الأشباه والنظائر لابن نجيم

كِتَابُ الصُّلْحِ
الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ، إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى.
الْأُولَى: مَا إذَا صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَهُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَطَلَ الصُّلْحُ وَفِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ لَا (انْتَهَى)
وَيُزَادُ مَا فِي الْمَجْمَعِ: لَوْ صَالَحَهُ عَنْ شَاةٍ عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ، يُجِيزُهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ.
وَعَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا.
كَمَا فِي الشَّرْحِ، مَعَ أَنَّ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ. الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
أَجَّلَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ لِلْآخِذِ صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ. أَجَّلَتْ امْرَأَةُ

(1/221)


الْعِنِّينِ زَوْجَهَا بَعْدَ الْحُلُولِ صَحَّ وَلَهَا الرُّجُوعُ.
اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَمْهَلَهُ الْمُدَّعِي صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ.
الصُّلْحُ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ؛ إذْ لَا نِزَاعَ وَيَصِحُّ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي بَعْدَهُ عَلَى أَصْلِ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِي صُلْحِ الْوَصِيِّ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى إنْكَارٍ إذَا صَالَحَ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَأَقَامَهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ طُلِبَ يَمِينُهُ لَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُنَا لَيْسَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ.
الصُّلْحِ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ بَعْدَهُ تُقْبَلْ، وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى صُلْحٍ قَبْلَهُ بَطَلَ الثَّانِي إذْ الصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.
الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى إنْكَارٍ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ، وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ.
فَيُقَالُ إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ صَحِيحٌ لَا بَيْعُهُ.
وَصُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِجَنِينِ الْأَمَةِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَبَيَانُهُ فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة. طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَطَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ يَكُونُ إقْرَارًا.
الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى شَيْءٍ إنَّمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْعُقْبَى، إلَّا إذَا قَالَ: صَالَحْتُكَ عَلَى كَذَا وَأَبْرَأْتُك عَنْ الْبَاقِي.
الصُّلْحُ إذَا كَانَ مِنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ إجَارَةً، وَلَوْ كَانَ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَّا إذَا صَالَحَهُ عَلَى غَلَّتِهِ أَوْ غَلَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَثَمَرَةِ النَّخْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَالْقِصَاصِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْحَدِّ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

(1/222)


صَالَحَ الْمَحْبُوسَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إذَا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حَبْسُهُ ظُلْمًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الصُّلْحُ يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالنَّقْضَ إلَّا إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ عَلَى خَمْسَةٍ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
ادَّعَى فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ

كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ
إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ، إلَّا فِي الْوَصِيِّ يَأْخُذُ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَمِلَ. كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ.
إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَهَا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ عَكْسُهُ فَلِلْمُضَارِبِ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ: الثُّلُثَ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ، لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّصِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلِلْمُضَارِبِ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُ إلَيْهِ التُّجَّارُ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ. لَا يَتَجَاوَزُ الْمُضَارِبُ مَا عَيَّنَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ إلَّا إذَا قُيِّدَ عَلَيْهِ بِسُوقٍ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ بِأَهْلِ بَلَدٍ كَأَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِمْ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ.
الْمُضَارَبَةُ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ فَتَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ، تُصْرَفُ أَوَّلًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَّا إذَا صَارَ الْمَالُ عَرُوضًا.
إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تَعْمَلْ بِرَأْيِكَ صَحَّ نَهْيُهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ.
أَطْلَقَهَا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ عَمِلَ نَهْيَهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.