إجمال الإصابة في أقوال الصحابة الطّرف الثَّانِي قَول الصَّحَابِيّ إِذا
طلع عَلَيْهِ غَيره وَلم يعلم انتشاره بَينهم جمعيهم
أَن يثبت للصحابي قَول أَو حكمه فِي مَسْأَلَة وَيعلم اطلَاع
غَيره من الصَّحَابَة عَلَيْهِ أَو انتشاره بَينهم دون انتشاره
بَين الْجَمِيع وَلَا يُؤثر عَن غَيره فِيهِ مُخَالفَة لَهُ
فَهَذَا دون الَّتِي قبله هَذِه لعدم اشتهاره بَين الْجَمِيع
وَإِن كَانَ انْتَشَر بَينهم فِي الْجُمْلَة
وَبِهَذَا قَيده أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ من
الْمَالِكِيَّة وَالشَّيْخ صفي الدّين الأرموي فِي كِتَابه
نِهَايَة الْوُصُول
وَمِنْهُم من أطلق القَوْل فِي ذَلِك وَلم يُقَيِّدهُ
بالإنتشار
(1/33)
والمحكي فِي ذَلِك ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا أَنه إِجْمَاع وَهُوَ بعيد جدا لِأَن الْإِجْمَاع
عبارَة عَن اتِّفَاق جَمِيع الْمُجْتَهدين من أهل الْعَصْر
وَذَلِكَ إِمَّا بالْقَوْل أَو بِالْفِعْلِ اتِّفَاقًا
وَإِمَّا بقول الْبَعْض وسكوت البَاقِينَ مَعَ اطلاعهم على
القَوْل الْمُتَقَدّم فَأَما إِذا لم يعلمُوا فَيمْتَنع رضاهم
بِهِ أَو ردهم لَهُ
وَالثَّانِي أَنه حجَّة وَإِن قُلْنَا إِن قَول الصَّحَابِيّ
بمفرده لَيْسَ بِحجَّة لِأَنَّهُ لما انْتَشَر ذَلِك القَوْل
وَلم يظْهر خلاف علم أَنه قد سَمعه الْأَكْثَر فأقروه عَلَيْهِ
وَذَلِكَ لَا يكون مِنْهُم إِلَّا عَن ثَبت وَدَلِيل لما يعلم
من صلابتهم فِي الدّين وتحقيقهم فِيهِ
وَالثَّالِث وَهُوَ اخْتِيَار فَخر الدّين الرَّازِيّ إِن
كَانَ ذَلِك مِمَّا تعم بِهِ الْبلوى وَتَدْعُو الْحَاجة
إِلَيْهِ فَهُوَ يجْرِي مجْرى الْإِجْمَاع أَو يكون حجَّة
(1/34)
|