بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب [الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ]
[مقدمة الأدلة الشرعية]
ش - قَدْ ذُكِرَ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ هَذَا
الْمُخْتَصَرَ يَنْحَصِرُ فِي الْمَبَادِئِ وَالْأَدِلَّةِ
السَّمْعِيَّةِ وَالِاجْتِهَادِ وَالتَّرْجِيحِ.
(1/449)
بَيَانُ الْمُخْتَصَرِ
شَرْحُ مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ
الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ
(الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . .
(1/451)
الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ
ص - الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ
وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ وَالِاسْتِدْلَالُ. وَهِيَ
رَاجِعَةٌ إِلَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ. وَ [هُوَ] نِسْبَةٌ
بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ. وَالْعِلْمُ
بِالنِّسْبَةِ ضَرُورِيٌّ.
وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِهِ - لَكَانَتِ النِّسْبَةُ
الْخَارِجِيَّةُ ; إِذْ لَا غَيْرَهُمَا. وَالْخَارِجِيَّةُ
لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى تَعَقُّلِ الْمُفْرَدَيْنِ.
وَهَذِهِ مُتَوَقِّفَةٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . .
(1/453)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[الشرح]
وَلَمَّا فَرَغَ عَنِ الْمَبَادِئِ شَرَعَ فِي الْأَدِلَّةِ
الشَّرْعِيَّةِ وَقَدَّمَهَا عَلَى الِاجْتِهَادِ
وَالتَّرْجِيحِ ; لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَعْرِفِ الْأَدِلَّةَ
وَأَقْسَامَهَا، وَأَحْكَامَهَا، لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ
مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ اسْتِثْمَارِهَا، وَلَا [مَعْرِفَةِ]
تَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.
وَالْأَدِلَّةُ قَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهَا. وَالْمُرَادُ
بِالشَّرْعِيَّةِ: أَنْ تَكُونَ طَرِيقُ [مَعْرِفَةِ
دَلَالَتِهَا] مُسْتَفَادًا مِنَ الشَّرْعِ. وَلَا فَرْقَ
بَيْنَ السَّمْعِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ
وَالْأُصُولِيِّينَ.
وَإِنَّمَا انْحَصَرَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ فِي الْخَمْسَةِ
الْمَذْكُورَةِ ; لِأَنَّ الدَّلِيلَ الشَّرْعِيَّ إِمَّا أَنْ
يَكُونَ وَارِدًا مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - أَوْ لَا.
وَالْأَوَّلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْجِزًا، وَهُوَ
الْكِتَابُ، أَوْ لَا، وَهُوَ السُّنَّةُ. وَيَنْدَرِجُ فِيهَا
قَوْلُ الرَّسُولِ وَفِعْلُهُ وَتَقْرِيرُهُ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ وَارِدًا مِنْ
جِهَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِمَّا أَنْ
يَكُونَ صَادِرًا مِمَّنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ -
وَهُوَ الْإِجْمَاعُ - أَوْ لَا.
وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَمْلُ فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ
لِعِلَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا - وَهُوَ الْقِيَاسُ -
أَوْ لَا، وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ.
وَهَذِهِ الدَّلَائِلُ الْخَمْسَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى الْكَلَامِ
النَّفْسِيِّ ; لِأَنَّ أَصْلَهَا الْكِتَابُ.
(1/454)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[الشرح]
أَمَّا السُّنَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ
عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3] .
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ أَصْلَهُ إِمَّا الْكِتَابُ
أَوِ السُّنَّةُ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَلْزَمُ رُجُوعُهُ
إِلَى الْكِتَابِ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِدْلَالُ، فَلِأَنَّ كُلًّا
مِنْهُمَا رَاجَعٌ إِلَى مَعْقُولِ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ
أَوِ الْإِجْمَاعِ. وَعَلَى التَّقَادِيرِ يَلْزَمُ رُجُوعُهُ
إِلَى الْكِتَابِ.
وَالْكِتَابُ بِالْحَقِيقَةِ هُوَ الْكَاشِفُ عَنِ الْكَلَامِ
النَّفْسِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. فَيَكُونُ
الْجَمِيعُ رَاجِعًا إِلَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ. وَهُوَ
نِسْبَةٌ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ، قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ.
أَمَّا كَوْنُ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ نِسْبَةً فَالْعِلْمُ
بِهِ ضَرُورِيٌّ. وَأَمَّا كَوْنُ النِّسْبَةِ بَيْنَ
مُفْرَدَيْنِ قَائِمَةً بِالْمُتَكَلِّمِ فَلِأَنَّهَا لَوْ
لَمْ تَقُمِ النِّسْبَةُ بَيْنَ الْمُفْرَدَيْنِ
بِالْمُتَكَلِّمِ، لَكَانَتِ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا
خَارِجِيَّةً، أَيْ خَارِجَةً عَنِ الْمُتَكَلِّمِ ; إِذْ لَا
غَيْرُهُمَا. لِأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَائِمَةً
بِنَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ لَا تَكُونَ قَائِمَةً بِهَا.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ بُطْلَانِ التَّالِي أَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَ
مُفْرَدَيْنِ يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى تَعَقُّلِ
مُفَرَدَيْهَا، وَلَا شَيْءَ مِنَ الْخَارِجِيَّةِ يَتَوَقَّفُ
حُصُولُهَا عَلَى تَعَقُّلِ شَيْءٍ. فَهَذِهِ النِّسْبَةُ لَا
تَكُونُ خَارِجِيَّةً، فَتَكُونُ قَائِمَةً بِالْمُتَكَلِّمِ. |