كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ط العلمية "وهذا
باب وجوه الانتقال"
وهو أربعة أوجه:. الأول الانتقال من علة إلى أخرى لإثبات
العلة الأولى والثاني الانتقال من حكم إلى حكم آخر بالعلة
الأولى والثالث الانتقال إلى حكم آخر وعلة أخرى هذه كلها
صحيحة والرابع الانتقال من علة إلى علة أخرى لإثبات الحكم
الأول لا لإثبات العلة الأولى وهذا الوجه باطل عندنا ومن
الناس من استحسن هذا أيضا أما الوجوه الأولى فإنما صحت
لأنه لم يدع إلا الحكم بتلك العلة فما دام يسعى في إثبات
تلك العلة لم يكن منقطعا وذلك مثل من
ـــــــ
"باب الانتقال"
القسم الأول من الانتقال إنما يتحقق في الممانعة; لأن
السائل لما منع وصف المجيب عن كونه علة لم يجد من إثباته
بدليل آخر والثاني والثالث منه في القول بموجب العلة; لأنه
لما سلم الحكم الذي رتبه المجيب على العلة وادعى النزاع في
حكم آخر لم يتم مرام المجيب فينتقل إلى إثبات الحكم
المتنازع فيه بهذه العلة إن أمكنه أو بعلة أخرى إن لم
يمكنه ذلك والرابع في فساد الوضع والمناقضة إن لم يمكنه
دفعهما ببيان الملاءمة والتأثير; لأنه لم يدع أي في القسم
الأول وذلك أي القسم الأول من الانتفال مثل من علل بوصف
ممنوع أي غير مسلم عند السائل فقال في نفي الضمان عن الصبي
المودع إذا استهلك الوديعة لم يضمن; لأنه مسلط على
الاستهلاك فلما أنكر الخصم كونه استهلاكا احتاج المجيب إلى
إثباته وهذا أي إثبات ما ادعاه حجة بدليل آخر من غير إعراض
عن الدليل الأول واشتغال بعلة أخرى من باب الفقه فيكون
حسنا مستقيما قال شمس الأئمة رحمه الله وعلى هذا اشتغل
بإثبات الأصل الثاني تفرع منه موضع الخلاف حتى يرتفع
الخلاف بإثبات الأصل فإن ذلك حسن صحيح نحو ما إذا وقع
الاختلاف في الجهر بالتسمية فإذا قال المعلل: هذا يبتني
على أصل وهو أن التسمية ليست بآية من الفاتحة, ثم يشتغل
بإثبات ذلك الأصل حتى يثبت الفرع بثبوت الأصل يكون
مستقيما. وكذا إذا علل بقياس فقال خصمه: القياس عندي ليس
بحجة فاشتغل لإثبات كونه حجة
(4/188)
علل بوصف ممنوع
فقال في الصبي المودع إذا استهلك الوديعة لم يضمن; لأنه
مسلط على الاستهلال فلما أنكره الخصم احتاج إلى إثباته
وهذا هو الفقه بعينه وكذلك إذا ادعى حكما بوصف فسلم له ذلك
لم يكن انقطاعا; لأن غرضه إثبات ما ادعاه والتسليم يحققه
فلم يكن به بأس فإذا أمكنه إثبات حكم آخر بذلك الوصف كان
ذلك آية كمال الفقه وصحة الوصف مثل قولنا إن الكتابة عقد
يحتمل الفسخ بالإقالة فلا يمنع الصرف إلى الكفارة كالإجارة
والبيع. فإن قال: عندي لا يمنع هذا العقد قيل له: وجب أن
لا يوجب في الرق نقصا مانعا من الصرف إلى الكفارة أو لا
يتضمن ما يمنع وإذا علل بوصف آخر لحكم آخر لم
ـــــــ
بقول صحابي فيقول خصمه: قول الواحد من الصحابة عندي ليس
بحجة فاشتغل بإثبات كونه حجة بخبر الواحد فيقول خصمه: خبر
الواحد عندي ليس بحجة فيحتج بالكتاب على أن خبر الواحد حجة
فإنه يكون طريقا مستقيما ويكون هذا كله سعيا في إثبات ما
رام إثباته في الابتداء.
قوله: "وكذلك" أي ومثل القسم الأول القسم الثاني في أنه
ليس بانقطاع كان ذلك آية كمال الفقه أي في المجيب حيث علل
على وجه أمكنه إثبات حكم آخر بتلك العلة وصحة الوصف في
نفسه حيث أمكن إجراؤه في الفروع مثل قولنا في جواز إعتاق
المكاتب الذي لم يؤد شيئا من بدل الكتابة عن كفارة اليمين
إن الكتابة عقد يحتمل الفسخ بالإقالة عند التراضي وعند عجز
المكاتب عن أداء البدل وهو احتراز عن التدبير فإنه لما لم
يحتمل الفسخ لم يجز إعتاق المدبر عن الكفارة وكذا
الاستيلاد فلا يمنع صرف الرقبة إلى الكفارة كالإجازة
والبيع فإنه لو أجر العبد أو باعه بشرط الخيار لنفسه, ثم
أعتقه عن الكفارة جاز بالإجماع وقيل: المراد أن البيع تصرف
لا يخرج العبد المبيع عن صلاحيته للصرف إلى الكفارة
لاحتماله الفسخ حتى لو أعتقه المشتري عن الكفارة أو عاد
إلى ملك البائع بإقالة أو رد بعيب أو شراء كان له أن يعتقه
عن الكفارة فكذا في الكتابة.
فإن قال السائل: أنا أقول بموجب هذه العلة فعندي لا يمنع
هذا العقد عن الصرف إلى الكفارة, ولكن المانع نقصان تمكن
في الرق بسبب هذا العقد; لأن العتق مستحق للعبد بسبب
الكتابة كعتق أم الولد والمدبر. قيل له: وجب هذه العلة أن
لا يوجب هذا العقد نقصانا مانعا من الصرف إلى الكفارة; لأن
ما يمكن نقصانا لا يحتمل الفسخ بوجه; لأن نقصان الرق ثبوت
الحرية من وجه وكما أن ثبوت الحرية من جميع الوجوه لا
يحتمل الفسخ لا يحتمله ثبوتها من وجه فهذا إثبات الحكم
الثاني بالعلة الأولى أيضا.
(4/189)
يكن به بأس لما
ذكرنا أن ما ادعاه صار مسلما فلم يكن به بأس لكن مثل ذلك
لا يخلو عن ضرب غفلة. وأما الرابع فمن الناس من استحسنه
واحتج بقصة إبراهيم
ـــــــ
قوله: "أو لا يتضمن ما يمنع" الخصم يقول: عقد الكتابة يوجب
استحقاق العبد للعتق فوق الاستيلاد والتدبير ولهذا يصير
أحق بمكاسبه ويمتنع على المولى التصرفات فيه, ثم إما أن
يقال تمكن بهذا السبب نقصان في رقه أو يقال صار هو كالزائل
عن ذلك المولى من وجه. وهذا لو جنى عليه يلزمه الأرش ولو
أتلفه تضمن قيمته ولو وطئ مكاتبته تضمن العقر وثبوت حكم
الزوال عن ملكه من وجه كاف للمنع من التكفير به أو يقال هو
في حق المولى كفائت المنفعة; لأنه صار أحق بمنافعه ومكاسبه
فلا يجوز صرفه إلى الكفارة كالرقبة العمياء كذا في ظهار
المبسوط.
فالشيخ رحمه الله أراد بقوله وجب أن لا توجب نقصانا في
الرق رد الوجه الأول. وبقوله أو لا يتضمن ما يمنع رد
الوجهين الآخرين يعني لو قال: إنا نسلم أيضا أنه لا يوجب
نقصانا في الرق, ولكنه تضمن معنى يمنع الصرف وهو صيرورية
كالزائل عن ذلك أو كفائت المنفعة نقول: لما كان هذا العقد
محتملا للفسخ وجب أن لا يتضمن معنى يمنعه من صرفه إلى
الكفارة كالبيع والإجارة فإن بالبيع بشرط الخيار زوالا عن
ملكه من وجه لانعقاد سبب الزوال وهذا لو مات من الخيار لزم
البيع وبالإجارة فاتت المنافع عن ملكه, ثم إنهما لا يمنعان
عن الصرف إلى الكفارة; لأنهما يحتملان الفسخ وكذا الكتابة
ويجوز أن يكون معنى تضمن هذا العقد ما يمنع الصرف إلى
الكفارة عند الخصم تضمنه استحقاق العتق وإن لم توجب نقصانا
في الرق فنقول: إنه لا يتضمن ذلك لاحتماله الفسخ ويؤيده ما
ذكر في المبسوط أن بسبب الكتابة لا يتمكن نقصان في رق
المكاتب ولا يصير العتق مستحقا له; لأن حكم العتق في
الكتابة متعلق بشرط الأداء ولو علق عتقه بشرط آخر لم يثبت
به الاستحقاق فكذلك بهذا الشرط بل أولى; لأن التعليق بسائر
الشروط يمنع الفسخ وهذا الشرط لا يمنع بخلاف الاستيلاد;
لأن به يتمكن النقصان في الرق حتى لا تعود إلى الحالة
الأولى بحال وبخلاف التدبير; لأن العتق بالتدبير صار
مستحقا للمدبر ولهذا لا يحتمل التدبير الفسخ.
وإذا علل بوصف آخر لحكم آخر يعني إذا لم يمكنه إثبات الحكم
الذي انتقل إليه بالعلة الأولى فانتقل إلى علة أخرى
لإثباته فهو صحيح أيضا; لأن ما ادعاه من ثبوت الحكم الذي
زعم أن خصمه ينازعه فيه بالعلة المذكورة صار مسلما فإذا
احتاج إلى إثبات حكم آخر كان له أن يثبت بعلة أخرى ولا يعد
ذلك انقطاعا. وذلك مثل
(4/190)
في محاجة
اللعين فإنه انتقل إلى دليل آخر لإثبات ذلك الحكم بعينه
كما قص الله عز وجل عنه بقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي
بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ
الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258]
والصحيح أن مثل هذا يعد انقطاعا; لأن النظر شرع لبيان الحق
فإذا لم يكن متناهيا لم يقع به الإبانة كما إذا لزمه النقض
لم يقبل منه الاحتراز بوصف زائد فلأن لا يقبل منه التعليل
المبتدأ أولى عليه فليس ما في قصة الحجة إبراهيم صلوات
الله عليه من هذا القبيل; لأن الحجة الأولى
ـــــــ
أن نقول في هذه المسألة بعدما سلم الخصم إن هذا العقد
بنفسه لا يمنع الصرف إلى الكفارة هذه رقبة مملوكة فوجب أن
يجوز صرفها إلى الكفارة قياسا على ما ذكرنا, ولكن مثل ذلك
التعليل الذي يحتاج فيه إلى الانتقال إلى علة أخرى وحكم
آخر لا يخلو عن ضرب غفلة حيث لم يعرف المعلل موضع الخلاف
في ابتداء تعليله.
قوله: "أما الرابع" وهو الانتقال عن علة إلى علة أخرى
لإثبات الحكم الأول فصحيح عند بعض أهل النظر; لأن إبراهيم
صلوات الله عليه حين حاج اللعين وهو نمرود بن كنعان وكان
يدعي الألوهية بقوله: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}
[البقرة: 258] وعارضه اللعين بقوله: {أَنَا أُحْيِي
وَأُمِيتُ} [البقرة: 258] انتقل إلى حجة أخرى وهي قوله:
{فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ
فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} وكان هذا منه انتقالا إلى
علة أخرى لإثبات ذلك الحكم الذي رام بالحجة الأولى هو بيان
أن الألوهية لله تعالى وحده لا شريك له فيها وقد ذكر الله
تعالى ذلك منه على سبيل المدح له به فثبت أنه صحيح وكذلك
المدعي إذا أقام شاهدين فعورض بجرح فيهما كان له أن يقيم
شاهدين آخرين لإثبات مدعاه والصحيح أن مثل هذا الانتقال
يعد انقطاعا; لأن المناظرة شرعت لإبانة الحق فإن تفسير
المناظرة النظر من الجانبين في النسبة بين الشيئين لإظهار
الصواب. فإذا لم يكن أي النظر أو الدليل متناهيا لم يقع به
إبانة الحق يعني لوجود الانتقال ولم يجعل انقطاعا لطال
مجلس المناظرة من غير حصول المقصود وهو إبانة الحق; لأن
المعلل كلما رد عليه دليل يتعلق بآخر فلا ينتهي المناظرة
ولا يحصل المرام وهذا نظير نقض يتوجه على العلة فإنه يعد
انقطاعا ولا يصح من المعلل إدراج وصف زائد يحصل به
الاحتراز عن النقض مع أنه ساع في تصحيح العلة التي ذكرها
وإن الوصف الزائد ليس بعلة بنفسه فلأن يعد انقطاعا مع أنه
تعليل مستبد تام بنفسه دال على أن العلة الأولى غير صالحة
أصلا لإثبات الحكم المطلوب بها كان أولى.
فأما قصة إبراهيم عليه السلام فليس من هذا القبيل أي من
قبيل الانتقال الفاسد;
(4/191)
كانت لازمة ألا
يرى أنه عارض بأمر باطل وهو قوله تعالى: {قَالَ أَنَا
أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: 258] فإذا كان كذلك كان
اللعين منقطعا إلا أن إبراهيم صلوات الله عليه لما خاف
الاشتباه والتلبيس على القوم انتقل إلى دفع آخر دفعا
للاشتباه إلى ما هو حال عما يوجب لبسا وذلك حسن عند قيام
الحجة وخوف الاشتباه والله أعلم.
ـــــــ
لأن الحجة الأولى التي ذكرها كانت لازمة على اللعين; لأن
إبراهيم عليه السلام أراد بقوله: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي
وَيُمِيتُ} حقيقة الإحياء والإماتة وعارضه اللعين بأمر
باطل وهو إطلاق أحد المسجونين وقتل الآخر وذلك ليس من
الإحياء والإماتة في شيء إلا بطريق الشبهة والمجاز وإذا
كان كذلك أي كان الأمر كما بينا أن الحجة الأولى لازمة وأن
المعارضة باطلة كان اللعين منقطعا أي محجوجا بتلك الحجة
وكان يمكن لإبراهيم صلوات الله عليه أن يقول: إني أردت
بالإحياء والإماتة حقيقتهما لا ما أريت من الإطلاق والقتل
بل أنا أفعل كما فعلت ولكن أن قدرت على الإماتة والإحياء
فأمت هذا الذي أطلقته من غير مباشرة آلة وسبب وأحي هذا
الذي قتلته فيظهر به بهت اللعين إلا أن القوم لما كانوا
أصحاب الظواهر وكانو لا يتأملون في حقائق المعاني خاف
الخليل عليه السلام الاشتباه والالتباس عليهم فضم إلى
الحجة الأولى حجة ظاهرة لا يكاد يقع فيها الاشتباه فبهت
الذي كفر.
وذلك أي الانتقال إلى حجة أخرى حسن عند قيام الحجة الأولى
وخوف الاشتباه فإن المجيب إذا تكلم بكلام دقيق يخفى على
القوم والخصم يلبس يجوز له أن يتحول إلى ظاهر يدركه القوم
والمعلل إذا ثبت علته قد يقوم والذي يوضح ما ذكرت فيأتي
بكلام أوضح من الأول في إثبات ما رامه وهذا; لأن حجج الشرع
أنوار فضم حجة إلى حجة كضم سراج إلى سراج وذلك لا يكون
دليلا على ضعف أحدهما أو بطلان أثره فكذلك ضم حجة إلى حجة
وإنما جعلنا هذا انقطاعا في وضع يكون الانتقال للعجز عن
إثبات الحكم بالعلة وأما الانتقال إلى بينة أخرى عند الجرح
في التي أقامها فإنما يجوز صيانة لحقوق الناس إذ لو لم يجز
الانتقال ضاع حقوق الناس بلا تدارك وذكر في عين المعاني أن
إبراهيم عليه السلام رجح حجته بما يشاكلها دفعا للتلبيس;
لأن الأول إماتة, ثم إحياء والثاني إزالة, ثم إنشاء فالنفس
مشرقة بروحها, ثم زائله عند زهوقها والشمس مشرقة بنورها,
ثم هي باطلة عند غروبها فكانت تأكيدا لا انتقالا ولم يقل
اللعين فليأت ربك; لأنه كان معاندا خاف الفضيحة أو صرفه
الله تعالى.
واعلم أن الانقطاع كما يتحقق من جانب المعلل يتحقق من جانب
السائل فإن تفسيره عجز المناظر وقصوره عن بلوغ ما هم في
أول ما شرع فيه من تصحيح مذهبه وذلك
(4/192)
......................................................
في جانب المعلل بالعجز عن الوفاء بما ضمن من تحقيق قوله
بالحجة التي أبرزها وأرى تصديق قوله بها وفي جانب السائل
بالعجز عن المنع أو عن تصحيح منعه بإسناده إلى مستند فإن
كل واحد منهما لما شرع في التعليل أو المنع فقد أظهر أنه
يريد تصحيحه فإذا لم يقدر فقد انقطع.
وأنه أنواع أربعة على ما ذكر شمس الأئمة رحمه الله: أحدهما
وهو أظهرها السكوت كما أخبر الله تعالى به عن اللعين عند
إظهار الخليل عليه السلام حجته بقوله: {فَبُهِتَ الَّذِي
كَفَرَ} . والثاني جحد ما يعلم ضرورة أو بطريق المشاهدة
جحد مثله يدل على أنه ما حمله على ذلك إلا عجزه عن دفع علة
المعلل فكان انقطاعا. والثالث المنع بعد تسليم فإنه يدل
على أنه يحمله على المنع بعد التسليم وتناقض الكلام إلا
عجزه عن الدفع لما استدل به خصمه ولا يقال يحتمل أن يكون
تسليمه عن سهو أو غفلة; لأن عند ذلك تبين وجه الدفع بطريق
التسليم, ثم يبتني عليه استدراك ما سها فيه فأما أن يرجع
عن التسليم إلى المنع من غير بيان الدفع بطريق التسليم
فذلك لا يكون إلا للعجز. والرابع عجز المعلل عن تصحيح
العلة التي قصد إثبات الحكم بها حتى انتقل منها إلى علة
أخرى لإثبات الحكم فإن ذلك انقطاع; لأنه عجز عن إظهار
مراده فكان بمنزلة العجز ابتداء عن إقامة الحجة على الحكم
الذي ادعاه, ثم هذا النوع من الانتقال إنما يكون انقطاعا
في حق المعلل دون السائل فإنه لو انتقل من دليل إلى دليل
لا يكون به بأس; لأنه معارض لكلام المجيب فما دام في
المعارضة بدليل يصلح معارضا لا يكون منقطعا بخلاف المجيب
إليه أشير في الميزان والله أعلم.
(4/193)
|