المختصر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل مُقَدّمَة
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة أقضى الْقُضَاة
عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن على بن عَبَّاس البعلى الحنبلى
رَحمَه الله تَعَالَى ورضى عَنهُ
الْحَمد لله الْجَاعِل التَّقْوَى أصل الدّين واساسه الْمُبين
معنى مُجمل الْكتاب والمبدع أَنْوَاعه وأجناسه الْمَانِع أولى
الْجَهْل من اتِّبَاعه والمانح الْعلمَاء اقتباسه
وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة
عبد أدأب فى طَاعَة مَوْلَاهُ جوارحه وأنفاسه وَأشْهد أَن
معمدا عَبده وَرَسُوله الذى طهر باتباعه الْمُؤمنِينَ وأذهب
عَنْهُم كيد الشَّيْطَان وأرجاسه صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله
وَصَحبه صَلَاة دائمة تبوىء قَائِلهَا اتِّبَاع الْحق وتوضح
لَهُ التباسه
أما بعد فَهَذَا مُخْتَصر فى أصُول الْفِقْه على مَذْهَب
الإِمَام الربانى أَبى عبد الله أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل
الشيبانى رضى الله عَنهُ أجتهدت فى اختصاره وتحريره
(1/29)
وتبيين رموزه وتحبيره مَحْذُوف التَّعْلِيل
والدلائل مُشِيرا الى الْخلاف والوفاق فى غَالب الْمسَائِل
مُرَتبا تَرْتِيب ابناء زَمَاننَا مجيبا سُؤال من تكَرر
سُؤَاله من إِخْوَاننَا وَالله سُبْحَانَهُ المسؤول أَن يَجعله
خَالِصا لوجهه الْكَرِيم نَافِعًا صَوَابا وَأَن يثبت أمورنا
وَيجْعَل التَّقْوَى شعارا لنا وجلبابا بمنه وَكَرمه فَنَقُول
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
أصُول الْفِقْه مركب من مُضَاف ومضاف اليه وَمَا كَانَ كَذَلِك
فتعريفه من حَيْثُ هُوَ مركب إجمالى لقبى وَبِاعْتِبَار كل من
مفرداته تفصيلي
فأصول الْفِقْه بِالِاعْتِبَارِ الأول الْعلم بالقواعد الَّتِى
يتَوَصَّل بهَا الى استنباط الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الفرعية
عَن أدلتها التفصيلية وبالثانى الْأُصُول الآتى ذكرهَا
وهى جمع أصل وأصل الشىء مَا مِنْهُ الشىء أَو مَا اسْتندَ
الشىء فى وجوده اليه أَو مَا ينبنى عَلَيْهِ غَيره أَو مَا
احْتِيجَ اليه أَقْوَال
(1/30)
وَالْفِقْه لُغَة الْفَهم والفهم إِدْرَاك
معنى الْكَلَام بِسُرْعَة قَالَه ابْن عقيل فى الْوَاضِح
وَالْأَظْهَر لَا حَاجَة الى قيد السرعة وحد الْفِقْه شرعا
الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة الفرعية عَن أدلتها
التفصيلية بالاستدلال
والفقيه من عرف جملَة غالبة وَقيل كَثِيرَة مِنْهَا عَن أدلتها
التفصيلية بالاستدلال
واصول الْفِقْه فرض كِفَايَة
وَقيل فرض عين حَكَاهُ ابْن عقيل وَغَيره
(1/31)
وَالْمرَاد الِاجْتِهَاد قَالَه ابو
الْعَبَّاس وَغَيره
وَأوجب ابْن عقيل وَابْن الْبَنَّا وَغَيرهمَا تقدم
مَعْرفَتهَا
وَأوجب القاضى وَغَيره تقدم معرفَة الْفُرُوع
(1/32)
الدَّلِيل لُغَة المرشد والمرشد الناصب
والذاكر وَمَا بِهِ الْإِرْشَاد
وَاصْطِلَاحا مَا يُمكن التَّوَصُّل بِصَحِيح النّظر فِيهِ الى
مَطْلُوب خبرى عِنْد أَصْحَابنَا وَغَيرهم
قَالَ أَحْمد رضى الله عَنهُ الدَّال الله عز وَجل وَالدَّلِيل
الْقُرْآن والمبين الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمستدل
أولو الْعلم هَذِه قَوَاعِد الاسلام
وَقيل يُزَاد فى الْحَد الى الْعلم بالمطلوب فَتخرج الأمارة
وَجزم بِهِ فى الْوَاضِح
وَذكره الآمدى قَول الْأُصُولِيِّينَ وَأَن الأول قَول
الْفُقَهَاء
(1/33)
وَقيل قَولَانِ فَصَاعِدا يكون عَنهُ قَول
آخر
وَقيل يسْتَلْزم لنَفسِهِ فَتخرج الأمارة
وَالنَّظَر الْفِكر الذى يطْلب بِهِ علم أَو ظن
وَالْعلم يحد عِنْد أَصْحَابنَا قَالَ فى الْعدة والتمهيد
(1/34)
هُوَ معرفَة الْمَعْلُوم على مَا هُوَ بِهِ
وَالأَصَح صفة توجب تمييزا لَا يحْتَمل النقيض فَيدْخل
إِدْرَاك الْحَواس كالأشعرى وَإِلَّا زيد فى الْأُمُور
المعنوية
وَقيل لَا يحد قَالَ أَبُو المعالى لعسره قَالَ لَكِن يُمَيّز
ببحث وتقسيم وَمِثَال
(1/35)
وَقَالَ صَاحب الْمَحْصُول لِأَنَّهُ ضرورى
من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن غير الْعلم لَا يعلم أَلا بِالْعلمِ فَلَو علم
الْعلم بِغَيْرِهِ كَانَ دورا
والثانى أَن كل أحد يعلم وجود ضروره
وَعلم الله تَعَالَى قديم لَيْسَ ضَرُورِيًّا وَلَا نظريا
وفَاقا
وَلَا يُوصف سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ عَارِف ذكره بَعضهم
إِجْمَاعًا وَوَصفه الكرامية بذلك
وَعلم الْمَخْلُوق مُحدث ضرورى ونظرى
وفَاقا فالضرورى مَا علم من غير نظر وَالْمَطْلُوب بِخِلَافِهِ
ذكره فى الْعدة والتمهيد
(1/36)
وَالذكر الحكمى إِمَّا أَن يحْتَمل
مُتَعَلّقه النقيض بِوَجْه أَولا والثانى الْعلم
وَالْأول إِمَّا أَن يحْتَمل النقيض عِنْد الذاكر لَو قدره
أَولا والثانى الِاعْتِقَاد فَإِن طابق فَصَحِيح وَإِلَّا
ففاسد
وَالْأول إِمَّا أَن يحْتَمل النقيض وَهُوَ رَاجِح أَو لَا
وَالرَّاجِح الظَّن والمرجوح الْوَهم والمساوى الشَّك
وَقد علم بذلك حُدُودهَا
وَالْعقل بعض الْعُلُوم الضرورية عِنْد الْجُمْهُور
قَالَ احْمَد الْعقل غريزة يعْنى غير مكتسب
قَالَه القاضى
وَذهب بعض النَّاس الى أَنه اكْتِسَاب
وَبَعْضهمْ أَنه كل الْعُلُوم الضرورية
وَبَعْضهمْ أَنه جَوْهَر بسيط
وَبَعْضهمْ أَنه مَادَّة وطبيعة
وَالْعقل يخْتَلف فعقل بعض النَّاس اكثر من بعض قَالَه
أَصْحَابنَا
(1/37)
وَخَالف ابْن عقيل والمعتزله والأشعرية
وَمحله الْقلب عِنْد أَصْحَابنَا والأشعرية وَحكى عَن
الْأَطِبَّاء حَتَّى قَالَ ابْن الأعرابى وَغَيره الْعقل
الْقلب وَالْقلب الْعقل
واشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ
فى الدِّمَاغ
وَمن لطف الله تَعَالَى إِحْدَاث الموضوعات اللُّغَوِيَّة
لتعبر عَمَّا فى الضَّمِير
وهى أفيد من الاشارة والمثال وايسر فلنتكلم على حَدهَا
واقسامها وَابْتِدَاء وَضعهَا وَطَرِيق مَعْرفَتهَا
الْحَد كل لفظ وضع لِمَعْنى
أقسامها مُفْرد ومركب
والمفرد اللَّفْظ بِكَلِمَة وَاحِدَة
(1/38)
وَقيل مَا وضع لِمَعْنى وَلَا جُزْء لَهُ
يدل فِيهِ
والمركب بِخِلَافِهِ فيهمَا
فنحو بعلبك مركب على الأول لَا الثانى وَنَحْو يضْرب
بِالْعَكْسِ
ويلزمهم ان نَحْو ضَارب ومخرج مِمَّا لَا ينْحَصر مركب
وينقسم الْمُفْرد الى اسْم وَفعل وحرف
ودلالته اللفظية فى كَمَال مَعْنَاهَا دلَالَة مُطَابقَة
وفى بعض مَعْنَاهَا دلَالَة تضمن كدلالة الجدران على الْبَيْت
وَغير اللفظية دلَالَة الْتِزَام كدلالته على المبانى
وَلم يشْتَرط الأصوليون فى كَون اللَّازِم ذهنيا واشترطه
المنطقيون
والمركب جملَة وَغير جملَة
فالجملة مَا وضع لإِفَادَة نِسْبَة
وَلَا يتاتى إِلَّا فى اسْمَيْنِ أَو فعل وَاسم
وَلَا يرد حَيَوَان نَاطِق وَكَاتب فى زيد كَاتب لِأَنَّهَا لم
تُوضَع لإِفَادَة نِسْبَة
(1/39)
وللمفرد بِاعْتِبَار وحدته ووحدة مَدْلُوله
أَرْبَعَة اقسام
فَالْأول إِن اشْترك فى مَفْهُومه كَثِيرُونَ فَهُوَ الكلى
فَإِن تفَاوت كالوجود للخالق والمخلوق فمشكك والا فمتواطىء
وَأَن لم يشْتَرك فجزئى
وَيُقَال للنوع أَيْضا جزئى
والكلى ذاتى وعرضى
والثانى من الْأَرْبَعَة متقابلة متباينة
الثَّالِث إِن كَانَ حَقِيقَة للمتعدد فمشترك والا فحقيقة
ومجاز
الرَّابِع مترادفة
وَكلهَا مُشْتَقّ وَغير مُشْتَقّ صفة وَغير صفة
مَسْأَلَة الْمُشْتَرك وَاقع عِنْد أَصْحَابنَا
وَالْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة
وَمنع مِنْهُ ابْن الباقلانى وثعلب
(1/40)
والأبهرى والبلخى
وَمنع مِنْهُ بَعضهم فى الْقُرْآن
وَبَعْضهمْ فى الحَدِيث ايضا
قَالَ بعض أَصْحَابنَا وَلَا يجب فى اللُّغَة
وَقيل بلَى
مَسْأَلَة المترادف وَاقع عِنْد أَصْحَابنَا وَالْحَنَفِيَّة
وَالشَّافِعِيَّة خلافًا لثعلب وَابْن فَارس مُطلقًا
وَللْإِمَام فى الْأَسْمَاء الشَّرْعِيَّة
(1/41)
وَالْحَد والمحدود وَنَحْو عطشان نطشان غير
مترادفين على الْأَصَح
وَيقوم كل مترادف مقَام الآخر إِن لم يكن تعبد بِلَفْظِهِ
خلافًا للْإِمَام مُطلقًا وللبيضاوي والهندى وَغَيرهمَا اذا
كَانَا من لغتين
مَسْأَلَة الْحَقِيقَة اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فى وضع أول
وهى لغوية وعرفية وشرعية كالاسد وَالدَّابَّة وَالصَّلَاة
وَالْمجَاز اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فى غير وضع اول على وَجه
يَصح
وَلَا بُد من العلاقة
(1/42)
وَقد تكون بالشكل كالانسان للصورة
أَو فى صفة ظَاهِرَة كالاسد على الشجاع لَا على الأبخر لخفائها
أَو لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا كَالْعَبْدِ على الْعَتِيق
أَو آئل كَالْخمرِ للعصير
أَو للمجاورة مثل جرى الْمِيزَاب
وَلَا يشْتَرط النَّقْل فى الْآحَاد على الْأَصَح
وَاللَّفْظ قبل اسْتِعْمَاله لَيْسَ حَقِيقَة وَلَا مجَازًا
وَيعرف الْمجَاز بِوُجُوه
بِصِحَّة النفى كَقَوْلِه للبليد لَيْسَ بِحِمَار عكس
الْحَقِيقَة وبعدم اطراده وَلَا عكس
وبجمعه على خلاف جمع الْحَقِيقَة كأمور جمع أَمر للْفِعْل
وَامْتِنَاع أوَامِر وَلَا عكس
(1/43)
وبالتزام تَقْيِيده مثل جنَاح الذل ونار
الْحَرْب
وبتوقفه على الْمُسَمّى الآخر مثل {ومكروا ومكر الله}
والحقيقة لَا تَسْتَلْزِم الْمجَاز
وَبِالْعَكْسِ الْأَصَح الاستلزام
مَسْأَلَة وَالْمجَاز وَاقع خلافًا للاستاذ وأبى الْعَبَّاس
وَغَيرهمَا
وعَلى الأول الْمجَاز أغلب وقوعا
قَالَ ابْن جنى أَكثر اللُّغَة مجَاز
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْمَشْهُور أَن الْحَقِيقَة
وَالْمجَاز من عوارض الْأَلْفَاظ
(1/44)
وَهُوَ فى الْقُرْآن عِنْد أَكثر
أَصْحَابنَا وَغَيرهم
قَالَ إمامنا فى قَوْله تَعَالَى {إِنَّا نَحن} هَذَا من مجَاز
اللُّغَة
وأوله أَبُو الْعَبَّاس على الْجَائِز فى اللُّغَة وَمنع
مِنْهُ بعض الظَّاهِرِيَّة وَابْن حَامِد وَحَكَاهُ الْفَخر
إِسْمَاعِيل رِوَايَة وَحَكَاهُ أَبُو الْفضل التميمى من
أَصْحَابنَا
وَحكى عَن ابْن داؤود مَنعه فى الحَدِيث ايضا
وَقد يكون الْمجَاز فى الاسناذ خلافًا لقوم
(1/45)
وفى الْأَفْعَال والحروف وفَاقا لِابْنِ
عبد السَّلَام والنقشوانى
وَمنع الإِمَام الْحَرْف مُطلقًا وَالْفِعْل والمشتق الا
بالتبع
وَلَا يكون فى الْأَعْلَام قَالَ ابْن عقيل فى الْوَاضِح
خلافًا للغزالى فى متلمح الصّفة
وَيجوز الِاسْتِدْلَال بالمجاز ذكره القاضى وَابْن عقيل وَابْن
الزاغونى
(1/46)
وَلَا يُقَاس على الْمجَاز فَلَا يُقَال سل
الْبسَاط ذكره ابْن عقيل
وَذكر ابْن الزغونى فِيهِ خلافًا عَن بعض أَصْحَابنَا بِنَاء
على ثُبُوت اللُّغَة قِيَاسا
مَسْأَلَة إِذا دَار اللَّفْظ بَين الْمجَاز والاشتراك فالمجاز
اولى ذكره بعض أَصْحَابنَا وَغَيرهم
وفى تعَارض الْحَقِيقَة المرجوحة وَالْمجَاز الرَّاجِح
أَقْوَال ثَالِثهَا مُجمل وَاللَّفْظ لحقيقته حَتَّى يقوم
دَلِيل الْمجَاز
مَسْأَلَة الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة وَاقعَة عندنَا وَقيل لَا
شَرْعِيَّة بل اللُّغَوِيَّة بَاقِيَة وزيدت شُرُوطًا فهى
حَقِيقَة لغوية ومجاز شرعى
مَسْأَلَة فى الْقُرْآن المعرب عِنْد ابْن الزاغونى والمقدسى
ونفاه الْأَكْثَر
مَسْأَلَة الْمُشْتَقّ فرع وَافق أصلا
وَهُوَ الِاسْم عِنْد الْبَصرِيين
وَعند الْكُوفِيّين الْفِعْل بِحُرُوفِهِ الْأُصُول
وَمَعْنَاهُ كخفق من الخفقان فَيخرج مَا وَافق بِمَعْنَاهُ
كحبس وَمنع وَمَا وَافق بحزوفه كذهب وَذَهَاب
(1/47)
والاشتقاق الْأَصْغَر اتِّفَاق
الْقَوْلَيْنِ فى الْحُرُوف وترتيبها
والأوسط فى الْحُرُوف
والأكبر اتِّفَاق الْقَوْلَيْنِ من جنس الْحُرُوف كاتفاقهما فى
حُرُوف الْحلق
وَقد يطرد الْمُشْتَقّ كاسم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالصّفة
المشبهة بهما وَقد يخْتَص كالقارورة والدبران
مَسْأَلَة إِطْلَاق الِاسْم الْمُشْتَقّ قبل وجود الصّفة
الْمُشْتَقّ مِنْهَا مجَاز ذكره جمَاعَة إِجْمَاعًا وَالْمرَاد
إِذا أُرِيد الْفِعْل فَإِن اريدت الصّفة المشبهة بالفاعل
كَقَوْلِهِم سيف قطوع وَنَحْوه فَقَالَ القاضى وَغَيره هُوَ
حَقِيقَة لعدم صِحَة النفى وَقيل مجَاز
فَأَما أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته فقديمة وهى حَقِيقَة
عِنْد إمامنا وَأَصْحَابه وَجُمْهُور أهل السّنة
وَحَال وجود الصّفة حَقِيقَة إِجْمَاعًا
وَالْمرَاد حَال التَّلَبُّس لَا النُّطْق قَالَه القاضى
وَأَبُو الطّيب
(1/48)
وَبعد انْقِضَاء الصّفة حَقِيقَة أَو مجَاز
أَو حَقِيقَة إِن لم يكن بَقَاء الْمَعْنى كالمصادر السيالة
أَقْوَال
وَقيل إِن طَرَأَ على الْمُجْمل وصف وجودى يُنَاقض الأول لم
يسم بِالْأولِ إِجْمَاعًا
مَسْأَلَة شَرط الْمُشْتَقّ صدق أَصله خلافًا لأبى على وَابْنه
فَإِنَّهُمَا قَالَا بعالمية الله تَعَالَى دون علمه وعللاها
بِهِ فِينَا
مَسْأَلَة لَا يشق اسْم الْفَاعِل لشَيْء وَالْفِعْل قَائِم
بِغَيْرِهِ خلافًا للمعتزلة
مَسْأَلَة الْأَبْيَض وَنَحْوه من الْمُشْتَقّ يدل على ذَات
متصفة بالبياض لَا على خُصُوص من جسم وَغَيره بِدَلِيل صِحَة
الْأَبْيَض جسم
مَسْأَلَة تثبت اللُّغَة قِيَاسا عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا
(1/49)
ونفاه أَبُو الْخطاب وَأكْثر الْحَنَفِيَّة
وللشافعية قَولَانِ وَاخْتلفُوا فى الرَّاجِح
وللنحاة قَولَانِ اجْتِهَادًا
وَالْإِجْمَاع على مَنعه فى الْأَعْلَام والألقاب قَالَه ابْن
عقيل وَغَيره وَكَذَا مثل إِنْسَان وَرجل وَرفع الْفَاعِل
وَمحل الْخلاف الِاسْم الْمَوْضُوع لمسمى مُسْتَلْزم لِمَعْنى
فى مَحَله وجودا وعدما كَالْخمرِ للنبيذ لتخمير الْعقل
وَالسَّارِق للنباش للأخذ خُفْيَة والزانى للائط للْوَطْء
الْمحرم
مسَائِل الْحُرُوف
الْوَاو لمُطلق الْجمع لَا لترتيب وَلَا معية عِنْد الْأَكْثَر
(1/50)
وَكَلَام أَصْحَابنَا يدل على أَن الْجمع
الْمَعِيَّة
وَذكر فى التَّمْهِيد وَغَيره مَا يدل على أَنه إِجْمَاع أهل
اللُّغَة لإجماعهم أَنَّهَا فى الْأَسْمَاء الْمُخْتَلفَة كواو
الْجمع وياء التَّثْنِيَة فى المتماثلة وَاحْتج بِهِ ابْن عقيل
وَغَيره وَفِيه نظر
وَقَالَ الحلوانى وثعلب من أَصْحَابنَا وَغَيرهمَا من
النُّحَاة وَالشَّافِعِيَّة أَنَّهَا للتَّرْتِيب
وَقَالَ أَبُو بكر إِن كَانَ كل وَاحِد من الْمَعْطُوف
عَلَيْهِ شرطا فى صِحَة الآخر كآية الْوضُوء فللترتيب والا
فَلَا
(1/51)
وَالْفَاء للتَّرْتِيب وللتعقيب فى كل شىء
بِحَسبِهِ
وَمن لابتداء الْغَايَة حَقِيقَة عِنْد أَصْحَابنَا وَأكْثر
النُّحَاة
وَقيل حَقِيقَة فى التَّبْعِيض وَقَالَهُ ابْن عقيل وَقيل فى
التَّبْيِين
والى لانْتِهَاء الْغَايَة وَابْتِدَاء الْغَايَة دَاخل لَا
مَا بعْدهَا فى الْأَصَح وفَاقا لمَالِك والشافعى
(1/52)
وَقَالَ أَبُو بكر إِن كَانَت الْغَايَة من
جنس الْمَحْدُود كالمرافق دخلت والا فَلَا
وَحَكَاهُ القاضى عَن أهل اللُّغَة
وعَلى للاستعلاء وهى للايجاب قَالَه أَصْحَابنَا وَغَيرهم
وفى للظرف قَالَ بعض أَصْحَابنَا حَتَّى فى {ولأصلبنكم فِي
جُذُوع النّخل} كَقَوْل الْبَصرِيين
وَأكْثر أَصْحَابنَا بِمَعْنى على كَقَوْل الْكُوفِيّين
قَالَ بعض أَصْحَابنَا وللتعليل نَحْو {لمسكم فِيمَا
أَخَذْتُم} وللسببية نَحْو دخلت امْرَأَة النَّار فى هرة
حبستها
وَضَعفه بَعضهم لعدم ذكره لُغَة
(1/53)
وَذكر أَصْحَابنَا والنحاة للام أَقسَام
وفى التَّمْهِيد هى حَقِيقَة فى الْملك لَا يعدل عَنهُ إِلَّا
بِدَلِيل
مَسْأَلَة لَيْسَ بَين اللَّفْظ ومدلوله مُنَاسبَة طبيعية
عِنْد الْأَكْثَر خلافًا لعباد بن سُلَيْمَان المعتزلى
مَسْأَلَة مبدأ اللُّغَات تَوْقِيف من الله تَعَالَى بالهام
أَو وحى أَو كَلَام عِنْد أَبى الْفرج المقدسى وَصَاحب
الرَّوْضَة وَغَيرهمَا
(1/54)
البهشمية وَضعهَا الْبشر وَاحِد أَو
جمَاعَة
الْأُسْتَاذ الْقدر الْمُحْتَاج اليه فى التَّعْرِيف تَوْقِيف
وَغَيره مُحْتَمل
ابْن عقيل بَعْضهَا تَوْقِيف وَبَعضهَا اصْطِلَاح وَذكره عَن
الْمُحَقِّقين وَعِنْده الِاصْطِلَاح بعد خطابه تَعَالَى وأبطل
القَوْل بسبقه لَهُ
الْأَحْكَام لَا حَاكم إِلَّا الله تَعَالَى
فالعقل لَا يحسن وَلَا يقبح وَلَا يُوجب وَلَا يحرم عِنْد
أَكثر أَصْحَابنَا
وَقَالَ ابو الْحسن التميمى الْعقل يحسن ويقبح وَيُوجب وَيحرم
مَسْأَلَة فعل الله تَعَالَى وَأمره لَعَلَّه وَحكمه يُنكره
كثير من أَصْحَابنَا والمالكية وَالشَّافِعِيَّة
(1/55)
وَقَالَهُ الْجَهْمِية والاشعرية والظاهرية
ويثبته آخَرُونَ من أَصْحَابنَا وَغَيرهم
وَذكر بَعضهم اجماع السّلف
مَسْأَلَة شكر الْمُنعم من قَالَ الْعقل يحسن ويقبح أوجبه عقلا
وَمن نَفَاهُ أوجبه شرعا وَذكره أَبُو الْخطاب وَمَعْنَاهُ
لِابْنِ عقيل
مَسْأَلَة الْأَعْيَان المنتفع بهَا قبل السّمع على الاباحة
عِنْد التميمى وابى الْفرج المقدسى وأبى الْخطاب
وَالْحَنَفِيَّة
وعَلى الْحَظْر عِنْد ابْن حَامِد والحلوانى فعلية يُبَاح تنفس
وسد رَمق
ذكره بَعضهم اجماعا
وعَلى الْوَقْف عِنْد ابى الْحسن الجزرى
(1/56)
والصيرفى وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْد ابْن
عقيل وَغَيره
فَعَلَيهِ لَا إِثْم بالتناول كَفعل الْبَهِيمَة
وفى افتأله بالتناول خلاف لنا
وَفرض ابْن عقيل الْمَسْأَلَة فى الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال
قبل السّمع
الحكم الشرعى
قيل خطاب الشَّرْع الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين
بالاقتضاء أَو التَّخْيِير أَو الْوَضع
وَقيل مُقْتَضى خطاب الشَّرْع إِلَى آخِره
وفى تَسْمِيَة الْكَلَام فى الْأَزَل خطابا خلاف
ثمَّ الْخطاب إِمَّا أَن يرد باقتضاء الْفِعْل مَعَ الْجَزْم
وَهُوَ الايجاب
أَو لَا مَعَ الْجَزْم وَهُوَ النّدب
أَو باقتضاء التّرْك مَعَ الْجَزْم وَهُوَ التَّحْرِيم
أَو لَا مَعَ الْجَزْم وَهُوَ الْكَرَاهَة
(1/57)
أَو بالتخيير وَهُوَ الْإِبَاحَة فهى حكم
شرعى إِذْ هى من خطاب الشَّرْع خلافًا للمعتزلة
وفى كَونهَا تكليفا خلاف
فَالْوَاجِب قيل مَا عُوقِبَ تَاركه ورد بِجَوَاز الْعَفو
وَقيل مَا توعد على تَركه بالعقاب
ورد بِصدق ايعاد الله تَعَالَى
وَقيل مَا يذم تَاركه شرعا مُطلقًا ليدْخل الموسع والكفاية
حَافظ على عَكسه فاخل بطرده أذ يرد النايم والناسى
وَالْمُسَافر
فان قيل يسْقط الْوُجُوب قُلْنَا وَيسْقط بِفعل الْبَعْض
فالمختار مَا ذمّ شرعا تَاركه قصدا مُطلقًا
وَالْفَرْض وَالْوَاجِب متباينان لُغَة ومترادفان شرعا فى اصح
الرِّوَايَتَيْنِ واختارها
واختارها ابْن عقيل وَغَيره وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّة
(1/58)
وَالثَّانيَِة الْفَرْض آكِد واختارها ابْن
شاقلا والحلوانى
وَذكره ابْن عقيل عَن أَصْحَابنَا وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّة
فَقيل هُوَ مَا ثَبت بِدَلِيل مَقْطُوع بِهِ
وَقيل مَا لَا يسْقط فى عمد وَلَا سَهْو
وَذكر ابْن عقيل رِوَايَة عَن احْمَد رَحمَه الله تَعَالَى
الْفَرْض مالزم بِالْقُرْآنِ
وَالْوَاجِب مَا لزم بِالسنةِ
مَسْأَلَة الْأَدَاء مَا فعل فى وقته الْمُقدر لَهُ أَولا شرعا
وَالْقَضَاء مَا فعل بعد وَقت الْأَدَاء استدراكا لما سبق
بِأَن أَخّرهُ عمدا
فَإِن أَخّرهُ لعذر تمكن مِنْهُ كمسافر ومريض أَو لَا لمَانع
شرعى كَصَوْم حايض فَهَل هُوَ قَضَاء ينبنى على وُجُوبه
عَلَيْهِ وَفِيه أَقْوَال لنا وَقيل رِوَايَات
(1/59)
قَالَ أَبُو البركات يجب وَذكره نَص احْمَد
وَاخْتِيَار أَصْحَابنَا
وَقيل لَا يجب وَحَكَاهُ القاضى عَن الْحَنَفِيَّة
وَقيل يجب على مُسَافر وَنَحْوه لَا حَائِض
فَإِن وَجب كَانَ قَضَاء والا فَلَا
والاعادة مَا فعل مرّة بعد أُخْرَى أَو فى وقته الْمُقدر لَهُ
أَو فِيهِ لخلل فى الأول أَقْوَال
مَسْأَلَة فرض الْكِفَايَة وَاجِب على الْجَمِيع عِنْد
الْأَكْثَر وَنَصّ عَلَيْهِ إمامنا
وَقيل يجب على بعض غير معِين
وَيسْقط بِفعل الْبَعْض كَمَا يسْقط الْإِثْم اجماعا
وتكفى غَلبه الظَّن بِأَن الْبَعْض فعله قَالَه القاضى وَغَيره
وان فعله الْجَمِيع دَفعه وَاحِدَة فَالْكل فرض ذكره ابْن عقيل
مَحل وفَاق
وَلنَا فِيمَا أذا فعل بَعضهم بعد بعض فِي كَون الثانى فرضا
وَجْهَان جزم فى الْوَاضِح بِالْفَرْضِ
وَلَا فرق بَينه وَبَين فرض الْعين ابْتِدَاء قَالَه فى
الرَّوْضَة
وَيلْزم بِالشُّرُوعِ
(1/60)
وَفرض الْعين أفضل مِنْهُ فى الْأَظْهر
فيهمَا
مَسْأَلَة الْأَمر بِوَاحِد من أَشْيَاء كخصال الْكَفَّارَة
مُسْتَقِيم وَالْوَاجِب وَاحِد لَا بِعَيْنِه قَالَه
الْأَكْثَر
وَاخْتَارَ القاضى وَابْن عقيل الْوَاجِب وَاحِد وَيتَعَيَّن
بِالْفِعْلِ
وَاخْتَارَ أَبُو الْخطاب الْوَاجِب وَاحِد معِين عِنْد الله
تَعَالَى
وَعَن الْمُعْتَزلَة كالقاضى
وَبَعْضهمْ معِين يسْقط بِهِ وَبِغَيْرِهِ
وَعَن الجبائى وَابْنه جَمِيعهَا وَاجِب على التَّخْيِير
بِمَعْنى أَن كل وَاحِد مِنْهَا مُرَاد
فَلهَذَا قيل الْخلاف معنوى وَقيل لفظى
مَسْأَلَة إِذا علق وجوب الْعِبَادَة بِوَقْت موسع
كَالصَّلَاةِ تعلق بِجَمِيعِهِ أَدَاء عِنْد الْجُمْهُور
وَلنَا فى وجوب الْعَزْم واذا أخر وَجْهَان
وَقَالَ بعض المكلمين يتَعَلَّق الْوُجُوب بِجُزْء غير معِين
كخصال الْكَفَّارَة وَاخْتَارَهُ ابْن عقيل فى مَوضِع وجمل
أَبُو البركات مُرَاد أَصْحَابنَا عَلَيْهِ
قلت صرح القاضى وَغَيره بِالْفرقِ
مَسْأَلَة من أخر الْوَاجِب الموسع مَعَ ظن مَانع موت أَو
غَيره أَثم إِجْمَاعًا
ثمَّ اذا بقى على حَالَة فَفعله فالجمهور أَدَاء
وَقَالَ القاضيان أَبُو بكر وَالْحُسَيْن قَضَاء
(1/61)
مَسْأَلَة مَا لَا يتم الْوُجُوب الا بِهِ
لَيْسَ بِوَاجِب اجماعا قدر عَلَيْهِ الْمُكَلف كاكتساب المَال
لِلزَّكَاةِ اَوْ لَا كَالْيَدِ فى الْكِتَابَة وَحُضُور
الإِمَام وَالْعدَد فى الْجُمُعَة
وَأما مَا لَا يتم الْوَاجِب الا بِهِ كالطهارة وَقطع
الْمسَافَة الى الْعِبَادَة وَغسل بعض الرَّأْس فَوَاجِب عِنْد
الْأَكْثَر خلافًا لبَعض الْمُعْتَزلَة
وَأوجب بعض أَصْحَابنَا وَغَيرهم مَا كَانَ شرطا شَرْعِيًّا
واذا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عُوقِبَ تَاركه قَالَه القاضى
وَغَيره
وفى الرَّوْضَة لَا يُعَاقب تَاركه
وَذكره أَبُو الْعَبَّاس وَقَالَ أَيْضا ووجوبه عقلا وَعَادَة
لَا يُنكر وَالْوُجُوب العقابى لَا يَقُوله فَقِيه وَالْوُجُوب
الطلبى مَحل النزاع وَفِيه نظر
مَسْأَلَة اذا كنى الشَّارِع عَن الْعِبَادَة بِبَعْض مَا
فِيهَا نَحْو وَقُرْآن الْفجْر ومحلقين رؤوسكم دلّ على فَرْضه
جزم بِهِ القاضى وَابْن عقيل
(1/62)
مسالة يجوز أَن يحرم وَاحِد لَا بِعَيْنِه
عِنْد الْأَكْثَر خلافًا للمعتزلة
مَسْأَلَة يجْتَمع فى الشَّخْص الْوَاحِد ثَوَاب وعقاب خلافًا
للمعتزلة
ويستحيل كَون الشىء وَاجِبا حَرَامًا من جِهَة وَاحِدَة إِلَّا
عِنْد بعض من يجوز تَكْلِيف الْمحَال
وَأما الصَّلَاة فى الدَّار الْمَغْصُوبَة فمذهب إمامنا
والظاهرية وَغَيرهم عدم الصِّحَّة خلافًا للأكثرين
وَقيل يسْقط الْفَرْض عِنْدهَا لَا بهَا
مَسْأَلَة وَأما من خرج من أَرض الْغَصْب تَائِبًا فَتَصِح
تَوْبَته فِيهَا
وَلم يعْص بحركة خُرُوجه عِنْد ابْن عقيل وَغَيره خلافًا لأبى
الْخطاب
مَسْأَلَة النّدب لُغَة الدُّعَاء الى الْفِعْل
وَشرعا مَا أثيب فَاعله وَلم يُعَاقب تَاركه
وَقيل مَأْمُور بِهِ يجوز تَركه لَا الى بدل
وَهُوَ مرادف السّنة وَالْمُسْتَحب
وَهُوَ مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة عِنْد الْأَكْثَر
وَقَالَ الحلوانى وَأَبُو الْخطاب مجَازًا
وَذكر أَبُو الْعَبَّاس أَن المرغب فِيهِ من غير أَمر هَل
يُسمى طَاعَة وامرا حَقِيقَة فِيهِ أَقْوَال ثَالِثهَا يُسمى
طَاعَة لَا مَأْمُورا
مَسْأَلَة النّدب تَكْلِيف ذكره ابْن عقيل وَصَاحب الرَّوْضَة
وَغَيرهمَا
(1/63)
وَمنعه الْأَكْثَر
مَسْأَلَة اذا طَال وَاجِب لَا حد لَهُ كطمأنينة وَقيام فَمَا
زَاد على قدر الْإِجْزَاء نفل عِنْد احْمَد وَأكْثر أَصْحَابه
خلافًا لبَعض الشَّافِعِيَّة
مَسْأَلَة الْمَكْرُوه ضد الْمَنْدُوب
وَهُوَ مَا مدح تَاركه وَلم يذم فَاعله
وَهُوَ فى كَونه مَنْهِيّا عَنهُ حَقِيقَة ومكلفا بِهِ
كالمندوب
وَيُطلق أَيْضا على الْحَرَام وعَلى ترك الأولى
وَذكر بعض أَصْحَابنَا وجهالنا أَن الْمَكْرُوه حرَام
وَقَالَهُ مُحَمَّد بن الْحسن
وَعَن أَبى حنيفَة وابى يُوسُف
(1/64)
هُوَ الى الْحَرَام أقرب
وإطلاقه فى عرف الْمُتَأَخِّرين ينْصَرف الى التَّنْزِيه
مَسْأَلَة الْأَمر الْمُطلق لَا يتَنَاوَل الْمَكْرُوه عِنْد
الْأَكْثَر خلافًا للرازى الحنفى
مَسْأَلَة الْمُبَاح غير مَأْمُور بِهِ خلافًا للكعبى وعَلى
الأول إِذا أُرِيد بالامر الْإِبَاحَة فمجاز عِنْد الْأَكْثَر
وَقَالَ أَبُو الْفرج الشيرازى وَبَعض الشَّافِعِيَّة حَقِيقَة
مَسْأَلَة خطاب الْوَضع مَا اسْتُفِيدَ بِوَاسِطَة نصب
الشَّارِع علما مُعَرفا لحكمه لتعذر معرفَة خطابه فى كل حَال
وللعلم الْمَنْصُوب أَصْنَاف
أَحدهَا الْعلَّة وهى فى الأَصْل الْعرض الْمُوجب لخُرُوج
الْبدن الحيوانى عَن الِاعْتِدَال الطبيعى
(1/65)
ثمَّ استعيرت عقلا لما أوجب الحكم العقلى
لذاته كالكسر للانكسار
ثمَّ استعيرت شرعا لمعان
أَحدهَا مَا أوجب الحكم الشرعى لَا محَالة وَهُوَ الْمَجْمُوع
الْمركب من مُقْتَضى الحكم وَشَرطه وَمحله وَأَهله
الثانى مُقْتَضى الحكم وان تخلف لفَوَات شَرط أَو وجود مَانع
الثَّالِث الْحِكْمَة كمشقة السّفر للقصر وَالْفطر وَالدّين
لمنع الزَّكَاة والابوة لمنع الْقصاص
الصِّنْف الثانى السَّبَب وَهُوَ لُغَة مَا توصل بِهِ الى
الْغَرَض واستعير شرعا لمعان
أَحدهَا مَا يُقَابل الْمُبَاشرَة كحفر الْبِئْر مَعَ التردية
فَالْأول سَبَب والثانى عِلّة
الثانى عِلّة الْعلَّة كالرمى هُوَ سَبَب الْقَتْل وَهُوَ
عِلّة الاصابة الَّتِى هى عِلّة الزهوق
الثَّالِث الْعلَّة بِدُونِ شَرطهَا كالنصاب بِدُونِ الْحول
الرَّابِع الْعلَّة الشَّرْعِيَّة كَامِلَة
الصِّنْف الثَّالِث الشَّرْط وَهُوَ لُغَة الْعَلامَة وَمِنْه
جَاءَ أشراطها
وَشرعا مَا يلْزم من انتفائه انْتِفَاء أَمر على غير جِهَة
السَّبَبِيَّة كالإحصان والحول ينتفى الرَّجْم وَالزَّكَاة
لانتفائهما
وَهُوَ عقلى كالحياة للْعلم
ولغوى كدخول الدَّار لوُقُوع الطَّلَاق الْمُعَلق عَلَيْهِ
وشرعى كالطهارة للصَّلَاة
(1/66)
وَعَكسه الْمَانِع وَهُوَ مَا يلْزم من
وجوده عدم الحكم
وَالصِّحَّة وَالْفساد عندنَا من بَاب خطاب الْوَضع
وَقيل معنى الصِّحَّة الْإِبَاحَة والبطلان الْحُرْمَة
وَقيل هما أَمر عقلى
فالصحة فى الْعِبَادَات وُقُوع الْفِعْل كَافِيا فى سُقُوط
الْقَضَاء عِنْد الْفُقَهَاء
وَعند الْمُتَكَلِّمين مُوَافقَة الْأَمر
فَصَلَاة من ظن الطَّهَارَة صَحِيحَة على الثانى لَا الأول
وَالْقَضَاء وَاجِب على الْقَوْلَيْنِ عِنْد الْأَكْثَر
وفى الْمُعَامَلَات ترَتّب أَحْكَامهَا الْمَقْصُودَة بهَا
عَلَيْهَا
والبطلان وَالْفساد مُتَرَادِفَانِ يقابلانها على الرأيين
وسمى الْحَنَفِيَّة مَا لم يشرع بِأَصْلِهِ وَوَصفه كَبيع
الملاقيح بَاطِلا وَمَا شرع بِأَصْلِهِ دون وَصفه فَاسِدا
والعزيمة لُغَة الْقَصْد الموكد
وَشرعا الحكم الثَّابِت بِدَلِيل شرعى خَال عَن معَارض رَاجِح
وَقيل مَا لزم بالزام الله تَعَالَى من غير مُخَالفَة دَلِيل
شرعى
وَقيل طلب الْفِعْل الذى لم يشْتَهر فِيهِ منع شرعى
والرخصة لُغَة السهولة
(1/67)
وَشرعا مَا ثَبت على خلاف دَلِيل شرعى
لمعارض رَاجِح
وَمِنْهَا مَا هُوَ وَاجِب كَأَكْل الْميتَة عِنْد الضَّرُورَة
ومندوب كالقصر ومباح ككلمة الْكفْر اذا أكره عَلَيْهَا
وَظَاهر ذَلِك أَن الرُّخْصَة لَيست من خطاب الْوَضع خلافًا
لبَعض أَصْحَابنَا
الْمَحْكُوم فِيهِ الْأَفْعَال
الاجماع على صِحَة التَّكْلِيف بالمحال لغيره
وفى صِحَة التَّكْلِيف بالمحال لذاته قَولَانِ
مَسْأَلَة الْأَكْثَر على أَن حُصُول الشَّرْط الشرعى لَيْسَ
شرطا فى التَّكْلِيف
وهى مَفْرُوضَة فى تَكْلِيف الْكفَّار بالفروع
وَالصَّحِيح عَن أَحْمد واكثر اصحابه الْوُقُوع كالإيمان
اجماعا خلافًا لأبى حَامِد الاسفرائينى وَأكْثر الْحَنَفِيَّة
مُطلقًا ولطائفة فى الْأَوَامِر فَقَط ولأخرى فِيمَا عدا
الْمُرْتَد وَأُخْرَى فِيمَا عدا الْجِهَاد
(1/68)
مَسْأَلَة لَا تَكْلِيف إِلَّا بِفعل
ومتعلقة فى النهى كف النَّفس وَقيل ضد المنهى عَنهُ
وَعَن أَبى هَاشم الْعَدَم الأصلى
مَسْأَلَة الْأَكْثَر يَنْقَطِع التَّكْلِيف حَال حُدُوث
الْفِعْل خلافًا للأشعرى
مسالة شَرط الْمُكَلف بِهِ أَن يكون مَعْلُوم الْحَقِيقَة
للمكلف
مَعْلُوما كَونه مَأْمُورا بِهِ مَعْدُوما عِنْد الْأَكْثَر
الْمَحْكُوم عَلَيْهِ
مَسْأَلَة شَرط التَّكْلِيف الْعقل وَفهم الْخطاب ذكره الآمدى
اتِّفَاق الْعلمَاء
وَذكره غَيره أَن بعض من جوز المستحيل قَالَ بِهِ لعدم
الِابْتِلَاء
فَلَا تَكْلِيف على مَجْنُون وطفل عِنْد الْأَكْثَر
وَقيل بلَى كسكران على نَص امامنا والشافعى خلافًا لِابْنِ
عقيل وَأكْثر الْمُتَكَلِّمين وكمغمى عَلَيْهِ نصا
وَلَا تَكْلِيف على مُمَيّز عِنْد الْأَكْثَر كالنائم وناس
وَعَن إمامنا تَكْلِيفه لفهمه
وَعنهُ يُكَلف الْمُرَاهق وَاخْتَارَهُ ابْن عقيل
مَسْأَلَة الْمُكْره الْمَحْمُول كالآلة غير مُكَلّف عِنْد
الْأَكْثَر خلافًا للحنفية وَهُوَ مِمَّا لَا يُطَاق وَذكر بعض
أَصْحَابنَا عَنَّا كالحنفية وبالتهديد وَالضَّرْب مُكَلّف
عِنْد
(1/69)
أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيَّة خلافًا
للمعتزلة
مَسْأَلَة تعلق الْأَمر بالمعدوم بِمَعْنى طلب ايقاع الْفِعْل
مِنْهُ حَال عَدمه محَال بَاطِل بالاجماع
أما بِمَعْنى تَقْدِير وجوده فَجَائِز عندنَا خلافًا للمعتزلة
مَسْأَلَة الْأَمر بِمَا علم الْأَمر انْتِفَاء شَرط وُقُوعه
صَحِيح عندنَا خلافًا للمعتزلة وَالْإِمَام
الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
وَالْقِيَاس
وسيأتى بَيَان غَيرهَا أَن شَاءَ الله تَعَالَى
الاصل الْكتاب
وَالسّنة مخبرة عَن حكم الله
والاجماع مُسْتَند اليهما
وَالْقِيَاس مستنبط مِنْهُمَا
الْكتاب كَلَام الله الْمنزل للإعجاز بِسُورَة مِنْهُ المتعبد
بتلاوته وَهُوَ الْقُرْآن
وتحريفه بِمَا نقل بَين دفتى الْمُصحف نقلا متواترا دورى
(1/70)
وَقَالَ قوم الْكتاب غير الْقُرْآن وَهُوَ
سَهْو
وَالْكَلَام عِنْد الأشعرية مُشْتَرك بَين الْحُرُوف المسموعة
وَالْمعْنَى النفسى
وَهُوَ نِسْبَة بَين مفردين قَائِمَة بالمتكلم وَعِنْدنَا
لاشتراك
قَالَ إمامنا لم يزل الله تَعَالَى متكلما اذا شَاءَ
وَقَالَ الْقُرْآن معجز بِنَفسِهِ
قَالَ جمَاعَة من أَصْحَابنَا كَلَام أَحْمد يقتضى أَنه معجز
فى لَفظه ونظمه وَمَعْنَاهُ وفَاقا للحنفية وَغَيرهم
وَخَالف القاضى فى الْمَعْنى
قَالَ ابْن حَامِد الْأَظْهر من جَوَاب احْمَد أَن الإعجاز فى
الْحُرُوف الْمُقطعَة بَاقٍ خلافًا للمعتزلة
وفى بعض آيَة اعجاز ذكره القاضى وَغَيره
وفى التَّمْهِيد لَا وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّة
وفى وَاضح ابْن عقيل لَا يحصل التحدى بِآيَة أَو آيَتَيْنِ
مَسْأَلَة مَا لم يتواتر فَلَيْسَ بقرآن لقَضَاء الْعَادة
بالتواتر فى تفاصيل مثله
وَقُوَّة الشُّبْهَة فى بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم منعت
من التَّكْفِير فى الْجَانِبَيْنِ
لاوهى بعض آيَة فى النَّمْل إِجْمَاعًا وَآيَة من الْقُرْآن
عِنْد الْأَكْثَر
(1/71)
مَسْأَلَة الْقرَاءَات السَّبع متواترة
فِيمَا لَيْسَ من قبيل الْأَدَاء
مَسْأَلَة مَا صَحَّ من الشاذ وَلم يتواتر وَهُوَ مَا خَالف
مصحف عُثْمَان نَحْو فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات
ففى صِحَة الصَّلَاة بهَا رِوَايَتَانِ
وَقَالَ البغوى من الشَّافِعِيَّة هُوَ مَا وَرَاء الْعشْرَة
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَول أَئِمَّة السّلف أَن مصحف
عُثْمَان هُوَ أحد الْحُرُوف السَّبْعَة لَا مجموعها
والشاذ حجَّة عِنْد إمامنا وَالْحَنَفِيَّة
وَذكره ابْن عبد الْبر إِجْمَاعًا
(1/72)
وَعَن أَحْمد لَيْسَ الْحجَّة وَحكى عَن
الشافعى وَلَا يَصح عَنهُ بل نَصه وَاخْتِيَار أَكثر أَصْحَابه
كَقَوْلِنَا
مَسْأَلَة فى الْقُرْآن الْمُحكم والمتشابه وللعلماء فِيهَا
أَقْوَال كَثِيرَة
وَالْأَظْهَر الْمُحكم المتضح الْمَعْنى والمتشابه مُقَابِله
لاشتراك أَو اجمال أَو ظُهُور تَشْبِيه
وَلَا يجوز أَن يُقَال فى الْقُرْآن مَا لَا معنى لَهُ عِنْد
عَامَّة الْعلمَاء
وَفِيه مَا لَا يفهم مَعْنَاهُ الا الله تَعَالَى عِنْد
الْجُمْهُور
وَلَا يعْنى بِهِ غير ظَاهره إِلَّا بِدَلِيل خلافًا للمرجئة
وَلَا يجوز تَفْسِيره برأى واجتهاد بِلَا أصل
وفى جَوَازه بِمُقْتَضى اللُّغَة رِوَايَتَانِ
وَالسّنة لُغَة الطَّرِيقَة
(1/73)
وَشرعا اصْطِلَاحا مَا نقل عَن رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قولا أَو فعلا أَو تقريرا
مَسْأَلَة مَا كَانَ من أَفعاله عَلَيْهِ السَّلَام جبليا أَو
بَيَانا أَو مُخَصّصا بِهِ فَوَاضِح
وَفِيمَا اذا تردد بَين الجبلى والشرعى كَالْحَجِّ رَاكِبًا
تردد
وَمَا سواهُ فَمَا علمت صفته فأمته فِيهِ سَوَاء وَمَا لم تعلم
صفته فروايتان الْوُجُوب وَالنَّدْب
مَسْأَلَة فعل الصحابى مَذْهَب لَهُ فى وَجه لنا
الاجماع لُغَة الْعَزْم والاتفاق
وَاصْطِلَاحا اتِّفَاق مجتهدى عصر من هَذِه الْأمة بعد وَفَاة
نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَمر دينى
وَهُوَ حجَّة قَاطِعَة عِنْد الْأَكْثَر خلافًا للنظام فى
آخَرين
وَدلَالَة كَونه حجَّة الشَّرْع وَقيل الْعقل أَيْضا
مَسْأَلَة وفَاق من سيوجد لَا يعْتَبر اتِّفَاقًا
وَالْجُمْهُور أَن الْمُقَلّد كَذَلِك
وميل ابْن الباقلانى والآمدى الى اعْتِبَاره
(1/74)
وَلَا عِبْرَة بِمن عرف أصُول الْفِقْه أَو
الْفِقْه فَقَط أَو النَّحْو فَقَط عِنْد الْجُمْهُور
وَلَا عِبْرَة بقول كَافِر متأول أَو غَيره
وَقيل المتأول كالكافر عِنْد الْمُكَفّر دون غَيره
وفى الْفَاسِق باعتقاد أَو فعل النفى عِنْد القاضى وَابْن عقيل
والاثبات عِنْد ابى الْخطاب
وَقيل يسال فَإِن ذكر مُسْتَند صَالحا اعْتد بِهِ
وَقيل يعْتَبر فى حق نَفسه فَقَط دون غَيره
مَسْأَلَة لَا يخْتَص الاجماع بالصحابة بل إِجْمَاع كل عصر
حجَّة عِنْد الْأَكْثَر خلافًا لداود
وَعَن أَحْمد مثله
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس لَا يكَاد يُوجد عِنْد أَحْمد احتجاج
باجماع بعد عصر التَّابِعين أَو بعد الْقُرُون الثَّلَاثَة
مَسْأَلَة لَا إِجْمَاع مَعَ مُخَالفَة وَاحِد أَو اثْنَيْنِ
عِنْد الْجُمْهُور كالثلاثة جزم بِهِ فى التَّمْهِيد وَغَيره
خلافًا لِابْنِ جرير
(1/75)
وَعَن أَحْمد مثله
وفى الرَّوْضَة وَغَيرهَا الْخلاف فى الْأَقَل لَكِن الْأَظْهر
أَنه حجَّة لَا اجماع
مَسْأَلَة التابعى الْمُجْتَهد مُعْتَبر مَعَ الصَّحَابَة
عِنْد الْأَكْثَر خلافًا للخلال والحلوانى
وَعَن احْمَد مثله
فَإِن نَشأ بعد اجماعهم فعلى انْقِرَاض الْعَصْر
وتابعى التَّابِعِيّ كالتابعى مَعَ الصَّحَابَة ذكره القاضى
وَغَيره
مَسْأَلَة إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة لَيْسَ بِحجَّة خلافًا
لمَالِك
مَسْأَلَة قَول الْخُلَفَاء الرَّاشِدين مَعَ مُخَالفَة
مُجْتَهد صحابى لَهُم لَيْسَ باجماع عِنْد الْأَكْثَر خلافًا
لِابْنِ الْبناء
وَعَن أَحْمد مثله
وَقَول أحدهم لَيْسَ بِحجَّة فَيجوز لغير الْخُلَفَاء
الرَّاشِدين خِلَافه رِوَايَة وَاحِدَة عِنْد أَبى الْخطاب
(1/76)
وَذكر القاضى رِوَايَة لَا يجوز
وَاخْتَارَهُ البرمكى وَغَيره
مَسْأَلَة لَا ينْعَقد الْإِجْمَاع بَاهل الْبَيْت وحدهم عِنْد
الْأَكْثَر خلافًا للشيعة والقاضى فى الْمُعْتَمد
مَسْأَلَة لَا يشْتَرط عدد التَّوَاتُر للْإِجْمَاع عِنْد
الْأَكْثَر فَلَو لم يبْق إِلَّا وَاحِد ففى كَونه حجَّة
إجماعية قَولَانِ
مَسْأَلَة إِذا أفتى وَاحِد وَعرفُوا بِهِ قبل اسْتِقْرَار
الْمذَاهب وسكتوا عَن مُخَالفَته فإجماع عِنْد أَحْمد وَأكْثر
أَصْحَابه خلافًا للشافعى
وَقيل حجَّة لَا إِجْمَاع
وَقيل هما بِشَرْط انْقِرَاض الْعَصْر
وَقيل حجَّة فى الْفتيا لَا الحكم وَقيل عَكسه
(1/77)
وَأَن لم يكن القَوْل فى تَكْلِيف فَلَا
اجماع قَالَه فى التَّمْهِيد وَالرَّوْضَة وَلم يفرق آخَرُونَ
وَأَن لم ينشر القَوْل فَلَيْسَ بِحجَّة عِنْد الْأَكْثَر
وَالْأَكْثَر على أَنه لَا فرق بَين مَذْهَب الصحابى أَو
مُجْتَهد من الْمُجْتَهدين فى ذَلِك
مَسْأَلَة لَا يعْتَبر لصِحَّة الاجماع انْقِرَاض الْعَصْر
عِنْد الْأَكْثَر وَأَوْمَأَ اليه أمامنا
واعتبره أَكثر أَصْحَابنَا وَهُوَ ظَاهر كَلَام إمامنا
فَعَلَيهِ لَهُم ولبعضهم الرُّجُوع لدَلِيل لَا على الأول
وَقَالَ الإِمَام يعْتَبر إِن كَانَ عَن قِيَاس
مَسْأَلَة لَا إِجْمَاع إِلَّا عَن مُسْتَند عِنْد الْأَكْثَر
قِيَاس أَو غَيره عِنْد الْأَكْثَر وَتحرم مُخَالفَته عِنْد
الْأَكْثَر
(1/78)
مَسْأَلَة اذا أجمع على قَوْلَيْنِ ففى
إِحْدَاث ثَالِث أَقْوَال ثَالِثهَا الْمُخْتَار أَن رفع
الثَّالِث الاجماع امْتنع والا فَلَا وَيجوز إِحْدَاث دَلِيل
آخر وعله عِنْد الْأَكْثَر وَكَذَا إِحْدَاث تَأْوِيل
مَسْأَلَة اتِّفَاق الْعَصْر الثانى على أحد قولى أهل الْعَصْر
الأول بعد أَن اسْتَقر خلافهم لَيْسَ إِجْمَاعًا عِنْد امامنا
وَأكْثر أَصْحَابه خلافًا لأبى الْخطاب وَغَيره
مَسْأَلَة اتِّفَاق مجتهدى عصر بعد الْخلاف والاستقرار فَمن
اشْترط انْقِرَاض الْعَصْر عدَّة اجماعا وَمن لم يَشْتَرِطه
فَقيل حجَّة وَقيل مُمْتَنع
وَقيل الِاسْتِقْرَار لم يُخَالف فِيهِ الا شرذمة
مَسْأَلَة اخْتلفُوا فى جَوَاز عدم علم الْأمة بِخَبَر أَو
دَلِيل رَاجِح اذا عمل على وَفقه
وارتداد الامة جَائِز عقلا لَا سمعا فى الْأَصَح لعصمتها من
الْخَطَأ وَالرِّدَّة أعظمه
وَيصِح التَّمَسُّك بالاجماع فِيمَا لَا تتَوَقَّف صِحَة
الاجماع عَلَيْهِ
وفى الدُّنْيَوِيَّة كالآراء فى الحروب خلاف
وفى أقل مَا فيل كدية الكتابى الثُّلُث بِهِ وبالاستصحاب لَا
بِهِ فَقَط اذ الْأَقَل مجمع عَلَيْهِ دون نفى الزِّيَادَة
وَيثبت الاجماع بِنَقْل الْوَاحِد عِنْد الْأَكْثَر
مَسْأَلَة مُنكر حكم الاجماع الظنى لَا يكفر
وفى القطعى أَقْوَال ثَالِثهَا الْمُخْتَار أَن نَحْو
الْعِبَادَات الْخمس يكفر وَالله أعلم
ويشترك الْكتاب وَالسّنة والاجماع فى السَّنَد والمتن
فَالسَّنَد الاخبار عَن طَرِيق الْمَتْن
(1/79)
وَالْخَبَر صِيغَة تدل بمجردها عَلَيْهِ
قَالَه القاضى وَغَيره وناقشه ابْن عقيل
وَالأَصَح أَنه يحد
فحده فى الْعدة بِمَا دخله الصدْق وَالْكذب
وفى التَّمْهِيد بِمَا يدْخلهُ الصدْق وَالْكذب وفى الرَّوْضَة
بِمَا يتَطَرَّق اليه التَّصْدِيق أَو التَّكْذِيب
وَغير الْخَبَر إنْشَاء وتنبيه
وَمن التَّنْبِيه الْأَمر والنهى والاستفهام والتمنى والترجى
وَالْقسم والنداء
وبعت واشتريت وَطلقت وَنَحْوهَا إنْشَاء عِنْد الْأَكْثَر
وَعند الْحَنَفِيَّة إِخْبَار
وينقسم الْخَبَر الى مَا يعلم صدقه والى مَا يعلم كذبه والى
مَا لَا يعلم وَاحِد مِنْهُمَا
فَالْأول ضرورى بِنَفسِهِ كالمتواتر
وَبِغَيْرِهِ كالموافق للضرورى
ونظرى كَخَبَر الله تَعَالَى وَخبر رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَخبر الْإِجْمَاع وَالْخَبَر الْمُوَافق للنَّظَر
والثانى الْمُخَالف لما علم صدقه
وَالثَّالِث قد يظنّ صدقه كَخَبَر الْعدْل وَقد يظنّ كذبه
كَخَبَر الْكذَّاب وَقد يشك
(1/80)
فِيهِ كَخَبَر الْمَجْهُول
وينقسم الى متواتر وآحاد فالمتواتر لُغَة المتتابع
وَاصْطِلَاحا خبر جمَاعَة مُفِيد بِنَفسِهِ الْعلم
وَخَالف السمنية فى إِفَادَة الْمُتَوَاتر الْعلم وَهُوَ بهت
وَالْعلم الْحَاصِل بِهِ ضرورى عِنْد القاضى ونظرى عِنْد أَبى
الْخطاب وَوَافَقَ كلا آخَرُونَ وَالْخلاف لفظى
مَسْأَلَة شُرُوط التَّوَاتُر الْمُتَّفق عَلَيْهَا أَن
يبلغُوا عددا يمْتَنع مَعَه التواطو على الْكَذِب لكثرتهم أَو
لدينهم وصلاحهم مستندين الى الْحس مستوين فى طرفى الْخَبَر
ووسطه
وفى اعْتِبَار كَونهم عَالمين بِمَا أخبروا بِهِ لَا ظانين
قَولَانِ
وَيعْتَبر فى التَّوَاتُر عدد معِين وَاخْتلفُوا فى قدره
وَالصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقين لَا ينْحَصر فى عدد
وضابطه مَا حصل الْعلم عِنْده فَيعلم اذا حُصُول الْعدَد وَلَا
دور
وَلَا يشْتَرط غير ذَلِك
وَشرط بعض الشَّافِعِيَّة الْإِسْلَام وَالْعَدَالَة
وَقوم أَن لَا يحويهم بلد
(1/81)
وَقوم اخْتِلَاف الدّين وَالنّسب والوطن
والشيعة الْمَعْصُوم فيهم دفعا لكذب
وَالْيَهُود أهل الذلة والمسكنة فيهم
وَإِذ اخْتلف التَّوَاتُر فى الوقائع كحاتم فى السخاء فَمَا
اتَّفقُوا عَلَيْهِ بتضمن أَو الْتِزَام هُوَ الْمَعْلُوم
وَقَول من قَالَ كل عدد أَفَادَ خبرهم علما بواقعة لشخص فَمثله
يُفِيد فى غَيرهَا لشخص آخر صَحِيح إِن تَسَاويا من كل وَجه
وَهُوَ بعيد عَادَة
خبر الْوَاحِد مَا عدا الْمُتَوَاتر ذكره فى الرَّوْضَة
وَغَيرهَا
وَقيل مَا أَفَادَ الظَّن وَنقض طرده بِالْقِيَاسِ وَعَكسه
بِخَبَر لَا يفِيدهُ
وَذكر الآمدى وَمن وَافقه من أَصْحَابنَا وَغَيرهم أَن زَاد
نقلته على ثَلَاثَة سمى
(1/82)
مستفيضا مَشْهُورا
وَذكر الأسفرائينى وَأَنه يُفِيد الْعلم نظرا والمتواتر
ضَرُورَة
مَسْأَلَة قيل عَن أَحْمد فى حُصُول الْعلم بِخَبَر الْوَاحِد
قَولَانِ وَالْأَكْثَر لَا يحصل وَقَول ابْن أَبى مُوسَى
وَجَمَاعَة من الْمُحدثين وَأهل النّظر يحصل
وَحَملَة الْمُحَقِّقُونَ على مَا نَقله آحَاد الْأَئِمَّة
الْمُتَّفق على عَدَالَته وثقتهم واتقانهم من طرق مُتَسَاوِيَة
وَتَلَقَّتْهُ الْأمة بِالْقبُولِ
وَمن جحد مَا ثَبت بِخَبَر الْآحَاد فى كفره وَجْهَان ذكرهمَا
ابْن حَامِد
مَسْأَلَة إِذا أخبر وَاحِد بِحَضْرَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَام
وَلم يُنكر دلّ على صدقه ظنا فى ظَاهر قَول أَصْحَابنَا
وَغَيرهم وَقيل قطعا
وَكَذَا الْخلاف لَو أخبر وَاحِد بِحَضْرَة خلق كثير وَلم
يكذبوه وَقَالَ ابْن الْحَاجِب إِن علم أَنه لَو كَانَ
كَاذِبًا لعلموه وَلَا حَامِل على السُّكُوت فَهُوَ صَادِق
قطعا للْعَادَة
(1/83)
مَسْأَلَة إِذا تفرد وَاحِد فِيمَا تتوفر
الدواعى على نَقله وَقد شَاركهُ خلق كثير كَمَا لَو انْفَرد
وَاحِد بقتل خطيب على الْمِنْبَر فى مَدِينَة فَهُوَ كَاذِب
قطعا خلافًا للرافضة
مَسْأَلَة يجوز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد عقلا خلافًا لقوم
وَلَكِن هَل فى الشَّرْع مَا يمنعهُ أَو لَيْسَ فِيهِ مَا
يُوجِبهُ قَولَانِ
وَيجب الْعَمَل بِهِ سمعا عِنْد الْأَكْثَر وَاخْتَارَ
طَائِفَة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم وعقلا وَاشْترط الجبائى
لقبُول خبر الْوَاحِد أَن يرويهِ اثْنَان فى جَمِيع طبقاته
كَالشَّهَادَةِ أَو يعضده دَلِيل آخر
الشَّرَائِط فى الراوى مِنْهَا الْعقل إِجْمَاعًا
وَمِنْهَا الْبلُوغ عِنْد الْجُمْهُور
وَعَن أَحْمد تقبل شَهَادَة الْمُمَيز فههنا أولى
فَإِن تحمل صَغِيرا عَاقِلا ضَابِط وروى كَبِيرا قبل عِنْد
إمامنا وَغَيره
وَمِنْهَا الْإِسْلَام إِجْمَاعًا لاتهام الْكَافِر فى الدّين
وَمِنْهَا الْعَدَالَة وهى مُحَافظَة دينية تحمل على مُلَازمَة
التَّقْوَى والمروءة لَيْسَ مَعهَا بِدعَة
وتتحقق باجتناب الْكَبَائِر وَترك الاصرار على الصغابر وَبَعض
الْمُبَاح
(1/84)
والمعاصى كَبَائِر وصفائر عِنْد الْأَكْثَر
خلافًا للأستاذ
فالكبيرة مَا فِيهِ حد فى الدُّنْيَا أَو وَعِيد فى الأخرة نَص
عَلَيْهِ إمامنا وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَو لَعنه أَو غضب
أَو نفى إِيمَان
والمبتدعة هم أهل الْأَهْوَاء وَأَن كَانَت بِدعَة أحدهم
مُغَلّظَة كالتجهم ردَّتْ رِوَايَته مُطلقًا
وَأَن كَانَت متوسطة كالقدر ردَّتْ إِن كَانَ دَاعِيَة
وَأَن كَانَت خَفِيفَة كالإرجاء فَهَل تقبل مَعهَا مُطلقًا أَو
ترو عَن الداعية رِوَايَتَانِ
هَذَا تَحْقِيق مَذْهَبنَا
وَالْفُقَهَاء لَيْسُوا من أهل الْأَهْوَاء عِنْد أبن عقيل
وَالْأَكْثَر خلافًا للقاضى
وَغَيره فَمن شرب نبيذا مُخْتَلفا فِيهِ فالأشهر عندنَا يحد
وَلَا يفسق وَفِيه نظر
والمحدود فى الْقَذْف أَن كَانَ بِلَفْظ الشَّهَادَة قبلت
روايتة دون شَهَادَته عِنْد أَصْحَابنَا
وفى التَّفْرِقَة نظر
(1/85)
وَإِذا تحمل فَاسِقًا أَو كَافِر وروى عدلا
مُسلما قبلت رِوَايَته
وَلَا تشْتَرط روية الراوى وَلَا ذكوريته وَلَا عدم
الْعَدَاوَة والقرابة وَلَا معرفَة نسبه وَلَا إكثاره من سَماع
الحَدِيث وَلَا علمه بِفقه أَو عَرَبِيَّة أَو معنى الحَدِيث
وَاعْتبر مَالك الْفِقْه
وَنقل عَن أَبى حنيفَة مثله وَعنهُ أَيْضا إِن خَالف الْقيَاس
وَلَا الْبَصَر
قَالَ أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى ورضى عَنهُ فى رِوَايَة عبد
الله فى سَماع الضَّرِير اذا كَانَ يحفظ من الْمُحدث فَلَا
بَأْس واذا لم يكن يحفظ فَلَا
مَسْأَلَة مَجْهُول الْعَدَالَة لَا يقبل عِنْد الْأَكْثَر
خلافًا للحنفية
وَعَن أَحْمد قبُوله وَاخْتَارَهُ بعض أَصْحَابنَا قَالَ وَأَن
لم تقبل شَهَادَته
وفى الْكِفَايَة تقبل فى زمن لم تكْثر فِيهِ الْخِيَانَة
مَسْأَلَة مَذْهَب أَصْحَابنَا والأكثرين أَن الْجرْح
وَالتَّعْدِيل يثبت بِالْوَاحِدِ فى الرِّوَايَة دون
الشَّهَادَة
وَقيل لَا فيهمَا وَقيل نعم فيهمَا
مَسْأَلَة مَذْهَب الْأَكْثَرين يشْتَرط ذكر سَبَب الْجرْح لَا
التَّعْدِيل وَقيل عَكسه
وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا وَغَيرهم يشْتَرط فيهمَا وَعَن احْمَد
عَكسه
(1/86)
وَالْمُخْتَار وفَاقا لأبى المعالى والآمدى
إِن كَانَ عَالما كفى الْإِطْلَاق فيهمَا والا لم يكف
وَمن اشْتبهَ اسْمه باسم مَجْرُوح رد خَبره حَتَّى يعلم حَاله
وتضعيف بعض الْمُحدثين الْخَبَر يخرج عندنَا على الْجرْح
الْمُطلق قَالَه أَبُو البركات
مَسْأَلَة الْجرْح مقدم عِنْد الْأَكْثَر وَقيل التَّعْدِيل
اذا كثر المعدلون وَاخْتَارَهُ أَبُو البركات مَعَ جرح مُطلق
إِن قبلناه
أما عِنْد إِثْبَات معِين ونفيه بِالْيَقِينِ فالترجيح
مَسْأَلَة حكم الْحَاكِم الْمُشْتَرط الْعَدَالَة
بِشَهَادَتِهِ أَو رِوَايَته تَعْدِيل بِاتِّفَاق وَلَيْسَ ترك
الحكم بهَا جرحا
وَعمل الْعَالم بروايته تَعْدِيل أَن علم أَن لَا مُسْتَند
للْفِعْل غَيره والا فَلَا عِنْد الْأَكْثَر
وَقَالَهُ أَبُو المعالى والمقدسى الا فِيمَا الْعَمَل فِيهِ
احْتِيَاطًا
(1/87)
وَقَالَ أَبُو البركات يفرق بَين من يرى
قبُول قَول مَجْهُول الْحَال أَو لَا أَو يجهل مذْهبه
وَإِذا قُلْنَا هُوَ تَعْدِيل كَانَ كالتعديل بالْقَوْل من غير
ذكر السَّبَب قَالَه فى الرَّوْضَة
وفى رِوَايَة الْعدْل عَنهُ أَقْوَال ثَالِثهَا الْمُخْتَار
وَهُوَ الْمَذْهَب تَعْدِيل ان كَانَت عَادَته أَنه لَا يرْوى
الا عَن عدل وأذا قَالَ الراوى حَدَّثَنى الثِّقَة اَوْ عدل
أَو من لَا أتهم فَإِنَّهُ يقبل وَأَن رددنا الْمُرْسل عِنْد
أَبى البركات
وَذكره القاضى وَأَبُو الْخطاب وَابْن عقيل فى صور الْمُرْسل
على الْخلاف فِيهِ وتزول جَهَالَة الراوى الْمعِين بِرِوَايَة
وَاحِد عَنهُ وَقيل بل بِاثْنَيْنِ
مَسْأَلَة الْجُمْهُور على أَن الصَّحَابَة عدُول وَهُوَ الْحق
وَقيل الى حِين زمن الْفِتَن فَلَا يقبل الداخلون لِأَن
الْفَاسِق غير معِين
وَقَالَت الْمُعْتَزلَة عدُول إِلَّا من قَاتل عليا
وَقيل هم كغيرهم
مَسْأَلَة والصحابى من رَآهُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد
الْأَكْثَر مُسلما أَو اجْتمع بِهِ
(1/88)
وَقيل من طَالَتْ صحبته لَهُ عرفا
وَقيل وروى عَنهُ
وَلَا يعْتَبر فى ثُبُوت الصُّحْبَة عِنْد الْأَكْثَر خلافًا
لبَعض الْحَنَفِيَّة
فَلَو قَالَ معاصر عدل أَنا صحابى قبل عِنْد الْأَكْثَر
مَسْأَلَة فى مُسْتَند الصحابى الراوى
فَإِذا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا
حمل كَلَامه على سَمَاعه مِنْهُ عِنْد الْأَكْثَر
وَعند ابْن الباقلانى وأبى الْخطاب لَا يحمل
مَسْأَلَة إِذا قَالَ أَمر عَلَيْهِ السَّلَام بِكَذَا أَو
أمرنَا أَو نَهَانَا وَنَحْوه فَهُوَ حجَّة عِنْد الْأَكْثَر
خلافًا لبَعض الْمُتَكَلِّمين
وَنقل عَن داؤد قَولَانِ
مَسْأَلَة إِذا قَالَ أمرنَا أَو نهينَا فحجة عِنْد الْأَكْثَر
خلافًا لقوم
وَمثل ذَلِك من السّنة
وَاخْتَارَ أَبُو المعالى لَا يقتضى سنته عَلَيْهِ السَّلَام
وَذكر ابْن عقيل رخص حجَّة بِلَا خلاف
مَسْأَلَة إِذا قَالَ كُنَّا على عهد رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم نَفْعل كَذَا وَنَحْو ذَلِك فحجة عِنْد أَبى
الْخطاب والمقدسى خلافًا للحنفية
وَأطلق فى الْكِفَايَة احْتِمَالَيْنِ
(1/89)
وَقَالَ الشافعى أَن كَانَ مِمَّا يشيع
كَانَ حجَّة والا فَلَا
وَقَوله كَانُوا يَفْعَلُونَ نقل للْإِجْمَاع عِنْد القاضى
وابى الْخطاب وَلَيْسَ بِحجَّة عِنْد آخَرين
مَسْأَلَة قَول التابعى أمرنَا أَو نهينَا اَوْ من السّنة
كالصحابى عِنْد أَصْحَابنَا لكنه كالمرسل وَقَوله كَانُوا
كالصحابى ذكره القاضى وَأَبُو الْخطاب وَابْن عقيل
وَمَال أَبُو البركات الى أَنه لَيْسَ بِحجَّة لِأَنَّهُ قد
يعْنى بِهِ فى إِدْرَاكه كَقَوْل إِبْرَاهِيم كَانُوا
يَفْعَلُونَ يُرِيد أَصْحَاب عبد الله بن مَسْعُود
مَسْأَلَة مُسْتَند غير الصحابى أَعْلَاهُ قِرَاءَة الشَّيْخ
عَلَيْهِ لَا هُوَ على الشَّيْخ عِنْد الْأَكْثَر
وَقيل عَكسه وَقيل هما سَوَاء
ثمَّ أَن قصد إسماعه وَحده أَو مَعَ غَيره قَالَ حَدثنَا
وَأخْبرنَا وَقَالَ وسمعته
وان لم يقْصد قَالَ حدث وَأخْبر وَقَالَ وسمعته
وَله إِذا سمع مَعَ غَيره قَول حَدَّثَنى
(1/90)
واذا سمع وَحده حَدثنَا عِنْد الْأَكْثَر
وَنقل الْفضل بن زِيَاد اذا سمع مَعَ النَّاس يَقُول حَدَّثَنى
قَالَ مَا أدرى وَأحب الى أَن يَقُول حَدثنَا
وَإِذا قَرَأَ على الشَّيْخ فَقَالَ نعم أَو سكت بِلَا مُوجب
من غَفلَة أَو غَيرهَا فَلهُ الرِّوَايَة عِنْد الْأَكْثَر
وَيَقُول حَدثنَا وَأخْبرنَا قِرَاءَة عَلَيْهِ وَبِدُون
قِرَاءَة عَلَيْهِ رِوَايَات ثَالِثهَا جَوَاز أخبرنَا لَا
حَدثنَا وَرَابِعهَا جوازهما فِيمَا أقرّ بِهِ لفظا لَا حَالا
وخامسها جَوَاز أخبرنَا فَقَط لفظا لَا حَالا
وَظَاهر مَا سبق أَن منع الشَّيْخ للراوى من رِوَايَته عَنهُ
وَلم يسند ذَلِك الى خطأ اَوْ شكّ لَا يُؤثر وَصرح بِهِ بَعضهم
وَمن شكّ فى سَماع حَدِيث لم تجز رِوَايَته مَعَ الشَّك
إِجْمَاعًا
وَلَو اشْتبهَ بِغَيْرِهِ لم يرو شَيْئا مِمَّا اشْتبهَ بِهِ
فَإِن ظن أَنه وَاحِد مِنْهُمَا بِعَيْنِه أَو أَن هَذَا مسموع
لَهُ قضى جَوَاز الرِّوَايَة اعْتِمَاد على غَلَبَة الظَّن
خلاف الْأَصَح الْمَنْصُوص جَوَازه
وَهل يجوز للراوى ابدال قَول الشَّيْخ أخبرنَا بحدثنا أَو
عَكسه فِيهِ رِوَايَتَانِ
وَتجوز الرِّوَايَة بالاجازة فى الْجُمْلَة عِنْد الْأَكْثَر
خلافًا لإِبْرَاهِيم الحربى وَغَيره
وَيجب الْعَمَل بِهِ لِأَنَّهُ كالمرسل
(1/91)
ثمَّ الْإِجَازَة معِين لمُعين وَيجوز أَن
يُجِيز جَمِيع مَا يرويهِ لمن أَرَادَهُ قَالَه أَبُو بكر
وَابْن مَنْدَه من أَصْحَابنَا وَغَيرهمَا خلافًا لآخرين
وَلَا تجوز لمعدوم تبعا لموجود كفلان وَمن يؤلد لَهُ فى ظَاهر
كَلَام جمَاعَة من أَصْحَابنَا
وَقَالَهُ غَيرهم لِأَنَّهَا محادثة وَإِذن فى الرِّوَايَة
وأجازها أَبُو بكر بن أَبى داؤد وَغَيره كَمَا تجوز لطفل لَا
سَماع لَهُ فى أصح قولى الْعلمَاء وكما تجوز للْغَائِب
وَلَا تجوز لمعدوم أصلا كأجزت لمن يُولد لفُلَان وَقَالَهُ
الشَّافِعِيَّة كالوقف عندنَا وَعِنْدهم
وأجازها القاضى وَبَعض الْمَالِكِيَّة وَيَقُول أجَاز لى فلَان
وَيَقُول حَدثنَا وَأخْبرنَا إجَازَة وَبِدُون إجَازَة لَا
يجوز عِنْد الْأَكْثَر
وَحكى عَن القاضى جَوَاز أجزت لمن يَشَاء فلَان خلافًا للقاضى
أَبى الطّيب وَغَيره
والمناولة وَالْمُكَاتبَة المقترنة بِالْإِذْنِ تجوز
الرِّوَايَة بهَا كَالْإِجَارَةِ
(1/92)
وَمُجَرَّد قَول الشَّيْخ للطَّالِب هَذَا
سماعى أَو روايتى لَا تجوز لَهُ رِوَايَته عَنهُ عِنْد
الْأَكْثَر
وَلَو وجد شَيْئا بِخَط الشَّيْخ لم تجز رِوَايَته عَنهُ لَكِن
يَقُول وجدت بِخَط فلَان وَتسَمى الوجادة وَيجب الْعَمَل بِمَا
ظن صِحَّته من ذَلِك فَلَا يتَوَقَّف على الرِّوَايَة عِنْد
الْأَكْثَر
مَسْأَلَة الْأَكْثَر على جَوَاز نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى
للعارف بمقتضيات الْأَلْفَاظ الْفَارِق بَينهَا خلافًا لِابْنِ
سِيرِين
وَعَن أَحْمد مثله
هَذَا إِن أطلق
وَإِن بَين النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله أَمر بِهِ
أَو نهى فكالقرآن
وَقَالَ ابْن أَبى مُوسَى وحفيد القاضى وَغَيرهمَا مَا كَانَ
خَبرا عَن الله تَعَالَى أَنه قَالَه فَحكمه كالقرآن
وَمنع أَبُو الْخطاب إِبْدَاله بِمَا هُوَ أظهر مِنْهُ معنى
أَو أخص
وَيجوز للراوى إِبْدَال قَول الشَّيْخ قَالَ النبى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بقال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَص
عَلَيْهِ إمامنا
مَسْأَلَة إِذا كذب الأَصْل الْفَرْع سقط الْعَمَل بِهِ لكذب
وَاحِد غير معِين فَإِن قَالَ لَا أدرى عمل بِهِ عِنْد
الْأَكْثَر خلافًا لبَعض الْحَنَفِيَّة
(1/93)
وَعَن أَحْمد مثله
مَسْأَلَة الزِّيَادَة من الثِّقَة الْمُنْفَرد بهَا
مَقْبُولَة لفظية كَانَت أَو معنوية لِإِمْكَان انْفِرَاده
بَان عرض لراوى النَّاقِص شاغل أَو دخل فى أثْنَاء الحَدِيث
أَو ذكرت الزِّيَادَة فى أحد المجلسين
فَإِن علم اتِّحَاد الْمجْلس فَإِن كَانَ غَيره لَا يغْفل
مثلهم عَن مثلهَا عَادَة لم تقبل والا قدم قَول الْأَكْثَر
ثمَّ الأحفظ والأضبط ثمَّ الْمُثبت
وَقَالَ القاضى فِيهِ مَعَ التساوى رِوَايَتَانِ
وَالتَّحْقِيق فى كَلَام أَحْمد أَن راوى الزِّيَادَة أَن لم
يكن مبرزا فى الْحِفْظ والضبط على غَيره مِمَّن لم يذكر
الزِّيَادَة وَلم يُتَابع عَلَيْهَا فَلَا يقبل تفرده
وَأَن كَانَ ثِقَة مبرزا فى الْحِفْظ والضبط على من لم يذكرهَا
فروايتان
مَسْأَلَة حذف بعض الْخبز جَائِز عِنْد الْأَكْثَر إِلَّا فى
الْغَايَة وَالِاسْتِثْنَاء وَنَحْوه مثل حَتَّى تزهى وَإِلَّا
سَوَاء بِسَوَاء فَإِنَّهُ مُمْتَنع اتِّفَاقًا
مَسْأَلَة خبر الْوَاحِد فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى كرفع
الْيَدَيْنِ فى الصَّلَاة وَنقض
(1/94)
الْوضُوء بِمَسّ الذّكر وَنَحْوهَا
مَقْبُول عِنْد الْأَكْثَر خلافًا لأكْثر الْحَنَفِيَّة
مَسْأَلَة خبر الْوَاحِد فى الْحَد مَقْبُول عِنْد الْأَكْثَر
خلافًا للكرخى والبصرى
مَسْأَلَة يجب الْعَمَل بِحمْل مَا رَوَاهُ الصحابى على أحد
محملية عِنْد الْأَكْثَر
فَإِن حمله على غير ظَاهِرَة فالأكثر على الظُّهُور
وَعَن احْمَد رِوَايَة يعْمل بقوله
وَإِن كَانَ نصا لَا يحْتَمل التاويل وَخَالفهُ فَالْأَظْهر
عندنَا لَا يرد الْخَبَر وفَاقا للشَّافِعِيَّة
وَعَن أَحْمد لَا يعْمل بِهِ وفَاقا للحنفية
(1/95)
وَإِن كَانَ الظَّاهِر عُمُوما فسيأتى فى
التَّخْصِيص
وان عمل بِخِلَاف خبر أَكثر الْأمة لم يرد أجماعا
وَاسْتثنى بَعضهم اجماع الْمَدِينَة على أَنه إِجْمَاع
مَسْأَلَة خبر الْوَاحِد الْمُخَالف للْقِيَاس من كل وَجه مقدم
عَلَيْهِ عِنْد الْأَكْثَر
وَعند الْمَالِكِيَّة الْقيَاس
وَقَالَ الْحَنَفِيَّة يرد خبر الْوَاحِد إِن خَالف الْأُصُول
أَو معنى الْأُصُول لَا قِيَاس الْأُصُول
فَأَما إِن كَانَ أَحدهمَا من الآخر خص بِالْآخرِ على مَا يأتى
إِن شَاءَ الله تَعَالَى
مُرْسل غير الصاحبي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أطلق جمَاعَة فى قبُوله قَوْلَيْنِ
وَاعْتبر الشافعى لقبوله فى الراوى أَن لَا يعرف لَهُ رِوَايَة
إِلَّا عَن مَقْبُول وَأَن لَا يُخَالف الثِّقَات إِذا أسْند
الحَدِيث فى مَا أسندوه وان يكون من كبار التَّابِعين
وفى الْمَتْن أَن يسند الْحفاظ المأمونون عَن النبى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم من وَجه آخر معنى ذَلِك الْمُرْسل أَو
يُرْسِلهُ غَيره وشيوخهما مُخْتَلفَة أَو يعضده قَول صحابى أَو
قَول عَامَّة الْعلمَاء
وَكَلَام أَحْمد فى الْمُرْسل قريب من كَلَام الشافعى رضى الله
عَنْهُمَا
وَقَالَ السرخسى يقبل فى الْقُرُون الثَّلَاثَة وَابْن أبان
وَمن أَئِمَّة النَّقْل ايضا
(1/96)
أما مُرْسل الصحابى فحجة عِنْد الْجُمْهُور
وَخَالف بعض الشَّافِعِيَّة إِلَّا أَن يعلم بنصه أَو عَادَته
أَنه لَا يرْوى إِلَّا عَن صحابى
الْأَمر حَقِيقَة فى القَوْل الْمَخْصُوص اتِّفَاقًا
وَعند الْأَكْثَر مجَاز فى الْفِعْل
وفى الْكِفَايَة مُشْتَرك بَينه وَبَين الشَّأْن والطريقة
وَنَحْو ذَلِك
وَاخْتَارَ الآمدى متواط
حد الْأَمر قيل هُوَ القَوْل الْمُقْتَضى طَاعَة الْمَأْمُور
بِفعل الْمَأْمُور بِهِ
وَقيل استدعاء الْفِعْل بالْقَوْل
وَالْمُخْتَار استدعاء إِيجَاد الْفِعْل بالْقَوْل أَو مَا
قَامَ مقَامه
وَهل يشْتَرط الْعُلُوّ والاستعلاء أَو لَا أَو الْعُلُوّ دون
الاستعلاء أَو عَكسه أَقْوَال
والاستعلاء هُوَ الطّلب لَا على وَجه التدليل بل بغلظة وَرفع
صَوت
والعلو أَن يكون الطَّالِب أَعلَى مرتبَة قَالَه القرافى
وَلَا يشْتَرط فى كَونه الْآمِر آمُر إِرَادَته خلافًا
للمعتزلة
(1/97)
8
- فَاعْتبر الجبائى وَابْنه إِرَادَة الدّلَالَة وَبَعْضهمْ
إِرَادَة الْفِعْل
وَلَا يشْتَرط الْإِرَادَة لُغَة إِجْمَاعًا
وللأمر عِنْد الْأَكْثَر صِيغَة تدل بمجردها عَلَيْهِ لُغَة
الْقَائِلُونَ بالنفسى اخْتلفُوا فى كَون الْأَمر لَهُ صِيغَة
تخصه
وَالْخلاف عِنْد الْمُحَقِّقين مِنْهُم فى صِيغَة افْعَل
وَترد صِيغَة افْعَل لسِتَّة عشر معنى الْوُجُوب {أقِيمُوا
الصَّلَاة} الثانى النّدب فكاتبوهم الثَّالِث الارشاد
وَأشْهدُوا الرَّابِع الْإِبَاحَة فاصطادوا وَالْخَامِس
التهديد اعْمَلُوا مَا شِئْتُم وَمِنْه قل تمَتَّعُوا
السَّادِس الامتنان كلوا مِمَّا رزقكم الله السَّابِع
الْإِكْرَام ادخلوها بِسَلام الثَّامِن التسخير كونُوا قردة
التَّاسِع التَّعْجِيز فَأتوا بِسُورَة الْعَاشِر الإهانة ذُقْ
إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم الحادى عشر التَّسْوِيَة
اصْبِرُوا أَولا تصبروا الثانى عشر
(1/98)
الدُّعَاء اللَّهُمَّ اغْفِر لى الثَّالِث عشر التمنى ... أَلا
أَيهَا اللَّيْل الطَّوِيل أَلا انجلى ... |