المختصر النصيح
في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح 41 - كِتَاب الصُّلْحِ
بَاب الْإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ
وَقَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ
نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ
أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} إلَى قَوْلِهِ
{عَظِيمًا}.
[1595] (2691) خ نَا مُسَدَّدٌ، نا مُعْتَمِرٌ قَالَ:
سَمِعْتُ أبِي أَنَّ أَنَسًا قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ
الله بْنَ أُبَيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ حِمَارًا،
فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ وَهِيَ
أَرْضٌ سَبِخَةٌ.
[1596] (4566) خ ونَا أَبُوالْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا
شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ،
أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ
الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ
عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ
زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فِي
بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَبْلَ وَقْعَةِ
بَدْرٍ، قَالَ: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ الله
بْنُ أبِي بْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ
عَبْدُ الله بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ
أَخْلاَطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ
الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ الله
بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ
الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُالله بْنُ أُبَي أَنْفَهُ
بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ تُغَيِّر (1) عَلَيْنَا،
فَسَلَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الله
وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ
أبِي بْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، إِنَّهُ لاَ
أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ
تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا, ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ
فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ
_________
(1) هكذا في النسخة، وفي الصحيح: لا تغبر.
(3/192)
عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ
رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ الله فَاغْشَنَا بِهِ فِي
مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ
الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى
كَادُوا أن يَتَثَاوَرُا (1).
وقَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي وَالله لَقَدْ
آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ
الأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَالله لَحِمَارُ رَسُولِ الله
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ،
فَغَضِبَ لِعَبْدِ الله رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَهُ،
فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ
بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِي
وَالنِّعَالِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَلَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا (2)،
ثُمَّ رَكِبَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ
عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ
أَبُوحُبَابٍ» - يُرِيدُ عَبْدَ الله بْنَ أبِي - «قَالَ
كَذَا وَكَذَا».
قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ الله اعْفُ
عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ
الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ الله بِالْحَقِّ الَّذِي نَزَّلَ
عَلَيْكَ ولَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ (3)
عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ،
فَلَمَّا أَبَى الله ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ
شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ
فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ
الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمْ الله، وَيَصْبِرُونَ عَلَى
الأَذَى، قَالَ الله {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ
أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الْآيَةَ،
_________
(1) كذا في النسخة، وفي الصحيح: كادوا يتثاورون، وهو أفصح.
(2) في الصحيح: سكنوا. بِالنُّونِ وكَذَا هو في رواية
الأَكْثَرِ، وَعِنْد الْكُشْمِيهَنِيِّ كما في النسخة
بِالْمُثَنَّاةِ.
(3) فِي رِوَايَة الْحَمَوِيِّ " الْبُحَيْرَة "
بِالتَّصْغِيرِ، وَهَذَا اللَّفْظ يُطْلَق عَلَى
الْقَرْيَة وَعَلَى الْبَلَد، وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا
الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة، وَنَقَلَ يَاقُوت أَنَّ
الْبَحْرَة مِنْ أَسْمَاء الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة.
(3/193)
وَقَالَ الله {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ
كُفَّارًا حَسَدًا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَتَأَوَّلُ في الْعَفْوِ مَا أَمَرَهُ الله بِهِ حَتَّى
أَذِنَ الله فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ الله صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا فَقَتَلَ الله بِهِ
صَنَادِيدَ قُرَيْشٍ أي كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ
أبِي ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ
وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ،
فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى الْإِسْلاَمِ، فَبَايعُوهُ فَأَسْلَمُوا.
قَالَ مُعْتَمِرٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: فَبَلَغَنَا
أَنَّهَا نَزَلَتْ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}
الآية.
وَخَرَّجَهُ في: باب الرّدْفِ عَلى الحِمَار (2987) , وفِي
بَابِ التَّسْلِيمِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ (6254) , وفِي بَابِ
كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ (6207) , وفي بَاب قوله عَزَّ
وَجَلَّ {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الآية (4566) , وفِي بَابِ
عِيَادَةِ الْمَرِيضِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَرِدْفًا عَلَى
الْحِمَارِ (5663) , وكتاب اللباس بَاب الِارْتِدَافِ
عَلَى الدَّابَّةِ (5964).
بَاب لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ
[1597] (2692) خ نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله،
نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنُ
شِهَابٍ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ
عُقْبَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ الله
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ
الْكَذَّابُ بِالَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي
خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا».
(3/194)
بَاب إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ
جَوْرٍ فهو مَرْدُودٌ
[1598] (2697) خ نَا يَعْقُوبُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ
فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ».
بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ
الله أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ»، وَقَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}.
[1599] (2704) خ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ،
نا سُفْيَانُ، عَنْ أبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ
يَقُولُ: اسْتَقْبَلَ وَالله الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
مُعَاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيانَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ
الْجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنِّي لأَرَى
كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي حَتَّى يُقْتَلَ أَقْرَانُهَا،
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَانَ وَالله خَيْرَ
الرَّجُلَيْنِ: أَيْ عَمْرُو، إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ
هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ
النَّاسِ، مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ، مَنْ لِي
بِضَيْعَتِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ
قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ
بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ الله بْنَ عَامِرِ, فَقَالَ:
اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ،
وَقُولاَ لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ، فَأَتَيَاهُ
فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالَاَ لَهُ
وَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا
مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ
عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالَاَ: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ
عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ،
قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا، قَالَاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ،
فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلاَ قَالَاَ: نَحْنُ لَكَ
بِهِ، فَصَالَحَهُ.
(3/195)
فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ
بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى
النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ
ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ الله أَنْ يُصْلِحَ بِهِ
بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ».
قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله:
إِنَّمَا ثَبَتَ عندنا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أبِي
بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَخَرَّجَهُ في: الفتنةِ بِمْثلِ هَذَا التَّبويبِ (7109)
, وفي عَلاماتِ النُّبوّة (3629)، وفي مَنَاقبِ الحسنِ
مُخْتَصَرا (3746).
بَاب هَلْ يُشِيرُ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ
[1600] (2705) خ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي أُوَيْسٍ
قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعَ
رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ
خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا
أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي
شَيْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: وَالله لاَ أَفْعَلُ، خَرَجَ
عَلَيْهِمَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: «أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى الله لاَ يَفْعَلُ
الْمَعْرُوفَ» , قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ الله، فَلَهُ
أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ.
بَاب فَضْلِ الْإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْعَدْلِ
بَيْنَهُمْ
[1601] (2707) خ نَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ
أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلاَمَى
(3/196)
مِنْ النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ
يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ
الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى
دَابَّتِهِ (1) فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ
عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ
صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ
صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».
وَخَرَّجَهُ في: الجهاد بَاب مَنْ أَخَذَ بِالرِّكَابِ
وَنَحْوِهِ (2989).
بَاب إِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ إِذَا شِئْتُ
أَخْرَجْتُكَ (2)
[1602] (2730) خ نَا أَبُوأَحْمَدَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ
يَحْيَى، أَبُوغَسَّانَ الْكِنَانِيُّ، نا مَالِكٌ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا فَدَعَ أَهْلُ
خَيْبَرَ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا
فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى
أَمْوَالِهِمْ وَقَالَ: «نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ
الله».
وَإِنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ
هُنَاكَ فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّيْلِ، فَفُدِعَتْ
يَدَاهُ, وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، هُمْ
عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاَءَهُمْ،
فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ
بَنِي أبِي الْحُقَيْقِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ
وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا،
فَقَالَ عُمَرُ: (أَظَنَنْتَ) أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ
رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ
بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ
قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ»، فَقَالَ: كَانَتْ
هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أبِي الْقَاسِمِ، قَالَ: كَذَبْتَ
يَا عَدُوَّ الله، فَأَجْلاَهُمْ عُمَرُ فَأَعْطَاهُمْ
قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ الثَّمَرِ مَالًا وَإِبِلًا
وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
_________
(1) في الأصل زَادَ هنا: صَدَقَةٌ، وهو إقحام.
(2) هذا الباب من كتاب الشروط إلا انه لم يفرد كتاب الشروط
على حياله في النسخة.
(3/197)
بَاب الشُّرُوطِ فِي الْجِهَادِ
وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَكِتَابَةِ
الشُّرُوطِ
[1603] (3184) خ نَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ
حَكِيمٍ، ناشُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، نا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ يُوسُفَ بْنِ أبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي
أَبِي، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ.
و (1844، 4251) نا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ
إِسْرَائِيلَ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ.
[1604] و (3182) نا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ، نا
يَحْيَى بْنُ آدَمَ، نا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
هوَ ابنُ سِياه، عَنْ أَبِيهِ، نا حَبِيبُ بْنُ أبِي
ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي أَبُووَائِلٍ قَالَ: سَهْلُ بْنُ
حُنَيْفٍ قَالَ: جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ.
[1605] و (3131) نا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ (1)، و (2711)
يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ.
و (4178) نا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ، نا سُفْيَانُ:
سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ حِينَ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ
حَفِظْتُ بَعْضَهُ وَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ.
وَ (1811) نَا مَحْمُودٌ، و (2731) عَبْدُ الله، نا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ
وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ
صَاحِبِهِ قَالَاَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ سُفْيَانُ: عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ
عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِ النبي صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ
قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا
بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ،
وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى
كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ أَتَاهُ
_________
(1) رواية سعيد بن عفير مع ابن بكير عن الليث عن عقيل إنما
هي لحديث هوازن فحسب.
(3/198)
عَيْنُهُ قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ
جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَقَدْ جَمَعُوا الأَحَابِيشَ
وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ
وَمَانِعُوكَ، فَقَالَ: «أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ
عَلَيَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ
وَذَرَارِيِّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ
يَصُدُّونَا عَنْ الْبَيْتِ فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ الله
قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَإِلاَ
تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ» قَالَ أَبُوبَكْرٍ: يَا
رَسُولَ الله، خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا الْبَيْتِ لاَ
تُرِيدُ قِتَالٍ أَحَدٍ وَلاَ حَرْبًا، فَتَوَجَّهْ لَهُ،
فَمَنْ صَدَّنَا قَاتَلْنَاهُ, قَالَ: «امْضُوا عَلَى
اسْمِ الله».
قَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ
الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ
فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ فَخُذُوا ذَاتَ
الْيَمِينِ» فَوَالله مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى
إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ
نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ
الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ
رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ فَأَلَحَّتْ,
فَقَالَوا: خَلاَتْ الْقَصْوَاءُ، خَلاَتْ الْقَصْوَاءُ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا
خَلأَتْ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَلكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ
حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ» ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ
فِيهَا حُرُمَاتِ الله إِلاَ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا»،
ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ
حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ
قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا،
فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ، وَشُكِيَ
إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْعَطَشُ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ
أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَالله مَا زَالَ
يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ،
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ
وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ
خُزَاعَةَ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ الله صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ:
إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ
لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ
وَمَعَهُمْ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ،
(3/199)
وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنْ
الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ
وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ
نَهِكَتْهُمْ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ
شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي
وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ وَإِنْ شَاءُوا أَنْ
يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا،
وَإِلاَ فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا
حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ الله
أَمْرَهُ».
فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، قَالَ
فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا فقَالَ: إِنَّا قَدْ
جِئْنَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ
قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ
فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لاَ حَاجَةَ لَنَا أَنْ
تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ
مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَالَ:
سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَحَدَّثَهُمْ بِمَا
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ،
أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ:
أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ
تَتَّهِمُونَنِي؟ قَالَوا: لاَ، قَالَ: أَلَسْتُمْ
تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ فَلَمَّا
بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ
أَطَاعَنِي، قَالَوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ
عَرَضَ علَيكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فاقْبَلُوهَا وَدَعُونِي
آتِهِ، قَالَوا: ائْتِ، فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ
النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ
قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ:
أَيْ مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ إِنْ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ
قَوْمِكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ اجْتَاحَ
أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَإِنِّي
وَالله لأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لأَرَى أَشْوَابًا (1)
مِنْ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ،
_________
(1) كذا ثبت في النسخة، والأشواب هم الأخلاط، وعامة الرواة
رووه بلفظ: أَوْشَابًا، وهما بمعنى، ذكرهما القاضي في
موضعين: 1/ 81، 2/ 441.
(3/200)
فَقَالَ لَهُ أَبُوبَكْرٍ: امْصُصْ بَظْرَ
اللاَتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ، فَقَالَ:
مَنْ ذَا؟ قَالَوا: أَبُوبَكْرٍ، قَالَ: أَمَا وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلاَ يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ
أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ، قَالَ: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ
النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا
أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ
عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا
أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ
السَّيْفِ وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ
رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ
عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَوا:
الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ،
أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ.
وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ
فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ
فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «أَمَّا الْإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا
الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ».
ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ
النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنِهِ،
قَالَ: فَوَالله مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلاَ وَقَعَتْ فِي كَفِّ
رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ ورأسه
وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ،
وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ،
وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا
يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ
عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ، وَالله
لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى
قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَالله إِنْ رَأَيْتُ
مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ
أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَالله إِنْ تَنَخَّمَ
نُخَامَةً إِلاَ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ
فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ
ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا
يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ
خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَلا يُحِدُّونَ
إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ
عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا.
(3/201)
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ:
دَعُونِي آتِهِ، فَقَالَوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا
فُلاَنٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ
فَابْعَثُوهَا لَهُ»، فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ
النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ:
سُبْحَانَ الله مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلاَءِ أَنْ يُصَدُّوا
عَنْ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ:
رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا
أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ.
فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ
حَفْصٍ فَقَالَ: دَعُونِي آتِهِ، فَقَالَوا: ائْتِهِ،
فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ
فَاجِرٌ»، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ
جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.
[1606] قَالَ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ سَهُلَ
لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ».
قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ:
فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبِيُّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَاتِبَ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ فِي حَدِيثِهِ عنْ
البَرَاءِ: فَأَخَذَ يَكْتُبُ الشُّرُوطَ بَيْنهُمْ
عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ.
قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ: فَقَالَ: «بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا
الرَّحْمَنُ فَوَالله لا أَدْرِي مَا هُوَ، وَلَكِنْ
اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللهمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ,
فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَالله لاَ نَكْتُبُهَا إِلاَ بسم
الله الرحمن الرحيم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهمَّ»، ثُمَّ
قَالَ: «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فَقَالَ سُهَيْلٌ:
وَالله لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله مَا
صَدَدْنَاكَ عَنْ
(3/202)
الْبَيْتِ وَلاَ قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنْ
اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالله، فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَرَسُولُ الله
وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي».
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ
الْبَرَاءِ: وَكَانَ لاَ يَكْتُبُ, فَقَالَ لِعَلِيٍّ:
«امْحَ رَسُولَ الله»، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَقَالَ عَلِيٌّ: وَالله لاَ أَمْحَاهُ أَبَدًا، فقَالَ:
«فَأَرِنِيهِ»، فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَمَحَاهُ رسول الله
بِيَدِهِ.
قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ: «اكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ
عَبْدِاللهِ»، قَالَ الزُّهْرِيُّ: «لاَ يَسْأَلُونِي
خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ الله إِلاَ
أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا»، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا
وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ»، فَقَالَ سُهَيْلٌ:
وَالله لاَ تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا
ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ،
فَكَتَبَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لاَ
يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلاَ
رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا.
زَادَ عُقَيْلٌ: وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ.
قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ الله
كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ
مُسْلِمًا.
وقَالَ إِسْرَائِيلُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ الْبَرَاءِ:
وَأَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ
أَنْ يَتَّبِعَهُ وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ
أَحَدًا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا.
زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ
الْبَرَاءِ: وَأن لاَ يَدْعُوَ مِنْهُمْ أَحَدًا،
فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَ
ثَلاَثَ لَيَالٍ، وَأن لاَ يَدْخُلَهَا إِلاَ بِجُلُبَّانِ
السِّلاَحِ.
زَادَ إِسْرَائِيلُ: السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ.
قَالَ مَعْمَرٌ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ
أَبُوجَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي
قُيُودِهِ, قَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى
رَمَى بِنَفْسِهِ من بَيْنَ أَظْهُرِ القوم، فَقَالَ
(3/203)
سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا
أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ, فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ
نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ»، قَالَ: فَوَالله إِذًا لاَ
أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَجِزْهُ لِي»، قَالَ:
مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: «بَلَى فَافْعَلْ»
قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ
أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَالَ أَبُوجَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ
الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ
جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلاَ تَرَوْنَ مَا لَقِيتُ، وَقَدْ
كَانَ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الله.
قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ
نَبِيَّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ:
أَلَسْتَ نَبِيَّ الله حَقًّا؟ قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ:
أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟
قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي
دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: «إِنِّي رَسُولُ الله وَلَسْتُ
أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي»، قُلْتُ: أَوَلَسْتَ كُنْتَ
تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟
قَالَ: «بَلَى فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ»،
قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ
بِهِ»، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا
أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ الله حَقًّا؟ قَالَ:
بَلَى, قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا
عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي
الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا
الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ الله وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ،
وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَالله
إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ
يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟
قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ
الْعَامَ؟ فَقُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ
وَمُطَّوِّفٌ بِهِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ
أَعْمَالًا.
قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: قَالَ عمر: فَنَزَلَتْ
سُورَةُ الْفَتْحِ فَقَرَأَهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ
عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ:
«نَعَمْ».
(3/204)
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ
قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا انْحَرُوا
ثُمَّ احْلِقُوا».
قَالَ: فَوَالله مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ
ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ
أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا
لَقِيَ مِنْ النَّاسِ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ الله
أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا
مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ
حَالِقَكَ, فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ
حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ
فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا
وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ
بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ
نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ الله {يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ
مُهَاجِرَاتٍ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}.
قَالَ عُقَيْلٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَبَلَغْنَا أَنَّهُ
لَمَّا أَنْزَلَ الله أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ
مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ
وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لاَ يُمَسِّكُوا
بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ
امْرَأَتَيْنِ.
زَادَ مَعْمَرٌ: كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ.
قَالَ عُقَيْلٌ: قَرِيبَةَ بِنْتَ أبِي أُمَيَّةَ
وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ
مُعَاوِيَةُ وَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى أَبُوجَهْمٍ، فَلَمَّا
أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ
الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَنْزَلَ الله {وَإِنْ
فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ
فَعَاقَبْتُمْ} وَالْعَقْبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ
إِلَى مَنْ هَاجَرَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ
فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ صَدَاقَ نِسَاءِ الْكُفَّارِ
اللاَئِي هَاجَرْنَ، وَمَا أعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ
الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا.
(3/205)
قَالَ عُقَيْلٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ:
وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ
الثَّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا.
وقَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ: فَجَاءَ أَبُوبَصِيرٍ
رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ.
قَالَ عُقَيْلٌ: فِي الْمُدَّةِ فَكَتَبَ الأَخْنَسُ بْنُ
شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ.
قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ،
فَقَالَوا: الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ
إِلَى الرَّجُلَيْنِ فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا
الْحُلَيْفَةِ فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ،
فَقَالَ أَبُوبَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَالله
إِنِّي لأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلاَنُ جَيِّدًا،
فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ فَقَالَ: أَجَلْ وَالله، (إِنَّهُ)
(1) لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ،
فَقَالَ أَبُوبَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ،
فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ
الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ
يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا» ,
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: قُتِلَ وَالله صَاحِبِي وَإِنِّي
لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُوبَصِيرٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ
الله قَدْ وَالله أَوْفَى الله ذِمَّتَكَ قَدْ رَدَدْتَنِي
إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِي الله مِنْهُمْ، فقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلُ
أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ»،
فَلَمَّا سَمِعَ بذَلِكَ علم أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ
إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ، قَالَ:
وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُوجَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ
فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ
قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلاَ لَحِقَ بِأَبِي
بَصِيرٍ حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَالله
مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى
الشَّامِ إِلاَ اعْتَرَضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ
وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ
الله وَالرَّحِمَ لَمَّا
_________
(1) زيادة من الصحيح.
(3/206)
أَرْسَلَ: فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ،
فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَيْهِمْ فَأَنْزَلَ الله {هُوَ الَّذِي كَفَّ
أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} حَتَّى
بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}
وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ
نَبِيُّ الله، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الْبَيْتِ.
قَالَ عُقَيْلٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَأْتِهِ
أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلاَ
رَدَّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا.
قَالَ إِسْرَائِيلُ فِي حَدِيثِهِ: فَلَمَّا دَخَلَهَا
وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، وَقَالَوا له: قُلْ
لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا بعد مضي الأَجَلُ، فَخَرَجَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبِعَتْهُ
بنتُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يَا عَمِّ يَا عَمِّ،
فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذَها بِيَدِهَا وَقَالَ
لِفَاطِمَةَ: دُونَكِ بنتَ عَمِّكِ حَمَلَيهَا،
فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، قَالَ
عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي، وَقَالَ
جَعْفَرٌ: بنتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ
زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا وَقَالَ:
«الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» وَقَالَ لِعَلِيٍّ:
«أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ»، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ:
«أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي»، وَقَالَ لِزَيْدٍ:
«أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا».
قَالَ عُقَيْلٌ: وَجَاءَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ،
وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي
مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ
أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْهَا
إِلَيْهِمْ لِمَا أَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهِنَّ
{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ
فَامْتَحِنُوهُنَّ} إلَى قَوْلِهِ {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ
لَهُنَّ}.
(3/207)
[1607] قَالَ عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَتْنِي
عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ
الْمُؤْمِنَاتُ} إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا
رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ
بَايَعْتُكِ» كَلاَمًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَالله مَا
مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ.
زَادَ مَحْمُودٌ عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ: إِلاَّ امْرَأَةً
يَمْلِكُهَا، مَا بَايَعَهُنَّ إِلاَ بِقَوْلِهِ.
(4891) خ ونا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، نَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمِّهِ
وقَالَ: فِي الْمُبَايَعَةِ.
وَخَرَّجَهُ في: عُمْرَةِ الْقَضَاءِ (4251)، وفِي بَابِ
الْمُصَالَحَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَوْ وَقْتٍ
مَعْلُومٍ (3184) , وفِي بَابِ كَيْفَ يُكْتَبُ هَذَا مَا
صَالَحَ فُلاَنُ بْن فُلاَنٍ وَفُلاَنُ بْن فُلاَنٍ ولَمْ
يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ (2698) , وفي
بَاب الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ (2700)، وبَاب مَا
يَجُوزُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي الْإِسْلاَمِ وَالأَحْكَامِ
وَالْمُبَايَعَةِ (2711)، وفِي بَابِ غَزْوَةِ
الْحُدَيْبِيَةِ مختصرا (4178) , وبَاب إِذَا أَسْلَمَتْ
الْمُشْرِكَةُ (5288)، وتفسِير الممتَحِنَة مختصرًا
(4891)، وفِي بَابِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ (7214).
وَخَرَّجَهُ في: تفسير قوله {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ} إلى {فَتْحًا قَرِيبًا} (4844) وقَالَ فِيهِ
سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ.
وفِي بَابِ فِي كِتَابِ الجزيةِ مَعْناهُ صِلَةُ
القَرِابَة المشْرِكِين وَالإنعَامِ عَلَيْهم (3182).
(3/208)
بَاب مَا لا يَجُوزُ (1) مِنْ
الِاشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِي الْإِقْرَارِ
وَالشُّرُوطِ الَّتِي يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ،
وَإِذَا قَالَ: مِائَةٌ إِلاَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: قَالَ رَجُلٌ
لِكَرِيِّهِ: أَرْحِلْ رِكَابَكَ فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ
مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ،
فَلَمْ يَخْرُجْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: مَنْ شَرَطَ عَلَى
نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ رَجُلًا
بَاعَ طَعَامًا، وَقَالَ: إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ
فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ، فَلَمْ يَجِئْ،
فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِي: أَنْتَ أَخْلَفْتَ
فَقَضَى عَلَيْهِ.
تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
_________
(1) هكذا للأصيلي، وفي عامة الروايات: ما يجوز، قال
القاضي: وكلاهما صحيح إذ فيه بيان ما يجوز وما لا يجوز أهـ
(المشارق 1/ 600).
(3/209)
|