مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
فصل في مسائل تتعلق بآداب المستفتي والمفتي
...
"فَصْلٌ"
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِآدَابِ1 الْمُسْتَفْتِي
وَالْمُفْتِي2. مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي
كِتَابِهِ3 آدَابِ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي4.
فَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ "يَنْبَغِي حِفْظُ الأَدَبِ5 مَعَ
مُفْتٍ وَإِجْلالُهُ" إيَّاهُ "فَلا يَفْعَلُ مَعَهُ مَا
جَرَتْ عَادَةُ الْعَوَامّ بِهِ، كَإِيمَاءٍ بِيَدِهِ فِي
وَجْهِهِ، وَلا" يَقُولُ6 لَهُ مَا لا يَنْبَغِي7، وَلا
"يُطَالِبُهُ بِالْحُجَّةِ" عَلَى مَا يُفْتِي بِهِ8 "وَلا
يُقَالُ لَهُ: إنْ كَانَ جَوَابُك9 مُوَافِقًا10
فَاكْتُبْ، وَإِلاَّ فَلا" تَكْتُبْ "وَنَحْوَهُ"
كَقَوْلِهِ11: مَا مَذْهَبُ إمَامِك
ـــــــ
1 في ش: بأدب.
2 انظر آدادب المفتي والمستفتي في "الأنوار 2/398، المجموع
1/93 وما بعدها، عرف البشام ص 5، 9، الفقيه والمتفقه 2/98،
110، 177، الفروع 6/428".
3 في ض: كتاب.
4 صفة الفتوى ص 29 وما بعدها، 57 وما بعدها، 68 وما بعدها.
5 في ب: الآداب.
6 في ب: بقوله.
7 انظر: صفة الفتوى ص 83 بتصرف.
8 انظر: صفة الفتوى ص 84، روضة الطالبين 11/106، المسودة ص
554، الفقيه والمتفقه 2/180.
9 في ع: جوابا.
10 في "صفة الفتوى ص 83": موافقاً لمن أجاب فيها.
11 في ز: وهو كقوله.
(4/593)
فِي هَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ؟ أَوْ مَا تَحْفَظُ فِي كَذَا؟ أَوْ
أَفْتَانِي غَيْرُك بِكَذَا، أَوْ أَفْتَانِي فُلانٌ
بِكَذَا1، أَوْ قُلْت أَنَا كَذَا، أَوْ وَقَعَ لِي
كَذَا2.
"لَكِنْ إنْ عَلِمَ" الْمُفْتِي "غَرَضَ السَّائِلِ" فِي
شَيْءٍ "لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْتُبَ غَيْرَهُ".
وَلا يَسْأَلُهُ3 فِي حَالَةِ ضَجَرٍ، أَوْ هَمٍّ، أَوْ
غَضَبٍ، أَوْ4 نَحْوِ ذَلِكَ5.
وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ: لِلْعَامِّيِّ
سُؤَالُ الْمُفْتِي عَنْ مَأْخَذِهِ اسْتِرْشَادًا،
وَيَلْزَمُ الْعَالِمَ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ
الدَّلِيلَ، إنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ، لا الظَّنِّيَّ؛
لافْتِقَارِهِ إلَى مَا يَقْصُرْ فَهْمُ الْعَامِّيِّ
عَنْهُ6.
"وَلا يَجُوزُ" لِلْمُفْتِي "إطْلاقُ الْفُتْيَا فِي اسْمٍ
مُشْتَرَكٍ"7.
ـــــــ
1 ساقطة من ب.
2 انظر: صفة الفتوى ص 83.
3 ساقطة من ض ب ع ز.
4 في ع: و.
5 انظر: روضة الطالبين 11/106، عرف البشام ص 23.
6 انظر صفة الفتوى ص 66، 84، المسودة ص 554، إعلام
الموقعين 4/208، 240، 328، جمع الجوامع 2/397، المجموع
1/86، تيسير التحرير 4/247.
7 انظر: المجموع 1/79، الفقيه والمتفقه 2/190، الفروع
6/435، مختصر البعلي ص 168.
(4/594)
قَالَ ابْنُ
عَقِيلٍ فِي فَنُونِهِ: إجْمَاعًا. قَالَ: وَمِنْ هُنَا
إرْسَالُ أَبِي1 حَنِيفَةَ: مَنْ سَأَلَ أَبَا يُوسُفَ
عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ، فَقَصَرَهُ
وَجَحَدَهُ: هَلْ لَهُ أُجْرَةٌ2 إنْ عَادَ فَسَلَّمَهُ3
لِرَبِّهِ؟ وَقَالَ4: إنْ قَالَ نَعَمْ أَوْ لا، فَقَدْ
أَخْطَأَ. فَجَاءَ إلَيْهِ5، فَقَالَ: إنْ كَانَ قَصَرَهُ
قَبْلَ جُحُودِهِ: فَلَهُ الأُجْرَةُ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ
جُحُودِهِ فَلا أُجْرَةَ لَهُ6؛ لأَنَّهُ قَصَرَهُ
لِنَفْسِهِ7.
وَاخْتَبَرَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ أَصْحَابًا
لَهُ فِي بَيْعِ رِطْلِ تَمْرٍ، بِرِطْلِ تَمْرٍ8،
فَأَجَازُوا فَخَطَّأَهُمْ، فَمَنَعُوا فَخَطَّأَهُمْ،
فَخَجِلُوا، فَقَالَ: إنْ تَسَاوَيَا كَيْلاً تَجُوزُ9،
فَهَذَا يُوَضِّحُ10 خَطَأَ الْمُطْلَقِ فِي كُلِّ مَا
احْتَمَلَ التَّفْصِيلَ.
ـــــــ
1 في ش: وقد أرسل أبو.
2 في ض ع ز: فهل.
3 في ض ع ب ز: سلمه.
4 في ع: قال.
5 في "الفروع 6/ 435": إليه، ففطن أبو يوسف.
6 ساقطة من ع.
7 انظر تفصيل الفقصة في "الفقيه والمتفقه 2/41، الفروع
6/435".
8 ساقطة من ش.
9 في ش: تجوز. وانظر: الفروع 6/435".
10 في ش: لو صح.
(4/595)
قَالَ ابْنُ
مُفْلِحٍ: كَذَا قَالَ1، وَيُتَوَجَّهُ عَمَلُ2 بَعْضِ3
أَصْحَابِنَا بِظَاهِرِهِ4.
"وَلا" يَجُوزُ لِلْمُفْتِي "أَنْ يُكَبِّرَ خَطَّهُ، أَوْ
يُوَسِّعَ الأَسْطُرَ" لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ5 غَيْرِهِ
بِلا إذْنِهِ وَلا حَاجَةَ، كَمَا لَوْ أَبَاحَهُ
قَمِيصَهُ، فَاسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَخْرُجُ عَنْ
الْعَادَةِ6 بِلا حَاجَةٍ7.
"أَوْ يُكْثِرَ" مِنْ الأَلْفَاظِ8 "إنْ أَمْكَنَهُ
اخْتِصَارٌ فِيهَا"9 أَيْ: فِي10 فُتْيَا "وَلا فِي
شَهَادَةٍ بِلا إذْنِ مَالِكٍ" قَالَهُ فِي عُيُونِ
الْمَسَائِلِ.
قَالَ11 فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ.
لا سِيَّمَا فِي الْفَتَاوَى، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ
يَزَالُوا إذَا كَتَبُوا عَلَيْهَا أَطْنَبُوا، وَزَادُوا
عَلَى
ـــــــ
1 في ش: قال، لتصرفه في ملك غيره بلا إذنه، ولا حاجة، كما
لو أباحه قميصه.
2 في ش: عن.
3 ساقطة من ع.
4 في ش ب ز: بظاهر.
5 في ش ز: ملك.
6 في ش: ليس بالعادة.
7 انظر الفروع 6/425، المجموع 1/80، صفة الفتوى ص 59،
مختصر البعلي ص 168.
8 في ع: الألفاظ أو يكثر.
9 انظر: صفة الفتوى ص 60.
10 ساقطة من ع.
11 في ش: قاله.
(4/596)
الْمُرَادِ،
بَلْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُسْأَلُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ،
فَيُجِيبُ فِيهَا بِمُجَلَّدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدْ وَقَعَ
هَذَا كَثِيرًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَضِيَ
اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيُتَوَجَّهُ مَعَ قَرِينَةٍ:
خِلافٌ لَنَا1، يَعْنِي عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ2.
ـــــــ
1 في ز: خلافاً.
2 ساقطة من ع ز.
(4/597)
|