سبل السلام ط دار الحديث

[بَابُ الْوَدِيعَةِ]
ِ الْوَدِيعَةُ هِيَ الْعَيْنُ الَّتِي يَضَعُهَا مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ آخَرِ لِيَحْفَظَهَا، وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ إذَا وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْأَمَانَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «، وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَصْلُحُ لَهَا غَيْرَهُ، وَخَافَ الْهَلَاكَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا.
(عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ» . أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ) ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي رُوَاتِهِ الْمُثَنَّى بْنَ الصَّبَّاحِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ، وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعِيفَانِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ شُرَيْحٍ غَيْرَ مَرْفُوعٍ، وَفُسِّرَ الْمُغِلُّ، وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِالْخَائِنِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُسْتَغِلُّ. وَفِي الْبَابِ آثَارٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ، وَفِي بَعْضِهَا مَقَالٌ، وَيُغْنِي عَنْ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ فَإِنَّهُ وَقَعَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْوَدِيعَةِ ضَمَانٌ إلَّا مَا يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ

(2/158)


(910) - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ. فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[سبل السلام]
أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَقَدْ تُؤَوَّلُ بِأَنَّهُ مَعَ التَّفْرِيطِ، الْوَدِيعَةُ قَدْ تَكُونُ بِاللَّفْظِ كَاسْتَوْدَعْتُكَ، وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِحْفَاظِ، وَيَكْفِي الْقَبُولُ لَفْظًا، وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ لَفْظٍ كَأَنْ يَضَعَ فِي حَانُوتِهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ غَيْرُ مُصَلٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ الْكَرَاهَةِ. وَفِي بَابِ الْوَدِيعَةِ تَفَاصِيلُ فِي الْفُرُوعِ كَثِيرَةٌ. قَوْلُهُ (وَبَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ) بَيْنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ (تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الزَّكَاةِ) وَهُوَ أَلْيَقُ بِالِاتِّصَالِ بِهِ (وَبَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ يَأْتِي عَقِبَ الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَلِيَ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا لِأَنَّهَا جَرَتْ عَادَةُ كُتُبِ فُرُوعِ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى جَعْلِ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ قُبَيْلَ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَالْمُصَنِّفُ خَالَفَهُمْ فَأَلْحَقَهُمَا بِمَا هُوَ أَلْيَقُ بِهِمَا.