غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر [أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ]
ِ الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ
مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ: مِنْ بَيْعٍ
وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ
وَإِبْرَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَقِصَاصٍ، إلَّا فِي الْحُدُودِ
وَلَوْ حَدَّ قَذْفٍ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْقِصَاصُ
الْحُدُودَ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْقِصَاصَ كَالْحُدُودِ
هُنَا فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِشَارَةِ وَتَمَامُهُ فِي
الْهِدَايَةِ. وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا
عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْحُدُودِ وَتُزَادُ عَلَيْهَا
الشَّهَادَةُ؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي
التَّهْذِيبِ. وَأَمَّا يَمِينُهُ فِي الدَّعَاوَى؛ فَفِي
أَيْمَانِ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَتَحْلِيفُ الْأَخْرَسِ:
أَنْ يُقَالَ لَهُ عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى
وَمِيثَاقُهُ إنْ كَانَ كَذَا؟
1 - فَيُشِيرُ بِهِ نَعَمْ، وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ
2 - كَانَتْ إشَارَتُهُ إقْرَارًا بِاَللَّهِ تَعَالَى.
وَظَاهِرُ اقْتِصَارِ الْمَشَايِخِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ
الْحُدُودِ فَقَطْ صِحَّةُ إسْلَامِهِ بِالْإِشَارَةِ وَلَمْ
أَرَ الْآنَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا. كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ
كَإِشَارَتِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى
الْكِتَابَةِ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ لَا.
وَالْمُعْتَمَدُ لَا، 3 - وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ
بِأَوْ، وَلَا بُدَّ فِي إشَارَةِ الْأَخْرَسِ مِنْ أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَيُشِيرُ بِهِ. أَيْ بِالْحَلِفِ الْمَفْهُومِ مِنْ
قَوْلِهِ وَتَحْلِيفُ الْأَخْرَسِ.
(2) قَوْلُهُ: كَانَتْ إشَارَتُهُ إقْرَارًا بِاَللَّهِ.
يَعْنِي وَلَا يَكُونُ حَالِفًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
(3) قَوْلُهُ: وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ بِأَوْ. أَقُولُ
الْمَذْكُورُ فِي نُسَخِ الْكَنْزِ الصَّحِيحَةِ الْعَطْفُ
بِالْوَاوِ الدَّالَّةِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَمْعِ الصَّادِقِ
بِالْمَعِيَّةِ لَا بِأَوْ الدَّالَّةِ عَلَى أَحَدِ
الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ
(3/454)
تَكُونَ مَعْهُودَةً وَإِلَّا لَا
تُعْتَبَرُ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الطَّلَاقِ:
4 - وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ الَّتِي
يَقَعُ بِهَا طَلَاقُهُ الْإِشَارَةُ الْمَقْرُونَةُ
بِتَصْوِيتٍ مِنْهُ، لِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْهُ ذَلِكَ
فَكَانَتْ بَيَانًا لِمَا أَجْمَلَهُ الْأَخْرَسُ (انْتَهَى)
وَأَمَّا إشَارَةُ غَيْرِ الْأَخْرَسِ، فَإِنْ كَانَ
مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ فَفِي اخْتِلَافٍ، 5 - وَالْفَتْوَى
عَلَى أَنَّهُ إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ
يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ الِامْتِدَادَ بِسَنَةٍ، وَهُوَ
ضَعِيفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ 6 - لَمْ
تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا
7 - إلَّا فِي أَرْبَعٍ: الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَالنَّسَبُ
8 - وَالْإِفْتَاءُ. كَذَا فِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ،
وَيُزَادُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِفْتَاءِ بِالرَّأْسِ
إشَارَةُ الشَّيْخِ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ، وَأَمَانُ
الْكَافِرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(4) قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ
الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُهُ إلَى آخِرِهِ. أَقُولُ
يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ لَا بِالْقِرَاءَةِ
كَذَلِكَ
(5) قَوْلُهُ: فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ دَامَتْ
الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ إلَخْ. أَقُولُ: يُشْكِلُ عَلَيْهِ
مَا فِي الْقُنْيَةِ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً
فَصَلَّى صَلَاةَ الْأَخْرَسِ ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ لَا
تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ (انْتَهَى) . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ
تُسْتَثْنَى الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا بِدُخُولِ وَقْتِ
السَّادِسَةِ تَدْخُلُ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ فَيَخْرُجُ
بِإِعَادَتِهَا.
(6) قَوْلُهُ: لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا. أَقُولُ
أَيْ لَا فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي غَيْرِهَا.
(7) قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعٍ الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ
إلَخْ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ إنَّ جَارِيَةً
أُرِيدَ إعْتَاقُهَا فِي كَفَّارَةٍ فَجِيءَ بِهَا إلَى
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَسَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ
فَقَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُسْلِمَةٌ.
(8) قَوْلُهُ: وَالْإِفْتَاءُ. نَقَلَهُ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ
عَلَاءِ الدِّينِ الزَّاهِدِيِّ، وَنُقِلَ عَنْ ظَهِيرِ
الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ
(3/455)
9 - أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهُ
يُحْتَاطُ فِيهِ لِحَقْنِ الدَّمِ، وَلِذَا ثَبَتَ بِكِتَابِ
الْإِمَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ،
10 - أَوْ أَخْذًا مِنْ الْكِتَابِ وَالطَّلَاقِ إذَا كَانَ
تَفْسِيرًا لِمُبْهَمٍ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ
هَكَذَا وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ وَقَعَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا
قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ لَمْ تَقَعْ إلَّا
وَاحِدَةٌ كَمَا عُلِمَ فِي الطَّلَاقِ،
11 - وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمُ أَنْتِ هَكَذَا مُشِيرًا
بِأَصَابِعِهِ وَلَمْ يَقُلْ طَالِقٌ، وَتُزَادُ أَيْضًا
الْإِشَارَةُ مِنْ الْمُحْرِمِ إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ يَجِبُ
الْجَزَاءُ عَلَى الْمُشِيرِ
وَهُنَا فُرُوعٌ لَمْ أَرَهَا الْآنَ. الْأَوَّلُ: إشَارَةُ
الْأَخْرَسِ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ جُنُبٌ،
12 - يَنْبَغِي أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ
قَوْلِهِمْ: إنَّ الْأَخْرَسَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ
لِسَانِهِ، فَجَعَلُوا التَّحْرِيكَ قِرَاءَةً، الثَّانِي:
عَلَّقَ الطَّلَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ؛ قَالَ: لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ
النَّاطِقِ لَا تُعْتَبَرُ وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى
تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْمُفْتِي لَيْسَ بِحُكْمٍ
مُتَعَلِّقٍ بِاللَّفْظِ إنَّمَا اللَّفْظُ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ
الْجَوَابِ عِنْدَ الْمُسْتَفْتِي، وَإِذَا حَصَلَ هَذَا
الْمَقْصُودُ اسْتَغْنَى الْمُسْتَفْتِي عَنْ اللَّفْظِ كَمَا
لَوْ حَصَلَ الْجَوَابُ بِالْكِتَابَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ
وَالْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ بِاللَّفْظِ،
وَالْإِشَارَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ عِنْدَ
الْعَجْزِ.
(9) قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ.
يَعْنِي كَمَا يُحْتَاطُ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَلِذَلِكَ
أَثْبَتُوا نَسَبَ وَلَدِ الْمَشْرِقِيِّ مِنْ
الْمَغْرِبِيَّةِ
(10) قَوْلُهُ: أَوْ أَخْذًا مِنْ الْكِتَابِ. عَطْفٌ عَلَى
قَوْلِهِ: أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلِهِ: الْكِتَابُ أَيْ
كِتَابُ الْإِمَامِ بِالْأَمَانِ
(11) قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ أَنْتِ هَكَذَا
إلَخْ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ
شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا
يُشْعِرُ بِهِ، وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ دُونَ اللَّفْظِ
(12) قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ
قَوْلِهِمْ إلَخْ. أَقُولُ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ نَظَرٌ
(3/456)
بِمَشِيئَةِ أَخْرَسَ فَأَشَارَ
بِالْمَشِيئَةِ، وَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ.
الثَّالِثُ: لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ رَجُلٍ نَاطِقٍ فَخَرِسَ
فَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ، يَنْبَغِي الْوُقُوعُ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
(قَاعِدَةٌ) : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ
وَالْعِبَارَةُ، وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ: إذَا اجْتَمَعَتْ
الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ
بَابُ الْمَهْرِ: الْأَصْلُ أَنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ مِنْ
جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ
إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ
ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ،
13 - وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ
بِالْمُسَمَّى، لِأَنَّ الْمُسَمَّى مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ
وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ، وَالتَّسْمِيَةُ أَبْلَغُ فِي
التَّعْرِيفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُعَرِّفُ الْمَاهِيَّةَ،
وَالْإِشَارَةُ تُعَرِّفُ الذَّاتَ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ
اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ
لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَوْ
اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ
أَخْضَرُ انْعَقَدَ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ
(انْتَهَى) . قَالَ الشَّارِحُونَ: إنَّ هَذَا الْأَصْلَ
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ
وَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ
اللَّهُ - جَعَلَ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ جِنْسًا، وَالْحُرَّ
وَالْعَبْدَ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
لِأَنَّ جَعْلَهُمْ التَّحْرِيكَ قِرَاءَةً تَكْلِيفٌ لَهُ
بِالْقِرَاءَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ
وَلِذَا قَالُوا: الْأَقْرَعُ يُجْرِي الْمُوسَى عَلَى
رَأْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا شَعْرٌ فِي بَابِ الْحَجِّ
تَكْلِيفًا بِالْحَلْقِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فِي بَابِ
الْعِبَادَاتِ وَلَمْ يُعْهَدْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي بَابِ
الْمُحَرَّمَاتِ.
[قَاعِدَةٌ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ
وَالْعِبَارَةُ]
(13) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ إلَخْ.
أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ
مَا يَرْجِعُ بِهِ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَالَ:
بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْحِمَارَ بِكَذَا وَأَشَارَ إلَى عَبْدٍ
قَائِمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ جَازَ الْعَقْدُ عَلَى الْعَبْدِ
وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّسْمِيَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ
بِالْمُشَارِ إلَيْهِ
(3/457)
إلَيْهِ؛ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيمَا
لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ
وَأَشَارَ إلَى خَمْرٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَشَارَ
إلَى حُرٍّ، وَلَوْ سَمَّى حَرَامًا وَأَشَارَ إلَى حَلَالٍ
فَلَهَا الْحَلَالُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ سَمَّى الْبَيْعَ
شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى خِلَافِهِ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ
جِنْسِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا
وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ،
وَلَوْ سَمَّى ثَوْبًا هَرَوِيًّا وَأَشَارَ إلَى مَرْوِيٍّ؛
اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِهِ أَوْ فَسَادِهِ، هَكَذَا فِي
الْخَانِيَّةِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ
فِي الثَّوْبِ دُونَ الْفَصِّ، وَنَظِيرُ الْفَصِّ: الذَّكَرُ
وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ، بِخِلَافِهِمَا مِنْ
الْحَيَوَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا كَانَ
الْجِنْسُ مُتَّحِدًا وَالْفَائِتُ الْوَصْفَ
وَفِي بَابِ الِاقْتِدَاءِ قَالُوا: لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ
بِهَذَا الْإِمَامِ زَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا لَمْ يَصِحَّ
الِاقْتِدَاءُ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ
الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ زَيْدٌ
فَبَانَ أَنَّهُ عَمْرٌو يَصِحُّ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ
بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ
الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَلَوْ بِهَذَا الشَّيْخِ فَإِذَا هُوَ
شَابٌّ يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا لِعِلْمِهِ،
وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ
عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فَبَانَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ لَمْ تَصِحَّ.
14 - وَاسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: اسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ إلَخْ.
أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ مَسَائِلِ
الِاقْتِدَاءِ وَهِيَ لَوْ اقْتَدَى بِهَذَا الْإِمَامِ زَيْدٍ
فَبَانَ عَمْرًا.
(3/458)
15 - عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ:
«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ
فِيمَا سِوَاهُ»
16 - أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
- رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَلَا يَخْتَصُّ الثَّوَابُ بِمَا
كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ،
وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ، فَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ
لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا عَائِشَةُ، فَقَالَ الْأَبُ
وَقْتَ الْعَقْدِ زَوَّجْت مِنْك بِنْتِي فَاطِمَةَ لَا
يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ،
17 - وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً فَقَالَ الْأَبُ
زَوَّجْتُك بِنْتِي فَاطِمَةَ هَذِهِ، وَأَشَارَ إلَى
عَائِشَةَ وَغَلِطَ فِي اسْمِهَا، فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت
جَازَ (انْتَهَى) . وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ:
زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى بِنْتِهِ
لَصَحَّتْ تَعْوِيلًا عَلَى الْإِشَارَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ:
زَوَّجْتُك هَذِهِ الْعَرَبِيَّةَ فَكَانَتْ أَعْجَمِيَّةً،
أَوْ هَذِهِ الْعَجُوزَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(15) قَوْلُهُ: عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ «فِي
مَسْجِدِي هَذَا.» كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ بِتَعْرِيفِ
الْحَدِيثِ وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ وَالْمَعْرُوفُ فِي مِثْلِ
هَذَا التَّنْكِيرُ وَالْإِضَافَةُ إلَى الْجُمْلَةِ.
(16) قَوْلُهُ: إنَّ الِاعْتِبَارَ لِلتَّسْمِيَةِ إلَخْ.
يَعْنِي لَا لِلْإِشَارَةِ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ لَاخْتَصَّ
بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- إلَّا بِنِيَّةٍ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ قَدْ غُيِّرَ بَعْدَهُ
- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
(17) قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ حَاضِرَةً إلَخْ.
أَقُولُ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ لِلسَّيِّدِ رُكْنِ الدِّينِ
لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فَاطِمَةَ وَاسْمُ بِنْتِهِ
عَائِشَةُ فَإِنْ أَرَادَ عَطْفَ الْبَيَانِ صَحَّ النِّكَاحُ
وَإِنْ أَرَادَ الْبَدَلَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْغَلَطَ لَمْ
يَقَعْ فِي مُعْتَمَدِ الْكَلَامِ (انْتَهَى) . وَفِي مَجْمَعِ
الْفَتَاوَى سُمِّيَتْ فِي صِغَرِهَا بِاسْمٍ فَلَمَّا
كَبِرَتْ سُمِّيَتْ بِاسْمٍ آخَرَ تُزَوَّجُ بِاسْمِهَا
الْآخَرِ قَالَ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ
الِاسْمَيْنِ (انْتَهَى) . وَفِيهِ لَوْ كَانَتْ لَهُ
بِنْتَانِ إحْدَاهُمَا كُبْرَى اسْمُهَا عَائِشَةُ
وَالْأُخْرَى صُغْرَى اسْمُهَا فَاطِمَةُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ
يُزَوِّجَ الْكُبْرَى وَعَقَدَ بِاسْمِ فَاطِمَةَ يَنْعَقِدُ
عَلَى الصُّغْرَى وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْت بِنْتِي فَاطِمَةَ
الْكُبْرَى لَا يَنْعَقِدُ
(3/459)
فَكَانَتْ شَابَّةً، أَوْ هَذِهِ
الْبَيْضَاءَ فَكَانَتْ سَوْدَاءَ أَوْ عَكْسَهُ، وَكَذَا
الْمُخَالَفَةُ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ النَّسَبِ وَالصِّفَاتِ
18 - وَالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ
وَأَمَّا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؛ فَقَالُوا: لَوْ حَلَفَ لَا
يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ
بَعْدَ مَا شَاخَ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ
هَذَا الْحَمَلِ فَأَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَ كَبْشًا حَنِثَ
لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَصْفَ الصِّبَا، وَإِنْ كَانَ
دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ لَكِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا،
وَفِي الثَّانِي وَصْفُ الصِّغَرِ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَيْهَا،
فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ أَكْثَرُ امْتِنَاعًا عَنْ
لَحْمِ الْكَبْشِ،
19 - وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ
امْرَأَتَهُ هَذِهِ أَوْ صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَتْ
الْإِضَافَةُ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْعَبْدِ،
وَحَنِثَ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّدِيقِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا
يُكَلِّمُ صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ فَبَاعَهُ ثُمَّ
كَلَّمَهُ حَنِثَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[غمز عيون البصائر]
(18) قَوْلُهُ: وَالْعُلُوُّ وَالنُّزُولُ. أَقُولُ لَمْ
يَظْهَرْ لِي مُرَادُهُ بِالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ هُنَا.
(19) قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ
إلَخْ. أَقُولُ الْأَصْلُ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ أَنَّ
الْيَمِينَ إذَا تَعَلَّقَتْ بِاسْمِ مُشَارٍ إلَيْهِ يَبْقَى
بِبَقَاءِ الِاسْمِ وَيَزُولُ بِزَوَالِهِ لَا تُعْتَبَرُ
أَوْصَافُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الصِّفَةُ دَاعِيَةً إلَى
الْيَمِينِ لِأَنَّ الْوَصْفَ يُذْكَرُ لِلتَّعْرِيفِ،
وَالْإِشَارَةُ أَبْلَغُ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ فَلَمْ
يُعْتَبَرْ الْوَصْفُ مَعَهَا لِأَنَّهُ دُونَهَا وَلَا
تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا، وَالْوَصْفُ الَّذِي هُوَ دَاعٍ
لِلْيَمِينِ يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يُفِيدُ
التَّعْرِيفَ يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْيَمِينِ بِهِ؛ كَذَا فِي
شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ الْمُسَمَّى بِالتَّحْرِيرِ.
(3/460)
|