حاشية السيوطي على سنن النسائي

 (كتاب الْوَصَايَا)

[3626] قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ النِّصْفُ وَنَصَبَهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَيْ أَهَبُ الشَّطْرَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَالثُّلُثُ عَالَةً جَمْعُ عَائِلٍ أَيْ فُقَرَاءَ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ أَيْ يَمُدُّونَ أَكُفَّهُمْ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُونَهُمْ

(6/237)


[3642] وَإِنَّهَا لَتَقْصَعُ بِجَرَّتِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ شِدَّةَ الْمَضْغِ وَضَمَّ بَعْضِ الْأَسْنَانِ عَلَى بَعْضٍ وَقِيلَ قَصْعُ الْجَرَّةِ خُرُوجُهَا مِنَ الْجَوْفِ إِلَى الشِّدْقِ وَمُتَابَعَةُ بَعْضِهَا بَعْضًا وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ النَّاقَةُ إِذَا كَانَتْ مُطَمْئِنَّةً وَإِذَا خَافَتْ شَيْئًا لم تخرجها

(6/242)


[3644] غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَصِلُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَالْبَلَالُ جَمْعُ بَلل وَقيل هُوَ كل مابل الْحَلْقَ مِنْ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ

(6/248)


[3649] إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مَاتَتْ فَجْأَةً وَأُخِذَتْ نَفْسُهَا مُعَدًّى إِلَى مفعولين كَمَا تَقول اختلسه الشَّيْء واستلبه إباه ثُمَّ بَنَى الْفِعْلَ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَتَحَوَّلَ الْمَفْعُولُ مُضْمَرًا وَبَقِيَ الثَّانِي مَنْصُوبًا وَيَكُونُ التَّاءُ الْأَخِيرَةُ ضَمِيرَ الْأُمِّ أَيِ افْتُلِتَتْ هِيَ نَفْسَهَا وَأَمَّا الرَّفْعُ فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولٍ

(6/249)


وَاحِدٍ قَائِمٍ مَقَامَ الْفَاعِلِ وَيَكُونُ التَّاءُ لِلنَّفْسِ أَيْ أُخِذَتْ نَفْسُهَا فَلْتَةً وَقَالَ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ قَوْلُهُ افْتُلِتَتْ بِالْفَاءِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي رَوَاهُ أهل الحَدِيث وَغَيرهم وَرَوَاهُ بن قُتَيْبَة اقتلتت نَفْسُهَا بِالْقَافِ قَالَ وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِمَنْ مَاتَ فَجْأَة

(6/250)


إِذا مَاتَ بن آدم انْقَطع عَنهُ عمله إِلَّا من ثَلَاثَة قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ إِنَّمَا أَجْرَى عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الثَّوَابَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِوُجُودِ ثَمَرَةِ أَعْمَالِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ كَمَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي حَيَاتِهِمْ

[3651] صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ حُمِلَتْ عَلَى الْوَقْفِ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّ عَمَلَ الْمَيِّتِ مُنْقَطِعٌ بِمَوْتِهِ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَمَّا كَانَ هُوَ سَبَبَهَا مِنِ اكْتِسَابِهِ الْوَلَدَ وَبَثِّهِ الْعِلْمَ عِنْدَ مَنْ حَمَلَهُ عَنْهُ أَوْ إِيدَاعِهِ تَأْلِيفًا بَقِيَ بَعْدَهُ وَإِيقَافِهِ هَذِهِ الصَّدَقَةَ بَقِيَتْ لَهُ أُجُورُهَا مَا بَقِيَتْ وَوُجِدَتْ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ وَذَكَرَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ أَنَّ حَمْلَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ عَلَى التَّأْلِيفِ أَقْوَى لِأَنَّهُ أَطْوَلُ مُدَّةً وَأَبْقَى عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ وَرَأَيْتُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كُرَّاسَةٍ قَالَ الْأَخْنَائِيُّ فِي كِتَابِ الْبُشْرَى بِمَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى

(6/251)


قَوْلُهُ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ هُوَ مَا خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيمٍ أَوْ تَصْنِيفٍ وَرِوَايَةٍ وَرُبَّمَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ نَسْخُ كُتُبِ الْعِلْمِ وَتَسْطِيرُهَا وَضَبْطُهَا وَمُقَابَلَتُهَا وَتَحْرِيرُهَا وَالْإِتْقَانُ لَهَا بِالسَّمَاعِ وَكِتَابَةُ الطَّبَقَاتِ وَشِرَاءُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ شَرْطُهُ أَن يكون مُنْتَفعا بِهِ

(6/252)


مخرفا بِالْفَتْح هُوَ الْحَائِط من النخيل

(6/253)


[3667] يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ عَلَى مَالِ يَتِيمٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ ضَعِيفًا عَنِ الْقِيَامِ بِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَمِيرِ مِنْ مُرَاعَاةِ مَصَالِحِ رَعِيَّتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَوَجْهُ ضَعْفِهِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ كَانَ الزُّهْدُ وَاحْتِقَارُ الدُّنْيَا وَمَنْ هَذَا حَاله لَا يعتنى بمصالح الدُّنْيَا ولأموالها اللَّذَيْنِ بِمُرَاعَاتِهِمَا تَنْتَظِمُ مَصَالِحُ الدِّينِ وَيَتِمُّ أَمْرُهُ وَقَدْ كَانَ أَبُو ذَرٍّ أَفْرَطَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى انْتَهَى بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ يُفْتِيَ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ لِلْمَالِ وَإِنْ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ وَكَانَ يَرَى أَنَّهُ الْكَنْزُ الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ هَذِهِ الْحَالَةَ نصحه وَنَهَاهُ

(6/255)


عَنِ الْإِمَارَةِ وَعَنْ وِلَايَةِ مَالِ الْأَيْتَامِ وَأَكَّدَ النَّصِيحَةَ بِقَوْلِهِ وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي وَأَمَّا مَنْ قَوِيَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَعَدَلَ فِيهَا فَإِنَّهُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظله

(6/256)


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ قَالَ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ سُئِلَ الْمُزَنِيُّ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا إِلَّا كُوفِيًّا أَوْ بَصْرِيًّا فَكَلَّمَ كُوفِيًّا وَبَصْرِيًّا فَقَالَ مَا أَرَاهُ إِلَّا حَانِثًا فَأَنْهَى ذَلِكَ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُقِيمِينَ بِمِصْرَ فَقَالَ أَخْطَأَ الْمُزَنِيُّ وَخَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كل ذِي ظفر إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الحوايا أَو مَا اخْتَلَط بِعظم وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قرشي أَو ثقفي فَالْمَفْهُومُ أَنَّ الْقُرَشِيَّ وَالثَّقَفِيَّ كَانَا مُسْتَثْنَيَيْنِ فَذَكَرَ أَنَّ الْمُزَنِيَّ لَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ رَجَعَ إِلَى قَوْله

(6/280)