شرح أبي داود
للعيني 308- باب: من روى في
السبع الأواخر
أي: هذا باب في بيان قول من روى أنها في (1) / السبع
الأواخر. [2/152
- ب]
1355- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن
ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
تَحَرُّوا ليلةَ القدرِ في السبع الأواخرِ " (2)
ش- أي: احرصوا على طلبها، واجتهدوا فيه، والحديث أخرجه:
مسلم، والنسائي.
***
309 - باب من قال: سبعاً وعشرين (3)
أي: هذا باب في بيان قول من قال: إنها في سبع وعشرين، وهو
قول الجمهور.
1356- ص- نا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، نا شعبة، عن
قتادة: سمع مطرفًا، عن معاوية بن أبيِ سفيان، عن النبي-
عليه السلام- في ليلة القدرِ، قال: " ليلةَ سبعٍ وعشرين "
(4) .
ش- مطرف: ابن عبد الله بن الشخير.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: نا مروان بن معاوية، عن ابن أبي
خالد، عن زر، قال: سمعت أُبي بن كعب، يقول: " ليلة القدر
ليلة سبع وعشرين ".
__________
(1) مكررة في الأصل.
(2) مسلم: كتاب الصوم، باب: فضل ليلة القدر 205- (1165) ،
النسائي في الكبرى: كتاب الاعتكاف.
(3) في سنن أبي داود: " سبع وعشرون ".
(4) تفرد به أبو داود.
(5/290)
ونا ابن إدريس، عن الأجلح، عن الشعبي، عن
زر بن حبيش،
قال: سمعت أبيّاً، يقول: " ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين،
هي التي
أخبرنا بها رسول الله، أن الشمس تطلع بيضاء ترقرق ".
***
310- باب من قال: هي في كل
رمضان
أي: هذا باب في بيان قول من قال: إن ليلة القدر في جميع
شهر
رمضان.
1357- ص- نا حميد بن زَنْجُويه النسائي، نا سعيد بن أبي
مريم، نا
محمد بن جعفر بن أبي كثير، نا موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق،
عن
سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عمر، قال: سُئِلَ رسولُ
اللهِ وأنا أسْمعُ، عن
ليلة القدرِ؟ فقال: " هي في كلِّ رَمضانَ " (1) (2) .
شَ- حميد بن زَنْجُويه- بفتح الزاي، وسكون النورْ، وضم
الجيم،
وفتح الياء- والنحاة يقولونه: زِنجويه مثل سيبويه ونحوه [
... ] (3) .
ومحمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم المدني،
أخو
يحيى، وإسماعيل، وكثير. سمع سلمة بن دينار، وحميدا (4)
الطويل، وزيد بن أسلم، وغيرهم. روى عنه: سعيد بن أبي مريم،
ومعتمر بن سليمان، وخالد بن معدان، وغيرهم. روى له:
الجماعة.
اختلف العلماء في محل ليلة القدر، فقال جماعة: هي متنقلة،
تكون
في سنة في ليلة، وتكون في سنة أخرى في ليلة وهكذا، وبهذا
جمع بين
الأحاديث، ويقال: كل حديث جاء بأحد أوقاتها، فلا تعارض
فيها،
هذا قول مالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وغيرهم،
قالوا: وإنما تنتقل في العشر الأواخر من رمضان، وقيل: بل
في كله،
__________
(1) جاء في سنن أبي داود بعد الحديث: " قال أبو داود: رواه
سفيان، وشعبة،
عن أبي إسحاق موقوفا على ابن عمر، لم يرفعاه إلى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
(2) تفرد به أبو داود.
(3) بياض في الأصل قدر نصف سطر.
(4) في الأصل: " حميد ".
(5/291)
وقيل: إنها معينة لا تنتقل أبدًا، بل هي
ليلة معينة في جميع السنين لا
تفارقها، وعلي هذا قيل هي في السنة كلها، وهو قول ابن
مسعود- رضي
الله عنه- وقيل: بل في شهر رمضان كله، وهو قول ابن عمر،
وجماعة من الصحابة، وبه قال أبو حنيفة، وقال: ليلة القدر،
تكون
في شهر رمضان، لا في غيره، لكنها تتقدم وتتأخر 0 وقال أبو
يوسف،
ومحمد: تكون في شهر رمضان في ليلة واحدة، لا تتقدم ولا
تتأخر.
وفائدة الخلاف فيمن قال لعبده: أنت حر ليلة القدر، فإن قال
ذلك
قبل دخول شهر رمضان عتق إذا انسلخ الشهر، وإن كان بعد مضي
ليلة
من الشهر لم يعتق عبده حتى ينسلخ الشهر من العام القابل،
لجواز أنها
كانت في الشهر الماضي في الليلة الأولى وفي الشهر الآتي في
الليلة
الأخيرة، وعندهما إذا مضى ليلة من الشهر من العام القابل،
فجاء مثل
الوقت الذي حلف عتق، لأن عندهما لا تتقدم ولا تتأخر، في
ليلة من
الشهر في كل وقت، فإذا جاء مثل ذلك الوقت فقد تيقنا بمجيء
الوقت
المضاف إليه العتق، فلهذا يعتق، كذا في " مبسوط " شمس
الأئمة
السرخسي، وقيل: بل في العشر الوسط والأواخر، وقيل: في
العشر
الأواخر، وقيل: يختص بأوقات العشر، وقيل: بأشفاعها، وقيل:
بل
في ثلاث وعشرين، أو سبع وعشرين، وهو قول ابن عباس، وقيل:
تطلب في ليلة سبعة عشر، وإحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين،
وحُكي عن علي، وابن عباس، وقيل: ليلة ثلاث وعشرين، وهو قول
كثير من الصحابة، وقيل: ليلة أربع وعشرين، وهو مَحكي عن
بلال
/وابن عباس، والحسن، وقتادة، وقيل: ليلة سبع وعشرين، وهو
قول
جماعة من الصحابة، وقيل: سبع عشرة، وهو مَحكي عن زيد بن
أرقم،
وابن مسعود أيضًا، وقيل: ليلة تسع عشرة، وحُكي عن ابن
مسعود
أيضًا، وحُكي عن على أيضًا، وقيل: آخر ليلة من الشهر.
واختلفوا هل هي باقية أم كانت في زمن رسول الله- عليه
السلام-
خاصة، فقالت طائفة: قد رفعت لقوله- عليه السلام- حين
تلاحَى
(5/292)
الرجلان: " فرفعت " والصحيح بقاؤها،
ودوامها إلى آخر الدهر،
للأحاديث الصحيحة المشهورة، واستدلالهم غير صحيح، لأن آخر
الحديث يرد عليهم، فإنه- عليه السلام- قال: " فرفعت فعسى
أن
يكون خيراً لكم، فالتمسوها في السبع، والتسع " هكذا هو في
أول
"صحيح البخاري "، وفيه تصريح بان المراد برفعها رفع بيان
علم عينها،
ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها.
***
311- باب: في كم يقرأ القرآن
أي: هذا باب في بيان المدة التي يقرأ فيها القرآن.
1358- ص- نا مسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، قالا: نا
أبان،
عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن
عمرو
"أن النبيَ- عليه السلام- قال له: اقْرأ القراَنَ في شهر،
قال: إني أجدُ قُوةً،
قال: اقرأ في عشرينَ، قال: إِني أجدُ قوةً، قال: اقرأ في
خمسِ عَشْرةَ،
قال: إني أجدُ قوةً، قال: اقرأ في عشر، قال إني أجدُ
قُوةً، قال: اقرأ في
سبع، ولا تَزيدَنَّ على ذلك " (1) .
ش- أبان بن يزيد العطار، ويحيى بن أبي كثير، ومحمد بن
إبراهيم
التيمي.
ويستفاد من الحديث أن أنهى مدة لا ينبغي أن يتجاوزها
ثلاثون يومًا،
كل يوم جزء من الأجزاء الثلاثين، فإذا قرأ كل يوم جزعاً
فقد أقام ما عليه
من حق القرآن، ثم بعد ذلك يتفاوت بحسب قوة القارئ، وقدرته
على
ذلك، والأولى أن يقرأ كل يوم سُبعاً، ويختم في اليوم
السابع، ولا
يزيد على ذلك، والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم.
ص- قال أبو داود: وحديثُ مسلمٍ أتمُّ.
__________
(1) البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب: في كم يقرأ القراَن؟
(5053، 5054) ،
مسلم: كتاب الصوم، باب: النهي عن صوم الدهر 184- (1159) .
(5/293)
ش- أي: حديث مسلم بن إبراهيم أتم من حديث
موسى بن
إسماعيل.
1359- ص- نا سليمان بن حرب، نا حماد، عن عطاء بن السائب،
عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسولُ الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صُمْ من كلِّ
شهر ثلاثةَ أيام، واقرأ القرآن في شهر "، فَنَاقَصَني
وناقًصْتُه، فقال: " صُمْ
من كل
يومَاً، وأفطرْ يومَا "، قال عطاء: واختلفنا عن أبي، فقال
بعضنا: " سبعة
أيام " وقال بَعضنَا: " خَمسًا " (1) .
ش- حماد بن سلمة.
قوله: " ثلاثة أيام " يتناول أفيَ ثلاثة كانت، ولكن قالوا:
المراد منها
أيام البيض، لأحاديث أخر تدل عليها، وهي الثالث عشر،
والرابع
عشر، والخامس عشر من الشهر.
قوله: " فناقصني " من المناقصة، وهي المفاعلة، وهي
للاشتراك،
والمعنى هاهنا كل منهما أراد النقص في الصوم عن ثلاثة
أيام، وفي القراءة
عن الشهر، وقد علم أن معنى الاشتراك في هذا الباب هو أن
يكون من
غيره إليه ما كان منه إليه، كقولك: ضاربته، وقابلته.
قوله: " قال عطاء " أي: عطاء بن السائب المذكور.
قوله: " خمسَا " أي: خمسة أيام، وعطاء هذا فيه مقال كما
تقدم.
1360- ص- نا ابن المثنى، حدثني عبد الصمد، نا هشام، نا
قتادة، عن
يزيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: يا رسولَ
الله! في كَمْ أقرأ
القرآنَ؟ قال: " في شهر " قال إني اقْوَي من ذلك، ردد أَبو
موسى هذا
الكلامَ (2) ، ويناقِصه، حتى قال: " اقرأهُ في سبع "، قال:
إنى أقْوَى من
ذلك، قال: " لا يَفْقَهُ من قَرَأهُ في أقل من ثلاث "
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) في سنن أبي داود: " يردد الكلام أبو موسى ".
(3) تفرد به أبو داود.
(5/294)
ش- محمد بن المثنى، وعبد الصمد بن عبد
الوارث، وهمام بن
يحيى، ويزيد بن عبد الله بن الشخير
قوله: " في كم أقرأ القرآن " أي: في كم يوم أختم القرآن
كله.
قوله: " ردد أبو موسى " هو محمد بن المثنى.
قوله: " في سبع " أي: في سبعة أيام.
قوله: " لا يفقه " أي: لا يفهم من قرأ القرآن في أقل من
ثلاثة أيام،
والمعنى أنه يفوته ما يجب أن يُراعى فيه من الترتيل،
والتدبر، والتأني.
1361- ص- نا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القطان- خال
عيسى بن شاذان-، نا أبو داود، نا الحريش بن سُليم، عن طلحة
بن
مصرف، عن خيثمة، عن (1) /عبد الله بن عمرو، قال: " قال لي
رسولُ
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقرأ القرآن في
شهر " قال: إنَّ بي قُوةً قال: " اقرأ في ثلاثٍ " (2) .
ش- أبو داود الطيالسي.
وحريش- بفتح الحاء المهملة، وكسر الراء، وفي آخره شين
معجمة-
ابن سليم الجعفي، ويقال: الثقفي أبو سعيد الكوفي. سمع طلحة
بن
مصرف. روى عنه: أبو داود الطيالسي، وزهير بن معاوية، وعبد
الله
ابن إدريس، قال أبو داود الطيالسي: ثقة، وقال ابن معين:
ليس بثقة.
روى له: أبو داود، والنسائي.
وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي.
قوله: " إن بي قوةً " والمعنى لي قوة أقدر على أن أقرأ في
أقل من
الشهر، قال: " اقرأ في ثلاث " أي: في ثلاثة أيام.
ص- قال أبو داود: سمعت أحمد- يعني: ابن حنبل- يقول: عيسى
ابن شاذان كان كيسًا (3) .
__________
(1) مكررة في الأصل.
(2) تفرد به أبو داود.
(3) في سنن أبي داود: " عيسى بن شاذان كيس ".
(5/295)
ش- عيسى بن شاذان- بالشين، والذال
المعجمتين- البصري نزيل
مصر. روى عنه: أبو داود.
312- باب: تحزيب القرآن
أي: هذا باب في بيان تحزيب القرآن، وتحزيب القرآن أن يجعله
حزبًا
حزبًا، وقد ذكرنا أن الحزب ما يجعله الرجل على نفسه من
قراءة، وكذا
عن صلاة، كالورد.
1362- ص- نا محمد بن يحيى بن فارس، نا ابن أبي مريم، أنا
يحيى
ابن أيوب، عن ابن الهاد قال: سألَني نافع بنُ جبير بن
مطعم، فقال لي: في
كَمْ تَقرأ القُرآنَ؟ فقلتُ: ما أحزبه، فقالَ لي نافعٌ: لا
تقلْ: ما أحزِبُه، فان
رسولَ الله قال: " قرأتُ جُزءًا من القرآن " قال: حسبْتُ
أنه ذكره عن المغيرة
ابن شعبةَ (1) .
ش- سعيد بن أبي مريم، ويحيى بن أيوب المصري، وابن الهاد هو
يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد.
قوله: " لا تقل ما أحزبه " طاهر كلامه أن لا يقال: أحزب
القرآن، ولا
حزبته، ونحو ذلك، ولكن قوله- عليه السلام- قرأت جزءا من
القرآن
لا يدل على نفي القول بالتحزيب، فافهم.
1363- ص- نا مسدد، نا قُرَّانُ بن تمام ح، ونا عبد الله بن
سعيد، نا
أبو خالد- وهذا لفظه- عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى،
عن عثمان
ابن عبد الله بن أوس، عن جده. قال عبد الله بن سعيد في
حديثه: أوس بن
حذيفة، قال: " قَدِمْنَا على رسولِ الله في وَفْدِ ثقيف،
قال: فنزلَت الأحلافُ
على المغيرة بنِ شعبةَ، وانزلَ رسول" الله بني مالكً في
قُبة له، قاَل مسدد:
وكان في الَوَفد الذين قَدمُوا على رسولِ الله من ثقًيف،
قًال: كان كل ليلة
يأتينا بعدَ العشاَءِ، يحدثناَ، قال أبو سعيدٍ: قَائمًا
على رًجليه حتى يُرَاوح بينً
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(5/296)
رِجليه من طُوِلِ القيام، وكثرُ ما يحدثنا
ما لَقيَ من قومه من قريش، ثم
يقولُ: لا سواء، كنا مستضعفين، مُستذِّلين، قالَ مسدد:
بَمَكة، فلما خرجْنَا
إلى المدينة كانت سجَالُ الحرَب بيننا وبينهم، لدَالُ
عليهم ويُدَالُون عَلينا؟
فلما كانت ليلةً أبطَأ عندَ (1) الوَقت الذي كان يأتينا
فيه، فقلنا: لقد أبطأت
عنا الليلةَ قال: إنه طَرأَ علب جُزئيِ مَن القراَن، فكرهت
[أن] أجيءَ حتى
أتمَهُ، قال أوس: سألتُ أصحاب رسول الله، كيف يحزَبون
القرآنَ؟ قالوا:
ثَلاثٌ، وخمسٌ، وسبعٌ، [وتسع] ، وإحدى عشر ةَ، وثلاث
عشرةَ،
وحزب المفصلِ وحدَه، وحديثُ أبي سعيد أتمّ " (2) .
ش- قُران- بضم القاف، وتشديد الرًاء، وفي آخره نون- ابن
تمام،
أبو تمام الأسدي الكوفي، سكن بغداد. سمع هشام بن عروة،
ويزيد
ابن سنان، وسهيل بن أبي صالح، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن
منيع، والحسن بن عرفة، وأحمد بن حنبل، قال ابن سعد: قدم
بغداد،
وكان ينتخس في الدواب، وكان ضعيفًا، وقال ابن معين: صدوق،
ثقة، توفي سنة إحدى وثمانين ومائة. روى له: أبو داود،
والترمذي.
وأبو خالد الأحمر.
وعثمان بن عبد الله بن أوس بن حذيفة الثقفي. روى عن: جده
أوس، وعمه عمرو بن أوس. روى عنه: عبد الله بن عبد الرحمن
الطائفي، وأبو داود الطيالسي، ومحمد بن مسلم. روى له: أبو
داود،
وابن ماجه، وأوس بن حذيفة بن ربيعة بن أبي سلمة بن عَنزَة
بن
أبي عوف، وهو ابن أبي أوس، وله أحاديث، منها حديث في المسح
على القدمين، وفي إسناده ضعف، وحديث في وفد ثقيف، وتحزيب
القراَن. روى له: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
قوله: " فنزلت الأحلاف " الأحلاف/أحد قبيلي ثقيف، لأن
ثقيفا
__________
(1) في سنن أبي داود: " عن ".
(2) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: في كم يستحب يختم
القرآن (1345) .
(5/297)
فرقتان: بنو مالك، والأحلاف، والأحلاف أيضا
بطن من كلب،
والأحلاف من قريش ست قبائل: عبد الدار، وجمح، وسهم،
ومخزوم، وعدي، وكعب، لهم ذكر في حلف المطيبين، ويقال في
النسبة إليهم: أحلافي وهذا أحد ما جاء من النسب إلى
الجميع، لأن
الأحلاف صار اسمًا لهم، كالأنصار صار اسمًا للأوس،
والخزرج.
قلت: أصله من الحلف، وهو المعاقدة، والمعاهدة، على
التعاضد،
والتساعد، والاتفاق، وقال الجوهري: الأحلاف، والحليف
المحالف.
قوله: " في قُبة له " القبة من الخيام، بيت صغير مستدير،
وهو من
بيوت العرب.
قوله: " وقال مسدد: وكان " أي: قال مسدد في روايته: وكان
أوس بن
حذيفة.
قوله: " كان كل ليلة " أي: كان رسول الله- عليه السلام- كل
ليلة
يأتينا بعد العشاء، يحدثنا، يعني: بما لقي من قومه، وغير
ذلك.
قوله: " قال أبو سعيد " هو عبد الله بن سعيد الأشج، شيخ
البخاري،
ومسلم، وأبي داود.
قوله: " قائمًا " حال من الضمير الذي في " يحدثنا " وقول:
" قال
أبو سعيد " معترض بينهما.
قوله: " حتى يراوح بين رجليه " أي: يعتمد على إحديهما مرة،
وعلى
الأخرى مرة، ومنه صلاة التراويح، لأنهم كانوا يستريحون بين
الترويحتين، وقيل: سميت التراويح، لأن المصلي يطول قيامه،
فيتروح
بالقيام على إحدى القدمين.
قوله: " لا سواء " معناه لا نحن سواء، فحذف المبتدأ،
والمعنى حالنا
الآن غير ما كانت عليه قبل الهجرة، ألا ترى إلى قوله: "
كنا
مستضعفين مستذلين بمكة؟ ".
قوله: " قال مسدد: بمكة " أي: قال مسدد في روايته: " كنا
مستضعفين
مستذلين بمكة " أي: لما كنا فيها.
(5/298)
قوله: " سجال الحرب " أي: نوبها، أي: مرة
لنا، ومرة علينا، من
مساجلة المستعين على البئر بالدلاء، فينزع هذا سجلاً، وهذا
سجلاً،
يتناوبان بينهما السقي، فيكون هذا من ساجلت الرجل مساجلة،
وسجالاً، والسجال جمع السجل، أيضًا وهو الدلو الكبيرة.
قوله: " ندال عليهم، ويدالون علينا " يريد أن الدولة تكون
لنا عليهم
مرة، ولهم علينا أخرى، والدولة: الظفر، والظهور، وقال ابن
الأثير:
الدولة الانتقال من حال الشدة إلى الرخاء، وقوله: ندال من
الإدالة،
وهي الغلبة، يقال: أديل لنا على أعدائنا، أي: نصرنا عليهم.
قوله: " طرأ علي جزئي " مهموز، يريد أنه كان قد أغفله عن
وقته، ثم
ذكره، فقرأه، وأصله من قولك: طرأ علي الرجل، إذا خرج عليه
فجأة
طروءًا فهو طارئٌ، كأنه فجئه الوقت الذي كان يؤدي فيه
ورده، وجعل
ابتدائه فيه طرؤاً منه عليه، وَقد يترك الهمز فيه، فيقال:
طَرَا يَطرو طُرُوا.
قوله: " قالوا: ثلاث " مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي:
أحزابه ثلاث، وخمس إلى أخره.
قوله: " وحزب المفصل " والمفصل من سورة محمد، أو الحجرات
إلى
أخر القراَن، وقد مر غير مرة، وقال ابن معين: إسناد هذا
الحديث
صالح، وحديثه عن النبي- عليه السلام- في تحزيب القراَن ليس
بالقائم.
1364- ص- نا محمد بن المنهال، نا يزيد بن زريع، نا سعيد،
عن
قتادة، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن عبد
الله- يعني: ابن
عمرو- قال: قال رسولُ الله- عليه السلام-: " لا يفقَهُ مَن
قَرَأ القرآنَ في
أقلِّ من ثلاثٍ " (1) .
ش- سعيد بن أبي عروبة.
__________
(1) الترمذي: كتاب القراءات، باب: حدثنا عبيد بن أسباط بن
القرشي
(2949) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: في كم يستحب
يختم
القرآن (1347) .
(5/299)
قوله: " لا يفقه " أي: لا يفهم، وقد تقدم
مثله، والحديث أخرجه:
الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث صحيح.
1365- ص- نا نوح بن حبيب، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن
سماك
ابن الفضل، عن وهب بن منبه، عن عبد الله بنِ عمرو " أنه
سأَلَ النبيَّ عليه السلام- في كَمْ يَقرأُ القرآنَ؟ قال:
في أربعين يَوما، ثم قال: في شهر، ثم
قال: في عشرين، ثم قال: في خمس عشرةَ، ثم قال: في عشرة (1)
، ثم
قال: في سبعٍ، لم يَنزلْ من سبعٍ " (2) .
ش- عبد الرزاق بن همام، ومعمر بن راشد، وسماك بن الفضل
الخولاني، اليماني الصنعاني. روى عن وهب بن منبه، ومجاهد،
وعمرو بن شعيب. روى عنه معمر. روى له: أبو داود، والترمذي.
قوله: " في كم يقرأ القرآن " أي: في كم يوم يقرأ القرآن؟
وهذا
الحديث يوافق الحديث الذي رواه أبو سلمة، عن عبد الله بن
عمرو.
الذي ذكر في أول " باب في كم يقرأ القرآن "؟ في حكم أدنى
المدة التي
[2 /154- ب] ، يقرأ فيها، ويخالفه في نهاية المدة، فإن
هنا/ نهايتها أربعون يومًا، وهناك ثلاثون يومًا، وحكم
الثلاثين يندرج تحت حكم الأربعين، فيحمل عليه، وبه قال
أصحاب أبي حنيفة: أن القارئ ينبغي أن يختم القرآن في كل
أربعين يومًا مرة، ولا يزيد على ذلك، أعني: في المدة،
والحديث أخرجه: الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: حسن
غريب، وذكر أن بعضهم رواه مرسلاً.
1366- ص- نا عباد بن موسى، نا إسماعيل بن جعفر، عن
إسرائيل،
عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود، قالا: " أتى ابنَ مسعود
رَجلٌ، فقال:
أني أقرأ المُفَصَّلَ في ركعةِ، فقال: أهذا كَهَذ الشعرِ؟
ونَثراًَ كنثرِ الدَّقَلِ؟
__________
(1) في سنن أبي داود: " عشر ".
(2) الترمذي: كتاب القراءات، باب: حدثنا عبيد بن أسباط
(2947) ، النسائي: في الكبرى (2948) .
(5/300)
لكن النبيَّ- عليه السلام- كان يقرأُ
النظائر، السورتين في ركعة: (الرحمن، والنجمَ) (1) في
ركعة، و (اقتربتْ والحاقة) في ركعةَ، و (الطورَ،
والذاريات) في ركعة، و (إذا وقعتْ، ونونْ) في ركعًة، و
(سألَ سائل، والنازعَات) في ركعة، و (ويل للمطففين، وعبسَ)
فهي ركعة، و (المدثرَ، والمزملَ) في ركعة، و (هل أتَى، ولا
أقسمُ ببوم القيامة) في ركعة، و (عمَ يتساءلون، والمرسلات)
في ركعة، و (الدخَانَ، وإَذا الشمسُ كُورتْ) في ركعةٍ "
(2) .
ش- إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وإسرائيل بن
يونس، وأبو إسحاق السبيعي.
قوله: " أهَذا " الألف فيه للاستفهام، أي: أتهذ هذا كهذ
الشعر، والهذ سرعة القراءة، أي: بسرعة كسرعة من يسرع في
قراء الشعر. وقال الشيخ محي الدين: الهذ - بتشديد الذال-
هو شدة الإسراع، والإفراط في العجلة، ففيه النهي عن الهذ،
والحث على الترتيل، والتدبر، وبه قال جمهور العلماء، قال
القاضي: وأباحت طائفة قليلة الهذ، وقال في: " كهذ الشعر"
معناه في تحفظه وروايته، لا في إنشاده وترنمه، لأنه يرتل
في الإنشاد والترنم في العادة.
قلت: انتصاب هذا على المصدر.
قوله: " ونثراً " عطف على قوله: " أهذا ".
قوله: " كنثر الدقَلِ "، الدقل- بفتح الدال، والقاف، وفي
آخره لام- ثمر الدوم، وهو يشبه النخل، وله حب كبير، وفيه
نوى كبير، عليه لحيمة عَفصَةٌ، يؤكل رطب، فإذا يبس صارت
شبه الليف، وقيل: الدقل أردأ التمر، والبرني أجوده، وتراه
ليبسه ورداءته لا يجمع، ويكون منثورًا، وقيل شبهه بتساقط
الرطب اليابس من العذق إذا هُزَّ.
__________
(1) في سنن أبيَ داود: " النجم والرحمن ".
(2) تفرد به أبو داود.
(5/301)
قوله: " كان يقرأ النظائر " جمع نظيرة، وهي
السور التي تشبه بعضها بعضًا في الطول والقصر.
قوله: " السورتين " نصب على أنه بدل من قوله: " النظائر ".
قوله: " الرحمن والنجم " يجوز بالنصب على أن يكون بدلا من
السورتين، ويجوز بالرفع على أن يكون خبر مبتدأ محذوف،
تقديره وهما " الرحمن والنجم "، وكذلك الكلام في الباقي،
وقد أخرج مسلم في " صحيحه " طرفًا منه في ذكر الهذ
والنظائر، من حديث أبي وائل شقيق بن سلمي، عن عبد الله بن
مسعود (1) .
ص- قال أبو داود: هذا تأليفُ ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه-.
ش- أي: الذي ذكر من كل سورتين في ركعة على هذه الهيئة
تأليف عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-، والمعنى أنه بيان
للنظائر، التي كان رسول الله يقرن بينهن سورتين في ركعة،
وهي عشرون سورة في عشر ركعات من المفصل.
1367- ص- نا حرص بن عمر، نا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم،
عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: سألتُ أبا مسعود وهو يَطُوفُ
بالبيت؟ فقال: قال رسولُ الله: " من قَرَأَ الآيتين من
آخره سُورة البقرة في ليَلة كَفَتَاه " (2) ش- منصور: ابن
المعتمر، وإبراهيم: النخعي.
وعبد الرحمن بن يزيد: ابن قيس النخعي أبو بكر الكوفي، أخو
__________
(1) مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: ترتيل القراءة
واجتناب الهذ (722) .
(2) البخاري: كتاب المغازي، باب: حدثنا عبد الله بن يوسف
حدثنا الليث (4008) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: فضل
الفاتحة وخواتيم صورة البقرة (225/ 807) ، الترمذي: كتاب
فضائل القرآن، باب: ما جاء
في آخر صورة البقرة (2881) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة،
باب: ما
جاء فيما يرجى أن يكفي من قيام الليل (1369) .
(5/302)
الأسود بن يزيد. سمع عثمان بن عفان، وعبد
الله بن مسعود، وأبا مسعود البدري، وسلمان الفارسي،
وعائشة، وغيرهم. روى عنه: الشعبي، وأبو إسحاق السبيعي،
وإبراهيم النخعي، وغيرهم، قال ابن معين: ثقة. روى له:
الجماعة.
قوله: " كفتاه " قيل: أجزأتاه عن قيام الليل، وقيل: كفتاه
من كل شيطان وهامة، فلا يقربه ليلته، وقيل: كفتاه ما يكون
من الآفات تلك الليلة، وقيل: معناه حسْبُه بهما فضلا
وأجراً، والحديث أخرجه البخاري / ومسلم، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه. [2/155 - أ]
1368- ص- نا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، أنا عمرو، أن أبا
سُوِيَّةَ حدثه، أنه سمع ابن حجيرة يخبر، عن عبد الله بن
عمرو بن العاص، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "
مَن قَامِ بعشرِ آيات لم يُكتبْ من الغَافِلينَ، ومَن قام
بمائةِ آيةٍ كُتِبَ مَن القَانِتين، ومن قَامَ بألفِ آلية
كُتِبَ من المُقَنطَرِينَ " (1) . ش- عبد الله بن وهب،
وعمرو بن الحارث، وأبو سوية- بفتح السين المهملة، وكسر
الواو، وتشديد الياء آخر الحروف- اسمه عبيد بن سوية من
الأنصار. روى عنه: حياة، وعمرو بن الحارث، وابن لهيعة،
توفي سنة خمسة وثلاثين ومائة.
قوله: " لم يكتب من الغافلين " أي: الغافلين عن ذكر الله
تعالى.
قوله: " من القانتين " أي: المطيعين، أو الخاشعين، أو
المصلين، أو الداعين، أو العابدين، أو القائمين.
قوله: " من المقنطرين " بفتح الطاء، أي: من الذين أعطوا
قنطارا من الأجر. ورُوي عن: معاذ بن جبل، أنه قال: القنطار
ألف ومائتا أوقية، والأوقية خير مما بين السماء والأرض.
وقال أبو عبيد: القناطير واحدها قنطار، ولا تجد العربَ
تعرف وزنه. وقال ثعلب: المعروف المعمول عليه عند العرب
أكثر أنه أربعة آلاف دينار، وإذا قالوا: قناطير مقنطرة،
فهي
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(5/303)
اثنا عشر ألف دينار، وقيل: القنطار ملء جلد
ثور ذهبًا، وقيل: ثمانون ألفا، وقيل: هي حملة كثيرة مجهولة
من المال.
ص - قال أبو داود: ابنُ حُجيرةَ الأصغرُ عبدُ الله بن عبد
الرحمن بن حُجيرة.
ش- ابن حجيرة الأكبر هو عبد الرحمن بن حجيرة، والأصغر ابنه
عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة. روى عن: أبيه. روى عنه:
إبراهيم بن نشيط، وغيره ذكره ابن حبان في " الثقات ". روى
له: النسائي في " اليوم والليلة " حديثًا واحدًا.
1369- ص- نا يحي بن موسى البلخي، وهارون بن عبد الله،
قالا: نا عبد الله بن يزيد، نا سعيد بن أبي أيوب، حدثني
عياش بن عباس القتباني، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد
الله بن عمرو بن العاص، قال: " أتَى رجل رسولَ الله، فقال:
أقرِئْنِي يا رسولَ الله، فقال: " اقرأ ثلاثاً من ذَوَاتِ
" الر " فقال: كَبرَتْ سنِّي، واشتد قَلبِي وغلظَ لسَانِي،
قال: فاقرأ ثلاثا من ذَوَات " حم ". فقالَ: مثلَ
مَقَالَتِهِ، فقال: " اقرَأ ثلاثا من المُسبحاتِ " فقال
مثلَ مَقَالته، فقال الرجل: يا رسولَ اللهِ، أقرِئني سورةً
جامعةً، فأقرأه النبي - عليه السًلام- {إذا زلزِلَتِ} حتى
فَرغَ منها، فقال الرجلُ: والذي بَعَثَكَ بالحقِّ، لا
أزيدُ عليها أبداً، ثم أدبَرَ الرجلُ، فقال النبي- عليه
السلام- أفَلَحَ الرويجِلُ مَرَتِين " (1) .
ش- عبد الله بن يزيد المقرئ، وسعيد بن أبي أيوب: مقلاص
المصري، وعياش- بالياء آخر الحروف المشددة، والشين
المعجمة- ابن عباس المصري، وقتبان - بكسر القاف، وسكون
التاء المثناة من فوق، وفتح الباء الموحدة، وفي آخره نون-
مِن رُعَينٍ.
وعيسى بن هلال الصدفي المصري. روى عن: عبد الله بن عمرو بن
العاص. روى عنه: عياش المذكور، وكعب بن القمة، ودراج أبو
السمح. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي.
__________
(1) النسائي: في عمل اليوم والليلة (716) .
(5/304)
قوله: اقرأ ثلاثًا من ذوات " الر " أراد به
من السور أولها " الر " [ ... ] (1)
أن قوله: " وغلظ لساني " أي: خشن.
قوله: " من ذوات حم " أراد بها من السور التي أولها " حم "
وهي
سبع حواميم.
قوله: " من المسبحات " أراد به من السور التي أولها يسبح
لله، أو سبح
لله [......] (2) .
قوله: " سورة جامعة " أي: لأنواع [......] (3) .
قوله: " أفلح الرويجل " الرويجل تصغير رجل على غير قياس،
كأنه
تصغير راجل، وقال الجوهري: وتصغير الرجل رجيل، ورويجل
أيضًا
على غير قياس.
قوله: " مرتين " أي: قالها مرتين، والحديث: أخرجه النسائي.
***
313- باب: في عدد الآي
أي: هذا باب في بيان عدد الآي، والآي جمع آية.
1370- ص- نا عمرو بن مرزوق، أنا شعبة، أنا قتادة، عن عباس
الجشمي، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام- قال: "
سُورةٌ من
القرآن ثلاثونَ آية تشفع لصاحبَهَا، حتى غُفِرَ (4) له:
{تبَارَكَ الَّذي/ بيَده [2/55 - أ] الملك} (5) .
ش- عباس الجسمي يقال: ابن عبد الله. روى عن: عثمان بن
__________
(1) بياض في الأصل قدر نصف سطر.
(2) بياض في الأصل قدر ثلثي سطر.
(3) بياض في الأصل قدر ثلثي سطر.
(4) في سنن أبي داود: " يغفر ".
(5) الترمذي: كتاب فضائل القرآن باب: ما جاء في فضل سورة
الملك (2891) ، (1400) ، ابن ماجه: كتاب الأدب، باب ثواب
القرآن (3786) .
20 * شرح سنن أبي داوود
(5/305)
عفان، وأبي هريرة. روى عنه: قتادة،
والجريري. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قوله: " سورة " مبتدأ تخصص بالصفة، وهي قوله: " من القرآن
"، وقوله: " ثلاثون آَية " صفة أخرى، وخبره " تشفع لصاحبها
".
قوله: "حتى غفرته " بمعنى إلى أن غفر له.
قوله: " تبارك الذي بيده الملك " في محل الرفع على أنه خبر
مبتدأ محذوف. أي: هي {تبارك الذي بيده الملك} وهي ثلاثون
آية، وألف وثلثمائة وخمس وثلاثون كلمة، وألف وثلثمائة
وثلاثة عشر حرفًا، وهي سورة مكية، والحديث أخرجه: الترمذي،
والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن، وقد ذكره البخاري
في " التاريخ الكبير " من رواية عباس الجسمي، عن أبي
هريرة، كما أخرجه: أبو داود، وغيره، وقال: لم يذكر سماعًا
من أبي هريرة، يريد أن عباسًا الجسمي. روى هذا الحديث عن
أبي هريرة، ولم يذكر فيه أنه سمعه من أبي هريرة.
***
314- باب: تفريع أبواب سجود
القرآن، وكم فيه من سجدة؟ (1)
أي: هذا باب في بيان تفريع أنواع السجود في القرآن.
1371- ص- نا محمد بن عبد الرحيم بن البرقي، نا ابن أبي
مريم، أنا نافع بن يزيد، عن الحارث بن سعيد العتقي، عن عبد
الله بن منَين- من بني عبد كلال، عن عمرو بن العاص " أن
النبي- عليه السلام- أقرأهُ خمسةَ عشرَ (2) سجدة في
القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج سجدتانِ " (3)
.
ش- سعيد بن أبي مريم، والحارث بن سعيد، وقيل: ابن يزيد
__________
(1) في سنن أبي داود: " ... السجود وكم سجدة في القرآن ".
(2) في سجن أبي داود: " خمس عشرة " وهو الجادة.
(3) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: عدد سجود القرآن
(1401) .
(5/306)
العُتقي، وسعيد أصح. روى عن: عبد الله بن
منين. روى عنه: ابن لهيعة، ونافع بن يزيد. روى له: أبو
داود، وابن ماجه حديثا واحدَا، قال أبو بكر بن أبي داود:
العُتقي بطن من غافق (1) ، وعبد الله بن منير اليحصبي
المصري، من بني عبد كلام. روى عن: عمرو بن العاص، وقيل: عن
عبد الله بن عمرو بن العاص. روى عنه: الحارث بن سعيد. روى
له: أبو داود، وابن ماجه، هذا الحديث، وليس له غيره، ومنين
بضم الميم، وفتح النون، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره
نون. قوله: " ثلاث في المفصل " وهي في سورة " والنجم "، و
" إذا السماء انشقت "، و " اقرأ " وبهذا الحديث استدل
الشافعي على أن في الحج سجدتن. ورواه ابن ماجه أيضا،
والحاكم، وقال: قد احتج الشيخان بأكثر رواته، وليس في عدد
سجود القرآن أتم منه.
والجواب عن هذا ابن عبد الله بن منين فيه جهالة، قال عبد
الحق في " أحكامه ": وعبد الله بن منين لا يحتج به، قال
ابن القطان: وذلك لجهالته، فإنه لا يعرف. روى عنه: الحارث
بن سعيد العرقي، وهو رجل لا يعرف له حال، قال: وقد وقع
لابن أبي حاتم تصحيف في اسمه، وفي نسبه، فقال: عبد الله بن
منير- بالراء-، وإنما هو منين
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5/ 1020) ، وقال محققه
تعليقَا على قوله " غافق ": " هكذا قال أبو بكر بن أبي
داود، وقال السمعاني في " الأنساب "، وتابعه ابن الأثير في
" اللباب ": بضم العين، وفتح التاء المثناة من فوقها، وفي
آخرها قاف، هذه النسبة إلى العتيقين والعتقاء، وليسوا من
قبيلة واحدة،
وإنما هم جمع من قبائل شتى، منهم من حَجْر حميَر، ومن
كنانة مضر، ومن سعد العشيرة وغيرهم. وقال أبو علي الجياني
في " تقييد المهمل " (الورقة 83) بعد أن قيده كما قيدناه:
قال أبو سعيد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي: العتقاء الذين
ينسب إليهم ليسوا من قبيلة واحدة، هم جمع من قبائل شتى ...
".
(5/307)
- بنونين، وميم مضمومة-، وقال فيه: من بني
عبد الدار، وصوابه
من بني عبد كلال، كما هو هاهنا وفي " تاريخ البخاري ":
ولئن سلمنا،
فالمراد بإحدى السجدتين سجدة التلاوة، وبالأخرى سجدة
الصلاة.
واعلم أن العلماء اختلفوا في عدد سجدات التلاوة، فمذهب
الشافعي
وطائفة أنهن أربع عشرة سجدة، منها سجدتان في الحج، وثلاث
في
المفصل، وليست سجدة " ص " منهن، وإنما هي سجدة شكر، وقال
مالك وطائفة: هن إحدى عشرة، أسقط سجدات المفصل، وقال
أبو حنيفة: هي أربع عشرة، أثبت سجدات المفصل، وسجدة " ص "،
وأسقط السجدة الثانية في الحج، وقال أحمد، وابن سريج من
الشافعية،
وطائفة: هن خمس عشرة، أثبتوا الجميع، ومواضع السجدات،
معلومة. واختلفوا في سجدة " حم "، فقال مالك وطائفة من
السلف
وبعض الشافعية: هي عقيب قوله تعالى: {إن كُنتُمْ إياهُ
تَعْبُدُونَ} (1)
وقال أبو حنيفة والشافعي والجمهور: عقيب {وهُمْ لا
يَسأمُونَ} (2) .
ص- قال أبو داودَ: رُوي عن أبي الدرداء، عن النبيِّ- عليه
السلام-
"إحدَى عَشْرةَ سَجدة " وإسناده واهِي.
ش- هذا الحديث الذي علقه أبو داود رواه ابن ماجه،
والترمذي،
وقال الترمذي: نا سفيان بن وكيع، نا عبد الله بن وهب، عن
عمرو بن
الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمر الدمشقي، عن أم
الدرداء، [2/56- أ] عن أبي الدرداء، قال: " سجدت مع رسول
الله/ إحدى عشرة سجدة، منها التي في النجم ". وقال
الترمذي: حديث أبي الدرداء حديث
غريب، لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن أبي هلال، عن عمر
الدمشقي.
1372- ص- نا أحمد بن عمرو بن، أنا ابن وهب، أخبرني
ابن لهيعة، أن مشْرحً بن هاران أبا مصعب، حدثه أن عقبة بن
عامر، قال:
__________
(1) سورة فصلت: (37) .
(2) سورة فصلت: (38) .
(5/308)
قلتُ لرسول الله- عليه السلامِ-: " في سورة
(1) الحجِّ سجدتانِ؟ قال: نعم، ومن لَم يَسْجدهما, فلا
يقرأهُمَا " (2) .
ش- عبد الله بن وهب، وعبد الله بن لهيعة، ومَشرح- بفتح
الميم (3) ، وسكون الشين المعجمة، وفتح الراء، وفي آخره
حاء مهملة- كذا رواه الأصمعي بالحاء المهملة، ابن هاعان
بالهاء والين المهملة، أبو المصعب المعافري المصري. سمع
عقبة بن عامر الجهني. روى عنه ابن لهيعة، والليث بن سعد،
وعبد الله بن هبيرة، وغيرهم قال ابن معين: ثقة، وقال أحمد
بن حنبل: معروف، مات قريبا من سنة عشرين ومائة. روى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
وهذا الحديث أيضا من جملة مستندات الشافعي. ورواه أحمد في
"مسنده"، والحاكم في " مستدركه "، والترمذي في " جامعه "،
وقال ليس إسناده بالقوي، وقال الحاكم: هذا حديث لم نكتبه
مستندا إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن لهيعة أحد الأئمة،
إنما نُقمَ عليه اختلاطه في آخر عمره، وقال في " مختصر
الحق ": وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، ومشرح بن هامان،
ولا يحتج بحديثيهما.
***
315- باب: من لم ير السجود في
المفصل
أي: هذا باب في بيان قول من لم ير السجود في المفصل، وهو
من سورة محمد إلى آخر القرآن، وقد مر غير مرة.
1373- ص- نا محمد بن رافع، نا أزهر بن القاسم، قال محمد:
رأيته بمكة، نا أبو قدامة، عن مطر الوراق، عن عكرمة، عن
ابن عباس " أن رسولَ الله- عليه السلام- لم يَسجدْ في شيءٍ
من المفصلِ، منْذُ تحولَ إلى المدينة " (4) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " يا رسول الله أفي سورة ".
(2) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: السجدة في الحج (578) .
(3) وضبطه ابن حجر في " التقريب " بكسر الميم.
(4) تفرد به أبو داود.
(5/309)
ش- أزهر بن القاسم الراسبي أبو بكر البصري،
نزل مكة. روى عن: هشام الاستوائي، والمثنى بن سعيد، وأبي
قدامة، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه،
ونوح بن حبيب، وقال أحمد: ثقة. روى له: أبو داود،
والنسائي، وابن ماجه.
وأبو قدامة: الحارث بن عبيد الأيادي، ومطر بن طهمان الوراق
أبو رجاء الخراساني، مولى عِلباء بن أحمر السلمي، سكن
البصرة، كان يكتب المصاحف. روى عن: أنس بن مالك، والحسن
البصري، وابن سيرين، والشعبي، وغيرهم. روى عنه: أبو قدامة،
وشعبة، والحمادان،
وإبراهيم بن طهمان، وغيرهم، وقال أحمد: مطر ضعيف في عطاء،
وقال أبو حاتم، وابن معين، وأبو زرعة: صالح، روى له
الجماعة، إلا البخاري.
وهذا الحديث من جملة مستندات مالك، وهو حديث ضعيف، " (1)
وقال عبد الحق في " أحكامه ": إسناده ليس بقوي، ويُروى
مرسلاً، والصحيح حديث أبي هريرة أن النبي- عليه السلام-
سجد في {إذا السَمَاءُ انشقَتْ} وإسلامه متأخر، قدم على
النبي- عليه السلام- في السنة السابعة من الهجرة، وقال ابن
عبد البر: هذا حديث منكر، وأبو قدامة ليس بشيء، وأبو هريرة
لم يصحب النبي- عليه السلام- إلا في المدينة، وقد رآه يسجد
في الانشقاق، والقلم انتهى. وقال ابن القطان في " كتابه ":
وأبو قدامة الحارث بن عبيد، قال فيه ابن حنبل: مضطرب
الحديث، وضعفه ابن معين، وقال الساجي (2) : صدوق، وعنده
مناكير، وقال أبو حاتم البستي: كان شيخًا صالحا، وكثر
وهمه، ومطر الوراق كان سيء الحفظ، حتى كان يشبه في سوء
الحفظ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد عيب على مسلم
إخراج حديثه ".
1374- ص- نا هناد بن السري، نا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن
يزيد
__________
(1) انظر: نصب الراية (2/ 182) .
(2) كذا، وفي نصب الراية " النسائي " وهو خطأ كما ذكره
مغلطاي.
(5/310)
ابن عبد الله بن قسيط، عن عطاء بن يسار، عن
زيد بن ثابت، قال: " قرأت على رسولِ اللهِ النجمَ فلم
يسجدْ فيها " (1) .
ش- ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن، ويزيد بن عبد الله بن
قسيط، بضم القاف، ابن أسامة بن عمير الليثي، أبو عبد الله
المديني. سمع عبد الله بن عمر، وأبا هريرة، وسعيد بن
المسيب، وعطاء بن يسار، وغيرهم. روى عنه: مالك بن أنس،
وابن أبي ذئب، والليث ابن سعد، وغيرهم، قال ابن معين:
صالح، ليس به بأس، توفي سنة اثنين وعشرين ومائة بالمدينة،/
[2/156 - ب] روى له: الجماعة إلا ابن ماجه.
وهذا الحديث أيضًا من جملة مستندات مالك، وأخرجه البخاري،
ومسلم، والترمذي، والنسائي، والجواب عن هذا أنه محمول على
بيان جواز ترك السجود عند من يقول أنه سُنَّة، وليس بواجب،
وأما الذين يقولون بوجوبه، فأجابوا عنه بأنه- عليه السلام-
لم يسجد على الفور، ولا يلزم منه أنه ليس فيه سجدة، ولا
فيه نفي الوجوب.
1375- ص- نا ابن السرح، أنا ابن وهب، نا أبو صخر، عن ابن
قسيط، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن النبي- عليه
السلام- بمعناه (2) .
ش- أحمد بن عمرو بن السرح، وعبد الله بن وهب.
وأبو صخر حميد بن زناد الخراط، وقيل: ابن صخر، وهو ابن أبي
المخارق أبو صخر المدني صاحب العباء، سكن مصر. سمع أبا
كلمة ابن عبد الرحمن، ومحمد بن كعب القرظي، ونافعًا مولى
ابن عمر، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وغيرهم. روى عنه:
حياة بن شريح،
__________
(1) البخاري: كتاب سجود القرآن، باب: من قرأ السجدة ولم
يسجد (1072، 1073) ، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
باب: سجود التلاوة (577) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما
جاء من لم يسجد فيه (576) ، النسائي: كتاب الصلاة، باب:
ترك السجود في النجم (2/ 160) .
(2) انظر التخريج المتقدم.
(5/311)
وابن لهيعة، وابن وهب، وغيرهم، قال أحمد: ليس به بأس، وقال
ابن معين: ثقة، ليس به بأس، وفي رواية عنه: ضعيف. روى له:
الجماعة إلا البخاري (1) .
وخارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان الأنصاري
النجاري أخو إسماعيل، أدرك زمن عثمان بن عفان. وسمع أباه،
وعمه يزيد بن ثابت، وأم العلاء الأنصارية. روى عنه سالم بن
عبد الله بن عمر، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن قسيط،
وغيرهم. توفي في سنة مائة بالمدينة. روى له: الجماعة.
قوله: " بمعناه " أي: بمعنى الحديث (2) المذكور.
ص- قال أبو داود: كان زيدٌ الإمام، فلم يسجدْ فيه (3) .
ش- الإمام منصوب، لأنه خبر كان، والمعنى ابن زيداً كان هو
القارئ، والنبي- عليه السلام- كان السامع، فلم يسجد النبي-
عليه السلام- لأن زيدوا حين قرأ لم يسجد، وقال الترمذي بعد
أن روى الحديث المذكور: وتأمل بعض أهل العلم هذا الحديث،
فقال: إنما ترك النبي- عليه السلام- السجود، لأن زيد بن
ثابت حين قرأ لم يسجد، فلم يسجد النبي- عليه السلام-.
*** |