الموسوعة
الفقهية الدرر السنية الباب السابع: قيام
رمضان (التراويح)
• الفصل الأول: تعريف التراويح لغة واصطلاحاً.
• الفصل الثاني: مشروعية صلاة التراويح وحكمها وفضلها.
• الفصل الثالث: صفة صلاة التراويح.
الفصل الأول: تعريف
التراويح لغة واصطلاحاً
أولا: تعريف التراويح لغة:
التراويح لغةً: جمع ترويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، وروَّحت بالقوم
ترويحاً: صليت بهم التراويح.
وسُمِّيت بذلك لأن الناس كانوا يطيلون القيام فيها والركوع والسجود، فإذا
صلوا أربعاً استراحوا، ثم استأنفوا الصلاة أربعاً، ثم استراحوا، ثم صلوا
ثلاثاً (1)
ثانياً: تعريف التراويح اصطلاحاً:
التراويح اصطلاحاً: هي قيام شهر رمضان (2)
_________
(1) ((لسان العرب لابن منظور)) (مادة: روح)، ((المصباح المنير للفيومي))
(1/ 244)، ((الشرح الممتع لابن عثيمين)) (4/ 10). قال الكمال بن الهمام:
(التراويح جمع ترويحة، أي: ترويحة للنفس أي: استراحة؛ سميت نفس الأربع بها
لاستلزامها شرعاً ترويحة أي استراحة) ((فتح القدير)) (1/ 466 - 467).
(2) قال ابن قدامة: (وقيام شهر رمضان عشرون ركعة يعني: صلاة التراويح)
((المغني)) (1/ 455). وقال النووي: (والمراد بقيام رمضان صلاة التراويح)
((شرح مسلم)) (6/ 39). وانظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/ 318)، ((مجموع
فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 209).
الفصل الثاني:
مشروعية صلاة التراويح وحكمها وفضلها
• المبحث الأول: مشروعية صلاة التراويح.
• المبحث الثاني: حكم صلاة التراويح.
• المبحث الثالث: حكم صلاة التراويح في المسجد.
• المبحث الرابع: حكم صلاة التراويح في المسجد للنساء.
• المبحث الخامس: فضل صلاة التراويح.
المبحث الأول:
مشروعية صلاة التراويح
أجمعت الأمة على مشروعية صلاة التراويح، ولم ينكرها أحد من أهل العلم (1)،
وظاهر المنقول أنها شرعت في آخر سني الهجرة.
الدليل:
عن عائشة رضي الله تعالى عنها ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات
ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس
فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل
المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا
بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح،
فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإنه لم يخف علي
مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها)). أخرجه البخاري ومسلم (2).
فهذا يُشعِر أنَّ صلاة التراويح لم تُشرَع إلا في آخر سنيِّ الهجرة؛ لأنه
لم يرد أنه صلاها مرة ثانية ولا وقع عنها سؤال.
_________
(1) قال السرخسي: (والأمة أجمعت على شرعيتها وجوازها ولم ينكرها أحد من أهل
العلم إلا الروافض لا بارك الله فيهم) ((المبسوط)) (2/ 131).
(2) رواه البخاري (924)، ومسلم (761).
المبحث الثاني: حكم
صلاة التراويح
صلاة التراويح سنة مؤكدة.
الأدلة:
1 - قال أبو هريرة رضي الله عنه: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب
في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيماناً
واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)). أخرجه البخاري ومسلم (1).
2 - عن عائشة رضي الله عنها ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في
المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس ثم
اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم
إلا أني خشيت أن تُفرَض عليكم. قال: وذلك في رمضان)). أخرجه البخاري ومسلم
(2)
3 - وحكى الإجماع على سنيتها النووي (3)، والصنعاني (4) (5)
_________
(1) رواه البخاري (2009)، ومسلم (759) واللفظ له.
(2) رواه البخاري (1129)، ومسلم (761) واللفظ له.
(3) قال النووي: (فصلاة التراويح سنة بإجماع العلماء) ((المجموع)) (4/ 37).
(4) ((سبل السلام)) (2/ 11).
(5) قال شيخي زاده: (التراويح ... سنة مؤكدة للرجال والنساء جميعاً بإجماع
الصحابة ومن بعدهم من الأئمة، منكرها مبتدع ضال مردود الشهادة) ((مجمع
الأنهر)) (1/ 202).
المبحث الثالث: حكم
صلاة التراويح في المسجد
السنة في التراويح أن تُؤدَّى جماعةً في المساجد (1)، وهو ما ذهب إليه
جمهور الفقهاء من الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة
(5).
الأدلة:
1 - عن عائشة رضي الله عنها ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في
المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم
اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم
إلا أني خشيت أن تفرض عليكم)). قال: وذلك في رمضان. أخرجه البخاري ومسلم
(6)
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة التراويح بالجماعة، ولم يمنعه من
الاستمرار بالجماعة إلا تخوفه أن تُفرَض على الأمة، ومعنى ذلك أن فعلها
جماعة سنة.
2 - عن عبدالرحمن بن عبدٍ القارئ قال: ((خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله
عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه
ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر رضي الله عنه: إني أرى لو جمعت
هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم إلى أبي بن كعب، ثم خرجت
معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. فقال عمر: نعم البدعة (7) هذه،
والتي ينامون عنها أفضل. يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله)). أخرجه
البخاري (8)
_________
(1) وذلك لأن صلاة التراويح من الشعائر الظاهرة فأشبهت صلاة العيد.
(2) ((المبسوط للسرخسي)) (2/ 132)، ((بدائع الصنائع للكاساني)) (1/ 288).
قال الكاساني: (ثم اختلف المشايخ في كيفية سنة الجماعة والمسجد، أنها سنة
عين أم سنة كفاية؟ قال بعضهم أنها سنةٌ على سبيل الكفاية إذا قام بها بعض
أهل المسجد في المسجد بجماعة سقط عن الباقين، ولو ترك أهل المسجد كلهم
إقامتها في المسجد بجماعة فقد أساءوا وأثموا. ومن صلاها في بيته وحده أو
بجماعة لا يكون له ثواب سنة التراويح لتركه ثواب سنة الجماعة والمسجد).
(3) ((الفواكه الدواني للنفراوي)) (2/ 728)، ((حاشية العدوي)) (1/ 580).
والمالكية وإن نصوا على أنه يسن فعلها في المسجد إلا أن فعلها في البيت
عندهم أفضل لمن قويت نيته ونشط لذلك ولم تعطل المساجد.
(4) ((المجموع للنووي)) (4/ 7)، ((مغني المحتاج للشربيني الخطيب)) (1/
226).
(5) ((المغني لابن قدامة)) (3/ 456)، ((الفروع لابن مفلح)) (2/ 373).
(6) رواه البخاري (1129)، ومسلم (761) واللفظ له.
(7) قال ابن عبدالبر: (وأما قول عمر: نعمت البدعة، في لسان العرب: اختراعُ
ما لم يكن وابتداؤُهُ، فما كان من ذلك في الدين خلافا للسنة التي مضى عليها
العمل فتلك بدعةٌ لا خير فيها وواجبٌ ذمٌّها، والنهي عنها، والأمر
باجتنابها، وهجران مبتدعها، إذا تبين له سوء مذهبه. وما كان من بدعةٍ لا
تخالف أصل الشريعة والسنة فتلك نعمت البدعة - كما قال عمر - لأن أصل ما
فعله سنة) ((الاستذكار)) (5/ 153).
(8) رواه البخاري (2010).
المبحث الرابع: حكم
صلاة التراويح في المسجد للنساء
الأفضل للمرأة أن تصلي قيام رمضان في بيتها (1)، إلا إذا خشيت التفريط في
القيام أو ضياعه، أو كانت صلاتها في المسجد أخشع لها وأنشط، فصلاتها في
المسجد حينئذٍ أفضل (2)،
_________
(1) (([1171] قال في ((مجمع الأنهر)): (ولا يحضرن الجماعات في كل الصلاة
نهاريةً أو ليليةً؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((صلاتها في قعر بيتها أفضل
من صلاتها في صحن دارها، وصلاتها في صحن دارها أفضل من صلاتها في مسجدها،
وبيوتهن خير لهن))؛ ولأنه لا تُؤمَن الفتنة من خروجهن إلا العجوز في الفجر
والمغرب والعشاء وكذا العيدين) ((مجمع الأنهر لشيخي زاده)) (1/ 164) وجاء
في ((مواهب الجليل للرعيني)): ( .. وخرَّج أبو داود عن ابن عمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن)) ,
وهذا يقتضي أن خروجهن إليها جائزٌ وتركه أحب على ما قاله مالك في المختصر)
((مواهب الجليل للرعيني)) (2/ 451) وقال النووي: (جماعة النساء في البيوت
أفضل من حضورهن المساجد .... قال أصحابنا وصلاتها فيما كان من بيتها أستر،
أفضل لها) ((المجموع)) (4/ 198) وقال ابن مفلح: (وبيت المرأة خيرٌ لها،
وأطلقه الأصحاب رحمهم الله) ((الفروع وتصحيح الفروع)) (2/ 452) وقال
الجصاص: (فلما كانت صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، كان
اعتكافها كذلك) ((أحكام القرآن للجصاص)) (1/ 303) وقال ابن حجر: (وجه كون
صلاتها في الإخفاء أفضل، تحقق الأمن فيه من الفتنة، ويتأكد ذلك بعد وجود ما
أحدث النساء من التبرج والزينة) ((فتح الباري)) (2/ 349) وقال الشنقيطي:
(اعلم أن صلاة النساء في بيوتهن أفضل لهن من الصلاة في المساجد، ولو كان
المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وبه تعلم أن قوله صلى الله عليه
وسلم: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام))
خاصٌّ بالرجال، أما النساء فصلاتهن في بيوتهن خيرٌ لهن من الصلاة في
الجماعة في المسجد) ((أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)) (5/ 547)
وقالت اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز: (صلاة المرأة في بيتها خيرٌ لها من
صلاتها في المسجد، سواء كانت فريضةً أم نافلةً، تراويح أم غيرها) ((فتاوى
اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (7/ 201).
(2) (([1172] قال ابن عثيمين: (صلاتها في البيت أفضل، لكن إذا كانت صلاتها
في المسجد أنشط لها وأخشع لها وتخشى إن صلت في البيت أن تضيع صلاتها، فقد
يكون المسجد هنا أفضل؛ لأن هذه المزية تتعلق بنفس العبادة والبيت يتعلق
بمكان العبادة، والمزية التي تكون في العبادة أولى بالمراعاة من المزية
التي تكون في مكانها، ولكن يجب على المرأة إذا خرجت أن تخرج متسترةً غير
متبرجةٍ ولا متطيبةٍ) ((اللقاء الشهري)) (اللقاء الثامن) (ص 76) ..
بشرط التزام الحجاب الشرعي، وترك الزينة
والتطيُّب إلى غير ذلك من الضوابط الشرعية لخروجها (1).
الأدلة:
1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خيرٌ لهن)) (2).
2 - عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: ((صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث
الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب
شطر الليل، فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة؟ فقال: إن الرجل
إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف، حُسِبَ له قيام ليلة، قال: فلما كانت الرابعة
لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن
يفوتنا الفلاح - أي السحور - ثم لم يقم بقية الشهر)) (3)
ففي قول أبي ذرٍ رضي الله عنه ((جمع أهله ونساءه))، دلالةٌ على مشروعية
صلاة النساء للتراويح جماعةً في المسجد.
_________
(1) (([1173] قال النووي: (قوله صلى الله عليه وسلم (لا تمنعوا إماء الله
مساجد الله) هذا وشبهه من أحاديث الباب ظاهرٌ في أنها لا تمنع المسجد لكن
بشروط ذكرها العلماء مأخوذةً من الأحاديث وهو أن لا تكون متطيبةً ولا
متزينةً ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولا ثيابٍ فاخرةٍ ولا مختلطةٍ بالرجال
ولا شابةٍ، ونحوها ممن يفتتن بها وأن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة
ونحوها، وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمولٌ على كراهة التنزيه إذا كانت
المرأة ذات زوجٍ أو سيدٍ ووجدت الشروط المذكورة، فإن لم يكن لها زوجٌ ولا
سيدٌ حرم المنع إذا وجدت الشروط) ((شرح مسلم)) (4/ 161 - 162) وقال ابن
باز: (أما النساء فالأفضل لهن الصلاة في البيوت، وإن صلين مع الرجال في
المساجد فلا بأس بشرط التحجب وعدم الطيب والتبرج والبعد عن أسباب الفتنة)
((مجموع فتاوى ابن باز)) (30/ 25) وقال ابن عثيمين: (ولا بأس بحضور النساء
صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة بشرط أن يخرجن محتشمات غير متبرجاتٍ بزينةٍ
ولا متطيباتٍ) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 211)
(2) رواه أحمد (7/ 232)، وأبو داود (567)، والبيهقي في ((السنن الكبرى))
(5565). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب))
(1/ 180): لا ينزل عن درجة الحسن، وقد يكون على شرط الصحيحين أو أحدهما،
وقال النووي في ((الخلاصة)) (2/ 678): إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه
ابن دقيق العيد كما في ((الاقتراح)) (91)، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((مسند
أحمد)) (7/ 234)، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (567).
(3) رواه أحمد (5/ 159) (21457)، وأبو داود (1375)، والنسائي (3/ 83)،
والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/
349)، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (2/ 67) كما قاله في
المقدمة، وصححه الألباني في ((سنن أبي داود)).
المبحث الخامس: فضل
صلاة التراويح
أولاً: صلاة التراويح سببٌ لغفران الذنوب.
الدليل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب
في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيماناً
واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)). أخرجه البخاري ومسلم (1)
ثانياً: من صلى التراويح مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلةٍ كاملة.
الدليل:
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: ((قلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه
الليلة؟ فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف، حُسِبَ له قيام ليلة
(2))) (3)
_________
(1) رواه البخاري (2009)، ومسلم (759) واللفظ له.
(2) فائدتان: الفائدة الأولى: قال ابن عثيمين: (هل الإمامان في مسجدٍ واحدٍ
يعتبر كلُّ واحدٍ منهم مستقلاً، أو أن كل واحدٍ منهما نائبٌ عن الثاني؟
الذي يظهر الاحتمال الثاني، أن كل واحدٍ منهما نائبٌ عن الثاني مكملٌ له،
وعلى هذا فإن كان المسجد يصلي فيه إمامان فإن هذين الإمامين يعتبران بمنزلة
إمامٍ واحد، فيبقى الإنسان حتى ينصرف الإمام الثاني؛ لأننا نعلم أن الثانية
مكملةٌ لصلاة الأول) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 207). الفائدة
الثانية: سُئِلَ ابن عثيمين: إذا كان الرجل في رمضان يصلي أول الليل في
مسجد وآخر الليل في مسجد هل يكون الأجر مثله؟ فأجاب بقوله: (قال النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف - يعني: في قيام
رمضان - كتب له قيام ليلة. فإذا صلى مع الإمام الأول ثم صلى مع الثاني لم
يصدُق عليه أنه صلى مع الإمام حتى ينصرف؛ لأنه جعل قيامه بين رجلين، فيقال
له: إما أن تقوم مع هذا من أول الليل إلى آخره، وإما أن يفوتك الأجر)
((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء رقم 176).
(3) رواه أحمد (5/ 159) (21457)، وأبو داود (1375)، والنسائي (3/ 83)،
والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/
349)، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (2/ 67) كما قاله في
المقدمة، وصححه الألباني في ((سنن أبي داود)).
الفصل الثالث: صفة
صلاة التراويح
• المبحث الأول: عدد ركعات صلاة التراويح.
• المبحث الثاني: القراءة في صلاة التراويح.
• المبحث الثالث: الدعاء في صلاة التراويح.
المبحث الأول: عدد
ركعات صلاة التراويح
الأفضل أن تكون إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة مع تطويلها (1). وذهب
جمهور الفقهاء إلى أن عدد ركعاتها عشرون ركعة، ومنهم من زاد على ذلك إلى ست
وثلاثين ركعة، والأمر في ذلك واسع وكله جائز (2)،
_________
(1) قال ابن عبد البر: (وأكثر الآثار على أن صلاته كانت بالوتر إحدى عشرة
ركعة وقد روي ثلاث عشرة ركعة، فمنهم من قال فيها ركعتا الفجر، ومنهم من قال
إنها زيادة حفظها من تقبل زيادته بما نقل منه، اولا يضرها تقصير من قصَّر،
عنها وكيف كان الأمر فلا خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيها حدٌّ
محدودٌ، وأنها نافلةٌ وفعل خيرٍ وعمل برٍّ، فمن شاء استقل ومن شاء استكثر)
((التمهيد)) (21/ 69 - 70) وقال ابن تيمية: (ثبت أن أبي بن كعب كان يقوم
بالناس عشرين ركعة في قيام رمضان ويوتر بثلاث. فرأى كثير من العلماء أن ذلك
هو السنة؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والأنصار ولم ينكره منكر. واستحب آخرون
تسعة وثلاثين ركعة؛ بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم وقال طائفة: قد
ثبت في الصحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في رمضان
ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، واضطرب قومٌ في هذا الأصل لما ظنوه من معارضة
الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين. والصواب أن
ذلك جميعه حسن كما قد نص على ذلك الإمام أحمد رضي الله عنه وأنه لا يتوقت
في قيام رمضان عدد فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عدداً،
وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره .. ) ((مجموع
فتاوى ابن تيمية)) (23/ 112 - 114). وقال الصنعاني: (والحديث دليلٌ على
فضيلة قيام رمضان، والذي يظهر أنه يحصل بصلاة الوتر إحدى عشرة ركعة كما كان
صلى الله عليه وسلم يفعل في رمضان وغيره كما سلف في حديث عائشة) ((سبل
السلام)) (2/ 173) وقالت اللجنة الدائمة: (وأفضل الصلاة في الليل إحدى عشرة
ركعة يسلم من كل ركعتين) ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية)) (6/
59) وقال ابن باز: (وأصح ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام الإيتار بثلاث
عشرة أو إحدى عشرة ركعة, والأفضل إحدى عشرة، فإن أوتر بثلاث عشرة فهو أيضاً
سنةٌّ وحسن، وهذا العدد أرفق بالناس وأعون للإمام على الخشوع في ركوعه
وسجوده وفي قراءته، وفي ترتيل القراءة وتدبرها، وعدم العجلة في كل شيء، وإن
أوتر بثلاثٍ وعشرين كما فعل ذلك عمر والصحابة رضي الله عنهم في بعض الليالي
من رمضان فلا بأس؛ فالأمر واسع) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/ 322) وقال
ابن عثيمين: (الصحيح في هذه المسألة: أن السنة في التراويح أن تكون إحدى
عشرة ركعة، يصلي عشراً شفعاً، يسلم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة. والوتر كما
قال ابن القيم: هو الواحدة ليس الركعات التي قبله، فالتي قبله من صلاة
الليل، والوتر هو الواحدة، وإن أوتر بثلاثٍ بعد العشر وجعلها ثلاث عشرة
ركعة فلا بأس؛ لأن هذا أيضا صح من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة، فهذه هي السنة، ومع ذلك
لو أن أحداً من الناس صلى بثلاثٍ وعشرين، أو بأكثر من ذلك فإنه لا يُنكَرُ
عليه) ((الشرح الممتع)) (4/ 51)
(2) قال ابن عبد البر: (وقد أجمع العلماء على أن لا حد ولا شيء مقدر في
صلاة الليل وأنها نافلةٌ، فمن شاء أطال فيها القيام وقلت ركعاته، ومن شاء
أكثر الركوع والسجود) ((الاستذكار)) (2/ 102) وقال ابن تيمية: (كان النبي
صلى الله عليه وسلم قيامه بالليل هو وتره يصلي بالليل في رمضان وغير رمضان
إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة لكن كان يصليها طوالا .. فلما كان ذلك
يشق على الناس قام بهم أبي بن كعب في زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة يوتر
بعدها ويخفف فيها القيام فكان تضعيف العدد عوضاً عن طول القيام. وكان بعض
السلف يقوم أربعين ركعة فيكون قيامها أخف ويوتر بعدها بثلاث) ((مجموع
الفتاوى)) (23/ 120) وقال العراقي: ( ... فيه مشروعية الصلاة بالليل وقد
اتفق العلماء على أنه ليس له حدٌّ محصور) ((طرح التثريب)) (3/ 43)
وهو اختيار ابن تيمية (1)، والصنعاني (2)،
والشوكاني (3)، والشنقيطي (4)، وابن باز (5)، وابن عثيمين (6).
الأدلة:
1 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ((أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كانت
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان،
ولا في غيرها على إحدى عشرة ركعة يصلي أربع ركعات فلا تسأل عن حسنهن وطولهن
(7)، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً)). أخرجه
البخاري ومسلم (8).
2 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
ثلاث عشرة ركعة. يعني: بالليل)). أخرجه البخاري ومسلم (9)
3 - عن ابن عمر ((أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة
الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي
أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى)). أخرجه البخاري ومسلم
(10)
_________
(1) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (23/ 112 - 114).
(2) قال الصنعاني: (واعلم أن من أثبت صلاة التراويح وجعلها سنة في قيام
رمضان استدل بهذا الحديث على ذلك، وليس فيه دليلٌ على كيفية ما يفعلونه ولا
كميته، فإنهم يصلونها جماعة عشرين يتروحون بين كل ركعتين) ((سبل السلام))
(2/ 10).
(3) قال الشوكاني: (والحاصل أن الذي دلت عليه أحاديث الباب وما يشابهها هو
مشروعية القيام في رمضان والصلاة فيه جماعة وفرادى فقصرُ الصلاة المسماة
بالتراويح على عدد معين وتخصيصها بقراءة مخصوصة لم يرد به سنة) ((نيل
الأوطار)) (5/ 108).
(4) قال الشنقيطي: (وقد خيّر صلى الله عليه وسلم بين هذه الأزمنة من الليل
فترك ذلك لنشاطه واستعداده وارتياحه فلا يمكن التعبد بعدد لا يصح دونه ولا
يجوز تعديه) ((أضواء البيان)) (8/ 357).
(5) قال ابن باز: (ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على التوسعة في
صلاة الليل وعدم تحديد ركعات معينة، وأن السنة أن يصلي المؤمن وهكذا
المؤمنة مثنى مثنى، يسلم من كل اثنتين) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/ 320).
(6) قال ابن عثيمين: (لا ينبغي لنا أن نغلو أو نفرط، فبعض الناس يغلو من
حيث التزام السنة في العدد، فيقول: لا تجوز الزيادة على العدد الذي جاءت به
السنة، وينكر أشد النكير على من زاد على ذلك، ويقول: إنه آثم عاصي. وهذا لا
شك أنه خطأ، وكيف يكون آثماً عاصياً وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن
صلاة الليل؟ فقال: ((مثنى مثنى)) ولم يحدد بعدد، ومن المعلوم أن الذي سأله
عن صلاة الليل لا يعلم العدد؛ لأن من لا يعلم الكيفية فجهله بالعدد من باب
أولى، وهو ليس ممن خدم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نقول: إنه يعلم ما
يحدث داخل بيته، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بين له كيفية الصلاة
دون أن يحدد له بعدد؛ علم أن الأمر في هذا واسع، وأن للإنسان أن يصلي مئة
ركعة ويوتر بواحدة) ((الشرح الممتع)) (4/ 53).
(7) معناه: هن في نهايةٍ من كمال الحسن والطول مستغنياتٍ بظهور حسنهن
وطولهن عن السؤال عنه والوصف.
(8) رواه البخاري (2013)، ومسلم (837).
(9) رواه البخاري (1138)، ومسلم (764).
(10) رواه البخاري (990)، ومسلم (7494).
المبحث الثاني:
القراءة في صلاة التراويح
قراءة القرآن في صلاة التراويح مستحبةٌ باتفاق أئمة المسلمين (1) دون
تحديدٍ لمقدار القراءة فيها، فالأمر فيه واسع؛ وذلك لأنه لم يرد ما يدل على
تحديده (2)
واستحب بعض أهل العلم للأئمة أن يُسمِعُوا المأمومين جميع القرآن في قيام
رمضان إذا لم يشق على الناس (3)
_________
(1) قال ابن تيمية: (وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة
المسلمين بل من أجلِّ مقصود التراويح قراءةُ القرآن فيها ليسمع المسلمون
كلام الله؛ فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن وفيه كان جبريل يدارس النبي صلى
الله عليه وسلم القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان
أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن) ((مجموع الفتاوى))
(23/ 122 - 123).
(2) قال الشوكاني: (وأما مقدار القراءة في كل ركعة فلم يرد به دليل) ((نيل
الأوطار)) (5/ 53). وقال ابن باز: (الأمر في هذا واسع) ((مجموع فتاوى ابن
باز)) (11/ 330).
(3) قال الكاساني: (السنة أن يختم القرآن مرةً في التراويح وذلك فيما قاله
أبو حنيفة وما أمر به عمر فهو من باب الفضيلة وهو أن يختم القرآن مرتين أو
ثلاثا وهذا في زمانهم، وأما في زماننا فالأفضل أن يقرأ الإمام على حسب حال
القوم من الرغبة والكسل فيقرأ قدر ما لا يوجب تنفير القوم عن الجماعة؛ لأن
تكثير الجماعة أفضل من تطويل القراءة) ((بدائع الصنائع)) (1/ 289)، وانظر
((حاشية ابن عابدين)) (2/ 46). وقال الدردير: (< و> ندب للإمام <الختم>
لجميع القرآن <فيها> أي في التراويح في الشهر كله ليُسمِعَهم جميعه)
((الشرح الكبير للدردير)) (1/ 315)، وانظر ((الفواكه الدواني للنفراوي))
(2/ 728). وقال البهوتي: (<ويستحب أن لا ينقص عن ختمةٍ في التراويح> ليسمع
الناس جميع القرآن <ولا> يستحب <أن يزيد> الإمام على ختمةٍ؛ كراهية المشقة
على من خلفه) ((كشاف القناع)) (1/ 427)، وانظر ((الإنصاف للمرادوي)) (2/
131). وانظر ((مغني المحتاج للخطيب الشربيني)) (1/ 162). وقال ابن باز:
(ويمكن أن يفهم من ذلك – أي من مدارسة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مع
جبريل في رمضان - أن قراءة القرآن كاملةً من الإمام على الجماعة في رمضان
نوعٌ من هذه المدارسة؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن؛ ولهذا كان
الإمام أحمد رحمه الله يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن، وهذا من جنس عمل
السلف في محبة سماع القرآن كله، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا يتأنى في
قراءته، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة، بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة
الختمة) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 325 - 326).
المطلب الأول: دعاء
القنوت
الفرع الأول: تعريف القنوت لغة واصطلاحاً
أولا: القنوت لغة:
يطلق القنوت لغة على عدة معان منها:
- الطاعة: ومن ذلك قوله تعالى: لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ [البقرة:116]
- الصلاة: ومن ذلك قوله تعالى: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي
وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:43]
- طول القيام: ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصلاة طول
القنوت)) (1). أي: طول القيام.
ثانيا: القنوت اصطلاحاً:
هو الدعاء في الصلاة في محلٍّ مخصوصٍ من القيام (2).
الفرع الثاني: حكم القنوت والمداومة عليه
المسألة الأولى: حكم القنوت في الوتر
يسن القنوت في الوتر في جميع السنة، وهو مذهب الحنفية (3)، والحنابلة (4)،
وقول طائفة من السلف (5) وهو اختيار ابن باز (6)، وابن عثيمين (7).
الدليل:
أن الأحاديث الواردة في الوتر مطلقة غير مقيدة، ومثلها حديث الحسن بن علي
رضي الله عنه قال: ((علمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ... )) الحديث (8)،
(9).
وهو مطلق، ليس فيه تقييد بزمن معين، فيبقى على إطلاقه.
المسألة الثانية: حكم المداومة على دعاء القنوت في كل ليلة
_________
(1) رواه مسلم (756).
(2) ((فتح الباري لابن حجر)) (2/ 490).
(3) ((المبسوطللسرخسي)) (1/ 300)، ((بدائع الصنائع للكاساني)) (1/ 273)
(4) ((المغني لابن قدامة)) (1/ 447).
(5) [1200] قال ابن قدامة: (وهذا قول ابن مسعود, وإبراهيم, وإسحاق, وأصحاب
الرأي، وروي ذلك عن الحسن) ((المغني لابن قدامة)) (1/ 447 - 448)
(6) [1201] قال ابن باز: (القنوت سنة في الوتر، وإذا تركه في بعض الأحيان
فلا بأس) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (30/ 32)
(7) قال ابن عثيمين: (علم – أي النبي صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي
رضي الله عنه دعاء يدعو به في قنوت الوتر، فيدل على أنه سنة، لكن ليس من
فعله؛ بل من قوله) ((الشرح الممتع)) (4/ 19). وقال أيضا: (القنوت في الوتر
سنة، لكن الاستمرار عليه دائماً ليس من السنة) ((مجموع فتاوى ورسائل
العثيمين)) (14/ 176).
(8) رواه أبو داود في ((سننه)) (1425)، والترمذي في ((سننه)) (464)، ورواه
البيهقي في ((السنن الكبرى)) (3/ 39). الحديث سكت عنه أبوداود في ((سننه))
(1425) [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] وقال الترمذي
في ((سننه)) (464)،: حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الدارقطني في
((الإلزامات والتتبع)) (113) [يلزمهما إخراجه] أي البخاري ومسلم، وقال ابن
عبدالبر في ((الاستذكار)) (2/ 285): روي من طرق ثابتة وقال النووي في
((الخلاصة)) (1/ 455): إسناده صحيح وقال: وجاء في رواية ضعيفة زيادة: (ولا
يعز من عاديت) وفي رواية بإسناد صحيح أو حسن قال: (تباركت وتعاليت، وصلى
الله على النبي)، وقال ابن حجر العسقلاني في ((نتائج الأفكار)) (2/ 147):
حسن صحيح، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (1/ 140): (حديث قد صححه
جماعة من الحفاظ ولا مقال فيه بما يوجب قدحا)، وصححه أحمد شاكر في ((شرح
سنن الترمذي)) (2/ 328)، والألباني في ((صحيح الترمذي)) (464).
(9) (([1204] قال الصنعاني: (والحديث دليل على مشروعية القنوت في صلاة
الوتر وهو مجمع عليه في النصف الأخير من رمضان) ((سبل السلام)) (1/ 187).
يستحب ترك المداومة على القنوت في كل ليلة،
فيستحب أن يقنت أحيانا ويترك القنوت أحيانا، وهو قول الإمام أحمد (1)،
واختيار ابن عثيمين (2)، والألباني (3).
وذلك لأن الأحاديث الواردة في إيتاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وهي كثيرة -؛ أكثرها لا يتعرض لذكر القنوت مطلقاً (4).
ومقتضى الجمع بينها وبين حديث أُبَيّ في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم وما
في معناه أن يقال: إنه كان يقنت أحياناً، ويدع أحياناً، فلو كان يقنت
دائماً؛ لما خفي ذلك على أكثر الصحابة الذين رووا إيتاره صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم.
الفرع الثالث: محل القنوت
_________
(1) قال المرداوي: (استحب الإمام أحمد ترك القنوت في الوتر تأليفا للمأموم)
((الإنصاف)) (2/ 37) ولكن قال عبد الله بن الإمام أحمد: (سألت أبي عن
القنوت في السنة كلها أفضل أو النصف من شهر رمضان؟ قال: لا بأس أن يقنت كل
ليلة، ولا بأس إن قنت السنة كلها، وان قنت النصف من شهر رمضان فلا بأس)
((مسائل أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله)) (1/ 96)
(2) قال ابن عثيمين: (وهذا هو الأحسن؛ أن لا تداوم على قنوت الوتر) ((الشرح
الممتع)) (4/ 19) وقال أيضا: (وأما القنوت في الوتر فليس بواجب، والذي
ينبغي للإنسان أن لا يداوم عليه؛ بل يقنت أحياناً، ويترك أحياناً) ((مجموع
فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 161) وقال أيضا: (ويجوز أيضاً أن يترك القنوت
في الوتر، بل ذلك أولى من أجل أن يبين للناس أن القنوت ليس بواجب) ((مجموع
فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 166)
(3) ((أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني)) (3/ 970) وجاء في
مجلة البحوث الإسلامية التابعة للرئاسة العامة للإفتاء بالسعودية: (القنوت
مشروع في الوتر ولا سيما في شهر رمضان، فإن استمر فلا مانع، وإن تركه
أحيانا فلا مانع، فالكل خير، ولا ينكر على من استمر ولا على من تركه
أحيانا) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (58/ 88)
(4) قال ابن القيم: (قال الخلاَّل: أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أنه قال
لأبي عبد الله في القنوت في الوتر؟ فقال: ليس يُروى فيه عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء) ((زاد المعاد)) (1/ 334 - 335) وقال ابن
عبد البر: (لا يصح عن النبي عليه السلام في القنوت في الوتر حديث مسند،
وأما عن الصحابة فروي ذلك عن جماعة) ((الاستذكار)) (2/ 77) وقال ابن القيم:
(وقالوا – أي جمهور العلماء -: لم يكن هذا من فِعله الراتب، بل ولا يثبُت
عنه أنه فعله. وغاية ما رُوي عنه في هذا القنوت، أنه علمه للحسن بن علي)
((زاد المعاد)) (1/ 283)
القنوت يكون في الركعة الأخيرة، ويجوز قبل
الركوع، وبعد الركوع، وهو مروي عن أحمد بن حنبل (1) ووجه عند الشافعية (2)
واختاره ابن تيمية (3) وابن حجر (4)، وابن باز (5) وابن عثيمين (6)
والألباني (7).
الأدلة:
1 - عن علقمة ((أن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون
في الوتر قبل الركوع)) (8).
فالأثر صريحٌ في كون القنوت قبل الركوع
ب- عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري؛ أنه قال: ((خرجت مع عمر بن الخطاب رضي
الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرقون، يصلي الرجل
لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء
على قارئ واحد؛ لكان أمثل. ثم عزم، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه
ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي
ينامون عنها أفضل من التي يقومون- يريد: آخر الليل - وكان الناس يقومون
أوله، وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن
سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم
الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك، إله الحق. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه
وسلم، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين. قال: وكان
يقول إذا فرغ من لعنه الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين
والمؤمنات ومسألته: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد،
ونرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجد، إن عذابك لمن عاديت ملحق، ثم يكبر
ويهوي ساجداً)) (9).
وجه الدلالة:
في قوله: ((ثم يكبر ويهوي ساجداً))؛ ففيه أن دعاء القنوت في الوتر كان بعد
الركوع، فلو كان الدعاء بعد القراءة لكبر للركوع لا للسجود.
الفرع الرابع: رفع اليدين أثناء القنوت
_________
(1) ((المغني لابن قدامة)) (1/ 448) وحكاه ابن المنذر في ((الإشراف)) (2/
272) عن أنس وأيوب السختياني.
(2) ((المجموع للنووي)) (4/ 15)
(3) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما القنوت فالناس فيه طرفان ووسط: منهم
من لا يرى القنوت إلا قبل الركوع، ومنهم من لا يراه إلا بعده، وأما فقهاء
أهل الحديث كأحمد وغيره فيجوِّزون كلا الأمرين لمجيء السنة الصحيحة بهما،
وإن اختاروا القنوت بعده؛ لأنه أكثر وأقيس). ((مجموع الفتاوى)) (23/ 100).
(4) قال ابن حجر: (ومجموع ما جاء عن أنس من ذلك أن القنوت للحاجة بعد
الركوع لا خلاف عنه في ذلك وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع
وقد اختلف عمل الصحابة في ذلك والظاهر أنه من الاختلاف المباح) ((فتح
الباري)) (2/ 491).
(5) قال ابن باز: (يقنت في الركعة الأخيرة بعد الركوع، وقد ثبت عنه صلى
الله عليه وسلم القنوت بعد الركوع في النوازل، وجاء القنوت قبل الركوع، جاء
هذا وهذا؛ فالأمر واسع، لكن الأكثر والأصح، والأفضل بعد الركوع؛ لأنه
الأغلب في الأحاديث). نقلا من كتاب ((صلاة التطوع لسعيد بن وهف القحطاني)).
(6) قال ابن عثيمين: (موضعُ القُنُوتِ مِن السُّننِ المتنوِّعةِ؛ التي
يَفعلُها أحياناً هكذا، وأحياناً هكذا) ((الشرح الممتع)) (4/ 20).
(7) ((قيام رمضان للألباني)) (ص21).
(8) رواه ابن أبي شيبة (2/ 302).
(9) رواه ابن خزيمة (1100) وأصله في صحيح البخاري، وحسن إسناده الحافظ ابن
حجر ((التلخيص الحبير)) (2/ 515)، وقال الألباني في تخريجه لصحيح ابن
خزيمة: إسناده صحيح.
يستحب رفع اليدين في القنوت، وهو مذهب
الحنابلة (1)، والصحيح عند الشافعية (2) (3)، واختاره ابن باز (4)، وابن
عثيمين (5)، والألباني (6).
الأدلة:
- عن أنس رضي الله عنه - في قصة القرَّاء الذين قُتِلوا - قال: ((لقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم - يعني
على الذين قتلوهم)) (7). والقنوت في الوتر من جنس القنوت في النوازل.
- عن أبي رافع ((أنه صلى خلف عمر رضي الله عنه فقنت بعد الركوع ورفع يديه
وجهر بالدعاء)) (8) (9).
الفرع الخامس: مسح الوجه باليدين بعد القنوت
_________
(1) ((كشاف القناع للبهوتي)) (1/ 418).
(2) ((المجموع للنووي)) (3/ 500) وقال: (يستحب (أي رفع اليدين) وهذا هو
الصحيح عند الأصحاب وفى الدليل).
(3) وقد نقله ابن المنذر عن عمر وابن مسعود وابن عباس وعزاه أيضا إلى أحمد
وإسحاق وأصحاب الرأي. ((الإشراف)) (2/ 273) وينظر ((السنن الكبرى للبيهقي))
(2/ 211).
(4) قال ابن باز: (يشرع رفع اليدين في قنوت الوتر؛ لأنه من جنس القنوت في
النوازل، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه حين دعائه في قنوت
النوازل. خرجه البيهقي رحمه الله بإسناد صحيح) ((مجموع فتاوى ابن باز))
(30/ 51).
(5) قال ابن عثيمين: (من السنة أن يرفع الإنسان يديه عند دعاء القنوت؛ لأن
ذلك وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قنوته حين كان يقنت في
الفرائض عند النوازل (1)، وكذلك صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي
الله عنه - رفع اليدين في قنوت الوتر (2)، وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين
أمرنا باتباعهم. فرفع اليدين عند قنوت الوتر سنة، سواء كان إماماً، أو
مأموماً، أو منفرداً، فكلما قنت فارفع يديك) ((مجموع فتاوى ابن عثيمين))
(14/ 136).
(6) ((أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم)) (957).
(7) رواه أحمد (3/ 137)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (4/ 51) (3606)،
والبيهقي (2/ 211). قال النووي في ((المجموع)) (3/ 508): إسناده صحيح أو
حسن. وقال ابن الملقن في ((تحفة المحتاج)) (1/ 307): إسناده جيد. وقال
العراقي في ((تخريج الإحياء)) (1/ 240): إسناده جيد، وعزاه البوصيري في
((إتحاف الخيرة المهرة)) (7/ 120) لأحمد بن منيع وقال: ورواته ثقات، وقال
الألباني في ((أصل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم)) (957): إسناده صحيح.
(8) رواه البيهقي (2/ 212) وقال: (صحيح). وينظر ((رفع اليدين للبخاري))
وقال الألباني في (أصل صفة صلاة النبي) (3/ 958): (وقد ثبت ذلك عن أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب). يعني رفع اليدين.
(9) فائدة في كيفية رفع اليدين وصفته: قال ابن عثيمين: (قال العلماء: يرفع
يديه إلى صدرهِ، ولا يرفَعُها كثيراً؛ لأنَّ هذا الدُّعاءَ ليس دُعاءَ
ابتهالٍ يُبالِغُ فيه الإنسانُ بالرَّفْعِ، بل دُعاءُ رَغْبَةٍ، ويبسُطُ
يديْهِ وبطونَهما إلى السَّماءِ. هكذا قال أصحابُنَا رحمهم الله. وظاهر
كلام أهل العلم: أنه يضمُّ اليدين بعضهما إلى بعض، كحالِ المُستجدي الذي
يطلب مِن غيره أن يُعطيه شيئاً، وأمَّا التَّفْريجُ والمباعدةُ بينهما فلا
أعلمُ له أصلاً؛ لا في السُّنَّةِ، ولا في كلامِ العُلماءِ) ((الشرح
الممتع)) (4/ 18) وينظر ((تصحيح الدعاء لبكر أبو زيد)) (ص 115).
ولا يمسح وجهه بيديه بعد الفراغ من دعاء
القنوت، وهو قول مالك (1)، ورواية عن أحمد (2)، ووجه عند الشافعية (3)، وهو
اختيار البيهقي (4)، والعز بن عبد السلام (5)، وابن تيمية (6)، وابن باز
(7)، وابن عثيمين (8)؛ وذلك لأنه لم يصح فيه دليلٌ تقوم به حجة، والأصل في
العبادات التوقيف.
الفرع السادس: ألفاظ القنوت وحكم القنوت بغير الوارد
المسألة الأولى: ألفاظ قنوت الوتر
_________
(1) وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء فأنكر ذلك وقال: ما
علمت. ((مختصر كتاب الوتر للمروزي)) اختصار المقريزي (ص152).
(2) ((المغني لابن قدامة)) (1/ 449) ((الإنصاف للمرداوي)) (2/ 123).
(3) ((المجموع للنووي)) (3/ 501) وقال: (وهذا هو الصحيح (يعني ترك المسح)،
صححه البيهقى والرافعي وآخرون من المحققين).
(4) قال البيهقي (وأما في الصلاة (يعني مسح الوجه باليدين) فهو عمل لم يثبت
بخبر صحيح ولا أثر ثابت, ولا قياس, فالأولى أن لا يفعله, ويقتصر على ما
فعله السلف رضي الله عنهم من رفع اليدين دون مسحها بالوجه في الصلاة)
((السنن الكبرى)) (2/ 212)
(5) قال العز: (لا يمسح وجهه إلا جاهل) نقلا عن ((فيض القدير للمناوي)) (1/
473).
(6) قال ابن تيمية: (وأما رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه في الدعاء فقد
جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة. وأما مسح وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو
حديثان لا يقوم بهما حجة) ((مجموع الفتاوى)) (22/ 519).
(7) قال ابن باز: (المسح للوجه لم يرد فيه أحاديث صحيحة وإنما ورد فيه
أحاديث لا تخلو من ضعف؛ فلهذا الأرجح والأصح أنه لا يمسح وجهه بيديه. وذكر
بعض أهل العلم أنه لا بأس بذلك؛ لأن فيه أحاديث يشد بعضها بعضا وإن كانت
ضعيفة، لكن قد يقوي بعضها بعضا فتكون من قبيل الحسن لغيره كما ذكر ذلك
الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام في الباب الأخير. فالمقصود أن المسح
ليس فيه أحاديث صحيحة، فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة
الاستسقاء ولا في غيرها من المواقف التي رفع يديه، كموقفه عند الصفا
والمروة وفي عرفات وفي مزدلفة وعند الجمار لم يذكروا أنه مسح وجهه بيديه
لما دعا، فدل ذلك على أن الأفضل ترك ذلك) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (26/
138).
(8) قال ابن عثيمين: (الأقرب: أنه ليس بسُنَّة (أي مسح الوجه)؛ لأنَّ
الأحاديثَ الواردة في هذا ضعيفة، ولا يمكن أنْ نُثبتَ سُنَّة بحديث ضعيف،
وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن فيه أحاديث كثيرة في
«الصحيحين» وغيرهما تثبت أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم يدعو ويرفع يديه
ولا يمسحُ بهما وجهه، ومثل هذه السُّنَّة التي تَرِدُ كثيراً؛ وتتوافر
الدَّواعي على نَقْلِها إذا لم تكن معلومةً في مثل هذه المؤلَّفات المعتبرة
كالصحيحين وغيرهما، فإن ذلك يَدلُّ على أنها لا أصل لها. وعلى هذا؛ فالأفضل
أنْ لا يمسح) ((الشرح الممتع)) (4/ 40).
- عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه قال:
((علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني
فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت،
وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت
ربنا وتعاليت)) (1).
المسألة الثانية: حكم القنوت بغير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم
_________
(1) رواه أبو داود في ((سننه)) (1425)، والترمذي في ((سننه)) (464)، ورواه
البيهقي في ((السنن الكبرى)) (3/ 39). الحديث سكت عنه أبوداود في ((سننه))
(1425) [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] وقال الترمذي
في ((سننه)) (464): حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الدارقطني في
((الإلزامات والتتبع)) (113) [يلزمهما إخراجه] أي البخاري ومسلم، وقال ابن
عبدالبر في ((الاستذكار)) (2/ 285): روي من طرق ثابتة وقال النووي في
((الخلاصة)) (1/ 455): إسناده صحيح وقال: وجاء في رواية ضعيفة زيادة: (ولا
يعز من عاديت) وفي رواية بإسناد صحيح أو حسن قال: (تباركت وتعاليت، وصلى
الله على النبي)، وقال ابن حجر العسقلاني في ((نتائج الأفكار)) (2/ 147):
حسن صحيح، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (1/ 140): (حديث قد صححه
جماعة من الحفاظ ولا مقال فيه بما يوجب قدحا)، وصححه أحمد شاكر في ((شرح
سنن الترمذي)) (2/ 328)، والألباني في ((صحيح الترمذي)) (464).
يجوز أن يدعو المصلي في قنوت الوتر بما
شاء، سواء دعا معه بالوارد المأثور أو لا، وهو ما ذهب إليه أكثر الفقهاء،
ونص عليه فقهاء الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، وبه أفتت
اللجنة الدائمة (4)، وابن عثيمين (5)؛
_________
(1) ((بدائع الصنائع للكاساني)) (1/ 273)، وانظر ((فتح القدير للكمال ابن
الهمام)) (1/ 430)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/ 468)
(2) ((المجموع للنووي)) (3/ 497) وقال النووي: (قال الشيخ أبو عمرو بن
الصلاح: قول من قال يتعين شاذ مردود مخالف لجمهور الاصحاب بل مخالف لجماهير
العلماء فقد حكي القاضى عياض اتفاقهم علي أنه لا يتعين في القنوت دعاء الا
ما روى عن بعض أهل الحديث أنه يتعين قنوت مصحف ابى بن كعب رضى الله عنه "
اللهم إنا تستعينك ونستغفرك إلي آخره .. ).
(3) قال البهوتي: (قال في الشرح ويقول في قنوت الوتر ما روي عن النبي صلى
الله عليه وسلم وأصحابه، وهو معنى ما نقله أبو الحرث يدعو بما شاء واقتصر
جماعة على دعاء اللهم اهدنا وظاهره إنه يستحب وإن لم يتعين واختاره أحمد)
((كشاف القناع)) (1/ 420) وقال البهوتي أيضا بعد أن ذكر دعاء الحسن: (وله
أن يزيد ما شاء مما يجوز به الدعاء في الصلاة) ((شرح منتهى الإرادات)) (1/
240)
(4) قالت اللجنة الدائمة: (دعاء القنوت في الوتر مستحب لحديث الحسن بن علي
رضي الله عنهما قال: ((علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في
قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت
وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل
من واليت تباركت ربنا وتعاليت)) رواه أهل السنن، ولو ترك المسلم هذا الدعاء
أحيانا وفعله أحيانا فلا حرج في ذلك سواء كان في رمضان أو في غيره))
((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية)) (6/ 70 - 71) قالت اللجنة
الدائمة: (وإذا زاد الداعي غيره من جوامع الدعاء لا سيما من الأدعية
الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم جاز ذلك؛ لأنه من جنس دعاء القنوت وهو
محل للدعاء، وبهذا قال جماعة من أهل العلم) ((فتاوى اللجنة الدائمة -
المجموعة الثانية)) (6/ 72)
(5) سئل ابن عثيمين: عن حكم الزيادة في دعاء القنوت على الوارد عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعليمه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي
الله عنهما. فأجاب بقوله: (الزيادة على ذلك لا بأس بها؛ لأنه إذا ثبت أن
هذا موضع دعاء ولم يحدد هذا الدعاء بحد ينهى عن الزيادة فيه فالأصل أن
الإنسان يدعو بما شاء، ولكن بعد المحافظة على ما ورد. بمعنى أن يقدم الوارد
ومن شاء أن يزيد فلا حرج، ولهذا ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم يلعنون
الكفرة في قنوتهم مع أن هذا لم يرد فيما علمه النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسن بن علي بن أبي طالب، وحينئذ لا يبقى في <
h6> المسألة إشكال، على أن لفظ
الحديث: "علمني دعاءً أدعو به في قنوت الوتر، وهذا قد يقال إن ظاهره أن
هناك دعاء آخر سوى ذلك؛ لأنه يقول: "دعاء أدعو به في قنوت الوتر". وعلى كل
فإن الجواب أن الزيادة على ذلك لا بأس بها وعلى الإنسان أن يدعو بدعاء
مناسب من جوامع الدعاء مما يهم المسلمين في أمور دينهم ودنياهم) ((مجموع
فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 137) قال ابن عثيمين: (قال الحسن للرسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "علمني دعاءً أدعو به في قنوت الوتر.
ولم يقل علمني دعاء قنوت الوتر .. وهذا يدل على أن قنوت الوتر أوسع من هذا
الدعاء؛ لأن (في) للظرفية، والظرف أوسع من المظروف، وهذا يدل أن الدعاء في
قنوت الوتر أوسع من هذا، فلا بأس أن يزيد الإنسان على هذا الدعاء في قنوت
الوتر، وإن كان وحده فليدع بما شاء، ولكن الأفضل أن يختار الإنسان جوامع
الدعاء؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدعو بجوامع
الدعاء، ويدع ما دون ذلك) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 138)
وذلك لأنه ورد عن الصحابة أدعية مختلفة في
حال القنوت (1).
الفرع السابع: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد القنوت
يسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من دعاء القنوت، وهو
الصحيح من مذهب الشافعية (2)، والمذهب عند الحنابلة (3)، وقولٌ عند الحنفية
(4).
الأدلة:
أنه ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر, ومن ذلك:
- أثر أُبي بن كعب كما في حديث عبد الرحمن بن عبدٍ القاري قال: ((وكان
يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون
رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق
عليهم رجزك وعذابك، إله الحق. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو
للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين. قال: وكان يقول إذا فرغ
من لعنه الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته:
اللهم ...... )) (5)
- أثر: معاذ الأنصاري رضي الله عنه ((أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه
وسلم في القنوت)) (6).
_________
(1) (وليس في القنوت دعاء مؤقت كذا في التبيين والأولى أن يقرأ اللهم إنا
نستعينك، ويقرأ بعده: اللهم اهدنا فيمن هديت) ((الفتاوى الهندية)) (1/ 111)
قال الكاساني: (أما دعاء القنوت فليس في القنوت دعاء موقت كذا ذكر الكرخي
في كتاب الصلاة ... وقال بعض مشايخنا المراد من قوله ليس في القنوت دعاء
موقت ما سوى قوله اللهم إنا نستعينك لأن الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على
هذا في القنوت فالأولى أن يقرأه ولو قرأ غيره جاز ولو قرأ معه غيره كان
حسنا والأولى أن يقرأ بعده ما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن
علي رضي الله عنهما في قنوته اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره) ((بدائع
الصنائع)) (1/ 273) قال النووي: (السنة في لفظ القنوت اللهم اهدني فيمن
هديت وعافنى فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما اعطيت وقني شر ما
قضيت فانك تقضى ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت تبارك ربنا وتعاليت)
((المجموع)) (3/ 495) قال شمس الدين ابن قدامة: (ويستحب أن يقول في قنوت
الوتر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فروى الحسن بن علي قل:
علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني
فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت،
وقني شر ما قضيت، فانك تقضي ولا يقضى عليك، وانه لا يذل من واليت، ولا يعز
من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت) ((الشرح الكبير)) (1/ 721) وقيل لأحمد بن
حنبل: تختار من القنوت شيئا؟ قال: (كل ما جاء به الحديث لا بأس به) ((مسائل
الإمام أحمد لأبي داود)) (ص71)
(2) ((المجموع للنووي)) (3/ 499).
(3) ((الإنصاف للمرداوي)) (2/ 122).
(4) ((بدائع الصنائع للكاساني)) (1/ 274) ((فتح القدير لابن الهمام)) (1/
438).
(5) رواه ابن خزيمة (1100) وقال الألباني: إسناده صحيح.
(6) رواه إسماعيل بن إسحاق القاضي في ((فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم)) (107) وقال الألباني معلقاً عليه: (إسناده موقوف صحيح). ومعاذ بن
الحارث أبو حليمة الأنصاري القاري، قال ابن أبي حاتم في ترجمته في ((الجرح
والتعديل)) (8/ 246): هو الذي أقامه عمر رضي الله عنه يصلى بهم في شهر
رمضان صلاة التراويح.
المطلب الثاني:
الدعاء عند ختم القرآن الكريم
لا يشرع للإمام الدعاء في الصلاة بعد ختم القرآن، وإليه ذهب الإمام مالك
(1)، واختاره ابن عثيمين (2) وبكر أبو زيد (3).
وذلك لأن العبادات مبناها على الشرع والإتباع وليس لأحدٍ أن يعبد الله
تعالى إلا بما شرعه سبحانه، أو سنَّه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ودون
ذلك ابتداعٌ في الدين، وليس في هذه المسألة شيءٌ عن النبي صلى الله عليه
وسلم، أو عن صحابته رضي الله تعالى عنهم.
كما أن ذلك من العبادات الجهرية التي لو وقعت لنقل وقوعها واشتهر أمرها في
كتب الرواية والأثر.
_________
(1) سُئِلَ الإمام مالك عن الدعاء عند خاتمة القرآن، فقال: (لا أرى أن يدعو
ولا نعلمه من عمل الناس) ((البيان والتحصيل لأبي الوليد القرطبي)) (1/
362). وقال مالك: (ليس ختم القرآن في رمضان بسنة للقيام) ((المدونة
الكبرى)) (1/ 288).
(2) قال الشيخ ابن عثيمين: (إن دعاء ختم القرآن في الصلاة لا شك أنه غير
مشروع؛ لأنه وإن ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يجمع أهله عند
ختم القرآن ويدعو، فهذا خارج الصلاة، وفرق بين ما يكون خارج الصلاة
وداخلها، فلهذا يمكن أن نقول: إن الدعاء عند ختم القرآن في الصلاة لا أصل
له، ولا ينبغي فعله حتى يقوم دليل من الشرع على أن هذا مشروع في الصلاة).
((الشرح الممتع)) (4/ 42). وقال أيضاً: (لا أعلم أن للختمة عند انتهاء
القرآن أصلاً من السنة، وغاية ما ورد في ذلك ما ذكر عن أنس بن مالك رضي
الله عنه أنه كان إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله فدعا، أما أن تكون في
الصلاة فلا أعلم في ذلك سنة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 212).
فائدة: حول متابعة الإمام في الختمة: قال ابن عثيمين: (وحتى المتابعة
بالختمة لا بأس بها أيضا ... وما دام أن الأمر ليس إليك، ولكن إمامك
يفعلها؛ فلا مانع من فعلها) ((الشرح الممتع)) (4/ 63 - 64) وقال أيضا: (بعض
إخواننا الذين يرون أنهم متبعون للسلف والسنة يخرجون من المسجد الحرام لئلا
يتابعوا الإمام على دعاء الختمة، وبعضهم لئلا يتابع الإمام على ثلاثٍ
وعشرين ركعة، وكأن ثلاثاً وعشرين ركعة من الفسوق والمعصية العظيمة التي
يخالف عليها الإمام، ويخرج من المسجد الحرام من أجلها، وبعضهم يجلس بين
المصلين يتحدث إلى أخيه، وربما يجهر بالحديث من أجل أن يشوش ـ والله أعلم ـ
على هذه الصلاة البدعية على زعمه!!! على كلٍّ أقول: إن هذا من قلة الفقه في
الدين، وقلة اتباع السلف والبعد عن منهجهم، فالسلف يكرهون الخلاف، فإنهم
وإن اختلفت الأقوال فقلوبهم متفقة، وما أمروا بالاتفاق فيه فعلوه ولو كانوا
لا يرونه وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم، وهذه المخالفات التي تقع من
قلة الفقه بيننا) ((الشرح الممتع)) (4/ 360 - 361)
(3) ينظر الرسالة التي أفردها في هذا الموضوع ((جزء في مرويات دعاء ختم
القرآن)).
المطلب الثالث:
مخالفات في دعاء القنوت
1 - المبالغة في رفع الإمام صوته في الدعاء، حتى يصل أحياناً إلى حد الصياح
والصراخ (1).
2 - المبالغة في رفع الصوت بالبكاء (2).
3 - الإطالة المفرطة في الدعاء. (3).
4 - الاعتداء في الدعاء وتكلف السجع فيه (4).
5 - مواظبة بعض الأئمة على دعاءٍ معينٍ في كل قنوت (5).
_________
(1) قال الحسن رحمه الله تعالى: (ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما
يُسمع لهم صوت، إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول:
ادعوا ربكم تضرعًا وخفية، وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً فرضِي فعله فقال:
إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا .. ) ((تفسير الطبري)) (12/ 485).
وقال ابن جرير رحمه الله تعالى في قوله عز وجل إنه لا يحب المعتدين: (فإن
معناه: إن ربكم لا يحب من اعتدى فتجاوز حدَّه الذي حدَّه لعباده في دعائه
ومسألته ربَّه، ورفعه صوته فوق الحد الذي حدَّ لهم في دعائهم إياه،
ومسألتهم، وفي غير ذلك من الأمور) ((تفسير الطبري)) (12/ 486).
(2) قال ابن جريج رحمه الله تعالى: (إن من الدعاء اعتداءً يُكره رفعُ
الصوتِ والنداءُ والصياحُ بالدعاء، ويُؤمر بالتضرُّع والاستكانة) ((تفسير
الطبري)) (12/ 487).
(3) قال النووي: (فرع: قال البغوي: يكره إطالة القنوت) ((المجموع)) (3/
499). وقال ابن باز: (والسنة أن لا يطول وأن يقتصر على جوامع الدعاء في
القنوت) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/ 357). وقال ابن عثيمين: (الإطالة
التي تشق على الناس منهيٌّ عنها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن
معاذ بن جبل رضي الله عنه أطال الصلاة في قومه غضب صلى الله عليه وسلم
غضباً لم يغضب في موعظةٍ مثله قط، وقال لمعاذ ابن جبل: (أفتانٌ أنت يا
معاذ؟). فالذي ينبغي أن يقتصر على الكلمات الواردة، ولا شك في أن الإطالة
شاقةٌ على الناس وترهقهم، ولا سيما الضعفاء منهم، ومن الناس من يكون وراءه
أعمال ولا يحب أن ينصرف قبل الإمام ويشق عليه أن يبقى مع الإمام) ((مجموع
فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (14/ 80).
(4) قال ابن عباس رضي الله عنهما لعكرمة: (فانظر السجع في الدعاء فاجتنبه
فإني عهدت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب).
رواه البخاري (6337). قال ابن تيمية: ( ... ومثل أن يقصد السَّجع في
الدعاء، ويتشهَّق ويتشدَّق، وأمثال ذلك. فهذه الأَدعية ونحوها منهيٌّ عنها)
((الفتاوى الكبرى)) (2/ 415). وقال أيضاً (وهذا كما يكره تكلف السجع في
الدعاء فإذا وقع بغير تكلف فلا بأس به فإن أصل الدعاء من القلب واللسان
تابع للقلب، ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه) ((مجموع
الفتاوى)) (22/ 489). قالت اللجنة الدائمة: (المشروع للداعي اجتناب السجع
في الدعاء وعدم التكلف فيه، وأن يكون حال دعائه خاشعاً متذللاً مظهراً
الحاجة والافتقار إلى الله سبحانه، فهذا أدعى للإجابة وأقرب لسماع الدعاء)
((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية)) (6/ 76).
(5) قال ابن عثيمين: ( ... الأفضل أن يختار الإنسان جوامع الدعاء؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بجوامع الدعاء، ويدع ما دون ذلك)
((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (14/ 82).
|