فصول البدائع في أصول الشرائع

أما

الخاتمة ففى الاجتهاد وما يتبعه من مسائل الفتوى.
وفيها فصول:

الفصل الأول في تفسير الاجتهاد وشرطه
هو لغة قيل تحمل الجهد بالفتح أي المشقة وقيل استفراغ الجهد بالضم أي الطاقة (1).
وشريعة استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي فرعى وهو المراد ببذل المجهود لنيل المقصود خرج استفراغ الوسع من غير الفقيه ومنه لا في معرفة حكم شرعي ظنيًا كان أو قطعيًا وفيها قطعيًا ولا فرعيًا بل كلاميًا أو أصوليًا.
وقيل بذل الوسع لتحصيل حكم شرعي فرعى ممن اتصف بشرطه (2) وهذا أعم من وجهين:
1 - أن الاستفراغ بذل تمام الطاقة بحيث يبيح من نفسه العجز عن المزيد.
2 - أن تحصيل الحكم أعم من علمه وظنه وعلم بذلك ركنا الاجتهاد وهما المجتهد والمجتهد فيه وهو حكم شرعي فرعي ظني عليه دليل فالأول فضل عن العقلي والحسي
__________
(1) انظر القاموس المحيط للفيروزابادى (1/ 286) مادة (جهد).
(2) انظر المستصفى لحجة الدين الغزالي (2/ 350)، المحصول لفخر الدين الرازى (2/ 489)، أحكام الأحكام للآمدي (21814)، اللمع لأبي إسحاق الشيرازى (ص / 76)، نهاية السول للإسنوى (4/ 524 - 529)، المختصر في أصول الفقه لابن اللحام (ص / 233).

(2/474)


والثاني عن الكلامي والأصولي والثالث عن ضروريات الدين كالعبادات الخمس والرابع يفيد أن ثبوت لا أدرى لا ينافي الاجتهاد.
وشرطه أن يحوي علومًا ثلاثة:
1 - أن يعرف آيات القرآن المتعلقة يمعرفة الأحكام لغة أي إفرادًا وتركيبًا فيفتقر إلى ما يعلم في اللغة والصرف والنحو والمعاني والبيان سليقة أو تعلمًا وشريعة أي مناطات الأحكام وأقسامه من أن هذا خاص أو عام أو مجمل أو مبين أو ناسخ أو منسوخ أو غيرهما وضابطه أن يتمكن من العلم بالقدر الواجب منها عند الرجوع.
2 - معرفة السنة المتعلقة بها منها أي لفظها لغة وشريعة كما ذكرنا وسندها أي طريق وصولها الينا من تواز وغيره ويتضمن معرفة حال الرواة والجرح والتعديل والتصحيح والتسقيم وغيرها وطريقه في زماننا الاكنفاء بتعديل الأئمة الموثوق بهم لتعذر حقيقة حال الرواة اليوم.
3 - معرفة القياس بشرائطه وأركانه وأقسامه المقبولة والمردودة ويستلزم معرفة المسائل المجمع عليها لئلا يخرق به لا الكلام لإمكانه بالإِسلام تقليدًا والأولى أن يعلم قدرًا به يتم نسبة الأحكام إلى الله تعالى من وجوده وقدمه وحياته وقدرته وكلامه وجواز تكليفه وبعثة النبي عليه السلام ومعرفة معجزته وشرعه وإن لم يتحر في أداتها التفصيلية ولا الفقه لأنه ثمرة الاجتهاد وان كان ممارسته طريقًا إلى تخصيله في زماننا هذا.
ثم هذا عند عدم التجزية وعند من يجوز الاجتهاد في بعض المسائل فقط فشرطه معرفة ما يتعلق بذلك وهذا في المجتهد المطلق أما المقيد فلا بد له من الإطلاق على أصول مقلده لأن استنباطه على حسبها فللحكم الجديد اجتهاد في الحكم وللدليل الجديد للحكم المروى تخريج.