الأشباه والنظائر للسيوطي [الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ]
ِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ
وَالتَّعْلِيقِ: أَنَّ التَّعْلِيقَ مَا دَخَلَ عَلَى أَصْلِ
الْفِعْلِ فِيهِ بِأَدَاتِهِ: كَإِنْ، وَإِذَا. وَالشَّرْطُ
مَا جُزِمَ فِيهِ بِالْأَوَّلِ، وَشُرِطَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ.
[قَاعِدَةٌ: الشَّرْطُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ
الْمُسْتَقْبَلَةِ]
ِ: أَمَّا الْمَاضِيَةُ، فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهَا،
وَلِهَذَا - لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِقْرَار بِالشَّرْطِ،
لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ مَاضِي، وَنَصٌّ عَلَيْهِ. وَلَوْ
قَالَ: يَا زَانِيَةُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ قَاذِفٌ
لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ مَاضِي فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ
بِالْمَشِيئَةِ وَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ:
وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ. حَنِثَ كَمَا
قَالَ: الزَّرْكَشِيُّ فِي - قَوَاعِدِهِ، وَخَطَّأَ
الْبَارِزِيُّ فِي فَتْوَاه بِعَدَمِ الْحِنْثِ.
[قَاعِدَةٌ: أَبْوَابُ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا عَلَى أَرْبَعَةِ
أَقْسَامٍ]
ٍ أَحَدُهَا: مَا لَا يَقْبَلُ الشَّرْطَ، وَلَا التَّعْلِيقَ:
كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ، وَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ
وَالصَّوْمِ (إلَّا فِي صُوَرٍ تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاؤُهَا فِي
أَوَّلِ الْكِتَابِ) ، وَالضَّمَانِ وَالنِّكَاحِ،
وَالرَّجْعَةِ وَالِاخْتِيَارِ، وَالْفُسُوخِ وَالثَّانِي: مَا
يَقْبَلهُمَا كَالْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ وَالْحَجِّ.
(1/376)
الثَّالِثُ: مَا لَا يَقْبَلُ
التَّعْلِيقَ، وَيَقْبَلُ الشَّرْطَ كَالِاعْتِكَافِ،
وَالْبَيْعِ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْوَقْفِ،
وَالْوِكَالَةِ.
الرَّابِعُ: عَكْسُهُ: كَالطَّلَاقِ، وَالْإِيلَاءِ،
وَالظِّهَارِ، وَالْخَلْعِ.
[قَاعِدَةٌ: مَا كَانَ تَمْلِيكًا مَحْضًا لَا مَدْخَلَ
لِلتَّعْلِيقِ فِيهِ قَطْعًا]
، كَالْبَيْعِ وَمَا كَانَ حِلًّا مَحْضًا يَدْخُلهُ قَطْعًا،
كَالْعِتْقِ وَبَيْنَهُمَا مَرَاتِبُ يَجْرِي فِيهَا:
كَالْفَسْخِ، وَالْإِبْرَاءِ: يُشْبِهَانِ التَّمْلِيكَ
وَكَذَا الْوَقْفُ، وَفِيهِ شَبَهٌ يَسِيرٌ بِالْعِتْقِ،
فَجَرَى وَجْهٌ ضَعِيفٌ. وَالْجِعَالَةُ، وَالْخَلْعُ:
الْتِزَامٌ يُشْبِهُ النَّذْرَ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ
مِلْكٌ.
ضَابِطُ مَا قَبِلَ التَّعْلِيقَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ
الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ إلَّا فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ: إنْ
كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا أَحْرَمْت، فَإِنَّهُ يَصِحُّ،
بِخِلَافِ إذَا أَحْرَمَ أَحْرَمْت فَلَا يَصِحُّ.
ضَابِطٌ لَيْسَ لَنَا خُرُوجٌ مِنْ عِبَادَةٍ بِشَرْطٍ، إلَّا
فِي الِاعْتِكَافِ، وَالْحَجِّ.
[قَاعِدَةٌ: الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ تُفْسِدُ الْعُقُودَ]
َ إلَّا الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ،
وَالْقَرْضَ بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ أَوْ أَنْ
يُقْرِضَهُ شَيْئًا آخَرَ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا.
ضَابِطٌ:
لَا يَقْبَلُ الْبَيْعُ التَّعْلِيقَ، إلَّا فِي صُوَرٍ:
الْأُولَى: بِعْتُك إنْ شِئْت الثَّانِيَةُ: إنْ كَانَ
مِلْكِي، فَقَدْ بِعْتُكَهُ، وَمِنْهَا اخْتِلَافُ الْوَكِيلِ
وَالْمُوَكِّل فَيَقُولُ: إنْ كُنْتُ أَمَرْتك بِعِشْرِينَ
فَقَدْ بِعْتُكَهَا بِهَا.
الثَّالِثَةُ: الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ: كَأَعْتِقْ عَبْدَك
عَنِّي عَلَى مِائَةٍ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَلَا
يَقْبَلُ الْإِبْرَاءَ التَّعْلِيقَ، إلَّا فِي صُوَرٍ:
الْأُولَى: إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك، صَرَّحَ
بِهِ الْمُتَوَلِّي.
الثَّانِيَةُ إذَا مِتُّ فَأَنْتِ فِي حِلٍّ فَهُوَ وَصِيَّةٌ.
كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ.
(1/377)
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ ضِمْنًا، لَا قَصْدًا. كَمَا إذَا
عَلَّقَ عِتْقَهُ، ثُمَّ كَاتَبَهُ. فَوَجَدْت الصِّفَةُ
عَتَقَ، وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ مِنْ النُّجُومِ،
حَتَّى يَتْبَعَهُ أَكْسَابُهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ.
تَبِعَهُ كَسْبُهُ.
[قَاعِدَةٌ: مِنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ
وَمَنْ لَا فَلَا]
وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ الْأَوَّلِ:
الزَّوْجَ يَقْدِرُ عَلَى تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ وَالتَّوْكِيلِ
فِيهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّوْكِيلِ فِي التَّعْلِيقِ،
إذَا مَنَعْنَا التَّوْكِيلَ فِيهِ وَمِنْ الثَّانِي: صُوَرٌ
يَصِحُّ فِيهَا التَّعْلِيقُ، لِمَنْ لَا يَمْلِكُ
التَّنْجِيزَ.
مِنْهَا: الْعَبْدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَنْجِيزِ الطَّلْقَةِ
الثَّالِثَةِ، وَيَمْلِكُ تَعْلِيقَهَا إمَّا مُقَيَّدًا
بِحَالِ مِلْكِهِ كَقَوْلِهِ: إنْ عَتَقَتْ، فَأَنْتِ طَالِقٌ
ثَلَاثًا، أَوْ مُطْلَقًا: كَإِنْ دَخَلْت، فَأَنْتِ طَالِقٌ
ثَلَاثًا ثُمَّ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ فَتَقَعُ
الثَّالِثَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهَا: يَجُوزُ تَعْلِيقُ
طَلَاقِ السُّنَّةِ فِي الْحَيْضِ: وَطَلَاقُ الْبِدْعَةِ فِي
طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ
تَنْجِيزُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
[قَاعِدَةٌ: مَا قَبِلَ التَّعْلِيقَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ
صَحَّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ]
ِ، كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، وَالْحَجِّ وَمَا لَا فَلَا:
كَالنِّكَاحِ ; وَالرَّجْعَةِ، وَالْبَيْعِ. وَاسْتَثْنَى
الْإِمَامُ مِنْ الْأَوَّلِ: الْإِيلَاءَ، فَإِنَّهُ يَقْبَلُ
التَّعْلِيقَ وَلَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ الْمَحَلِّ
إلَّا الْفَرْجَ وَلَا اسْتِثْنَاءَ فِي الْحَقِيقَةِ،
لِصِدْقِ إضَافَتِهِ إلَى الْبَعْضِ. وَاسْتَدْرَكَ
الْبَارِزِيُّ: الْوَصِيَّة يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا، وَلَا
تَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَى بَعْضِ الْمَحَلِّ. وَيُسْتَثْنَى
مِنْ الثَّانِي صُوَرٌ: مِنْهَا: الْكَفَالَةُ، وَالْقَذْفُ. |