مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
فصل في الأشتقاق
...
"فَصْلٌ":الاشْتِقَاقُ: مِنْ أَشْرَفِ عُلُومِ
الْعَرَبِيَّةِ وَأَدَقِّهَا وَأَنْفَعِهَا، وَأَكْثَرِهَا
رَدًّا إلَى أَبْوَابِهَا، أَلا تَرَى أَنَّ مَدَارَ
عِلْمِ التَّصْرِيفِ فِي مَعْرِفَةِ الزَّائِدِ مِنْ
الأَصْلِيِّ عَلَيْهِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ
حُذِفَتْ الْمَصَادِرُ، وَارْتَفَعَ الاشْتِقَاقُ مِنْ
كُلِّ كَلامٍ: لَمْ تُوجَدْ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ، وَلا
فِعْلٌ لِفَاعِلٍ1.
وَجَمِيعُ النُّحَاةِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا
الزَّائِدَ مِنْ الأَصْلِيِّ فِي الْكَلامِ، نَظَرُوا فِي
الاشْتِقَاقِ.
وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْ قَوْلِك: "اشْتَقَقْت" كَذَا 2
مِنْ كَذَا 2، أَيْ اقْتَطَعْته مِنْهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ
الْفَرَزْدَقِ3:
مُشْتَقَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ نَبْعَتُهُ4
ـــــــ
1 والاشتقاق: هو أخذُ صيغةٍ من أخرى، مع اتفاقهما معنىً
ومادةً أصليةً، وهيئةَ تركيبٍ لها. ليُدَلُ بالثانية على
معنى الأصل، بزيادة مفيدة لأجلها اختلفا حروفاً أو هيئة،
كضارب من ضَرَبَ، وحَذِر من حَذِر –الأولى اسم والثانية
فعل-. "المزهر 1/ 346".
2 ساقطة من ش.
3 هو همّام بن غالب بن صعصعة المجاشعي التميمي البصري، أبو
فراس. الشاعر المشهور، والتابعي المعروف، توفي سنة 110هـ.
"انظر ترجمته في الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/ 442، تهاذيب
الاسماء واللغات 2/ 280، وفيات الأعيان 5/ 135، معجم
الأدباء 19/ 297، شدرات الذهب 1/ 140".
4 في ز د ض: بضعته. وما أثبتناه تؤيده رواية الديوان وابن
خلكان وابن العماد. والبيت للفرزدق في قصيدة طويلة يمدح
بها زين العابدين على بن الحسين رضي الله عنه، ذكرها ابن
خلكان في الوفيات وابن العماد في الشذرات ونسباها إليه،
وعجز البيت:
.......................
طابَتْ مَغَارِسُهُ والخِيْمُ والشَّيَمُ
ومعنى البيت: إن شجرته من أصل شجرة النبي صلى الله عليه
وسلم، وقد طابت مغارسه، وطابت سجاياه وأخلاقه. "ديوان
الفرزدق 2/ 180، وفيات الإعيان 5/ 146، شذرات الذهب 1/
143".
(1/204)
وَحُكِيَ فِي
الاشْتِقَاقِ فِي اللُّغَةِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ1.
أَحَدُهَا: - وَهُوَ الصَّحِيحُ - أَنَّ اللَّفْظَ
يَنْقَسِمُ إلَى مُشْتَقٍّ وَجَامِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ
الْخَلِيلِ2 وَسِيبَوَيْهِ، وَالأَصْمَعِيِّ3 وَأَبِي
عُبَيْدٍ، وَقُطْرُبٍ4، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الأَلْفَاظَ كُلَّهَا
جَامِدَةٌ مَوْضُوعَةٌ، وَبِهِ قَالَ نِفْطَوَيْهِ5 مِنْ
الظَّاهِرِيَّةِ. وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ6.
ـــــــ
1 انظر المزهر 1/ 348.
2 هو الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي البصري، أبو عبد
الرحمن، إمام العربية، ومستنبط علم العروض، صاحب كتاب
"العين" و "العروض" و "الشواهد" توفي سنة 170هـ وقيل غير
ذلك. "انظر ترجمته في تهذيب الأسماء واللغات 1/ 177، نور
القبس ص56، طبقات النحويين واللغويين ص47، إنباه الرواة 1/
341، شذرات الذهب 1/ 275، معجم الأدباء 11/ 72، وفيات
الإعيان 2/ 15، المعارف ص541".
3 هو عبد الملك بن قُرَيب بن عبد الملك بن أصمع البصري،
أبو سعيد، إما اللغة والحديث، مُصَنِّفُ "غريب القرآن" و
"غريب الحديث" و "الاشتقاق" و "الامثال" وغيرها. توفي سنة
216هـ وقيل غير ذلك. "انظر ترجمته في تهذيب الأسماء
واللغات 2/ 273، نور القبس ص125، طبقات المفسرين للداودي
1/ 354، طبقات النحويين واللغويين ص167، بغية الوعاة 2/
112، إنباه الرواة 2/ 197، وفيات الأعيان 2/ 344، المعارف
ص543، شذرات الذهب 2/ 36".
4 هو محمد بن المستنير بن أحمد، أبو علي النحوي اللغوي
البصري، تلميذ سيبويه، أشهر كتبه "معان القرآن" و "إعراب
القرآن" و "غريب الحديث" و "العلل في النحو". توفي سنة
206هـ. "انظر ترجمته في طبقات المفسرين للداودي 2/ 254،
معجم الإدباء 19/ 52، وفيات الإعيان 3/ 439، إنباه الرواة
3/ 219، طبقات النحويين واللغويين ص99، نور القبس ص174،
بغية الوعاة 1/ 242، شذرات الذهب 2/ 15".
5 هو إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي الواسطي، أبو عبد
الله, النحوي الشهير. قال ياقوت: "كان عالماً بالعربية
واللغة والحديث، صادقاً فيما يرويه، حافظاً للقرآن،
فقيهاًعلى مذهب داود الظاهري، رأساً فيه". أشهر مصنفاته
"إعراب القرآن" و "غريب القرآن" و "المقنع في النحو" و
"أمثال القرآن" توفي سنة 323هـ. "انظر ترجمته في وفيات
الإعيان 1/ 30، نور القبس ص344، طبقات النحويين واللغويين
ص154، طبقات المفسرين للداودي 1/ 19، شذرات الذهب 2/ 298،
إنباه الرواة 1/ 176، بغية الوعاة 1/ 428، معجم الأدباء 1/
254، المنتظم 6/ 277".
6 هذا خطأ، وصواب اسمه إبراهيم بن محمد.
(1/205)
وَالْقَوْلُ
الثَّالِثُ: أَنَّ الأَلْفَاظَ كُلَّهَا مُشْتَقَّةٌ،
وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ1، وَابْنِ دُرُسْتَوَيْهِ2.
وَغَيْرِهِمَا، حَتَّى قَالَ ابْنُ جِنِّي: "الاشْتِقَاقُ
يَقَعُ فِي الْحُرُوفِ فَإِنَّ "نَعَمْ" حَرْفُ جَوَابٍ،
وَالنِّعَمُ وَالنَّعِيمُ وَالنَّعْمَاءُ وَنَحْوُهَا
مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ"3.
وَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ انْقِسَامُهُ إلَى أَصْغَرَ
وَأَكْبَرَ وَأَوْسَطَ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ: فَحَدُّ الأَصْغَرِ "رَدُّ لَفْظٍ
إلَى آخَرَ" فَدَخَلَ الاسْمُ وَالْفِعْلُ
"لِمُوَافَقَتِهِ" أَيْ الْمَرْدُودِ "لَهُ" أَيْ
لِلْمَرْدُودِ إلَيْهِ "فِي الْحُرُوفِ الأَصْلِيَّةِ"
سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْجُودَةً أَوْ مُقَدَّرَةً، لِيَدْخُلَ
الأَمْرُ مِنْ نَحْوِ: الأَكْلِ وَالْخَوْفِ
وَالْوِقَايَةِ "وَ" لِوُجُودِ4 "مُنَاسَبَتِهِ" أَيْ
مُنَاسَبَةِ الْمُشْتَقِّ لِلْمُشْتَقِّ مِنْهُ "فِي
الْمَعْنَى" احْتِرَازًا مِنْ مِثْلِ اللَّحْمِ
وَالْمِلْحِ وَالْحِلْمِ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْهَا5
يُوَافِقُ الآخَرَيْنِ6 فِي حُرُوفِهِ الأَصْلِيَّةِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَلا اشْتِقَاقَ بَيْنهَا، لانْتِفَاءِ
الْمُنَاسَبَةِ فِي الْمَعْنَى
ـــــــ
1 هو إبراهيم بن السّريّ بن سهل الزجاج، أبو إسحاق، النحوي
اللغوي. قال الخطيب: "كان من أهل الفضل والدين، حسن
الاعتقاد، له مصنفات حسان في الأدب". أشهر كتبه "معاني
القرآن" و "الاشتقاق" و "شرح أبيات سيبويه" توفي سنة
311هـ. "انظر ترجمته في طبقات النحويين واللغويين ص111،
طبقات المفسرين للداودي 1/ 7، تهذيب الإسماء واللغات 2/
170، إنباه الرواة 1/ 159، بغية الوعاة 1/ 411، شذرات
الذهب 2/ 259، المنتظم 6/ 176، معجم الأدباء 1/ 130، وفيات
الأعيان 1/ 31" وفي ض: الزجاجي.
2 هو عبد الله بن جعفر بن دُرُسْتُويه الفارسي الفسوي
النحوي، أبو محمد. قال الفقطي: "هو نحوي جليل القدر، مشهور
الذكر، جيد التصانيف". أشهر كتبه "الإرشاد" في النحو و
"غريب الحديث" و "شرح الفصيح" و "معاني الشعر". توفي سنة
347هـ. "انظر ترجمته في طبقات النحويين واللغويين ص116،
وفيات الإعيان 2/ 247، بغية الوعاة 2/ 36، إنباه الوراة 2/
113، شذرات الذهب 2/ 375، طبقات المفسرين للداودي 1/ 223".
3 الخصائص 2/ 34، 35، 37.
4 في ع: الوجود.
5 في ض ع: منهما.
6 في ش: الآخر.
(1/206)
لاخْتِلافِ
مَدْلُولاتِهَا1.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ لِلاشْتِقَاقِ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ2.
الأَوَّلُ : الْمُشْتَقُّ. وَالثَّانِي : الْمُشْتَقُّ
مِنْهُ. وَالثَّالِثُ : الْمُوَافَقَةُ فِي الْحُرُوفِ
الأَصْلِيَّةِ. وَالرَّابِعُ: الْمُنَاسَبَةُ فِي
الْمَعْنَى مَعَ التَّغْيِيرِ، لأَنَّهُ لَوْ لَمْ
يَحْصُلْ تَغْيِيرٌ لَمْ يَصْدُقْ3 كَوْنُ الْمُشْتَقِّ
غَيْرَ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ. وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ4
بِقَوْلِهِ "وَلا بُدَّ مِنْ تَغْيِيرٍ".
وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ نَوْعًا5؛ لأَنَّهُ إمَّا
بِزِيَادَةِ حَرْفٍ، أَوْ حَرَكَةٍ. أَوْ هُمَا مَعًا،
أَوْ نُقْصَانِ حَرْفٍ، أَوْ حَرَكَةٍ، أَوْ هُمَا مَعًا،
أَوْ زِيَادَةِ حَرْفٍ وَنُقْصَانِهِ، أَوْ زِيَادَةِ
حَرَكَةٍ وَنُقْصَانِهَا، أَوْ زِيَادَةِ حَرْفٍ
وَنُقْصَانِ حَرَكَةٍ. أَوْ زِيَادَةِ حَرَكَةٍ
وَنُقْصَانِ حَرْفٍ، - عَكْسُ الَّذِي قَبْلَهُ -، أَوْ
زِيَادَةِ حَرْفٍ مَعَ زِيَادَةِ حَرَكَةٍ وَنُقْصَانِهَا،
أَوْ زِيَادَةِ حَرَكَةٍ مَعَ زِيَادَةِ حَرْفٍ
وَنُقْصَانِهِ، - عَكْسُ الَّذِي قَبْلَهُ -، أَوْ
نُقْصَانِ حَرْفٍ مَعَ زِيَادَةِ حَرَكَةٍ وَنُقْصَانِهَا،
أَوْ نُقْصَانِ6 حَرَكَةٍ مَعَ زِيَادَةِ حَرْفٍ
وَنُقْصَانِهِ. [أَوْ زِيَادَةِ حَرْفٍ وَحَرَكَةٍ مَعًا
مَعَ نُقْصَانِ حَرْفٍ وَحَرَكَةٍ مَعًا]7، وَذَلِكَ:
لأَنَّ التَّغْيِيرَ: إمَّا تَغْيِيرٌ وَاحِدٌ، أَوْ
تَغْيِيرَانِ8، أَوْ ثَلاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ.
ـــــــ
1 انظر المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/ 280
وما بعدها.
2 انظر العضد على ابن الحاجب وحواشيه 1/ 171 وما بعدها،
المحلي على جمع الجوامع 1/ 280 وما بعدها.
3 في ش: يصلح.
4 في ش: المراد منه.
5 انظر حاشية البناني 1/283، حاشية الهروي على العضد 1/
173، المزهر 1/ 348.
6 في ش: زيادة.
7 كذا في حاشية البناني على شرح جمع الجوامع 1/ 283 وحاشية
الهروي على العضد 1/ 173 والمزهر 1/ 349، وفي ش: "أو زيادة
حرف ونقصانه أو زيادة حركة ونقصانها" وفي ز: "فقط أو زيادة
حركة ونقصانها فقط" وفي د ع ب ض: "أو زيادة حرف ونقصانه
فقط أو زيادة حركة ونقصانها فقط". وكلّه تصحيف. انظر
التغيرات الأربعة ص209.
8 في ش: تغيران.
(1/207)
فَالتَّغْيِيرُ
الْوَاحِدُ: فِي أَرْبَعَةِ أَمَاكِنَ:
الأَوَّلُ: زِيَادَةُ حَرْفٍ. نَحْوُ: كَاذِبٍ1 - مِنْ
الْكَذِبِ - زِيدَتْ الأَلِفُ بَعْدَ الْكَافِ.
وَالثَّانِي: زِيَادَةُ حَرَكَةٍ. نَحْوُ: نَصَرَ – مَاضٍ
-. مَأْخَذُهُ2 مِنْ النَّصْرِ.
وَالثَّالِثُ: نُقْصَانُ حَرْفٍ. كَصَهَلَ - مِنْ
الصَّهِيلِ - نَقَصَتْ الْيَاءُ.
وَالرَّابِعُ: نُقْصَانُ الْحَرَكَةِ، كَسَفْرٍ -
بِسُكُونِ الْفَاءِ - جَمْعُ مُسَافِرٍ، مِنْ سَفَرَ.
وَأَمَّا التَّغْيِيرَانِ: فَسِتَّةُ أَنْوَاعٍ:
الأَوَّلُ: زِيَادَةُ حَرْفٍ وَنُقْصَانُهُ. كَصَاهِلٍ -
مِنْ الصَّهِيلِ - ، زِيدَتْ الأَلِفُ وَنَقَصَ الْيَاءُ.
الثَّانِي : زِيَادَةُ الْحَرَكَةِ وَالْحَرْفِ، كَضَارِبٍ
- مِنْ الضَّرْبِ - . زِيدَتْ الأَلِفُ وَحُرِّكَتْ
الرَّاءُ.
الثَّالِثُ: نُقْصَانُ الْحَرَكَةِ وَالْحَرْفِ، كَغَلْيٍ3
- مِنْ الْغَلَيَانِ - . نَقْصُ الأَلِفِ وَالنُّونِ
وَنَقَصَتْ فَتْحَةُ الْيَاءِ.
الرَّابِعُ: زِيَادَةُ الْحَرَكَةِ وَنُقْصَانُهَا،
نَحْوُ: حَذِرٍ4، اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْحَذَرِ - بِفَتْحِ
الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ - حُذِفَتْ فَتْحَةُ الذَّالِ
وَزِيدَتْ كَسْرَتُهَا.
ـــــــ
1 في ش: كاذباً.
2 ساقطة من ز.
3 في ش: كمغلى.
4 في ع: حذار.
(1/208)
الْخَامِسُ:
زِيَادَةُ الْحَرْفِ وَنُقْصَانُ الْحَرَكَةِ، كَعَادٍّ -
بِتَشْدِيدِ الدَّالِ - اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْعَدَدِ1،
زِيدَتْ الأَلِفُ وَنَقَصَتْ حَرَكَةُ الدَّالِ.
السَّادِسُ: زِيَادَةُ حَرَكَةٍ وَنُقْصَانُ حَرْفٍ،
كَرَجْعٍ مِنْ الرُّجْعَى.
وَأَمَّا التَّغْيِيرَاتُ الثَّلاثَةُ: فَفِي أَرْبَعَةِ
أَنْوَاعٍ2:
الأَوَّلُ: زِيَادَةُ الْحَرْفِ مَعَ زِيَادَةِ
الْحَرَكَةِ وَنُقْصَانِهَا. كَمَوْعِدٍ - مِنْ الْوَعْدِ
- . زِيدَتْ الْمِيمُ وَكُسِرَتْ الْعَيْنُ، وَنَقَصَ
مِنْهُ فَتحة3 الْوَاوِ.
الثَّانِي: زِيَادَةُ الْحَرَكَةِ مَعَ زِيَادَةِ
الْحَرْفِ وَنُقْصَانِهِ، كَمُكْمِلٍ4 - اسْمُ فَاعِلٍ
أَوْ مَفْعُولٍ - مِنْ الْكَمَالِ، زِيدَتْ فِيهِ الْمِيمُ
وَضَمَّتُهَا5، وَنَقَصَتْ الأَلِفُ.
الثَّالِثُ: نُقْصَانُ حَرْفٍ مَعَ زِيَادَةِ حَرَكَةٍ
وَنُقْصَانِهَا. كَقَنِطٍ - اسْمُ فَاعِلٍ - مِنْ
الْقُنُوطِ.
الرَّابِعُ: نُقْصَانُ الْحَرَكَةِ مَعَ زِيَادَةِ
الْحَرْفِ وَنُقْصَانِه. كَكَالٍّ - بِتَشْدِيدِ اللاَّمِ
- اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْكَلالِ، نَقَصَتْ حَرَكَةُ
اللاَّمِ الأُولَى لِلإِدْغَامِ. وَنَقَصَتْ الأَلِفُ
الَّتِي بَيْنَ اللاَّمَيْنِ وَزِيدَتْ الأَلِفُ قَبْلَ
اللاَّمَيْنِ.
وَأَمَّا التَّغْيِيرَاتُ الأَرْبَعَةُ فَفِي مَوْضِعٍ
وَاحِدٍ، وَهُوَ: زِيَادَةُ الْحَرْفِ وَالْحَرَكَةِ
مَعًا، وَنُقْصَانُهُمَا مَعًا، كَكَامِلٍ6، مِنْ
الْكَمَالِ، وَمَثَّلُوهُ أَيْضًا بِـ "ارْمِ" - "أَمْرٌ -
مِنْ الرَّمْيِ"7. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــ
1 في ش: العد.
2 في ش: مواضع.
3 في ش: فتح.
4 في د ض: ككمل.
5 في ش ز: وضمها.
6 ساقطة من ض.
7 في ش: من الأرمى، ثم نصب.
(1/209)
ثُمَّ
التَّغْيِيرُ تَارَةً 1 يَكُونُ ظَاهِرًا - كَمَا
تَقَدَّمَ – وَتَارَةً 1 يَكُونُ مُقَدَّرًا، وَهُوَ
الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَلَوْ" "أَيْ وَلَوْ"2
كَانَ التَّغْيِيرُ "تَقْدِيرًا" وَذَلِكَ: كَفُلْكٍ
وَجُنُبٍ، - مُفْرَدًا وَجَمْعًا - ، فَإِذَا أُرِيدَ
الْجَمْعُ فِي الْفُلْكِ يُؤَنَّثُ، وَإِذَا أُرِيدَ
الْوَاحِدُ3 يُذَكَّرُ.
فَالْوَاحِدُ مِنْهُ، كَقَوْلِهِ4 تَعَالَى: {إذْ أَبَقَ
إلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} 5، وَالْجَمْعُ كَقَوْلِهِ6
تَعَالَى: {حَتَّى إذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ
بِهِمْ} 7.
وَطَلَبَ طَلَبًا، وَهَرَبَ هَرَبًا وَجَلَبَ جَلْبًا
وَنَحْوِهَا. فَالتَّغْيِيرُ حَاصِلٌ، وَلَكِنَّهُ
مُقَدَّرٌ، فَإِنَّ سِيبَوَيْهِ قَدَّرَ زَوَالَ النُّونِ
الَّتِي فِي "جُنُبٍ" حَالَ إطْلاقِهِ عَلَى الْمُفْرَدِ
فِي قَوْلِكَ: "رَجُلٌ جُنُبٌ"، وَقَدَّرَ الإِتْيَانَ
بِغَيْرِهَا حَالَ إطْلاقِهِ عَلَى الْجَمْعِ فِي قَوْله
تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} 8،
وَأَنَّ ضَمَّةَ النُّونِ فِي الْمُفْرَدِ غَيْرُ ضَمَّةِ
النُّونِ الَّتِي فِي الْجَمْعِ تَقْدِيرًا.
"وَ" اللَّفْظُ "الْمُشْتَقُّ فَرْعٌ وَافَقَ أَصْلاً"
وَالأَصْلُ هُنَا "هُوَ اللَّفْظُ الْمُشْتَقُّ مِنْهُ
الْفَرْعُ"، وَكَانَتْ الْمُوَافَقَةُ "بِحُرُوفِهِ
الأُصُولِ وَمَعْنَاهُ".
فَقَوْلُنَا "بِحُرُوفِهِ الأُصُولِ" لِتَخْرُجَ
الْكَلِمَاتُ9 الَّتِي تُوَافِقُ أَصْلاً بِمَعْنَاهُ،
دُونَ حُرُوفِهِ كَالْحَبْسِ وَالْمَنْعِ. وَقَوْلُنَا
"وَمَعْنَاهُ" لِيُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ مِثْلِ
ـــــــ
1 ساقطة من ش.
2 ساقطة من ش.
3 في ش: الواحدة منه.
4 في ض ب ع ز: قوله.
5 الآية 140 من الصافات.
6 في ش ض ع ب: قوله.
7 الآية 22 من يونس.
8 الآية 6 من المائدة.
9 في ش: المكملات.
(1/210)
الذَّهَبِ،
فَإِنَّهُ يُوَافِقُ أَصْلاً. - وَهُوَ الذَّهَابُ - فِي
حُرُوفِهِ الأُصُولِ، وَلَكِنْ غَيْرُ مُوَافِقٍ لَهُ1 فِي
مَعْنَاهُ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ: "فَفِي" الاشْتِقَاقِ "الأَصْغَرِ،
وَهُوَ الْمَحْدُودُ" يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُشْتَقِّ
وَالْمُشْتَقِّ مِنْهُ "يَتَّفِقَانِ فِي الْحُرُوفِ2
وَالتَّرْتِيبِ، كَنَصَرَ مِنْ النَّصْرِ" وَهَذَا3
الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ إطْلاقُ الاشْتِقَاقِ، مِنْ
غَيْرِ قَيْدٍ.
"وَ" يُشْتَرَطُ "فِي" الاشْتِقَاقِ "الأَوْسَطِ" كَوْنُ
الْمُشْتَقِّ وَالْمُشْتَقِّ مِنْهُ يَتَّفِقَانِ "فِي
الْحُرُوفِ" دُونَ التَّرْتِيبِ، كَجَبَذَ مِنْ الْجَذْبِ،
فَإِنَّ الْبَاءَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الذَّالِ فِي جَبَذَ،
مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الذَّالِ فِي الْجَذْبِ.
"وَ" يَكْفِي "فِي" الاشْتِقَاقِ "الأَكْبَرِ" أَنْ
يَتَّفِقَ الْمُشْتَقُّ وَالْمُشْتَقُّ مِنْهُ "فِي
مَخْرَجِ حُرُوفِ4 الْحَلْقِ أَوْ الشَّفَةِ، كَنَعَقَ
وَثَلَمَ مِنْ النَّهِيقِ وَالثَّلْبِ".
فَصُورَةُ اتِّفَاقِهِمَا فِي مَخْرَجِ5 حُرُوفِ
الْحَلْقِ. "نَعَقَ مِنْ النَّهِيقِ". فَإِنَّ الْهَاءَ
وَالْعَيْنَ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ، وَصُورَةُ
اتِّفَاقِهِمَا فِي مَخْرَجِ "حُرُوفِ الشَّفَةِ"6 "ثَلَمَ
مِنْ الثَّلْبِ"، فَإِنَّ الْمِيمَ وَالْبَاءَ مِنْ
حُرُوفِ الشَّفَةِ7.
وَالأَكْثَرُ لَمْ يُثْبِتُوا الاشْتِقَاقَ الأَكْبَرَ.
قَالَ أَبُو حَيَّانَ8: "وَلَمْ يَقُلْ
ـــــــ
1 ساقطة من ش.
2 في ش: الحروف والتركيب.
3 في ش: وهو.
4 في ش: حرف.
5 في ش: المخرج.
6 ساقطة من ش.
7 انظر في أنواع الاشتقاق الثلاثة "العضد على ابن الحاجب
وحواشيه 1/ 174، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني
عليه 1/ 282، المزهر 1/ 346 وما بعدها، الخصائص 2/ 132 وما
بعدها".
8 هو محمد بن يوسف بن علي بن حيّان الأندلسي، أثير الدين،
أبو عبد الله. إمام النحو والتفسير والحديث، أشهر مصنفاته
"البحر المحيط" في الفسير و "النهر المادّ من البحر" و
"إتحاف الأريب بما في القرآن من الغريب" و "شرح التسهيل" و
"الارتشاف" و "التذكرة" في اللغة. توفي سنة 745هـ. "انظر
ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي 9/ 279، بغية الوعاة 1/
280، شذرات الذهب 6/ 145، درّة الحجال 2/ 122، البدر
الطالع 2/ 288، الدرر الكامنة 5/ 70، طبقات المفسرين
للداودي 2/ 286، فوات الوفيات 2/ 555".
(1/211)
بِهِ1 مِنْ
النُّحَاةِ إلاَّ أَبُو الْفَتْحِ2". وَالصَّحِيحُ:
أَنَّهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ.
"وَيَطَّرِدُ" الاشْتِقَاقُ فِيمَا هُوَ "كَاسْمِ
الْفَاعِلِ" كَضَارِبٍ "وَنَحْوِهِ" كَاسْمِ 3
الْمَفْعُولِ كَمَضْرُوبٍ 3. وَالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ،
كَالْحَسَنِ الْوَجْهِ، وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ:
كَأَكْبَرَ، وَاسْمِ الْمَكَانِ: كَمَلْعَبٍ4، وَاسْمِ
الزَّمَانِ: كَالْمَوْسِمِ، وَاسْمِ الآلَةِ:
كَالْمِيزَانِ.
"وَقَدْ يَخْتَصُّ" فَلا يَطَّرِدُ "كَالْقَارُورَةِ"
فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالزُّجَاجَةِ، وَإِنْ كَانَتْ
مَأْخُوذَةً5 مِنْ الْقَرِّ فِي الشَّيْءِ، وَلَمْ
يُطْرِدُوا ذَلِكَ إلَى كُلِّ6 مَا يُقَرُّ فِيهِ
الشَّيْءُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ خَزَفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكَالدَّبَرَانِ - مَنْزِلَةٌ لِلْقَمَرِ - ، وَإِنْ 7
كَانَ مِنْ الدَّبُورِ 7، فَلا يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا
هُوَ مَوْصُوفٌ بِالدَّبُورِ، بَلْ يَخْتَصُّ بِمَجْمُوعِ
خَمْسَةِ كَوَاكِبَ مِنْ الثَّوْرِ، وَهُوَ الْمَنْزِلُ
الرَّابِعُ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ الْمُعَاقِبِ8
لِلثُّرَيَّا.
ـــــــ
1 في ز: به أحد.
2 هو عثمان بن جنَي الموصلي النحوي المتوفي سنة 392هـ.
"انظر الخصائص 2/ 133 وما بعدها، المزهر 1/ 347".
3 في ش: مضروب كمفعول. وفي ض ب ز: مفعول كمضروب.
4 في ش: كمكعب.
5 ساقطة من ش.
6 ساقطة من ض.
7 في ش: كانت منزلة للديور.
8 في ز: المعاتب وفي ش: المقابل.
(1/212)
وَكَذَلِكَ
الْعَيُّوقُ1 وَالسَّمَّاكُ2. قَالَهُ الْعَضُدُ3.
وَكَأَنَّ عَدَمُ الاطِّرَادِ، لِكَوْنِ التَّسْمِيَةِ لا
لِهَذَا الْمَعْنَى فَقَطْ، بَلْ لِمُصَاحَبَتِهِ4 لَهُ،
وَفَرْقٌ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْعَيْنِ5 لِوُجُودِ
الْمُشْتَقِّ مِنْهُ فِيهِ، - وَهُوَ الاطِّرَادِيُّ - ،
أَوْ لِوُجُودِهِ فِيهِ. وَهُوَ مَا لا يَطَّرِدُ6.
"وَإِطْلاقُهُ" أَيْ: إطْلاقُ الْوَصْفِ الْمُشْتَقِّ
عَلَى شَيْءٍ "قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ" أَيْ قَبْلَ
قِيَامِ الْوَصْفِ "الْمُشْتَقِّ مِنْهَا" بِذَلِكَ
الشَّيْءِ "مَجَازٌ" وَحُكِيَ إجْمَاعًا "إنْ أُرِيدَ
الْفِعْلُ"7 كَقَوْلِنَا مَثَلاً: "زَيْدٌ بَائِعٌ"،
قَبْلَ وُجُودِ الْبَيْعِ مِنْهُ.
وَهُوَ "حَقِيقَةٌ إنْ أُرِيدَتْ8 الصِّفَةُ"
الْمُشَبَّهَةُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ "كَسَيْفٍ قَطُوعٍ
ـــــــ
1 قال الجوهري: "العَيُّوق: نجم أحمر مضيء في طرف المجرة
الأيمن، يتلو الثريا، لا يتقدمه". "الصحاح 4/ 1534".
2 قال الجوهري: "السِمَاك هو من منازل القمر". "الصحاح 4/
1592".
3 شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 1/ 175. "وانظر فواتح
الرحموت 1/ 191، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني
عليه 1/ 283".
4 في ع ض: لمصاحبة. وفي ز: بمصاحبته.
5 في د ع ض: المعنى.
6 هذه الفقرة في تعليل الاطُّراد وعدمه في الاشتقاق غير
واضحة. وقد أوضحها البناني بقوله: "المشتق إن اعتبر في
مسماه معنى المشتق منه على أن يكون داخلاً فيه، بحيث يكون
المشتق اسماً لذات مبهمة انتسب إليها ذلك المعنى، فهو
مطّرد لغة، كضارب ومضروب، وإن اعتبر فيه ذلك، لا على أنه
داخل فيه، بل على أنه مصحح للتسمية، مرجع لتعيين الاسم من
بين الأسماء بحيث يكون ذلك الاسم اسماً لذات مخصوصة يوجد
فيها ذلك المعنى، فهو مختص لا يطّرد في غيرها مما وجد في
ذلك المعنى، كالقارورة لا تطلق على غير الزجاجة المخصوصة
مما هو مقرّ للمائع، وكالدَبَرَان لا يطلق على شيء مما فيه
دبور غير الكواكب الخمس التي في الثور، وهي منزلة من منازل
القمر". "حاشية البناني على شرح جمع الجوامع 1/ 183".
7 أي الفعل الذي يتحقق وجوده في المستقبل. "انظر المسودة
ص570".
8 في ز: أريد.
(1/213)
وَنَحْوِهِ1"،
كَخُبْزٍ مُشْبِعٍ، وَخَمْرٍ مُسْكِرٍ وَمَاءٍ مُرْوٍ2.
"فَأَمَّا صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدِيمَةٌ
وَحَقِيقَةٌ" عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ. وَأَكْثَرِ
أَهْلِ السُّنَّةِ3.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ4 فِي
"شَرْحِ الْبُخَارِيِّ": "اخْتَلَفُوا هَلْ صِفَةُ
الْفِعْلِ قَدِيمَةٌ أَوْ حَادِثَةٌ؟ فَقَالَ جَمَاعَةٌ
مِنْ السَّلَفِ، - مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ-: هِيَ
قَدِيمَةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ، - مِنْهُمْ ابْنُ كُلاَّبٍ
وَالأَشْعَرِيُّ-: هِيَ حَادِثَةٌ، لِئَلاَّ [يَلْزَمَ
أَنْ]5 يَكُونَ الْمَخْلُوقُ قَدِيمًا.
وَأَجَابَ الأَوَّلُونَ6: بِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الأَزَلِ
صِفَةُ الْخَلْقِ، وَلا مَخْلُوقَ. فَأَجَابَ
الأَشْعَرِيُّ: بِأَنَّهُ لا يَكُونُ خَلْقٌ وَلا
مَخْلُوقٌ، كَمَا لا يَكُونُ ضَارِبٌ وَلا مَضْرُوبٌ.
فَأَلْزَمُوهُ بِحُدُوثِ صِفَاتِهِ، فَيَلْزَمُ حُلُولُ
الْحَوَادِثِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. فَأَجَابَ: بِأَنَّ
هَذِهِ الصِّفَاتِ لا تُحْدِثُ فِي الذَّاتِ شَيْئًا
جَدِيدًا.
فَتُعُقِّبَ7 بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لا يُسَمَّى فِي
الأَزَلِ خَالِقًا وَلا رَازِقًا. وَكَلامُ اللَّهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدِيمٌ وَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ
أَنَّهُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ.
ـــــــ
1 في ش: ونحوها.
2 انظر المسودة ص570، القواعد الأصولية ص127.
3 حكاه الشيخ تقي الدين بن تيمية في المسودة ص570 والبعلي
في القواعد والفوائد الأصولية ص127.
4 هو أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني الشافعي، شهاب
الدين، الحافظ الكبير، الإمام بمعرفة الحديث وعلله ورجاله،
صاحب المصنفات القيّمة، أشهر كتبه "فتح الباري شرح
البخاري" و "تهذيب التهذيب" و "لسان الميزان" و "الإصابة
في تمييز الصحابة" و "الدرر الكامنة" و "التلخيص الحبير".
توفي سنة 852هـ. "انظر ترجمته في البدر الطالع 1/ 87،
شذرات الذهب 7/ 270، درّة الحجال 1/ 64".
5 زيادة من فتح الباري.
6 في ع ض ز: الأول.
7 في فتح الباري: فتعقبوه.
(1/214)
فَانْفَصَلَ
بَعْضُ الأَشْعَرِيَّةِ بِأَنَّ إطْلاقَ ذَلِكَ إنَّمَا
هُوَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ
التَّسْمِيَةِ عَدَمَهَا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ. وَلَمْ
يَرْتَضِهِ بَعْضُهُمْ، بَلْ قَالَ - وَهُوَ الْمَنْقُولُ
عَنْ الأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ-: إنَّ الأَسَامِيَ جَارِيَةٌ
مَجْرَى الأَعْلامِ، وَالْعَلَمُ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَلا
مَجَازٍ فِي اللُّغَةِ، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ: فَلَفْظُ
الْخَالِقِ وَالرَّازِقِ صَادِقٌ عَلَيْهِ تَعَالَى
بِالْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْبَحْثُ إنَّمَا هُوَ
فِيهَا، لا فِي الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ.
فَأَلْزَمُوهُ1: بِتَجْوِيزِ إطْلاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ
عَلَى مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ الْفِعْلُ فَأَجَابَ: بِأَنَّ
الإِطْلاقَ هُنَا شَرْعِيٌّ لا لُغَوِيٌّ"2. انْتَهَى
كَلامُ الْحَافِظِ.
وَقَالَ: "تَصَرُّفُ الْبُخَارِيِّ3 فِي هَذَا
الْمَوْضِعِ4 يَقْتَضِي 5 مُوَافَقَةَ الْقَوْلِ 5
الأَوَّلِ. وَالصَّائِرُ إلَيْهِ يَسْلَمُ6 مِنْ
الْوُقُوعِ فِي مَسْأَلَةِ حَوَادِثَ لا أَوَّلَ لَهَا"7.
ـــــــ
1 في ش: قالوا معه.
2 فتح الباري 13/ 341.
3 هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، أبو عبد
الله، الإمام الحافظ الشهير، صاحب "الجامع الصحيح" و
"التاريخ" و "خلق أفعال العباد" و "الضعفاء" و "الأدب
المفرد" وغيرها من المصنفات النافعة. توفي سنة 256هـ.
"انظر ترجمته في تهذيب الأسماء واللغات 1/ 67 وما بعدها،
النهج الأحمد 1/ 133 وما بعدها، طبقات المفسرين للداودي 2/
100 وما بعدها، طبقات الحنابلة 1/ 271 وما بعدها، وفيات
الإعيان 3/ 329 وما بعدها، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 212
وما بعدها، شذرات الذهب 2/ 134 وما بعدها".
4 وذلك بإيراده باباً بعنوان "باب ماجاء في تخليق السموات
والأرض وغيرها من الخلائق"، ثم قوله: "وهو فعل الرب تبارك
وتعالى وأمره، فالرب بصفته وفعله وأمره، وهو الخالق
المكوّن غير مخلوق، وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه،
فهو مفعول ومخلوق ومكوّن" اهـ كلام البخاري "انظر صحيح
البخاري من شرحه فتح الباري 13/ 340".
5 في ش: موافقته للقول.
6 في ش: لا يسلم.
7 فتح الباري 13/ 341.
(1/215)
وَنَفَتْ1
الْمُعْتَزِلَةُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ وَقَالُوا: إمَّا أَنْ
تَكُونَ حَادِثَةً. فَيَلْزَمُ قِيَامُ الْحَوَادِثِ
بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدِيمَةً
فَيَلْزَمُ تَعَدُّدُ الْقُدَمَاءِ. وَهُوَ كُفْرٌ2.
"وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّا لا نُسَلِّمُ تَغَايُرَ
الذَّاتِ مَعَ الصِّفَاتِ، وَلا الصِّفَاتِ بَعْضِهَا مَعَ
الْبَعْضِ، لِيَثْبُتَ التَّعَدُّدُ. فَإِنَّ
الْغَيْرَيْنِ هُمَا اللَّذَانِ يُمْكِنُ انْفِكَاكُ
أَحَدِهِمَا عَنْ الآخَرِ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ3، أَوْ
بِوُجُودٍ4 وَعَدَمٍ، أَوْهَمَا ذَاتَانِ لَيْسَتْ
إحْدَاهُمَا الأُخْرَى 5 وَتَفْسِيرُهُمَا
بِالشَّيْئَيْنِ، أَوْ 5 الْمَوْجُودَيْنِ، أَوْ
الاثْنَيْنِ فَاسِدٌ، لأَنَّ "الْغَيْرَ" مِنْ الأَسْمَاءِ
الإِضَافِيَّةِ، وَلا إشْعَارَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ
بِذَلِكَ". قَالَهُ فِي "شَرْحِ الْمَقَاصِدِ"6.
"وَ" اللَّفْظُ "الْمُشْتَقُّ حَالَ وُجُودِ الصِّفَةِ"
أَيْ قِيَامِهَا بِالْمَوْصُوفِ. كَقَوْلِنَا لِمَنْ
يَضْرِبُ حَالَ وُجُودِ الضَّرْبِ مِنْهُ: ضَارِبٌ
"حَقِيقَةً" إجْمَاعًا.
"وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا" أَيْ انْقِضَاءِ وُجُودِ
الصِّفَةِ، وَهُوَ الْفَرَاغُ مِنْ الضَّرْبِ "مَجَازٌ"
عِنْدَ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالْحَنَفِيَّةِ،
وَالرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ، بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ.
وَعِنْدَ ابْنِ حَمْدَانَ وَغَيْرِهِ وَحُكِيَ عَنْ
أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ7، - وَاخْتَارَهُ أَبُو
الطَّيِّبِ8- أَنَّهُ حَقِيقَةٌ عَقِبَ الْفِعْلِ.
ـــــــ
1 في ش: ومنعت.
2 انظر شرح المقاصد 2/ 76.
3 في شرح المقاصد: بزمان.
4 في ش: وجود.
5 في ش: وتفسير أحدهما بالشيئين و.
6 شرح المقاصد 2/ 76.
7 في ش: الحنفيين.
8 هو طاهر بن عبد الله بن طاهر، أبو الطيب الطبري الشافعي،
الإمام الجليل، الفقيه الأصولي القاضي. قال ابن السبكي:
"شرح المزني وصنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتباً
كثيرة ليس لأحد مثلها" توفي سنة 450 هـ. "انظر ترجمته في
طبقات الشافعية للسبكي 5/ 12، تهذيب الأسماء واللغات 2/
247، شذرات الذهب 3/ 284، وفيات الأعيان 2/ 195، المنتظم
8/ 198، الفتح المبين 1/ 238".
(1/216)
وَقَالَ
الْقَاضِي أَيْضًا وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَجَمْعٌ: إنْ
لَمْ يُمْكِنْ بَقَاءُ الْمَعْنَى، كَالْمَصَادِرِ
السَّيَّالَةِ، - كَالْكَلامِ وَالتَّحَرُّكِ
وَنَحْوِهِمَا-، فَحَقِيقَةٌ، وَإِلاَّ فَمَجَازٌ،
كَالْقِيَامِ وَنَحْوِهِ1.
وَاحْتَجَّ لِمَا فِي الْمَتْنِ، بِأَنَّهُ2 يَصِحُّ
نَفْيُهُ، فَيَصْدُقُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا: أَنَّهُ3
لَيْسَ بِضَارِبٍ فِي الْحَالِ4، وَالسَّلْبُ الْمُطْلَقُ
جُزْءُ الْمُقَيَّدِ5.
وَأَمَّا إطْلاقُ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمَيِّتِ
فَحَقِيقَةٌ؛ لأَنَّ الإِيمَانَ لا يُفَارِقُهُ
بِالْمَوْتِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى: "وَهَذِهِ هِيَ مَسْأَلَةُ
النُّبُوَّةِ6، وَلا تَزُولُ بِالْمَوْتِ. وَبِسَبَبِهَا
جَرَتْ الْمِحْنَةُ عَلَى الأَشْعَرِيَّةِ فِي زَمَنِ
مَلِكِ خُرَاسَانَ مَحْمُودِ7 بْنِ سُبُكْتِكِينَ8
[وَالْقَاضِي وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْكَرُوا
عَلَيْهِمْ
ـــــــ
1 انظر تفصيل الموضوع في "المسودة ص567 وما بعدها، القواعد
والفوائد الأصولية ص127 وما بعدها، المحلي على جمع الجوامع
وحاشية البناني عليه 1/ 286 وما بعدها، العضد على ابن
الحاجب 1/ 176 وما بعدها، فواتح الرحموت 1/ 193، الإحكام
للآمدي 1/ 54 وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص48 وما بعدها،
التمهيد للأسنوي ص36".
2 في ش: وأنه.
3 في ش: أنه يصح.
4 فلو كان المشتق بعد انقضائها حقيقةً لما صحَّ نفيه، فلا
بد أن يكون مجازاً.
5 في ش: جزء من.
6 في ش: البنويه.
7 في ش: محمد.
8 المكنى بأبي القاسم، الملقب بيمين الدولة وأمين الملة،
صاحب المناقب الكثيرة والسيرة الحميدة. المتوفي سنة 421هـ.
"انظر ترجمته في وفيات الإعيان 4/ 262، المنتظم 8/ 25،
شذرات الذهب 3/ 220".
(1/217)
هَذَا]1،
حَتَّى صَنَّفَ الْبَيْهَقِيُّ2 "حَيَاةَ الأَنْبِيَاءِ
فِي قُبُورِهِمْ" ..3".
وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْخِلافِ ثَلاثُ مَسَائِلَ4:
الأُولَى: لَوْ طَرَأَ عَلَى الْمَحَلِّ وَصْفٌ وُجُودِيٌّ
يُنَاقِضُ الأَوَّلَ، كَتَسْمِيَةِ الْيَقْظَانِ نَائِمًا
- بِاعْتِبَارِ5 نَوْمٍ سَابِقٍ-، فَمَجَازٌ إجْمَاعًا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ خَارِجٍ مِنْ
إطْلاقِهِ، فَلا حَقِيقَةَ وَلا مَجَازَ، كَإِطْلاقِ
الْكَافِرِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِاعْتِبَارِ كُفْرٍ
سَابِقٍ، وَالْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ
إهَانَةِ الْمُسْلِمِ وَالإِخْلالِ بِتَعْظِيمِهِ.
الثَّالِثَةُ6: قَالَ الْقَرَافِيُّ7: "مَحَلُّ الْخِلافِ:
إذَا كَانَ الْمُشْتَقُّ مَحْكُومًا بِهِ كَزَيْدٍ
مُشْرِكٌ8، أَوْ سَارِقٌ، أَمَّا إذَا 9 كَانَ تَعَلُّقُ 9
الْحُكْمِ، - وَهُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ - كَـ
{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} 10 {وَالسَّارِقُ
وَالسَّارِقَةُ
ـــــــ
1 زيادة من المسودة.
2 هو أحمد بن الحسين بن علي النيسابوري، أبو بكر البيهقي
الشافعي قال ابن السبكي عنه: "فقيه جليل، حافظ كبير، أصولي
نحرير، زاهد ورع". أشهر مصنفاته "السنن الكبير" و "معرفة
السنن والآثار" و "دلائل النبوة" و "الأسماء والصفات" و
"الخلافيات". توفي سنة 458هـ. "انظر ترجمته في طبقات
الشافعية للسبكي 4/ 8، المنتظم 8/ 242، وفيات الإعيان 1/
57، شذرات الذهب 3/ 304".
3 المسودة ص568، 569.
4 انظر القواعد والفوائد الأصولية ص128، المحلي على جمع
الجوامع 1/ 289.
5 في ش: باعتباره.
6 ساقطة من ش.
7 في ش: القرافي في.
8 في ش: مشترك.
9 في ش: تعلق.
10 الآية 2 من النور.
(1/218)
فَاقْطَعُوا} 1
فَهُوَ2 حَقِيقَةٌ مُطْلَقَاً3 فِيمَنْ اتَّصَفَ4 بِهِ فِي
الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالاسْتِقْبَالِ، إذَا لَوْ كَانَ
مَجَازًا: لَكَانَ مَنْ زَنَى، أَوْ سَرَقَ بَعْدَ زَمَانِ
نُزُولِ الآيَةِ "زَانِيًا مَجَازًا"5، وَالْخِطَابُ لا
يَكُونُ مَجَازًا فَلا يَدْخُلُ فِيهَا؛ لأَنَّ الأَصْلَ
عَدَمُ6 الْمَجَازِ، وَلا قَائِلَ بِذَلِكَ7".
"وَشَرْطُهُ" أَيْ: شَرْطُ الْمُشْتَقِّ، سَوَاءٌ كَانَ
اسْمًا أَوْ فِعْلاً "صِدْقُ أَصْلِهِ" وَهُوَ
الْمُشْتَقُّ مِنْهُ [عَلَيْهِ] خِلافًا
لِلْجُبَّائِيَّةِ، لإِطْلاقِهِمْ الْعَالِمَ عَلَى
اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْكَارِ حُصُولِ الْعِلْمِ لَهُ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الأُصُولِيُّونَ
لِيَرُدُّوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا8
إلَى مَسْأَلَةٍ خَالَفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ. فَإِنَّ
أَبَا عَلِيٍّ الْجُبَّائِيَّ9 وَابْنَهُ أَبَا هَاشِمٍ10
ذَهَبُوا11 إلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَنْهُ تَعَالَى.
وَكَذَلِكَ الصِّفَاتُ الَّتِي أَثْبَتَهَا أَئِمَّةُ
الإِسْلامِ.
ـــــــ
1 الآية 38 من المائدة.
2 في ش: فهم. وفي ض: هو.
3 في ش: مطلقة.
4 في ض: وصف.
5 ساقطة من ش ع ب ض.
6 في ش: عدم محو.
7 شرح تنقيح الفصول ص49، 50.
8 في ش: يردن.
9 هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي البصري، الفيلسوف
المتكلم، رأس المعتزلة وشيخهم. أشهر مصنفاته "تفسير
القرآن" و "متشابه القرآن" توفي سنة 303هـ. "انظر ترجمته
في طبقات المفسرين للداودي 2/ 189، وفيات الإعيان 3/ 398،
شذرات الذهب 2/ 241، الفرق بين الفرق ص183، فرق وطبقات
المعتزلة ص85".
10 هو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي المتكلم،
من رؤوس المعتزلة. ألف كتباً كثيرة منها "تفسير القرآن" و
"الجامع الكبير" و "الإبواب الكبير" توفي سنة 321هـ. "انظر
ترجمته في طبقات المفسرين للداودي 1/ 301، فرق وطبقات
المعتزلة ص100، الفرق بين الفرق ص184، وفيات الإعيان 2/
355، شذرات الذهب 2/ 289، الفتح المبين 1/ 172، المنتظم 6/
261".
11 في ش: ذهبا.
(1/219)
لَكِنْ قَالَ
الْبِرْمَاوِيُّ: تَحْرِيرُ النَّقْلِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ
وَابْنِهِ - كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي كُتُبِهِمَا
الأُصُولِيَّةِ- أَنَّهُمَا يَقُولانِ: إنَّ
الْعَالَمِيَّةَ بِعِلْمٍ، لَكِنَّ عِلْمَ اللَّهِ
تَعَالَى عَيْنُ ذَاتِهِ، لا أَنَّهُ عَالِمٌ بِدُونِ
عِلْمٍ، كَمَا اُشْتُهِرَ فِي النَّقْلِ عَنْهُمَا وَكَذَا
الْقَوْلُ فِي بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ. وَأَمَّا أَهْلُ
السُّنَّةِ فَيُعَلِّلُونَ الْعَالِمَ بِوُجُودِ عِلْمٍ
قَدِيمٍ قَائِمٍ بِذَاتِهِ، وَكَذَا فِي الْبَاقِي1.
"وَكُلُّ اسْمِ مَعْنًى قَائِمٌ بِمَحَلٍّ يَجِبُ أَنْ
يُشْتَقَّ لِمَحَلِّهِ مِنْهُ" أَيْ مِنْ ذَلِكَ
الْمَعْنَى "اسْمُ فَاعِلٍ"2.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أُصُولِ حُجَجِ السَّلَفِ
وَالأَئِمَّةِ. فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ فِي فِطَرِ3
الْخَلْقِ: أَنَّ الصِّفَةَ إذَا قَامَتْ بِمَحَلٍّ
اتَّصَفَ بِهَا ذَلِكَ الْمَحَلُّ لا غَيْرُهُ فَإِذَا
قَامَ الْعِلْمُ بِمَحَلٍّ كَانَ هُوَ الْعَالِمُ بِهِ لا
غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَامَتْ الْقُدْرَةُ أَوْ
الْحَيَاةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ، وَلا
خِلافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ، فَسَمَّوْا اللَّهَ
تَعَالَى مُتَكَلِّمًا بِكَلامِ خَلْقِهِ فِي جِسْمٍ.
وَلَمْ يُسَمُّوا ذَلِكَ الْجِسْمَ مُتَكَلِّمًا.
دَلِيلُ أَهْلِ السُّنَّةِ: الاسْتِقْرَاءُ، فَإِنَّ
لُغَةَ الْعَرَبَ اُسْتُقْرِئَتْ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا
اسْمُ فَاعِلٍ مُطْلَقٌ عَلَى شَيْءٍ إلاَّ وَالْمَعْنَى
الْمُشْتَقُّ مِنْهُ قَائِمٌ بِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ
الْقَطْعَ بِذَلِكَ.
"وَ" الْمُشْتَقُّ مِثْلُ "أَبْيَضَ وَنَحْوِهِ"
كَأَسْوَدَ وَضَارِبٍ وَمَضْرُوبٍ "يَدُلُّ عَلَى
ـــــــ
1 انظر تفصيل الكلام على هذه المسألة في "المحلي على جمع
الجوامع وحاشية البناني عليه 1/ 283 وما بعدها، العضد على
ابن الحاجب 1/ 181 وما بعدها، فواتح الرحموت 1/ 192،
الإحكام للآمدي 1/ 54، شرح تنقيح الفصول ص48، العضد على
ابن الحاجب 1/ 181 وما بعدها، فواح الرحموت 1/ 192،
الإحكام للآمدي 1/ 45، شرح تنقيح الفصول ص48".
2 انظر شرح تنقيح الفصول ص48، العضد على ابن الحاجب
وحواشيه 1/ 181، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني
عليه 1/ 286، الإحكام للآمدي 1/ 54، فواتح الرحموت 1/ 193.
3 في ش: نظر.
(1/220)
ذَاتٍ
مُتَّصِفَةٍ بِبَيَاضٍ" أَوْ سَوَادٍ أَوْ وُجُودِ ضَرْبٍ
"لا" عَلَى 1 خُصُوصِيَّتِهَا بِهِ 1 أَيْ لا عَلَى
أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِذَلِكَ الْوَصْفِ2.
ثُمَّ إنْ عُلِمَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ
الالْتِزَامِ، لا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جُزْءًا مِنْ
مُسَمَّاهُ. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ
قَوْلَنَا "إنَّ الأَبْيَضَ جِسْمٌ" مُسْتَقِيمٌ، وَلَوْ
دَلَّ الأَسْوَدُ عَلَى خُصُوصِ الاسْمِ، لَكَانَ غَيْرَ
مُسْتَقِيمٍ؛ لأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْنَاهُ:
"الْجِسْمُ ذُو السَّوَادِ" جِسْمٌ، وَهُوَ غَيْرُ
مُسْتَقِيمٍ، لِلُّزُومِ التَّكْرَارِ بِلا فَائِدَةٍ.
وَمَا أَحْسَنَ مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
"الْمُشْتَقُّ لا إشْعَارَ لَهُ بِخُصُوصِيَّةِ الذَّاتِ".
فَالأَسْوَدُ - مَثَلاً- ذَاتٌ لَهَا سَوَادٌ، وَلا
يَدُلُّ عَلَى حَيَوَانٍ، وَلا غَيْرِهِ. وَالْحَيَوَانُ:
ذَاتٌ لَهَا حَيَاةٌ، لا خُصُوصُ إنْسَانٍ وَلا غَيْرِهِ.
"وَالْخَلْقُ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ، وَهُوَ" أَيْ الْخَلْقُ
"فِعْلُ الرَّبِّ تَعَالَى قَائِمٌ بِهِ، مُغَايِرٌ
لِصِفَةِ الْقُدْرَةِ" وَهَذَا الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ
أَصْحَابِنَا وَالْقَاضِي أَخِيرًا، وَأَئِمَّةِ
الشَّافِعِيَّةِ وَأَهْلِ الأَثَرِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: "الْخَلْقُ فِعْلُ
اللَّهِ تَعَالَى الْقَائِمُ بِهِ، وَالْمَخْلُوقَاتُ
الْمُنْفَصِلَةُ عَنْهُ، وَحَكَاهُ الْبَغَوِيّ3 عَنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ، وَنَقَلَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ
الْعُلَمَاءِ مُطْلَقًا، فَقَالَ: قَالَ عُلَمَاءُ
السَّلَفِ: إنَّ خَلْقَ الرَّبِّ تَعَالَى لِلْعَالَمِ
لَيْسَ هُوَ
ـــــــ
1 في ع: خصوصيته.
2 انظر تفصيل الكلام على هذه المسألة في "المحلي على جمع
الجوامع 1/ 289 وما بعدها، العضد على ابن الحاجب 1/ 182
وما بعدها، فواتح الرحموت 1/ 196 وما بعدها".
3 هو الحسين بن مسعود بن محمد البغوي الشافعي، أبو محمد،
المعروف بالفَرَّاء، والملقب محيّي السنة. قال الداودي:
"كان إماماً في التفسير، إماماً في الحديث، إماماً في
الفقه، جليلاً ورعاً زاهداً". أشهر مصنفاته "معالم التنزيل
في التفسير" و "شرح السنة" و "مصابيح السنة" و "التهذيب"
في الفقه الشافعي. توفي سنة 516هـ. "انظر ترجمته في طبقات
المفسرين للداودي 1/ 157، وفيات الأعيان 1/ 403، طبقات
الشافعية للسبكي 7/ 75، شذرات الهذب 4/ 48".
(1/221)
الْمَخْلُوقُ،
بَلْ فِعْلُهُ الْقَائِمُ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ "خَلْقِ أَفْعَالِ
الْعِبَادِ"1، وَهُوَ قَوْلُ الْكَرَّامِيَّةِ، وَكَثِيرٍ
مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ"2.
وَعِنْدَ الْقَاضِي أَوَّلاً3 وَابْنِ عَقِيلٍ، وَابْنِ
الزَّاغُونِيِّ4، وَالأَشْعَرِيَّةِ، وَأَكْثَرِ
الْمُعْتَزِلَةِ: أَنَّ الْخَلْقَ الْمَخْلُوقُ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: "ذَهَبَ هَؤُلاءِ إلَى
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ
مِنْ أَفْعَالِهِ وَإِنَّمَا الْخَلْقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ،
أَوْ مُجَرَّدُ نِسْبَةٍ، أَوْ إضَافَةٍ، وَعِنْدَ
هَؤُلاءِ: حَالُ الذَّاتِ الَّتِي تَخْلُقُ وَتَرْزُقُ
وَلا تَخْلُقُ وَلا تَرْزُقُ سَوَاءٌ5". انْتَهَى.
وَالرَّبُّ لا يُوصَفُ بِمَا هُوَ مَخْلُوقٌ لَهُ،
وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِمَا هُوَ قَائِمٌ بِهِ.
ـــــــ
1 خلق أفعال العباد ص74.
2 الرد على المنطقيين ص229 وما بعدها.
3 ساقطة من ش.
4 هو على بن عبيد الله بن نصر بن الزاغواني الحنبلي، أبو
الحسن البغدادي، الفقيه الأصولي المحدث، النحوي اللغوي.
أشهر مصنفاته "الإقناع" و "الواضح" و "الخلاف الكبير" و
"المفردات" في الفقه و "غرر البيان" في أصول الفقه و
"الإيضاح" في أصول الدين. توفي سنة 527هـ. "انظر ترجمته في
المنهج الأحمد 2/ 238، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/
180، شذرات الذهب 4/ 80، المنتظم 10/ 32، الفتح المبين 2/
23".
5 فتاوى ابن تيمية 12/ 436.
(1/222)
"فَائِدَةٌ"
"تَثْبُتُ اللُّغَةُ قِيَاسًا فِيمَا" أَيْ فِي لَفْظٍ
"وُضِعَ لِمَعْنًى دَارَ مَعَهُ" أَيْ مَعَ اللَّفْظِ
"وُجُودًا وَعَدَمًا"، "كَخَمْرٍ لِنَبِيذٍ" لِتَخْمِيرِ
الْعَقْلِ "وَنَحْوِهِ" كَسَارِقٍ لِنَبَّاشٍ، لأَخْذٍ1
خُفْيَةً، وَزَانٍ لِلاَّئِطِ، لِلْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ،
وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَابْنُ سُرَيْجٍ2،
وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَالْفَخْرُ الرَّازِيّ،
وَغَيْرُهُمْ.
وَنَقَلَهُ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ3 عَنْ نَصِّ
الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الشُّفْعَةِ: إنَّ
الشَّرِيكَ جَارٌ قِيَاسًا عَلَى تَسْمِيَةِ امْرَأَةِ
الرَّجُلِ جَارُهُ4. وَكَذَا قَالَ ابْنُ فُورَكٍ5: إنَّهُ
الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ6 قَالَ:
الشَّرِيكُ جَارٌ.
ـــــــ
1 في ش: يأخذ.
2 هو أحمد بن عمر بن سريج البغدادي القاضي، أبو العباس،
الفقيه الأصولي المتكلم، شيخ الشافعية في عصره، صاحب
المؤلفات الحسان. توفي سنة 306هـ. "انظر ترجمته في تهذيب
الأسماء واللغات 2/ 251، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 21،
وفيات الأعيان 1/ 49، شذرات الذهب 2/ 247، المنتظم 6/ 149،
الفتح المبين 1/ 165".
3 هو عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي، الاستاذ أبو
منصور البغدادي الشافعي، الفقيه الأصولي النحوي المتكلم.
أشهر مصنفاته "تفسير القرآن" و "فضائح المعتزلة" و "الفرق
بين الفرق" و "التحصيل" في أصول الفقه و "الملل والنحل".
توفي سنة 429هـ. "انظر ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي 5/
136، إنباه الرواة 2/ 185، بغية الوعاة 2/ 105، وفيات
الأعيان 2/ 372، فوات الوفيات 1/ 613، طبقات المفسرين
للداودي 1/ 327".
4 اختلاف الحديث للشافعي "مطبوع مع الأم" 4/ 6.
5 هو محمد بن الحسن بن فُورك، أبو بكر الأنصاري الأصبهاني
الشافعي، الفقيه الأصولي النحوي المتكلم، صاحب التصانيف
النافعة. توفي سنة 406هـ. "انظر ترجمته في طبقات الشافعية
للسبكي 4/ 127، إنباه الرواة 3/ 110، شذرات الذهب 3/ 181،
وفيات الأعيان 3/ 402، طبقات المفسرين للداودي 2/ 129".
6 في ش: لأنه.
(1/223)
وَقِيلَ: لا
تَثْبُتُ قِيَاسًا مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ أَبُو
الْخَطَّابِ، وَالصَّيْرَفِيُّ1، وَأَبُو بَكْرٍ
الْبَاقِلاَّنِيُّ فِي "التَّقْرِيبِ".
وَفَائِدَةُ الْخِلافِ: أَنَّ الْمُثْبِتَ لِلْقِيَاسِ فِي
اللُّغَةِ يَسْتَغْنِي عَنْ2 الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ.
فَيَكُونُ إيجَابُ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِ النَّبِيذِ،
وَالْقَطْعِ عَلَى النَّبَّاشِ بِالنَّصِّ، وَمَنْ
أَنْكَرَ الْقِيَاسَ فِي اللُّغَةِ جَعَلَ ثُبُوتَ ذَلِكَ
بِالشَّرْعِ3.
"وَالإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِهِ" أَيْ: مَنْعِ الْقِيَاسِ
"فِي عَلَمٍ وَلَقَبٍ وَصِفَةٍ. وَكَذَا مِثْلُ إنْسَانٍ
وَرَجُلٍ4، وَرَفْعِ فَاعِلٍ" 5.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي "أُصُولِهِ": "الإِجْمَاعُ عَلَى
مَنْعِهِ فِي الأَعْلامِ وَالأَلْقَابِ، وَذَكَرَهُ
جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: ابْنُ عَقِيلٍ لِوَضْعِهِمَا
لِغَيْرِ مَعْنًى جَامِعٍ وَالْقِيَاسُ فَرْعُهُ.
ـــــــ
1 هو محمد بن عبد الله البغدادي، أبو بكر الصيرفي الشافعي،
الإمام الفقيه الأصولي، قال القفال: "كان أعلم الناس
بالأصول بعد الشافعي". أشهر مصنفاته "شرح الرسالة للشافعي"
و "البيان في دلائل الأعلام على أصول الأحكام" في أصول
الفقه وكتاب "الإجماع" و "الشروط". توفي سنة 330هـ. "انظر
ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي 3/ 186، تهذيب الأسماء
واللغات 2/ 193، شذرات الذهب 2/ 325، وفيات الأعيان 3/
337، الفتح المبين 1/ 180".
2 ساقطة من ش.
3 انظر تفصيل الكلام على القياس في اللغة في "إرشاد الفحول
ص16، اللمع ص6، المسودة ص173 وما بعدها، الإحكام للآمدي 1/
57 وما بعدها، فوتح الرحموت 1/ 185، العضد على ابن الحاجب
1/ 183 وما بعدها، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني
عليه 1/ 271 وما بعدها".
4 فقد ثبت تعميمه بالنقل. "العضد على ابن الحاجب 1/ 183".
5 قال الشريف الجرجاني: "إذ حصل لنا باستقراء جزئيات
الفاعل مثلاً قاعدة كليّة، وهي أن كل فاعل مرفوع، لا شك
فيها، فإذا رفعنا فاعلاً لم يُسمع رفعُهُ منهم، لم يكن
قياساً لاندراجه تحتها". "انظر حاشية الجرجاني على شرح
العضد 1/ 183، البناني على شرح جمع الجوامع 1/ 273".
(1/224)
وَمِثْلُ1
هَذَا "سِيبَوَيْهِ زَمَانِهِ"، مَجَازٌ عَنْ حَافِظِ
كِتَابِهِ2.
وَالإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الصِّفَاتِ، لأَنَّ
الْعَالِمَ مَنْ قَامَ بِهِ الْعِلْمُ فَيَجِبُ طَرْدُهُ،
فَإِطْلاقُهُ بِوَضْعِ اللُّغَةِ3، وَكَذَا مِثْلُ:
إنْسَانٍ وَرَجُلٍ وَرَفْعِ الْفَاعِلِ4، فَلا وَجْهَ
لِجَعْلِهِ دَلِيلاً". انْتَهَى.
ـــــــ
1 في ش ز ب: ومثله.
2 وليس من باب القياس في التسمية. "الإحكام للآمدي 1/ 57".
3 أي إنْ أسماء الصفات الموضوعة للفرق بين الصفات، كالعالم
والقادر، فإنّها واجبة الاطّراد، نَظَراً إلى تحقيق معنى
الاسم، فإنَّ مسمى العالِم مَنْ قامَ به العلم، وهو متحقق
في حق كل من قام به العلم، فكان إطلاق اسم العالم عليه
ثابتاً بالوضع لا بالقياس، إذ ليس قياس أحد المسميين
المتماثلين في المسمى على الآخر بأولى من العكس. "الإحكام
للآمدي 1/ 57".
4 ساقطة من ش.
(1/225)
|