أصول الفقه لابن مفلح المعقولان: قياسان، أو استدلالان (3).
فالأول: يعود إِلى أصله، وفرعه، ومدلوله، وأمر خارج:
الأول: بقطع حكمه ولو عدم دليل خاص بتعليله، وفي معناه: أو ليس
حكمه ممنوعا (4)، ذكره الآمدي (5).
وبقوة دليله، أو رجح (6) مع خلف في نسخه (7) أو عدم (8) دليل
خاص
__________
(1) نهاية 173 ب من (ظ).
(2) يعني: بأن تكون إِحدى الروايتين مؤرخة بتاريخ مضيق.
(3) لم يتعرض المؤلف للاستدلالين، كابن الحاجب. انظر: مختصره
2/ 318. وأشار إِليهما الآمدي في الإِحكام 4/ 280 إِشارة
خفيفة.
(4) يعني: أن يكون الحكم في أصل أحدهما ممنوعا، وفي الآخر غير
ممنوع، فغير الممنوع أولى.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 268.
(6) يعني: دليله.
(7) يعني: وإن كان مختلفا في نسخه، والآخر لم يختلف في نسخه.
(8) يعني: أو رجح مع عدم دليل ...
(4/1615)
بتعليله؛ لا مع (1) عدوله (2) عن من
القياس.
والاتفاق على عدم (3) نسخه.
وبأنه على سنن القياس مع خلف في نسخه أو دليل (4) خاص بتعليله،
لا مع خلف في تعليله.
ورجح بعضهم بحسب دليل الحكم (5): النص، ثم الإِجماع؛ لأنه
فرعه.
وتعليله بدليل خاص أو اتفاق، رجح معه دليل حكمه، أوْ لا.
وظني على من القياس أو اتفق على تعليله (6).
وبالقطع بالعلة أو دليلها أو بظن غالب فيهما (7).
والسبر على المناسبة -لأن فيه بيان المقتضي وعدم المعارض- وعلى
الدوران، وقدمه (8) بعضهم على السبر.
__________
(1) يعني: لا إِن رجح مع عدوله.
(2) نهاية 486 من (ح).
(3) في (ب) ونسخة في هامش (ظ): والاتفاق على حكمه.
(4) كذا في النسخ. ولعلها: أو عدم دليل. يعني: أو مع عدم دليل
خاص.
(5) في (ح): الحكمة.
(6) على قطعي على خلاف سنن القياس أو لم يتفق على تعليله.
(7) يعني: في العلة أو في دليلها.
(8) في (ب): وقدم.
(4/1616)
وبالقطع بنفي الفارق (1) أو ظن غالب (2).
والوصف الحقيقي أو الثبوتي أو الباعث على غيرهما (3)؛ للاتفاق
عليهما (4)، ولأن الحسية كالعقلية، وهي موجبة، ولا تفتقر إِلى
غيرها في ثبوتها.
ورجح أبو الخطاب (5) الحكمية (6)، وذكره عن آخرين - وللشافعية
(7) وجهان- لأنها أشد مطابقة للحكم، وتلازمه، فهي أخص به.
ولم يرجح بعض أصحابنا (8) الثبوتي.
وكونه (9) نفس العلة على ملازمه (10)، ذكره الآمدي (11).
__________
(1) في أصل أحد القياسين، وفي الآخر مظنون.
(2) يعني: يكون نفي الفارق فيهما مظنونا، لكن أحد الظنين غالب.
(3) كذا في النسخ. ولعلها: غيرها. يعني: على الحكمي والعدمي
والأمارة.
(4) كذا في النسخ. ولعلها: عليها.
(5) انظر: التمهيد/ 188 أ- ب.
(6) في (ظ): الحكمه.
(7) انظر: اللمع/ 70.
(8) نهاية 259 ب من (ب).
(9) يعني: كون الوصف الجامع في أحد القياسين.
(10) كذا في النسخ. ولعلها: ملازمها. يعني: يكون الوصف الجامع
في القياس الآخر ملازم علة الأصل.
(11) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 277.
(4/1617)
والعلة الظاهرة والمنضبطة والمتعدية
والأكثر تعدية والمطردة والمنعكسة على غيرها.
وقدم بعضهم القاصرة؛ لأنها أوفق للنص.
وبعضهم: سواء، واختاره الفخر إِسماعيل (1)؛ لأن الفروع لا تبنى
(*) عن قوة ذاتها.
وإِن تقابلت علتان في أصل فما قَلَّ أوصافها أولى؛ للشبه (2)
بالعلة العقلية، ولأنها أجرى على الأصول وأسهل على المجتهد
وأكثر فروعًا وفائدة كشهادة (3) الأصول.
وإِن كانتا من أصلين فما كثر أوصافها أولى؛ لقوة شبهه بالأكثر.
وفي التمهيد (4): احتمال القليلة -كأكثر الشافعية (5) -
واحتمال الكثيرة، واختياره: التسوية -كالحنفية (6) وبعض
الشافعية (7) - لتساويهما في إِفادة الحكم والسلامة من الفساد،
وهما من جنس، فلا يلزم (8) تقديم
__________
(1) انظر: المسودة/ 378.
(2) في (ب): للشبيه.
(*) تم كذا في (ب) و (ح)، ولم تنقط في (ظ). أقول: ولعلها: لا
تنبئ.
(3) يعني: كثرة الفروع كشهادة الأصول.
(4) انظر: التمهيد/ 191 أ.
(5) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 489.
(6) انظر: تيسير التحرير 4/ 96، وفواتح الرحموت 2/ 325.
(7) انظر: التبصرة/ 489.
(8) هذا جواب سؤال مقدر: استواؤهما في إفادة الحكم لا يدل على
استوائهما في القوة، كالخبر مع القياس.
(4/1618)
الخبر على القياس؛ لأن دلالته نطق، والقياس
معنى (1).
وبناها (2) بعض أصحابنا (3) على المتعدية والقاصرة.
وأطلق الآمدي (4) وغيره: تقديم المتحدة؛ للضبط والبعد من
الخلاف.
وفي الواضح (5): المتحدة وقليلة الأوصاف أولى، وفيه (6): (7)
إِذا صحتا لنا كثر فروعها أو استوتا سواء (8)، واعتبر قوم
جدليون لصحتها (9) تساوي الفروع، ولا يصح (10).
وبعضهم: العدمي للعدمي (11).
__________
(1) يعني: فليسا من جنس، فجاز أن يتفاضلا في القوة، بخلاف
العلتين فهما من جنس واحد.
(2) في (ظ): وبناهما.
(3) انظر: المسودة/ 378.
(4) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 273.
(5) انظر: الواضح 1/ 140 أ- ب.
(6) انظر: الواضح 1/ 143 أ.
(7) نهاية 174 أمن (ظ).
(8) يعني: فهما سواء.
(9) كذا في النسخ. ولعلها: لصحتهما.
(10) نهاية 487 من (ح).
(11) يعني: يرجح التعليل بالعدمي للعدمي. انظر: نهاية السول 3/
182.
(4/1619)
ولم يرجح القاضي في العدة (1) والحنفية (2)
وبعض الشافعية (3): بكون إحداهما أعم كالطعم أعم من الكيل،
كالعمومين (4).
رد: يمكن بناء أحدهما على الآخر، بخلاف (5) هذا (6).
ورجحها في الكفاية (7)؛ لما سبق (8).
واختلف اختيار أبي الخطاب (9)، وذكر على الأول وجهين: هل ترجح
المتعدية، أو سواء؟.
والمطردة فقط [على] (10) المنعكسة فقط.
وقال بعض أصحابنا (11): والمطردة على غيرها (12) إِن قيل
بصحتها،
__________
(1) انظر: العدة/ 236 ب، والمسودة/ 379.
(2) انظر: تيسير التحرير 4/ 97، وفواتح الرحموت 2/ 329.
(3) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 488.
(4) يعني: لا يرجح أحدهما على الآخر.
(5) نهاية 260 أمن (ب).
(6) فلا يمكن بناء إِحداهما على الأخرى.
(7) انظر: المسودة/ 379، 381.
(8) من أن الأعم أكثر فروعا وفائدة كشهادة الأصول. انظر: ص
1618.
(9) انظر: التمهيد/ 189أ، 190 ب، والمسودة/ 380، 381.
(10) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(11) انظر: المسودة/ 378.
(12) يعني: على المخصوصة.
(4/1620)
والمنعكسة على غيرها إِن اشترط العكس؛
لزيادة تأثير بانتفاء الحكم لانتفائها.
وبكون ضابط الحكمة جامعا مانعا لها (1).
والمناسبة على الشبهية.
والمقاصد الضرورية الخمسة على غيرها، ومكمِّلُها على الحاجية،
وهي على التحسينية.
وحفظ الدين على الأربعة؛ لأن ثمرته سعادة الآخرة، وغيره قُصِد
لأجله؛ لقوله: (وما خلقت الجن) الآية (2).
وقيل: الأربعة؛ لأنه حق آدمي يتضرر به، ولهذا قُدِّم القود على
قتل الردة، ومصلحةُ النفس في تخفيف صلاة عن مريض ومسافر،
وأداءِ صوم وإنجاء غريق، وحفظُ المال بترك جمعة وجماعة، وبقاء
الذمي مع كفره.
رد: قدم القتل؛ لأن فيه حقين، ولا يفوت حق الله بالعقوبة
البدنية في الآخرة.
وفي التخفيف عنهما تقديم على فروع الدين لا أصوله، ثم: هو قائم
مقامه (3)، فلم يختلف المقصود، وكذا غيرهما (4).
__________
(1) يعني: للحكمة.
(2) سورة الداريات: آية 56.
(3) يعني: مشقة الركعتين في السفر تقوم مقام مشقة الأربع في
الحضر، وكذلك صلاة المريض قاعدًا بالنسبة إِلى صلاته -وهو
صحيح- قائمًا.
(4) فالصوم لا يفوت مطلقًا، بل إِلى قضاء، وكذلك الكلام في ترك
الجمعة والجماعة.
(4/1621)
وبقاء الذمي من مصلحة الدِّين؛ لاطلاعه على
محاسن الشريعة، فيسهل انقياده، كما في صلح الحديبية (1)
وتسميته (فتحا مبينا) (2).
ثم: مصلحة النفس؛ لأن البقية لأجلها.
ثم: النسب؛ لشدة تعلقه ببقائها (3)؛ لبقاء الولد (4) لا مربي
له.
ثم: العقل؛ لأن به التكليف.
ثم: المال.
ويقدم ما موجِب نقض علته مانع أو فوات شرط على ما موجبه ضعيف،
لأن (5) قوته (6) دليل قوتها.
وما موجب نقضها محقَّق على محتمل.
وبانتفاء مزاحمها في أصلها.
وبرجحانها عليه (7).
__________
(1) تقدم خبر صلح الحديبية في ص 689، 809.
(2) سورة الفتح: آية 1.
(3) يعني: النفس.
(4) نهاية 260 ب من (ب).
(5) في (ب): لا قوته.
(6) يعني: الناقض.
(7) يعني: ما رجحت على مزاحمها تقدم على ما لم ترجح على
مزاحمها.
(4/1622)
والمقتضية للثبوت عند القاضي (1) وأصحابه
والروضة (2)؛ للاحتياط لإِفادتها حكماً شرعيًا.
وقاسه أبو الخطاب (3) على الخبرين.
وسبق (4) كلام أبي محمَّد.
واختار الآمدي (5): النافية؛ لتتمة (6) مقتضاها بتقدير رجحانها
وبتقدير مساواتها (7)، ولتأييدها بالأصل، والحكم (8) إِنما طلب
(9) للحكمة (10)، والشارع يحصلها (11) بالحكم وبنفيه (12).
__________
(1) انظر: العدة/ 237 أ.
(2) انظر: روضة الناظر/ 393.
(3) انظر: التمهيد/ 189 ب.
(4) في ص 1604 - 1605. وأبو محمَّد: هو الجوزي.
(5) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 278.
(6) يعني: أنه يتم مقتضاها ...
(7) والمثبتة لا يتم مقتضاها إِلا بتقدير رجحانها.
(8) نهاية 488 من (ح).
(9) هذا جواب دليل مقدر: المثبتة مقتضاها حكم شرعي بالاتفاق،
بخلاف النافية، وما فائدتها شرعية بالاتفاق تكون أولى.
(10) في (ب): للحكم. وفي (ح): الحكمة.
(11) في (ب) و (ح): يخصها.
(12) في (ظ): وينفيه.
(4/1623)
وبقوة المناسبة: بأن تكون أفضى إِلى
مقصودها، أو لا تناسب نقيضه (1).
والعامة للمكلفين على الخاصة؛ لكثرة الفائدة.
وفي الواضح (2): له الاستدلال بكل من علتين مستقلتين.
وقدم قوم الخاصة؛ لتصريحها بالحكم.
وما أصلها من جنس فرعها: كإِلحاق بيع الغائب بالسلم بلا صفة
وبقوله: "بعتك عبدًا"، وقاله الكرخي (3) وأكثر الشافعية (4).
والمقتضية للحرية، ذكره في الكفاية (5) وبعض المتكلمين.
واختار في التمهيد (6): "سواء"، وذكره عن الشافعية، وذكر في
القتضية لنفي الحد احتمالات، أحدها: سواء، كالحلواني (7) وبعض
الشافعية (8) وظاهر اختيار الروضة (9)، والثاني: النافية، كأبي
عبد الله
__________
(1) نهاية 174 ب من (ظ).
(2) انظر: الواضح 1/ 143 أ.
(3) انظر: المعتمد/ 853، والمسودة/ 385.
(4) انظر: اللمع/ 70، والمعتمد/ 853.
(5) انظر: المسودة/ 377.
(6) انظر: التمهيد/ 189 ب.
(7) انظر: المسودة/ 378.
(8) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 485.
(9) انظر: روضة الناظر/ 391 - 392.
(4/1624)
البصري (1)، والثالث: المثبتة، كعبد (1)
(2) الجبار، قال في الكفاية (3): "هو أشبه بأصلنا"، وتعلق
بكلام أحمد.
والحاظرة أولى عند القاضي (4) وابن عقيل (5) والكرخي (6) وأبي
الخطاب (7)، وذكر احتمالا: سواء، كظا هو اختيار الروضة (8).
وللشافعية (9) وجهان.
وما لم يخص أصلها -ذكره ابن عقيل (10) وأبو الخطاب (11) -
كالطعم مع الكيل عند من يجيز التفاضل في القليل.
وما وجد حكمها معها لا قبلها عند أصحابنا -قال بعض أصحابنا
(12):
__________
(1) انظر: المعتمد/ 849.
(2) نهاية 261أمن (ب).
(3) انظر: المسودة/ 378.
(4) انظر: العدة/ 237 أ.
(5) انظر: الواضح 1/ 193 أ.
(6) انظر: التبصرة/ 484، والمسودة/ 378.
(7) انظر: التمهيد/ 189 ب- 190 أ.
(8) انظر: روضة الناظر/ 391 - 392.
(9) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 484.
(10) انظر: الواضح 1/ 192 ب، والمسودة/ 381 - 382.
(11) انظر: التمهيد/ 190 ب.
(12) انظر: المسودة / 382.
(4/1625)
وفيه نظر- كـ "المبتوتة أجنبية، فلا نفقة
كالمنقضية العدة" على قول الخصم: معتدة كالرجعية (1).
وما وصفت بموجود في الحال، كرهن المشاع: "يصح بيعه (2) " راجح
(3) على قول الخصم: قارن العقد معنى يوجب استحقاق رفع يده في
الثاني (4).
وما عَمَّت معلولها، كـ "القود بين الرجل والمرأة في النفس،
فكذا الطرف كالحرين" على قول الخصم: "مختلفان في بدل النفس،
كمسلم مع مستأمن"؛ لانتفاء قود في طرفي عبدين (5).
والمفسرة على المجملة -كتقديمه في كتاب وسنة- كنفي كفارة
بأكله؛ لأنه إِفطار بغير جماع كبلع [حصاة] (6) على قول الخصم:
أفطر بممتنع جنسه.
وهذه الثلاث في التمهيد (7) وغيره، ولم يذكرها جماعة.
.....................
__________
(1) فسقوط نفقة من انقضت عدتها وجد بوجودها، ووجوب النفقة
والسكنى للرجعية موجود قبل طلاقها.
(2) يعني: فصح رهنه.
(3) في (ب) و (ظ): يصح بيعه على قول الخصم: راجح قارن ...
(4) يعني: في ثاني الحال.
(5) تساويا في القيمة، فهذا يدل على أنه لا تأثير لقولهم:
مختلفان في بدل النفس.
(6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(7) انظر: التمهيد/ 188أ، 190 ب.
(4/1626)
|