أصول الشاشي الْفَصْل الثَّالِث فصل فِي الْمُشْتَرك
والمؤول
الْمُشْتَرك مَا وضع لمعنيين مُخْتَلفين أَو لمعان مُخْتَلفَة
الْحَقَائِق مِثَاله قَوْلنَا جَارِيَة فَإِنَّهَا تتَنَاوَل
الْأمة والسفينة وَالْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يتَنَاوَل قَابل عقد
البيع وكوكب السَّمَاء
وَقَوْلنَا بئن فَأن يحْتَمل الْبَين وَالْبَيَان وَحكم
الْمُشْتَرك أَنه إِذا تعين الوحد مرَادا بِهِ
(1/36)
سقط اعْتِبَار إِرَادَة غَيره وَلِهَذَا
أجمع الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن لفظ القروء
الْمَذْكُور فِي كتاب الله تَعَالَى مَحْمُول إِمَّا على
الْحيض كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا أَو على الطُّهْر كَمَا هُوَ
مَذْهَب الشَّافِعِي
وَقَالَ مُحَمَّد إِذا أوصى لموَالِي بني فلَان ولبني فلَان
موَالٍ من أَعلَى وموال من أَسْفَل فَمَاتَ بطلت الْوَصِيَّة
فِي حق الْفَرِيقَيْنِ لِاسْتِحَالَة الْجمع بَينهمَا وَعدم
الرجحان
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَالَ لزوجته أَنْت عَليّ مثل
أُمِّي لَا يكون مُظَاهرا لِأَن اللَّفْظ مُشْتَرك بَين
الْكَرَامَة وَالْحُرْمَة فَلَا يتَرَجَّح جِهَة الْحُرْمَة
إِلَّا بِالنِّيَّةِ
وعَلى هَذَا قُلْنَا لَا يجب النظير فِي جَزَاء الصَّيْد
لقَوْله تَعَالَى {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} لِأَن الْمثل
مُشْتَرك بَين الْمثل صُورَة وَبَين الْمثل معنى وَهُوَ
الْقيمَة وَقد أُرِيد الْمثل من حَيْثُ الْمَعْنى بِهَذَا
النَّص فِي قتل إِذْ لَا عُمُوم للمشترك أصلا فَيسْقط
اعْتِبَار الصُّورَة لِاسْتِحَالَة الْجمع
ثمَّ إِذا ترجح بعض وُجُوه الْمُشْتَرك بالغالب الرَّأْي يصير
مؤلا وَحكم المؤول وجوب الْعَمَل بِهِ مَعَ احْتِمَال الْخَطَأ
ومثاله فِي الحكميات مَا قُلْنَا إِذا أطلق الثّمن ومثاله فِي
الحكميات مَا قُلْنَا إِذا أطلق فِي البيع كَانَ على غَالب نقد
الْبَلَد وَذَلِكَ بطرِيق التَّأْوِيل
وَلَو كَانَت النُّقُود مُخْتَلفَة فسد البيع لما ذكرنَا وَحمل
الإقراء على الْحيض
(1/39)
بحث الْحَقِيقَة وَالْمجَاز
حمل النِّكَاح فِي الْآيَة على الوطىء وَحمل الْكِنَايَات حَال
مذاكرة الطَّلَاق على الطَّلَاق من هَذَا الْقَبِيل وعَلى
هَذَا قُلْنَا الدّين الْمَانِع من الزَّكَاة يصرف إِلَى أيسر
الْمَالَيْنِ قَضَاء للدّين
فرع مُحَمَّد على هَذَا فَقَالَ إِذا تزوج امْرَأَة على نِصَاب
وَله نِصَاب من الْغنم ونصاب من الدَّرَاهِم يصرف الدّين إِلَى
الدَّرَاهِم حَتَّى لَو حَال عَلَيْهِمَا الْحول تجب الزَّكَاة
عِنْده فِي نِصَاب الْغنم وَلَا تجب فِي الدَّرَاهِم وَلَو
ترجح بعض وُجُوه الْمُشْتَرك بِبَيَان من قبل الْمُتَكَلّم
كَانَ مُفَسرًا وَحكمه أَنه يجب الْعَمَل بِهِ يَقِينا
مِثَاله إذاقال لفُلَان عَليّ عشرَة دَرَاهِم من نقد بخاري
فَقَوله من نقد بخاري تَفْسِير لَهُ فلولا ذَلِك لَكَانَ
منصرفا إِلَى غَالب نقد الْبَلَد بطرِيق التَّأْوِيل فيترجح
الْمُفَسّر فَلَا يجب نقد الْبَلَد |