الفصول في الأصول [بَابٌ الْقَوْلُ فِي اللَّفْظِ الْعَامِّ
الْمُخْرَجِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ]
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ يَرِدُ اللَّفْظُ الْعَامُّ
وَالْمُرَادُ الْعُمُومُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ
بِكُلِّ
(1/135)
شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75] وَقَوْلِهِ
{إنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس: 44]
وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّك أَحَدًا} [الكهف: 49]
وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ يَرِدُ اللَّفْظُ
الْخَاصُّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] وَقَوْلِهِ {يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبِّك}
[المائدة: 67] وقَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ
مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]
وَنَظَائِرِهِ. وَقَدْ يَرِدُ اللَّفْظُ الْخَاصُّ
وَالْمُرَادُ (الْعُمُومُ) ، وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلَ ذَلِكَ
أَنَّ الْعُمُومَ يَصِحُّ إطْلَاقُهُ فِي الْأَحْكَامِ مَعَ
عَدَمِ اللَّفْظِ فِيهِ.
(1/136)
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي اللَّفْظِ
الْعَامِّ الْمُخْرَجِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ]
وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] فَافْتَتَحَ
الْخِطَابَ بِذِكْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ سَائِرُ مَنْ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ
لِلْعِدَّةِ. وَقَالَ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ
لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] وقَوْله تَعَالَى {وَلَا
تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] وَالْمُرَادُ
سَائِرُ الْمُكَلَّفِينَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي
جَوَازِ وُرُودِ اللَّفْظِ الْعَامِ وَالْمُرَادُ الْخُصُوصُ،
فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ هَذَا لَا يَمْتَنِعُ وَقَدْ وُجِدَ
ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى نَحْوُ قَوْله تَعَالَى:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا
لَكُمْ} [آل عمران: 173] وَعُمُومُهُ يَقْتَضِي دُخُولَ
جَمِيعِ النَّاسِ فِي اللَّفْظَيْنِ وَالْمُرَادُ بَعْضُهُمْ
لِأَنَّ الْقَائِلِينَ غَيْرُ الْمَقُولِ لَهُمْ. وَنَحْوُ
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ}
[النساء: 1] لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْأَطْفَالُ
وَالْمَجَانِينُ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. وَكَانَ
(شَيْخُنَا) أَبُو الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِمَّنْ
يُجَوِّزُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: إنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ فِي
مِثْلِهِ مَجَازٌ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ
أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ وُرُودُ لَفْظِ الْعَامِّ
وَالْمُرَادُ (بِهِ) الْخُصُوصُ.
(1/137)
لِأَنَّ الدَّلَالَةَ الْمُوجِبَةَ
لِلْخُصُوصِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ
بِالْجُمْلَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ
سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] غَيْرُ جَائِزٍ
أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ عِبَارَةٌ عَنْ أَلْفِ
(سَنَةٍ) كَامِلَةٍ. كَذَلِكَ قِيَامُ الدَّلَالَةِ عَلَى
إرَادَةِ الْخُصُوصِ تَجْعَلُ اللَّفْظَ خَاصًّا،
وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَفْظَ عُمُومٍ قَطُّ.
وَلَيْسَ وُجُودُ اللَّفْظِ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْعُمُومِ
بِمُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ عُمُومًا بَلْ هُوَ (لَفْظٌ) خَاصٌّ
صُورَتُهُ غَيْرُ صُورَةِ لَفْظِ الْعُمُومِ كَمَا أَنَّ
وُجُودَ لَفْظِ (الْأَلْفِ مِنْ) قَوْلِهِ {أَلْفَ سَنَةٍ
إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] لَا يُوجِبُ أَنْ
تَكُونَ هَذِهِ الصِّيغَةُ هِيَ صِيغَةَ الْأَلْفِ
الْمُطْلَقَةِ الْعَارِيَّةِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بَلْ
الصِّيغَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ كَذَلِكَ اقْتِرَانُ دَلَالَةِ
الْخُصُوصِ إلَى اللَّفْظِ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْعُمُومِ
يُغَيِّرُ صِيغَةِ اللَّفْظِ وَيَمْنَعُ كَوْنَهُ عَامًّا
أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا
كَانَ هَذَا وَصْفَهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ
فِيمَا وَرَدَ فِيهِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَلَيْسَ أَنَّ دَلَالَةَ التَّخْصِيصِ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ
مَعَ اللَّفْظِ بِمَانِعِ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى
الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِاللَّفْظِ لِأَنَّا قَدْ
وَجَدْنَا اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ الَّذِي قَدْ أُرِيدَ بِهِ
فِي اسْتِثْنَاءِ بَعْضِهِ قَدْ اُقْتُصِرَ فِيهِ عَلَى
الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الِاسْتِثْنَاءِ مُتَّصِلًا
بِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذُكِرَ فِي
بَعْضِهَا وَلَمْ يَكُنْ وُجُودُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ
وَجَوَازُهُ فِيهِ بِمَانِعٍ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ
مُرَادًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ لُوطٍ - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ
وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ
(1/138)
مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ
تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65] فَلَمْ يَسْتَثْنِ امْرَأَتَهُ فِي
هَذَا الْمَوْضِعِ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ
لَمْ يَذْكُرْهَا ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ {فَأَسْرِ
بِأَهْلِك بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ
أَحَدٌ إلَّا امْرَأَتَك} [هود: 81] فَأَظْهَرَ
الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ
حُكْمُ اللَّفْظَيْنِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مُسْتَثْنًى مِنْهُ الْمَرْأَةُ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ
كَانَتْ مَذْكُورَةً فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَذْكُورَةٍ فِي
الْآخَرِ. وَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى {إنَّكُمْ وَمَا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء:
98] وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْمَسِيحَ
وَعُزَيْرًا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا (أَجْمَعِينَ)
فَأَنْزَلَ الْآيَةَ مُطْلَقَةً اكْتِفَاءً بِالدَّلَالَةِ
الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُهُمَا (فِي
الْآخِرَةِ) ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ
الْمُتَّصِلِ بِاللَّفْظِ، فَلَمَّا قَالَ الْمُشْرِكُونَ
هَذَا الْمَسِيحُ وَالْعُزَيْرُ قَدْ عُبِدَا مِنْ دُونِ
اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ
لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}
[الأنبياء: 101] ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ اللَّفْظِ
بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَبْلَهَا. فَهَذَا يَدُلُّ
عَلَى أَنَّ دَلَالَةَ التَّخْصِيصِ بِمَنْزِلَةِ
الِاسْتِثْنَاءِ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَخْتَلِفَ
حُكْمُ اللَّفْظِ فِيهِمَا فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي
مَوْضِعِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِلَفْظِ عُمُومٍ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا الْقَوْلُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ
الْمَجَازِ وَالِاتِّسَاعِ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ
أَنْ يَكُونَ قِيَامُ الدَّلَالَةِ عَلَى كَوْنِهِ مَجَازًا
بِمَنْزِلَةِ الْمَذْكُورِ مَعَهُ وَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى
{إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ
(1/139)
خَمْرًا} [يوسف: 36] (بِمَنْزِلَةِ إنِّي
أَرَانِي أَعْصِرُ مَا يَصِيرُ خَمْرًا) وقَوْله تَعَالَى:
{إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57]
بِمَنْزِلِهِ: إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ
{وَجَاءَ رَبُّك} [الفجر: 22] كَقَوْلِهِ جَاءَ أَمْرُ رَبِّك
". فَتَصِيرُ الدَّلَائِلُ الْمُوجِبَةُ لِكَوْنِ اللَّفْظِ
مَجَازًا هِيَ الْمُوجِبَةَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً. قِيلَ
لَهُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ
يَلْزَمْ (مِثْلُهُ فِي) الدَّلَائِلِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ
الِاسْتِثْنَاءِ. وَلَوْ جَازَ أَنْ يَتَطَرَّقَ بِمَا ذَكَرْت
إلَى إبْطَالِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُكْمِ اللَّفْظِ لَجَازَ
أَنْ يَتَطَرَّقَ بِهِ إلَى أَنْ تَجْعَلَ اللَّفْظَ
الْمُسْتَثْنَى مَجَازًا كَمَا قُلْت فِي دَلَالَةِ
التَّخْصِيصِ سَوَاءً. وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ - رَحِمَهُ
اللَّهُ - يَقُولُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ: إنَّ دُخُولَهُ عَلَى
الْكَلَامِ لَا يَجْعَلُهُ مَجَازًا. وَأَيْضًا: فَإِنَّ
الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَرْيَةَ لَا تَكُونُ
عِبَارَةً عَنْ أَهْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ بِحَالٍ،
وَالْخَمْرَ لَا يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ الْعَصِيرِ،
وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَلْفَاظِ الْمَجَازِ (يَجُوزُ أَنْ) لَا
يَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْمُرَادِ بِهَا (حَقِيقَةً) .
وَقَوْلُهُ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] إذَا
أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، كَانَ
اللَّفْظُ عِبَارَةً عَنْهُمْ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا فَلَا
فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:
5] وَمُرَادُهُ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ لِدَلَائِلَ قَامَتْ
وَبَيْنَ قَوْلِهِ اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ هُمْ
عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ اللَّفْظُ
مَجَازًا بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ (فِيهِمْ) فَلِذَلِكَ لَمْ
يَلْزَمْ مَا ذَكَرْت.
(1/140)
{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ
النِّسَاءِ} [النساء: 3] هُوَ عُمُومٌ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ
إبَاحَةَ جَمِيعِ النِّسَاءِ فَلَمَّا قَالَ {حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَمَا ذُكِرَ
بَعْدَهَا دَلَّ عَلَى (أَنَّ) الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ
{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: 3] مَنْ عَدَا
الْمَذْكُورَاتِ بِالتَّحْرِيمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
وَنَحْوُهُ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}
[النور: 2] فَلَوْ خَلَّيْنَا وَالْعُمُومَ كَانَتْ الْأَمَةُ
وَالْحُرَّةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، فَلَمَّا قَالَ فِي
الْإِمَاءِ {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ
مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ} [النساء: 25]
خَصَّهُنَّ مِنْ الْآيَةِ الْأُولَى، وَبَيَّنَ فِي
الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى الْحَرَائِرُ،
وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَكُونُ تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِقُرْآنٍ
مِثْلِهِ. لِأَنَّ التَّخْصِيصَ لَمَّا كَانَ بَيَانًا
لِلْمُرَادِ بِاللَّفْظِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ بَيَانُهُ
إلَّا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} [النحل: 44]
وَيُقَالُ لَهُمْ: إنَّ هَذَا فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ
الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَأَمَّا
مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ.
(1/141)
|