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّهُ النُحَاسُ الْمُذَابُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ، وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الْقَطِرَانِ فَهُوَ مَا ذَكَرْتُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «فَتَخْرُجُ مِنْهُ كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ» ، يَعْنِي بِالنَّفْخَةِ: مَا خُصَّ بِهِ الْمِسْكُ مِنْ طِيبِ الرِّيحِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ ذِي حَظٍّ مِنْ شَيْءٍ وَقَسْمٍ وَنَصِيبٍ، فَهُوَ ذُو نَفْحَةٍ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} [الأنبياء: 46] يَعْنِي بِهِ نَصِيبًا مِنْهُ وَقَسْمًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «يُلْحِفَانِ الْأَرْضَ بِشُعُورِهِمَا» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: يُغَطِّيَانِهَا بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلِّحَافِ , لِحَافٌ، لِتَغْطِيَتِهِ مَا تَحْتَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمِلْحَفَةِ، مِلْحَفَةٌ

(2/610)


وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ» ، وَهُوَ الرَّعْدُ الشَّدِيدُ الصَّوْتِ الَّتِي تَقْصِفُ صَوَاعِقُهُ مَا أَصَابَتْهُ وَتَدُقُّهُ وَتُحَطِّمُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَصَفَ فُلَانٌ ظَهْرَ فُلَانٍ، يَقْصِفُهُ، وَذَلِكَ إِذَا كَسَرَهُ وَدَقَّهُ، يُقَالُ مِنْهُ: سَمِعْتُ قَصِيفَ الرَّعْدِ وَوَئِيدَهُ وَوَأْدَهُ وَرَزْمَتَهُ وَهَزْمَتَهُ، كُلُّ ذَلِكَ شِدَّةُ صَوْتِهِ، وَمِنَ الْقَاصِفِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ: {فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ} . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ الْبَرْقَ الَّذِي يَكَادُ مِنْ شِدَّةِ ضِيَاءِ لَمَعَانِهِ يَلْتَمِعُ الْأَبْصَارَ وَيَسْتَلِبُهَا. وَأَصْلُ الْخَطْفِ السَّلْبُ، يُقَالُ: خَطَفَ فُلَانٌ فُلَانًا كَذَا، إِذَا اسْتَلَبَهُ إِيَّاهُ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْخَطْفَةِ» هِيَ اسْتِلَابُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ يَوْمَ الْغَارَةِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنْ غَنَائِمِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالنَّهْبَةِ. وَمِنَ الْخَطْفِ قِيلَ لِلْخُطَّافِ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ بِهِ الدَّلْوُ مِنَ الْبِئْرِ خُطَّافٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلِبُ مَا عَلَقَ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الطويل]
خَطَاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبَالٍ مَتِينَةٍ ... تُمَدُّ بِهَا أَيْدٍ إِلَيْكَ نَوَازِعُ

(2/611)


وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10] ، يَقُولُ: إِلَّا مِنَ اسْتَرَقَ مِنَ الشَّيَاطِينِ السَّمْعَ فَاسْتَلَبَ مِنْهُ شَيْئًا، {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10] . وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ: فَأُلْقُوا فِي الطُّوَى، فَإِنَّ الطُّوَى: هِيَ الْبِئْرُ الْمَطْوِيَّةُ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَفْعُولَةٌ، مَطْوُويَةٌ، صُرِفَتْ إِلَى فَعِيلٍ، كَمَا قِيلَ: كَفٌّ خَضِيبٌ وَلِحْيَةٌ دَهِينٌ، يُرَادُ بِهَا: مَخْضُوبَةٌ، وَمَدْهُونَةٌ، ثُمَّ صُرِفَتْ إِلَى خَضِيبٍ وَدَهِينٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]
مَاذَا بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ ... مِنَ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ
وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «يَمْثُلَ لَهُ» يَنْتَصِبَ لَهُ قَائِمًا، يُقَالُ: مِنْهُ مَثُلَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ قَائِمًا حِينَ رَآهُ مَثْلًا، وَمُثُولًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأُخْطَلِ:
فَمَا بِهِ غَيْرُ مَوْشِيٍّ أَكَارِعُهُ ... إِذَا أَحَسَّ بِشَخْصٍ نَابِئٍ مَثَلَا

(2/612)


يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مَثَلَا: انْتَصَبَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلًا وَبَيْتًا يَقْعُدُ فِيهِ مِنَ النَّارِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ، يُقَالُ مِنْهُ: تَبَوَّأَ فُلَانٌ مَنْزِلًا مِنْ بَنِي فُلَانٍ، إِذَا اتَّخَذَهُ، وَبوَّأْتُهُ أَنَا مَنْزِلًا. وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ: أَبَأْتُ الْقَوْمَ مَنْزِلًا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} [يونس: 93] . وَمِنْهُ: مَبَاءَةُ الْإِبِلِ: وَهُوَ مُرَاحُهَا الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ وَتَبِيتُ فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ:
[البحر الكامل]
طَرَفُ التَّنَائِفِ مَا يُبِنُّ مَبَاءَةً ... حَوْلَيْنِ طَيِّبَ بَنَّةِ الْأَبْعَارِ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ بِبِيئَةِ سُوءٍ، يَعْنِي بِهِ: بِحَالِ سَوْءٍ

(2/613)


وَبَأَوْتُ عَلَى الْقَوْمِ، إِذَا فَخَرْتُ عَلَيْهِمْ، وَالْبَأْوُ: الْكِبْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الوافر]
فَلَمَّا أَنْ دَنَوْنَ لَهُ تَأَيَّى ... وَلَوْلَا بَأْوُهُ لَنَجَا طِمَاحَا
وَأَمَّا الْبَاءَةُ فِي النِّكَاحِ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ» ، يَعْنِي بِالْبَاءَةِ: النِّكَاحَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: بَاءَ فُلَانٌ بِالْإِثْمِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: أَقَرَّ بِهِ وَتَحَمَّلَهُ وَانْصَرَفَ بِهِ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} أَيِ انْصَرَفُوا مُعْتَرِفِينَ بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمُ: الْقَتْلَى بَوَاءٌ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: أَكْفَاءٌ. يُقَالُ مِنْهُ: بَاءَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ، إِذَا كَانَ كُفْأً لَهُ فِي الْقَتْلِ إِذَا قُتِلَ. وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَيَعْرُجُ بِهَا الْمَلِكُ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ

(2/614)


: «فَيَعْرُجُ بِهَا» ، فَيَصْعَدُ بِهَا وَيَرْتَفِعُ، يُقَالُ مِنْهُ: عَرَجَ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ يَعْرُجُ عُرُوجًا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {يُدَبِّرَ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5] . وَيُقَالُ أَيْضًا: عَرَجَ فُلَانٌ يَعْرُجُ عَرْجَا، إِذَا مَشَى مِشْيَةَ الْعُرْجَانِ، فَأَمَّا إِذَا صَارَ ذَلِكَ خِلْقَةً فِي الْإِنْسَانِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: عَرِجَ فَهُوَ يَعْرُجُ عَرَجَا. وَأَمَّا التَّعْرِيجُ، فَإِنَّهُ مَعْنًى غَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَيْلُ إِلَى الشَّيْءِ وَالْإِقَامَةُ عَلَيْهِ، يُقَالُ مِنْهُ: مَضَى فُلَانٌ وَمَا عَرَّجَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِمْ، وَيُقَالُ: مَالِي عَلَيْهِ عُرْجَةٌ، وَلَا عَرْجَةٌ، وَلَا تَعَرُّجٌ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ وَمَضَى. وَأَمَّا الْعَرْجُ مِنَ الْإِبِلِ، فَغَيْرُ مَا ذَكَرْنَا كُلِّهِ، وَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى يَقُولُ: هُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا، يُجْمَعُ أَعْرَاجًا. وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: هُوَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ إِلَى أَلْفٍ. وَالْعَرْجُ أَيْضًا غَيْبُوبَةُ الشَّمْسِ، كَذَلِكَ كَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فِيمَا بَلَغَنَا يَقُولُ، وَكَانَ يُنْشِدُ فِي ذَلِكَ:
[البحر المتقارب]
حَتَّى إِذَا مَا الشَّمْسُ هَمَّتْ بِعَرْجٍ

(2/615)


ذِكْرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا سَنَدُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(2/616)


حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي مَسَرَّةَ الْمَكِّيُّ، قَالَ ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ: حَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى السُّلَمِيُّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَسَرَّةَ: حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

(2/616)


الْقَوْلُ فِي عِلَلِ هَذَا الْخَبَرِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ سَنَدُهُ، لَا عِلَّةَ فِيهِ تُوهِنُهُ، وَلَا سَبَبَ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْآخَرِينَ سَقِيمًا غَيْرَ صَحِيحٍ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَرْفَعُوهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ وَقَفُوهُ عَلَى عُمَرَ، وَجَعَلُوا هَذَا الْكَلَامَ مِنْ قِيلِهِ , وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَخْرَجٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْخَبَرُ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ مُنْفَرِدٌ وَجَبَ فِيهِ التَّثَبُّتُ عِنْدَهُمْ

(2/617)


ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ، فَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(2/617)


908 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ يُحَدِّثُ قَالَ: إِنَّ شَاعِرًا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ يَرْوِي شِعْرًا كَثِيرًا، فَقَالَ عُمَرُ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» [ص:618] وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، نَذْكُرُ مَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ سَنَدُهُ، ثُمَّ نُتْبِعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَمِيعَهُ الْبَيَانَ

(2/617)


ذِكْرُ مَنْ وَافَقَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ

(2/618)


909 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»
[ص:619]

910 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ جُبَيْرٍ الْوَاسِطِيَّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

(2/618)


911 - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَأَنْ يَكُونَ جَوْفُ الْمَرْءِ مَمْلُوءًا قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوءًا شِعْرًا»

(2/619)


912 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

(2/619)


913 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ [ص:620]، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

(2/619)


914 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ صَاحِبُ الْهَرَوِيِّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

(2/620)


915 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ يَحَنَّسَ مَوْلَى الْمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي [ص:621] الْعَرْجِ، إِذْ عَرَضَ لَهُ شَاعِرٌ يُنْشِدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا الشَّيْطَانَ، أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ، لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

(2/620)


916 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا سَلْمُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ يَحَنَّسَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذُوا الشَّيْطَانَ، أَوْ: أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ "، وَقَالَ: " لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا [ص:622] الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ الِامْتِلَاءَ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي هَجَا الْمُشْرِكُونَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَوْا بِذَلِكَ خَبَرًا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُرْسَلًا

(2/621)


917 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا هُجِيتُ بِهِ» ، أَوْ قَالَ: «مِنْ شِعْرٍ هَجَانِي» وَقَالُوا: غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ غَيْرَ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَوْ كَانَ عَلَى الِامْتِلَاءِ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشِّعْرِ، لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةٌ» مَعْنًى مَعْقُولٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى كُلِّ أَنْوَاعِ الشِّعْرِ، لَا عَلَى الْخَاصِّ مِنْهُ الَّذِي رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيَهُ عَنْهُ، لَكَانَ مَنْ كَانَ جَوْفُهُ [ص:623] مُمْتَلِئًا مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةٌ دَاخِلًا فِي مَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» . قَالُوا: وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزَةٍ إِضَافَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِضَافَةُ ذَمِّ امْتِلَاءِ الْقَلْبِ مِنَ الْحِكْمَةِ إِلَيْهِ. وَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ لَا شَكَّ أَنَّ الْغَالِبَ كَانَ عَلَيْهِمُ الشِّعْرُ وَقِيلُهُ، وَذَلِكَ بِعِلْمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ ذَامًّا، بَلْ كَانَ لَهُمْ حَامِدًا، وَلَهُمْ بِقِيلِهِ آمِرًا، مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَكْثُرُ عَدَدُهُمْ. قَالُوا: فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ، لَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَى مَنْ ذَكَرْنَا، وَإِلَى أَمْثَالِهِمْ مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِهِ مُسْلِمَيْنَ، بِتَرْكِ قِيلِ الشِّعْرِ وَرِوَايَتِهِ. وَفِي أَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِقِيلِهِ إِذْ هَاجَاهُمُ الْمُشْرِكُونَ وَإِذْنِهِ لَهُمْ بِرِوَايَةِ مَا كَانَ مِنْهُ حِكْمَةً أَدَلُّ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا، وَفَسَادِ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ قَوْلَنَا. وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ: بَلْ مَعْنَاهُ: أَنْ يَغْلِبَ الشِّعْرُ عَلَى قَلْبِ الْمَرْءِ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَنِ الْقُرْآنِ، وَعَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَكُونَ هُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَيِّ الشِّعْرِ كَانَ ذَلِكَ قَالُوا: فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَذِكْرُ اللَّهِ وَالْعِلْمُ دُونَ الشِّعْرِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُمْتَلِئٍ شِعْرًا وَإِنْ كَانَ يَرْوِي مِنَ الشِّعْرِ شِعْرًا كَثِيرًا وَيَقُولُهُ [ص:624]. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ امْتِلَاءَهُ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي هَجَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكَانَ مُرَخَّصًا فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الذَّمَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الِامْتِلَاءِ مِنْ ذَلِكَ، لَا مِنْ جَمِيعِهِ، الْقَلِيلِ مِنْهُ وَالْكَثِيرِ. قَالُوا: وَفِي الْقَلِيلِ مِنْ هِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوجُ مِنَ الْإِسْلَامِ. فَفِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الِامْتِلَاءَ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشِّعْرِ عَلَى مَا وَصَفْنَا. وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَارَضَتْهَا أَخْبَارٌ أُخَرُ غَيْرُهَا، وَهِيَ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ شُعَرَاءِ أَصْحَابِهِ بِقِيلِ الشِّعْرِ، وَهِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذْ هَجَاهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَتَرْكِهِ عَلَى رُوَاةِ ذَلِكَ فِي عَصْرِهِ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ فِي رِوَايَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَاسْتِنْشَادِهِ بَعْضَهُمْ كَثِيرًا مِنْهُ، وَاسْتِمَاعِهِ إِلَى مُنْشِدِيهِ كَثِيرًا، مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مِنْهُ لِذَلِكَ

(2/622)


ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي ادَّعَى قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّهَا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا مُعَارِضَةٌ

(2/624)


918 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ، وَشَاعِرُ أَهْلِ الشَّامِ وَشَاعِرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَهَاجَيَانِ، وَعَمَّارٌ يَقُولُ: الْزَقْ بِالْعَجُوزَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: تَقُولُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِمَّا أَنْ تَجْلِسَ فَتَسْمَعَ، وَإِمَّا أَنْ تَذْهَبَ إِنَّهُ [ص:625] لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ شَكَوْنَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ، فَإِنْ كُنَّا لَنُعَلِّمُهُ إِمَاءَنَا بِالْمَدِينَةِ»

(2/624)


919 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ شَكَوْنَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ»

(2/625)


920 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّيْبَانِيُّ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَالْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ [ص:626] عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: «اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ»

(2/625)


921 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: «اهْجُهُمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ»

(2/627)


922 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَسَّانَ: «اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ، وَجِبْرِيلُ مَعَكَ»

(2/627)


923 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: " اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ، أَوْ: إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ مَعَكَ "

(2/627)


924 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ: «اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ مَعَكَ»

(2/627)


925 - حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: تُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي، أَيَّدَكَ اللَّهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» ؟ فَقَالَ: نَعَمْ

(2/627)


926 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَتْ: يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ بِمَا يُنَافِحُ، أَوْ: بِمَا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
[ص:629]

927 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ.

928 - حَدَّثَنِي بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُشَكِّكْ

(2/628)


929 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» . فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: «اهْجُهُمْ» ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يُرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ حَسَّانُ قَالَ: قَدْ أَنَى أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ. قَالَ: ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُخْرِجُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى تُخَلِّصَ نَسَبِي» . فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَلَّصْتُ نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: " إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ [ص:630] مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ فَأَشْفَى وَاشْتَفَى»

(2/629)