حاشية السيوطي
على سنن النسائي (كتاب النِّكَاح)
[3199] مَا أَرَى رَبَّكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ إِلَّا
يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ
يُخَفِّفُ عَنْكَ ويوسع عَلَيْك فِي الْأُمُور وَلِهَذَا
خيرك
(6/53)
[3212] رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عُثْمَان هُوَ بن
مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ أَيْ نَهَاهُ عَنْهُ وَلَوْ أَذِنَ
لَهُ لَاخْتَصَيْنَا قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَوْ
أَذِنَ لَهُ فِي الِانْقِطَاعِ عَنِ النِّسَاءِ
وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مَلَاذِّ الدُّنْيَا لَاخْتَصَيْنَا
لِدَفْعِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ لِيُمْكِنَنَا التَّبَتُّلُ
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ
جَوَازَ الِاخْتِصَاءِ بِاجْتِهَادِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ
ظَنُّهُمْ هَذَا مُوَافِقًا فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ فِي
الْآدَمِيِّ حَرَامٌ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا قَالَ
قَالَ الْعُلَمَاءُ التَّبَتُّلُ هُوَ الِانْقِطَاعُ عَنِ
النِّسَاءِ وَتَرْكُ النِّكَاحِ انْقِطَاعًا لِعِبَادَةِ
اللَّهِ وَأَصْلُ التَّبَتُّلِ الْقَطْعُ وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ التَّبَتُّلُ هُوَ تَرْكُ لَذَّاتِ
الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا وَالِانْقِطَاعُ إِلَى الله
تَعَالَى بالتفرغ لعبادته
(6/58)
[3217] فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي
فَلَيْسَ مِنِّي قَالَ النَّوَوِيُّ مَنْ تَرَكَهَا
إِعْرَاضًا عَنْهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لَهَا عَلَى مَا
هِيَ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ عَلَى
الصِّفَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهُ أَوْ تَرَكَ
النَّوْمَ عَلَى الْفِرَاشِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ أَوْ
لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ مَأْذُونٌ فِيهَا أَوْ نَحْوَ
ذَلِكَ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا النَّهْيُ وَالذَّمُّ
(6/60)
[3218] ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ عَوْنُهُمُ الْحَدِيثَ وَرَدَ لَهُمْ
رَابِعٌ فِي حَدِيثٍ وَهُوَ الْحَاجُّ وَقَدْ نَظَمْتُهُمْ
فِي بَيْتَيْنِ وَهُمَا حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُ جَمْعٍ
وَهْوَ لَهُمْ فِي غَد يجازى مكَاتب ناكح عفانا وَمن أُتِي
بَيته وغازى
(6/61)
[3228] هَذَا الدُّلْدُلُ هُوَ الْقُنْفُذُ
وَقِيلَ ذَكَرُ الْقَنَافِذِ شَبَّهَهُ بِهِ لِأَنَّهُ
أَكْثَرُ مَا يَظْهَرُ فِي اللَّيْلِ وَلِأَنَّهُ يُخْفِي
رَأْسَهُ فِي جَسَدِهِ مَا اسْتَطَاعَ فَكَكْتُ عَنْهُ
كَبْلَهُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ
الْقَيْدُ الضَّخْمُ
[3129] جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي امْرَأَةً هِيَ
أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ
لَامِسٍ قَالَ طَلِّقْهَا قَالَ لَا أَصْبِرُ عَنْهَا
قَالَ اسْتَمْتِعْ بِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ
إِجَابَتُهَا لِمَنْ أَرَادَهَا وَقَوْلُهُ اسْتَمْتِعْ
بِهَا أَيْ لَا تُمْسِكْهَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا تَقْضِي
مُتْعَةَ النَّفْسِ مِنْهَا وَمِنْ وَطَرِهَا وَخَشِيَ
عَلَيْهِ إِنْ هُوَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا أَنْ
تَتُوقَ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَيَقَعَ فِي الْحَرَامِ
وَقِيلَ مَعْنَى لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ أَنَّهَا
تُعْطِي مِنْ مَالِهِ مَنْ يَطْلُبُ مِنْهَا وَهَذَا
أَشْبَهُ قَالَ أَحْمَدُ لَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَهُ
بِإِمْسَاكِهَا وَهِي تفجر
(6/67)
[3230] تنْكح النِّسَاء لأَرْبَع لما لَهَا
وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ
بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ قَالَ النَّوَوِيُّ
الصَّحِيحُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِمَا يَفْعَلُهُ
النَّاسُ فِي الْعَادَةِ فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ هَذِهِ
الْخِصَالَ الْأَرْبَعَ وَآخِرُهَا عِنْدَهُمْ ذَاتُ
الدِّينِ فَاظْفَرْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُسْتَرْشِدُ
بِذَاتِ الدِّينِ لَا أَنه أَمَرَ بِذَلِكَ قَالَ شَمِرٌ
الْحَسَبُ الْفِعْلُ الْجَمِيلُ للرجل وآبائه
(6/68)
[3235] فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ
بَيْنَكُمَا أَيْ يَكُونَ بَيْنَكُمَا الْمَحَبَّةُ
وَالِاتِّفَاقُ يُقَالُ أَدَمَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا
يَأْدِمُ أَدْمًا بِالسُّكُونِ أَيْ أَلَّفَ وَوَفَّقَ
وَكَذَلِكَ آدم يُؤْدم بِالْمدِّ فعل وأفعل
[3236] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ
وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ فِي شَوَّالٍ وَكَانَتْ عَائِشَةُ
تُحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ فَأَيُّ
نِسَائِهِ كَانَتْ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي قَالَ
الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ قَصَدَتْ عَائِشَةُ
بِهَذَا الْكَلَامِ رَدَّ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ
عَلَيْهِ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي
شَوَّالٍ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ
شَوَّالٍ مِنَ الْإِشَالَةِ وَالرَّفْعِ قَالَ طب فِي
طَبَقَاتِ بن سَعْدٍ إِنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ لِطَاعُونٍ
وَقَعَ فِيهِ
(6/69)
أَمَرَ بِذَلِكَ قَالَ شَمِرٌ الْحَسَبُ
الْفِعْلُ الْجَمِيلُ للرجل وآبائه
(6/70)
[3239] وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى
بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ هُمَا بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِ
وَالْمُرَادُ بِهِ النَّهْيُ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي
النَّهْيِ لِأَنَّ خَبَرَ الشَّارِعِ لَا يُتَصَوَّرُ
وُقُوعُ خِلَافِهِ وَالنَّهْيُ قَدْ يَقَعُ مُخَالَفَتُهُ
فَكَانَ الْمَعْنَى عَامِلُوا هَذَا النَّهْيَ مُعَامَلَةَ
الْخَبَرِ الْمُتَحَتِّمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ
ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ التَّحْرِيمِ بِالْمُسْلِمِ وَبِهِ
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَعَمَّمَ الْجُمْهُورُ وَأَجَابُوا
عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ خَرَجَ عَلَى
الْغَالِبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ
وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا قَالَ
النَّوَوِيُّ يَجُوزُ فِي تَسْأَلُ الرَّفْعُ وَالْكَسْرُ
الْأَوَّلُ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ
النَّهْيُ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ لَا
يَخْطُبُ وَلَا يَسُومُ وَالثَّانِي عَلَى النَّهْيِ
الْحَقِيقِيِّ لِتَكْتَفِئَ
(6/72)
مَا فِي إِنَائِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ
هُوَ تَفْتَعِلُ مِنْ كَفَأْتُ الْقِدْرَ إِذَا
كَبَبْتَهَا لِتُفْرِغَ مَا فِيهَا يُقَالُ كَفَأْتُ
الْإِنَاءَ وَأَكْفَأْتُهُ إِذَا كَبَبْتَهُ وَإِذَا
أَمَلْتَهُ وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِإِمَالَةِ الضَّرَّةِ
حَقَّ صَاحِبَتِهَا مِنْ زَوْجِهَا إِلَى نَفْسِهَا إِذَا
سَأَلَتْ طَلَاقَهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى
الْحَدِيثِ نَهَى الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ أَنْ
تَسْأَلَ الزَّوْجَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَأَنْ يَنْكِحَهَا
وَيَصِيرَ لَهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ
وَمُعَاشَرَتِهِ وَنَحْوِهَا مَا كَانَ لِلْمُطَلَّقَةِ
فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاكْتِفَاءِ مَا فِي الْإِنَاءِ
مَجَازًا وَالْمُرَادُ بِأُخْتِهَا غَيْرُهَا سَوَاءٌ
كَانَتْ أُخْتَهَا مِنَ النَّسَبِ أَو فِي الْإِسْلَام
(6/73)
[3245] أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ
طَلَّقَهَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ
وَقِيلَ أَبُو حَفْصِ بن عَمْرو وَقبل أَبُو حَفْصِ بْنُ
الْمُغِيرَةِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ وَالْأَكْثَرُونَ
عَلَى أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَقَالَ
النَّسَائِيُّ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَقَالَ آخَرُونَ اسْمُهُ
كُنْيَتُهُ
[3237] أُمِّ شَرِيكٍ اسْمُهَا غُزَيَّةُ وَقِيلَ
عُزَيْلَةُ بِنْتُ دَوْدَانَ فَآذِنِينِي بِالْمَدِّ أَيْ
أَعْلِمِينِي
(6/75)
[3245] أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ
عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ قِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَثِيرُ
الْأَسْفَارِ وَقِيلَ إِنَّهُ كَثِيرُ الضَّرْبِ
لِلنِّسَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا أَصَحُّ قَالَ
الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ
لَطِيفِ اسْتِنْبَاطِهِ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ
جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ كَانَ
الشَّافِعِيُّ يَوْمًا بَيْنَ يَدَيْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكٍ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ الْقُمْرِيَّ وَإِنِّي
بِعْتُ يَوْمِي هَذَا قُمْرِيًّا فَبَعْدَ زَمَانٍ أَتَى
صَاحِبُ الْقُمْرِيِّ فَقَالَ إِنَّ قُمْرِيَّكَ لَا
يَصِيحُ فَتَنَاكَرْنَا إِلَى أَنْ حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ
أَنَّ قُمْرِيَّ لَا يَهْدَأُ مِنَ الصِّيَاحِ قَالَ
مَالِكٌ طُلِّقَتِ امْرَأَتُكَ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ
حَزِينًا فَقَامَ الشَّافِعِيُّ إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمئِذٍ
بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَالَ لِلسَّائِلِ
أَصِيَاحُ قُمْرِيِّكَ أَكْثَرُ أَمْ سُكُوتُهُ قَالَ
السَّائِلُ بَلْ صِيَاحُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ امْضِ
فَإِنَّ زَوْجَتَكَ مَا طُلِّقَتْ ثُمَّ رَجَعَ
الشَّافِعِيُّ إِلَى الْحَلْقَةِ فَعَادَ السَّائِلُ إِلَى
مَالِكٍ وَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَفَكَّرْ فِي
وَاقِعَتِي تَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ فَقَالَ مَالِكٌ
رَحِمَهُ اللَّهُ الْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ قَالَ فَإِنَّ
عِنْدَكَ مَنْ قَالَ الطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ فَقَالَ
مَالِكٌ وَمَنْ هُوَ فَقَالَ السَّائِلُ هُوَ هَذَا
الْغُلَامُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ
فَغَضِبَ مَالِكٌ وَقَالَ مِنْ أَيْنَ هَذَا الْجَوَابُ
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنِّي سَأَلْتُهُ أَصِيَاحُهُ
أَكْثَرُ أَمْ سُكُوتُهُ فَقَالَ إِنَّ صِيَاحَهُ أَكْثَرُ
فَقَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الدَّلِيلُ أَقْبَحُ أَيُّ
تَأْثِيرٍ لِقِلَّةِ سُكُوتِهِ وَكَثْرَةِ صِيَاحِهِ فِي
هَذَا الْبَابِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّكَ
حَدَّثْتَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ
قَيْسٍ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ
أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَانِي فَبِأَيِّهِمَا
أَتَزَوَّجُ فَقَالَ لَهَا أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ
وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ
عَاتِقِهِ وَقَدْ عَلِمَ الرَّسُولُ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ
كَانَ يَأْكُلُ وَيَنَامُ وَيَسْتَرِيحُ فَعَلِمْنَا
أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنَى
بِقَوْلِهِ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ عَلَى
تَفْسِيرِ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَحْوَالِهِ ذَلِكَ
فَكَذَا هُنَا حَمَلْتُ قَوْلَهُ هَذَا الْقُمْرِيُّ لَا
يَهْدَأُ مِنَ الصِّيَاحِ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ
أَحْوَالِهِ ذَلِكَ فَلَمَّا سمع مَا لَك ذَلِكَ تَعَجَّبَ
مِنَ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي قَوْلِهِ
ألْبَتَّةَ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ بِضَمِّ
الصَّادِ لَا مَالَ لَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ اسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ وَجَوَازُ إِطْلَاقِ
مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَإِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مَعَ
الْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ لِمُعَاوِيَةَ ثَوْبٌ
يَلْبَسُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ الْمُحَقَّرِ
وَأَنَّ أَبَا جَهْمٍ كَانَ يَضَعُ الْعَصَا عَنْ
عَاتِقِهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ وَأَكْلِهِ وَغَيْرِهِمَا
وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ كَثِيرَ الْحَمْلِ لِلْعَصَا
وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَلِيلَ الْمَالِ جِدًّا جَازَ
إِطْلَاقُ هَذَا اللَّفْظِ عَلَيْهِ مَجَازًا
(6/76)
واغتبطت بِهِ بِفَتْح التَّاء وَالْبَاء
[3246] فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا قَالَ
النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْهَمْزِ وَاحِدُ الْأَشْيَاءِ قِيلَ
الْمُرَادُ صِغَرٌ وَقيل زرقة
(6/77)
[3251] اذْكُرْهَا عَلَيَّ أَيِ اخْطُبْهَا
لِي مِنْ نَفْسِهَا فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا أَيْ
مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ
وَلَعَلَّهَا اسْتَخَارَتْ لِخَوْفِهَا مِنْ تَقْصِيرٍ فِي
حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنزل
الْقُرْآن يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى فَلَمَّا قَضَى
زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكهَا فَدَخَلَ بِغَيْرِ
أَمْرٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَوَّجَهُ إِيَّاهَا
بِهَذِهِ الْآيَة
(6/79)
[3253] إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ
فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ الْخَيْرَ
وَأَسْتَقْدِرُكَ أَيْ أَسْأَلُكَ أَنْ تَقْدُرَ لِي
الْخَيْرَ بِقُدْرَتِكَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ الْبَاءُ
فِي بِعِلْمِكَ وَبِقُدْرَتِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ
لِلِاسْتِعَانَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى رب بِمَا
أَنْعَمت عَليّ أَيْ بِحَقِّ عِلْمِكَ وَقُدْرَتِكَ
الشَّامِلَيْنِ فَاقْدُرْهُ لِي بِضَمِّ الدَّالِ
وَكَسْرِهَا أَيْ فَقَدِّرْهُ مِنَ التَّقْدِيرِ قَالَ
الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ
أَنْوَارِ الْبُرُوقِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ
بِالتَّقْدِيرِ هُنَا التَّيْسِير فَمَعْنَاه فيسره ثمَّ
رضني بِهِ أَي اجْعَلنِي رَاضِيا بذلك
(6/80)
[3254] إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى هِيَ
فَعْلَى مِنَ الْغَيْرَةِ وَإِنِّي امْرَأَة مصبية أَي
ذَات صبيان
(6/81)
[3260] الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَيِّمُ فِي الْأَصْلِ الَّتِي
لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا
مُطَلَّقَةً كَانَتْ أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَيُرِيدُ
بِالْأَيِّمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّيِّبَ خَاصَّةً
وَحَمَلَهُ الْكُوفِيُّونَ عَلَى كُلِّ مَنْ لَا زَوْجَ
لَهَا ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا كَمَا هُوَ
مُقْتَضَاهُ فِي اللُّغَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا هَلِ
الْمُرَادُ بِالْإِذْنِ فَقَطْ أَمْ بِهِ وَبِالْعَقْدِ
وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا
بِضَمِّ الصَّادِ وَهُوَ السُّكُوتُ
(6/84)
[3270] وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ
عَلَيْهَا أَيْ لَا ولَايَة عَلَيْهَا مَعَ الِامْتِنَاع
عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ
الْقَاضِي عِيَاضٌ لم يرو ذَلِك غير بن عَبَّاسٍ وَحْدَهُ
وَرَوَتْ مَيْمُونَةُ وَأَبُو رَافِعٍ وَغَيْرُهُمَا
أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَهُمْ أَعْرَفُ
بِالْقَضِيَّةِ لِتَعَلُّقِهِمْ بِهِ بِخِلَاف بن عَبَّاس
وَلِأَنَّهُم أضبط من بن عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ وَمِنْهُمْ
مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَزَوَّجَهَا فِي
الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وَيُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي
الْحَرَمِ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ لُغَةٌ
شَائِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَمِنْهُ الْبَيْتُ الْمَشْهُور
قتلوا بن عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا أَيْ فِي حَرَمِ
الْمَدِينَةِ قُلْتُ وَقِيلَ فِي الْبَيْتِ أَيْ فِي
شَهْرٍ حَرَامٍ يُقَالُ أَحْرَمَ إِذَا دَخَلَ فِي
الشَّهْرِ الْحَرَام
(6/87)
[3275] لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ أَخَذَ
بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالْجُمْهُورُ
وَتَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ وَأُجِيبَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ
بِأَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ تَرْجِيحُ
الْقَوْلِ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْغَيْرِ
وَالْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَمِنْ
خَصَائِصِهِ وَلَا يُنْكِحُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ لَا
يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوَلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ وَلَا
يَخْطُبُ هُوَ نهي تَنْزِيه لَيْسَ بِحرَام
(6/88)
[3279] فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ بِفَتْحِ الشِّينِ
وَكَسْرِهَا وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى غَوَى
بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا قَالَ عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ
الْفَتْحُ وَهُوَ مِنَ الْغَيِّ وَهُوَ الِانْهِمَاكُ فِي
الشَّرِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمْعَ اسْمِ اللَّهِ
تَعَالَى وَاسْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي ضَمِيرٍ وَاحِدٍ وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ فِي
خُطْبَتِهِ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ
وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى
وَهُمَا صَحِيحَانِ وَيُعَارِضُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ
تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِي فَجَمَعَ بَيْنَ ضَمِيرِ اسْمِ اللَّهِ
وَمَلَائِكَتِهِ وَلِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ صَرَفَ بَعْضُ
الْقُرَّاءِ هَذَا الذَّمَّ إِلَى أَنَّ هَذَا الْخَطِيبَ
وَقَفَ
(6/90)
عَلَى وَمَنْ يَعْصِهِمَا وَهَذَا
التَّأْوِيلُ لَمْ تُسَاعِدْهُ الرِّوَايَةُ فَإِنَّ
الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظَيْنِ
فِي مَسَاقٍ وَاحِدٍ وَإِنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إِنَّمَا
هُوَ فَقَدْ غَوَى ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَّمَهُ صَوَابَ
مَا أَخَلَّ بِهِ فَقَالَ قُلْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى فَظَهَرَ أَنَّ ذَمَّهُ لَهُ
إِنَّمَا كَانَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ فِي
الضَّمِيرِ وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ الْإِشْكَالُ
وَيُتَخَلَّصُ عَنْهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ
الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ خِطَابِ نَفْسِهِ
إِذَا وَجَّهَهُ لِغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ مُنْصَرِفٌ
لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَفْظًا وَمَعْنًى وَثَانِيهَا أَنَّ إِنْكَارَهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْخَطِيبِ
يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَتَوَهَّمُ
التَّسْوِيَةَ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي الضَّمِيرِ الْوَاحِدِ
فَمُنِعَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ وَحَيْثُ عُدِمَ ذَلِكَ
جَازَ الْإِطْلَاقُ وَثَالِثُهَا أَنَّ ذَلِكَ الْجَمْعَ
تَشْرِيفٌ وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُشَرِّفَ مَنْ شَاءَ
بِمَا شَاءَ وَيَمْنَعُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْغَيْرَ
كَمَا أَقْسَمَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ
وَمَنَعَنَا مِنَ الْقَسَمِ بِهَا فَقَالَ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ وَلِذَلِكَ أَذِنَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِطْلَاقِ مِثْلِ ذَلِكَ
وَمَنَعَ مِنْهُ الْغَيْرَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ
وَرَابِعُهَا أَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْمَنْعِ أَوْلَى
لِأَوْجُهٍ لِأَنَّهُ تَقْيِيدُ قَاعِدَةٍ وَالْخَبَرُ
الْآخَرُ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ
وَلِأَنَّ هَذَا الْخَبَر ناقل وَالْآخر مبقي عَلَى
الْأَصْلِ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ
وَالثَّانِي فعل
(6/91)
فَكَانَ أَوْلَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ
إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِتَشْرِيكِهِ فِي الضَّمِيرِ
الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ وَأَمْرَهُ بِالْعَطْفِ
تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ كَمَا
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ
اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ
اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ سَبَبَ
النَّهْيِ أَنَّ الْخُطَبَ شَأْنُهَا الْبَسْطُ
وَالْإِيضَاحُ وَاجْتِنَابُ الْإِشَارَاتِ وَالرُّمُوزِ
فَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ
بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِتُفْهَمَ وَأَمَّا
قَوْلُ الْأَوَّلَيْنِ فَيُضَعَّفُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا
أَنَّ مِثْلَ هَذَا الضَّمِيرِ قَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ أَنْ
يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا
سِوَاهُمَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَإِنَّمَا
ثَنَّى الضَّمِيرَ هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ خُطْبَةَ وَعْظٍ
وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيمُ حُكْمٍ فَكُلُّ مَا قَلَّ
لَفْظُهُ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى حِفْظِهِ بِخِلَافِ
خُطْبَةِ الْوَعْظِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حِفْظَهَا
إِنَّمَا يُرَادُ الِاتِّعَاظُ بِهَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ
هَذَا مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح
عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ إِلَى أَنْ قَالَ مَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا
فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَقَالَ الشَّيْخُ
عِزُّ الدِّينِ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ فِي
الضَّمِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ
مُمْتَنِعٌ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ
مِنْ غَيْرِهِ دُونَهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ إِذَا جَمَعَ
أَوْهَمَ إِطْلَاقُهُ التَّسْوِيَةَ بِخِلَافِهِ هُوَ
فَإِنَّ مَنْصِبَهُ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ إِيهَامُ
ذَلِكَ
(6/92)
[3283] عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ
بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُكَبَّرٌ
حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ
شَبَّهَ لَذَّةَ الْجِمَاعِ بِذَوْقِ الْعَسَلِ
فَاسْتَعَارَ لَهَا ذَوْقًا وَإِنَّمَا أَنَّثَ لِأَنَّهُ
أَرَادَ قِطْعَةً مِنَ الْعَسَلِ وَقِيلَ عَلَى
إِعْطَائِهَا مَعْنَى النُّطْفَةِ وَقِيلَ الْعَسَلُ فِي
الْأَصْلِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَمَنْ صَغَّرَهُ
مُؤَنَّثًا قَالَ عُسَيْلَةٌ كَفُوَيْسَةٍ وَشُمَيْسَةٍ
وَإِنَّمَا صَغَّرَهُ إِشَارَةً إِلَى الْقَدْرِ
الْقَلِيلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْحل ثُوَيْبَةُ
بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ
(6/93)
ثُمَّ وَاوٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءِ
التَّصْغِيرِ ثُمَّ مُوَحدَة مولاة لأبي لَهب لَسْتُ لَكَ
بِمُخْلِيَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ
الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَسْتُ أُخَلِّي لَكَ بِغَيْرِ ضَرَّةٍ
شَرِكَتْنِي بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ دُرَّةَ
بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ
(6/95)
[3326] جُدَامَةَ بِنْتَ وَهْبٍ اخْتُلِفَ
فِيهَا هَلْ هِيَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَمْ
بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّحِيحُ بِالْمُهْمَلَةِ
وَالْجِيمُ مَضْمُومَةٌ بِلَا خِلَافٍ قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ هِيَ جُدَامَةُ بِنْتُ جَنْدَلٍ هَاجَرَتْ
قَالَ وَالْمُحَدِّثُونَ قَالُوا فِيهَا جُدَامَةُ بِنْتُ
وَهْبٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا
جُدَامَةُ بِنْتُ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ
عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيِّ مِنْ أُمِّهِ
لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ هِيَ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ مِنَ الْغَيْلِ
وَهُوَ أَنْ يُجَامِعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَهِيَ
مُرْضِعٌ وَكَذَلِكَ إِذَا حَمَلَتْ وَهِيَ مُرْضِعٌ
وَقَالَ يُقَالُ فِيهِ الْغِيلَةُ وَالْغَيْلَةُ بِمَعْنًى
وَقِيلَ الْكَسْرُ لِلِاسْمِ وَالْفَتْحُ لِلْمَرَّةِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْفَتْحُ إِلَّا مَعَ حَذْفِ
الْهَاءِ وَقَدْ أَغَالَ الرَّجُلُ وَأَغْيَلَ وَالْوَلَدُ
مُغَالٌ وَمُغِيلٌ وَاللَّبَنُ الَّذِي يَشْرَبُهُ
الْوَلَدُ يُقَالُ فِيهِ الغيل أَيْضا
(6/107)
[3329] مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ
الرَّضَاعِ قَالَ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ الْمَذَمَّةُ بِالْفَتْحِ مَفْعَلَةٌ مِنَ
الذَّمِّ وَبِالْكَسْرِ مِنَ الذِّمَّةِ وَالذِّمَامِ
وَقِيلَ هِيَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ الْحَقُّ
وَالْحُرْمَةُ الَّتِي يُذَمُّ مُضَيِّعُهَا وَالْمُرَادُ
بِمَذَمَّةِ الرَّضَاعِ الْحَقُّ اللَّازِمُ بِسَبَبِ
الرَّضَاعِ فَكَأَنَّهُ سَأَلَ مَا يُسْقِطُ عَنِّي حَقَّ
الْمُرْضِعَةِ حَتَّى أَكُونَ قَدْ أَدَّيْتُهُ كَامِلًا
وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَهَبُوا لِلْمُرْضِعَةِ
عِنْدَ فصَال الصَّبِي شَيْئا سوى أجرتهَا
(6/108)
[3331] عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَقِيتُ
خَالِي هُوَ أَبُو بردة هَانِئ بن نيار لاجلب وَلَا جَنَبَ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْجَلَبُ يَكُونُ فِي شَيْئَيْنِ
أَحَدُهُمَا فِي الزَّكَاةِ وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ
الْمُصَّدِّقُ عَلَى أَهْلِ الزَّكَاةِ فَيَنْزِلَ
مَوْضِعًا ثُمَّ يُرْسِلَ مَنْ يَجْلِبُ إِلَيْهِ
الْأَمْوَالَ مِنْ أَمَاكِنِهَا لِيَأْخُذَ صَدَقَتَهَا
فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ أَن تَأْخُذ صَدَقَاتُهُمْ
عَلَى مِيَاهِهِمْ وَأَمَاكِنِهَا الثَّانِي فِي
السِّبَاقِ وَهُوَ أَنْ يَتْبَعَ الرَّجُلُ فَرَسَهُ
فَيَزْجُرَهُ وَيَجْلِبَ عَلَيْهِ وَيَصِيحَ حَثًّا لَهُ
عَلَى الْجَرْيِ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ وَالْجَنَبُ
(6/109)
بِالتَّحْرِيكِ فِي السِّباقِ أَنْ
يُجَنِّبَ فَرَسًا إِلَى فَرَسِهِ الَّذِي يُسَابِقُ
عَلَيْهِ فَإِذَا فَتَرَ الْمَرْكُوبُ تَحَوَّلَ إِلَى
الْمَجْنُوبِ وَهُوَ فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَنْزِلَ
الْعَامِلُ بِأَقْصَى مَوَاضِعِ أَصْحَابِ الصَّدَقَةِ
ثُمَّ يَأْمُرُ بِالْأَمْوَالِ أَنْ تُجْنَبَ إِلَيْهِ
أَيْ تُحْضَرَ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ أَنْ
يُجَنِّبَ رَبُّ الْمَالِ بِمَالِهِ أَيْ يُبْعِدُهُ عَنْ
مَوْضِعِهِ حَتَّى يَحْتَاجَ الْعَامِلُ إِلَى
الْإِبْعَادِ فِي اتِّبَاعِهِ وَطَلَبِهِ فَصَعَّدَ
النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ
أَيْ نَظَرَ إِلَى أَعْلَاهَا وَأَسْفَلِهَا
يَتَأَمَّلُهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ صَعَّدَ بِتَشْدِيدِ
الْعَيْنِ أَيْ رَفَعَ وَصوب بتَشْديد الْوَاو أَي خفض عَن
نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ بِكَسْرِ
الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ
الرَّفْعُ يُقَال شَغَرَ الْكَلْبُ إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ
لِيَبُولَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا تَرْفَعْ رِجْلَ بِنْتِي
حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ بِنْتِكَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ شَغَرَ
الْبَلَدُ إِذَا خَلَا لِخُلُوِّهِ عَنِ الصَّدَاقِ
وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ إِلَى آخِرِهِ هَذَا
التَّفْسِيرُ مُدْرَجٌ
(6/112)
فِي الحَدِيث من قَول نَافِع
(6/113)
[3347] عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ
أُوقِيَّةً بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ
وَالْمُرَادُ أُوقِيَّةُ الْحِجَازِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ
دِرْهَمًا وَنَشٍّ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ
الْمُعْجَمَةِ نِصْفُ الْأُوقِيَّةِ وَهِيَ عِشْرُونَ
دِرْهَمًا وَقِيلَ النَّشُّ يُطْلَقُ على النّصْف من كل
شَيْء
(6/117)
[3349] كُلِّفْتُ لَكُمْ عِلْقَ
الْقِرْبَةِ أَيْ تَحَمَّلْتُ لِأَجْلِكَ كُلَّ شَيْءٍ
حَتَّى عِلْقَ الْقِرْبَةِ وَهُوَ حَبْلُهَا الَّذِي
تُعَلَّقُ بِهِ وَيُرْوَى عَرَقَ الْقِرْبَةِ بِالرَّاءِ
أَيْ تَكَلَّفْتُ إِلَيْكَ وَتَعِبْتُ حَتَّى عَرِقْتُ
كَعَرَقِ الْقِرْبَةِ وَعَرَقُهَا سَيَلَانُ مَائِهَا
وَقِيلَ أَرَادَ بِعَرَقِ الْقِرْبَةِ عَرَقَ حَامِلِهَا
مِنْ ثِقَلهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنِّي قَصَدْتُكَ
وَسَافَرْتُ إِلَيْكَ وَاحْتَجْتُ إِلَى عَرَقِ
الْقِرْبَةِ وَهُوَ مَاؤُهَا وَقِيلَ أَرَادَ
وَتَكَلَّفْتُ لَكَ مَا لَمْ يَبْلُغْ وَمَا لَا يَكُونُ
لِأَنَّ الْقِرْبَةَ لَا تَعْرَقُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ
عَرَقُ الْقِرْبَةِ مَعْنَاهُ الشِّدَّةُ وَلَا أَدْرِي
مَا أَصْلُهُ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ الْوِقْرُ
بِالْكَسْرِ الْحِمْلُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي
حِمْلِ الْبِغَالِ وَالْحِمَارِ أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ
فِي النِّهَايَةِ دَفُّ الرَّحْلِ بِالدَّالِ
الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ جَانِبُ كَوْرِ
الْبَعِيرِ وَهُوَ سَرْجُهُ
(6/118)
[3351] زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ
فِي النِّهَايَةِ النَّوَاةُ اسْمٌ لِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ
كَمَا قِيلَ لِلْأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةٌ وَالْعِشْرِينَ
نَشٌّ وَقِيلَ أَرَادَ قَدْرَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ
قِيمَتُهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ ذَهَبٌ
وَأَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ لَفْظُ
الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ
عَلَى ذَهَبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَلَا تَرَاهُ
قَالَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَلَسْتُ أَدْرِي لِمَ
أَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالنَّوَاةُ فِي الْأَصْلِ
عجمة التمرة
[3353] أَو حباء أَي عَطِيَّة
(6/120)
[3354] لَا وَكْسَ أَيْ لَا نَقْصَ وَلَا
شَطَطَ أَي لَا جور
(6/121)
[3358] مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم جمع جليل
(6/122)
[3364] أَنَّ رَجُلًا غَشِيَ جَارِيَةً
لِامْرَأَتِهِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنْ كَانَ
اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ مَالِهِ الْحَدِيثَ
قَالَ أَشْعَثُ بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ
الْحُدُودِ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ
وَالْآثَارِ وَالْحَازِمِيُّ فِي نَاسِخِهِ وَقَالَ
الْخَطَّابِيُّ الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ
مَنْسُوخٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ
بِهِ وَعَلَيْهِ الشَّرْوَى بِفَتْحِ الشِّينِ
الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ
مَقْصُورٌ هُوَ الْمِثْلُ يُقَالُ هَذَا شَرْوَى هَذَا
أَيْ مثله
(6/125)
[3366] الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ هِيَ الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ
وَالْمَشْهُورُ فِيهَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ مَنْسُوبَةً
إِلَى الْإِنْسِ وَهُوَ بَنُو آدَمَ الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ
قَالَ وَفِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ هِيَ الَّتِي
تَأْلَفُ الْبُيُوتَ وَالْأُنْسُ وَهُوَ ضِدُّ الْوَحْشَةِ
وَالْمَشْهُورُ فِي ضِدِّ الْوَحْشَةِ الْأُنْسُ
بِالضَّمِّ وَقَدْ جَاءَ فِيهِ الْكَسْرُ قَلِيلًا
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ
وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ إِنْ أَرَادَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي
الرِّوَايَةِ فَيَجُوزُ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ
بِمَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ فَلَا فَإِنَّهُ مَصْدَرُ
أَنِسْتُ بِهِ أنسا وأنسة
[3369] فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ
الدُّفُّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِالضَّمِّ
وَالْفَتْحِ مَعْرُوفٌ وَالْمُرَادُ إعلان النِّكَاح
(6/126)
[3371] بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ قَالَ
الْهَرَوِيُّ يَكُونُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا
الِاتِّفَاقُ وَحُسْنُ الِاجْتِمَاعِ وَالْآخَرُ أَنْ
يَكُونَ من الهدو وَالسُّكُونِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ
الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ
الْمَعْنى أَي أعرست
[3373] أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ
وَعَلَيْهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ بِرَاءٍ وَدَالٍ
وَعَيْنٍ مُهْمَلَاتٍ أَيْ أَثَرُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ
الصَّحِيحُ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ
طِيبِ الْعُرْسِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ وَلَا تَعَمَّدَهُ
وَقِيلَ إِنَّهُ يُرَخَّصُ فِي ذَلِكَ لِلرَّجُلِ
الْعَرُوسِ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَبَوَّبَ
عَلَيْهِ
(6/127)
وَالْفَتْح مَعْرُوف وَالْمرَاد اعلان
النِّكَاح
(6/128)
[3374] مَهْيَمْ قَالَ فِي النِّهَايَة
أَيْ مَا أَمْرُكَ وشأنك وَهِي كلمة يَمَانِية بن بِي
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْبِنَاءُ وَالِابْتِنَاءُ
الدُّخُولُ بِالزَّوْجَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ
الرَّجُلَ كَانَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَنَى
عَلَيْهَا قُبَّةً لِيَدْخُلَ بِهَا فِيهَا فَيُقَالُ
بَنَى الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ
وَلَا يُقَالُ بَنَى بِأَهْلِهِ قَالَ صَاحِبُ
النِّهَايَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ
قَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِ
الْحَدِيثِ وَعَادَ الْجَوْهَرِيُّ اسْتَعْمَلَهُ فِي
كِتَابِهِ
(6/129)
[3375] دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ هِيَ الَّتِي تَحْطِمُ السُّيُوفَ أَيْ
تَكْسِرُهَا وَقِيلَ هِيَ الْعَرِيضَةُ الثَّقِيلَةُ
وَقِيلَ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى بَطْنٍ مِنْ عَبْدِ
الْقَيْسِ يُقَالُ حُطَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ كَانُوا
يعْملُونَ الدروع وَهَذَا أشبه الْأَقْوَال
(6/130)
[3378] وَكُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي
يَلْعَبُ بِهَا الصَّبَايَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ
جَوَازُ اتِّخَاذِ اللَّعِبِ وَإِبَاحَةُ لَعِبِ
الْجَوَارِي بِهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى
ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ قَالُوا وَسَبَبُهُ
تَدْرِيبُهُنَّ بِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَإِصْلَاحِ
شَأْنِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ قَالَ النَّوَوِيُّ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا مِنْ أَحَادِيثِ
النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ لِمَا ذُكِرَ مِنَ
الْمَصْلَحَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَنْهِيًّا
عَنْهُ وَكَانَتْ قَضِيَّةُ عَائِشَةَ هَذِهِ وَلَعِبُهَا
فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الصُّوَرِ
قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِنَّ
دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِنَّ كَمَا جَازَ
للْوَلِيّ الباس الصَّبِي الْحَرِير
[3380] فَأَخَذَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ كَذَا فِي
أَصْلِنَا فَأَخَذَ وَفِي مُسْلِمٍ فَأَجْرَى قَالَ
(6/131)
النَّوَوِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ
ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يسْقط المروأة وَلَا يُخِلُّ
بِمَرَاتِبِ أَهْلِ الْفَضْلِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ
الْحَاجَةِ لِلْقِتَالِ أَوْ رِيَاضِ الدَّابَّةِ أَوْ
تَدْرِيبِ النَّفْسِ وَمُعَانَاةِ أَسْبَابِ الشَّجَاعَةِ
وَإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ
إِنَّ الْفَخِذَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ
خَرِبَتْ خَيْبَرُ قِيلَ هُوَ دُعَاءٌ تَقْدِيرُهُ
أَسْأَلُ اللَّهَ خَرَابَهَا وَقِيلَ إِخْبَارٌ
بِخَرَابِهَا عَلَى الْكُفَّارِ وَفَتْحِهَا عَلَى
الْمُسْلِمِينَ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ
فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ هُوَ مِنْ أَدِلَّةِ
جَوَازِ الِاقْتِبَاسِ مِنَ الْقُرْآنِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ
لَا تُحْصَى فَقَالُوا مُحَمَّدٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ
هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا مُحَمَّدٌ
وَالْخَمِيسُ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْخَاءِ
الْمُعْجَمَةِ وَبِرَفْعِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ
الْجَيْشُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ سُمِّيَ
خَمِيسًا لِأَنَّهُ خَمْسَةُ أَقسَام مُقَدّمَة وساقة
وميمنة وميسرة وقلب وَقيل لِتَخْمِيسِ الْغَنَائِمِ
وَأَبْطَلُوا هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ
كَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُم
تخميس
(6/132)
وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً بِفَتْحِ
الْعَيْنِ أَيْ قَهْرًا لَا صُلْحًا فَجَاءَ دِحْيَةُ
بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ
قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا كَانَ اسْمَهَا
قَبْلَ السَّبْيِ وَقِيلَ كَانَ اسْمُهَا زَيْنَبَ
فَسُمِّيَتْ بَعْدَ السَّبْيِ وَالِاصْطِفَاءِ صَفِيَّةَ
وَحُيَيٌّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا خُذْ جَارِيَةً
مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ يَحْتَمِلُ
وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ دِحْيَةُ رَدَّ
الْجَارِيَةَ بِرِضَاهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي غَيْرِهَا
وَالثَّانِي أَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي جَارِيَةٍ
مِنْ حَشْوِ السَّبْيِ لَا أَفْضَلِهِنَّ فَلَمَّا رَأَى
أَنَّهُ أَخَذَ أَشْرَفَهُنَّ اسْتَرْجَعَهَا لِأَنَّهُ
لَمْ يَأْذَنْ فِيهَا فَأَهْدَتْهَا أَيْ زَفَّتْهَا
فَأَصْبَحَ عَرُوسًا هُوَ يُطْلَقُ عَلَى الزَّوْجِ
وَالزَّوْجَةِ مُطْلَقًا وَبسط نطعا
(6/133)
فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ مَشْهُورَاتٍ
فَتْحُ النُّونِ وَكَسْرُهَا مَعَ فَتْحِ الطَّاءِ
وَإِسْكَانِهَا أَفْصَحُهُنَّ كَسْرُ النُّونِ وَفَتْحُ
الطَّاءِ وَقَدِ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْأُدَبَاءِ مَا قَالَه
بن سُكَّرَةَ وَمِنْهَا النِّطَعُ فَقُلْتُ لِلضَّيْفِ
سَبْعٌ مِنَ النُّونَاتِ فَائِقَةٌ لِحُسْنِهَا رَوْنَقٌ
بَيْنَ الْأَنَامِ سَطَعْ نَهْرٌ وَنُونٌ وَنَوْمٌ فَوْقَ
نُمْرُقَةٍ نَاعُورَةٌ وَنَسِيمٌ طيب ونطع
(6/134)
[3384] فِي خَمِيلٍ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ
بِوَزْنِ كَرِيمٍ هِيَ الْقَطِيفَةُ وَهِيَ كُلُّ ثَوْبٍ
لَهُ خَمْلٌ مِنْ أَي شَيْء كَانَ
(6/135)
[3386] هَلِ اتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا هِيَ
ضَرْبٌ مِنَ الْبُسُطِ لَهُ خمل رَقِيق وَقيل وَاحِدهَا
نمط
[3387] زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ بِضَمِّ الزَّايِ
وَالْمَدِّ أَيْ قَدْرَهَا مِنْ زَهَوْتُ الْقَوْمَ إِذَا
حَزَرْتُهُمْ لِيَتَحَلَّقَ هُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ
الْحَلْقَةِ وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدُوا ذَلِكَ قَالَه فِي
النِّهَايَة
(6/136)
|