التمهيد لما في
الموطأ من المعاني والأسانيد باب الجيم
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ ابن
علي ابن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُكَنَّى
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَأُمُّهُ فَرْوَةُ بِنْتُ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ
وَهُوَ جَعْفَرٌ الْمَعْرُوفُ بِالصَّادِقِ وَكَانَ ثِقَةً
مَأْمُونًا عَاقِلًا حَكِيمًا وَرِعًا فَاضِلًا وَإِلَيْهِ
تُنْسَبُ الْجَعْفَرِيَّةُ وَتَدَّعِيهِ مِنَ الشعية
الْإِمَامِيَّةُ وَتَكْذِبُ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ كَثِيرًا
وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِي الْحِفْظِ ذَكَرَ ابْنُ
عُيَيْنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ تُوُفِّيَ
بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ
فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ هَذَا قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ
وَالْمَدَائِنِيِّ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ أَبِي لِجَعْفَرِ
بْنِ مُحَمَّدٍ إِنَّ لِي جَارًا يَزْعُمُ أَنَّكَ
تَتَبَرَّأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ بَرِئَ
اللَّهُ مِنْ جَارِكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ
يَنْفَعَنِي اللَّهُ بِقَرَابَتِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ
وَلَقَدِ اشْتَكَيْتُ شَكَاةً فَأَوْصَيْتُ إِلَى خَالِي
عبد الرحمان ابن الْقَاسِمِ وَمِنْ كَلَامِهِ وَكَانَ
أَكْثَرُ كَلَامِهِ حِكْمَةً اوفر
(2/66)
النَّاسِ عَقْلًا أَقَلَّهُمْ نِسْيَانًا
لِأَمْرِ آخِرَتِهِ وَهُوَ الْقَائِلُ أَسْرَعُ
الْأَشْيَاءِ انْقِطَاعًا مَوَدَّةُ الْفَاسِقِ وَذَكَرَ
مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَ اخْتَلَفْتُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ زَمَانًا
وَمَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلَّا عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ إِمَّا
مُصَلٍّ وَإِمَّا صَائِمٌ وَإِمَّا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ
وَمَا رَأَيْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ
وَكَانَ لَا يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَكَانَ
مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعُبَّادِ الزُّهَّادِ الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ اللَّهَ وَلَقَدْ حَجَجْتُ مَعَهُ سَنَةً
فَلَمَّا أَتَى الشَّجَرَةَ أَحْرَمَ فَكُلَّمَا أَرَادَ
أَنْ يُهِلَّ كَادَ يُغْشَى عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ لَا
بُدَّ لَكَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيَنْبَسِطُ
إِلَيَّ فَقَالَ يَا ابْنَ أَبِي عَامِرٍ إِنِّي أَخْشَى
أَنْ أَقُولَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ فَيَقُولُ
لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ قَالَ مَالِكٌ وَلَقَدْ
أحرم جده علي أبن حُسَيْنٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ
اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ أَوْ قَالَهَا غُشِيَ عَلَيْهِ
وَسَقَطَ مِنْ نَاقَتِهِ فَهُشِّمَ وَجْهُهُ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ
لِمَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي الْمُوَطَّأِ
مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
تِسْعَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا خَمْسَةٌ مُتَّصِلَةٌ
أَصْلُهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ
الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِي الْحَجِّ وَالْأَرْبَعَةُ
مُنْقَطِعَةٌ تَتَّصِلُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ
مِنْ وُجُوهٍ
(2/67)
حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ
مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ
ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي مِنَ
الْأَشْوَاطِ السَّبْعَةِ فِي طَوَافِ الدُّخُولِ وَهَذَا
مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّ الرَّمَلَ وَهُوَ الْحَرَكَةُ
وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَشْيِ لَا يَكُونُ إِلَّا
ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكِيمِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ
الْأَسْوَدِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ
أَطْوَافٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّائِفَ
بِالْبَيْتِ يَبْتَدِئُ طَوَافَهُ مِنَ الْحَجَرِ وَهُوَ
مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْضًا وَإِذَا بَدَأَ مِنَ
الْحَجَرِ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ وَهُوَ أَيْضًا مَا لَا
خِلَافَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَمْضِ عَلَى يَمِينِهِ كَانَ
الطَّوَافُ مَنْكُوسًا وَكَانَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ
عِنْدَنَا فَإِذَا مَضَى عَلَى يَمِينِهِ جَعَلَ الْبَيْتَ
عَنْ يَسَارِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّاخِلَ مِنْ بَابِ
بَنِي شَيْبَةَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ
بِهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَجَرَ يَقْصِدُهُ فَيُقَبِّلَهُ
إِنِ اسْتَطَاعَ أَوْ يَمْسَحَهُ بِيَمِينِهِ
وَيُقَبِّلَهَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ قَامَ بِحِيَالِهِ
فَكَبَّرَ ثُمَّ أَخَذَ فِي طَوَافِهِ يَمْضِي عَلَى
يَمِينِهِ وَيَكُونُ البيت
(2/68)
عَنْ يَسَارِهِ مُتَوَجِّهًا مَا يَلِي
الْبَابَ بَابَ الْكَعْبَةِ إِلَى الرُّكْنِ الَّذِي لَا
يَسْتَلِمُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ مِثْلَهُ إِلَى
الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْيَمَانِيُّ الَّذِي يَلِي
الْأَسْوَدَ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ ثُمَّ إِلَى الْحَجَرِ
الْأَسْوَدِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ
فِيهَا ثُمَّ أَرْبَعَةً لَا يَرْمُلُ فِيهَا وَهَذَا
كُلُّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَطُفْ
كَمَا وَصَفْنَا كَانَ مُنَكِّسًا لِطَوَافِهِ وَإِذَا
أَخَذَ عَنْ يَسَارِهِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ
وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ
الطَّوَافُ عِنْدَنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ
طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ مَنْكُوسًا عَلَى ضِدِّ مَا
وَصَفْنَا بِأَنْ يَمْضِيَ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا
اسْتَسْلَمَ الْحَجَرَ وَلَمْ يُعِدْهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ
مَكَّةَ وَأَبْعَدَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ مَنْكُوسًا
وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ بِلَادِهِ فَيَطُوفَ
لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ وَهُوَ قَوْلُ
الْحُمَيْدِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ
وَأَصْحَابُهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ
فَإِذَا بَلَغَ الْكُوفَةَ أَوْ أَبْعَدَ كَانَ عَلَيْهِ
دَمٌ وَيُجْزِئُهُ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ
بِمَكَّةَ أَعَادَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَ مَالِكٍ
وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ شَوْطًا وَاحِدًا مِنَ
الطَّوَافِ الْوَاجِبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ
أَنْ يَرْجِعَ مِنْ بِلَادِهِ عَلَى بَقِيَّةِ إِحْرَامِهِ
فَيَطُوفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ إِنْ بَلَغَ
بَلَدَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ وَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ قَالَ
أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزِ الطَّوَافَ
مَنْكُوسًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا اسْتَسْلَمَ
الرُّكْنَ أَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ فَمَنْ خَالَفَ فِعْلَهُ
فَلَيْسَ بِطَائِفٍ وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا
مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ يَعْنِي مَرْدُودًا
وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأعلى
(2/69)
ابن وَاصِلِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ
الْحَجَرَ وَمَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا
وَمَشَى أَرْبَعَةً ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ
وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ وَالْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ
ثُمَّ أَتَى الْبَيْتَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَ
الْحَجَرَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا قَالَ أَبُو عُمَرَ
وَأَمَّا الرَّمَلُ فَهُوَ الْمَشْيُ خَبَبًا يَشْتَدُّ
فِيهِ دُونَ الْهَرْوَلَةِ قَلِيلًا وَأَصْلُهُ أَنْ
يُحَرِّكَ الْمَاشِي مَنْكِبَيْهِ لِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ
فِي مَشْيِهِ هَذَا حُكْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ فِي
الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ
الْأَشْوَاطِ فِي الطَّوَافِ تَتِمَّةَ الْأُسْبُوعِ
فَحُكْمُهَا الْمَشْيُ الْمَعْهُودُ بِالرِّفْقِ وَهَذَا
أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ يَنْبَغِي
لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي
طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ يَرْمُلُ ثَلَاثَةً وَيَمْشِي
أَرْبَعَةً إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الرَّمَلِ
فَقَالَ قَوْمٌ الرَّمَلُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ
لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا رُوِيَ ذلك عن عمر ابن الْخَطَّابِ
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ
قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ
وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ
رَاهَوَيْهِ وَجَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَقَالَ
قَوْمٌ إِنْ شَاءَ رَمَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْمُلْ
قَالُوا وَلَيْسَ الرَّمَلُ سُنَّةً قَالَ ذَلِكَ
جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ
وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسُ وَالْحَسَنُ وَسَالِمٌ وَالْقَاسِمُ
وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَحُجَّتُهُمْ عَلَى مَا ذَهَبُوا
إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ زَعَمَ
قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَمَلَ
بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ قَالَ صَدَقُوا
وَكَذَبُوا قُلْتُ مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا قَالَ
صَدَقُوا قَدْ رَمَلَ
(2/70)
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طَافَ
بِالْبَيْتِ وَكَذَبُوا لَيْسَ ذَلِكَ بِسُنَّةٍ إِنَّ
قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ إِنَّ بِهِ
وَبِأَصْحَابِهِ هَزْلًا وَقَعَدُوا عَلَى قُعَيْقِعَانَ
يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ
(أَرْمِلُوا أَرُوهُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً) فَكَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ
الْيَمَانِيِّ فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى هَكَذَا
حَدَّثَ بِهِ فِطْرٌ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَرَوَاهُ
أَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ وَابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ
أَبِي الطُّفَيْلِ نَحْوَهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا
رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ فَقَالَ
الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ
وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فَلَمَّا قَدِمُوا قَعَدَ
الْمُشْرِكُونَ مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ فَأَمَرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَصْحَابَهُ أَنْ
يَرْمُلُوا الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ
الرُّكْنَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ
أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا إِبْقَاءً
عَلَيْهِمْ وَبِمَا رَوَاهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ
لَيْثٍ عَنْ طَاوُسَ وَعَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
إِنَّمَا رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ بالبيت وبين الصفا
والمروة لأن المشركين رأو أَنَّ بِأَصْحَابِهِ جُهْدًا
فَرَمَلَ لِيُرِيَهُمْ أَنَّ بِهِمْ قوة
(2/71)
وَبِمَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ
أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَعِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَ أَهْلَ مَكَّةَ أَنَّ
بِأَصْحَابِهِ هَزْلًا فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ
لِأَصْحَابِهِ (شُدُّوا مَيَازِرَكُمْ وَأَرْمِلُوا حَتَّى
يَرَى قَوْمُكُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً) ثُمَّ حَجَّ
رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ يَرْمُلْ قَالَ أَبُو عُمَرَ
أَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّمَلَ لَيْسَ بِسُنِّةٍ
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فَمُغَفَّلٌ
فِيمَا اخْتَارَهُ وَقَدْ ظَنَّ فِي ذَلِكَ ظَنًّا لَيْسَ
كَمَا ظَنَّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رواه ابن
المبارك عن عبيد الله ابن أبي زايد عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رمل رسول الله صلى الله عليه
وسلم من الْحَجْرِ إِلَى الْحَجْرِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ
خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ
مِنَ الْجِعِرَّانَةِ
(2/72)
فَرَمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا وَمَشَى
أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَفِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم رَمَلَ
الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ كُلَّهَا وَقَدْ كَانَ فِي
بَعْضِهَا حَيْثُ لَا يَرَاهُ الْمُشْرِكُونَ وَفِي ذَلِكَ
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْلِهِمْ رَمَلَ
وَبَعْدُ فَلَوْ كَانَ رَمَلَ مِنْ أَجْلِ الْمُشْرِكِينَ
فِي عُمْرَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَ
ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الرَّمَلُ سُنَّةً لِأَنَّ
الرَّمَلَ مَأْخُوذٌ عَنْهُ مَحْفُوظٌ فِي حَجَّتِهِ
الَّتِي حَجَّهَا وَلَيْسَ بِمَكَّةَ مُشْرِكٌ وَاحِدٌ
يَوْمَئِذٍ فرمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في
حَجَّتِهِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ كَمَلًا وَمَشَى أَرْبَعًا
فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَا مُشْرِكَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ
حِينَئِذٍ فَصَحَّ أَنَّ الرَّمَلَ سُنَّةٌ رَوَى مَالِكٌ
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ
وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَبْعًا
رَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعًا وَهَذَا فِي
حَدِيثِ جَابِرٍ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي وَصَفَ
فِيهِ حَجَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ إِلَيْهَا إِلَى
انْقِضَاءِ جَمِيعِهَا رَوَاهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي وَقْتِهِمْ
وَقَدْ حَكَى عَبْدُ اللَّهِ ابن رَجَاءٍ أَنَّ مَالِكًا
سَمِعَهُ بِتَمَامِهِ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ أَنَّ مالكا في ابواب من
موطاه وَأَتَى مِنْهُ بِمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ فِي
أَبْوَابِهِ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ
أَنَّهُ قَالَ حَضَرْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ جُرَيْجٍ
وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ اللَّهِ الْعُمَرِيَّيْنِ
وَسُفْيَانَ
(2/73)
الثَّوْرِيَّ وَعَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ
وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
يَسْأَلُونَهُ عَنْ حَدِيثِ الحج فحدثهم به وروه عَنْهُ
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن إسحاق
وعبد الرحمان بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عمرو عَلْقَمَةَ الْمَكِّيِّ وَحَاتِمِ بْنِ
إِسْمَاعِيلَ وَسَلَّامٍ الْقَارِئِ وجماعة يطول طول
ذِكْرُهُمْ وَلَمَّا ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ
النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ عُدْمِ
الْمُشْرِكِينَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ عَلِمْنَا
أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الطَّوَافِ عِنْدَ الْقُدُومِ
وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ
تَرْكُهُ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ
فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ بِحَدِيثِ
جَابِرٍ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ وَالْعِلَّةُ
الَّتِي حَكَاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ مُرْتَفِعَةٌ فَبَطَلَ
تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ صَحَّ عَنْهُ وَبَطَلَ أَنْ
يَكُونَ فِي قَوْلِهِ حُجَّةٌ عَلَى السُّنَّةِ
الثَّابِتَةِ وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ
أُمَيَّةَ قَالَ لَمَّا حَجَّ عُمَرُ رَمَلَ ثَلَاثًا
وَمَشَى أَرْبَعًا وَرَوَى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ
قَالَ فِي الرَّمَلِ لَا نَدَعُ شَيْئًا صَنَعْنَاهُ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ أَنَّهُ اعْتَمَرَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى
أَرْبَعًا وَرَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ فِي
حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَقَدْ ثَبَتَ الرَّمَلُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ
(2/74)
أَصْحَابِهِ فَصَارَ سُنَّةً وَأَمَّا مَا
رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بن أرطاة عن أبي جعفر وعكرمة عن ابْنِ
عَبَّاسٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ قَالَ
فِيهِ ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ يَرْمُلْ
فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ
وَأَنَّ مَا قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِيهِ أَنَّهُ
ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ لِضَعْفِهِ
وَسُوءِ نَقْلِهِ عِنْدَهُمْ حَقٌّ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ رَمَلَ
فِي حَجَّتِهِ فَبَطَلَ مَا خَالَفَهُ وَلَوْ كَانَ مَا
حَكَاهُ الْحَجَّاجُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ نَافٍ
وَالَّذِي حُكِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَايَنَهُ
يَصْنَعُ ذَلِكَ مُثْبِتٌ وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ
النَّافِي فِي وَجْهِ الشَّهَادَاتِ وَالْأَخْبَارِ عِنْدَ
أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنِ احْتَجَّ
بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى الرَّمَلَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ
الْحَجِّ بِمَا رَوَاهُ الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنِ
الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم رَمَلَ فِي الْعُمْرَةِ
وَمَشَى فِي الْحَجِّ قِيلَ لَهُ هَذَا حَدِيثٌ لَا
يَثْبُتُ لِأَنَّهُ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مَوْقُوفًا عَلَى
ابْنِ عُمَرَ وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعًا كَانَ قَدْ
عَارَضَهُ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا
مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نافع عن
ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ
الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ قَالَ حدثنا أنس
(2/75)
ابن عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ
عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَمَلَ
ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً قَالَ الطَّحَاوِيُّ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ
ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً حِينَ قَدِمَ فِي الْحَجِّ
وَفِي الْعُمْرَةِ حِينَ كَانَ اعْتَمَرَ وَهَذِهِ
الْآثَارُ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَدْفَعُ حَدِيثَ
الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَدْ ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ رَمَلَ بِالْبَيْتِ
ثُمَّ طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَإِذَا
أَحْرَمَ بِمَكَّةَ لَمْ يَرْمُلْ بِالْبَيْتِ وَأَخَّرَ
الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ إِلَى يَوْمِ
النَّحْرِ وَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
نَحْوَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
أَنَّهُ كَانَ يَرْمُلُ فِي الْحَجَّةِ إِذَا كَانَ
إِحْرَامُهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَكَّةَ وَكَانَ لَا
يَرْمُلُ فِي حَجَّتِهِ إِذَا أَحْرَمَ بِهَا مِنْ مَكَّةَ
وَهَذَا إِجْمَاعُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ
لَا رَمَلَ عَلَيْهِ إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ
خُرُوجِهِ إِلَى مِنًى وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ حَدِيثُ
مُجَاهِدٍ إِنْ كَانَ مَوْقُوفًا وَكَانَتْ حَجَّةُ ابْنِ
عُمَرَ فِيهِ مَكِّيَّةً وَأَمَّا مَرْفُوعًا فَلَا
يَصِحُّ لِدَفْعِ الْآثَارِ الصِّحَاحِ لَهُ فِي أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ
فِي حَجَّتِهِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ حَجَّةٌ غَيْرَهَا
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
(2/76)
واختلف قول مالك وأصحابه فيمن تركل
الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ وَالْهَرْوَلَةَ فِي السَّعْيِ
ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ فَمَرَّةً قَالَ
يُعِيدُ وَمَرَّةً قَالَ لَا يُعِيدُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا فِيمَا
حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ مَعَ
حَالِهِ هَذِهِ إِذَا لَمْ يُعِدْ أَمْ لَا شيء عليه فمرة
قال لا شيء عليه وَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ خَفِيفٌ وَلَا نَرَى فِيهِ شَيْئًا
وَكَذَلِكَ روى ابن وهب في موطاه عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
اسْتَخَفَّهُ وَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا وَرَوَى مَعْنُ
بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ عَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ قَوْلُ
الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَذَكَرَ
ابْنُ حَبِيبِ بْنُ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ
عَلَيْهِ فِي قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ دَمًا
وَالْحُجَّةُ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَوْلُ ابْنِ
عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ
دَمٌ وَمَنْ جَعَلَهُ نُسُكًا حَكَمَ فِيهِ بِذَلِكَ
وَالْحُجَّةُ لِمَنِ اسْتَخَفَّ ذَلِكَ أَنَّهُ شَيْءٌ
مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَمْ لَا وَإِيجَابُ
الدَّمِ عَلَيْهِ إِيجَابُ فَرْضٍ وَإِخْرَاجُ مَالٍ مِنْ
يَدِهِ وَهَذَا لَا يَجِبُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ
فِيهِ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عباس نصا فِيمَنْ تَرَكَ
الرَّمَلَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ
عَطَاءٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنِ
اتَّبَعَهُ وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ
وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ
كُلُّهُمْ يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ
(2/77)
الرَّمَلِ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ
فِي هَذَا الْبَابِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ
بِإِسْقَاطِ نَفْسِ عَمَلٍ إِنَّمَا هُوَ سُقُوطُ هَيْئَةِ
عَمَلٍ وَأَجْمَعُوا أَنْ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَمَلٌ
فِي طَوَافِهِنَّ بِالْبَيْتِ وَلَا هَرْوَلَةٌ فِي
سَعْيِهِنَّ بَيْنَ الصفا والمروة
(2/78)
حَدِيثٌ ثَانٍ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجَ
مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا وَهُوَ يَقُولُ
نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخُرُوجَ
إِلَى الصَّفَا مِنَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْحَاجَّ أَوِ
الْمُعْتَمِرَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا مَكَّةَ أَوَّلُ
شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَاجُّ
مُرَاهَقًا يَخْشَى فَوْتَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوَّلُ
مَا يَبْدَأُ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ يَبْدَأُ
بِالْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ ثُمَّ يَطُوفُ مِنْهُ
بِالْبَيْتِ سَبْعًا فَإِذَا طَافَ بِهِ سَبْعًا صَلَّى
فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمَقَامِ أَوْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ
رَكْعَتَيْنِ بِأَثَرِ أُسْبُوعِهِ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ
الصَّفَا إِنْ شَاءَ إِلَى الصَّفَا فَيَرْقَى عَلَيْهَا
ثُمَّ يَبْتَدِئُ السَّعْيَ مِنْهَا بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ
مَنْصُوصٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُ النَّاسِ أَحْسَنُ
سِيَاقَةً لَهُ مِنْ بَعْضٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ
قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرَ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدٍ الْحَلَبِيُّ الْقَاضِي قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ الْمُسْتَهِلِّ
ابن أَبِي جَامِعٍ الْبَصْرِيُّ يُعْرَفُ بَدْرَانَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا
مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ فَرَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ
الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثًا وَمَشَى
أَرْبَعَةً ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فيهما بقل
يأيها الكافرون وقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ خَرَجَ
يُرِيدُ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا
بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فبدا بالصفا فرقا عليه فكبر ثلاثا
وأهل
(2/79)
وَاحِدَةً ثُمَّ هَبَطَ فَلَمَّا
انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ سَعَى حَتَّى ظَهَرَ مِنْ طَرِيقِ
الْمَسِيلِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
النَّسَقَ بِالْوَاوِ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ فِيهِ قَبْلُ
وَبَعْدُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ
اللَّهَ بَدَأَ بِذِكْرِ الصَّفَا قَبْلَ الْمَرْوَةِ
وَعَطْفُ الْمَرْوَةِ عَلَيْهَا إِنَّمَا كَانَ بِالْوَاوِ
وَإِذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ بِالصَّفَا قَبْلَ
الْمَرْوَةِ سُنَّةً مَسْنُونَةً وَعَمَلًا وَاجِبًا
فَكَذَلِكَ كَلُّ مَا رَتَّبَهُ اللَّهُ وَنَسَّقَ
بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ فِي كِتَابِهِ مِنْ
آيَةِ الْوُضُوءِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ
الْعُلَمَاءُ وَأَهْلُ الْأَمْصَارِ وَأَهْلُ
الْعَرَبِيَّةِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي أَكْثَرِ
الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَأَشْهَرِهَا أَنَّ الْوَاوَ لَا
تُوجِبُ التَّعْقِيبَ وَلَا تُعْطِي رُتْبَةً وَبِذَلِكَ
قَالَ أَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ
وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ
وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ الْمُزَنِيِّ صَاحِبِ
الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ قَالُوا فِيمَنْ
غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ
وَجْهَهُ أَوْ قَدَّمَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ قَبْلَ غَسْلِ
يَدَيْهِ أَوْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ قَبْلَ غَسْلِ وَجْهِهِ
أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا
يَسْتَحِبُّ لِمَنْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ وَلَمْ يُصَلِّ أَنْ
يَسْتَأْنِفَ الْوُضُوءَ عَلَى نَسَقِ الْآيَةِ ثُمَّ
يَسْتَأْنِفَ صَلَاتَهُ فَإِنْ صَلَّى لَمْ يَأْمُرْهُ
بِإِعَادَةِ الصلاة لكنه يستحب له استنئاف الْوُضُوءِ
عَلَى النَّسَقِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَلَا يَرَى ذَلِكَ
وَاجِبًا عَلَيْهِ هَذَا هُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ
وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ
مَنْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَكَرَ
مَكَانَهُ أَعَادَ غَسْلَ ذِرَاعَيْهِ وَإِنْ لَمْ
يَذْكُرْ حَتَّى صَلَّى أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ
قَالَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُعِيدُ
الصَّلَاةَ وَيُعِيدُ الْوُضُوءَ لِمَا يَسْتَقْبِلُ
وَذَكَرَ أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلِ
الْمَدِينَةِ أَنَّ من قدم في الضوء يَدَيْهِ عَلَى
وَجْهِهِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ عَلَى تَرْتِيبِ الْآيَةِ
فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِمَا صَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ
وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعَ مَالِكٍ
يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ نَسَقًا وَالْحُجَّةُ
لِمَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ
سِيبَوَيْهِ وَسَائِرَ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ
النَّحْوِيِّينَ قَالُوا فِي قَوْلِ الرَّجُلِ أَعْطِ
زَيْدًا وَعَمْرًا دِينَارًا إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا
يُوجِبُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي الْعَطَاءِ وَلَا
يُوجِبُ تقدمة
(2/80)
زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو فَكَذَلِكَ قَوْلُ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى المرافق
وامسحوا برؤوسكم وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ
إِنَّمَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ
الْمَذْكُورَةِ فِي الْغُسْلِ وَلَا يُوجِبُ النَّسَقَ
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَبَدَأَ بِالْحَجِّ قَبْلَ
الْعُمْرَةِ وَجَائِزٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنْ يَعْتَمِرَ
الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ جَائِزٌ لِمَنْ
وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ زَكَاةِ مَالِهِ فِي حِينِ
وَقْتِ صَلَاةٍ أَنْ يَبْدَأَ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ
ثُمَّ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا عِنْدَ
الْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ لَا
يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ وَجَبَ
عَلَيْهِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ إِخْرَاجُ الدِّيَةِ
وَتَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ وَيُسَلِّمُهَا قَبْلَ أَنْ
يُحَرِّرَ الرَّقَبَةَ وَهَذَا كُلُّهُ مَنْسُوقٌ
بِالْوَاوِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ فَدَلَّ
عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ رُتْبَةً وَقَدْ رُوِيَ
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا مَا أُبَالِي بِأَيِّ
أَعْضَائِي بَدَأْتُ فِي الْوُضُوءِ إِذَا أَتْمَمْتُ
وُضُوئِي وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ
مِنَ الْآيَةِ إِلَّا مَعْنَى الْجَمْعِ لَا مَعْنَى
التَّرْتِيبِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ
كُلِّهَا مَأْمُورٌ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَا
تَرْتِيبَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَكَذَلِكَ غَسْلُ
أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ
الْغَسْلُ لَا التَّبْدِيَةُ وَقَدْ قَالَ الله عز وجل يا
مريم اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ
الرَّاكِعِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ
الرُّكُوعِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْجَمْعَ لَا الرُّتْبَةَ
هَذَا جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنِ احْتَجَّ
لِلْقَائِلِينَ بِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا الَّذِينَ
ذَهَبُوا إِلَى إِبْطَالِ وُضُوءِ مَنْ لَمْ يَأْتِ
بِالْوُضُوءِ عَلَى تَرْتِيبِ الْآيَةِ وَإِبْطَالِ
صَلَاتِهِ إِنْ صَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ الْمَنْكُوسِ
مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ
وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ إِلَّا الْمُزَنِيَّ
وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ
(2/81)
القاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه وابو
ثَوْرٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو مُصْعَبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ
ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَحَكَاهُ عَنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَمَالِكٌ مَعَهُمْ فَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ
أَنَّ الْوَاوَ توجب الرتبة والجمع جميعا وحكىذلك بَعْضُ
أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْأُصُولِ لَهُ عن
نحوى الْكُوفَةِ الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَهِشَامِ
بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي وَاوِ الْعَطْفِ
إِنَّهَا تُوجِبُ الْجَمْعَ وَتَدُلُّ عَلَى تَقْدِمَةِ
الْمُقَدَّمِ فِي قَوْلِهِمْ أَعْطِ زَيْدًا وَعَمْرًا
قَالُوا وَذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي فَائِدَةِ الْخِطَابِ مَعَ
الْجَمْعِ قَالُوا وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ تُوجِبُ
الرُّتْبَةَ أَحْيَانًا وَلَا تُوجِبُهَا أَحْيَانًا
وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ بَيَانِ مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا زَعَمَ مُخَالِفُونَا
لَكَانَ فِي بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ بِفِعْلِهِ مَا يُوجِبُهُ
لِأَنَّهُ مُذْ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ مَاتَ لَمْ
يَتَوَضَّأْ إِلَّا عَلَى التَّرْتِيبِ فَصَارَ ذَلِكَ
فَرْضًا لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمُرَادِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ فِيمَا احْتَمَلَ التَّأْوِيلُ مِنَ الْوُضُوءِ
كَتَبْيِينِهِ عَدَدَ الصَّلَوَاتِ وَمِقْدَارَ
الزَّكَوَاتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ بَيَانِهِ
لِلْفَرَائِضِ الْمُجْمَلَاتِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ
أَنَّهَا مَفْرُوضَاتٌ فَمَنْ تَوَضَّأَ عَلَى غَيْرِ مَا
كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَمْ يُجِزْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ
أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَيْضًا
وَقَدْ تَوَضَّأَ عَلَى التَّرْتِيبِ هَذَا وُضُوءٌ لَا
يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إِلَّا بِهِ قَالُوا وَأَمَّا
الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ فَغَيْرُ
صَحِيحٍ عَنْهُمَا لِأَنَّ حَدِيثَ عَلَيٍّ انفرد به عبد
الله بن عمرو
(2/82)
ابن هِنْدٍ الْجَمَلِيُّ وَلَمْ يُسْمَعْ
مِنْ عَلِيٍّ وَالْمُنْقَطِعُ مِنَ الْحَدِيثِ لَا تَجِبُ
بِهِ حُجَّةٌ قَالُوا وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مَسْعُودٍ أَشَدُّ انْقِطَاعًا لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ
إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَمُجَاهِدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَا
رَآهُ وَلَا أَدْرَكَهُ وَهُوَ أَيْضًا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ
فِيهِ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدَ بْنَ بَكْرٍ
الْبُرْسَانِيَّ رَوَيَاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ قَالَ مَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا بَدَأْتُ
بِالْيُمْنَى أَوْ بِالْيُسْرَى وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ
غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
لَا بَأْسَ أَنْ تَبْدَأَ بِيَدَيْكَ قَبْلَ رِجْلَيْكَ
قَالُوا وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ أَثْبَتُ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ
مِنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَقَدْ تَابَعَهُ
الْبُرْسَانِيُّ وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمَا مَا يُوجِبُ
تَقْدِيمًا وَلَا تَأْخِيرًا لِأَنَّ الْيُمْنَى
وَالْيُسْرَى لَا تَنَازُعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي
تَقْدِيمِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لِأَنَّهُ لَيْسَ
فِيهِمَا نَسَقٌ بِوَاوٍ وَقَدْ جَمَعَهُمَا اللَّهُ
بِقَوْلِهِ وَأَيْدِيكُمْ وَهَذَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ
فَيُحْتَاجُ إِلَيْهِ قَالُوا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ أَنْتُمْ تقرؤون
الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ
بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ مَشْهُورٌ ثَابِتٌ
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا فَهَذَا
عَلِيٌّ قَدْ أَوْجَبَتْ عِنْدَهُ أَوِ الَّتِي هِيَ فِي
أَكْثَرِ أحوالها بمعنى الواو القبل والبعد فالواو أو
عِنْدَهُ أَحْرَى بِهَذَا وَأَوْلَى لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ
الْوَاوَ أَقْوَى عَمَلًا فِي الْعَطْفِ مِنْ أَوْ عِنْدَ
الْجَمِيعِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ أَيْضًا مَا
أَخْبَرَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
(2/83)
دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي إسماعيل ابن إِسْحَاقَ
الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ
قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي
حُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا
نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ بِهِ مَا
نَدِمْتُ عَلَى الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنْ لَا
أَكُونَ مَشَيْتُ لِأَنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَقُولُ حِينَ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ وَأَمَرَهُ أَنْ
يُنَادِيَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ يَأْتُوكَ
رِجَالًا فَبَدَأَ بِالرِّجَالِ قَبْلَ الرُّكْبَانِ
فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْوَاوَ
تُوجِبُ عِنْدَهُ الْقَبْلَ وَالْبَعْدَ وَالتَّرْتِيبَ
وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ ابن الْوَرْدِ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ ابْنِ
مُدْرَكٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل ويقولون يا ويلتنا ما لهذا
الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً
إِلَّا أَحْصَاهَا قَالَ ضَجَّ وَاللَّهِ الْقَوْمُ مِنَ
الصِّغَارِ قَبْلَ الْكِبَارِ فَهَذَا أَيْضًا مِثْلُ مَا
تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَوَاءٌ قَالُوا وَلَيْسَ
الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ فِي التَّقْدِمَةِ فِي مَعْنَى
هَذَا الْبَابِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ
مُخْتَلِفَانِ أَحَدُهُمَا فِي مَالٍ وَالثَّانِي فِي
بَدَنٍ وَقَدْ يَجِبُ الْوَاحِدُ عَلَى مَنْ لَا يَجِبُ
عَلَيْهِ الْآخَرُ وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ وَالرَّقَبَةُ
شَيْئَانِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا إِلَى الرُّتْبَةِ
وَأَمَّا الطَّهَارَةُ فَفَرْضٌ وَاحِدٌ مُرْتَبِطٌ
بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكَالصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ اللَّذَيْنِ أُمِرْنَا بِالتَّرْتِيبِ
فِيهِمَا قَالُوا وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَمْعِ زَيْدٍ
وَعَمْرٍو فِي الْعَطَاءِ وَبَيْنَ
(2/84)
أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ لَا
يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ عَمْرٍو وَزَيْدٍ مَعًا فِي
عَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَمَكَّنٍ فِي
أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إِلَّا عَلَى الرُّتْبَةِ
فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ
لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مُنْذُ
افْتِرَاضِ اللَّهِ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ إِلَى أَنْ
تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ
ذَلِكَ جَائِزًا لَفَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ولو
مرة واحدة لأنه كان خُيِّرَ فِي أَمْرَيْنِ أَخَذَ
أَيْسَرَهُمَا فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عَلِمْنَا
أَنَّ الرُّتْبَةَ فِي الْوُضُوءِ كَالرُّكُوعِ
وَالسُّجُودِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ السُّجُودُ
عَلَى الرُّكُوعِ بِإِجْمَاعٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا
بِأَنَّ الْوَاوَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ فِي الْأَعْضَاءِ
كُلِّهَا مَعْطُوفَةٌ على الفاء في قوله افأغسلوا
وُجُوهَكُمْ الْآيَةَ قَالُوا وَمَا كَانَ مَعْطُوفًا
عَلَى الْفَاءِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَاءِ بِوَاوٍ كَانَ
مَعْطُوفًا أَوْ بِغَيْرِ وَاوٍ لِأَنَّ أَصْلَهُ
الْعَطْفُ عَلَى الْفَاءِ وَحُكْمُهَا إِيجَابُ
الرُّتْبَةِ وَالْعَجَلَةِ قَالُوا وَحُرُوفُ الْعَطْفِ
كُلُّهَا قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهَا تُوجِبُ الرُّتْبَةَ
إِلَّا الْوَاوَ فَإِنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهَا
فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمُ أَخَوَاتِهَا
مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ فِي إِيجَابِ التَّرْتِيبِ
وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل يا مريم اقْنُتِي
لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ
عِبَادَتُهَا فِي شَرِيعَتِهَا الرُّكُوعَ بَعْدَ
السُّجُودِ فَإِنْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ
فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَهَا
أَوَّلًا بِالْقُنُوتِ وَهُوَ الطَّاعَةُ ثُمَّ السُّجُودِ
وَهِيَ الصَّلَاةُ بِعَيْنِهَا كَمَا قَالَ وَأَدْبَارَ
السُّجُودِ أَيْ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَارْكَعِي مَعَ
الرَّاكِعِينَ أَيِ اشْكُرِي مَعَ الشَّاكِرِينَ وَمِنْهُ
قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَخَرَّ رَاكِعًا أَيْ سَجَدَ
شُكْرًا لِلَّهِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
وَغَيْرُهُ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا
بِقَوْلِ الله عز وجل واركعوا وَاسْجُدُوا مَعَ إِجْمَاعِ
الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ
يَسْجُدَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَالُوا فَهَذِهِ الْوَاوُ
قَدْ أَوْجَبَتِ الرُّتْبَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ
غَيْرِ خِلَافٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ إن الصفا والمروة من شَعَائِرِ اللَّهِ مَعَ
قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ
(2/85)
نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ
وَرَجَّحُوا قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي
الصَّلَوَاتِ وَاجِبٌ وَهُوَ مَا قَالُوهُ لِأَنَّ مَنْ
صَلَّى بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ عَلَى النَّسَقِ كَانَتْ
صَلَاتُهُ تَامَّةً بِإِجْمَاعٍ قَالُوا وَمِنَ الدَّلِيلِ
عَلَى ثُبُوتِ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ دُخُولُ
الْمَسْحِ بَيْنَ الْغَسْلِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ
الرِّجْلَيْنِ وَأَخَّرَ مَسْحَ الرَّأْسِ لَمَا فُهِمَ
الْمُرَادُ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَسْحِ فَأَدْخَلَ الْمَسْحَ
بَيْنَ الْغَسْلَيْنِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ
عَلَيْهِ لِيَثْبُتَ تَرْتِيبَ الرَّأْسِ قَبْلَ
الرِّجْلَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ فَاغْسِلُوا
وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برؤوسكم وَلَمَا احْتَاجَ
أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ مُلْتَبِسٍ مُحْتَمِلٍ
لِلتَّأْوِيلِ لَوْلَا فَائِدَةُ التَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ
أَلَا تَرَى أَنَّ تَقْدِيمَ ذِكْرِ الرَّأْسِ لَيْسَ
عَلَى مَنْ جَعَلَ الرِّجْلَيْنِ مَمْسُوحَتَيْنِ
فَلِفَائِدَةِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَرَدَتِ الْآيَةُ
بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا
جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّونَ فِي هَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَا ادَّعَوْهُ
عَنِ الْعَرَبِ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْفَرَّاءِ
وَالْكِسَائِيِّ وَهِشَامٍ فَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ عَنْهُمْ
وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ
الْوَاوَ إِنَّمَا تُوجِبُ التَّسْوِيَةَ وَأَمَّا مَا
ذَكَرُوهُ مِنْ آيَةِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ فَلَا
مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْمَالَ إِذَا كَانَ مَأْمُونًا
وَبَذَّرَ الْوَرَثَةُ فَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ قَبْلَ
أَدَاءِ الدَّيْنِ ثم أدو الدَّيْنَ بَعْدُ مِنْ مَالِ
الْمَيِّتِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ إِعَادَةُ الْوَصِيَّةِ
وَلَوْ نَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ
مَا يُؤَدَّى مِنْهُ الدَّيْنُ وَكَانُوا قَدْ عَلِمُوا
بِهِ ضَمِنُوا لِأَنَّهُمْ قَدْ تَعَدَّوْا وَكَذَلِكَ
قَوْلُهُ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَلَسْنَا نُنْكِرُ إِذَا
صَحِبَ الْوَاوَ بَيَانٌ يَدُلُّ عَلَى التَّقْدِمَةِ
أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَوْضِعِ الْبَيَانِ وَإِنَّمَا
قُلْنَا إِنَّ حَقَّ الْوَاوِ فِي اللُّغَةِ التَّسْوِيَةُ
لَا غَيْرَ حَتَّى يَأْتِيَ إِجْمَاعٌ يَدُلُّ عَلَى
غَيْرِ ذَلِكَ وَيُبَيِّنَ الْمُرَادَ فِيهِ
وَالْإِجْمَاعُ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ مَعْدُومٌ بَلْ
أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ
فِي ذَلِكَ مَعَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ
وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَمَّا مَا ادَّعَوْهُ مِنْ أَنَّ
فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الْآيَةِ بَيَانٌ كبيانه
(2/86)
رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ فَخَطَأٌ لِأَنَّ
الصَّلَوَاتِ فَرْضُهَا مُجْمَلٌ لَا سَبِيلَ إِلَى
الْوُصُولِ لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْهَا إِلَّا بِالْبَيَانِ
فَصَارَ الْبَيَانُ فِيهَا فَرْضًا بِإِجْمَاعٍ وليس آية
الوضوء كذلك لنا لَوْ تُرِكْنَا وَظَاهِرُهَا كَانَ
الظَّاهِرُ يُغْنِينَا عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا
مُحْكَمَةٌ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ بَيَانٍ فَلَمْ يَكُنْ
فِعْلُهُ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا
عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَعَلَى الْأَفْضَلِ كَمَا كَانَ
يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ قَبْلَ يَسَارِهِ وَكَانَ يُحِبُّ
التَّيَامُنَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ
بِفَرْضٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ
مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةَ من شَعَائِرِ اللَّهِ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ
اللَّهِ نَبْدَأُ بم بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَلَا حُجَّةَ
فِيهِ لِأَنَّا كَذَلِكَ نَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ
اللَّهُ بِهِ هَذَا الَّذِي هُوَ أَوْلَى وَلَسْنَا
نَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ فِيمَنْ لَمْ يَبْدَأْ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ
بِهِ هَلْ يَفْسُدُ عَمَلُهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَقَدْ
أَرَيْنَاهُمْ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالدَّلَائِلِ
الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ
فِعْلَهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ إِلَّا أَنْ يَصْحَبَهُ دَلِيلٌ
يُدْخِلُهُ فِي حَيِّزِ الْفُرُوضِ ولو كان فرضا لقال
ابدأوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ
وَلَفْظُ الْأَمْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُؤْخَذُ
مِنْ رِوَايَةِ من يحتج به وهذا الادخال والإحتجاج على غير
مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيِّينَ لِأَنَّهُمْ
يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ أَفْعَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوُجُوبِ أَبَدًا
حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا أُرِيدُ بِهَا
النَّدْبُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَارِجَةٌ عَلَى
مَذْهَبِهِمْ عَنْ أَصْلِهِمْ هَذَا وَقَدْ يَنْفَصِلُ
مِنْ هَذَا بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ
يُحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ
لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تُوجِبُ
التَّرْتِيبَ لَمْ يَحْتَجْ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ
لَهُمْ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ لِأَنَّهُمْ
أَهْلُ اللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهِ فَلَوْ
كَانَ مَفْهُومًا فِي فَحْوَى الْخِطَابِ أَنَّ الْوَاوَ
تُوجِبُ الْقَبْلَ وَالْبَعْدَ مَا احْتَاجَ
(2/87)
رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ
يُبَيِّنَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا بَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ
لِأَنَّ الْمُرَادَ كَانَ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَبْدَأَ فِيهِ بِالصَّفَا وَلَمْ
يَكُنْ ذَلِكَ بَيِّنًا فِي الْخِطَابِ فَبَيَّنَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ
ختلف الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ نَكَّسَ السَّعْيَ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ
الصَّفَا فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا يُجْزِئُهُ
وَعَلَيْهِ أَنْ يُلْغِيَ ابْتِدَاءَهُ بِالْمَرْوَةِ
وَيَبْنِي عَلَى سَعْيِهِ مِنَ الصَّفَا وَيَخْتِمُ
بِالْمَرْوَةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ
بِقَوْلِهِمْ وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ يُجْزِئُهُ
ذَلِكَ وَإِنَّمَا الِابْتِدَاءُ عِنْدَهُمْ بِالصَّفَا
اسْتِحْبَابٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَطَاءٍ فَرُوِيَ
عَنْهُ أَنَّهُ يَلْغِي الشَّوْطَ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ
الْعَمَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ
مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَالْحُجَّةُ
لِمَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مَا قَدَّمْنَا
ذِكْرَهُ وَأَمَّا تَرْجِيحُهُمْ بِالِاحْتِيَاطِ فِي
الصَّلَاةِ فَأَصْلٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ
أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حُجَّةً
فِي اخْتِلَافِ نية المأمور وَالْإِمَامِ وَفِي
الْجُمُعَةِ خَلْفَ الْعَبْدِ وَفِي الْوُضُوءِ بِمَا
حَلَّ فِيهِ النَّجَاسَةُ إِذَا كَانَ فَوْقَ
الْقُلَّتَيْنِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَهَذَا كُلُّهُ
الِاحْتِيَاطُ فِيهِ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَرَ
لِلِاحْتِيَاطِ مَعْنًى إِذْ قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَى
صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِمَا
ذَكَرُوهُ مِنَ الِاحْتِيَاطِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ وَالْمَشْهُورِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ مَنْ فَعَلَ فِعْلَنَا كَانَ
مُصَلِّيًا بِإِجْمَاعٍ فَهَذَا أَيْضًا أَصْلٌ لَا
يُرَاعِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَعَ قِيَامِ
الدَّلِيلِ عَلَى مَا ذُهِبَ إِلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ
إِنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ أَوْجَبَ التَّقْدِيمَ
وَالتَّأْخِيرَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ فَظَنٌّ وَالظَّنُّ
لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَالتَّقْدِيمُ
وَالتَّأْخِيرُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ
فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مُتَكَرِّرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ
فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَلْزَمُ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الْمُؤْمِنِ
(2/88)
قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ
النَّجَادُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ
الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الْجَمَلِيُّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ
مَا أُبَالِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ إِذَا
أَتْمَمْتُ وُضُوئِي قَالَ عَوْفٌ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ
عَلِيٍّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُبْدَأَ
بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ الْمَضْمَضَةِ ثُمَّ
الِاسْتِنْشَاقِ ثُمَّ الْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ
الْمَسْحِ عَلَى الرَّأْسِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ قَالَ
فَإِنْ قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ فَلَا حَرَجَ وَهُوَ
يَكْرَهُهُ قَالَ أَبُو عمر قول مالك في مثل قول عطا
سَوَاءٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ بِتَنْكِيسِ
السَّعْيِ وَتَنْكِيسِ الطَّوَافِ بَأْسًا فَالْحُجَّةُ
عَلَيْهِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَدَأَ
بِالصَّفَا وَخَتَمَ بِالْمَرْوَةِ فِي السَّعْيِ وَطَافَ
بِالْبَيْتِ عَلَى رُتْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ خُذُوا عَنِّي
مَنَاسِكَكُمْ وَالْحَجُّ فِي الْكِتَابِ مُجْمَلٌ
وَبَيَانُهُ لَهُ كَبَيَانِهِ لِسَائِرِ الْمُجْمَلَاتِ
مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ إِلَّا أَنْ يُجْمَعَ
عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيُخْرَجَ بِدَلِيلِهِ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
(2/89)
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ
الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ
دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَلَيْهِ السِّكِينَةُ وَأَمَرَهُمْ بِالسَّكِينَةِ
وَأَنْ يُوضَعُوا فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَأَمَرَهُمْ
بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ وَقَالَ (خُذُوا عَنِّي
مَنَاسِكَكُمْ لعلمي لَا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا)
(2/90)
حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا
وَقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ
الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدْعُو
وَيَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمَا وَالسَّعْيِ مِنْ شَعَائِرِ
الْحَجِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَفِيهِ أَنَّ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةَ مَوْضِعُ دُعَاءٍ تُرْجَى فِيهِ
الْإِجَابَةُ وفيه أن الدعا يُفْتَتَحُ بِالتَّكْبِيرِ
وَالتَّهْلِيلِ وَفِيهِ أَنَّ عَدَدَ التَّكْبِيرِ فِي
ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثَلَاثٌ وَالتَّهْلِيلَ مَرَّةٌ
وَاحِدَةٌ ثُمَّ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِي
ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ مَوَاقِفِ
الْحَجِّ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ مُسْتَحَبٌّ لِمَا فِيهِ مِنَ
الْفَضْلِ وَرَجَاءِ الْإِجَابَةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ
عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمَنْ زَادَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي
هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ
وَالذِّكْرِ فَلَا حَرَجَ وَأَحَبُّ إِلَى اسْتِعْمَالِ
مَا فِيهِ عَلَى حَسَبِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَكَذَلِكَ أَحَبُّ لِلْمُرْتَقِي عَلَى الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَعْلُوَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَبْدُوَ
لَهُ الْبَيْتُ لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصْعَدُ عَلَى
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ الْبَيْتُ
وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
مَالِكٍ
(2/91)
فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ
وَكَذَلِكَ انْفَرَدَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ
مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَمَّا انْتَهَى إِلَى الْمَقَامِ قَرَأَ
وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الكتاب وقل يَا
أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ
عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى
الصَّفَا فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
وَالَّذِي انْفَرَدَ بِهِ الْوَلِيدُ وَأَغْرَبَ فِيهِ
عَنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَقَامِ
إِبْرَاهِيمَ قَرَأَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ
إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَسَائِرُ ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ
(2/92)
حَدِيثٌ رَابِعٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم كَانَ إِذَا نَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
مَشَى حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ
الْمَسِيلِ سَعَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ هَكَذَا قَالَ
يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا نَزَلَ
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ
الْمُوَطَّأِ يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى
حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ سَعَى
حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَمُ لِرِوَايَةِ
يَحْيَى وَجْهًا إِلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا رَوَاهُ
النَّاسُ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ نَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا
فَنَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَوْلُ غَيْرِهِ
نَزَلَ مِنَ الصَّفَا وَالصَّفَا جَبَلٌ لَا يَحْتَمِلُ
إِلَّا ذَلِكَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شُبِّهَ عَلَى
يَحْيَى رِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طَافَ فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ
وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ
وَلِيُشْرِفَ لَهُمْ ليسئلوه لِأَنَّ النَّاسَ غَشُوهُ
وَهَذَا خَبَرٌ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ وَبَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ غَيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ وَإِنَّمَا
الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ
بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ
بِمِحْجَنِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ثَابِتَ
الْإِسْنَادِ عِنْدَهُمْ صَحِيحًا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ
قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ
عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعُذْرِ فَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَائِفَةٌ كَانَ شَاكِيًا صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَ
ذَلِكَ مِنْهُ لِشِدَّةِ مَا غَشِيَهُ مِنَ السَّائِلِينَ
لِيُشْرِفَ لَهُمْ وَيُعْلِمَهُمْ
(2/93)
وَيُفْهِمَهُمْ وَذَلِكَ فِي حِينِ
طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ لَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَقَدْ وَهَمَ فِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ حِينَ ذَكَرَ فِيهِ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِي
طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيثُ ابْنِ
جُرَيْجٍ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ
حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو
الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
يَقُولُ طَافَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَجَّةِ
الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ
وَلِيَسْأَلُوهُ فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ قَالَ أَبُو
عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ تَدْفَعُهُ الْآثَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ
جَابِرٍ بِمِثْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ لِأَنَّ
قَوْلَهُ انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ
يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ
قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ! قَالَ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ
حَدَّثَنَا جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ يَعْنِي عَلَى الصَّفَا حَتَّى
إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ حَتَّى
إِذَا صَعِدَ مَشَى وَالْوَجْهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ
فِي طَوَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَاكِبًا إنه كان في طوف الْإِفَاضَةِ
وَحِينَئِذٍ أَلَظَّ النَّاسُ بِهِ يَسْأَلُونَهُ وَفِي
حَدِيثِ طَاوُسَ بَيَانُ ذَلِكَ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ
أَصْحَابَهُ أَنْ
(2/94)
يُهَجِّرُوا بِالْإِفَاضَةِ وَأَفَاضَ فِي
نِسَائِهِ لَيْلًا فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَفِي
حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا اشْتَكَتْ يَوْمَئِذٍ
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ طُوفِي رَاكِبَةً مِنْ
وَرَاءِ النَّاسِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى كراهة الطوارف
رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا
بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ لَا
يَسْتَحِبُّونَ لِأَحَدٍ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَةٍ رَاكِبًا وَلَوْ كَانَ
طَوَافُهُ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ لَكَانَ ذَلِكَ
مُسْتَحَبًّا عِنْدَهُمْ أَوْ عِنْدَ مَنْ صَحَّ عِنْدَهُ
ذَلِكَ مِنْهُمْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ
وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَطُوفَ
أَحَدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا وَهُوَ
قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ فَأَمَّا مَالِكٌ فَلَا
أَحْفَظُ لَهُ فِيهِ نَصًّا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَنْ
طَافَ بِالْبَيْتِ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ
عُذْرٍ لَمْ يُجْزِهِ وَأَعَادَ وَكَذَلِكَ السَّعْيُ
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عِنْدِي فِي قَوْلِهِ بَلِ
السَّعْيُ أو كد مَاشِيًا لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنِ
اشْتِدَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي سَعْيِهِ مَاشِيًا عَلَى قَدَمَيْهِ وَقَالَ
مَالِكٌ إِنَّهُ إِنْ سَعَى أَحَدٌ حَامِلًا صَبِيًّا
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَجْزَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ
وَعَنِ الصَّبِيِّ إِذَا نَوَى ذلك وقال فِي الطَّائِفِ
بِالْبَيْتِ مَحْمُولًا إِنْ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ كَانَ
عَلَيْهِ أَنْ لَا يُهَرِيقَ دَمًا وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ
سَعْدٍ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ سَوَاءٌ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا
رَاكِبًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ وَكَذَلِكَ
قَالَ أَبُو ثَوْرٍ مَنْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ
يُعِيدَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَا يَرْكَبُ إِلَّا مِنْ
ضَرُورَةٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ
لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَلَا
يَسْعَى رَاكِبًا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ مِنْ
عُذْرٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَذَكَرَ
أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعَطَاءً طَافَا رَاكِبَيْنِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ سَعَى رَاكِبًا بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ
وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَكَذَلِكَ
(2/95)
إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ رَاكِبًا عِنْدَهُ
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ الْحَسَنِ لَوْ طَافَ بِأُمِّهِ حَامِلًا لَهَا
أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَعَنْهَا وَكَذَلِكَ لَوِ
اسْتَأْجَرَتِ امْرَأَةٌ رَجُلًا يَطُوفُ بِهَا كَانَ
الطَّوَافُ لَهُمَا جَمِيعًا وَكَانَتِ الْأُجْرَةُ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ
سَعْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ
وأقيس في قول من أوجب السعي بن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
فَرْضًا وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
كَانَ شَاكِيًا فَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عِكْرِمَةَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ
قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِي
فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ
اسْتَلَمَ بِمِحْجَنٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ
أَنَاخَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ حِينَ
اشْتَكَتْ إِلَيْهِ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ
رَاكِبَةٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي السَّعْيِ
(2/96)
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى
الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ فُرُوضِ
الْحَجِّ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ
مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا وَقَالَ
بِقَوْلِهِمَا أَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ لَا يَنُوبُ عَنْهُ
الدَّمُ وَلَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ كَالطَّوَافِ
بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ
وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ
وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنْ تَرَكَهُ أَحَدٌ
مِنَ الْحُجَّاجِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ
جَبَرَهُ بِالدَّمِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَّةِ
الْحَجِّ وَسُنَنُ الْحَجِّ تُجْبَرُ بِالدَّمِ إِذَا
سَقَطَ الْإِتْيَانُ بِهَا هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
مِثْلُهُ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
فَقَالُوا إِنْ تَرَكَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنَ
السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَإِنْ تَرَكَ أَقَلَّ كَانَ عَلَيْهِ لِكُلِّ شَوْطٍ
إِطْعَامُ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ قَالُوا
وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ أَوْ فِي الْحَجِّ
نَاسِيًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ فَرْضٌ فِي
الْعُمْرَةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ فِي الْحَجِّ وَقَالَ
طَاوُسُ مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا فَعَلَى
عُمْرَةٍ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ عَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ تَطَوَّعٌ وَحُجَّةُ أَبِي
حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي السَّعْيِ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ قَوْلُ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْحَجُّ عَرَفَاتٌ فَمَنْ أَدْرَكَهَا فَقَدْ أَدْرَكَ
الْحَجَّ قَالُوا فَصَارَ مَا سِوَاهُ يَنُوبُ عَنْهُ
الدَّمُ قَالُوا وَإِنَّمَا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ كَمَا أَنَّ الْمَبِيتَ
بِالْمُزْدَلِفَةِ تَبَعٌ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَمَّا
نَابَ عَنِ الْمَبِيتِ بِجَمْعِ الدَّمِ فَكَذَلِكَ
يَنُوبُ عَنِ السَّعْيِ الدَّمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا
الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَفَرْضٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ
وَأَمَّا الْمَبِيتُ أَوْ حُضُورُ الْمُزْدَلِفَةِ
لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ بِهَا فَمُخْتَلَفٌ فِي فَرْضِهِ
وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ
لَا يَرَوْنَهُ فَرْضًا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حُكْمِ
الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِجَمْعٍ فِي بَابِ
شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْحُجَّةُ
لِمَنْ
(2/97)
أَوْجَبَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ فَرْضًا عَلَى مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَعَلَهُ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَصَارَ
بَيَانًا لِمُجْمَلِ الْحَجِّ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ
فَرْضًا كَبَيَانِهِ لِرَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ وَمَا كَانَ
مِثْلَ ذَلِكَ إِذْ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ
أَوْ تَطَوُّعٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ
حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ
أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ
بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَا فِي مُصْحَفِهِ
وَذَلِكَ قَوْلُهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا
يَطَّوَّفَ بِهِمَا قِيلَ لَهُ لَيْسَ فِيمَا سَقَطَ مِنْ
مُصْحَفِ الْجَمَاعَةِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ
بِهِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُحْكَمُ
بِأَنَّهُ قُرْآنٌ إِلَّا بِمَا نَقَلَتْهُ الْجَمَاعَةُ
بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ وَأَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ
هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ مَنَاةُ عَلَى
سَاحِلِ الْبَحْرِ وَحَوْلَهَا الْفُرُوثُ وَالدِّمَاءُ
مِمَّا يَذْبَحُ بِهَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَتِ
الْأَنْصَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا إِذَا
أَحْرَمْنَا بِمَنَاةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَحِلَّ
لَنَا فِي دِينِنَا أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ
حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ
أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا قَالَ عُرْوَةُ أَمَّا أَنَا
فَلَا أُبَالِي أَلَّا أَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ يَا ابْنَ أُخْتِي
قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ
أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ
كَمَا تَقُولُ لَكَانَ فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا
يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَلَعَمْرِي مَا تَمَّتْ حَجَّةُ
أَحَدٍ وَلَا عُمْرَتُهُ إِنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ مَعْمَرٌ عَنِ
الزُّهْرِيِّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ هَذَا الْعِلْمُ
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ
(2/98)
وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ هِشَامٍ مِنْ
هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى ابْنُ
جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا
طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
يُجْزِئُكِ أَوْ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ قَالَ
أَبُو عُمَرَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمَا قَالَ
يُجْزِئُكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا
ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ مَخْرَجُ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَى
أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِطَوَافِهِ بَيْنَ
الصفا والمروة وقوله اسعو بينهما فإن لله كَتَبَ
عَلَيْكُمُ السَّعْيَ وَكَتَبَ بِمَعْنًى أَوْجَبَ
كَقَوْلِ اللَّهِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ وَكَقَوْلِ
رَسُولِ اللَّهِ فِي الْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ كَتَبَهُنَّ
اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
زهير قال حدثنا سريج ابن النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ
صَفِيَّةَ
(2/99)
بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ
أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَطُوفُ
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ
وَهُوَ وَرَاءَهُمْ وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى
رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ وهو يقول اسعو
فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ هَكَذَا
قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَطَاءٍ
وَبَيْنَ عَطَاءٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ فِي
هذا الحديث عمر ابن عبد الرحمان بْنِ مُحَيْصِنٍ
السَّهْمِيُّ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ
دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الْمُؤَمَّلِ عَنْ عمر بن عبد الرحمان السَّهْمِيِّ عَنْ
عَطَاءٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ حَبِيبَةَ
بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ
قَالَتْ لَمَّا سَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ دَخَلْنَا فِي
دَارِ آلِ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ
فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْعَى بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ يقول
اسعو فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ حَتَّى
إِنَّ ثَوْبَهُ يُدِيرُهُ مِنْ شَدَّةِ السَّعْيِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الْمُؤَمَّلِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
(2/100)
ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ
بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو
جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْعَابِدِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ
عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ عَنْ
صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ أَخْبَرَتْنِي ابْنَةُ
أَبِي تَجْرَاةَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ
قَالَتْ دَخَلْتُ مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ دَارَ أَبِي
حُسَيْنٍ نَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ فَرَأَيْتُهُ يَسْعَى وَإِنَّ مِئْزَرَهُ
لَيَدُورُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ حَتَّى أَقُولَ إِنِّي
لَأَرَى رُكْبَتَيْهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اسْعَوْا
فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ وَذَكَرَهُ
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فَأَخْطَأَ فِي
إِسْنَادِهِ إِمَّا هُوَ وَإِمَّا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ
بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ حَبِيبَةَ
بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ نَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ وَلَكِنَّهُ
أَخَطَأَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْإِسْنَادِ أَحَدُهُمَا
أَنَّهُ جَعَلَ فِي مَوْضِعِ عُمَرَ بن عبد الرحمان عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ أَبِي حُسَيْنٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَسْقَطَ
صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ مِنَ الْإِسْنَادِ فَأَفْسَدَ
إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا أَدْرِي مِمَّنْ هَذَا
أَمِنْ أَبِي بَكْرٍ أَمْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ
وَمِنْ أَيِّهِمَا كَانَ فَهُوَ خَطَأٌ لَا شَكَّ فِيهِ
وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ العوفي عن عبد الله
ابن الْمُؤَمَّلِ فَجَعَلَهُ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ
ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْمَكِّيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عمر بن
عبد الرحمان بْنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ عَنْ صَفِيَّةَ
بِنْتِ شَيْبَةَ عَنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا حَبِيبَةُ
بِنْتُ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ
أَنَا وَنِسْوَةٌ مَعِي مِنْ قُرَيْشٍ قَالَتْ
وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ
(2/101)
السَّلَامُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ قَالَتْ
وَإِنَّهُ لَيَسْعَى حَتَّى أني لارثى له وهو يقول لاصحابه
اسعو فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ هَكَذَا
قَالَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَأُسْقِطَ مِنْ إِسْنَادِ
الْحَدِيثِ عَطَاءٌ وَالصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِ هَذَا
الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو
نُعَيْمٍ إِلَّا أَنَّ قَوْلَ أَبِي نُعَيْمٍ امْرَأَةٌ
مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّوَابُ مَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قَالَ
قَائِلٌ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ المؤمل ليس ممن يحتج
بحديثه لضفعه وَقَدِ انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثُ قِيلَ
لَهُ هُوَ سيء الْحِفْظِ فَلِذَلِكَ اضْطَرَبَتِ
الرِّوَايَةُ عَنْهُ وَمَا عَلِمْنَا لَهُ خَرِبَةً
تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ
جُلَّةِ الْعُلَمَاءِ وَفِي ذَلِكَ مَا يَرْفَعُ مِنْ
حَالِهِ وَالِاضْطِرَابُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ حَدِيثَهُ
لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ عَلَى الْأَئِمَّةِ كَثِيرٌ وَلَمْ
يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي رِوَايَتِهِمْ وَقَدِ اتَّفَقَ
شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عَلَيْهِ وَهُمَا الشَّافِعِيُّ
وَأَبُو نُعَيْمٍ وَلَيْسَ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ
يُقِمْ حُجَّةً عَلَى مَنْ أَقَامَ وَحَفِظَ وَمِمَّا
يَشُدُّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ هَذَا
حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ بن حيكم عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ
شَيْبَةَ فَإِنَّهُ يُبَيِّنُ صِحَّةَ مَا قَالَهُ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ
بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بُدَيْلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ
بْنِ حَكِيمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنِ
امْرَأَةٍ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ يَسْعَى فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَيَقُولُ لَا
يُقْطَعُ الْوَادِي إِلَّا شَدًّا وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو
جَعْفَرٍ العقيلي قال
(2/102)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى
النَّهْرُتِيرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى
الْقَطَّانُ قَالَ أَخْبَرَنَا مَهْرَانُ بْنُ أَبِي
عُمَرَ الرَّازِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ
مُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ تَمْلِكُ قَالَ
الْعُقَيْلِيُّ يَعْنِي الشَّيْبِيَّةَ قَالَتْ نَظَرْتُ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَنَا فِي غُرْفَةٍ لِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ
كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ فَاسْعَوْا قَالَ أَبُو
عُمَرَ فَهَذَا الْقَوْلُ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ طَوَافُكِ
بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ
لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ يُوَضِّحُ وُجُوبَ السَّعْيِ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ
أَصْحَابِنَا فِيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ
بِالْبَيْتِ أَوْ تَرَكَ الْهَرْوَلَةَ فِي السَّعْيِ
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ
كِتَابِنَا هَذَا وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ
الْفُقَهَاءِ أَنَّ ذَلِكَ خَفِيفٌ لَا شَيْءَ فِيهِ
وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ
الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ
ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ
قَالَ إِنْ مَشَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
يَمْشِي وَإِنْ سَعَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
يَسْعَى وَرَوَى سُفْيَانُ أيضا عن عطاء
(2/103)
ابن السَّائِبِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ
جُمْهَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهَ سَوَاءٌ وَزَادَ
وَأَخْبَرَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا
يَنْبَغِي لِأَحَدٍ قَوِيٍّ عَلَى السَّعْيِ
وَالْهَرْوَلَةِ وَالِاشْتِدَادِ تَرْكُهُ وَمَنْ كَانَ
شَيْخًا ضَعِيفًا أَوْ مَرِيضًا فَاللَّهُ أَعْذَرَ
بِالْعُذْرِ وَيُجْزِئُهُ الْمَشْيُ لِأَنَّ السَّعْيَ
الْعَمَلُ وَقَدْ عَمِلَهُ بِالْمَشْيِ وَاخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ عَلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ فَقَالَ
عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يُجْزِئُهُ وَلَا يُعِيدُ
السَّعْيَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ
وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ
مِثْلُ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَعَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنْهُ
أَنَّهُ يُعِيدُ السَّعْيَ وَقَالَ مَالِكٌ
وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ لَا
يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا
وَأَبَا حَنِيفَةَ قَالَا يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ
جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعِيدُ السَّعْيَ
وَحْدَهُ لِيَكُونَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إِذَا
خَرَجَ من مكة فابعد أو وطيء النِّسَاءَ فَقَالَ مَالِكٌ
يَرْجِعُ فَيَطُوفَ وَيَسْعَى وَإِنْ كَانَ وَطِئَ
النِّسَاءَ اعْتَمَرَ وَأَهْدَى يَعْنِي إِذَا كَانَ
وَطْؤُهُ بَعْدَ رَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَبَعْدَ
الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرْجِعُ
حَيْثُ كَانَ فيسعى ويهدي ولا معنى للعمرة ها هنا وَرُوِيَ
عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ
وَرُوِيَ عَنْهُ إِذَا بَلَغَ بِلَادَهُ أَهْدَى
وَأَجْزَأَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا فَرْقَ عِنْدَ
مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ بَيْنَ مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَبَيْنَ مَنْ قَدَّمَ
السَّعْيَ عَلَى الطَّوَافِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ
بِالسَّعْيِ
(2/104)
عِنْدَهُمَا أَبَدًا وَإِنْ أَبْعَدَ عَلَى
مَا قَدَّمْنَا مِنِ اخْتِلَافِهِمَا فِي إِعَادَةِ
الطَّوَافِ مَعَهُ فَإِنْ وطيء كان عليه هدى بدنة عند
الشافعي لا غير مَعَ الْإِتْيَانِ بِالسَّعْيِ وَكَانَ
عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى
وَيَعْتَمِرَ وَيُهْدِي وَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ الطَّوَافَ
الْوَاجِبَ بِالْبَيْتِ سَوَاءٌ عِنْدَهُمَا كَمَنْ نَسِيَ
السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى أَصْلِ
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ
ذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا قال
مالك في موطاه مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ فِي عُمْرَةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى
يَسْتَبْعِدَ مِنْ مَكَّةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَسْعَى
وَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَلْيَرْجِعْ فَلْيَسْعَ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ
عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ
أُخْرَى وَالْهَدْيُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا أَوْجَبَ
مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعُمْرَةَ وَالْهَدْيَ
لِيَكُونَ سَعْيُهُ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ لَا فِي
إِحْرَامٍ فَاسِدٍ بِالْوَطْءِ وَلِيَكُونَ طَوَافُهُ
بِالْبَيْتِ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ لَا فِي إِحْرَامٍ
فَاسِدٍ وَاللَّهُ أعلم
(2/105)
حَدِيثٌ خَامِسٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ
بِيَدِهِ وَنَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهُ هَكَذَا قَالَ
يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الحديث عن علي وتابعه
القعنبي فَجَعَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا كَمَا رَوَاهُ
يَحْيَى ورواه ابن بكير وسعيد ابن عُفَيْرٍ وَابْنُ
الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَأَبُو
مُصْعَبٍ وَالشَّافِعِيُّ فَقَالُوا فِيهِ عَنْ مَالِكٍ
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ
وَأَرْسَلَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرٍ
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ لَمْ يَقُلْ عَنْ جَابِرٍ
وَلَا عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِيهِ
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ
وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي
(2/106)
رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ
جَابِرٍ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ
وَإِنَّمَا جَاءَ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ
لَا أَحْفَظُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهَذَا الْمَتْنُ
صَحِيحٌ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ يَتَوَلَّى الرَّجُلُ نَحْرَ
هَدْيِهِ بِيَدِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ
مُسْتَحَبٌّ مُسْتَحْسَنٌ لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَلِأَنَّهَا
قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمُبَاشَرَتُهَا
أولى وجائز أن ينحر الهدى والضحايا غير صَاحِبُهَا أَلَا
تَرَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أَمْرٌ لَا خِلَافَ بَيْنِ
الْعُلَمَاءِ فِي إِجَازَتِهِ فَأَغْنَى عَنِ الْكَلَامِ
فِيهِ وَقَدْ جَاءَتْ رِوَايَةٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ
الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ نَحَرَ أضحيته غيره كان عليه الإعادة
ولم يجزه وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ عَلَى
أَنَّهَا نُحِرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا وَهُوَ
مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ وَأَمَّا إِذَا كَانَ صَاحِبُ
الْهَدْيِ أَوِ الضَّحِيَّةِ قَدْ أَمَرَ بِنَحْرِ
هَدْيِهِ أَوْ ذَبْحِ أُضْحِيَتِهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ
الْفُقَهَاءِ فِي إِجَازَةِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ
غَيْرَهُ بِشِرَاءِ هَدْيِهِ فَاشْتَرَاهُ جَازَ
بِإِجْمَاعٍ وَفِي نَحْرِ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ هَدْيَهُ
دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ
أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَإِذَا
صَحَّ أَنَّهُ كَذَلِكَ صَحَّتِ الْوَكَالَةُ وَجَازَتْ
فِي كُلِّ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ
جَائِزٌ أَنْ يُوَلِّيَهُ غَيْرَهُ فَيُنَفِّذَ فِيهِ
فِعْلَهُ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ
شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَ عُرْوَةَ
الْبَارِقِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ
سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ
(2/107)
حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ قَالَ
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا
يَشْتَرِي لَهُ بِهِ أُضْحِيَةً أَوْ قَالَ شَاةً
فَاشْتَرَى لَهُ ثِنْتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا
بِدِينَارٍ وَأَتَى بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ
بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى
تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِنَحْوِ رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ نَحْوُ
هَذَا الْمَعْنَى وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْوَكَالَةِ
عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدِ اخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي
الْوَكِيلِ يَشْتَرِي زِيَادَةً عَلَى مَا وُكِّلَ بِهِ
هَلْ يَلْزَمُ الْأَمْرُ ذَلِكَ أَمْ لَا كَرَجُلٍ قَالَ
لَهُ رَجُلٌ اشْتَرِ لِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ رِطْلَ
لَحْمٍ صِفَتُهُ كَذَا فَاشْتَرَى لَهُ أَرْبَعَةَ
أَرْطَالٍ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ بِذَلِكَ الدِّرْهَمِ
وَالَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ
الْجَمِيعَ يَلْزَمُهُ إِذَا وَافَقَ الصِّفَةَ وَزَادَ
مِنْ جِنْسِهَا لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ
يُعَضِّدُ قَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ
وَفِيهِ ثُبُوتُ صِحَّةِ مِلْكِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ لِلشَّاتَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا أَخَذَ
مِنْهُ الدِّينَارَ وَلَا أَمْضَى لَهُ الْبَيْعَ وَقَدِ
اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ نُحِرَتِ
أُضْحِيَتُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ولا امره فروى عه انها
لاتجزئ عن الذابح وسواء نوى ذبحا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ
صَاحِبِهَا وَعَلَى الذَّابِحِ ضَمَانُهَا وَرُوِيَ عَنْهُ
أَنَّ الذَّابِحَ لَهَا إِذَا كَانَ مِثْلَ الْوَلَدِ أَوْ
بَعْضَ الْعِيَالِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَقَالَ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ تَطَوَّعَ عَنْ رَجُلٍ فَذَبَحَ
لَهُ ضَحِيَّةً قَدْ أَوْجَبَهَا أَنَّهُ إِنْ ذَبَحَهَا
عَنْ نَفْسِهِ مُتَعَمِّدًا لَمْ تُجْزِ عَنْ صَاحِبِهَا
وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الذَّابِحَ فَإِنْ ضَمَّنَهُ
إِيَّاهَا أَجْزَتْ عَنِ الضَّامِنِ وَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْ
صَاحِبِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَجْزَتْ عَنْهُ وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ لَا تُجْزِئُ وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ تُجْزِئُ عَنْ صَاحِبِهَا وَيَضْمَنُ
الذَّابِحُ النُّقْصَانَ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ
عَنْ مَالِكٍ إِنْ ذَبَحَ رَجُلٌ ضَحِيَّةَ رَجُلٍ
بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ وَهُوَ ضَامِنٌ
لِضَحِيَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْوَلَدِ
(2/108)
أَوْ بَعْضَ الْعِيَالِ إِنَّمَا
ذَبَحُوهَا عَلَى وَجْهِ الْكِفَايَةِ لَهُ فَأَرْجُو أَنْ
تُجْزِئَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ إِذَا كَانُوا
كَذَلِكَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَلَمْ يَقُلْ أَرْجُو
وَإِنْ أَخْطَأَ رَجُلَانِ فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا ضَحِيَّةَ صَاحِبِهِ لَمْ تُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَيَضْمَنُ
عِنْدَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ ضَحِيَّةِ
صَاحِبِهِ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ
فِي الضَّحَايَا وَأَمَّا الْهَدْيُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ
عَنْ مَالِكٍ وَالْأَشْهُرُ عَنْهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ
عَبْدِ الحكم وغيره أنه لو أخطأ رجلا كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا بِهَدْيِ صَاحِبِهِ أَجْزَأَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ
عَلَيْهِمَا شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ تَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ
فِي الْهَدْيِ خَاصَّةً وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي
الْمُعْتَمِرَيْنِ إِذَا أَهْدَيَا شَاتَيْنِ فَذَبَحَ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةَ صَاحِبِهُ خَطَأً أَنَّ
ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا قِيمَةَ مَا ذَبَحَ وَائْتَنَفَا الْهَدْيَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مَا بَيْنَ قِيمَةِ مَا ذَبَحَ حَيًّا وَمَذْبُوحًا
وَأَجْزَتْ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَتُهُ
أَوْ هَدْيُهُ وَقَالَ الطَّبَرَيُّ يُجْزِئُ عَنْ كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَتُهُ أَوْ هَدْيُهُ الَّتِي
أَوْجَبَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الذَّابِحِ لِأَنَّهُ
فَعَلَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ
مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ يَسْتَهْلِكَ شَيْئًا مِنْ
لَحْمِهَا فَيَضْمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ وَقَالَ ابْنُ
عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَوْ ذَبَحَ
أَحَدُهُمَا يَعْنِي الْمُعْتَمِرَيْنِ شَاةَ صَاحِبِهِ
عَنْ نَفْسِهِ ضَمِنَهَا وَلَمْ تُجْزِهِ وَذَبَحَ شَاتَهُ
الَّتِي أَوْجَبَهَا وَغُرِّمَ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ
شَاتِهِ الَّتِي ذَبَحَهَا وَاشْتَرَى صَاحِبُهُ شَاةً
وَأَهْدَاهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْقَوْلُ
الْأَوَّلُ أَعْجَبُ إِلَيْنَا يَعْنِي الْمُعْتَمِرَيْنِ
يَذْبَحُ أَحَدُهُمَا شَاةَ صَاحِبِهِ وَهُوَ قَدْ
أَخْطَأَ بِهَا أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِمَا قَالَ أَبُو
عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ وَنَحَرَ غَيْرُهُ
بَعْضَهْ وَغَيْرُهُ فِي هذا
(2/109)
الْمَوْضِعِ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَحِيحٌ فِي
حَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ أَيْضًا أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن سَعِيدٍ
الْأَصْبَهَانِيُّ وَهَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَا
حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي
الْحَجِّ قَالَ ثُمَّ انْصَرَفَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ رَمَى
الْجَمْرَةَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ
فَنَحَرَ ثَلَاثًا وستين بدنة ثُمَّ أَعْطَى عَلَيًّا
فَنَحَرَ سَائِرَهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ
مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ
حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي الْحَدِيثِ
الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ مِثْلَهُ قَالَ فَنَحَرَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا
وَسِتِّينَ بدنة ثم أعطى عليا فنحر ما غير وذكر الحديث
وأخبرنا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ
قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قال
(2/110)
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَاقَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِائَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ
وَنَحَرَ عَلِيٌّ مَا بَقِيَ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُؤْخَذَ بَضْعَةٌ
مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ فَتُجْعَلَ فِي قِدْرٍ فَأَكَلَا مِنْ
لَحْمِهَا وَحَسَيَا مِنْ مَرَقِهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ
شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنِ
ابْنِ الْهَادِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَدِمَ
عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِهَدْيٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي
قَدِمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مِائَةَ بَدَنَةٍ
فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَنَحَرَ
عَلِيٌّ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ وَأَشْرَكَ عَلِيًّا فِي
بُدْنِهِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بَضْعَةً
فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطَبَخَهُ فَأَكَلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ
مَرَقِهَا هَكَذَا قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِهَذَا
الْحَدِيثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ مِنْ تِلْكَ الْبُدْنِ
الْمِائَةِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَنَحَرَ عَلِيٌّ
بَقِيَّتَهَا إِلَّا سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فَإِنَّهُ
رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتًّا وَسِتِّينَ
بَدَنَةً وَنَحَرَ عَلِيٌّ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ
وَأَمَّا رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي ذَلِكَ
فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو محمد عبد الله بن محمد ابن عبد
المؤمن قال حدثنا محمد بن بكر التَّمَّارُ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ
(2/111)
قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَيَعْلَى ابْنَا
عُبَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ
أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي
لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا
نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بُدْنَهُ فَنَحَرَ ثَلَاثِينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ أَمَرَنِي
فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ
قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا
الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ
مُجَاهِدًا يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرحمان بْنَ أَبِي
لَيْلَى يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ
يَقُولُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وأن أقسم
جلالها وجلودها وإن لا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا
شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا قَالَ
سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أبي
(2/112)
نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي
لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ وَحَدِيثُ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَتَمُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ
مِنْ هَدْيِهِ الَّذِي سَاقَهُ فِي حَجَّتِهِ وَهَدْيُهُ
ذَلِكَ كَانَ تَطَوُّعًا عِنْدَ كُلِّ مَنْ جَعَلَهُ
مُفْرَدًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ
الْأَكْلِ مِنَ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ
لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا وَجَبَتْ
جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ
الْأَكْلِ مِمَّا عَدَا هَدْيَ التَّطَوُّعِ فَقَالَ
مَالِكٌ يُؤْكَلُ مِنْ كُلِّ هَدْيٍ سِيقَ فِي
الْإِحْرَامِ إِلَّا جَزَاءَ الصيد فدية الْأَذَى وَمَا
نُذِرَ لِلْمَسَاكِينِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ
مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَهُ
الْإِطْعَامُ مِنَ الْهَدْيِ وَالنُّسُكِ لِمَنْ لَمْ
يَجِدْهُ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ مَا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ
وَلَا يَجُوزُ الأكل منه وما سوى ذلك يوكل مِنْهُ لِأَنَّ
اللَّهَ قَدْ أَطْلَقَ الْأَكْلَ مِنَ الْبُدْنِ وَهِيَ
مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُمْتَنَعَ مِنْ
أَكْلِ شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ
لَهُ أَوْ بِإِجْمَاعٍ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى إِبَاحَةِ
الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ
مَحِلَّهُ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ رُجُوعًا فِيهِ فَكَذَلِكَ
كَلُّ هَدْيٍ إِلَّا مَا اجْتُمِعَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو
حَنِيفَةَ يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وهدى التطوع
إذا بلغ محله لا غير وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَأْكُلُ
مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَقَالَ فِي
مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا وَجَبَتْ
جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا إِنَّ ذَلِكَ فِي هَدْيِ
التَّطَوُّعِ لَا فِي الواجب بدليل الاجماع على انه لا
يوكل مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى
فَكَانَتِ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ دَمٌ وَاجِبٌ فِي
الْإِحْرَامِ مِنْ أَجْلِ مَا أَتَاهُ الْمُحْرِمُ فَكُلُّ
هَدْيٍ وَجَبَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِسَبَبِ فِعْلٍ أَتَاهُ
فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَالْوَاجِبَاتُ لَا يَجُوزُ
الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَالزَّكَاةِ وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ
(2/113)
حَدِيثٌ سَادِسٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مُنْقَطِعٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ
فَقَالَ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ
فَقَالَ عَبْدُ الرحمان بْنُ عَوْفٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ
مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا
حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ لَمْ
يَلْقَ عُمَرَ وَلَا عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ رَوَاهُ
أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
وَهُوَ مَعَ هَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عَلِيَّ
بْنَ حُسَيْنٍ لَمْ يلق عمر ولا عبد الرحمان ابن عَوْفٍ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ
(2/114)
أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ
الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
الْحُجَيْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ
الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ
قَالَ عُمَرُ مَا أَدْرِي ما أصنع بالمجوس فقال له عبد
الرحمان بْنُ عَوْفٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سُنُّوا بِهِمْ
سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مُخَلَّدٍ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ
بالمجوس أهل الذمة فقال عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ سُنَّتُهُمُ سُنَّةُ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ
مَالِكٌ فِي الْجِزْيَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ عُمَرَ لَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الإسناد عن
(2/115)
جَدِّهِ مِمَّنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ
غَيْرُ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ وَكَانَ ثِقَةً وَهُوَ
فِي الْمُوَطَّأِ جَعْفَرٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ مُنْقَطِعٌ
وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ
وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ الْحَبْرَ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ
مَا يُوجَدُ عِنْدَ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ
وَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرًا فِي عِلْمِ الْخَبَرِ الَّذِي
لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ وَالسَّمْعِ فَإِذَا
كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَبْلُغُهُ مِنْ
ذَلِكَ مَا سَمِعَ غَيْرُهُ مِنْهُ مَعَ مَوْضِعِهِ
وَجَلَالَتِهِ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ مِثْلَهُ أَحْرَى
أَلَّا يُنْكِرَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ وَلَا يُنْكَرَ
عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا جَهِلَ شَيْئًا
أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ السُّؤَالُ
وَالِاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْبَحْثِ حَتَّى يَقِفَ
عَلَى حَقِيقَةٍ مِنْ أَمْرِهِ فِيمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ
وَفِيهِ إِيجَابُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ
وَأَنَّهُ حُجَّةٌ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهَا
وَالِانْقِيَادُ إِلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرُ
الْمَجُوسِ فَلَمَّا حدثه عبد بْنُ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ
وَقَضَى بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ
أَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي خَرَجَ
مَخْرَجَ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخُصُوصُ
لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ
الْكِتَابِ فِي الْجِزْيَةِ وَعَلَيْهَا خَرَجَ الْجَوَابُ
وَإِلَيْهَا أُشِيرُ بِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ عُلَمَاءَ
الْمُسْلِمِينَ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَنْ لَا يُسَنَّ
بِالْمَجُوسِ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي نِكَاحِ
نِسَائِهِمْ وَلَا فِي ذَبَائِحِهِمْ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ
بِذَبْحِ الْمَجُوسِيِّ لِشَاةِ الْمُسْلِمِ إِذَا
أَمَرَهُ الْمُسْلِمُ بِذَبْحِهَا بَأْسًا وَقَدْ رُوِيَ
عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَا عَلَيْهِ
الْجَمَاعَةُ وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ عَنْهُ هُوَ خَبَرٌ
شَاذٌّ وَقَدِ اجْتَمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِهِ
وَلَيْسَتِ الْجِزْيَةُ مِنَ الذَّبَائِحِ فِي شَيْءٍ
لِأَنَّ أَخْذَ
(2/116)
الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ صَغَارٌ وَذِلَّةٌ
لِكُفْرِهِمْ وَقَدْ سَاوَوْا أَهْلَ الْكِتَابِ فِي
الْكُفْرِ بَلْ هُمْ أَشَدُّ كُفْرًا فَوَجَبَ أَنْ
يَجْرُوا مَجْرَاهُمْ فِي الذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَأَخْذِ
الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَمْ تُؤْخَذْ
مِنَ الْكِتَابِيِّينَ رِفْقًا بِهِمْ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ
منهم تقوية للمسلمين وذلا للكفارين فَلِذَلِكَ لَمْ
يَفْتَرِقْ حَالُ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ عِنْدَ مَالِكٍ
وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ ذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ فِي
أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِلْعِلَّةِ الَّتِي
ذَكَرْنَا وليس نكاحن سائهم وَلَا أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ
مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُمَةً
بِالْكِتَابِيِّينَ لِمَوْضِعِ كِتَابِهِمْ
وَاتِّبَاعِهِمُ الرُّسُلَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْحَقَ
بِهِمْ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ
هَذِهِ جُمْلَةٌ اعْتَلَّ بِهَا أَصْحَابُ مَالِكٍ وَلَا
خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ
الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الْمَجُوسِ لِأَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ
الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ أَهْلِ الْبَحْرِينِ وَمِنْ
مَجُوسِ هَجَرَ وَفَعَلَهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ
هَجَرَ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ
مَجُوسِ السَّوَادِ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ
أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ
عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عن سعيد ابن
الْمُسَيَّبِ وَأَمَّا مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ فَإِنَّهُمَا
جَعَلَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَمْ يَذْكُرَا سَعِيدًا
وَرَوَاهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ
عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وقد ذكرناه في باب مراسل
ابْنِ شِهَابٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُشْرِكِي
الْعَرَبِ وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ هَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ
الْجِزْيَةَ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ تُقْبَلُ
الْجِزْيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْكُفَّارِ عَرَبًا كَانُوا
(2/117)
أَوْ عَجَمًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى
يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ قَالَ وَتُقْبَلُ مِنَ
الْمَجُوسِ بِالسُّنَّةِ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ
الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي
ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ
الْجِزْيَةُ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَمِنَ الْمَجُوسِ لَا غَيْرَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ
وَأَصْحَابُهُ إِنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَا يُقْبَلُ
مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ وَتُقْبَلُ
الْجِزْيَةُ مِنَ الْكِتَابِيِّينَ مِنَ الْعَرَبِ وَمِنْ
سَائِرِ كُفَّارِ الْعَجَمِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
وَمَالِكٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّ
الْفَرَازِنَةَ وَمَنْ لَا دِينَ لَهُ مِنْ أَجْنَاسِ
التُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَعَبَدَةِ النِّيرَانِ
وَالْأَوْثَانِ وَكُلَّ جَاحِدٍ وَمُكَذِّبٍ
بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ يُقَاتَلُونَ حَتَّى يُسْلِمُوا
أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَإِنْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ
قُبِلَتْ مِنْهُمْ وَكَانُوا كَالْمَجُوسِ فِي تَحْرِيمِ
مَنَاكِحِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ وَسَائِرِ أُمُورِهِمْ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كُلُّ عَجَمِيٍّ تُقْبَلُ مِنْهُ
الْجِزْيَةُ إِنْ بَذَلَهَا وَلَا تُقْبَلُ مِنَ الْعَرَبِ
إِلَّا مِنْ كِتَابِيٍّ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ
يَذْهَبُ مَذْهَبَهُ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا
بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ
عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَقْتَضِي أَنْ يَقْتَصِرَ
عَلَيْهِمْ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ
لِأَنَّهُمْ خُصُّوا بِالذِّكْرِ فَتَوَجَّهَ الْحُكْمُ
إِلَيْهِمْ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يُعْطُوا
الْجِزْيَةَ كَمَا قَالَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ
أَوْجَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى غَيْرِهِمْ قَالَ هُمْ فِي
مَعْنَاهُمْ وَاسْتَدَلَّ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ
الْمَجُوسِ وَلَيْسُوا بأهل كتاب
(2/118)
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجُوسِ
سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب يعيني فِي الْجِزْيَةِ دَلِيلٌ
عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعَلَى ذَلِكَ
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ
أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ فَبَدَّلُوهُ
وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى شَيْءٍ رُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ وَجْهٍ فِيهِ ضَعْفٌ
يَدُورُ عَلَى أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ ذَكَرَ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ
أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْهُمْ
يُقَالُ لَهُ أَبُو سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ ذَلِكَ
أَحْسَبُهُ نَصْرَ بْنَ عَاصِمٍ أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ
بْنَ غَفَلَةَ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَفَرْوَةَ بْنَ
نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْسَ عَلَى
الْمَجُوسِ جِزْيَةٌ فَقَالَ الْمُسْتَوْرِدُ أَنْتَ
تَقُولُ هَذَا وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مَجُوسِ هَجَرَ الْجِزْيَةَ
وَاللَّهِ لَمَا أَخْفَيْتَ
(2/119)
أَخْبَثُ مِمَّا أَظْهَرْتَ فَذَهَبَ بِهِ
حَتَّى دَخَلَا عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَهُوَ فِي قَصْرِهِ جَالِسٌ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ زَعَمَ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى
الْمَجُوسِ جِزْيَةٌ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ
مَجُوسِ هَجَرَ فَقَالَ عَلِيٌّ اجْلِسَا فَوَاللَّهِ مَا
عَلَى الْأَرْضِ الْيَوْمَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِذَلِكَ
مِنِّي كَانَ الْمَجُوسُ اهل كتاب يقرؤونه وَعِلْمٍ
يَدْرُسُونَهُ فَشَرِبَ أَمِيرُهُمُ الْخَمْرَ فَوَقَعَ
عَلَى أُخْتِهِ فَرَآهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَتْ أُخْتُهُ إِنَّكَ قَدْ صَنَعْتَ
بِهَا كَذَا وَكَذَا وَقَدْ رَآكَ نَفَرٌ لَا يَسْتُرُونَ
عَلَيْكَ فَدَعَا أَهْلَ الطَّمَعِ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ
قَالَ لَهُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ آدَمَ أَنْكَحَ
بَنِيهِ بَنَاتَهُ فَجَاءَ أُولَئِكَ الَّذِينَ رَأَوْهُ
فَقَالُوا وَيْلًا لِلْأَبْعَدِ إِنَّ فِي ظَهْرِكِ حَدًّا
فَقَتَلَهُمْ وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُ ثُمَّ
جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ بَلَى قَدْ رَأَيْتُكَ
فَقَالَ لَهَا وَيْحًا لِبَغِيِّ بَنِي فُلَانٍ فَقَالَتْ
أَجَلْ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ بَغِيًّا ثُمَّ تُبْتُ
فَقَتَلَهَا ثُمَّ أَسْرَى عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ
وَعَلَى كِتَابِهِمْ فَلَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ
مِنْهُ فَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَجُوسَ
كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ
يَأْبَوْنَ ذَلِكَ وَلَا يُصَحِّحُونَ هَذَا الْأَثَرَ
وَالْحُجَّةُ لَهُمْ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى
طَائِفَتَيْنِ مِنْ قبلنا يعني اليهود والنصارى وقوله يا
أهل الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا
أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ
بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ وقال يا أهل الْكِتَابِ
لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ
وَالْإِنْجِيلَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ
هُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ الْيَهُودُ
وَالنَّصَارَى لَا غَيْرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا
قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدِ احْتَجَّ
مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ بِأَنَّهُ
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ
الْكِتَابِ الَّذِينَ يُعْلَمُ كِتَابُهُمْ عِلْمَ ظُهُورٍ
وَاسْتِفَاضَةٍ وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَعِلْمُ كِتَابِهِمْ
عَلَى خُصُوصٍ وَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ
عِنْدَهُمْ أَيْضًا وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَلَا
خِلَافَ بَيْنَ
(2/120)
الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجُوسَ تُؤْخَذُ
مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْهُمْ فَأَغْنَى
عَنِ الْإِكْثَارِ فِي هَذَا وَقَدْ رَوَى عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ
الْمَجُوسُ أَهْلُ كِتَابٍ قَالَ لَا وَأَمَّا الْآثَارُ
الْمُتَّصِلَةُ الثَّابِتَةُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ
فِي أَخْذِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ فَأَحْسَنُهَا
إِسْنَادًا مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ مُوسَى
بْنِ عُقْبَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ
مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ
حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ
بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أبا عبيدة ابن
الْجَرَّاحِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا يَعْنِي الْبَحْرِينِ
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرِينِ فَأَمَّرَ
عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو
عُبَيْدَةَ بِالْمَالِ مِنَ الْبَحْرِينِ فَسَمِعَتِ
الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلَمَّا صَلَّى انْصَرَفَ فَعَرَضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ
حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ أظنكم سمعت بِقُدُومِ أَبِي
عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ قَالُوا أَجَلْ
فَقَالَ فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا فَوَاللَّهِ مَا
الْفَقْرَ أخشى عليكم ولكم أَخْشَى أَنْ تُبَسَطَ
عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ
(2/121)
فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا
وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ
عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي
عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخُرَمَةَ أَخْبَرَهُ
أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ
بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ
الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وذكر الحديث نحره وَفِي
آخِرِهِ فَتَنَافَسُوا فِيهَا كَمَا تَنَافَسُوا
فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ
الْبَحْرَيْنِ لَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَجُوسًا قِيلَ
لَهُ رَوَى قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ
مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ
إِلَى مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ يَدْعُوهُمْ إِلَى
الْإِسْلَامِ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قُبِلَ وَمَنْ
أَبَى وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَلَا تُوكَلُ لَهُمْ
ذَبِيحَةٌ وَلَا تُنْكَحُ لَهُمُ امْرَأَةٌ وَقَدْ كَتَبَ
عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ
أَرْطَاةَ أَمَّا بَعْدُ فَسَلِ الْحَسَنَ يَعْنِي
الْبَصَرِيَّ مَا مَنَعَ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ
أَنْ يَحُولُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ مَا
يَجْمَعُونَ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَجْمَعُهُنَّ
أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَ مِنْ
مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ الْجِزْيَةَ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى
مَجُوسِيَّتِهِمْ وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ عَلَى
الْبَحْرَيْنِ الْعَلَاءَ بْنَ
(2/122)
الْحَضْرَمِيِّ وَفَعَلَهُ بَعْدَهُ أَبُو
بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ
قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَذَكَرَ
مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ
بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ
وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ
فَارِسَ وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ
سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ سُئِلَ أَتُوخَذُ الْجِزْيَةُ
مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ نَعَمْ
أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَعُمَرُ مِنْ أَهْلِ
السَّوَادِ وَعُثْمَانُ مِنْ بَرْبَرٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ صَالَحَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى
الْجِزْيَةِ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الْعَرَبِ
وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَكَانُوا
مَجُوسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
مَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُؤْخَذُ
مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ إِلَّا أَنْ يَدِينُوا بِدِينِ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا
الْخَبَرَ الْمُرْسَلَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا
مَعْمَرًا أَعْنِي قَوْلَهُ صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ
عَلَى الْجِزْيَةِ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنَ
الْعَرَبِ فَاسْتَثْنَى الْعَرَبَ وَإِنْ كَانُوا عَبَدَةَ
أَوْثَانٍ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ
وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ وَهْبٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أُنْزِلَتْ فِي كُفَّارِ
الْعَرَبِ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَأُنْزِلَتْ فِي
أَهْلِ الْكِتَابِ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الْآيَةَ قَالَ
ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ
(2/123)
أَعْطَى الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ أَهْلُ نَجْرَانَ فِيمَا عَلِمْنَا وَكَانُوا
نَصَارَى قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ قَبِلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ
الْبَحْرَيْنِ الْجِزْيَةَ وَكَانُوا مَجُوسًا ثُمَّ
أَدَّى أَهْلُ أَيْلَةَ وَأَهْلُ أَذْرُحَ وَأَهْلُ
أَذْرِعَاتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرُّوا لَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ
فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ
الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَكَانُوا
مِنْ عِبَادِ الْكُوفَةِ فَأَسَرَ رَأْسَهُمْ أُكَيْدِرَ
فَقَاضَاهُ عَلَى الْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمَنْ
أَسْلَمَ مِنْ أُولَئِكَ كُلِّهِمْ قَبِلَ مِنْهُ
الْإِسْلَامَ وَأَحْرَزَ لَهُ إِسْلَامُهُ نَفْسَهُ
وَمَالَهُ إِلَّا الْأَرْضَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ
فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي
يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ
الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ
هَجَرَ وَأَنَّ عُمَرَ ابن الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ
مَجُوسِ السَّوَادِ وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنْ
بَرْبَرٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ
أَهْلُ السَّوَادِ لَيْسَ لَهُمْ عَهْدٌ فَلَمَّا أَخَذَ
مِنْهُمُ الْخَرَاجَ كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ قَالَ أَبُو
عُمَرَ أَهْلُ الْعَهْدِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ سَوَاءٌ
وَهُمْ أَهْلُ الْعَنْوَةِ يُقَرُّونَ بَعْدَ الْغَلَبَةِ
عَلَيْهِمْ فِيمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ
وَأَفَاءَهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ وَمِنْ أَرْضِهِمْ
فَإِذَا أَقَرُّوهُمْ كَانُوا أَهْلَ عهد وذمة تضرب على
رؤوسهم الْجِزْيَةُ مَا كَانُوا كُفَّارًا وَيُضْرَبُ
عَلَى أَرْضِهِمُ الْخَرَاجُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ
لِأَنَّهَا مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَا
يَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَنِ الْأَرْضِ بِإِسْلَامِ
عَامِلِهَا فَهَذَا حُكْمُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهُمْ
أَهْلُ الْعَنْوَةِ الَّذِينَ غُلِبُوا عَلَى بِلَادِهِمْ
وَأُقِرُّوا فِيهَا وَأَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَإِنَّمَا
عَلَيْهِمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ يُؤَدُّونَهُ عَنْ
أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَسَائِرِ ما
يملكونه وليس عليهم غيرما صُولِحُوا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ
يَنْقُضُوا فَإِنْ نَقَضُوا فَلَا عَهْدَ لَهُمْ وَلَا
ذِمَّةَ وَيَعُودُونَ حَرْبًا إِلَّا أَنْ يُصَالَحُوا
بَعْدُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ
حَدَّثَنَا
(2/124)
عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
سَمِعَ بَجَالَةَ يقول كنت كاتبا لجزى بْنِ مُعَاوِيَةَ
عَمِّ الْأَحْنَفِ فَأَتَانَا كِتَابَ عُمَرَ قَبْلَ
مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ
وَسَاحِرَةٍ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ
الْجِزْيَةَ من المجوس حتى شهد عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ
أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخَذَهَا مِنْ
مَجُوسِ هَجَرَ وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ
الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ قَالَ كُنْتُ كَاتِبًا لجزى
بن معاوية على منادر فَقَدِمَ عَلَيْنَا كِتَابُ عُمَرَ
أَنِ انْظُرْ وَخُذْ مِنْ مَجُوسِ مَنْ قِبَلَكَ
الْجِزْيَةَ فَإِنَّ عَبْدَ الرحمان بْنَ عَوْفٍ
أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ
الْجِزْيَةَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ
السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ
بْنُ بَشِيرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ
أن عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ مَجُوسِ
هَجَرَ الْجِزْيَةَ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
فَرَأَيْتُ مِنْهُمْ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَمَكَثَ عِنْدَهُ مَا
مَكَثَ ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ مَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ قَالَ شَرٌّ قُلْتُ مَهْ قَالَ الْإِسْلَامُ
أَوِ الْقَتْلُ قَالَ ابْنُ عباس فأخذ الناس بقول عبد
الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَتَرَكُوا قَوْلِي
(2/125)
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ
يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ أَمْوَالَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا
شَيْءَ فِيهَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسَ عَنْ أَبِيهِ
أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ
وَكَانَ عَامِلًا بِعَدَنَ فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا
فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ الْعَفْوُ قَالَ
إِنَّهُمْ يَأْمُرُونَنَا بِكَذَا وَكَذَا قَالَ فَلَا
تَعْمَلْ لَهُمْ قُلْتُ لَهُ فَمَا فِي الْعَنْبَرِ قَالَ
إِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَالْخُمُسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ
قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْعَنْبَرَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ
إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ وَعَلَى هَذَا
جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى
فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ شَيْئًا تَجَرُوا فِي
بِلَادِهِمْ أَوْ فِي غَيْرِ بِلَادِهِمْ أَوْ لَمْ
يَتَّجِرُوا وَلَا يَرَى عَلَيْهِمْ غَيْرَ جِزْيَةِ
رُؤُوسِهِمْ وَقَدْ أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ
أَهْلِ الذِّمَّةِ مِمَّا كَانُوا يَتَّجِرُونَ بِهِ
وَيَخْتَلِفُونَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ
وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبُلْدَانِ وَمَضَى على ذلك الخلفاء
وكان عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ يَأْمُرُ بِهِ عُمَّالَهُ
وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّهُمُ
اخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَرَوَى مَالِكٌ
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ
مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ يُرِيدُ
بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ الْحَمْلُ إِلَى الْمَدِينَةِ
وَيَأْخُذُ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ الْعُشْرَ وَرَوَى مَالِكٌ
أَيْضًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ
(2/126)
يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ عَامِلًا مَعَ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سُوقِ
الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَانَ
يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ
عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ
عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ
الْعُشْرِ وَكَذَلِكَ رَوَى أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ
الْمُسْلِمِ رُبُعَ الْعُشْرِ وَمِنَ الذِّمِّيِّ نِصْفَ
الْعُشْرِ وَمِنَ الْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ مِنَ الشَّامِ
الْعُشْرَ وَبِهَذَا يَقُولُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو
حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ
وَيَعْتَبِرُونَ النِّصَابَ فِي ذَلِكَ وَالْحَوْلَ
فَيَأْخُذُونَ مِنَ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ إِذَا
كَانَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ
شَيْءٌ إِلَى الْحَوْلِ وَمِنَ الْمُسْلِمِ زَكَاةَ
مَالِهِ الْوَاجِبَةَ رُبُعَ الْعَشْرِ هَذِهِ رِوَايَةُ
الْأَشْجَعِيِّ عَنِ الثَّوْرِيِّ كَقَوْلِ أَبِي
حَنِيفَةَ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو أُسَامَةَ أَنَّ
الذِّمِّيَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ
خمسة دراهم فإن نقست مِنَ الْمِائَةِ فَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِمْ يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ
كَنِصَابِ الْمُسْلِمِ قَالَ مَالِكٌ يُؤْخَذُ مِنَ
الذِّمِّيِّ كُلَّمَا تَجَرَ مِنْ بَلَدِهِ إِلَى غَيْرِ
بَلَدِهِ كَمَا لَوْ تَجَرَ مِنَ الشَّامِ إِلَى
الْعِرَاقِ أَوْ إِلَى مِصْرَ مِنْ قَلِيلِ مَا يَتَّجِرُ
بِهِ فِي ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ كُلَّمَا تَجَرَ وَلَا
يُرَاعَى فِي ذَلِكَ نِصَابٌ وَلَا حَوْلٌ وَأَمَّا
الْمِقْدَارُ الْمَأْخُوذُ فَالْعُشْرُ إِلَّا فِي
الطَّعَامِ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَإِنَّ فِيهِ
نِصْفَ الْعُشْرِ عَلَى مَا فَعَلَ عُمَرُ وَلَا يؤخذ منهم
إلامرة وَاحِدَةً فِي كُلِّ سَفْرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ
لِمَا جَلَبُوهُ فَإِنْ لَمْ يَبِيعُوا شَيْئًا وَدَخَلُوا
بِمَالٍ نَاضٍّ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ حَتَّى يَشْتَرُوا
فَإِنِ اشْتَرَوْا أُخِذَ مِنْهُمْ فَإِنْ بَاعَ مَا
اشْتَرَى لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ أَقَامَ
سِنِينَ وَعَبِيدُهُمْ كَذَلِكَ إِنْ تَجَرُوا يُؤْخَذُ
مِنْهُمْ مِثْلَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ سَادَاتِهِمْ وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ فِي
السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَالْجِزْيَةِ
وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
مِنَ الْمُسْلِمِ رُبُعَ الْعُشْرِ وَمِنَ
(2/127)
الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ وَمِنَ
الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ اتِّبَاعًا لَهُ وَهُوَ قَوْلُ
أَحْمَدَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ ادَّعَيْتَ
الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ
نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّاتِ وَقَدْ تَزَوَّجَ بَعْضُ
الصَّحَابَةِ مَجُوسِيَّةً قِيلَ لَهُ هَذَا لَا يَصِحُّ
وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ
يَهُودِيَّةً وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ
أَنَّهُ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِحُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ النَّاسُ ذَلِكَ
وَرَوَيْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ
وَهُوَ بِالْكُوفَةِ وَكَانَ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ فَارِقْهَا فَإِنَّكَ
بِأَرْضِ الْمَجُوسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَقُولَ
الْجَاهِلُ قَدْ تَزَوَّجَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَافِرَةً وَيَجْهَلُ
الرُّخْصَةَ الَّتِي كَانَتْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
فِي نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيَتَزَوَّجُوا نِسَاءَ
الْمَجُوسِ فَفَارَقَهَا حُذَيْفَةُ وَإِجْمَاعُ فُقَهَاءِ
الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّاتِ
وَالْوَثَنِيَّاتِ وَمَا عَدَا الْيَهُودِيَّاتِ
وَالنَّصْرَانِيَّاتِ مِنَ الْكَافِرَاتِ لَا يَحِلُّ
يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِي هَذَا ذَكَرَ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ قَيْسِ
بن مسلم عن الحسين ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ
كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ يدعوهم إلا الْإِسْلَامِ فَمَنْ
أَسْلَمَ قَبِلَ مِنْهُ وَمَنْ أَبَى كَتَبَ عَلَيْهِ
الْجِزْيَةَ وَلَا تُوكَلُ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا
تُنْكَحُ لَهُمُ امْرَأَةٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
مِقْدَارِ الْجِزْيَةِ فَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ
لَا تَوْقِيتَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا
صُولِحُوا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ
وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ إِلَّا أَنَّ
الطَّبَرِيَّ قَالَ أَقَلُّهُ دِينَارٌ وَأَكْثَرُهُ لَا
حَدَّ لَهُ إِلَّا الْإِجْحَافَ وَالِاحْتِمَالَ قَالُوا
الْجِزْيَةُ عَلَى قَدْرِ الاحتمال بغير
(2/128)
تَوْقِيتٍ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ
الْإِمَامُ وَلَا يُكَلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ
إِنَّمَا يُكَلِّفُهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَسْتَطِيعُونَ
وَيَخِفُّ عَلَيْهِمْ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ وَأَظُنُّ
مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي
هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ عَلَى
الْجِزْيَةِ وَبِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ
الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرَ دَوْمَةَ فَأَخَذَهُ وَأَتَى
بِهِ فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ
وَبِحَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي
مُصَالَحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَهْلَ نَجْرَانَ وَلِمَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
صَالَحَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى الْجِزْيَةِ إِلَّا
مَا كَانَ مِنَ الْعَرَبِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى
هَذَا الْخَبَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
إِلَّا مَعْمَرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمِقْدَارُ فِي
الْجِزْيَةِ دِينَارٌ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مِنَ
الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ
وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى
الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ
دِينَارًا فِي الْجِزْيَةِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ قَالَ
الشَّافِعِيُّ وَإِنْ صُولِحُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ
دِينَارٍ جَازَ وَإِنْ زَادُوا وَطَابَتْ بِذَلِكَ
أَنْفُسُهُمْ قُبِلَ مِنْهُمْ وَإِنَّ صُولِحُوا عَلَى
ضِيَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَازَ إِذَا كَانَتِ
الضِّيَافَةُ مَعْلُومَةً فِي الْخُبْزِ وَالشَّعِيرِ
وَالتِّبْنِ وَالْإِدَامِ وَذَكَرَ عَلَى الْوَسَطِ مِنْ
ذَلِكَ وَمَا عَلَى الموسر وذكر موضع النزول والكن من البر
والبحر وَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَنِيٍّ وَلَا فَقِيرٍ أَقَلُّ
مِنْ دِينَارٍ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ صَالَحَ أَحَدًا عَلَى أَقَلَّ مِنْ
دِينَارٍ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَخَذَ عُمَرُ
الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى
وَجْهِ الصُّلْحِ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ ضَرَائِبُهُ
وَلَا بَأْسَ بِمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ
(2/129)
اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي
وَائِلٍ عَنْ مُعَاذٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ
مِنْ كُلِّ حَالِمٍ يَعْنِي مُحْتَلِمًا دِينَارًا أَوْ
عَدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ
هَكَذَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذٍ
وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ
مُعَاذٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ
عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إِلَى
الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ
فِي كُلِّ عَامٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ وَمِنَ
الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةٍ تَبِيعًا وَمِنْ
كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٍ وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ
وَجَمَاعَةٌ عَنِ الْأَعْمَشِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو
عَوَانَةَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَهُوَ حديث صحيح وكذلك
رواه عاصم بن بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ
مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَرْبَعَةُ
دَنَانِيرَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَأَرْبَعُونَ
دِرْهَمًا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ لِلْغَنِيِّ
وَالْفَقِيرِ سَوَاءٌ لَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ عَلَى
مَا فَرَضَ عُمَرُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ غَيْرُهُ وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ
وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ اثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ
وَعِشْرُونَ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي
ذَلِكَ ضَرَائِبُ مُخْتَلِفَةٌ فَلِلْوَالِي أَنْ يَأْخُذَ
بِأَيِّهَا شَاءَ إِذَا كَانُوا ذِمَّةً وَأَمَّا أَهْلُ
الصُّلْحِ فَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ لَا غير
(2/130)
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ
نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ
دَنَانِيرَ وَعَلَى أهل الورق أربعون دِرْهَمًا مَعَ
ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ
أَيَّامٍ وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ عُثْمَانَ
بْنَ حُنَيْفٍ فَوَضَعَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ
السَّوَادِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةً
وَعِشْرِينَ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ ذَكَرْتُ عَنْ عُمَرَ ضَرَائِبَ
مُخْتَلِفَةً عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ أُخِذُوا
عَنْوَةً قَالَ الثَّوْرِيُّ وَذَلِكَ إِلَى الْوَالِي
يَزِيدُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ يُسْرِهِمْ وَيَضَعُ عَنْهُمْ
بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ وَلَيْسَ لِذَلِكَ وَقْتٌ وَلَكِنْ
يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْوَالِي عَلَى قَدْرِ مَا
يُطِيقُونَ فَأَمَّا مَا لَمْ يُؤْخَذْ عَنْوَةً حَتَّى
صُولِحُوا صُلْحًا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ عَلَى
مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وَالْجِزْيَةُ عَلَى مَا صُولِحُوا
عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فِي أَرْضِهِمْ
وَأَعْنَاقِهِمْ وَلَيْسَ فِي أَمْوَالِهِمْ زَكَاةٌ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَى
أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمَجُوسِ فِي شَيْءٍ مِنْ
مَوَاشِيهِمْ وَلَا زَرْعِهِمْ وَلَا ثِمَارِهِمْ إِلَّا
أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَأَى تضعيف الصدقة على بني
تغلب دون جزية وَهُوَ فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
فِيمَا رَوَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى
تَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ دُونَ
جِزْيَةٍ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ
وَأَصْحَابُهُمْ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالُوا
يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ كُلِّ مَا
(2/131)
يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ مَثَلًا مَا
يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ حَتَّى فِي الرِّكَازِ يُؤْخَذُ
مِنْهُمْ خُمُسَانِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ فِيهِ
الْعُشْرُ أُخِذَ مِنْهُمْ عُشْرَانِ وَمَا أُخِذَ مِنَ
الْمُسْلِمِ فِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ أُخِذَ مِنْهُمْ
نِصْفُ الْعُشْرِ وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ
وَنِسَائِهِمْ وَرِجَالِهِمْ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ
وَقَالَ زُفَرُ لَا شَيْءَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ
فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْءٌ
مَنْصُوصٌ وَمَذْهَبُهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ بَنِي
تَغْلِبَ وَغَيْرَهُمْ سَوَاءٌ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ
مِنْهُمْ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا
فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يُنَصِّرُوا
أَوْلَادَهُمْ وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَا عَهْدَ لَهُمْ
كَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ بْنُ كُرْدُوسَ وَهُوَ رَاوِيَةُ
حَدِيثِ عُمَرَ فِي بَنِي تَغْلِبَ قَالَ أَبُو عُمَرَ
قَدْ عَمَّ اللَّهُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي أَخْذِ
الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ فَلَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِ بَنِي
تَغْلِبَ عَنْهُمْ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ
الْجِزْيَةَ إِنَّمَا تُضْرَبُ عَلَى الْبَالِغِينَ مِنَ
الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَأَجْمَعُوا
أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَسْلَمَ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ
فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إذا أسلم في بعض
الحلول أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ حَوْلُهُ فَقَالَ
مَالِكٌ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ
مَا لَزِمَهُ مِنَ الْجِزْيَةِ لِمَا مَضَى وَسَوَاءٌ
اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَوْلٌ أَوْ أَحْوَالٌ وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
الْحُسَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا انْقَضَتِ
السَّنَةُ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ وَدَخَلَتْ
سَنَةٌ أُخْرَى لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا مَضَى
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ إِذَا أَسْلَمَ
فِي بَعْضِ السَّنَةِ أُخِذَ
(2/132)
مِنْهُ بِحِسَابٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ
فَإِنْ أَفْلَسَ فَالْإِمَامُ غَرِيمٌ مِنَ الْغُرَمَاءِ
وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ
كَقَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
(2/133)
حَدِيثٌ سَابِعٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَهَذَا
الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلٌ عِنْدَ
جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مُسْنَدًا
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا
حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ الدَّبَّاغُ
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ الْمَدَنِيُّ
الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قصي
بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ
خَالِدٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا
مُسْنَدًا وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
مُرْسَلٌ فِي رِوَايَتِهِ وَقَدْ تَابَعَ عُثْمَانَ بْنَ
خَالِدٍ الْعُثْمَانِيَّ عَلَى رِوَايَتِهِ هَذِهِ فِي
هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى
الْكُوفِيُّ فَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَرَوَاهُ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان بن رداد ومسكين ابن
بُكَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
(2/134)
عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَالصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَرَوَى
أَبُو حُذَافَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا
مُنْكَرًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَّثَنَاهُ خلف ابن الْقَاسِمِ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَرِّزُ
حَدَّثَنَا أحمد بن الحسن ابن هارون حدثنا أبو حذافة
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ جَمَاعَةُ حُفَّاظٍ وَزِيَادَةُ الْحَافِظِ
مَقْبُولَةٌ فَمِمَّنْ أَسْنَدَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثقفي ومحمد بن عبد الرحمان
بْنِ رَدَّادٍ الْمَدَنِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ وَرَوَاهُ ابْنُ
عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وعمرو بن دينار جميعا عن محمد
ابن عَلِيٍّ مُرْسَلًا فَأَمَّا حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ عمر فحدثناه عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ لُؤْلُؤٍ الْبَغْدَادِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ علي ابن الْحَسَنِ
الْقَافْلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
(2/135)
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ
سَمِيعٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ
سَوَاءً وَأَمَّا حَدِيثُ الثَّقَفِيِّ فَحَدَّثَنَاهُ
عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى
أَبُو مُوسَى قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنَا أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ
قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ الْبَزَّارُ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَحَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا
الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ
الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمْ
أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَالْحَسَنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ وَالرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمٍ فَحَدَّثَنِي بِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
(2/136)
أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ
بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ حَاتِمٍ
الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَرَوَى
هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ أَيْضًا
عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ فَأَخْطَأَ فِيهِ جَعَلَهُ
عَنْ يحيى بن سليم عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّ
في االحديث عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ وَقَضَى بِهَا عَلِيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يَا
أَهْلَ الْكُوفَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ رَدَّادٍ
فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ
قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد قال حدثنا محمد ابن
أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الرحمان بْنِ رَدَّادٍ قَالَ
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ هَكَذَا ذَكَرَهُ
الْبَزَّارُ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى
وَجْهَيْنِ فَقَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن الْمُطَّلِبِ
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُقْرِئُ
حَدَّثَنَا بشر ابن معاذ حدثنا محمد بن عبد الرحمان بْنِ
رَدَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى
(2/137)
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ هَكَذَا قَالَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ وَجَعَلَهُ لَهُ عَنْ جَعْفَرٍ
قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ أَيْضًا
قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمان عَنْ
مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ فَجَعَلَهُ
لِابْنِ رَدَّادٍ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ وَفِي
ذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى وَأَمَّا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ أَبِي حَيَّةَ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ
قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ
بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ حَمَّادٍ
الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي
حَيَّةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ
أَنْ يَقْضِيَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَهَذَا مَا
فِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَإِرْسَالُهُ
أَشْهَرُ وَفِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ آثَارٌ
مُتَوَاتِرَةٌ حِسَانٌ ثَابِتَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَصَحُّهَا
إِسْنَادًا وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ
حَدِيثٌ لامطعن لِأَحَدٍ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا خِلَافَ
بَيْنِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ فِي أَنَّ
رِجَالَهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ سيف بن سليمان عن قيس بْنُ
سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
ورواه محمد بن مسلم الطائفي عن عمر بْنِ دِينَارٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ يَحْيَى القطان سيف ابن
سُلَيْمَانَ ثَبْتٌ مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ وَقَالَ
النَّسَائِيُّ هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ سَيْفٌ ثِقَةٌ
وَقَيْسٌ ثِقَةٌ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ
نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ
الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ
الْمَكِّيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ
الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ
عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنُ سَعْدٍ
عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(2/138)
قَضَى الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ
قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا بن
الحباب قال حدثنا سيف ابن سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ
سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ
حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ وَحَدَّثَنَا
عبد الوارث ابن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حدثنا ابن وضاح قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ
يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قالا حدثنا
عبد الله بن الحرث قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ
سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ قَالَ عَمْرُو فِي
الْأَمْوَالِ خَاصَّةً وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ
(2/139)
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّارُ قَالَ
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخَرَّازُ قال
حدثنا عبد الله بن الحرث الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ
سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أحمد بن عمرو وحدثناه
عبدة ابن عَبْدِ اللَّهِ وَرِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى
قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ
حَدَّثَنَا سَيْفُ بن سليمان عن قيس بن سعد عن عَمْرِو
ابْنِ ابْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً قَالَ أَبُو
عُمَرَ خَرَّجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ
وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَتَانِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا
يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمَا لِشُهْرَتِهِمَا فِي
الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ
سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ واخبرنا عبد الله
بن محمد ابن أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ
قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ
وَذَكَرَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ
الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا
(2/140)
أبو زيد عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الدراوردي
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ
ثُمَّ أَتَيْتُ سُهَيْلًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا
الْحَدِيثِ فَقَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ نَسِيَ
سُهَيْلٌ حَدِيثَهُ هَذَا ثُمَّ حَمَلَهُ الْوَرَعُ عَلَى
أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ
يَمِلْ إِلَى إِذْكَارِ رَبِيعَةَ إِيَّاهُ بِذَلِكَ
فَكَانَ يَقُولُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ أَنِّي حَدَّثْتُهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا عَنْ
سُهَيْلٍ أَحَدٌ إِلَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ فِي رِوَايَةِ
بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَاهُ
جَمَاعَةُ حُفَّاظٍ عَنْ رَبِيعَةَ لَمْ يَقُولُوا فِيهِ
مَا قَالَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَلَى أَنَّهُ قد رواه
جماعة عن الدراروردي فَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ وَقَدْ
عَرَضَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ نَسُوا مَا
حَدَّثُوا بِهِ ثُمَّ رَوَوْهُ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُمْ
عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ تَقَصَّيْنَا ذَلِكَ
وَذَكَرْنَاهُ خَرَجْنَا عَنْ حَدِّ مَا قَصَدْنَا لَهُ
فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ
سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثْتَنِي أَنْتَ عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ وَيْحَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ قَالَ
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا
مُعْتَمِرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثْتَنِي
أَنْتَ يَعْنِي مُعْتَمِرًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ قَالَ إِنَّمَا كَسَرَ عُمَرُ النَّبِيذَ مِنْ
شِدَّةِ حَلَاوَتِهِ قَالَ قَالَ مُعْتَمِرٌ فَأَمَّا
أَنَا فَلَا أَحْفَظُهُ وحفظه أبي عنى أخبرنا أحمد
(2/141)
ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئُ
قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ
قَالَ لِي أَبِي أَنْتَ حَدَّثْتَنِي عَنِّي عَنْ فُلَانٍ
أَنَّهُ قَالَ وَيْحَ بَابُ رَحْمَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ
فَهَذَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ قَدْ عَرَضَ لَهُ
كَالَّذِي عَرَضَ لِسُهَيْلٍ إِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَ
الدَّرَاوَرْدِيُّ وَنِسْيَانُ سُهَيْلٍ وَغَيْرِهِ لَهُ
لَا يَقْدَحُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْعَدْلَ إِذَا
رَوَى خَبَرًا عَنْ عَدْلٍ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ لَمْ
يَضُرَّ الْحَدِيثَ أَنْ يَنْسَاهُ أَحَدُهُمْ لِأَنَّ
الْحُجَّةَ حِفْظُ مَنْ حَفِظَ وَلَيْسَ النسيان بحجة
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمان بْنِ عَلِيٍّ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ
الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ
الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ
رَبِيعَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَحَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ
الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ الْكِنْدِيُّ ببغداد
(2/142)
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ
مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ حدثنا
ربيعة بن أبي عبد الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ
سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ
عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عبد
الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ
الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ
سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قال حدثنا سحنون ابن سَعِيدٍ
قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُهَيْلِ
بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ
الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ
(2/143)
إِبْرَاهِيمَ الدِّيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ قَالَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ
حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بْنُ دَاوُدَ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَا جميعا أخبرنا سليما بْنُ
بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمان عَنْ
سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ
السُّبَيْعِيُّ الْحَلَبِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا
أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُهَيْلٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بن محمد
عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بن حمزة ابن
عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ جَعْفَرٍ
الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ
حَدَّثَنَا ابْنُ
(2/144)
وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ
الْحَكَمِ عَنْ زهير بن محمد عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ
سَأَلَنِي عَنْهُ النَّسَائِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حدثنا محمد
ابْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى
وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ وَهْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ الْمَدَنِيِّ
عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أَبُو عمر زهير بن
محمد عندهم سيء الْحِفْظِ كَثِيرُ الْغَلَطِ لَا يُحْتَجُّ
بِهِ وَعُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
وَالصَّوَابُ فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رَوَاهُ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلٍ وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ
حَدِيثِ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ
وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن القاسم ابن
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْجُمَحِيُّ بِمَكَّةَ
قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
بَزَّةَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ
(2/145)
قال حدثنا حماد بن سلم عَنْ سُهَيْلِ بْنِ
أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا
أَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِغَيْرِ
هَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ مِنْ حَدِيثِ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ من غير حَدِيثَ سُهَيْلٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد
الرحمان القرشي قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الطَّائِيُّ بِحِمْصَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَوْفٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ
قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم عليه قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ ابْنُ
الْمُبَارَكِ وَحَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُرَيْحًا قَضَيَا
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
(2/146)
قال أبو عمر المغيرة بن عبد الرحمان
انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُتَابَعْ
عَلَيْهِ أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ
الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
عَرَفَةَ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ
الْمَدَنِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَرَوَاهُ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ
بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يحيى ابن أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ
أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ سَلَامٍ اليزيدي قال أخبرنا
معن ابن عِيسَى الْقَزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ
مَعِينِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ كِتَابٌ
وَجَدْتُهُ فِي كتب سعد بن عبادة أن عمارة ابن حَزْمٍ
شَهِدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ
(2/147)
الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ سَعْدُ بْنُ
عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَعِيشُ بْنُ
سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عمرو ابن شُرَحْبِيلَ
بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيِّ قَالَ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ
عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي كُتُبِ
سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ
الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ
الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي الْحُقُوقِ أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا
عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا
الْبَغَوِيُّ قَالَ حدثنا
(2/148)
الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرحمان عَنِ ابْنٍ لِسَعْدِ
بْنِ عُبَادَةَ قَالَ وَجَدْنَا فِي كُتُبِ سَعْدِ بْنِ
عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مع الشاهد وذكر ابن وهب في
موطاه عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ
أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ
سعد بن عبادة عن أبيه أنه وَجَدُوا فِي كِتَابِ سَعْدِ
بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
الْوَاحِدِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي ابْنُ
لَهِيعَةَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ
غَزِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ
بْنِ سَعِيدِ بن سعد بن عُبَادَةَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي
كُتُبِ آبَائِهِ هَذَا مَا رَفَعَ أَوْ ذَكَرَ عَمْرُو
01080) بْنُ حَزْمٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَا
بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ مَعَ
أَحَدِهِمَا شَاهِدٌ لَهُ عَلَى حَقِّهِ فَجَعَلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَ
صَاحِبِ الْحَقِّ مَعَ شَاهِدِهِ فَاقْتَطَعَ بِذَلِكَ
حَقَّهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان قال حدثنا
قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ
(2/149)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ
بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ
النَّاقِدُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنِي
مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ عَنِ ابن جريح عن عمرو ابن
شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ
الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرَ
النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
الْأُشْنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ سُرَّقٌ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى
(2/150)
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ
بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا
جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَحْسَبُهُ ابْنَ
الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ سُرَّقٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ
قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ
أَسْمَاءَ وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرحمان
الْقُرَشِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرِ
بْنِ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ
الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الْجَرَادِيُّ
وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ
وَعَبْدُ اللَّهِ بن زياد
(2/151)
الشَّعْرَانِيُّ وَأَبُو عَرُوبَةَ
الْحَرَّانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن حَكِيمٍ
الْمُقَوِّمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ مُسْلِمُ
بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ
أَسْمَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى
الْمُنْبَعِثِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سُرَّقٍ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِشَهَادَةِ
رَجُلٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ
التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ
حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ رَجُلٍ
مِنَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ رَجُلٍ كَانَ بَيْنَ
أَظْهُرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ
السَّلَامُ يُقَالُ لَهُ سُرَّقٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ
الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
(2/152)
هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ
بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى
الْمُنْبَعِثِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ
سُرَّقٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَقَالَ
مَرَّةً أُخْرَى قَضَى بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَيَمِينِ
الطَّالِبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصَحُّ إِسْنَادٍ لِهَذَا
الْحَدِيثِ إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهَا فَحِسَانٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي
هَذَا الْبَابِ الْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ لَا غَيْرَ
وَلَوْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَمَّنْ قَضَى بِذَلِكَ
مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ وَعُلَمَاءِ المسلمين
لطال ذلك وممن روى عنه القضاء بِالْيَمِينِ مَعَ
الشَّاهِدِ مَنْصُوصًا مِنَ الصَّحَابَةِ أَبُو بَكْرٍ
وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ فِي
الْأَسَانِيدِ عَنْهُمْ ضَعْفٌ فَإِنَّا لَمْ نَذْكُرْهُمْ
عَلَى سَبِيلِ الْحُجَّةِ لِأَنَّ الْحُجَّةَ قَدْ
لَزِمَتْ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَلَا تَحْتَاجُ
السُّنَّةُ إِلَى مَنْ يُتَابِعُهَا لِأَنَّ مَنْ
خَالَفَهَا مَحْجُوجٌ بِهَا وَلَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ
مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْيَمِينَ مَعَ
الشَّاهِدِ بَلْ جَاءَ عَنْهُمُ الْقَوْلُ بِهِ وَعَلَى
الْقَوْلِ بِهِ جُمْهُورُ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ
الرحمان وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةُ وَسَالِمٌ
وَأَبُو بَكْرِ بن عبد الرحمان وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُلَيْمَانُ
بْنُ يَسَارٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَأَبُو جَعْفَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو الزِّنَادِ وَعُمَرُ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ
هَؤُلَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَّا عُرْوَةُ فَإِنَّهُ اخْتُلِفَ
فِيهِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ عن ابن
(2/153)
شِهَابٍ فَقَالَ مَعْمَرٌ سَأَلْتُ
الزُّهْرِيَّ عَنِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقَالَ
هَذَا شَيْءٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ لَا بُدَّ مِنْ
شَهِيدَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَوَّلَ مَا
وَلِيَ الْقَضَاءَ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَبِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ
وَأَتْبَاعُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ
رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
بْنُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْأَثَرِ هُوَ الَّذِي
لَا يَجُوزُ عِنْدِي خِلَافُهُ لِتَوَاتُرِ الْآثَارِ بِهِ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِهِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ
وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْضَى بِالْيَمِينِ
مَعَ الشَّاهِدِ فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ ولم يحتج في موطاه
لِمَسْأَلَةٍ غَيْرِهَا وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي
الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَلَا عَنْ
أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ وَمِصْرَ
وَغَيْرِهَا وَلَا يَعْرِفُ الْمَالِكِيُّونَ فِي كُلِّ
بَلَدٍ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ إِلَّا عِنْدَنَا
بِالْأَنْدَلُسِ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى تَرَكَهُ
وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يُفْتِي
بِهِ وَلَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَخَالَفَ يَحْيَى مَالِكًا
فِي ذَلِكَ مَعَ خِلَافِهِ السُّنَّةَ وَالْعَمَلَ بِدَارِ
الْهِجْرَةِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يُقْضَى
بِالْعُهْدَةِ فِي الرَّقِيقِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ
خَاصَّةً أَوْ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ وَيُقْضَى
بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي كُلِّ بَلَدٍ
وَقَدْ أَفْرَدَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لِذَلِكَ
كِتَابًا بَيَّنَ فِيهِ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ رَدَّهُ
وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَقَالَ أَبُو
حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ
لَا يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ
وَطَائِفَةٍ وَزَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَضَى
بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَهَذَا غَلَطٌ
وَظَنٌّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَلَيْسَ مَنْ
نَفَى وَجَهِلَ كَمَنْ أَثْبَتَ وَعَلِمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا
مَنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ
وَلَيْسَ فيهم من يدع عِلْمَهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
مَرْوَانَ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ مَرْوَانَ
قَضَى بِشَهَادَةِ ابْنِ عمر وحده لنبي صُهَيْبٍ يَعْنِي
مَعَ أَيْمَانِهِمْ وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ رَدَّ الْيَمِينَ
مَعَ الشَّاهِدِ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ فيه منسوخ
(2/154)
بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ
لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَالُوا
وَلَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ
فَشَهَادَةٌ وَيَمِينٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ
الْيَمِينَ إِنَّمَا جُعِلَتْ لِلنَّفْيِ لَا
لِلْإِثْبَاتِ وَجَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا
سَبِيلَ لِلْمُدَّعِي إِلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي
هَذَا إِغْفَالٌ شَدِيدٌ وَذَهَابٌ عَنْ طَرِيقِ النَّظَرِ
وَالْعِلْمِ وَمَا في قول عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتَشْهِدُوا
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا
رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مَا يُرَدُّ بِهِ
قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَإِنَّمَا فِي
هَذَا أَنَّ الْحُقُوقَ يُتَوَصَّلُ إِلَى أَخْذِهَا
بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ
إِلَيْهَا وَلَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بِمَا ذُكِرَ فِيهَا
لَا غَيْرَ وَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ زِيَادَةُ حُكْمٍ
عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَنَهْيِهِ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى
عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا مَعَ قَوْلِ اللَّهِ
وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ وَكَنَهْيِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ
الْحُمُرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ من السباع مَعَ قَوْلِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ
إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ الْآيَةَ
وَكَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا
وَرَدَ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مَسْحِهِمَا وَمِثْلُ
هَذَا كَثِيرٌ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ
نَسَخَ حُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ بِالْيَمِينِ مَعَ
الشَّاهِدِ لَجَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ فِي
قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ
وَحَرَّمَ الرِّبَا وَفِي قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ
تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ نَاسِخٌ لِنَهْيِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ
وَبَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ إِلَى
سَائِرِ مَا نَهَى عَنْهُ فِي الْبُيُوعِ وَلَجَازَ أَنْ
يُقَالَ إِنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً نَاسِخٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا صَدَقَةَ فِي
الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَهَذَا لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ
لِأَنَّ السُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ زَائِدَةٌ
عَلَيْهِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُكْمِ بِهِ وَلَوْ
(2/155)
جَازَ ذَلِكَ لَارْتَفَعَ الْبَيَانُ
وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَفْتَرِضُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى
لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ
بِطَاعَةِ رَسُولِهِ أَمْرًا مُطْلَقًا وَأَخْبَرَ أَنَّهُ
لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ
يُوحَى وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ وَقَالَ عَزَّ
وَجَلَّ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ
آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ قَالُوا الْقُرْآنُ
وَالسُّنَّةُ وَمِنَ الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ أَنَّا
وَجَدْنَا الْيَمِينَ أَقْوَى مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ
لِأَنَّهُمَا لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي اللِّعَانِ واليمين
تدخل في اللعان ولما اثبت أَنْ يُحْكَمَ بِشَهَادَةِ
امْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ فِي الْأَمْوَالِ كَانَ كَذَلِكَ
الْيَمِينُ مَعَ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَفِي الْأُصُولِ أَنَّ
مَنْ قَوِيَ سَبَبُهُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ أَلَا تَرَى
أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ حَلَفَ
صَاحِبُ الْيَدِ فَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَمَا
ذَكَرُوا مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ حُكْمِ النَّبِيِّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الدَّيْنِ
يَنْتَقِضُ عَلَيْهِمْ بِالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ
وَمَعَاقِرِ الْقَمْطِ وَأَنْصَابِ اللَّبَنِ وَالْجُذُوعِ
الْمَوْضُوعَةِ فِي الْحِيطَانِ فَإِنَّهُمْ قَدْ حَكَمُوا
بِكُلِّ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَذْكُورًا فِي الْآيَةِ فَإِذَا
اسْتَجَازُوا أَنْ يَسْتَحْسِنُوا وَيَزِيدُوا عَلَى
النَّصِّ ذَلِكَ كُلِّهِ اسْتِحْسَانًا فَكَيْفَ
يُنْكِرُونَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ بِالْأَخْبَارِ
الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
وَصَحِيحِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا
أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى إِكْثَارٍ
وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهُ كِفَايَةٌ لِمَنْ فَهِمَ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ
خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
سَعِيدٍ الرَّازِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خالد بن إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ
أَجَازَ شَهَادَةَ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ وَحْدَهُ
يَعْنِي مَعَ
(2/156)
يَمِينِ الطَّالِبِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ
قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ
شُرَيْحًا أَجَازَ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَعَ يَمِينِ
الطَّالِبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ
شَهِدْتُ يَحْيَى بْنَ مَعْمَرٍ قَضَى بِذَلِكَ قَالَ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا
هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا
أَبُو مُوسَى حدثنا محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ
الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ
مِثْلَهُ فَهَؤُلَاءِ قُضَاةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَيْضًا
يَقْضُونَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي زَمِنَ
الصَّحَابَةِ وَصَدْرِ الْأُمَّةِ وَحَسْبُكَ بِهِ عَمَلًا
مُتَوَارَثًا بِالْمَدِينَةِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَرَوِيُّ قَالَ
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ
شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَيَمِينُ الطَّالِبِ وَقَالَ
مَالِكٌ يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ
لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ فَلَمَّا حَلَفَ مَعَ
الرَّجُلِ حَلَفَ مَعَهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا
يَمِينَ إِلَّا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي
الْأَمْوَالِ خَاصَّةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ
الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
(2/157)
حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ هَكَذَا رَوَاهُ سَائِرُ
رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا إِلَّا سَعِيدَ بْنَ
عُفَيْرٍ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَإِنْ
صَحَّتْ رِوَايَتُهُ فَهُوَ مُتَّصِلٌ وَالْحُكْمُ عِنْدِي
فِيهِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ عِنْدَ مَالِكٍ لِرِوَايَةِ
الْجَمَاعَةِ لَهُ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ
حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي
وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ
حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ وَرَوَاهُ الْوُحَاظِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ
النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَاغَنْدِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
عِيسَى الطَّبَّاعِ عَنْ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ إِلَّا أَنَّهُ
خُولِفَ الْبَاغَنْدِيُّ فِي ذَلِكَ عَنْ إِسْحَاقَ
فَأَمَّا الْمُوَطَّأُ فَهُوَ فِيهِ مُرْسَلٌ إِلَّا فِي
رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ فِي
الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ
عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي
عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ
(2/158)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ
الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ هَكَذَا
قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ سَلَمَةَ عَنْ محمد ابن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قال سمعت عائشة ونقول لَمَّا
أَرَادُوا غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رسول
الله صلى الله عليه وسلم من ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ
مَوْتَانَا أَمْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ
فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ
النُّوَّمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ
فِي صَدْرِهِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ
الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ أَنِ اغْسِلُوا
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ
ثِيَابُهُ فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَغَسَّلُوهُ
وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ
الْقَمِيصِ وَيُدَلِّكُونَهُ
(2/159)
بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ وَكَانَتْ
عَائِشَةُ تَقُولُ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا
اسْتَدْبَرْتُهُ مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ قَالَ
أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ
تَحْرِيمُ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَتِهِمَا وَحُرْمَةُ
الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فِي ذَلِكَ
وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُغَسِّلَ مَيِّتًا إِلَّا
وَعَلَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ فَإِنْ غُسِّلَ فِي قَمِيصِهِ
فَحَسَنٌ وَإِنْ سُتِرَ وَجُرِّدَ عَنْهُ قَمِيصُهُ
وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ غُطِّيَ بِهِ رَأْسُهُ وَسَائِرُ
جِسْمِهِ إِلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ فَحَسَنٌ وَإِلَّا
فَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُ مِنْ سَتْرِهِ أَنْ تُسْتَرَ
عَوْرَتُهُ وَيَسْتَحِبُّ الْعُلَمَاءُ أَنْ يُسْتَرَ
وَجْهُهُ بِخِرْقَةٍ وَعَوْرَتُهُ بِأُخْرَى لِأَنَّ
الْمَيِّتَ رُبَّمَا تَغَيَّرَ وَجْهُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ
لِعِلَّةٍ أَوْ دَمٍ وَأَهْلُ الْجَهْلِ يُنْكِرُونَ
ذَلِكَ وَيَتَحَدَّثُونَ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ
غَسَّلَ مَيِّتًا ثُمَّ لَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ خَرَجَ مِنْ
ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَرُوِيَ
النَّاظِرُ مِنَ الرِّجَالِ إِلَى فُرُوجِ الرِّجَالِ
كَالنَّاظِرِ مِنْهُمْ إِلَى فُرُوجِ النِّسَاءِ
وَالنَّاظِرُ وَالْمُنْكَشِفُ مَلْعُونٌ وَقَالَ ابْنُ
سِيرِينَ يُسْتَرُ مِنَ الْمَيِّتِ مَا يُسْتَرُ مِنَ
الْحَيِّ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ
يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ
فَضَاءٌ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سُتْرَةٌ
أخبرنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حدثنا
(2/160)
إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ
أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الحرث أَنَّ
عَلِيًّا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ
خِرْقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مُسْتَحْسَنٌ عِنْدَ
جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاسِلُ خِرْقَةً
فَيَلُفُّهَا عَلَى يَدِهِ إِذَا أَرَادَ غَسْلَ فَرْجِ
الْمَيِّتِ ليلا يُبَاشِرَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ بَلْ
يُدْخِلُ يَدَهُ مَلْفُوفَةً بِالْخِرْقَةِ تَحْتَ
الثَّوْبِ الَّذِي يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ قَمِيصًا كَانَ
أَوْ غَيْرَهُ فَيَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَأْمُرَ مَنْ
يُوَالِي بِالصَّبِّ عَلَيْهِ حَتَّى يُنْفَى مَا
هُنَالِكَ مِنْ قُبُلٍ وَدُبُرٍ وَعَلَى مَا وَصَفْنَا
مِنَ الْعَمَلِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ فِي بَابِ أَيُّوبَ
وَإِنْ لَمْ يَلُفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَدَلَّكَهُ
بِالْقَمِيصِ أَجْزَأَهُ إِذَا أَنْقَى وَلَا يُبَاشِرُ
شَيْئًا مِنْ عَوْرَتِهِ بِيَدِهِ ذَكَرَ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ
الْمُسَيَّبِ قَالَ الْتَمَسَ عَلِيٌّ رِضَى اللَّهُ
عَنْهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا
فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ
مَيِّتًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا بن جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ يُخْبِرُ قَالَ
غُسِّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي قَمِيصٍ وَغُسِّلَ ثَلَاثًا كُلُّهُنَّ
بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَوَلِيَ عَلِيٌّ سِفْلَتَهُ وَالْفَضْلُ
بن العباس
(2/161)
مُحْتَضِنُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَالْعَبَّاسُ يَصُبُّ الْمَاءَ وَعَلِيٌّ يَغْسِلُ
سِفْلَتَهُ وَالْفَضْلُ يَقُولُ أَرِحْنِي أَرِحْنِي قطعت
وتيني أني لجد شَيْئًا يَتَنَزَّلُ عَلَيَّ قَالَ
وَغُسِّلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم من بير
لِسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ يُقَالُ لَهَا الْعُرْسُ
بِقُبَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَشْرَبُ مِنْهَا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ
رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوَفِّيَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجِّيَ
بِثَوْبٍ هَتَفَ هَاتِفٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ
يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ
الْمَوْتِ الْآيَةَ إِنَّ فِي اللَّهِ خَلَفًا مِنْ كُلِّ
هَالِكٍ وَعَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَدَرَكًا مِنْ
كُلِّ فايت فَبِاللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا
فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ قَالَ عَلِيٌّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَوَلَّى غُسْلَهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبَّاسُ وَأَنَا وَالْفَضْلُ قَالَ
عَلِيٌّ فَلَمْ أَرَهُ يَعْتَادُ فَاهُ فِي الْمَوْتِ مَا
يَعْتَادُ أَفْوَاهَ الْمَوْتَى ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ
عَلِيٌّ مِنْ غُسْلِهِ وَأَدْرَجَهُ فِي أَكْفَانِهِ
كَشَفَ الْإِزَارَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ بِأَبِي
أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا
انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ أَحَدٍ
مِمَّنْ سَوِاكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْأَنْبِيَاءِ
خُصِّصْتَ حَتَّى صِرْتَ مُسَلِّيًا عَمَّنْ سِوَاكَ
وَعُمِّمْتَ حَتَّى صَارَتِ الْمُصِيبَةُ فِيكَ سَوَاءً
وَلَوْلَا أَنَّكَ أَمَرْتَ بالصبر ونهيت عن الجزع لانفذنا
عليك الشؤن بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي اذْكُرْنَا عِنْدَ
رَبِّكَ وَاجْعَلْنَا مِنْ هَمِّكَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى
قَذَاةٍ فِي عَيْنِهِ فَلَفَظَهَا بِلِسَانِهِ ثُمَّ رَدَّ
الْإِزَارَ عَلَى وَجْهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ وَقَطَعَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ
يُنْزَعْ عَنْهُ ذَلِكَ القميص وأنه
(2/162)
كُفِّنَ فِيهِ مَعَ الثَّلَاثَةِ
الْأَثْوَابِ السُّحُولِيَّةِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ
الْمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ ثِيَابِ أَكْفَانِهِ وَثِيَابُ
الْأَكْفَانِ غَيْرُ مَبْلُولَةٍ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ
كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ
لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ تَعْنِي لَيْسَ فِي
أَكْفَانِهِ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَسَيَأْتِي
الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا
هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
قَائِلُ ذَلِكَ مَالَ إِلَى رِوَايَةِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ
إِسْمَاعِيلَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ وَثَوْبَيْنِ
صَحَارِيَّيْنِ مِنْ عَمَلِ عَمَّانَ وَهَذَا خَبَرٌ
غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ مُسْنَدٌ
وَالْحُجَّةُ بِهِ أَلْزَمُ فِي الْعَمَلِ وَكِلَاهُمَا
لَا يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ
وَالتَّوْفِيقُ إِلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُسْنَدَ
يُوجِبُ الْعَمَلَ وَتَجِبُ بِهِ الْحُجَّةُ عند جَمِيعُ
أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ
بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ
عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُفِّنَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ
أَثْوَابٍ قَمِيصُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَحُلَّةٌ لَهُ
نَجْرَانِيَّةٌ قِيلَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُورُ عَلَى
يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مِمَّنْ
يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا خُولِفَ فِيهِ أَوِ انْفَرَدَ بِهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهِ فِي شَيْءٍ لِضَعْفِهِ
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ يُعَارِضُهُ
وَيَدْفَعُهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مِقْسَمٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا
قَمِيصُهُ الَّذِي غُسِّلَ فِيهِ
(2/163)
حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمان قَالَ
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث
بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
عِيسَى بْنِ نَجِيحٍ الطَّبَّاعُ وَأَبُو نُعَيْمٍ
الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا
مَالِكٌ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ
كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَلَيْسَ
فِي حَدِيثِ مَالِكٍ كُرْسُفٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صالح مولى التوءمة أَنَّهُ
سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ غُسِّلَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَمِيصٍ قَالَ
وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ
قَالَ كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَمِيصٌ فَنُودُوا أَلَّا تَنْزِعُوهُ
(2/164)
حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَجَلَسَ بَيْنَهُمَا هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ
الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَهُوَ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ
ثَابِتَةٍ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَاخْتَلَفَ
الْفُقَهَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ هَلْ
هُوَ فَرْضٌ أَمْ سُنَّةٌ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ
وَالْعِرَاقِيُّونَ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
إِلَّا الشَّافِعِيَّ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ
سُنَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا فَلَا شَيْءَ
عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ فَرْضٌ وَإِنْ لَمْ
يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا صَلَّى ظُهْرًا أَرْبَعًا
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْخُطْبَةِ هَلْ هِيَ مِنْ
فُرُوضِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا وَقَدْ جَاءَ فِيهَا
أَيْضًا عَنْ أَصْحَابِنَا أَقَاوِيلُ مُضْطَرِبَةٌ
وَالْخُطْبَةُ عِنْدَنَا فِي الْجُمُعَةِ فَرْضٌ وَهُوَ
مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ
أَنَّهَا مِنْ بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُجْمَلِ الْخِطَابِ فِي صَلَاةِ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى يا
أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ
يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذورا الْبَيْعَ
فَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِفِعْلِهِ كَيْفَ هِيَ
وَأَيَّ وَقْتٍ هِيَ وَبَيَانُهُ لِذَلِكَ فَرْضٌ
كَسَائِرِ بَيَانِهِ لِمُجْمَلَاتِ الْكِتَابِ فِي
الصَّلَوَاتِ وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَأَوْقَاتِهَا
وَفِي الزَّكَوَاتِ وَمَقَادِيرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ
مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ
أَصْحَابِنَا عَلَى وُجُوبِ الْخُطْبَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ وَتَرَكُوكَ قَائِمًا لِأَنَّهُ عَاتَبَ
بِذَلِكَ الَّذِينَ تَرَكُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَانْفَضُّوا إِلَى التِّجَارَةِ الَّتِي قَدِمَتِ
الْعِيسُ بِهَا في تلك
(2/165)
السَّاعَةِ وَعَابَهُمْ لِذَلِكَ وَلَا
يُعَابُ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ وَمَا
قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلٍ فِي وُجُوبِهَا لَازِمٌ أَيْضًا
قَاطِعٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَكُلُّ مَا وَقَعَ
عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنْ كَلَامٍ مُؤَلَّفٍ يَكُونُ
فِيهِ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَصَلَاةٌ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ وَشَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ يُجْزِئُ وَلَا يُجْزِئُ
عِنْدِي إِلَّا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ
خُطْبَةٍ وَأَمَّا تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ
أَوْ تَهْلِيلَةٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَا
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي هَذَا شَيْئًا
لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا لِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ
مِنْ صَحِيحِ الْقَوْلِ عِنْدَنَا وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الْأَثَرُ الْمُتَّصِلُ فِي مَعْنَى
حَدِيثِ مَالِكٍ فَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ قَالَ
عَلِيٌّ وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ بِخُطْبَتَيْنِ قَائِمًا
يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم ابن
أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ
جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا وَيَجْلِسُ
بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا
وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا وَكَانَ يَتْلُو في خطبته آيات
القرآن
(2/166)
|