مختصر
الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة
10 - أركان الإيمان
أركان الإيمان ستة، وهي المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما
سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان؟ فقال: «أَنْ تُؤْمِنَ
بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ،
وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». متفق عليه (1).
- قوة رابطة الإيمان:
رابطة الإيمان أعظم الروابط على الإطلاق، ولشدة قوتها ربطت بين الخالق
والمخلوق، وربطت بين السماء والأرض، وربطت يبن الأمة ورسولها العظيم، وربطت
بين بني آدم في الأرض، وربطت بين بني آدم والملائكة، وربطت بين بني آدم
والجن، وربطت بين الدنيا والآخرة.
ومن أجلها خلق الله السماوات والأرض وما فيهن، وخلق الجنة والنار.
ومن أجلها كان الله ولي المؤمنين، ومن أجلها أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب،
وشرع الجهاد في سبيل الله.
قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ
الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ
أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} [البقرة/257].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (50) , ومسلم برقم (8) واللفظ له.
(1/43)
1 - الإيمان بالله
- الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
1 - الإيمان بوجود الله تعالى:
- فقد فطر الله كل مخلوق على الإيمان بخالقه كما قال سبحانه وتعالى:
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ
النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم/30].
- ودَلَّ العقلُ على أن لهذا الكون خالقاً، فإن هذه المخلوقات سابقها
ولاحقها لابد لها من خالق أَوْجَدَها، وهي لا يمكن أن تُوْجِدَ نفسها
بنفسها، ولا أن تُوْجَدَ صدفة، فتعيَّن أن يكون لها مُوجِد وهو الله رب
العالمين كما قال سبحانه وتعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ
هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا
يُوقِنُونَ (36)} [الطور/35 - 36].
- ودَلَّ الحسُّ على وجود الله سبحانه، فإننا نرى تقليب الليل والنهار،
ورزق الإنسان والحيوان، وتدبير أمور الخلائق، مما يدل دلالة قاطعة على
وجوده تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44)} [النور/44].
- والله أيّد رسله وأنبياءه بآيات ومعجزات رآها الناس، أو سمعوا بها، وهي
أمور خارجة عن قدرة البشر، ينصر الله بها رسله ويؤيدهم بها، وهذا برهان
قاطع على وجود مرسلهم وهو الله عز وجل، كما جعل الله النار برداً وسلاماً
على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وفلق البحر لموسى - صلى الله عليه
وسلم -، وأحيا الموتى لعيسى - صلى الله عليه وسلم -، وشق القمر لمحمد - صلى
الله عليه وسلم -.
- وكم أجاب الله من الداعين، وأعطى السائلين، وأغاث المكروبين، مما يدل بلا
ريب على وجوده، وعلمه، وقدرته سبحانه.
1 - قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي
مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} [الأنفال /9].
(1/44)
2 - وقال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى
رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ
أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى
لِلْعَابِدِينَ (84)} [الأنبياء/83 - 84].
- ودَلَّ الشرعُ على وجود الله سبحانه وتعالى، فالأحكام المتضمنة لمصالح
الخلق، والتي أنزلها الله عز وجل في كتبه على أنبيائه ورسله دليل على أنها
من رب حكيم قادر، عليم بمصالح عباده.
2 - الإيمان بأن الله هو الرب وحده لا شريك له:
والرب من له الخلق والملك والأمر، فلا خالق إلا الله، ولا مالك إلا الله،
والأمر كله للهِ وحده، الخلق خلقه، والملك ملكه، والأمر أمره، العزيز
الرحيم، الغني الحميد، يرحم إذا استُرْحِم، ويغفر إذا اسْتُغْفِر، ويعطي
إذا سُئل، ويجيب إذا دُعي، حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم.
1 - قال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ
رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف/54].
2 - وقال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا
فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)}
[المائدة/ 120].
- فنعلم ونتيقن أن الله عز وجل خلق المخلوقات، وأوجد الموجودات، وصوَّر
الكائنات، وخلق الأرض والسماوات، خلق الشمس والقمر، وخلق الليل والنهار،
والماء والنبات، والإنسان والحيوان، والجبال والبحار {وَخَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)} [الفرقان/2].
- خلق الله كل شئ بقدرته، ليس له وزير ولا مشير ولا معين، سبحانه هو الواحد
القهار، استوى على العرش بقدرته، ودحا الأرض بمشيئته، وخلق الخلائق
بإرادته، وقهر العباد بقوته، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو الحي القيوم.
- ونعلم ونتيقن أن الله سبحانه قدير على كل شيء، محيط بكل شيء، مالك لكل
شيء، عليم بكل شيء، قاهر فوق كل شيء، خضعت الأعناق لعظمته،
(1/45)
وخشعت الأصوات لهيبته، وذل الأقوياء لقوته،
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، يفعل ما يشاء، ويحكم
ما يريد {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ (82)} [يس/82].
- يعلم سبحانه ما في السماوات وما في الأرض، عالم الغيب والشهادة الكبير
المتعال، يعلم مثاقيل الجبال، ويعلم مكاييل البحار، ويعلم عدد قطر الأمطار،
ويعلم عدد ورق الأشجار، وعدد ذرات الرمال، ويعلم ما أظلم عليه الليل وأشرق
عليه النهار {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ
إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ
وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام/59].
- ونعلم ونتيقن أن الله جل جلاله كل يوم هو في شأن، لا يخفى عليه شيء في
الأرض ولا في السماء، يدبر الأمر، ويرسل الرياح، وينزل الغيث، ويحيي الأرض
بعد موتها، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويحيي ويميت، ويعطي ويمنع، ويضع
ويرفع {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} [الحديد/3].
- ونعلم ونتيقن أن خزائن السماوات والأرض كلها للهِ، وكل شيء في الوجود
فخزائنه عند الله: خزائن المياه، خزائن النبات، خزائن الهواء، خزائن
المعادن، خزائن الصحة، خزائن الأمن، خزائن النعيم، خزائن العذاب، خزائن
الرحمة، خزائن الهداية، خزائن القوة، خزائن العزة، كل هذه الخزائن وغيرها
عند الله وبيد الله وحده {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ
وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر/21].
- وإذا علمنا ذلك وتيقنا على قدرة الله، وعظمة الله، وقوة الله، وكبرياء
الله، وعلم الله، وخزائن الله، ورحمة الله، ووحدانية الله أقبلت القلوب
إليه، وانشرحت الصدور لعبادته، وانقادت الجوارح لطاعته، ولهجت الألسن بذكره
تعظيماً وتكبيراً، وتسبيحاً وتحميداً، فلا تسأل إلا إياه، ولا تستعين إلا
به، ولا تتوكل
(1/46)
إلا عليه، ولا تخاف إلا منه، ولا تعبد إلا
إياه {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ
شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)} [الأنعام
/102].
3 - الإيمان بألوهيته سبحانه:
- أن نعلم ونتيقن أن الله وحده هو الإله الحق لا شريك له.
وأنه وحده المستحق للعبادة، فهو رب العالمين، وإله العالمين، ونعبده بما
شرع، مع كمال الذل له، وكمال الحب، وكمال التعظيم.
- ونعلم ونتيقن أن الله كما أنه واحد في ربوبيته لا شريك له، فكذلك هو واحد
في ألوهيته لا شريك له، فنعبده وحده لا شريك له، ونجتنب عبادة ما سواه.
قال الله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة/163].
- والله هو الإله الحق، وكل معبود من دون الله فألوهيته باطلة، وعبادته
باطلة {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)}
[الحج/62].
4 - الإيمان بأسماء الله وصفاته:
ومعناه: فهمها وحفظها والاعتراف بها، والتعبد للهِ بها، والعمل بمقتضاها،
فمعرفة أوصاف العظمة للهِ والكبرياء والمجد والجلال تملأ قلوب العباد هيبة
للهِ وتعظيماً له.
ومعرفة أوصاف العزة والقدرة والجبروت تملأ القلوب ذلة وانكساراً وخضوعاً
بين يدي ربها.
ومعرفة أوصاف الرحمة والبر والجود والكرم تملأ القلوب رغبة وطمعاً في فضل
الله وإحسانه وجوده.
ومعرفة أوصاف العلم والإحاطة توجب للعبد مراقبة ربه في حركاته وسكناته.
ومجموع هذه الصفات توجب للعبد محبة الله، والشوق إليه، والأنس به، والتوكل
عليه، والتقرب إليه بعبادته وحده لا شريك له.
(1/47)
- ونثبت للهِ سبحانه ما أثبته لنفسه، أو
أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء والصفات، ونؤمن بها،
وبما دلت عليه من المعاني والآثار.
فنؤمن بأن الله (رحيم) ومعناه أنه ذو رحمة، ومن آثار هذا الاسم: أنه يرحم
من يشاء، وهكذا القول في بقية الأسماء، ونثبت ذلك على ما يليق بجلاله
سبحانه من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل على حد قوله سبحانه:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}
[الشورى/11].
- ونعلم ونتيقن أن الله وحده له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وندعوه بها:
1 - قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (180)} [الأعراف/180].
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«إنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِيْنَ اسْماً، مِائَةً إلَّا وَاحِداً، مَنْ
أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ». متفق عليه (1).
- أركان الإيمان بأسماء الله وصفاته:
الإيمان بأسماء الله وصفاته يقوم على ثلاثة أصول:
الأول: تنزيه خالق السماوات والأرض عن مشابهة المخلوقين في الذات والأسماء
والصفات.
الثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله من الأسماء الصفات.
الثالث: قطع الطمع عن إدراك كيفية أسماء الله وصفاته، فكما لا نعلم كيفية
ذاته كذلك لا نعلم كيفية أسمائه وصفاته كما قال سبحانه: { ... لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى/11].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7392)، ومسلم برقم (2677).
(1/48)
أسماء الله الحسنى
أسماء الله عز وجل دالة على أوصاف كماله، وهي مشتقة من الصفات، فهي أسماء،
وهي أوصاف، وبذلك كانت حسنى.
والعلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم، وأعظمها وأوجبها.
ومن أسماء الله عز وجل:
الله: وهو المألوه المعبود الذي تأْلَهه الخلائق وتحبه، وتعظمه، وتخضع له،
وتفزع إليه في الحوائج.
وهو الرحمن الرحيم: الذي وسعت رحمته كل شيء، ووصلت رحمته إلى كل مخلوق.
وهو الملك: الذي ملك الخلائق كلها، المالك: الذي ملك الممالك والملوك
والعبيد، المليك: النافذ أمره في ملكه، بيده الملك، يؤتي الملك من يشاء،
وينزع الملك ممن يشاء.
وهو القدوس: المنزه عن النقائص والعيوب، الموصوف بصفات الكمال.
وهو السلام: الذي سلم من كل عيب وآفة ونقص.
وهو المؤمن: الذي أَمِنَ خلقه من أن يظلمهم، خلق الأمن ومنَّ به على من شاء
من عباده.
وهو المهيمن: الشاهد على خلقه بما يصدر منهم، لا يغيب عنه شيء.
وهو العزيز: الذي له العزة كلها، فهو العزيز الذي لا يرام جنابه، والقاهر
الذي لا يُغلب، والقوي الشديد الذي خضعت له المخلوقات.
وهو الجبار: العالي على خلقه، القاهر لهم على ما أراد، ذو الجبروت والعظمة
الذي يجبر عباده ويصلح أحوالهم.
وهو المتكبر: الذي تكبر عن صفات الخلق فلا شيء مثله، الذي تكبر عن كل سوء
وظلم.
(1/49)
وهو الكبير: الذي كل شيء دونه صغير، وله
الكبرياء في السماوات والأرض.
وهو الخالق: المبدع للخلق على غير مثال سبق.
الخلاق: الذي خلق ويخلق كل شيء بقدرته.
وهو البارئ: الذي برأ الخلق فأوجدهم بقدرته، وميز بعض خلقه عن بعض، وجعلهم
أبرياء.
وهو المصور: الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة، من الطول والقصر، والكبر
والصغر.
وهو الوهاب: الذي يجود بالعطاء والنعم على الدوام.
وهو الرزاق: الذي وسع الخلق كلهم رزقه.
الرازق: الذي خلق الأرزاق وأوصلها الى خلقه.
وهو الغفور الغفار: المعروف بالغفران والعفو والصفح.
الغافر: الساتر لذنوب عباده.
وهو القاهر: العالي والقاهر فوق عباده، الذي خضعت له الرقاب، وذلت له
الجبابرة.
وهو القهار: الذي قهر الخلائق كلها على ما أراد، فهو القاهر وما سواه
مقهور.
وهو الفتاح: الذي يحكم بين عباده بالحق والعدل، ويفتح لهم أبواب الرحمة
والرزق، الناصر لعباده المؤمنين، المتفرد بعلم مفاتح الغيب.
وهو العليم: الذي لا يخفى عليه شيء، العالم بالسر والخفيات، والظواهر
والبواطن، والأقوال والأفعال، والغيب والشهادة، علام الغيوب.
وهو المجيد: الذي تمجَّد بأفعاله، ومجَّده خلقه لعظمته، فهو المحمود على
مجده، وعظمته، وإحسانه.
وهو الرب: المالك المتصرف، رب الأرباب، ومالك الخلائق، الذي يربي خلقه
ويقوم بأمورهم في الدنيا والآخرة، لا إله غيره، ولا رب سواه.
وهو العظيم: ذو العظمة والجلال في ملكه وسلطانه.
(1/50)
وهو الواسع: الذي وسعت رحمته كل شيء، ووسع
رزقه الخلق أجمعين، واسع العظمة والملك والسلطان، واسع الفضل والإحسان.
وهو الكريم: الذي له قدر عظيم، الكثير الخير دائمه، المنزه عن النقائص
والآفات، الأكرم: الذي عمَّ الجميع بعطائه وفضله.
وهو الودود: المحب لمن أطاعه وأناب إليه، المثني عليهم، المحسن إليهم وإلى
غيرهم.
وهو المقيت: الحافظ لكل شيء، القائم على كل شيء، المعطي لأقوات الخلق.
وهو الشكور: الذي يضاعف الحسنات، ويمحو السيئات.
الشاكر: الذي يشكر اليسير من الطاعة، فيعطي الثواب الجزيل، ويعطي الكثير من
النعم، ويرضى باليسير من الشكر.
وهو اللطيف: الذي لا يخفى عليه شيء، البَرُّ بعباده الذي يلطف بهم من حيث
لا يعلمون، لطيف لا تدركه الأبصار.
وهو الحليم: الذي لا يَعْجَل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم، بل يمهلهم
ليتوبوا.
وهو الخبير: الذي لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه، من متحرك وساكن، وناطق
وصامت، وصغير وكبير.
وهو الحفيظ: الذي حفظ ما خلقه، وأحاط علمه بكل شيء.
الحافظ: الذي حفظ أعمال العباد، وحفظ أولياءه من الوقوع في الذنوب، الذي لا
يغيب عما يحفظه.
وهو السميع: الذي يسمع جميع الأصوات، وسع سمعه الأصوات، لا يشغله سمع عن
سمع مع اختلاف الألسنة واللغات والحاجات، يستوي عنده السر والعلانية،
والقريب والبعيد.
وهو البصير: الذي يبصر كل شيء، العليم بحاجات وأعمال العباد، ومن يستحق
(1/51)
الهداية، ومن يستحق الضلالة، لا يعزب عنه
شيء، ولا يغيب عنه شيء.
وهو العلي الأعلى المتعال: ذو العلو والارتفاع، الذي كل شيء تحت قهره
وسلطانه، فهو العظيم الذي لا أعظم منه، العلي الذي لا أعلى منه، الكبير
الذي لا أكبر منه.
وهو الحكيم: الذي يضع الأشياء في محلها بحكمته وعدله، الحكيم في أقواله
وأفعاله.
الحكم الحاكم: الذي سلم له الحكم فلا يجور ولا يظلم أحداً.
وهو القيوم: القائم بنفسه فلا يحتاج الى أحد، المقيم لغيره، القائم بتدبير
الخلائق كلها لا تأخذه سنة ولا نوم.
وهو الواحد الأحد: الذي توحَّد بجميع الكمالات لا يشاركه فيها أحد.
وهو الحي: الباقي الذي لا يجوز عليه الموت ولا الفناء.
وهو الحاسب الحسيب: الكافي لعباده الذي لا غنى لهم عنه أبداً، المحاسب
لعباده.
وهو الشهيد: المطَّلع على جميع الأشياء، الذي أحاط علمه بكل شيء، والذي شهد
لعباده وعلى عباده بما عملوه.
وهو القوي المتين: التام القوة، الذي لا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب،
الشديد القوي الذي لا تنقطع قوته.
وهو الولي: مالك التدبير، المولى: المحب الناصر المعين لعباده المؤمنين.
وهو الحميد: الذي يستحق الحمد، المحمود على أسمائه وصفاته، وأفعاله
وأقواله، وإحسانه، وشرعه وقدره.
وهو الصمد: الذي بلغ الكمال في سؤدده وعظمته وجوده، الذي يُصمد إليه في
الحوائج.
وهو القدير القادر المقتدر: كامل القدرة، لا يعجزه شيء، ولا يفوته شيء،
الذي
(1/52)
له القدرة التامة الدائمة الشاملة.
وهو الوكيل: القائم بأمر الخلائق كلها.
وهو الكفيل: الحفيظ لكل شيء، القائم على كل نفس، المتكفل بأرزاق الخلائق،
ورعاية مصالحهم.
وهو الغني: الذي استغنى عن الخلق، ولا حاجة له إلى أحد أصلاً.
وهو الحق المبين: الذي لا شك ولا ريب في وجوده، الذي لا يخفى على خلقه،
المبين: الذي أوضح لخلقه سبل النجاة في الدنيا والآخرة.
وهو النور: الذي أنار السماوات والأرض، ونوَّر قلوب المؤمنين بمعرفته
والإيمان به.
وهو ذو الجلال والإكرام: الذي يستحق أن يُهاب ويُثنى عليه وحده، ذو العظمة
والكبرياء، وذو الرحمة والإحسان.
وهو البَرُّ: الرحيم بعباده، العطوف عليهم، المحسن إليهم.
وهو التواب: الذي يتوب على التائبين، ويغفر ذنوب المنيبين، خلق التوبة
وقَبِلها من عباده.
وهو العفو: الذي وسع عفوه ما يصدر من ذنوب عباده لا سيما مع التوبة
والاستغفار.
وهو الرؤوف: ذو الرأفة، والرأفة: شدة الرحمة وأعلاها.
وهو الأول: الذي ليس قبله شيء، والآخر: الذي ليس بعده شيء.
والظاهر: الذي ليس فوقه شيء، والباطن: الذي ليس دونه شيء.
وهو الوارث: الباقي بعد فناء خلقه، وإليه مرجع كل شيء ومصيره، الحي الذي لا
يموت.
وهو المحيط: الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه، فلا يقدرون على فوته، أو الفرار
منه، أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً.
(1/53)
وهو القريب من كل أحد، القريب من الداعي،
والمتقرَّب إليه بأنواع الطاعة والإحسان.
وهو الهادي: الذي هدى سائر الخلق إلى مصالحهم، الهادي عباده، المبين لهم
طريق الحق من الباطل.
وهو البديع: الذي لا مثيل له ولا شبيه، الذي فطر المخلوقات على غير مثال
سبق.
وهو الفاطر: الذي خلق المخلوقات، وفطر السماوات والأرض وقد كانتا عدماً.
وهو الكافي: الذي كفى عباده جميع ما يحتاجون إليه ويضطرون إليه.
وهو الغالب: القاهر أبداً، الغالب لكل طالب، لا يملك أحد أن يرد ما قضى، أو
يمنع ما أمضى، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه.
وهو الناصر النصير: الذي ينصر رسله وأتباعهم على أعدائهم، بيده النصر وحده
لا شريك له.
وهو المستعان: الذي لا يَطلب العون، بل يُطلب منه العون، يسأله أولياؤه
وأعداؤه، ويمد هؤلاء وهؤلاء.
وهو ذو المعارج: الذي تعرج إليه الملائكة والروح، وتصعد إليه الأعمال
والأقوال الصالحة والطيبة.
وهو ذو الطَّول: الذي بسط الفضل والنعم والمنن على خلقه.
وهو ذو الفضل: الذي يملك كل شيء، ويتفضل على عباده بأنواع النعم.
وهو الرفيق: الذي يحب الرفق وأهله، رؤوف بالعباد، رحيم بهم.
وهو الجميل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
وهو الطيب: المنزه عن النقائص والعيوب.
وهو الشافي لكل آفة وعاهة ومرض وحده لا شريك له.
وهو السبوح: المنزه عن كل عيب ونقص، الذي تسبح له السماوات السبع
(1/54)
والأرض ومن فيهن، ويسبح بحمده كل شيء.
وهو الوتر: الذي لا شريك له ولا مثيل ولا نظير، وتر يحب الوتر من الأعمال
والطاعات.
وهو الديان: الذي يحاسب العباد ويجازيهم، ويحكم بينهم يوم المعاد.
وهو المقدِّم والمؤخِّر: يقدم من يشاء، ويؤخر من يشاء، ويرفع من شاء، ويضع
من شاء.
وهو المَنَّان: الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، كثير العطاء، يمن على عباده
بأنواع الإحسان والإنعام والأرزاق والعطايا.
وهو القابض: الذي يطوي بره ومعروفه عمن يريد.
الباسط: الذي ينشر فضله، ويوسع رزقه على من شاء من عباده.
وهو الحيي السِّتِّير: الذي يحب أهل الحياء والستر من عباده، ويستر على
عباده الكثير من الذنوب والعيوب.
وهو السيد: الذي كمل في سؤدده وعظمته وقوته وسائر صفاته.
وهو المحسن: الذي غمر الخلق جميعاً بإحسانه وفضله.
(1/55)
زيادة الإيمان
- أساس الدين هو الإيمان بالله عز وجل، واليقين على ذاته وعلى أسمائه
وصفاته، وأفعاله وخزائنه، ووعده ووعيده، وجميع الأعمال والعبادات مبناها
وقبولها مبني على هذا الأصل العظيم، وإذا ضعف هذا الإيمان ونقص ضعفت
الأعمال والعبادات فساءت الأحوال.
وحتى يأتي الإيمان في حياتنا ويزيد لا بد من العلم بأمور:
الأول: أن نعلم ونتيقن أن خالق كل شيء هو الله ظاهراً كان أو باطناً،
صغيراً كان أو كبيراً، فخالق السماء هو الله، وخالق الأرض هو الله، وخالق
العرش هو الله، وخالق الملائكة هو الله، وخالق النجوم هو الله، وخالق
البحار والجبال هو الله، وخالق الإنسان والحيوان والنبات والجماد هو الله،
وخالق الجنة هو الله، وخالق النار هو الله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر/62].
نتكلم بذلك، ونسمعه، ونفكر به، وننظر في الآيات الكونية والآيات القرآنية
نظر اعتبار وتفكر حتى يرسخ الإيمان في قلوبنا، وقد أمرنا الله بذلك.
1 - قال الله تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101)}
[يونس/101].
2 - وقال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى
قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} [محمد/24].
3 - وقال الله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ
يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)} [التوبة/124].
الثاني: أن نعلم ونتيقن أن الله خلق المخلوقات وخلق فيها الأثر، فخلق العين
وخلق فيها الأثر: وهو البصر، وخلق الأذن وخلق فيها الأثر: وهو السمع، وخلق
اللسان وخلق فيه الأثر: وهو الكلام، وخلق الشمس وخلق فيها الأثر: وهو
النور، وخلق النار وخلق فيها الأثر: وهو الإحراق، وخلق الشجر وخلق فيه
(1/56)
الأثر: وهو الثمر وهكذا.
الثالث: أن نعلم ونتيقن أن الذي يملك جميع المخلوقات، ويتصرف فيها، ويدبرها
هو الله وحده لا شريك له، فكل ما في السماء والأرض من المخلوقات كبيرهم
وصغيرهم كلهم عبيد فقراء إلى الله، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا
نصراً، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فالله مالكهم، وهم محتاجون
إليه، وهو غني عنهم.
وهو سبحانه الذي يصرف الكون ويدبر أمور جميع خلقه، فالذي يتصرف في السماء
والأرض، وفي المياه والبحار، وفي النار والرياح، وفي الأنفس والنباتات، وفي
الكواكب والجمادات، وفي الرؤساء والوزراء، وفي الأغنياء والفقراء، وفي
الأقوياء والضعفاء وغيرهم هو الله وحده لا شريك له.
فالله عز وجل يتصرف بقدرته وحكمته وعلمه كيف يشاء، فقد يخلق الشيء ويسلب
أثره بقدرته، فقد توجد العين ولا تبصر، والأذن ولا تسمع، واللسان ولا
يتكلم، والبحر ولا يغرق، والنار ولا تحرق، وقد فعل ذلك سبحانه؛ لأنه الذي
يتصرف في الخلق كيف يشاء، لا إله إلا هو الواحد القهار وهو على كل شيء
قدير.
- وبعض القلوب تتأثر بالشيء أكثر من خالق الشيء، فتتعلق بالشيء وتغفل عن
خالق الشيء سبحانه، والواجب أن نصل بهذا العلم وبهذا النظر من المخلوق إلى
الخالق الذي خلقه وصوره، فنعبده وحده لا شريك له.
قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ
الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)
فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا
الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)} [يونس/31 - 32].
الرابع: أن نعلم ونتيقن أن خزائن جميع الأشياء عند الله وحده لا عند غيره،
فكل شيء في الوجود فخزائنه عند الله، خزائن الطعام والشراب، والحبوب
والثمار،
(1/57)
والمياه والرياح، والأموال والبحار،
والجبال وغيرها كلها عند الله، فكل ما نحتاجه نطلبه من الله ونسأله إياه،
ونكثر من العبادات والطاعات، فهو سبحانه قاضي الحاجات، ومجيب الدعوات، هو
خير المسؤولين، وخير المعطين، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع.
1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ
وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} ... [الحجر/21].
2 - وقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)} [المنافقون/7].
- قدرة الله عز وجل:
الله عز وجل له القدرة المطلقة:
1 - أحياناً يعطي ويرزق بالأسباب كما جعل الماء سبباً للإنبات، ووطء المرأة
سبباً للإنجاب، ونحن في دار الأسباب فنأخذ بالأسباب المشروعة، ولا نتوكل
إلا على الله.
2 - وأحياناً يعطي ويرزق بدون الأسباب، يقول للشيء كن فيكون، كما رزق مريم
طعاماً بلا شجر، وابناً بلا ذكر.
3 - وأحياناً يستعمل قدرته سبحانه بضد الأسباب كما جعل النار برداً وسلاماً
على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وكما نجى موسى - صلى الله عليه وسلم -
وأغرق فرعون وقومه في البحر، وكما نجى يونس - صلى الله عليه وسلم - في ظلمة
بطن الحوت والبحر.
قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس/82].
هذا بالنسبة للمخلوقات، أما بالنسبة للأحوال:
1 - فنعلم ونتيقن أن خالق جميع الأحوال هو الله وحده من الغنى والفقر ..
والصحة والمرض .. والفرح والحزن .. والضحك والبكاء .. والعزة والذلة ..
والحياة والموت .. والأمن والخوف .. والبرد والحر .. والهداية والضلالة ..
والسعادة
(1/58)
والشقاوة .. فهذه وغيرها من الأحوال خلقها
الله سبحانه.
2 - أن نعلم ونتيقن أن الذي يدبر الأمر ويُصَرِّف هذه الأحوال هو الله
وحده، فلا يتبدل الفقر بالغنى إلا بأمر الله، ولا المرض بالصحة إلا بأمر
الله، ولا تتغير الذلة بالعزة إلا بأمر الله، ولا الضحك بالبكاء إلا بأمر
الله، ولا يموت حي إلا بإذن الله، ولا يتغير البرد بالحر إلا بأمر الله،
ولا تتبدل الضلالة بالهداية إلا بأمر الله وهكذا.
فتأتي الأحوال بأمره سبحانه، وتزيد بأمره، وتنقص بأمره، وتبقى بأمره،
وتنتهي بأمره، فعلينا أن نطلب تغيير الأحوال ممن يملكها بالتقرب إليه وحده
بما شرع: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ
تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ
وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ (26)} [آل عمران/26].
3 - أن نعلم ونتيقن أن خزائن جميع الأحوال السابقة وغيرها عند الله وحده لا
شريك له، فلو أعطى الله سبحانه الصحة أو الغنى أو غيرهما كل الناس لم ينقص
ما في خزائنه سبحانه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، لا إله إلا هو
الغني الحميد.
عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روَى عَنِ
اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي! إنِّي حَرَّمْتُ
الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلا
تَظَالَمُوا.
يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي
أهْدِكُمْ.
يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي
أُطْعِمْكُمْ.
يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي
أكْسُكُمْ.
يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأنَا
أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أغْفِرْ لَكُمْ.
يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ لَنْ تبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ
تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي.
يَا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ
كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ
(1/59)
وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي
مُلْكِي شَيْئًا.
يَا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ،
كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ
مُلْكِي شَيْئًا.
يَا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ
قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُونِي، فَأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ
مَسْألَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلا كَمَا يَنْقُصُ
المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ.
يَا عِبَادِي! إنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ
أوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ
وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ». أخرجه مسلم (1).
- فالذي يؤمن بالله، ويمتثل أوامر الله على هدي رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فالله عز وجل يرضى عنه، ويعطيه من خزائنه - غنياً كان أو فقيراً -،
ويؤيده وينصره، ويدخله الجنة، ويحفظه ويعزه بالإيمان، سواء كانت عنده أسباب
العزة كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، أو لم تكن عنده أسباب العزة
كبلال وعمار وسلمان رضي الله عنهم وغيرهم.
ومن لم يؤمن بالله: فإن كانت عنده أسباب العزة من الملك والمال أذله الله
بها كما أذل فرعون وقارون وهامان، وغيرهم.
وإن كانت عنده أسباب الذلة أذله الله بها كفقراء المشركين.
- والله خلق الإنسان للإيمان والأعمال الصالحة، وعبادة ربه وحده لا شريك
له، ولم يخلقه ليستكثر من الأموال والأشياء والشهوات، فإن شغل نفسه بهذه
الأشياء عن عبادة ربه سلطها الله عليه، وجعلها سبباً في شقائه وهلاكه
وخسارته في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)} [التوبة/55].
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2577).
(1/60)
- أسباب الفوز والفلاح:
أعطى الله عز وجل كل إنسان أسباب الفوز والفلاح
أياً كان غنياً أو فقيراً، والأسباب التي ليس فيها فوز ولا فلاح كالمال
والجاه أعطى منها بعض الناس دون بعض، فالإيمان والأعمال الصالحة هي السبب
الوحيد للفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وهي حق مبذول لكل أحد، وكذلك مكان
الإيمان وهي القلوب موجودة عند كل أحد، ومكان الأعمال وهي الجوارح مملوكة
لكل أحد، فمن في قلبه الإيمان وصدرت من جوارحه الأعمال الصالحة فاز في
الدنيا والآخرة وما سواه فهو من الخاسرين.
1 - يحصل الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة فقط بالإيمان والأعمال الصالحة،
وقيمة الإنسان عند الله بقدر ما فيه من الإيمان، وما يقوم به من الأعمال
الصالحة، لا بما يملك من الأموال والأشياء والمناصب.
وقد اعتقد قوم أن الفوز والفلاح في الملك والدولة كنمرود وفرعون، واعتقد
آخرون أنه في القوة كقوم عاد، واعتقد آخرون أنه في التجارة كقوم شعيب،
واعتقد آخرون أنه في الزراعة كقوم سبأ، واعتقد آخرون أنه في الصناعة كقوم
ثمود، واعتقد آخرون أنه في المال كقارون.
وقد أرسل الله عز وجل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لهؤلاء الأقوام
يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويبينون لهم أن الفوز والفلاح ليس
في هذه الأشياء بل بالإيمان والأعمال الصالحة.
1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ
وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)} [النور/52].
2 - وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ
فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى
رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا
يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ} [البقرة/3 - 5].
2 - وهؤلاء الأقوام لما كذبوا الرسل، واستمروا على كفرهم، واغتروا بما
عندهم
(1/61)
دَمَّرهم الله وأنجى أنبياءه ورسله
وأتباعهم، ونصرهم على أعدائهم.
1 - قال الله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ
أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ
وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ (40)} [العنكبوت/40].
2 - وقال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ
ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67)}
[هود/66 - 67].
- فقه تزكية النفوس:
التزكية: طهارة الظاهر والباطن من كل درن ونجاسة.
والتزكية لها ثلاث متعلقات:
1 - في حق الله: يتزكى الإنسان ويتطهر من الشرك والنفاق والرياء، فيعبد
الله مخلصاً له الدين.
2 - في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم -: يتزكى ويتطهر من الابتداع، فيعبد
الله على مقتضى شريعة الله ورسوله.
3 - في حق الناس: يزكي نفسه ويطهرها من الأخلاق السيئة كالغل والحسد والكذب
والغيبة والإعتداء على الخلق.
ومن رُزِق هذا فقد نال الدرجات العالية في الإيمان والعلم والعمل والخُلُق.
قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ
دَسَّاهَا (10)} [الشمس/9 - 10]
والفلاح هو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب.
(1/62)
- تفاضل أهل
الإيمان:
1 - إيمان الخلق درجات متفاوتة:
1 - فإيمان الملائكة ثابت لا يزيد ولا ينقص، فهم لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يؤمرون، وهم درجات.
2 - وإيمان الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يزيد ولا ينقص؛ لكمال
معرفتهم بالله، وهم درجات.
3 - وإيمان سائر المسلمين يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهم درجات في
الإيمان، والإيمان درجات:
فأول درجات الإيمان تجعل المسلم يؤدي العبادة للهِ عز وجل ويتلذذ بها
ويحافظ عليها، ولحسن المعاملة مع من فوقه أو مثله من الناس يحتاج إلى إيمان
أقوى يحجزه عن الظلم لنفسه ولغيره، ولحسن المعاشرة لمن دونه من الخلق
كالحاكم مع رعيته، والرجل مع أهله يحتاج إلى إيمان أقوى يحجزه عن الظلم لمن
دونه، وكلما زاد الإيمان زاد اليقين وزاد العمل الصالح، وصار العبد يؤدي حق
الله وحقوق عباده، فهو حسن الخُلق مع الخالق ومع المخلوق، فهذا بأرفع
المنازل في الدنيا والآخرة.
2 - كل عبد سائر لا واقف، فإما إلى فوق وإما الى أسفل، وإما إلى أمام وإما
إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف ألبتة.
فكل عبد ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرع
ومبطئ، ومتقدم ومتأخر، وليس في الطريق واقف ألبتة، وإنما يتخالفون في جهة
المسير وفي السرعة والبطء، فمن لم يتقدم إلى الجنة بالإيمان والأعمال
الصالحة فهو متأخر إلى النار بالكفر والأعمال السيئة.
قال الله تعالى: {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ
يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37)} [المدثر/36 - 37].
(1/63)
3 - أهل الإيمان متفاوتون فيه تفاوتاً
عظيماً، فإيمان الأنبياء والرسل ليس كإيمان غيرهم، وإيمان الصحابة رضي الله
عنهم ليس كإيمان غيرهم، وإيمان المؤمنين الصالحين ليس كإيمان الفاسقين.
وهذا التفاوت بحسب ما في القلب من العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وما
شرعه لعباده، وخشية الله وتقواه، وتفاوت نور (لا إله إلا الله) في قلوب
أهلها لا يحصيه إلا الله تعالى.
4 - أعرف الخلق بالله أشدهم حبّاً له، ولهذا كانت الرسل أعظم الناس حباً
للهِ، وتعظيماً له.
ومحبة الله لذاته وإحسانه وجماله وجلاله أصل العبادة، وكلما قويت المحبة
كانت الطاعة أتم، والتعظيم أوفر، والسرور والأنس بالله أكمل.
(1/64)
وعد الله على
الإيمان
- وعد الله عز وجل المؤمنين بموعودات كثيرة في الدنيا والآخرة.
أ- موعودات المؤمنين في الدنيا منها:
1 - الفلاح كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)}
[المؤمنون/1].
2 - الهداية كما قال سبحانه: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا
إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)} [الحج/54].
3 - النصر كما قال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ
الْمُؤْمِنِينَ (47)} [الروم/47].
4 - العزة كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ... [المنافقون/8].
5 - الخلافة والتمكين في الأرض كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ
لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ
بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}
[النور/55].
6 - الدفاع عنهم كما قال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ
آمَنُوا} [الحج/38].
7 - الأمن كما قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا
إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ
(82)} [الأنعام/82].
8 - النجاة كما قال سبحانه {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا
كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)} [يونس/103].
9 - الحياة الطيبة كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ
أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)}
[النحل/97].
10 - عدم تسليط الكفار عليهم كما قال سبحانه: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ
لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} [النساء/141].
(1/65)
11 - حصول البركات كما قال سبحانه: {وَلَوْ
أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ
بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف/96].
12 - معية الله الخاصة كما قال سبحانه: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ
الْمُؤْمِنِينَ (19)} [الأنفال/19].
ب - أما الموعودات في الآخرة فمنها:
1 - دخول المؤمنين الجنة والخلود فيها، والرضوان من الله تعالى كما قال
سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي
جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ (72)} [التوبة/72].
2 - رؤية الله عز وجل والقرب منه كما قال سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة/22 - 23].
- الصفات الموعودة في الدنيا غير موجودة في حياة كثير من المسلمين اليوم،
مما يدل على ضعف إيمانهم، ولا سبيل للحصول عليها أو رؤيتها إلا بتقوية
الإيمان الموجود بالإيمان المطلوب؛ لنحصل على موعودات الله المذكورة في
الدنيا على الإيمان، بأن يكون إيماننا وأعمالنا كإيمان الأنبياء والصحابة
وأعمالهم.
1 - قال الله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ
اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)}
[البقرة/137].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ
الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ
وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا
بَعِيدًا (136)} [النساء/136].
3 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي
السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)} [البقرة/208].
(1/66)
|