غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر

الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: الْأَحْكَامُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ أَرْبَعَةٍ: الِاقْتِصَارُ؛ كَمَا إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ وَلَهُ نَظَائِرُ جَمَّةٌ. وَالِانْقِلَابُ وَهُوَ انْقِلَابُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ،
1 - كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ؛ فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً

وَالِاسْتِنَادُ؛ 2 - وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ،
3 - وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا
4 - إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ
5 - وَكَالنِّصَابِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ، كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ
6 - عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ

[غمز عيون البصائر]
[الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ]
قَوْلُهُ: كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ. بَيَانُهُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَتَّصِفُ أَنْتِ طَالِقٌ بِالْعِلِّيَّةِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِهَا عِنْدَ الدُّخُولِ فَيُصْبِحُ عِلَّةً

(2) قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ أَيْ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الْحَالِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ.
(3) قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ إلَى آخِرِهِ. أَيْ كَالْحُكْمِ فِي الْمَضْمُونَاتِ.
(4) قَوْلُهُ: إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ. أَيْ سَبَبِ الضَّمَانِ.
(5) قَوْلُهُ: وَكَالنِّصَابِ إلَخْ. أَيْ وَكَوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ.
(6) قَوْلُهُ: عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إلَخْ. قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهَا تَمْسَحُ قَبْلَ خُرُوجِهِ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحُهَا: وَلَوْ لَبِسَتْ يَعْنِي الْمُسْتَحَاضَةَ بِطَهَارَةِ الْعُذْرِ أَيْ بَعْدَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ تَمْسَحُ فِي

(3/346)


7 - وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا.

وَالتَّبْيِينُ وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْيَوْمِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا؛ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْهُ، وَكَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ الدَّمَ، لَا يُقْضَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا تَمَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ.
8 - وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ؛ أَنَّ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْعِبَادُ، وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ، وَفِي الْحَيْضِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِشَقِّ الْبَطْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ. وَكَذَا تُشْتَرَطُ الْمَحَلِّيَّةُ فِي الِاسْتِنَادِ دُونَ التَّبْيِينِ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
الْوَقْتِ فَقَطْ إذَا أَحْدَثَتْ بَعْدَ اللُّبْسِ حَدَثًا غَيْرَ عُذْرِهَا.
(7) قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قُلْنَا إلَخْ. أَيْ لِأَجْلِ إسْنَادِ انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِمَا إلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ لَا إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ يُقَالُ عِلَّةُ عَدَمِ مَسْحِ الْخُفِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَيَمِّمِ اقْتِصَارُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا أَثَرَ لِاسْتِنَادِ الِانْتِقَاضِ إلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ انْتَهَى. أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ وَصُورَتُهَا أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ ثُمَّ إنَّهُ أَحْدَثَ وَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ فَانْتَقَضَتْ طَهَارَةُ رِجْلَيْهِ بِوِجْدَانِ الْمَاءِ، مُسْتَنَدُ الِانْتِقَاضِ إلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا

(8) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ إلَخْ. فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْخَلَّاطِيِّ لَا يُقَالُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ وَالظُّهُورِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الشَّرْطِ فَإِنَّ شَرْطَ الِاسْتِنَادِ قِيَامُ الْمَحِلِّ حَالَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ وَعَدَمِ الِانْقِطَاعِ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ كَمَا فِي النِّصَابِ لِلزَّكَاةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي التَّبْيِينِ حَتَّى لَوْ

(3/347)


9 - يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ
10 - دُونَ الْمُتَلَاشِي.
11 - وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ، فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ أَوَّلَهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي الدَّارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الْأَوَّلِ وَأَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ضَابِطًا لِلْمُقْتَصِرِ وَالْمُسْتَنِدِ بِأَنَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَقَعُ مُقْتَصِرًا وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَقَع مُسْتَنِدًا كَمَا فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ. وَقَدْ ذَكَرَ مَشَايِخُنَا مِنْ الْفُرُوعِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالُوا: إنَّ الطَّلَاقَ الْمُنَجَّزَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ، فَإِذَا أَجَازَ وَقَعَ مُقْتَصِرًا عَلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ وَلَا يَسْتَنِدُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ حَتَّى يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ إذَا طَلَّقَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى وَدَامَتْ عُقْلَتُهُ إلَى الْمَوْتِ هَلْ يَقَعُ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا أَوْ مُقْتَصِرًا فَأَجَبْتُ بِمَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْإِشَارَةِ أَوْ طَلَّقَ بِهَا أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى يُجْعَلُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا فَإِنْ مَاتَ عَلَى عُقْلَتِهِ جَازَ ذَلِكَ كُلُّهُ مُسْتَنِدًا وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ مِنْ مَشَايِخِنَا (انْتَهَى) . لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الضَّابِطِ عَنْ شَرْحِ الْخَلَّاطِيِّ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ مُقْتَصِرًا كَمَا لَا يَخْفَى.
(9) قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ. كَالنِّصَابِ مَا دَامَ قَائِمًا وَالْمَغْصُوبُ كَذَلِكَ.
(10) قَوْلُهُ: دُونَ الْمُتَلَاشِي. كَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَالْمَغْصُوبُ بَعْدَ الضَّمَانِ.
(11) قَوْلُهُ: وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا. أَيْ فِي الْقَائِمِ وَالْمُتَلَاشِي، إلَى هُنَا كَلَامُ الْمُسْتَصْفَى وَقَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ. تَفْرِيعٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْ كَلَامِ الْمُسْتَصْفَى

(3/348)


وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَوْ مَاتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ
12 - لِعَدَمِ الْمَحِلِّ. وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ لَا بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ يَقَعُ مُقْتَصِرًا عَلَى الْقُدُومِ لَا مُسْتَنِدًا (انْتَهَى) .
13 - وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَصْفَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(12) قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمَحِلِّ. قِيلَ: عَلَيْهِ: إنْ أُرِيدَ أَنَّ الْمَحَلِّيَّةَ شَرْطُ وَقْتِ مَوْتِ فُلَانٍ فَعَدَمُ الْمَحَلِّيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا وَقْتَ الْمَوْتِ أَجْنَبِيَّةٌ وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إذَا لَمْ يَقَعْ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ كَانَتْ مَحِلًّا وَقْتَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ نُجِّزَ طَلَاقُهَا أَيْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ تَبِينُ لَا إلَى عِدَّةٍ فَتَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ مَحِلٍّ فَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ مَا يُرْشِدُ إلَيْهِ وَيُشْعِرُ بِهِ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ.
(13) قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. أَقُولُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: وَالْفَرْقُ لِلْإِمَامِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْقُدُومِ وَالْمَوْتِ أَنَّ الْمَوْتَ مُعَرَّفٌ وَالْجَزَاءُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُعَرَّفِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الدَّارِ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَ مِنْهَا آخِرَ النَّهَارِ طَلُقَتْ مِنْ حِينِ تَكَلَّمَ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي الِابْتِدَاءِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ فَلَا يُوجَدُ الْوَقْتُ أَصْلًا، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَشْبَهَ سَائِرَ الشُّرُوطِ فِي احْتِمَالِ الْخَطَرِ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ عَلِمْنَا بِوُجُودِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى شَهْرٍ يَتَّصِلُ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَالْمَوْتُ نَعْرِفُهُ
فَفَارَقَ الشُّرُوطَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَشْبَهَ الْوَقْتَ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ فَقُلْنَا بِأَمْرَيْنِ: الظُّهُورُ وَالِاقْتِصَارُ وَهُوَ أَيْ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ الِاسْتِنَادُ
كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ.

(3/349)


وَقَدْ فَرَّعَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى الِاسْتِنَادِ تِسْعَ مَسَائِلَ فَلْتُرَاجَعْ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(14) قَوْلُهُ: وَقَدْ فَرَّعَ الْكَرَابِيسِيُّ إلَخْ. قِيلَ: عَلَيْهِ: لَمْ أَجِدْهَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ وَإِنَّمَا هِيَ فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَحِلِّ، أَيْضًا نَقَلَ عَنْ الْمَحْبُوبِيِّ وَنَسَبَهُ لِلْكَرَابِيسِيِّ كَأَنَّهُ سَمِعَ الْفُرُوقَ لِلْكَرَابِيسِيِّ ثُمَّ وَجَدَ مَا لِلْمَحْبُوبِيِّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْمُ مُؤَلِّفِهِ فَظَنَّهُ الْكَرَابِيسِيُّ (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمَحْبُوبِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ

(3/350)