أصول الفقه لابن مفلح مسالك إِثبات العلة
الأول: الإِجماع.
......................
الثاني: النص:
فمنه: صريح، نحو: "لعلة كذا أو لسبب"، قال بعض أصحابنا وغيرهم:
وكذا: "لأجْل أو من أجْل أو كي أو إِذًا" لا يحتمل غير التعليل
-وكذا اختار أبو محمَّد البغدادي (1): أن "كيلا ولأجل ونحوهما"
صريح، وعندنا وذكره الآمدي (2): (3) إِن قام دليل لم يقصد
التعليل فمجاز نحو: لم فعلت؟ فيقول: لأني أردت- كقوله: لكذا أو
(4) إِن كان كذا أو لكذا (5) أو بكذا نحو: (فبما رحمة) (6).
وكذا "إِنّ"، ذكره القاضي (7) وغيره والآمدي (8)، وذكره في
__________
(1) في (ح): في أن.
(2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 253.
(3) نهاية 375 من (ح).
(4) في (ب) و (ظ): وإن كان.
(5) قوله: (أو لكذا) كذا في (ب) و (ظ). وفي (ح): أو إِن كان
كذا لكذا. وعلى أي حال فهذه الزيادة (أو لكذا) مكررة مع قوله:
(كقوله: لكذا).
(6) سورة آل عمران: آية 159.
(7) انظر: العدة/ 221 ب.
(8) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 252.
(3/1257)
الروضة (1) عن أبي الخطاب.
وقيل: تنبيه.
وقيل لأبي الفتح بن المنّي من أصحابنا -في زوال البكارة
بالزنا-: إِن "إِنّ" موضوعة للتعليل، كقوله: (إِنها من
الطوافين).
فقال: لا نسلم، وإنما هي موضوعة للتأكيد، وإنما كان الطواف
علة، لعسر الاحتراز عنه؛ لا لفظة (2) "إِنَّ".
وكذا قال أبو محمَّد البغدادي: أجمع علماء العربية أنها لم
تأتِ للتعليل، بل للتأكيد أو بمعنى "نعم"، وإنما، جعلنا الطواف
علة لأنه قرنه بحكم الطهارة، وهو مناسب.
.....................
ومن التنبيه والإيمان (3) ترتب الحكم عقب وصف بالفاء، فإِنها
للتعقيب ظاهراً، ويلزم منه السببية عندنا، وذكره الآمدي (4)
وغيره، كقوله: (والسارق والسارقة فاقطعوا) (5)، وقول الراوي:
"سها (6) فسجدا)،
__________
(1) انظر: روضة الناظر/ 297.
(2) كذا في النسخ. ولعلها: للفظة.
(3) نهاية 188 ب من (ب).
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 254.
(5) سورة المائدة: آية 38.
(6) نهاية 129 ب من (ظ).
(3/1258)
و"زنى ماعز فرجم" (1)، وقيل: كما قبله (2)،
والفقيه وغيره سواء؛ لأنه ظاهر (3) حاله مع دينه وعلمه (4).
* * *
ومنه: اقتران الوصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره علة للحكم كان
اقترانه بعيدًا شرعًا ولغة، كقول الأعرابي له - عليه السلام -:
وقعت على أهلي في رمضان، فقال: (أعتق رقبة) (5)، فكأنه قيل:
"إِذا واقعت فكفّر"؛ لأن الظاهر كونه جوابا، والسؤال معاد فيه.
فإِن حذف (6) بعض الأوصاف -كـ "ذلك الشهر، وكونه أعرابيا"-
__________
(1) تقدم تخريج حديث رجم ماعز في ص 863. وهذا اللفظ: "زنى ماعز
فرجم" ورد -أيضاً- في مختصر ابن الحاجب. قال الزركشي في
المعتبر/ 80 أ: هو مروي بالمعنى في الصحيحين، لكن مقصود ابن
الحاجب هذا اللفظ، ولم يَرِد.
(2) يعني: كالصريح.
(3) يعني: ظاهر حاله أنه لو لم يفهم ترتب الحكم على الوصف لم
يقله.
(4) يعني: علمه أن الفاء للتعقيب.
(5) قصة الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان رواها أبو هريرة،
وسبق تخريج ذلك في ص 304. قال الزركشي في المعتبر/ 80 أ: واقعت
أهلي في رمضان، فقال: (أعتق رقبة) هو في الكتب الستة، لكن بغير
هذه الصيغة، أما بهذه الصيغة ففي سنن ابن ماجه. أ. هـ. فانظر:
سنن ابن ماجه / 534.
(6) في (ح): حذفت.
(3/1259)
سمي تنقيح المناط، أي: تنقيح ما ناط به حكم
الشارع.
وأقر به أكثر منكري القياس، وأجراه أبو حنيفة (1) في الكفارات
مع منعه القياس فيها.
وذكر بعضهم (2): أنه أحد مسالك العلة، بأن يبين إِلغاء الفارق.
وقد يقال: العلة إِما المشترك أو المميز، والثاني باطل (3)،
فثبت الأول.
ولا يكفي أن يقال: "محل الحكم إِما المشترك أو مميّز الأصل"؛
لأنه لا يلزم من ثبوت المحل ثبوت الحكم.
قيل: لا دليل على عدم عليته (4)، فهو علة.
رد: لا دليل لعليته، فليس بعلة.
قيل: لو كان علة لتأتَّى القياس المأمور به.
رد: هو دور. والله أعلم.
....................
ومن الإِيماء (5): أن يقدّر الشارع وصفاً لو لم يكن للتعليل
كان بعيداً لا
__________
(1) انظر: تيسير التحرير 4/ 42، فواتح الرحموت 2/ 298.
(2) انظر: المحصول 2/ 2/ 315.
(3) لأن الفارق ملغى.
(4) يعني: علية الوصف. وانظر: المحصول 2/ 2/ 319 - 320.
(5) نهاية 376 من (ح).
(3/1260)
فائدة (1) فيه، كقوله عليه السلام -لما سئل
عن بيع التمر بالرطب- فقال (2): (أينقص الرطب إِذا يبس؟)،
قالوا (3): "نعم"، فنهى عن ذلك، صححه الترمذي وغيره.
ومثال التقدير في نظير محل السؤال قول امرأة (4) من جهينة (5)
له -عليه السلام -: إِن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت،
أفأحج عنها؟ قال: (حجّي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت
قاضيته؟) قالت: "نعم"، قال: (اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء).
متفق عليه (6).
__________
(1) نهاية 189 أمن (ب).
(2) كذا في النسخ. ولعل المناسب حذف كلمة: "فقال".
(3) في (ح): قال.
(4) قيل: اسمها غاثية أو غايثة أو غاينة.
انظر: الإِصابة 8/ 44، وفتح الباري 4/ 65.
(5) جهينة: حي عظيم من قضاعة من القحطانية، وهم: بنو جهينة بن
زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة.
انظر: معجم قبائل العرب 1/ 216.
(6) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 18، 9/ 102 من حديث ابن عباس،
وأخرجه النسائي في سننه 5/ 116 بمعناه.
ولم أجده في صحيح مسلم، وإِنما وجدت مسلم قد أخرج هذا المعنى
من حديث ابن عباس في الصيام في قصة المرأة التي أخبرت الرسول
أن أمها ماتت وعليها صوم واجب، فقال - عليه السلام -: (أرأيت
لو كان عليها دين أكنت تقتضينه؟) قالت: نعم، قال: (فدين الله
أحق بالقضاء). انظر: صحيح مسلم/ 804.
(3/1261)
وفيه تنبيه على الأصل -وهو دين الآدمي-
والفرع، وهو الحج الواجب، والعلة، وهي قضاء الدين عن الميت.
وذكر في التمهيد (1) وغيره: أن من هذا قول عمر له - عليه
السلام -: "صنعت اليوم أمراً عظيمًا، قبّلت وأنا صائم"، فقال.:
(أرأيت لو تمضمضت بماء، وأنت صائم؟) قلت: "لا بأس"، فقال:
(ففيم (2)؟).
وقال الآمدي (3): إِنما هو نقض لما توهمه عمر من إِفساد مقدمة
إِفساد الصوم التي هي القُبلة مقدمة الوقاع، فنقض بالمضمضة
مقدمة الشرب، ولم يقدّر - عليه السلام - المضمضة لتعليل منع
الإِفساد؛ لأنه ليس فيها ما يتخيل مانعاً منه، بل غايتها أن لا
تفسد.
.........................
ومن الإِيماء: أن يفرق - عليه السلام - بين حكمين بصفة مع
ذكرهما،
__________
(1) انظر: التمهيد/ 159 ب.
(2) أخرجه أبو داود في سننه 2/ 779 - 780 من حديث عمر. قال
المنذري في مختصره 3/ 263: "وأخرجه النسائي، وهذا حديث منكر،
قال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر إِلا من
هذا الوجه". وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 21، 52، والدارمي في سننه
1/ 345، وابن خزيمة في صحيحه 3/ 245، وابن حبان في صحيحه
(انظر: موارد الظمآن/ 227)، والحاكم في مستدركه 1/ 431 وقال:
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(3) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 258.
(3/1262)
نحو: (للراجل سهم، وللفارس سهمان (1)، أو
مع ذكر أحدهما نحو:
__________
(1) لم أجده من لفظ النبي هكذا، وإنما وجدت ما أخرجه أبو داود
في سننه 3/ 174 - 175، 413 عن مجمع بن جارية الأنصاري قال:
قسمت خيبر على أهل الحديبية، فأعطى النبي الفارس سهمين، وأعطى
الراجل سهما. قال أبو داود: "حديث أبي معاوية- (وهو ما أخرجه
أبو داود في سننه 3/ 172 - 173: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو
معاوية حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله أسهم
لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهما له، وسهمين لفرسه. وأخرجه
البخاري في صحيحه 4/ 30، ومسلم في صحيحه 1383) - أصح، والعمل
عليه". وأخرج حديث مجمع أحمد في مسنده 3/ 420، والدارقطني في
سننه 4/ 105 - 106، والحاكم في مستدركه 2/ 131 وقال: هذا حديث
كبير صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
قال في نصب الراية 3/ 416 - 417: ورواه الطبراني في معجمه وابن
أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في سننه ... قال ابن القطان في
كتابه: وعلة هذا الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع، ولا يعرف
روى عنه غير ابنه، وابنه مجمع ثقة.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا أبو أسامة وابن نمير قالا:
ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله جعل للفارس
سهمين وللراجل سهما. انظر: نصب الراية 3/ 417. ومن طريق ابن
أبي شيبة رواه الدارقطني في سننه 4/ 106 ثم قال: قال الرمادي:
كذا يقول ابن نمير، قال لنا النيسابورى: هذا عندي وهم من ابن
أبي شيبة أو من الرمادي: لأن أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر
وغيرهما رووه عن ابن نمير خلاف هذا -انظر: سنن الدارقطني 4/
102 - ورواه ابن كرامة وغيره عن أبي أسامة خلاف هذا. انظر: سنن
الدارقطني 4/ 102. وأطال الدارقطني الكلام عليه، فراجع: سننه
3/ 106 - 107، ونصب الراية 3/ 418.
(3/1263)
(القاتل لا يرث (1))، أو بالشرط والجزاء
نحو: (فإِذا اختلفت هذه الأصناف (2) فبيعوا (3))، أو بغاية:
(ولا تقربوهن (4) حتى
__________
(1) ورد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا. أخرجه
أبو داود في سننه 4/ 692 - 694. قال المنذري في مختصره 6/ 363:
في إِسناده محمَّد بن راشد الدمشقي المكحولي، وقد وثقه غير
واحد، وتكلم فيه غير واحد. وانظر: ميزان الاعتدال 3/ 543.
وورد من حديث أبي هريرة مرفوعًا. أخرجه الترمذي في سننه 3/ 288
وقال: هذا حديث لا يصح؛ لا يعرف هذا إِلا من هذا الوجه، وإسحاق
بن عبد الله بن أبي فروة -أحد رجال الإِسناد- قد تركه بعض أهل
العلم، منهم: أحمد بن حنبل. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 883.
وورد من حديث عمرو بن شعيب عن عمر مرفوعاً. أخرجه مالك في
الموطأ/ 867، وابن ماجه في سننه/ 884 وفي الزوائد: "إِسناده
حسن". وهو منقطع؛ لأن عمرا لم يدرك عمر.
وراجع: الرسالة/ 171، وسنن البيهقي 6/ 219 - 221، وقيل الأوطار
6/ 194، وتحفة الأحوذى 6/ 291.
(2) في (ب): الأوصاف.
(3) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1211 من حديث عبادة مرفوعاً: (الذهب
بالذهب ... مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإِذا اختلفت هذه
الأصناف فبيعوا كيف شئتم إِذا كان يدا بيد). وأخرجه أحمد في
مسنده 5/ 320، وأبو داود في سننه 3/ 647، وابن الجارود في
المنتقى/ 218 - 219، والدارقطني في سننه 3/ 24، والبيهقي في
سننه 5/ 278، 284.
(4) نهاية 189 ب من (ب).
(3/1264)
يطهرن) (1)، أو استثناء: (فنصف (2) ما
فرضتم إِلا أن يعفون) (3)، أو استدراك: (ولكن (4) يؤاخذكم بما
عقدتم) (5).
......................
ومن الإِيماء: ذكره في سياق الكلام شيئًا لو لم يكن علة لذلك
الحكم المقصود كان الكلام غير منتظم، كنهيه عن البيع وقت
الجمعة (6)، فإِنه علة للمنع عن السعي إِلى الجمعة؛ لا مطلقًا.
......................
ومن الإِيماء: ذكر وصف مناسب مع الحكم، نحو: (لا يقضي القاضي
وهو غضبان (7)).
.......................
__________
(1) سورة البقرة: آية 222.
(2) نهاية 377 من (ح).
(3) سورة البقرة: آية 237.
(4) نهاية 130 أمن (ظ).
(5) سورة المائدة: آية 89.
(6) في سورة الجمعة: آية 9.
(7) هذا الحديث رواه أبو بكرة مرفوعًا. أخرجه البخاري في صحيحه
9/ 65 بلفظ: (لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)، ومسلم في
صحيحه/ 1342 - 1343 بلفظ: (لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)،
وابن ماجه في سننه/ 776 بلفظ:=
(3/1265)
فإِن ذكر الوصف صريحًا، والحكم مستنبط منه
-نحو: (وأحل الله البيع) (1)، صحته مستنبطة من حله- فهو
مُوْمَأ إِليه، واختاره الآمدي (2) وذكره عن المحققين؛ للزوم
الصحة للحل كذكره (3).
وخالف قوم، كذكر الحكم صريحًا والوصف مستنبط، فإِنه لا إِيماء
(4)، جزم به الآمدي (5)، كعلة الربا مستنبطة من حكه.
رد: بالمنع؛ لأن الإِيماء اقتران الوصف بالحكم، وهو حاصل.
ثم: لا استلزام (6).
......................
وهل تشترط مناسبة الوصف المومأ إِليه؟
أطلق أصحابنا وجهين.
__________
= (لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)، والشافعي (انظر:
بدائع المنن 2/ 232) بلفظ: (لا يقضي القاضي أو لا يحكم الحاكم
بين اثنين وهو غضبان).
(1) سورة البقرة: آية 275.
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 263.
(3) يعني: كذكر الحكم. وفي (ب): لذكره.
(4) في (ب): لا إيماء بما جزم به الآمدي.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 262.
(6) يعني: في الوصف المستنبط.
(3/1266)
وقال الآمدي (1): "اشترطه قوم، ونفاه
آخرون"، ثم اختار: إِن فُهِم التعليل من المناسبة اشترط؛ لأن
المناسبة فيه منشأ للإِيماء، وإِلا فلا؛ لأنه بمعنى الأمارة.
ومعناه في الروضة (2) وجدل أبي محمَّد البغدادي.
وقال بعض أصحابنا (3): ترتيب الحكم على اسم مشتق يدل [على] (3/
1) أن ما منه الاشتقاق علة في قول [أكثر] (4) الأصوليين،
واختاره ابن المني، وقال قوم: إِن كان مناسبًا (5)، واختاره
أبو الخطاب -في تعليل الربا من الانتصار- وأبو المعالي (6)
والغزالي.
كذا قال، وإنما ذكر أبو الخطاب منعًا وتسليماً.
قالوا: لو اشترط لم يُفهَم التعليل من ترتيب الحكم على وصف غير
مناسب،: كـ "أَهِن العالم وأكرم الجاهل"، ولم يُلَم عليه.
رد: لم يفهم منه، واللوم للإِساءة في الجزاء، ولهذا توجه اللوم
لو سكت عن الجزاء في موضع يفهم من السكوت.
* * *
__________
(1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 261 - 262.
(2) انظر: روضة الناظر/ 297 - 300.
(3) انظر: المسودة/ 438. (3/ 1) ما بين المعقوفتين لم يرد في
(ب) و (ظ).
(4) ما بين المعقوفتين من نسخة في هامش (ب).
(5) نهاية 378 من (ح).
(6) نهاية 190 أمن (ب).
(3/1267)
المسلك الثالث: السبر والتقسيم.
وهو حصر الأوصاف في الأصل، وإِبطال بعضها بدليل، فيتعين الباقي
للعلة.
ويكفي المناظر: "بحثت عن الأوصاف، فلم أجد غير ذلك"؛ لأنه أهلٌ
عدل ثقة فيما يقول، فالظاهر صدقه.
أو يقول: الأصل عدم ما سوى ذلك.
فإِن قيل: قوله: "سبرتُ فلم أَجِدْ" عدمُ علمٍ.
ثم: ليس علمًا بالنسبة إِلى الخصم؛ لاحتمال عِلْمه بوصف آخر.
ثم: صحة العلة إِنما تكون بوجود مصحِّحها، وهذا إبطال
مُعارِضها، فلا يلزم صحة كون الباقي علة.
قيل: بل هو ظنٌّ بعدمه، فإِن الظن بعدم الشيء لازم للبحث عنه.
والظاهر: لو علم الخصم وصفا آخر أظهره إِفحاماً لخصمه إِظهارًا
لعلم، وإلا فهو معاند.
وليس صحة الباقي علة لإِبطال المعارض (1)، بل لأنه لا بد من
علة -لما يأتي (2) - فيُظَنُّ انحصارها في الأوصاف، فإِذا بطل
بعضها ظُنَّ صحة الباقي.
__________
(1) يعني: ليس كون الباقي علة؛ لأننا أبطلنا المعارض.
(2) في ص 1274.
(3/1268)
وإن بين المعترض وصفا آخر لزم (1) المستدل
(2) إِبطاله؛ لا انقطاعه (3)؛ لأنه أبطله.
وأما الناظر (4) المجتهد فيعمل بظنه.
ومتى كان الحصر والإِبطال قطعيًا فالتعليل قطعي، وإلا فظني.
....................
وطرق الحذف:
منها: الإِلغاء، وهو: بيان المستدل إِثبات الحكم بالباقي فقط
في صورة، ولم يثبت دونه، فيظهر استقلاله وحده.
وقال الآمدي (5): لا يكفي ذلك في استقلاله بدون طريق من طرق
إِثبات العلة، وإلا لكفى في أصل القياس (6)، فإِن بَيَّنه (7)
في صورة الإِلغاء بالسبر فالأصل الأول تطويل بلا فائدة، وإن
بيَّنه بطريق آخر لزم محذور آخر وهو الانتقال.
__________
(1) نهاية 379 من (ح).
(2) نهاية 130 ب من (ظ).
(3) يعني: لا يكون ذكر ذلك الوصف ملزمًا للمستدل بالانقطاع؛
لأنه إِذا أبطله فقد سَلِم حصره.
(4) نهاية 190 ب من (ب).
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 267 - 268.
(6) ولم يكن إِلى البحث والسير حاجة.
(7) يعني: بين الاستقلال.
(3/1269)
وعلل بعضهم بجواز أن الوصف المحذوف جزء علة
وأعم من المعلول، فلا يلزم من وجود الحكم دونه -وعدم الحكم عند
وجوده- استقلال الباقي.
ويشبه الإِلغاء نفي العكس؛ لأن كلاً منهما إِثبات الحكم بدون
الوصف، وليس هو؛ لأنه لم يقصد في (1) الإِلغاء: لو كان المحذوف
علة لانتفى عند انتفائه، بل قصد: لو أن الباقي جزء علة لما
استقل.
ومنها: طرد المحذوف، أي: ألفنا عدم اعتباره شرعاً كالطول
والقصر، أو بالنسبة إِلى ذلك الحكم كالذكورة (2) في العتق.
ومنها -عند [بعض] (3) الشافعية وغيرهم، وجزم به الآمدي (4)
وغيره-: عدم ظهور مناسبته.
ويكفي المناظر (5): بحثت (6).
فإِن ادعى المعترض أن الباقي كذلك: فإِن كان بعد تسليمه (7)
مناسبته يقبل، وإلا فَسَبْر المستدل أرجح؛ لموافقته للتعدية،
وليس له (8) بيان (9)
__________
(1) في (ح): في للإِلغاء.
(2) في (ب): كالذكورية. وفي (ظ): كذكورية.
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 268.
(5) نهاية 380 من (ح).
(6) يعني: فلم أجد له مناسبة.
(7) يعني: تسليم المعترض.
(8) يعني: وليس للمستدل. انظر: الإحكام للآمدي 3/ 269.
(9) نهاية 191 أمن (ب).
(3/1270)
المناسبة؛ لانتقاله إِلى طريق آخر.
وفي الروضة (1): ليس منها؛ لمعارضة خصمه له بمثل كلامه، ولا
يكفيه نقضه (2) لاحتمال كونه جزء علة أو شرطاً فيها (3).
..................
والسبر مسلك صحيح لإِثبات العلة في ظاهر كلام القاضي (4)
وغيره، وقاله ابن عقيل (5)، وذكره بعضهم عن الأكثر، وجزم به
الآمدي (6) وغيره، خلافاً للحنفية (7).
واختار في الروضة (8) -وذكره عن أبي الخطاب-: أنه لا يصح؛
لجواز التعبد، وتعارض قول المستدل بقول المعترض: "بعثت فيما
ذكرتَه، فلم أَرَ
__________
(1) انظر: روضة الناظر/ 307.
(2) يعني: نقض علة خصمه.
(3) فلا يستقل بالحكم، ولا يلزم من عدم استقلاله صحة علة
المستدل دونه.
(4) انظر: العدة/ 219 ب.
(5) انظر: الواضح 1/ 172أ.
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 264.
(7) انظر: تيسير التحرير 4/ 48، وفواتح الرحموت 2/ 299،
وفيهما: عن الجصاص والمرغيناني كقول الجمهور.
(8) انظر: روضة الناظر/ 306 - 307.
(3/1271)
ما يصلح علة"، إِلا أن تجمع الأمة على
تعليل أصل، فيبطل ما علّل به إِلا واحدة، فيصح؛ لئلا يخرج الحق
عن الأمة.
وفي التمهيد (1): إِن لم يجمعوا، لكن علّله بعضهم واختلفوا:
فهل إِفساد إِحداهما دليل صحة الأخرى؟ على مذهبين.
قال (2) -وقاله ابن عقيل أيضًا-: فأما إِن أفسد حنبلي علة
شافعي في الربا لم يدل على صحة علته؛ لتعليل بعض الفقهاء
بغيرهما، وليس إِجماعهما دليلاً على من خالفهما، لكن يكون
طريقاً في إِبطال مذهب خصمه وإلزاماً له صحة علته.
وفي الروضة (3) -في هذه الصورة- الخلاف في التي قبلها. وفيه
(4) نظر.
وقد ذكر القاضي (5) عن ابن حامد: أن علة الأصل -كعلة الربا- لا
تثبت بالاستنباط، قال: وأومأ إِليه أحمد، فسأله مهنا (6): هل
يقيس بالرأي؟ قال: "لا، هو أن يسمع الحديث فيقيس عليه"، وعلّله
بعدم القطع بصحتها،
__________
(1) انظر: التمهيدا / 16 أ.
(2) انظر: المرجع السابق.
(3) انظر روضة الناظر / 307.
(4) نهاية 381 من (ح).
(5) انظر: الروايتين والوجهين/ 243أ، والمسودة/ 404 - 405.
(6) نهاية 131أمن (ظ).
(3/1272)
ثم اختار (1) أنه يصح، وذكر كلام أحمد في
(2) علة الربا.
قال بعض أصحابنا (3): "لا يخالف ابن حامد في استنباط سمعي، وهو
التنبيه والإِيماء (4) "، وهذا أشهر.
وعن (5) البخاريين (6): لا يقبل السبر في ظني، وذكره أبو
المعالي (7) عن بعض الأصوليين، وذكر -أيضًا- (8) عن النهرواني
(9) والقاشاني (10):
__________
(1) يعني: القاضي.
(2) نهاية 191 ب من (ب).
(3) انظر: المسودة/ 402.
(4) يعني: وإنما يخالف في أننا بالعقل نعرف علة الحكم.
(5) انظر: المسودة/ 427.
(6) بخارى: من أعظم مدن ما وراء النهر -نهر جيحون- وأجلها.
انظر: معجم البلدان 1/ 353. وفي (ب) و (ظ): النجاريين.
(7) انظر: البرهان/ 816.
(8) انظر: المرجع السابق/ 774 - 775.
(9) هو: أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى، ويلقب بالجريري؛
لأنه كان على مذهب ابن جرير الطبري، توفي سنة 390 هـ.
انظر: الفهرست/ 236، واللباب 3/ 249، والنجوم الزاهرة 4/ 201،
وشذرات الذهب 2/ 134.
(10) هو: أبو بكر محمَّد بن إِسحاق القاشاني نسبة إِلى (قاشان)
ناحية مجاورة لـ (قم)،=
(3/1273)
لا يقبل في التعليل إِلا الإِيماء (1) وما
علم بغير نظر، كبوله في إِناء (2)، ثم يصبّه في ماء، ووافقهما
أبو هاشم (3).
وجه الأول: لا بد للحكم من علة، وذكره الآمدي (4) إِجماع
الفقهاء، بطريق الوجوب عند المعتزلة، وبطريق اللطف والاتفاق
(5) عند الأشعرية. وسبق (6) في مسألة التحسين.
وكذا ذكر أبو الخطاب: أن ما ثبت حكمه بنص أو إِجماع كله معلّل،
وتخفى علينا علته نادرًا.
واحتج الآمدي (7) بقوله: (وما أرسلناك إِلا رحمة) (8)، وظاهره
جميع
__________
=وبالسين ناحية من نواحي أصبهان، كان ظاهريا ثم صار شافعيا،
توفي سنة 280 هـ.
من مؤلفاته: كتاب في الرد على داود في إِبطال القياس.
انظر: الفهرست/ 213، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 176، وهدية
العارفين 2/ 20، ومعجم المؤلفين 9/ 41.
(1) في (ظ): إِلا إِيماء.
(2) غيرت في (ظ): إِلى: في ماء. وفي نسخة في هامش (ب): في ماء.
(3) انظر: البرهان/ 775 - 776.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 264، 285.
(5) في (ظ): والارتفاق.
(6) في ص 150 وما بعدها، 170 من هذا الكتاب.
(7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 286.
(8) سورة الأنبياء: آية 107.
(3/1274)
ما جاء به، فلو خلا حكم عن علة لم يكن رحمة
(1)؛ لأن التكليف به -بلا حكمة وفائدة- مشقة. كذا قال.
ثم: لو سلم فالتعليل الغالب، قال القاضي: التعليل الأصل تُرِك
نادرًا؛ لأن تعقل العلة أقرب إِلى القبول من التعبد، ولأنه
الألوف عرفا، والأصل موافقة الشرع له (2)، فيحمل ما نحن فيه
على الغالب، ويجب العمل بالظن في علل الأحكام إِجماعًا، على ما
يأتي (3) في العمل بالقياس.
وقيل: الأصل عدم التعليل؛ لأن الموجِب الصيغة، وبالتعليل ينتقل
حكمه إِلى معناه، فهو كالمجاز من الحقيقة، ونصره بعض الحنفية
(4)؛ لأن التعليل لا يجب للنص دائمًا، فيعتبر لدعواه دليل.
وفي (5) واضح ابن عقيل -في مسألة القياس-: أكثر الأحكام غير
معلّل.
وقال في فنونه -لمن قاس الزكاة في مال الصبي على العُشْر،
وبَيَّن العلة، فأبطلها ابن عقيل، فقال له: فما العلة إِذًا؟ -
فقال (6): لا يلزم، ونتبرع فنقول: سؤالك عن العلة قول من يوجب
لكل حكم علة، وليس كذلك؛
__________
(1) نهاية 382 من (ح).
(2) يعني: للعرف.
(3) في ص 1338.
(4) انظر: فواتح الرحموت 2/ 293 - 294.
(5) نهاية 192أمن (ب).
(6) كذا في النسخ. ولعل المناسب حذف كلمة (فقال).
(3/1275)
لأن من الناس من يقول: الأصول معللة،
[وبعضهم يقول غير معللة]، (1) وبعضهم يقول: "بعضها معلل،
وبعضها غير معلل"، فيجوز أن هذا لا علة له، أو له علة خافية
عنا.
قالوا: شرع الحكم لا يستلزم الحكمة والمقصود؛ لأنه من صنعه،
وهو (2) لا يستلزم ذلك؛ لخلق المعاصي وموت الأنبياء وإِنظار
إِبليس والتخليد في النار وتكليف من علم عدم إِيمانه وخلق
العالم في وقته المحدود (3) وشكله القدّر (4).
رد: ليست الحكمة قطعية، ولا ملازمة لجميع (5) أفعاله.
سلمنا لزومها، لكن قد تخفى علينا.
وقد قيل (6): القدرة تتعلق بالحدوث والوجود، والمعاصي راجعة
إِلى مخالفة نهي الشارع، وذلك ليس من متعلق القدرة.
__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(2) يعني: صنعه.
(3) في (ح): المعدود. ثم كتب تحتها: المحدود.
(4) نهاية 383 من (ح).
(5) في (ب): بجميع.
(6) كذا نقل المؤلف هذا القول بهذه الصيغة. وهذا القول قد أجاب
به الآمدي في الإِحكام 3/ 290. وقد رد عليه الشيخ عبد الرزاق
عفيفي في تعليقه.
(3/1276)
قالوا: لو كان: فإِن وجب الفعل عنده صار
غير مختار (1)، وكذا إِن ترجَّح، وهو تسلسل.
رد: لا يجب، وهو تبع لتعلق القدرة والإِرادة، وهو مختار.
قالوا: إِن كان المقصود قديماً لزم (2) قدم الصنع والمصنوع،
وإِلا فإِن توقف حدوثه على مقصود آخر تسلسل (3).
رد: حادث، ولا يفتقر إِلى مقصود آخر؛ للتسلسل، وإِن افتقر فذلك
المقصود هو نفسه (4). (5)
قالوا: إِن كان قديماً لزم قدم غير الباري وصفاته، وإِلا
تَعَلَّل (6) القديم بالحادث.
رد: الحكم: الكلام بصفة التعلق، فكان حادثًا.
ثم: لو كان قديمًا -والمقصود حادثًا- فإِنما يمتنع تعليله به
لو أوجب الحكم وأثر فيه، وإنما هو أمارة أو باعث، فلا يمتنع
تأخره (7).
__________
(1) في (ظ): مختارا.
(2) نهاية 131 ب من (ظ).
(3) يعني: وإن لم يتوقف فهو المطلوب.
(4) يعني: لا غيره، فلا تسلسل.
(5) نهاية 192 ب من (ب).
(6) في (ب) و (ظ): وإلا تعليل.
(7) في (ح) تأخيره.
(3/1277)
قالوا: إِن كان: فإِن كان فعله معه أولى
(1) يلزم استكمال الباري (2)، وإلا فلا أولوية.
رد: بأنه أولى، لكن بالنسبة إِلى المخلوق.
قالوا: ما سبق (3) في منع التعليل (4) بالحكمة.
وسبق جوابه.
قالوا: إن قدر الباري على تحصيل الحكمة بدون الحكم، فالحكم
مجرد تعب، وإلا لزم وصفه بالنقص.
رد: طريقان لحصول الفائدة.
قالوا: إِنما تطلب الحكمة فيمن تميل نفسه في فعله إِلى نفعٍ أو
دفع ضررٍ، أو في فعلِ من لو خلا فعله عنها ذُمَّ وكان عابثًا.
رد الأول: بل في فعلِ من لو وجدت (5) فيه (6) لم يمتنع، بل وقع
غالبًا.
وجواب الثاني: بالمنع.
__________
(1) يعني: أولى من الترك.
(2) يعني: بذلك الصنع، ويكون ناقصًا قبله.
(3) في ص 1210.
(4) نهاية 384 من (ح).
(5) يعني: الحكمة.
(6) يعني: في فعله.
(3/1278)
وأجاب الآمدي (1): إِنما يلزم فيمن تجب
رعايتها (2) في فعله، ولا كذلك الباري.
....................
المسلك الرابع: المناسبة، ويرادفها: الإِخالة (3)، وتخريج
المناط.
وهو: تعيين علة الأصل بمجرد إِبداء المناسبة من ذات الوصف لا
بنص وغيره، كالإِسكار للتحريم، والقتل العمد العدوان للقصاص.
"المناسبة" لغوية، فلا دور.
والمناسب: وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب الحكم عليه ما يصلح
كونه مقصودًا من شرع الحكم من حصول مصلحة أو دفع (4) مفسدة.
فيمكن إِثباته على الخصم في المناظرة، يكون (5) (6) معاندًا
بمنعه (7).
فإِن كان الوصف خفيّا أو غير منضبط فكل منهما غيب عن العقل،
فلا
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 293.
(2) يعني: رعاية الحكمة.
(3) الإخالة في اللغة بمعنى الظن. انظر: الصحاح/ 1692 - 1693،
ولسان العرب 13/ 240.
(4) نهاية 193أمن (ب).
(5) كذا في النسخ. ولعله: ويكون.
(6) يعني: الخصم.
(7) في (ب): يمنعه.
(3/1279)
يعرف الغيب عنه، وهو الحكم، فيعتبر (1)
ملازمه، وهو المظنة كالسفر للمشقة، والفعل المقضي عليه عرفا
بالعمد في العمدية.
وقال أبو زيد (2) الحنفي: المناسب ما لو عُرض على العقول
السليمة تلقته بالقبول.
فلا يمكن المناظر إِثباته على خصمه.
......................
والمقصود من شرع الحكم: قد يحصل يقينًا -كالبيع الصحيح يحصل
منه الملك- وظنا كالقصاص يزجر عن القتل.
وقد يتساوى الحصول وعدمه، كحد الخمر لحفظ العقل.
وقد يكون عدمه أرجح، كنكاح الآيسة لمصلحة التوالد.
وأنكر بعضهم جواز التعليل بهذا والذي قبله، ذكره بعضهم (3)،
واحتج عليه: بأن البيع مظنة الحاجة إِلى التعاوض (4)، والسفر
مظنة المشقة، واعتبرا، وإن انتفى الظن في بعض الصور. كذا قال.
__________
(1) نهاية 385 من (ح).
(2) انظر: تقويم الأدلة/ 131 أ- 139أ، وكشف الأسرار 3/ 352،
وتيسير التحرير 3/ 325، وفواتح الرحموت 2/ 301، والإِحكام
للآمدي 3/ 270، وشرح العضد 2/ 239.
(3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 134، ومختصره 2/ 240.
(4) في (ظ): التعارض.
(3/1280)
والأظهر ما ذكره الآمدي (1): أنه يصح
التعليل بهما اتفاقا إِذا ظهر المقصود (2) في غالب صور الجنس،
وإلا فلا، أي: لأن احتمال الترتيب وعدمه سواء، أو عدمه (3)
أرجح.
والأظهر -أيضًا- ما في الفنون وغيرها: السفر مشقته عامة،
ويختلف قدرها، ولذا (4) تحسن التهنئة بالقدوم للجميع، كالمرض
بالسلامة.
أما لو فات المقصود يقينًا -وهو ظاهر في غالب الصور- لم يجز
التعليل به (5) -قال الآمدي (6): خلافاً للحنفية- لمخالفة عادة
الشارع في رعاية الحكمة، ولأن الحكم شُرع لأجلها، فمع عدمها لا
يفيد، فلا يشرع.
ومَثَّله الآمدي (6) بلحوق نسب مشرقي بمغربية (7)، واستبراء
جارية يشتريها بائعها في المجلس، مع أن مذهب الشافعي: تستبرأ
(8)، خلافا للحنفية، ولأ حمد روايتان (9).
.....................
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 272.
(2) يعني: المقصود من الوصف.
(3) نهاية 123أمن (ظ).
(4) في (ظ): وكذا.
(5) نهاية 193 ب من (ب).
(6) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 273.
(7) نهاية 386 من (ح).
(8) في (ح): يستبرى.
(9) انظر: المهذب 2/ 154، والمغني 8/ 150.
(3/1281)
والمقاصد من شرع الحكم:
ضروري أصلاً، وهي أعلى مراتب المناسبات، وهي الخمسة التي روعيت
في كل ملة: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، بقتل
الكفار وعقوبة المبتدع والقصاص وحد المسكر وشرع الزواجر لزانٍ
ومحارب وسارق وغاصب.
ومكمل للضروري: كحفظ العقل بالحد بقليل المسكر.
وغير ضروري:
حاجي: كبيع وِإجارة ومساقاة ومضاربة، وبعضها أبلغ.
وقد يكون ضروريًا، كإِجارة لتربية (1) طفل وشراء مطعوم وملبوس
له، زاد غير (2) الآمدي: ولغيره.
ومكمل للحاجي: كرعاية كفاءة ومهرِ مِثْلٍ في تزويج صغيرة؛ لأنه
أفضى (3) إِلى دوام النكاح.
وغير حاجي -ولكنه تحسيني-: كسلب العبد أهلية الشهادة؛ لشرفها
جرياً على ما أُلِف من محاسن العادات، ذكر ذلك الآمدي (4).
ومثَّل أبو (5) محمَّد البغدادي تتمة الضروري -أيضًا- بمراعاة
المماثلة
__________
(1) في (ب): كتربية.
(2) انظر: المنتهى/ 124، ومختصره 2/ 240.
(3) في (ح): افضآ.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 275.
(5) في (ب): ومثل محمَّد البغدادي.
(3/1282)
في القصاص، والحاجي بتسليط الولي على تزويج
صغيرة، وتتمَّته كما سبق، ومثَّل التحسيني -هو وغيره (1) -
أيضًا: بتحريم تناول القاذورات وسلب المرأة عبارة النكاح.
وكون حفظ العقل من الضروري في كل ملة فيه نظر؛ فإِنه لا يحد
عند أهل الكتاب، ولا عندنا على الأصح؛ لاعتقاده إِباحته.
ويتوجه من الضروري حفظ العرض بشرع عقوبة المفتري.
والعبد أهل للشهادة عندنا؛ فما ذكره ممنوع.
وفي الروضة (2): ما لم يشهد الشرع بإِبطاله أو اعتباره: منه:
حاجي، كتسليط الولي على تزويج صغيرة تحصيلاً للكفء، ومنه:
تحسيني، كاعتبار الولي في نكاح، فلا يُحتج بهما؛ لا نعلم فيه
خلافا؛ فإِنه وضع للشرع (3) بالرأي، ومنه: ضروري، وهي الخمسة
السابقة، فليست هذه المصلحة بحجة خلافا لمالك وبعض الشافعية.
وفي الواضح (4): ما يسميه (5) الفقهاء "الذرائع"، وأهل الجدل
"المؤدي إِلى المستحيل عقلاً أو شرعاً"، ومثَّل بمسألة الولي
وغيرها، ثم اعترض على
__________
(1) نهاية 194أمن (ب).
(2) انظر: روضة الناظر/ 169 - 170.
(3) نهاية 387 من (ح).
(4) انظر: الواضح 1/ 138أ.
(5) في (ظ): وفي الواضح تسمية الفقهاء ... إِلخ.
(3/1283)
هذه الدلالة بوجهين.
قال بعضهم (1): والمناسب أخروي -أيضًا- كتزكية النفس، وإِقناعي
ينتفي ظنُّ مناسبته بتأمُّله.
مسألة (2)
إِذا اشتمل الوصف على مصلحة ومفسدة راجحة على المصلحة أو
مساوية فهل تنخرم مناسبته (3) للحكم؟:
نفاه قوم، واختاره في الروضة (4) وأبو محمَّد البغدادي؛ قالا:
لأنها أمر حقيقي، فلا تبطل بمعارض، وجزم به بعض أصحابنا.
وأثبته آخرون، واختاره الآمدي (5) وغيره.
ووجهه (6): حكم العقل بأن (7) لا مناسبة مع مفسدة مساوية،
ولهذا ينسب العقلاء الساعي في تحصيل مثل هذه المصلحة إِلى
السفه.
__________
(1) انظر: نهاية السول 3/ 52.
(2) نهاية 132 ب من (ظ).
(3) في (ظ): مناسبة.
(4) انظر: روضة الناظر/ 311.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 276.
(6) في (ظ): ووجه.
(7) نهاية 194 ب من (ب).
(3/1284)
قال بعضهم (1): لا يعدم نفعه لقلته، لكن
يندفع مقتضاه (2).
قالوا: لو لم يكن لما حَسُن قول العاقل: الداعي إِلى إِثبات
الحكم حاصل لولا المانع.
رد: المراد به المصلحة التي في المناسبة لا مصلحة مستقلة
بتحقيقها (3)، فالمانع أخلّ بمناسبة المصلحة، فليس الانتفاء
محالاً على المفسدة مع المناسبة لفوات شرطها.
قالوا: تصح الصلاة في الدار المغصوبة، فإِن غلب الحرام زادت
مفسدتها، وإلا تساوتا.
رد: لم تنشأ مفسدة الغصب عن الصلاة ومصلحة الصلاة عن الغصب،
ولو نشأتا من الصلاة لم تصح.
وللمعلل ترجيح وصفه بطريق تفصيلي يختلف باختلاف المسائل،
وإجمالي [وهو] (4): لو لم يُقدر رجحان المصلحة ثبت الحكم
تعبدًا (5)، ذكره [بعض] (6) أصحابنا وغيرهم، وسبق (7) في
السبر.
__________
(1) انظر: نهاية السول 3/ 60.
(2) يعني: لكونه مرجوحًا.
(3) يعني: بتحقيق المناسبة.
(4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(5) يعني: وهو خلاف الأصل. انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 279.
(6) ما بين المعقوفتين من (ظ).
(7) في ص 1275.
(3/1285)
وذكر الآمدي (1): أن لقائلٍ أن يعارضه بعدم
الاطلاع على ما به يكون راجحًا مع البحث عنه.
فإِن قيل: بَحْثُنا عن وصف صالح للتعليل لا يتعدى محل الحكم
(2)، فهو أولى.
قيل: إِن خرج (3) ما به الترجيح عن محل الحكم لم يتحقق به
ترجيح فيه (4)، وإلا اتحد محلّهما، فلا ترجيح (5).
وإن سلم اتحاد محل بحث المستدل فقط: فإِنما يترجح بحثه (6)
بتقدير كون ظنه راحجًا؛ لا العكس ولا مساويًا، ووقوع احتمال من
اثنين أقرب.
قال (7) (8) واشتراط (9) الترجيح في تحقيق المناسبة إِنما هو
عند من لا يخصص العلة، وإلا فلا.
..............
__________
(1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 269 - 280.
(2) يعني: فمحله متحد، وبحثكم إِنما هو عما به الترجيح، وهو
غير منحصر في محل الحكم.
(3) نهاية 388 من (ح).
(4) يعني: في محل الحكم.
(5) يعني: بهذه الجهة.
(6) في (ظ): ظنه.
(7) في (ح): قالوا.
(8) نهاية 195 أمن (ب).
(9) في (ح): فاشتراط.
(3/1286)
والمناسب: مؤثر وملائم وغريب ومرسل؛ لأ نه
إِما معتبر، أوْ لا، والمعتبر -بنص، كتعليل الحدث بمس الذكر،
أو إِجماع كتعليل ولاية المال بالصِّغَر- يسمى مؤثرًا؛ لأنه
ظهر تأثيره في الحكم.
والمعتبر بترتيب الحكم على الوصف فقط (1) -إِن ثبت بنص أو
إِجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو بالعكس أو جنسه في جنس
الحكم- يسمى ملائمًا؛ لكونه موافقًا لما اعتبره الشارع، وإلا
سميَّ غريباً.
وغير المعتبر يسمى مرسلاً، فإِن اعتبر الشارع جنسه البعيد في
جنس الحكم سميَّ ملائمًا مرسلاً، وإلا غريبًا مرسلاً، أو
مرسلاً ثبت إِلغاؤه.
فالأول من أقسام الملائم: كالتعليل بالصغر في قياس النكاح على
المال في الولاية، فعين الصغر معتبر في جنس حكم الولاية
إِجماعًا.
والثاني: كالتعليل بعذر (2) الحرج في قياس الحضر بعذر المطر
على السفر في الجمع، فجنس الحرج معتبر في عين رخصة (3) الجمع
(4) إِجماعًا.
والثالث: كالتعليل بجناية القتل العمل العدوان في قياس المثقل
على المحدد في القصاص، فجنس الجناية معتبرة (5) في جنس قصاص
النفس، لاشتماله على قصاص النفس وغيرها كالأطراف.
__________
(1) يعني: من غير نص أو إِجماع.
(2) في (ظ): بعلة.
(3) نهاية 133 أمن (ظ).
(4) نهاية 389 من (ح).
(5) كذا في النسخ. ولعل المناسب: معتبر.
(3/1287)
ومثَّله بعضهم (1) بإِيجاب حد القذف في
الشرب لكونه مظنة للقذف، والمظنة تقوم مقام المظنون.
والرابع: الغريب من المعتبر، كالتعليل بالإِسكار في قياس
النبيذ على الخمر بتقدير عدم نص بعلية الإِسكار (2)، فعين
الإِسكار معتبر في عين التحريم بترتيب الحكم عليه فقط، كاعتبار
جنس المشقة المشتركة بين الحائض والمسافر في جنس التخفيف، وهذا
المثال (3) دون ما قبله (4)؛ لرجحان الظن باعتبار الخصوص؛
لكثرة ما به الاشتراك.
والخامس: الملائم المرسل، كتعليل تحريم قليل الخمر بأنه يدعو
إِلى كثيرها، فجنسه البعيد معتبر في جنس الحكم، كتحريم الخلوة
بتحريم الزنا.
والسادس: الغريب المرسل، كالتعليل بالفعل المحرم لغرض فاسد في
قياس الباتّ في مرضه على القاتل في الحكم بالمعارضة بنقيض
مقصوده، وصار توريث المبتوتة كحرمان القاتل.
والسابع: المرسل الملغى، كإِيجاب صوم شهرين ابتداءً في الظهار
على من يسهل عليه العتق، كما أفتى به بعض العلماء.
__________
(1) كالبيضاوي في منهاجه. انظر: نهاية السول 3/ 55.
(2) نهاية 195 ب من (ب).
(3) وهو مثال: الحائض والمسافر.
(4) وهو مثال: النبيذ والخمر.
(3/1288)
فهذا مردود إِجماعًا، ذكره جماعة، وذكره
الآمدي (1)، وأن الملائم الأول متفق عليه، مختلف فيما عداه،
واختار اعتبار (2) الرابع، وأن ما بعده -وهو المناسب المرسل-
لم يشهد الشرع باعتباره وإلغائه؛ ليس بحجة عند الحنفية
والشافعية وغيرهم، وهو الحق؛ لتردده بين معتبر وملغى، فلا بد
من شاهد قريب بالاعتبار، فإِن قيل: "هو من جنس ما اعتُبر"،
قيل: "ومن جنس ما أُلغي، فيلزم اعتبار وصف واحد وإِلغاؤه
بالنظر إِلى حكم واحد، وهو محال"، وعن مالك: القول به، وأنكره
أصحابه، قال (3) فإِن صح عنه فالأشبه أنه في مصلحة ضرورية كلية
قطعية كمسألة التَّتَرُّس (3/ 1).
ومعنى اختياره في الروضة (4) (5) واختيار (6) أبي محمَّد (7)
البغدادي (8) من أصحابنا: أن غير الملغى حجة، وذكره بعض
أصحابنا (8) عنهما، ويوافقه ما احتج به الأصحاب (9) في الفروع
-كالقاضي وأصحابه-
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 282، 284، 285، 4/ 160 - 161.
(2) في (ب): اختبار.
(3) يعني: الآمدى. (3/ 1) في (ظ): الترس.
(4) انظر: روضة الناظر/ 305.
(5) نهاية 196 أمن (ب).
(6) في (ح): اختيار.
(7) نهاية 390 من (ح).
(8) انظر: المسودة/ 408.
(9) جاء -هنا- في (ب): (لما سبق، ولما يأتي، وسبق كلامه في
الروضة قريبًا قبل اشتمال لوصف على مصلحة ومفسدة). وقد جاء هذا
الكلام في (ح) و (ظ) متأخرا.
(3/1289)
بالقسم الخامس والسادس؛ لما سبق (*)، ولما
يأتي (**).
وسبق (1) كلامه في الروضة قريبا قبل "اشتمال الوصف على مصلحة
ومفسدة".
ومنع في الانتصار -في أن علة الربا الطعم- التعليلَ بالقسم
الرابع كقول الحنفية، ثم قال: الأقوى أن لا تنازع في المناسبة
وما يُظن تعليق (2) الحكم عليه.
وسبق (3) (4) قول ابن حامد في السبر.
وقال بعض أصحابنا (5): لا يشترط في المؤثر كونه مناسبًا، وجعله
في الروضة (6) من قسم المناسب.
قال: ونظيره تعليق الحكم بوصف مشتق: في اشتراط مناسبته وجهان.
وقد سبقا (7).
__________
(*) في السير في ص 1274.
(**) في ص 1292.
(1) في ص 1283.
(2) في (ظ): بتعليق.
(3) في ص 1272 - 1273.
(4) نهاية 133 ب من (ظ).
(5) انظر: المسودة/ 408.
(6) انظر: روضة الناظر/ 303.
(7) في ص 1266.
(3/1290)
قال: وكلام القاضي والعراقيين يقتضي أنه لا
يحتج بالمناسب الغريب، ويحتج بالمؤثر: مناسبا، أوْ لا.
قال: فصار المؤثر المناسب لم يخالف فيه إِلا ابن حامد، والمؤثر
غير المناسب أو المناسب غير المؤثر: فيهما أوجه.
وذكر بعض الأصوليين (1): أن القسم السادس مردود اتفاقًا.
وقَبِل أبو المعالي (2) القسم الخامس، وذكره عن المحققين،
ويذكر عن مالك (3) والشافعي.
ورده بعضهم (3).
وقبله الغزالي (4) بشرط كون المصلحة ضرورية قطعية كلية،
كَتَتَرُّس كفار بمسلمين، مع الجزم لو لم نقتلهم ملكوا جميع
بلاد الإِسلام، وقتلوا جميع المسلمين حتى الترس، فَقَتْل الترس
مصلحة ضرورية قطعية (5) كلية.
قال القرطبي (6) -في تفسير سورة الفتح-: قال علماؤنا: هذه
المصلحة لا ينبغي أن يختلف فيها، ونَفَر منها من لم يُمعن
النظر فيها؛
__________
(1) كابن الحاجب في المنتهى/ 135.
(2) انظر: البرهان / 1114.
(3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 135.
(4) انظر: المستصفى 1/ 294 - 296.
(5) نهاية 391 من (ح).
(6) انظر: تفسير القرطبي 16/ 287 - 288.
(3/1291)
للمفسدة (1).
ويجوز قتل الترس عند إِمامنا أحمد والأكثر؛ للخوف على (2)
المسلمين.
ومذهبه: من مات بموضع لا حاكم فيه فلرجلٍ مسلم بيعُ ما فيه
مصلحة؛ لأنه ضرورة، كولاية تكفينه.
وجه العمل بالمناسبة: ما سبق (3) في السير من ظهور العلة؛ لأنه
لا بد للحكم من علة، ثم: العلة ظاهرة بالمناسبة؛ لأن مناسبة
الوصف للحكم [تفيد] (4) ظن كونه علة.
قالوا: لا يلزم كونه علة.
ثم: لو دلّ كانت أجزاء العلة المناسبة عِللاً.
رد: يلزم كونه علة ظاهراً؛ لما سبق.
والعلة مجموع الأوصاف.
....................
__________
(1) يعني: المترتبة عليها.
(2) نهاية 196 ب من (ب).
(3) في ص 1274.
(4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(3/1292)
المسلك الخامس: إِثبات العلة بالشبه:
وهو عند القاضي (1) وابن عقيل (2) وغيرهما: تردد الفرع بين
أصلين فيه مناط كل منهما، إِلا أنه يشبه أحدهما في أوصاف أكثر،
فإِلحاقه به هو الشبه، كالعبد: هل يَمْلك؟ وهل يضمنه قاتله
بأكثر من دية الحر؟.
وقال الآمدي (3): ليس من الشبه في شيء، فإِن كل مناط مناسب،
وكثرة المشابهة (4) للترجيح (5).
وفسره بعضهم: بـ "ما عُرف مناطه، ويفتقر في بعض الصور إِلى
تحقيقه"، كالمِثْل في جزاء الصيد.
وليس منه؛ لأن الكلام في العلة الشبهية، وهنا في تحقيق الحكم
الواجب، وهو (6) الأشبه؛ لا في تحقيق المناط، وهو (7) متفق
عليه، والشبه مختلف فيه.
__________
(1) انظر: العدة/ 203 ب.
(2) انظر: الواضح 1/ 132 ب- 133أ.
(3) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 295.
(4) في (ح): المشابه.
(5) يعني: كثرة المشابهة ليست إِلا من باب الترجيح لأحد
المناطين على الآخر، وذلك لا يخرجه عن المناسب، وإن كان يفتقر
إِلى نوع ترجيح.
(6) في (ب): هو.
(7) نهاية 392 من (ح).
(3/1293)
وفسره ابن الباقلاني (1): بقياس الدلالة.
وبعضهم: بما يُوهِم (2) المناسبة.
ويتميز الشبه عن الطردي: بأن وجود الطردي كالعدم.
وعن المناسب الذاتي: بأن مناسبته عقلية يُعْلَم قبل الشرع،
كالإِسكار في التحريم.
فالشبه: كقولنا في إِزالة النجاسة (3): طهارة تراد للصلاة،
فَتَعَيَّن لها الماء، كطهارة الحدث، فمناسبة الطهارة -وهو
الجامع- لِتَعَيُّن الماء غير ظاهرة، واعتبارها للصلاة ومس
المصحف يُوهِمها.
قال الآمدي (4): اصطلاحات لفظية، وهذا أقربها، وقاله أكثر
المحققين.
................
ثم: قياس علة الشبه حجة عندنا وعند الشافعية (5)، [حتى] (6)
قال ابن عقيل (7): "لا عبرة بالمخالف"؛ لما سبق (8) في السير.
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 295.
(2) نهاية 134أمن (ظ).
(3) نهاية 197 أمن (ب).
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 296.
(5) انظر: اللمع / 59، والمحصول 2/ 2 / 280، والإِحكام للآمدي
3/ 297.
(6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(7) انظر: الواضح 1/ 133 أ.
(8) في ص 1274.
(3/1294)
وذكر القاضي (1) روايتين.
وفساده: قول الحنفية (2) وأبي إِسحاق (3) المروزي الشافعي (4)
وابن الباقلاني (5)، وذكره في الروضة (6) اختيار القاضي، وأن
للشافعي [قولين] (7).
قال أحمد: (8): إنما يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل
أحواله.
واكتفى بعض الحنفية (9) بضرب من الشبه.
__________
(1) انظر: العدة/ 203.
(2) انظر: تيسير التحرير 4/ 53، وفواتح الرحموت 2/ 301.
(3) انظر: المسودة 375.
(4) هو إِبراهيم بن أحمد، فقيه انتهت إِليه رئاسة الشافعية
بالعراق بعد ابن سريج، ولد بمرو الشاهجان، وأقام ببغداد، وتوفي
بمصر سنة 340 هـ.
من مؤلفاته: شرح مختصر المزني.
انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي/ 112، ووفيات الأعيان 1/ 4،
وطبقات الشافعية للأسنوي 2/ 375، ومرآة الجنان 2/ 331.
(5) انظر: البرهان / 870، والمحصول 2/ 2/ 280.
(6) انظر: روضة الناظر / 314.
(7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(8) انظر: العدة/ 203 ب.
(9) انظر: العدة/ 209 أ، واللمع/ 62، والتبصرة/ 458.
(3/1295)
وذكر الآمدي (1) عن بعض أصحابهم: صحة الشبه
إِن اعتبر عينه في عين الحكم فقط؛ لعدم الظن (2)، ولأنه دون
المناسب المرسل.
وأجاب: بالمنع؛ لاعتبار الشارع له في بعض الأحكام.
ويلزم من كونه حجة -على تفسير القاضي- التسوية بين شيئين، مع
العلم بافتراقهما (3) في صفة أو صفات مؤثرة، لكن لضرورة
إِلحاقه بأحدهما، كفعل القافة بالولد، قاله بعض أصحابنا (4)،
وقال: القائلون بالأشبه -كالقاضي- سلموا أن العلة لم توجد في
الفرع، وأنه حكم بغير قياس، بل بأنه أشبه بهذا من غيره،
ويقولون: "لا يعطى حكمهما (5) "، ذكره الشافعية وأصحابنا، وكذا
من قال: "ليس بحجة"، وعند الحنفية: يعطى حكمهما (5)، وقاله
المالكية، وهو طريقة الشبهيين (5/ 1).
وقال (6) بعض أصحابنا (7): هو كثير في مذهب مالك وأحمد، كتعلق
الزكاة بالعين (8) أو بالذمة، والوقف: هل هو ملك لله أو
للموقوف عليه؟،
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 297
(2) يعني: إِذا اعتبر جنسه في جنسه.
(3) نهاية 393 من (ح).
(4) انظر: المسودة/ 375 - 376.
(5) في (ح): حكمها. (5/ 1) في المسودة: الشبهين.
(6) نهاية 197 ب من (ب).
(7) انظر: المسودة/ 375 - 376.
(8) في (ظ): بالمعين.
(3/1296)
وملك العبد، وسلك القاضي وغيره هذا في
تعليل إِحدى الروايتين فيما إِذا أقر اثنان بنسب أو دين: لا
يعتبر لفظ الشهادة والعدالة؛ لأنه يشبه الشهادة، لأنه إِثبات
حق على (1) غيره، والإِقرار (2) لثبوت المشاركة [له] (3) فيما
بيده من المال، فأعطيناه حكم الأصلين، فاشترطنا العدد
كالشهادة؛ لا غير (4) كالإِقرار، وكذا قاله الحنفية، وقاله
المالكية في شبه مع فراش.
وقاله بعض أصحابنا (5)، وأنه يعمل بهما إِن أمكن، وإِلا
بالأشبه.
* * *
المسلك السادس: الطرد والعكس، وهو الدوران:
وهو: ترتب الحكم على الوصف وجودًا وعدما.
يفيد العلية (6) عند أكثر أصحابنا والمالكية (7) والشافعية (8)
والجرجاني (9) والسرخسي (10). (11)
__________
(1) في (ب): لا غيره.
(2) يعني: ويشبه الإقرار.
(3) ما بين المعقوفتين من (ح).
(4) يعني: ولم نشترط فيه غير العدد.
(5) انظر: المسودة/ 376.
(6) في حاشية (ب): أي: ظنا.
(7) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 396، ومفتاح الوصول/ 107.
(8) انظر: اللمع/ 65، والمحصول 2/ 2/ 285.
(9) انظر: العدة/ 222 ب، والمسودة/ 427.
(10) هو: أبو سفيان. انظر: العدة/ 222 ب، والمسودة/ 427.
(11) نهاية 394 من (ح).
(3/1297)
وذكر القاضي وجهاً (1): لا يفيدها -وأن
أحمد أومأ إِليه: "إِنما يقاس على الشيء إِذا كان مثله في كل
أحواله، وأقبل به وأدبر"- وقاله أكثر الحنفية -كالكرخي وأبي
زيد (2) - واختاره الآمدي (3)، وذكره قول المحققين من أصحابهم
وغيرهم.
وقيل: يفيدها قطعاً.
وجه الأول: لو دُعي رجل باسم فغضب، وبغيره لم يغضب، وتكرر -ولا
مانع- دل أنه سبب الغضب.
رد: بالمنع، بل بطريق السير؛ لجواز ملازمة الوصف للعلة كرائحة
الخمر مع الشدة المطربة، ولهذا: الدوران في المتضايفين، ولا
علة.
أجيب: الجواز لا يمنع الظهور، والقطع بأن (4) الرائحة ليست
علة، وكذا الدوران في المتضايفين كالأبوة والبنوة، ولأن كلاً
منهما مع الآخر.
وأجاب أبو محمَّد البغدادي عن الأول: بأن العلة الأمارة
المعرفة للحكم، فالمُدار معه علة، لكن التعليل بالشدة المطربة،
فقدم على الطرد المحض.
وقاس أصحابنا على العلة العقلية.
__________
(1) نهاية 134 ب من (ظ).
(2) انظر: تقويم الأدلة/ 133أ.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 399.
(4) نهاية 198أمن (ب).
(3/1298)
قال الغزالي (1): الطرد سلامته من النقض،
وسلامته من مفسد لا يوجب نفي كل مفسد، ولو سلّم فالصحة
بمصحِّح، ولا أثر للعكس؛ لأنه غير شرط فيها.
رد: للاجتماع (2) تأثير، كأجزاء العلة.
قال في التمهيد (3) والروضة (4): ويشبه ذلك شهادة الأصول نحو:
الخيل لا زكاة في ذكورها منفردة، فكذا إِناثها، كبقية الحيوان.
وصححه القاضي (5)، وللشافعية وجهان.
.................
وديس الطرد وحده دليلاً في مذهب الأربعة والمتكلمين، خلافاً
لبعض الحنفية (6) والشافعية (7)، منهم: الصيرفي (8).
__________
(1) انظر: المستصفى 2/ 306، 307، 308.
(2) يعني: اجتماع الطرد والعكس، وإن كان كل واحد لا يؤثر
منفردًا.
(3) انظر: التمهيد/ 161 ب.
(4) انظر: روضة الناظر/ 309.
(5) انظر: العدة/ 223 أ.
(6) انظر: كشف الأسرار 3/ 365، والبرهان/ 789، والمسودة/ 427.
(7) انظر: التبصرة/ 460، والمحصول 2/ 2 / 305.
(8) انظر: اللمع/ 66، والتبصرة/ 460.
(3/1299)
وجوزه الكرخي (1) جدلاً؛ لا عملاً أو فتوى
(2).
وقيل (3): يكفي مقارنته في صورة.
......................
قال بعض أصحابنا (4) وغيرهم: تنقسم العلة العقلية والشرعية
إِلى ما تؤثر في معلولها كوجود علة الأصل في الفرع [مؤثر في
نقل حكمه] (5)، وإلى ما يؤثر فيها معلولها كالدوران (6).
* * *
سبق تنقيح المناط في الإِيماء (7)، وتخريج المناط في المناسبة
(8)، وهو القياس الآتي (9) المختلف فيه.
وأما تحقيق المناط: فإِن علمت العلة بنص كجهة القبلة -مناط
وجوب
__________
(1) انظر: البرهان/ 789، والمسودة/ 427 - 428.
(2) نهاية 395 من (ح).
(3) انظر: المحصول 2/ 2/ 305.
(4) انظر: المسودة/ 389.
(5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(6) فذلك مؤثر في كونه علة حكم الأصل.
(7) في ص 1260.
(8) في ص 1279.
(9) في 1302، 1310.
(3/1300)
استقبالها (1) - ومعرفتها عند الاشتباه
مظنون، أو (2) إِجماع كالعدالة -مناط قبول الشهادة- ومظنونة في
الشخص المعين، وكالمِثْل في جزاء الصيد (3): فقال في الروضة
(4) والآمدي (5): لا نعرف خلافاً في صحة الاحتجاج به.
وذكر أبو المعالي (6): "أن النهرواني والقاشاني لم يقبلا من
النظر في مسالك الظن إِلا ترتيب الحكم على اسم مشتق -كآية
السرقة (7)، وقول الراوي: زنى ماعز فرجم- وما يعلم أنه في معنى
المنصوص بلا نظر كالبول في إِناء ثم صبه في الماء، ووافقهما
أبو هاشم (8)، وزاد قسما ثالثًا، وَمَثَّله بطلب القبلة عند
الاشتباه والمِثْل في الصيد"، ثم رد عليهم في الحصر، وقال (9):
إِنه لم ينكر إِلحاق معنى المنصوص إِلا حشوية لا يبالَى بهم
-داود وأصحابه- وأن ابن الباقلاني قال: لا يخرقون الإِجماع.
* * *
__________
(1) في سورة البقرة: آية 144.
(2) نهاية 198 ب من (ب).
(3) في سورة المائدة: آية 95.
(4) انظر: روضة الناظر/ 277.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 302.
(6) انظر: البرهان/ 774 - 775.
(7) سورة المائدة: آية 38.
(8) نهاية 135 أمن (ظ).
(9) انظر: البرهان/ 784.
(3/1301)
القياس: إِن قُطِع بنفي الفارق فيه -كما
سبق (1)، وكالأمة على العبد في سراية [العتق] (2) - فهو جلي،
وإلا فخفي كالمثقل على المحدد في القود.
وينقسم القياس -أيضًا- إِلى: قياس علة: بأن صرح فيه بالعلة،
وقياس دلالة: بأن جُمع فيه بما يلازم العلة كالرائحة الملازمة
للشدة، أو جُمع بأحد موجَبي العلة في الأصل لملازمة الآخر
ليستدل به عليه، كقياس قطع جماعة بواحد على قتلها بواحد،
بواسطة الاشتراك في وجوب الدية عليهم بتقدير إِيجابها، وثبوت
حكم الفرع بعلة الأصل أولى؛ لتعدِّيها (3) واطرادها وانعكاسها.
وإلى قياس في معنى الأصل: بأن جُمِع بنفي الفارق، كالأمة في
(4) العتق.
مسألة
يجوز التعبد بالقياس في الشرعيات عقلاً عند الأئمة الأربعة
وعامة الفقهاء والمتكلمين، خلافا للشيعة (5) وجماعة من معتزلة
بغداد، كالنظام (6)
__________
(1) انظر: ص 1260، 1270، 1301.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(3) نهاية 396 من (ح).
(4) نهاية 199 أمن (ب).
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 5.
(6) انظر: المعتمد/ 746.
(3/1302)
والجعفرين (1) (2) ويحيى الإِسكافي (3).
فقيل (4): لعدم معرفة الحكم منه (5)؛ لبنائه على المصلحة التي
لا تعرف به (6).
__________
(1) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 5.
(2) الجعفران هما:
1 - أبو محمَّد جعفر بن مبشر الثقفي، من الطبقة السابعة من
طبقات المعتزلة؛ له آراء انفرد بها وتصانيف، ولد ببغداد، وبها
توفي سنة 234 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 7/ 162.
2 - أبو الفضل جعفر بن حرب الهمداني من الطبقة السابعة من
طبقات المعتزلة، من أهل بغداد، ولد سنة 177 هـ، وتوفي سنة 236
هـ.
انظر: تاريخ بغداد 7/ 162، ومروج الذهب 2/ 298.
واليهما تنسب (الجعفرية) من فرق المعتزلة. فانظر: الفرق بين
الفرق/ 167، وفرق وطبقات المعتزلة/ 78، 81، وميزان الاعتدال 1/
405، 414.
(3) كذا في الإِحكام للآمدى 4/ 5. وفي العدة/ 195: محمَّد بن
عبد الله الإِسكافي. أقول: ولعله الصواب؛ فهو الذي وجدته من
معتزلة بغداد بهذه النسبة، وهو: أبو جعفر محمَّد بن عبد الله
الإِسكافي -نسبة إِلى إسكاف: ناحية ببغداد- معتزلي من رجال
الطبقة السابعة من طبقاتهم، كان عالمًا فاضلاً، تتلمذ على جعفر
بن حرب، وصنف في الكلام، وإليه تنسب (الإِسكافية) فرقة من
المعتزلة، توفي سنة 240 هـ. انظر: المنية والأمل/ 83، والفرق
بين الفرق/ 102، والأنساب 1/ 334 - 335، ولسان الميزان 5/ 221.
(4) انظر: المسودة/ 368، 369.
(5) يعني: من القياس.
(6) يعني: بالقياس.
(3/1303)
وقيل: لوجوب الحكم المتضاد.
وقيل: لأنه أَدْون البيانين مع القدرة على أعلاهما (1).
وأوجبه أبو الخطاب (2) والقفال (3) وأبو الحسين (4) البصري،
وقاله القاضي أيضًا.
لنا: لا يمتنع عقلاً نحو قول الشارع: "حرمت الخمر لإِسكاره،
فقيسوا عليه معناه"، قال ابن عقيل (5) والآمدي (6): لا خلاف
بين العقلاء في حسن ذلك.
ولأنه وقع شرعًا كما يأتي (7).
قالوا: العقل يمنع من وقوع ما فيه خطأ؛ لأنه محذور (8).
ردَّ: منع احتياط لا إِحالة.
ثم: لا منع مع ظن الصواب، بدليل العموم وخبر الواحد والشهادة.
قالوا: أمر الشارع بمخالفة الظن، كالحكم بشاهد واحد، وشهادة
النساء
__________
(1) انظر: التمهيد/ 146أ.
(2) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 5.
(3) انظر: المعتمد/ 707 - 708، 725.
(4) انظر: العدة/ 196 ب-197أ.
(5) انظر: الواضح 1/ 149أ.
(6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 6.
(7) في ص 1312 وما بعدها.
(8) في (ب): محذوف.
(3/1304)
في الزنا، ونكاح أجنبية من عشرٍ فيهن رضيعة
مشتبهة.
رد: لمانع شرعي لا عقلي؛ لما سبق (1).
واحتج النظام (2): بأن الشرع فرق بين المتماثلات -كإِيجاب غسل
بمني لا ببول، وغسل بول صبية ونضح بول صبي، والجلد بنسبةِ زنا
لا كفر، وقطع سارقِ قليل لا غاصبِ كثير، والقتل بشاهدين لا
الزنا، وعدَّتَيْ موت وطلاق- وجَمَع بين المختلفات، كردة وزنا
في إِيجاب قتل، وقتلِ (3) صيدٍ عمدًا وخطاً في ضمانه، وقاتل
وواطىء -في صوم رمضان- (4) ومظاهرٍ في كفارة.
رد: فرق لعدم صلاحية ما وقع جامعًا، أو لعارض له في أصل أو
فرع.
وجمع لاشتراك المختلفات في معنى جامع أو اختصاص كل منها بعلة
مثلِ حكمِ خلافِه (5).
وألزمه في التمهيد (6) وغيره بالقياس العقلي، كقطع العرق
والرفق
__________
(1) من العمل بخبر الواحد والشهادة.
(2) انظر: المعتمد/ 746، والإِحكام للآمدي 4/ 7.
(3) نهاية 199 ب من (ب).
(4) نهاية 135 ب من (ظ).
(5) يعني: فإِن العلل المختلفة لا يمتنع أن توجب في المحال
المختلفة حكماً واحداً.
(6) انظر: التمهيد/ 151 ب.
(3/1305)
بالصبي، (1) كل منهما يكون حسنًا وقبيحًا،
وهما متفقان، والرفق به وضربه، حسنان (2)، وهما مختلفان معنى.
قالوا: القياس فيه اختلاف؛ لتعدد الأمارة والمجتهد، فَيُرَدّ؛
لقوله: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرًا)
(3).
رد: بنقضه بالظاهر.
وبأن مراد الآية (4): "تناقضه (5) أو ما يخل ببلاغته"؛
للاختلاف (6) في الأحكام قطعاً.
قالوا: إِذا اختلف قياس مجتهدين: فإِن كان كل مجتهد مصيباً لزم
كون الشيء ونقيضه حقاً، وإلا فتصويب أحد الظنين -مع استوائهما-
ترجيح بلا مرجح.
رد: بالظاهر، وحكم الله يختلف لتعدد المجتهد والمقلِّد والزمن،
فلا اتحاد، فلا تناقض.
وبأن أحد المجتهدين لا بعينه مصيب، فلا يلزم ترجيح بلا مرجح.
__________
(1) نهاية 397 من (ح).
(2) يعني: يكونان حسنين.
(3) سورة النساء: آية 82.
(4) يعني: مرادها بالاختلاف.
(5) غيرت في (ب) إِلى: يناقضه.
(6) يعني: لأنه حصل الاختلاف.
(3/1306)
قالوا: مقتضى القياس إِن وافق البراءة
الأصلية فمستغنَى عنه، وإلا لم يُرفع اليقين بالظن.
رد: بالظاهر.
قالوا: حكم الله يستلزم خبر الله عنه؛ لأنه مفسَّر بخطابه (1)،
ويستحيل خبره بلا توقيف.
رد: القياس توقيف؛ لثبوته بنص أو إِجماع.
قالوا: إِن تعارض علتان فالعمل بأحدهما (2) (3) ترجيح بلا
مرجح، وبهما تناقض.
رد: بالظاهر.
ثم: لا تناقض إِن تعدد المجتهد، وإلا (4) رجّح، فإِن تعذر وقف.
وذكر الآمدي (5): أنه عرف من مذهب الشافعي وأحمد: يعمل بما
شاء.
وكذا خيره ابن عقيل (6) كالكفارة، قال: وهذا لا يجيء
__________
(1) يعني: لأن الحكم مفسر بخطاب الله.
(2) كذا في النسخ. ولعلها: بإحداهما.
(3) نهاية 200 أمن (ب).
(4) يعني: وإن كان واحدا.
(5) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 21.
(6) انظر: المسودة/ 447.
(3/1307)
على (1) تصويب كل مجتهد، ونحن وكل من لم
يصوبه على أنه لا بد من ترجيح (2)، فعدمه لتقصيره.
قالوا: كالأصول.
رد: لا جامع.
ثم: فيها أدلة تقتضي العلم (3)، ذكره في التمهيد (4) وغيره.
وفي الواضح: ليس في أصلٍ صفة جعلت أمارة لإِثبات أصل آخر، ولو
كان قلنا به، فمنعنا لعدم الطريق كما لو عُدمت في الفروع؛ لا
لكونه أصلاً.
وقال بعض أصحابنا (5): في كل منهما قياس بحسب مطلوبه، قطعًا في
الأول (6)، وظنًا في الثاني.
__________
(1) نقل في المسودة عنه: من قال بالتساوي فحكمه التخيير، وإنما
يجيء على قول من يقول: كل مجتهد مصيب. أ. هـ. أقول: فلعل صواب
العبارة هنا: وهذا لا يجيء إِلا على تصويب كل مجتهد.
(2) يعني: فلا يمكن التساوى.
(3) فلا يكلف فيها بالظن.
(4) انظر: التمهيد/ 146 ب.
(5) انظر: البلبل/ 150.
(6) نهاية 398 من (ح).
(3/1308)
ثم: هذا قياس منكم، فإِن صح صح قولنا.
وقيل: يجرى في العقليات (1) عند أكثر المتكلمين.
قالوا: بيان (2) بالأدنى.
رد: بالظاهر، ثم: قد يكون مصلحة.
قالوا: مبني على المصالح، ولا يعلمها إِلا الله.
رد: تعرف به.
القائل "يجب": النص مُتَنَاهٍ، والأحكام لا تتناهى، فيجب؛ لئلا
يخلو بعضها عن حكم، وهو (3) خلاف القصد من بعثة الرسل.
رد: إِنما كلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يمكنه تبليغه
خطابا.
وأيضًا: العموم يستوعبها، نحو: (كل مسكر حرام) (4).
أجاب في الروضة (5): إِن تصور فليس بواقع. كذا قال، وذكر بعض
أصحابنا اختلاف الناس فيه، فقيل: لا يمكن، وقيل: بلى، فقيل:
وقع -قال: وهو الصواب- وقيل: لا، فقيل: النص بقي بالقليل،
وقيل: بالكثير أو الأكثر.
__________
(1) نهاية 136أمن (ظ).
(2) في (ظ): إِثبات.
(3) في (ح): وهذا.
(4) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 30، ومسلم في صحيحه/ 1586 من
حديث أبي موسى مرفوعًا.
(5) انظر: روضة الناظر/ 280.
(3/1309)
مسألة
(1)
القائل بـ "جوازه عقلاً" قال: وقع شرعا، إِلا داود (2) وابنه
والقاشاني (3) والنهرواني، فإِن عندهم منع الشرع منه، وقيل: بل
لا دليل فيه بجوازه.
وأكثر أصحابنا وغيرهم: وقع التعبد سمعا، وقيل: وعقلاً.
وفي كلام القاضي وأبي الخطاب وابن عقيل: أنه قطعي.
وفي كلامهم -أيضاً-: ظني.
وذكر الآمدي (3) القطع عن الجميع، وعند أبي الحسين: ظني، قال:
وهو المختار.
وذكر ابن حامد (4) عن بعض أصحابنا: ليس بحجة؛ لقول (5) أحمد في
رواية الميموني (6): "يجتنب المتكلم هذين الأصلين: المجمل،
والقياس".
وحمله القاضي (7) وابن عقيل (8) على قياس عارض سنة.
__________
(1) نهاية 200 ب من (ب).
(2) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 1208، والإِحكام للآمدي 4/ 24.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 24.
(4) انظر: المسودة/ 372 - 373.
(5) في (ب) و (ظ): كقول.
(6) هو: أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران الرقي،
فقيه، من أصحاب أحمد الذين لازموه ونقلوا عنه، توفي سنة 274
هـ.
انظر: طبقات الحنابلة 1/ 212، وشذرات الذهب 2/ 165.
(7) انظر: العدة/ 195 أ.
(8) انظر: المسودة/ 367.
(3/1310)
قال أبو الخطاب (1): والظاهر خلافه.
واحتج القاضي (2) وغيره بقول أحمد: "لا يستغني أحد عن القياس"،
وقوله: "ما تصنع به، وفي الأثر ما يغنيك [عنه] (3)؟ "، وقوله
في رواية الميموني: "سألت الشافعي عنه، فقال: ضرورة"، وأعجبه
ذلك.
لنا: (فاعتبروا) (4)، وهو اختبار شيء بغيره، وانتقال من شيء
إِلى غيره، والنظر في شيء ليعرف به آخر من جنسه.
فإِن قيل: هو الاتعاظ؛ لسياق (5) الآية.
رد: مطلق.
فإِن قيل الدال على الكلي لا يدل على الجزئي.
رد: بلى.
ثم: مراد الشارع القياس [الشرعي] (6)؛ لأن خطابه غالبًا بالأمر
الشرعي.
وفي كلام أصحابنا وغيرهم: عام؛ لجواز الاستثناء.
__________
(1) انظر: التمهيد / 146أ.
(2) انظر: العدة/ 195 أ-ب، والمسودة/ 367، 368.
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(4) سورة الحشر: آية 2.
(5) نهاية 399 من (ح).
(6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(3/1311)
ثم: متحقق فيه؛ لأن المتعظ بغيره منتقل من
العلم بغيره إِلى نفسه (1)، فالمراد قدر مشترك.
ومنعه الآمدي (2) بمعنى الاتعاظ؛ لقولهم: "اعتبر فلان، فاتعظ"،
لشيء لا يترتب على (3) نفسه.
وجوابه: منع صحته.
فإِن قيل: لو كان بمعنى القياس لما حسن ترتيبه (4) في الآية
(5).
رد: بالمنع (6) مع تحقق الانتقال في الاتعاظ (7).
وسبق (8) في الأمر ظهور صيغة "افعلْ" في الطلب.
وأيضًا: سبق (9) خبر الخثعمية (10) وغيره في مسالك العلة.
__________
(1) نهاية 136 ب من (ظ).
(2) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 30.
(3) نهاية 201أمن (ب).
(4) يعني: على قوله تعالى: (يخربون بيوتهم).
(5) يعني: وإنما يحسن عند إِرادة الاتعاظ.
(6) يعني: لا نسلم امتناع ترتيب القياس.
(7) على ما قدمنا.
(8) في ص 660 وما بعدها.
(9) في ص 1261.
(10) كذا في النسخ. ولعله يريد: الجهنية.
(3/1312)
وسبق (1) خبر معاذ في الإِجماع.
وروى سعيد بإِسناد (2) جيد معنى حديث معاذ عن ابن مسعود قوله
(3)، وعن الشعبي (4) عن عمر قوله (5) -وولد لست سنين خلت من
خلافته (6)، قال أحمد بن عبد الله العِجْلي (7): مرسله
__________
(1) في ص 393.
(2) في (ظ): بإسناده.
(3) وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 54، والخطيب في الفقيه والمتفقه
1/ 200 - 201، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 70 -
71، والحاكم في مستدركه 4/ 94 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه.
ووافقه الذهبي. وأورده ابن حزم في الإحكام/ 1004 من طريق سعيد.
(4) هو: أبو عمرو عامر بن شراحيل، تابعي كوفي، ثقة فقيه، توفي
بالكوفة سنة 103 هـ. انظر: حلية الأولياء 4/ 310، وتاريخ بغداد
12/ 229، والمعارف/ 449، ووفيات الأعيان 2/ 227، وتذكرة
الحفاظ/ 79.
(5) وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 199 - 200، وابن عبد
البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 70، وأورده ابن حزم في
الإِحكام/ 1005 من طريق سعيد.
(6) انظر: تهذيب التهذيب 5/ 68.
(7) هو: أبو الحسن الكوفي نزيل طرابلس الغرب، ولد سنة 182 هـ،
وسمع من والده وحسين بن علي الجعفي ويعلي بن عبيد وطبقتهم،
وحدث عنه ولده صالح بمصنفه في "الجرح والتعديل" وحدث عنه سعيد
بن عثمان وسعيد بن إِسحاق ومسند الأندلس محمَّد الغافقي، توفي
بطرابلس سنة 261 هـ.
انظر: العبر 2/ 21، وتذكرة الحفاظ/ 560، وطبقات الحفاظ/ 242.
(3/1313)
صحيح (1) - وبإِسناد جيد معناه عن ابن عباس
فعله (2).
وللنسائي قول ابن مسعود (3)، وله عن (4) شريح (5) (6) عن عمر
-بعد: "ما قضى به الصالحون"-: "فإِن شئت تَقَدَّم، والتأخير
خير لك (7) ".
__________
(1) في تهذيب التهذيب 5/ 67: قال العجلي: ولا يكاد الشعبي يرسل
إِلا صحيحاً.
(2) وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 55، والخطيب في الفقه والمتفقه
1/ 202 - 203، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 71 -
72، والبيهقي في سننه 10/ 115. وأورده ابن حزم في الإِحكام/
1005 من طريق سعيد ومن طريق آخر.
(3) انظر: سنن النسائي 8/ 230. وأخرجه البيهقي في سننه 10/
115، والخطيب في الفقيه والمتفقه، وابن عبد البر في جامع بيان
العلم وفضله، فانظر: هامش 3، ص 1313.
(4) في (ب): من.
(5) في (ظ): عن ابن شريح.
(6) هو: أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس الكندي الكوفي، أدرك
النبي ولم يلقه على المشهور، روى عن عمر وعلي وابن مسعود
وغيرهم، ولاه عمر قضاء الكوفة، وتوفي سنة 78هـ.
انظر: صفة الصفوة 3/ 38، ووفيات الأعيان 2/ 167، وتهذيب
الأسماء واللغات 1/ 1/ 243، وشذرات الذهب 1/ 85.
(7) انظر: سنن النسائي 8/ 231. وأخرج الخطيب نحوه في الفقه
والمتفقه 1/ 199 - 200، وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان
العلم وفضله 2/ 70 - 71، والدارمي في سننه 1/ 55، والبيهقي في
سنة 10/ 115، وابن حزم في الإِحكام/ 1006، 1300. وراجع موقف
ابن حزم من هذه الآثار في: الإِحكام/ 1016 - 1017.
(3/1314)
وعن أم سلمة مرفوعاً: (إِنما أقضي بينكم
برأيي فيما لم ينزل عليَّ فيه). حديث حسن، فيه أسامة بن زيد
الليثي، مختلف فيه، رواه أبو عبيد (1) وأبو داود (2)، وكذا
المعمري (3) والطبراني والبيهقي (4) وغيرهم، وزادوا في آخره:
(الوحي).
واحتج القاضي (5) وأبو الخطاب (6) وغيرهما: بقوله - عليه
السلام - (إِذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله
أجر) (7). رواه مسلم.
__________
(1) في كتاب: أدب القضاء. انظر: العدة/ 198 ب.
(2) انظر: سنن أبي داود 4/ 15. وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/
915 - 116 وقال: حديث ساقط مكذوب؛ لأن أسامة بن زيد هذا ضعيف
لا يحتج بحديثه.
(3) هو: أبو علي الحسن بن علي بن شبيب البغدادي، حافظ صدوق،
كان إِماما في جمع الحديث وتصنيفه، توفي سنة 295 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 7/ 369، والعبر 2/ 101، وتذكرة الحفاظ/ 667،
وطبقات الحفاظ/ 290.
(4) أخرجه البيهقي في سننه 10/ 260 بلفظ: (إِنما أنا بشر أقضي
فيما لم ينزل عليّ فيه شيء برأيي).
وأخرجه الدارقطني في سننه 4/ 239 بلفظ: (إِني إِنما أقضي
بينكما برأيي فيما لم ينزل علي).
(5) انظر: العدة / 198أ- ب.
(6) انظر: التمهيد/ 148 ب.
(7) هذا الحديث رواه عمرو بن العاص مرفوعًا، أخرجه البخاري في
صحيحه 9/ 108، ومسلم في صحيحه/ 1342.
(3/1315)
فقيل لهم: يحتمل أن اجتهاده في تأويل أو
بناء لفظ على لفظ.
فقالوا: عام.
وفي الروضة (1): يتجه عليه أنه (2) يجتهد في تحقيق المناط لا
تخريجه.
واحتج أصحابنا وغيرهم: بإِجماع الصحابة، قال بعض أصحابنا
والآمدي (3) وغيرهم: هو أقوى (4) الحجج:
فمنه: اختلافهم الكثير الشائع المتباين في ميراث الجد مع
الإِخوة، وفي الأكدرية (5)
__________
(1) انظر: روضة الناظر/ 286.
(2) في (ح): أن.
(3) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 40.
(4) نهاية 400 من (ح).
(5) الأكدرية: (زوج، وأم، وأخت، وجد)، سميت بذلك لتكديرها
لأصول زيد بن ثابت في الجد، فإنه أعالها، ولا عول عنده في
مسائل الجد، وفرض للأخت معه، ولا يفرض لأخت مع جد، وجمع سهامه
وسهامها فقسمها بينهما، ولا نظير لذلك، وقيل: سميت بذلك لأن
عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلاً اسمه الأكدر، فأفتى فيها
على مذهب زيد وأخطأ فيها، فنسبت إِليه.
وقد اختلف العلماء في قسمتها، فراجع: من سعيد بن منصور 3/ 1/
26 - 27، وسنن الدارمي 2/ 258، ومصنف عبد الرزاق 10/ 270، 271،
وسنن البيهقي 6/ 251، والمحلى 10/ 377 - 378، والمغني 6/ 313،
وكنز العمال 11/ 69.
(3/1316)
والخرقاء (1)، ولا نص عندهم (2)، ولهذا: في
الصحيحين (3) أن عمر قال في الخطبة على المنبر: "ثلاث وددت أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عهد إِلينا فيهن عهدًا ننتهي
إِليه: الجد، والكلالة (4)، وأبواب من أبواب الربا".
وصح عن ابن عمر (5): "أجرؤكم على الجد أجرؤكم على جهنم"، وصح
عن ابن المسيب عن عمر وعلي (6)، ورواه سعيد في سننه بإِسناد
جيد
__________
(1) الخرقاء: (أم، وأخت، وجد)، سميت بذلك لكثرة اختلاف الصحابة
فيها، فكأن الأقوال خرقتها. فراجع: سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 27
- 28، ومصنف عبد الرزاق 10/ 269، 271، وسنن البيهقي 6/ 252،
والمحلى 10/ 376 - 377، والمغني 6/ 315، وكنز العمال 11/ 61،
68.
(2) نهاية 201 ب من (ب).
(3) انظر: صحيح البخاري 7/ 106، وصحيح مسلم/ 2322.
(4) في النهاية في غريب الحديث 4/ 197: الكلالة: الوارثون
الذين ليس فيهم ولد ولا والد.
(5) أخرج عبد الرزاق في مصنفه 10/ 262 عن معمر عن أيوب عن نافع
قال: قال ابن عمر: أجرؤكم على جراثيم جهنم أجرؤكم على الجد.
وانظر: المحلى 10/ 365.
(6) أخرج سعيد في سننه 3/ 1/ 24، وعبد الرزاق في مصنفه 10/
263، والدارمي في سننه 2/ 254، والبيهقي في سننه 6/ 245 عن
سعيد بن جبير عن رجل من مراد قال: سمعت عليا يقول: من سره أن
يتقحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والإخوة. وانظر: المحلى 10/
365، فقد أورد ابن حزم من طريق حماد بن زيد ثنا أيوب السختياني
عن حميد بن هلال قال: سألت سعيد بن المسيب عن فريضة فيها جد
فقال: ما تصنع=
(3/1317)
عن ابن المسيب مرفوعًا (1)، وضعفه ابن حزم
(2). (3)
وضرب زيد لعمر مثلاً (4) بشجرة انشعب من أصلها غصن، ثم انشعب
من الغصن خُوْطان (5)، فالغصن (6) يجمع الخُوْطين دون الأصل،
واحد الخوطين أقرب إِلى أخيه منه إِلى الأصل.
وضرب علي وابن عباس لعمر مثلاً، معناه: أن سيلا سال، فخلج منه
خليج، ثم خَلَج من ذلك الخليج شِعْبان (7). وفيه عبد الرحمن
ابن أبي
__________
=إِلى هذا -أو تريد إِلى هذا- إِن عمر بن الخطاب قال: أجرؤكم
على الجد أجرؤكم على النار.
(1) انظر: سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 24. وأورده ابن حزم في
المحلى 10/ 380 من طريق سعيد.
(2) انظر: المحلى 10/ 380 - 381.
(3) نهاية 137أمن (ظ).
(4) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/ 265، والبيهقي في سننه 6/
247 - 248 من طرق في أحدها عبد الرحمن بن أبي الزناد. وأخرجه
الدارقطني في سننه 4/ 93 - 94 بسند ليس فيه ابن أبي الزناد.
(5) الخوط: الغصن الناعم. انظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 229،
ولسان العرب 9/ 168.
(6) في (ب): والغصن.
(7) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/ 265، والبيهقي في سننه 6/
247 - 248، بسند ليس فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وأورده ابن
حزم في الإِحكام/ 1317 - 1318. وأورده -أيضًا- في الإِحكام/
1318 - 1329، والمحلى 10/ 382 من طريق فيها عبد الرحمن بن أبي
الزناد. وأخرجه -مختصرًا- الحاكم في مستدركه 4/ 339=
(3/1318)
الزناد، مختلف فيه، وضعفه ابن حزم (1).
وصح عن عمر قوله لعثمان: "رأيت في الجد رأيا، فإِن رأيتم (2)
فاتبعوه"، فقلت: "إِن نتبع رأيك فهو رشد، وإن نتبع رأى الشيخ
قبلك فنعم ذو الرأي كان". (3)
وسئل عبيدة (4) عن مسألة فيها جد، فقال: "حفظت عن عمر فيه مائة
قضية مختلفة" (5).
__________
=بسند فيه ابن أبي الزناد، وقال: هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(1) قال في الإِحكام -بعد أن أورده بالإِسنادين-: كلا
الإِسنادين ضعيف؛ في الأول -وهو من رواية الشعبي عن عمر- عيسى
بن أبي عيسى الخياط، وهو ضعيف، ومع ذلك منقطع؛ لأن الشعبي لم
يدرك عمر. والثاني: فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو ضعيف
ألبتة. وانظر: المحلى 10/ 383 - 384، وملخص إِبطال القياس/ 7.
(2) في (ح): رأيتموه.
(3) أخرجه الدارمي في سننه 2/ 256، وعبد الرزاق في مصنفه 10/
263 - 264، والبيهقي في سننه 6/ 246، وابن أبي خيثمة في تاريخه
الكبير (انظر: المعتبر/ 84 ب- 85أ)، وأورده ابن حزم في المحلى
10/ 367.
(4) هو: أبو عمرو عبيدة بن قيس بن عمرو السلماني المرادي
الهمداني، تابعي كبير، أسلم قبل وفاة النبي ولم يره، وسمع عمر
وعليا وابن مسعود وابن الزبير، توفي سنة 72 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 11/ 117، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 317،
وتذكرة الحفاظ/ 50، وشذرات الذهب 1/ 78.
(5) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/ 261 - 262، والبيهقي في
سننه 6/ 245، وابن حزم في المحلى 10/ 386. وأخرجه الدارمي في
سننه 2/ 254 بلفظ "ثمانين" مكان "مائة"، ولم يذكر عمر. وراجع:
التلخيص الحبير 3/ 87.
(3/1319)
قال ابن حزم (1): لا إِسناد أصح منه.
وصح عن ابن عباس (2) -واحتج به ابن حزم (3) -: أنه قال لزيد عن
قوله في العمريتين (4): "أتقوله برأيك أو تجده في كتاب الله؟
"، قال: "برأيي لا أفضل أمًّا على أب".
ومنه: اختلافهم في قوله لزوجته: "أنت عليّ حرام" (5).
__________
(1) انظر: المحلى 10/ 386.
(2) أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 202، وابن حزم في
المحلى 10/ 328. وأخرجه البيهقي في سننه 6/ 228 بلفظ: أبكتاب
الله قلت أم برأيك؟ فقال: برأيي. فقال ابن عباس: وأنا أقول
برأيي. وأخرجه البيهقي -أيضًا- في سننه 6/ 228، ولفظه: فأرسل
إِليه ابن عباس: أفي كتاب الله تجد هذا؟ قال: لا، ولكن أكره أن
أفضل أما على أب.
وأخرج الدارمي في سننه 2/ 250 عن عكرمة قال: أرسل ابن عباس
إِلى زيد بن ثابت: أتجد في كتاب الله للأم ثلث ما بقي؟ فقال
زيد: إِنما أنت رجل تقول برأيك، وأنا رجل أقول برأيي. وانظر:
جامع بيان العلم وفضله 2/ 72.
(3) انظر: المحلى 10/ 328.
(4) العمريتان:
1 - زوج، وأم، وأب.
2 - زوجة، وأم، وأب.
وسميتا بذلك لأن عمر قضى للأم فيهما بثلث الباقي، فاتبعه على
ذلك جمع، وجعل ابن عباس للأم فيهما الئلث كاملا. انظر: المغني
6/ 279.
(5) أخرجه بعض الآثار عن الصحابة في هذه المسألة: البخاري في
صحيحه 7/ 44، ومسلم في صحيحه/ 1100، وابن ماجه في سننه/ 670،
ومالك في الموطأ/ 552، وابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 72 - 75،
وعبد الرزاق في مصنفه 6/ 399 - 405، وسعيد في سننه 3/ 1/ 391 -
397، والبيهقي في سننه 7/ 350 - 353. وراجع: المحلى 11/ 384
وما بعدها، والتلخيص الحبير 3/ 215 - 216.
(3/1320)
وعن عبيد الله (1) بن أبي حميد (2) -وهو
ضعيف عندهم- عن أبي المليح (3) الهذلي (4): كتب عمر إِلى أبي
موسى: "ما لم يبلغك في الكتاب والسنة اعرف الأمثال والأشباه،
ثم قس الأمور عند ذلك، فاعمد إِلى أحبها إِلى الله وأشبهها
بالحق"، وذكر الحديث (5). (6) رواه الدارقطني (7).
__________
(1) غيرت (عبيد الله) في (ب) و (ظ) إِلى: عبيدة.
(2) هو: أبو الخطاب عبيد الله بن أبي حميد غالب الهذلي البصري،
روى عن أبي المليح الهذلي، وعنه عيسى بن يونس ووكيع وغيرهما.
ضعفه محمَّد بن المثنى ودحيم، وقال البخاري: منكر الحديث، يروى
عن أبي المليح عجائب. وقال النسائي: متروك. وقال أحمد: ترك
الناس حديثه.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 5، وتهذيب التهذيب 7/ 9.
(3) نهاية 2/ 2 أمن (ب).
(4) هو: عامر بن أسامة بن عمير -وقيل في اسمه غير ذلك- روى عن
أبيه ومعقل بن يسار وابن عباس وغيرهم، وعنه سالم بن أبي الجعد
وقتادة وأيوب وطائفة، توفي سنة 98 هـ. وثقه أبو زرعة.
انظر: تهذيب التهذيب 12/ 246، وتقريب التهذيب2/ 476.
(5) في (ب): الحريث.
(6) نهاية 401 من (ح).
(7) انظر: سنن الدارقطني 4/ 206. وأخرجه البيهقي في المعرفة:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب
ثنا محمَّد بن إِسحاق الصغاني ثنا محمَّد بن عبد الله بن كناسة
ثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال:
كتب عمر، فذكره. انظر: نصب الراية 4/ 82.
(3/1321)
وقال أحمد: ثنا سفيان بن عيينة ثنا إِدريس
الأَوْدي (1) عن سعيد بن أبي بردة (2)، وأخرج الكتاب، فقال:
"هذا كتاب عمر"، وذكره. إِسناد جيد، وسعيد لم ير عمر.
ورواه الدارقطني من (3) حديثه (4)، وأبو بكر الخلال من حديث
سفيان
__________
(1) هو: إِدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الزعافري، روي عن
أبيه وأبي إِسحاق السبيعي وسماك بن حرب وغيرهم، وعنه ابنه عبد
الله والثوري ووكيع وغيرهم، وثقه ابن معين والنسائي وأبو داود،
وذكره ابن حبان في الثقات.
انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 21، والكاشف 1/ 101،
وتهذيب التهذيب 1/ 195.
(2) هو: سعيد بن عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري
الكوفي، روى عن أبيه وأنس بن مالك وأبي وائل وغيرهم، وعنه
قتادة وأبو إِسحاق الشيباني وشعبة وغيرهم، وتوفي سنة 138 هـ.
وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم.
انظر: تهذيب التهذيب 4/ 8، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 136.
(3) في (ب) و (ظ): من غير حديثه.
(4) يعني: من حديث أحمد. انظر: سنن الدارقطني 4/ 207.
وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 200، والبيهقي في سننه
10/ 115 كلاهما ... حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا إِدريس ...
بالسند السابق.
وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 1298، والمحلى 10/ 565. وانظر:
المعتبر/ 83 ب.
وقد أورد ابن القيم كتاب عمر في إِعلام الموقعين 1/ 85 - 86،
وقال: "هذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول
الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إِليه وإلى تأمله
والتفقه فيه"، ثم شرحه شرحًا مليئًا بالفوائد استغرق بقية
الجزء الأول و"183" صفحة من الجزء الثاني.
(3/1322)
وبإِسناد جيد إِلى قتادة (1): أن (2) عمر
كتب إِلى أبي موسى، فذكره. منقطع (3).
قال أحمد -في رواية أحمد بن الحسن (4) -: قال عمر بن الخطاب:
"اعرف الأمثال والأشباه، وقايس الأمور".
وقال ابن حزم (5): موضوع على عمر، تفرد به عبد الملك بن الوليد
بن
__________
(1) هو: أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي، حافظ مفسر ثقة
ثبت، ولد سنة 61 هـ، وروى عن أنس، وأرسل عن أبي سعيد الخدري
وعمران بن حصين، وروى عن سعيد بن المسيب وعكرمة والحسن البصري
وغيرهم، وعنه أيوب السختياني وشعبة والأوزاعي وغيرهم، توفي
بواسط سنة 117 هـ.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 385، والكاشف 2/ 396، وتهذيب التهذيب
8/ 351.
(2) في (ح): وأن.
(3) بين قتادة وعمر؛ لأن قتادة ولد سنة 61 هـ.
(4) يوجد في طبقات الحنابلة 1/ 36 - 38 شخصان بهذا الاسم:
1 - أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد، ثقة،
نقل عن إِمامنا أشياء، وتوفي سنة 306 هـ.
2 - أبو الحسن أحمد بن الحسن الترمذي، نقل عن إِمامنا مسائل
كثيرة.
(5) انظر: الإِحكام/ 1300، والمحلى 1/ 77. وقال في ملخص إِبطال
القياس/ 6: وهذه رسالة لا تصح، تفرد بها عبد الملك بن الوليد
بن معدان عن أبيه، وكلاهما متروك، ومن طريق عبد الله بن أبي
سعيد، وهو مجهول، ومثلها بعيد عن عمر.
وساق الكتاب في الإِحكام/ 1298 من طريقين، قال: فأما رسالة عمر
فحدثنا بها أحمد بن عمر العذري نا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي
نا أبو سعيد الخليل بن=
(3/1323)
معدان (1) -وهو ساقط بلا خلاف- عن أبيه
(2)، وهو أسقط منه. كذا قال، فَوَهِم (3).
__________
=أحمد القاضي السجستاني نا يحيى بن محمَّد بن صاعد نا يوسف بن
موسى القطان نا عبيد الله بن موسى نا عبد الملك بن الوليد بن
معدان عن أبيه قال: كتب عمر إِلى أبي موسى، فذكر الرسالة.
وحدثناها أحمد بن عمر نا عبد الرحمن بن الحسن الشافعي نا
القاضي أحمد بن محمَّد الكرخي نا محمَّد بن عبد الله العلاف نا
أحمد بن علي بن محمَّد الوراق نا عبد الله بن سعد نا أبو عبد
الله محمَّد بن يحيى بن أبي عمر المدني نا سفيان عن إِدريس بن
يزيد الأودي عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: كتب
عمر ... وانظر: المحلى 10/ 565.
ثم قال في الإِحكام/ 1299: وهذا لا يصح؛ لأن السند الأول فيه
عبد الملك بن الوليد ابن معدان، وهو كوفي متروك الحديث ساقط
بلا خلاف، وأبوه مجهول، وأما السند الثاني فمن بين الكرخي إِلى
سفيان مجهولون، وهو أيضاً منقطع، فبطل القول به جملة. قال ابن
حجر في التلخيص الحبير 4/ 196: ساقه ابن حزم من طريقين،
وأعلهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيهما مما يقوي أصل
الرسالة؛ لا سيما وفي بعض طرقه أن راويه أخرج الرسالة مكتوبة.
(1) الضبعي البصري، وقد ينسب إلى جده، روى عن أبيه وعاصم بن
بهدلة وهارون بن رياب، وعنه أبو داود الطيالسي وغيره، قال ابن
معين: صالح. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال البخاري: فيه نظر. وقال
النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، لا يحل
الاحتجاج به. وقال ابن عدي: روى أحاديث لا يتابع عليها. وقال
الأزدي: منكر الحديث. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 666، وتهذيب
التهذيب 6/ 428.
(2) هو: الوليد بن معدان، حدث عنه ولده عبد الملك. قال الذهبي:
انفرد بحديث عمر في كتابه إِلى أبي موسى أن يجتهد رأيه. انظر:
ميزان الاعتدال 4/ 349.
(3) انظر: المعتبر/ 84أ.
(3/1324)
وقال أحمد (1) -أيضًا- في رواية بكر (2):
على الإِمام والحاكم يَرِد عليه الأمران يقيس ويشبه، كما كتب
عمر إِلى شريح (3): "أن قس الأمور وكذا وكذا"، فأما رجل لم
يقلّد إِليه هذا فأرجو أن لا يلزمه.
وسئل -في رواية يوسف بن موسى (4) - عن القياس، فقال: ذهب قوم
إِليه؛ لأن عمر قال (5): "يشبّه بالشيء"، وقال آخرون: "لا"،
قيل: فما تقول؟ قال: اعْفِني، قيل: من فعله يُعَنَّف؟ قال:
إِذا وضع الكتب وأكثر.
ومراده: ما سبق (6) أنه ضرورة.
وصح عن عثمان القضاء بتوريث المبتوتة في مرض الموت، رواه (7)
مالك
__________
(1) انظر: العدة 1/ 195 أ.
(2) هو: أبو أحمد بكر بن محمَّد، النسائي الأصل، البغدادي
النشأة، من أصحاب أحمد الناقلين عنه.
انظر: طبقات الحنابلة 1/ 119.
(3) سبق كتاب عمر إِلى شريح في الاجتهاد بالرأي في ص 1314.
(4) يوجد في طبقات الحنابلة 1/ 420 - 421 شخصان بهذا الاسم:
1 - يوسف بن موسى العطار الحربي.
2 - أبو يعقوب يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي، المتوفى
سنة 253 هـ.
وكلاهما من أصحاب أحمد الناقلين عنه.
(5) نهاية 137 ب من (ظ).
(6) في ص 1311.
(7) انظر: الموطأ/ 571 - 572، وبدائع المنن 2/ 229 - 230.
وأخرجه عبد الرزاق=
(3/1325)
والشافعي وأحمد.
ورواه البيهقي (1) عن عمر وضعفه (2).
لكن رواه ابن حزم (3) وغيره من حديث جرير (4) عن
__________
=في مصنفه 7/ 61، وابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 217، وسعيد في
سننه 3/ 2/ 42، 46، والبيهقي في سننه 7/ 362 - 363، والدارقطني
في سننه 4/ 64 - 65. وراجع: التلخيص الحبير 3/ 217. وقال في
المعتبر / 82أ -بعد أن ذكر ما ورد في الموطأ-: وفيه انقطاع،
ووصله أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال: حدثنا يحيى القطان ...
(1) نهاية 202 ب من (ب).
(2) انظر: سنن البيهقي 7/ 363 فقد أخرجه ... عن المغيرة عن
إِبراهيم أن عمر ... قال البيهقي: وهذا منقطع، ولم يسمعه مغيرة
من إِبراهيم، إِنما قال: ذكر عبيدة عن إِبراهيم عن عمر، وعبيدة
الضبي ضعيف، ولم يرفعه عبيدة إِلى عمر في رواية يحيى القطان
عنه، إِنما ذكره عن إِبراهيم والشعبي عن شريح ليس فيه عمر. أ.
هـ. وأخرجه البيهقي -كذلك- في سننه 8/ 97.
وأخرجه من هذا الطريق عبد الرزاق في مصنفه 7/ 64، وسعيد في
سننه 3/ 2/ 43 - 44. وانظر: المحلى 11/ 556، والمعتبر/ 82 ب،
ففيه: أن ابن المديني أخرجه في العلل.
(3) في المحلى 11/ 556 من طريق ابن أبي شيبة الذي أخرجه في
مصنفه 5/ 217 - 218. وانظر: الجوهر النقي على سنن البيهقي 7/
363.
(4) هو: أبو عبد الله جرير بن عبد الحميد الضبي، عالم أهل
الري، نشأ بالكوفة، وروى عن أبي إِسحاق الشيباني ومغيرة وعطاء
بن السائب وغيرهم، وعنه ابن راهويه وابن=
(3/1326)
مغيرة (1) عن إِبراهيم عن شريح قال: أتاني
عروة الباقي (2) من عند عمر، فذكره. صحيح.
ولما حوصر عثمان طلق أم البنين (3)، فَوَرَّثَها علي، وقال:
تركها حتى إِذا أشرت على الموت طلقها (4).
وسبق (5) في المحكوم عليه قوله: "إِذا سكر هذى".
__________
=معين وابن المديني، توفي سنة 188 هـ. قال ابن حجر في التقريب:
ثقة صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه.
انظر: ميزان الاعتدال 1/ 182، وتهذيب التهذيب 2/ 75، وتقريب
التهذيب 1/ 127.
(1) هو: أبو هشام مغيرة بن مقسم الضبي -بالولاء- الكوفي
الفقيه، روى عن أبيه وأبي وائل والنخعي وغيرهم، وعنه: شعبة
وجرير وهشيم وغيرهم، توفي سنة 136 هـ. قال ابن حجر في التقريب:
ثقة متقن إلا أنه كان يدلس، ولا سيما عن إِبراهيم.
انظر: ميزان الاعتدال 4/ 165، وتهذيب التهذيب 10/ 269، وتقريب
التهذيب 2/ 270.
(2) هو: الصحابي عروة بن الجعد.
(3) هي: أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارى؛ لوالدها صحبة،
ولها إِدراك.
انظر: الإصابة 8/ 178.
(4) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 218 - 219. ومن طريقه رواه
ابن حزم في المحلى 11/ 592.
(5) في ص 285 من هذا الكتاب.
(3/1327)
ولم يُنْكَر شيء مما سبق.
فإِن قيل: آحاد، والمسألة قطعية.
ثم: لعل عملهم بغير القياس.
ثم: من عمل بعض الصحابة.
ثم: لا نسلم عدم الإِنكار، فلعله لم ينقل، ثم: قد نُقِل، فعن
الصديق: "أي أرض تُقِلُّني أو أي سماء تُظِلّني إِن قلت في آية
من كتاب الله برأيي أو بما لا أعلم (1)؟! ". قال ابن حزم (2):
ثبت عنه.
وفي الصحيح عن الفاروق: "اتهموا الرأي على الدين (3) "، وكذا
عن سهل (4) بن حنيف (5).
__________
(1) أخرجه الطبري في مقدمة تفسيره 1/ 27، وابن عبد البر في
جامع بيان العلم وفضله 2/ 64، وعبد بن حميد (انظر: المعتبر/ 85
ب)، وابن حزم في الإِحكام/ 1018 - 1019.
(2) انظر: المحلى 1/ 80، وملخص إِبطال القياس/ 56 - 57،
والإِحكام/ 1018 - 1019.
(3) أخرجه البيهقي في المدخل/ 117، وابن حزم في الأحكام/ 1019،
1022 - 1023، وانظر: ملخص إِبطال القياس/ 57. وأورده الهيثمي
في مجمع الزوائد 1/ 179 وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله موثقون
وإن كان فيهم مبارك بن فضالة (قال فيه ابن معين: قدرى. وضعفه
النسائي وغيره. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 431 - 432). وانظر:
المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي/ 9أ.
(4) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 128، 9/ 100، ومسلم في صحيحه/
1412 - 1413.
(5) هو: الصحابي أبو سعد -ويقال: أبو عبد الله- الأنصاري
الأوسي.
(3/1328)
وعن (1) علي: "لو كان الدين بالرأي لكان
أسفل (2) الخف أولى بالمسح من أعلاه". إِسناده جيد، رواه (3)
أبو داود وغيره.
وعن عمر: "إِياكم وأصحاب الرأي، فإِنهم أعداء السنن" أعْيَتْهم
الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا". فيه مجالد
(4)، ضعيف عندهم، رواه جماعة، منهم: الدارقطني وابن عبد البر
(5).
__________
(1) في (ظ) و (ح): عن علي.
(2) نهاية 402 من (ح).
(3) هذا الأثر من رواية عبد خير عن علي. أخرجه أبو داود في
سننه 1/ 114، والدارقطني في سننه 1/ 199، والبيهقي في سننه 1/
292 وقال: وعبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح. وأخرجه ابن حزم
في الإِحكام / 1020. قال ابن حجر في بلوغ الرام (انظر: حاشية
الدهلوي على بلوغ المرام 1/ 37): إِسناده حسن. وقال في التلخيص
الحبير 1/ 160: إِسناده صحيح. قال الشوكاني في نيل الأوطار 1/
218: في إِسناده عبد خير بن يزيد الهمداني، وثقه ابن معين
والعجلي، وأما قول البيهقي: "لم يحتج به صاحبا الصحيح" فليس
بقادح بالاتفاق.
وقد أخرجه هذا الأثر الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 181 عن عمر.
(4) هو: أبو عمرو -ويقال: أبو سعيد- مجالد بن سعيد الهمداني
الكوفي، توفي سنة 143هـ. قال ابن معين وغيره: لا يحتج به. وقال
أحمد: يرفع كثيراً مما لا يعرفه الناس، ليس بشيء. وقال
النسائي: ليس بالقوي. وضعفه جماعة. انظر: يحيى بن معين وكتابه
التاريخ 2/ 549، وميزان الاعتدال 3/ 439، وتهذيب التهذيب 10/
39.
(5) انظر: من الدارقطني 4/ 146، وجامع بيان العلم وفضله 2/
164. وأخرجه البيهقي في المدخل/ 17 أ. وأخرجه الخطيب في الفقه
والمتفقه 1/ 180 - 181، وابن حزم=
(3/1329)
وعن ابن مسعود: "يجيء قوم يقيسون الأمور
بآرائهم". فيه مجالد، رواه جماعة، منهم: الدارمي (1) (2) وأبو
بكر الخلال.
ورووا -أيضًا- بإِسناد جيد عن ابن سيرين: "أول من قاس إِبليس،
وما عبدت الشمس والقمر (3) إِلا بالمقاييس". (4)
ورووا -أيضًا- من رواية عيسى الخياط (5) -وهو ضعيف عندهم-
__________
=في الإِحكام/ 1019 - 1020 من طرق ليس في بعضها مجالد. وأخرجه
ابن عبد البر -أيضاً- في جامع بيان العلم وفضله 2/ 165 من طريق
ليس فيها مجالد.
(1) انظر: سنن الدارمي 1/ 58. وأخرجه البيهقي في المدخل/ 16 ب،
والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 182، وابن حزم في الإِحكام/
1025، 1378، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 165 -
166. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 1/ 180 وقال: رواه
الطبراني في الكبير، وفيه مجالد بن سعيد، وقد اختلط.
(2) هو: أبو محمَّد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل التميمي
السمرقندي، حافظ ثقة، ولد سنة 181هـ، وتوفي سنة 255 هـ.
من مؤلفاته: السنن.
انظر: تاريخ بغداد 10/ 29، والعبر 2/ 18، والنجوم الزاهرة 3/
22. وتذكرة الحفاظ / 534، وتهذيب التهذيب 5/ 294.
(3) في (ح): والعجل.
(4) أخرجه الدارمي في سننه 1/ 58، وابن عبد البر في جامع بيان
العلم وفضله 2/ 93، وابن حزم في الإِحكام/ 1381.
(5) هو: أبو موسى عيسى بن أبي عيسى ميسرة الغفاري المدني، يقال
له: "الخياط، والحناط، والخباط"؛ لأنه عمل المعايش الثلاث، روى
عن أبيه وأنس والشعبي=
(3/1330)
عن (1) الشعبي: "إِياكم والمقايسة (2) "،
وروي عنه نحوه من وجوه (3).
قال ابن حزم (4): "القول بالقياس أو بالرأي لا يحل في الدين،
أبطلناه بالنص والعقل، وأجمع الصحابة على إِبطاله؛ لأنهم
مصدقون بالقرآن، وفيه: (اليوم أكملت لكم دينكم) (5)، (فإِن
تنازعتم في شيء) الآية (6)، وكل رأي جاء عنهم فليس أنه إِلزام
أو حق؛ لكنه إِشارة بعفو أو صلح أو تورع"، ثم احتج بخبر عوف بن
مالك (7): (تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على
أمتي قوم يقيسون (8) الأمور برأيهم، فيحللون
__________
=ونافع وغيرهم، وعنه وكيع وابن أبي فديك وجماعة، توفي سنة 151
هـ. ضعفه أحمد وغيره، وقال الفلاس والنسائي: متروك.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 320، وتهذيب التهذيب 8/ 224.
(1) نهاية 203 أمن (ب).
(2) أخرجه الدارمي في سننه 1/ 45، والخطيب في الفقيه والمتفقه
1/ 283، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 94، 167،
وابن حزم في الإِحكام / 1381.
(3) انظر: سنن الدارمي 1/ 59، والفقيه والمتفقه 1/ 183 - 184،
وجامع بيان العلم وفضله 2/ 94، 167 - 168، والإحكام لابن حزم/
1025، 1381 - 1382.
(4) انظر: المحلى 1/ 73، 76، 79، 81، 82.
(5) سورة المائدة: آية 3.
(6) سورة النساء: آية 59.
(7) هو: الصحابي أبو محمَّد الأشجعي.
(8) نهاية 138.
(3/1331)
الحرام، ويحرمون الحلال). وفيه نعيم بن
حماد (1) عن ابن المبارك (2) عن عيسى بن يونس (3)، والمعروف:
نعيم عن عيسى (4). ونعيم وثقه جماعة (5)،
__________
(1) هو: أبو عبد الله نعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي المروزي
الفرضي، روى عن إِبراهيم بن طهمان وابن المبارك وهشيم وغيرهم،
وعنه ابن معين والذهلي والدارمي وغيرهم، توفي سنة 228 هـ. وثقه
أحمد وابن معين وغيرهما، وضعفه النسائي. قال ابن حجر في
التقريب: صدوق يخطئ كثيراً ... وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه،
وقال: باقي حديثه مستقيم.
انظر: تاريخ بغداد 13/ 316، وتذكرة الحفاظ/ 418، وميزان
الاعتدال 4/ 267، وتقريب التهذيب 2/ 305، والنجوم الزاهرة 2/
257.
(2) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 163، وابن
حزم في الإِحكام / 1374. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/
179 وقال: رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجاله رجال
الصحيح.
(3) هو: أبو عمرو -ويقال: أبو محمَّد- عيسى بن يونس بن أبي
إِسحاق السبيعي الكوفي، إِمام صدوق ثقة، سكن الشام، روى عن
سليمان التيمي وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم، وعنه حماد بن
سلمة وابن المديني وابن راهويه وغيرهم، توفي سنة 187 هـ.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 328، وتهذيب التهذيب 8/ 237.
(4) أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 180، وفي تاريخه 13/
307 - 311، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 93.
وانظر: ميزان الاعتدال 4/ 268، وتهذيب التهذيب 10/ 460.
(5) انظر: ميزان الاعتدال 4/ 267 - 268، وتهذيب التهذيب 10/
459 - 460.
(3/1332)
وقال النسائي (1) وغيره: لا يحتج به. وقال
ابن يونس (2) وغيره: روى مناكير (3)، واتهمه الأزدي (4) بالوضع
في مثل هذا (5).
قال ابن معين: لا أصل له، قيل له: كيف يُحَدِّث ثقة بباطل؟
قال: شُبِّه له (6).
__________
(1) انظر: الضعفاء والمتروكين للنسائي/ 305، وتهذيب التهذيب
10/ 461.
(2) هو: أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي المصري،
إِمام حافظ ثبت مؤرخ محدث، ولد بالقاهرة سنة 281 هـ، وسمع أباه
وأبا عبد الرحمن النسائي وأبا يعقوب المنجنيقي وغيرهم، روي عنه
ابن مندة وغيره، توفي بالقاهرة سنة 347 هـ.
انظر: العبر 2/ 276، وفوات الوفيات 1/ 252، وتذكرة الحفاظ/
898، وطبقات الحفاظ/ 367.
(3) انظر: تاريخ بغداد 13/ 314، وتهذيب التهذيب 10/ 462.
(4) هو: أبو الفتح محمَّد بن الحسين بن أحمد الموصلي، من حفاظ
الحديث، نزيل بغداد، توفي بالموصل سنة 374 هـ، وقيل: سنة 367
هـ.
من مؤلفاته: تسمية من وافق اسمه اسم أبيه من الصحابة والتابعين
ومن بعدهم من المحدثين، ومصنف في الضعفاء.
انظر: تاريخ بغداد 2/ 283، وتذكرة الحفاظ/ 967، وطبقات الحفاظ/
386، وشذرات الذهب 3/ 84، والأعلام 6/ 98 ط 4 سنة 1979 م.
(5) يعني: في تقوية السنة وذم الرأي. انظر: ميزان الاعتدال 4/
269، وتهذيب التهذيب 10/ 463.
(6) انظر: تاريخ بغداد 13/ 307 وما بعدها، وتهذيب التهذيب 10/
460 - 463.
(3/1333)
وقال البيهقي (1): تفرد به وسرقه منه جماعة
ضعفاء، وهو منكر.
وقال الخطيب (2): وافقه على روايته سويد (3) وعبد الله بن جعفر
(4) عن عيسى.
__________
(1) حكى ابن حجر في تهذيب التهذيب 10/ 460 - 461 نحو هذا
الكلام عن ابن عدي.
(2) انظر: تاريخ بغداد 13/ 308.
(3) هو: أبو محمَّد سويد بن سعيد الهروي الحدثاني الأنباري،
روى عن مالك وعيسى بن يونس وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرهم،
وعنه مسلم وابن ماجه وأبو زرعة وغيرهم، توفي سنة 240 هـ عن 100
عام. احتج به مسلم، وقال أبو حاتم: صدوق كثير التدليس. وقال
النسائي: ضعيف. وقال البخاري: حديثه منكر. وعن أحمد: متروك
الحديث. وكذبه ابن معين.
انظر: ميزان الاعتدال 2/ 248، وتهذيب التهذيب 4/ 272.
(4) هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي
القرشي بالولاء، روى عن عبد العزيز الدراوردي وأبي المليح
ومعتمر بن سليمان وغيرهم، وعنه أبو زرعة الدمشقي وأبو حاتم
الرازي والدارمي وغيرهم، توفي سنة 220 هـ.
وثقه ابن معين وأبو حاتم، وقال النسائي: ليس به بأس قبل أن
يتغير. وقال هلال بن العلاء: عمي سنة 216 هـ، وتغير سنة 218
هـ. وقال ابن حبان: اختلط سنة 218 هـ، ولم يكن اختلاطه اختلاطا
فاحشا.
انظر: ميزان الاعتدال 2/ 403، وتهذيب التهذيب 5/ 173.
(3/1334)
وقال ابن عدي (1): رواه الحكم (2) بن
المبارك (3) -ويقال: لا بأس به- عن عيسى.
سلمنا عدم الإِنكار؛ لكنه لا يدل على الموافقة؛ لاحتمال خوف أو
غيره.
ثم: لا حجة في إِجماعهم.
ثم: هي أقيسة مخصوصة.
ثم: يجوز لهم خاصة (4).
رد الأول: بتواترها معنى، كشجاعة علي وسخاء حاتم.
ثم: هي ظنية.
ولأصحابنا الجوابان
__________
(1) حكاه الخطيب في تاريخه 13/ 309.
(2) في (ح): الحاكم.
(3) هو: أبو صالح البلخي، حافظ ثقة، روى عن مالك وأبي عوانة
وحماد بن زيد، وعنه أبو محمَّد الدارمي وجماعة، توفي سنة 213
هـ. ولوح ابن عدي بأنه ممن يسرق الحديث. قال ابن حجر في
التقريب: صدوق ربما وهم.
انظر: الكاشف 1/ 247، وميزان الاعتدال 1/ 579، وتهذيب التهذيب
2/ 438، وتقريب التهذيب 1/ 192.
(4) نهاية 403 من (ح).
(3/1335)
والثاني: بأنه دل السياق والقرائن (1) أن
العمل به (2)، ولو كان بغيره لظهر واشتهر ونقل.
وسبق الثالث (3) والرابع (4) والخامس (5) والسادس (6) في
الإِجماع (7).
والمراد من الإِنكار القياس الباطل، بأن صدر عن غير مجتهد، أو
في مقابلة نص، أو فيما اعتبر فيه العلم، أو أصله فاسد، أو على
من غلب عليه ولم يعرف الأخبار، أو احتج به قبل طلب نص لا يعرفه
مع رجائه لو طلبه -فإِنه لا يجوز عند أحمد والشافعي وفقهاء
الحديث، ولهذا جعلوه بمنزلة التيمّم، قال بعض أصحابنا (8):
وطريقة الحنفية تقتضي جوازه- بدليل ما سبق (9) جمعا وتوفيقا.
ودعوى ابن حزم باطلة.
__________
(1) نهاية 203 ب من (ب).
(2) يعني: بالقياس.
(3) يعني: يجاب عنه بأن شياعه وتكريره قاطع عادة بالموافقة.
(4) وهو قولهم: لا نسلم عدم الإِنكار. فيجاب: بأن العادة تقتضي
نقل مثله.
(5) فيجاب عنه بما سبق في الثالث.
(6) فيجاب عنه بما سبق من حجية الإِجماع.
(7) انظر: ص 371 وما بعدها، 426 وما بعدها.
(8) انظر: المسودة/ 370.
(9) من قولهم بالقياس.
(3/1336)
وجواب ما احتج به من الكتاب: ما سبق (1).
ومن الباطل حجته (2) بقوله: (فلا تضربوا لله الأمثال) (3).
ثم: القياس مأمور به شرعا، وهو دين (4).
وعند أبي الهذيل (5) المعتزلي (6): لا يطلق عليه اسم دين: وهو
في بعض كلام القاضي.
وعند الجبائي (6): الواجب منه دين.
وكذا جواب من احتج بقوله: (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله (7))
(8)، (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) (9)، (ما فرطنا في الكتاب
من شيء) (10)، وقيل: الكتاب: اللوح المحفوظ، وعن ابن
__________
(1) من ورود الأحاديث بالقياس وقول الصحابة به، وانظر: ص 373،
390.
(2) في (ب): حجة.
(3) سورة النحل: آية 74.
(4) انظر: التمهيد/ 158 ب، والإِحكام للآمدي 4/ 68.
(5) في (ح): أبي الحسين الهذلي المعتزلي.
(6) انظر: المعتمد/ 766.
(7) في النسخ: والرسول. وفي هامش (ب): صوابه: ورسوله.
(8) سورة الحجرات: آية 1.
(9) سورة المائدة: آية 49.
(10) سورة الأنعام: آية 38.
(3/1337)
عباس (1) القولان.
وسبق (2) في خبر الواحد النهي عن الظن (3).
قولهم: أقيسة مخصوصة.
رد: بما سبق.
ثم: عملوا لظهورها (4) -كالأدلة الظاهرة- لا لخصوصها (5). (6)
وقولهم: يجوز لهم خاصة.
رد: بما سبق، ثم: لا قائل بالتفرقة.
وأيضًا: ظن تعليل حكم الأصل بعلة توجد في الفرع يوجب التسوية
(7)، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، والعمل بالمرجوح
ممنوع، فالراجح متعين.
قالوا: يؤدي [إِلى] (8) التفرق والمنازعة المنهي عنهما.
__________
(1) انظر: تفسير الطبري 11/ 345، وزاد المسير 3/ 35، والدر
المنثور 3/ 11.
(2) في ص 492.
(3) يعني: الاحتجاج بالنهي عن الظن، والجواب عنه.
(4) في (ب): لظهورا.
(5) في (ح) و (ظ): لا بخصوصها.
(6) نهاية 138 ب من (ظ).
(7) نهاية 204 أمن (ب).
(8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ) و (ب).
(3/1338)
رد: بالمنع، ثم: بخبر الواحد (1) والعموم.
.......................
وقد (2) أثبت قوم القياس في الأحكام لا الحقائق، فقالوا في (3)
حياة الشعر (4): "جزء من الحيوان، فنجس بالموت، كالأعضاء"،
واحتجوا على الحياة بخصيصتها وهو النماء، وانقطاعه (5) بالموت،
كما يحتج بالحركة الاختيارية عليها (6).
ورد: العلم بالخصيصة (7) بتعليل أو باطراد عادة، وهو القياس،
فإِن القياس يحتج به على الحكم في الفرع بخصيصته بالعلة (8) أو
دليلها.
وفي الصحيحين (9) من حدتحا أبي هريرة: أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال -للذي أراد الانتفاء من ولده بمخالفة لونه-:
(لعله نَزَعه عِرْق)، وهو قياس لجواز
__________
(1) في (ح): ثم بالعموم.
(2) انظر: المسودة/ 366.
(3) نهاية 404 من (ح).
(4) يعني: في إِثبات حياته.
(5) يعني: انقطاع النماء.
(6) يعني: على الحياة.
(7) يعني: إِنما يكون بتعليل ... إِلخ.
(8) يعني: بخصيصته التي هي العلة ...
(9) انظر: صحيح البخاري 7/ 53، 8/ 173، وصحيح مسلم/ 1137 -
1138.
(3/1339)
مخالفة لون الولد للوالد في أحد نوعي
الحيوان على نوع آخر، وقياس في الطبيعيات؛ لأن الأصل (1) لا
نسب فيه، وعمدة الطب مبناه على القياس، وهو لإِثبات حقيقة
الجسم، وعامة أمر الناس في عرفهم في عين وصفة وفعل مبناها
عليه. (2)
.....................
فإِن قيل: ما حكم قياس العكس؟
قيل: حجة، ذكره القاضي (3) وغيره والمالكية (4)، وهو المشهور
عن الحنفية (5) والشافعية، كالدلالة لطهارة دم السمك بأكله به؛
لأنه لو كان نجساً لما أكل به كالحيوانات النجسة (6) دمها،
ونحو: لو سنت السورة في الأخريين لسن الجهر كالأوليين.
وفي مسلم (7) من حديث أبي ذر: (وفي بضع أحدكم صدقة)، قالوا:
__________
(1) وهو الحيوان.
(2) يعني: على القياس.
(3) انظر: العدة/ 219أ.
(4) ذكره عبد الوهاب. انظر: المسودة/ 425.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 183، والمسودة/ 425.
(6) كذا في النسخ. ولعل الصواب: النجسة دماؤها. أو: النجس
دمها.
(7) انظر: صحيح مسلم/ 697 - 698. وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 167،
168. وأخرج -نحوه- أبو داود في سننه 2/ 61، 5/ 407.
(3/1340)
يا رسول الله، (1) أيأتي أحدنا شهوته ويكون
له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان (2) عليه
وِزْر؟ فكذلك إِذا وضعها في الحلال كان له أجر).
ومنع منه قوم، منهم: ابن الباقلاني (3).
وسبق (4) بيانه أول القياس في حده.
مسألة
النص على علة حكم الأصل يكفي في التعدي عند أصحابنا، قال
القاضي (5) وابن عقيل: أشار أحمد إِليه: "لا يجوز بيع رطب
بيابس"، واحتج بنهيه (6) عن بيع الرطب بالتمر.
وذكره بعض أصحابنا (7) وغيرهم عن الأكثر (8) من مثبتي القياس
-كالرازي والكرخي وأكثر الشافعية- ومن منكريه، كالنظام
والقاشاني والنهرواني.
__________
(1) نهاية 204 ب من (ب).
(2) في (ظ): كان.
(3) انظر: المسودة/ 425.
(4) في ص 1192.
(5) انظر: العدة / 211أ.
(6) يعني: بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(7) انظر: المسودة/ 390.
(8) نهاية 139 أمن (ظ).
(3/1341)
وفي الروضة (1): (2) إِن ورد التعبد
بالقياس كفى، وإلا فلا. وذكره في التمهيد (3) ضمن مسألة تخصيص
العلة، واختاره السرخسي (4)، وذكره عن بعض شيوخه، واختاره
الآمدي (5)، وذكره عن أكثر الشافعية، وقاله الجعفران (6) وبعض
الظاهرية (7)، وذكره عبد الوهاب المالكي (8) وبعض أصحابنا قول
الجمهور ونصروه.
وعند أبي عبد الله البصري (9): يكفي في علة التحريم؛ لا غيرها
(10)، قال بعض أصحابنا (11): هو قياس مذهبنا في الأيمان
وغيرها؛ لأنه يجب ترك المفاسد كلها، بخلاف المصالح، فإِنما يجب
تحصيل ما يُحتاج إِليه.
وسمى ابن عقيل (12) العلة المنصوصة استدلالا، وقال: مذهبنا:
ليس بقياس، وأنه قول جماعة من الفقهاء؛ لأن الفأرة كالهرة في
الطواف المصرح به.
__________
(1) انظر: روضة الناظر/ 293.
(2) نهاية 405 من (ح).
(3) انظر: التمهيد/ 167أ، 168أ.
(4) هو: أبو سفيان. انظر: العدة/ 211أ، والمسودة/ 390.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 55، 56.
(6) انظر: المعتمد/ 753.
(7) انظر: المعتمد/ 753، والإِحكام للآمدي 4/ 55، والإِحكام
لابن حزم/ 1110.
(8) انظر: المسودة/ 391.
(9) انظر: المعتمد/ 753.
(10) كالإِيجاب والندب.
(11) انظر: المسودة/ 391.
(12) انظر: المرجع السابق/ 392.
(3/1342)
وذكر القاضي (1) التنبيه (2) والعلة
المنصوصة وما في معنى الأصل -كالزيت مع السمن (3)، والأمة مع
العبد، والجوع مع الغضب- مسألة واحدة.
وسبق (4) في التنبيه.
وكذا ذكر أبو المعالي (5) الأمة مع العبد والبول في إِناء وصبه
في ماء ونحوهما: في تسميته قياسا مذهبان نحو الخلاف في العلة
المنصوصة، ورجح تسميته قياسا، قال: وهي لفظية.
وفي التمهيد (6): لا يجوز المنع من هذا القياس، وإن نهي عن
القياس الشرعي.
وقصره ابن الباقلاني (7) وأبو حامد الإِسفراييني وغيرهما على
الصورة المعللة، تُعبدنا بالقياس، أوْ لا.
وفي التمهيد (8): لم يقله أحد. كذا قال.
__________
(1) انظر: العدة / 205أ.
(2) في (ب): الشبيه.
(3) نهاية 205أمن (ب).
(4) في ص 1061 وما بعدها. وانظر: المسودة/ 389.
(5) انظر: البرهان/ 785 - 786.
(6) انظر: التمهيد/ 160 ب وفيه: لا يحسن.
(7) انظر: المسودة/ 390.
(8) انظر: التمهيد / 154أ.
(3/1343)
وفي مقدمة المجرد (1): احتمالان، أحدهما:
لا يتعدى، حتى يقول: قيسوا عليه، والثاني: يتعدى.
وذكر الشيرازي (2) احتمالين، أحدهما: يتعدى. والثاني: لا،
كالوكيل فيه، ورجّحه.
وقال بعض أصحابنا (3): يظهر في: "حرمت السكرّ لحلاوته" التعليل
بالحلاوة الخاصة لا المطلقة، بخلاف قوله: "لأنه حلو".
وسوى ابن عقيل (3) وغيره.
وجه الثاني: لا دليل، والأصل عدمه.
وأيضًا: "أعتقت سالما (4) لدينه أو لأنه دَيِّن" لا يتعدى.
ومناقضة العقلاء له لطلب فائدة التخصيص لا للعموم.
وذكر (5) الآمدي (6) عن بعضهم: إِن علم قصده للدين عم، وعن
بعضهم: يعم بالنية، وعن بعضهم: يعم إِن قال: "قيسوا عليه كل
دَيِّن"،
__________
(1) انظر: المسودة/ 390.
(2) هو: أبو الفرج المقدسي.
(3) انظر: المسودة/ 386.
(4) نهاية 406 من (ح).
(5) نهاية 139 ب من (ب).
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 17.
(3/1344)
واختاره الصيرفي الشافعي.
وفي الروضة (1) -في هذه الصورة-: لا يعم.
وفي العدة (2): يعم.
فإِن احتج به نفاة القياس.
رد: بأن (3) التعبد منع منه مبالغة في صيانة ملك الآدمي بخلاف
الأحكام (4)، ولجواز تناقض علته، ولهذا لو قال الشارع: "قيسوا
عليه" عم، ولهذا فُهِم القياس لغة وعرفا في غير الملك نحو: "لا
تشربه فإِنه مُسْهِل، ولا تجالسه لبدعته".
ولو قال لوكيله: "أعتقه لدينه أو لأنه دين" لم يعم إِجماعًا،
ذكره الآمدي (5)
وكذا لو قال: "قس عليه"، أو كان قال له: "إِذا أمرتُك بشيء
لعلة فقس عليه"؛ لجواز المناقضة عليه (6) والبداء، ولأن الشرع
لم يدل عليه ولم يكلف به.
__________
(1) انظر: روضة الناظر/ 290، 293.
(2) انظر: العدة/ 202أ، 212 ب.
(3) نهاية 205 ب من (ب).
(4) في (ظ): لجواز.
(5) انظر: منتهى السول للآمدي 3/ 37، والإِحكام له 2/ 256.
(6) ضرب في (ظ) على: (عليه).
(3/1345)
وعند أبي الخطاب (1): يعم -وفي كلام القاضي
(2) والآمدي (3) ما يوافقه- ككلام الشارع، والأصل عدم
البداء، ولأنه كجواز ورود النسخ، ولا يمنع القياس.
قالوا: "حرمت الخمر لإِسكاره" كـ"حرمت كل مسكر".
رد: دعوى بلا دليل، ثم: لو كان عتق من سبق.
فإِن قيل: لأنه حق آدمي، فوقف على الصريح.
رد: دعوى، ثم: يلزم التعارض، وهو خلاف الأصل، ثم: الظاهر
فيه (4) كالصريح.
قالوا: قوله لابنه: "لا تأكله؛ لأنه مسموم" يتعدى.
رد: لقرينة شفقة الأب، والأحكام يجمع فيها بين مختلفين،
ويفرق بين متماثلين؛ لأن المصلحة إِن اعتبرت (5) فقد تختلف
بالأوقات.
وألزم ابن عقيل بالزمان.
قالوا: إِن لم يعم فلا فائدة.
رد: فائدته تعقّل المعنى -فإِنه أدعى إِلى القبول- ونفي
الحكم عند عدمه.
__________
(1) انظر: التمهيد / 154 ب.
(2) انظر: العدة/ 212 ب.
(3) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 18.
(4) يعني: في العتق.
(5) في (ب): اعتبر.
(3/1346)
قالوا: كالتنبيه.
رد: إِنما فهم فيه لقرينة إِكرام الوالدين.
قالوا: كقوله: "الإِسكار علة التحريم" (1).
رد: (2): حكم بالعلة على مسكر، فلا أولوية (3)؛ لتساوي (4)
نسبتها إِلى الجميع (5)
واعتمد في التمهيد (6) على قوله: أوجبت أكل السكر كل يوم؛
لأنه حلو. كذا قال.
وقال بعض أصحابنا (7): وفيه نظر؛ لأنه يبطل إِيجاب السكر.
احتج البصري (8): بأن من ترك رمانه لحموضتها لزمه التعميم،
بخلاف صدقته على فقير.
رد: لا يلزمه.
__________
(1) في (ظ): للتحريم.
(2) نهاية 407 من (ح).
(3) يعني: للخمر.
(4) نهاية 206 أمن (ب).
(5) يعني: الخمر والنبيذ.
(6) انظر: التمهيد / 154أ.
(7) انظر: المسودة/ 391.
(8) انظر: المعتمد/ 754.
(3/1347)
ثم: لقرينة الأذى، ولا قرينة في الأحكام
(1).
احتج من قصره: باحتماله الجزئية.
رد: ظاهر اقتصار الشارع عليه استقلاله، فلا يُترك باحتمال.
مسألة
الحكم المتعدي إِلى (2) الفرع بعلة منصوصة مراد بالنص،
كعلة مجتَهَدٍ فيها: فرعها مراد بالاجتهاد؛ لأن الأصل
مستتبع لفرعه، خلافا لبعضهم. ذكره أبو الخطاب (3).
قال بعض أصحابنا (4): كلامه يقتضي أنها مستقلة، قال: وهي
عندي مبنية على المسألة قبلها، قال: وذكر القاضي أعم من
ذلك، فقال: الحكم بالقياس على أصل منصوص عليه (5) مراد
بالنص الذي في الأصل، خلافا لبعض المتكلمين.
مسألة
يجري القياس في الكفارات والحدود والأبدال والمقدرات عند
أصحابنا
__________
(1) فقد تختص ببعض المحال لأمر لا يدرك.
(2) نهاية 140أمن (ظ).
(3) انظر: التمهيد / 155أ، والمسودة/ 386.
(4) انظر: المسودة/ 386.
(5) يعني: وإن لم ينص على العلة.
(3/1348)
والشافعية والأكثر -وأومأ إِليه أحمد (1) -
خلافا للحنفية (2)، مع تقديرهم (3) الجمعة بأربعة، وخرق
الخف بثلاث أصابع قياسًا.
وفي الانتصار (4) -في مسألة الموالاة-: "شروط الطهارة لا
مدخل للقياس فيها؛ لعدم فهم معناها"، ثم سلّم.
لنا: عموم دليل كون القياس حجة، وقوله: "إِذا سكر هذى"،
وكبقية (5) الأحكام.
قالوا: فهم المعنى شرط.
رد: الفرض فهمه، كالقتل بالمثقل وقطع النبَّاش.
قالوا: فيه شبهة، والحد يُدرأ بها.
رد: بخبر الواحد والشهادة.
مسألة
يجرى القياس في الأسباب عند أصحابنا وأكثر الشافعية (6).
__________
(1) انظر: العدة/ 218 ب، والمسودة/ 399.
(2) انظر: تيسير التحرير 4/ 103، وفواتح الرحموت 2/ 317.
(3) انظر: الهداية 1/ 28 - 29، 83، وبدائع الصنائع/ 105،
680 - 681.
(4) انظر: الانتصار 1/ 61أ.
(5) نهاية 206 ب من (ب).
(6) انظر: المحصول 2/ 2/ 465، والإِحكام للآمدي 4/ 65،
ونهاية السول 3/ 33.
(3/1349)
ومنعه الحنفية (1)، واختاره الآمدي (2)
وغيره.
وفي المغني (3) -في مسألة اللوث (4) -: لا يجوز القياس في
المظان؛ لأنه جمع بمجرد الحكمة، وإنما يتعدى الحكم بتعدى
سببه.
القائل بالأول: إِطلاق الصحابة، وقول علي: "إِذا سكر
افترى"، ولإِفادته للظن.
وأيضاً: لصحة التعليل بالحكمة أو ضابطها.
رد: ذلك مستقل بثبوت الحكم، والوصف الذي جُعل سببا للحكم
مستغنى عنه.
وقد (5) يجاب: بأنه لا يمنع الجواز.
القائل (6): ثبت القتل بالمثقل سببا كالمحدد، واللواط سببا
كالزنا، وفحو ذلك.
__________
(1) انظر: فواتح الرحموت 2/ 319.
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 65.
(3) انظر: المغني 8/ 494.
(4) اللوث: العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعَى عليه،
كنحو ما بين القبائل والأحياء. وقيل: اللوث: ما يغلب على
الظن صدق المدعي، فتكون العداوة صورة من صوره. انظر:
المغني 8/ 491 - 493.
(5) نهاية 408 من (ح).
(6) في (ح) و (ظ): القائل بالثاني: ثبت ... إِلخ. والذي
يظهر: أن هذا تابع لدليل القائل بالأول. وانظر: الإِحكام
للآمدي 4/ 66، وشرح العضد 2/ 256.
(3/1350)
رد: السبب واحد، وهو القتل العمد العدوان،
وإيلاج فرج في فرج.
مسألة
يجوز عند أصحابنا والجمهور ثبوت الأحكام كلها بتنصيص من
الشارع؛ لا بالقياس؛ لأنه لا بد له من أصل، ولأن فيها (1)
ما لا يعقل معناه.
قالوا: متماثلة يجمعها (2) حد الحكم، فتتساوى (3) فيما جاز
(4) على بعضها (5).
رد: قد يجوز باعتبار خصوصيته.
قالوا: الحوادث لا تتناهي، فكيف تنطبق عليها نصوص (6)
متناهية؟.
رد: بل متناهية (7)؛ لتناهي التكليف بالقيامة.
ثم: يجوز أن يحدث نصوص لا تتناهى.
مسألة
النفي: إِن كان أصليا جرى فيه قياس الدلالة -وهو الاستدلال
__________
(1) يعني: في الأحكام.
(2) في (ح): فيجمعها.
(3) في (ح): فيتساوى.
(4) في (ظ): ونسخة في هامش (ب): زاد.
(5) وهو القياس، فقد جاز على بعضها.
(6) نهاية 140 ب من (ظ).
(7) يعني: الحوادث متناهية.
(3/1351)
بانتفاء (1) حكم شيء على انتفائه عن مثله، فيؤكَّد به
الاستصحاب- وإلا جرى فيه القياسان؛ لأنه حكم شرعي
كالإِثبات.
* * *
ويستعمل القياس على وجه التلازم؛ فيجعل حكم الأصل في
الثبوت ملزومًا، وفي النفي نقيضه لازما، نحو: "لما وجبت
زكاة مال البالغ للمشترك بينه وبين مال الصبي وجب (2)
فيه"، و"لو وجبت في حلي وجبت في جوهر قياسا، واللازم منتف،
فينتفي ملزومه".
* * *
|