سبل السلام [بَابُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ
وَأُمِّ الْوَلَدِ]
[بَابُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ]
الْمُدَبَّرُ اسْمُ مَفْعُولٍ وَهُوَ الرَّقِيقُ الَّذِي
عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛
لِأَنَّ مَالِكَهُ دَبَّرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ أَمَّا
دُنْيَاهُ فَاسْتِمْرَارُ انْتِفَاعِهِ بِخِدْمَةِ
عَبْدِهِ وَأَمَّا آخِرَتُهُ فَتَحْصِيلُ ثَوَابِ
الْعِتْقِ وَالْمُكَاتَبُ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْضًا هُوَ
مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ وَحَقِيقَةُ
الْكِتَابَةِ تَعْلِيقُ عِتْقِ الْمَمْلُوكِ عَلَى
أَدَائِهِ مَالًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ مَالِكٍ أَوْ
نَحْوِهِ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ عِنْدَ مَنْ
يَقُولُ إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ
تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.
(عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا)
اسْمُهُ مِذْكَارٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ
وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ رِوَايَةِ
أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَوْ اسْمُهُ أَبُو
مِذْكَارٍ وَاسْمُ غُلَامِهِ أَبُو يَعْقُوبَ (مِنْ
الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ) اسْمُهُ يَعْقُوبُ
كَمَا فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا (عَنْ دُبُرٍ) بِضَمِّ
الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ
وَسُكُونِهَا «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ
ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ» .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ
فَاحْتَاجَ. وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ) أَيْ عَنْ
جَابِرٍ «وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ
بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ وَقَالَ اقْضِ
دَيْنَك»
) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّدْبِيرِ،
وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وَاخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ هَلْ يَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ
مِنْ الثُّلُثِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ
يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ
السَّلَفِ وَالظَّاهِرِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ
رَأْسِ الْمَالِ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِقِيَاسِهِ
عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ
(2/605)
(1345) - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ
مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ»
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَأَصْلُهُ
عِنْدَ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[سبل السلام]
أَنَّهُ يَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبِحَدِيثِ ابْنِ
عُمَرَ مَرْفُوعًا «الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ» وَرَدَّ
الْحَدِيثَ بِأَنَّهُ جَزَمَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ
بِضَعْفِهِ وَإِنْكَارِهِ، وَأَنَّ رَفْعَهُ بَاطِلٌ،
وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ
الْبَيْهَقِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مُرْسَلًا «أَنَّ
رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَجَعَلَهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الثُّلُثِ»
وَأُخْرِجَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
كَذَلِكَ مَوْقُوفًا. وَاسْتَدَلَّ الْآخَرُونَ
بِالْقِيَاسِ عَلَى الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا
يُخْرِجُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَالِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ
وَدَلِيلُ الْأَوَّلِينَ أَوْلَى لِتَأَيُّدِ الْقِيَاسِ
بِالْمُرْسَلِ وَالْمَوْقُوفِ؛ وَلِأَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى
الْوَصِيَّةِ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْهِبَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ
الْمُدَبَّرِ لِحَاجَتِهِ لِنَفَقَتِهِ أَوْ قَضَاءِ
دَيْنِهِ وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ
مُطْلَقًا مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وَرُدَّ بِأَنَّهُ عَامٌّ
خَصَّصَهُ حَدِيثُ الْكِتَابِ وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْهُمْ
الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مُطْلَقًا
مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَيُشَبِّهُهُ
بِالْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ إذَا احْتَاجَ الْمُوصِي بَاعَ
مَا أَوْصَى بِهِ، وَكَذَلِكَ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ
قَالُوا: وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ قَصْرُ الْبَيْعِ
عَلَى الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، وَإِنَّمَا الْوَاقِعُ
جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ صُوَرِ جَوَازِ بَيْعِهِ
وَقِيَاسُهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ يُؤَيِّدُ اعْتِبَارَ
الْجَوَازِ الْمُطْلَقِ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ
الْأَوَّلُ.
[الْمُكَاتَب إذَا لَمْ يَفِ بِمَا كُوتِبَ عَلَيْهِ]
(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ
مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد
بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ
وَالثَّلَاثَةِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) وَرُوِيَ مِنْ
طُرُقٍ كُلِّهَا لَا تَخْلُو عَنْ مَقَالٍ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ: فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: لَا
أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا إلَّا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ
وَلَمْ أَرَ مَنْ رَضِيت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
يُثْبِتُهُ. وَعَلَى هَذَا فُتْيَا الْمُفْتِينَ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا لَمْ
يَفِ بِمَا كُوتِبَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَبْدٌ، لَهُ
أَحْكَامُ الْمَمَالِيكِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ
الْجُمْهُورُ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ
وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ
فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ
يُعْتَقُ إذَا أَدَّى الشَّرْطَ وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ
يُعْتَقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَدَلِيلُهُ مَا أَخْرَجَهُ
النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُؤَدِّي
الْمُكَاتَبُ بِحِصَّةِ مَا أَدَّى دِيَةَ حُرٍّ وَمَا
بَقِيَ دِيَةَ عَبْدٍ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ:
(2/606)
(1346) - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَ
لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدَّى
فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ،
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[سبل السلام]
قَالَ أَبُو عِيسَى فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ: سَأَلْت
الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ رَوَى
بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ
عِكْرِمَةَ عَنْ عَلِيٍّ. وَاخْتُلِفَ عَلَى عِكْرِمَةَ
فِيهِ وَرِوَايَةُ عِكْرِمَةَ عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلَةٌ
وَرِوَايَتُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مُرْسَلَةٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ
مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا (قُلْت) فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ
أَصْلٌ إلَّا أَنَّهُ قَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ الْكِتَابِ
وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ دَلِيلُهُ الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ
مَا خَلَتْ طُرُقُهُ عَنْ قَادِحٍ إلَّا أَنَّهُ
أَيَّدَتْهُ آثَارٌ سَلَفِيَّةٌ عَنْ الصَّحَابَةِ؛
وَلِأَنَّهُ أَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّ السَّيِّدِ
فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ إلَّا بِمَا قَدْ رَضِيَ بِهِ مِنْ
تَسْلِيمِ مَا عِنْدَ عَبْدِهِ فَالْأَقْرَبُ كَلَامُ
الْجُمْهُورِ.
[الْمُكَاتَب إذَا صَارَ مَعَهُ جَمِيعُ مَالِ
الْمُكَاتَبَةِ]
(وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ
وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدَّى فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ»
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَصَحِّحْهُ
التِّرْمِذِيُّ) وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ
(الْأُولَى) أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا صَارَ مَعَهُ جَمِيعُ
مَالِ الْمُكَاتَبَةِ فَقَدْ صَارَ لَهُ مَا لِلْأَحْرَارِ
فَتَحْتَجِبُ مِنْهُ سَيِّدَتُهُ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا
لِامْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ ذَلِكَ،
وَهُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَدْ
جَمَعَ بَيْنَهُمَا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: هَذَا خَاصٌّ
بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -، وَهُوَ احْتِجَابُهُنَّ عَنْ الْمُكَاتَبِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ مَالَ الْكِتَابَةِ إذَا
كَانَ وَاحِدًا لَهُ وَإِلَّا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا
مَنَعَ سَوْدَةُ مِنْ نَظَرِ ابْنِ زَمْعَةَ إلَيْهَا مَعَ
أَنَّهُ قَدْ قَالَ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» قُلْت وَلَك
أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ
أَنَّهُ قِنٌّ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ
وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا.
وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي مُكَاتَبٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِ
مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ
سَلَّمَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
لَهَا «إذَا كَاتَبَتْ إحْدَاكُنَّ عَبْدَهَا فَلْيُرِهَا
مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ فَإِذَا
قَضَاهَا فَلَا تُكَلِّمُهُ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ»
فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يُقَاوِمُ حَدِيثَ الْكِتَابِ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى
أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَمْلُوكِ الْمَرْأَةِ النَّظَرُ
إلَيْهَا مَا لَمْ يُكَاتِبْهَا وَيَجِدْ مَالَ
الْكِتَابَةِ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّ لَهُ مَنْطُوقُ قَوْله
تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31]
فِي سُورَةِ النُّورِ وَفِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ
وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ لَمَّا تَقَنَّعَتْ
بِثَوْبٍ وَكَانَتْ إذَا
(2/607)
(1347) - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ
اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُودَى الْمُكَاتَبُ
بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ الْحُرِّ، وَبِقَدْرِ
مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ الْعَبْدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[سبل السلام]
قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا
وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَيْسَ عَلَيْك بَأْسٌ إنَّمَا هُوَ أَبُوك وَغُلَامُك»
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَخْرَجَ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ «كَانَ الْعَبِيدُ
يَدْخُلُونَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» يُرِيدُ مَمَالِيكُهُنَّ: وَفِي
تَيْسِيرِ الْبَيَانِ لِلْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ رُؤْيَةَ
الْمَمْلُوكِ لِمَالِكَتِهِ: الْمَنْصُوصُ أَيْ
لِلشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ الْخِلَافَ لِبَعْضِ
الشَّافِعِيَّةِ وَرَدَّهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلْنَا
عَنْهُ أَوَّلًا: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ لَهُ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ
السَّلَفِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَذَهَبَتْ
الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ
الْمَمْلُوكَ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالُوا: يَدُلُّ لَهُ
صِحَّةُ تَزْوِيجِهَا إيَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ
وَأَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ لَا
يُعْمَلُ بِهِ.
وَعَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُنَّ الْمَمْلُوكَاتُ مِنْ الْإِمَاءِ
لِلْحَرَائِرِ وَخَصَّهُنَّ بِالذِّكْرِ رَفْعًا
لِتَوَهُّمِ مُغَايَرَتِهِنَّ لِلْحَرَائِرِ فِي قَوْله
تَعَالَى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] إذْ الْإِمَاءُ
لَسْنَ مِنْ نِسَائِهِنَّ. وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا
وَتَكَلُّفُهُ وَالْحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ أَوْلَى.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: " يُودَى) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ مَبْنِيٌّ
لِلْمَجْهُولِ مِنْ وَدَاهُ يَدِيهِ «الْمُكَاتَبُ
بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ الْحُرِّ وَبِقَدْرِ
مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ الْعَبْدِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ
) سَقَطَ هَذَا الْحَدِيثُ بِشَرْحِهِ مِنْ الشَّرْحِ
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ حُكْمُ الْحُرِّ
فِي قَدْرِ مَا سَلَّمَهُ مِنْ كِتَابَتِهِ فَتُبَعَّضُ
دِيَتُهُ إنْ قُتِلَ وَكَذَلِكَ الْحَدُّ وَغَيْرُهُ مِنْ
الْأَحْكَامِ الَّتِي تُنَصَّفُ وَهَذَا قَوْلُ
الْهَادَوِيَّةِ وَذَهَبَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
- وَشُرَيْحٌ إلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ كُلُّهُ إذَا سَلَّمَ
قِسْطًا مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ: وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَةٌ مِثْلُ كَلَامِ
الْهَادَوِيَّةِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ لَا تَتَبَعَّضُ
أَحْكَامُهُ بِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ
دِرْهَمٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا
بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» إلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَقَدْ
رَفَعَهُ ابْنُ قَانِعٍ وَأَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ
وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ لَكِنْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ أَرَ مَنْ رَضِيت مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ يُثْبِتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ أَخْرَجَ
أَبُو دَاوُد
(2/608)
(1348) - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ -
أَخِي جُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا - قَالَ: «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا،
وَلَا دِينَارًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، وَلَا
شَيْئًا إلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ
وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(1349) - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا
أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ
مَوْتِهِ» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ
بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌ وَقْفَهُ عَلَى
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[سبل السلام]
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعَيْنِ
بِلَفْظِ «الْمُكَاتَبُ يُعْتَقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى
وَيَرِثُ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِقَدْرِ مَا
عَتَقَ» وَلَا عِلَّةَ لَهُ وَهُوَ يُؤَيِّدُ حَدِيثَ
الْكِتَابِ. وَلَعَلَّهُ هُوَ. إنَّمَا اخْتَلَفَ
لَفْظُهُ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ
وَبَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْهَا.
[تَرِكَة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ) هُوَ عَمْرُو بْنُ
الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ بِكَسْرِ الضَّادِ
الْمُعْجَمَةِ وَرَاءٍ خَفِيفَةٍ عِدَادُهُ فِي أَهْلِ
الْكُوفَةِ رَوَى عَنْهُ أَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ
سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ (أَخِي جُوَيْرِيَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَ: «مَا
تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا
وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إلَّا
بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا
صَدَقَةً» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ
عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مِنْ تَنَزُّهِهِ عَنْ الدُّنْيَا
وَأَدْنَاسِهَا وَأَعْرَاضِهَا وَخُلُوِّ قَلْبِهِ
وَقَالَبِهِ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ
مُتَفَرِّغٌ لِلْإِقْبَالِ عَلَى تَبْلِيغِ مَا أُمِرَ
بِهِ وَعِبَادَةِ مَوْلَاهُ وَالِاشْتِغَالِ بِمَا
يُقَرِّبُهُ إلَيْهِ وَمَا يَرْضَاهُ وَقَوْلُهُ " وَلَا
عَبْدًا وَلَا أَمَةً " وَقَدْ قَدَّمْنَا «أَنَّهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَ ثَلَاثًا
وَسِتِّينَ رَقَبَةً فَلَمْ يَمُتْ وَعِنْدَهُ مَمْلُوكٌ»
وَالْأَرْضُ الَّتِي جَعَلَهَا صَدَقَةً قَالَ أَبُو
دَاوُد «كَانَتْ نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً
أَعْطَاهُ اللَّهُ إيَّاهَا فَقَالَ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ
عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] فَأَعْطَى أَكْثَرَهَا
الْمُهَاجِرِينَ وَبَقِيَ مِنْهَا صَدَقَةُ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي
فِي أَيْدِي بَنِي فَاطِمَةَ» وَلِأَبِي دَاوُد أَيْضًا
مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ «كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثُ صَفَايَا
بَنُو النَّضِيرِ وَخَيْبَرُ وَفَدَكُ فَأَمَّا بَنُو
النَّضِيرِ فَكَانَتْ حَبْسًا لِنَوَائِبِهِ وَأَمَّا
فَدَكُ فَكَانَتْ حَبْسًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَأَمَّا
خَيْبَرُ فَجَزَّأَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَسَمَ
جُزْءًا لِنَفَقَةِ أَهْلِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهُ جَعَلَهُ
فِي فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ» .
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ
(2/609)
(1350) - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ، أَوْ مُكَاتَبًا
فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا
ظِلُّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[سبل السلام]
سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ» . أَخْرَجَهُ
ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ) إذْ فِي
سَنَدِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ
ضَعِيفٌ جِدًّا (وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌ وَقْفَهُ عَلَى
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) الْحَدِيثُ دَالٌّ
عَلَى حُرِّيَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ وَفَاةِ
سَيِّدِهَا وَعَلَيْهِ دَلَّ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَيْثُ
قَالَ وَلَا أَمَةً فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ
أُمَّ إبْرَاهِيمَ وَتُوُفِّيَتْ فِي أَيَّامِ عُمَرَ
فَدَلَّ أَنَّهَا عَتَقَتْ بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِأَجْلِ هَذَا الْحُكْمِ ذَكَرَ
الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَتَقَدَّمَ
الْكَلَامُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ
الْبَيْعِ.
[ثواب مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا أَوْ غَارِمًا أَوْ
مُكَاتَبًا]
(وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ» الْغَارِمُ الَّذِي
يَلْتَزِمُ مَا ضَمِنَهُ وَتَكَفَّلَ بِهِ وَيُؤَدِّيهِ
قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ «أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ
أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ»
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) فِيهِ دَلِيلٌ
عَلَى عِظَمِ أَجْرِ هَذِهِ الْإِعَانَةِ لِمَنْ ذُكِرَ
وَذُكِرَ هُنَا لِأَجْلِ الْمُكَاتَبِ. وَقَدْ قَالَ
تَعَالَى فِي الْمُكَاتَبِ {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ
الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وَقَدْ أَخْرَجَ
النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - مَرْفُوعًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَالَ «فِي الْآيَةِ رُبْعُ الْكِتَابَةِ»
قَالَ النَّسَائِيّ وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ وَقَالَ
الْحَاكِمُ فِي رِوَايَةِ الرَّفْعِ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
وَقَدْ فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ}
[التوبة: 60] بِإِعَانَةِ الْمُكَاتَبِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ
السَّيِّدَ أَنْ يَدَعَ الرُّبْعَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ
ثَمَنِهِ وَهَذَا تَعْلِيمٌ مِنْ اللَّهِ وَلَيْسَ
بِفَرِيضَةٍ وَلَكِنْ فِيهِ أَجْرٌ. |