شرح ابن ماجه
لمغلطاي 178- باب الإمام
يخفف الصلاة إذا حضرت
حدثنا نصر بن علي الجهضمي ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن
قتادة عن
أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " إنى لأدخل في الصلاة، وأنا
أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم
بوجد أمّه
ببكائه " (1) . هذا حديث اتفقا على تخريجه، وفي لفظ عند
البخاري: " ما
صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم من صلاة النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كان
ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه " (2) . حدثنا
إسماعيل بن أبي
كريمة الحرافي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن عبد الله بن
علات عن
هشام بن حسان عن عثمان بن أبي العاص قال: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى
لأسمع بكاء الصبي فأتجوز في الصلاة " (3) . هذا حديث في
سنده انقطاع فيما
بين الحسن وعثمان نص/على ذلك أبو عبد الله الحاكم في
مستدركه، وذلك
آية لما ذكر حديثه عنه: " تمكث النساء أربعين يوما " قال:
فليعلم طالب
الحديث أن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص شيئا وضعف
بسبب
ابن علالة، وإن كان يحيى وثقة، وكذلك ابن سعد، وقال بن
عدي: أرجو
انه لا بأس به وهو حسن الحديث، وقال أبو زرعة: صالح، فقد
قال البخاري:
في حديثه نظر، قال أبو الفتح الأزدي لسنا ينفع من البخاري
هذا ابن علاثة
حديثه يدل على كذبه وكان أحد الفصل في الردّ عن الأوزاعي،
قال
الخطيب: قد أفرط أبو الفتح في الميل على ابن علاثة، وأحسبه
وقعت إليه
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري، ومسلم (ص/343)
والبيهقي (2/393) وأحمد في
" المسند " (3/109) والمشكاة (1130) .
(2) انظر: الحاشية السابقة.
(3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/990) ، في الزوائد: عثمان بن
أبي العاص، في إسناده
مقال. قال المزي في التهذيب: قيل لم يسمع الحسن من عثمان
أ. هـ ومحمد بن عبد الله بن
علانة، وإن وثقة ابن معين وابن سعد، فقد ضعفه الدارقطني،
والأزدي كذبه، وابن حبان
قال: يروى الموضوعات عن الثقات. لا يحتمل ذكره إلا على وجه
القدح فيه، وباقي رجاله
ثقات. ورواه الطبراني (9/48) ، والحلية (6/136) ، والكنز
(20419) .
(1/1644)
روايات لعمرو بن حصين عنه فنسبه إلى الكذب
لاً جلها، والغلة في تلك من
جهة عمرو فإنه كان كذبا، وأمّا محمد فقد وثقة يحيى، ولا
أحفظ لأحد
من الأئمة فيه خلاف ما وصفه به يحيى انتهي كلامه. وفيه
نظر؛ لما ذكره أبو
بكر بن بشران عن الدارقطني أنَّ علاثة ضعيف متروك، وقال
النقاش: وقبله
أبو عبد الله الحاكم روى عن الأوزاعي، وخصيف والنَّضْر بن
عربي أحاديث
موضوعة، زاد الحاكم ومدار حديثه على عمرو بن الحصين، وقال
أبو حاتم
ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقات لا يحل ذكره إلّا على
جهة القدح
فيه. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا عمر بن عبد الواحد
وبشر بن بكير عن
الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثيَر عن عبد الله بن أبي قتادة
عن أبيه قال: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأقوم
في الصلاة، وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع
بكاء الصبي فأتجوَّز كراهة أن أشق على أمه " (1) . هذا
حديث خرجه البخاري/
في صحيحه، وعند ابن أبيِ شعبة: ثنا وكيع عن سفيان عن ابن
الحويرث
الزرقي عن عليّ بن قيس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأسمع بكاء
الصبي خلفي فأخفف مشفقة أن أفتن أمه ". وثنا وكيع عن سفيان
عن أبي
الأسود النهدي عن أبي سائط: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في الركعة الأولى
بسورة نحو من ستين آية فسمع بكاء صبي فقرأ في الثانية
بثلاث آيات " (2) .
وثنا شريك عن أبي هارون عن أبي سعيد فيما يعلم عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
" إني لأكون في الصلاة فأسمع بكاء الصبي فأخفف مخافة أن
أشق على أمه،
أو قال: أن تفتن أمه ". التجوز معناه: تقليل القراءة؛
لحديث ابن سائط وغيره،
وقال بعض العلماء: يستدل بهذا على أنّ الإمام إذا كان
راكعَا فأحس بداخل
للصلاة ينتظره، قال القرطبي: ولا حجة فيه؛ لأن هذه الزيادة
عمل في
الصلاة بخلاف الحديث، وقال ابن بطال: أجازه الشعبي، وعبد
الرحمن بن
أبي ليلى، والحسن، وقال بعضهم: ينتظر ما لم يشق على
أصحابه، وهو قول
أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، فقال مالك، وأبو حنيفة،
والأوزاعي: ينتظر، وقال
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (9/211) ، وأبو داود (ح/789) ،
والنسائي في (الإمامة، باب
" 35 ") ، وأحمد (5/5. سه) .
(2) لم نقف عليه.
(1/1645)
سحنون صلاتهم باطلة والوجد الحزن، قال ابن
سيده: وجد الرجل وجدا
ووجد كلاهما عن الجياني، حزن، وفي نوادر للهجري تواكيدًا
بما وجدت
من الأسانيد الذي رسمه بين القطيل للسرب، وحكى وُجد:
بالضم، وعن
الفراء، وأبو عبيد، وفي المصنف، وابن القطاع في الأفعال
والسيرافي في كتابه
الإقناع، والجوهري، وغيرهم رد ابن سيده ووجد به وجدًا في
الحب لا غير
وأنشد لقد زادنا وجدًا سقا نيسًا/وجدوا مطايانًا بلينة
طلعًا، وقال ابن فرو في
وصف عجوز: ما بطلها الوالد ولا زوجها الوجد يعني: مُحيا بن
فرقول: من
موجده أمه أي من حبها إيّاه وحزنها لبكائه، والله سبحانه
وتعالى أعلم
بالصواب.
***
(1/1646)
179- باب إقامة
الصفوف
حدثنا عليّ بن محمد ثنا وكيع عن الأعمش عن المسيب بن رافع
عن
تميم بن طرفة عن جابر بن مرة قال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا تصفون
كما تصف الملائكة عند ربها ". قال: قلنا: " وكيف تصف
الملائكة عند
ربها قال: تتمون الصفوف الأول، وتراصوا في الصف " (1) .
هذا حديث
خرجه مسلم في صحيحه مطولًا. حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى
بن سعيد
عن شعبة ح، وثنا نصر بن علي ثنا أبي بشر بن عمر قالا: ثنا
شعبة عن قتادة
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سووا صفوفكم فإن تسوية
الصف من تمام الصلاة " (2) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما.
ولفظ
الحاكم وزعم أق على شرط الشيخين: " من حسن الصلاة إقامة
الصف "،
حدثنا محمد بن بشارتنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن
حرب
سمع النعمان بن بشير يقول: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوي الصف حتى
يجعله مثل الرمح أو تعرج القدح قال: فرأى صدر رجل نائيا
فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" سووا صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم " (3) . هذا
حديث خرجاه
أيضًا وفي لفظ عند مسلم: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوي صفوفنا، كأنما
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/119) ، والنسائي في
(الإمامة، باب " 28 ") ،
وأبو داود في (الصلاة، باب " 94 ") ، وابن ماجة (ح/992) ،
وأحمد (5/101، 106) ،
والبيهقي (3/101) ، والترغيب (1/319) ، وسعيد بن منصور
(5/293) ، وابن كثير (3/7) ،
والقرطبي (15/137، 18/293) ، والبغوي (6/18) ، والحاوي
(1/81، 2/255) ، والحبائك
(130) ، والكنز (20555) ، وشرح السنة (3/366) ، والحلية
(8/120) ، والطبراني (2/
287،219) ، وابن خزيمة (1544) ، وابن أبي شيبة (1/3530) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/184) ، ومسلم في
(الصلاة، ح/124) ، وأبو
داود (ح/668) ، وابن ماجهْ (ح/993) ، وأحمد 31/177، 254،
274، 279، 291) ، والدارمي
1/ 289) ، وشرح السنة (3/368) ، والترغيب (1/318) ، وإتحاف
(3/180) ، وأبو عوانة (2/
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/994) ، والبيهقي (2 / 22، 3/
100) ، والمنثور (5/294) ،
والكنز (20553، 20581، 20603، 20604، 20618، 20619، 20620،
23000) ، وابن
كثير (6/182) ، والخطيب (1/2271) .
(1/1647)
يسوى/بها القدح حتى إذا رأى أن قد عقلنا
عنه ثم خرج يومًا، فقام حتى
كاد أن يُكبر، فرأى رجلًا باديًا صدره من الصف. فقال: "
عباد الله لتسون
صفوفكم أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم " (1) . وعند أبي
داود: " وأقيموا
صفوفكم ثلاثا، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين
قلوبكم، قال:
فرأيت الرجل يكون منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه " (2) .
وفي كتاب
الخلال: لما ذكر لأحمد حديث النعمان من رواية زيد بن حباب
عن حسين بن
وا قد عن سماك قال: هذا خطأ، قال أبو الحسن: تفرد به حسين
عن سماك.
حدثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عباس ثنا هشام بن عروة
عن أبيه عن
عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " إن الله وملائكته يصلون على الذين
يصلون الصفوف، ومن سدَّ فرجة رفعه الله تعالى بها درجة "
(3) . هذا حديث
مختلف في إسناده، للاختلاف في حال إسماعيل التقدم الذكر،
ورواه ابن
شاهين في مسنده بسند صحيح على رسم مسلم، فقال: أخبرني
أسامة بن زيد
عن عثمان بن عروة عن الزبير عن أبيه عن عائشة بلفظ: " إن
الله وملائكته
يصلون على الذين يصلون الصفوف " (4) . وسيأتي عند ابن ماجة
إن هذا
اللفظة وشواهد حديث ابن عمر يرفعه: " إن الله وملائكته
يصلون على الذين
يصلون الصفوف " () . قال الحاكم فيه: صحيح على شرط مسلم
ولم
يخرجاه، وفي لفظ: " أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب،
وسدوا الخلل
ولينوا بأيدي أخوانكم، ولا تذروا فرجات الشياطين، ومن وصل
صفًا وصله
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/128) ، والبيهقي (2/21)
، والمشكاة (1085) ،
والكنز (20605) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/662) .
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/999) ، وأحمد (6/67، 89، 160)
، والبيهقي (3/
101، 103) ، والحاكم (1/214) ، والمجمع (2/38، 91) ، وابن
خزيمة (1550، 1556) ، وشرح
السنة (3/372) ، والجوامع (5092، 5093، 5099، 5101) ،
والكنز (20554، 20586) ،
وابن حبان (394) ، والترغيب (1/323،321) ، وأبو حنيفة (55)
، والحاوي (1/81) .
وصححه الشيخ الألباني.
(4، 5) انظر: الحاشية السابقة.
(1/1648)
الله ومن قطع صفا قطعه الله " (1) . رواه
أبو داود بسند صحيح عن عيسى عن
إبراهيم عن ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية/عن
كثير بن مرّة
عنه به، وعنده أيضا عن قتيبة عن الليث عن معاوية عن أبي
الزاهرية عن أبي
شجرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكر
ابن عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خياركم
ألينكم مناكب في الصلاة " (2) . وعق أنس أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " رصوا
صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق،
فو الذي نفسي بيده إنّى لأرى الشيطان يدخل في خلل الصف
كأنها
الحدف " (3) . وفي لفظ عن محمد بن مسلم صاحب المقصورة قال:
صليت
إلى جنب أنس فقال: هل تدري لم صنع هذا العود؟ فقلت: لا
والله، قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع عليه
يده فيقول: " استووا واعدلوا صفوفكم " (4) ،
وهو عند الحاكم وزعم أنه على شرط الشيخين أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان إذا
قام إلى الصلاة أخذه بيمينه ثم التفت فقال: " اعتدلوا سووا
صفوفكم ثم
أخذه بيساره "، فقال: " اعتدلوا سووا صفوفكم " (5) . وعند
الطبراني في
الأوسط من حديث أبي صالح عن أبي هريرة يرفعه: " إنَّ الله
وملائكته
يصلون على الذين يصلون الصفوف، ولا يصل عبد صفا إلّا رفعه
الله به
درجة ودورت عليه الملائكة من البر " (6) . وقال: لم يرد
غانم بن الأحوص عن
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/666) ، وعبد الرزاق (2441) ،
والترغيب (1/319) ، والفتح
(2/211) ، والمشكاة (1102) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/672) ، والبيهقي (3/101) ،
والمجمع (2/90) ، وعزا هـ إلى
الطبراني في " الأوسط " والبزار وإسناد البزار حسن، وفي
إسناد الطبراني ليث بن حماد ضعفه
الدارقطني. وابن حبان (937) ، والطبراني (12/405) ، وعبد
الرزاق (2480) ، والترغيب (1/
322) ، والمشكاة (1099) ، والكنز (20081، 20637، 30638) ،
الخطيب (12/50) .
(3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/667) ، والبيهقي (3/100) ،
وابن حبان (387) ، والمشكاة
(1093) ، وابن خزيمة (1545) ، وشرح السنة (3/369) ،
والترغيب (1/318) ، والكنز
(20557) ، وأصفهان (2/123) ..
(4) رواه أحمد (3/268) ، والمنثور (5/293) ، وإتحاف
(2/115) .
(5) حسن. رواه أبو داود (ح/670) ، والبيهقي (2/3،22/130) ،
والمشكاة (10985) .
(6) تقدْم. ورواه ابن ماجة (ح/995) ، وأحمد (89،6/67، 160)
، والبيهقي
(1/1649)
أبي صالح غير هذا الحديث تفرد به ابن أبي
أويس، ومن حديث أنس أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتموا
الصف المقدم، ثم الذي يليه، فما كان من نقلي
فليكن من الصف المؤخر " (1) . ذكر الخلال أن أحمد بن حنبل
لماَّ ذكر له هذا
الحديث أعجبه واستحسنه من حديث الأنصاري، وفي الأوسط من
حديث
عمرو بن مرّة عن أبي معمر عن عقبة/بن عمرو قال: " كان
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: سووا المناكب، وأقيموا
الصفوف، ولا
تختلفوا فيختلف بكم " (2) . وقال: لم يروه عن عمرو إلا
محمد بن جابر تفرد
به إسحاق بن إسرائيل عن أبيه وهو في صحيح مسلم، قال أبو
محمد بن
حزم: قوله أو ليخالفن الله بين وجوهكم هذا وعيد شديد،
والوعيد لا يكون
إلا في كبيرة، وقوله فإن تسوية الصف من تمام الصلاة إذا
كان من إقامة
الصلاة فهو فرض؛ لأن إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض
فهو فرض،
وعند أبي حنيفة والشافعي ومالك هو من سنة الصلاة، وقوله أو
ليخالفْن الله
بين وجوهكم، قال النووي: الأظهر معناه يوقع بينكم العداوة
والبغضاء
واختلاف القلوب كما يقال يغير وجه فلان على أي ظهر لي من
وجهه كراهة
في ويغير قلبه علي؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في
ظواهرهم،
واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن وكان لعمر وعثمان
رجال وكلهم
بتسوية الصفوف.
***
__________
(3/103،101) ، والحاكم (1/214) ، والمجمع (2/38، 91) ،
وابن خزيمة
(1550، 1556) ، وشرح السنة (3/372) ، والجوامع (5092،
5093، 5099، 5101) ، والكنز
(20554، 20586) ، وابن حبان (394) ، والترغيب (1/323،321)
.
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/670) ، والنسائي (2/93) ،
وأحمد (3/132، 225) ، والبيهقي
(2/103) ، والكنز (20594) ، وابن حبان (390) ، والمشكاة
(1093) ، وشرح السنة (373) (2) رواه الطبراني؟ (17/218) .
(1/1650)
180- باب فضل الصف
المقدم
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون أنبأ هشام
الدستوائي عن
يحيى بن أبي بكر عن محمد بن إبراهيم عن خالد بن معدان عن
عرباض بن
سارية: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كان يستغفر للصف المقدم ثلاثًا والثاني هرة " (1) .
هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه من حديث يحيى عن
محمد بن إبراهيم عنه عن جبير بن نفير عن عرباض بلفظ: " كان
يصلي
على الصف الأول " (2) . ثم قال: ذكر الخبر المرخص قول من
زعم أنّ محمدا
لم يسمع هذا الخبر عن ابن معدان، فذكر حديث/صرح فيه بسماعه
من
خالد، قال: حدثني جبير بن العرباض حديث ... ، فذكره، ولما
خرجه الحاكم،
قال: صحيح الإسناد على الوجوه كلها. حدثنا محمد بن بشار
ثنا يحيى بن
سعيد ومحمد بن جعفر قالا: ثنا شعبة، قال: سمعت طلحة بن
مصرف يقول:
سمعت عبد الرحمن بن عوسجة يقول: سمعت البراء بن عازب يقول
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "
إن الله وملائكته يصلون على الصفوف
الأولى " (3) . هذا حديث خرجه البستي أيضًا من حديث منصور
عن طلحة
بلفظ: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يمسح مناكبنا وصدورنا، ويقول: لا تختلفوا
فتختلف قلوبكم إن الله وملائكته يصلون على الصفوف المقدمة
" (4) . ولفظ
الحاكم: " تراصوا في الصفوف لا يتخللكم أولاد الحدف قلت:
يا رسول
الله ما أولاد الحدف: قال: حبان خرد سرد تكون بأرض اليمن "
(5) ، وقال:
هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ. حدثنا
أبو ثور
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/224) ، وابن ماجة (ح/996) ،
والدارمي (1/290) ، وعبد
الرزاق (5452) ، وأحمد (4/126، 127) ، والطبراني (18/256)
، والترغيب (1/316) ،
والكنز (17937، 23014) ، وابن عساكر في " التاريخ " (2/
66، 7/ 366) .
(2) الحاشية السابقة.
(4،3) الحواشي السابقة القريبة ص 1637، 1638.
(5) المجمع (2/91) ، وعزاه إلى أحمد والبزار ورجاله ثقات.
والحاوي (1/80) ، والحلية
(5313) .
(1/1651)
إبراهيم بن خالد ثنا أبو قطن ثنا شعبة عن
قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " لو تعلمون ما في الصف الأول
لكانت قراعة " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، وفي لفظ
عند مسلم:
" خير صفوف الرجال أولها وسرّها آخرها، وخير صفوف النساء
آخرها وشرها
أولها " (2) . حدثنا محمد بن المصفي الجميصى ثنا أنس بن
عياض حدثنى
محمد بن عمرو بن علقمة عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عون عن
أبيه قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن
الله وملائكته يصلون على الصف الأول " (3) .
هذا حديث قال الدارقطني: تفرد به محمد بن مصفي عن أنس،
ووهم من/
حديث أبي سعيد يرفعه: " وإن خير الصفوف صفوف الرجال المقدم
وشرها
المؤخر " (4) . وعن النعمان بن بشير قال: سمعت النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله
تعالى عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول أو الصفوف
الأول " (5) .
وفي الأوسط للطبراني من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أنه
قال: " استغفر
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصف الأول
ثلاث مرات، وللثاني مرتين، وللثالث مرة " (6) .
وقال: لم يروه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا أيوب
بن عتبة، ومن
حديث أبي يزيد المديني عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" عليكم بالصف الأول، وعليكم بالميمنة وإياكم والصف بين
السواري " (7)
وقال لم يروه عن أبي يزيد إلا إسماعيل بن مسلم المكي تفرد
به المبارك، قال
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/131) ، والبيهقي
(02/13) ، وابن خزيمة
(1555) ، والكنز (20567) ، الخطيب (6/66، 12/200، 14/354)
، والترغيب (1/316) ،
وابن عساكر في " التاريخ " (2/62) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/132) ، وأبو داود
(ح/678) ، والترمذي (ح/
224) ، والنسائي (94،2/93) ، وابن ماجة (1000، 1001) ،
وأحمد (2/
247، 340، 367، 480) ، والدارمي (1/291) ، والبيهقي (3/90،
97) ، والطبراني (8/
194، 11/203) ، والترغيب (1/316) ، والمشكاة (1092) ، وابن
خزيمة (1561)
(3) تقدْم قريبا.
(4) ، (5) ، (6) تقدمت قريبا.
(7) رواه الطبراني (1/3571) ، والكنز (20566، 20642) .
(1/1652)
القرطبي: اختلف من الصف الأول هل هو الذي
يلي الإِمام أو المنبر والصحيح
الأول، وفي شرح ابن التين: روى نوح بن أبي مريم عن زيد
العمي عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من ترك الصف الأول
مخافة أن يؤذي مسلما أضعف الله له الأجر " (1) . وفي
المحكم: القرعة
السهمة، وقد اخترع القوم وتنازعوا وقارع بينهم واقترع وهي
أعلى، وقارعة
فقرعة يقرعه أي: أصابة القرعة دونه، وقول خراش بن زهير
أنشده ابن
الأعرابي إذا امطادوا نعمان أشطره فكان وما شاتهم القرع
فسره فقال القروع-
المقارعة
__________
(1) الترغيب (1/321) ، والكنز (20647) ، وابن القيسراني في
" الموضوعات " (776) ، وابن
عدي في " الكامل " (7/2507) ، والمجمع (2/95) ، وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط " وفيه
نوح بن أبي مريم وهو ضعيف.
(1/1653)
181- باب صفوف
النساء
حدثنا أحمد بن عبد الله، ثنا عبد العزيز بن محمد بن العلاء
عن أبيه عن
أبي/هريرة وعن سهل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها، وخير صفوف الرجال
أولها وشرها
آخرها " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه. حدثنا على بن
محدم ثنا
وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد
الله قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خير
صفوف الرجال مقدمها، وشرها مؤخرها، وخير
صفوف النساء مؤخرها، وشرها مقدمها " (2) . هذا حديث تقدم
الكلام عن
رواية ابن عقيل.
***
__________
(1) تقدم من أحاديث الباب ص 1652.
(2) رواه أحمد (3/3،2/354، 16، 387،331) ، وأبو عوانة
(2/37) ، وعبد الرزاق (5110) ،
وابن أبي شيبة (1/379) والمجمع (2/93) .
(1/1654)
182- باب الصلاة بين
السواري في الصف
حدثنا زيد بن أخرم أبو طالب ثنا أبو داود وأبو قتيبة قالا:
ثنا هارون بن
مسلم عن قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: " كنا ننهي
أن نصف بين
السواري على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ونطرد عنها طردا " (1) . هذا حديث إسناده
صحيح على شرط ابن حبان لتوثيقه هارون بن مسلم رواية لما
رواه البزار في
مسنده عن عمرو بن علي ثنا أبو داود قال: وهذا الحديث لا
نعلم رواه عن
قتادة إلا هارون، ولا نعلم أسند قتادة عن معاوية عن أبيه
غير هذا الحديث،
وقال فيه الحاكم: صحيح الإسناد، وعند الترمذي محسنًا،
والحاكم مصحح
الإسناد من حديث عبد الحميد بن محمود قال: " صليت مع أنس
بن مالك
يوم الجمعة فدفعنا إلى السواري فقدمنا وتأخّرنا فقال أنس:
كنا نتّقى هذا على
عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (2) .
ولما ذكره الإشبيلي وأعلّه بعبد الحميد، وردّ ذلك
عليه ابن القطان باله ثقة/لا مطعن فيه، وعن أبي أحمد بن
عدي من حديث
أبي سفيان طريف بن شهاب السدى وهو ضعيف عن ثمامة عن أنس أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نهي عن
الصلاة بين الاسطوانة " (3) . وفي نسخة
" الاسطوانتين ": وقد تقدم حديث ابن عباس أيضًا، قال
الترمذي: " كره
قوم من أهل العلم أن نصف بين السواري ". وبه يقول: أحمد،
وإسحاق، وقد
رخص قوم من أهل العلم في ذلك أشبه أن يكون مستندهم في ذلك
ما في
الصحيحين عن ابن عمر: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لما دخل الكعبة قال إليه بلال حين
خرج: " ما صنع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قال: جعل عمودا عن يمينه وعمودا عن
يساره وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على سبعة أعمدة
" (4) . ذكر
الخطابي أن كراهة الصلاة بين السواري لأجل انقطاع الصفوف
أو لأنه موضع
__________
(1) انظر: الصحيحة (ح/335) . ورواه ابن ماجة (ح/1002) ،
وفي إسناده مجهول.
(2) صحيح. رواه الترمذي (ح ا 229) ، وقال: " هذا حديث حسن
صحيح " قلت: والذي
نقل في " نيل الأوطار " (3/235) ، وعون المعبود (1/252) .
عن الترمذي: التحسين فقط.
(3) المصدر السابق.
(4) الخطيب في الفقيه والمتفقه: (368) .
(1/1655)
جمع النعال، والأول أشبه، لا أن الثاني
محدث ولا خلاف جراءة عند
الضيق وأما مع السعة فمكروه.
***
(1/1656)
183- باب صلاة الرجل
خلف الصفوف وحده
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله
بن بدر
حدثنى عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه وكان من الوفد
قال: خرجنا
حتى قدمنا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فبايعناه وصلينا خلفه ثم قال: وصلينا وراءه أخرى
فقضى الصلاة فرأى رجلا فرد خلف الصف قال: فوقف عليه نبي
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حين انصرف ثم قال: " استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة للذي خلف
الصف " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم في صحيحه عن الفضل بن
حباب
ثنا مسدد ثنا ملازم بلفظ: " فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف "
(2) . وفي/
لفظ: نظر إلى رجل خلف الصف وحده فقال له صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هكذا صليت "
قال: نعم. قال: " فأعد صلاتك، فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف
وحده " (3) . ولما ذكره الإشبيلي قال عبد الرحمن: لم أسمع
فيه بتعديل ولا
بجرح أكثر من أنه لم يرو عنه إلا ابن بدر، وهو علّه في
الراوي عند بعضهم
أو أكثرهم حتى يروى عنه اثنان. انتهي كلامه. وفيه نظر؛ من
حيث أنه روى
عنه أيضا ابنه محمد بن عبد الرحمن ورعلة بن عبيد الرحمن بن
رباب
وذكرها في جملة الثقات، ولما ذكره ابن حزم محتجا به، قال
عبد الرحمن:
ما نعلم أحد عابه بأكثر من ذلك ولم يرو عنه غير عبد الله
بن بدر وذلك
ليس يخرجه، وكان هذا هو شبهة الإشبيلي، والله تعالى أعلم.
حدثنا أبو
بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن هلال بن
يسار قال:
" أخذ بيدي وبأيدي أبي الجعد فأوقفني على شيخ بالرّقة يقال
له وابصة بن
معيد فقال: صلى رجل خلف الصف وحده فأمره النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن سد ". هذا
حديث قال فيه أبو عيسى الترمذي وأبو معلي الطوسي: حديث
حسن، وقد
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1003) ، في الزوائد: إسناده
صحيح. رجاله ثقات. وابن
أبي شيبة (2/193) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) رواه ابن حبان (401) ، وأحمد (4/23) ، والبيهقي
(5/103) ، وابن سعد (5/40) ،
والمعاني (1/394) .
(3) المصدر السابق.
(1/1657)
كره قوم من أهل العلم أن يصلي الرجل خلف
الصف، وقالوا: يعيد، وبه يقول
أحمد، وثنا إسحاق، وقال قوم: يجزيه وهو قول الثوري، وابن
المبارك وهو
الشافعي، وذهب قوم من أهل الكوفة إلى حديث وابصة منهم حماد
بن أبي
سليمان وابن أبي ليلى ووكيع، وفي حديث حصين ما يدل أنّ
هلال أدرك
وابصة، واختلف أهل الحديث في هذا فقال بعضهم: حديث عمرو بن
مرّة
عن هلال عن عمرو بن راشد عن وابصة أصح، وقال بعضهم: حديث
حصين عن هلال عن زياد/عن وابصة أصح، قالا: وهذا عندنا أصح
من
حديث عمرو؛ لأنه قد روى من غير حديث هلال عن زياد عن
وابصة،
وقال الشافعي: سمعت بعض أهل العلم بالحديث يذكر أنّ بعض
المحدثين
يدخل بين هلال ورابصة رجلًا، ومنهم من يرويه عن هلال عن
وابصة سمعه
منه وسمعت بعض أهل العلم منهم كأنه يوهنه بما وصفت، وقال
البيهقي: لم
يخرجه الشيخان لما حكاه الشافعي من الاختلاف في سنده، ولما
في حديث
علي بن حبان من أنّ رجاله غير مشهورين، وقال الشافعي في
موضع آخر: لو
ثبت الحديث لما خرج الحاكم لوابصة حديثا في مستدركه، وقال:
صحيح على
شرط الشيخين (1) ، وقال أبو عمر بن عبد البر في حديث وابصة
مضطرب،
وقال أبو محمد الإشبيلي: وغير أبي عمر يقول: الحديث صحيح؛
لأن
الاختلاف الذي فيه لا يضرّها وعمرو بن راشد المذكور في
حديث شعبة وثقة
أحمد بن حنبل وخرج ابن حبان حديث عمرو بن راشد وحصين في
صحيحه (2) ، ثم قال: سمع هذا الخبر هلال بن يساف بن عمر عن
أبي الجعد
عن وابصة فالطريقان جميعا محفوظان، ثم قال: ذكر الخبر
المدحض قول من
زعم أن هذا الخبر تفرد به هلال بن يساف. ثنا عبد الله بن
محمد ثنا
إسحاق بن إبراهيم ابنا وكيع ثنا يزيد بن أبي زياد بن أبي
الجعد عن عمه
عبيد بن أبي الجعد عن أبيه زياد عن أبي الجعد عن وابصة بن
معيد ... ،
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، " 63،65 ")
، وأبو داود في (الصلاة،
" 133 ") ، وابن ماجة (ح/989) ، وأحمد (5/203) ، وعبد
الرزاق (2722) ، والكنز
(20458، 22884) ، والبيهقي (2/393) .
(2) صحيح. رواه البخاري (ح/708) .
(1/1658)
فذكره،/وفي المعجم الكبير لأبي القاسم من
حديث سمرة بن عطية عن
هلال عن وابصة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: سئل عن رجل يصلي خلف الصف
وحده فقال: " يعيد " (1) . ورواه أيضا من حديث عبد الواحد
بن زياد عن
الأعمش عن عبيد بن أبي الجعد عن سالم بن أبي الجعد عن
وابصة به من
حديث أبي خالد الأحمر والمحاربي عن محمد بن سالم بن أبي
الجعد عن
وابصة قال: صففت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صفا وحدي فلما انصرف قال: " أعد
الصلاة " (2) . ومن حديث سهل بن عامر ثنا عبد الله بن نمير
عن إسماعيل بن
أبي خالد عن الشعبي عنه: " صلى رجل خلف الصف " (3) . ومن
حديث
مالك بن سفيان ثنا اليسري بن إسماعيل عن الشعبي عنه: أبصر
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رجلًا يصلي خلف الصف وحده فقال: " أيا المصلى وحده، إلا
تكون
وصلت صفًا، وقد أدخلت معهم أو اجتررت في صلاتك رجلًا، إن
كان
ضاق بك المكان أعد صلاتك فإنه لا صلاة لك (4) . ومن حديث
أشعث بن
سوار عن بكير بن الأخنس عن حبيش بن المعتمر عن وابصة
بالأول، وفى
العلل للخلال: قال إسحاق بن إبراهيم سألت أبا عبد الله عن
حديث الجماني
عن النضر بن عمر الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى
رجلًا يصلى خلف الصف وحده فقال: " هذا منكرا أو باطل ".
وقال
الأثرم: قلت لأبي عبد الله: أي شيء أحسنها إسناد قال: حديث
شعبة عن
عمرو بن راشد عن وابصة، وفي الأوسط: قال أبو القاسم: لا
يروى عن ابن
عباس إلّا بهذا الإسناد وتفرد به الجماني. ومن حديث عبد
الله بن محمد
عن القاسم العبادي البصري: ثنا يزيد بن هارون أنبأ ابن
إسحاق عن سعيد بن
أبي سعيد عن أبي هريرة: رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رجلا يصلي خلف الصلاة وحده.
__________
(1) رواه عبد الرزاق (3620) ، وأحمد (4/228) ، والبيهقي،
(11/44) ، وأورده الهيثمي في
" مجمع الزوائد " (2/96) ، وعزاه إلى البزار والطبراني في
" الكبير " و" الأوسط " وفيه النضر
أبو عمر أجمعوا على ضعفه.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(1/1659)
فقال: " عد الصلاة " (1) . لا يروى عن أبي
هريرة إلا بهذا السند تفرد به
العبادي، وفي كتاب الخطابي: اختلف أهل العلم فيمن صلى خلف
الصف
فقالت طائفة: صلاته فاسدة على ظاهر الحديث هذا قول النخعي
وأحمد
وإسحاق، وحكوا عن أحمد أو عن بعض الصحابة قال: وفتح صلاته
منفردًا
خلف الصف يلحق به أحد من القوم حتى رفع رأسه من الركوع
فإنه لا
صلاة لمنفرد خلف الصف، وذلك أنها تكون فاسدة وإن كانوا
مائة، وقال
مالك، والأوزاعي، والشافعي: أن التفرد خلف الإمام جائز،
وهو قول أبي
حنيفة بأمر بالدخول في الصف على الاستحباب دون الإيجاب.
وفي حديث
أبي بكر في الصلاة خلف الصف دلالة أنّ الصلاة للمنفرد خلف
الصف
جائزة؛ لأنها خيرا من الصلاة، ويدل على ذلك حديث المرأة
المصلية خلفه
في حديث أنس مفردة، وحكم الرجل والمرأة في هذا واحدًا.
انتهي. ويؤيّد
هذا التأويل ما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث إسماعيل
بن مسلم ثنا
يونس بن عبيد عن ثابت البناني عن أنس أنله صلى خلف النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده
ووراءه امرأة حتى جاء إليه بعد " (2) . وقال: لم يروه عن
يونس إلا إسماعيل.
ومن حديث ابن جريج عن عطاء سمع ابن الزبير على المنبر
يقول: " إذا
دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل راكعا حتى
يدخل في
الصف فإن ذلك السنة " (3) . قال عطاء: وقد رأيته يصنع
ذلك/، لم يروه عن
ابن جريج إلّا ابن وهب تفرد به حرملة، ولا يروى عن ابن
الزبير إلا بهذا
الإسناد، وليس لقائل أن يقول ليس حكم المرأة في هذا كالرجل
لما روى عر،
عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " المرأة وحدها صف " (4) ؛ لأنه نجر
موضوع فيما ذكره أبو عمر في التمهيد، وقد رشد النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآتي وقد تمت
الصفوف بأن يجذب إليه رجلا يقيمه إلى جنبه. رواه الطبراني
في الأوسط
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/96) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
وفيه عبد الله بن محمد بن القاسم وهو ضعيف.
(2) هذا حديث تقدم.
(3) إتحاف: (3/334) .
(4) موضوع التمهيد (1/268) .
(1/1660)
من حديث بشر بن إبراهيم ثنا الحجاج بن حسان
عن عكرمة عن ابن عباس
وقال: لا يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلا بهذا الإسناد تفرد به بشر، وفي كتاب أبي
داود وغيره مرفوعا: " لينوا بأيدي إخوانكم " (1) . وقوله
عليه الصلاة والسلام
أيضَا: " خياركم أثبتكم مناكب في الصلاة " (2) . وقد تقدم،
والله تعالى
أعلم.
***
(1) ابن كثير (8/73) ، والمجمع (2/91) ، وعزاه إلى أحمد
والطبراني في " الكبير " ورجال
أحمد ثقات. وأبو داود في (الصلاة، باب " 94 ") ، وأحمد
(2/98، 5/262) ، والبيهقي (3/
101) ، والحاوي (1/82) ، والكنز (20553) .
(2) تقدم كما ذكر المصنف في ص 1649.
(1/1661)
184- باب فضل ميمنة
الصف
حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا معاوية بن هشام ثنا سفيان عن
أسامة بن
زيد عن عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف " (1) . هذا
حديث إسناده
صحيح على شرط مسلم، وقد تقدم أنَّ ابن وهب رواه في مسنده
عن أسامة
بلفظ: " إنَّ الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف
" (2) . حدثنا
علي بن محمد ثنا وكيع عن مسعر عن ثابت بن عبيد عن ابن
البراء عن
البراء بن عازب قال: " كنا صلينا خلف رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال مسعر: مما
يجب أو مما أحب أن يقوم عن يمينه ". هذا/حديث إسناده صحيح
على شرط
مسلم، وابن البراء اسمه عبيد. حدثنا محمد بن أبي الحسن أبو
جعفر ثنا
عمرو بن عثمان الكلابي ثنا عبيد الله بن عمرو عن ليث بن
أبي سليم عن
نافع عن ابن عمر قال: قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إنَّ ميسرة المسجد تعطلت فقال: " من
عمر ميسرة للمسجد كتب له كفلان من الأجر ". هذا حديث تقدم
التنبيه
على الاختلاف في حال رواية ليث. وفي الباب حديث عمر أن ابن
خالد
الخزاعي قال: ثنا مولى لنا يقال له العلاء بن علي عن أبيه
عن أبي بردة
الأسلمي قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن استطعت أن تكون خلف الإمام وإلّا
فعن يمينه " (3) . قال أبو القاسم في الأوسط: لا يروى عن
أبي برزة إلّا بهذا
الإسناد تفرد به عمران.
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1005) ، وأبو داود في (الصلاة،
باب " 96 ") ، والبيهقي
(03/13) ، والجوامع (5094) ، والكنز (مه 205) ، وشرح السنة
(3/374) ، وابن حبان
(393) ، والمشكاة (1096) ، وابن كثير (6/448) . وضعفه
الشيخ الألباني.
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/995) ، وأحمد (89،6/67، 160) ،
والبيهقي (3/0301،11) ،
والحاكم (1/214) ، والمجمع (2/38، 91) ، وابن خزيمة (1550،
1556) ، وشرح السنة (3/372) ،
والجوامع (5092، 5093، 5099) ، (510) ، والكنز (20554،
20586) ، وابن حبان (394) ،
والترغيب (1/321، 323) ، وأبو حنيفة (55) ، والعلل (415) ،
والفوائد (492) .
(3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/107) ، وإتحاف (3/328) ،
والكنز (20589) ، والمغني عن
حمل الأسفار (1/192) ، ومسند ابن عمر (48) ، والتعليق
الرغيب (1/175) ،=
(1/1662)
185- باب القبلة
حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم ثنا
مالك بن أنس
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أنه قال: " لما فرغ رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من
طواف البيت أتى مقام إبراهيم فقال عمر: يا رسول الله هذا
مقام أبينا إبراهيم
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال الله عز وجل:
(واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) . قال
الوليد فقلت لمالك: هكذا قرأوا واتخذوا، قال: نعم " (1) .
هذا حديث قال فيه
الطوسي والترمذي: حسن، ثم ذكر ابن ماجة حديث هيثم عن حميد
عن
أنس قال: قال عمر قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام
إبراهيم مصلى
فنزلت: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " (2) . مختصرًا،
وهو حديث
خرجاه في صحيحيهما مطولا بلفظ: " وافقت ربى في ثلاث: قلت:
يا
رسول الله اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: (واتخذوا/من
مقام
إبراهيم مصلى) وأنه مجاب. قلت: يا رسول الله، لو أمرت
نساءك أن
تحتجين فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغيرة عليه فقلت
لهن: " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرَا منكن.
فنزلت هذه
الآية " (3) ، وفي مسلم للتخيير في أسارى وفي مسلم أيضَا
موافقته في منع
الصلاة على المنافقين، ومن حديث علي بن زيد عن أنس عنه عند
أبي داود
الطيالسي: لما نزلت الآية: (خلقا آخر) قلت إنا: تجارك الله
أحسن الخالقين
__________
= وضعيف الجامع الصغير (5709) ، وضعيف ابن ماجة (ح/1007) .
وكذا ضعفه الشيخ الألباني.
(1) منكر. هذا اللفظ رواه ابن ماجة (ح /1008) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح /1008) .
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1009) . وصححه الشيخ الألباني.
(3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب " 32
") ،، وفي تقسيم ص رة
(2/19) ، ومسلم في (فضائل الصحابة، ح/24) ، والدارس في
(المناسك، باب " 33 ") ،
واًحمد (1/ 23، 24، 36) .
(1/1663)
فنزلت هذه الآية. وفي كتاب النووي وفي
مسلم: وجاءت موافقة أيضا في
تحريم الخمر، وفي كتاب أبي العربي وقد بيّنا في الكتاب
الكبير أنه وافق ربه
تلاوة ومعنى في نحو أحد عشر موضعًا، وقال في كتابه السيرين
لفوائد
المشرقيين والمغربيين نحوه انتهي شاهده ما خرجه أبو عيسى
عن ابن عمر
مصححا فأنزل بالناس أمر قط فقالوا فيه: وقال فيه عمر ألا
ينزل فيه القرآن
على نحو ما قال عمر، وعند ابن خزيمة من حديث أسامة بن زيد:
" أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما دخل البيت
دعا في نواحيه كلها، ولم يصل فيه حتى خرج منه
فلما خرج صلى ركعتين في قبل الكعبة ". وقال: " هذه القبلة
" (1) . حدثنا
علقمة بن عمرو الدارمي ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق
عن البراء قال:
صلينا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو
بيت المقدس ثمانية عشر شهر، أو حرفت القبلة
إلى الكعبة بعد دخوله المدينة بشهرين، وكان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى إلى
بيت المقدس أكثر يقلب وجهه في السماء، وعلم الله من قلب
نبيّه أنه هواء
الكعبة فصعد جبريل فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ/يتبعه وهو ويسير بين السماء
والأرض ينظر ما يأتيه به فأنزل الله تعالى: " قد نرى تقلب
وجهك في السماء
فلنولينك قبلة ترضاها، فولّ وجهك شطر المسجد الحرام ".
فأتانا آت فقال:
" اٍن القبلة قد حرفت إلى الكعبة ". وقد صلينا ركعتين إلى
بيت المقدس،
ونحن ركوع فتحولنا وفينا على ما صفي من صلاتنا. فقال: رسول
الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا جبرائيل كيف حالنا
في صلاتنا إلى بيت المقدس فأنزل الله تعالى:
" وما كان الله ليضيع إيمانكم " (2) . هذا حديث اتفقا على
تخريج أصله
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/110) ، ومسلم في
(الحج، ح/395) ، والنسائي
(5/328، 329، 330) ، والحاكم (1/479) ، وعبد الرزاق (9056)
، والطبراني (11/
303، 12/20) ، والدارقطني (2/52) ، وابن خزيمة (432، 3004،
3015) ، وتلخيص (1/
213) ، والبغوي (1/121) ، والمجمع (3/293، 294) ، وشرح
السنة (2/334) ، والكنز
(12936،12932) .
(2) ضعيف. الكنز (12718) ، والمجمع (2/13) ، وابن ماجة
(ح/1010) ، وضعيف ابن
ماجة (ح/1010) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني.
(1/1664)
بلفظ: " صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهر أو
سبعة عشر شهرَا، وكان
يعجبه أن تكون قبلة قبل البيت، وأنه أؤل صلاة صلاها العصر
" (1) . ولفظ ابن
خزيمة: " صلينا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نحو بيت المقدس (2) ستة عشر شهرا أو سبعة
عشر شهرا ثم صرفنا نحو الكعبة ". قال البراء: والشطر فبينا
قبلة، وقال ابن
عباس: أنلزمكموها من شطر أنفسنا قال من تلقاء أنفسنا.
حدثنا محمد بن
يحيى الأزدي ثنا هاشم بن القاسم وثنا محمد بن يحيى
النيسابوري ثنا
عاصم بن علي قالا: ثنا أبو معشر عن محمد بن عمر عن أبي
سلمة عن أبي
هريرة قال فيه أبو عيسى: حسن صحيح، وقد روى عن غير واحد من
الصحابة ما بين المشرق والمغرب قبلة منهم عمر بن الخطاب
وعلي بن أبي
طالب وابن عباس، وقال ابن عمر: " إذا جعلت المغرب عن يمينك
والمشرق
عن شمالك فما بينهما قبلة إذا استقبلك القبلة " (3) . وقال
ابن المبارك: " ما
بين المشرق والمغرب قبله " (4) . هذا لأهل المشرق، واختار
أبو عبد الله العباس
لأهل مرو، وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن محمد بن
عمرو إلا أبو
معشر. وفي الباب حديث عبد الله/بن عمر أنَّ النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما بين
المشرق والمغرب قبلة " () . قال البيهقي: والمشهور عن ابن
عمر عن من قوله
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يروى عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما بين المشرق
__________
(1) رواه أبو عوانة: (2/82) . ورواه الترمذي (ح/345) ،
وقال: " هذا حديث حسن
صحيح " وهو في الصحيحين عن ابن عمر قال: " بينما الناس
بقباء، في صلاة الصبح، إذ
جاءهم آت، فقال: إنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل
القبلة،
فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة
".
(2) قوله: " بيت المقدس " سقطت من " الأصل " وكذا أثبتناه.
(3) سنن الترمذي (2/174) ، عقب رواية الترمذي القادمة
الحديث الثانى.
(4) صحيح. رواه الترمذي (ح/342، 344) ، والنسائي (4/972) ،
وابن ماجة (1011) ،
والبيهقي (2/9) ، والحاكم (1/303) ، وإتحاف (6/445) ، ونصب
الراية (1/303) ، وتلخيص
(13/21) ، وعبد الرزاق (3633، 3634، 3635) ، وشرح السنة
(2/372) ، والكنز
(19163) ، والإرواء (1/324) .
(5) المصدر السابق.
(1/1665)
والمغرب قبله ". وليس له إسناد يعنى حديث
عثمان الأحنسي عن المقبري عن
أبيِ هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لأن عثمان في حديثه نكارة، وقال مهنأ: قلت
لأحمد: إنك تقول هذا الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما بين المشرق والمغرب
قبلة " ليس بالقوي قال: نعم، قال: هو صحيح. ثنا حماد بن
سعدة عن عبيد
الله عن نافع عن ابن عمر يرفعه: " ما بين المشرق والمغرب
قبلة إلا عند
البيت ". فسألته عن حماد، فقال: بصري راوي هذا الحديث عنه
عن عبيد الله
عنه، ولكن لم يقل عند البيت إلا هو قال عبد الله ثنا نضر
بن علي ثنا معتمر
ابنا محمد بن فضالة عن أبيه عن جدّه قال أتيت عثمان
وسألته: كيف
يخطىء الرجل الصلاة، وما بين المشرق والمغرب قبلة إذا لم
يتحر المشرق عمدًا
قال عبد الله: فحدثت أبيِ بهذا الحديث فأعجبه، وقال: لم
أسمع هذا من
المعتمر ولما خرَّج الحاكم حديث ابن عمر، قال: صحيح على
شرط الشيخين،
قال شعيب بن أيوب: ثقة، وقد أسنده، وكذلك محمد بن عبد
الرحمن
وأوثقه جماعة عن عبيد الله، وفي كتاب الصلاة للدكين بسند
صحيح عن
علي بن أبي طالب- رضى الله عنه- أنه قال: " ما بين المشرق
والمغرب
قبلة "، وخرج ابن ماجة بعد هذا حديث عامر بن ربيعة قال: "
خرجنا مع
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر في ليلة
مظلمة فلم يدر أين القبلة، فصلَّى كل واحد منّا
حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزل: " /أينما تولوا فثم وجه
الله " (1) . قال أبو عيسى: لما خرجه إسناده ليس بذاك.
وعند الحاكم (2) من
حديث جابر: " بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ سرية كنت منها فأصابتنا ... " فذكر
مثله، وزاد: " فلم يأمرنا بالإِعادة، وقال: قد أخبرت
صلاتكم ". قال
الدارقطني (3) : هذا حديث يحتج برواته كلهم نمير محمد بن
سالم الرماني فلا
أعرفه بعدالة ولا جرح، وقال العزرمي: عن سعيد ابن جبير عن
ابن عمر أنها
__________
(1) رواه الترمذي (ح/345) ، وقال: " هذا حديث ليس إسناده
بذاك ".
(2) رواه الحاكم: (1/206)
(3) رواه الدارقطني (ص 151) ، من طريق أبي داود الطيالسي
عن أشعث.
(1/1666)
نزلت في التطوع خاصة حيث توجه به بعيره،
وقال البيهقي في المعرفة:
والذي روى مرفوعا: " البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة
لأهل الحرم،
والحرم قبلة لأهل الأرض " (1) : حديث ضعيف لا يحتج به،
ولذلك ما روى
عن جابر وغيره في صلاتهم في ليلة مظلمة حديث ضعيف لا يثبت
منه
إسناد، وقد روينا عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في فرض
الصلاة إلى
بيت المقدس، ثم حين حولت القبلة إلى الكعبة في الأوسط من
حديث
إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه عن معاذ قال: " صلينا في يوم
غيم في سفر إلى
غير القبلة فلما قضى الصلاة وسلم تجلت الشمر فقلنا: يا
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلينا إلى غير القبلة فقال: " قد رفعت صلاتكم بحقها إلى
الله تعالى " (2) .
ولم يروه عن إبراهيم إلا إسماعيل بن عبد الله السلوني، ولا
عنه إلا أبو داود
الطيالسي تفرد به هشام وسلام البصري وأحمد بن رشد، وعند
مسلم من
حديث أنس: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كان يصلى نحو بيت المقدس فنزلت:
(قد نرى تقلب وجهك في السماء) فمر رجل من بنى سلمة وهم
ركوع
حتى صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة فنادى إلا أن القبلة قد
حولت فمالوا نحو
القبلة " (3) ، وزاد ابن خزيمة: وأعيد / وأما معنى من
صلاتهم. وفي الأوسط من
حديث زيد بن حباب عن جميل بن عبيد ثنا ثمامة عن أنس: "
نادى منادى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن القبلة قد
حولت إلى البيت الحرام وقد صلى الإمام ركعتين،
واستدار وصلوا الركعتين الباقيتين نحو البيت الحرام "
وقال: لم يروه عن ثمامة
إلا جميل تفرد به زيد بن حباب. وفي صحيح مسلم عن ابن عمر:
" بينما
__________
(1) ضعيف. رواه البيهقي (2/10) ، ونصب الراية (1/347) ،
والجوامع (10324) ، والمنثور
(1/147) ، والكنز (19164) ، وتلخيص (1/213) ، والقرطبي
(2/159) .
(2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/15) ، وعزاه إلى
أحمد والطبراني في " الأوسط "
و" الكبير "، وفيه معاوية بن عبد الله بن حبيب ولم أجد من
ترجمه.
(3) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/13) ، وعزاه إلى
البزار في " مسنده " وإسناده حسن.
(1/1667)
الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت وهم
في الفجر ... " (1) . الحديث.
قال أبو داود: كذلك قال سهيل بن سعد أنها صلاة الغداة،
ذكره في كتاب
الناسخ والمنسوخ، وعند ابن عدي في كامله عن عائشة قالت:
قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرهقوا القبلة وإن
الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم العمل أن يتقنه ".
تفرد به مصعب بن ثابت وهو ضعيف. وعند البخاري من حديث أنس
قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا
قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا؛ فقد
حرمت علينا دماؤهم
وأموالهم إلّا بحقها وحسابهم على الله " (2) . وعند
الترمذي صحيحا: " أمرت
أن أقاتل الناس حتى يشهدوا لا إله إلا الله وأن محمدًا
عبده ورسوله وأن
يستقبلوا قبلتنا " (3) . وعند أحمد بن حنبل من حديث ابن
عباس: " كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى وهو
بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه، وبعدما
هاجر أتى المدينة ستة عشر شهرا ثم انصرف إلى الكعبة " (4)
. وعند أبي
عبد الله الشافعي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن
المسيب: " أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ستة عشر
شهرًا نحو بيت المقدس ثم حولت القبلة قبل
بدر بشهرين " وفي/المعرفة لأبي بكر بسند جيد من حديث عطاء
عن ابن
عباس: أول من نسخ من القرآن فيما ذكر لنا- والله أعلم- شأن
القبلة قال
الله تعالى: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه
الله) فاستقبل
__________
(1) تقدم. وقد كتبناه في حاشية التحقيق بلفظه. والحديث
صحيح متفق عليه.
(2) ضعيف. الكنز (19205) ، ومطالب (1/3) ، وابن عدي في "
الكامل " (6،2/449/
2359) ، والعقيلي (4/196) .
(3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 13، 9/ 137) ،
ومسلم في (الإيمان، ح/36،34) ،
وللنسائي (5/14، 6/ 4، 5/ 6، 7، 8 / 81، 8/ 76) ، وأبو
داود (ح/2640، 2641) ، والترمذي (ح/
260، 2608،2606، 3341) ، وابن ماجة (ح/71، 3928،3927،72) ،
وأحمد (2/
345، 423، 3/199) ، والبيهقي (1/84، 2 / 3، 3/30) ،
والحاكم (/386، 387) ، والطبري
(15/58، 158) ، والجوامع (4318، 4409) .
(4) الحاشية السابقة انظر رواية للترمذي.
(1/1668)
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق فقال
تعالى:
" سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا
عليها " يصفون
بيت المقدس فتنحها، وصرفه الله تعالى إلى البيت العتيق "
(1) فقال: " ومن
حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام " (2) . وفي كتاب
الناسخ
والمنسوخ لأبي داود من حديث يزيد النحوي عن عكرمة عنه كان
محمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستقبل صخرة بيت
المقدس، وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا
فقال عز وجل: (ولله المشرق والمغرب) . وقال: " قد نرى تقلب
وجهك
في السماء "، وعن أبي العالية: أن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظر نحو بيت المقدس
فقال لجبرائيل عليه الصلاة والسلام: " وددت أن ألله تعالى
صرفني عن قبلة
اليهود إلى غيرها " فقال له جبرائيل: إنما أنا عبد مثلك
فارع ربك عز وجل
وسله فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبرائيل
بالذي سأل ما أنزل الله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك) (3) .
وعن
سعيد بن عبد العزيز أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع
الأول إلى جمادى الأخرة، وفي كتاب ابن سعد زاد رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم
نسير بن البراء عن معرور في بنى سلمة فصنعت له طعاما وحانت
الظهر
فصلى بأصحابه ركعتين ثم أمر أن يوجه إلى الكعبة فاستداروا
إلى الكعبة
واستقبل الميزاب فسمى المسجد / مسجد القبلتين، وذلك يوم
الإثنين للنصف
من رجب على رأس سبعة عشر شهرَا، قال محمد بن عمر: وهذا
البيت
عندنا، وزعم ابن حبيب في كتابه المخبر أنّها حولت من الظهر
يوم الثلاثاء
للنصف من شعبان في الركعة الثالثة، وفي موضع آخر العصر،
وزعم سعيد
عن حجاج عن ابن جريح: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أول ما صلى إلى الكعبة ثم صرف
__________
(1) رواه أحمد (1/325) ، والمنثور (1/142) ، والمجمع
(2/12) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني
في " الكبير " والبزار ورجاله رجال الصحيح.
(2) المصدر السابق.
(3) المنثور (1/142) .
(1/1669)
إلى المقدس فصلت الأنصار نحو بيت المقدس
قبل قدومه بثلاث، وفي كتاب
الحافظ الدمياطي صرفت يوم الإثنين نصف رجب بعد خمسة عشر
شهرًا
ونصف، وفي كتاب النحاس عن ابن زيد: بضعة عشر شهرًا، قال:
وروى
الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: صرف
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلى الكعبة في جمادى، قال أبو جعفر: وهو أولى الأقوال
بالصواب، وقال أبو
البقاء حولت بعد ثلاثة عشر شهرًا من مقدمه المدينة، وقيل:
بعد عشرة،
وقيل: تسعة أشهر، وفي كتاب الحازمي: اختلف الناس في
المنسوخ هل كان
ثابتا بنص الكتاب أو السنة فذهبت طائفة إلى أن المنسوخ كان
ثابتا بالقرآن إذ
القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن، وكذلك السنة ثم أن استقبال
القبلة شرط لصحة
صلاة الفرض والواجب إلّا في حالة الخوف، قال في المحيط
التوجه شرط زائد
بدليل صحة صلاة النافلة بدونه فجاز أن يقام مقام غير
القبلة مقامها عند
التعذر، وفي كتاب النووي: لتعلم أوله القبلة ثلاثة أوجه،
أحدها: أنه فرض
كفاية، الثاني: فرض عين، الثالث: فرض كفاية إلا أن يريد
سفر أولا يصح
قول من قال فرض عين إذ لم يقبل عنه صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عن أحد من السلف إلزام
آحاد الناس يعلم أوله القبلة في حق مقيم ولا مسافر/، بخلاف
أركان الصلاة
وشروطها، ثم من كان بمكة فالفرض في حقه إصابة عين بالكعبة
سواء كان
بين المصلى وبينها حائل بجدار أو لم يكن حتى لو اجتهد، قال
الرازي
الحنفي: يعيد، وعن محمد بن الحسن لا يعيد إذا بأن له ذلك
بمكة أو المدينة،
وفي كتاب أبي البقاء: وضع جبرائيل محراب النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مساويَا للكعبة، وقيل
كان ذلك بالمعاينة، وأما من كان غائبَا عن الكعبة فغرضه
جهتها لا عينها،
وهو قول عامة مشايخ الحنفية، وقال الجرجاني: شيخ القدوري:
الفرض إصابة
عينها في حق الحاضر والغائب، وعند الشافعي فرض المجتهد
مطلوبة عينها في
أصح القولين، والله أعلم.
(1/1670)
|