المختصر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وَمن شَرطهَا أَن تكون متعدية فَلَا
عِبْرَة بالقاصرة
وهى مَا لَا تُوجد فى غير مَحل النَّص كالثمنية فى
النَّقْدَيْنِ عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا وَالْحَنَفِيَّة خلافًا
للشافعى
وَاخْتلفت فى اطراد الْعلَّة وَهُوَ اسْتِمْرَار حكمهَا فى
جَمِيع محالها فاشترطه الْأَكْثَر خلافًا لأبى الْخطاب وَغَيره
وفى تَحْلِيل الحكم بعلتين أَو علل كل مِنْهَا مُسْتَقل
أَقْوَال ثَالِثهَا للمقدسى وَغَيره وَيجوز فى المنصوصة لَا
المستنبطة وَرَابِعهَا عَكسه
ومختار الإِمَام يجوز وَلَكِن لم يَقع
ثمَّ اخْتلف الْقَائِلُونَ بالوقوع إِذا احتمت فَعِنْدَ بعض
أَصْحَابنَا وَغَيرهم كل وَاحِد عِلّة
وَقيل جزو عِلّة وَاخْتَارَهُ ابْن عقيل
وَقيل وَاحِدَة لَا بِعَينهَا
وَالْمُخْتَار تَعْلِيل حكمين بعلة بِمَعْنى الْبَاعِث
(1/144)
وَأما الأمارة فاتفاق وَالْمُخْتَار أَن
لَا تتأخر عِلّة الأَصْل عَن حكمه
وَمن شَرطهَا أَن لَا ترجع إِلَيْهِ بالإبطال
وان لَا تخَالف نصا أَو إِجْمَاعًا
وَأَن لَا تَتَضَمَّن المستنبطة زِيَادَة على النَّص وان يكون
دليلها شَرْعِيًّا
وَيجوز أَن تكون الْعلَّة حكما شَرْعِيًّا عِنْد الْأَكْثَر
وَيجوز تعدد الْوَصْف ووقوعه عِنْد الْأَكْثَر
وَمن شَرط الْفَرْع مُسَاوَاة علته عِلّة الأَصْل ظنا كالشدة
المطربة فى النَّبِيذ ومساواة حكمه حكم الأَصْل كقياس البيع
على النِّكَاح فى الصِّحَّة
وَأَن لَا يكون مَنْصُوصا على حكمه
وَشرط الْحَنَفِيَّة وَغَيرهم من أَصْحَابنَا أَن لَا يكون
مُتَقَدما على حكم الأَصْل
وَصحح المقدسى اشْتِرَاطه لقياس الْعلَّة دون قِيَاس
الدّلَالَة
مسالك إِثْبَات الْعلَّة
الأول الْإِجْمَاع
الثانى النَّص فَمِنْهُ صَرِيح فى التَّعْلِيل نَحْو كَيْلا
يكون دولة من أجل ذَلِك كتبنَا {إِلَّا لنعلم}
(1/145)
فَإِن أضيف الى مَا لَا يصلح عِلّة نَحْو
لم فعلت فَيَقُول لأنى أردْت فَهُوَ مجَاز
أما نَحْو أَنَّهَا رِجْس أَنَّهَا لَيست بِنَجس أَنَّهَا من
الطوافين فصريح عِنْد القاضى وَغَيره
وَأَن لحقته الْفَاء فَهُوَ آكِد
وايماء عِنْد غَيره
وَمِنْه أيماء وَهُوَ أَنْوَاع
الأول ذكر الحكم عقيب وصف بِالْفَاءِ نَحْو {قل هُوَ أَذَى
فاعتزلوا} الثانى تَرْتِيب الحكم على الْوَصْف بِصِيغَة
الْجَزَاء نَحْو {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} أى لتقواه
الثَّالِث ذكر الحكم جَوَابا لسؤال نَحْو قَوْله {اعْتِقْ
رَقَبَة} فى جَوَاب سُؤال الأعرابى إِذْ هُوَ فى معنى حَيْثُ
واقعت فَأعتق
(1/146)
الرَّابِع أَن يذكر مَعَ الحكم مَا لَو لم
يُعلل بِهِ للغى فيعلل بِهِ صِيَانة لكَلَام الشَّارِع عَن
اللَّغْو نَحْو قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام حِين سُئِلَ عَن بيع
الرطب بِالتَّمْرِ أينقص الرطب إِذا يبس قَالُوا نعم قَالَ
فَلَا إِذا فَهُوَ اسْتِفْهَام تقريرى لَا استعلامى لظُهُوره
الْخَامِس تعقيب الْكَلَام أَو تضمنه مَا لَو لم يُعلل بِهِ لم
يَنْتَظِم نَحْو {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله وذروا البيع} لَا
يقْضى القاضى وَهُوَ غَضْبَان إِذا البيع وَالْقَضَاء لَا
يمنعان مُطلقًا فَلَا بُد إِذا من مَانع وَلَيْسَ إِلَّا فهم
مَا من سِيَاق النَّص ومضمونه
السَّادِس اقتران الحكم بِوَصْف مُنَاسِب نَحْو أكْرم
الْعلمَاء واهن الْجُهَّال
وَهل تشْتَرط مُنَاسبَة الْوَصْف الموما اليه فِيهِ وَجْهَان
قَالَ أَبُو البركات تَرْتِيب الحكم على اسْم مُشْتَقّ يدل أَن
مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاق عِلّة فى
(1/147)
قَول أَكثر الْأُصُولِيِّينَ وَقَالَ قوم
إِن كَانَ مناسبا
الثَّالِث من مسالك إِثْبَات الْعلَّة التَّقْسِيم والسبر
وَهُوَ حصر الْأَوْصَاف وابطال كل عِلّة علل بهَا الحكم
الْمُعَلل إِلَّا وَاحِدَة فتتعين نَحْو عِلّة الرِّبَا
الْكَيْل أَو الطّعْم أَو الْقُوت وَالْكل بَاطِل إِلَّا
الأولى
وَمن شَرطه أَن يكون سبره حاصرا بموفقه خَصمه أَو عَجزه عَن
إِظْهَار وصف زَائِد فَيجب إِذا على خَصمه تَسْلِيم الْحصْر
أَو ابراز مَا عِنْده لينْظر فِيهِ فيفسده بِبَيَان بَقَاء
الحكم مَعَ حذفه أَو بِبَيَان طرديته أَي عدم الْتِفَات
الشَّرْع اليه فى مَعْهُود تصرفه
وَلَا يفْسد الْوَصْف بِالنَّقْضِ وَلَا بقوله لم أعثر بعد
الْبَحْث على مُنَاسبَة الْوَصْف فيلغى إِذْ يُعَارضهُ الْخصم
بِمثلِهِ فى وَصفه
وَإِذا اتّفق الخصمان على فَسَاد عِلّة من عداهما فإفساد
أَحدهمَا عِلّة الآخر دَلِيل صِحَة علته عِنْد بعض
الْمُتَكَلِّمين وَالصَّحِيح خِلَافه
وَهُوَ حجَّة للنَّاظِر والمناظر عِنْد الْأَكْثَر
وَثَالِثهَا أَن أجمع على تَعْلِيل ذَلِك الحكم
المسلك الرَّابِع إِثْبَاتهَا بالمناسبة وهى أَن يقْتَرن
بالحكم وصف مُنَاسِب وَهُوَ وصف ظَاهر منضبط يلْزم من تَرْتِيب
الحكم عَلَيْهِ مَا يصلح أَن يكون مَقْصُودا من حُصُول مصلحَة
أَو دفع مفْسدَة
(1/148)
فان كَانَ خفِيا أَو غير منضبط اعْتبر
ملازمه وَهُوَ المظنة
وَإِذا لزم من مصلحَة الْوَصْف مفْسدَة مُسَاوِيَة أَو راجحة
ألغاها قوم واثبتها آخَرُونَ
المسلك الْخَامِس إِثْبَات الْعلَّة بالشبه وَهُوَ عِنْد
القاضى وَابْن عقيل وَغَيرهمَا إِلْحَاق الْفَرْع المتردد بَين
أصلين بِمَا هُوَ أشبه بِهِ مِنْهُمَا كَالْعَبْدِ المتردد
بَين الْحس والبهيمة والمذى المتردد بَين الْبَوْل والمنى
وفى صِحَة التَّمَسُّك بِهِ قَولَانِ لِأَحْمَد والشافعى
وَالْأَظْهَر نعم خلافًا للقاضى
وَالِاعْتِبَار بالشبه حكما لَا حَقِيقَة خلافًا لإبن عَلَيْهِ
وَقيل بِمَا يظنّ أَنه منَاط للْحكم
المسلك السَّادِس الدوران وَهُوَ وجود الحكم بِوُجُود الْوَصْف
وَعَدَمه بِعَدَمِهِ يُفِيد الْعلية عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا
قيل ظنا وَقيل قطعا
(1/149)
وَصحح القاضى وَبَعض الشَّافِعِيَّة
التَّمَسُّك بِشَهَادَة الْأُصُول المفيدة للطرد وَالْعَكْس
نَحْو من صَحَّ طَلَاقه صَحَّ ظِهَاره
وَمنع ذَلِك آخَرُونَ وأطراد الْعلَّة لَا يُفِيد صِحَّتهَا
وَالْقِيَاس جلى وخفى
فالجلى مَا قطع فِيهِ بنفى الْفَارِق كالامة وَالْعَبْد فى
الْعتْق
وينقسم الى قِيَاس عِلّة وَقِيَاس دلَالَة فى معنى الأَصْل
فَالْأول مَا صَحَّ فِيهِ بِالْعِلَّةِ
والثانى مَا جمع فِيهِ بَين الأَصْل وَالْفرع بِدَلِيل
الْعلَّة
وَالثَّالِث الْجمع بنفى الْفَارِق
مَسْأَلَة أجَاز الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَعَامة الْعلمَاء
التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ عقلا خلافًا للشيعة والنظام
وأوجبه القاضى وَأَبُو الْخطاب وَغَيرهمَا
مَسْأَلَة الْقَائِل بِجَوَازِهِ عقلا قَالَ وَقع شرعا إِلَّا
داؤد وَابْنه وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ إمامنا
(1/150)
وَحمل على قِيَاس خَالف نصا وَالْأَكْثَر
بِدَلِيل السّمع وَالْأَكْثَر قطعى
مَسْأَلَة النَّص على الْعلَّة يكفى فى التعدى دون التَّعَبُّد
بِالْقِيَاسِ عِنْد أَصْحَابنَا وَأَشَارَ اليه إمامنا خلافًا
للمقدسى والآمدى وَغَيرهمَا
وَقَالَ ابو عبد الله البصرى يكفى فى عِلّة التَّحْرِيم لَا
غَيرهَا
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس هُوَ قِيَاس مَذْهَبنَا
مَسْأَلَة يجرى الْقيَاس فى الْعِبَادَات والأسباب
وَالْكَفَّارَات وَالْحُدُود والمقدرات عِنْد أَصْحَابنَا
وَالشَّافِعِيَّة خلافًا للحنفية
مسالة يجوز عِنْد الْأَكْثَر ثُبُوت الْأَحْكَام كلهَا بتنصيص
من الشَّارِع لَا بِالْقِيَاسِ
مَسْأَلَة النفى إِن كَانَ أَصْلِيًّا جرى فِيهِ قِيَاس
الدّلَالَة وَهُوَ الِاسْتِدْلَال بِانْتِفَاء حكم شىء على
انتفائه عَن مثله فيؤكد بِهِ
(1/151)
الِاسْتِصْحَاب والا جرى فِيهِ القياسان
وَالله أعلم
الأسئلة الْوَارِدَة على الْقيَاس
الاستفسار
وَيتَوَجَّهُ على الْإِجْمَال
وعَلى الْمُعْتَرض إثْبَاته بِبَيَان احْتِمَال اللَّفْظ
مَعْنيين فَصَاعِدا لاببيان التساوى لغيره وَجَوَابه بِمَنْع
التَّعَدُّد أَو رُجْحَان أَحدهمَا بِأَمْر مَا
والثانى فَسَاد الِاعْتِبَار
وَهُوَ مُخَالفَة الْقيَاس نصا لحَدِيث معَاذ وَلِأَن
الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم لم يقيسوا إِلَّا مَعَ عدم
النَّص
وَجَوَابه بِمَنْع النَّص أَو اسْتِحْقَاق تَقْدِيم الْقيَاس
عَلَيْهِ لضَعْفه أَو عُمُومه أَو اقْتِضَاء مَذْهَب لَهُ
(1/152)
الثَّالِث فَسَاد الْوَضع
وَهُوَ اقْتِضَاء الْعلَّة نقيض مَا علق بهَا نَحْو لفظ
الْهِبَة ينْعَقد بِهِ غير النِّكَاح فَلَا ينْعَقد بِهِ
النِّكَاح كالاجارة فَيُقَال انْعِقَاد غير النِّكَاح بِهِ
يقتضى انْعِقَاده بِهِ لتأثيره فى غَيره
وَجَوَابه بِمَنْع الِاقْتِضَاء الْمَذْكُور أَو بِأَن
اقتضاءها لما ذكره الْمُسْتَدلّ أرجح
فَإِن ذكر الْخصم شَاهد الِاعْتِبَار مَا ذكره فَهُوَ
مُعَارضَة
الرَّابِع الْمَنْع
وَهُوَ منع حكم الاصل
وَلَا يَنْقَطِع بِهِ الْمُسْتَدلّ على الْأَصَح وَله إثْبَاته
بِطرقِهِ وَمنع وجود الْمُدعى عِلّة فى الأَصْل فيثبته حسا أَو
عقلا أَو شرعا بدليله أَو وجود أثر أَو لَازم لَهُ
وَمنع عليته
وَمنع وجودهَا فى القرع فيثبتهما بطرقهما
الْخَامِس التَّقْسِيم
وَمحله قبل الْمُطَالبَة لِأَنَّهُ منع وَهُوَ تَسْلِيم وَهُوَ
مَقْبُول بعد الْمَنْع بِخِلَاف الْعَكْس
وَهُوَ حصر الْمُعْتَرض مدارك مَا ادَّعَاهُ الْمُسْتَدلّ
عِلّة والغاء جَمِيعهَا وَشَرطه صِحَة انقسام مَا ذكره
الْمُسْتَدلّ الى مَمْنُوع وَمُسلم وَإِلَّا كَانَ مُكَابَرَة
(1/153)
وحصره لجَمِيع الْأَقْسَام وَإِلَّا جَازَ
أَن ينْهض الْخَارِج عَنْهَا بغرض الْمُسْتَدلّ ومطابقته لما
ذكره
فَلَو زَاد عَلَيْهِ لَكَانَ مناظرا لنَفسِهِ لَا للمستدل
وَطَرِيق صِيَانة التَّقْسِيم أَن يَقُول الْمُعْتَرض للمستدل
إِن عنيت بِمَا ذكرت كَذَا وكدا فَهُوَ مُحْتَمل مُسلم
والمطالبة متوجهة وان عنيت غَيره فَهُوَ مُمْتَنع مَمْنُوع
السَّادِس الْمُطَالبَة وهى طلب دَلِيل عَلَيْهِ الْوَصْف من
الْمُسْتَدلّ
وتتضمن تَسْلِيم الحكم وَوُجُود الْوَصْف فى الأَصْل وَالْفرع
وَهُوَ ثَالِث المنوع الْمُتَقَدّمَة
السَّابِع النَّقْض
وَهُوَ إبداء الْعلَّة بِدُونِ الحكم
وفى بطلَان الْعلَّة بِهِ خلاف سبق
وَيجب احْتِرَاز فى دَلِيله عَن صُورَة النَّقْض
وَدفعه إِمَّا بِمَنْع وجود الْعلَّة أَو الحكم فى صورته ويكفى
الْمُسْتَدلّ قَوْله لَا أعرف الرِّوَايَة فِيهَا إِذْ دَلِيله
صَحِيح فَلَا يبطل بمشكوك فِيهِ
(1/154)
وَلَيْسَ للمعترض أَن يدل على ثُبُوت ذَلِك
فى صُورَة النَّقْض لِأَنَّهُ انْتِقَال وغصب
أَو بِبَيَان مَانع أَو انتقاء شَرط تخلف لأَجله الحكم فى
صُورَة النَّقْض ويسمح من الْمُعْتَرض نقض أصل خَصمه فَيلْزم
الْعذر عَنهُ لَا أصل نَفسه نَحْو هَذَا الْوَصْف لَا يطرد على
أصلى فَكيف يلْزَمنِي إِذْ دَلِيل الْمُسْتَدلّ الْمُقْتَضى
للْحكم حجَّة عَلَيْهِ فى صُورَة النَّقْض كمحل النزاع
أَو بِبَيَان وُرُود النَّقْض الْمَذْكُور على المذهبين
كالعرايا على الْمذَاهب
وَقَول الْمُعْتَرض دَلِيل عَلَيْهِ وصفك مَوْجُود فى صُورَة
النَّقْض غير مسموع إِذْ هُوَ نقض لدَلِيل الْعلَّة لَا لنَفس
الْعلَّة فَهُوَ انْتِقَال ويكفى الْمُسْتَدلّ فى رده أدنى
دَلِيل يَلِيق باصله وَالْكَسْر
(1/155)
وَهُوَ إبداء الْحِكْمَة دون الحكم غير
لَازم فَرد إِذْ الْحِكْمَة لَا تنضبط بالرأى فَرد ضَبطهَا الى
تَقْرِير الشَّارِع وفى اندفاع النَّقْض بالاجتراز عَنهُ بِذكر
وصف فى الْعلَّة لَا يُؤثر فى الحكم وَلَا يعْدم فى الأَصْل
لعدمه نَحْو قَوْلهم فى الِاسْتِجْمَار حكم يتَعَلَّق بالاحجار
يستوى فِيهِ الثّيّب والأبكار فَاشْترط فِيهِ الْعدَد كرمى
الْجمار خلاف الظَّاهِر لَا لِأَن الطردى لَا يُؤثر مُفردا
فَكَذَا مَعَ غَيره كالفاسق فى الشَّهَادَة
ويندفع بالاحتراز عَنهُ بِذكر شَرط فى الحكم عِنْد أَبى
الْخطاب نَحْو حران مكلفان محقونا الدَّم فَجرى بَينهمَا
الْقصاص فى الْعمد كالمسلمين إِذْ الْعمد أحد أَوْصَاف
الْعلَّة حكما وَأَن تَأَخّر لفظا وَالْعبْرَة بِالْأَحْكَامِ
لَا الْأَلْفَاظ وَقيل لَا إِذْ قَوْله فى الْعمد اعْتِرَاف
بتخلف حكم علته عَنْهَا فى الْخَطَأ وَهُوَ نقض وَالْأول أصح
الثَّامِن الْقلب
وَهُوَ تَعْلِيق نقيض حكم الْمُسْتَدلّ على علته بِعَينهَا
ثمَّ الْمُعْتَرض تَارَة يصحح مذْهبه كَقَوْل الحنفى
الِاعْتِكَاف لبث مَحْض فَلَا يكون بِمُجَرَّد قربَة كالوقوف
بِعَرَفَة فَيَقُول الْمُعْتَرض لبث مَحْض فَلَا يعْتَبر
الصَّوْم فى كَونه قربَة كالوقوف بِعَرَفَة
وَتارَة يبطل مَذْهَب خَصمه كَقَوْل الحنفى الراس مَمْسُوح
فَلَا يجب استيعابه بِالْمَسْحِ كالخف فَيَقُول الْمُعْتَرض
مَمْسُوح فَلَا يقدر بِالربعِ كالخف
وَكَقَوْلِه فى بيع الْغَائِب عقد مُعَاوضَة فَينْعَقد مَعَ
جهل الْعِوَض كَالنِّكَاحِ فَيَقُول خَصمه فَلَا يعْتَبر فِيهِ
خِيَار الرُّؤْيَة كَالنِّكَاحِ فَيبْطل مَذْهَب الْمُسْتَدلّ
لعدم أَوْلَوِيَّة أحد
(1/156)
الْحكمَيْنِ بتعليقه على الْعلَّة
الْمَذْكُورَة
وَالْقلب مُعَارضَة خَاصَّة فَجَوَابه جوابها لَا بِمَنْع وجود
الْوَصْف لِأَنَّهُ الْتَزمهُ فى استدلاله فَكيف يمنعهُ
التَّاسِع الْمُعَارضَة
وهى إِمَّا فى الأَصْل بِبَيَان وجود مُقْتَض للْحكم فِيهِ
فَلَا يتَعَيَّن مَا ذكره الْمُسْتَدلّ مقتضيا بل يحْتَمل
ثُبُوته لَهُ لما ذكره الْمُعْتَرض أَولهمَا وَهُوَ أظهر
الِاحْتِمَالَات إِذْ المألوف من تصرف الشَّرْع مُرَاعَاة
الْمصَالح كلهَا كمن أعْطى فَقِيرا قَرِيبا غلب على الظَّن
إِعْطَاؤُهُ لسببين
وَيلْزم الْمُسْتَدلّ حذف مَا ذكره الْمُعْتَرض بالاحتراز
عَنهُ فى دَلِيله على الْأَصَح فَإِن أهمله ورد مُعَارضَة
فيكفى الْمُعْتَرض فى تقريرها بَيَان تعَارض الِاحْتِمَالَات
الْمَذْكُورَة
وَلَا يكفى الْمُسْتَدلّ فى دَفعهَا إِلَّا بِبَيَان
اسْتِقْلَال مَا ذكره بِثُبُوت الحكم إِمَّا بِثُبُوت عَلَيْهِ
مَا ذكره بِنَصّ أَو إِيمَاء وَنَحْوه من الطّرق
الْمُتَقَدّمَة أَو بِبَيَان إِلْغَاء مَا ذكره الْمُعْتَرض فى
جنس الحكم الْمُخْتَلف فِيهِ كإلغاء الذكورية فى جنس أَحْكَام
الْعتْق
أَو بَان مثل الحكم ثَبت بِدُونِ مَا ذكره فَيدل على
اسْتِقْلَال عِلّة الْمُسْتَدلّ
فَإِن بَين الْمُعْتَرض فى أصل ذَلِك الحكم الْمُدعى ثُبُوته
بِدُونِ مَا ذكره مناسبا آخر لزم الْمُسْتَدلّ حذفه وَلَا
يَكْفِيهِ إِلْغَاء كل من المناسبين بِأَصْل الآخر لجَوَاز
ثُبُوت حكم كل أصل بعلة تخصه إِذْ الْعَكْس غير لَازم فى
الشرعيات
(1/157)
وَإِن ادّعى الْمُعْتَرض اسْتِقْلَال مَا
ذكره مناسبا كفى الْمُسْتَدلّ فى جَوَابه بَيَان رُجْحَان مَا
ذكره هُوَ بِدَلِيل أَو تَسْلِيم
وَأما فى الْفَرْع بِذكر مَا يمْتَنع مَعَه ثُبُوت الحكم فِيهِ
إِمَّا بالمعارضة بِدَلِيل آكِد من نَص أَو إِجْمَاع فَيكون
مَا ذكره الْمُسْتَدلّ فَاسد الِاعْتِبَار كَمَا سبق
وَإِمَّا بإبداء وصف فى الْفَرْع مَانع للْحكم فِيهِ أَو
للسببة
فَإِن منع الحكم احْتَاجَ فى إِثْبَات كَونه مَانِعا الى مثل
طَرِيق الْمُسْتَدلّ فى إِثْبَات حكمه من الْعلَّة وَالْأَصْل
والى مثل علته فى الْقُوَّة وَأَن منع السَّبَبِيَّة فَإِن بقى
مَعَه احْتِمَال الْحِكْمَة وَلَو على بعد لم يضر الْمُسْتَدلّ
لألفنا من الشَّرْع اكتفاءه بالمظنة وَمُجَرَّد احْتِمَال
الْحِكْمَة فَيحْتَاج الْمُعْتَرض الى أصل يشْهد لما ذكره
بِالِاعْتِبَارِ
وَإِن لم يبْق لم يحْتَج الى أصل إِذْ ثُبُوت الحكم تَابع
للحكمة وَقد علم انتفاؤها وفى الْمُعَارضَة فى الْفَرْع
يَنْقَلِب الْمُعْتَرض مستدلا على إِثْبَات الْمُعَارضَة
والمستدل مُعْتَرضًا عَلَيْهَا بِمَا أمكن من الأسئلة
الْعَاشِر عدم التَّأْثِير وَهُوَ ذكر مَا يسْتَغْنى عَنهُ
الدَّلِيل فى ثُبُوت حكم الأَصْل
إِمَّا لطرديته نَحْو صَلَاة لَا تقصر فَلَا تقدم على الْوَقْت
كالمغرب إِذْ باقى
(1/158)
الصَّلَوَات تقصر فَلَا تقدم على الْوَقْت
أَو لثُبُوت الحكم بِدُونِ شَرطه كَالْبيع بِدُونِ الرُّؤْيَة
فَلم يَصح بَيْعه كالطير فى الْهَوَاء فَإِن بيع الطير فى
الْهَوَاء مَمْنُوع وان رؤى
نعم إِن أَشَارَ بِذكر الْوَصْف الى خلو الْفَرْع من الْمَانِع
أَو اشتماله على شَرط الحكم دفعا للنقض جَازَ وَلم يكن من
هَذَا الْبَاب
وَأَن أَشَارَ الْوَصْف الى اخْتِصَاص الدَّلِيل بِبَعْض صور
الحكم جَازَ إِن لم تكن الْفتيا عَامَّة وان عَمت لم يجز لعدم
وَفَاء الدَّلِيل الْخَاص بِثُبُوت الحكم الْعَام
الحادى عشر تركيب الْقيَاس من المذهبين نَحْو قَوْله فى
الْبَالِغَة أُنْثَى فى تزوج نَفسهَا كابنة خَمْسَة عشر إِذْ
الْخصم يمْنَع تَزْوِيجهَا نَفسهَا لصغرها لَا لأنوثيتها ففى
صِحَة التَّمَسُّك بِهِ خلاف
الثانى عشر القَوْل بِالْمُوجبِ وَهُوَ تَسْلِيم الدَّلِيل
مَعَ منع الْمَدْلُول أَو تَسْلِيم مُقْتَضى الدَّلِيل مَعَ
دَعْوَى بَقَاء الْخلاف
وَهُوَ آخر الأسئلة
وَيَنْقَطِع الْمُعْتَرض بفساده والمستدل بتوجيهه إِذْ بعد
تَسْلِيم الْعلَّة وَالْحكم لَا يجوز لَهُ النزاع فيهمَا
(1/159)
ومورده إِمَّا النفى نَحْو قَوْله فى
الْقَتْل بالمثقل إِن التَّفَاوُت فى الْآلَة لَا يمْنَع
الْقصاص كالتفاوت فى الْقَتْل فَيَقُول الحنفى سلمت لَكِن لَا
يلْزم من عدم الْمَانِع ثُبُوت الْقصاص بل من وجود مقتضيه
أَيْضا فَأَنا أنازع فِيهِ
وَجَوَابه بِبَيَان لُزُوم الحكم فى مَحل النزاع مِمَّا ذكره
إِن امكن أَو بِأَن النزاع مَقْصُور على مَا يعرض لَهُ
بِإِقْرَار أَو اشتهار وَنَحْوه
وَأما الْإِثْبَات نَحْو الْخَيل حَيَوَان يسابق عَلَيْهِ
فَتجب فِيهِ الزَّكَاة كَالْإِبِلِ فَيَقُول نعم زَكَاة
الْقيمَة
وَجَوَابه بِأَن النزاع فى زَكَاة الْعين وَقد عرفنَا
الزَّكَاة بِاللَّامِ فَيصْرف الى مَحل النزاع
وفى لُزُوم الْمُعْتَرض ابداء مُسْتَند القَوْل بِالْمُوجبِ
خلاف وَيرد على الْقيَاس منع كَونه حجَّة أَو فى الْحُدُود
وَالْكَفَّارَات والمظان كالحنفية
والأسئلة رَاجِعَة الى منع أَو مُعَارضَة والا لم تسمع
وَذكر بَعضهم أَنَّهَا خَمْسَة وَعِشْرُونَ وترتيبها أولى
اتِّفَاقًا
وفى وُجُوبه خلاف وفى كيفيته أَقْوَال كَثِيرَة وَالله أعلم
الِاسْتِصْحَاب دَلِيل ذكره الْمُحَقِّقُونَ إِجْمَاعًا
وَإِنَّمَا الْخلاف فى اسْتِصْحَاب حكم الْإِجْمَاع فى مَحل
الْخلاف وَالْأَكْثَر لَيْسَ بِحجَّة خلافًا للشافعى وَابْن
شاقلا وَابْن حَامِد ونافى الحكم يلْزمه الدَّلِيل خلافًا لقوم
وَقيل فى الشرعيات فَقَط
(1/160)
مَسْأَلَة شرع من قبلنَا هَل كَانَ نَبينَا
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متعبدا بشرع من قبله قبل بعثته
مُطلقًا أَو آدم أَو نوح أَو ابراهيم أَو مُوسَى أَو عِيسَى
عَلَيْهِم السَّلَام أَو لم يكن متعبدا بشرع من قبله أَقْوَال
وَتعبد بعد بعتثه بشرع من قبله فَيكون شرعا لنا نَقله
الْجَمَاعَة وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَر
ثمَّ اعْتبر القاضى وَابْن عقيل وَغَيره ثُبُوته قطعا وَلنَا
قَول أَو آحادا وَعَن أَحْمد لم يتعبد وَلَيْسَ بشرع لنا
الاستقراء دَلِيل لإفادته الظَّن ذكره بعض أَصْحَابنَا
وَغَيرهم
مَسْأَلَة مَذْهَب الصحابى إِن لم يُخَالِفهُ صحابى فَإِن
انْتَشَر وَلم يُنكر فَسبق فى الْإِجْمَاع
وَأَن لم ينتشر فحجة مقدم على الْقيَاس فى أظهر
الرِّوَايَتَيْنِ
واختره أَكثر أَصْحَابنَا وَغَيرهم وَقَالَهُ مَالك والشافعى
فى الْقَدِيم وفى الْجَدِيد أَيْضا خلافًا لأبى الْخطاب وَابْن
عقيل وَأكْثر الشَّافِعِيَّة
مَسْأَلَة مَذْهَب الصحابى فِيمَا يُخَالف الْقيَاس تَوْقِيف
ظَاهر الْوُجُوب عِنْد أَحْمد وَأكْثر أَصْحَابه خلافًا
لِابْنِ عقيل وَالشَّافِعِيَّة
(1/161)
مَسْأَلَة مَذْهَب التابعى لَيْسَ بِحجَّة
عِنْد الْأَكْثَر وَكَذَا لَو خَالف الْقيَاس فى ظَاهر كَلَام
أَحْمد وأصحابنا خلافًا لأبى البركات
مَسْأَلَة الِاسْتِحْسَان هُوَ الْعُدُول بِحكم الْمَسْأَلَة
عَن نظائرها لدَلِيل شرعى خَاص
وَقد أطلق أَحْمد والشافعى القَوْل بِهِ فى مَوَاضِع
وَقَالَ بِهِ الحنفى وَأنْكرهُ غَيرهم وَهُوَ الْأَشْهر عَن
الشافعى حَتَّى قَالَ من اسْتحْسنَ فقد شرع وَلَا يتَحَقَّق
اسْتِحْسَان مُخْتَلف فِيهِ
مَسْأَلَة الْمصلحَة إِن شهد الشَّرْع باعتبارها كاقتياس الحكم
من مَعْقُول دَلِيل شرعى فَقِيَاس أَو ببطلانها كتعيين
الصَّوْم فى كَفَّارَة رَمَضَان على الْمُوسر كالملك وَنَحْوه
فلغو
أَو لم يشْهد لَهَا بِبُطْلَان وَلَا اعْتِبَار معِين فهى
إِمَّا تحسينى كصيانة المراة عَن مُبَاشرَة عقد نِكَاحهَا
الْمشعر بِمَا لَا يَلِيق بالمروءة بتولى الولى ذَلِك
(1/162)
أَو حاجى أى فى رُتْبَة الْحَاجة كتسليط
الولى على تَزْوِيج الصَّغِيرَة لحَاجَة تَقْيِيد الكفو خيفة
فَوَاته
وَلَا يَصح التَّمَسُّك بِمُجَرَّد هذَيْن من غير أصل
أَو ضَرُورِيّ وَهُوَ مَا عرف الْتِفَات الشرغ اليه كحفظ
الدّين بقتل الْمُرْتَد والداعية
وَالْعقل بِحَدّ الْمُسكر وَالنَّفس بِالْقصاصِ وَالنّسب
وَالْعرض بِحَدّ الزِّنَا وَالْقَذْف
وَالْمَال بِقطع السَّارِق فَلَيْسَ بِحجَّة خلافًا لمَالِك
وَبَعض الشَّافِعِيَّة
الِاجْتِهَاد لُغَة بذل الْجهد فى فعل شاق
وَاصْطِلَاحا بذل الْجهد فى تعرف الحكم الشرعى
وَشرط الْمُجْتَهد إحاطته بمدارك الْأَحْكَام وهى الْأُصُول
الْمُتَقَدّمَة وَمَا يعْتَبر للْحكم فى الْجُمْلَة كمية
وَكَيْفِيَّة
فَالْوَاجِب عَلَيْهِ من الْكتاب معرفَة مَا يتَعَلَّق
بِالْأَحْكَامِ مِنْهُ
وهى قدر خَمْسمِائَة آيَة بِحَيْثُ يُمكنهُ استحضارها للاحتجاج
بهَا لَا حفظهَا
وَكَذَلِكَ من السّنة هَكَذَا ذكره غير وَاحِد لَكِن نقل
القيروانى فى الْمُسْتَوْعب عَن الشافعى أَنه يشْتَرط فى
الْمُجْتَهد حفظ جَمِيع الْقُرْآن وَمَال إِلَيْهِ أَبُو
الْعَبَّاس
وَمَعْرِفَة صِحَة الحَدِيث اجْتِهَادًا كعلمه بِصِحَّة مخرجه
وعدالة رُوَاته أَو تقليدا كنقله
(1/163)
من كتاب صَحِيح ارتضى الْأَئِمَّة رُوَاته
والناسخ والمنسوخ مِنْهُمَا
وَمن الْإِجْمَاع مَا تقدم فِيهِ
وَمن النَّحْو واللغة مَا يَكْفِيهِ فِيمَا يتَعَلَّق
بِالْكتاب وَالسّنة من نَص وَظَاهر ومجمل وَحَقِيقَة ومجاز
عَام وخاص وَمُطلق ومقيد لَا تفاريع الْفِقْه وَعلم الْكَلَام
وَلَا يشْتَرط عَدَالَته فى اجْتِهَاده بل فى قبُول فتياه
وَخَبره
مَسْأَلَة يتجزا الِاجْتِهَاد عِنْد الْأَكْثَر
وَقيل فى بَاب لَا مَسْأَلَة
مَسْأَلَة يجوز التَّعَبُّد بِالِاجْتِهَادِ فى زمن النبى صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم عقلا عِنْد الْأَكْثَر خلافًا لأبى
الْخطاب
وفى جَوَازه شرعا أَقْوَال ثَالِثهَا يجوز بِإِذْنِهِ
وَرَابِعهَا لمن بعد
مَسْأَلَة يجوز اجْتِهَاد النبى عَلَيْهِ السَّلَام فى أَمر
الشَّرْع عقلا عِنْد الْأَكْثَر
وَأما شرعا فَأكْثر أَصْحَابنَا على جَوَازه ووقوعه خلافًا
لأبى حَفْص العكبرى وَابْن حَامِد
وَجوزهُ القاضى فى مَوضِع فى أَمر الْحَرْب فَقَط
وَالْحق أَن اجْتِهَاده عَلَيْهِ السَّلَام لَا يخطىء
مَسْأَلَة الْإِجْمَاع على أَن الْمُصِيب فى العقليات وَاحِد
وَاحِد وَأَن النافى مِلَّة الاسلام مخطىء آثم كَافِر اجْتهد
أَو لم يجْتَهد
(1/164)
وَقَالَ الجاحظ لَا إِثْم على الْمُجْتَهد
بِخِلَاف المعاند وَزَاد العنبرى كل مُجْتَهد فى العقليات
مُصِيب
مَسْأَلَة الْمَسْأَلَة الظنية الْحق فِيهَا عِنْد الله وَاحِد
وَعَلِيهِ دَلِيل فَمن أَصَابَهُ فَهُوَ مُصِيب والا فمخطىء
مثاب على اجْتِهَاده عِنْد الْأَكْثَر
مَسْأَلَة تعادل دَلِيلين قطعيين محَال اتِّفَاقًا وَكَذَا
ظنيين فيجتهد وَيقف الى أَن يتبينه عِنْد أَصْحَابنَا وَأكْثر
الشَّافِعِيَّة
وَقَالَ قوم وَحكى رِوَايَة عَن احْمَد يجوز تعادلهما
فَعَلَيهِ يُخَيّر فى الْأَخْذ بايهما شَاءَ
مَسْأَلَة لَيْسَ للمجتهد أَن يَقُول فى شىء وَاحِد فى وَقت
وَاحِد قَوْلَيْنِ متضادين عِنْد عَامَّة الْعلمَاء
وَنقل عَن الشافعى أَنه ذكر فى سبع عشرَة مَسْأَلَة فِيهَا
قَولَانِ وَاعْتذر عَنهُ بأعذار فِيهَا نظر
وَإِذا نَص الْمُجْتَهد على حكمين مُخْتَلفين فى مَسْأَلَة فى
وَقْتَيْنِ فمذهبه آخرهما إِن علم التَّارِيخ وَإِلَّا
فأشبههما بأصوله وقواعد مذْهبه وَأقر بهما الى الدَّلِيل
الشرعى
وَقيل كِلَاهُمَا مَذْهَب لَهُ وَفِيه نظر
(1/165)
مَسْأَلَة مَذْهَب الْإِنْسَان مَا قَالَه
أَو مَا جرى مجْرَاه من تَنْبِيه أَو غَيره وَإِلَّا لم تجز
نسبته اليه وَلنَا وَجْهَان فى جَوَاز نسبته إِلَيْهِ من جِهَة
الْقيَاس أَو فعله أَو الْمَفْهُوم
مَسْأَلَة لَا ينْقض الحكم فِي الإجتهاديات مِنْهُ وَلَا من
غَيره اتِّفَاقًا للتسلسل
مَسْأَلَة وَحكمه بِخِلَاف اجْتِهَاده بَاطِل وَلَو قلد غَيره
ذكره الآمدى اتِّفَاقًا
وفى إرشاد ابْن أَبى مُوسَى لَا
مَسْأَلَة إِذا نكح مقلد بفتوى مُجْتَهد ثمَّ تغير اجْتِهَاد
مقلده لم تحرم عِنْد أَبى الْخطاب والمقدسى خلافًا لقوم
مَسْأَلَة إِذا حدثت مَسْأَلَة لَا قَول فِيهَا فللمجتهد
الِاجْتِهَاد فِيهَا وَالْفَتْوَى وَالْحكم
وَهل هَذَا أفضل أَو التَّوَقُّف أَو توقفه فى الْأُصُول فِيهِ
أوجه لنا
وَبَعْضهمْ ذكر الْخلاف فى الْجَوَاز
يُؤَيّد الْمَنْع مَا قَالَه إمامنا إياك أَن تَتَكَلَّم فى
مَسْأَلَة لَيْسَ لَك فِيهَا إِمَام
التَّقْلِيد لُغَة جعل الشىء فى الْعُنُق
وَشرعا قبُول قَول الْغَيْر من غير حجَّة
مَسْأَلَة يجوز التَّقْلِيد فى الْفُرُوع عِنْد الْأَكْثَر
خلافًا لبَعض الْقَدَرِيَّة
مَسْأَلَة لَا تَقْلِيد فِيمَا علم كَونه من الدّين ضَرُورَة
كالأركان الْخَمْسَة وَنَحْوهَا لاشتراك الْكل فِيهِ وَلَا فى
الْأَحْكَام الْأُصُولِيَّة الْكُلية كمعرفة الله تَعَالَى
ووحدانيته وَصِحَّة الرسَالَة وَنَحْوهَا
(1/166)
قَالَ القرافى وَلَا فى أصُول الْفِقْه
مَسْأَلَة إِذا أدّى اجْتِهَاد الْمُجْتَهد الى حكم لم يجز
لَهُ التَّقْلِيد إِجْمَاعًا
وَإِن لم يجْتَهد فَلَا يجوز لَهُ أَيْضا مُطلقًا خلافًا لقوم
وَقيل يجوز مَعَ ضيق الْوَقْت وَقيل ليعْمَل لَا ليفتى وَقيل
لمن هُوَ أعلم مِنْهُ وَقيل من الصَّحَابَة
مَسْأَلَة للعامي أَن يُقَلّد من علم أَو ظن أَهْلِيَّته
للِاجْتِهَاد بطرِيق مَا دون من عرفه بِالْجَهْلِ اتِّفَاقًا
فيهمَا أما من جهل حَاله فَلَا يقلده أَيْضا خلافًا لقوم
مَسْأَلَة وفى لُزُوم تكْرَار النّظر عِنْد تكْرَار
الْوَاقِعَة أَقْوَال ثَالِثهَا يلْزمه إِن لم يذكر طَرِيق
الِاجْتِهَاد
مَسْأَلَة لَا يجوز خلو الْعَصْر عَن مُجْتَهد عِنْد
أَصْحَابنَا وَجوزهُ آخَرُونَ
مَسْأَلَة ذكر القاضى وَأَصْحَابه لَا يجوز أَن يُفْتى إِلَّا
مُجْتَهد
وَقيل يجوز فتيا من لَيْسَ بمجتهد بِمذهب مُجْتَهد إِن كَانَ
مطلعا على الماخذ أَهلا للنَّظَر
وَقيل عِنْد عدم الْمُجْتَهد وَقيل يجوز مُطلقًا
مَسْأَلَة أَكثر اصحابنا على جَوَاز تَقْلِيد الْمَفْضُول مَعَ
وجود الْأَفْضَل خلافًا لِابْنِ عقيل وَعَن أَحْمد
رِوَايَتَانِ
(1/167)
فَإِن سَأَلَهُمَا وَاخْتلفَا عَلَيْهِ
واستويا عِنْده اتبع أَيهمَا شَاءَ وَقيل الأشد وَقيل الأخف
وَيحْتَمل أَن يسقطا وَيرجع الى غَيرهمَا أَن وجد وَألا فَإلَى
مَا قبل السّمع
مَسْأَلَة هَل يلْزم العامى التمذهب بِمذهب يَأْخُذ بِرُخْصَة
وعزائمه فِيهِ وَجْهَان قَالَ أَبُو الْعَبَّاس جَوَازه فِيهِ
مَا فِيهِ
مَسْأَلَة وَلَا يجوز للعامى تتبع الرُّخص وَذكره ابْن عبد
الْبر اجماعا
ويفسق عِنْد إمامنا وَغَيره
وَحَملَة القاضى على غير متأول أَو مقلد وَفِيه نظر
مَسْأَلَة الْمُفْتِي يجب عَلَيْهِ أَن يعْمل بِمُوجب
اعْتِقَاده فِيمَا لَهُ وعليبه إِجْمَاعًا
مَسْأَلَة إِذا استفتى العامى وَاحِدًا فالأشهر يلْزمه
بالتزامه
مَسْأَلَة للمفتى رد الْفَتْوَى وفى الْبَلَد غَيره أهل لَهَا
شرعا وَإِلَّا لزمَه ذكره أَبُو الْخطاب وَابْن عقيل
وَلَا يلْزم جَوَاب مَا لم يَقع وَمَا لَا يحْتَملهُ السَّائِل
وَلَا يَنْفَعهُ
مَسْأَلَة قَالَ ابْن عقيل لَا يجوز أَن يكبر الْمُفْتى خطه
قَالَ وَلَا يجوز إِطْلَاق الْفتيا فى اسْم مُشْتَرك
إِجْمَاعًا
التَّرْجِيح تَقْدِيم أحد طرفى الحكم لاختصاصه بِقُوَّة فى
الدّلَالَة
ورجحان الدَّلِيل عبارَة عَن كَون الظَّن الْمُسْتَفَاد مِنْهُ
أقوى
(1/168)
وَحكى عَن ابْن الباقلانى أنكار
التَّرْجِيح فى الْأَدِلَّة كالبينات وَلَيْسَ بشىء
وَلَا مدْخل لَهُ فى الْمذَاهب من غير تمسك بِدَلِيل خلافًا
لعبد الْجَبَّار وَلَا فى القطعيات إِذْ لَا غَايَة وَرَاء
الْيَقِين
قَالَ طَائِفَة من أَصْحَابنَا يجوز تعَارض عمومين من غير
مُرَجّح
وَالصَّوَاب مَا قَالَه أَبُو بكر الْخلال لَا يجوز أَن يُوجد
فى الشَّرْع خبران متعارضان من جَمِيع الْوُجُوه لَيْسَ مَعَ
أَحدهمَا تَرْجِيح يقدم بِهِ فأحذ المتعارضين بَاطِل إِمَّا
لكذب النَّاقِل أَو خطئه بِوَجْه مَا فى النقليات أَو خطأ
النَّاظر فى النظريات أَو لبُطْلَان حكمه بالنسخ
فالترجيح اللفظى إِمَّا من جِهَة السَّنَد أَو الْمَتْن أَو
مَدْلُول اللَّفْظ أَو أَمر خَارج
الأول فَيقدم الْأَكْثَر رَوَاهُ على الْأَقَل خلافًا للكرخى
وفى تَقْدِيم رِوَايَة الْأَقَل الأوثق على الْأَكْثَر
قَولَانِ
ويرجح بِزِيَادَة الثِّقَة والفطنة والورع وَالْعلم والضبط
والنحو وَبِأَنَّهُ اشهر بأحدها وبكونه احسن سياقا وباعتماده
على حفظه لَا نُسْخَة سمع مِنْهَا وعَلى ذكر لَا خطّ وبعمله
بروايته وَبِأَنَّهُ عرف أَنه لَا يُرْسل الا عَن عدل وبكونه
مباشرا للقصة أَو صَاحبهَا أَو مشافها أَو أقرب عِنْد سَمَاعه
وفى تَقْدِيم روايه الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة على غَيرهَا
رِوَايَتَانِ
فَإِن رجحت رجحت رِوَايَة أكَابِر الصَّحَابَة على غَيرهم
وَرِوَايَة مُتَقَدم الاسلام ومتأخره سيان عِنْد الْأَكْثَر
(1/169)
وَيقدم الْأَكْثَر صَحبه ذكره ابْن عقيل
وابو الْخطاب وَزَاد أَو قدمت هجرته
ويرجح بِكَوْنِهِ مَشْهُور النّسَب
وَانْفَرَدَ الآمدى أَو غير ملتبس بمضعف وبتحملها بَالغا
ذكره ابْن عقيل قَالَ وَأهل الْحَرَمَيْنِ أولى
وَلَا يرجح بالذكورية وَالْحريَّة على الْأَظْهر
ويرجح الْمُتَوَاتر على الْآحَاد والمسند على الْمُرْسل عِنْد
الْجُمْهُور
وَقَالَ الجرجانى وَأَبُو الْخطاب الْمُرْسل أولى
قَالَ ابْن المنى وَسَوَاء مُرْسل الصحابى وَغَيره لجَوَاز أَن
يكون الْمَجْهُول غير حَافظ وَأَن كَانَ عدلا
ومرسل التابعى على غَيره
والمتفق على رَفعه أَو وَصله على مُخْتَلف فِيهِ
الْمَتْن يرجح النهى على الْأَمر وَالْمُخْتَار الْآمِر على
الْمُبِيح
والأقل احْتِمَالا على الْأَكْثَر والحقيقة على الْمجَاز
وَالنَّص على الظَّاهِر وَمَفْهُوم الْمُوَافقَة على
الْمُخَالفَة
الْمَدْلُول يرجح الْحَظْر على الْإِبَاحَة عِنْد أَحْمد
وَأَصْحَابه
وَقَالَ ابْن أبان وَبَعض الشَّافِعِيَّة يتساويان ويسقطان
(1/170)
ويرجح الْحَظْر على النّدب وَالْوُجُوب على
الْكَرَاهَة ويرجح الْوُجُوب على النّدب
وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام على فعله والمثبت على النافى
إِلَّا أَن يسْتَند النفى الى علم بِالْعدمِ لَا عدم الْعلم
فيستويان والناقل عَن حكم الأَصْل على غَيره على الْأَظْهر
ويرجح مُوجب الْحَد والجزية على نافيهما
الْخَارِج يرجح المجرى على عُمُومه على الْمَخْصُوص والمتلقى
بِالْقبُولِ على مَا دخله النكير وعَلى قِيَاسه مَا قل نكيره
على مَا كثر وَمَا عضده كتاب أَو سنة أَو قِيَاس شرعى أَو معنى
عقلى
فَإِن عضد أَحدهمَا قُرْآن وَالْآخر سنة فروايتان
وَمَا ورد ابْتِدَاء على ذى السَّبَب وَالْعَام بِأَنَّهُ أمس
بِالْمَقْصُودِ نَحْو {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} على
{أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم}
وَمَا عمل بِهِ الْخُلَفَاء الراشدون على غَيره عِنْد
أَصْحَابنَا وَأَصَح الرِّوَايَتَيْنِ عَن إمامنا
ويرجح بقول أهل الْمَدِينَة عِنْد أَحْمد وأبى الْخطاب
وَغَيرهمَا خلافًا للقاضى وَابْن عقيل
وَرجح الْحَنَفِيَّة بِعَمَل أهل الْكُوفَة إِلَى زمن أَبى
حنيفَة قبل ظُهُور الْبدع
وَمَا عضده من احتمالات الْخَبَر بتفسير الراوى أَو غَيره من
وُجُوه الترجيحات على غَيره من الِاحْتِمَالَات
والقياسى إِمَّا من جِهَة الأَصْل أَو الْعلَّة أَو
الْقَرِينَة العاضدة
أما الأول فَحكم الأَصْل الثَّابِت بِالْإِجْمَاع رَاجِح على
الثَّابِت بِالنَّصِّ وَالثَّابِت
(1/171)
بِالْقُرْآنِ أَو تَوَاتر السّنة على
الثَّابِت بآحادها وبمطلق النَّص على الثَّابِت بِالْقِيَاسِ
والمقيس على اصول أَكثر على غَيره لحُصُول غَلَبَة الظَّن
بِكَثْرَة الْأُصُول خلافًا للجوينى وَالْقِيَاس على مَا لم
يخص على الْقيَاس الْمَخْصُوص
وَأما الثانى فَتقدم الْعلَّة الْمجمع عَلَيْهَا على غَيرهَا
والمنصوصة على المستنبطة والثابتة عليتها تواترا على
الثَّابِتَة عليتها آحادا والمناسبة على غَيرهَا والناقلة على
المقررة والحاضرة على المبيحة ومسقطة الْحَد وموجبه الْعتْق
والأخف حكما على خلاف فِيهِ كالخبر والوصفية للاتفاق عَلَيْهَا
على الاسمية والمردودة الى أصل قَاس الشَّرْع عَلَيْهِ على
غَيره كقياس الْحَج على الدّين والقبلة على الْمَضْمَضَة
والمطردة على غَيرهَا إِن قيل بِصِحَّتِهَا والمنعكسة على
غَيرهَا إِن اشْترط الْعَكْس
والقاصرة والمتعدية سيان فى ثَالِث
وَيقدم الحكم الشرعى أَو اليقينى على الْوَصْف الحسى والإثباتى
عِنْد قوم
وَقيل الْحق
التَّسْوِيَة والموثر على الملائم والملائم على الْغَرِيب
وَالْمُنَاسِب على الشبهى
وتفاصيل التَّرْجِيح كَثِيرَة
فالضابط فِيهِ أَنه مَتى اقْترن بِأحد الطَّرفَيْنِ أَمر نقلى
أَو اصطلاحى عَام أَو خَاص أَو قرينه عقلية أَو لفظية أَو
حَالية وَأفَاد ذَلِك زِيَادَة ظن رجح بِهِ
وَقد حصل بِهَذَا بَيَان الرجحان من جِهَة الْقَرَائِن
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم
(1/172)
|