شرح ابن ماجه
لمغلطاي 19- باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا
حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم الدمشقي
عن ابن
ثوبان عن عَبدة بن أبي لبابة عن شقيق بن سلمة قال: " رأيت
عثمان وعليًّا
يتوضآن ثلاثا، ويقولان: هكذا كان وضوء رسول الله/صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) .
هذا حديث إسناده صحيح، ومعناه في الصحيح من حديث عثمان
أيضا،
ولما ذكر أبو عيسى في علله حديث فليح عن سعيد بن الحرث بن
خارجة بن
زيد بن ثابت عن زيد أن عثمان توضأ ثلاثا، وقال: هكذا رأيت
النبي يتوضأ،
قال: سألت محمدًا عن هذا الحديث، قال: هو حديث حسن، قال
أبو
عيسى: وهو غريب من هذا الوجه، وذكر أبو جعفر بن مُنيع في
مسنده من
طريق ابن لهيعة، ثنا أبو النصر عثمان عمن رأى عثمان دعا
بوضوء، وعنده
الزبير وسعد بن أبي وقاص، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال:
أنشدكم الله أتعلمون
أن النبي كان يتوضأ كما توضأت؟ قالوا: نعم، وفي كتاب أبي
عبيد:
وعنده علي وطلحة والزبير وسعد ... الحديث، ولما ذكر حديث
ابن ماجة هذا
بعض الحفاظ المبرزين قال: رواه ابن ماجة (2) عن محمود بن
خالد عن الوليد
__________
(1) صحيح. رواه ابن عدي (4/1592) بلفظ " رأيت عليا وعثمان
... الحديث " وفي
صحيح البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال
حدثني إبراهيم بن سعد عن ابن
شهاب أن عطاء بن يزيد أخبره أنْ حُمران مولى عثمان أخبره
أنه رأى عثمان ابن عفان دعا بإناء
فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء
فمضمض واستنشق، ثم غسل
وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثُمً مسح
برأَسه ثم غسل رجيه ثلاث مرار إلى
الكعبين، ثم قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا
يُحدْث فيهما نفسه، غفر له ما تقدّم من ذنبه ".
4- كتاب الوضوء، 24- باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/159) .
أطرافه في: [1601، 164، 1934، 6433،]
قلت: وكفى برواية البخاري شاهدا صحيحا لما رواه ابن عدي في
" الكامل ".
(2) صحيح. رواه ابن ماجة في 10- كتاب الطهارة، 46- باب
الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/
413) . حدْثنا محمود بن خالد الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم
الدمشقي، عن ابن ثوبان، عن
عبدة بن أبي لبابة، عن شقيق بن سلمة؛ قال: رأيت عثمان
وعليا يتوضآن ثلاثا
(1/278)
عن ابن ثوبان عن عبدة عن شقيق، قال: بمعنى
أبيِ حاتم، عن أبي نعيم ثنا
عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، فذكر نحوه، ويشبه أن يكون
ذلك وهمًا؛
لأن القائل ثنا أبو حاتم إلى آخره، إنما هو أبو الحسن بن
سلمة القطان الرازي
عن ابن ماجة ليعني أن الحديث عنده عال من غير طريق ابن
ماجة فعل ذلك
في غير حديث، ورأيته مفصولًا في نسخة، ويؤيد ما قلناه
إعراض أصحاب
الأطراف عن ذكره، والله أعلم. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
الدمشقي، ثنا
الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله بن
حنطب عن ابن
عمر: " أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ورفع ذلك إلى النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هذا حديث قال:
ذكره ابن حبان في صحيحه (1) عن الحسن بن سفيان، ثنا حبان
بن عبد الله،
ثنا المطلب، فذكره، وصححه ابن حزم أيضًا، واحتج به، ومع
ذلك فهو معلّل
بأمرين:
الأول: الانقطاع، قال ابن عساكر في كتاب الأطراف، تابعه
بشر بن
بُكير، ورواهما وليد بن مزيد، فجعله عن ابن عباس، والمطلب
قيل لم يسمع
من ابن عمر،/وقال ابن حاتم: عامة رواته يعني المطلب-
مرسلة-، وروي
عن ابن عمر وابن عباس، ولا ندري أنه سمع منهما أم لا، وفي
كتابه الجرح
والتعديل: مطلب عن ابن عباس وابن عمر مرسل لم يتردّد.
الثاني: ضعف المطلب، وإن كان أبو زرعة والفسوي والدارقطني
وثقوه،
فقد قال فيه ابن سعد: كان كثير الحديث، وليس يحتج بحديثه؛
لأنه يرسل
عن النبي كثيرًا، وليس له لقى، وعامة أصحابه يدلّسون، وذكر
الخلال حديثه
هذا في علله، وفي المسند زيادة: وأنّ ابن عباس: " كان
يتوضأ مرّة مرّة "،
__________
= ثلاثا ويقولان: هكذا كان وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو الحسن بن سلمة: حدثناه أبو حاتم،. ثنا أبو نعيم،
ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.
فذكر نحوه. وصححه الشيخ الألباني.
(1) صحيح. رواه ابن حبان: (2/205، ح/1076) . أخبرنا الحسن
بن سفيان قال:
حدثنا حبان ابن موسى قال: أخبرنا زائدة بن قدامة قال:
حدثنا ابن علقمة الهمداني قال: حدثنا
عبد نمير قال: " دخل علي- رضوان الله عليه- الرحبة بعدما
صلى الفجر، فجلس في الرحبة
ثم قال للغلام: ائتني بطهور، فأتاه الغلام لإناء فيه ماء
وطست ... " الحديث.
(1/279)
ويسند ذلك إلى النبي- عليه السلام- " (1) .
حدثنا أبو كريب، ثنا خالد بن
حبان عن سالم أبي المهاجر عن ميمون بن مهران عن عائشة وأبي
هريرة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ ثلاثا
ثلاثا " (2) هذا حديث معلّل بأمرين: الأول:
انقطاع ما بين ميمون وشيخيه، أما عائشة فذكر الكناني: قلت
له- يعني أبا
حاتم الرازي- ميمون، هل سمع من عائشة شيئًا؟ قال: لا، وأما
أبو هريرة
فذكر ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل: ثنا رحمونة سمعت أبا
طالب قال:
قلت لأحمد بن حنبل: ميمون سمع عن بن حزام؟ قال: لا، من أين
لقيه؟ لم
يرو إلا عن ابن عباس وابن عمر، فهذا حكم من أحمد على عدم
سماعه من
صحابي غير هذين ولم تركته مخالفا نرجع إلى قوله، الثاني:
الاختلاف في
حال خالد بن حبان أبي يزيد الرقي الكندي مولاهم الخراز،
فأمّا ابن عمَار
وابن معين وابن سعد فذكروا أنه ثقة، وأمّا الإِمام أحمد
فقال: لم يكن به
بأس، كان يروي عن جعفر غرائب وقال عمرو بن علي: ضعيف
الحديث،
وقال يعقوب: أنكرت عليه أحاديث تفرد بها، وسئل عنه علي بن
ميمون
فقال: كان منكرًا- يعني في الضبط والحفظ- وشكّ التقوى
والتحرز. انتهى
كلامه، وفيه نظر، إذ لقائل أن يقول: لو لم يكن فيه إلَّا
قول من وثقة لكان
ما ذكرته حسنًا، ولكن لما روى مضعفًا راويًا للغرائب جوز
حمله على نكارة
الحديث/لا غيرها اصطلاحًا ولغة، وقد وقع لنا حديث أبي
هريرة من طريق
صحيحة، ومسند البزار رواها عن كرشي عن الحجاج بن منهال عن
هاشم عن
همام عن عامر الأحول عن عطاء بن أبي رباح عنه أنّ النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ
ثلاثًا ثلاثًا " (3) ، وقال: هذا الحديث لم نعلمه روى عن
أبي هريرة بأصح من
هذا الإِسناد، وحديث عائشة من طريق متصلة، وصحح الطْبري
إسناده في
تهذيب الآثار. ذكرها أبو عبد الرحمن البزار في كتاب الكنى
فقال: حدّثنا
الحسين بن حريث، ثنا الفضل بن موسى عن جُنيد بن عبد
الرحمن، أخبرني
__________
(1) تقدم في أحاديث الباب.
(2) تقدم في أحاديث الباب.
(3) تقدم في أحاديث الباب.
(1/280)
عبد الملك بن مروان بن الحرث ابن أبي ذئاب،
أخبرني سالم سيلان قال:
" أرتني عائشة كيف كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يتوضأ قال: يتمضمض ثلاثَا "
الحديث. حدّثنا سفيان بن وكيع، ثنا عيسى بن موسى عق فائد
أبي الورقاء
وعبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى قال: رأيت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يتوضأ ثلاثا ثلاثا، ومسح برأسه مرة " (1) هذا حديث
إسناده ضعيف؛
لضعف سفيان بن وكيع المتقدّم الذكر، ونكارة حديث فائد، وإن
كان ليس
من نظير ما ذكره لمتابعة أبي يعقوب عبد الرحمن عبيد بن
نسطاس الثقة الثبت
له، فكأنه ليس بموجود في هذا الحديث فلم يبق إلَّا تعليله
بسفيان، وإن كان
ليس علّة له فقد وقع لنا من طريق سالمة منه، ثناها الشيخ
الإِمام المسند المعمر
أبو بكر بن عمر الحميدي، ثنا عبد الهادي عن فاطمة قالت:
ثنا فاطمة، ثنا
ابن زيدة، ثنا أبو القاسم، ثنا الحسن بن إسحاق، ثنا عليِ
بن يحيى، أخبرني
عيسى بن يونس عن فائد: سمعت ابن أبي حاتم أوفى يقول: "
رأيت النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثا ثلاثا، ومسح
برأسه مرّة " (2) وبه إلى أبي القاسم، ثنا عليّ بن
عبد العزيز، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا أبو عبيد
القاسم بن سلام، ثنا
مروان بن معاوية عن أبي الورقاء عق عبد الله بن أبي أوفى
أنه: " توضأ ثلاثا
ثلاثا فخلّل لحيته "، وقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفْعل هذا " (3) فصح إسناده/
على هذا، والله تعالى أعلم. ولما ذكر أبو القاسم بن عساكر
هذا الحديث، لم
يذكره من رواية عبد الرحمن عن أبي أوفى، ولما ذكر لمن اسمه
برواية عنه
استظهرت على ذلك بعده بنسخ أما ذكره من حديث فائد فقط،
وعزاه لابن
ماجة وبايعه على ذلك جماعة من المتأخرين، منهم ابن سرور
والحافظ المزّي
في كتابيه، وحديث ابن ماجة يرد قولهم، وممن نبه (4) على
أنّ عبد الرحمن
هذا هو أبو يعقوب الصغير أبو عبد الرحمن بن حبّان، وأبو
نعيم الأصفهاني
__________
(1) تقدم في أحاديث الباب.
(2) تقدم في أحاديث الباب.
(3) تقدم في أحاديث الباب.
(4) كذا وردت " بالأصل ".
(1/281)
وأبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة من
تأليفهما، وقبلهم الحميدي في
مسنده. حدثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن
ليث
عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري قال: " كان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَا
يتوضأ ثلاثًا ثلاثَا " (1) هذا حديث إسناده جيّد، ولولا
الاختلاف في حال
رواته لقيل فيه صحيحا، لما عضده من الشواهد والمتابعات،
ولأنه لم يتكلم
فيها بقادح بُرّد به حديثهما وللعرفان بحال الواسطة ونفيه،
أما ليث؛ فهو ابن
أبي سليم أنس. كذا ذكره ابن الجوزي، ويشبه أن يكون وهم؛
لأن العقيلي
فرق بين ابن أبي سليم زياد، وبين ليث بن أنس بن الليثي
الراوي عن ابن
إسرائيل- يكنى أبا بكر، ويقال بكير- كوفي، وإن كان ابن
سرور ذكر أنّ
الشيخين رووا له، فيشبه أن يكون وهما؛ وذلك أن الكلاباذي
والحاكم
اللالكائي والخيال والباجي لم يذكره أحد منهم في كتابه،
اللهم إلَّا لو قال
أنّ محمدَا استشهد به، ويروي له في رفع اليدين، وقرنه مسلم
بابن إسحاق
الشيباني لكان صوابًا، وكذلك قاله ابن معين، زاد أبو
الحسن: سئل وكيع عن
حديث من حديثه فقال: ليث لين وقال: كان سفيان لا يسمى
لينَا، وقال
البخاري: كان صدوقًا، وقال ابن عدي: أحاديثه صالحة، وروى
عنه شعبة
والثوري وغيرهما من ثقات الناس، ومع الضعفاء الذي/فيه فكتب
حديثه، فقد
قال أبو النصر معْمر: كان ابن عيينة لا يحمد حفظه، وفي
رواية: ضعيف،
وقال ابن مهدي: ليث وعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد،
ليث أحسنهم
عندي، وقال جرير: كان ليث أكثرهم تخليطًا، وقال عيسى بن
يونس:
كان قد اختلط كان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن، وقال
أحمد بن حنبل:
هو مضطرب الحديث، ولكن: حدث الناس عنه، وفي علل الترمذي
عنه: لا
نفرح بحديثه وقال أبو زرعة وأبو حاتم: لا نشتغل به، مضطرب
الحديث، زاد
أبو حاتم: هو أحب إلي من يزيد بن أبي زياد، وقال الفلاس:
كان يحيى لا
__________
(1) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/417) وأحمد في "
المسد " (1/125، 2/
8) وابن أبي شيبة في " المصنف " (1/15) والكنز (26893،
26952) .
وفي الزوائد: هذا الإسناد ضعيف، وليث: هو ابن أبي صيف.
وقال السديَ: وشهر قد
تكلَموا فيه. قلت: وصححه الشيخ الألباني. انظر: صحيح ابن
ماجة.
(1/282)
يحدّث عنه، وكان ابن مهدي يحدّث عنه، وقال
الدارقطني: صاحب سنة،
وكذلك قاله ابن معين، زاد أبو الحسن: نخرج حديثه، إنّما
أنكروا عليه الجمع
بين عطاء وطاوس ومجاهد فحسب، وقال يحيى لأحمد: حديثه ذكره
عنه
الحاكم، وقال ابن سعد: كان رجلَا صالحا عابدَا ضعيفَا في
الحديث، يقال
كان يساًل عطاء، وقال الساجي: صدوق فيه ضعف، كان سيء الحفظ
كثير
الغلط، وكان أبو داود لا يدخل حديثه في كتاب السنن الذي
صنفه، وفيما
قاله نظر من حيث إنّ أبا داود إذا أطلق كان في العرف
محمولَا على
السجستاني، فإن كان عناه فهو ثقة، خرج حديثه في كتابه، وإن
كان غيره
فيلزمه بيانه، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ضعيف، وقال ابن
طاهر مثله، زاد
خيرَا فقال: كان يسأل عطاء وطاوسَا ومجاهدَا عن الشيء
يختلفون فيه،
فيروى أنّهم اتفقوا من غير تعمّد لذلك، وفي تاريخ ابن أبي
خيثمة: قال ابن
معين: ليس بذاك، وفي كتاب الآجري قال يحيى: ليس به بأس،
وفي كتاب
العقيلي عنه: هو أضعف من يزيد بن برقوقة، وفي رواية ضعيف:
إلَّا أنله كان
يُكتب حديثه، ليث/أضعف العالمين، وقال السعدي: نضعّف
حديثه، ليس
بثبت، وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان يقلب
الأسانيد، ويرفع
المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم، تركه القطان
وابن مهدي
وأحمد وابن معين. انتهى كلامه، وفي إطلاقه ذلك نظر؛ لانا
أسلفنا عن
الفلاس بحديث القطان عنه، وثنا أحمد عليه، وكذلك ابن معين،
والصواب
في ذلك قول الساجي: كان يحيى القطان بآخره لا يحدّث عنه،
ففي هذا
جمع بين قول يحيى والفلاس، وأما ابن معين فلا وجه لما حكاه
عنه، وقال ابن
المديني: مجاهد أحبّ إلي منه، وقال العجلي: كوفي جائز
الحديث، وفي
كتاب الآجري قال أبو داود أحمد بن يونس. سمعت أبا داود
يقول: سمعت
يحيى يقول: عامة شيوخه لا يعرفون، الثاني: شهر بن حوشب أبو
سعيد،
ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو
الجعد الأشعري
الحمصي، ويقال: الدمشقي، وإن كان مسلم قد خرج حديثه، وحسّن
الترمذي والبخاري حديثه، وروى له في كتاب الأدب، وقال
أحمد: ما
أحسن حديثه، ووثّقه، وفي رواية: هو حسن الحديث، وقوى أمره،
قال: وإنما
(1/283)
يتكلم فيه ابن عون، يعني بقوله: تركوه، وفي
رواية: لا بأس به، وفي رواية:
ثبت وقال العجلي: ثقة، وكذلك قاله ابن معين، وقال أبو أحمد
الحاكم:
ليس بالقوي عندهم، وقال موسى بن هارون: ضعيف، وبمثله قاله
ابن سَعْد،
وقال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن المديني يقول: وقد قيل له
ترضى حديث
شهر فقال: أنا ما أحدّث عنه قال: فأنا لا أدع حديث الرجل
إلا أن يجتمع
عليه يحيى وعبد الرحمن- يعني على تركه- قال يعقوب: وهو ثقة
على أنّ
بعضهم قد طعن فيه، وقال الفسوي في تاريخه: وإن كان ابن عون
تركوه فهو
ثقة لم وفي هذا رّد لما ذكره أبو عبد الله في تاريخ
نيسابور: وثقة ابن معين وأبو
زرعة الرازي، وشذّ عنه سائر المشايخ، والله أعلم، وقال أبو
حاتم: هو أحبّ (1)
إلي من أبي هارون وبشر بن حرب، وليس يرون أبي الزبير، ولا
نحتج به،
وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال محمد بن عبد الله ابن
عمّار: روى عنه
النّاس، وما أعلم أحدًا قال فيه غير شعبة قال: يكون حديثه
حجة؟ قال: لا،
وقال صالح بن محمد: لم نقف منه على كذب، وكان رجلًا ينسك،
إلَّا أنه
روى أحاديث تفرّد بها لم يشركه فيها أحد، فقد تركه شعبة،
ولم يحدّث عنه
ابن مهدي، وقال النسائي وابن عدي: ليس بالقوي، زاد ابن
عدي. ولا نحتج
بحديثه، وقال ابن حبان: كان يروى عن الثقات المعضلات، قابل
عبّاد بن
منصور في الحج فسرق عبيته فهو القائل:
لقد باع شهر دِينَهُ بخريطةٍ ... فمن يأمن القراء بعدك يا
شهر
كذا شهر، ذكره ويشبه أن يكون وهمًا؛ لأنّ المعروف أنّ
الخريطة إنمّا
كانت من بيت المال حين ذكره ليزيد بن المهُلب وقال الهذلي:
كان على
خزائن يزيد، فلما سأله عنها أتاه بها، فدعا يزيد الذي وقع
فيه فشهد، وقال
لشهر: هي لك فقال: لا حاجة لي فيها، فقال القطامي الكلبي:
عن شهر بن
حَوْشَبٍ قال: يقال في الحسن بن سعد حربلة؟ قلت: نعم،
فقال: يا
هؤلاء إنّه قد وثقة، ويقال: سنان بن مُكْمل النميري البيت،
وبعده أخذت له
شيئًا طفيفًا، وبعته من ابن خزنبيداد هذا هو الغَدْرُ،
وصحَّف بعض حفّاظ
__________
(1) قوله: " هو أخت " وردت بالأصل " مواجب " وهو تحريف،
وللصحيح ما أثبتناه.
(1/284)
عصرنا هذا البيت فقال: من ابن جرير أنّ هذا
هو الغَدْرُ، ويقال: الشرفي
المسمّى الوليد بن العطامي وهو الحسين بن جمال النسابة
وقال مرة النخعي
لشهر: يا ابن المهلب ما أردت إلى امرءا لولاك كان كصالح
القراء؛ فتبيّن مما
ذكرناه فساد قول من عَزَا ذلك لعبّاد- يعني الشعر
والخريطة-/اللهم إلا لو.
ذكر خيانته له لكان صوابا من فعله؛ لأن شعبة شهد عليه أنّه
رافق رجلا من
أهل الشام فخانه. فيما ذكر؟ الساجي، ثم ذكر قصته في بيت
المال بعد،
فجعلهما مرّتين، وهو الأشبه، والله أعلم، وفي كتاب الترمذي
عن النضر شهر
تركوه، ويشبه أن يكون وهما وذلك أنّ الساجي والعقيلي
والسعدي وغيرهم
إنما ذكروا روايته عن ابن عون، لا عن نفسه، وقال العيني:
ضعيف، وفي
تاريخ ابن أبي خيثمة عن ابن معين عن مسلم عن رجل ذهب على
يحيى
اسمه قال: كنت مع شهر في طريق مكة فكنّا إذا نزلنا منزلا
قال: هاتوا
عبوديا سووا طنبوريا، فإنا إنّما جمل خبزنا- يعني الحديث-
وفي كتاب العقل
نحوه وعن قتادة قال: جاء شهر يستأذن على الأمير، قال: فخرج
الإِذن
فقال: إن الأمير يقول: لا تأذن له فإنه سيأتي قال: فقلت
إنّ خادم البيت
يخبرك بما في أنفسهم قال: ثمّ قال قتادة: لا غفر الله لمن
لا يستغفر لهما-
يعني عليا وعثمان- رضى الله عنهما- وقال الساجي: فيه ضعف
وليس
الحافظ، وقال السعدي: أحاديثه لا تشبه أحاديث النّاس،
وذكره مسلم في
مقدمته بالضعف، وكذلك الرازي فسير مجموع ما ذكر أنّ لا
قادح فيها،
وذلك إن يشأ غالب ما رمى به الجمع والاختلاط، أمّا الأول
فهذا الحديث
عارضه، وأمّا الثاني فقد رمى جماعة من المجمع على عدالتهم،
وهذا إنما كان
اختلاط في أمر غيره، وسفيان ممن أخذ عنه قديما، وأما ذمية
الاختلاط وسُوْء
الحفظ فقد أسلفنا له متابعان وشواهد من ذاك معها، وأمّا
شهر؛ فمعظم ما
رمى به إّنما أتى على لسان شاعر مرمى بالكذب متعرّض، لا
يدري أمحقِّ أم
مبطل ولئن كان محقا قول علي أنّ له حقًا في بيت المال أخذ
بعضه، وهذا
لاقدح فيه وأمّا خيانته لعباد إن بعثت فيحتمل أن يكون من
جاء أو ظفرا أو
(1/285)
لأنه يرى اختلاف الآراء يوجب إباحة
الأموال، وذلك أن عبادًا رماه ابن حبان
بالدعاء/إلى القدر، فإن كان هذه المثابة كان عند بعضهم
كافرًا، وأما تسويته
الطنبور فهو قول مردود بما ذكره عثمان بن بريدة عنه قال: "
دُعى شَهْر إلى
وليمة وأنا معه، فدخلنا فأصبنا من الطعام، فلما سمع شهر
المزمار وضع أصبعيه
في أذنيه وخرج حتى لا يسمعه " وعلى تقدير صحته، فهو مذهب
لأهل
المدينة مشهور لا عيب فيه على من تعاطاه ممن يراه، وأمّا
رميه بأنه سيأتي فإنما
جاء على لسان من لا يعرف اسمه ولا حاله ولا غبنه، ومثل هذا
لا يقبل
خبره فكيف تفرده بما لم يأت به غيره من الأئمة؟ ولئن كان
ما قاله صحيحًا
فلا عيب فيه على من لا يدعو إليه، وأما ترك شعبة له فإنّما
هو بسبب خيانته
لعباد كما تقدّم مبينًا، وأما قول ابن عون فيه: تركوه فقد
قيل فيه بالنون
والزاي بمعنى طعنوه وهو الصحيح؛ لانا أسلفنا كلام الأئمة،
وليس فيهم أحد
تركه ولا صَرحَّ بذلك فبقى محمولًا على الطعن الذي بيّناه
الذي لم يسلم
غالبًا منه أحد، وأمّا قول السعدي فحمل على بغضه للشيعة
وتعصّبه عليهم
لفرط نَصبه، والله أعلم، وبنحو ما قلناه ذكره ابن القطان
في كتاب الوهم
والإِيهام فقال: لم أسمع لمضعفه حجة، وما ذكروه من تزينه
بزي الجند
وسماعه القنا بالآلات وفرقه بأخذ خريطة، فكذب عليه إما لا
يصح وإما
خارج مخرج لا يضره، وشر ما قيل فيه إنه يروي منكرات عن
ثقات، وهذا
إذا كثرت منه سقطت الرواية به، والله أعلم، وأما قول ابن
دحية في كتابه
العلم المشهور وأعظم جرحه أنه كان شرطيًا للحجاج، وليس
كذلك ولئن كان
إنّما كان عاملًا لابن المهلب ولئن عمل للحجاج حمل على
جبره له كما جبر
غيره، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق ليس فيها ليث، مشعرة
بانقطاع
ما بين شهر وأبي ملك بدخول واسطة بينهما، ولكنه غير ضار
لثقته وعدالته
رواها ابن أبي شيبة في مسنده عن محمد بن بشر عن سعيد عن
قتادة عن
شهر عن عبد الرحمن/بن عمر أنَّ أبا مالك جمع قومه، فذكره
مطولًا. حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع عن سفيان
عن عبد
(1/286)
الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ
بن عفراء " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
توضأ ثلاثا ثلاثًا " (1) هذا حديث مختلف في صحته وضعفه
للاختلاف في
حال ابن عقيل المذكور قبل، وقال الترمذي فيه: حسن، وفي
حديث الزبير
وسعد وطلحة والمطلب بن أبي أوفى وأبي مالك الأشعري
المذكورين قبل رد لا
أغفله الترمذي، حين تعداده الصحابة الذين رووا هذا المعنى،
وكذا حديث
المقدام بن معد يكرب (2) وابن عباس المذكورين عند أبي
داود، والله أعلم،
وحديث دليل بن حجر المذكور عند البزار- رحمه الله- وعبد
الله بن جعفر
المذكور عند الطبراني في-الأوسط، وقال: لم يروه عن إبراهيم
إلا قتادة. تفرّد
به الزبير، وحديث ذكره إبراهيم بن محمد بن عبيد في مسنده
عن سهل بن
إسماعيل النصبي، ثنا سهل بن رعلة الرازي، ثنا مبشر بن
إسماعيل الحلبي، ثنا
تمام بن نحيح عن الحسن عنه: " توضأ رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فغسل يده ثلاثا؛
وتمضمض ثلاثًا " (3) الحديث. وحديث المغيرة بن شعبة عند
الطبري في
التهذيب. رواه عن أحمد بن محمد الطوسي، ثنا يعقوب بن محمد،
ثنا أبيِ
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 16- باب
الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/
418)
ورواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 34- باب ما جاء في
الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/44) .
من حديث علي.
قال الترمذي: وفي الباب عن عثمان، وعائشة، والربيع، وابن
عمر، وأبي أمامة، وعبد الله بن
عمرو، ومعاوية، وأبي هريرة، وجابر، وعبد الله بن زيد، وأبي
بن كعب، وقال: حديث علي
أحسن شيء في هذا الباب وأصح؛ لأنه قد رُوى هن غير وجه عن
علي- رضوان الله عليه- والعمل
على هذا عند عامة أهل العلم: أن الوضوء يُجزئ هرة هرة،
ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس
بعده شيء.
وقال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن
يأثم.
وقال أحمد وإسحاق: لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى.
(2) قوله: " يكرب " وردت " بالأصل ": " كرب " والصحيح ما
أثبتناه.
(3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/230) من
حديث البراء بن عازب
نحوه، وعزاه إلى " أحمد " ورجاله موثقون.
(1/287)
عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب، حدثني عباد
بن زياد عن عروة بن
المغيرة عن أبيه، وحديث علي من طريق ابن إسحاق عن الحرث
عنه، وحديث
أبي أمامة من طريق سنان بن شعبة عن شهر عنه، وروى البغوي
في حديث
أبي أمامة أيضًا عن يزيد، ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن
دينار عن شهر
سمع عنه، وحديث معاوية بن أبي سفيان قال: " رأيت النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثًا
ثلاًثا، وقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي " (1) ثنا
به المسند أبو
محمد البصري- رحمه الله- أنا أحمد بن عبد الله القدوة، ثنا
يوسف بن
عبد الدمشقي، ثنا أبو طاهر الخشوعي، ثنا أبو القاسم عامر
بن محمد بن
عبد الله الرازي الحافظ قال: حدّثني أبو الحسن لم علي بن
الحسن بن غيلان،
ثنا أبو علي أحمد بن الحسن بن عبد الله المقري، ثنا عليّ
بن محمد بن أبان
المصري، حدّثني أبي عن علي بن حملة عن أبيه عبد الملك بن
مروان، حدّثني
أبو خالد حدثنى أمير المؤمنين معاوية به، وحديث أنس بن
مالك قال: " رأيت
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ثلاثًا
ثلاثًا، وخلّل لحيته مرتين أو ثلاثا ثم قال: هكذا أمرني
ربي " (2) ثنا به المسند العلامة أبو الفرح المقري- رحمه
الله تعالى- ثنا أبو
الفضل الموصلي، ثنا عمر بن طراد، ثنا أبو بكر محمد بن عبد
الباقي، ثنا
عمر بن إبراهيم الخفاف، ثنا أبو الحسن محمد بن المظفر
الحافظ البزار، ثنا أبو
عبد الله أحمد بن الحسين عن يزيد الرقاشي عنه، ولما ذكره
في الأوسط من
حديث الزبير بن محمد، ثنا قتادة بن الفضيل الرهاوي، ثنا
إبراهيم بن أبي
عبلة عن أنس بن مالك، قال: لم يروه عن إبراهيم إلا قتادة.
تفرد به الزببر،
وبنحوه قاله أبو الحسن في الأفراد، وحديث زيد بن ثابت، ثنا
به المشايخ
المسندون له، وعبد الله محمد بن إبراهيم وأبو يوسف يعقوب
بن عوض بن
عبد الله بن إبراهيم بن إسماعيل الشطبوقي قراءة عليه، ونحن
نستمع، ثنا به
__________
(1) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/231) من حديث بريدة
بنحوها وعزاه إلى الطبراني
في " الأوسط " وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف. قلت: وعلى قول
الهيثمي فالحديث ضعيف.
(2) رواه ابن عدي (2: 561) بلفظ: " رأيت النبي توضأ وخلل
لحيته ... ".
(1/288)
ثابت قراءة عليه، ثنا أبو الحسن المبارك بن
الحسين المقري قراءة عليه، ثنا الحافظ
أبو محمد الحسني بن محمد الخلال إملاءً، ثنا أبو يوسف
القواس ثنا محمد بن
إبراهيم بن فيروز الأنماطي، ثنا محمد بن عمر بن نافع، ثنا
علي بن الحسين،
ثنا مالك عن ربيعة عن ابن المسيب عن زيد وأبي هريرة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعا
بماء فتوضأ مرة مرة فقال: هذا الذي لا يقبل الله الصلاة
إلا به، وتوضأ مرتين
مرتين وقال: هذا يضاعف الله الأجر مرتين، وثلاثاً ثلاثا
وقال: هذا وضوئي
ووضوء الأنبياء من قبلي " (1) إن الشيخ الزاهد ضياء الدين
الزرزاري المقري-
رحمه الله- قرأه عليه وأنا أسمع، ثنا الشيخ نجيب الدين
قرأه عليه عن اللبان
والجمال، ثنا أبو علي، ثنا إيراهيم، ثنا أبو بكر محمد بن
إسحاق بن أيوب، ثنا
أحمد بن يحيى الحلواني، ثنا أحمد بن حنبل سنة ثمان
وعشرين/في المحرم،
ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا شعبة الحريري عن أبي عائد
يوسف السعدي،
وأثنى عليه خيرًا عن يزيد بن البراء بن عازب: " قال وكان
أميرًا لعمان وكان
خير الأمراء قال: قال لي اجتمعوا فلأريكم كيف كان رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ
وكيف كان يصلي، فإني لا أدري ما قدر صحبة إياكم، فجمع بنيه
وأهله،
فدعا بوضوء فمضمض واستنشق، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل هذه
اليد-
يعني اليمنى- ثلاثاً، وغسل هذه- يعني اليسرى- ثلاثا، ثم
مسح برأسه
وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وغسل هذه الرجل- يعني اليمنى-
ثلاثا وغسل
هذه الرجل ثلاثاً- يعني اليسرى- ثم قال: هكذا أردت أن
أريكم كيف كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ " (2)
ثم دخل بيته فذكر صفة الصلاة، وحديث معاذ بن
جبل قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يتوضأ واحدة واحدة، واثنتين اثنتين، وثلاثًا
ثلاثاً، وغسل رجله غسلًا " (3) ذكره ابن شاهين عن عبد الله
بن أحمد بن
__________
(1) رواه ابن عدي (3: 146، 1147) بلفظ: " دعا النبي بماء
فتوضأ واحدة واحدة ... ".
(2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/230)
وعزاه إلى احمد، ورجاله موثقون.
(3) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/233) وعزاه إلى
الطبراني في " الكبير " وفيه
محمد بن سعيد المصلوب وهو ضعيف. والكنز (ح/17857) . قلت:
وهو ضعيف.
(1/289)
إبراهيم المارستاني، ثنا روح بن عبد الرحمن
البوشنجي، ثنا الهيثم بن ربيع أبو،
المثنى العقيلي، ثنا الأصبع بن زيد عن سليمان بن الحكم عن
موسى بن سعيد
عن عبادة بن نستي عن عبد الرحمن بن غنم عنه، وحديث أبي
أمامة أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ
ثلاثَا ثلاًثا، ومسح الساقين " (1) ، ورواه قاسم في
كتاب الدلائل عن موسى بن هارون: نا يحيى الجمل، ثنا حماد
بن زيد عن
سنان بن ربيعة عن شهر عنه، وحديث أبي رافع. ذكره في الأوسط
بلفظ:
" ومسح برأسه وأذنيه، وغسل رجليه ثلاثًا " (2) وقال: لا
يروى عن أبي رافع
إلا بهذا الإِسناد، تفرد به الدراوردي- يعني عن عمرو- وثنا
عمرو عن عبد
الله بن عبد الله بن أبي رافع عنه.
***
(1) حسن أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/230) وعزاه
إلى الطبراني في' الكبير "
من طريق سمع عنه، وإسناده حسن، وسمع ذكره ابن حبان في
الثقات، وقال: لا أدري من
هو، ولا من أين هو، والظاهر أًله اعتمد في توثيقه على
غيره.
(2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/231)
وعزاه إلى " البزار " والطبراني
في " الأوسط " وله في " الكبير ": " رأيت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثا ثلاثا، ومرتين
مرتين،
ومرة مرة " ورجالهما رجال الصحيح. قلت: وللحديث شواهد
صحيحة سبق أن ذكرناها،
رواها البخاري في " صحيحه "، وابن عدي في " كامله ".
(1/290)
ما جاء في الوضُوءِ هرةً ومرتين وثلاثًا
ثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، حدّثني مرحوم بن عبد العزيز
العطار، حدّثني عبد
الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر
قال: " توضأ / رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدة واحدة،
فقال: هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به، ثم
توضأ اثنتين ثنتين، فقال: هذا وضوء العدد من الوضوء، وتوضأ
ثلاثا ثلاثا وقال:
هذا أسبغ الوضوء، وهو وضُوءئي ووضوء خليل الله إبراهيم،
ومن توضأ هكذا ثم
قال عند فراغه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدَا
عبده ورسوله، فتح له
أبواب الجنة يدخل من أيها شاء " (1) هذا حديث جمع ضعفَا
وانقطاعَا؛ أما
الأولى: فأبو زيد عبد الرحيم بن زيد، قال فيه ابن معين:
ليس بشيء، وقال
مرة أخرى: كذاب، وقال البخاري: يكره، وقال أبو داود
والسمعاني:
ضعيف، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الجوزجاني: هو غير
ثقة، وفي
موضع آخر: متروك، وقال ابن عدي: يروى عن أبيه غير حديث
منكر، وله
أحاديث لا يتابعه الثقات عليها، وقال أبو حاتم الرازي: ترك
حديثه، وفي
العلل: متروك الحديث، وكذا قاله الدارقطني، وقال أبو زرعة:
وله وأبوه
زيد بن الحواري أبو الحواري، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث،
نكتب حديثه
ولا نحتج به، وقال أبو زرعة: ليس بالقوي، واهي الحديث،
ضعيف، وقال
النسائي: ضعيف، وقال ابن معين: نكتب حديثه على ضعفه، وفي
رواية:
ليس بشيء، وقال الجُوزجاني: متماسك، وقال الدارقطني وأحمد:
صالح، وقال
__________
(1) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 17- باب
ما جاء في الوضوء
مرة ومرتين وثلاثا، (ح/419) . وفي الزوائد: في الإسناد،
زيد العمي وهو ضعيف. وعبد
الرحيم متروك؛ بل كذاب، ومعاوية بن قرة لم يلق ابنَ عمر.
قاله أبو حاتم في العلل، وصرح
به الحاكم في المستدرك.
ورواه ابن عدي في " الكامل ": (3/146، 1147) قوله: " أسبغ
الوضوء " أي: أكمل
جنس الوضوء.
انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/92) ، والضعيفة (ح/4735) ،
والإرواء (ح/85) ، والتعليق
والرغيب (1/98) .
(1/291)
ابن عدي: وعامة ما يرويه ويروى عنه ضعفاء،
وهو علي بن شعبة، قد روى عنه،
ولعلّ شعبة لم يرو عن أضعف منه، ولما سأل ابن أبي شيبة
عليًّا عنه قال: كان
ضعيفًا عندنا، ولما ذكر الحديث ابن طاهر في ذخيرة الحفاظ
ضعفه هما، وذكره
البيهقي في الخلافيات وقال: حديث غير ثابت، وقال أبو حاتم
البستي: يروى
عن أنس أشياء موضوعة، لا يجوز الاحتجاج بخبره، وقال
الرشاطي: كان واهي
الحديث، وأما الانقطاع فذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل:
أنه سأل أباه عن هذا
الحديث فقال: لا يصح هذا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وسئل أبو زرعة عنه فقال: هو
عندي/حديث واه ومعاوية بن قرة لم يلحق ابن عمر، قلت لأبي:
فاٍن الربيع
بن سليمان ثنا هذا الحديث من أسد بن موسى عن سلَّام بن
سليمان عن زيد
عن معاوية بن قرّة عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هذا سلام الطويل، وهو
متروك الحديث، وزيد هذا هو القمي، وهو ضعيف الحديث، وفي
علل
الدارقطني: رواه سلام، ثنا محمد بن الفضل بن عطية وعبد
الرحمن عن زيد
عن معاوية عن ابن عمر، ورواه أبو إسرائيل الملائي عن العمي
عن نافع عن ابن
عمر، ووهم فيه، والصواب قول من قال: عن معاوية بن قرّة،
وقال فيه ابن
حزم العطار: عن عبد الرحيم بن زيد عن أبيه عن معاوية بين
قرّة مرسلًا، كذا
ذكره، وحديث ابن ماجة يرد قوله- والله أعلم- وقد وقع لنا
هذا الحديث
من طريق سالمة من هذين الضعيفين. ذكرها عبد الغني بن سعيد
في كتاب
إيضاح الإشكال فقال: ثنا أبو يعقوب يوسف الصنعاني بن محمد
بن إبراهيم
الديلي حدّثهم، ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم، ثنا أبو بكر
الكلبي عن مسعد بن
إبراهيم عن معاوية فذكره، ولما ذكر الحاكم حديث أبي هريرة
مرفوعًا: " توضأ
مرتين مرتين " (1) قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم،
وشاهده الحديث
المرسل المشهور عن معاوية بن قرة عن ابن عمر أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ مرة
مرة ... " (2) الحديث بطوله، وقد وقع لنا هذا الحديث من
طريق حسنة: ثنا
__________
(1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 51- باب
الوضوء مرتين، (ح/
136) . قلت: وحسنه على قاعدة أبي داود التي صنف عليها
كتابه " السنن ".
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 17- باب ما
جاء في الوضوء مرة
ومرتين وثلاثا (ح/420) .-
(1/292)
جماعة من شيوخنا إجازة عن يوسف بن خليل،
ثنا خليل بن أبي البرازتي (1)
بقراءتي عليه، أخبركم أبو علي الحداد، ثنا الإِمام أبو
نعيم بجميع كتاب
حديث عبد الله بن دمن من الثقة، ثنا محمد بن أحمد بن
حمدان، ثنا الحسن
بن سفيان، ثنا المسيب بن واضح، وثنا أبو محمد بن حيان، ثنا
عبدان، وثنا
أبو أحمد الحافظ، ثنا أبو عروبة الحزاني، وثنا محمد بن
إبراهيم، ثنا أبو عروبة
قالوا: ثنا المسيب بن واضح، ثنا جعفر بن ميسرة عن عبد الله
بن دينار عن
ابن عمر. المسيب روى عنه/جماعة منهم الروايات، وابن أبي
داود وأبو عروبة
والباغندي وتقي ابن مخلد سُئل عنه ابن أبي حاتم فقال:
هارون كان يخطئ
كثيرًا، فإذا قيل له لم يقبل، وقال أبو عروبة: كان لا يحدث
إلا بشيء نعرفه
نقف عليه، وقال أبو نصر هبة الله بن عبد الجبار بن فاخر بن
معاذ الهجري:
كان شيخًا جليلًا ثقة مرتفع الاتباع، وكان يخطئ، وقيل
لعبدان: أيهما أحب
إليك المسيب، أو إسماعيل بن عياش؟ فقال: كلاهما سواء، وكان
عبد
الرحمن النسائي حسن الرأي فيه، ويقول الناس: تفرّد وينافيه
أي يتكلمون
فيه، وقال ابن عدي: وهو ممن نكتب حديثه، وهو لا بأس به،
ولما روى
الدارقطني حديثه هذا عن دعلج عن الحسن قال: تفرد به عن
جعفر المسيب،
وهو ضعيف ولما ذكره البيهقي قال: وهذا الحديث من هذا الوجه
ينفرّد به
المسيب وليس بالقوي، وقال في المعرفة: المسيب غير محتج به،
وروى من
أوجه كلها ضعيفة، وقال الساجي: تكلّموا أنّ في أحاديثه
مناكير؛ فلزم من
مجموع ما تقدم ألا عيب فيه إلا الخطأ، وذلك مرفوع هنا لما
سلف من
متابعيه. حدّثنا جعفر بن مسافر، ثنا إسماعيل بن مَعْيبَ
أبو بشر، ثنا عبد الله بن
عَرَادة الشهيالي عن زيد بن الحَواري، عن معاوية بن قرة عن
عبيد بن عمر عن
أبي بن كعب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " دعا بماء فتوضأ مرةً مرةً فقال: هذا وظيفة
__________
في الزوائد: في إسناده يزيد، وهو العمي، ضعيف، ورواه
الإِمام أحمد في مسنده عن
أبي إسرائيل عن يزيد العمي عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/93) ،
والإرواء (ح/85) .
(1) قوله: " البزاراتي " غير واضحة " بالأصل " وكذا
أثبتناه. كما وردت " بالأصل ".
(1/293)
الوضوء وقال: وضوء، من لم يتوضأه لم يقبل
الله له صلاة، ثم توضأ مرتين مرتين
ثم قال: هذا وضوء من توضأ أعطاه الله كفلِن من الأجر، ثم
توضأ ثلاثَا ثلاثَا
فقال: هذا وضوئي ووضُوء المرسلين قبلي " (1) هذا حديث قال
فيه أبو الحسن
الدارقطني في كتاب العلل الكبير: لم يتابع ابن غزوان عليه
وأغض عن ذكره
في سننه ولا إعضالَا به ممن قال فيه ابن معين: ليس بشيء،
وقال البخاري:
منكر الحديث وقال النسائي: ضعيف، وقال الحربي/في كتاب
العلل: ابن
عواده غير معروف، وقال ابن عدي: ما يرويه لا يتابع عليه،
وقال ابن حبان:
كان يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به.
وفي الباب أحاديث غير هذين؛ منها: حديث عائشة. ذكره ابن
أبي حاتم
في كتاب العلل من تأليفه، فقال: سئل أبو زرعة عن حديث رواه
عياش
النوسي عن يحيى بن ميمون عن ابن جريج عن عطاء عن عائشة عن
النبي-
عليه السلام- في صفة الوضوء مرة مرة فقال: لا هذا الذي
افترض الله
عليكم، ثم توضأ مرتين مرتين فقال: من ضعف ضعف الله له، ثم
أعادها
الثالث فقال: هذا وضوؤنا معشر الأنبياء: قال أبو زرعة: هذا
حديث واهي
منكر ضعيف، وفي موضع آخر: " فمن زاد على ذلك فقد أساء "
وقال أبو
زرعة: ليس هذا أصل، وامتنع من قراءته علينا.
ومنها حديث عكراش بن دلب اليمني الذي شهد مع عائشة الجمل
فقال
الأحنف: كأنكم به قد أتي به قتيلَا أو به جراحة لا تفارقه
حتى يموت، فقرب
ضربه على أنفه، فعاش بعدها مائة سنة وأثر الغربة به. ذكر
ذلك في الإِسعاف
الكبير؛ فعلى هذا يكون قول من قال: إن أبا الطفيل آخر من
مات من
الصحابة غير صواب؛ لتأخّر عكراش عن ذلك، قال الخطيب في
ترجمة عبد
الوهاب بن أبي عصمة: ثنا النضر بن طاهر، ثنا عبد الله بن
عكراش، حدثني
__________
(1) انظر: تخريج الحديث السابق ص 293.
(1/294)
أبي قال: قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل
الله الصلاة إلا به، وتوضأ مرتين مرتين وقال: هذا وسط من
الوضوء " (1) .
ولما ذكر ابن حبان عكراشا في كتاب الصحابة قال: غير أتي:
لست
بالمعتمد على إسناد خبره، والله أعلم، ومنها حديث أبي رافع
المتقدم الذكر،
ومنها حديث بريدة بن الخصيب ذكره الطبراني في الأوسط مرة
حديث ابن
لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن ابن بريدة عن أبيه: " دعا
عليه السلام
بوضوء فتوضأ واحدة واحدة، وقال: هذا هو الوضوء الذي لا
يقبل/الله
الصلاة إلا به، وتوضأ مرتين مرتين ... " (2) الحديث. ثم
قال: لا يُروى عن
ابن بريدة إلا هذا الإِسناد. تفرد به محمد بن أبي السدي،
وحديث زيد بن
ثابت وأبي هريرة مرفوعَا، المذكورين عند ابن عساكر في
مجموع الرغايب
وقال: تفرد به علي بن الحسن الشّامي عن مالك، وحديث عبد
الله بن زيد
المذكور عند البغوي الكبير: " توضأ النبي مرتين مرتين "
وروى عن شريح: ثنا
فليح عن عبد الله ابن أبي بكر عن عبادة عنه، وحديث حسين بن
زيد، قال
عليه السلام: " الوضوء واحدة واحدة وثنتان وثلاثة، لا يحل
زيادة، ولا
تنقص من واحدة " (3) ذكره المديني من حديث عبد الرحمن بن
حسلة عن
حسين بن زيد الكندي عن ابن حبيب عن أبيه حبيب
***
(1) رواه ابن عدي في " الكاهل ": (3/1102) . وتقدم في أكثر
من موضع.
(2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/226)
وعزاه إلى " أحمد " ورجاله
رجال الصحيح.
(3) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب " 34 "،
(ح/44) .
وقد سبق التعليق عليه.
(1/295)
20- باب ما جاء في
الفقه بلا توضؤ وكراهة التعدي فيه
حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو داود، ثنا خارجة بن مصعب عن
يونس بن
عبيد عن الحسن عن يحيى بن ضمرة السعدي عن أبي بن كعب، قال
رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن للوضوء
شيطانا يقال له ولهان، فاتقوا وسواس الماءِ " (1) هذا
حديث مختلف فيه؛ فممن صححه: الحافظ أبو بكر بن خزيمة وأبو
عبد الله
محمد بن عبد الله بن محمد الواحدي المقدسي؛ فذكر أنه من
الأحاديث
المختارة، وأبو عبد الله بن الربيع فذكر له شاهد ونبه على
تفرد خارجة به،
وكذلك قال الترمذي: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، لا
نعلم أحدًا
أسنده غير خارجة، وقد رُوى هذا الحديث من غير وجه عن الحسن
في
مستدركه، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء، وخارجة ليس
بالقوي عند أصحابنا، وقد ضعَّفه ابن المبارك، وبنحوه قاله
ابن الجوزي وفي
العلل لابن أبي حاتم عن أبيه، كذا رواه خارجة وأخطأ فيه،
ورواه النووي عن
يونس عن الحسن، ورواه غير الثوري عن يونس/عن الحسن أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه
منكر وقال في موضع آخر: هو عندي منكر، وفي كتاب التاريخ
لأبي حاتم
وقال له الكَناني: روى هذا الحديث غير خارجة؟ فقال خارجة
من رواة هذا
(1) ضعيف جدا. رواه أبن ماجة (421) . ورواه الترمذي بهذا
الإسناد، وقال: حديث
غريب، ليس إسناده بالقوي عند أهل الحديث؛ لانَا لا نعلم
أحدا أسنَده عن خارجة، وليس
هو بالقوي عند أصحابنا. وضعفه ابن المبارك. وروى هذا
الحديث من غير وجه عن الحسن.
ورواه البيهقي في " الكبرى " (1/197) وابن خزيمة (122)
وتلخيص (1/101) والمشكاة
(419) وإتحاف (7/288) والمغني عن حمل الأسفار (3/37)
والميزان (2397) والمتناهية
(1/346) .
وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 285 ح 1970) .
قوله: " ولهان " مصدر " وله ". إذا تحيَر الشيطان لإلقاء
الناس في التخير سُمى بهذا
الاسم. و" وسواس الماء " أي: وسواس يفض إلى كثرة إراَقة
الماء حاله الوضوء والاستنجاء،
والمراد: التردد في طهارة الماء ونجاسته بلا ظهور علامات
النجاسة.
(1/296)
الحديث، وهو متروك الحديث، ولا يرويه عن
يونس غيره، وفيما قالوه نظر؛ لانا
رأينا غير خارجة رواه أحمضا وأسنده؛ وهو محمد بن دينار
الثقة برفع الباًس عنه
عند ابن معين وأبي حاتم، الصدوق عند أبي زرعة، الحسن
الحديث عند ابن
عدي، قال الهيثم بن كليب في مسنده: ثنا أبو بكر بن أبي
خيثمة، ثنا
موسى بن إسماعيل المقري عن محمد بن دينار عن يونس ...
فذكره مرفوعًا،
ولنذكر من حال أبي الحجاج خارجة بن مصعب الضبعي الخراساني
ما يبين
أمره ويوضحه، وذلك أنه ممن ذكر البخاري أنّ وكيعًا تركه
قال: وكان يدلس
على غياث بن إبراهيم، ولا نعرف صحيح حديثه من سقيمه، وسئِل
عنه ابن
معين فقال: ليس نشئ، وقال مرة: ليس بثقة وقال أبو حاتم:
مضطرب
الحديث، ليس بقوي، نكتب حديثه ولا نحتج به مثل سلم بن
خالد، لم يكن
مخلّد محل الكذب، وقال أحمد: لا نكتب حديثه، وفي كتاب
المروزي:
سئل عنه فضعفه وقال: ما روى عنه ابن المبارك شيمًا في
كتبه، فقال له ابن
أبي ذر: حدّثنا حديثًا واحدًا، قال: وقد قالوا لابن
المبارك فيه فقال: كيف
أخذت عن رجل حدث بكذا لحديث منكر، وقال يحيى بن يحيى: هو
مستقيم عندنا ولا ننكر من حديثه إلا ما كان يُدلس عن غياث،
وإنّا كنّا
نعرف تلك الأحاديث، وقال النسائي وابن خراش: متروك الحديث،
وقال
الدارقطني: هو وأخوه علي ضعيفان، وقال ابن عدي: وهو ممن
نكتب حديثه،
وعندي أنّه إذا خالف في الإسناد أو المتن فإنّه يغلط ولا
يتعمّد الكذب، وإذا
روى حديثًا منكرًا فيكون دلَيلًا ممن روى عنه، فيكون
ضعيفًا، وقال ابن أبي
شيبة: سألت عليًا عنه فقال: هو عندنا ضعيف، وقال ابن حبان:
لا يحل
الاحتجاج به،/وفي كتاب الآجري: سألت أبا داود عنه فقال:
ضعيف،
وفي موضع آخر: سألت أبا داود عنه فقال: ليس بشيء، وذكره
العُقيلي
والبلخي ويعقوب بن سفيان في الضعفاء، وقال الساجي: كان
مذهبه الإرجاء،
تركه وكيع فتبيّن بمجموع ما ذكر أنّ الصواب قول من ضعف
الَحديث
بخارجة وممن صححّه بوجوه وتفرده على ما زعم لا عذر له،
وأنّ الحديث
الذي أورده الهيثم صحيح الإِسناد، والله أعلم. حدّثنا علي
بن محمد، ثنا
خالي يَعْلِي عن سفيان عن شيخي موسى بن أبي عائشة عن عمرو
بن شعيب
(1/297)
عن أبيه عن جذه قال: " جاء أعرابي إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن الوضوء
فأراه ثلاثَا ثلاثَا ثم قال: هذا الوضوء، فمن زاد على هذا
فقد أساء- أو
تعدى أو ظلم- " (1) أخرجه أبو داود في باب: ما تفرد به أهل
الطائف
بلفظ: " أن رجلَا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا
بماء في إناء فغسل كفّيه ثلاثَا، ثم غسل وجهه ثلاثَا، ثم
غسل ذراعيه ثلاثَا ثم
مسح برأسه وأدخل أصبعيه السبابتين في أذنيه ماسح بإبهامه
ظاهر أذنيه
وبالسبابتين باطن أُذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثَا، ثم قال:
هكذا الوضوء " (2)
هذا حديث أخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة (3) في صحيحه عن
يعقوب بن
إبراهيم الدوري، ثنا الأشجعي عن سفيان ثم قال: لم يوصل هذا
الخبر غير
الأشجعي ويعلي، وأخرجه أيضَا ابن الجارود في المنتقى،
وإسناده صحيح إلى
عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص أبي
إبراهيم،
وحاله مختلف فيها على أربعة: هل هو ثقة أم لا؟ وهل حديثه
متصل أم لا؟
فأما الأول: فذكر ابن معين أنه ثقة في نفسه بما يلي بكتاب
أبيه عن جدّه،
وقال أبو الفتح الأزدي: سمعت عدة من أهل العلم بالحديث
يذكرون أنّ
عمرَا فيما روى عن ابن المسيب وغيره فهو صدوق، وما رواه عن
أبيه عن
جدّه يجب التوقّف فيه وقال النسائي: سمعت ابن راهويه
يقول:/عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده عندنا عدل، إنما دخل حديثه الوهن
لرواية الضعفاء
عنه، وقد روى عنه جماعة من الأئمة، قال أبو عبد الرحمن:
وهو لا بأس به
وسئل أبو حاتم عمرو أحب إليك أو بهز عن أبيه عن جدّه، قال:
عمرو عن
أبيه عن جده أحب، إلي، وسأله الكناني عن حديث عمرو عن أبيه
عن جده
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهور، 18- باب ما
جاء في القصد في
الوضوء وكراهية التعدي فيه، (ح/422) . وكذا صححه الشّيخ
الألباني
(2) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 50- باب "
الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/
135) .
(3) صحيح. رواه النسائي (1/ول) وابن خزيمة. والمجمع
(1/231) وعزاه إلى الطبراني في
" الكبير " وله في الصحيح حديث غير هذا، وفيه سويد بن عبد
العزيز، ضعفه أحمد ويحيى
وجماعة ووثقه دحيم. والبيهقي (1/79) وشرح السنة (1/445)
والمعاني (1/36) . فلت:
وما ذكره الهيثمي شاهد صحيح لرواية النسائي؟ فعلى هذا
فالحديث صحيح.
(1/298)
فقال: يكُتب ما روى عنه الثقات، ولا نحتج
به، وفي رواية: وسئل عنه أيضَا
فقال: ما شأنه؟ وغضب وقال: ما أقول فيه؟ روى عنه الأئمة،
وفي رواية
يحيى بن منصور: نكتب حديثه، وفي كتاب الطبقات لمحمد بن عبد
الله
البرقي: قال لي ابن معين: كان عمرو ثبتَا وقال العجلي: هو
ثقة، وقال
البخاري: رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله والحميدي
وإسحاق بن
إبراهيم وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو عن
أبيه عن جده،
وقال أحمد بن تميم: قلت لمن يتكلم فيه: تقول ماذا؟ قال:
يقولون عما كثر
أو نحو هذا، وقال الدارقطني: لم يترك حديثه أحد من الأئمة،
إذا بين جدّه
فهو صحيح، وقال أبو زرعة: مكي كانه ثقة في نفسه، إنّما
تكلم فيه بسبب
كتاب كان عند النسائي، قال أبو أيوب السختياني: كنت إذا
أتيته غطيت
رأسي حياء من الناس، وقال الليث: عليك بطاوس ومجاهد ودعني
من
حواليك عمرو بن شعيب وبلال ومالك، روى عن رجل عنه، وفي
سؤالات
الميموني سمعت أحمد يقول: عمرو له أشياء مثال، وإّنما نكتب
حديثه ليعتبر
أن يكون حجة فلا، وقال يحيى بن سعيد: حديثه عندنا واهٍ،
وقال أحمد:
وأنا أكتب حديثه، وربّما احتججنا به، ورّبما وقع في القلب
منه شيء، وله
مناكير، وفي رواية: ليس بحجة، وفي هذا معارضة لما ذكره
البخاري، قيل:
وقال أبو حاتم: ليس بقوي، نكتب حديثه، وما روى عنه الثقات
فيذاكر به،
وفي رواية ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ليس بذاك، وقال
الآجري:
سألت أبا داود: عمرو عندك حجة: قال: لا، ولا نصف حجة، ومن
موضع
آخر قال أبو داود عن أحمد: أصحاب الحديث إذ شاءوا./احتجوا
بحديث
عمرو عن أبيه عن جدّها وإذا شاءوا تركوه، وقال ابن عدي:
أحاديثه عن أبيه
عن جدّه احتمله الناس مع احتمالهم إيّاه، ولم يدخلوه في
صحيح خرجوه
وقالوا: هي صحيفة، ولما ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء قال:
قال
سفيان بن عيينة: غيره خير منه، وفي كتاب ابن أبي حاتم عنه:
وكان حديثه
عند الناس فيه شيء، وقال أبو عمرو بن العلاء: كان قتادة
وعمرو بن شعيب
لا يُعاب عليهما شيء إلا أنّهما كانا لا يسمعان شيئَا
إلَّا حدّثا به، وفى كتاب
الساجي: ثنا ابن المثنى، ثنا حماد بن سلمة عن حمير قال:
الناس يتهمون
(1/299)
عمرًا في حديث رواه عن أبيه عن جدّه عن عمر
بن الخطاب أن النبي- عليه
السلام-: " قضى في موالي المرأة لعصبتها دون ابنها " (1)
وذكره البرقي في
كتاب الطبقات في باب من ينسب من الثقات إلى الضعف.
الثالث: قال البخاري في تاريخه الكبير: شعيب بن محمد سمع
عبد الله بن عمرو سمع منه ابنه عمرو، وقال أبو عاصم: عن
حَيوة عن زياد بن
عمرو سمع شعيب بن محمد سمع عبد الله بن عمرو، قال البخاري:
إنّما
أردنا هذا أن شعيبًا سمع من عبد الله، وقال أبو صغير أحمد
بن سعيد
الدارمي عمرو ثقة، روى عنه الذين نظروا في الرجال، واحتج
أصحابنا
بحديثه، وسمع أبوه من عبد الله بن عمرو، وقال أبو الحسن
البغدادي، رأى
شعيب عبد الله وقال في كتاب السنن قال محمد بن علي الوراق:
قلت
لأحمد بن حنبل: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئًا؟ قال: يقول
حدّثني
أبي قلت فأبوه سمع من ابن عمرو، قال: نعم أرَاهُ قد سمع
منه، قال:
وسمعت أبا بكر النيسابوري، يقول: هو عمرو بن شعيب بن محمد
بن عبد
الله بن عمرو ابن العاص، وقد صح سماع عمرو من أبيه شعيب،
وسماع
شعيب من جدّه عبد الله، وبنحوه قاله ابن سرور، وأمّا قول
البيهقي في
المعرفة: لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في سماع عمرو من
أبيه، وإنّما الخلاف
في سماع جدّه عبد الله، وقد ذكرنا في مسألة (2) الجماع في
ما دلّ على
أبيه، سماع شعيب من عبد الله بن عمرو، وما يذكره بعد من
الخلاف/، رد عليه
قوله، والحمد لله وحده.
الرابع: ذكر العقيلي عن يحيى حديث عمرو كتاب، إنما هو عمرو
ابن
شعيب بن محمد بن عبد الله وهو يقول: أبي عن جدّي عن النبي
فمن هنا
ضُعّف أو نحو هذا، وقال الدارمي عنه: إذا حدّث عمرو عن
أبيه فهو كتاب
وفي كتاب الطبقات للبرقي: كانوا يرون ما روى عن أبيه عن
جدّه، وقال أبو
__________
(1) ضعيف. رواه البيهقي في " الكبرى ": (7/264) .
(2) قوله: " مسألة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(1/300)
زرعة: إنّما أنكروا عليه أنه روى صحيفة
كانت عنده، وكان مغيرة بن مقسم لا
يعباً بصحيفة عمرو، وقال: ما يسرني أن صحيفته عندي بتمرتين
أو بفلسين،
وفي كتاب الساجي، عن أبيه عن جده لا حجة فيه، وليس هو
بمتصل، وهو
ضعيف من قبل أنه مرسل، وجدّ شعيب كتب عبد الله بن عمرو
فكان يروى
عن جدّه إرسالًا، وهي صحاح عن ابن عمرو، غير أنه لم
يسمعها، وفي
تاريخ ابن أبي خيثمة الأوسط: سئل يحيى عن حديث عمرو عن
أبيه عن جدّه
فقال: ليس بذاك قال: وسمعت هارون بن معروف يقول: لم يسمع
عمرو
من أبيه شيئًا إنما وجده في كتاب، وبنحوه قاله الترمذي:
وقال الترمذي: وقال
ابن حازم في كتاب الثقات: شعيب يروى عن ابن عباس، روى عنه
ابنه
عمرو، ويُقال أنه سمع جدّه عبد الله، وليس ذلك بصحيح عندي.
حدثنا أبو
إسحاق الشّافعي إبراهيم بن محمد بن العباس، ثنا سفيان عن
عمرو سمع
كريبًا سمعت ابن عباس يقول: " بت عند خالتي ميمونة فقام
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فتوضأ من سنة وضوءً أتعلله، فقمت فصنعت كما صنع " هذا حديث
أخرجه
الشيخان (1) في صحيحيهما مطولًا بذكر العدل وغيرها، وسيأتي
طرف منه
بعد- إن شاء الله تعالى- وميمونَةُ هي بنت الحرث بن حَزْن
بن بحير بن
الهُزَم بن رُوبية بن عبد الله بن هلال أخت لبابة الكبرى
أم ابن عباس، ولبابة
الصغرى أم خالد وعَصْماء وعن هُزَيلة لأب وأم، وأخواتها
لأمها أسماء
وسلمى وسلامة بنات عُمَيس، تزوجها- عليه السلام- بسرف وهو
محرم،
وقيل. وهو حلال في شوال سنة سبع وبنى بها به وتوفّيت به
سنة/ثلاث
وقيل. ست وستين وقيل: إحدى وخمسين وقيل: اثنين وخمسين،
وضعفها
ابن عساكر خلا الحادي والخمسين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين،
ذكره البكري
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (العلم، باب " 41 "
والوضوء باب " 5 " والأذان باب " 57،
59، 161 "، وتفسير صورة 3/17، 18، واللباس باب " 71 "
والأدب باب " 118 "، والتوحيد باب
" 27 "، ومسلم في) المسافرين، ح / 181، 182، 184، 189،
192، 193) والنسائي في (الإمامة،
باب " 22 " (، والتطبيق باب " 63 ") وابن ماجة 3 / 423) :
(1/301)
أبو عُبيد، وهي آخر زوجة تزوجها صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثنا محمد بن المصفي الحمصي،
ثنا بقية عن محمد بن الفضل عن أبيه عن سالم عن ابن عمر
قال: " رأى
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا يتوضأ
فقال: لا تسرف لا تغرف " (1) هذا حديث
إسناده معلل بأمور؛ منها بقية بن الوليد بن صائد بن كعب بن
جرير الكلاعي
الحميدي المتيَّمي، وإن كان مسلم قد خرج له حديثًا في
صحيحه واحدًا في
كتاب النكاح، واستشهد به البخاري في باب: من أخف الصلاة،
وصحح له
الترمذي أحاديث، وقال ابن المبارك في خارجة: كان صدوقًا،
ولكنه كان
يكتب عمن أقبل وأدبر، وقال ابن معين: كان شعبة مبجلا لبقية
حيث قدم
بغداد، وقال أبو زرعة: ما له عيب إلَا كثرة روايته عن
المجهولين، فأما الصدق
فلا يؤتى من الصدق، إِذا حدّث عن الثقات فهو ثقة، وقال
يعقوب: هو ثقة
إذا حدث عن المعروفين، وحدّث عن قوم متروكي الحديث وعن
الضعفاء
ويحيل عن أسمائهم إلى كناهم، وعن كناهم إلى أسمائهم ويحدث
عمن هو
أصغر منه، وقال محمد بن سَعْد: كان ثقة في روايته عن
الثقات، ضعيفَا في
روايته عن الضعفاء، وقال النسائي: إذا قال: ثنا فهو ثقة،
وإذا قال عن فلان
فلا يؤخذ عنه لأنه لا يدري عمن أخذه، وقال العجلي: هو ثقة
فيما روى عن
المعروفين، وما روى عن المجهولين فليس بشيء، وعن عبد الله
بن أحمد قال:
سمعت عطية يقول: أنا عطية بن بقية أحاديث بقية، فإذا مات
عطية ذهب
حديث بقية، وذكر الحازمي أنه ثقة في نفسه، وإذا روى عن
المعروفين فمحتج
به، فقد قال ابن عيينة: وسئل عن حديث فقال: أنا أبو العجب
أنا بقية ابن
__________
(1) صحيح وإسناده ضعيف. رواه عقيلي (4 / 16) بلفظ " رأى
النبي يتوضأ فأنكر ذلك ... "
ورواه ابن ماجة (406) في الزوائد: إسناده ضعيف. بقية
مدلّس. وهو أحد الأئمة الحفاظ،
يروى عمن دب ودرج، وله غرائب تستنكر أيضا عن الثقات لكثرة
حديثه. قال ابن خزيمة:
لا أحتج ببقية، وقال أحمد بن حنبل: له مناكير عن الثقات.
وقال ابن عدي: لبقية أحاديث
صالحة، ويخالف الثقات واذا روى عن غير الشاميين خلط كما
يفعل إسماعيل بن عياش.
وقال كير واحد: كان يدلس عن قوم متروكين.
قلت: وللحديث شاهد صحيح، وطرق رفعت درجة الحديث إلى الصحيح
مع ضعف إسناده.
(1/302)
الوليد، ثم قال: لا تسمعوا من بقية ما كان
في سُنة، واسمعوا منه ما كان
في ثواب وغيره، وقال/أبو مسهر: بقية ليست أحاديثه نقية فكن
منها على
تقية، وقال أحمد بن حنبل: إذا حدّث عن قوم ليسوا بمعروفين
فلا تقبلوه،
وقال أبو حاتم: نكتب حديثه ولا نحتج به، وفي سؤالات السلمي
للدارقطني:
وأخرج البخاري عن بقية، وبهز اعتبارا قال: لأن بقية يحدث
عن الضعفاء
وبهز متوسط، وقال ابن عدي: يخالف في بعض رواياته الثقات،
وإذا روى
عن أهل الشام فهو ثبت، وإذا روى عن غيرهم خلط، وإذا روى عن
المجهولين
فالعهدة منه لا منهم، وهوْ صاحب حديث، وفي الخلافيات لأبي
بكر في أثناء
كلام له: كيف وقد أجمعوا على أن بقية ليس بحجة؟ انتهى. وهو
كلام
يحتاج إلى تأويل وصرف عن ظاهره، وقال أبو حاتم ابن حبان:
سمع من شعبة
ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة، ثم سمع من أقوام كذابين عن
شعبة ومالك
فروى عن الثقات بالتدليس ما سمع من الضعفاء، وكان أصحابه
يفعلون ذلك،
ولا نحتج به، وفي كتاب العقيلي عن بقية قال: ذاكرت حماد بن
زيد
بأحاديث فقال: ما أجود أحاديثك لو كان لها أجنحة، يعني:
أسانيد، وقال
وكيع: ما سمعت أحدا أجرأ على أن يقول: قال النبي- عليه
السلام- من
بقية، وقال أبو عبد الله: وما سمعته يتناول أحدا إلا بقية،
ولما ذكره الساجي
في كتاب الضعفاء قال: فيه اختلاف.
الثاني: محمد بن الفضل بن عطية العَبسي أبو عبد الله
المروزي، قال فيه
ابن معين: ليس بشيء، ولا نكتب حديثه، وفي رواية: أنه كان
له أبا، وفي
رواية: حديثه حديث أهل الكذب، وقال الجوزجاني: كان كذابا،
سألت ابن
حنبل عنه فقال: ذاك عجب يأتي بالطّامات، ولم يرضه، وهو
صاحب حديث
ناقة (1) ثمود، وبلال المؤذن، وقال ابن المديني: روى
عجائب، وضعفه، وقال
النسائي ومسلم: متروك الحديث، وقال صالح بن محمد: كان يضع
الحديث،
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: متروك الحديث، وقال مرة:
__________
(1) قوله: " ناقة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(1/303)
كذاب، وقال أبو بكر: قلت له- يعني
الدارقطني- عنه قال: متروك، وقال
ابن أبي حاتم: ثنا محمد بن يحيى، أخبرني صالح بن الضريس
يقول لعمر بن
عيسى وحدث عن محمد بن الفضل فقال الحراء: نهيت عن هذا
الكذاب/
وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه فقال: ليس بشيء، وقال
الآجريّ:
سألت أبا داود عنه فوهاه، وقال عمرو بن علي: متروك الحديث
كذاب، وقال
ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ذاهب الحديث، ترك حديثه،
وقال عبد
السلام بن عاصم: سمعت إسحاق ابن سليمان يسأل عن حديث من
حديثه
فقال: تسألوني عن حديث الكذابين؟ وقال ابن راهوية: قال
ليحيى بن يحيى:
كتبت عن محمد بن الفضل ثم مزّقته، قلت: كان أصلهُ، قال
إسحاق:
وكان أبوه ثقة، وقال ابن عدي: وله غير ما ذكرت من الحديث،
وعامة حديثه
ما لا يتابعه عليه الثقات، وقال أبو موسى المديني: ومحمد
هذا ممن لا يُرتاب
في تركه، وكان أبو بكر بن أبي شيبة شديد الحمل عليه، وقال
ابن حبان: يروى
الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل
الاعتبار، وقال
الدارقطني: ضعيف، ونحوه. وقاله الفسوي في تاريخه الثالث:
أبوه فضل بن
عطية، وإن كان ابن حبان وابن معين قالا فيه: ليس به بأس
قال أبو زرعة:
ووثقه أبو داود لما سأله عنه الآجري، وابن حبان ذكره في
كتاب الثقات، فقد
قال فيه: يعتبر حديثه من عند رواية ابنه عنه؛ لأن ابنه في
الحديث ليس
بشيء، وقال عمرو بن علي وأبو أحمد بن عدي: ضعيف، ذكره في
كامله من
حديث ابن الفضل عن ابنه عن عطاء عن ابن عباس أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان
يتعوذ بالله من وسوسة الوضوء " (1) فخالف هذه الرواية في
الإسناد واللفظ.
حدّثنا محمد بن حيي، ثنا قتيبة بن لهيعة عن جرير بن عبد
اللَه المغافري عن
أبي عبد الرحمن الحلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مرّ على
سعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف قال: أفي الوضوء إسراف؟
قال: نعم،
وإن كنت على نهر جار " (2) هذا حديث إسناده ضعيف لضعف ابن
لهيعة
__________
(1) راجع: (ح/421) من سنن ابن ماجه، والحديث ضعيف جدا.
انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/94) .
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 48- باب ما
جاء في القصد في
الوضوء وكراهية التعدي فيه، (ح/425) . وضعفه الشيخ
الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة
(ح/96) ، والإرواء (ح/140) ، والمشكاة (ح/427) والرد على
بليق (ح/98) .
(1/304)
وحسين بن عبد الله- أي عبد الله
المغافري/المصري- قال فيه أحمد بن
حنبل: أحاديثه مناكير، وقال البخاري: فيه نظر، ولما ذكره
ابن عدي قال: أرجو
أنه لا بأس به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره العقيلي
في كتاب الضعفاء،
ولما ذكره الساجي قال: عنده مناكير، وقال ابن معين: لا بأس
به، وذكره ابن
حبان في كتاب الثقات، وفي هذا المعنى حديث إسناده صحيح
رواه أبو حاتم
البُستي في صحيحه من حد الجريري عن أبي الولاء قال: سمع
عبد الله بن
مغفل ابنا له وهو يقول: " اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن
يمين الجنة إذا
دخلتها فقال: يا بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النّار،
فإني سمعت النبي-
عليه السلام- يقول: إنه سيكون في هذه الأمهَ قوم يعتدون في
الطهور في
الدعاء " (1) ثم قال: سمع هذا الخبر الجريري عن يزيد بن
عبد الله ابن الشخير
وأبي نعامة العدوي، فالطريقان جمعيا محفوظان، وحديث أبي
نعامة المشار إليه،
روى ابن ماجة حديثه في كتاب الدعاء مقتصرا على ذلك، ورواه
أبو داود
مطولا في كتاب الطهارة، وحديث عمران بن الحصين. ذكره
البيهقي في
كتاب السن، وحديث ذي مخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ وضوء لم يلبث منه
التراب " (2) ، ذكره البرقي في تاريخه، ورواه آدم عن ابن
جرير، ثنا يزيد بن
صالح عنه، وحديث أبي كاهل: قال لي رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا كاهل ضع
الوضوء منك مواضعه وأبق فضل وضوئك لأهلك لا تعطش أهلك ولا
تشق
على خادمك " (3) . رواه أيضا عن آدم، ثنا الهيثم بن عمار
عن أبي كبير عنه،
وحديث أبي الدرداء. ذكره أبو عبيد في كتاب الطهور فقال:
ثنا أبو أيوب
ونعيم بن حماد عن وابصة، ثنا أبو بكر بن أبي مريم قال: قال
أبو أيوب عن
شريح بن عبيد، وقال نعيم عن حبيب عن ابن أبي عبيد عن أبي
الدرداء عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه مر بنهر
فنزل وأخذ شنًا فملأه من الماء يريحا/عنه، فتوضأ
__________
= وفما الزوائد: إسناده ضعيف، فيه حمي بن عبد الله وابن
لهيعة.
(1) رواه ابن حبان: (8/269) .
(2) قوله: " ذكره " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(3) ضعيف جدا، أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/233)
وعزاه الطبراني في " الكبير "
وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك. ولفظه: " يا كاهل ضع
الطهور مواضعه وأبق فضل طهورك
لأهلك لا تعطش أهلك ولا تشق على خدمك ".
(1/305)
ففضل من ذلك الماء، فرده إلى النهر وقال:
يبلغه الله- عز وجل- أنسانا أو
دابة وأشباهه ينفعهم الله تعالى " (1) وذكره أبو إسحاق بن
إبراهيم بن محمد بن
عُبيد في مسند أبي الدرداء ولما ذكر ابن أبي حاتم هذا
الحديث في العلل قال:
قال ابن حبيب عن أبي الدرداء مرسل، وحديث أنس بن مالك قال
عليه
السلام: " لا خير في صب الماء " وقال: " إنه من الشيطان "
يعني صب الماء،
ذكره أبو نعيم في تاريخه (2) من حديث محمد بن جعفر
الزركاني، ثنا سعد بن
ميسرة. الشيطان اشتقاقه من قولهم: دار شطون، ونوى شطون أي
بعيدة، قال
نابغة بني شيبان:
فأصبحت بعد ما وصلت ... بدارٍ شَطُون لا تُقاد ولا تعودُ
معنى تباعده من الخير وتكون لغيه وهلاكه، أخذ من قولهم: قد
شاط
الرجل يشيط إذا هلك قال الأعشى:
قد تطعن العير في مكنون قابله ... وقد يشيط على أرماحنا
البطل
أرادوا: قد هلك على أرماحنا. ذكره ابن الأنباري وأبو
القاسم الزجاجي،
وقوله: ثنا- أي في الأدب- بتركه السنة والتأدب بآداب
الشّرع، وظلم نفسه
بما نقصها من الثواب بتردد المَرات في الوضوء، وقيل: ظلم،
جاوز الحد
وتعمد يحتمل أن يزيد من نقصان العضو، والشنّة كل وعاءٍ من
أدم خلق،
والجمع الشنان وقد تشأن إذا أخلق، قال أبو عمر: الشنن
قطران الماء من الشنن
شيء يعني وهو الشنتين قال الشاعر:
يا من له مع دائم الشنن
وفي الصحيح تقييده الشنة بالصغيرة
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/220)
مختصرا من حديث أبي
الدرداء، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه أبو بكر
بن أبي هريم، وهو ضعيف.
والمجروحين (3/147) . قلت: والشن: الوعاء هن الجلد.
(2) ضعيف رواه أبو نعيم في: " أخبار أصفهان " (2/92) وابن
عدي في " الكاهل " (3/
(1/306)
21- باب ما جاء في
إسباغ الوضوءِ
حدّثنا أحمد بن عَبدة، ثنا حمّاد بن زيد، ثنا موسى بن
جهضم، ثنا
عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس قال: " أمرني
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بإسباغ الوضوء " (1) هذا/حديث وهم ابن ماجة في موضعين منه:
الأول: قوله: موسى بن جَهْضَم، وإنّما هو موسى بن سالم.
الثاني: قوله: موسى بن عبيد الله بن عبد الله، وإنما هو
عبد الله بن
عبيد الله وذكر ذلك أبو عيسى حين أخرجه عن أبي كريب: ثنا
إسماعيل بن
إبراهيم، ثنا موسى بن سالم- أبو جهضم- عن عبد الله بن عبيد
الله بن
عباس عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبدا مأمورًا، ما اختصّنا
دون الناس بشيء إلا بثلاث: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا
ناكل الصدقة،
وأن لا نترى حمارا على فرس " (2) قال أبو عيسى: هذا حديث
حسن
صحيح، وروى سفيان الثوري عن أبي جَهْضَم: فقال عن عبيد
الله بن
عبد الله بن عباس، وسمعت محمدا يقول: حديث الثوري غير
محفوظ،
وهم فيه الثوري، والصحيح ما روى إسماعيل ابن علية وعبد
الوارث. عن أبي
جَهْضَم عن عَبد الله بن عُبَيد الله وكذا سمّاه النسائي
في كتاب الكنى: عن
قرّة بن خالد وأبو بشر الدولابي ومسلم بن الحجاج وأبو حاتم
الرازي وأبو
عمر بن عبد البر في كتاب الاستغفار، وقال ابن عساكر: قال
ابن ماجة:
__________
(1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/237) من حديث
ابن مسعود، وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط " وفيه عثمان بن صفوان وتقدم في موضع
قبل ذلك بلفظ: " أسبغوا
الوضوء " والحديث صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/26) وأبو
داود في (الطهارة،
باب " 46 ") والنسائي في (الطهارة باب " 105 ") وابن ماجة
(450) وأحمد (2/164،
169، 193) والبيهقي (1/69، 2/89) وإتحاف (2/4) والتاريخ
الكبير للبخاري (4/
248) وابن كثير (3/50) والطبري (6/85) وابن أبي شيبة في "
مصنفه " (1/26) .
(2) صحيح. رواه أبو داود (في الصلاة، باب " 127 ")
والترمذي (ح/1701) وقال: هذا
حديث حسن صحيح. والنسائي في (الخيل، باب " 10 "، والطهارة
باب " 105 ") وأحمد
في " المسند " (1/225، 232، 249) .
(1/307)
موسى بن جهضم، وهو وهم، وأخرجه في ترجمة
عبد الله بن عبيد الله،
وأخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن ابن عبدة- شيخ
ابن
ماجة- قال: ثنا حماد بن زيد عن موسى بن سالم عن أبي
الجَهْضم قال:
حدثني عبد الله بن عبيد الله، ثم أخرجه ابن علية عن موسى
بن سالم عن
عبد الله بمثله، وزاد، قال موسى: يلقب عبد الله بن حسن،
فقلت: إن
عبد الله بن عبيد الله حدّثني بكذا وكذا فقال: إن الخيل
كانت في بني
هاشم قليلة، فأحب أن تكثر فيهم، فسنن بمجموع ما أسلفناه أن
الوهم من
صاحب الكتاب لا من غيره من شيوخه، وإن كان ابن أبي حاتم
ذكر في
كتاب العلل عن أبيه إنما هو عبد الله بن عبيد الله أخطأ
فيه حماد قال: وقالا
جمعيا: رواه حماد بن زيد وعبد الوارث ومرجا/ فقالوا كلهم:
عن أبي
جهضم عن عبد الله بن عبيد الله، وهو الصحيح، فقد بينّا
رواته حماد وابن
عبدة على الصواب، وأن الراوي رواه عن مسرد عن حماد فقال
عبيد الله بن
عبد الله، ورواه الترمذي أيضًا من حديث أيوب عن أبي قلابة
عنه مطولًا ثم
قال: وقد ذكروا بين أبي قلابة وابن عباس في هذا الحديث
رجلًا، وهو
جلد بن الجلاح، قال: وهو حديث حسن غريب. حدثنا أبو شيبة،
ثنا
محيى بن أبي بكير، ثنا زُهير بن محمد بن عبد الله بن محمد
بن عقيل عن
سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ألا
أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات،
قالوا: بلى يا
رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا
إلى المساجد،
وانتظار الصلاة بعد الصلاة " (1) هذا حديث إسناده ضعيف
بعبد الله بن عقيل
المتقدم الذكر. حدّثنا يعقوب بن حميد بن حاسب، ثنا سفيان
بن حمزة عن
كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كفارات
الخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى
المساجد " (2) هذا
__________
(1) صحيح، وإسناده ضعيف. هـ (427، 776) - حم في " المسند "
(2: 277، 3: 3) -
والدارمي (1: 177) - ك (1: 191) - مجمع (2: 36، 292، 133)
- كنز (43200،
43292، 43325) ، خزيمة (177، 307) - ترغيب (1: 285- طب
162) .
(2) صحيح وإسناده ضعيف. قلت: وقد صححه الشيخ الألباني في "
الإرواء " =
(1/308)
حديث إسناده حسن؛ للاختلاف في حال كثير؛
فإنه ممن صحح له الترمذي
حديثا، ورواه أبو عاصم النيل عن الثوري عن عبد الله بن أبي
بكر عن ابن
المسيب عن أبي سعيد برفعه: " ألا أدلكم على شيء يكفر
الخطايا ويزيد في
الحسنات ... " (1) فذكره، وفيه: " إذا قمتم إلى الصلاة
فاعدلوا صفوفكم " (2)
وعاصم بن عدي أبو الدرّاج، وفي الحديث زيادة: " وسدوا
الفُرج، وإذا قال
الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، آخر
صفوف الرجال
المقَدم " وفيه: " يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاخفضن
أبصاركن " قال ابن
أبي حاتم في كتاب العلل: قال أبي: هذا وهم، إنما هو الثوري
عن ابن عقيل،
وليس لعبد الله بن أبي بكر معنى، وخرَج ابن خزيمة له
حديثًا في صحيحه،
وقال ابن معين: ثقة، ومرة: ليس بشيء، ومرة/: ليس بذاك
القوي، ومرّة:
صالح، وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ثقة، وذكره النسائي
في الثقات،
وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو زرعة: لين، وأمّا الوليد بن
رباح بن
عاصم بن عدي أبو البراح الدوسي المديني مولى ابن أبي ذئاب،
فقال عبد
الرحمن: سئل أبي عنه، فقال: صالح، وذكره ابن حبان في كتاب
الثقات،
وسفيان، ووصفه أبو زرعة الصدق، وقال أبو حاتم: وأغفل ذكره
ابن سرور،
ولا ينبغي له ذلك، وهو في صحيح مسلم عن مالك عن العلاء بن
عبد
الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ألا أخبركم بما
يمحُ اللهُ به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على
المكاره وكثرة
الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم
الرباط، فذلكم
الرباط" (3) ولما ذكره ابن منده في صحيحه قال: هذا صحيح
على شرط
__________
= (ح/428) - مجمع (2: 37) وعزاه إلى أحمد، ورجاله فيهم من
له يسم.
(1) رواه ابن حبان (417) عقيلي (ط: 223) .
(2) صحيح. رواه النسائي (3/42) ونصب الراية (1/313)
والمنثور (5/294) وابن حبان
(417) والكنز (20607) وابن أبي شيبة (1/379) .
(3) صحيح. ن الطهارة ب 106- حم 2: 303- هق 1: 82- تجويد
348- منثور 3:
114 كثير 2: 170- سنة 1: 320- بغوي 1: 472- مسير 1: 533
إتحاف 2: 374-
حبيب ا: 24- أبو عوانة 1: 231.
وروى الحديث بلفظ: " ألا أدلكم ما يمحو الله به ... ".
(1/309)
الجماعة، إلا البخاري؛ فإنه لم يخرج في
كتابه عن العلاء إلا استشهادا، وقد
روى هذا الحديث عن العلاء جماعة؛ منهم: شعبة ومحمد
وإسماعيل بن جعفر
والدراوردي ونَهْر بن حمد وحفص بن ميسرة وسعيد بن سلمة بن
أبي
الجشام، وكل مقبول عندهم. انتهى. وما ذكره فيه فعلى من حيث
زعم أنّ
البخاري استشهد له، وذلك قول لم أره لغيره، والله أعلم،
وفي المستدرك من
حديث صفوان بن عيسى: ثنا الحرث بن أبي ذئب عن ابن المسيب
عن علي،
قال عليه السلام: " إسباغ الوضوء على المكاره وإعمال
الإِقدام إلى المساجد،
وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا " (1) . قال:
هذا حديث
صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وذكر في الأوسط من حديث
علي بن
زيد عن المسيب عنه: " من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان
له من الأجر
كِفْلان " (2) وقال: لم يروه عن علي / إلا أبو حفص العبدي-
واسمه عمر بن
حفص- وفي كتاب النحوي للخطيب البغدادي من حديث عبد الله بن
موسى عن الربيع بن حبيب عن نوفل بن عبد المالك عن أبيه
عنه: " نهاني
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النظر في
النجوم، وأمرني بإسباغ الوضوء " (3) ومن حديث
المقدسي: ثنا هارون بن مسلم، ثنا القسم بن عبد الرحمن عن
أبيه عن
محمد بن علي عن أبيه عن علي بنحو هذا، وفى صحيح ابن خزيمة:
ثنا
محمد بن عبد الله بن أبي صفوان، حدّثني أبي، ثنا سفيان عن
سماك عن
عبد الرحمن بن عبد الله- وهو ابن مسعود- عن أبيه قال: "
الصفقة
بالصفقة ربا، وأمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بإسباغ الوضوء " (4) ولما رواه رسول الله
__________
(1) صحيح حم (3/30) .
(2) ضعيف. ترغيب (1: 158) - مجمع الزوائد (1: 237) خط في "
تاريخه " (5: 191) -
الضعيفة (839، 84) .
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/236) من
حديث علي. قال: رواه
عبد الله في زيادته في المسند عن أبيه، وروى أبو داود منه:
إتراء الحمر على الخيل، وفيه
القاسم بن عبد الرحمن، وفيه ضعف. وتمام لفظه: " يا علي
أسبغ الوضوء وإن شقْ عليك ولا
تأكل الصدقة، ولا تنزي الحمر على الخيل، ولا تجالس أصحاب
النجوم ".
(4) ضعيف عقيلي (3: 288) بلفظ " الصفقتان ربا..... الحديث
".
(1/310)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث
سفيان إسناد إلى تفرد ابن صفوان به عن أبيه عن سفيان،
وفي تصحيح ابن خزيمة لهذا الحديث نظر؛ لأن عبد الرحمن أنكر
سماعه من
أبيه، واختلف قول البخاري في ذلك عند أبي حاتم، ففي كتاب
الجرح
والتعديل: سمع أباه، وفي كتاب التاريخ: يدخل في المسند ولا
يصح سماعه
من أبيه، واختلف قول البخاري في ذلك أيضًا؛ فذكر في
التاريخ الكبير أنّه
سمع من أبيه، وفي الأوسط: قال محمد بن شعبة: لم يسمع عبد
الرحمن
من أبيه، ويجمع بما قاله ابن المديني في كتاب العلل، ولعل
عمل لهما سمع
من أبيه حديثين: حديث الضب، وحديث: كنت مع أبي فأخر ابن
عقبة
الصلاة، قرأت على المسند البقية شرف الدين المقدسي- رحمه
الله- عن أبي
محمد القرشي، ثنا العلامة أبو طاهر الإِسكندري، قرأت على
أبي الحسين بن
عبد الجبار بن أحمد، سمعت أبا مسلم عمر بن علي بن الليث
يقول
للبخاري: سمعت أبا الحسن علي بن أبي بكر الحافظ الجرجاني
بنيسابور،
سمعت مسعود بن علي السجزي، سمعت الحاكم أبا عبد الله
الحافظ يقول ...
وذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود/فقال: اتفق مشايخ
الحديث على
أنه لم يسمع من أبيه، وفي مسند البزار: ثنا خالد بن يوسف-
يعني السمتي-
عن أبيه، ثنا موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى بن أخي عبادة
بن الصامت
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا
أدلكم على ما يكفر الله به الخطيئة، ويمحو به
الذنوب؟ قالوا: نعم، قال: إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة
الخطا إلى
المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم
الرباط " (1) وفي
معرفة الصحابة لأبي نعيم الحافظ: عن امرأة من المبايعات
قالت: " جاءنا
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بني
سَلمة، فقربنا له طعامًا، فأكل ومعه أصحابه، ثم قرب
إليه وضوءً فتوضأ ثم أقبل على أصحابه فقال: ألا أخبركم
بمكفرات الخطايا؟
__________
(1) صحيح. رواه هـ (ح/427، 576) حم في " المسند " (2: 277،
3: 3) مى (1:
177- ك 1: 191) مجمع (2: 92236، 133) وعزاه إلى البزار،
وعاصم بن بهدلة لم يسمع
من أنس، وبقية رجاله ثقات. كنز (43200، 43292، 43325)
خزيمة 177- 307
ترغيب (1: 285) حب (162) . وصححه الشيخ الألباني.
(1/311)
قالوا: بلى، قال: إسباغ الوضوء " (1)
الحديث. وفي مسند أبي يعلي
الموصلي عن عُبيدة بن عمرو الخلال قال: رأيت النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فأسبغ
الوضوء، وفي سنن الكجي عن ربيعة بنت أبي عياض الكلابية
قالت: حدّثني
ربيعة الكلابي قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فأسبغ الوضوء وفي كتاب
أبي موسى المديني من حديث عبد الله بن عمرو الكلبي: رأيت
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
توضأ فأسبغ الوضوء، وفي لفظ: فأسبغ الوضوء. رواه من حديث
سعيد بن
خيثم عن ربيعة بنت عياض الكلابية قالت. حدثني ربيعة، وفي
موضع آخر:
حدّثني جدّي عبيدة، قال ابن موسى: وهو الصواب، وفي تاريخ
الموصلي: ثنا
علي بن جابر، ثنا أبو العباس محمد بن عمارة القرشي، ثنا
الثوري عن آدم بن
علي عن ابن عمر عن النبي- عليه السلام-: " يُدعا يوم
القيامة قوم يقال
لهم المنقوصون، قيل: يا رسول الله وما المنقصون؟ /قال:
الذين لا يتمون
وضوءهم ويلتفتون في صلاتهم " وسألت محمدًا عن هذا الحديث
فقال: هذا
حديث حسن صحيح، وفي كتاب الترمذي- رحمة الله عليه- عن معاذ
بن
جبل ولفظه: " وإسباغ الوضوء حين الكرهات " (2) ، وقال:
حديث حسن
صحيح، وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن
يزيد بن
جابر، ثنا خالد بن الجلاح، حدّثني عبد الرحمن بن عائش
الحضري قالي:
سمعت النبي- عليه السلام- فذكر الحديث، وهذا غير محفوظ كذا
ذكر
الوليد في حديثه من عبد الرحمن بن عايش: سمعت النبي، وروى
بسر بن
بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر هذا الحديث بهذا
الإِسناد عن ابن
عابس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا
أصح، وابن عايش لم يسمع من النبي- عليه
السلام- وذكر ابن الجوزي في علله هذا الحديث من عدّة طرق،
وفي كتاب
الكامل لأبي أحمد من حديث أشعث بن نزار: ثنا ثابت عن أنس
قال عليه
__________
(1) حسن. أورده الهيثمي في " مجمع للزوائد " (1/236) وعزاه
إلى أحمد والطبراني في
" الكبير " وإسناده محتمل. قلت: وتحسينه لاحتمال إسناده
عند الهيثمي.
(2) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب " 39 "،
(ح/51) . وقال: " هذا
حديث حسن صحيح.
(1/312)
السلام: " يا أنس أسبغ الوضوء يُزَد في
عمرك " (1) وقال ابن أبي حاتم في
كتاب العلل: سألت أبي وأبا زرعة عن أحاديث تروى عن أنس
مرفوعا في
إسباغ الوضوء، وذكرت لهما الأسانيد المروية في ذلك فضعفاها
كلها، وقالا:
ليس في إسباغ الوضوء زيد في العمر الحديث صحيح، وقال: سألت
أبا زرعة
عن حديث رواه عبد الوهاب بن بحيرة الجُرطي عن إسماعيل بن
عياش عن
حبيب بن صالح عن ثابت بن أبي ثابت عن عبد الله بن حانق
الدمشقي عن
عبد الرحمن بن غنم الدمشقي الأشعري عن أبي عامر الأشعري عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " إسباغ الوضوء نصف الإِيمان " (2) فقال: عبد الوهاب
شيخ صالح من
حَوْط من مرجح، وأبو عامر اسمه عبيد، قتل بخيبر وإنما هو
عن أبي مالك
الأشعري، وهو أشبه؛ لأن الشيخ قال أبو عامر من حديث لقيط
بق صَبرة.
تقدم ذكره وفي المعجم الأوسط عن أنس: قال عليه الصلاة
والسلام: " أسبغ
الوضوء يزد في عمرك ... " (3) الحديث بطوله،/وقال: لم يروه
على التمام
بهذا السند عن ابن المسيب إلا علي بق يزيد بق جدعان، ولا
عن علي إلا
عبد الله اليمني. تفرد به مسلم بن حاتم عن الأنصاري عن
أبيه، وتفرّد به
محمد بن الحسن عن ابن أبي يزيد عن عباد المنقري.
__________
(12) ضعيف. عدي 1: 367، 409، 3: 1201- كر 3: 145- لسان
105101،
1405: 01168 إتحاف 6: 274- كنز 43571- طص 2: 20- عر 2:
200- كثير 6:
95 ميزان 3181، 6526- لئ 2: 205- تناهيه 1: 351.
(2) صحيح. رواه ن (5: 5) - هـ (280) - حب (2336) بلفظ:
إسباغ الوضوء شطر
الإِيمان.
31) رواه ابن عدي (1/367، 409، 3/1201) وابن عساكر في "
التاريخ " (3/145 "،
ولسان (1/1051، 1405، 4/1168) وإتحاف (6/274) والكنز
(43571) والطبراني
في " الصغير " (2/20) والمغني عن حمل الأسفار (2/200) وابن
كثير (6/95) .
(1/313)
22- باب ما جاء في
تخليل اللحية
حدّثنا محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان عن عبد الكريم
أبي أمية عن
حسان بن بلال عن عمار بن ياسر، وثنا ابن أبي عمر قال: ثنا
سفيان عن
سعيد بن أبي عروة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار بن
ياسر قال:
" رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخلل
لحيته " (1) هذا حديث حرف ابن ماجة ألفاظه،
وذلك أن ابن أبي شيبة لم يروه وإنما قال في مسنده: ثنا
سفيان عن عبد
الملك بن أبي المخارق عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر
قال: " رأيت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخلل لحيته "
(2) ثنا سفيان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر عن النبي- عليه السلام-
مثله. هذا
نص ما في مسنده، وكذلك رواه عنه الترمذي لا يغادر حرفًا،
فقد سرد لك
تحريف فعله وانتقاله من التصريح بالسماع والرواية، إلى
الفقيه المشعرة (3) لعلّة
الاتصال، لا سيما من كوفي، وقد كنت قديمًا رأيت من تكلم في
هذا
الحديث بنحو من هذه العلة فقط، وهو أبو محمد بن حزم، قال
حسان بن
بلال: محمول، وأيضا فلا نعرف له رواية عن عمار، وفيما قاله
نظر؛ لأن ابن
حبّان قد سبقه بقوله: روى عن عمار إن كان قد سمع منه حين
ذكره
الثقات، لما تقدم من تصريحه بالرواية والسماع عند ابن ماجة
والمكي وابن
__________
(1) عدى (2: 561) بلفظ " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فخلل لحيته ".
(2) صحيح ش (14: 261) بلفظ: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضعه [لخليل اللحية] قلت: وقد
روى الحديث ابن ماجة بثلاثة ألفاظ:
الأول: (ح/429) وهو عن عمار بن ياسر قال: " رأيت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخلل لحيته ".
(وهو صحيح) .
الثاني: (ح/430) وهو عن أبي وائل قال: " أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَأ فخلل لحيته ".
(وهو
صحيح) .
الثالث: (ح/431) وهو عن أنس بن مالك قال: " كان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ خلل
لحيته ". (وهو ضعيف) .
(3) كذا ورد في هذا للسياق " بالأصل ".
(1/314)
منده في كتاب الوضوء من مصنفه، ولأنه قد
روى عنه جماعة منهم، وفي
رواية: ليس بشيء، قد ضربت على حديثه، وهو شبيه المتروك،
والذي يظهر
من العذر لابن ماجة، أنه عدل عن حديث عبد الكريم بن
مخارق/قيس-
ويقال: طارق- أبي أمية البصري فقد قال فيه أيوب أنه غير
ثقة، سألني عن
حديثه لعكرمة، فحدثته ثم قال: حدثني عكرمة، وذكر ابن أبي
زرعة أنّه
اتهمه بالكذب، وإن كان مسلم قد خرج له في صحيحه. كذا ذكره
ابن
مسرور، وأظنّه وهم؛ لأني لم أر ذلك لغيره، خرّج له البخاري
مستشهدًا في
باب التهجد بقوله: قال سفيان وزاد عبد الكريم أبو أمية،
ولا حول ولا قوة
إلا بالله، ومسلم إنما خرج له في المتابعات، ولهذا قال أبو
محمد بن يربوع:
أمّا مسلم فقد خرج في صدر كتابه، وأمّا البخاري فلم ينبه
من أمره على
شيء؛ فدل أنه عندي على الاحتمال؛ لأنه قد قال في التاريخ:
كل من لم
أسم فيه جرحه فهو على الاحتمال، وإذا قلت: فيه نظر فلا
يحتمل وقال:
قد تركت فيهم- يعني أبا أمية- قال أحمد: كان يوافقه على
الإِرجاء،
وكان ابن عيينة يستضعفه، وقال أحمد: هو ضعيف، وفي رواية:
ليس بشيء
قد ضربت على حديثه، وهو شبيه بالمتروك، وفي إطلاق ذلك نظر
لما ذكره
ابن أبي حاتم عنه، وذكروا مرة عند يحيى يوم الجمعة في مسجد
الجامع قال
عمرو وأنا شاهد التراويح في الصلاة فقال: يذكرون عن مسلم
بن يسار وأبي
العالية، فقال له عفان من حديث من قال فيما بينه وبينه
وأنا أسمع: نا هشام
عن عبد الكريم المعلم عن عمير بن أبي يزيد، وأما عبد
الرحمن فإني سألته
فيما بيني وبينه فقال: فأين البغوي؟ انتهى. فهذا يحيى قد
حدّث عنه، وقال
الفلاس (1) : كان ابن محيي ومهدي لا يحدثان عنه، وقال ابن
عدي:
والضعف من على كل ما يرويه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال
مرّة: هو
ضعيف، وقال السعدي: غير ثقة، وقال ابن حبان: كثير الوهم
فاحش الخطأ،
فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به، وقال النسائي وأبو
الحسن والدارقطني:
متروك، وقال الحربي في كتاب العلل من تأليفه: ويرى
الإرجاء، غيره أوثق
منه، وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: لم يحدث/مالك عن
أحد
__________
(1) قوله: " الفلاس " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(1/315)
أضعف من عبد الكريم، وسمعه يقول: مرجئة
البصرة ثلاثة: عبد الكريم،
وعثمان بن عتاب، والقاسم بن الفضل، وقال أبو عمر- في
التمهيد يعني-
ضعيف متروك، مجتمع على ضعفه، لقيه مالك بمكة فروى عنه، ولم
يكن
عرفه قبل، وفي موضع آخر: عبد الكريم ضعيف لا يختلف العلماء
في ضعفه،
إلَا أنّ منّهم من قبله في غير الأحكام خاصة، ولا نحتج به
على كل حال من
أجل من جرحه، وطرحه أبو العالية وأيوب مع ورعه، ثم شعبة
ويحيى القطان
وأحمد وابن المديني وابن معين، وكان مؤدب كتاب غز ملكًا
منه سَمْته (1) ولم
يكن من أهل بلده، لم يخرج عنه في موطأه به حكمًا، إنما ذكر
عنه فيه ترغيبًا
وفضلًا، ولقائل أن يقول: إنّ ذلك ليس كما زعم بل روى عنه
حكمًا وهو
قوله: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم
تستح فاصنع ما
شئت " (2) " ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة،
وتعجيل الفطر
وتأخير السحور " (3) فهذه الأحاديث لا شك أنها أحكام-
والله أعلم- ولما
ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء قال: ثنا أحمد بن محمود، ثنا
عثمان بن
سعيد قال: سمعت الحسن يقول: عبد الكريم ابن أبي المخارق
ليس بشيء،
وقال الساجي: فيه ضعف ليس بحجة في الأحكام، وذكره البلخي
في
الضعفاء، وكذلك يعقوب بن سفيان، وضعف به ابن طاهر غير
حديث، وسئل
عنه أبو حاتم فقال: ضعيف، وسئل أبو زرعة فقال: ليّن، وأما
ابن راهويه فإن
حَرَما لما سأله عن الجليل قال: سنة، وذكر له حديثه في
معرض الاحتجاج
__________
(1) كذا ورد " بالأصل ".
(2) ضعيف جدا العلل (2538) وتلخيص (4 لم 200) والميزان
(7972) ترجمة: محمد بن
علي القاضي، أبو الحسين البصري شيخ المعتزلة. قال الذهبي:
ليس بأهل للرواية. قال
الخطيب: كان يروي حديثا واحدا حدْثنيه من حفظه. أخبرنا
هلال بن محمد، أخبرنا
الكجي، وجماعة، قالوا: أخبرنا القعنبي عن شعبة بحديث: "
إذا لم تستح فاصنع "
والخطيب (12/136) وابن عساكر في " التاريخ " (4/362)
والدرر (35) والبداية (12 /
54) والطبراني (17/236، 237، 238) .
(3) اللفظ الأول من الحديث: رواه مسلم في: الصيام، باب " 9
"، (ح/49، 50) . بلفظ:
" كان يعجل الإِفطار ويعجل الصلاة " المغرب والإفطار ".
(1/316)
بسماعه له من عمار، وهو فيه تجريح حسان ردّ
على من نفاه إلى حديث أبي
عروبة العدالة رواية وتفهيم، وذلك هو المحوج لأبي عبد الله
الحاكم إلى
تصحيحه، ولعمري لو كان ذلك عذرا لوضحّ، لكن مهنأ ذكر عن
أحمد عن
ابن المديني أنه قال أنّ قتادة لم يسمع هذا الحديث إلَّا
من عبد الكريم فلا عدد
إذا، والله أعلم، وفيه تصريح بسماع سفيان من سعيد، وقال
البخاري في
الكبير: إنّ ابن عيينة/قال مرّة: عن سعيد عن قتادة عن
حسان، ولا يصح
سعيد، ومع ضعفه حديث عبد الكريم فيه انقطاع أيضَا فيما
بينه وبن حسان،
قال الترمذي: سمعت إسحاق بن منصور، سمعت أحمد بن حنبل قال:
قال
ابن عيينة: لم يسمع عبد الكريم من حسان حديث التخليل (1) ،
وكذا ذكره
البخاري في التاريخ، فهاتان علّتان كافيتان في عدم
الاحتجاج بالحديث، ولو
كانت واحدة لكانت كافية، وأمّا ما ذكره منها قلت لأحمد:
حدّثوني عن
الحميدي عن سفيان ابن عيينة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن حسان بن
بلال عن هنّاد ... الحديث فقال أبو عبد الله: إمَّا أن
يكون الحميدي اختلط
وإمّا أن يكون الذي حدّث عنه خلط، قلت: كيف؟ فحدثني أحمد
قال: ثنا
سفيان عن عبد الكريم عن حسان بن بلال عن عمار. انتهى. وفي
عصْبة
الجنابة برأس الحميري أو الراوي عنه نظر لما أسلفناه من
عند ابن أبي عمر،
وهو كاف في الردّ عليه، وأما قول ابن أبي حاتم في كتاب
العلل: سألت أبي
عن حديث رواه ابن عيينة عن سعيد- يعني هذا- فقال: لم يحدث
بهذا
أحد سوى ابن عيينة عن أبي عروبة فقلت هو صحيح فقال: لو كان
صحيحَا
لكان في مصنفات ابن أبي عروبة، ولم يذكر ابن عيينة في هذا
الحديث-
يعني سماعا- وهذا أيضَا مما يوهنه فليس كما زعم، لما
أسلفناه من عند
الحاكم لم يحدّث بالسماع لهذا الحديث من سعيد، فزال ما
يخشى من
تدليسه، وأمّا كونه ليس في كتبه فليس بشيء أيضَا، إذ
العالم قد يشذ عنه
عند التصنيف الكثير من روايته، وأمّا قول الطبراني في
المعجم الصغير: لم يرو
هذا الحديث عن قتادة إلَّا سعيد. تفرد به ابن عيينة، فليس
يوهن له أدنى
الصحيح الكبير من إفراد الثقات، فكيف الحفاظ!
__________
(1) قوله: " التخليل " وردت " بالأصل " الخليل وهو تحريف،
والصحيح الأول.
(1/317)
ورواه أبو القاسم في الكبير عن إيراهيم بن
موسى، ثنا صالح بن قطان، ثنا
محمد بن عثمان بن محمد بن عمّار، حدثني أبي عن جدي عن عمار
قال:
" رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ وخلل
لحيته " (1) . حدثنا محمد بن أبي خلف، نا
عبد الرزاق عن إسرائيل عن عامر بن شقيق الأسدي لم، عن أبي
وائل كنى
عثمان أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
توضأ فخلل لحيته " (2) . هذا حديث أخرجه ابن
حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة
ثنا ابن
معمر، ثنا إسرائيل وقال فيه الترمذي: حسن صحيح، وقال في
العلل: قال
محمد: أصح شيء عدي في التخليل حديث عثمان، قلت: إنهم
يتكلمون
في هذا الحديث قال: هو حسن ورواه أبو بكر بن خزيمة في
صحيحه وابن
الجارود في منتقاه عن إسحاق بن منصور، ثنا ابن مهدي، ثنا
إسرائيل عن
عامر بن شقيق ابن سلمة قال: " رأيت عثمان توضأ فغسل كفيه
ثلاثًا
ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثاً ومسح بأذنيه ظاهرهما
وباطنهما ثلاثًا
وغسل رجليه ثلاثاً وخلّل أصابعه وخلل لحيته حتى غسل وجهه
ثلاثًا وقال:
هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يفعل كما رأيتموني فعلت " (3) . وقال الحاكم:
قد اتفق الشيخان على إخراج طرق حديث عثمان، ولم يذكرا في
روايتهما
تخليل اللحية وهذا إسناده صحيح وقد احتجا بجميع رواته غير
عامر بن شقيق
ولا أعلم فيه طعنًا بوجه من الوجوه، وله في تخليل اللحية
شاهد صحيح عن
عمار وأنس وعائشة- رضى الله عنهم- وقال أحمد فيما ذكره عن
الخلال:
ليس يثبت في التخليل حديث، وأحسن شيء فيه حديث شقيق عن
عثمان،
وأما ما اعتل به ابن حزم حيث قال: هذا حديث لا يصح؛ لأنّ
إسرائيل ليس
بالقوي عن عامر بن شقيق وليس مشهورًا بقوة النقل فليس
بشيء؛ لأن
__________
(1) صحيح. رواه ابن عدي في الكامل: (2 / 561) .
قوله: " خلْل " التخليل تفريق شعر اللحية وغيرها. وأصله
إدخال شيء في خلال شيء آخر.
(2) صحيح. عدي (2: 561) وابن ماجة (430) . وصححه الشيخ
الألباني.
(3) ضعيف. والمتن صحيح. مجمع 1: 229 بلفظ: " رأيت عثمان بن
عفان دعا بوضوء ... "
وعزاه إلى " أبي يعلي " وأبو النضر لم يسمع من أحد من
العشرة، وفيه غسان بن الربيع ضعْفه
الدارقطني.
(1/318)
إسرائيل لا يحتاج إلى تعريف حاله؛ لأنه
ممّن خرج له الشيخان في
صحيحيهما ووثّقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم ويعقوب
بن شيبة وابن
سفيان وابن حبان وأبو داود وابن سعد وغيرهم، وأما عامر
فروى عنه جماعة
منهم الثوري وابن عيينة ومسعر وشريك وذكره أبو حاتم في
كتاب المروروذي
وذكره يعني: أحمد فلم يتكلّم فيه بشيء، وقال النسائي: لا
بأس به فإنه
بهذه أكثر من يده، وأمّا قول ابن معين فيه ضعيف فليس يعارض
ما أسلفناه
من توثيقه عند من صحح حديثه أو حسنه ويكون ضعيفَا بالنسبة
إلى غيره من
الثقات/وكذا ذكره ابن أبي حاتم الرازي وقال: ليس بقوي،
وقال: معنى
ذلك أبو الحسن بن القطان ولما ذكره الدارقطني في كتاب
السنن من حديث
أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا ابن نمير عن إسرائيل بلفظ: "
رأيت عثمان يتوضأ
فغسل يديه ثلاثَا وغسل وجهه ثلاثَا ومضمض ثلاثَا واستنشق
ثلاثَا " (1)
الحديث.
قال: قال موسى بن هارون: في هذا الحديث موضع وهم عندنا؛
لأن فيه
ابتدأ بغسل الوجه قبل المضمضة والاستنشاق، وقد رواه ابن
مهدي وأبو غسان
على الصواب وبنحوه ذكره في العلل لم يزد على ذلك شيئَا
والله أعلم، وأما
قول البزار: وهذا الحديث الا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه
عن عثمان يشبه
أن يكون وهمَا لما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث عطا
الخراساني عن
ابن المسيب: " رأيت عثمانَ توضأ فخلل لحيته ثم قال: رأيت
النبي عليه
السلام توضأ فخلل لحيته " (2) . وقال: لم يروه عن عطاء إلا
شعيب بن زريق،
وقال أبو نعيم: لما رواه أيضَا يحيى من حديث عطاء تفرّد به
شعيب وفي
كتاب العلل للرازي: سألت أبي عن حديث رواه ثقة عن أبي
سفيان الأنصاري
عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن المسيب عن عمّار الحديث؟
فقال: هو
__________
(1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/229) من
حديث حمران، وعزاه إلى
" أحمد " وهو في الصحيح باختصار ورجاله موثقون.
(2) صحيح. وبنحوه: رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 50-
باب ما جاء في
تخليل اللحية، (ح/430) . وصححه الشيخ الألباني.
(1/319)
حديث موضوع، وأبو سفيان مجهول، حدّثنا محمد
بن عبد الله بن حفص
ابن هشام بن زيد بن أنس بن ملك بن محي بن كثير أبو النصر
صاحب
البصري عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: " كان رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إذا توضأ خلل لحيته وفرج أصابعه مرتين " (1) . هذا حديث
لما ذكره الدارقطني
في الإِفراد حال تفرّد به محمد بن جرير عن سلمة بن القزاز
عن موسى بن
أبي عائشة عنه، ولم يروه عنه غير عيسى بن المنذر الحمصي،
وما أسلفناه من
عند ابن ماجة يرد عليه، وعلى هذا فإسناده في غاية الضعف
أما شيخ ابن
ماجة فحاله جهولة، وأما يحيى بن كثير فقال فيه الرازيان
وابن معين:
ضعيف. زاد أبو حاتم: ذاهب الحديث جدًا، وقال الدارقطني:
متروك الحديث.
وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم لا يجوز
الاحتجاج به
فيما انفرد به، وقال الفلاس: لا يتعمد الكذب ويكثر الغلط،
وقال العُقيلي:/
منكر الحديث لا يتابع على حديثه، وقال الساجي: يعرف وفي
التشييع كان
ضعيف الحديث جدًا متروك، يحدّث عن الثقات بأحاديث بواطيل
ذكره
يعقوب في باب من يُرغب عن الرواية عنهم، وأمّا يزيد بن
أبان أبو عمرو
فكان يحيى بن سعيد لا يحدّث عنه وكان عبد الرحمن يحدّث عنه
فيما قاله
عمرو بن علي، وقال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: يزيد لم
يترك
حديثه هوى كان فيه. قال: لا ولكن كان منكر الحديث. وقال
عبد الله:
سمعت أبي يقول: هو فوق أبان ابن عباس، وكان شعبة يشبهه
بابان. وفي
رواية قال أحمد: لا يكتب عنه شيء كان منكر الحديث وقال ابن
معين:
ضعيف، وفي رواية خير من أبان وفي رواية: لا شي، وفي رواية:
هو رجل
صالح وليس حديثه بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال
التيمي: ليس
بثقة وقال الفسوي: فيه ضعف، وقال ابن عدي: أرجو أنّه لا
بأس به لرواية
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 50- باب ما
جاء في تخليل اللحية،
(ح/431) .
في الزوائد: في إسناد حديث أنس عبد الواحد، وهو مختلف فيه.
قلت: والحديث صحيح- دون المرتين. انظر: الإرواء (ح/92) ،
وصحيح أبي داود (ح/
133) .
(1/320)
الثقات عنه، وثنا ابن أبي شيبة سألت ابن
المديني عن يزيد؟ فقال: كان ضعيفًا
وقال الدارقطني: مثله وقال ابن حبان: كان من خيار عباد
الله من البكائين
بالليل، لكنه غفل عن حفظ الحديث شغلًا بالعبادة حتى كان
يقلب كلام
الحسن فجعله عن أنس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة
التعجب، وفي كتاب الساجي: كان رجلًا صالحًا يتم ولا يحفظ
ويحتمل
حديثه لصدقه وصلاحه وفضله، وفي كتاب العقيلي قال شعبة: لأن
أذني
أحب إلي من أن أروى عن زيد وقد وقع لنا هذا الحديث بزيادة:
" كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ
يقول بيده في ذقنه يخلل يفعل ذلك مرتين وربما
فعله ثلاثًا أو أكثر من مرتين " (1) . نا المعمر أبو الفضل
الصابوني- رحمة الله
عليه- قراءة عليه وأنا أسمع ثنا جدي قراءة عليه ثنا ابن
الخرستاني ثنا السلم
قراءة عليه ثنا ابن طلاب ثنا ابن جميع ثنا زكريا بن أحمد
بمصر، ثنا أبو
غسان، ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ثنا الرجيل بن مطرية عن
الرقاشي فذكره
وقد وقع لنا أيضًا من طريق صالحة من هؤلاء الضعفاء حسّنه
بل صححه لما
حضرها من الشواهد/احتمل قول الله عز وجل: (فامسحوا
برؤوسكم)
بعض الرأس ومسح جميعه فدلت السنة أن مَسح بعضه يجزي، وقال
في
موضع: فإن قيل فقد قال الله عز وجل: في التيمم فامسحوا
بوجوهكم أيجزي
بعض الوجه في التيمم؟ قيل لمه مسح التيمم في الوجه يدلّ
على عموم غسله،
ولابُدّ أن يأني بالمسح على جمع موضع الغسل منه ومسح الرأس
أصل فهذا
فرق ما بينهما، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنْ مسح المتوضئ
ربع رأسه أجزاء
ويبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره، قال الدبوسي: وإن كرر إقبالًا
وإدبارًا لم يكن
به بأس وأخذ الماء لكلِّ مرّة بدعة، واختلف أصحاب داود
فقال بعضهم
كقول مالك، وقال بعضهم: المسح ليس شأنه في اللسان
الاستيعاب والبعض
يجزئ وقال الثوري: والأوزاعي والليث: يجزئ مسح بعض الرأس
ويمسح
__________
(1) ضعيف. أورده العقيلي في " الضعفاء الكبير " وبلفظ آخر
رواه ابن ماجة في: 1-
كتاب الطهارة، باب " 50 "، (ح/432) .
وضعف هذا اللفظ الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص/633،
ح/4363) .
" كان إذا توضأ عرك عارضيه بعض للعراة، ثم شبك لحيته
بأصابعه من تحتها ".
(1/321)
المقدم وهو قول أحمد، وقال أبو حنيفة: إن
مسح رأسه أو بعضه ثلاثة أصابع
فما زاد أجزأه وإن مسح رأسه أو بعضه بثلاثة أصابع فما زاد
أجزأه وإن مسح
بأقل من ذلك لم يجزه والمراد عند جميع العلماء في مسح
رأسها كالرجل
سواء واتفق مالك والشّافعي وأبو حنيفة وأصحابهم: أنّ الرأس
لا يجزئ مسحه
إلا بماء جديد، ومن مسح رأسه بماء فضل من البلل في يديه من
غسل ذراعيه
لم يجزه، وقال جماعة والأوزاعي: يجزي انتهى كلامه، وفي
تضعيفه الرواية
عن ابن عمر إذا بدأ بوسط رأسه نظر؛ لما ذكره ابن حزم محتجا
به، ولا يحتج
بضعيف وروينا عن عمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان
يدخل يده
في الوضوء فيمسح به مسحة واحدة اليافوخ فقط ورويناه أيضا
من طريق عبيد
الله بن عمر عن نافع عنه قال: ولا يعرف عن أحد من الصحابة
خلاف لما
رويناه في ذلك والله أعلم. وفي حديث أبي هريرة المذكور عند
ابن نافع
تقوية لذلك.
***
(1/322)
23- باب ما جاء في مسح الأُذُنين
/حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس عن
ابن عجلان عن
زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس: " أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح
أذنيه داخلهما بالسبابتين وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه
فمسح ظاهرهما
وباطنهما " (1) . هذا حديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن
عبد الله بن
سعيد الأشج عن ابن إدريس ولفظه: " رأيت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ
:فمضمض واستنشق ثم غَرف فغسل وجهه ثم غَرف غَرفة فغسل يده
اليمنى
وغرف غرفة فغسل يده اليسرى وغرف غَرفة فمسح رأسه وباطن
أذنيه
ظاهرهما وأدخل أصبعيه فيهما وغرف غرفة فغسل رجله اليمنى
وغَرف غَرفة
فغسل رجله اليسرى " (2) . وأخرجه ابن منده أيضًا وابن حبان
عن أبي يعلي،
ثنا أبو بكر بن أبي شيبة. ثنا ابن إدريس مطولًا ولما أخرجه
الترمذي قال:
حديث حسن صحيح وصححه الطبري في مسنده تهذيب الآثار، حدّثنا
أبو
بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد ثنا وكيع عن الحسن بن صالح
عن
عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معود بن عفراء: "
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
توضأ فأدخل أصبعيه في حجري أذنيه " (3) . هذا حديث تقدّم
الكلام على
سنده وأن ابن القطان رحجه على حديث المقدام وسكت عنه أبو
محمد حين
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 52- باب ما
جاء في مسح الأذنين،
(ح/439) . وصححه الشيخ الألباني
(2) صحيح. رواه البخاري في: 4- كتاب الوضوء، 7- باب غسل
الوجه باليدين في
غرفة واحدة، (ح/140) ولفظه: " أنه توضأ فغسل وجهه، أخذ
غرفة من ماء فمضمض ما
واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعلها هكذا أضافها إلى يده
الأخرى فنسل هما وجهه،
ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من
ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم
مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى
غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى
فغسل بها رجله- يعني اليسرى- ثم قال: هكذا رأيت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ".
(3) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كناب الطهارة، 52- باب ما
جاء في مسح الأذنين،
(ح/441) . قوله: " حجري أذنيه " الحجر باطن الأذن. وصححه
الشْيخ الألباني.
(1/323)
إيراده وذكره بحشل في تاريخه من حديث ليث
بن أبي سليمان عن
النعمان بن سالم عنها، ولفظها فغسل أذنيه ظاهرهما وباطنهما
حدثنا هشام بن
عمار، ثنا الوليد بن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة
عن المقدام بن
معد يكرب: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ توضأ فمسح برأسه وأذنيه/ظاهرهما
وباطنهما " (1) .
هذا حديث لما ذكره أبو محمد الإشبيلي من عند أبي داود سكت
عنه
وعاب ذلك عليه أبو الحسن بن القطان فقال: رواه الوليد بن
مسلم عن جرير
عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام وعبد الرحمن هذا مجهول،
كان لا
يعرف روى عنه الآخرون وإلى ذلك فإن جريرًا كان له فيما
زعموا رأي سيء
في بعض الصحابة، والوليد بن مسلم كان يدلس ويسوي ولم يقل
في هذا
الحديث، ثنا ولا أنبأنا ولا سمعت ولا ذكر أنه قال ذلك فمن
حيث هو
مدلس يمكن أن يكون قد أسقط بينه وبن جرير وعبد الرحمن بن
ميسرة
واسطة، وقد زعم الدارقطني أنه كان يفعل ذلك قْي حديث
الأوزاعي يعمد
إلى أحاديث رواها الأوزاعي عن أشياخ له ضعفاء عن أشياخ له
ثقات فأسقط
الضعفاء من الوسط وتركها عن الأوزاعي عن أشياخ له الثقات
كانه سمعها
منهم، وهذا هو التسوية (2) بإسقاط الضعفاء وهو أقبح
التسوية فإنها على
قسمين إما بإسقاط الثقات وإما بإسقاط الضعفاء، كما أن
التدليس أيضًا إمَّا
بإسقاط الثقات وإما بإسقاط الضعفاء فما كان من التدليس
والتسوية بإسقاط
الضعفاء ينقسم قسمين: قسم هو إسقاط قوم ضعفاء عند غيره
ثقات عنده
وهو لا يكون به مجرحًا، ومن هذا القبيل هو قول الدارقطني
المحكي عن الوليد
أعني: أن يكون يُسقط من بين الأوزاعي وبن أشياخه الثقات
قومًا روى عنهم
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 52- باب ما
جاء في مسح الأذنين،
(ح/442) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) انظر: شرح الموقظة للذهبي. تحقيق للشيخ- كامل عويضة.
المطبوعة في دار الكلمة بمصر.
وهى من الكتب التي سردت التسوية بأمثلة متنوعة.
(1/324)
الأوزاعي وهم عند الوليد ثقات، وكان غيره
يضعفهم فلا يكون يعلمه المذكور
مضعفَا والله أعلم.
انتهى كلامه وفيه نظر من وجوه: الأوّل: قوله: الوليد لم
يَنْقل في هذا
الحديث ثنا ولا ذكر عن جرير أنّه قال ذلك، وهو ذهول شديد
عن الكتاب
الذي نقل منه أعني: كتاب السنن فإنّ لفظه ثنا محمود بن
خالد ويعقوب بن
كعب الأنطاكي عن الوليد عن جرير ثم رواه بمدّ عني محمود
وهشام بن
خالد قالا: ثنا الوليد بهذا الإِسناد، قال: ومسح
بأذنيه./فأحال أبو داود
على الإسناد الأول وقد صَرح محمود فيه يقول الوليد: أخبرني
جرير وروى
أبو المغيَرة عن جرير قال: حدّثني عبد الرحمن بن ميسرة
قال: سمعت
المقدام يذكره وفيه ثم مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما
فعلى هذا الحديث
إسناده واحد اختلف في بعض ألفاظه، وفي اختصاره وإكماله
فإذا كان واحدَا
فبرواته محمود عن الوليد بزول التدليس، ويُروى أنه أتى
المغيرة عن جرير تزول
التسوية، ولذلك رواه أبو جعفر الطحاوي عن محمد بن عبد الله
بن ميمون
البغدادي قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا جرير بن عثمان
وكذا أسلفناه
من عند ابن مليكة.
الثاني: عتبة بن الوليد بالتدليس والتسوية وهو كما قال،
ولكن وقع لنا من
غير رواية ذكرها أبو داود، هذا الحديث أيضَا من حديث
الإمام أحمد بن
حنبل ثنا أبو المغيرة ثنا جرير قال: حدّثني عبد الرحمن
سمعتَ المقدام يذكره
بلفظ: " فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما فهذا أبو
المغيرة عبد
القدوس بن الحجاج الخولاني الثقة الثبت المخرج حديثه عند
الأئمة الستة تابع
الوليد على روايته، وكأنّ روايته لم تكن فإن اعترض معترض
بأنّ حديث الوليد
فيه ذكر الصحاح، وهذا لها ذكر له فيه فالجواب ما أسلفناه
من أنّه حديث
واحد اختلف في اختصاره وإكماله، وأنه روى بالمعنى وإدخال
أصبعه لمسح
باطن الأذن هو معنى نوله وادخل أصابعه في صماخ أذنيه،
ويوضح ذلك قول
الطبراني في الكبير أثر حديث أبي المغيرة ثنا هاشم بن مرثد
ثنا صفوان بن
(1/325)
صالح ثنا الوليد عن جرير عن ابن مَيسرة عن
المقدام مثله، ويؤيد حديث
الربيع وأدخل أصبعيه في حجري أذنيه.
الثالث: قوله: وعبد الرحمن هذا مجهول الحال، وليس كما زعم؛
لأن
العجلي لما ذكره في كتابه قال: هو شامي تابعي ثقة، ولما
ذكره البُستي في
كتاب الثقات عرفه بروايته عن أبي أمامة والمقدام قال: وهو
حضرمي وقال/
ابن سرور: عن أبي الحبراني وجبير بن نفير.
الرابع: قوله في جرير كان له رأي سيء في بعض الصحابة لم
يزد على
ذلك مزيدًا به والله أعلم. عيبَهُ ولا عيب عليه في أمر كان
منه ورجع عنه في
فيما حكاه علي بن عياش حكى ذلك ابن حبان، وفي كتاب الغسل
على
علي بن حبان سمعت جَريرًا يقول لرجل: ويحك تزعم أني أشتم
عليَا والله ما
شتمته قط، وذكر ابن عدي عنه أنه قال: والله ما شتمت عليَا
قط، وقال أبو
حاتم: حسن الحديث ولا يصح عندي في رواية ما، يقال في رأيه
ولا أعلم
بالشام أثبت منه وهو ثقة متقن، وفي رواية البخاري عن أبي
اليمان يتناول
من رجل ثم نزل ذلك الفعل، وقال أبو بكر الخطيب كان ثقة،
وحكى عنه
من سوء المذهب والاعتقاد ما لم يثبت عليه، وقال العقيلي
محمد بن
إسماعيل ثنا الحسن بن علي الحلواني ثنا شبابة قال: سمعت
جريرًا قال له
رجل: نا أبو عمر وبلغني عنك أنك لا ترخم على علي، فقال له:
أسكت
ما أنت وهذا ثم التفت إلي فقال رحمه الله مائة مرة، وقال
ابن سرور: روى
له الجماعة إلا النسائي وتتبع ذلك عليه الشيخ جمال الدين
فزعم أن الجماعة
رووا حديثه إلا مسلم بن الحجاج وأتى ذلك الحافظان
اللالكائي والحبال فزعما
أنه خرج حديثه والله أعلم.
الخامس: سكوته عن علة إن صحت كانت فادحة بخلاف ما ذكره من
العلل ذكرها العسكري أبو أحمد عن هشام بن محمد السائب
العلي أن
المقدام بن معد يكرب وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقام بالمدينة أربعين يوما ثم هلك،
فعلى هذا يكون حديث عبد الرحمن بن ميسرة عنه منقطعًا؛ لأنه
ليس
(1/326)
صحابيًا، وإما وفدت الوفود سنة تسع والله
أعلم، ولما ذكر أبو عدي حديث
ابن عباس قال: وفي الباب عن الربيع واغفل حديث الباب
وحديثًا ذكره ابن
وهب في مسنده فقال: ثنا أسامة بن زيد الليثي عن عطاء بن
أبي رباح: " أنّ
عثمان مسح على ظاهر أذنيه وباطنهما وقال: هكذا رأيت النبي-
عليه
السلام- يتوضأ " (1) .
وذكره أيضًا القاضي أبو أحمد في/مسنده، وهو قطعة من حديث
تقدم
الكلام عليه قبلَ من هذه الطريق المنقطعة، ومن حديث عامر
بن شقيق عن أبي
وائل عنه، وحديثًا عند أبي عوانة من جهة عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده:
" أنّ رجلَا أتى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فقال: كيف الطهور؟ فدعى بماء فتوضأ فأدخل
أصبعيه السبابتين بين أذنيه فمسح بإبهاميه باطن أذنيه
وبالسبابتين ظاهر
أذنيه " (2) . وحديثا في المستدرك ذكره في الشواهد الصحاح،
وصححه
الطبراني أيضَا في مسنده من جهة حميد عن أنس: " أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ
فمسح ظاهر أذنيه وباطنهما ".
ثم قال ذلك: ابن قدامة ثقة مأمون، وقد أسنده عن الثوري،
وخالفه
البيهقي وحديثًا عند البغوي من جهة عمرة قالت: سألت عائشة
عن الأذنين
قالت-: هما من الرأس، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على أذنيه ظاهرهما
وباطنهما إذا توضأ " (3) . رواه عن طالوت ثنا اليمان أبو
حذيفة عنها، ولما
ذكره الدارقطني أعله بقوله اليمان ضعيف، ورواه النسائي في
كتاب الكُنى من
حديث سالم بن سلام عنها راوية وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه ومسحت رأسها
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب " 51 "،
(ح/435) .
وصححه الشيخ الألباني
(1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/231) وعزا هـ
إلى الطبراني في " الكبير " وله في
الصحيح حديث غير هذا، وفيه سويد بن عبد العزيز ضعفه أحمد
ويحيى وجماعة ووثقه دحيم.
قلت: وهذا حديث صحيح بشاهده.
(3) صحيح. رواه للدارقطني: (1/105) ولفظه: " كان يمسح
أذنيه ظاهرهما وباطنهما ".
(1/327)
مسحة واحدة الوضوء مرة أو مرتين ثم مرت
بيديها بأذنيها ثم مرتين على
الجلد، وعند البزار من جهة أبي الخافش محمد بن حجر وهو
ضعيف، عن
سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه عن أمه عن وائل بن حجر قال: "
رأيت
النبي- عليه السلام- وأتى بإناء فيه ماء فذكر وضوءه ثم
قال: وغسل باطن
أذنيه وأدخل أصبعيه في باطن أذنيه " (1) .
***
(1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/232)
وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
و" البزار " وفيه سعيد بن عبد الجبار، قال النسائي: ليس
بالقوي، وذكره ابن حبان في
الثقات وفي سند البزار والطبراني محمد بن حجر وهو ضعيف.
قلت: وهو حديث ضعيف
بكلام الهيثمي. ولكن للحديث شواهد صحيحة بمعناه فالحديث
إذن صحيح.
(1/328)
24- باب الأذنان من
الرأس
حدّثنا سويد بن سعيد، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن
شعبة، عن
حبيب بن زيد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " الأذنان من الرأس " (1) . هذا حديث
أخرجه أبو حاتم في صحيحه ولم يلتفت إلى ما أعل به؛ وذلك أن
سويدًا
خرج له مسلم في صحيحه حديثه محتجًا به ووثقه غير
واحد؛/ورمى
بالتدليس وهو هنا مأمون (2) وبالاختلاط لما عمى والتلقين
وهو هنا معدوم؛ لأن
ابن ماجة أخذ عنه قديمًا وقول البيهقي في الخلافيات: إثر
حديث خالف
الشّافعي اختلط بعد أن كتب عنه مسلم، ولعلّه لو عرف تغيّره
ما روى عنه
في الصحيح، فكلام لا معنى له، ولعل الملجئ له إلى ذلك
التعصب؛ لأنه طال
ما صحح أحاديث من روايته غير مُبيّن منها سماعًا ولا
تحدَّثنا ولا حال لا بل
يحيل على من وثقة، وخرج مسلم حديثه، وقد بين الدارقطني
حاله بيانا شافيًا
حين سأله حمزة عنه فقال: تكلّم فيه ابن معين، وقال: حدث عن
أبي
معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الحسن
والحسين سيدا شباب أهل الجنة " (3) . قال يحيى: وهذا حديث
باطل عن أبي
معاوية لم يروه غير سويد، وجرح سويدًا لروايته هذا الحديث
قال أبو الحسن:
__________
(1) تقدم تخريجه موصولا، وهو في: سنن ابن ماجة: 1- كتاب
الطهارة، باب " 53 "،
(ح/443) . قلت: والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني.
(2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".
(3) صحيح. ت (3768) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. خط 11: 90-
حم 3: 3،
62، 64، 82، ك 3: 196، 167- طب 3: 25، 28، 29: 272- مجمع
9: 187،
182: 183، 184- حب 2228- ومشكل 2: 393- منثور 4: 262، كنز
17795-
34246، 34259- 34260، 34282، 34285، 34682- ش 12: 96، 97-
سنن
14: 138- بدا ية 2: 51، 8: 35- صحيح 796- حلية 4: 939،
140، 5: 58، 71-
شج ا: 44- 2: 235- كر 2: 59، 4: 209، 255، 317، 7: 368،
أصفهان 1:
342- خط 1: 140، 2: 185، 4: 207، 6: 371، 9: 231- خصائص
62، 67
وحرجان (395) وابن عدي (2/638، 768، 02، 3/1270، 1370،
5/1959، 6/
2378، 7/2738) والخفاء (1/429) وتذكرة (98) والدرر (71) .
(1/329)
فلم نزل نظن ما قاله حتى دخلت مصر سنة سبع
وخمسين وثلاثمائة فوجدت
هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي،
وكان ثقة
ودلس عن أبى كريب قال: عن ابن لهيعة معاوية كما قال: سويد
سواء
وتخلص سويد.
وصح الحديث عن أبي معاوية، ثنا بذلك المسند المعمر أبو
الحسن الصوفي
بقراءتي عليه يوم الأربعاء سابع عشرين جمادي الأولى سنة
سبع عشرة وسبع
مائة أخبركم الإمام أبو محمد بن ظافر المصري أجازة إن لم
يكن سماعًا عن
الحافظ السلفيَ قال: سمعت المؤتمن الساجي يقول: سمعت
إسماعيل بن
مسعدة يقول: فذكره وقد أشبع الكلام فيه في كتاب الواضح
المبيّن في ذكر
من مات من المحبين.
وأما قول أبي عيسى الترمذي، قلت: للبخاري فإنهم يذكرون عن
سويد بن سعيد عن ابن أبي زائدة عن شعبة عن حبيب بن زيد
فذكر كلامًا
وكان بعده ما صورته وضعف جدًا، وقال: كلما لقّن شيئًا
تلفته وضَعَّف أمره
فإنما يريد سويدًا لا الحديث؛ لأنّ مذهبه في سويد معلوم،
وحبيب بن زيد بن
خلَّاد حفيد عبد الله بن زيد، وثقة/النسائي وابن حبان،
وقال أبو حاتم
الحنظلي: صالح وباقي من في الإِسناد لا يقال عن حالهم،
حدّثنا محمد بن
زياد، ثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن
أبي أمامة
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:"الأذنان من الرأس، وكان يمسح رأسه مرة وكان
يمسح المأقين" (1) . هذا حديث مختلف في وقفه ورفعه وتحسينه
وضعفه.
فأمّا أبو داود فذكر في كتاب التفرد عن سليمان بن حرب بقول
أبو أمامة
يعني الأذنين، أمّا الترمذي فإنه لما ذكره قال: الإسناد
ليس بذلك القائم وقال
الدارقطني رفعه وهم، والصواب أنه موقوف، ثم ذَكر من تابع
شهر على رفعه
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب (53) ،
(ح/444) . والمأق:
طرف العين الذي يلي الأنف.
قلت: والحديث صحيح دون"مسح المأقين". انظر: صحيح أبى داود
ح/123، والمشكاة
416، والصحيحة ح/36.
(1/330)
وهو راشد بن سعد من طريق أبي صريح وهو
ضعيف، والقاسم من طريق
جعفر بن الزبير وهو متروك، ولما ذكر ابن عدي راشد هذه قال:
هذا يعرف
من طريق حماد بن زيد عن عبد الله بن أحمد بن عيسى يوسف عن
عيسى بن يونس عن ابن أبي مريم هكذا، وأسجل منه عليه، وقال
قتيبة: قال
حماد لا أدري هو من قول النبي عليه السلام أو أبي أمامة-
يعني قصة
الأذنين- وقال في الخلافيات: ما منها حديث- يعني الأذنان
من الرأس- إلا
وله عفة وقال البيهقي في السنن الكبير: روى حديث الأذنان
من الرأس
بأسانيد ضعاف أشهرها حديث شهر، وهو معلل من وجهين: الأول:
ضعف
بعض رواته والآخر: الشك في رفعه، وبنحوه قال الدارقطني،
وفيما قالاه
نظر؛ لأن حديث ابن زيد المذكور أصح من حديث شَهْر وأَشْهر،
ولما سئل
موسى بن هارون عن حديث أبي أمامة قال: ليس بشيء فيه شَهْر
والحديث
في رفعه شك، وقال سليمان بن حريث الأذنان من الرأس، إنّما
هو من قول
أبي أمامة، فمن قال غير هذا فقد بدل أو كله، قالها سليمان
أي أخطأ، ولما
ذكره الدارقطني في سننه قال شهر: ليس بالقوي، وقد وقفه ابن
حُريث عن
حماد وهو ثقة ثبت، ولما ذكره الإشبيلي / أبرز من إسناده
شهرا فقط، قال ابن
القطان: ليم يتقدّم له ذكر شهر قبل هذا فهو إذا لن يعتمد
فيه مقدما قدمه،
وشهر قد وثقة قوم وضعفه آخرون وجنح إلى توثيقه كما أسلفناه
قبل، ويرويه
عنه أبو ربيعة سنان ابن ربيعة قال فيه أبو حاتم: شيخ مضطرب
الحديث، وقال
ابن معين ليس بالقوي وقد أخرج له البخاري، فهذا الذي
فسرناه من عفة هذا
الخبر وهو الذي لا يسمح من أجله عنده. والله أعلم، وفي
كتاب العلل
للحنظلي: سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة عن سنان بن
ربيعة عن
أنس أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان إذا
توضأ غسل ما في عينيه" (1) قال أبي: يعني
عن حماد بن زيد عن سنان عن شَهْر عن أبي أمامة عن النبي
وحماد بن زيد
أحفظ وأثبت من ابن سلمة، وسنان مضطرب الحديث، حدّثنا محمد
بن
يحيى، ثنا عمرو بن الحصين، ثنا محمد بن عبد الله بن عُلاثة
عن عبد الكريم
__________
(1) رواه قط: (1/104) . وقد تقدم في أكثر من موضع.
(1/331)
الجزري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"الأذنان من الرأس" (1) هذا حديث. قال أبو محمد الأشبيلي:
لا يصح ولم
يبيّن ذلك، وهو حديث معلل بأمرين:
الأول: عمرو بن الحصنين البصري العقيلي قال ابن أبي حاتم:
سمع منه
أبي وقال: تركت الرواية عنه ولم يُحدّثنا بحديثه وقال: هو
ذاهب الحديث
ليس بشيء، أخرج أوّل الشيء أحاديث مشبهة حسانا، ثم أخرج
بعد لابن
عُلاثة أحاديث موضوعة فأفسد علينا ما كتبنا عنه فترك
حديثه، وسئل أبو
زرعة عنه عندما امتنع عن التحدث عنه فقال: ليس هو في موضع
من تحدث
عنه هو واهي الحديث، وقال أبو الفتح: لا أدري ضعيف جدا
يتكلّمون فيه،
وفال ابن عدي: حدث عن الثقات بغير حديث منكر وهو متروك
الحديث،
وقال الدارقطني: متروك وقال في السنن: لما ذكر الحديث عمرو
بن عُلاثة
ضعيفان. ثم ذكره من رواية/جماعة وضعفها كلّها وأغفل ذكره
الحافظ
المقدسي في كماله ولا ينبغي ذاك.
الثاني: أبو اليُسر محمد بن عبد الله بن عُلاثة العقيلي
قاض بغداد لمحمد
أبي جعفر، ويُعرف بقاضي الجن وإن كان ابن معين وثقة، وقال
ابن أبي شيبة:
كان ثقة إن شاء الله تعالى، وقال أبو زرعة: صالح فقد قال
أبو حاتم الرازي:
نكتب حديثه ولا نحتج به، وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال
أبو الفتح
الأزدي: أقنع من البخاري بهذا حديثه يدل على كذبه، وكان
أحد العُضل
في التزيد، وفي موضع آخر كان واهي الحديث لا يحل كتب حديثه
عن
الأوزاعي وحديثه يدل على كذبه، قال أبو بكر الخطيب: قد
أفرط الموصلي
في أصل علي بن علاثة، وأحسبه وقعت إليه روايات لعمرو بن
الحصين عن
ابن علاثة فنسبه إلى الكذب لأجلها، والعلة في تلك من جهة
عمرو؛ فإنّه
كان كذابا وأمّا ابن عُلاثة فقد وصفه ابن معين بالثقة، ولم
أحفظ لأحد من
الأئمة فيه خلاف ما وصفه عنه يحيى. انتهى كلامه، وما
ذكرناه من كلام
الأئمة يرد قوله وقال ابن عدي: ابن عُلَاثة حسن، وأرجوا
انه لا بأس به،
__________
(1) تقدم قريبا ص 330.
(1/332)
وقال الدارقطني: عمرو بن الحصين وابن علاثة
ضعيفان متروكان، وقال ابن
حبان: يروى الموضوعات عن الثقات لا يحل ذكره إلا على جهة
القدح فيه،
ورّد به ابن القطّان حديثًا وكذلك ابن طاهر وردّ حديثه ما
عظمت نعمة الله
على عبد بقوله ليس بحجة، ولما ذكر أبو عيسى حديث شَهْر
قال: وفي
الباب عن أنس لم يرد شيئًا، وقد تقدّم حديث عبد الله بن
زيد وأبو هريرة،
وفيهما رّد لما ذكروا وكذا حديث عبد الله بن عباس القائل
فيه عبد الحق وهو
ضعيف، وأنكر ذلك أبو الحسن فقال: هو عندي ليس كذلك، بل إما
صحيح وإما حسن وبيانه هو ما ذكره الدارقطني، ثنا محمد بن
عبد الله بن
زكريا النيسابوري بمصر، ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق،
ثنا أبو كامل،/ثنا
غندر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"الأذنان
من الرأس" (1) حدّثني به أبي قال: ثنا الباغندي، ثنا أبو
كامل مثله هذا
الإِسناد ثقة رواته، واتصاله، وإنما أعلّه الدارقطني
بالاضطراب في إسناده فتبعه
أبو محمد علي ذلك، وهو ليس أصل فيه، والذي قال فيه
الدارقطني: هو أن
أبا كامل تفرّد به من عنده ووهم فيه عليه، هذا ما قال ولم
يؤيّده بشيء ولا
عضده بحجة، غير أنّه ذكر أنّ ابن جريج الذي دار الحديث
عليه يُروى عنه
عن سليمان بن موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مرسلًا، وما أدري ما الذي يمنع أن
يكون عنده في ذلك حديثان مسند ومرسل. انتهى كلامه، وفي قول
ابن
القطان عن الدارقطني تفرّد به أبو كامل عن غندر فقط، نطر
لإِغفاله قوله
وتابعه الربيع بن بدر وهو متروك عن ابن جريج وكذا ذكره أبو
أحمد
الجرجاني من رواته الربيع بن بدر عن ابن جريج، ولا يرد به
عند عليلة، وعند
صاحب شعبة وهو من حديث عبد، وليس بمحفوظ والربيع بن بدر
متروك،
وحديثه عن غندر أبو كامل والمعمري ففي قوله والمعمري رّد
لما قاله الدارقطني
من تفرّد أبي كامل به عن غدر، ورواه أيضًا من جهة محمد بن
زياد الطحان
عن ميمون بن زيد عن ابن عباس:"سئل عليه السلام عن
الأذنين"الحديث
وحديث سلمة بن قيس الأشجعي أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إذا توضأت فانشر
__________
(1) تقدّم قريبا ص 330.
(1/333)
وإذا استجمرت فأوتر والأذنان من الرأس" (1)
. ذكره أبو بكر الحافظ في
كتاب المدرج من الأحاديث من حديث حيينة بن سليمان عن زرين
القاسم
الجبلي عن آدم عن شعبة عن منصور عن هلال بن سنان وعنه قال:
قوله في
هذا الحديث:"الأذنان من الرأس"خطأ فظيع ووهم، وذلك أنّ
المثنى
المرفوع/آخره فأوله وحسب لا زيادة عليه، والوهم في هذا
الحديث مردود به
وهمه على احتراز من جهة وهمه، وروا الحديث في كتاب آدم ممن
تبعه آخره
فأوتر، وبعده في أثره روى بإسناد آخر عن عبد الله بن
عمر:"الأذنان من
الرأس"فأسقط الناقل بحديث سلمة ما بعده من إسناد حديث ابن
عمر
ووصل منه بلفظ حديث سلمة، وقد روى معمر والثوري وزائدة
وموسى بن
مطير وقيس بن سلمة هذا الحديث فلم يزيدوا على ما قلت لك،
وكذا رواه
أبو الوليد عن شعبة عن منصور، وروى إبراهيم بن القاسم
البلدي عن آدم عن
شعبة حديث سلمة هذا، وأتبعه بحديث ابن عمر، وميّز كل واحد
منها عن
صاحبه وحديث عبد الله بن عمر ذكره ابن عدي الحافظ من رواية
زيد العمي
عن نافع عنه وعن زيد بن محمد بن الفضل بن عقبة قال: ولعلّ
البلاء منه،
وأنّه أضعف من زيد، وذكره أيضا في ترجمة إسماعيل بن عياش
عن
يحيى بن سعيد عن نافع عنه قال: وهذا الحديث لم يحدث به عن
إسماعيل
غير ضمرة ولا عن يحيى غير إسماعيل، وقال الدارقطني: رفعه
وهم
والصواب موقوف، وحديث أبي موسى الأشعري ذكره أبو القاسم في
الأوسط
من حديث علي بن سعد الرازي، ثنا الأحمر وقال: لم يروه عن
الأشعث إلا
علي بن شهر تفرّد به علي بن زياد، ولا يروى عن أبي موسى
إلا بهذا
الإِسناد، وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سمعت أبي وذكر
حديث
علي بن جعفر الأحمر عن عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن
أبي ذاكرت
أبا زرعة بهذا الحديث فقال: حدّثنا إبراهيم بن موسى عن عبد
الرحيم فقال
عن أبي موسى موقوف، ولما ذكره ابن عدي قال: لا أعلم أحدا
رفعه عن
عبد الرحيم غير علي الأحمر، حديث عائشة قال فيه الدارقطني:
إرساله أصح
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب"44"،
(ح/409) من حديث
أني هريرة. وليس فيه"والأذنان من الرأس". وصححه الشيخ
الألباني.
(1/334)
وحديث علي ذكره الدبوسي في الأسرار،/وحديث
جابر بن عبد الله
وسمرة بن خروف ذكرهما البيهقي في كتاب الخلافيات، وأعلهما
وعمر أبو
محمد بن حزم بضعف الأحاديث الّتي في الباب ووهاها، وفيه
نظر لما أسلفناه
قال أبو عمر في كتاب التمهيد: قال مالك فيما روى عنه ابن
وهب وابن
القاسم وأشهب وغيرهم:"الأذنان من الرأس"قال: يستأنف لهما
ماءا
جديدا سوى الماء الذي مسح به الرأس، فوافق الشافعي في هذا
لأن الشافعي
قال: يمسح الأذنين بماء جديد كما قال مالك، ولكنه قال: هما
سنة على
حيالهما لا من الوجه ولا من الرأس أقبح بحديث ابن جدعان،
أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أخذ لهما ماء جديدا وكذلك روى أنه عليه السلام:"مسح مسند
مسحتيه
لأذنيه"وذكر ذلك أبو زيد وفي حديث عبد الله بن زيد المصحح
إسناده عند
البيهقي دلالة واضحة للشّافعي وهو واحد لأذنيه ما خلاف
الماء الذي أخذ
لرأسه، وذكره أبو عبد الله بن البيع في النوع الخامس
والعشرين من علوم
الحديث بسند صحيح، ثنا بذلك المسند المعمر أبو المزن
الدبوسي بقراءتي عليه
عن ابن المقر، ثنا أبو علي الحافظ، ثنا أبو الطاهر المديني
بمصر، ثنا جبريل بن
يحيى، ثنا بن وهب، ثنا عمرو بن الحرث عن حيان بن واسع عن
أبيه عن
عبد الله بن زيد فذكره، وقال: هذه سنة غريبة تفرد بها أهل
مصر، ولم
يشركهم فيها أحد. ورواه الترمذي بهذا الإسناد بلفظ:"مسح
رأسه بماء غير
فضل يديه" (1) وقال فيه صحيح كذا قالَ: مسح رأسه ولم يذكر
الأذنين،
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 27- باب ما جاء
اَنه يأخذ لرأسه ماءا
جديدا، (ح/35) . وقال:"هذا حديث حسن صحيح". ورواه مسلم
مطولا (1/83)
من طريق ابن وهب، ورواه أبو داود من طريقه مختصر (1/46-
47) . وروا 5 الدرامي في
سننه (1/180) قال:"حدثنا يحيى بن حسان ثنا ابن لهيعة ثنا
حبان بن واسع عن أبيه عن
عبد الله بن زيد المازني قال: رأيت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ بالجحفة، فتمضمض
واستنشق، ثم
غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه ثلاثا، ثم مسح رأسه، وغسل
رجليه حتى أنقاهما، ثم
مسح رأسه بماء غير فضل يديه.
ورواه أحمد في المسند مرتين (4/39، 40) عن موسى بن داود عن
ابن لهيعة، وفيه:
"بماء غير فضل يديه"ورواه أيضا مرة ثالثة (ص 42) عن الحسن
بن موسى عن ابن لهيعة،
قريبا من رواية الدرامي، ورواه مرة رابعة (ص 41- 42) عن
علي بن إسحاق وعتاب عن ابن
المبارك عن ابن لهيعة، وفيه:"بماء هن غير فضل يده ".
(1/335)
وكذا حديث مالك عن ابن عمر أنه:"كان إذا
توضأ يعيد أصبعيه في الماء
فيمسح بهما أذنيه"وقال عبد الحق: روى هذا بن حارثة عن أبيه
عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تجريد الماء للأذنين"،
وهو ضعيف، وزعم ابن القطان أنه حديث لا
وجود له أصلًا، وقال أبو عمر: وقول أبي ثور في ذلك كقوله
سواء، وقال
أحمد بن حنبل كقول/مالك، وقال الثوري وأبو حنيفة
وأصحابه:"الأذنان
من الرأس يمسحان مع الرأس بماء واحد"وروى عن جماعة من
السلف من
الصحابة والتابعين مثل هذا القول، وقال ابن شهاب: الأذنان
من الوجه،
وقال الشعبي: ما أقبل منهما من الوجه وظاهرهما من الرأس،
وبه قال
الحسن بن يحيى وابن راهويه وحكى ابن راهويه هذا القول عن
الشافعي،
والمشهور ما تقدّم ذكره رواه عنه المزني والربيع والبويطي
والزعفراني وغيرهم،
وقد روى عن أحمد مثل قول الشعبي وإسحاق، وقال داود: إن مسح
أذنيه
فحسن، وإن لم يمسح فلا شيء عليه، وأهل العلم يكرهون
للمتوضئ ترك
مسح أذنيه ويجعلونه تارك سنة من سنن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يوجبون عليه إعادة،
إلا إسحاق فإنّه قال: إن ترك مسح أذنيه عمدَا لم يجزه،
وقال أحمد: إنّ
تركهما عمدًا أحببت أن يعيد، وقد كان علي بن زياد صاحب
مالك يقول:
من ترك سنة من سنن الوضوء أو الصلاة عامدًا عاد، وهذا عند
الفقهاء ضعيف
وليس يقابله نص ولا له حظ من النظر ولو كان كذلك لم يُعرق
الغرض
الواجب مرة غيره، واحتج مالك والشافعي في أخذهما للأذنين
ماء جديدَا؛
لأنّ ابن عمر كان يفعل ذلك وحجة أبي حنيفة حديث زيد بن
أسلم عن
عطاء عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه فعل ذلك، وحديث الصنابحي حيث
قال عليه السلام:"فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من أذنيه"كما
قال في
الوجه:"من أشفار عينيه"وفي اليدين:"من تحت أظفاره"ومن
المعلوم أن
العمل في ذلك واحد بماء واحد، واحتجوا أيضَا بما رواه أبو
داود عن ابن
عباس، ومسح برأسه مسحة واحدة وأكثر الآثار على هذا، وحجة
من قال:
يغسل ظاهرهما مع الوجه، ويمسح باطنهما مع الرأس أن الله عز
وجل قد أمر
بغسل الوجه، وهو مأخوذ من المواجهة فكل ما وقع عليه اسم
وجه وجب
غسله، وأمر عز وجل بمسح الرأس وما لم يواجهك من الأذنين
فمن الرأس؛
(1/336)
لأنهما في الرأس فوجب/المسح على ما لم يوجه
منها مع الرأس، وهو قول
ترده الآثار الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه:"كان يمسح ظهور أذنيه وبطونهما" (1)
من حديث علي وابن عباس وغيرهما ومجد بن شهاب أنهما من
الوجه؛ لأنه
لم يكن قفا والله تعالى قد أمر بغسل الوجه أمرًا مطلقًا
وفي حديث عثمان:
"فأخذ ماء فمسح يرأسه وأذنيه فغسل ظواهرهما وبطنهما" (2)
ومن الحجة له
أيضًا ما صح عنه عليه السلام أنّه:"كان يقول في سجوده سجد
وجهي
للذي خلقه فشق سمعه وبصره" (3) فأضاف السمع والبصر إلى
الوجه،
وحجة الشافعي في قوله: إن مسحهما سنة على حبالهما، اجتماع
العلماء على
أنّ الذي يجب عليه حلق رأسه في الحج ليس عليه أن يأخذ ماء
على أذنيه من
الشعر، قال أبو أحمد: ولا يختلف أحد في أنّ البياض الذي
بين منابت
الشّعر من الأذنين ليس هو من الرأس في حكم الوضوء، فمن
المحال أن يكون
بين أجزاء رأس الحي عضو ليس من الرأس، وأن يكون بعض رأس
الحي مباينًا
لسائر رأسه، وأيضًا لو كان من الرأس لأجزأ أن يمسحا عن مسح
الرأس، وهذا
لا يقول به أحد، وحكى الخطابي أن قوله عليه
السلام:"الأذنان من الرأس"
له تأويلان أحدهما يمسحان مع الرأس تبعًا، والآخر إنهما
يمسحان كما يمسح
الرأس ولا يُغسلان كالوجه وإضافتها إلى الرأس إضافة تشبيه
وتقريب لا إضافة
تخفيف، وإنما هو في معنى دون معنى، كقوله: مولى القوم منهم
أي في حكم
النصر مولد ولاه دون حك النسب واستحقاق الإرث، ولو أوصى
رجل لبني
هاشم لم يعط مواليهم ومولى اليهودي لا يؤخذ بَالجزية،
وفائدة الكلام ومعناه
عنهم إبانة الأذن عن الوجه في حكم الغسل وقطع الشبه فيها
لما بينهما من
__________
(1) صحيح. رواه القرطبي في"تفسيره": (6/91) .
(2) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/229) من حديث
حمران، وعزاه إلى
" أحمد"وهو في الصحيح باختصار ورجاله موثقون.
(3) صحيح. رواه مسلم في (المسافرين، باب"26"، ح/201، 201)
والترمذي (ح/
580، 3421، 3423، 3425) والنسائي في (الافتتاح، باب"15"،
والقرآن باب"10")
والحاكم في"المستدرك" (1/220) وصححاه. والطبراني
في"الكبير" (19/232) وابن أبي
شيبة في"المصنف" (2/20) والقرطبي في"تفسيره" (4/45، 6/91)
وأحمد في' المسند"
(6/30) .
(1/337)
الشبه في الصورة، وذلك إنما وجدا في أصل
الخلقة بلا شعر، وجُعلا محلَا
لحاسة من الحواس، ومعظم الحواس محلها الوجه فقيل:
الأذنان/من الرأس
ليعلم أنهما ليسا من الوجه.
***
(1/338)
25- باب تخليل
الأصابع
حدثنا محمد بن المصفي الحمصي، ثنا محمد بن حمير عن أبي
لهيعة،
حدّثني يزيد بن عمرو المغافري عن أبيِ عبد الرحمن الحنبلي
عن المستورد بن
شداد قال:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يتوضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره" (1) .
هذا حديث قال فيه أبو عيسى: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن
لهيعة
ولفظه ذلك أصابع رجليه بخنصره، وقال البزار: لا نعلم أحدا
يرويه بهذا
اللفظ إلا بهذا الإسناد عن المستورد، وقد روى نحو هذا عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من
غير وجه بغير هذَا اللفظ وفيما قالاه نظر لما سنذكره بعد،
وذكره العسكري
في معين الصحابة وشرطه أن يذكر حسن ما روى ذلك الصحابي ما
عرفه،
ولما ذكره المسندي وعبد الحق وغيرهما ضعفوه بابن لهيعة
وتتبع ذلك أبو
الحسن علي بن أبي أحمد فقال: رواه غيره فصح وهو ما ذكره
ابن أبي
حاتم، ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن أخي وهب قال: سمعت عمي،
سمعت
مالك يسأل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء، قال: ليس ذلك
على
الناس، قال: فتركته حتى خف الناس فقلت له: عندنا في ذلك
شنة، قال:
ما هي؟ قلت: ثنا الليث وابن لهيعة وعمرو بن الحرث عن يزيد
بن عمرو
المغافري عن أبي عبد الرحمن فذكره، فقال: إن هذا الحديث
حسن ما
__________
(1) صحيح. مجمع (1: 34) بلفظ:"رأيت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ فبدأ بغسل"، ورواه
ابن ماجة في: ا- كتاب الطهارة، 54- باب: تخليل الأصابع،
(ح/446) .
ورواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب"30"، (ح/38) وقال:
هذا حديث حسن
صحيح.
ورواه أحمد (4/33) عن وكيع. ورواه أبو داود مطولا (1/54-
55) . ورواه النسائي (1/
30- 31) بلفظ:"أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع"ورواه الحاكم
(1/147- 148)
مطولا بأسانيد متعددة وصحيحة، ورواه مختصرا (1/182) .
ورواه ابن الجارود (ص 46) والبيهقي (1/51، 76) . ورواه ابن
حجر في"الإصابة"في
"ترجمة لقيط" (6/8) بإسناده من طريق الفضل بن دكين عن
الثوري، وقَال:"هذا
حديث صحيح".
(1/339)
سمعته قط إلا الساعة ثم سمعت بعد ذلك سأل،
فأمر بتخليل الأصابع
أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قد وثقة أهل زمانه، قال ابن أبي
حاتم:
سألت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عنه، فقال: ثقة ما
رأينا إلا افتراء
قلت: سمع من عمه، قال: أي والله، وقال ابن أبي حاتم: سمعت
عبد
الملك بن شعيب ابن الليث يقول: ابن أخي ابن وهب ثقة ما
رأينا افتراء،
قلت: سمعت من عمه، قال: أي والله، وقال أبو حاتم: وقد أخرج
له
مسلم/وأما ما آثار عليه بعض من تأخر من أحاديث رواها بآخره
عن عمه،
وهذا لا يغبّره إذ هو ثقة أن ينفرد بأحاديث ما لم يكن ذلك
الغالب عليه، وإنما
الذي يجب أن يتفقّد من أمر هذا الحديث قول ابن أبي حاتم،
نا أحمد بن
عبد الرحمن فإني أظنّه يعني في الإجازة فإنه لما ذكره في
بابه قال: إذْ أَنَّ أبا
زرعة أدركه ولم يكتب عنه وإن إياه قال: لا أدركته، وكتبت
عنه فظاهر هذا
انه هو لم يسمع منه فإنّه لم يقل: كتبت عنه مع أبي لعادته
أن يقول: فيمن
يشترك مع أبيه، والحديث المذكور وقع له في آخر المقدمة في
ذكره مالك بن
أنس انتهى كلامه بنصه، وفيما قاله نظر من وجوه:
الأول: قوله: وقد أخرج له مسلم مقتصرا على ذلك في مَعْرَض
مدحه
ولو قال والبخاري لكان أمدح، وممن نقل على أنّ البخاري خرج
حديثه في
صحيحه من غير أن ينسبه أبو أحمد الحاكم الحافظ فيما ذكره
عنه الكلاباذي
وأبو علي الحبائي في تقييد المهمل، وابن عساكر في النبل
وصاحب زهرة
المتعلمين في أسامي مجاهير المحدّثين.
الثاني: قوله: وإنّما أنكر عليه بعض من تأخر موهما أنّ
القدماء أثنوا عليه
والمتأخرون وحدهم أساءُوا في الثناء عليه، وليس كذلك؛ لأنا
رأينا جماعة من
القدماء تكلموا فيه منهم أبو حاتم الرازي حيث قال: كتبنا
عنه وأمره مستقيم
ثم خلط ثم يأتي خبره أنه رجع عن التخليط، ولما بلغ أبو
زرعة رجوعه قال:
هذا نحس حاله، ولا نبلغ به المنزلة التي كان من قبل قال:
وأدركناه ولم
نكتب عنه، وقال ابن عدي: رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم
مجمعين
على ضعفه، وقال أبو سعيد بن يونس: لا تقوم بحديثه حجة،
وقال عبد
الرحمن الشيباني: كان كذابا.
(1/340)
الثالث: ما ذكرهَ من تفقد سماع ابن أبي
حاتم من أحمد بن عبد الرحمن
مردود بأمرين:
الأول: أنّ ابن أبي حاتم ليس مدلسا وقد صرح بالتحديث
المشعر
بالسماع وذلك مقبول إجماعًا من المدلسين فكيف من غيره؛
ولإن سلمنا له
ما/قاله: من أنه روى عنه بالإجازة كان أيضًا متصلًا عند
جماهير أهل العلم
من المحدثين وعنهم حتى قالَ أبو الوليد الباجي: لا خلاف في
جواز الرواية
بالإجازة من سلف هذه الأمة وخلفها وادّعى الإِجماع من غير
تفصيل،
وحَكى الخلاف في العمل ورد عليه ادعاء الإِجماع برواية عن
الشافعي رواها
عنه الربيع بن سليمان ثم قال: وأنا أخالفه في ذلك، وتبع
الشافعي القاضي
حسين والماوردي والإِمام أبو إسحاق الحربي وأبو الشيخ وأبو
نصر إلى مجزي
وعنهم النسائي فجئ هذا الحديث بغية من غير روايته من طريق
صحيحة
ذكرها أبو الحسن الدارقطني في كتاب غرائب حديث مالك عن أبي
جعفر
الأسواني عن أبي بشر محمد بن أحمد الدولابيِ قال: ثنا أحمد
بن عبد
الرحمن بن وهب قال: سمعت عمن يذكره، وذكره أبو عبد الله
محمد بن
الربيع بنت سليمان الجيزي في كتاب من دخل مصر من الصحابة
مر، جهة
جماعة عن ابن لهيعة منهم عبد الله بن عبد الحكم وابن وهب،
وفي روايتها
عنده ذكر سماع يزيد ابن أبي عبد الرحمن وسماع أبي عبد
الرحمن من
المستورد وكذا ذكره ابن وهب في مسنده وأبو عبيد في كتاب
الطبري،، وأما
أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الجبُلي المعافري فمنسوب
إلى جُبل أخي مُقْرًا
بخبر سبيع بن الحرث بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن
مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن
عبد
شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن غريب بن رهَيد بن المزبن
هميسع بن
حمير بن سبأ كذا ساق نسبه ابن الكلبي في جامعه وجمهرة
الجمهرة
والجمهرة وأبو عبيد بن سلام وغيرهما من البساتين، وخالف في
ذالك أبو
سعد السمعاني فزعم أنه منسوب إلى بني الحُبلي سالم بن غانم
بن عوف بن
الخزرْج بن حارب وكذا قاله أبو زيد السهيلي، وهو وهم منها
يثبت ذلك في
كتابي المسمى بالزهر الباسم بشواهده فأعني عن إعادته/هنا
والله اعلم،
(1/341)
حدَثنا ابن إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا
سعيد بن عبد الحميد بن جعفر عن
أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مَولى التوأمة عن ابن
عباس قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا قمت إلى
الصلاة فأسبغ الوضوء واجعل لما بين أصابع
يديك ورجليك" (1) .
هذا حديث قال فيه الترمذي حين رواه من حديث عبد الرحمن بن
أبي
الزياد عن موسى: هذا حديث حسن غريب، وقال في العلل الكبير:
سألت
محمدَا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن وموسى بن عقبة
سمع من
صالح قديمَا، وكان أحمد يقول: من سمع من صالح قديمَا
فسماعه حسن،
ومن سمع منه خبرَا فكأنه يضعف سماعه، فال محمد وابن أبي
ذئب: سماعه
منه أخيرَا، وقد روى ذلك عنه مناكير، ولما ذكر أبو عبد
الله في مستدركه عن
صالح عن ابن عباس به، قال صالح: هذا أظنّه مولى التوأمة
وإن كان أبان
فليس من شرط هذا الكتاب، وإنَما أخرجه شاهدَا، وأمَا قول
الترمذي حسن
غريب فيعني ذلك حسن المتن؛ لأنه روى نحوه من غير وجه،
والغرابة في
الإسناد وهي تفرد ابن أبي الزياد به وهو ممن ذكر قبل ما
للناس فيه من
الكَلام، وأمّا سعيد بن عبد الحميد فذكر في النص الأنصار
يدّعى انه سمع
عرض ابن مالك، قال أحمد: والناس ينكرون عليه ذلك هو هنا
ببغداد لم
يحج كيف سمع عرض مالك وذكر منها انه سأل أحمد وابن معين
وأبا
خيثمة عن كيف هو؟ فقالوا: كان هاهنا، وأمّا صالح بن نبهان
فهو ممن قال
فيه مالك بن أنس: ليس بثقة فلا يأخذون عنه شيئَا، وقال أبو
زرعة: ضعيف
وفال أبو حاتم: ليس بالقوي، وكان شعبة لا يروي عنه، وينهي
عنه، واختلف
قول يحيى عنه فمرة قال: ثقة حجة، ومرة قال: لم يكن ثقة،
وقال ابن
حبان: تغيّر سنة خصر وعشرين وما به، وجعل يأتي بالأشياء
التي تشبه
__________
(1) صحيح متفق عليه. خ 8: 69، 169- م صلاة 45، 46 هـ 447،
1060- هق 2:
15، 372126، 373- خزيمة 454- سنة 3: 3- مشكاة 790- ترغيب
ا: 340
تلخيص 1: 218- فتح 11: 36، 549- غليل 1: 321- كد ابن عساكر
19626- سن
1: 288 والترمذي. وقال:"هذا حديث حسن غريب".
(1/342)
الموضوعات من الثقات فاختلط حديثه الأخير
بحديثه القديم/ولم يميز فاستحق
الترك، وفال ابن سَعْد: رأيتهم يهابون حديثه، وقال ابن
معين: لقيه مالك بعد
ما كبَّر وخرف وكذلك الثوري ولكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل
أن يخرف،
وقال ابن عدي: لا بأس به إذا روى عنه القدماء، ابن أبي ذئب
وابن جريج
وزياد بن سَعْد وغيرهم، ومن سمع منه بآخره وهو مختلط مثل
مالك
والثوري فغير شيء.
وفيما قالاه نظر مخالف لما ذكره البخاري من أنّ ابن أبي
ذئب سمع منه
بآخره وذكر العقيلي والساجي ويعقوب في الضعفاء وكذا أحمد
في مسنده
وخرجه عن سليمان بن داود الهاشمي، ثنا عبد الرحمن بن أبى
الزياد عن
موسى بن عقبة عن صالح سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء من أمر الصلاة
فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"خلل
أصابع يديك ورجليك" (1) .
يعني: إسباغ الوضوء وإذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك حتى
تطمئن
وإذا سجدت فلتمكن جسمك من الأرض حتى تجد حجر الأرض، حدّثنا
أبو
بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن
كعب عن
لقيط بن صَبرة عن أبيه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أسبغ الوضوء وخلل بين
الأصابع" (2) .
هذا حديث تقدم الكلام عليه في باب المبالغة في المضمضة
مستوفيا
هناك. ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا معَمَّر بن محمد
عن عبيد الله بن
__________
(1) صحيح. رواه أحمد (1/278) من طريق موسى بن عقبة عن صالح
مولى التوأمة قال:
سمعت ابن عباس يقول: سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء من أمر الصلاة؟ فقال له رسول
الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره. ورجاله
موثقون، إلا أن صالحا هذا وهو ابن نبهان كان اختلط، لكنهم
قد
ذكروا ابن أبي ذئب، وغيره من القدماء قد روى عه قبل
الاختلاط 0
(2) صحيح. رواه أبو داود (ح/2366) والترمذي (ح/788) وقال:
هذا حديث حسن
صحيح. والنسائي في (الطهارة، باب"57"وابن ماجة (ح/448)
والبيهقي في"الكبرى"
(1/52) وابن أبي شيبة في"المصنف" (1/11) وابن كثير
في"تفسيره" (3/52) .
(1/343)
أبي رافع حدثني أبي عن عبيد الله بن أبي
رافع عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
"كان إذا توضأ حرك خاتمه" (1) .
هذا حديث ذكره أبو أحمد وضعفه وكذلك أبو الحسن البيهقي
وتبعهم
على تضعيفه أبو محمد الإشبيلي وأبو الحسن بن القطان ومحمد
بن طاهر وأبو
الفرج البغدادي ويحيى بن عبد الواحد المقدسي بقوله: رواه
معمر بن محمد بن
عبيد الله بن أبي رافع، قال البخاري: هو منكر الحديث وفيما
قاله نظر؛ لأن
القائل فيه البخاري هذا القول هو أبوه لا هو، كذا هو في
كتاب الإشبيلي
وابن الجوزي وغيرهما، وقال عنه يحيى: ليس بشيء، وقال
الرازي: ذاهب،
وقال الدارقطني: ضعيف/الحديث، منكر الحديث جدًا ذاهب، وقال
أبو
أحمد كوفي في عداد شيعة الكوفة ويروى من الفضائل أشياء لا
يتابع عليها،
وذكره أبو جعفر في كتاب الضعفاء وكذلك يعقوب ابن سفيان،
وقال
الساجي: ضعيف الحديث عنده مناكير وابنه معمر، قال ابن
معين: ما كان
ثقة ولا مأمونًا، وقال أبو حاتم: رأيته ولم أكتب عنه في
سنة ثلاث عشرة
وما يتبين فخرج علينا وهو مخضوب الرأس واللحية فلم أسأله
عن شيء فدخل
فرأى بعض أصحاب الحديث وأنا قاعد فقال: ما يقعد؟ فقلت:
انتظر
الشيخ أن يخرج، قال: هذا كذاب. وقال ابن عدي: ومقدار ما
يرويه لا
يتابع عليه، وقال صالح بن محمد: ليس بشيء، وقال ابن حبان:
ينفرد عن
أبيه بنسخة أكثرها مقلوب لا يجوز الاحتجاج به، وفال
العقيلي: لا يتابع
على حديثه ولا يعرف إلا به وعبد المالك بن محمد أبو قلابة
الرقاشي الضرير
الرجل الصالح وإن كان أبو داود قال فيه: رجل صدوق أمين،
فقد قال
الدارقطني: صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، وكان
يحدث من حفظه
فكثرت الأوهام منه، ولما ذكر البيهقي هذا الحديث قال:
والاعتماد في هذا
الباب على الأثر عن علي وغيره ثم روى أثرَا عن علي من جهة
سمير (2) عن
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (449) في الزوائد: إسناده ضعيف،
لضعف معمر وأبيه
محمد بن عبيد الله. والبيهقي (1/57) والدارقطني (1/83) .
والمشكاة (429) . وضعفه
الشيخ الألباني. أنظر: ضعيف ابن ماجة (ح/100) .
(2) كذا ورد"بالأصل".
(1/344)
أبيه قال:"وضأت عليا فكان إذا توضأ حرك
خاتمه". ومن جهة الأزرق بن
قيس قال:"رأيت ابن عمر إذا توضأ حرك خاتمه". وروى ابن أبي
خيثمة
عن يحيى بن عبد الحميد، ثنا عبيد بن هاشم عن عُبَيدة ابنة
نائِل قالت:
"رأيت عائشة ابنة سَعْد وفي يدها خاتمان فكانت إذا توضأت
حركتهما".
وفي غريب الحديث لابن قتيبة من رواية ابن لهيعة عن عمرو بن
الحرث عن
عقبة بن مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبُلي عن الصنابحي أن
أبا بكر- رضى
الله عه- رأى رجلًا يتوضأ فقال: عليك بالمغْفَلة والمنشلة"
(1) . قالوا: المغْفلة
العنقفة سميت بذلك؛ لأن كثيرا من الناس يغفل عنها وعما
تحتها، والمنْشَلَة:
موضع/الخاتم من الخنصر ولا أحسبه سمى بذلك إلا أنه إذا
أراد غسله نشل
الخاتم من ذلك الموضع أي: اقتلعه منها ثم غسله ورد الخاتم
وذكر الحديث في
كتاب الترغيب عن مبرور الشيخي أنه قال: رأيت في المنام
إصبعي الصغرى
تكلمني، فقالت: ما لي من بين أصابعك أُعذب؟ قلت: ولم ذاك؟
قالت:
إنك إذا توضأت لا تحرك خاتمك، قال أبو موسى وقد ثبت عن
النبي عليه
السلام أنه قال:"ويل للأعقاب من النار ومن ترك شعرة لم
يصبها الماء من
الجنابة فعل الله به كذا وكذا في النار" (2) . قال
علي:"فلذلك عادت
رأسي" (3) وخللوا أصابعكم بالماء قبل أن يخللها نيران جهنم
في غير ذلك،
ومن الأحاديث في كتاب تخليل الأصابع غير حديث سوى ما ذكره
أبو عبد
الله فمن ذلك حديث أبي هريرة رواه الدارقطني من حديث يحيى
بن
__________
(1) قوله:"المنشلة"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه.
(2) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/23، 35، 52، 53)
ومسلم في (الطهارة، ح/
25، 38، 30) والترمذي (ح/41) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأبو داود (ح/97)
والنسائي في (الطهارة، باب"88" (وابن ماجة (ح/450، 451،
453، 455) وأحمد
في"المسند" (2/193، 205، 211، 226، 282) وا لموطأ (20) وا
لدرامي (1/179)
والبيهقي في"الكبرى" (1/69، 84) والدارقطني في"سنه" (1/95،
108) وشفع (75)
وابن خزيمة (162، 166) وابن أبى شيبة (1/26) والحميدي
(161) وأبو عوانة (1/229،
250) وموصح (1/291، 292) واستذكار (1/176) .
(3) كذا"بالأصل".
(1/345)
ميمون بن عطاء وكان له فيما ذكره ابن أبى
حاتم عن ليث عن عقبة عن
مجاهد عنه قال عليه السلام:"خللوا أصابعكم لا يخللها الله
يوم القيامة في
النار" (1) . وحديث عائشة رواه أيضًا من حديث سَنْدل وهو
متروك الحديث،
قال ذلك أبو حاتم وغيره عن ابن شهاب عن عروة عنها
قالت:"كان النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ويخلل بين أصابعه
ويدلك عقبيه ويقول: خللوا أصابعكم لا يخلل
الله بينهما في النار" (2) .
وحديث ابن مسعود ذكره ابن أبي حاتم فقال: سألت أبي عن حديث
رواه زيد بن الزرقا عن الثوري عن مسكين عن هزيل بن شرحبيل
عن ابن
مسعود قال عليه السلام:"ليخللن أحدكم أصابعه قبل أن تنهكها
النار" (3) .
فقال أبي رفعة منكر وحديث أبي أيوب أخرجه أبو عبد الله
الحسين بن
إسماعيل المحاملي في إملائه سنة ثلثين وثلثمائة من رواية
ابن الربيع عنه من
حديث رباح بن عمرو/بن يحيى الرقاشي ابن أخي أبي أيوب عنه
قال: خرج
علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقال:"حبذا المتخللون بالوضُوء والطعام" (4) . وذكره
عبد الحميد في مسنده أنَّ يزيد بن هارون ثنا رباح وحديث
عثمان الذي عند
الدارقطني تقدم تصحيحه عن جماعة في باب تخليل اللحية
أنه:"توضأ
فخلل أصابع قدميه وقال: رأيت النبي- عليه السلام- فعل كما
فعلت" (5) .
__________
(1) ضعيف جدا. نصب الراية (1/26) والدارقطني في"سننه "
(1/95) والخفاء (1/459)
والفوائد (11) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع: (ح/2846) .
(2) أورده الألباني في"ضعيف الجامع") ص 419، ح/2845) .
وعزاه إلى الدارقطني من
حديث عائشة وقال: ضعيف.
(3) منكر. كما ذكر الشارح.
(4) ضعيف. رواه أحمد في"المسند" (5/416) والطبراني
في"الكبير" (4/212) والمطالب لابن حجر
(92) وابن عدي في"الكامل" (7/2547) والخفاء (1/412) وابن
أني شيبة (1/12) والمجمع (1/
235) وعزاه إلى أحمد والطبراني في"الكبير"وفي إسنادهما
واصل الرقاشي وهو ضعيف.
(5) صحيح. المجمع (2/130) وا لصحيحة (1349) وا لخفاء
(1/459) وأحمد (1/287)
ولفظه:"خلل أصابع ديك ورجليك ... "الحديث.
(1/346)
وحديث أبي الدرداء وذكر وضوئه عليه السلام
وخلل ما بين أصابع رجليه
سرس (1) إلى الكعبين ذكره أبو إسحاق بن عبيد في مسنده
فقال: حدّثني
سهل بن إسماعيل، ثنا سهل بن زنجلة، ثنا مبشر الحلبي، ثنا
ثابت بن نجيح عن
الحسن عنه وحديث الربيع ووصفها وضوءه عليه السلام قالت:
ويغسل رجليه
ثلاثًا فخلل بين أصابعه، ذكره أبو القاسم في الأوسط وقال:
لم يروه عن
النعمان بن سالم يعني عنها إلا ابن أبي سليم وعن ابن أبي
سليم إلا يزيد ابن
إبراهيم القشيري ولا عن يزيد إلا حجاج بن منهال تفرد به
أبيه عبيد الله ابن
حجاج، وحديث أنس مرفوعًا:"حبذا المتخللون من الوضوء"انتهى.
ذكره في تاريخ الموصل من حديثه عن أحمد بن علي ثنا ابن
عمار ثنا
عفيف بن سالم عن محمد بن أبي جعفر العطار عن رقية عنه وفي
حديث أبي
هريرة وعائشة وابن مسعود وعثمان وأنس وأبي الربط والربيع
وحماد ردّه لما
ذكره الترمذي وأغفله حنِن تعداده أصحابه والله أعلم، وكان
ابن سيرين
وعمرو بن دينار وعمر بن عبد العزيز والحسن وابن عيينة وأبو
ثور يحرّكون
خاتمهم في الوضوء ورخص فيه مالك والأوزاعي ويعني ذلك عن
سالم، وقال
عبد العزيز بن أبي سلمة وأحمد بن حنبل: إن كان ضعيفًا
يحيله ويدعه إن
كان سليمًا قال أبو بكر: وبذلك أقول.
***
__________
(1) كذا ورد"بالأصل".
(1/347)
26- باب غسل
العراقيب
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، ثنا وكيع عن
سفيان عن
منصور عن هلال بن سيار عن أبي يحيى عن عبيد الله بن عمرو
قال:"أتى/
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قومًا
يتوضئون وأعقابهم تارخ فقال: ويل للأعقاب من النار
وأسبغوا الوضوء" (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيحين، ولفظ
البخاري:
"تخلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر
سافرناه فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة
العصر". وفي لفظ لمسلم:"رجعنا مع النبي عينا من مكة إلى
المدينة".
وفي مستخرج أبي نعيم وصحح ابن ماجة وابن خزيمة:"بيض تلوح
لم يمسها
الماء". حدثنا أبو جابر ثنا عبد المؤمن بن علي ثنا عبد
السلام بن حرب عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ويل
للأعقاب من النار" (2) . وأخرجه أيضَا من حديث سعيد بن
عجلان عن
سعيد بن أبي سعيد عن أبيِ سلمة عنها قال:"رَأَيَت عائشة
عبد الرحمن
وهو يتوضأ الحديث بلفظ:"العراقيب" (3) هذا حديث رواه مسلم
في
صحيحه من حديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير، ثنا أبو
سلمة
حدّثني سالم مولى شداد قال: دخلت على عائشة يوم توفى سعد
بن أبي
وقاص فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها فقالت يا عبد
الرحمن:
"أسبغ الوُضوء". الحديث. وحديث أبي سلمة عنها، وفي علل أبي
عيسى
قال محمد: حديث أبي سلمة عنها يعني عائشة حديث حسن، وحدثنا
سالم عنها حديث حسن، وقال أبو زرعة في كتاب العلل: وهم
شيبان
النحوي فأدخل بين سالم وعائشة أبا هريرة، والصحيح حديث
الأوزاعي عن
يحيى عن حسين المعلم عن يحيى عن سالم عنها، ولما ذكره
الحافظ أبو الفضل
الهروي في علله قال: هذا حديث، قد خالف أصحاب يحيى عكرمة
فرواه
__________
(1، 2) تقديم الحديث قريبا ص 345.
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/452) . وصححه الشيخ الألباني.
(1/348)
علي بن المبارك وحرب بن شداد والأوزاعي عن
يحيى قال: حدّثني سالم،
وقد قيل في هذا الحديث: حدّثني أبو سالم وليس بمحفوظ، وذكر
أبو سلمة
في حديث يحيى غيره محفوظ وقد روى عن أبي سلمة وعائشة من
غير رواية
يحيى ومن غير ذكر سالم انتهى، وفي كلامه استشعار،/فإن
عكرمة هو
المخالف لا غيره، وليس كذلك لما ذكره الطبراني في الأوسط
من حديث أبي
عبيد بن سلام، ثنا عمر بن يونس البخاري عن عبد الرحمن بن
حرب عن أبيه
عنها وقال: لم يروه عن هشام إلا عبد السلام تفرّد به عبد
الرحمن بن علي،
ورواه أيضًا من حديث عكرمة عن يحيى حدّثني أبو أسامة
حدّثني سالم أو
قال أبو سلام به قال: لم يدخل في إسناد هذا الحديث بين
يحيى وسالم أبا
سلمة ولا عكرمة ولا غير عكرمة إلا عمر بن يونس تفّرد به
أبو عبيدة، وفي
كتاب الطيالسي:"ويل للأعقاب من النار يوم القيامة" (1) .
حدّثنا محمد بن
عبد المالك بن أبي الشوارب ثنا عبد العزيز بن النجار، ثنا
سهل عن أبيه عن
أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:"ويل للأعقاب من النار". هذا حديث
أخرجاه في صحيحيهما، ولما رواه البخاري بلفظ:"ويل للعقب من
النار".
قال: هذا أعجب إلي من حديث عبد الله بن عمر، وهذا حديث
إسناده
صحيح على شرط الشيخين إلا سعيد بن أبي كريب ويقال: كرب،
والأول
أصح فيما ذكره الدارقطني والبزار وإن كان لم يرو عنه غير
أبي إسحاق، فقد
قال فيه أبو زرعة: كوفي ثقة، وذكره أبو حاتم البُستي في
كتاب الثقات،
وأخرجه في الحلية من حديث سليمان ثنا علي بن عبد العزيز
ثنا أبو عبيد ثنا
ابن مهدي ثنا سفيان عن أبي إسحاق، وقال: غريب من حديث
الثوري
__________
(1) صحيح. رواه الطبراني في الكبير والطيالسي وابن خزيمة
في صحيحه والأول والثالث من
حديث عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي مرفوعا، ورواه أحمد
موقوفا عليه". وكذلك
نسبه الهيثمي في"المجمع" (1/240) إلى الطبراني مرفوعا
وأحمد موقوفا. ولكن الحديث في
مسند أحمد في موضعين (4/191) من طريق ابن لهيعة عن حيوة بن
شريح عن عقبة بن
مسلم عن عبد الله بن الحرث، وإسناده صحيح، وكذلك رواه
البيهقي في السنن الكبرى (1/
70) من طريق يحيى بن بكير عن الليث عن حيوة عن عقبة بن
مسلم، وكذلك رواه ابن عبد
الحكم في فتوح مصر) ص 299) من طريق الليث بن سعد وابن
لهيعة ونافع بن يزيد كلهم عن
حيوة عن عقبة. وهذه أسانيد صحاح كلها.
(1/349)
تفرّد به ابن مهدي وأخرجه أبو القاسم في
الأوسط من طريق عمرو بن أبي
زائدة عن أبى إسحاق عن سعيد وقال: لم يروه عن عمرو إلا أبو
عبيدة
الحدّاد ذكره البزار أيضًا من حديث الأعمش عن أبي سفيان عن
جابر عن
النبي- عليه السلام- رواه عن عمرو بن علي عن أبي معاوية
عنه قاله في
معرض سعيد أبي إسحاق المتقدّم عنه، ولا يعتلى لأمرين:
الأول: ما أسلفناه من يوثق سعيد أنه محتاج إلى غيره وفي
هذا أيضًا رد
عليه حيث قال: إنما ثبت مثالًا/لحفظه من غيره، وهذا قد
حفظه هو عن غيره
فلم أثبته هنا والله أعلم.
الثاني: حديث الأعمش عن أبي سفيان منقطع، والمنقطع ضعيف لا
يشهد
حديث صحيح، وممن نصّ على انقطاع ما بيتهما أبو بكر البزار
ثقة قال: وقد
روى عنه نحوا من مائة حديث، وإنما من حديث ما لا يحفظه من
غيره لهذه
العلة، وقال في موضع آخر: إنما هي صحيفة عُرضت عليه. وفي
موضع آخر
وذكر حدثنا عن الناس ثنا يحيى بن سعيد ثنا الأعمش قال:
حدّثني أبو
سفيان يعني: طلحة بن نافع فذكر حدّثنا قال في أثره: كان
يحيى يذكر
أحاديث الأخبار وربما حدّث بها غيره فيدخل منها رجلًا فعلى
هذا لا يتبع
فيه، وقال الطبراني في الأوسط: ورواه من حديث أبي الأسباط
ثنا عبد
الرحمن بن أبي حماد المقري عن الحسن بن صالح وعمّار بن
زريق عن أبي
إسحاق لم يرو هذا الحديث عن الحسن بن صالح إلا عبد الرحمن
تفرد به أبو
الأسباط والله أعلم، وذكر ابن شاهين حديث جابر في كتاب
الناسخ
والمنسوخ من جهة العزرمي عن عطاء عنه قال:"أمرنا رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا
توضأنا أن نغسل أرجلنا". حدّثنا العباس بن عثمان وعثمان بن
إسماعيل
الدمشقيان قالا: ثنا الوليد بن مسلم ثنا شيبة بن الأحنف عن
أبي سلام
الأسود عن أبي صالح الأشعري قال: ثنا أبو عبد الله الأشعري
عن خالد بن
الوليد وابن يزيد أبي عن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو
بن العاص
كل هؤلاء سمعوه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال:"أتموا الوضوء ويل للأعقاب من
(1/350)
النار" (1) . هذا حديث قال فيه الترمذي في
العلل عن البخاري: هذا حديث
حسن. ولما سأل ابن أبي الغنايم أبا زرعة عنه، قال: أبو
صالح وأبو عبد الله
لا يعرف أسماؤهم، ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن
إسماعيل بن
إسحاق الكوفي قال: ثنا سفيان بن صالح ثنا الوليد بن مسلم
ثنا شيبة عن
أبي سلام عن أبي صالح حدّثني أبو عبد الله الأشعري قال
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ثم جلس
في طائفة منهم فدخل رجل فقام يصلي فجعل لا يركع وينقر في
سجوه
والنبي- عليه السلام- ينظر إليه فقال:"أترون هذا لو مات
على هذا لمات
على غير ملة محمد؛ فينقر في صلاته كما ينقر الغراب الدم
مثل الذي يصلي
ولا يركع وينقر في سجوده كالجائع لا يأكل إلا تمرة أو
تمرتين فما يغنيان عنه
فأسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار، وأتموا الركوع
والسجود" (2) . قال أبو
صالح الأشعري: فقلت لأبّي عبد الله الأشعري: من حدثك هذا
الحديث؟
قال: أمر الأجناد: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص ويزيد بن
أبي سفيان
وشرحبيل بن حسنة كل هؤلاء سمعوا من رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي الباب غير
حديث من ذلك حديث عبد الله بن جَزْء ذكره الحافظ أبو بكر
بن خزيمة وأبو
عبد الله، وذكره ابن أبي حاتم في علله من حديث علي بن يزيد
عن
عبيد الله بن زجر عن أبي القاسم عنه وزعم أن أبا زرعة
ضعّفه، رواه الحاكم
من حديث الليث بن سعد عن وجوه عن شريح عن عقبة، وحديث أبي
أمامة
ذكره الطبراني وحديث أخي أبي أمامة ذكره أيضَا أبو القاسم
من حديث جرير
عن ليث عن ابن سابط عن أخي أبي أمامة قال:"رأى النبي- عليه
السلام- قومَا يتوضئون فبقى على أقدامهم قدر الدرهم لم
يُصِبه الماءُ فقال:
__________
(1) أورده الألباني في"الصحيحة: ح/872) وقال: أخرجه ابن
ماجة (1/170) هن طريق الوليد بن
مسلم. وقال: وهذا إسناد رجاله ثقات غير شيبة الأخنف وذكره
ابن حبان في الثقات.
وقال البوصيري في الزوائد (ق 2/34) :"هذا إسناد حسن، ما
علمت في رجاله ضعفا".
(2) صحيح. رواه ابن ماجة مختصرا في: 1- كتاب الطهارة، باب
(55/ح/455) .
في الزوائد: إسناده حسن. ما علمت في رجاله ضعفا. وصححه
الشيخ الألباني.
(1/351)
ويل للأعقاب من النار" (1) ورواه الدارقطني
(2) في سننه من حديث عبد
الواحد بن زياد، ثنا ليث ثنا ابن سابط عن أبي أمامة أو عن
أخي أبي أمامة قد
ذكره وفيه فكان أحدهم ينظر فإذا رأى موضعَا لم يصبه الماء
أعاد الوضوء،
وفي الأوسط لأبي القاسم من حديث سويد بن سعد ثنا علي بن
مُسهر وقال
عن أبي أمامة وأخيه: جمع بينهما من غير شكّ ولا ترّدد في
أحدهما، وكذا
ذكره المديني في حديث الصحابة عنهما، ولما سئل أبو زرعة عن
هذا الحديث
قال: أخو أبو أمامة لا أعرف اسمه. وحديث أبي ذر خرجه ولم
يسمع
الكجي في سننه من حديث ابن عيينة عن عبد الكريم أبي أمية
عن مجاهد
عنه ولم يسمع منه قال: أشرف علينا النبي- عليه السلام-
ونحن نتوضأ
فقال:"ويل للأعقاب من النار"./
وحديث مُعَيقِب رواه البزار عن عمرو بن علي عن أبي داود
ثنا أترب بن عتبة
عن يحيى بن أبي بكر عن أبي سلمة عنه قال- عليه
السلام-:"ويل للأعقاب
من النار" (3) . وقال: لا نعلمه يروى عن مُعيقب إلا بهذا
الإِسناد. وقال الترمذي
في كتاب العلل: قال البخاري: وحديث أني سلمة عن مُعَيقب
ليس بشيء كان
أيوب لا يعرف صحيح حديثه من سقيمه؛ فلا أحدّث عنه، وضعّفه
جدَا. ولما سأل
ابن أني حاتم أباه عن هذا الحديث قال: إنّما هو عن يحيى عن
سالم وعن عائشة
ومنهم من يقول: يحيى عن أبي سلمة عن سالم عن عائشة وحديث
الأعمى ذكره
الشّافعي في مسنده وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لأعمى يتوضأ:"بطن القدم فجعل
الأعمى يغسل بطن القدم ولا يسمع النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُمِّى البصير" (4) وفي تفسير
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/240) وعزاه
إلى الطبراني في"الكبير"
من طرق: ففي بعضها عن أبي أمامة وأخيه وفي بعضها عن أني
أمامة. ومدار طرفه على ليث
بن أبي سليم وهو ضعيف.
(2) رواه الدارقطني في"سننه": (1/95، 108) . وانظر: المجمع
(1 لم 240) .
(3) تقدم تخريجه في أكثر من موضع من هذا الباب. وأقربه
الحاشية رقم (1) .
(4) ضعيف. رواه عبد الرزاق في"المصنف" (75) والترغيب
(1/170) والمجمع (1/240)
وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف،
وبكسر بن سوادة ما أظنه سمع=
(1/352)
الثعلبي سمَّى أبا بصير غسِيلُ ورواه أبو
موسى في معرفة الصحابة من حديث
محمد بن محمود وله صحبة، وحديث أبي سعيد الخدري ذكر5 أبو
إسحاق
الشيرازي في كتاب غسل الرجلين؛ الذي قرأته على الشيخ
المسند المعمر
علي بن الصلاح رحمة الله عليه. أخبركم الحافظ صدر الدين
إجازة إن لم
يكن سماعًا عن أبي القاسم عبد المحسن بن عبد الله الحافظ
الخطيب الطبري
ثنا والدي أن الإمام أبو إسحاق وثنا به عاليا أبو البدر عن
ابن الموعن أبي
الكريم عنه، ويشَبه أن يكون في كلامه نظر؛ لأنّ حديث أبي
سعيد ذكره
الدرامي، وليس فيه إلَّا إسباغ الوضوء ولا ذكر للأعقاب فيه
والله أعلم. وفي
حديث أبي أمامة وأخيه وأبي ذر وأبي سعيد والأعمى ردّ على
أبي عيسى إذا
أعضلهم والله أعلم. العُرقوب موصل القدمين بالساق من
الإِنسان قاله البزار،
وقال الجوهري: هو العصب الغليظ الموتر فوق عَقب الإِنسان
وعرقوب الدابة
في رجلها بمنزلة الركبة في يدها، قال أبو داود: حديث الطرق
والمنكب
والعرقوب والقلب، قال الأصمعي: كل ذي أربع عرقوباه في
رجليه وركبتاه
في يديه، قال أبو جعفر: العزب تقول: الكعبان هما
العرقوبان، والعقب
بكسر القاف/مؤخر القدم وهي مؤنثة، وحكى بعضهم سكونها قال:
أراد
صاحبها فحذف المضاف وقوله: أنهما الصّلاة أي: أخرناها حتى
كادت تدنو
من الأخرى، وقال الخليل: أرهقنا أستأخرنا عنها. وقال أبو
زيد: أرهقنا عن
الصلاة أخرناها ورهقنا حانت، وقال النَّضر: أرهقت الشيء
غشيته ورهقتني
دنا منّي، وقال الأعرابي رهقته وأرهقته بمعنى دنوت منه،
وأرهق الحلم دنا مه
قال عياض: ويكون أرهقنا بمعنى أعجلتنا لضيق وقتها ويقال:
أرهقته أعجلته،
ومنه المراهق فالحج بالفتح ويقال بالكسر الذي أعجله ضيق
الوقت أن يطوف،
وقيل: الوقوف بعرفة.
***
__________
= أبا الهيثم، والله أعلم.
(1/353)
27- باب ما جاء في
غسل القدمين
ذكر فيه حديث لأبي حية عن علي الوايلي فيه الجوربان صحيح،
وحديث
المقدام بن معد يكرب (1) وحديث الربيع، وقد تقدّم ذكر
هؤلاء، وأغفل
حديث عمرو بن عنبسة الطويل من عند مسلم، وفيه كما أمره
الله وحديث
جابر عند الدارقطني قال:"أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأنا للصلاة أن
نغسل أرجلنا" (2) . وحديث أنس المذكور عنده:"أن رجلًا توضأ
وترك على
قدميه مثل الظفر فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أحسن وضوءك" (3) .
وحديث خالد بن مَعْدان عن بعض الصحابة عند أبي داود أن
رجلا صلى
وفي ظهر قدميه لمعة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أعد الوضوء والصلاة" (4) .
وحديث عثمان بن عيدان أخرجه وفيه فغسل قدميه، وحديث أبي
بكير:
"بينا أنا جالس عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل قد توضأ وبقى على ظهر قدميه
مثل الظفر" (5) . ذكره الدارقطني في كتاب الإِفراد
والغرائب وقال: غريب
من حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جدّه عن أبي
تفرّد به
الوازع بن نافع عنه وتفرّد به الربيعة بن سقلاب عن الوازع،
وذكر أنّ ابن
شاهين من جهة الوازع بن نافع عن سالم عن ابن عمر عن أبي
بكر وعمر/
بنحوه وحديث محمد بن محمود:"رأى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعمى يتوضأ فقال:
اغسل باطن قدميك فجعل يغسل باطن قدميه" (6) .
***
(1) قوله:"يكرب"وردت"بالأصل" "كرب"، والصحيح ما أثبتناه.
(2) صحيح. رواه الدارقطني: (1/107) . وابن أبي شيبة
في"المصنف" (1/41) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/31) وأبو داود (173)
وأحمد (1/21، 23،
3/146) .
(4) حسن. الكشاف: (52) وأبو داود في (الطهارة، باب"66"،
(ح/175) .
(5) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/241) وعزاه
إلى الطبراني في
"الأوسط"و"الصغير"وفيه الوازع بن نافع وهو مجمع على ضعفه.
(6) تقدّم في أحاديث الباب ص 352.
(1/354)
ذكره المديني في كتاب العلل من حديث عبدان
عن الأشج، ثنا أبو خالد
ثنا يحيى بن سعد عنه وحديث أبي الهيثم:"رآني رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتوضأ
فقال اغسل بطن القدم يا أبا الهيثم". ذكره الطبراني وحديث
ابن هيثم عن
بكر بن سوادة عنه، قال أبو إسحاق الفرضي: في الرجلين في
الوضوء الغسل
إلى الكعبين: وهما العظمان النابتان في مفصل الساق والقدم.
هذا مذهب
الشافعي، وبه قال من الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
وابن مسعود
وابن عباس وابن عمر وحذيفة وأنس بن مالك وأبو هريرة وتميم
الداري
وسلمة بن الأكوع وعائشة، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع
أصحابه
على غسل القدمين وقد لقى عبد الرحمن مائة وعشرين صحابيَا،
وقال
عطاء بن أبي رباح لم أدرك أحدَا منهم يمسح على القدمين،
وقد لقى عطاء
عشرة من الصحابة، وهو مذهب الشعبي والحسن وابن سيرين
والزهري
وعكرمة ومحمد بن علي بن الحسين وجعفر بن محمد وعطاء
الخراساني، وهو
قول مالك والليث والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وأصحابه
وأحمد وإسحاق
وأبي ثور وأبي عُبيد والحسن بن صالح وداود بن علي، وذهب
الإِمامية من
الشيعة إلى أنّ الواجب هو السح على ظهر القدم من الأصابع
إلى الكعبين،
والكعب عندهم في ظهر القدم ووافقهم على الكعب محمد بن
الحسن ولكن
لم يوافقهم في المسح، وقال بعض أهل الطاهر: يجب الجمع بين
المسح
والغسل، وقال ابن حزم: هو بالخيار بين المسح والغسل،
والدليل على فساد ما
ذهبوا إليه أنّ الأخبار تواترت عن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحكى قوم وضوءه، وروى
قوم أمره، وروى قوم الوعيد في ترك غسل الأعقاب، وأمّا ما
ذهبوا إليه من
أنّ هذه الأحبار آحاد فلا نقبلها ولا نعمل بها فيجاب بأنّ
هذا ليس بآحاد؛
لأنّ مجموعها تواتر معناها، وأما قراءة من قرءوا رجلكم
بالخفض فمعارضة بمن
نصبها، وهو نافع وابن عباس وعلي بن حمزة وهو أحد/الروايتين
عن عاصم
فلا حجة إذا الوجود المعارضة فإن قيل: نحن نحمل قرأه النصب
على أنّها
محمولة على المخل؛ لأن محل الرأس النصب وإنّما انخفض بدخول
الباء فيكون
(1/355)
نصب الأرجل على العطف على المحل، وإذا
حملناه على ذلك لم يكن منهما
تعارض بل يكون معناهما المسح وإن اختلف اللفظ فيها، ومتى
أمكن الجمع
لم يجز الحمل على التعارض والأحكام والدليل على جواز العطف
على المحل
قوله تبارك وتعالى:) واتقوا الله الذي تساءلون * به
والأرحام ((1) ...
وقول الشاعر:
الاخى ندماني عُمَير بن عامرٍ ... إذا ما تلاقينا من اليوم
أو غدًا
فنصب غدا على المحل وقول الشاعر:
مَعَاوِي إننا بَشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا
فنصب الحديد على المحل، وقال جندح: كبير أناس في بحادٍ
مُزَمَّلُ، وقال
ضعيف سواءٍ! قَدير مُعَجَّل وقال زهير:
لعب الزمان بها وغمَّرها ... بعدي سَوَاء في المودِ والفطر
وقال النابغة:
لم يبق إلَّا يسير غير منقلب أو ... موثق في حبال القدّ
مَسلُوبُ
وقال جرير:
فما أتت إن ماتت إن تك داخل ... إلى أنّ بسطام بن قيسٍ
تحاطب
وقال آخر:
حي دارًا أعلامها بالجناب ... مثل ما لاح في الأديم الكتاب
وقال دوَيْد:
فجئت إليه والرماحُ تتوشُه ... كوقع الصباحي في النسيج
الممدَّد
فدافعت عنه الخيل حتى تبدّدت ... وحتَّى علا ذلك من اللّون
أسود
وقال آخر:
كأنما مددت قدام أعينهما قطنًا ... بمستحصل الأوتاد محلوج
__________
(1) سورة النساء آية: 1.
(1/356)
ويجاب بأنّ العطف على المحلّ خلاف يشبه،
وإجماع الصحابة فإنّما الشبه
فحديث عمرو بن عَنْبَسَة يعني المتقدم الذكر، وأما
الإِجماع فهو ما روى
عاصم عن أبي عبد الرحمن السلّمي قال:"بينما (1) أنا يوم
والحسن نقرأ وإن
رجلكم على علي، وجليس قاعد إلى علي/رضى الله عنه محادثه
فسمع نفرَا،
وأرجلكم ففتح عليه الجليس الخفض فقال: علي وزجره إنّما هو
فاغسلوا
وجوهكم واغسلوا أرجلكم من تقديم القرآن وتأخيره، وروى عن
ابن مسعود
أنه قرأ وأرجلكم وقال: رجع الأمر إلى الغسل، وعن ابن عباس
نحوه عن عروة
ومجاهد وعكرمة والحسن ومحمد بن علي بن الحسين وعبد الرحمن
الأعرج
والضحاك وعبد الله بن عمرو بن غيلان، زاد البيهقي وعطاء
ويعقوب
الحضرمي وإبراهيم بن يزيد التيمي وأبي بكر بن عياش، وأمّا
قول أبي إسحاق
هو مذهب الشعبي وعكرمة والحسن ففيه نظر لما ذكره ابن أبي
شيبة في
مصنفه بأسانيد صحيحة عنهم بالمسح، وأمّا ما قاله علي وابن
عباس فقد ردّه
أبو محمد بن خزيمة، وذكر ألهما قالا به، وأما ما ذكره عن
محمد بن الحسن
بأنّ الكعب عنده في طهر القدم فكذلك، ولكن بزيادة في كلّ
رجل كعبان
في القدم كعب، وفي السارق كعب حكى ذلك أبو جعفر هو الرائد
مغرز،
الساق وهو مجمع العروق من ظهر القدم إلى العراقيب، وأمّا
ما ذكره من
الإجماع فلا دليل عليه قوله، ولم يذكر هو سببَا من ذلك،
ولا يكفي في
الإَجماع أنَّ عليا وابن مسعود وابن عمر قالوا به: لأنّ
عليًا لم يقل شيئًا
مخالفا فيه ابن مسعود فكيف يتجّه قوله على هذا فانظر فيه
والله أعلم، وأمّا
قوله أنّ عطاء لقى عشرة من الصحابة في معرض مدحه وذلك مشعر
بالَّا
زيادة على ذلك، وليس كذلك لما ذكره الحافظ ابن سرور من
أنّه رأى عقيل بن
أبي طالب وأبا الدرداء، وسمع ابن عباس وابن عمر وابن
الزبير وجابر وأبا
هريرة ورافع بن حديج ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن خالد
وجابر بن عُمر
الأنصاري وأبا سعيد الخدري وعائشة انتهى كلامه. وفيه نظر
لما ذكره، هو
أنّ عطاء وكذا في آخر خلافة عثمان وأبو الدرداء توفى سنة
إحدى أو ست
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/241) وعزاه
إلى الطبراني في
"الأوسط"و"الصفير"وفيه الوازع بن نافع وهو مجمع على ضعفه.
(1/357)
فلأتبين، فكيف نتصوّر روايته لأبيِ الدرداء
وهذا لا يمكن أصلًا، وقد وردت
أحاديث/لابد من تأويلها أو ردَّها وهو رفاعة بن رافع سمع
النبي عليه الصلاة
والسلام يقول: فدّل حديثَا فيه ويمسح برأسه ورجليه إلى
الكعبين، وسيأتي
ذكره في الباب الذي تعدّها، وحديث على كنت أرى أنَّ باطن
القدم أدقّ
بالمسح حتى رأيت النبي يمسح رأيت النبي يمسح ظاهرهما، وقد
تقدّم طرق
منه، وهذان الحديثان إلى من قال: من أهل الطاهر بالجمع وإن
كان ابن
شاهين ذكر أن هشيمًا قال: كان هذا في مبدأ الإِسلام، وكذا
حديث
أوس بن أبي أوس والله أعلم وحديث عبد الله بن زيد:"رأيت
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يتوضأ فمسح بالماء على رجليه"ذكره ابن أبي شيبة في مسنده
(1) عن أبي
عبد الرحمن المولى عن سعيد بن أبي أيوب حدّثني أبو الأسود
عن عبّاد بن
تميم، به وأبو الأسود هذا لا أدري من هو، وقال الجوزجاني:
هذا حديث
منكر، وحديث ابن عباس عند أبي داود (2) مرفوعًا:"فقبض قبضة
من الماء
ورشَّ على رجليه اليمني". وفيها النعل قد مسحها بيده فوق
القدم، ويد تحت
النعل ثم صنع باليسرى مثل ذلك، وفي إسناده هشام بن سعد وهو
ضعيف
عند ابن معين وابن سعيد وغيرهما، وحديث علي بن أبيِ طالب
كذلك
ذكره أيضًا وإسناده لا بأس به ولفظه قال: قلت وفي النعلين
قلنا: وحديث
عثمان:"مسح رأسه وظهر قدميه، وفيه أن النبي توضأ نحو
وضوءه" (3) هذا
ذكره أحمد بن علي القاضي في مسند عثمان عن القواريري ثنا
يزيد بن زريع
ثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسير عن حمران فذكره وسنده
صحيح،
وحديث عباد بن تميم عن أبيه:"رأيت النبي يمسح ثلاثًا على
رجليه" (4)
__________
(1) قوله:"بينما"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه.
(2) منكر. كما ذكر الشْارح.
(3) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 51- باب
الوضوء مرتين، (ح/
قلت: والحديث ضعيف لضعف هشام بن سعد.
(4) ضعيف أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/229) وعزاه
إلى"أبي يعلي"وأبو النضر
لم يسمع من أحد من العشرة، وفيه أيضا غسان بن الربيع ضعفه
الدارقطني مرة وقال مرة=
(1/358)
رواه البخاري في تاريخه عن رجاء وإبراهيم
بن شهاب عن أبيه عن سعيد بن
أيوب بن إسحاق حدّثني أبو الأسود عنه قال: عبد الحق أبو
الأسود لا أدري
من هو وقال ابن الحضان أهو تميم بن عروة؟ وحديث عمر:"أنّ
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
توضأ ومسح على القدم مرة" (1) ذكره ابن شاهين من حديث ابن
لهيعة عن
أبي الأسود عن عباد بن تميم عنه، وحديث جابر:"خرج عليه
السلام إلى
نقيع الغَرقد فتوضأ وغسل وجهه ويديه/ومسح رأسه، وتناول
الماء بيده اليمنى
فرش على قدميه فغسلهما"رواه أبو القاسم في الأوسط (2)
وقال: لم يروه
عن سلمة بن عبد الله بن الحضر إلا ابن لهيعة قالا ابن
جرير: بعد ذكر
حديث عبد الله بن عمر، وما أشبهه فأمر عليه السلام بإسباغ
الوضوء في
الرجلين وتوعد بالنار على ترك الأعقاب، وكان هذا الخبر
زائد على ما في
الآية وعلى الأخبار التي رويناها يعني حديث رفاعة وعلي
وناسخًا لما فيها ولما
في الآية والأخذ بالزائد واجب، ولقد كان يلزم من يقول بترك
الأخبار للقرآن
أن يترك هذا الخبر للآية؛ لانا وجدنا الرجلين يسقط حكمهما
في التيمم كما
يسقط حكم الرأس فكان حملهما على ما يسقطان بسقوطه ويثنان
بثنائه أولى
من حملهما على ما لا يثبتان بثباته، وأيضًا فالرجلان
مذكوران مع الرأس
فكان حملهما على ما ذكر معه أولى من حملهما على ما لا يذكر
من
مسحُهما بيده معه، وأيضًا فالرأس طرف والرجلان طرف
والرجلان تعرف،
وكان قياس الطرق على الطرق أولى من قياس الطرق على الوسط،
وأيضًا
فإنهم يقولون: بالمسح على الخفين فكان تعويض المسح أولى من
يغوص المسح
__________
= صالح، وذكره ابن حبان في الثقات.
(1) الذي عثرنا عليه:
الأول: بلفظ:"رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مسح خفيه، ظاهرهما ... ". المغيرة بن شعبة: (1/
328) من التاريخ الصغير.
والثاني بلفظ:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يمسح على الخفَين ... ". أنس: (2/4/100) من
التاريخ الكبير.
(2) قلت: وفي"النسخة الأولى"سقطت بعض الكلمات من هذا
الحديث، وكذا أثبتناها
من"الثانية".
(1/359)
من الغسل، وأيضًا فإنّه لما جاز المسح على
سائر الرجلين، ولم يجز على سائر
دون الوجه والذراعين حل على أصول أصحاب القياس أنّ أمر
الرجلين أخف
وأقيس من أمر الوجه والذراعين كان ذلك كذلك فليس إلا
المسح، ولابدّ فهذا
أصح قياس في الأرض لو كان القياس حقًا والله أعلم، وأمّا
قوله وذهبت
الإِمامية من الشيعة فكلام مجمل يحتاج إلى بيان، وذلك أنّ
الإِمامية أصلهم
على ما ذكر السمعاني من قال بإمامة علي بعد النبي عليه
السلام أيضًا ظاهرًا،
وهذا قول يعم جميع الشيعة، ولهذا أطلق الفقهاء من غير
تقييد بأنه مذهب
الشيعة، قال المسعودي وفراق الإِمامية يعني الشيعة كانوا
على ما ذكر من
السلف من أصحاب الكتب ثلاثًا وثلاثين فرقة ثم يتنازعوا
ويتباينوا حتى بلغوا
ثلاثًا وسبعين فرقة، وفي كتاب الشهرستاني ثم أن الإِمامية
لم يثبتوا في تعيين
الأئمة/بعد الحسن والحسين على رأي واحد، بل اختلافاتهم
أكثر من
اختلافات الفرق كلها حتى قال بعضهم: إنَّ نيفًا وسبعين
فرقة من الفرق
المذكورين في الخبر هو من الإِمامية خاصة، ومن عداهم
فخارجون عن الملّة،
والإِمامة بعضها معتزلة أما وعيدية وإما تفصيلية وبَعْضها
إجبارية إمّا مشبهة داما
من أنّ الكعب في ظهر القدم فكان ينبغي له ردّه بما لا طاقة
لهم به، وهو
قول إمام اللغة عبد الملك بن حرث فإنه أنكر ذلك القول على
قائله، وأبو
عبيدة وغيرهما، دان كان قد ذكر أبو إسحاق ذلك أخيرًا فذكره
هنا أولى،
قال أبو موسى المديني: ذهب عامة الصحابة والتابعين إلى أن
الملتصق بالساق
المحادي للعقب وليس بالظاهر في ظهر القدم، وقال أبو بكر بن
خزيمة في
مسنده الصحيح أنه حديث عثمان الذي فيه، وغسل رجليه إلى
الكعبين ثلاث
هرات واليسرى مثل ذلك الكعبان هما العظمان النائيان في
جانبي القدم، إذ لو
كان العظم الثَّاني على ظهر القدم لكان للرجل لليمنى كعب
لا كعبان ثم
ذكر حديث طارق الذي فيه ورجل خلفه الذي يرميه بالحجارة،
وقد أرمى
كعبه وعرقوبيه فقال: وهذا دلالة على أن الكعب هو العظم
النائي في جانبي
القدم إذا الرمية إذا جاءت من وراء الماشي لا تكاد تصيب
القدم، إذ الساق
مانع أن تصيب الرمية طهر القدم ذكر حديث النعمان فرأيت
الرجل يلزق
كعبه بكعب صاحبه وركبته صاحبه، أما قوله أنّ عبد الرحمن
أدرك عشرين
(1/360)
ومائة فيحتاج إلى زيادة بيان، وذلك أنّ
عطاء بن السائب روى عنه أدركت
عشرين ومائة من الصحابة كلّهم من الأنصار فهذا هو أخبر عن
نفسه إدراكه
هؤلاء الأنصار فكيف بمن تعدّيتم من بقية الصحابة غيرهم
والله أعلم، وزعم
ابن حزم أنّ القرآن نزل بالمسح، وسواء ترى بفتح اللام
وتخفيفها هي على كلِّ
حال عطف على الرأس أمّا على اللفظ/وأمّا على الموضع لا
يجوز غير ذلك؛
لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه ببعضه
مبتدأه، وهكذا
جاء عن ابن عباس، وفي أمالي ابن الحاجب الصواب انه نصب على
الاستئناف والله أعلم.
***
(1/361)
|